محمد أبو عثمان
2007-08-13, 22:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي الكرام كثيرا ما يتردد على ألسنة الناس عامة و بعض أهل الفضل خاصة هذا الحديث
ويكون أول إجابة منهم على من ينكر المخالفات الشرعية الواقعة منهم يقول لك اختلاف أمتي رحمة وفيما يلي أسوق لكم كلام العلماء في بيان درجة هذا الحديث والله الموافق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد
.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
" اختلاف أمتي رحمة " لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في " الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) . ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث : و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط . و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث ( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة ! و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه ، فانظر إلى كثير من المساجد ، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة ! و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة ! و كيف لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة ! يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم و غيره ، و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام ! و جملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ، لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ، و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل اللهتعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ، و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ).اهـ
يقول الشيخ العثيمن رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى :" (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) (البقرة:176)
يقول رحمه الله من الفوائد :"
ومنها: أن الاختلاف ليس رحمة؛ بل إنه شقاق، وبلاء؛ وبه نعرف أن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اختلاف أمتي رحمة» لا صحة له؛ وليس الاختلاف برحمة؛ بل قال الله سبحانه وتعالى: { ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك } [هود: 118] أي فإنهم ليسوا مختلفين؛ نعم؛ الاختلاف رحمة بمعنى: أن من خالف الحق لاجتهاد فإنه مرحوم بعفو الله عنه؛ فالمجتهد من هذه الأمة إن أصاب فله أجران؛ وإن أخطأ فله أجر واحد؛ والخطأ معفو عنه؛ وأما أن يقال هكذا على الإطلاق: «إن الاختلاف رحمة» فهذا مقتضاه أن نسعى إلى الاختلاف؛ لأنه هو سبب الرحمة على مقتضى زعم هذا المروي!!! فالصواب أن الاختلاف شر." اهـ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغرفك وأتوب إليك
أخوتي الكرام كثيرا ما يتردد على ألسنة الناس عامة و بعض أهل الفضل خاصة هذا الحديث
ويكون أول إجابة منهم على من ينكر المخالفات الشرعية الواقعة منهم يقول لك اختلاف أمتي رحمة وفيما يلي أسوق لكم كلام العلماء في بيان درجة هذا الحديث والله الموافق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد
.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
" اختلاف أمتي رحمة " لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في " الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) . ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث : و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط . و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث ( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها كشرائع متعددة ! و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه ، فانظر إلى كثير من المساجد ، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة ! و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة ! و كيف لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة ! يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم و غيره ، و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام ! و جملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ، لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ، و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل اللهتعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ، و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ).اهـ
يقول الشيخ العثيمن رحمه الله تعالى عند تفسير قوله تعالى :" (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) (البقرة:176)
يقول رحمه الله من الفوائد :"
ومنها: أن الاختلاف ليس رحمة؛ بل إنه شقاق، وبلاء؛ وبه نعرف أن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اختلاف أمتي رحمة» لا صحة له؛ وليس الاختلاف برحمة؛ بل قال الله سبحانه وتعالى: { ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك } [هود: 118] أي فإنهم ليسوا مختلفين؛ نعم؛ الاختلاف رحمة بمعنى: أن من خالف الحق لاجتهاد فإنه مرحوم بعفو الله عنه؛ فالمجتهد من هذه الأمة إن أصاب فله أجران؛ وإن أخطأ فله أجر واحد؛ والخطأ معفو عنه؛ وأما أن يقال هكذا على الإطلاق: «إن الاختلاف رحمة» فهذا مقتضاه أن نسعى إلى الاختلاف؛ لأنه هو سبب الرحمة على مقتضى زعم هذا المروي!!! فالصواب أن الاختلاف شر." اهـ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغرفك وأتوب إليك