مشاهدة النسخة كاملة : تابع معايير اختيار شريك الحياة بع
1 ـ لمحة عن الأسرة الجزائرية:
لقد كانت الحياة العائلية قبل الثورة الجزائرية تسودها السيطرة الأبوية على الزوجة والأولاد، كما كانت القبيلة هي محور العلاقات السياسية والاجتماعية والدينية، وهي مجموعة عائلات ممتدة توحدها الرقعة الجغرافية، كما أنها الرابطة القوية بين الأفراد بالإضافة إلى أن المجتمع كان ريفيا بنسبة 80% من مجموع السكان، ومن المعلوم بأن السكان الريفيين هم مجتمع محافظ، بخلاف سكان الحضر أو المدن، فبحكم قربهم من المعمرين تغيرت نظرتهم إلى الأشياء وعرفوا بنوع من التفتح خاصة بما يتعلق بتعلم الفتاة دون أن يمس هذا التغيير بناء الأسرة ونظامها.
لقد عرفت الأسرة الجزائرية اهتزازات كبيرة في زمن الاستعمار على غرار مصادرة الأراضي التي أدت إلى تفكيك الأسرة الجزائرية، والذي بدوره نتج عليه تشرد أفراد الأسرة وانتشار الفقر.
ولما قامت الثورة المجيدة عملت على تغيير الأدوار داخل الأسرة خاصة في دور المرأة، حيث أصبح لها دورا ومسؤولية عما كانت عليه، فلقد شاركت في النضال إلى جانب الرجال، كما أن الاحتكاك بالثقافة الغربية أثر على الأسرة عامة، والعلاقات بين أفرادها خاصة، وبالتحديد العلاقة بين الزوجين من حيث تغير مكانة ومركز الفتاة الجزائرية الذي جعلها تقتحم مجال العمل.
ومنه مشاركة الزوج في ميزانية الأسرة، واتخاذ القرارات المتعلقة بالأسرة، كما أصبح لها الحق في اختيار الشريك، على عكس ما كانت عليه، حيث كانت العائلة والأهل هم المكلفين بالاختيار نظرا لعدم وجود فرص تقابل الطرفين حتى أن الزوج لم يكن له الحق في التعرف على زوجته إلى غاية يوم زفافه(1) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftn1).
لكن في فترة ما بعد الاستقلال شهدت عدة أحداث و تطورات و من بينها حصيلة إجراءات حكومية ترمي إلى تغير المجتمع عموما والوسط الاجتماعي الريفي خصوصاً كما تم إقرار الملكية الفردية.
لقد حدث في الجزائر بعد الاستقلال تغير ديناميكي على نطاق واسع، إذ توسع نظام التربية والتعليم بـوتيرة معتبرة أظهرت قواعد مدنية تنافس القوانين المعرفية إضافة إلى توسع المشاريع العمرانية في مناطق جغرافية عديدة، كما وضعت إستراتيجية جديدة للتنمية الريفية في أيطار التخطيط العمراني (القرى الاشتراكية ) والثورة الزراعية لضمان الاستقرار وفرص التشغيل، كما تخصص أفراد العائلة في تخصصات مهنية عن طريق التكوين المهني ثم الدخول بعدها في أعمال مختلفة و مهن متنوعة، خططت لها الدولة وكانت تهدف من وراءها، لترقية الأحوال المادية للشعب، والموافقة بين البنية التحتية (الأسرة) و البنية الفوقية (إجراءات ، قوانين ....اٍلخ) لتجسيد مفهوم العائلة الزواجية واقعا(1) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftn2).
2 ـ خصائص و مميزات الأسرة الجزائرية:
تمتاز الأسرة الجزائرية بعدة خصائص نذكر منها:
1. الأسرة الجزائرية هي عائلة موسعة، حيث تعيش في أحضانها عدة عائلات زواجيه تحت سقف واحد تسمى (بالدار الكبيرة).
2. يعتبر فيها الأب أو الجد هو القائد الروحي للجماعة الأسرية وينظم فيها أمور تسيير الجماعة و له مرتبة خاصة تسمح له بالحفاظ غالبا على مركزه في الأسرة بواسطة نظام محكم على تماسك الجماعة المنزلية، وفيها النسب ذكوري، والانتماء أبوي، والمرأة يبقى اٍنتماءها لأبيها.
3. تنتقل المسؤولية من الأب إلى الابن الأكبر حين غيابه وهذا للحفاظ على التوازن داخل الأسرة .
4. إن العائلة الجزائرية هي عائلة متماسكة أي أن الأب له المسؤولية على كامل الأفراد فالبنات لا يتركن البيت إلا عند زواجهن، والأبناء لا يتركون البيت الكبير.
5. العائلة مصطلح يفهم منه تماسك الجماعة الأسرية الجزائرية التي يصفها بن خلدون بالعصبية، فبواسطتها تطورت القبائل نحو السلطة وتعني بها الشرف الأكبر، والبركة الكبرى، الذي يوضح الموقع الروحي، والاقتصادي للجماعة في الأسرة(2) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftn3).
3 ـ الأسرة والزواج في المجتمع الجزائري:
- لقد كان للتغيرات الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفها المجتمع الجزائري منذ الاستغلال آثار واضحة في تركيبته الاجتماعية عامة ومؤسساته الاجتماعية خاصة، ومنها الأسرة التي تغيرت صفاته التقليدية من وظائف وعلاقات ونظام زواج وغيرها، هذه التغيرات التي كانت نتيجة التحضر والتصنيع الذي شهدته البلاد ودخول الأفكار الحديثة إلى المجتمع، أين أصبحت الأسرة في تحول مستمر من الامتداد نحو الأسرة البسيطة أو النووية,وهذا كله أدى إلى التأثير البالغ في عملية الاختيار للزوج، حيث لم يعد الشباب يطلب من أهله اختيار زوجة له، لكون الزواج يتعلق به أكثر من عائلته فصار مؤهلا لاختيار أي فتاة تتلاءم أخلاقهما وميولها مع أخلاقه حتى ولو كانت هذه الفتاة أجنبية على العائلة.
- كما نجد أن النظام الداخلي للزواج قد تغير وعوضه النظام الخارجي الذي انتشر بين مختلف الفئات الاجتماعية، كما نلاحظ أنه برز للوجود تأخر سن الزواج لدى كلا الجنسين حيث وصل لدى الذكور إلى أكثر من31 سنة أما الفتيات فتجاوز 26سنة.
- وخلاصة ما سبق يمكن أن نقول أن المقبلين على الزواج رغم كل شيئ لازالوا تحت تأثير الأسرة عموما والوالدين بالخصوص في اختيارهم لشريك حياتهم فهم "الأسرة والوالدين"لا يجبرانهم على الزواج من شخص لا يرغبان فيه، بعكس ما كان في السابق، وعلى العموم فإن الأسرة الجزائرية عرفت الكثير من التحول حتى وصل الأمر للسكن حيث أصبح العريسان يسكنان لوحدهما بعيدا عن الأهل.
(1) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftnref1) عمار هلال،أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصر.ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،1982، ص122.
(1) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftnref2) مصطفى لشرف،الجزائر الأمة والمجتمع. ترجمة مصطفى حنفي، المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر، 1983 ، ص09.
(2) (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=97#_ftnref3) مصطفى بوتفنوتش،العائلة الجزائرية التطور والخصائص الحديثة.ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 1984،ص38،37.
الردود لكي لاتكون حدودللابداع:dj_17::1:
المبحث الثاني:قيود ومراحل وأنماط نظام الزواج في المجتمعات الإنسانية
1.قيود نظام الزواج:
1.1.القيود التي ترجع إلي اختلاف الأديان:
هذه القيود لا يكاد يخلو منها مجتمع ما، فالإسلام يجيز زواج المسلم بغير المسلمة،أما القوانين اليهودية القديمة نجدها تحرم بشكل نهائي الزواج بين اليهود وأهل الديانات الأخرى بما فيهم النصارى والمسلمين.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn1)
لقد خففت بعض القوانين المدنية الأوربية الحديثة من حدة هذه القيود، رغم تأكيد جميع الديانات السماوية والوضعية على هذا الأمر.
2.1.القيود التي ترجع إلي الفوارق الطبقية:
تظهر هذه القيود في الكثير من المجتمعات، خاصة تلك التي تعكس طبقيا أو طائفيا جامدا أو متحجرا، فعند الإغريق القدامى كان يحرم زواج المواطن الحر من العبيد.
وفي روما القديمة كان يحرم التزاوج بين طبقة الأشراف والدهماء وقد ظل هذا النظام معمولا به حتى سنة445ق.م، ونفس الشيء بالنسبة لعرب الجاهلية.(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn2)
أما الإسلام فإنه بنبذ الطبقية لا فرق بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى ،على الرغم من تأكيد الفقهاء علي ضرورة التكافؤ بين القرينين لضمان التفاهم بينهما وليس بتحيز طبقي.
3.1.القيود التي ترجع إلي اختلاف الأجناس البشرية:
وجدت هذه القيود لدى الكثير من الشعوب والأمم، فالعبريون القدماء كانوا يحرمون الزواج من الكنعانيين وغيرهم وكان نظام الزواج عندهم داخليا لاعتقادهم بأنهم شعب الله المختار ولا يصلح أن تختلط دماؤه الطاهرة بدماء غيره.(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn3)
4.1.القيود التي ترجع إلي القرابة:
يعتبر من بين القيود الموجودة في كل المجتمعات الإنسانية قديمها وحديثها،فكل مجتمع يحدد طبقات المحارم التي يحرم على الإنسان الزواج بهن-نتيجة للقرابة-وترتبط نوعية هذه الطبقات بعدة أمور أهمها العقيدة السائدة.
فالتحريم في العشائر الطوطمية مثلا، راجع إلى اعتقاد في قرابة متوهمة يعتقد أبناء العشيرة أنهم منحدرين من صلب طوطم واحد حيث يجري دماء الطوطم في دمائهم، لذا يجب أن يبحث كل شخص عن قرينه خارج العشيرة وهذا ما يطلق عليه بنظام الزواج الخارجي.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn4)
فيما يخص الشريعة الإسلامية، تنحصر المحرمات في القرابة الدموية وقرابة المصاهرة وقرابة الرضاعة.
2.مراحل نظام الزواج :
1.2.مراحل النظام الزواج قديما :
لقد عرف نظام الزواج قديما مراحل مختلفة وعديدة، ولكن يمكننا حصرها بصفة عامة في خمسة مراحل معروفة تاريخيا:
1.1.2طريقة الإستلاء علي المرأة بالقوة:
وتعرف بطريقة<<السبي>> وقد كان معمولا بها في العشائر والقبائل الأولي، التي سارت عليها المجتمعات الإنسانية في تحقيق الرابطة الزوجية بين الرجل والمرأة، ويستدلون على ذلك بأن العشائر كانت الأولى تقتل البنات خشية الإملاق،(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn5)
ولما كانت ندرة الفتيات ظاهرة عامة، كانت كل عشيرة حريصة على احتفاظ بما بقي لديها من الفتيات، فلم يكن من السهل الحصول على قرينة إلا بالقوة.
2.1.2.طريقة التبادل:
هو أن تتفق أسرتان علي التبادل بمعني أن يتزوج رجال إحداهما نساء الأخرى والعكس، وقد أخذت مجتمعات كثيرة بهذا النظام ومازال ذلك سائدا حتى الآن.
3.1.2.طريقة الشراء:
أخذت بعض القبائل القديمة بنظام بيع الفتيات، حيث يشتري الرجل قرينته مقابل قدر من النقود أو الأنعام والمجتمعات التي عرفت هذا الشكل من أنظمة الزواج لم تعرف نظام الرق.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn6)
وقد يتخذ الشراء مظهرا أخرا وهو تأدية خدمات عينية بدلا من التقيم بالثروات المتداولة آنذاك، مثل عمل أهل الرجل عند أهل الفتاة مدة معينة وكان هذا معمولا به خاصة في المجتمعات القديمة الرعوية والزراعية البدائية.(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn7)
4.1.2.طريقة ملك اليمين :
سمحت العديد من المجتمعات الأسياد على معاشرة رفيقاته دون عقد الزواج، لكن المعروف أن هاته الفئة من الناس غير معترف بهم من الناحية الاجتماعية ولا القانونية.
5.1.2.طريقة التعاقد:
تعتبر هذه الطريقة من أقدم الطرق المنتظمة للروابط الزوجية سواء في المجتمعات البدائية أو القديمة، وتقتضي هذه الطريقة إبرام عقد بين القرينين أو أوليائهم.
وقد انتشر في البلدان الإسلامية نوع من هذا الزواج ويسمي <<بالزواج العرفي>> حيث يتم التعاقد بين القرينين فقط دون إشراف أية سلطة من السلطات المدنية والاجتماعية.
كما يوجد كذلك في الكنائس المسيحية وخاصة الكاثوليكية، حيث يستجوب إقرار السلطة الدينية، أما الفريق الأخر فأنه يؤكد علي السلطة المدنية وتترك الحرية للمتعاقدين في تسجيله دينيا أو عدم تسجيله(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn8).
2.2.مراحل النظام الزواج حديثا:
تتكون الأسرة الحديثة من القرين والقرينة والأولاد المباشرين، وتمر بأدوار كثيرة متعاقبة،وتكتسب في كل مرحلة منها صفات وخصائص وتؤدي وظائف معينة. تمر الأسرة الحديثة بالمراحل الآتية:
1.2.2.مرحلة الخطبة:
وهي الفترة التي تسبق عقد الزواج بصفة رسمية، وهي في الواقع المرحلة التحضيرية لتوثيق العلاقات بين أسرتي القرين والقرينة ووضع الأسس الزوجية، الكثير من الناس لا يفهمون وظيفة هذه المرحلة ويظنون أن هدفها الأساسي هو عقد الزواج والملاحظ أن السلوك التقديرية هو المسيطر في هذه المرحلة وأن معظم العلاقات تقوم علي الحذر المتبادل، وقد يصل الحذر إلي درجة التشكيك، وهذه الأمور تسيء إلى نظام الأسرة عندما تتكون بصفة رسمية عندما تكتشف الأمور على حقيقتها ويتضح للقرينين واقع الأمور.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn9)
والملاحظ أن هذه المرحلة الإنسانية تختلف في المجتمع الريفي عنها في المجتمع الحضري ،ففي الريف لا تطول عادة هذه المرحلة ولا تتاح الفرصة للخطيبين بأن يلتقيا ويدرسا طباع وميول بعضهما البعض، لأن التقاليد الريفية لا تتيح مثل هذه الاتصالات إلا في أضيق الحدود وفي المناسبات الرئيسية أما في المدن، فإن معظم الأسر تتيح للخطيبين الفرص لتبادل وجهات النظر والإنفاق على المسائل المتصلة بمستقبل الحياة الأسرية.
تختلف الدوافع في هذه المرحلة بلإختلاف الاتجاهات الفردية، فبعض الأفراد يفضلون المال والجاه، والبعض الأخر الحسب والنسب، وآخرون الثقافة والعلم والأخلاق، ومنهم يقتنع بالمركز الاجتماعي ،وآخرون يضعون الجمال وحداثة السن في المقام الأول.
2.2.2.مرحلة التعاقد والزواج:
عند عقد الزواج تبدأ الحياة الزوجية حيث تعتبر أدق الأدوار لنظام الزواج، وتقوم هذه المرحلة على تقرير الحقائق تقريرا صائبا بعيدا عن عواطف المجاملة والخجل(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn10).
3.2.2.مرحلة الإنجاب:
هي في الحقيقة العهد الذهبي للأسرة، عهد الاستقرار والفهم الصحيح للحياة الأسرية والإدراك المباشر لمسؤوليتها، حيث تتحدد الأوضاع والمصطلحات الاجتماعية المتعلقة بالأبوة والأمومة وقرابة المصاهرة والرضاع وطبقة المحارم وما إليها من الظواهر الاجتماعية المتعلقة بقيام الأسرة.
4.2.2.مرحلة السكون والاستقرار:
وهي العنصر الفضي في حياة الأسرة، فيها يكبر الأولاد ويصبحون عناصر منتجة ويستطعون الاعتماد على أنفسهم.(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn11)
3 ـ أنماط الزواج في المجتمعات الإنسانية:
لنظام الزواجي أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية ثلاثة أنماط مختلفة:
1.3.الزواج المرتب أو الزواج التقليدي :
عندما يكون الزواج مرتبا، يكون عادة الاختيار للقرين أو القرينة فيه من اختصاص الوالدين أو الأقارب، ولا تعطي للمقبلين علي الزواج فرصة التدخل في موضوع الزواج.(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn12)
وكثيرا ما يقوم بهذا الاختيار الأب والأم أو الجد أو الخال باعتبار أن لهم مكانة كبيرة في الأسرة ويستطعون بفضلها التحكم في عملية الاختيار تحكما مطلقا فلذا لا يمكن للمقبلين علي الزواج التدخل فيه ولو كان ضد رغبتهما وإن حدث تدخل منهم فغالبا ما يكون نسبيا، كالإدلاء برأيهم.(4) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn13)
في مثل هذا النمط من الزواج نجد أن رضا الأسرة يعتبر أهم عنصر، مع مراعاة الإعتبارت الاجتماعية والاقتصادية.
فغالبا ما تفضل الأسرة زواج أبنائها من الأقارب –الزواج الداخلي-دون مراعاة عاطفة الحب التي تعتبر عنصرا ثانويا في عملية الزواج.
إن مثل هذا النمط من الزواج منتشر بصفة كثيرة في المجتمعات التي يكون نفوذ الأسرة قويا.
2.3.الزواج الحر أو الزواج العصري:
في ضمن هذا النمط من الزواج يكون الاختيار من اختصاص المقبلين على الزواج حيث يكون تدخل الوالدين أو الأقارب منعدما أو يكون شكليا فقط، لذا يقوم مثل هذا الشكل من الزواج على اعتبارات شخصية.
من بين مميزات هذا الزواج الحر، أن دائرة الاختيار تكون خارج نطاق الأقارب وهذا ما يعرف بنظام الزواج الخارجي.
هناك بعض الباحثين النفسانيين والاجتماعين يؤكدون على عدم وجود الزواج الحر في أي مجتمع من المجتمعات، لأن الأفراد بطبيعتهم ليسوا أحرارا -غالبا- شعوريا أو لاشعوريا ما يختارون القرين وفق العادات والتقاليد الراسخة في نفوسهم وقرارهم.
3.3.الزواج المرتب-الحر أو الزواج التقليدي –العصري:
في خضم هذا النمط، تختلط رغبة الآباء والأبناء، حيث يرتب الأبوين للزواج ويعطيان لأبنائهما في نفس الوقت حق التدخل بالموافقة أو الاعتراض أو العكس أي يمكن أن يكون الاختيار من طرف الأبناء شريطة إشراك الآباء في إبداء الرأي وتحديد الاختيار بصفة نهائية(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn14).وتؤكد بعض الدراسات الاجتماعية على سيطرة هذا النمط من الزواج في أغلبية المجتمعات على الرغم من استمرار وجود انتشار الزواج المرتب في وقتنا الحالي وخاصة في المناطق الريفية والحضرية.
الفصل4: اختيار القرين بين النظرية والتطبيق.
تمهيد
المبحث1:الصفات وأسلوب اختيار القرين
1-الصفات المفضلة عند اختيار القرين في الشريعة في الإسلام
2-أسلوب الاختيار الزواجي التقليدي
3-أسلوب اٌختيار الزواجي الحديث
المبحث2:النظريات الاجتماعية في اختيار القرين
1- نظرية المكانة الاجتماعية
2- نظرية القرب المكاني
3- نظرية التجانس
4- نظرية القيم
تمهيد:
إن اختيار القرين لا تقتصر أهميته فقط في تحديد الاتجاه نحو الزواج وإنما أهمية الاختيار هو أن يكون ناجحا في بناء أسرة قائمة علي التجانس والقدرة علي التكامل المشترك بين الطرفين كما أن هناك نظريات علمية مدعمة بالبحوث والتجارب الدقيقة حول العوامل التي يقوم عليها اختيار الإنسان ما آخر للزواج منه وسوف نتطرق إليها في هذا الفصل في منظور الشريعة الإسلامية على مبحثين الأول يتناول الصفات المفضلة عند اختيار الشريك في الإسلام وأسلوب اختيار القرين التقليدي والحديث للقرين في حين يتناول المبحث الثاني أهم النظريات الاجتماعية في اختيار القرين.
المبحث الأول 1:الصفات وأسلوب الاختيار في الإسلام:
1-الصفات المفضلة عند اختيار القرين في الإسلام:
لقد بينا في الفصل السابق أن الزواج هو القاعدة الأساسية لبناء الأسرة التي هي الركيزة الأساسية لبناء المجتمع وما دام للزواج هذه الأهمية فلا بد من أن الإسلام قد اهتم بالأسس الصحيحة الكفيلة بقيامه على أحس وجه.
وأول هذه الأسس التي اهتم بها الإسلام هي تلك التي تتعلق باختيار الزوجة فقد وضع الإسلام الخصال المطيبة للعيش التي لابد من مراعاتها في عقد الزواج و تتحقق مقاصده وركز الإسلام عليها.
.1.1الدين و التقوى :
لقد أوضح لنا الإسلام الحكم أساس المفاضلة الإنسانية بقوله تعالى ﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn15). وعن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال﴿ الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة﴾(2 (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn16)).
كما يقول أحمد الغربي في هذا الشأن: أن تكون صالحة ذات دين. فهذا هو الأمثل وبه ينبغي أن يقع الاعتناء فإنها إن كانت ضعيفة الدين في صيانة نفسها أضرت بزوجها و سودت بين الناس وجهه بالغيرة قلبه وتنقص بذلك عيشه. فإن سلك سبيل الحمية و الغيرة لم يزل في بلاء و محنة وإن سلك التساهل كان متهاونا بدينه وعرضه ومنسوبا إلى قلة الحمية و الأنفة.
كما أن الزواج يشرط التجانس في الدين عند الرجل والمرأة على هذا السواء وهذا ما يظهر جليا في قول الله تعالى ﴿ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن و لأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn17) .
كما أن المرأة الصالحة ذات الدين ثروة(4) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn18) لأن التدين عند المرأة والرجل يعتبر من العوامل والأسس التي تجعل كل منهما ذات عقيدة ومبادئ سامية وذات شخصية قوية ومؤمنة فلإنسان العاقل لا يقبل الزواج إلا على أسس مقاييس لا على أساس الإعجاب الشكلي أو المالي أو الجاه ، كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يريد الزواج ما يقصد به من تكوين الأسرة ورعاية شؤونها فإنه يعمل بنقيض مقصوده فيقول: ﴿ من تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقرا ومن تزوج امرأة لنسبها لم يزده إلا دناءة. ومن تزوج امرأة لبغض بها يعيره و يحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها ﴾ رواه بن حبان.
يعتبر أصل العائلة أو نسبها الأسس المتعمدة كثيرا لاختيار شريك الحياة و نقصد الحسب والنسب و الأخلاق الكريمة والسلوك الحسن والشرف.
2.1 الخلق:
هي صفة أكد عليها الإسلام في اختيار الزوجة حيث يصف لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم المرأة الصالحة الخلوقة قائلا ﴿ خير النساء من تسرك إذا أبصرت وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ﴾ رواه الطبراني.
وقوله أيضا﴿إياكم وخضراء الدمن, قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء. ﴾
3.1المرأة الولود:
ومن توجيهات الإسلام في اختيار الزوجة تفضيل الزوجة الولود، ويعرف بسلامة جسم المرأة من الأمراض التي تمنع الحمل ويستعان بمعرفة الأطباء وهذا ما جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم ﴿ تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بك الأمم يوم القيامة ﴾.
4.1المرأة البكر:
كذلك تفضيل المرأة البكر على الثيب فقال عليه الصلاة والسلام:﴿ عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها (أطيب كلاما)وأنتق أرحاما(أكثر أولادا) وأقل خبّا (أقل مكرا وخديعة)وأرضى باليسير﴾
5.1المرأة الغريبة:
كما أن تفضيل المرأة الغريبة على المرأة ذات النسب والقرابة حرصا على نجابة الولد وضمانا لسلامة الجسم من الأمراض الوراثية وتقوية للروابط الاجتماعية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم﴿ تزوجوا الغرائب فإنهن يلدن النجائب﴾ والمرأة الغريبة هي ليست من أسرة الزوج وإنّما هي من أسرة أخرى.
6.1 الجمال:
يعد الجمال وحسن الوجه من بين الصفات المرغوب فيها في للاختيار للزواج والجمال مطلوب في شريكة المستقبل(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn19) كما وضح وستر مارك في كتابه "تاريخ الزواج"(أن الفتيات يتزوجن بالرجال الأكثر شجاعة الأكثر حقا بالصيد والأكثر جمالا).
إذا كان الإسلام الحنيف قد عني في بناءه للأسرة المسلمة بلإختيار الزوجة الصالحة فإنه من الطبيعيأن يكون الزوج وهو الركن الثاني من أركان الأسرة محل عناية في الإسلام.
لقد جاء الإسلام الحنيف وجعل المعيار والميزان الدقيق لتكريم الناس والمفاضلة هو تقوى الله عز وجل(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn20) فقال سبحانه:﴿ يأيها النّاس إنّ خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ﴾ الحجرات13.
وإذا كان القرآن الكريم ورسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم قد أوضح لنا أن أساس الزواج يجب أن يقوم على الأخلاق والدين الصالح فإن الإسلام قد حثنا أيضا على أن يكون أساس من نختاره زوجا لبناتنا وأخواتنا ممن نرضى دينه وخلقه فقال تعالي جل شأنه ﴿وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم فقراء يعنيكم الله من فضله والله واسع عليم>> ومن هذا عني النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه إلى الدقة في اختيار الزوج إذ قال: ﴿ النكاح رقّ فلينظر أحدكم أن يضع كريمته﴾ رواه أبو عمر التوتاني.
2-أسلوب اختيار الشريك التقليدي:
إن الاختيار الشريك التقليدي يعتبر النظام الوحيد الذي كان سائدا في الماضي ولا يزال موجودا إلى حد الآن في أغلب البلدان العربية الإسلامية وقد سمته سامية حسن الساعاتي <<بالأسلوب الوالدي>> نظرا لتوقف اختيار الشريك على أحد الوالدين أو الأقارب وقد أطلق عليه البعض الأخر الأسلوب الغير المباشر أي أن الشخص المعني بالأمر لا يختار شريكه بطريقة مباشرة بل غيره هو المكلف بذلك سواء كان هذا الغير أحد والديه أو أحد أقاربه أو معارفه ...
وقد يكون التدخل في الاختيار للزواج والتحكم فيه مطلقا من جانب الأهل أو الأقارب فلا يستطيع الشريكان المستقبلان أن يخرجا عن قرارهما ولو كان ضد رغبتهما, أي أنه ليس لهما الحق أن يدليا بأدنى رأي في مسألة زواجهما(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn21). وهذا النوع من الزواج يعرف بالزواج المفروض والقهر.
فكان والد الشاب أو والدته تتصل بالأسرة التي ستعقد معها أواصر النسب فإذا تم الإنفاق بين الأسرتين أقيمت مراسيم الزواج دون أن يرى الخطيب خطيبته أو الاعتماد على الصور الشمسية ولا تزال هذه العادة متبعة في كثير من القرى العربية الإسلامية كما يمكن أن نجده أيضا في المدن وكثيرا ما كان يؤدي هذا الأسلوب إلى مفاجآت تقلب الأفراح إلى أقراح كما نجد هذا الزواج المفروض في كثير من القبائل الإفريقية إذ أن المرأة لا تستطيع أن تدلي برأيها في مسألة زواجها ولا الرجل إذ يتم عقد الزواج دون حضورهما وإنّما يتم بين أهل الشريكين.
وبذالك فإن الزواج التقليدي يعتبر بأن مسألة اختيار الشريك لا تعود إلى الرجل أو المرأة بل تعود إلى عائلته، حيث أن الزواج غالبا ما يرتب من قبل أهل الزوج أو الزوجة كما قد لا يكون تحكم الأهل أو الأقارب مطلقا في بغض الأحيان فيسمح للشريكين بالإدلاء برأيهما في موضوع زواجهما وسواء في حالة التدخل المطلق للوالدين أو الأهل أوفي حالة تدخلهما الجزئي مع سماح للأبناء أو الأولاد برأيهما، فنحن بصدد الزواج التقليدي، أو الزواج المرتب، نظرا لعدم اختيار الشخص لشريكه بنفسه.
ويتأكد هذا الأسلوب في اعتبارات اجتماعية واقتصادية دون أن يعطي أدنى الاهتمام لمشاعر وميول الأشخاص المقبلين على الزواج، فالسعادة الشخصية ليست بالشئ الهام بالنسبة لطرفي الزواج وإنما المهم بالدرجة الأولى هو مصالح الأهل كما أن هناك اعتبارات اجتماعية واقتصادية تدفع بالأهل إلى ممارسة الضغط على أولادهم في مسألة اختيار شريكهم، حتى لا يتعرض النظام الاجتماعي إلى الخطر.
ولذلك فإن الطبقات الأرستقراطية التي تحرص أكثر من غيرها على ضرورة موافقة الأم علي زواج أولادهم، جعلت من الزواج ارتباطا وعقدا بين عائلتين لا بين شخصين أما في المجتمعات العربية الإسلامية فإن العادات والتقاليد والأخلاق والقيم التقليدية لا تسمح باختيار زوجته بنفسه ولم تسمح له بمشاهدتها في بعض الأحيان.
ولا الاختلاط بها قبل ليلة الزفاف فمسألة زواجه واختيار شريكته توكل إلى عائلته أو أهله فهم الذين يتحملون مسؤولية اختيار الزوجة المناسبة له ولا يحق للشخص البالغ إخبار عائلته وتذكيرهم بضرورة زواجه فهم الذين يقررون موعد زواجه ويختارون له الزوجة المناسبة التي يمكن أن يقترن بها وبعد موافقة العائلة يبدأ الأبوان أو أحد الأخوات أو أحد الأقارب بالتفتيش عن الفتاة الملائمة التي تصلح كزوجة له، وصلاحيتها للزواج وقد تتعلق بشرفها أو سمعتها الاجتماعية ومظهرها الخارجي وسمعة عائلتها.
ومتى أّقرت النسوة على إحدى البنات يكررن التردد إلى دارها عدة مرات ليرينها بجميع مظاهرها، يرينها في زينتها وفي وقت الغسيل, وقت الطبخ وتنظيف المنزل ويناط بالفتاة المعنية بالأمر بتقديم القهوة والشراب للخاطبات فيتأمل الخاطبات مشيتها, ونقل أقدامها وأدبها في تقديم القهوة والإياب والذهاب وقد يصل الأمر إلى الذهاب معها إلى الحمام حتى يرين جسمها عاريا، وينقلن ذلك إلى الخاطب وعميد الأسرة.
أما وظيفة النساء من جهة الخاطب فيرين الحي القاطن فيه سرّا ويرسلن من يثقن به من أقاربه وجيرانه فيدخلن غالبا بيوت ذلك الحي باحثات عن أخلاق الخاطب وثروته ووظيفته ومركز تلك الأسرة في الحياة الاجتماعية، وإذا راق الخطيب في أعينهن يرفعن الأمر إلى عميد الأسرة المخطوبة وهنا تنتهي مهمة النساء، ثمّ يتألف شبه وفد من عميد أسرة الخاطب فيذهبون إلى بيت المخطوبة طالبين من عميدها الموافقة على الزواج تلك البنت من ابنهم. ويكون الأمر مقضيا على الأغلب بعد تلك التمهيدات.
3-الأسلوب الحديث:
إن شخصية الإنسان قد تطورت تحت تأثير التعليم ووسائل الاتصال المختلفة والمنظمات التي ينتمي إليها وعلى إثرها أصبح حرّا في اختيار شريكه.
عليه لم يعد الزواج كما في السابق إتحاد وعقد بين عائلتين، وإنما بين شخصين حرين في اختيار كل منهما الآخر لبناء عش الزوجية السعيد وحرّين أيضا لإنهاء هذه العلاقة إذا لم تمنحهما هذه الأخيرة الإرتضاءات المنتظرة. فشروط الحياة العصرية والتغيرات والتحولات التي طرأت علي عالم الأفكار، ساعدت على إيجاد هذه الحرية، فالنمو الديموغرافي والكثافة السكانية، في المدن الكبرى والحراك الاجتماعي الكبير والاختلاط والتداخل بين مختلف الرهوط الاجتماعية بالإضافة إلى الأخلاق والعادات التي صارت أكثر تسامحا، كل ذلك وسّع إلى مالا نهاية أمام الرجل والمرأة الميدان الذي يمكن أن يختارا فيه شريك حياتهما .
فقد أصبح الاهتمام في الوقت الحاضر يتركز علي محاولة معرفة نوعية مشاعر الأفراد من الجنسين نحو بعضهم، وأي نوع من العلاقات بإمكانهم إقامتها، وباختصار أصبح هناك تأكيد أقل على المظاهر النظامية التقليدية والتأكيد أكثر على المظاهر الشخصية للزواج والحياة الأسرية(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn22).
وقد أصبح الحب هو العنصر الرئيسي المسيطر في الوقت الحالي، فالزواج بسبب الحب يتضمن تأكيدا أوليا على العاطفة وعلى كيفية شعور فردين كل منهما تجاه الآخر وعلى مدى رضائه الشخصي، وهكذا تظهر مقاييس جديدة يقاس على أساسها مدى النجاح أو الفشل في الزواج.
وهذّا الاختيار الحرّ ليس واحدا في كل البيئات، إذ يختلف من مجتمع لآخر، فالاختيار الحر يعني عند الأوربيين وعند الغربيين عامة الأسلوب الوحيد السائد عندهم ،الإجتلاط التام مع المعني بالأمر وقد يصل الأمر في أغلب الأحيان إلى المعاشرة الجنسية وإنجاب الأطفال قبل أن يقرروا الزواج، ولا تعطي أي أهمية للأهل سواء من الفتى أو الفتاة.فلا يؤخذ رأيهما على الإطلاق في عملية الاختيار، لأن الحب ّ في رأيهم مسألة شخصية والزواج أيضا مسألة شخصية بحته لا ينبغي لأي كان أن يتدخل في الأمر.
بينما في البلدان العربية الإسلامية أنه ليس للشباب أو الشابة حق الاختيار النهائي حيث أن هذا الحق محصور بين العوامل الأصلية.
فقد يطلب الشاب من أهله الزواج من فتاة معينة أو يؤثر على أهله في اختيار الزوجة التي يريدها، لكن الإجراءات الرسمية من خطبة ومهر وحفل زفاف لا يقوم بها لوحده بل يشاركه في ذلك والديه وأقاربه ولذلك فإن موافقة أهله ضرورية لإتمام زواجه فنادرا مثلا ما يرضى الأب أن يزوج ابنته لرجل يرفضها أهله، كما أنه من النادر أن نجد فتاة تتزوج بدون رضى أهلها وبذلك فإن موافقة الأهل على اختيار الشاب أو الشابة ضروري كما أن خروج الشاب مع خطيبته للنزهات وخلوته معها لا يحدث بعلم الأولياء بل يتم كل ذلك في سرية تامة فعاداتنا وأخلاقنا وديننا تستنكر ذلك.
وقد يختلف أيضا مفهوم الاختيار الحر بخلاف الطبقة والمجتمع الذي ينتمي إليه الزوجان فهو يعني بالنسبة للفئات الحضرية تبادل الحب قبل الزواج والتعارف الشخصي الوثيق بين الفتى والفتاة وهنا يظهر أثر المناخ الاجتماعي في تسيير مثل هذه العلاقة ذلك أن إتاحة الفرصة أمام الفتاة لتلقي العلم مثل الفتى ووجودها إلى جانبه في ميادين العلم والعمل خلق ظروف متعددة للتفاهم والحب قبل الزواج بينما تعاني الفتاة الريفية من وجود عنصر القسر والإكراه حيث لا تزال هناك رواسب عديدة ثقافية واجتماعية مختلفة من الأسر الممتدة التقليدية تحكم عملية أسلوب إتمام الزواج والعلاقات التي تسبقه.
وبصفة عامة فإن الشاب أو الشابة العربية لا يقدمان على الزواج إلا بعد موافقة والديهما في كثير من الأحيان كما أن المراكز التي تمهد لتعارف الجنسين الجامعات ومراكز العمل وهذه الحالات التي انتهت بالتفاهم والزواج وتنتشر خاصة في الطبقات الوسطى المثقفة وقد يسبق هذا الزواج الخروج المشترك ببعض النزهات والمعاشرة قبل الخطوبة ويتم كل ذلك بكل سرية تامة(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn23).
والجدير بالذكر أن هذا الأسلوب في الاختيار قد تعرض لانتقادات كثيرة وقد علق محمد بدوي على هذه المسألة قائلا: الآن يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال: هل قضى هذا الشكل من أشكال الاختيار الزوجين على أسباب النزاع وضمن للأسرة حياة سعيدة رغدة في ظل التوافق المزعوم الذي ادعى الخطيبان في غمرة العواطف المتأججة أنه يرفرف على قلبيهما؟ إن نظرة واحدة إلى حالات الطلاق وخصوصا بين الطبقات التي تتزوج عن طريق التعارف والاختلاط تدّل على أن هذه الوسيلة لا تضمن وحدها سعادة الحياة الزوجية كما يظن الكثيرون(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn24).
فهذه الاتجاهات الجديدة التي تشترط التعارف والاختلاط وتبادل الحب قبل الزواج قد خلقت مشاكل جديدة، وذالك لأن الأفراد حينما لا يجدون الزواج الإرضاء والإشباع الذي كانوا يتوقعونه، فإنهم يسارعون بالفرار والتخلص من هذا الارتباط وتساعد التغيرات الاجتماعية الأخرى على تسهيل العمليات، هذا إلى جانب تأثير جانبي آخر يمكن أن ينتج بسبب الزواج من أجل الحب ّفقط النظر عن أية عوامل أخرى وهو زيادة درجة عدم الاستقرار الزوجين وبالتالي ارتفاع الطلاق.
المبحث الثاني:النظريات الاجتماعية في اختيار القرين:
1.نظرية المكانة الاجتماعية:
يعتبر الزواج من "داخل المكانة الاجتماعية المماثلة" معيارا اجتماعيا مفضلا وخاصة من جهة نظر الآباء ذوي المكانة العالية عندما يشرعون في تزويج أبناءهم وسواء تم الاختيار في الزواج عن طريق الأشخاص أنفسهم أو عن طريق آباءهم أو آخرين، فإن كونه من داخل المكانة الاجتماعية يعتبر شرطا أساسيا للمحافظة على نسب العائلة ومكانتها أما الأفراد الذين ينتمون إلى أماكن منخفضة فإنهم يكسبون كثيرا عندما يتزوجون من أشخاص ينتمون إلى مستويات طبقية أعلى من مستوياتهم، وبصرف النظر عما يفضله الأفراد أو يرغبون فيه، فإن معظم الزيجات تكون من داخل نفس المكانة.
و قد تبين من دراسة حديثة أجريت في جامعة ميتشجان الأمريكية أن معايير الاندماجية"الزواج من داخل الطبقة"تظهر بوضوح بين طلبة الجامعة وعند إجراء مقابلات شخصية مع الطلبة والطالبات المتزوجون الذين يعيشون في بيوت طلبة تبين أن الرجال الذين ينتمون إلى عائلات عالية المكانة وآباؤهم من الأغنياء يفضلون الزواج من فتيات آباءهم من نفس المستوى المهني والطبقي والاقتصادي، ونفس الشئ يحدث بالنسبة للجماعات المتوسطة والموظفين والطبقات الفقيرة والمهن الزراعية، ولكن عندما يحاول الأفراد الزواج من طبقة اجتماعية أعلى فإن هذا يعتبر دليلا على وجود نمط آخر يسمى التداخل الطبقي intra class يحاول الأفراد من خلاله الحصول على أفضل متعة ممكنة بالنسبة لأنفسهم ولأبنائهم سوءا على المستوى المادي أو الاجتماعي(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn25).
2. نظرية القرب المكاني:
تتضمن فكرة الاختيار في الزواج بالضرورة كما تظهر في كتابات علم الاجتماع العائلي عامل تقارب، فقد تبين من الدراسات العديدة التي أجريت في هذا المجال أن الناس يتزوجون ممن يلتقون بهم, هؤلاء يعيشون عادة بجوارهم سواء في المسكن أو العمل، و تبين أيضا أنه للقرب المكاني أهمية وظيفة في لقاء وتعارف الشباب ومرجع ذلك إلى أن الحق في حرية الاختيار محدود بالامتياز الثقافة التي تحدد الأشخاص الذين من الممكن أن يكونوا الشركاء المرغوب فيهم وهذا نتيجة لأن كل جماعة ثقافية تميل إلى العزلة و الانفصال عن غيرها سكنيا، و تبدوا هذه النتيجة بوضوح لو تتبعنا المناطق السكنية ومن يعيشون فيها في مجتمعنا، فسوف نجد أن كل طبقة تميل إلى السكن في منطقة معزولة خاصة بها، ولكن نظرة أعمق تكتشف أنه إلى جانب هذه العوامل الثقافية هناك عوامل أخرى تساهم فالعزلةالنسبية لهذه المناطق وهي بالأخص عوامل اقتصادية واجتماعية.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn26) 3. نظرية التجانس:
ترتكز هذه النظرية على أساس أن الشبيه يتزوج من شبيهته وتعتمد هذه النظرية على أن الاختيار في الزواج يرتكز على التشابه والتجانس في الخصائص الاجتماعية العامة و أيضا في الخصائص أو السمات الجسمية أي يكون هناك تشابه بين الشريكين في الدين والجنس والمستوى الاجتماعي والاقتصادي وفي السن والتعليم والخصائص الفردية من حيث الطول ولون البشرة والجنس والأصل في بعض المجتمعات.(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn27)
كما أكد أيضا الباحث "لهو لينجزهيد" في دراسته على أهمية العوامل الثقافية في الاختيار للزواج حيث تؤكد على أن الفرد مقيد بعدة ضغوط عند اختياره لقرينه وقد لا يحس بهذه العوامل والضغوطات بالإضافة إلى تأثير التعاليم والقواعد الدينية على الفرد.
كما وجد "هو لينجزهيد" في بحثه عن العوامل الثقافية في الاختيار للزواج أن هناك قيودا تتعلق بالسن، تحد من حرية الرجل في الاختيار للزواج بحيث يتزوج بمن تماثله أو تصغره في السن.
وقد استخلصت دراسة "لانديس واري" من الدراسة التي ألمت 330 طالبا وطالبة متزوجين في جامعة واشنطن، أي أن التعليم من بين العوامل الأساسية في الاختيار للزواج ،فقد لاحظنا أنه كلما ارتفع مستوى تعليم الشباب في كلا الجنسين زاد الميل إلى تفضيل الزواج من قرين قد وصل إلى المستوى العالي، أي هناك ارتباط موجب بين مستوى التعليم كل منهما أو ما يسمى بالتناسب الطردي.
4.نظرية القيم:
هذه النظرية في اختيار القرين ترى أن الارتباط والإنجاب بين الأفراد يكون أكثر سهولة عندما يشترك هؤلاء الأفراد أو يعتقدون أنهم يشتركون في اتجاهات قيمة واحدة كل هذا يسهل رضاؤهم العاطفي عن بعضهم البعض وبسبب هذا الجانب نتوقع من الفرد أن يبحث عن شخص يشاركه نفس القيم في علاقاته الاجتماعية، وهذا الاتجاه نحو تطوير العلاقة أو الاختيار للزواج بالنسبة لأفراد يؤمنون بنفس القيم الاجتماعية وهذه النظرية تضع شروط وهي:
أ-إن الأشخاص الذين يشتركون في نفس الخلفيات الاجتماعية يتعلمون ويحافظونعلى نفس القيم.
ب- إن الإفراد ذوي القيم المتشابهة يتم بينهم اتصال وتفاعل اجتماعي فعال، و ينشأ بينهم القليل من الاختلاف والتصادم.
ج– إن هذا التفاعل الخالي من المشاكل يجعل كل فرد يشعر بالرضا نتائج علاقته بالفرد الآخر، وبالتالي الرغبة في الاستمرار في هذه العلاقة وتوطيدها. والتي قد تكون علاقة صادقة وينجم عنها الاختيار للزواج في حالة إذا كانت بين رجل وإمرآة.
إن الاشتراك في القيم يقرب الناس بعضهم نفسيا واجتماعيا، وبذلك فإن الفرد قد يفكر في الزواج من الشخص بنفسه قيمة اجتماعية كبيرة.(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftn28)
ومن هذا نستنتج أن أي مقبل على الزواج لابد له أن تكون له وجهة نظر مسبقة لاختيار القرين المناسب له في شتى الخصائص.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref1) السمالوطي نبيل محمد توفيق،الدين والبناء العائلي. دار الشروق للنشر والتوزيع والطباعة،ط1،المملكة العربية السعودية،1981ص92.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref2) نفس المرجع السابق،ص93.
(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref3) نفس المرجع السابق،ص95.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref4) نفس المرجع السابق،ص95.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref5) الخشاب مصطفي ،علم الاجتماعي العائلي. مرجع سابق،ص97.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref6) الخشاب مصطفي. نفس المرجع السابق ،ص91.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref7) الخشاب مصطفي. نفس المرجع السابق،ص100.
(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref8) الخشاب مصطفي. نفس المرجع السابق،ص103.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref9) الخشاب مصطفي،مرجع سابق،ص79.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref10) نفس المرجع السابق،ص81.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref11) نفس المرجع السابق،ص82.
(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref12) الخولي سناء، الزواج والعلاقات الأسرية .دار المعرفة الجامعية,1979،ص.138.
(4) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref13) الساعاتي سامية حسن ،الإختيار للزواج والتغير الإجتماعي .كلية الآداب ،جامعة عين شمس،ط2 ،ص66.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref14) الخولي سناء ، الزواج والعلاقات الأسرية.مرجع سابق.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref15) سورة الحجرات الآية 13.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref16) رواه البخاري ومسلم .
(3) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref17) سورة البقرة الآية 221.
(4) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref18) مسعودي أم الخير،عادات وتقاليد الزواج في الأسرة الجزائرية.مجلة آفاق لعلم الاجتماع،تصدر عن جامعة البليدة، 2007 ، ص 260 .
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref19) مسعودي أم الخير ، مرجع سابق ،ص263 .
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref20) صلاح عبد الغني محمد ، الزواج والحياة المهنية. مكتبة الدار العربية، ب ت ،ص 44.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref21) سامية حسن الساعاتي ، مرجع سابق ، ص66 .
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref22) سناء الخولي ،مرجع سابق ، ص 68.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref23) حطب زهير ،تطور بنى الأسرة العربية . بيروت ،معهد الإنماء العربي ،ط1 ،1976 ،ص 82 .
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref24) السيد محمد بدوي ، مبادئ علم الاجتماع .القاهرة ، دار المعارف ، ط4 ،1976،ص375.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref25) سناء الخولي ،الزواج والعلاقات الأسرية. دار المعرفة الجامعية, الإسكندرية,1995,ص147.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref26) سناء الخولي ،الأسرة والحياة العائلية. دار المعرف الجامعية, 1999،ص167.
(2) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref27) سامية حسن السعاتي، مرجع سابق,ص136.
(1) (http://djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=947936#_ftnref28) أحمد البيري الوحيشي ، الأسرة والزواج .الجامعة المقترحة, طرابلس ,الجماهيرية الليبية العظمي, 1998،ص29.
لا تبخلو علينا نريد الابداع بعيدا عن الابتداع
نبيلةنبيلة
2009-09-24, 15:22
أنا أمينة من مواليد 1974 الغرب الجزائري أبحث عن زوج يكون ذا خلق و دين ومن الغرب الجزائري
امينة العوفي 35
2009-09-27, 20:20
شكرا على المو ضوع كلامي وافعي و نفيد تحياني وتمنياتي للجميع بزواج و السعادة و حسن اخيار الشريك الملائم
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir