تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دور الضمير في تماسك النص


لوز رشيد
2009-04-07, 18:51
دور الضمير في تماسك النّص
ليس ثمة شك أنّ الضمير ينظم أجزاء الجملة الواحدة بل إنه ينظم تتابع الجمل بعضها ببعض؛ لأنّ الجملة في الأصل مستقلة بنفسها، فإذا قصد جعلها جزءا من الخطاب فلا بد من واسطة تربطها بالجزء الآخر، والواسطة هي الضمير.
لكن كيف يُحدث الضمير التماسك في النص وهو مبهم يحتاج إلى ما يفسره؟
صحيح أن الضمير مبهم يحتاج إلى ما يفسره، لكن ّ هذا الإبهام يزول حال إجراء الضمير في التركيب فيصبح الضمير أشد الأسماء تعيينا وتوضيحا وتفسيرا، كأنه أداة ربط تحدث تماسكا في النص.
ويقع الإبهام في الضمير لكن ضمير المتكلم وضمير المخاطب مفسرهما المشاهدة والحضور فيحدث التماسك النّصي، أما ضمير الغائب يحتاج إلى مفسر مقدم في السياق لغويا كان، أو غير لغويّ هذا الأصل.
لكن المشكلة في ضمير الغائب تقع عندما يحيل إلى لاحق يقع بعده، وهذا ما يسمّى بالإحالة البعدية، في نحو:
ضرب غلامُه زيد (والمضمر هو زيد)
فالضمير يعود على متأخر لفظا ومعنى هو زيد، والأصل أنّ مفسّر الضمير يسبقه وما وقع في الجملة السابقة مخالف للأصل لكن التماسك في هذه الجملة باعتبارها نصا يحدث من إحالة الضمير على سابق له. والمحال إليه - في رأيي - هو المعهود الذهنيّ في ذهن المتكلّم لكن المتلقّي (السامع) تدور في ذهنه مجموعة من التصورات تشوقه إلى معرفة مفسّر الضمير، فيحدث الانسجام والتماسك عندما ينطق المتكلم بمقصوده تاليا للضمير، فيزول الإبهام وعدم التماسك في الخطاب عند المتلقي.
فتماسك النص لا يمكن أن يحدث إلا إذا تحققت الفائدة عند المتلقي (المخاطب) فإحالة الضمير قد تكون عائدة على مرجع لا يمكن معرفته إلا من خلال السياق المقاميّ الذي يجري فيه الحديث كما في قوله تعالى : " إنّا أنزلناه في ليلة القدر"فالضمير في أنزلناه يعود على القرآن الكريم، ولا يمكن معرفة ذلك إلا من خلال السياق التخاطبيّ، وهو سياق خارجيّ (خارج عن بنية الجملة. (
وقد تتعدّد إحالة الضمير وعندها لا يحدث التماسك في النص إلا بعد تحديد المحال إليه بالاعتماد على السياق الداخليّ أو الخارجيّ أو كليهما، أو أن نفسر تعدّد الإحالات ببيان أهمية التعدد، بحيث تضيف كل إحالة معنى وفائدة جديدة للمخاطب، وبهذا يكون النصّ متماسكا، كما في قوله تعالى: " كان الناس أمّة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه"
فالضمير في يحكم يحيل إلى ثلاثة أمور يصلح كل منها أن يكون مفسّرا للضمير، ومؤديا معنى يؤدي إلى تماسك النّص، فهو يحيل إلى (الكتاب، النبيين، الله) وكل منها له وجه ترجيح.
يتبيّن لنا مما سبق عرضه أنّ ضمائر الغياب خاصة تقوم بوظيفتين: استحضار عنصر متقدم في خطاب سابق أو استحضار مجموع خطاب سابق في خطاب لاحق.
ويتبين لنا أنّه ليس من المألوف أن تدرج إحالة الضمير ضمن العلاقات البنيوية إلى جانب الوظائف وغيرها؛ لأنّ الضمير ليس له علاقة داخلية تقوم بين عناصر البنية نفسها فقط، بل لها علاقة خارجية ضمن سياق التخاطب.
بهذا يمكن أن نحكم على أنّ إحالة الضمير هي فعل تداوليّ يتعاون فيه المتكلم والمتخاطب ضمن بنية تواصلية معينة ترتبط بمخزون المخاطب كما يتصوره المتكلّم أثناء التخاطب.
هذا ما يجعل للضمير دورا بارزا في تماسك النّص وتحقيق الفهم عند المتلقي.
أحمد حسن إسماعيل

taha178
2009-04-10, 12:05
بارك الله فيك أخي رشيد وجعل ماتقوم به من أعمال قيّمة في هذا المنتدى في ميزان حسناتك

maymay
2009-04-10, 17:21
بارك الله فيك

الجواد الغريب
2009-04-12, 14:04
شكرا لك أخي موضوع ممتاز
ننتظر منك المزيد