تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فضل العلم خير من فضل العبادة


آلملــكـة
2013-03-17, 18:11
فضل العلم خير من فضل العبادة

رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول:

(( من سلك طريقا يبتغي فيه علما؛ سلك الله به طريقاً إلى الجنة،

وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم،

وأن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء،

وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب،

وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه اخذ بحظ وافر)).

وهذا حديث حسن.

وفي السنن والمسانيد من حديث صفوان ابن عسال قال: قلت يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال:

(( مرحبا بطالب العلم،

إن طالب العلم لتحف به الملائكة وتظله بأجنحتها فيركب بعضهم بعضا حتى تبلغ السماء الدنيا من حبهم لما يطلب))

قال الحاكم إسناده صحيح وقال ابن عبد البر هو حديث صحيح حسن ثابت محفوظ مرفوع

قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه : "مفتاح دار السعادة" (1/56):

قوله: ((وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب))؛ تشبيه مطابق لحال القمر والكواكب؛ فان القمر يضيء الافاق، ويمتد نوره في أقطار العالم، وهذه حال العالِم، وأما الكوكب فنوره لا يجاوز نفسه، أو ما قرب منه، وهذه حال العابد الذي يضيء نور عبادته عليه دون غيره وإن جاوز نور عبادته غيره فإنما يجاوزه غير بعيد؛ كما يجاوز ضوء الكوكب له مجاوزة يسيرة

وقال في كتابه : مفتاح دار السعادة (1/177) في الوجه الحادي والخمسون بعد المئة في فضل العلم وشرفه:

(( أن العالم المشتغل بالعلم والتعليم لا يزال في عبادة، فنفس تعلمه وتعليمه عبادة؛

· قال ابن مسعود – رضي الله عنه - : (لا يزال الفقيه يصلى) قالوا وكيف يصلى؟ (قال ذكر الله على قلبه ولسانه ) ذكره ابن عبد البر.

· وفي حديث معاذ – رضي الله عنه - موقوفا: (تعلموا العلم فإن تعلمه لله حسنة وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح).

· وذكر ابن عبد البر عن معاذ مرفوعا: (لأن تغدو فتتعلم باباً من أبواب العلم خير لك من أن تصلي مائة ركعة).

· وقال ابن وهب كنت عند مالك بن انس فحانت صلاة الظهر أو العصر وأنا اقرأ عليه وانظر في العلم بين يديه فجمعت كتبي وقمت لأركع فقال لي مالك : "ما هذا" فقلت : أقوم إلى الصلاة [أي: النافلة] فقال : "إن هذا لعجب ما الذي قمت إليه أفضل من الذي كنت فيه إذا صحت فيه النية".

· وقال الربيع سمعت الشافعي يقول: (طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة).

· وقال سفيان الثوري : (ما من عمل أفضل من طلب العلم إذا صحت فيه النية).

· وقال رجل للمعافي بن عمران أيما أحب إليك أقوم أصلي الليل كله أو اكتب الحديث ، فقال : (حديث تكتبه أحب إلي من قيامك من أول الليل إلى آخره) وقال أيضا : (كتابة حديث واحد أحب إلي من قيام ليلة ).

· وقال ابن عباس: (تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها).

· وفي مسائل إسحاق ابن منصور : قلت لأحمد بن حنبل : (قوله تذاكر العلم بعض ليلة أحب إلي من إحيائها) أي علم أراد ، قال : (هو العلم الذي ينتفع به الناس في أمر دينهم) قلت : في الوضوء والصلاة والصوم والحج والطلاق ونحو هذا قال : ( نعم ) ، قال إسحاق وقال لي إسحاق بن راهويه هو كما قال احمد.

· وقال أبو هريرة : (لان أجلس ساعة فأتفقه في ديني أحب إلي من إحياء ليلة إلى الصباح).

· وذكر ابن عبد البر من حديث أبي هريرة يرفعه : (لكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه وما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين).

· وقال محمد بن علي الباقر : (عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد وقال أيضا رواية الحديث وبثه في الناس أفضل من عبادة ألف عابد).

ولما كان طلب العلم والبحث عنه وكتابته والتفتيش عليه من عمل القلب والجوارح كان من أفضل الأعمال ومنزلته من عمل الجوارح كمنزله أعمال القلب من الإخلاص والتوكل والمحبة والإنابة والخشية والرضا ونحوها من الأعمال الظاهرة.

فإن قيل فالعلم إنما هو وسيلة إلى العمل ومراد له والعمل هو الغاية ومعلوم أن الغاية اشرف من الوسيلة فكيف تفضل الوسائل على غاياتها؟

وكل من العلم والعمل ينقسم قسمين :

منه ما يكون وسيلة ومنه ما يكون غاية فليس العلم كله وسيلة مراده لغيرها فإن العلم بالله وأسمائه وصفاته هو اشرف العلوم على الإطلاق وهو مطلوب لنفسه مراد لذاته قال الله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} فقد اخبر سبحانه انه خلق السموات والأرض ونزّل الأمر بينهن ليعلم عباده أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة ، وقال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يكتفي به وحده بل لا بد معه من عبادته وحده لا شريك له ، فهما أمران مطلوبان لانفسهما أن يعرف الرب تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه وان يعبد بموجبها ومقتضاها فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها فكذلك العلم به ومعرفته ، وأيضا فإن العلم من أفضل أنواع العبادات كما تقدم تقريره فهو متضمن للغاية الوسيلة.

وقولكم إن العمل غاية إما أن تريدوا به العمل الذي يدخل فيه عمل القلب والجوارح أو العمل المختص بالجوارح فقط ، فإن أريد الأول فهو حق ، وهو يدل على أن العلم غاية مطلوبة ، لأنه من أعمال القلب كما تقدم ، وإن أريد به الثاني وهو عمل الجوارح فقط فليس بصحيح ، فإن أعمال القلوب مقصودة ومراده لذاتها بل في الحقيقة أعمال الجوارح وسيلة مرادة لغيرها ، فإن الثواب والعقاب والمدح والذم وتوابعها هو للقلب أصلا وللجوارح تبعا ، وكذلك الأعمال المقصودة بها أولا صلاح القلب واستقامته وعبوديته لربه ومليكه وجعلت أعمال الجوارح تابعة لهذا المقصود مرادة وان كان كثير منها مراداً لأجل المصلحة المترتبة عليه فمن أجلّها صلاح القلب وزكاته وطهارته واستقامته ، فعلم أن الأعمال منها غاية ومنها وسيلة وان العلم كذلك.

وأيضا فالعلم الذي هو وسيلة إلى العمل فقط إذا تجرد عن العمل لم ينتفع به صاحبه فالعمل أشرف منه ، وأما العلم المقصود الذي تنشأ ثمرته المطلوبة منه من نفسه فهذا لا يقال أن العمل المجرد أشرف منه ، فكيف يكون مجرد العبادة البدنية أفضل من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه في خلقه وأمره ومن العلم بأعمال القلوب وآفات النفوس والطرق التي تفسد الأعمال وتمنع وصولها من القلب إلى الله والمسافات التي بين الأعمال والقلب وبين القلب والرب تعالى وبما تقطع تلك المسافات إلى غير ذلك من علم الإيمان وما يقويه وما يضعفه ، فكيف يقال أن مجرد التعبد الظاهر بالجوارح أفضل من هذا العلم بل من قام بالأمرين فهو أكمل ، وإذا كان في أحدهما فضل ففضل هذا العلم خير من فضل العبادة فإذ كان في العبد فضلة عن الواجب كان صرفها إلى العلم الموروث عن الأنبياء أفضل من صرفها إلى مجرد العبادة فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة والله اعلم.)) اهـ

نايلي ياسين
2013-03-17, 20:02
فإن قيل فالعلم إنما هو وسيلة إلى العمل ومراد له والعمل هو الغاية ومعلوم أن الغاية اشرف من الوسيلة فكيف تفضل الوسائل على غاياتها؟

tinza
2013-03-17, 20:03
بارك الله فيك

lovely nounou
2013-03-17, 22:19
جزاك الله خيرا على الموضوع...