المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي" "الحلقة الأولى"


أبو عمار
2013-02-02, 10:40
بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال

رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"

"الحلقة الأولى"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد فإن الذب عن دين الله الحق أمر مشروع بل واجب دل على ذلك آيات وأحاديث كثيرة .

قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).

وقال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) .

وما بعث الله الرسل إلا للقيام بهذا الواجب الذي يأتي على رأسه الأمر بأصل أصول الإسلام ألا وهو التوحيد والنهي عن أصل أصول الضلال ألا وهو الشرك وما اشتق منه وهو الابتداع في دين الله ثم سائر المنكرات .

وقد لعن الله وذم الذين لا يتناهون عن المنكر فقال جل شأنه (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "الدِّينُ النَّصِيحَةُ الدِّينُ النَّصِيحَةُ ثلاثا، قالوا: لِمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"([1]).

وعن قيس بن أبي حازم قال:

قام أبو بكر -رضي الله عنه -، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه فقال: "أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية: ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )، وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:" إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب"([2]).

وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ"([3]).

ومن أصول أهل السنة بيان حال الرواة تعديلاً وجرحاً، كذباً كان هذا الجرح أو خطأ أو بدعة ونحو ذلك، وذلك واجب باتفاق المسلمين.

ولهم في ذلك مؤلفات مثل "التأريخ" للبخاري و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، و"التأريخ" لابن معين، و"معرفة الرجال" له، رواية أبي العباس بن محرز وروايات غيرها عن ابن معين، وفي الجرح خاصة مثل "الضعفاء" للبخاري، و"الضعفاء والكذابين والمتروكين" لأبي زرعة الرازي، و"الضعفاء والمتروكين" للنسائي، و"الضعفاء" للدارقطني، و"الضعفاء" للحاكم وغيرها.

ومن أصولهم الرد على أهل الأهواء والبدع وبيان أحوالهم والتحذير منهم، وذلك واجب باتفاق المسلمين.

ولهم في ذلك مؤلفات مثل: "خلق أفعال العباد" للبخاري، و"السنة" لعبد الله بن أحمد، و"السنة" للخلال، و"شرح السنة" للبربهاري، و"الشريعة" للآجري، و"الإبانتين" لابن بطة، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة" للالكائي، و"الحجة في بيان المحجة" لأبي القاسم الأصفهاني، وغيرها.

وكل ذلك من النصح الواجب لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في بيان هذين الأصلين:

"وإذا كان النصح واجبا في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون، كما قال يحيى بن سعيد سألت: مالكا والثوري والليث بن سعد –أظنه- والأوزاعي عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ؟ فقالوا: بين أمره. وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا، وفلان كذا، فقالك إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!

ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله؛ إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء"([4]).

وهذان الأصلان الجليلان المجمع عليهما من أعظم ما حفظ الله به دينه، وردّ به كيد الكائدين ومكر الماكرين.

وأدلة هذين الأصلين كثيرة جداً من الكتاب والسنة، ومن مواقف الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ومن سار على نهجهم من علماء وأئمة الإسلام.

ولقد ذمَّ الله وجرح الكافرين والمشركين والمنافقين واليهود والنصارى ولا سيما أحبارهم ورهبانهم المتأكلين بالدين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) .

وفي الأصناف المذكورة آيات كثيرة يعرفها صغار طلاب العلم وصغار حفظة القرآن وأخطر هذه الأصناف المنافقون الذين يلبسون لباس الإسلام ليتمكنوا من ضربه من الداخل .

فقد ذكرهم الله وبين خطورتهم في سورة البقرة في عدد من الآيات وفي سورة آل عمران وفي سورة النساء وفي سورة المائدة وفي سورة النور وفي سورة لقمان وفي سورة الحديد، وفي سورة المجادلة ، وفي سورة الحشر ، ثم سورة المنافقين لشدة خطورتهم على الإسلام والمسلمين ولشدة كفرهم وعداوتهم ومكايدهم للإسلام وإفسادهم في الأرض .

قال تعالى مبيناً حقيقة حالهم وبيان إفسادهم وبعض صفاتهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) .

فهم مع كفرهم ونفاقهم ينفون عن أنفسهم الإفساد في الأرض ولا يكتفون بذلك بل يدَّعون الإصلاح بأقوى الأساليب المؤكدة: (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) قال تعالى مُكذباً لهم تَكذيباً مؤكداً بأقوى أساليب التأكيد: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ).

وعندهم دعاوى عريضة يطعنون بها في سادة المؤمنين ويسفهونهم ويوهمون الناس أن إيمانهم هو الصحيح والحق وأنه يختلف عن إيمان أصحاب محمد الذين يصفونهم بالسفه وأنهم سفهاء .

قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) . فدافع الله عن أوليائه المؤمنين حقاً وبين حقيقة دعاوى المنافقين وأنهم هم السفهاء .

ومن ألاعيبهم ومكرهم أيمانهم الفاجرة في تزكية أنفسهم قال تعالى فيهم : (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً [سورة النساء : 62-63]، فيصفون خبثهم وخيانتهم وعلاقتهم بالكافرين بالإحسان والتوفيق ويقسمون بالله على ذلك يخادعون بذلك المؤمنين .

وقال تعالى فيهم في سورة المنافقين وعلاقتهم بالكافرين : (إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة المنافقون: 2].

وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [سورة المنافقون : 4].

ويوجد من هذه الأصناف كثير، لهم أجسام تعجب، وألسنة تخلب الأسماع.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "([5]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"([6]) .

وفي حديث أبي هريرة من وجه آخر (آية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)([7]).

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ" ([8]).



فما أكثر من يوصف بهذه الصفات في عصرنا هذا وقبله ولكنهم اليوم أشد وهم أصناف ومِن أخطرهم مَن يلبسون لباس السلفية وفي الوقت نفسه يحاربون السلفية والسلفيين أشد الحرب([9]) .

ويدافعون عن أهل البدع بأساليب وشبه وتأصيلات يعجز عنها عتاة أهل البدع فهم يدافعون عن الإخوان المسلمين وهم خليط من الصوفية القبورية ومن الروافض والزيدية والخوارج والأشعرية، ورؤوسهم يدعون إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان والأتباع يعتزون بهم ويقدسونهم.

وإذا بينت لهم هذه الضلالات لم يرتدعوا عن تقديسهم وموالاتهم بل يزدادوا ولاءً لهم وحرباً وعداوة لمن ينصح للإسلام والمسلمين ببيان حال شيوخهم الضالين.

ويدافعون عن جماعة التبليغ الذين يبايعون على أربع طرق صوفية وهي النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية وكلها قائمة على الشركيات والحلول ووحدة الوجود.

قال الإمام ابن بطة -رحمه الله- :

"ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقاربه في جوارك.

ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه وهجرانه والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذبّ عنه وصاحبه، وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنة"([10]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فيمن يذب عن أهل وحدة الوجود أو يثني عليهم أو يتأول لهم أو يعتذر لهم أو يكره الكلام فيهم:

"ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال إنه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله.

فضررهم في الدين أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم كقطاع الطريق، وكالتتار الذين يأخذون منهم الأموال، ويبقون لهم دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أعظم من أن يوصف، وهم أشبه الناس بالقرامطة الباطنية.

ولهذا هم يريدون دولة التتار، ويختارون انتصارهم على المسلمين، إلا من كان عامياً من شيعهم وأتباعهم فإنه لا يكون عارفاً بحقيقة أمرهم.

ولهذا يقرون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويجعلونهم على حق([11])، كما يجعلون عباد الأصنام على حق، وكل واحدة من هذه من أعظم الكفر، ومن كان محسناً للظن بهم -وادعى أنه لم يعرف حالهم- عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم.

وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم؛ فإنه إن كان ذكياً فإنه يعرف كذب نفسه فيما قاله، وإن كان معتقداً لهذا باطناً وظاهراً فهو أكفر من النصارى، فمن لم يكفر هؤلاء، وجعل لكلامهم تأويلاً كان عن تكفير النصارى بالتثليث والاتحاد أبعد. والله أعلم"([12]).

وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله- حال شرحه لكتاب "فضل الإسلام" وذلك في شريط مسجّل بهذا الاسم عن من يثني على أهل البدع ويمدحهم: هل يأخذ حكمهم؟

فأجاب: "نعم، ما فيه شك، من أثنى عليهم ومدحهم هو داع لهم، يدعو لهم، هذا من دعاتهم، نسأل الله العافية".

وكلام هؤلاء الأئمة وما جرى مجراه من كلام السلف يهدمان منهجكم الفاسد وأصولكم الباطلة التي تنطلقون منها إلى الدفاع عن أهل البدع والذب عنهم والثناء عليهم وإلى محاربة أهل السنة ومنهجهم وأصولهم.

قد يقول بعضهم: نحن لا ندافع عن هؤلاء الذين ذكرتهم، فنقول لهم: أنتم مع من يدافعون عنهم قلباً وقالباً، وتحاربون السلفيين الذين ينتقدونهم، ثم أنتم تحاربون من ينتقد وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان، وتمجدون الدعاة إليها.

ومن أصول هؤلاء الذين يلبسون لباس السلفية لحرب أهل السنة ومنهجهم:

1- "نصحح ولا نجرح"، يوهمون الناس أنهم أهل ورع وإنصاف وهم بهذا الأصل مخالفون لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح القائم على كتاب الله وسنة رسوله ومناهضون لأهل الحديث والسنة وأصولهم في الجرح والتعديل من فجر تأريخهم إلى يومنا هذا والذين شحنت مؤلفاتهم في الجرح والتعديل وكتب الجرح الخاصة بالجرح لأهل البدع وغيرهم من الكذابين والمتهمين.

ومناهضون لدواوين أهل السنة في نقد أهل البدع وبيان عقائدهم من جهمية ومعتزلة وخوارج ومرجئة وصوفية وغيرهم ينقدون ويجرحون طوائفهم وأعيان كثير منهم خاصة دعاتهم .

2- ومن أصولهم: "المنهج الواسع الأفيح"، وهو كذلك مناهض لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح.

ومخالف لتحذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الأهواء وحكمه على المحدثات بأنها شر الأمور.

ومخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم- :" "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ من قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حتى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال فَمَنْ"([13]).

ومخالف لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" "إن أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا في دِينِهِمْ على ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وان هذه الأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ على ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً يعني الأَهْوَاءَ كُلُّهَا في النَّارِ إلا وَاحِدَةً وهي الْجَمَاعَةُ.."([14]).

فهذا الأصل أي المنهج الواسع يستوعب هذه الفِرَق الهالكة من حيث التأصيل، ومن حيث تطبيق هذه الفئة .

فجماعة الإخوان المسلمين وهي تضم شر الفرق أهل سنة عندهم.

وجماعة التبليغ وهي تجمع طرقاً وفرقاً عندهم أهل سنة.

وسواد الأمة سلفيون.

ودعاة وحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان من أهل الاتباع.

ومن يطعن في نبي الله موسى ويسخر منه ويطعن في الصحابة ومنهم عثمان رضي الله عنهم جميعاً ويعطل صفات الله ويقول بالحلول ووحدة الوجود ويكفر الأمة من فجر تاريخها إلى الآن إلى ضلالات كبرى لا يجوز عندهم نقده وإطلاق البدعة عليه .

ومن يذب عن السنة والتوحيد والأنبياء والصحابة والسلف عند أهل هذه الأصول غلاة وغثاء وأراذل وأقزام وشواذ ومنهجهم متآكل وهم مترصدون وغلاة وخوارج ومقلدون لفلان إلى أوصاف أخرى لا تصدر إلا من أمثال هذا الصنف .

وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم غثاء فلا يعتبر سباً، ويضعون لذلك قاعدة أن هذه اللفظة "غثاء" إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً، ولا يسلم منتقده وناصحه من الطعن والشتم والاتهامات.

ويزيد بعض رؤسائهم اشتراط الإجماع على اعتبارها سباً، وإلا فليست بسب، فيا لها من مغالطات وسفسطات.

3- ومن أصولهم لرد الحق والحجج والبراهين والثبات على الباطل أصل"لا يلزمني" الذي جعلوه جُنة يدفعون بها الحق، فمهما خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت , ومهما ساءت مواقفهم وأصولهم ومهما دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل ومهما طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب ومهما يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين فلا يقبلونها بل يردونها بهذه (الجُنة) "لا يلزمني".

4- ومن أصولهم "إذا حكمت حوكمت وإذا دعوت أُجرت" وهذا الأصل صنو أصل "نصحح ولا نجرح" .

5- ومن أصولهم حمل المجمل على المفصل وهذا الأصل وضعه بعض العتاة للدفاع عن سيد قطب في الدرجة الأولى وتبناه أبو الحسن وحزبه للدفاع عن سيد قطب وأمثاله واستمر عليه سنوات ثم لما أحدث الفتنة العاصفة على أهل السنة قال : إن كان قائلها من أهل السنة ومن طلابهم وأنصارهم أو كما قال فيحمل المجمل على المفصل .

وأتيناه بالأدلة وبأقوال جماهير العلماء أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم، وأقوالهم هي الحق .

وحكى الشوكاني الإجماع على أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم ، فلم يرتدعوا عن باطلهم، ثم هم لا يطبقون هذا الأصل إلا على أقوالهم المفصلة الواضحة يجعلونها مجملة.

ولا يطبقونه على خصومهم، بل يجعلون كلام خصومهم الواضح في الحق باطلاً وظلماً وغلواً.

وكتاباتهم مليئة بالظلم، ولا يرفعون رأساً بقول الله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهيهات أن يلتزموا هذه الآية وغيرها في وجوب العدل ولو مع الكفار وهم ملتزمون بقاعدة "لا يلزمني" .

أقول: وكل ما سطرته هنا نملك عليه الأدلة والبراهين من أقوالهم ومؤلفاتهم.

وقد هدم السلفيون هذه الأصول الباطلة بالأدلة والبراهين، ومع ذلك لا تزال هذه الفئة الضالة متشبثة بأصولها الباطلة.

وهذه الفتن هم مثيروها ومطولوها ببغيهم وعدوانهم، وكلما انتهت فتنة من فتنتهم افتعلوا أخرى على امتداد سنوات.

وهي فتن قد خططوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني -رحمهما الله- وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة.

ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين.

وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحاً بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام.

ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه.

ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.

ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه .

كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة .

فما من واحد إلا وصبرت عليه سنوات أناصحه باللطف رجاء لعودته إلى الحق وحرصاً على جمع الكلمة فلم ينجع هذا الصبر الطويل والأمل العريض؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها.

من ذلك ما سلف ذكره من تخطيط.

ومنها- الدعم المالي من المؤسسات التي تشابههم في التخطيط والأهداف، وقبل ذلك وبعده الهوى والانحراف .

ومن أذناب هذه العصابة من يسمى بمختار طيباوي وهذا الرجل كان قديماً ممن يتظاهر بالسلفية ويتصل عليَّ بواسطة أحد أصدقائه وهذا الصديق كان يصفه بالسلفية ففرحنا به وقدمنّا له من المعروف والدعم المعنوي ما نستطيعه.

ثم لما ظهرت فتنة أبي الحسن ظهر على حقيقته فبرز مسانداً لأبي الحسن وفتنته فتجاهل السلفيون هذا الموقف منه لعله يتوب إلى رشده.

ثم لما جاءت فتنة علي الحلبي وقف إلى جانبه وكتب عدة مقالات يؤصل فيها على طريقة سادته السابق ذكرهم وتأصيلهم ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً والهدف فيما يبدو المنهج السلفي ولو كان عنده أدنى رضا واحترام لمنهج السلف وأهله لما تجشم هذه الحركات الظالمة ولما تجشم هذا التأصيل ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها.

وقد رد عليه بعض الشباب السلفي ردوداً نافعة ولو كان عنده شيء من احترام الحق ومنهج السلف لثاب إلى رشده إن كان عنده شيء من الرشد، وكفّ شره وفتنته عن السلفية والسلفيين، ولكن لا حياة لمن تنادي.

وأخيراً كتب مقالاً بتأريخ 22 من الشهر المحرم عام (1432هـ)، نشره في ما يسمى زورًا ( بمنتديات كل السلفيين) تحت عنوان ( حسم السجال حول مذهب الشيخ ربيع في الرجال).

وهؤلاء الرجال هم العصابة الذين ألمحنا سلفاً إلى أعمالهم وأصولهم ودفاعهم عن أصحاب وحدة الوجود ووحدة الأديان وأخوة وحرية الأديان وحربهم الغاشمة على من ينتقد هذه الضلالات وغيرها من الضلالات.

فمنهج الشيخ ربيع الذي ينتقد هؤلاء الضلال، عند هذا المختار، منهج يقوم على الجهل ويخالف منهج السلف، والذي يمثل منهج السلف هذا المختار وشيوخه ورجاله الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، بل يرون المعروف منكراً ولو كان ذبّاً عن التوحيد والسنة ورداً للضلالات الكبرى.

ويرون أنكر المنكرات معروفاً مثل الدفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان والدعوة إلى إلزام الأمم جميعاً بقوانين الأمم المتحدة، وهذه الأمور عندهم شارحة لرسالة الإسلام وتمثل وسطية الإسلام.

ومن يؤيد وحدة الأديان وأخواتها من غلاة الرفض وغلاة الصوفية والخوارج هم علماء الإسلام والثقات، ويا لها من تزكية، فهنيئًا لهذا الطيباوي الذي لا يرى هذه الموبقات تخالف المنهج السلفي، ويرى أن من ينكر هذه المنكرات وما دونها مخالفاً لمنهج السلف، وأنهم كذابون ومقلدون ...الخ، ولا يسعنا إلا أن نقول: (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).

فإذا قال أنا لست معهم في كل شيء، قلنا له: أنت من مؤيديهم وأنصارهم والذابين عنهم فأنت منهم وتحارب من ينكر أباطيلهم، فماذا بعد الحق إلا الضلال.

وتذكر قول الله تعالى : (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).

وتذكر قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ ... ) الآية.

هذا إن كان عندك ذاكرة تسعفك بهذين النصين وغيرهما. تلك النصوص التي تغرس في نفس المؤمن الصادق خشية الله وتقواه ومراقبته وتغرس في نفسه احترام الإسلام وعقائده وأصوله ومناهجه وتغرس في نفسه الغيرة على الإسلام وعقائده ومناهجه فيدعو إليها ويذب عنها بكل ما يستطيع ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يغريه مال ولا جاه .

وتغرس في نفسه بغض الكفر والنفاق والبدع والمعاصي، فينكرها أشد الإنكار، ويحذر منها كما هو شأن الأنبياء والأتقياء، لا الأدعياء.

أولاً- قال مختار بعد العنوان السالف الذكر: (حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال)، وهو لا يحسم السجال عند الرجال بل يورث الخبال .

قال بعده: "الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد...

لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع،فهذا ما سنبحثه بتفصيل في هذا المقال، ونُقيم الأدلة على بطلان مذهب الشيخ ربيع النَّقدي في الرجال، و أنه سوء فهم كبير لمنهج أهل السنة".

أقول:

قولك: " لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع".

أقول:

1- اختلاف أهل السنة مع أبي الحسن المصري المأربي وعدنان عرعور وعلي حسن الحلبي ومن دار في فلكهم ليس مجرد اختلاف في رجال.

بل هو اختلاف في المناهج وفي الأصول.

وفي دفاعهم عن ضلالات وبدع كبرى وعن أهلها.

وفي فتن عاصفة تثيرها هذه العصابة بغياً وعدواناً على السنة وأهلها.

ولا يوجد اختلاف بين السلف الصالح في مثل هذه الدواهي والطامات.

فدع عنك التلبيس والمغالطات.

2- كان السلف الصالح على عِلم صحيح بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكان عندهم من الإخلاص لله والعبادة والزهد والورع والغيرة على دين الله ما يعرفه لهم أهل الفضل.

وكانوا على منهج واحد، وكانوا إذا بدع أحدهم شخصًا لا يهب آخرون لمعارضته وتكذيبه والطعن فيه، بل كان في غالب الأوقات يؤيده إخوانه في تبديع هذا المبتدع مائة في المائة، وفي أندر من النادر قد يخالفه أحد إخوانه من العلماء المعروفين بالتقوى والورع لشبهة تعرض له، بينما باقي الجماعة سوى هذا لا يجد منهم الناقد إلا التأييد والموقف الصحيح.

فلم نجدهم اختلفوا في جهم بن صفوان ومن سار على منهجه من الجهمية ولا في عمرو بن عبيد ومن سار على نهجه من المعتزلة، وقبل ذلك لم يختلفوا في معبد الجهني ومن تبعه من القدرية، وفي عهد الإمام أحمد لما تلكأ بعض العلماء في الصدع بالقول أن القرآن كلام الله والرد على من قال القرآن مخلوق هجرهم الإمام أحمد مع أنهم من أبرز أهل السنة والحديث ومع اعتذارهم بالخوف من بطش السلطان وسطوته لم ينبر أحد للإمام أحمد يحاربه ويؤلب عليه، ويؤصل الأصول المناهضة لمنهج السلف ومنهم الإمام أحمد.

ولما ألّف الإمام أحمد الرد على الجهمية، ونقدهم فيه النقد الشديد، بل كفرهم، لم ينبر فرد ولا جماعة يستنكرون على الإمام أحمد تأليف هذا الكتاب وشدة الجرح فيه .

ولم يقم أحد بتأصيل الأصول للدفاع عن الجهمية والمعتزلة مثل: "نصحح ولا نجرح" و"المنهج الواسع الأفيح"، ولو كان الجهمية هم الحكام، بل كل أهل السنة تلقوا هذا الكتاب بكل احترام.

ولما أَلَّف الإمام عثمان بن سعيد كتابيه: "الرد على الجهمية" وكتاب "النقض على بشر المريسي"، وتناول في الكتابين الجهمية وأتباعهم بالنقد والتكفير والطعون الشديدة تلقاه أهل السنة بالترحيب وبصدور رحبة إلى يومنا هذا ولم ينـزعج منه إلا الكوثري وأمثاله من سابقيه ولاحقيه ممن يعظم أهل البدع ويدافع عنهم، كما تفعل هذه العصابة الآن .

وكذلك لما ألّف عبد الله بن الإمام أحمد كتابه "السنة"، وتلاه الخلال بكتاب "السنة"، والبربهاري بـِ"شرح كتاب السنة"، والآجرى بكتاب "الشريعة" وابن بطة بـِ"الإبانتين الكبرى والصغرى"، واللالكائي بكتاب "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، والصابوني بكتاب "عقيدة السلف أصحاب الحديث"، وغيرهم وغيرهم ممن ألّف في بيان عقائد ومناهج أهل السنة وبيان عقائد ومناهج أهل الضلال وفيها مئات النصوص عن علماء السنة في الطعن على أهل البدع على اختلاف عقائدهم ومناهجهم.

لما ألّف هؤلاء العلماء هذه الكتب، لم يهب أفراد ولا جماعات لاستنكار هذه المؤلفات ورمي مؤلفيها بالغلو والشدة مع أنهم أشد على أهل البدع من ربيع وإخوانه بمراحل.

ولما بدَّع الإمام أحمد مثل الحارث المحاسبي والكرابيسي ويعقوب بن شيبة، وهم كانوا من أبرز أهل السنة والحديث؛ لأن بعضهم قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وبعضهم توقف، فلم يقل القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق، مع أنهم يقولون: القرآن كلام الله، فلم يهب لمعارضة الإمام أحمد مثل الحلبي وعرعور والمأربي ومن دار في فلكهم؛ لأن علماء زمانهم وطلاب العلم كانوا يحترمون السنة وأهلها، ويبغضون البدع وأهلها؛ ولأنهم أهل صدق وأمانة وأخلاق إسلامية.

فلا يجوز لك يا مختار أو يا محتار أن تحيد عن منهج السلف بما يخالف واقعهم ولا يجوز لك أن تشمر عن ساعد الجد في البحث عن الحالات النادرة الشاذة، ثم تخرج بها على الناس رافعاً عقيرتك بأن هذا هو منهج السلف كما فعلت في هذا المقال الظالم المظلم الذي تدافع فيه عن أهل الباطل وتشوه ما تزعم أنه منهج ربيع الذي يسير على منهج السلف، يؤيده واقعه وواقع كتبه، وأيده أهل السنة الشرفاء وعلماؤهم الكبراء .







أقوال العلماء في من يتتبع الشواذ من زلات أهل العلم

نقل الخلال بإسناده إلى إبراهيم بن أدهم ، قال : « من حمل شاذ العلماء حمل شرا كبيرا »([15]).

وقال سليمان التيمي : " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله "، قال أبو عمر ابن عبد البر : هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً "([16]).

وقال الأوزاعي : " من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام"([17]).

وعن ابن المبارك أخبرني المعتمر بن سليمان قال: "رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني لا تنشد الشعر، فقلت له: يا أبت كان الحسن ينشد، وكان ابن سيرين ينشد، فقال لي: أي بني، إن أخذت بشر ما في الحسن، وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله"([18]) .

وقال الإمام أحمد: "لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع (يعني الغناء) وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا"([19]) .

وروى البيهقي بإسناد صحيح عن إسماعيل القاضي أنه قال: "دخلت على المعتضد، فدفع إليَّ كتابا نظرت فيه، وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم لنفسه، فقلت له: يا أمير المؤمنين مصنف هذا الكتاب زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث، قلت: الأحاديث على ما رويت، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء، ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب"([20]).

وقال ابن الصلاح: " ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد"([21]).

وقال الشاطبي : " فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيه هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشارع وأخر ما قدمه"([22]).

على أن الشواذ التي تتبعها هذا الرجل وسردها خلال مقاله لا يصح تعلقه بها، إما لأنها لا تثبت عن من نسبت إليهم، أو أنه أساء فهمها، فخرج من الجميع بخفي حنين، هذا بالإضافة إلى ما يلحقه من اللوم في تتبعه للشواذ.

3- أقول : إن من منهج القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح وجوب بيان الحق ورد الباطل، وقد أخذ الله على عباده الميثاق أن يقوموا بهذا البيان قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) وفرض عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد تقدمت الآيات في ذلك، فإذا قام ربيع بهذا الواجب وشجعه علماء السنة بحق هب أمثال عدنان عرعور لمعارضة هذا الحق وذهب يؤلب الرعاع على من يقوم بهذا الواجب، ويؤصل الأصول لرد الحق والذب عن الباطل وأهله.

وهذا الباطل منه: الطعن في نبي الله موسى والطعن في الصحابة الكرام والقول بوحدة الوجود والحلول وتعطيل الصفات وو... إلى آخر الضلالات التي تضمنتها كتب سيد قطب وبينتها في عدد من كتبي مثل كتاب (أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره) ، وكتاب (مطاعن سيد قطب في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) و(العواصم مما في كتب سيد قطب من القواصم).

بدأ عدنان بالفتن والشغب منذ صدر كتاب (أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره)، وطلبت منه بحضور بعض الإخوة الاعتذار عن هذه الفتنة التي أثارها، فوعدني بالاعتذار ومكث يماطل، ويطلب منه غيري الاعتذار فيعدهم به، ثم لم نفاجأ إلا بضد ما كنَّا ننتظره منه.

1- وذلك أنه أصدر عدداً من المؤلفات يشيد فيها بسيد قطب ويقرنه بشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد الوهاب في بيان التوحيد ويشيد بأصول سيد قطب ومنهجه .

2- يشيد بسيد قطب ويدعي أنه ما أحد بيّن مثله قضايا المنهج .

3- أكثر جداً من النقول في كتبه عن سيد قطب وهو يعترف بذلك .

4- يشيد بمؤلفات سيد قطب.

ومنها: (في ظلال القرآن) الذي ملأه سيد قطب بالتكفير وحتى أنه يكفر بالجزيئة، وفيه تعطيل صفات الله وفيه القول بالحلول ووحدة الوجود وعقيدة الجبر، وغير ذلك من الضلالات.

ومنها: (خصائص التصور الإسلامي) وفيه قطعاً ضلالات، ومن مزاعم عدنان أنه رد فيه على الطوائف وهذا من كيس عدنان.

ومنها: كتاب (لماذا أعدموني) ويدّعي عدنان أن سيد قطب بيّن فيه المنهج.

وفي هذا الكتاب التربية على صنع المتفجرات، وفيه مؤامرة على نسف القناطر المصرية وبعض المؤسسات وفيه التربية على الاغتيالات.

وعدنان يشيد بهذا الكتاب وأن سيد قطب بيّن فيه المنهج الصحيح، وهذا منه في غاية المكر .

ومنها كتاب (معالم في الطريق) الذي يُكفر فيه المجتمعات الإسلامية لا من أجل فساد عقائدها ولكن من أجل أنها أعطت على زعمه الحكام حق التشريع.

ومعظم المجتمعات لا يريدون التشريعات الغربية التي يتبناها كثير من الحكام لأنها ترهقهم بالضرائب وكثير من التشريعات الباطلة .

وإشادة عدنان بسيد قطب وكتبه ومنهجه وأنه ما أحد وضح المنهج مثله غش للشباب السلفي ومحاولة ماكرة منه لربط الشباب السلفي بسيد قطب ومنهجه الضال الذي دمر كثيراً من الشباب وملأ أدمغتهم بالتكفير والإرهاب والتفجير .

وفي كتاباته طعن شديد في السلفيين، انظر (ص87) من (التيه والمخرج)، حيث قال:

"وأما أهل زماننا ... وما أدراك ما أهل زماننا!!

فترى معظم المسلمين - وربما يكون بعضهم من المشايخ والدعاة والمتدينين-سيماهم العبوس، وخُلُقُهم التكبر والاحتقار، وشيمتهم الفظاظة وسوء الخلق، وخليقتهم التعنُّت وسوء الظن.

ويا ويل من ابتسم في درسه! أو ألقى دعابة في حلقته! أو راجعه في حكم! أو ناقشه في فتوى وعلم! وكأن ديننا دين العبوس والتكبر على الخلق!!.

ولقد شهدت بعض المجالس التي يطرد منها الشاب اللطيف، لمجرد مراجعة أبداها، أو ابتسامة أظهرها، أو فكاهة ألقاها".

وهذا التشويه من أكذب الكذب والمقصود به السلفيون وعلماؤهم.

وكم له من الطوام.



ثانياً- قال مختار في (ص1) : "كلمة عن العداوة :

قد لا يفهم كثير من الناس أسباب العداوة بين العلماء وطلبة العلم المنتمين إلى نفس الاتجاه،ولا أثر هذه العداوات في سوق التزكيات بالمحاباة، و التجريحات الباطلة،وأن أكثرها نبع من العداوة سلبا أو إيجابا.

و الحقيقة هذه العداوة التي يسقُط بها عند أهل العلم: التجريح قبل التعديل لها سببان واضحان لمن رزقه له([23]) بصيرة، و خبر أحوال أهل العلم و مقالاتهم.

الأول: نقد مذهب الكبيرـ بحق أو بباطل ـ في قومه أو أتباعه نقدا يبطل مذهبه، فهذا جالب لعداوة شديدة لا تنضبط بضابط، ولا حد،وقد شاهدنا مثلها في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، و الشيخ محمد عبد الوهاب،و الشيخ الألباني، وقبلهم العداوة للإمام أحمد،وعداوة بعض المالكية المصريين للشافعي".



أقول: لقد حصر هذا الرجل أسباب العداوة بين العلماء وطلاب العلم في سببين وأسقط بهذين السببين أموراً مهمة، منها:

1- جهاد أهل الحق في نصرة دين الله وتطهيره من أقذار الأهواء التي ينسبها إليه أهل الأهواء.

وهذا الجهاد أثار عداوة وبغي عدنان والمأربي وأمثالهما على أهل السنة.

2- تزكيات علماء المنهج السلفي لمن هو أهل للتزكيات وجدير بها لأن أعماله تزكيه قبل تزكيات العلماء، وهذه التزكيات أثارت حقد وعداوة عدنان والمأربي والحلبي للشيخ ربيع في الدرجة الأولى ولإخوانه السلفيين.

ويريد هذا الرجل الذي استولى الهوى والحقد على عقله أن يسقط تزكيات علماء السنة وأئمتها وعلى رأسهم ابن باز والألباني وابن عثيمين للشيخ ربيع وإخوانه، وتزكيات كبار العلماء لا تسقط بتهويشات أهل الأهواء الحاقدين، ولو بلغوا في تعالمهم عنان السماء.

3- جرح علماء السنة لعدنان عرعور وأبي الحسن والمغراوي وأمثالهم بسبب ما عندهم من الضلال، وهذا أيضاً مما ضاعف عداوة وبغض هذه العصابة لأهل السنة.

ويريد هذا المحتار أن يضحك على الناس فيشبه أهل الباطل والفتن والشغب على أهل السنة بأئمة الإسلام كأحمد بن حنبل والشافعي وابن تيمية وابن عبد الوهاب والألباني وهذا من أكذب الأقيسة وأفسدها، فقياس من يحارب أهل السنة ويدافع عن البدع الكبرى وأهلها ويؤصل الأصول الباطلة لهذه الحرب الظالمة قياس هؤلاء على هؤلاء الجبال من أئمة السنة الذين جاهدوا وناضلوا وواجهوا الأهوال لرفع راية السنة وتنكيس أعلام ورايات البدع وأهلها وقمعها وقمعهم هذا من الجمع بين المتباينات أو المتضادات وكفى بصاحبه جهلاً وسفسطة ومغالطات .

ولو كان عند هذا الرجل أدنى حد من العدل والإنصاف لأدان هؤلاء الأقزام المتأكلين بدينهم ولنصر أصحاب الحق الذين بيّنوا أباطيلهم وضلالاتهم ولكن هيهات هيهات، وفي المثل: (إنك لا تجني من الشوك العنب) .

لقد نَصَّب هذا الطفيلي نفسه الجاهلة الظالمة في منصب أئمة الإسلام وأئمة الجرح والتعديل ليسقط جهاد أهل السنة ويسقط علماءهم وتزكياتهم، وهيهات هيهات فنقيق الضفادع وطنين الذباب لا يسقط الجبال ولا يهزها، ويصدق عليه المثل الآتي: (قالوا: إن بعوضة نامت على شجرة فلما أصبحت قالت للشجرة استمسكي إني أريد أن أطير، فقالت لها الشجرة أنا لم أشعر بك حين وقعت عليّ فكيف أشعر بطيرانك).

هذا مثل يضرب به للتافهين حينما يريدون أن يصولوا على الرجال الأقوياء الشرفاء.

ثالثاً- قال مختار في (ص1-2):

"قال الرازي ـ رحمه الله ـ في ( المحصول)( (114/5)):

(( وأيضا فإن الرجل العظيم إذا أختار مذهبا فلو أن غيره أبطل ذلك المذهب عليه فإنه يشق عليه غاية المشقة، ويصير ذلك سببا للعداوة الشديدة )).

فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، و للشيخ أبي الحارث الحلبي، و كذلك للشيخ المغراوي، و لعدنان عرور - أحسن الله إليهم جميعا- هي من هذا باب([24])،ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم.

وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم([25]) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم.

الثاني: كل رجل يدعو في بلده إلى اتّباع الدليل ،و ينابذ المذهبية الباطلة في أصحابه وجماعته بانتقاد شيوخ الجماعة يلقى عداوة عظيمة، بحيث يبغضه المنتمون إلى جماعته أكثر من بغضهم للجهمية و الرافضة، وربما الكفار".







أقول: استشهد بكلام الرازي ليوهم الناس أن العداوة بظلم وبغي إنما هي من ربيع حيث قال:

"فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، وللشيخ أبي الحارث الحلبي، وكذلك للشيخ المغراوي، ولعدنان عرور -أحسن الله إليهم جميعا- هي من هذا باب([26])، ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة وأهل العلم.

وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم([27]) بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم".

أقول: هكذا يصور هذا الغاوي الشيخ ربيعاً ظالماً معادياً لمن سماهم سابقاً، وهم عنده أهل الحق الأتقياء الأبرياء، الذين رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد.

ولم يضرب لنا الأمثلة لهذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد .

أما أنا فسأعطي نموذجاً موجزاً عن ظلم وبغي عدنان عرعور والمغراوي وأبي الحسن والحلبي، الأمور التي تدل على بغيهم وعداوتهم وعدوانهم وزيف سلفيتهم وضلال منهجهم وبعدهم عن المنهج السلفي الشريف.

وأن ربيعاً وإخوانه إنما جرحوهم بحق وعدل، هذا مع العلم أن ربيعاً وإخوانه طال انتظارهم على مدى سنوات فيئة هؤلاء ورجوعهم إلى جادة الحق والصواب، لكن مع الأسف كانوا لا يزدادون على مر الأيام والسنين إلا تمادياً في الباطل وتمرداً على الحق وأهله.

نموذج موجز عن عدنان عرعور وفتنته وفتنة مشجعه الحلبي

أولاً- جاءت ثورة عدنان عرعور على المنهج السلفي وأهله، ولتمجيد سيد قطب الطاعن في نبي الله موسى والطاعن في أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ولمدح منهجه ومؤلفاته التكفيرية والمتضمنة للاشتراكية والحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله والقول بأزلية الروح والدندنة حول إنكار معجزات الرسول -صلى الله عليه وسلم- غير القرآن إلى ضلالات أخرى.

وإلى جانب هذا يؤصل أصولاً لحماية أهل البدع ولضرب أصول أهل السنة.

وإليكم بعض هذه الأصول مع إبطال العلامة ابن عثيمين لها.

قال السائل لابن عثيمين:

1ـ ما قيل في أخطاء أهل البدع: " نصحح ولا نجرّح ".

فأجاب الشيخ -حفظه الله-: هذا غلط بل نجرّح من عاند الحق.

2- " من حَكَمَ حُكِمَ عليه ".

فأجاب - حفظه الله: هذه قواعد مداهنة.

3- " لا علاقة للنية بالعمل لا من قريب ولا من بعيد ".

فأجاب -حفظه الله-: هذا كذب، لقول النبي r: (إنما الأعمال بالنيات).

4- " يشترط بعض الناس في جرح أهل البدع وغيرهم أن يثبت الجرح بأدلة قطعية الثبوت ".

فأجاب -حفظه الله-: هذا ليس بصحيح.

5- " يشترط بعضهم في من يسمع من شخص خطأ أو وقف على أخطاء في كتاب أن يستفصل أو ينصح قبل أن يحكم، وقبل أن يبين هذه الأخطاء، وقال: من خالف هذا فقد اتصف بصفة من صفات المنافقين ".

فأجاب -حفظه الله-: هذا غلط.

6- " أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم ".

فأجاب -حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي.

قال السائل: حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟

فأجاب -حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!!

انتهى كلامه حفظه الله([28]).

ومن ثمار هذه الثورة والتأصيل ما يأتي:

1- السلفية أمر نسبي.

2- الطوائف كلها وحدة لا تتجزأ.

قال عدنان في إحدى محاضراته:

« إن السلفية أمر نسبي 90%، 70 %، 60 %، 50 %، 15%، 1% ».

أقول أنا ربيع: كيف تعرف هذه النسب وكلها أو جلها أمور غيبية لا يعلمها إلا الله.

فمَن مِن الفرق كلها على ضلالها أفرادا وجماعات لا يكون سلفيا على تأصيل عدنان؟

ومن هنا يرى عدنان أن الخلافات بين الجماعات الإسلامية ليست في العقيدة ولا في المنهج، ولو رأينا ذلك لأخرجناهم من الإسلام.

ومن عجائب عدنان أنه يرى أن فرق الضلال كلها من الطائفة المنصورة.

فقد سئل: " هل الطائفة المنصورة هي جماعة بعينها أو أفراد ملتزمون بمواصفات الجماعة في أوساط الناس والجماعات؟ وهل أنا محاسب على اتباع الجماعة أم الالتزام بشرع الله؟ وهل إذا كنت فعلا مع جماعة تنطبق عليها الجماعة المنصورة سيكون ذلك شفيعا لي عند الله؟ ".

فأجاب: « هذا سؤال من أهم الأسئلة ووددت لو أني خرجت منه، لقاعدتي أو للقاعدة التي قلناها: " إذا حاكمت حوكمت وإذا دعوت أجرت "، الأصل في هذه الطائفة أن تكون جماعة متجمعة، والواجب على المسلمين جميعاً أن يكونوا معها، بل لا أقول: أن يكونوا معها، لأنهم منها، لا أقول معها، وأنا أراجع كلامي، لا أقول: يجب أن يكونوا مع الطائفة المنصورة، لأنهم ولدوا فيها، أقول: لا تخرجوا منها »([29]).

فهو يجاري أهل البدع الغليظة الذين لا يرفعون رأسا بحديث: ( افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ).

أيا عدنان حتى الجهمية والروافض والخوارج وصوفية القبور والحلول ووحدة الوجود من الطائفة المنصورة؟!!

فترى أن عدنان قد وسع دائرة الطائفة المنصورة ليدخل فيها كل الفِرَق بحيث لا تخرج منها أي فرقة، وهذا من تطبيق المنهج الواسع الأفيح.

فما كان من علماء المنهج السلفي وطلاب العلم إلا التصدي لثورة عدنان ومنهجه وتأصيلاته بالإدانة وبيان ضلالاته وإبطال أصوله ومكره، فأسقطهم عدنان وسخر منهم، ومن سخرياته بهم قوله: إنهم شعب الله المختار الذين ولدوا من دبر آدم، أي يشبههم باليهود، ويقول عنهم: إنهم ولدوا..الخ، هذا بالإضافة إلى الطعن في أخلاقهم.

فشكل الحلبي جبهة معارضة لأهل السنة يقاومهم ويحمي عدنان وأصوله ومنهجه الباطل بأسلوب ماكر مميع لا يلحق فيه، ينصر به الباطل والضلال، ويخذل به الحق وأهله، بل يحاربهم به.

نموذج موجز عن فتنة المغراوي ومشجعه الحلبي

ثانياً- وجاء المغراوي يهذي بالتكفير في محاضراته ودروسه في التفسير وغيره بأسلوب لا يجرؤ عليه غلاة التكفير.

ورمى الأمة بأنهم عباد أصنام وعباد عجول ومنافقون عن بكرة أبيهم، وأُلِّفت ثلاثة كتب موثقة في بيان منهجه التكفيري الأهوج الذي لا زمام له ولا خطام.

ونصحه العلماء بالرجوع عن هذا المذهب التدميري، فما كان منه إلا العناد والمكابرة وإنكار الحقائق الواضحة كالشمس.

ثم الكر على العلماء بالطعن والإسقاط ورمي من ينكر منكراته من السلفيين بالردة والزندقة.

يسانده في هذا الظلم والبغي علي حسن الحلبي وحزبه وعدنان عرعور وأبو الحسن المأربي.

وهذا من العجائب، والعجب الأشد من الحلبي الذي يحارب التكفير كيف ينصر أشد الناس تكفيراً لا بد من وجود أسرار وراء الكواليس.



نموذج موجز عن فتنة أبي الحسن ومشجعه الحلبي

ثالثاً- جاءت ثورة أبي الحسن على المنهج السلفي وأهله على طريقة عدنان عرعور، وتتضمن نفس أهداف عدنان.

حرب على المنهج السلفي وأهله، ودفاع مستميت عن سيد قطب وعن أهل البدع الكبرى، مع زيادة أصول تهدم المنهج السلفي، وتلمع أهل البدع، وتحميهم، وتذب عنهم، وتجعلهم من أهل السنة مع أنهم خليط من جماعات تضم الروافض والخوارج وغلاة الصوفية من أهل وحدة الوجود والحلول والشركيات.

في الوقت الذي يرمي فيه أهل السنة بأنهم الغلاة وأهل الشذوذ وأنهم غثاء وأراذل وأقزام بل وخوارج..الخ

ومن أصوله الكثيرة:

1- "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها"، ولكنه لا يسع السلفيين وعلماءهم.

2- "نصحح ولا نهدم"، أي لا يجوز مس أهل البدع ولا التحذير منهم؛ لأن ذلك هدم .

وله أصول أخرى لمعارضة أصول أهل السنة وللدفاع عن أهل البدع.

وقد ألّفتُ في بيان فساد منهجه وأصوله مؤلفات، ومن تلك المؤلفات "أبو الحسن يدافع بالباطل والعدوان عن الإخوان ودعاة حرية ووحدة الأديان".

فما هو موقف الحلبي من هذا المنهج الباطل الهدام، وهذه الأصول الهدامة والحرب المدمرة على أهل السنة؟

إنه الاستمرار في مقاومة أهل السنة ومعارضاتهم والدفاع عن أبي الحسن وعدنان بأساليب ومراوغات وحيل ماكرة ينصر بها الباطل وأهله ويخذل الحق وأهله.

ألا يدل هذا على الرضا عنهم وعن مناهجهم وبغيهم وعدوانهم على أهل السنة والحق؟

نموذج موجز عن فتنة علي الحلبي بعد فتنه السابقة

رابعاً- وجاءت ثورة الحلبي امتداداً لسلسلة هذه الثورات على المنهج السلفي، إضافة إلى مساندته القوية للثورات السابقة.

فأصدر شريطاً ملأه بالهذيان بالباطل، ومن أباطيله العجيبة قوله في هذا الشريط:

إن الجرح والتعديل ليس له أدلة من الكتاب والسنة.

ثم ألّف كتاباً سماه "منهج السلف الصالح"، وليس كذلك، شحنه بالأباطيل والتمويهات، لا أستثني إلا ما ابتزه من كلامي وبعض الكلام لغيري ليسخره لنصرة أباطيله، وصدرت ردود على ما حواه هذا الكتاب من عدد من السلفيين الصادقين الثابتين على الحق، دمغوا في ردودهم هذه أباطيله وتمويهاته وتأصيلاته الباطلة، ومنها:

تلاعبه بالجرح المفسر ومخالفته فيه لمنهج السلف.

ومنها: دعواه الباطلة أنه لا يبدع الشخص إلا إذا تم الإجماع على تبديعه.

ولم يتراجع عن شيء من أصوله الباطلة وانحرافاته الواضحة.

ويرمي السلفيين بالغلو مع غمز ولمز وشتائم سوقية.

ورد عليه أحد السلفيين بكتاب بيّن فيه جهل الحلبي وتمويهاته فلم يتراجع.

وأخيرا يفضحه الله بمدحه لرسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان ومؤاخاة وموادة أهل الأديان ومساواة الأديان، وإسقاط جهاد الطلب، ودعوة الدول كلها إلى تطبيق وتنفيذ قوانين الأمم المتحدة، فهبّ يدافع عن نفسه وعنها بالأباطيل والتمويهات ويمدح مضامينها، ويرمي من انتقدها بالغلو، وبأن دعاواهم على مضامين هذه الرسالة كفرية وتكفيرية .

وكان قد سبقه حزبه إلى الدفاع عن هذه الرسالة ومَدْحِها بل وشَرْحِها، ووصْفِها بالمباركة، والطعن فيمن ينتقدها نصحاً للإسلام والمسلمين، ورميهم بأنهم غلاة وخوارج .

والحلبي يؤيدهم ويمدحهم، ويمدح كتاباتهم، ويرى أنها حق وأن مخالفيهم على باطل .

هذه صورة مصغرة جداً من بوائق الحلبي الظاهرة فضلاً عن الخفية .

ومع ذلك يتساءل حزبه عن أسباب تبديع الحلبي ويقول : إن هذا التبديع مجمل، فيا له من عمى (إِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [سورة الحج : 46].

الحق شمس والعيون نواظر لكنها تخفى على العميان



وقول المحتار عن حزبه: " ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم.

وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم".

أقول: لم يعين لنا بعض الدعاة وأهل العلم الذين صب عليهم ربيع هذه التجريحات الباطلة أو الزائدة عن الحد .

وأنا أعيِّن له هؤلاء الدعاة وأهل العلم الذين تهرب من ذكرهم ، والذين هب للدفاع عنهم: عدنان عرعور وأبو الحسن، ويشجعهما علي حسن الحلبي:

1- سيد قطب الذي سخر من نبي الله موسى مرات، وطعن في عثمان والصحابة والتابعين في عهده وعهد عَلِي وحكم على الجيل في عهد علي ومعاوية بالردة وقال بالحلول ووحدة الوجود وتعطيل صفات الله تعالى ونادى بالاشتراكية الغالية، وكفر الأمة الإسلامية من فجر تأريخها إلى عهده وزعم أن نصوص القرآن تشتمل على الموسيقى والمسرحيات والتمثيليات إلى ضلالات أخرى، ومعروف أن التمثيليات لا تقوم إلا على الكذب .

فناقشه ربيع مناقشات علمية أيدها علماء المنهج السلفي واغتاظ من هذه المناقشات أهل البدع وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، واغتاظ عدنان أشد منهم، فهب للدفاع عن سيد قطب وتمجيده وتمجيد منهجه ومؤلفاته.

2- من هؤلاء الدعاة عبد الرحمن عبد الخالق الإخواني المحترق الذي طعن في علماء المنهج السلفي أخبث أنواع الطعن وشوههم وأسقطهم وطعن في سلفيتهم وقال : إنها سلفية تقليدية لا تساوي شيئاً وكان يمدح الجماعات الحزبية ويطريهم، ولا سيما الذين يدرسون منهم في الغرب.

هذا وكنت أنا بحكم زمالتي له أناصحه في انحرافاته على امتداد اثني عشر عاماً كتابة ومشافهة في لقاءاتي له فما كان منه إلا التمادي في باطله وبعد هذه المناصحات الطويلة وبعد تماديه في الباطل ناقشت أباطيله في كتابين، أحدهما "جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات" لأن من انحرافاته دعوته إلى تعدد الحزبيات، فردَّ عليَّ بالباطل، فرددتُ باطله في كتاب ثان سمتيه (النصر العزيز)، وأيَّد كتابيّ هذين علماء السنة، وأغاظ أهل البدع، والظاهر أن منهم عدنان عرعور وأبا الحسن والمغراوي بحكم ارتباطهم بجمعية التراث التي ربّى أفرادها وقادتها عبد الرحمن عبد الخالق، وهذه الجمعية وفروعها من أقوى الممولين والمستخدمين لعدنان والمغراوي وأبي الحسن وأهل مركز الألباني وعلى رأسهم علي الحلبي.

3- ومن هؤلاء الدعاة محمد قطب وسفر وسلمان فرد عليَّ سلمان ردا موجزًا ومؤدبًا، ولم يرد عليَّ سفر ومحمد قطب لأنهما يريان أن سكوتهما أفضل لهما من الرد بالباطل والمكابرة كما يفعل عدنان والمغراوي وأبو الحسن وعلي حسن.

بل هؤلاء هم يبدؤون بالحروب والفتن والشغب في مقابل صبر ربيع عليهم ومناصحته الطويلة لهم على امتداد سنين.

والآن نضيف ونبين بحق بعض أسباب عداوة هذه الزمرة لربيع والسلفيين السائرين على منهج السلف الصالح في مواجهة أهل الباطل والبدع.

1- لقد ضاقت هذه الزمرة ذرعًا بالمنهج السلفي وأهله ولاسيما مواجهة البدع وأهلها.

2- البغي والحقد والاستكبار على المنهج السلفي وأهله.

3- أنهم أهل مطامع دنيوية ولهث قوي على جمع الأموال وهم لا يجدون من يحقق لهم رغباتهم الجامحة ومطامعهم إلا خصوم المنهج السلفي وأهله فانحازوا إليهم والتصقوا بهم فجندهم هؤلاء الخصوم لحرب المنهج السلفي وأهله لاسيما والمنهج السلفي لا يقبل المتأكلين بدينهم عباد الدينار والدرهم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً.

4- قادتهم هذه المطامع الدنيوية والضيق بالمنهج السلفي وأهله والأمراض الأخرى إلى وضع أصول فاجرة لمقاومة المنهج السلفي وإسقاط علمائه الذين ينتقدون أهل البدع ويبينون ضلالاتهم وخطر بدعهم ومن هذه الأصول التي تحقق أهدافهم (نصحح ولا نهدم أو لا نجرح) و(المنهج الواسع الأفيح) و(إذا حكمت حوكمت) وغيرها. و(لا يقبل التبديع إلا إذا أجمع العلماء عليه).

وقصدهم أنه إذا اتفق أهل السنة على تبديع شخص ما بالحجج والبراهين وخالفتهم هذه الزمرة أو واحد منهم لا يقبل هذا التبديع الذي خالف فيه هؤلاء أو أحدهم.

لأن أصولهم ولاسيما المنهج الواسع الأفيح يأبى هذا التبديع، وشرعوا في تطبيق هذه الأصول وإسقاط العلماء وأصولهم السلفية.

شرعوا في تطبيق هذه الأصول الباطلة بكل جرأة ووقاحة مع دعاواهم العريضة أنهم هم السلفيون حقا وأنهم أهل العدل والإنصاف.

ومن هذا المنطلق ومن هذه الأصول دافع عدنان والمأربي عن سيد قطب وعن جماعة الإخوان المسلمين الجامعة لفرق الضلال بما فيهم الروافض، ويشجعهما علي الحلبي ويتعصب لهما.

ويضيف المأربي الدفاع عن جماعة التبليغ الجامعة لعدد من الطرق التي تشتمل على وحدة الوجود والشرك والضلال، واعتبر هاتين الطائفتين من أهل السنة، والحلبي والباقون يشجعونه، ثم تمادوا في باطلهم حتى وصل بهم الأمر إلى الدفاع عن أهل وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان...الخ

5- لشدة عداوة هذه الزمرة وفساد فطرها وما قام بها من الحسد الشيطاني والكبر الشيطاني بدؤوا ربيعا وإخوانه بالحرب الظالمة المحاربة للحق وأهله والمدافعة عن الضلال والباطل وأهلهما، مع صبر ربيع ومناصحته لكل واحد منهم سنوات ولاسيما الحلبي الذي صبر عليه ربيع وإخوانه حوالي عشر سنوات، يدعم الحلبي فيها هذه الزمرة ويرى أنها زمرة سلفية مهما ارتكبوا من الكذب والفجور مهما ارتكبوا من الضلالات ومهما دافعوا عن أهل الباطل.

ولما جاءت نوبته قام بهجوم كاسح على أصول المنهج السلفي في الجرح والتعديل وعلى ربيع ودبج مقالات ظالمة فتح لها ولأنصاره موقعًا، همه الأول والأخير الحرب على ربيع وإخوانه والدفاع عن أباطيل علي حسن والدفاع عن رسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة أهل الأديان وموادة أهل الأديان وإسقاط جهاد الطلب والدعوة إلى إلزام الدول بقوانين الأمم المتحدة.

بل هذه الرسالة مدحها علي الحلبي وبالغ في مدحها وزعم أنها شارحة للإسلام وتمثل وسطية الإسلام.

ولم يقف عند هذا الحد بل مدح من أيدها من الروافض والخوارج والصوفية وادعى أنهم علماء ثقات.

ومدح من يدافع عنها من أنصاره ومدح هذا الدفاع القائم على الكذب والغش وتمجيد أضل الضلال.

ومع هذه الطوام والفواقر المدمرة يُعيّر الطيباوي أهل السنة بأنهم يبغضون هذه الزمرة ونسي ظلمها وبغضها وعداوتها لأهل الحق والسنة وولاءها لأهل البدع الكبرى وذبها عنها وعنهم.



كتبه

الشيخ ربيع بن هادي المدخلي

22/2/1432هـ

[1] - أخرجه مسلم حديث (55)، وأحمد (4/102)، وأبو داود حديث (4944).

[2] - أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (1/5)، وأبو داود في "سننه" حديث (4338) وابن ماجه في "سننه" في الفتن حديث(4005)، وأخرجه غيرهم من الأئمة.

[3] - أخرجه البخاري في "صحيحه"، في الشهادات حديث (2686)، والإمام أحمد في "مسنده" ( 4/ 268، 269)، والترمذي في "الفتن" حديث (2173)، وابن حبان كما في "الإحسان" (297، 298).



[4] - "مجموع الفتاوى" (28/231-232).

[5] - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (34) ومسلم في "الإيمان"، رقم (58).

[6] - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الإيمان" باب (علامة المنافق) رقم (33) ومسلم في "الإيمان"، رقم (59).

[7] - أخرجه مسلم في كتاب "الإيمان" باب (خصال المنافق) رقم (59).

[8] - أخرجه البخاري في كتاب "الفتن"، باب (إذا قال عند قوم شيئًا ثم خرج فقال بخلافه) رقم (7113) وأبو داود الطيالسي في "مسنده" حديث (410) والبيهقي في السنن الكبرى حديث (17299).

[9] - وهؤلاء لا نشك أن فيهم خصال المنافقين، ومع ذلك لا نكفرهم، مع أنه قد يكون فيهم من هو منافق خالص.

[10] - "الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة" (ص309).

[11] - كما يفعل اليوم دعاة حرية الأديان وأخوة الأديان ووحدة الأديان وأنصارهم .

ومن يثني عليهم ويذب عن ضلالاتهم من أدعياء العلم قد يلحقون بهم كما يفيده كلام شيخ الإسلام بل هو نص عليه.

[12] - "مجموع الفتاوى" (2/132-133).

[13] - أخرجه البخاري حديث (7320)، ومسلم حديث (2669).

[14] - أخرجه أحمد (4/102)، وأبو داود في "سننه" حديث (4597).

[15] - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر الخلال (1/210).

[16] - "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (2/ 92) ، و"الإحكام" لابن حزم (6 / 317) ، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (6/ 198)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (3/ 32) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 /151)، و"تهذيب الكمال" (12 / 11) ، و"إعلام الموقعين" (3/285) .

[17] - "سنن البيهقي الكبرى" رقم ( 20707 ) (10 / 211) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/ 180)، و"تأريخ الإسلام" للذهبي (9/491)، (7 / 125) ، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص454).

[18] - "الموافقات" للشاطبي (4/169).

[19] - "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لأبي بكر بن الخلال رقم ( 171 )، (ص 206) ، و"إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" للشوكاني (ص 161) ، و"عون المعبود" (13 / 187).

[20] - "السنن الكبرى" (10/211).

[21] - ""فتاوى ابن الصلاح" (2/500) ونقله عنه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/247).

[22] - "الموافقات" للشاطبي (2 / 386 – 387) .

[23] - كذا، وقصده: لمن رزقه الله بصيرة.

[24] - كذا، يريد: من هذا الباب.

[25] - هكذا.

[26] - كذا، يريد: من هذا الباب.

[27] - هكذا!

([28]) مفرّغ من شريط مسجل بصوته.

([29]) شريط الطائفة المنصورة ( رقم 2 ).

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:36
حفظ الله حامل راية الجرح والتعديل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
بارك الله فيكم

لزهر الصادق
2013-02-03, 23:58
والملاحظ على المقال أنه مشوش جدا ولم يرتب جيدا

ولا مانع من إطلالة لمعرفة المقال المردود عليه

حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال

وبعد القراءة المتأنية ومقارنة المقال والرد على المقال نعرف من هو صاحب الحق ؟؟

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:00
بسم الله الرحمان الرحيم

حسم السِّجال حول مذهب الشِّيخ ربيع في الرِّجال


الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد....
لقد اختلفت أحكام العلماء في الرجال قديما وحديثا، و لم نسمع عنهم أنهم بدَّعوا بعضهم البعض، أو امتحنوا بعضهم البعض كما فعل الشيخ ربيع،فهذا ما سنبحثه بتفصيل في هذا المقال،و نُقيم الأدلة على بطلان مذهب الشيخ ربيع النَّقدي في الرجال، و أنه سوء فهم كبير لمنهج أهل السنة.
كلمة عن العداوة:
قد لا يفهم كثير من الناس أسباب العداوة بين العلماء و طلبة العلم المنتمين إلى نفس الاتجاه،ولا أثر هذه العداوات في سوق التزكيات بالمحاباة، و التجريحات الباطلة،و أن أكثرها نبع من العداوة سلبا أو إيجابا.
و الحقيقة هذه العداوة التي يسقُط بها عند أهل العلم: التجريح قبل التعديل لها سببان واضحان لمن رزقه له بصيرة، و خبر أحوال أهل العلم و مقالاتهم.
الأول: نقد مذهب الكبيرـ بحق أو بباطل ـ في قومه أو أتباعه نقدا يبطل مذهبه، فهذا جالب لعداوة شديدة لا تنضبط بضابط، ولا حد،وقد شاهدنا مثلها في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية، و الشيخ محمد عبد الوهاب،و الشيخ الألباني، وقبلهم العداوة للإمام أحمد ،و عداوة بعض المالكية المصريين للشافعي.
قال الرازي ـ رحمه الله ـ في ( المحصول)( (114/5))( وأيضا فإن الرجل العظيم إذا أختار مذهبا فلو أن غيره أبطل ذلك المذهب عليه فإنه يشق عليه غاية المشقة، ويصير ذلك سببا للعداوة الشديدة )).

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:04
فعداوة الشيخ ربيع للشيخ أبي الحسن المأربي، و للشيخ أبي الحارث الحلبي، و كذلك للشيخ المغراوي، و لعدنان عرور ـ أحسن الله إليهم جميعا ـ هي من هذا باب،ذلك أنهم رفضوا تجريحاته الباطلة أو الزائدة عن الحد لبعض الدعاة و أهل العلم.
وعداوته لبعضهم لها حالة خاصة عنده، لأنهم بادر بالممانعة و النقد فعداوة الشيخ ربيع لهم أعظم.
الثاني: كل رجل يدعو في بلده إلى اتّباع الدليل ،و ينابذ المذهبية الباطلة في أصحابه و جماعته بانتقاد شيوخ الجماعة يلقى عداوة عظيمة، بحيث يبغضه المنتمون إلى جماعته أكثر من بغضهم للجهمية و الرافضة، وربما الكفار.
وقد أوضح الشيخ صالح الفلاني هذا الأمر بصورة واضحة و جلية في كتابه (إيقاظ همم أولي الأبصار للإقتداء بسيد المهاجرين والأنصار)(1/28) حيث قال:
وكل واحد منهم مقموع محسود يبغضه جميع من في بلده من المتفقهين، وغالب من فيه من العوام والمتسمين بسيم الصالحين، وموجب العداوة والحسد: تمسكهم بالكتاب، وسنة إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، ورفضهم كلام الطائفة العصبية والمقلدين.)).
ثم ضرب أمثلة، و قال: ((فترى كل واحد منهم يعظم إمامه المجتهد تعظيما لا يبلغ به أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا وجد حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم ،وإن وجد حديثا صحيحا سالما من النسخ والمعارض مؤيدا لمذهب غير إمامه فتح له باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح، وأن شرح كتابا من كتب الحديث حرف كل حديث خالف رأيه الحديث وإن عجز عن ذلك كله ادعى النسخ بلا دليل، أو الخصوصية، أو عدم العمل به أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل، وإن عجز عن ذلك كله ادعى أن إمامه اطلع على كل مروي أو جله فما ترك هذا الحديث الشريف إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف، فيتخذ علماء مذهبه أربابا، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبوابا، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صوابا، وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوا، ولو كانوا قبل ذلك أحبابا. ((مما قاله أبو السمح: فلقد طفت من أقصى المغرب، ومن أقصى السودان إلى الحرمين الشريفين فلم ألق أحدا يسأل عن نازلة فيرجع إلى كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين، وآثار الصحابة والتابعين إلا ثلاثة رجال،

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:05
وإن وجد كتابا من كتب مذهب إمامه المشهورة قد تضمن نصحه، وذم الرأي والتقليد، وحرض على اتّباع الأحاديث المشهورة نبذه وراء ظهره، وأعرض عن نهيه وأمره، واعتقده حجرا محجورا، وجعل مختصرات المتأخرين سعيا مشكورا لتركهم الدليل، وتعصبهم للتقليد، واعتقادهم أنه الرأي السديد.
وشاهد ذلك كله أن تتأمل مذهب مالك فترى كتب علمائهم المتقدمين قد ملئت بالأدلة ،وحشيت بذم المقلدين، كـ (المبسوط) للقاضي إسماعيل، و(المجموعة) لابن عبدوس، و(التمهيد) لابن عبد البر، و(الطراز) لسند بن عنان.
وقد نبذها المتأخرون وراء ظهورهم، وأقبلوا كل الإقبال على ما ابتدعه المتأخرون من حذف الدليل في مختصراتهم، وأولعوا بالتقليد بلا دليل لاعتقادهم أن الاشتغال به عناء وتطويل، إنا لله وإنا إليه راجعون)).
قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدا في باطنهم ،وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي ،بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: ((الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية))،و الحديث قياس.
وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية و المسالك المذهبية.
ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول و العتيبي و الظفيري و بعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، و إن سمّوا زورا طلبة علم.
وعندما ننظر بعين العلم و العدل نجد أكثر تجريحات الشيخ ربيع قائمة في حقيقتها على العداوة لمخالفيه، وكذلك تزكياته جلّها ناجمة عن العصبية أو الحمية،ولا علاقة لها بأصول التعديل،كما بيّنته في مقال خاص[ـ يبدو أن هذا المقال قد هيّج القوم،فقد قام نائمهم ونام قائمهم، و بين النوم و القيام تجري الأيام،أصلح الله حالهم، وبدل جهلهم علما، وردهم إلى الصواب بلطف وحكمة إنه لطيف خبير.]
قال السَّرَخْسِيُّ في (أصوله)(2/11): (( وأما الطعن المفسر بما يكون موجبا للجرح، فإن حصل ممن هو معروف بالتعصب أو متهم به لظهور سبب باعث له على العداوة، فإنه لا يوجب الجرح، وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة، وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة)).
وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحا مفسرا أو مشروحا بمئات المجلدات، و أقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، و قد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة و أقبلوا على الكذب و الإشاعة و تشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم و آبائهم ،فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، و قولهم في شعرة لا يسوى بعرة!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:08
الموضوع:

تناقض العلماء:

من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طرد الأصول، أو عن الوهم و النسيان،أوعن التزام القواعد العلمية الباطلة.
و التناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين، ومع ذلك فهو أيسر على أهل العلم من مخالفة الضرورة، والتناقض قد يكون سائغا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض، ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل و البغي، و شدة العداوة.
وممن لا يعقل نظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير.
ومعلوم أنه لا يوجد بشر غير نبي يسلم من التناقض، و لذلك كان دفع التناقض عن الشرع ضرورة بالنسبة لأهل العلم، بخلاف تناقض أهل العلم فإننا لسنا ملزمين بدفعه ،و إن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية.
ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض و الفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، و لذلك استحال دفعه عنه ـ عند حاشيته ـ إلا بالكذب، و إنكار الحقائق الثابتة .
وإن كان التناقض اختلاف القضيتين بالسلب والإيجاب على وجه يلزم من صدق أحدهما كذب الأخرى، وإن العكس جعل الموضوع محمولا والمحمول موضوعا مع بقاء الصدق، كيف نعمل مع مذهب الشيخ ربيع في الموازنة ،و الجرح المفسر فإنه من أشد أنواع التناقض؟!
فالشيخ ربيع أولا لا يعرف ما هو التناقض و التضاد، و لذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرا، فمثلا عندما قال في شريط (ندوة وقفات في المنهج):
((وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أننا نحب أهل البدع، يعني نحب منهم على قدر ما فيهم من الخير، ونكرههم بقدر ما فيهم من الشر، هذا الكلام لشيخ الإسلام رحمه الله، وجدنا في كلام السلف ما يخالفه، فقد نقل البغوي ـ رحمه الله ـ أن السلف اتفقوا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع وهجرانهم ومنابذتهم، عرفتم هذا، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحاً في وجه من يدعوا إلى السنة...)).
فالشيخ ربيع بغض النظر عن عدم تحريره النقل عن ابن تيمية، فضلا عن فهم كلامه،و نقله ما لم يقله البغوي كما ستجده في المقال القادم عن الموازنة مشكلته في التناقض .
المقصود أنّ الشّيخ ربيعا ـ أحسن الله إليه ـ لم يفهم أنّ التّقابل هو امتناع اجتماع الأمرين في موضوع واحد، من جهة واحدة، وأنه أنواع:تقابل الضدين، و تقابل النقيضين، و تقابل المتضايفين.
و تعارض الضدين هو: امتناع اجتماع صفتين من جنس واحد، في موصوف واحد مع جواز ارتفاعهما معا، فالضدان لا يجتمعان، وقد يرتفعان، مثل: البياض و السواد.
و التناقض هو: إثبات صفة لموصوف، و نفيها عنه في نفس الوقت، ومن نفس الجهة، بحيث لا تجتمع هاتان الصفتان معا في الموصوف، ولا ترتفعان عنه معا، فالحب و البغض ليس من هذا النوع، لأنهما يتبعضان، و يتفاضلان.
كما قال النبي صلى الله عليه و سلم ( لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِىَ آخَرَ)) .مسلم (2/091)، وأحمد (2/329)،وغيرهما.
و لكن الممتنع أن تحب و تبغض الصفة الواحدة ، لا الصفات المتعددة، إلا باعتبار الإضافة ، و ليست حسنا أو قبحا في ذاتها، كالشيب فمحبوب من وجه مبغوض من وجه، محبوب من جهة كونه علامة على حكمة السن، و نورا للمؤمن ومبغوض من جهة دلالته على العجز و الشيخوخة، فالشاب يبغضه من جهة و يحبه من جهة أخرى،وكذلك الشيخ يحبه من جهة، ويبغضه من جهة أخرى.
فإذا كان البغض و الحب يتبعضان فلا إشكال في كلام ابن تيمية، لأنه يتكلم عن الأمر النسبي و ليس المطلق ، فلا يكون الحب مطلقا إلا للمؤمن الكامل، و لا يكون البغض كاملا إلا للكافر.
أما المبتدع المسلم فقد خلط عملا صالحا بآخر فاسد فكيف نبغضه كله كما نبغض الكافر، هذا لا يقوله مسلم.
فإذا لم نبغض المبتدع المسلم كما نبغض الكافر، فما وجه الفرق ؟!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:16
وفي الحديث المشهور لما اقتتلت فارس والروم وانتصرت الفرس ، ففرح بذلك المشركون ؛ لأنهم من جنسهم ليس لهم كتاب، واستبشر بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكون النصارى أقرب إليهم ؛ لأن لهم كتابا، وأنزل الله تعالى : {الم () غُلِبَتِ الرُّومُ () فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ () فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ () بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم }.
فهؤلاء النصارى الذين فرح المسلمون بنصرهم،هو فرح من وجه واحد يعارضه غضب وبغض منهم من أوجه كثيرة، و أهم من هذا.
فهل يلزم من هذا الفرح ترك عداوتهم المتعيّنة أم هذا هو عين الموازنة،فهكذا تفهم المسألة،فعندما تفاضل بين البيهقي و الرازي، و بين الجويني و الأشعري، وبين الأشاعرة و المعتزلة فما هو موجب المفاضلة إلا الحب و البغض.
وهنا مسألة أخرى لم ينتبه إليها الشيخ ربيع و أتباعه، وهي مسألة تناقض مواقف أهل العلم مع بعضهم البعض، و أقصد بالتناقض هنا اختلاف أحكامهم في الرجال ومواقفهم منهم.
ولذلك تجد أتباع الشيخ ربيع نظرا لهذا المنهج لم يفهموا تعدد مواقف أهل العلم في الرجال، فيعتبرونها تناقضا ،فإذا خالف أحدهم موقف الشيخ الألباني في رجل اعتبروا ذلك تناقضا منه، إذ في عقولهم يلزم إن كان على منهج الألباني أن يوافقه في كل مواقفه من أهل العلم و الدعاة ، وهذا خلط فاحش لا تجده إلا عند أتباع الشيخ ربيع.
ومنتدياتهم مملوءة به، و عندما يظفرون بمثال منه تجدهم قد أقاموا الأفراح كأنهم اكتشفوا حديثا نسيه البخاري ـ رحمه الله ـ في مسودة يذم ذاك الرجل!
فهم يعتبرون مواقف شيخهم أو غيره من بعض العلماء من ثوابت الشريعة ،ومن المسلمات عند أهل العلم !
و مشكل الشيخ ربيع أنه إما محاط بأتباع كسالى في العلم لا يبحثون، ولا يناقشونه فيطور مواقفه و يحسنها، و إما هو ضيق الخاطر لا يتحمل المخالفة.
نعم مواقف أهل العلم من بعضهم البعض محترمة، ومفهومة الأسباب و العلل ولكنها قابلة للنقاش، و أكثر من ذلك لا تلزمهم إلا هم و من يقلدهم.
و أهل العلم يبنون مواقفهم بناء على علمهم، وليس على علم غيرهم.
وعليه،فإن الاجتهاد يكون في الأدلة و القواعد الشرعية ليس في مواقف أهل العلم،وليس شرطا أن يصيب العالم في كل شيء ليكون سنيا،فلا نقابل موقف ابن جبرين بموقف الألباني أو بازـ رحمهم الله ـ ثم نزعم أننا أقمنا دليلا أو أبطلنا قول المخالف، بل نقابل بين أدلتهم الشرعية، و إلا كنا مستحسنين الاستحسان الباطل.
و إذا فهمت هذه المسألة: اختلاف أحكام العلماء في الرجال انهار أمامك منهج الشيخ ربيع في الموازنة، و الجرح المفسر، و الامتحان بالأشخاص.
وعندما تدرس كتب الجرح و التعديل بحثا عن هذا المشكل: اختلاف مواقف العلماء من الرجال، و كيف عالجه أهل العلم؟
و هل أشعلوها حربا بينهم بسبب اختلافهم في رجل؟
وهل كانوا ملزمين بقبول جرح بعضهم لبعض الرجال كما هو مذهب الشيخ ربيع في الجرح المفسر؟
فستجد أن أهل السنة في واد و الشيخ ربيع في واد، فتجدهم ـ مثلا ـ يقولون عن إمام خالف جمهور العلماء في رجل إما تعديلا، فيقولون: كان يحسن الظن أو حسن الرأي بفلان.
أو تجريحا، فيقولون: كان يسيء الظن أو سيء الرأي بفلان.
هذا هو منهج أهل السنة عندما يختلفون في الحكم على رجل، ولا يعتبرون تناقض مواقفهم بالنسبة لرجل محنة يجرحون بعضهم البعض بسببها.

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:18
وإليك الأدلة على هذه القاعدة:

1 ـ قال ابن حبان في (الثقات)(4/239): (( رفيع البصري أبو العالية الرياحي مولى امرأة من بني يربوع من بني رياح اسلم لسنتين خلتا من خلافة أبى بكر يروى عن على وابن عباس روى عنه قتادة وأهل البصرة مات يوم الاثنين في شهر شوال سنة ثلاث وتسعين ،وكان الشافعي سيء الرأي فيه)).
قلت: فهذا أبو العالية الرياحي الذي ترجمه الذهبي و غيره ترجمة وافية من سادات التابعين، الإمام المقرئ الحافظ المفسر أحد أعلام المسلمين، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق، ودخل عليه.
وسمع من عمر، وعلي، وأبي، وأبي ذر، وابن مسعود، وعائشة، وأبي موسى، وأبي أيوب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعدة.
وحفظ القرآن، وقرأه على أبي بن كعب، وتصدر لإفادة العلم، وبعد صيته.
قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء فيما قيل، وما ذاك ببعيد فإنه تميمي،وكان معه ببلده.
وأدرك من حياة أبي العالية نيفا وعشرين سنة،قال أبو عمرو الداني: أخذ أبو العالية القراءة عرضا عن أبي، وزيد، وابن عباس.
ويقال: قرأ على عمر.
روى عنه القراءة عرضا شعيب بن الحبحاب، وآخرون.
قال قتادة: قال أبو العالية: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم صلى الله عليه وسلم بعشر سنين .
وروى معتمر بن سليمان، وغيره عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أبو العالية: قرأت القرآن على عمرـ رضي الله عنه ـ ثلاث مرارا .
وعن أبي خلدة، عن أبي العالية، قال: كان ابن عباس يرفعني على السرير وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش، فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الآسرة.
قلت: هذا كان سرير دار الإمرة لما كان ابن عباس متوليها لعلي رضي الله عنهما.
قال أبو بكر بن أبي داود: وليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية.
وبعده سعيد بن جبير.
وقد وثق أبا العالية الحافظان أبو زرعة وأبو حاتم.
قال أبو خلدة: ذكر الحسن البصري لأبي العالية، فقال: رجل مسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأدركنا الخير وتعلمنا قبل أن يولد.انظر ترجمته في (سير أعلام النبلاء)(4/207).
قال العجلي في( الثقات)(2/412): (( تابعي ثقة من كبار التابعين)).

كان الشافعي سيء الرأي فيه، فهل وقع الشافعي في الذين زكوه و أثنوا عليه؟!
وهل وقع من زكاه و أثنى عليه في الشافعي، و أنه يطعن في أهل العلم و أهل السنة ،و يثني على المبتدعة ؟!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:23
2ـ عبد الله بن شقيق، قال ابن عدي: كان التميمي سيء الرأي فيه، وما بأحاديثه إن شاء الله تعالى بأس، عبد الله بن شقيق عثمانيا ،وكان ثقة في الحديث.
قال صالح بن أحمد عن علي: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان سليمان التيمي سيء الرأي في عبد الله بن شقيق.
قال أحمد بن حنبل: ثقة، وكان يحمل على علي.
قال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ثقة من خيار المسلمين لا يطعن في حديثه.
وقال أبو حاتم: ثقة.
قال ابن خراش: كان ثقة، وكان عثمانيا يبغض عليا.
روى له البخاري في الأدب والباقون.
قلت: فهذا محدث ثقة، تقريبا أجمع أهل الحديث على توثيقه كان سليمان التيمي سيء الرأي فيه، لم يزد أهل العلم أن قالوا ذلك، لا امتحان، و لا معارك، و لا إسقاط، ولا مجموع ردود؟!

3 ـ الحسن بن حي، قال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي عن يحيى بن سعيد القطان: كان سفيان الثوري سيء الرأي في الحسن بن حي ( تهذيب الكمال)(180/6).
فهذا يحي القطان معروف بتشدده في الرجال، و أحيانا بتعنته يعترف أن سفيان الثوري على جلالة قدره و إمامته كان سيء الرأي في الحسن بن حي، فلا أهل العلم طعنوا في سفيان، ولا سفيان أشعلها حربا عليهم، كيف يخالفوه، و لا يقبلوا خبر الثقة ،و ما إلى ذلك؟!
4 ـ أبو ياسر عمار بن نصر، قال أبو أحمد علي بن محمد الحنيني: وسألته يعني صالح بن محمد جزرة الحافظ عن أبي ياسر عمار بن نصر؟ فقال: كتبت عنه، لا بأس به عندي، وكان يحيى بن معين سيء الرأي فيه.
فهنا يوضح لنا الحافظ صالح جزرة مسألة مهمة في الجرح و التعديل وهي أن الرجل عنده لا بأس به، و أنه يعمل فيه بعلمه، و ليس بعلم يحي بن معين.
فالقضية قضية اجتهاد لا قضية خبر ثقة، ومناهج مبتدعة وغير ذلك؟!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:26
5 ـ منصور بن محمد بن محمد بن الطيب، أبو القاسم الناظمي، الفقيه الهروي، كان فقيها مشهورا، ذا مروة ،سمع من جده لامه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزدي، ومحمد بن إسماعيل، وأبي القاسم القشيري، روى عنه:ابن ناصر، والسلفي، ويحيى بن اسعد بن يونس وآخرون.
قال السمعاني: كان شيخنا أبو الحسن الأزدي سيء الرأي فيه قال: لا أروي عنه حرفا.
6ـ عبد الغفار بن القاسم بن قيس الأنصاري أبو مريم الكوفي روى عن عدي بن ثابت، ونافع، وعطاء، والمنهال بن عمرو وغيرهم، وعنه شعبة أحد شيوخه ويحيى الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير وغيرهم.
قال أحمد بن حنبل: ليس بثقة ،كان يحدث ببلايا في عثمان، وعامة حديثه أباطيل وقال ابن عدي عن ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: متروك الحديث كان من رؤساء الشيعة ،وكان شعبة حسن الرأي فيه لا يكتب حديثه.
وقال بن حبان: كان فيمن يروي المثالب في عثمان، ويشرب الخمر حتى يسكر ومع ذلك يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به، تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
قلت: القضية بسيطة، تبيّن لهم ما لم يتبيّن لشعبة ـ رحمه الله ـ،مع أن الرجل كذاب،ومن رؤوس الشيعة ،فحكموا بعلمهم و أعذروا شعبة بتلك الكلمة الجميلة و القاعدة الرائعة : كان حسن الرأي فيه.

لم يقولوا: يا لجهل شعبة، يا لغفلته، يا لمصيبتنا فيه؟!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:29
7ـ الإمام أبو حنيفة النعمان ـ رحمه الله ـ قال شبابة بن سوار: كان شعبة حسن الرأي في أبى حنيفة، وكان يستنشدنى أبيات مساور الوراق.
قال: وحدثنا إسحاق بن أحمد الحلبي قال: نا سليمان بن سيف قال: نا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: كنا عند شعبة بن الحجاج فقيل له: مات أبو حنيفة، فقال شعبة: لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضل الله علينا وعليه(الانتقاء)(1/126)ابن عبد البر.

قلت: و هذا لعله أقوى مثال، فإن أبا حنيفة أخباره مشهورة عند أئمة تلك الفترة، مما يعني أن موقف شعبة منه يشبه موقف آخرين يعبر عن وجهة نظره ،و ليس عن عدم علم، فقد وصفه بفقه الكوفة ،كما أن شعبة لا يخفى عليه مكانة أبي حنيفة في الحديث، ومع ذلك لم نسمع أحمد أو ابن حبان أو الخطيب يتكلمون في شعبة و يطعنون عليه لأنه خالفهم في أبي حنيفة ، لم يتجاوز موقفهم كلمة: كان حسن الرأي في أبي حنيفة.
وشعبة هو القائل في أبان بن أبي عياش : لأن أشرب من بول حمار حتى أروى أحب إلي من أن أقول ثنا أبان بن أبي عياش ، وقال مرة : لأن أزني سبعين مرة أحب إلي من أن أحدث عن أبان ، وقال مرة : لأن يفعل الرجل بالزنا خير له من أن يروي عن أبان، وقال: إزاري وحماري في المساكين أن أبان يكذب.
رحم الله شعبة ،لم يكن له إلا ذاك الإزار و الحمار،وأبان صدوق يخطئ ،ولم يتهم بشيء من التجهم،وقد وثق شعبة من هو أسوا منه ، ومن ينظر في مثل هذه الأقوال يعلم درجة دقة شعبة و تحريه في الحديث النبوي، ومع ذلك فقد خالفه الأئمة كثيرا من غير أن يطعنوا فيه أو في منهجه و سنيته و غير ذلك.
نعم، أكثرهم ترك حديث أبان، و لكن ليس للكذب ولكن للخطأ، ومنهم من وثقه كأيوب، ومالك بن دينار،وحدث عنه: الثوري، و معمر، وابن جريج، و إسرائيل وحماد بن سلمة، وروى له أبو داود حديثا واحدا.
8ـ أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث أبو العباس الأزهري السجستاني، قال ابن عدي: يحدث بمناكير، وقال الدارقطني: منكر الحديث قال: وبلغني أن محمد بن إسحاق بن خزيمة حسن الرأي فيه، وذكر ابن حبان أنه جرب عليه الكذب.
قلت: ابن خزيمة إمام الأئمة فاته حال هذا الرجل، فهو بين التحديث بالمناكير و الكذب ،وهو أسوأ جرح يتهم به الرجل، ومع ذلك فات ابن خزيمة أمره،ولم يحدث شيء بين أهل السنة؟!

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:34
9ـ المسيب بن واضح، قال أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيرا، فإذا قيل له: لم يقبل.
وكان النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: الناس يؤذوننا فيه.
وذكره ابن عدي، فأورد له عدة أحاديث مناكير، ثم قال: أرجو أن باقي حديثه مستقيم، وهو ممن يكتب حديثه.
قلت: الرجل متعنت يذكر بخطئه فلا يقبل ،وهو كثير الخطأ، وقد قبله النسائي وقال أنه يؤذى بسببه، فهل ألزموه بتركه؟!
وهل تخلى عن قناعته و اتبعهم على قناعتهم؟!
10 ـ معلى بن منصور الرازي الحنفي، قال أحمد : ما كتبت عنه شيئا.
وقال أيضا: كان يحدث بما وافق الرأي، وكان كل يوم يخطئ في حديثين وثلاثة، فكنت أجوزه إلى عبيد بن أبي قرة في قطيعة الربيع .
وقال محمد بن يوسف بن الطباع: سألت أحمد بن حنبل عن معلى الرازي، فسكت
قال أبو حاتم: قيل لأحمد بن حنبل: كيف لم تكتب عن المعلى ابن منصور ؟ قال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخل من أن يكذب.
قال أبو زرعة: رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور كان يحتاج إليها، وكان المعلى أشبه القوم - يعني أصحاب الرأي - بأهل العلم، وذلك أنه كان طلابة للعلم، رحل وعني، فتصبر أحمد عن تلك الأحاديث، ولم يسمع منها حرفا، وأما علي بن المديني، وأبو خيثمة، وعامة أصحابنا، فسمعوا منه، المعلى صدوق.
وروى عثمان بن سعيد، عن ابن معين: ثقة.
وقال يحيى أيضا: إذا اختلف معلى وإسحاق بن الطباع في حديث عن مالك، فالقول قول معلى.
معلى أثبت منه وخير منه .
قال العجلي: ثقة صاحب سنة، وكان نبيلا، طلبوه للقضاء غير مرة، فأبى.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة فيما تفرد به وشورك فيه، متقن صدوق فقيه مأمون.
وقال ابن سعد: نزل بغداد، وطلب الحديث، وكان صدوقا، صاحب حديث ورأي وفقه، فمن أصحاب الحديث من روى عنه، ومنهم من لا يروي عنه، وكان ينزل الكرخ .
وقال أبو حاتم: كان صدوقا في الحديث، وكان صاحب رأي.
وقال أحمد بن كامل القاضي: كان معلى من كبار أصحاب أبي يوسف، ومحمد، ومن ثقاتهم في النقل والرواية .
قلت ( الذهبي): كان معلى صاحب سنة واتّباع، وكان بريئا من التجهم.
قلت( الذهبي): روى له الجماعة.
قال أبو داود في ( سننه ): كان أحمد بن حنبل لا يروي عن معلى، لأنه كان ينظر في الرأي، ويحيى بن معين وغيره يوثقه.
وأما عبد الرحمن بن أبي حاتم، فغلط بلا ريب، فنقل عن أبيه أنه قال: قيل لأحمد: كيف لم تكتب عن معلى ؟ فقال: كان يكذب، وإنما الصواب ما قدمناه( سير أعلام النبلاء)(365/10).
قلت: فهذا أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ لا يضاهيه في مذهبه في الرجال أحد اعتدالا وورعا و تحريا وفهما ، قال عنه يعقوب بن سفيان الفارسي : ((أبو عبد الله متحر في مذهبه، مذهبه أحمد من مذهب غيره))(تهذيب الكمال).
هذا موقفه من معلى بن منصور، ذكر سببه، و ما يخشاه في رواياته، خالفه الأئمة ولم يجدوا أنفسهم ملزمين باتباعه، وقبول قوله لأنه ثقة و غير ذلك؟!
كما يجب التنويه بتقوى الإمام أحمد فمع حاجته إلى أحاديث معلى تركها.
قل للغواةِ الطَّالبي شأوهمْ *** لايُدْرِكُ الرِّيحَ المَجَامِيرُ
أو كما قيل في أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ:
تاللهِ لا يـــدركُ أيَّامــــــهُ*** ذو طرَّةٍ حافٍ ولا ذو جداءْ
من يسعَ كي يدركَ أيَّامهُ*** يجتهدِ الشَّـدَّ بأرضٍ فضــاءْ

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:40
11 ـ وهذا جابر الجعفي من أشهر الكذابين، اتهمه الأئمة بجميع أنواع البلايا، قال ابن حجر في ( تهذيب التهذيب){2/42}: ((قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول: قال سفيان الثوري لشعبة: لان تكلمت في جابر الجعفي لأتكلمن فيك)).
قلت:فلماذا لم يقل شعبة لسفيان: أنت تدافع عن المبتدعة،و الكذابين ، ومن يقول بالرجعة، ومن يتهمه علماء زماننا، وقد قال الأوزاعي، وقال أيوب، وقال مالك ...... لايدافع عنهم إلا مبتدع مثلهم، ولا يدافع عنهم إلا من هو مثلهم، واحذروه ولا تجالسوه ،كما يقوله الشيخ ربيع و حاشيته فيمن يدافع عن المغراوي و السليماني و الحويني وعرعور وغيرهم، مع أن الفرق بين هؤلاء الأفاضل وجابر الجعفي لا تسده الشمس؟!
قال ابن معين: لا تكتبوا حديث جابر الجعفي ولا كرامة.
وقال زايدة: كان جابر الجعفي، والله كذاباً يؤمن بالرجعة.
قال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب من جابر، ما أتيته بشيء من رأي إلا أتاني فيه بأثر وزعم أن عنده ثلاثين ألف حديث.(الوافي بالوفيات).
قال ابن حبان في ( المجروحين){1/82}: ((سمعت ابن المسيب يقول: سمعت ابن عبد الحكم يقول: سمعت الشافعي يقول: سمعت ابن عيينة يقول: كنا يوما عند جابر الجعفي في بيت فتكلم بكلام نظرنا إلى السقف فقلنا: الساعة يسقط علينا.)).
فهذا حال جابر الذي دافع عنه سفيان الثوري، فهل بدع أحدهم سفيان الثوري ، أو هل بدعه الشافعي لأنه دافع عن رافضي كذاب لم يظهر له حاله ؟!
فأن أعذر أئمة السنة، وعلى رأسهم الشافعي، و أحمد بن حنبل سفيان الثوري و شعبة على ظنهم الحسن بجابر الجعفي، فلابد أن هناك سببا وعلة ،يجب اعتبارها عندما نتكلم عن أئمة السنة، ومن عرفوا بها، هذه العلة يتغافل الشيخ ربيع و حاشيته عن الإشارة إليها وهي أن الاجتهاد و الاختلاف في الاجتهاد و العذر بسبب الاختلاف في الاجتهاد لم يقل أحد أنه يخص الأحكام وحدها، بل أكثر العلوم خضوعا للاختلاف في الاجتهاد علم الجرح و التعديل، فإن أكثر الرواة المترجمين فيه من المائة الأولى و الثانية ممن لم يدركهم حتى أمثال الإمام احمد و البخاري فالكلام فيهم بالنقل عن طبقتهم، فإن نقل فيهم جرح وتعديل وجب سبر المنقولات و الاجتهاد فيها ردا وتويجها، فإن كان مذهب أهل السنة أن المجتهد المصيب له أجران و المجتهد المخطئ له أجر واحد ،و خطأه مغفور له، فمن منهم استثنى الاجتهاد في الجرح و التعديل؟!
قال شعبة في جابر الجعفي: هو صدوق.
قلت:فمع أن أكثر أهل الحديث تبرؤوا من عهدة جابر الجعفي فهذا شعبه يقول عنه:صدوق، وسفيان الثوري يدافع عنه،ومعلوم أن شعبة ممن أدركه و أخذ عنه، فكيف خفي عليهما حاله؟!
و اختلفا حوله مع أقرانهما، وهما من هما ، و ما أدراك ما هما شعبة بن الحجاج و سفيان الثوري يخفى عليهما حال رافضي كذاب جالساه و سمعا حديثه؟!
فإن جاز الاختلاف حول رجل ظاهر البدعة معروف بالكذب، ودافع عنه سفيان الثوري، ولم يمتحن بعضهم بعضا به، أفلا يجوز أن يختلف المتأخرون حول رجل من أهل السنة لم يعرف بكذب ولا برفض، وكلٌ يحكم بعلمه ، فكيف نمتحن الناس ببغض علماء أهل السنة ؟!

وقد حدث عن مثل جابر الجعفي سفيان الثوري و ابن عيينة و إسرائيل بن يونس و حسان بن إبراهيم الكرماني و سلام بن أبي مطيع، نقل أئمة الجرح و التعديل عن معلى بن منصور الرازي أنه قال:قال لي أبو معاوية:كان سفيان الثوري و شعبة ينهياني عن جابر الجعفي، و كنت أدخل عليه فأقول: من كان عندك؟ فيقول: شعبة و سفيان!
مع أن الجعفي قال عنه يحي بن معين: (( لم يدع جابرا ممن رآه إلا زائدة ،وكان جابر كذابا)).
وقال محمد بن رافع: رأيت احمد بن حنبل في مجلس يزيد بن هارون ومعه كتاب زهير عن جابر الجعفي، فقلت له: يا أبا عبد الله تنهونا عن جابر و تكتبونه ؟ قال لنعرفه)).
12 ـ الربيع بن عبد الله بن خطاف كان يحي بن سعيد يحط عليه، و يقول: (( أنا أعلم به، و يتعجب من عبد الرحمن بن مهدي كيف لا يطعن عليه)).
وكان عبد الرحمان بن مهدي يقول: (( هو عندي ثقة في حديثه))، قيل له: (( كان يرى القدر؟))قال:(( كان يجالس عمرو بن فايد يوم الجمعة)). (الضعفاء للعقيلي){49/2}.
وقد وثقه: الإمام أحمد.
فهذا الرجل اختلف فيه هذان العالمان الكبيران، وكل منهم كان يرى فيه رأيا، ومجال الاختلاف ممكن في كثير من الحالات، ولكنهم لم يمتحنوا بعضهم بعضا بمثل هذا الاختلاف، حتى وضع الذهبي قاعدة فيمن اختلف فيهم يحي بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدي.
واختلافهما هنا منشأه مذهبهما في الحديث، فأحدهما وهو يحي بن سعيد القطان يطعن بالمذهب و الاعتقاد ،و الآخر لا يطعن بالمذهب و الاعتقاد إذا كان الراوي صادقا، وهو الذي استقر عليه رأي أهل الحديث بعد ذلك كما في (الموقظة) للذهبي ونص عليه الحافظ وغيره .
المقصود لم يزد القطان عن التعجب، ولم يزد ابن مهدي عن ذكر حجته، لا تبديع ولا امتحان، مع أن الجرح مفسر، ومن أخطر أنواع الجرح، فبدعة القدر و مجالسة القدرية أمر ليس بالهين، ولكن ليس كما في مذهب الشيخ ربيع.

لزهر الصادق
2013-02-04, 00:43
قال الإمام أحمد في (مسائل ابن هانئ){163/2}: (( كان عمرو بن عبيد رأس المعتزلة و أولهم في الاعتزال ،وروى عنه الثوري، وكان الربيع بن صبيح معتزليا، وكان خيرا من عمرو بن عبيد)).هذه موازنة بين مبتدعين !
قلت: هذا مذهب أهل السنة في الرجال ، و أقول أهل السنة، و لا أقول أهل الحديث لأفرق كما فعل عبد الرحمان بن مهدي بين الإمامة في السنة و الإمامة في الحديث و لأبيّن أن أئمة السنة أئمة في العلم الشرعي، و ليس في الحديث فقط، في القرآن و اللغة، و الحديث، و أصول الفقه، و الفقه و غير ذلك، يبنون مذاهبهم في أصول الدين، و يطردونها في غيرها من العلوم، فقواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب ، ويفرقون بين الأصول وبين الفروع، وما هو في مجراها .
فمن أين للأخوة في مواقع الفتنة هذا المنهج الذي يوجب على العلماء الانسجام و المطابقة التامة في أحكامهم على العلماء والدعاة، وقد يكون التكييف مختلفا ، إنه منهج لا أصل له.
في المقال القادم نفصّل مسألة الموازنة، و نبيّن حقيقة مذهب أهل السنة فيها، و أنها تبحث في الأسماء و الأحكام، و ليس في علم الحديث،و أنه لا يمكن لك أن تكون سنيا في الأسماء و الأحكام، خارجيا في الجرح و التعديل، وأن الفطرة في هذا الباب، وهي عدم ذكر حسنات من نحذر منه أو نشتكيه ليست مذهبا لأحد، لأنها بكل بساطة فطرة البشر التي فطرهم الله عليها.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرزيو/ الجزائر ،في 22 من شهر محرم 1432هـ
مختار الأخضر طيباوي

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:00
وإليكم بعض هذه الأصول مع إبطال العلامة ابن عثيمين لها.

قال السائل لابن عثيمين:
................

6- " أنه من العدل والإنصاف عند النصيحة والتحذير أن تذكر حسناتهم إلى جانب سيئاتهم ".

فأجاب -حفظه الله-: أقول لك: لا، لا، لا، هذا غلط، اسمع يا رجل: في مقام الرد ما يحسن أني أذكر محاسن الرجل وأنا رادّ عليه، إذن ضَعُف ردّي.

قال السائل: حتى ولو كان من أهل السنة شيخنا؟

فأجاب -حفظه الله-: من أهل السنة وغير أهل السنة، كيف أردّ وأروح أمدحه، هذا معقول؟!!!

انتهى كلامه حفظه الله([28])..هناك تتمة في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مسألة الموازنات لا يظهرها الغلاة
لأنها على خلاف مذهب شيخهم المعصوم


ذهب الإمام ابن عثيمين رحمه الله إلى وجوب ذكر الحسنات و السيئات حال الترجمة، فقال :
( وأما من أراد أن يقوم الرجل ويذكر حياته، فالواجب أن يذكر حسناته وسيئاته) لقاء الباب المفتوح (121).

وقال -أيضاً-(وأما إذا كنا نريد أن نتكلم عن حياته، فالواجب أن يُذكر ما له وما عليه).
وقال –كذلك-(وأما الإنسان إذا كتب عن حياة شخص فيجب أن يقول بالعدل، ما له وما عليه).

وأما حال التقويم فقد سُئلَ الإمام بن عثيمين رحمه الله
قال السائل: يقول بعض الشباب إن من الإنصاف ومن التجرد ومن أن يكون الإنسان يعني قريبا إلى ربه أنه إذا ذكر رجلا وهو صاحب بدعة ألا يذكره بمجرد بدعته فقط، بل لا بد أن يذكر بدعته، ويذكر ما عنده من الحسنات، حتى يكون منصفا، فهل منهج السلف أني إذا ذكرت مبتدعا شيعيا قدريا معتزليا أو مخالفا لدعوة أهل السنة أن أقول: وهو يحافظ على صلاته، وعابد وزاهد ويحسن إلى الجار و... و... الخ، هل من المنهج السلفي هذا؟ أو أنها كما سمعت منكم قبل قليل: البلاء في الإطلاق موضع التقييد، أو التقييد موضع الإطلاق؟

فأجاب الإمام ابن عثيمين رحمه الله

(الواقع أن هذا سؤال غريب! إذا تكلم إنسان في شخص فإنما يريد تقويمه، فهذا لا بد أن يذكر محاسنه ومساوئه، ثم يحكم بما تقتضيه الحال، فإن غلبت المحاسن أثنى عليه، وإن غلبت المساوئ أثنى عليه شرا، أما إذا كان يريد أن يرد بدعته فلا وجه لكونه يذكر المحاسن، لأن ذكر المحاسن في مقام الرد عليه يعني أن الرد يكون ضعيفا وغير مقبول، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل: عندما أريد أن أُقَوِّم هذا الشخص، أذكر حياته مثلا، أترجم له لا بد أن أذكر المحاسن والمساوئ، ثم أحكم عليه بما تقتضيه الحال، أما إذا كنت أريد أن أرد بدعته فلا حاجة لذكر المحاسن، بل ذكر المحاسن يوهن الرد ويشكك السامع أو القارئ في صحة ردك عليه، فلكل مقام مقال).
فقال السائل: صحيح أنكم استغربتم السؤال بالرغم أن هذا السؤال قد ألفت فيه كتب، هذه المسألة: مسألة الحسنات والسيئات، ومنهج أهل السنة في نقد الجماعات أو الفرق، ألفت فيه كتب، هناك من ألف الكتب بأنك لا بد تذكر حسنة وسيئة، واستدل بقول الله سبحانه وتعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت قائما} {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} هذا وهذا يقول لك: الله ذكر خير الخمر وشرها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيطان: ((صدقك وهو كذوب)) فيقولون: إن هذا يدل على أنك لا تذكر خبيثا أو مبتدعا إلا إذا ذكرت حسنتهم؟

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:15
و في (شرح العقيدة السفارينية) لابن عثيمين رحمه الله:

((السؤال : بارك الله فيكم العقيدة السفارينية تكلم أحد طلاب العلم المعتبرين؛ بأنها عقيدة غير عقيدة أهل السنة، وأنه من المتكلمين، فهل هذا حق ؟

الجواب : لا شك أن كل إنسان له أخطاء إلا من شاء الله ،
السفارينية فيها كلمات يعني تُنتقد ، ولكن إذا كانت مسألة- من آلاف المسائل- منتقدة هل يقال : إن الرجل خرج عن أهل السنة والجماعة ؟ أو خرج عن السلفية ؟ وما ندري لعل هذا القائل هو الذي خرج عن السلفية ،
إذ أن السلف يغتفرون قليل الخطأ في كثير الصواب ويحكمون بالقسط ،
أما أن يحكم بالجور وإذا أخطأ إنسانٌ ما في مسألة وتبع فيها مذهباً مبتدعاً في هذه المسألة قيل هذا من هؤلاء هذا أشعري ولا يُؤخذ قوله هذا ليس من طريق السلف، السلف الصالح رضي الله عنهم ينظرون بين الحسنات والسيئات ويحكمون بالقسط، والعقيدة هي سلفية لكن فيها أخطاء لا شك فيها أخطاء
مثل : وصف القرآن بالقدم .
وفيها أيضاً بعض المسائل الأخرى نبهنا عليها في الشرح فيما سبق).انتهى

وبشرى لأهل الغلو قول شيخهم الشيخ ربيع : أن السلف كانوا يُسْقِطُون الرجل الذي يزل زلة واحدة في العقيدة.
كما في مقاله في الرد على مشرفي منتدى كل السلفيين

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:30
ومن أصوله الكثيرة:

1- "المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة والأمة كلها"، ولكنه لا يسع السلفيين وعلماءهم.

2- "نصحح ولا نهدم"، أي لا يجوز مس أهل البدع ولا التحذير منهم؛ لأن ذلك هدم .
.

قال أبو الحسن المأربي - ثم قال ربيع - هدانا الله وإياه-: "ألا تراه يقول: لكن ما نصحح الأخطاء بهدم الأشخاص، صحيح، رجل عنده خير، وزل زلة أو زلات؛ نصحح ما عنده، ولا نهدمه، ولا نهدم الخير الذي عنده، إذا كان واقفًا أمام العلمانيين، أو المنحلين،أو دعاة الانحلال والتحلل".اهـ نقلاً من "الدفاع عن أهل الاتباع".

قلت: فأنت ترى ربيعًا - عافنا الله وإياه- لم يأت بكلامي الذي صدَّر به رسالته كاملاً هنا، وذلك -فيما يظهر- لأمر مريب؛ لأنه يتهمني بأنني أدافع عن الصوفية والروافض، وعن أخطاء الحزبيين من الجماعات الموجودة اليوم، فلو أكمل كلامي، لانكشف بطلان اتهامه!! ومن هنا يجد في هذا البتر -المؤقت- ما يموه به على القارئ!! ولذلك قال بعد ذلك مباشرة: "فهل هذا الكلام يقوله السلف؟! فإذا كان هؤلاء حربًا على المنهج السلفي وأهله، فهو منهج ضيق، ويثير الفتن بين المسلمين، ويفرق جمعهم، وعلماء هذا المنهج جواسيس، وعملاء، وخونة، وأتباع ذيل بغلة السلطان، إلى آخر التشويهات التي يشيعونها في كل المجالات التي يخوضونها..." . اهـ.

فأقول: تتمة كلامي التي لم يذكرها هذا الأستاذ!!، وهو قولي: "...أو كان واقفًا أمام الصوفية، أو كان واقفًا أمام الروافض، أو كان واقفًا أمام الحزبيين المشوِّهين للدعوة السلفية، وزل زلات؛ هذا لا نهدمه، ونصحح هذه الأخطاء".اهـ.

فقولي هذا يُخرج من رمى علماء المنهج السلفي -حقًّا- بأنهم عملاء وجواسيس، وأتباع ذيل بغلة السلطان...إلخ، ويُخِرِجُ من كان منهجه يسع الروافض وغلاة الصوفية، فهذا يوضِّح لك -أخي القارئ- أن في إسقاط هذا الرجل لهذا الجزء من الكلام، ما يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها، فواعجباه ثم واعجباه، ثم واغوثاك ربّاه!!.

- وقول ربيع: "فهل هذا الكلام يقوله السلف؟!"، أقول: نعم، وقد سبق من كلام الذهبي وابن القيم -رحمهما الله تعالى- وغيرهما من أهل العلم المعاصرين نقل ما يدل على ذلك، بل سبق ما نقله الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ عن الإمام أحمد، فارجع إليه، فماذا أنت قائل يا شيخ ربيع في هذه النقولات التي تزعم براءة السلف من مثل هذه الكلمات؟! وهل ستعلن رجوعك إلى الحق؟ أم أنك ستشنع وتجدِّع، فإذا ألقمك خصمك الحجة الدامغة، تسكت، وتروغ هنا وهناك، ولا تسلّم بأن خصمك مصيب في هذا الموضع، ثم تنتقل إلى كلام آخر، وبعد فترة تعود إلى كلامك الأول، وتدعي بأن السلف لم يقولوا بكذا أو كذا؟! هذا حال الرجل المريب، [وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ] {النور:40}.

- قال ربيع: "ونقول: لما كان المعتزلة يواجهون الملاحدة والفلاسفة والروافض، فهل قال علماء السنة من هذا الكلام الذي قاله أبوالحسن...؟!".

الجواب: أذكِّر القارئ اليقظ بأن قولي: "نصحح ولا نهدم" في أهل السنة لا في أهل الاعتزال والضلالات والأهواء.

وأيضًا: فالعلماء قد اعترفوا بحسنة الأشاعرة في ردهم على المعتزلة، وكذلك اعترفوا بما عند المعتزلة من خير في ردهم على الفلاسفة والروافض – وهذه حالات طارئة لسبب شرعي ، والأصل عدم ذِكْر ذلك بدون ظلم لهم، أو افتراء عليهم - وقد ذكرت طرفًا من ذلك في "قطع اللجاج"؛ فلا حاجة لإعادة ذلك، فارجع إليه في "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (3/ 348 – 349) ، (4 / 11) ، ( 5/ 557 – 558) ، ( 13 / 95 – 99)، و؟"درء تعارض العقل والنقل" (2/ 102،100)، "ومنهاج السنة النبوية " (4/ 38 ،135)، وانظر كلام أحمد في "السنة للخلال" (1/380/ 531)،وكلام الشيخ ابن باز في "مجلة البحوث الإسلامية"(10/ 299) وانظر أيضًا "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز -رحمه الله- (3/ 36 وما بعدها) وغير ذلك مما يدل على أن ربيعًا لم يستفد من هذه النقولات، التي جمعتها بين يديه، ففي هذه المواضع بيان أن من حسنات بعض المخالفين الرد على أهل البدع الذين وقعوا فيما هو أشد من بدعتهم، هذا فيمن عُرفوا بالبدعة، فكيف بأهل السنة الذين يرميهم ربيع بالبدعة زورًا وبهتانًا، وهم أسعد منه بمنهج السلف؟!

فما عسى أن يقول ربيع بعد هذه الإحالات عن شيخ الإسلام ابن تيمية؟ فهل سيقول: "مميع"، أو "صاحب موازنات"، أو "جاهل بمنهج السلف"، أو "يفتح الباب لأهل البدع"، أو "حزبي متستر"، أو"أضر على الإسلام من اليهود والنصارى"...، أو غير ذلك من بضاعته التي لا تنفق إلا على العميان الذين حُرِموا الاطلاع على هذه النصوص السلفية، والأدلة المرضية؟!! وقد سمعتُه مرة يعلق على قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد نقل الإجماع عن أهل السنة على أن الرجل يُحَب ويُبْغض، ويُوصل ويُهْجَر، على حسب ما فيه من خير وشر، وسنة وبدعة، فقال الشيخ ربيع معلقًا غير راضٍ بهذا الإجماع: "غفر الله لابن تيمية، فتح الباب أمام الإخوان المسلمين"!! فقلتُ له: كلام شيخ الإسلام حق، ولا يجوز دفعه، وهل الإخوان المسلمون أسْعد بابن تيمية مِنَّا؟! ومعلوم أن المؤمن تجتمع فيه طاعة ومعصية، وهذا مذهب أهل السنة بخلاف الخوارج، والطاعة توجب المحبة، والمعصية توجب البغض، فقد يجتمع في الرجل الواحد موجِب هذا، وموجِب ذاك، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيمن أُتي به للحد على شرب الخمر، وقد لعنه رجل: "لا تلعنه؛ فإنه يحب الله ورسوله" فاجتمع فيه حب الله عز وجل ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وحب شرب الخمر، ولم يُذْهِب شُرب الخمر أصْلَ محبة الله ورسوله، وإن أذهب كمالها الواجب، فتأمل، ولا تنخدع بأعاصير ربيع المدخلي!!

ثم تساءل ربيع، فقال: "ثم هل السلفيون لا يقفون في وجه العلمانيين والروافض...إلخ؟!".

وجوابي: أن السلفيين -حقًا- هم الذين يقفون في وجه أهل الكفر والأهواء وقفات صحيحة، قائمة على العلم والبصيرة في الدين، مع الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وهم حقًّا الذين لهم تأثيرهم على الباطل وأهله، لا أهل الإفراط أو التفريط، الذين ربما تأثروا بأهل الباطل، أو بالغوا في الإنكار – كما هو حال الغلاة - فجرّوا على الدعوة شرًّا، أو لم يهتموا إلا بتفتيت الصف السلفي، بسبب قضايا اخترعوا لها كيفية معينة، ووالوا وعادوا عليها، فسلكوا مسلك أهل الأهواء بذلك، مع ظنهم أنهم يحسنون صنعا، كما هو حال ربيع وعصابته، وانظر "مجموع الفتاوى" (3/ 348-349).

وقوله: "وهل يكفي أن نشير إشارة سريعة، إلى أفاعيلهم الشنيعة...إلخ"، لا أدري أين موضع هذه الإشارة التي يعنيها ربيع؟! وعلى كل حال: فردودي على مخالفي منهج السلف كثيرة، وبعضها كتب تضم المئات من الصفحات، لكن لا يلزم أن تكون بأسلوب ربيع وزمرته، وهي ليست مجرد إشارات سريعة يا صاحب الفضيلة !!ولوجمعتَ ردود أتباعك ، وقارنتها بما كتبتُ وسَجَّلْتُ؛ لرأيتَ الحق واضحًا، لكن الأمر كما قيل:
وعينُ الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ كما أنَّ عين السُّخْطِ تبدي المساويا!!


ثم إن الرد على المخالف قد يكون مبسوطًا في موضع،مختصرًا في موضع آخر، ولم يوجب الله علينا أن نرد على المخالفين بطريقة موسعة دائمًا، أو بطريقة ربيع؛ فخير الهدي هدى محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والخير كله في اتباع من سلف، وخير الأمور السالفات على الهدي!!

- ثم ذكر ربيع: أن السلف كانوا يُسْقِطُون الرجل الذي يزل زلة واحدة في العقيدة، فهل هؤلاء هدامون مفسدون، أعداء الدعوة السلفية؟!.

والجواب: أن أئمة السلف الكرام حاشاهم من نسبة القبيح إليهم، فلله درّهم، وعلى الله أجرهم، فهم حملة الدين ونقلته، ورواته وأمَنَتُهُ، من أجله هجروا الأوطان والخلان، وميزوا الصحيح من الكذب والبهتان، فأسأل الله أن يجزيهم عنا خير ما جزى الصديقين والصالحين.

لكن الخطأ مردود حيثما كان، وفَرْقٌ بين السلف وبين بعض من ينتحل مذهبهم اليوم، كالفَرْقِ بين السماء والأرض!!.

وأيضًا: فإطلاق ربيع بأن السلف كانوا يسقطون الرجل إذا زل زلة في العقيدة؛ غير مسلَّم به، فقد سبق عنه نفسه: أن هذا الإطلاق هو مذهب الخوارج،وأنه المذهب الحدادي النجس،فكيف يطلق هذا القول هنا!!

نعم في المسألة تفصيل معروف، وقد يزل الرجل زلة يخالف فيها النص القطعي، والإجماع المتيقن، والقياس الجلي القائم على العقل الصريح والنقل الصحيح، متبعًا في ذلك لهواه، فهذه زلة تسقطه ولا كرامة، وقد تكون زلة من عالم رباني في أمر فيه اشتباه، أو للاجتهاد فيه مجال، فلا يسقط لذلك، بل لا يُحرم من أجر، لكن يجب بيان الحق مهما كان، حتى المسائل القطعية المعلومة من الدين بالضرورة تختلف من شخص لآخر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في بعض الأقوال: "فإن القول الصدق إذا قيل فإن صفته الثبوتية أن يكون مطابقًا للخبر، أما كونه عند المستمع معلومًا، أو مظنونًا، أو مجهولاً، أو قطعيًّا، أو ظنيًّا، أو يجب قبوله، أو يحْرُم، أو يكْفُر جاحده، أو لا يكْفُر؛ فهذه أحكام عملية تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال" اهـ من "مجموع الفتاوى" (6/ 60) وقال أيضًا في (23/ 347): "وكون المسألة قطعية أو ظنية؛ هو من الأمور الإضافية، وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له، كمن سمع النص من الرسول، وتيقَّن مراده منه، وعند رجل لا تكون ظنية، فضلاً عن أن تكون قطعية؛ لعدم بلوغ النص إياه، أو لعدم ثبوته عنده، أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته" اهـ، ثم ذكر حديث الذي قال لأهله: "إذا أنا متُّ فاحرقوني ...." إلخ كلامه حول هذا الحديث.

وقال في (19/ 210): "فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي، بحسب حال المعتقدين، ليس هو وصْفًا للقول نفسه، فإن الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة، أو بالنقل المعلوم صِدْقُه عنده، وغيره لا يعرف ذلك لا قطْعًا ولا ظنًّا، وقد يكون الإنسان ذكيًّا، قويَّ الذهن، سريع الإدراك، فيعرف من الحق، أو يقطع به ما لا يتصوره غيره، ولا يعرفه لا علمًا ولا ظنًّا، فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة، وبحسب قدرته على الاستدلال، والناس يختلفون في هذا وهذا، فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة لازمة للقول المتنازع فيه، حتى يقال: كل من خالفه خالفَ القطعي، بل هو صفة لحال الناظر المستدِل المعتقِد، وهذا مما يختلف فيه الناس" اهـ، مستفادًا من بحث ابن قديش اليافعي.

لكن هذا الرجل إذا كان في صدد الرد على طائفة ما أصّل أصولاً، فإذا رد على أخرى؛ نقض ما كان قد أبرمه وعَقَده من قبل، واستدل بأدلة الطائفة الأولى التي كان ينكرها من قبل، وتنكَّر لأدلته ضد الطائفة الأولى، ولا أدري أهذا منه ذهول إلى هذا الحد، أم شيء آخر هو الهوى، والمهم التهويش في الميدان، وإظهار أنه المدافع عن السلفية، ولو كان كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثًا؟! والله المستعان.

هذا،وقد اختلف الصحابة في مسائل عقدية علمية؛ كرؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في المعراج، ولم يسقط بعضهم بعضا؛ فقد قال شيخ الإسلام- كما في "مجموع الفتاوى" (19/ 123)-: "وتنازعوا -أي الصحابة- في مسائل علمية اعتقادية؛ كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والأُلْفة".اهـ. وبنحوه في (24/ 172)، وانظر:"الدرر السنية" (10/ 246).

وقال شيخ الإسلام أيضًا -كما في "مجموع الفتاوى" (6/ 502)-: "وليست هذه المسألة -يعني مسألة رؤية الكفار ربهم يوم القيامة- فيما علمت مما يوجب المهاجرة والمقاطعة؛ فإن الذين تكلموا فيها قبلنا، عامتهم أهل سنة واتباع، وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا، كما اختلف الصحابة رضي الله عنهم والناس بعدهم في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في الدنيا، وقالوا فيها كلمات غليظة؛ كقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (من زعم أن محمدًا رأى ربه؛ فقد أعْظم على الله الفرية!!)، ومع هذا، فما أوجب هذا النـزاعُ تـهاجرًا ولا تقاطعًا، وكذلك ناظر الإمام أحمد أقوامًا من أهل السنة في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة، حتى آلت المناظرة إلى ارتفاع الأصوات، وكان أحمد وغيره يرون الشهادة، ولم يهجروا من امتنع من الشهادة،إلى مسائل نظير هذه كثيرة".اهـ. فأين هذا مما يفعله هؤلاء الغلاة من إشاعة الفاحشة بين المؤمنين؟!!

ولعل ربيعًا - عندما يرى هذه النقولات التي ترد إطلاق القول بسقوط من خالف فزلّ زلة واحدة في العقيدة، - يقول: أنا أعني كذا، وأقصد كذا، فلماذا لم يقبل من غيره مثل هذه الاعتذارات؟! ولماذا يمنع من حمل المجمل على المفصل، إذا ظهرت قرينة لذلك؟! مع أنه ليس له هنا سياق يدل على ما يقوله أصلاً!! ومع كونه يمنع من حمل المجمل على المفصّل؛ فقد قال به، كما نقلتُ ذلك عنه في "الدفاع" وأيضًا فقد قرأ أو راجع كتابًا لمحمد الإمام، أسماه "الإبانة ..." وفيه إقرار حمل المجمل على المفصل، ولم يتعقب ذلك في ذلك، وقد كانوا من قبل يعدون هذا القول من أصول الضلال والمروق من السنة، فسبحان الذي قد أحاط بكل شيء علمًا.

فالشاهد: أن ربيعًا لولوعه بالإسقاط للمخالف، أطلق في موضع التقييد، ونسب إلى السلف-بإطلاق - قولاً غير سديد، كل هذا ليمشِّي على الناس تناقضاته، لكن في الزوايا بقايا، والله أعلم".

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:32
قوله: "المنهج الواسع الأفيح" لازلتُ أقول به، بل أصرخ به بلا خوف ولا خجل، وقد وضحتُ ذلك بجلاء، فمنهج أهل السنة ليس على فهم ربيع الضيق، ولو سَلِمَ هذا الرجل من الهوى؛ لما ضيق على نفسه وعلى غيره، فإنه لا يلزم مما قلته أنني أضع منهجًا يسع الخوارج والروافض، وكلمة "واسع أفيح" في ذاتها ليست معيبة مطلقًا، فقد قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله- في تفسير سورة الانشراح، عند قوله تعالى: [أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ] : "وكما شرح الله صدره؛ كذلك جَعَلَ شَرْعَه فسيحًا واسعًا سمحًا سهلاً لا حَرَجَ فيه ولا إصْر ولا ضيق" اهـ.

هـ- ثم لماذا اقتطع ربيع هذه الكلمات عن سياقها وسباقها، وأنا في مقام الرد على الذين يخرجون الرجل من دائرة أهل السنة بمجرد المخالفة في الحكم على فلان أو فلان، وذكرتُ أن منهج أهل السنة ليس بهذا القدْر من الضيق الذي يقيم الولاء والبراء على المسائل الاجتهادية، ومنها الحكم على الأفراد والجماعات؟ وهاهو ربيع نفسه يرد على مشرفي منتدى "كل السلفيين" الذين نقلوا كلامه في مدح نفسه، والثناء عليها وعلى مؤلفاته، وأسلوبه، وحِذْقه في معرفة المنهج الحق على صِغر سنه، مع ما في ذلك من التشبع، فقد ترنَّح في دروب الإخوان المسلمين نحو ثلاثة عشر عامًا، ومدح من آراء سيد قطب ما عابه بعد ذلك، وقد كان يعدُّ سيدًا قد أصاب منهج الحق منهج الصحابة بهذه الكلمات!! فها هو يرمي مشرفي منتدى "كل السلفيين" بأنهم قطعوا الكلام عن سياقه وسباقه، وعدَّ ذلك خيانة مخزية، وحربًا على السنة وأهلها؛ وها هو يقع في ذلك، فيقتطع الكلمة لمخالفيه عن سياقها وسباقها، وكأن قواعد العلماء إنما هي للدفاع عن تناقضات ربيع وحزبه فقط، فإذا تناقض كلامه، وبيّن أحدٌ تناقضه؛ رماه بالبواقع، بحجة أنه يقتطع الكلام عن سياقه وسباقه، وهذا مخالف لقواعد العلماء!! وإذا قال غيره كلمة ما في سياق واضح جلي، يدل على غيرة المتكلم على دين الله؛ فإنه يُقلّب هذه الكلمة على جميع الجهات السِّت، ويضغط عليها، حتى تلد مولودًا مشؤومًا اسمه الزندقة، أو التأكُّل بالدين، أو المكر بالسلفية وأهلها، أو المروق عن الدين وأهله، أو سقوط المخالف له على أم رأسه ...إلى آخر ما هو معروف عنه، فهل هكذا تكون الديانة والأمانة؟!

و- سبق أن أَجَبْتُ على كلامه هذا في هذه الكلمة وغيرها في "الدفاع" (1/ 366-374): فقلتُ هناك: وأما قولي: "نريد منهجًا واسعًا يسع الأمة"، فلا زلت أقوله -ولله الحمد- وقد بينت مرادي بذلك، كما في أشرطة "القول الأمين، في صد العدوان المبين"، وعندما سألني بعض مشايخ المدينة عن ذلك، فأعدت لهم ملخص كلامي الذي في الأشرطة، ولم يعترضوا على ذلك، بل نشروه في بيانهم الأول، الصادر بتاريخ 12/ 3/ 1423ه - وذلك لما كان كثير منهم يدعي الإنصاف والثبات على الحق، لكنه هيهات هيهات، فإنهم إذا غضب ربيع عليهم؛ ضاقت عليهم الأرض بما رحبت!!

وهذا نص كلامي في بيانهم : "المراد به –أي: بهذا القول- عندي: أن منهج السلف يسع في كيفية تعامل أهل السنة بينهم البين، ويسعهم مع مخالفيهم، بالضوابط الشرعية، ولاءً وبراءً، وأما أن يُفهم من ذلك: العملُ بقاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، فأبرأ إلى الله من ذلك، وفي كتبي وأشرطتي الرد على هذه القاعدة".اهـ، علمًا بأن هذه القاعدة المذكورة قد فصَّلْتُ رأيي فيها في كتابي "سلسلة الفتاوى الشرعية"، فماذا بعد هذا البيان - يا فضيلة الشيخ!!-؟!

وكذلك أريد بهذه الكلمة أنه منهج شامل لجميع نواحي الحياة، وأنه ليس منحصرًا في الجرح والتعديل، أو الردود على المخالفين فقط، بل كل من أراد علما؛ فهو عند أهل السنة، ومن قويت نفسه للعبادة؛ فعلى منهج أهل السنة، ومن أحب تعليم الناس أو الخروج للدعوة؛ فبطريقة أهل السنة، وقُلْ نحو ذلك في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقصص والمواعظ، والتأليف والتصنيف... إلى غير ذلك، وسياق كلامي -مجتمعًا ومفترقًا- يدل على هذا كله، ولله الحمد.

ثم أليس ربيع هو الذي قال في رسالته "تنبيه أبي الحسن، إلى القول بالتي هي أحسن" (ص40) تعليقًا على قول الغلاة عندنا في اليمن: "إن أبا الحسن يريد –أي بهذه الكلمة- منهجًا جديدًا يدخل فيه جميع الطوائف من تبليغ وإخوان وقطبية ومغراويين وعرعوريين".اهـ.

فقال الشيخ ربيع معلقًا في الحاشية: "وأقول أنا: إن كان أبوالحسن يريد بهذا المنهج الواسع: المنهجَ الإسلاميَّ الذي يهتم بالقضايا كلها، عقائديًّا، وسياسيًّا، ومعاملاتٍ، وعلاقة الفرد بالفرد، وبالأسرة، وبالمجتمع، ومعالجة المشاكل التي تتصل بالناس في عقائدهم ومناهجهم؛ فحبذا، وإن كان يريد أن منهج السلفيين مثل منهج الإخوان: يسع الروافض، والخوارج، وغلاة الصوفية، وغيرهم من أهل الضلال؛ فالقول به والدعوة إليه في غاية الخطورة، وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك".اهـ.

فها أنت -أيها الشيخ!!- تحتمل لهذه الكلمة احتمالين، أحدهما حسن، والآخر قبيح، ثم إنك نزَّهتني -آنذاك- عن المعنى القبيح، بقولك: "وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك" فما هو الجديد الذي طرأ عليك، حتى حَشَرْتَ هذه الكلمة في جملة ما تنتقده عليَّ، وجعلتني ممن يؤصِّل للضلال؟!! الجواب يعرفه كثير من الناس، والحمد لله رب العالمين.

هذا، ولو فرضنا أن ربيعًا لم يقل هذا، ولم يقل بعض أهل المدينة ما قالوه، أليس منهج الرجل وعُرْفه وكلامه الآخر، ومواقفه الأخرى، بل سياق كلامه، كل ذلك يبين مراده؟! والجواب: بلى، وسيأتي هذا مفصَّلاً إن شاء الله تعالى - في مسألة المجمل والمفصل، [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ] {الرُّوم:60}.

وأيضًا: فمن المعلوم -عند أهل العلم والإنصاف- أن الكلمة إذا كانت محتملة، فسئل عنها صاحبها، فكشف عن مراده بمعنى حسن؛ فإن العبرة بالمعاني، لا بمجرد الألفاظ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "الرد على البكري" (1/ 263): "وما زال أهل العلم إذا انتهى النـزاع بينهم إلى الألفاظ، مع اتفاقهم على المعاني؛ يقولون: هذا نزاع لفظي، والنـزاع اللفظي لا اعتبار به، يستهينون بالنـزاع في الألفاظ، إذا وقع الاتفاق على المعاني التي يعقلها الأيقاظ، ولكن من كان نزاعه لفظيًّا، وأَوْهَم الناس أن النـزاع فيما يتعلق بالأصول، ويجعل ذلك من مسائل سب الرسول؛ عُلم أنه ظلوم جهول، وإن كان مصيبًا في الإطلاق، فكيف إذا كان ضالاًّ مفتريًا في اللفظ والمعنى جميعًا"اهـ.

وفي "مدارج السالكين" (3/ 520-521) ذكر ابن القيم – رحمه الله- كلامًا لأبي إسماعيل الهروي الملقب بـ(شيخ الإسلام)، ظاهره القول بالاتحاد، فحمله على محمل حسن -مع تخطئته إياه في العبارة- ثم قال: "والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل، وسيرته، ومذهبه، وما يدعو إليه، ويناظر عليه، وقد كان شيخ الإسلام -قدّس الله روحه- راسخًا في إثبات الصفات، ونفي التعطيل، ومعاداة أهله، وله في ذلك كُتُبٌ، مثل كتاب «ذم الكلام» وغير ذلك مما يخالف طريقة المعطلة والحلولية والاتحادية..."إلخ اهـ.

فما أشبه هذا الكلام -في كثير منه- بالحال الذي نحن فيه اليوم، فسبحان الله، الذي جعل لكل قوم سلفًا!!

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:55
نموذج موجز عن فتنة المغراوي ومشجعه الحلبي

ثانياً- وجاء المغراوي يهذي بالتكفير في محاضراته ودروسه في التفسير وغيره بأسلوب لا يجرؤ عليه غلاة التكفير..


اقرأ أو استمع :

اعلان النكير على منهج الشيخ ربيع في التكفير (http://www.google.dz/url?sa=t&rct=j&q=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1%20%D8 %B9%D9%86%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE%2 0%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9&source=web&cd=16&cad=rja&ved=0CGEQFjAFOAo&url=http%3A%2F%2Fsulaymani.net%2Findex.php%3Foptio n%3Dcom_phocadownload%26view%3Dcategory%26id%3D53% 3A2012-02-15-09-59-04&ei=IQQPUdqvFsnK0QXEuoCgCw&usg=AFQjCNEwKM5OQqEKHjEEcSo6wiUGTwPu2A)



وهناك مثال من أقوال الشيخ ربيع
كما في رسالته الأخيرة ص (20) الحاشية:

[لا يخدعنّك مقال الحلبيّ الذي أعلن فيه تكفير من يقول بوحدة الأديان وما إليها،فإنه ذو ألوان، فقد كفّر أهلا في تأريخ سابق ،ثمّ لما ظهرت رسالة تتضمن وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان ومساواة الأديان إلى ضلالات أخرى مدحها وأشاد بها واعتبرها شارحة للإسلام وأنها تمثل وسطية الإسلام،ولمّا انتقد السلفيون(يعني نفسه وجماعته...) هذه الضلالات دافع عنها هو وحزبه دفاعا مريرا وطعنوا فيمن ينتقد هذه الضلالات ،وأثنى على هذا الدفاع وأهله وأثنى على من أيد هذه الضلالات وهم عدد كبير من الروافض وغلاة الصوفية والعلمانيين (نسي الشيخ ربيع أن يذكر أن من مجموع من ذكر الشيخ المنيع وخادم الحرمين الشريفين...) ولم يتراجع عن شيئ من ذلك إلى يومنا هذا.
وفي هذه الأيام أعلن عدنان عرعور الدعوة إلى وحدة الأديان فلم يهز ذلك وجدان الحلبي (أكنت معه يا شيخ ربيع؟! أم شققت عن قلبه؟!) وكأنّ شيئا لم يكن بل بعد هذا الإعلان شاركه ندوة في قناة وصال [فهل يُصَدّقُ الحلبي في دعواه أنه يكفر من يقول بوحدة الأديان ؟]...]

هذا الذي لونته لك أيها القارئ اللبيب يرد على تحريف الشيخ ربيع ـ وإنّي أحمد الله على أنه كتاب مطبوع حتى لا يحذف هذا التناقض الصارخ ـ
فهل يصدّق الشيخ ربيع ـ أنه في كامل قواه العقليّة ـ ؟؟

وهل يصدّق الشيخ ربيع في دعواه تكفير من يقول بوحدة الأديان [فأنت يا شيخ لم تكفّره بعد ] ..

أم حدث عندك خلط رهيب بين المواقع للكفر ـ من أهل القبلة ـ وشروط وضوابط وأحكام تكفير هذا المتلفظ للكفر ؟؟

ثمّ لم يعد أمامك حجة وأنت تنقل عن الشيخ علي أنه يكفر القول بوحدة الأديان ـ لا القائل مباشرة فتأمّل ـ

فلم لا تكفر الشيخ عليّ الحلبي (صراحة= بالقلم العريض) وأنت تتهمه بالقول بوحدة الأديان وهو يعلم كما تنقل بنفسك كفر ذلك؟؟؟؟

.............
http://www10.0zz0.com/2012/08/28/21/276278540.jpg

http://www10.0zz0.com/2012/08/28/21/434304792.jpg

عمر البومرداسي

لزهر الصادق
2013-02-04, 01:57
http://www7.0zz0.com/2012/08/29/21/457750142.jpg


فحسبنا الله ونعم الوكيل ! قال الشيخ علي بن حسن الحلبي:






الإعــــــــــلان
ببراءةِ أهلِ السُّنَّة والإيمان
مِن دعوَى
(وحدَةِ الأديان)
...



... لمْ يكُنْ لِيَخْطُرَ لي على بال، أو يَرِدَ لي على خيال، أنْ أكتُبَ مثلَ هذا المقال!
ولكنَّ الدَّافعَنِي لهذا -حَثِيثاً- هو ذاك الظُّلمُ الشديد، والتقوُّلُ غيرُ السَّدِيد، والتجنِّي بالباطلِ البعيد!
إذْ إنَّ مِن مُسلَّماتِ عقيدةِ أهلِ الإسلامِ تحريمَ خَلطِ الباطلِ بالحقِّ؛ لأنَّهُما ضِدَّان لا يَلتقِيان؛ حقٌّ وبُهتان، أو كُفرٌ وإيمان...
ولئِنْ كُنَّا -مُنذُ أمَدٍ بعيدٍ- لمْ نَرضَ دَعوةَ التقريبِ بينَ المذاهِبِ والفِرَقِ -مِن أجلِ ذاك المعنَى -نفسِهِ-؛ فكيف نَرضَى -اليومَ!- دَعوى تقريبٍ بين الأديان؛ فضلاً عن (وحدَةِ الأديان)؟! {أفَلا يَعقِلُونَ}؟!
{سُبحانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}...
ولولا أنِّي سمعتُ -بأُذُنَيَّ-ليلةَ أمسِ- تسجيلاً صوتيًّا لـ(بعضِ الناس!) -ممَّن يُشارُ إليهِم بالبَنان (!) -مِن الأعْيان!- يَنسُبُني إلى هذا البُهتان: لَـمَاكَتَبْتُ هذا المَقال! ولا الْتَفَتُّ إلى تِلكُمُ الأقوال!!! حتّى لو بقِيَت هذه الكِذْبَةُ الصَّلْعاءُ المُفتراةُ -ما بَقِيَتْ!!- يتناقَلُها صِبيانُ الإنترنت وكاتبوه! أو ذوو النَّظَّارات السَّوداء (!)-من معتوهٍ أو مشبوه!-، أو متعصِّبةُ آخِرِ الزَّمن ومقلّدوه!!
فمَن نَسَبَ إليَّ -بالتجنِّي أو الإلزام! أو التقوُّلِ والاتِّهام- أنِّي أقولُ بهذه المَقولةِ الاعتقاديةِ الكُفرِيَّةِ الفاضحةِ -أو بِشيءٍ مِنها -مِن قبلُ أو مِن بَعدُ-: فلَنْ أُسامحَهُ كائناً مَن كان -أيًّا كان-!!
{قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ}...
ورَحِمَ اللهُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميَّةَ -القائلَ-:«ومعلومٌ أنَّ مُفَسَّرَ كلامِ المُتكلِّمِ يَقضِي على مُجمَلِه، وصريحَه يُقدَّمُ على كِنايتِه»...
فكيف إذا لم يكن-أصلاً-لا هذا ولا ذاك!؟إنما هو محض الخِصام بالإلزام-بالتربُّص والترصُّد-!!!!!
وهأنَذا أقولُ (بمفسَّرِ القولِ)، و(صريحِ الكَلامِ):
إنَّ القولَ بوحدَةِ الأديانِ -وما إليها...- كُفرٌ -وأيُّ كُفر-؛ لا يقولُ به إلا كافرٌ مُستَبِين، أو جاهلٌ غيرُ أَمين، أو ضالٌّ عن الحقِّ والدِّين..
وربُّنا -تعالى- يقولُ:
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون.لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون.وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد.وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّم.وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد.لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين}[الكافرون:1-6].
{والعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}...
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.


وآخرُ دَعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.







قال الشيخ ربيع - عن الحدادية -
" لهم أصلٌ خبيثٌ، وهو: أنهم إذا ألصقوا بإنسانٍ قولاً -هو بريءٌ منه ، ويُعلن براءتَه منه-؛ فإنهم يُصِرُّون على الاستمرار على رمي ذلك المظلومِ بما ألصقوهُ به؛ فهم -بهذا الأصلِ الخبيثِ- يَفُوقون الخوارجَ ".

لزهر الصادق
2013-02-04, 02:33
لنا عودة إن شاء الله للرد على كل التمويهات التي يدحرجها أبو عمار الفتان
إن لم تحذف مشاركاتي أو يغلق الباب بلا رجعة