المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معنى التوحيد .. لا إله إلا الله من أقوال السلف


قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 08:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقدمة


الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، وأشهد أن لا إله إلا الله، إقراراً به حقًَّا يقينًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى توحيده في العالمينَ، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
فإن: ( لا إله إلا الله ) هي كلمة التقوى، والعروة الوثقى، وأساس الإسلام، ومفتاح دار السلام، وبها قامت الأرض والسماوات، ولأجلها خُلِقت المخلوقات، وأرسل الله رسله، وأنزل عليهم كتبه؛ فانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار، وقام سوق الجنة والنار، فعنها يكون السؤال والجواب، وعليها يقع العقاب والثواب، فنُصِبت الموازين، ووُضِعت الدَّواوين، وضُرِب الصِّراط؛ فمُسلَّمٌ في أعلى الجنان، ومكردسٌ في قعر النِّيران.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة: أن يعلم معنى (لا إله إلا الله)، ويعلم ركنيها (نفيًا وإثباتًا)، وهكذا شروطها، وعليه أن يحذر من نواقضها (عياذًا بالله)؛ فالناس يتفاوتون في الإسلام بحسب تفاوتهم في (لا إله إلا الله)؛ علمًا، وعملًا، بما تدلُّ عليه مطابقةً، وتضمُّنًا، والتزامًا، واقتضاءً؛ فإن هناك من يقولها اليوم، وإنما حاله كقوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}، ولم يُخالط الإيمان بشاشة قلبه، والله المستعان.
ولا ريب في معتقد أهل السُنَّة والجماعة أن التوحيد يكون بالقلب، واللسان، والجوارح، يزيد بالطاعة والعلم، وينقص بالمعصية والجهل، على خِلاف ما يعتقده أهل البدع والأهواء، كالمرجئة الذين يعتقدون أنه لا يضرُّ مع الإيمان ذنب؛ فيرجئون العمل عن مسمَّى الإيمان، وهكذا الخوارج فهم يعتقدون كُفر صاحب الكبيرة، وأنه مخلَّدٌ في النار- وإن كان موحِّدًا في الأصل-.
فكلٌّ من هاتين الفرقتين في طرف، وأهل السُّنَّة وسَطٌ بينهما، فلا إفراطٌ، ولا تفريط.
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممَّن يقول: (لا إله إلا الله) خالصًا من قلبه، ويعمل بمدلولها في الدنيا؛ فيحذر من البدعة، ويلزم السُّنَّة؛ وينجو من النَّار، ويفوز بالجنة.
كما أسأله تعالى أن يجعل هذا المؤلَّف المتواضع - الذي يحمل في طيَّاته بعضًا من معاني كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) - خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به، وإخواني المسلمين، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم الدين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. معنى لا إله الله من أقوال السلف

قال الله تعالى:
(فاعلم أنه لا إله إلا الله) (1)

كلمة "لا إله إلا الله"

- {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم : 24]
- كلمة التوحيد والإخلاص التي دعا إليها النبيُّون كلهم من آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء : 25]
- كلمة التقوى، كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وتلميذه مجاهد في قوله -تعالى- {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} يقول: شهادة أن لا إله إلا الله. (2)
- كلمة من كانت آخر كلامه في الدنيا دخل الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) [رواه أبو داود وغيره، وهو حديث حسن]
فضائل «لا إله إلا الله» كثيرة جدا، اقتصرنا على هذه الأمثلة اختصارًا، وقد كُتب عنها كثيرًا من أراد الاستزادة، فليراجع ذلك في مظانَّه.

هذه الكلمة العظيمة -كلمة التوحيد- يقولها المسلم في صلواته كل يوم، ويسمعها من المؤذن كل يوم مرارًا، لكن هل يعرف كثير من الناس معناها وما دلت عليه ؟!
الهدف من هذا المقال هو تبيين المعنى الصحيح لـ«لا إله إلا الله»، حتى يعلم المسلم معنى كلمة التوحيد، فيعمل به ويدعو إليه.
http://sphotos-c.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/c0.0.841.402.04389086595/p843x403/484886_520399554672167_1957078527_n.png

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 08:48
معنى "إله"

قال ابن فارس (395 هـ): الهمزة واللام والهاء أصل واحد، وهو التعبُّد. فالإله الله تعالى، وسمّيَ بذلك لأنّه معبود. ويقال تألّه الرجُل، إذا تعبّد. (3)
والإله المعبود، وهو الله عز وجل، ثم استعاره المشركون لما عبدوه (من الأصنام وغيرها) من دون الله تعالى (4)، لاعتقادهم أَن العبادة تَحُقُّ لها. (5)
وبهذا يظهر غلط من زعم أن قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف : 84] يدل على أن الله في كل مكان، بل معناها أنه سبحانه وتعالى معبود في السماء والأرض.

جملة من أقوال العلماء في تفسير هذه الآية:
- قتادة ( * ) : أي يُعبد في السماء، ويُعبد في الأرض. (6)
- ابن جرير الطبري (310هـ) : (يقول تعالى ذكره: والله الذي له الألوهة ( ** ) في السماء معبود، وفي الأرض معبود كما هو في السماء معبود، لا شيء سواه تصلح عبادته; يقول تعالى ذكره: فأفردوا لمن هذه صفته العبادة، ولا تشركوا به شيئا غيره.) (7)
- ابن أبي زَمَنِين (399هـ) : هو المُوَحَّدُ في السماء وفي الأرض. (8)
- أبو المظفر السمعاني (489هـ) : أي : معبود في السماء والأرض. (9)
- ابن كثير (774هـ) : وقوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} اختلف مفسرو هذه الآية على أقوال، بعد الاتفاق على تخطئة قول الجَهْمِيَّة الأول القائلين بأنه -تعالى عن قولهم علوًا كبيرًا-في كل مكان؛ حيث حملوا الآية على ذلك، فأصح الأقوال أنه المدعو الله في السموات وفي الأرض، أي: يعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السموات ومن في الأرض، ويسمونه الله، ويدعونه رَغَبًا ورَهَبًا، إلا من كفر من الجن والإنس، وهذه الآية على هذا القول كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]، أي: هو إله مَنْ في السماء وإله مَنْ في الأرض. (11)

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 08:51
معنى لا إله إلا الله

قول بعض أهل العلم في معنى "لا إله إلا الله" :

- ابن جرير الطبري : "فإنه {لا إله إلا هو} يقول : لا معبود يستحق عليك إخلاص العبادة له إلا الله الذي هو فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح ، وجاعل الليل سكنا ، والشمس والقمر حسبانا." (12)
وقال: "{وأن لا إله إلا هو} يقول: وأيقنوا أيضا أن لا معبود يستحق الألوهة على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر ، فاخلعوا الأنداد والآلهة ، وأفردوا له العبادة." (13)
- أبو جعفر النحاس (ت. 338هـ) قال: "{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} أي معبود يستحق العبادة {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي تنزيها لله جل وعز مما يعبدونه من دونه." (23)
- أبو المظفر السمعاني (ت. 489هـ) : {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} أي : لا أحد يستحق العبادة سواي. (14)
- البيهقي (458هـ) : فمعنى الإله: المعبود، وقول الموحدين: لا إله إلا الله معناه لا معبود غير الله. (15)
- القرطبي (671هـ) : قوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} نفي وإثبات. أولها كفر وآخرها إيمان، ومعناه لا معبود إلا الله. (16)
قال أبو هلال العسكري (بعد 395 هـ) : وأما قول الناس "لا معبود إلا الله" فمعناه أن لا يستحق العبادة إلا الله تعالى. (17)
- ابن كثير (ت. 774هـ): فقوله {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق. (18)
- السيوطي (911هـ) : «اللَّه لَا إلَه» أي لا معبود بحق في الوجود «إلَّا هُوَ». (19)
- البهوتي (1051 هـ) : (أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق) (20)
وغيرهم كثير

فبهذا يُعلم أن اعتقاد بعض المسلمين بأن معنى «لا إله إلا الله» أي: لا خالق إلا الله، غلط؛ فإن مشركي العرب وغيرهم كانوا مُقرِّين بأن الله وحده الخالق ولكنهم عبدوا الأصنام والملائكة وغيرها، قال الله عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت : 61] وغيرها أدلة كثيرة في القرآن الكريم، سنفرد لها مقالا خاصا بها إن شاء الله.


وشهادة أن لا إله إلا الله تتضمن إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتدبير، فالذي يستحق العبادة هو خالق العباد ومالكهم ومدبر شؤونهم، وقد حجّ الله عز وجل المشركين باعتقادهم بانفراد الله بالخلق والملك والتدبير على إفراده بالعبادة دون آلهتهم الباطلة التي ليس لها شيء من ذلك، وقد كان المشركون يقولون في تلبيتهم «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ إِلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ)» يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ. (21)
ولو كان هناك إله غير الله مستحق للعبادة لكان مماثلا لله عز وجل، فيكون أيضا خالقا ومالكا ومدبرا، وهذا ظاهر الفساد، قال الله عز وجل {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون : 91]
قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية:
(يقول تعالى ذكره: ما لله من ولد، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته {مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ} يقول: إذن لاعتزل كل إله منهم {بِمَا خَلَقَ} من شيء، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعض، وغلب القويّ منهم الضعيف؛ لأن القويّ لا يرضى أن يعلوه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها، لمن عقل وتدبر.) (22)

فـ«لا إله إلا الله» تعني: لا معبود بحق إلا الله، أو لا يستحق العبادة إلا الله. والشهادة بذلك تتضمن الشهادة بأنه وحده الخالق المالك المدبر، وأنه لا مثل له ولا نظير، لأن الذي تصلح عبادته هو خالق كل شيء ومدبره ومالكه، ليس كمثله شيء.


-----------------------------
(1) سورة محمد : 19
(2) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (22ج ص254) - تحقيق أحمد شاكر
(3) معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج1 ص127)
(4) المصباح المنير للفيومي، مادة "أله".
(5) لسان العرب مادة: "أله".
(6) جامع البيان للطبري / تفسير الطبري (ج21 ص653) تحقيق شاكر؛ تفسير عبد الرزاق الصنعاني (ج2 ص203)؛ الأسماء والصفات للبيهقي (ج2 ص343).
(7) جامع البيان / تفسير الطبري(ج21 ص652) تحقيق شاكر
(8) تفسير ابن أبي زمنين المجلد 4 ص196.
(9) تفسير السمعاني (ج5 ص119)
(11) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ج3 ص239-240).
(12) جامع البيان / تفسير الطبري (ج9 ص479) تحقيق: عبد الله التركي- دار هجر.
(13) جامع البيان (ج 12 ص345) ت. عبد الله التركي
(14) تفسير السمعاني (ج3 ص323)
(15) الأسماء والصفات للبيهقي (1ج ص58) ت. الحاشدي.
(16) معجم الفروق اللغوية – (ص68) في الفرق بين قولنا الله وبين قولنا إله؛ أبو هلال العسكري توفي بعد 395 هـ .
(17) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج 2 ص 191) ت. هشام البخاري
(18) تفسير القرآن العظيم (ج1 ص678)
(19) تفسير الجلالين ص42
(20) كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور البهوتي (ص9) - تحقيق محمد أمين الضنّاوي
(21) صحيح مسلم ، كتاب الحج / باب التلبية وصفتها ووقتها.
(22) جامع البيان (ج19 ص66) ت. شاكر
(23) إعراب القرآن للنحاس (ج4 ص262) تحقيق د.زهير غازي زاهد - عالم الكتب- بيروت.
( * ) هو قَتادة بن دِعامة السدوسي (61 - 117 هـ) من التابعين.
( ** ) الإلاهَة ، والأُلوهَة ، والأُلُوهِيَّةُ: العبادة. (المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده - 4 / 358)
http://sphotos-c.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/c0.0.841.402.04389086595/p843x403/484886_520399554672167_1957078527_n.png
(http://www.********.com/photo.php?fbid=520399554672167&set=a.514915095220613.118719.508622195849903&type=1&relevant_count=1)

نمارق الجنة
2013-02-02, 13:46
لا اله الا الله
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا.

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:50
المطويات الدعوية...77

لا إله إلا الله معناها وشروطها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

هذه فوائد في معنى لا إله إلا الله جمعتها بتصرف واختصار من فتاوى الإمام ابن باز رحمه الله.

معنى قول لا إله إلا الله

السؤال : - ما هي شروط قول : (( لا إله إلا الله )) ، وهل يكفي التلفظ بها فقط دون فهم معناها وما يترتب عليها ؟

الجواب : لا بد أن تفهم الكلمة وتعقلها ، (( لا إله إلا الله )) أفضل الكلام , وهي أصل الدين وأساس الملة وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أقوامهم . فأول شيء بدأ به الرسول قومه أن قال قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا , قال تعالى : سورة الأنبياء الآية 25 وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ وكل رسول يقول لقومه : سورة الأعراف الآية 59 اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ فهي أساس الدين والملة ولا بد أن يعرف قائلها معناها

فهي تعني أنه لا معبود بحق إلا الله .

مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله (الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 50)


شروط الإسلام

س 10: ما هي شروط الإسلام؟

الجواب : شروط الإسلام شرطان:

الشرط الأول:

الإخلاص لله، وأن تقصد بإسلامك ودخولك في دين الله وأعمالك وجه الله عز وجل، هذا لا بد منه؛ لأن كل عمل تعمله وليس لوجه الله سواء كان صلاة أو صدقة أو صياما أو غير هذا لا يكون نافعا ولا مقبولا، حتى الشهادتين لو فعلتهما رياء أو نفاقا لا تقبل ولا تنفعك وتكون من المنافقين.

فلا بد أن يكون قولك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صدقا من قلبك، تؤمن بالله وحده وأنه المعبود بالحق، وأن محمدا رسول الله صادق، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء، فإذا كان ذلك منك صدقا وإخلاصا نفعك ذلك، وهكذا في صلاتك تعبد الله بها وحده، وهكذا صدقاتك، وهكذا قراءتك، وتهليلك، وصومك، وحجك يكون لله وحده.

الشرط الثاني:

الموافقة للشريعة، فلا بد أن تكون أعمالك موافقة للشريعة، وليس من عند رأيك ولا من اجتهادك، بل لا بد أن تتحرى موافقة الشريعة فتصلي كما شرع الله، وتصوم كما شرع الله، وتزكي كما شرع الله،

وتجاهد كما شرع الله وتحج كما شرع الله، وهكذا.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والله يقول في كتابه العظيم: سورة الشورى الآية 21 أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21] . يعيبهم سبحانه بهذا العمل.

ويقول سبحانه: سورة الجاثية الآية 18 ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ سورة الجاثية الآية 19 إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [الجاثية: 18 ، 19] .

فالواجب اتباع الشريعة التي شرعها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعدم الخروج عنها في جميع العبادات التي تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه هي شروط الإسلام، وهي شرطان: الأول: الإخلاص لله في العمل، والثاني: الموافقة للشريعة، هذا هو الذي به تنتفع بعباداتك، ويقبل الله منك عباداتك إذا كنت مسلما.

فتاوى نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله 1ص29



معنى لا إله إلا الله ودخول الجنة

إذا قال العبد: لا إله إلا الله، وشهد أن محمدا رسول الله عن صدق وعن إيمان، فعبد الله وحده، وأفرده بالعبادة، لا يدعو معه أمواتا، ولا أحجارا، ولا أصناما، ولا كواكب ولا غير ذلك، بل يعبده وحده سبحانه وتعالى، ويصدق رسوله، ويشهد أنه رسول الحق إلى الثقلين، ثم مات على ذلك غير مصر على سيئة، بل أسلم وأدى هذه الشهادة ومات، فإنه من أهل الجنة.

...فإن أتى بناقض من نواقض الإسلام كفر، ولو أتى بالشهادتين، فإن المنافقين يقولون الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لكنهم في الباطن يكذبون، يكذبون الرسول، ويكذبون الله فيما قال، فصاروا كفارا في الدرك الأسفل من النار.

وهكذا لو قال هذه الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم سب الدين، أو سب الله كفر ، وخرج عن الإسلام -والعياذ بالله-.

فتاوى نور على الدرب لابن باز رحمه الله 1ص40



شروط قول لا إله إلا الله

السؤال : - ما هي شروط قول : (( لا إله إلا الله )) ، وهل يكفي التلفظ بها فقط دون فهم معناها وما يترتب عليها ؟

الجواب : لا بد أن تفهم الكلمة وتعقلها ، (( لا إله إلا الله )) أفضل الكلام , وهي أصل الدين وأساس الملة وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أقوامهم . فأول شيء بدأ به الرسول قومه أن قال قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا , قال تعالى : سورة الأنبياء الآية 25 وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ وكل رسول يقول لقومه : سورة الأعراف الآية 59 اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ فهي أساس الدين والملة ولا بد أن يعرف قائلها معناها

فهي تعني أنه لا معبود بحق إلا الله .

ولها شروط وهي العلم بمعناها واليقين وعدم الشك بصحتها والإخلاص لله في ذلك وحده والصدق بقلبه ولسانه والمحبة لما دلت عليه من الإخلاص لله وقبول ذلك والانقياد له وتوحيده ونبذ الشرك به مع البراءة من عبادة غيره , واعتقاد بطلانها ، وكل هذا من شرائط قول لا إله إلا الله وصحة معناها . يقولها المؤمن والمؤمنة مع البراءة من عبادة غير الله ومع الانقياد للحق وقبوله والمحبة لله وتوحيده والإخلاص له ، وعدم الشك في معناها فإن بعض الناس يقولها وليس مؤمنا بها كالمنافقين الذين يقولونها وعندهم شك أو تكذيب

فلا بد من علم ويقين وصدق وإخلاص ومحبة وانقياد وقبول وبراءة , وقد جمع بعضهم شروطها في بيتين فقال :

علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها

وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .



مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله (الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 50)

أعد المطويات




قدم لها

الشيخ علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم


مدونة المطويات الدعوية (http://www.javatuts.om.cm/Matwyat/index.php)

نمارق الجنة
2013-02-02, 13:50
http://img03.arabsh.com/uploads/image/2012/10/29/0d34404865f200.jpg
http://www.arab-eng.org/vb/uploaded/12354_1151521827.gif

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:54
لا اله الا الله
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا.





لا إله إلا الله
وهى بإختصار كما قال الشاعر :
علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصدقك مع ....... محبةٍ وانقيادٍ والقبولِ لها
وزيدَ ثامنها الكفران منك بما ......... سُوى الإله من الإشياء قد أُلها ...
نقلاً من " الدروس المُهمة " لشيخ الإسلام بن باز _ رحمه الله _ ..

وفيكم بارك الله اختي الفاضلة

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:55
باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله


وقول الله تعالى (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)[الإسراء: 57].
قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26)إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِي(27)وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف:26-28].
وقوله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)[التوبة: 31].
وقوله: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)[البقرة:165].
وفي الصحيح عن النبي (: أنه قال: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ, حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ. وَحِسَابُهُ عَلَى اللّهِ عز وجل». وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب.


[الشرح]


للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
حفظه الله تعالى

(باب تفسير التوحيد وشهادةِ أن لا إله إلا الله), مرَّ معنا أنَّ التوحيد هو شهادة أن لا إله إلا الله، ولهذا قال العلماء: العطف هنا: (التوحيد وشهادة أن لا اله إلا الله) هذا من عطف المترادفات؛ ولكن هذا فيه نظر من جهة أن التَّرادف غير موجود -الترادف الكامل-، لكن الترادف الناقص موجود.
فإذن فهو من قبيل عطف المترادفات بمعناها واحد؛ لكن يختلف بعضها عن بعض في بعض المعنى.
فالتوحيد مر معنا تعريفه في أول الكتاب، وقوله (باب تفسير التوحيد) يعني الكشف والإيضاح عن معنى التوحيد.
فقد قلت لك إن التوحيد: هو اعتقاد أن الله جل وعلا:
* واحد في ربوبيته لا شريك له.
* واحد في ألوهيته لا ند له.
* واحد في أسمائه وصفاته لا مِثْل له سبحانه و تعالى، قال جل وعلا?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ?[الشورى:11].
ويشمل ذلك أنواع التوحيد جميعا، فإذن التوحيد اعتقاد أن الله واحد في هذه الثلاثة أشياء.
(وشهادة أن لا إله إلا الله) يعني تفسير شهادة أن لا إله إلا الله، هذه الشهادة أعظم كلمة قالها مكلَّف ولا شيء أعظم منها؛ وذلك لأن معناها هو الذي قامت عليه الأرض والسماوات، وما تعبَّد المتعبدون إلا لتحقيقها ولامتثالها.
شهادة أن لا إله إلا الله. الشهادة:
* تارة تكون شهادة حضور وبصر.
* وتارة تكون شهادة علم.
يعني يشهد على شيء حضرَه ورآه أو يشهد على شيء علمه.
هذان نوعان بمعنى الشهادة، فإذا قال قائل: أشهد. فيحتمل أنه سيأتي بشيء رآه أو بشيء علمه.
وأشهد أن لا إله إلا الله هذه شهادة علمية، ولهذا في قوله: أشهد. العلم.
والشهادة في اللغة وفي الشرع وفي تفاسير السلف لآي القرآن التي فيها لفظ (شَهِدَ) كقوله: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آل عمران:18]، وكقوله: ?مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ?[الزخرف:86] (شَهِدَ) تتضمن أشياء:
الأول الاعتقاد بما سينطق به: الاعتقاد بما شهده؛ شهد أن لا إلـه إلاَّ الله؛ يعني اعتقد بقلبه معنى هذه الكلمة، وهذا فيه العلم وفيه اليقين؛ لأن الشهادة فيها الاعتقاد، والاعتقاد لا يسمى اعتقادا إلاَّ إذا كان ثمَّ علم ويقين.
الثاني التكلم بها (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ)[آل عمران:18]، صار اعتقادا وصار أيضا إعلاما ونطقا بها.
والثالث الإخبار بذلك والإعلام به: فيَنطقه بلسانه من جهة الواجب، وأيضا لا يسمى شاهدا حتى يخبر غيره بما شهد.
هذا من جهة الشهادة.
فإذن يكون أشهد أن لا إله إلاَّ الله معناها: أعتقد وأتكلم وأُعلم وأخبر بأن لا إله إلا الله، فافترقت -إذن- عن حال الاعتقاد، وافترقت -إذن- عن حال القول، وافترت -إذن- عن حال الإخبار المجرد عن الاعتقاد، فلا بد من الثلاثة مجتمعة.
ولهذا نقول في الإيمان أنه اعتقاد الجنان وقول اللسان وعمل الجوارح والأركان.
لا إله إلاَّ الله هذه هي كلمة التوحيد وهي مشتملة من حيث الألفاظ على أربعة ألفاظ:
الأول: لا، الثاني: إله. الثالث: إلاَّ. الرابع لفظ الجلالة: الله.
أمَّا (لا) هنا فهي النافية للجنس؛ تنفي جنس استحقاق الألوهية عن أحد إلاَّ الله جل وعلا, يعني في ذا السياق.
وإذا أتى بعد النفي (إلاَّ) -وهي أداة الاستثناء- صارت تفيد معنىً زائدا وهو الحصر والقصر.
فيكون المعنى: الإلـهية الحقة أو الإلـه الحق هو الله بالحصر والقصر، ليس ثمَّ إلـه حق إلاَّ هو دون من سواه.
وكلمة (إلـه) من جهة الوزن فِعَال، قالوا: فعال تأتي أحيانا بمعنى فاعِل وتأتي أحيانا بمعنى مفعول.
وننظر هنا فنجد كلمة (ألَهَ) في اللغة بمعنى عَبَدَ.
وقال بعض اللغويين أَلَهَ, يألَهُ فلان إذا تحيَّر، وسُمي عندهم الإلـه إلـها؛ لأنّ الألباب تحيَّرت في كنه وصفه وكنه حقيقته. وهذا القول ليس بجيد.
بل الصواب كلمة إلـه فِعَال بمعنى مفعول يعني المعبود فإله مهناها المعبود، ويدل على ذلك ما جاء في قراءة ابن عباس أنه قرأ في سورة الأعراف ?أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك?[الأعراف:127] كان ابن عباس يقرؤها هكذا (وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك)، قال: لأن فرعون كان يُعبد ولم يكن يَعبد فصوب القراءة بـ(وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك) بمعنى وعبادتك، وقراءتنا وهي قراءة السبعة (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) يعني المتقدمين.
فهذا معناه أن ابن عباس فهم الإلهة معنى العبادة، قد قال الراجز في شعره المعروف الذي ذكرته لكم من قبل:
لله درّ الغانيات المـُــدّهِ سبّحن واسترجعن من تألهي يعني من عبادتي.
فإذن يكون الإله هو المعبود، لا إلـه يعني لا معبود، إلا الله، هنا لا معبود، لا النافية للجنس كما تعلمون تحتاج إلى اسم وخبر؛ لأنها تعمل عمل إنَّ؛
عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلا في نَكِرَه ............................ فأين خبر لا النافية للجنس؟ كثير الناس من المنتسبين للعلم قدَّرُوا الخبر: لا إله موجود إلا الله.
وهذا يحتاج إلى مقدمة قبله وهو أن المتكلمين الأشاعرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا: إن كلمة (إلـه) هي بمعنى فاعل؛ لأن فِعَال تأتي بمعنى مفعول أو فاعل، فقالوا هي بمعنى آلِـهْ والآلِـهُ هو القادر، ففسروا الإلـه بأنه القادر الاختراع، ولهذا تجد في عقائد الأشاعرة ما هو مسطور في شرح العقيدة السَّنوسية التي تسمى عندهم بأم البراهين قال مانصه فيها: الإله هو المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه. قال فمعنى لا اله إلا الله لا مستغنيا عما سواه و لا مفتقرا إليه كل ما عداه إلا الله، ففسروا الألوهية بالربوبية، وفسروا الإلـه بالقادر على الاختراع أو بالمستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه.
وبالتالي يقدرون الخبرموجود لا إله موجود؛ يعني لا قادر على الاختراع والخلق موجود إلا الله, لا مستغنيا عما سواه ولا مفتقرا إليه كل ما عداه موجود إلا الله؛ لأن الخلق جميعا محتاجون إلى غيرهم.
وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك في المسلمين؛ لأنهم ظنوا أن التوحيد هو إفراد الله بالربوبية، فإذا اعتقد أن القادر على الاختراع هو الله وحده صار موحدا، إذا اعتقد أن المستغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا، وهذا من أبطل الباطل أين حال مشركي قريش الذين قال جل وعلا فيهم ?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ?[العنكبوت:61] وفي آية أخرى?وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ?[الزخرف:9]، ونحو ذلك من الآيات وهي كثيرة كقوله ?قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ?[يونس:31-32] الآيات من سورة يونس, هذا معلوم أن مشركي قريش لم يكونوا ينازعون في الربوبية.
فإذن صارت هذه الكلمة دالة على غير ما أراد أولئك وهو ما ذكرناه آنفا من أن معنى لا إله يعني لا معبود، فيكون الخبر:
إما أن يكون تقديره موجود، فيكون المعنى لا معبود إلا الله، وهذا باطل لأننا نرى أن المعبودات كثيرة فقد قال جل وعلا مخبرا على قول الكفار?أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا?[ص:5] فالمعبودات كثيرة والمعبودات موجودة، فإذن تقدير الخبر بموجود غلط.
ومن المعلوم أنّ المتقرر في علم العربية أن خبر لا النافية للجنس يكثر حذفه في لغة العرب وفي نصوص الكتاب والسنة؛ ذلك أن خبر لا النافية للجنس يُحذف إذا كان المقام يدل عليه، وإذا كان السامع يعلم ما المقصود من ذلك.
وقد قال ابن مالك في آخر باب لا النافية للجنس حينما ساق هذه المسألة:
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ يعني باب لا النافية للجنس
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الخَبَر إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَــر إذا ظهر المراد مع حذف الخبر فإنك تحذف الخبر لأن الكلام الأنسب أن يكون مختصرا, كما قال عليه الصلاة والسلام «لاَ عَدْوَىَ، ولاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ نَوْءَ، وَلاَ غُول» أين الخبر؟ كلها محذوفات لأنها معلومة لدى السامع.
فإذن الخبر هنا معلوم وهو أن الخبر موجودا يعني يقدر بموجود لأن الآلـهة عُبدت مع الله موجودة، فيقدر الخبر بقولك (بحق) أو (حقٌّ)، لا إله بحق يعني لا معبود بحق أو لا معبود حق إلا الله، إن قدرت الظرف فلا بأس، أو قدرت كلمة مفردة حق لا بأس.
لا معبود حق إلا الله، هذا كلمة التوحيد، فيكون إذن كل من عبد غير الله جل وعلا عُبد نعم؛ ولكن هل عبد بالحق أو عُبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي؟ عُبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي، وهذا يفهمه العربي من سماع كلمة لا إلـه إلاَّ الله.
ولهذا بئس قوم -كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله-: بئس قوم أبو جهل أعلم منهم بـ: لا إلـه إلاَّ الله يفهم هذه الكلمة وأبى أن يقولها، ولو كانت كما يزعم كثير من أهل هذا العصر وما قبله لقالوها بسهولة ولم يدروا ما تحتها من المعاني؛ لكن يعلم أن معناها لا معبود حق إلاَّ الله، وأن عبادة غيره إنما هي بالظلم ولن يُقر بالظلم على نفسه، وبالبغي ولن يقر بأنه باغ متعد، وبالتعدي والعدوان، وهذا هو حقيقة معنى لا إلـه إلاَّ الله.
وفيها الجمع بين النفي والإثبات كما سيأتي في بيان آية الزخرف ?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ?[الزخرف:26-27].
قال الإمام رحمه الله (وقول الله تعالى ?أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ?[الإسراء: 57]) هذه الآية تفسير للتوحيد، وذلك أننا عرّفنا التوحيد بأنه إفراد الله بالعبادة وهو توحيد الإلـهية، وهذه الآية اشتملت على الثناء على خاصة عباد الله لأنهم وحدوا الله بالإلـهية، وهذه مناسبة الآية للباب فقد وصفهم الله جل وعلا (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) و(يَدْعُونَ) بمعنى يعبدون لأن الدعاء هو العبادة

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:57
تتمة
العبادة والدعاء نوعان كما سيأتي تفصيله:
* دعاء مسألة.
* ودعاء عبادة.
قال هنا (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) يعني يعبدون، (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) (الْوَسِيلَةَ) هي القصد والحاجة؛ يعني أن حاجاتهم يبتغونها إلى ربهم ذي الربوبية الذي يملك الإجابة، وفي قول الله جل وعلا في سورة المائدة ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ?[المائدة:35] سئل ابن عباس رضي الله عنهما -وهي من مسائل نافع بن الأزرق المعروفة- سئل عن قوله (الْوَسِيلَةَ) في قوله (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ما معنى الوسيلة؟ قال: الوسيلة الحاجة. فقالا: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، ألم تسمعا إلى قول الشاعر -وهو عنتر- يخاطب امرأة:
إنَّ الرجال لهم إليك وسيلة أن يأخذوك تكحلي وتخضبي (لهم إليك وسيلة) يعني لهم إليك حاجة.
ووجه الاستدلال من آية المائدة: أنه قال (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) قدم الجار والمجرور على لفظ (الْوَسِيلَةَ)، وتقديم الجار والمجرور -وحقه التأخير- يفيد للحصر والقصر، وعند عدد من علماء المعاني يفيد الاختصاص.
وهذا أو ذاك فوجه الاستدلال ظاهر في أن قوله في آية الإسراء (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) أن حاجاتهم إنما يبتغونها عند الله، فقد اختص الله عز وجل بذلك فلا يتوجهون إلى غيره، وقد حصروا وقصروا التوجه في الله جل وعلا.
وقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ الألوهية يعني قال (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) ولم يقل يبتغون إلى الله الوسيلة؛ لأن إجابة الدعاء والإثابة هي من مفردات الربوبية؛ لأن ربوبية الله على خلقه تقتضي أن يجيب دعاءهم وأن يعطيهم سُؤلهم؛ لأن ذلك من أفراد الربوبية.
فإذن ظهر من قوله (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) أن فيها تفسير التوحيد وهو أن كل حاجة من الحاجات إنما تُنزلها بالله جل وعلا، (يَدْعُونَ)؛ يعبدون وهم إنما يطلبون حاجاتهم من الله جل وعلا، فلا يعبدون بنوع من العبادات ويتوجهون به لغير الله، فإذا نحروا فإنما ينحرون يبتغون إلى ربهم الحاجة، وإذا صلوا فإنما يصلون يبتغون إلى ربهم الحاجة، وإذا استغاثوا فإنما يستغيثون بالله يبتغون إليه الحاجة دونما سواه, إلى آخر مفردات توحيد العبادة.
فهذه الآية دالة بظهور على أن قوله (يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) أنه هو بالتوحيد.
وقد استشكل بعض أهل العلم إيراد هذه الآية في هذا الباب، وقال: ما مناسبة هذه الآية لهذا الباب؟ وبما ذكرت لك تتضح المناسبة جليا.
قال جل علا (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ)، وهذه حال خاصة عباد الله أنهم جمعوا بين العبادة وبين الخوف وبين الرجاء, فيرجون رحمته ويخافون عذابه، وهم إنما توجهوا إليه وحده دونما سواه، فأنزلوا الخوف والمحبة والدعاء والرغب والرجاء في الله جل وعلا وحده دونما سواه، وهذا هو تفسير التوحيد.
قال رحمه الله (وقوله تعالى:?وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ?[الزخرف:26-27]) وجه الاستدلال من هذه الآية في قوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) هذه الجملة فيها البراءة وفيها الإثبات؛ البراءة مما يعبدون، قال بعض أهل العلم: تبرأ من العبادة والمعبودين قبل أن يتبرأ من العابدين؛ لأنه إذا تبرأ من أولئك فقد بلغ به الحَنَق والكراهة والبغضاء والكفر بتلك العبادة مبلغها الأعظم، وقد جاء تفصيل ذلك في آية الممتحنة كما هو معلوم.
إذن مناسبة هذه الآية للباب أن قوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) اشتملت على نفي وإثبات، فهي مساوية لكلمة التوحيد؛ بل هي دِلالة كلمة التوحيد، ففي هذه الآية تفسير شهادة أن لا إلـه إلا الله, ولهذا قال جل وعلا بعدها (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ما هذه الكلمة ؟ هي قول: لا إلـه إلا الله. كما عليه تفاسير السلف.
فإذن قوله عز وجل (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) هذا فيه النفي الذي نعلمه من قوله (لا إلـه)، فتفسير شهادة أن لا إلـه إلاَّ الله في هذه الآية:
* (لا إلـه) معناها (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ).
* (إلاَّ الله) معناها (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي).
فإذن في آية الزخرف هذه أن إبراهيم عليه السلام شرح لهم معنى كلمة التوحيد بقوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ).
والبراءة هي: الكفر والبغضاء والمعاداة. تبرأ من عبادة غير الله إذا أبغضها وكفر بها وعاداها، وهذه لابد منها، لا يصح إسلام أحد حتى تقوم هذه البراءة في قلبه؛ لأنه إنّ لم تقم هذه البراءة في قلبه فلا يكون موحدا، البراءة هي أن يكون مبغضا لعبادة غير الله، كافرا بعبادة غير الله، معاديا لعبادة غير الله، كما قال هنا (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ).
أمَّا البراءة من العابدين فإنها من اللوازم وليست من أصل كلمة التوحيد؛ البراءة من العابدين، فقد يعادي وقد لا يعادي وهذه لها مقامات منها ما هو مُكفِّر ومنها ما هو نوع موالاة ولا يصل بصاحبه إلى الكفر.
إذن تحصَّل لك أن البراءة التي هي مُضَمَّنَةٌ في النفي (لا إله) بُغض لعبادة غير الله، وكفر بعبادة غير الله، وعداوة لعبادة غير الله، وهذا القدر لا يستقيم إسلام أحد حتى يكون في قلبه ذلك.
قال(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) وهذا استثناء كما هو الاستثناء في كلمة التوحيد (لا إلـه إلاَّ الله).
قال بعض أهل العلم قال (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) ذكر الفَطْر دون غيره؛ لأن في ذلك التذكير بأنه إنما يستحق العبادة من فطر، أما من لم يفطِر ولم يخلق شيئا فإنه لا يستحق شيئا من العبادة.
إذن مناسبة هذه الآية ظاهرة للباب ووجه الاستدلال منها ومعنى البراءة ومعنى النفي والإثبات فيها وفي كلمة التوحيد.
قال (وقوله ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ?[التوبة:31].) (أَرْبَابًا) جمع رب، والربوبية هنا هي العبادة؛ يعني اتخذوا أحبارهم ورهبانهم معبودين، (مِنْ دُونِ اللَّهِ)؛ يعني مع الله، وذلك لأنهم أطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، والطاعة من التوحيد، فَرْدٌ من أفراد العبادة أن يطيع في التحليل والتحريم فإذا أطاع غير الله في التحليل والتحريم فإنه قد عبد ذلك الغير، فهذه الآية فيها ذكر أحد أفراد التوحيد, أحد أفراد العبادة وهو الطاعة، وسيأتي إيرادها في باب مستقل -إن شاء الله تعالى- مع بيان ما تشتمل عليه من المعاني.
قال(وقوله ?وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ?[البقرة:165])، (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) أثبت الله جل وعلا أنهم اتخذوا من دون الله أندادا؛ يعني مع الله أو من دونه أندادا جعلوهم يستحقون شيئا من العبادات، ووصفهم بأنهم (يُحِبُّونَهُمْ) يعني المشركين (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ).
وقوله هنا (كَحُبِّ اللَّهِ)، المفسرون من السلف فمن بعدهم هنا على قولين:
* منهم من يقول: (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) هي كلها في الذين اتخذوا أندادا؛ يعني يحبون أندادهم أندادهم كحبهم لله.
* وقال آخرون: (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) يعني يحبونهم كحب المؤمنين لله، فالكاف بمعنى مِثْل هنا كقوله ?ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً?[البقرة:74] (كَالْحِجَارَةِ) الكاف هنا اسم بمعنى مثل لأنه عطف عليها اسم آخر, قال (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً).
(يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) يعني ساووا محبة تلك الآلـهة بمحبة الله، فهم يحبون الله حبا عظيما؛ ولكنهم يحبون كذلك تلك الآلـهة حبا عظيما، وهذا التساوي هو الشرك, والتسوية هذه هي التي جعلتهم من أهل النار، كما قال جل و علا في سورة الشعراء مخبرا عن قول أهل النار ?تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(97)إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ?[الشعراء:97-98]، ومعلوم أنهم ما سوَّوْا تلك الآلهة برب العالمين في الخَلق والرَّزق و مفردات الربوبية و إنما سووهم برب العالمين في المحبة و العبادة.
فإذن قوله جل و علا (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) يعني يحبونهم محبة مثل محبتهم لله، وهذا الوجه أرجح من الوجه الآخر الذي تقديره كحب المؤمنين لله, و الذين آمنوا أشد حبا لله.
وجه الاستدلال للآية و مناسبتها للباب ظاهرة: في أن التشريك في المحبة منافٍ لكلمة التوحيد, مناف للتوحيد من أصله؛ بل حَكَم الله عليهم بأنهم اتخذوا أندادا من دون الله، ووصفهم بأنهم اتخذوا الأنداد في المحبة، والمحبة محركة وهي تبعث على التصرفات.
فإذن هنا فيه ذكر للمحبة. والمحبة نوع من أنواع العبادة ولما لم يفردوا الله بهذه العبادة صاروا متخذين أندادا من دون الله، وهذا معنى التوحيد ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله.
ثم قال رحمه الله (وفي الصحيح عن النبي (: أنه قال: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ, حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ. وَحِسَابُهُ عَلَى اللّهِ عز وجل»).في هذا الحديث بيان التوحيد و شهادة أن لا إلا الله؛ ذلك أن ثمة فرقا بين قول لا إله إلا الله و بين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله, فالتوحيد و الشهادة أرفع درجة ومختلف عن مجرد القول، وهذا الحديث فيه قيد زائد عن مجرد القول؛ قال عليه الصلاة والسلام (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ):
( فيكون الواو تعطف ويكون ما بعدها غير ما قبلها؛ لأن الأصل في العطف المغايرة، ويكون (كَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ) هذه زيادة على مجرد القول، فيكون قال (لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ) ومع قوله (كَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ) يعني تبرَّأ مما يعبد من دون الله. هذا قول.
( والقول الثاني الواو هنا ليست عاطفة عطف مغايرة شيء عن شيء أصلا، وإنما هي من باب عطف التفسير؛ يعني يكون ما بعدها بعض ما قبلها، كقوله جل وعلا ?مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ?[البقرة:98]، (جِبْرِيلَ وَمِيكَالَ) بعض الملائكة فعطفهم وخصهم بالذكر، وأظهر اسم جبريل وميكال لبيان أهمية هذين الاسمين وأهمية الملكين؛ لأن أولئك اليهود لهم كلام في جبريل وميكال.
المقصود أن يكون العطف هنا عطف خاصٍ بعد عام أو عطف تفسير؛ لأن ما بعدها داخل في ما قبلها، وهذا تفسير لقوله (لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ).
فيكون إذن (لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ) على هذا القول الثاني متضمنة للكفر بما يعبد من دون الله.
وهذا هو الذي ذكرته لك في معنى البراءة في آية الزخرف (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) قلنا البراءة تتضمن البغض والكفر والمعاداة؛ الكفر بما يُعبد من دون الله، وهذا تفسير ظاهر لكلمة التوحيد.
قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ) هذا تفسير وهذا الوجه الثاني هو الأظهر والأنسب لسياق الشيخ رحمه الله تعالى؛ بل هو الذي يتوافق مع ما قبله من الأدلة.
قال (حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ. وَحِسَابُهُ عَلَى اللّهِ عز وجل) ذلك أنه صار مسلما، (مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ, وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللّهِ) صار مسلما، والمسلم لا يحل دمه إلا بإحدى ثلاث ولا يحل ماله؛ ولهذا قال هنا (حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ).
إذن يظهر لك من هذه الترجمة وما فيها من الآيات والحديث أنَّ تفسير التوحيد وتفسير شهادة أن لا إله إلا الله يحتاج منك إلى مزيد عناية ونظر وتأمل وتأنِّي حتى تفهمه بحجته وببيان وجه الحجة في ذلك.
بعد ذلك قال الشيخ رحمه الله (وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب) فالكتاب كله هو تفسير للتوحيد وتفسير لكلمة لا إله إلا الله، وبيان ما ينافي أصل التوحيد وبيان ما ينافي كمال التوحيد، وبيان الشرك الأكبر والشرك الخفي وشرك الألفاظ، وبيان بعض مستلزمات التوحيد؛ توحيد العبادة من الإقرار لله بالأسماء والصفات، وبيان ما يتضمنه توحيد العبادة من الإقرار لله جل وعلا بالربوبية.




المصدر : بشرح كتاب التوحيد
الذي هو حق الله على العبيد
للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
حفظه الله تعالى

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:58
والسلفي لايمل ولا يسأم من الدعوة إلى التوحيد ولعل هذا من أهم الفروق بين الدعوة السلفية والدعوات الأخرى الباطلة


قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - في خطبة كتابه الماتع أعلام الموقعين عن رب العالمين ، متحدثا عن فضل هذه الكلمة :

''... أحمده والتوفيق للحمد من نعمه وأشكره والشكر كفيل بالمزيد من فضله وكرمه وقسمه وأستغفره وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوال نعمه وحلول نقمه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة قامت بها الأرض والسموات وفطر الله عليها جميع المخلوقات وعليها أسست الملة ونصبت القبلة ولأجلها جلدت سيوف الجهاد وبها أمر الله سبحانه جميع العباد فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ومفتاح العبودية التي دعا الأمم على ألسن رسله إليها وهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام وأساس الفرض والسنة ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة...''

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 13:59
تفسير كلمة التوحيد


لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُُه.

﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُُه.

﴿يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ` يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71].

أمّا بعد: فإنّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ r وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النار.

فإنَّ التمسك بالكتاب والسنة عقيدةً ومنهجًا أمرٌ لا بدَّ منه لكلِّ مسلم؛ فعلينا أن نستمسك بكتاب الله وسنة رسول الله r التي أُوتي رسولُ الله r فيها جوامع الكلم، ومن جوامع كَلِمِه r التي تحتوي الدِّين كلَّه حديث جبريل المشهور كما روى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب t عنه قال: <بَيْنَمَا كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ r إِذْ جَاءَنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَر وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَيْهِ عَلى فَخِذَيْه،فقال أَخْبِرْني عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ البَيْتَ إِنْ اِسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا،قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُه>؛ لأنَّ من عادة الجاهل إذا سأل عن أشياء لا يعرفها لا يقول للمجيب صدقت وإنما يقول صدقت من يعرف تلك الإجابة <فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُه>

<قَالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ الإِيمَان قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمُ الآخِر وَبِالقَدَرِ خَيْرِهِ وِشَرِّهِ قَالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ الإِحْسَانِ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لم تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: فأَخْبِرْني عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: مَالمسْؤُولِ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائل قَالَ: فَأَخْبِرْني عنْ أَمَارَاتها قَالَ: أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الحُفَاَةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ في البُنْيَانِ؛ ثُمَّ ذَهَبَ وَمَكَثَ مَلِيًا؛ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنِ السَّائِل؟ قَالُوا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم قَالَ: ذَلِكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ>[1] جاء جبريل في هذه الصُّورة الغريبة التي حكاها عمر t بأمر من الله؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ [مريم:64]، وجبريل u لا يأتي إلا بأمرٍ من الله، فقد أبطأ على النبي r يوماً، فسأله النَّبي r فأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ [مريم:64] قال النَّبيُّ r: <أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ>؛ لأنَّ هذه أسئلةٌ عظيمة حَوَتْ أركانَ الإسلام وأركانَ الإيمان والمرتبةَ الثالثة الإحسان، ونصوص القرآن والسُنَّة تدور على هذه الأصول وتضيف إضافات في العقائد والمعاملات وغيرها، ذكر أركان الإيمان وأركان الإسلام التي لا بدَّ منها، لا بدَّ أن تتوفر جميعًا في المسلم؛ فإذا فَقَد واحدةً منها فلم يؤمن به فليس بمسلم ولا مؤمن، وجعل أركانَ الإسلام خمسة؛ كما في حديث عبد الله بن عمر :t < بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلى خَمْسٍ: شَهَادَة أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله وَإِقَامِ الصَّلاَة وَإِيتَاءِ الزَّكَاة وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاَ>[2]؛ فهذه أركان الإسلام، شهادة أن لا إله إلا الله وهي أساس الدِّين كلِّه، ولا يدخل المرء في الإسلام إلا بها، وإذا أتى بما ينقضها خَرَجَ من الإسلام، ومعناها لا معبود بحقٍّ إلا الله، تقول <أشهد أن لا إله إلا الله>،يعني: تشهد بأنَّ الله وحده هو الذي يستحق العبادة، وعبادة غير الله كلُّها باطلة، الأنبياء والملائكة والصَّالحون والأشجار والأحجار والشَّمس والقمر كلُّ هذه الأشياء عُبِدَت من دون الله، ولكنَّ عبادتها باطلة، فيشهد المؤمن أنَّ الله وحده هو الذي يستحق العبادة، لا يشاركه أحد في ذَرَّةٍ منها؛ فإذا صَرَفْتَ شيئًا من هذه العبادة التي يجب إخلاصُها لله وصرفُها إليه وحده والتوجُه إليه بها وحده، إذا صَرَفت شيئًا من هذا لغير الله أشركت بالله ـ والعياذ بالله ـ؛ فيجب أن نعرف معنى العبادة ونعرف معنى <لا إله إلا الله>، فإنَّ أناسًا كُثُراً لا يعرفون معنى العبادة ولا يعرفون معنى هذه الكلمة <لا إله إلا الله>، يقولون معناها: لا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت ولا ضار ولا نافع إلا الله... وهكذا، وهذا الكلام حق، لكن ليس هو معنى <لا إله إلا الله>، فإنَّ هذا الكلام الذي يقولونه إنما هو الإيمان بتوحيد الربوبية الذي كانت تؤمن به قريش ومن سبقها من الأمم التي كذَّبت الأنبياء، وهم يؤمنون بأنَّ الله هو ربُّ السَّماء وربُّ الأرض، وأنَّه خالق هذا الكون ومدبِّرُه ومنظِّمُه؛ ولكن لا يعترفون بأنَّه هو الذي يستحق العبادة وحده، ومن الأدلة على الفَرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ـكلُّها حقٌ والله ـ أنَّ الربوبية لها معنى خاص وصفات خاصة، والإلهية لها معنى خاص، ـ ولا بدَّ منهما ـ ، فالكفار كانوا يفرِّقون بين توحيد الربوبية وبين توحيد الألوهية يعترفون بتوحيد الربوبية؛ كما قال سبحانه وتعالى عنهم: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف:9]، لا يكابرون في هذا، وفي آيات كثيرة جاءت في سُوَرٍ عديدة من القرآن أنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، لكنهم لا يؤمنون بتوحيد الألوهية، قال تعالى مخبراً عن حالهم وواقعهم: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الصافات:35] وقال عزَّ وجلَّ عنهم: ﴿أََجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)﴾ [ص:5-6]، أي أمورٌ مُبَيَّتَةٌ ضدَّ آلهتنا، فيتَّخذون الآلهة في عباداتهم في حين يقرُّون بتفرُّد الله سبحانه وتعالى بالخلق والرَّزق، لكن العبادة مشتركة في نظرهم الضَّال ! ويأتي النَّبي ويدعوهم إلى هذا التوحيد توحيد الألوهية؛ فيكذِّبونه ولا يكذِّبونه في توحيد الربوبية ؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ﴾، فآمن بهذا التوحيد واتبع الرُّسل وأطاعهم ﴿وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ [النحل:36] ؛ فكذَّب بهذا التوحيد ووقع في الضَّلال البعيد وكفر بالله وأشرك به وكذَّب رُسله -، المقصود أنَّ الأمم الكافرة التي كذَّبت الرُسل ما كانت تنكر توحيد الربوبية؛ يؤمنون بربوبية الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنَّه هو الذي خَلقَ هذا الكون ودبَّره ونظَّمه وخَلَقَهم وأعطاهم السَّمع والبصر وأنزل لهم المطر من السَّماء وأنبت لهم النبات، كلُّ هذا يعترفون به ولا يُنكِرونه، وهذا التوحيد هو الذي وقف عنده كثيرٌ من فِرَقِ الضَّلال لا يعرفون غيره وكلمة<لا إله إلا الله> يقولونها ويؤذِّنون بها على المآذن، يعلنونها في اليوم خمس مرَّات؛ لكنَّهم لا يعرفون معناها ولا يعرفون شروطها، والذي أضلَّهم في هذا الباب أهلُ الفلسفة والمنطق، أهل الكلام الضَّال الذين قال فيهم الإمامُ الشافعي ـ رحمه الله ـ <حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنِّعال ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من ترك كتاب الله وسنة رسول الله وأقبل على الكلام>[3]، وأئمَّة الإسلام كلهم حرَّموا هذا الكلام الباطل الذي أقبلت عليه الفِرَق الضَّالة من الخوارج والرَّوافض والمعتزلة حتى الأشاعرة التحقوا بهم والصُّوفية؛ فأضلَّهم علم الكلام الذي أجمع سلفُ الأمَّة على تحريمه وضلال أهله وقال فيه الشافعيـ رحمه الله ـ < لأن يَلقَى اللهَ العبدُ بكلِّ ذَنبٍ ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الهوى >[4]، ـ والعياذ بالله ـ ؛ فإَّنه أوقعهم في ضلالٍ بعيد، أوقعهم في تعطيل أسماء الله وصفاته فعطَّلوا صفات الله بآرائهم وعقولهم وفلسفاتهم، وأفسدوا معنى توحيد العبادة، وأَعطوا لهذه الكلمة <لا إله إلا الله>، معانٍ ليست منها ولا تدل عليها هذه الكلمة، فإنَّ الأمر الذي تدل عليه إنما هو أن الله هو المعبود المستحقُّ للعبادة وحده لا يشركه فيها أحد، والقرآن دلَّ على أنَّ الأنبياء كلَّهم دَعَوْ إلى معنى هذه الكلمة وإلى تحقيقها.

وقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] أي: ليقولوا <لا إله إلا الله> ويعبدوه ويتقربوا إليه بما يستحقُّ من العبادة التي شرعها وأَذِن فيها، فيجب أن نعرف معنى <لا إله إلا الله>؛ بأنَّه لا معبود بحق إلا الله، وأنَّ غيره من الأنبياء جميعًا والرُّسل والملائكة والصَّالحين لا يستحقون ذَرَّةً من العبادة؛ بل هم كلُّهم عباد الله، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) ﴾، [مريم:93-95]، وكلُّهم يدعون إلى إخلاص العبادة لله عزَّ وجلَّ؛ فهم أَعبَدُ النَّاس، الأنبياء هم سادة العُبَّاد وقادتهم، يخافون الله أشدَّ الخوف، ويُصَلُّون له ويصومون له، ويُزَكُّون ويخشعون، ويخضعون، ويخافون، ويرتجفون خوفًا من الله U ويستحيون من الله U، ويتوكلون على الله U، ويعتمدون عليه في كلِّ شؤونهم وأمورهم، ويدركون أنه لا حول لهم ولا قوة إلا بالله U، ويعتقدون أنهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، ولا يملكون لغيرهم شيئًا من هذه الأمور، وقد قال الله لأفضلهم وأكرمهم وهو محمَّد rوخاتمهم: ﴿قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف:188]، الله يأمر الرسول أن يقول هذا يقولها مؤمناً بها وداعياً إليهاr بصدقٍ وإيمانٍ وإخلاص، وأمره سبحانه وتعالى أن يقول: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً﴾ [الجن:21]؛ فإذا كان هذا حال رسول الله r أفضل خلق الله وأقربهم إليه لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًّا فكيف بمن سواه ومن هو دونه؟! ولمَّا أنزل الله عليه : ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء : 214]صعد على الصفا وقال: يا بني فلان ويابني فلان، يا بني عبد المطلب، يابني فهر، يا بني لؤي! فاجتمعوا فقال: <إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد، أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُلْتُ لَكُمْ أَنَّ خَيْلاً مِنْ وَرَاءِ هَذَا الجَبَلِ أَتُصَدِّقُوني؟ قَالُوا مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا،قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد>[5]؛ فغضب أبو لهب ـ قبَّحه الله ـ وشتمه وقال تبًّا لك ألهذا دعوتنا؟! دعاهم رسول الله r إلى عبادة الله وحده وإلى ترك عبادة اللاَّت والعُزَّى ومناة الثالثة الأخرى وما شاكلها من المعبودات، وأبو لهب على رأس الزعماء المعارضين لرسول الله r والمكذِّبين له، وقد آذى رسولَ اللهr أذًى شديدًا من أجل هذا التوحيد، فلو أنّه قال لهم: مَنْ ربكم؟ مَنْ خلقكم؟ يقولون: الله، وعلى رأسهم أبو لهب، مَنْ خَلَقَ السَّماء؟ من خَلَقَ الأرض؟ يقولون: الله، ما يكابرون أبداً، لكن عندما يقول لهم: <لا إله إلا الله> يستكبرون؛ فأهل الكلام جاؤوا بمعانٍ فاسدة ل <لا إله إلا الله>؛ أضلت أُممًا عن معنى هذه الكلمة، وإلى الآن كلُّ الفِرَق إلاَّ أهل المنهج السَّلفي ـ والله أعلم ـ ولا أدري لعل بعض الأفراد يشاركونهم، وإلاَّ فالمناهج والمدارس ـ مدارس الصُّوفية ومدارس الرَّوافضـ على هذا التفسير الباطل؛ فلهذا ترى عبادة القبور، والتعلق بغير الله، واعتقاد أنَّ الأولياء يعلمون الغيب ويتصرَّفون في الكون.. حتى وقعوا في الشرك في توحيد الربوبية؛ لجهلهم بمعنى <لا إله إلا الله>؛ ولجهل بعضهم حتى بمعاني الربوبية الأمر الذي ما جهله الكافرون؛ لأنه اندَّس في صفوف هذه الفِرَق من الرَّوافض والصُّوفية ملاحدة وزنادقة يريدون هدم الإسلام؛ فَيَلْبَسْ هذا الملحد وهذا الزِّنديق، فيَلْبَسُ لباسًا إسلاميًّا لباس العُبَّاد الزُهَاد وهو ملحدٌ في نفس الوقت، فيَدُس الشِّرك والإلحاد والحُلول ووحدة الوجود، كلُّ هذه الأمور انتشرت في فِرَق التصوُّف؛ حتى لا أظن الآن فرقة صوفية على وجه الأرض إلاَّ وتقع في الشِّرك وفي الحلول ووحدة الوجود ـ في الجملة ـ وقد يَسْلَم بعض الأفراد من الوقوع في هذا الإلحاد؛ لكن رؤوس هذه الفِرَق فيما أظن لا يَنْجَوْنَ من هذا الضَّلال، ومن اعتقاد أنَّ الأولياء يعلمون الغيب ويتصرَّفون في الكون، ومن عقيدة الحلول ووحدة الوجود ومن الدعاء لغير الله والذبح لغير الله والاستعانة بغير الله؛ ـ فنسأل الله العافية ـ .

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:00
تتمة تفسير كلمة التوحيد


لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله

فعلينا أن نعرف معنى <لا إله إلا الله> معرفةً واضحة جلية، ونعرف معنى العبادة التي تضمنتها <لا إله إلا الله>.

والعبادة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: < العبادة اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يحبه اللهُ ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة>، يجمع عبادة القلوب وعبادة اللِّسان وعبادة الجوارح، فالتي تتعلَّق بالقلب : الخوف والرجاء والرَّغبة والرَّهبة والتوكل والمحبة وما شاكل ذلك من الأمور القلبية، هذه عبادات قلبية لا بدَّ منها ولا يجوز أن نصرف منها شيئاً لغير الله، وعبادة اللِّسان يأتي في مقدِّمتها النُطق بالشهادتين، ثم سائر الأذكار من تلاوة القرآن والواجبات والمستحبات؛ فيكون النطق باللسان في الصَّلاة واجباً بقراءة الفاتحة في كلِّ ركعة؛ كما قال النَّبيُّ r:<لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتحَةِ الكِتَاب>[6]؛ فهذه من الأمور التي يجب على المسلم أن يطبِّقها ويتكلم بها، ومنها أمور مستحبة مثل تلاوة القرآن ومثل ذكر الله وتسبيحه وتهليله أعقاب الصَّلوات وعند النوم وفي السَّفر وفي الحضر وما شاكل ذلك، فالعبادات تنقسم إلى واجبات ومستحبات، فعلى المسلم أن يعرفها ويتقرَّب بها إلى الله U، والجوارح يأتي في طليعة أعمالها القيام في الصَّلاة والرُّكوع والسُّجود، وأعمال الحج من الطواف وسائر المناسك والشعائر، وغير ذلك من عبادات الجوارح ، تصلي لله بجوارحك مع قلبك ولسانك تركع وتسجد وترفع من الركوع وتجلس بين السجدتين، والحج ترحل ببدنك لتؤدي هذا الرُّكن، تطوف بالبيت وتسعى بين الصَّفا والمروة وتؤدي المناسك في عرفات وغيرها، هذه عبادات تُمَارَس بالبدن بالإضافة إلى أنَّك تحتاج إلى مالٍ تحقق به هذه العبادات؛

و العبادات بهذا الاعتبار كثيرة؛ عبادات القلب وعبادات اللِّسان وعبادات الجوارح يجب أن نؤديَّها لله بإخلاص، الإخلاص لا بدَّ منه في كلِّ عبادة نتقرَّب بها إلى الله U ـ نسأل الله تعالى أن يُلهمنا وإيَّاكم الرشد، وأن يوفقنا ويرزقنا الفقه في دينه خاصَّة في أبواب دين الله U، فإنَّ الفقه في العقيدة يُسَمَّى بالفقه الأكبر، والفقه في الأحكام يُسَمَّى بالفقه الأصغر والفقه الأصغر بكلِّ تفاصيله مبنيٌّ على الفقه الأكبر الذي هو العقيدة.

نسأل الله أن يفقهنا وإيَّاكم في دينه، وصلى الله وسَّلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

الأسئلة والأجوبة

السؤال الأول:
ما رأيكم فيمن يدَّعي أنَّ الكلام في التوحيد والعقيدة يُفرِّق المسلمين؟

الجواب

هذا كلام يقال من فئات معروفة احترفت السِّياسة وتهاونت بأساس الإسلام والإيمان وهو العقيدة التي جاء بها جميع الأنبياء عليهم الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم، ولا شك أنَّ الدَّعوة إلى التوحيد تُفَرِّق، تُفَرِّق بين من؟ بين أهل الحق وأهل الباطل بين أهل التوحيد وأهل الشِّرك؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل:45] قوم صالح لما جاءهم يدعوهم إلى الله U إذا هم فريقان يختصمون، وهكذا انقسم قوم نوح؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ [هود:40] والبقية افترقوا وتركوه واتَّبعوا الشيطان، كذلك إبراهيم u خالفه قومه وما آمن معه في بلده الأصلي إلا زوجه سارة وابن أخيه لوط، وبعد وقت طويل دعا الله U في آخِر عمره فوهبه إسماعيل وإسحاق، وما من نبيٍّ إلاَّ ويفترق عليه النَّاس، ما يتبعه النَّاس كلُّهم؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف:103]؛ فعلى سياسة هؤلاء يكون نوح وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء أخطؤوا! كيف؟ لأنهم فرَّقوا الأُمَّة! كان ينبغي أن يحافظوا على وحدة الأُمَّة الوحدة الوطنية والوحدة القومية، أليس كذا على منطق هؤلاء؟! حتى تجدهم يتآخون مع النَّصارى واليهود والرَّوافض والباطنية، حفاظاً على الوحدة الإنسانية، لايتصادمون مع اليهود والنَّصارى ولا مع إخوانهم الرَّوافض، هذا واقع هؤلاء وهذه دعوة هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام، وهذه ضدّ الرِّسالات كلِّها وضد دعوات الرُّسل جميعاً ومنهم خاتمهم محمد r، والله سمَّى القرآن فرقاناً؛ لأنَّه يفرِّق بين الحق والباطل، ومحمَّدٌ فَرقٌ أو فرَّق بين الناس، فرَّق بين أهل الحق والهدى والإيمان، وبين أهل الكفر والكذب والفجور والشِّرك والضَّلال، ولا بدَّ أن يجعلهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة فريقين، فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السَّعير؛ فهؤلاء أهل ضلال وأهل أهواء، الذي يسبُّ الصَّحابة لا يضره! يكفِّرهم ما يضره،! لماذا؟ حفاظًا على الوحدة! وقد يسمع أحدُهم من النَّصارى طعناً الإسلام وفي الرَّسولr ويسكت! إخوانهم! هذه طرق ضالة، علينا أن نعرف منهج الأنبياء ـ عليهم الصَّلاة والسَّلام ـ وندعوا إلى توحيد الله أولاً قبل كلِّ شيء، وإلى تحقيق معنى <لا إله إلا الله>، وإلى تحقيق معاني الإسلام الأخرى التي تقوم على هذه الكلمة وتقوم على الإيمان، ولا نلتفت لمثل هذه التشويهات على الدعوة إلى الله وأهلها؛ فإنَّ الأنبياء وجدوا مثل هذه التشويهات وأشد؛ ولهذا قال رسول الله r: <أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءًا الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَل>[7]، أشدُّ النَّاس أذى واجهوه هم الأنبياء ـ عليهم الصَّلاة والسَّلام ـ ، وهم أسوتنا، والذي يسلك طريقهم لا بدَّ أن يُؤذى، وقد يُقتل وقد يشَّرد وقد يُسجن..، هذا أمر عظيم تُبذَل فيه المُهَج والأموال، لكن الحريصين على الكراسي وعلى الحياة يحشدون النَّاس حولهم ولا يهمهم أن يموت ابنه وأخوه وجاره وصديقه في النَّار، ولو رآه يسجد لغير الله U ويشرك به لا يبالي! هذا من الغش ـ والعياذ بالله ـ ويحملون أوزارهم وأوزار الذين يتبعونهم، وتصدق عليهم الآيات مثل قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة:159] وقوله سبحانه وتعالى: ﴿لُُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79) ﴾ [المائدة:78]، كيف ترى النَّاس يطوفون بالقبور ويستغيثون بغير الله ويذبحون لغير الله وتقول الدَّعوة إلى التوحيد تسبب فرقة؟! هو واقع في الشرك وما تبيِّن له دين الله الحق ولا تبيِّن له التوحيد ولا تبيِّن له الفرق بين التوحيد والشِّرك؛ ثمَّ إذا ما قبل دعوتك لا يدخل في صفك؛ فهؤلاء حريصون على حشد النَّاس حتى يصلوا إلى الكراسي، وإذا وصلوا إليها لا يُطبِّقون شعاراتهم ـ لا حكم إلا لله ـ يصبح الحكم لهم لا لله عزَّوجل ـ نسأل الله العافية ـ.

السؤال الثاني:
إذا كان الأشاعرة وأهل الكلام لا يعرفون توحيد العبادة ويفسِّرون التوحيد بتوحيد الربوبية، فهل يعني هذا أنهم لا يكفِّرون من صرف شيئًا من العبادة لغير الله؟

الجواب:

إذا كانوا لا يعرفون معنى العبادة كيف يُكَفِّرون من يقع في عبادة غير الله؟! يقولون في كلامهم العبادة عندهم السُّجود للصنم، السُّجود للصنم هذه عبادة لغير الله، أمَّا الدُّعاء أمَّا الذَّبح أمَّا النَّذر فلا يرون أنها تنافي <لا إله إلا الله>، فإذا رأيته ينكر هذه الأشياء ويقول أنها شرك فمعناه أنه عرف معنى <لا إله إلا الله>؛ لكن هل كلُّ أشعري هكذا يعرف معنى <لا إله إلا الله>؟ كيف يعرف معنى <لا إله إلا الله> وهو يقول لا خالق ولا رازق إلا الله ؟!، فإذا قلت لا معبود بحق إلا الله والدُّعاء عبادة والذبح لغير الله عبادة والشِّرك وكذا وكذا يقول لك: لا! أنت تكفِّر المسلمين تقول هذا شرك! فعدم فهم معنى <لا إله إلا الله> يترتب عليه هذا الضَّلال، هذا الضَّلال الموجود الآن؛ التعلُّق بالقبور وكذا نشأ عن هذه التفسيرات الفاسدة لمعاني <لا إله إلا الله>، قد يعرف بعض الأشاعرة لا سيما بعد جهاد ابن تيمية وابن عبد الوهاب ـ رحمهما الله ـ معنى <لا إله إلا الله> لكن يَضل مع قومه ويَظَّل معهم من أجل الدنيا ـ والعياذ بالله ـ قد يعرف هذا أو شيئاً منه، وقد يدرك أن هذا شرك ويدرك أن المنهج السَّلفي هو الدعوة الحق ثم يَظَل مع قومه، وقد صرَّح كثيرٌ من رؤسائهم بهذا، يقول: الحق مع السَّلفيين، لماذا لا يترك هؤلاء؟ يقول: لمن أتركهم؟! أنا لا أتركهم، ولايبيِّن لهم ـ فنسأل الله العافية ـ.

لو كان الأشاعرة والصُّوفية وهؤلاء على طريقة محمد r وصحابته وأئمَّة الإسلام في معنى <لا إله إلا الله> أترى هذه القبور الآن التي تملأ الدنيا، يعني رؤوس المدارس والجامعات يشاركون في أعياد مثل البدوي وأمثاله، وعبد القادر، يشاركون في الأعياد الشِّركية ، أصحاب عمائم وحملة شهادات عليا وهم لا يتورَّعون من مشاركة الجهال والعوام في هذا الشِّرك بالله U .

السؤال الثالث:
لا يخفى على فضيلتكم أهمية التوحيد، وما قام به أئمَّة الدعوة في هذا العصر وعلى رأسهم الإمام محمد بن عبد الوهاب

ـ رحمه الله ـ لكن هناك من يقول بأنَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ لم يفعل شيئاً ولم يُقدِّم شيئًا؟

الجواب

الذي قال هذا الكلام جاهل لا يعرف ما يقول، ولا يعرف سيرة هذا الرجل، وأنَّ أَزِمَّة الأمور كانت بيده، وكان آل سعود يأتمرون بأوامره، ويتصرَّف في أمر الدولة من هذا الموقع الكبير الذي يحترمه؛ لأنَّه إمامهم وأستاذهم ومعلِّمهم، وهم يدركون أنهم أنقذهم الله به من الضَّلال، وهم أهل أخلاق عالية وفِطَر سليمة؛ فكانت أزمَّة الأمور بيده لا يُصدِرُون أمرًا إلاَّ بأمره، ولا يفعلون شيئًا إلا بإشارته، فهو كبير الدَّولة وإمامها لا شك؛ فهذا الجاهل لا يعرف تأريخ هذا الرَّجل، ولا يعرف واقعه ولا واقع من حوله من آل سعود ـ نسأل الله العافية ـ.

السؤال الرابع:
هل هناك ضابطٌ يُفَرَّقُ به بين الشِّركين الأكبر والأصغر؛ فإني قرأت كثيرًا في كتب التوحيد؛ فإذا جاؤوا إلى تعريف الشِّرك الأصغر لم يزيدوا على ذكر الأمثلة ولا يذكرون ضابطًا يُعرف به الشِّرك الأصغر؟

الجواب

الأمثلة هي التي تبين لك الفَرْق، الشِّرك الأكبر هو الذي ينافي أصل التوحيد، ينافي <لا إله إلا الله> والشرك الأصغر هو الذي ينافي كمالها، كمال التوحيد، وقد بدأ الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ كتابه كتاب التوحيد على هذا الأصل، بدأ بما ينافي أصل التوحيد ثم أتبعه بما ينافي الكمال من الحَلِف بغير الله ومن الرِّياء وما شاكل ذلك، هذا هو الضابط، تَعَلُّق التميمة إذا كان ما فيها تعظيم، وما شاكل ذلك.

السؤال الخامس:
هل يجوز لي اقتراض قرض من بنك رَبَوي لشراء بيت أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟

الجواب

لو كنت تحتاج إلى خبزة لتأكل بها وتنقذ بها نفسك من الموت فلا تأخذ من البنك شيئًا فضلاً عن بناء بيت أو شراء سيارة، الله أحلَّ لك الميتة ولحم الخنزير والموقوذة والمترديَّة، أحلَّها لك في حال الاضطرار، وما أحل لك الرِّبا، الرِّبا خطيرٌ جدًا خطيرٌ جدًا، فلا تتعامل بالرِّبا واصبر؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق:2]، فالرِّبا إثمٌ كبير، وأمرٌ خطير، والذي يستحلُّه يكفر؛ فإن احتجت بيتًا فاصبر حتى يرزقك الله، والجأ إلى الله وابذل الأسباب حتى يُهيِّأ الله لك بيتًا، وإلا تموت وأنت سليم من محاربة الله؛ لأنَّ المرابي محارب لله ـ والعياذ بالله ـ؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:279] أعلن الحرب على أهل الرِّبا، وقال النَّبيُّ:r <لعن رسول الله r آكل الرِّبا وموكله وكاتبه وشاهديه>[8] ، ماذا تريد بعد اللَّعن؟! هل ينفعك البيت وأمامك جهنَّم؟! فليتق الله المؤمن وليصبر على فقره وعلى حاجته؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة:155]، اصبر ويعطيك الله هذا الجزاء العظيم، بدل أن تتعرض للعنه وغضبه وسخطه وعقابه، تحمَّل هذه الشِّدة في الدنيا، وليست بشيء بالنسبة لغضب الله وعقابه ـ.

نسأل الله أن يكفينا بفضله ومَنِّه كلَّ ما يسخطه ويغضبه؛ إنَّ ربنا لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ـ.

--------------------------------------------------------------------------------

[1] أخرجه أحمد (1/51-52) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان. برقم:8

[2] رواه أحمد (2/120) والبخاري/ كتاب الإيمان. باب دعاؤكم إيمانكم برقم : 8 ومسلم. كتاب الإيمان. باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم:16

[3] رواه البغوي في (شرح السنة / ج1/ص218) ونصر المقدسي في (مختصر كتاب الحجة على تارك المحجة، ص475) وأبو نعيم في ( الحلية /ج9/ص116) والسيوطي في (الأمر بالاتباع/ص83)

[4] أخرجه البيهقي في PالاعتقادO (ص 158)، كما في التعليق على Pشرح السُّنَّةO للبربهاري، للشيخ خالد الردادي (ص 121).

[5] متفق عليه: أخرجه البخاري / كتاب التفسير، باب: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ برقم:4770، ومسلم/ كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ برقم:208

[6] متفق عليه: خ/ كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، برقم:756، م/ كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم:394

[7] صحيح لغيره :

أخرجه أحمد في المسند (1/172) والترمذي في السنن (4/601رقم2398) وابن ماجه في السنن (4/369رقم4023) وابن سعد في الطبقات (2/209) والدارمي في السنن (2/320) وابن حبان في الصحيح (7/160رقم2900) والحاكم في المستدرك (1/99) والضياء في المختارة (3/246رقم1053) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

والحديث صححه الحاكم وابن كثير في التفسير (3/405) والألباني في السلسلة الصحيحة (1/1/273رقم143-145) .



[8] أخرجه مسلم في الصحيح (11/36رقم1598-نووي) من حديث جابر رضي الله عنه .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر http://www.rabee.net...5&bid=227&gid=0 (http://www.rabee.net/show_book.aspx?pid=5&bid=227&gid=0)

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:02
بيان معنى كلمة ( لا إله إلا الله )
لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله

محاضرة ألقاها سماحته في مسجد الأمير محمد بن عبد العزيز بالحوية مساء الخميس 13/ 1/ 1409 هـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه , ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين . أما بعد :
أيها الإخوة في الله لقد رأت اللجنة التي وكل إليها توزيع الندوات والمحاضرات في هذا البلد أن يكون عنوان الكلمة هذه الليلة ( بيان معنى لا إله إلا الله ) فوافقت على ذلك لأن هذه ال كلمة هي أصل الدين وأساس الملة وهي التي فرق الله بها بين الكافر والمسلم , وهي التي دعت إليها الرسل جميعا وأنزلت من أجلها الكتب وخلق من أجلها الثقلان الجن والإنس , دعا إليها آدم أبونا عليه الصلاة والسلام وسار عليها هو وذريته إلى عهد نوح , ثم وقع الشرك في قوم نوح فأرسل الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله ويقول لهم : سورة الأعراف الآية 59 يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
وهكذا هود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وغيرهم من الرسل كلهم دعوا أممهم إلى هذه الكلمة , إلى توحيد الله والإخلاص له وترك عبادة ما سواه وآخرهم وخاتمهم وأفضلهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بعثه الله إلى قومه بهذه الكلمة وقال لهم يا قوم : مسند أحمد بن حنبل (3/492). قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده وأن يدعوا ما عليه آباؤهم وأسلافهم من الشرك بالله وعبادة الأصنام والأوثان والأشجار والأحجار وغير ذلك , فاستنكرها المشركون وقالوا : سورة ص الآية 5 أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ لأنهم قد اعتادوا عبادة الأصنام والأوثان والأولياء والأشجار وغير ذلك والذبح لهم والنذر لهم وطلبهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب فاستنكروا هذه الكلمة;
لأنها تبطل آلهتهم ومعبوداتهم من دون الله .
وقال سبحانه في سورة الصافات : سورة الصافات الآية 35 إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ سورة الصافات الآية 36 وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ سموا النبي عليه الصلاة والسلام شاعرا مجنونا بجهلهم وضلالهم وعنادهم وهم يعلمون أنه أصدق الناس وأنه الأمين وأنه أعقل الناس وأنه ليس بشاعر ، ولكنه الجهل والظلم والعدوان والمغالطة والتكذيب والتشبيه على الناس , فكل من لم يحقق هذه الكلمة ويعرف معناها ويعمل بها فليس بمسلم , فالمسلم هو الذي يوحد الله ويخصه بالعبادة دون كل ما سواه , فيصلي له ويصوم له ويدعوه وحده ، ويستغيث به وينذر ويذبح له إلى غير ذلك من أنواع العبادات , ويعلم يقينا أن الله سبحانه هو المستحق للعبادة وأن ما سواه لا يستحقها سواء كان نبيا أو ملكا أو وليا أو صنما أو شجرا أو جنيا أو غير ذلك كلهم لا يستحقون العبادة بل هي حق لله وحده ؛ ولهذا قال الله عز وجل : سورة الإسراء الآية 23 وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ يعني أمر وأوصى ألا تعبدوا إلا إياه , وهذا هو معنى لا إله إلا الله , وهو أنه لا معبود حق إلا الله , فهي نفي وإثبات . نفي للإلهية عن غير الله وإثبات لها بحق لله وحده سبحانه وتعالى.
فالإلهية التي يوصف بها غير الله باطلة وهي لله وحده بحق ثابتة له سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : سورة الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ فالعبادة لله وحده دون كل ما سواه , وأما صرف الكفار لها لغيره سبحانه فذلك باطل ووضع لها في غير محلها , قال الله تعالى : سورة البقرة الآية 21 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وقال سبحانه في سورة
الفاتحة وهي أعظم سورة : سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أمر الله المؤمنين أن يقولوا هكذا : سورة الفاتحة الآية 5 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ يعني نعبدك وحدك وإياك نستعين وحدك , وقال عز وجل : سورة النساء الآية 36 وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وقال سبحانه : سورة البينة الآية 5 وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وقال عز وجل : سورة غافر الآية 14 فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ وقال سبحانه : سورة الزمر الآية 2 فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ سورة الزمر الآية 3 أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ إلى غير ذلك من آيات كثيرات كلها تدل على أنه سبحانه هو المستحق للعبادة وأن المخلوقين لا حظ لهم فيها , وهذا هو معنى لا إله إلا الله وتفسيرها وحقيقتها تخص العبادة بحق الله وحده وتنفيها بحق عما سواه .
ومعلوم أن عبادة غير الله موجودة وقد عبدت أصنام وأوثان من دون الله وعبد فرعون من دون الله وعبدت الملائكة من دون الله وعبدت الرسل من دون الله وعبد الصالحون من دون الله كل ذلك قد وقع ولكنه باطل وهو خلاف الحق والمعبود بالحق هو الله وحده سبحانه وتعالى .
وكلمة لا إله إلا الله نفي وإثبات كما سبق , نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان وإثبات العبادة لله وحده بالحق كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه وقومه: سورة الزخرف الآية 26 إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ سورة الزخرف الآية 27 إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ سورة الزخرف الآية 28 وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ وقال سبحانه :
سورة الممتحنة الآية 4 قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وهذا قول الرسل جميعا لأن قوله سبحانه : سورة الممتحنة الآية 4 قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ يعني به الرسل جميعا، وهم الذين معه من أولهم إلى آخرهم ودعوتهم دعوته وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله ومن المعبودين من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها , فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر عبادتهم ويؤمن بالله وحده المعبود بالحق سبحانه وتعالى ؛ ولهذا قال سبحانه في الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه : سورة الزخرف الآية 26 إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ سورة الزخرف الآية 27 إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي وهو الله سبحانه وتعالى الذي فطره وفطر غيره فإنه لا يتبرأ من عبادته وإنما يتبرأ من عبادة غيره , فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه , أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى , فهذا هو مدلول هذه الكلمة ومعناها ومفهومها , وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد بطلانها والإيمان بأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى وهذا معنى قوله جل وعلا : سورة البقرة الآية 256 فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
ومعنى يكفر بالطاغوت ينكر عبادة الطاغوت ويتبوأ منها , و الطاغوت : اسم لكل ما عبد من دون الله فكل معبود من دون الله يسمى طاغوتا فالأصنام والأشجار والأحجار والكواكب المعبودة من دون الله كلها طواغيت وهكذا من عبد وهو راض كفرعون ونمرود وأشباههما يقال له طاغوت , وهكذا الشياطين طواغيت لأنهم يدعون إلى الشرك.
وأما من عبد من دون الله ولم يرض بذلك كالأنبياء والصالحين والملائكة فهؤلاء ليسوا طواغيت وإنما الطاغوت الشيطان الذي دعا إلى عبادتهم من جن وإنس , أما الرسل
والأنبياء والصالحون والملائكة فهم براء من ذلك وليسوا طواغيت لأنهم أنكروا عبادتهم وحذروا منها وبينوا أن العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا: سورة البقرة الآية 256 فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ يعني ينكر عبادة غير الله ويتبرأ منها ويجحدها ويبين أنها باطلة.
سورة البقرة الآية 256 وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ يعني يؤمن بأن الله هو المعبود بالحق وأنه هو المستحق للعبادة وأنه رب العالمين وأنه الحق العليم رب كل شيء ومليكه , العالم بكل شيء والقاهر فوق عباده وهو فوق العرش، فوق السماوات سبحانه وتعالى , وعلمه في كل مكان وهو المستحق العبادة جل وعلا .
فلا يتم الإيمان ولا يصح إلا بالبراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد بطلانها , والإيمان بأن الله هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى , وهذا هو معنى قوله سبحانه في سورة الحج : سورة الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وفي سورة لقمان :
سورة الحج الآية 62 ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وهو معنى الآيات السابقات وهي قوله سبحانه : سورة البقرة الآية 21 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وقوله جل وعلا : سورة النساء الآية 36 وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وقوله عز وجل : سورة البينة الآية 5 وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ إلى غير ذلك من الآيات .
وكان الناس في عهد آدم وبعده إلى عشرة قرون كلهم على توحيد الله كما قال ابن عباس رضي الله عنهما , ثم وقع الشرك في قوم نوح فعبدوا مع الله ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا كما ذكر الله ذلك في سورة نوح , فأرسل الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم نقمة
الله وعقابه , فاستمروا في طغيانهم وكفرهم وضلالهم ولم يؤمن به منهم إلا القليل , فأكثرهم ومعظمهم استكبروا عن ذلك كما بين الله ذلك في كتابه العظيم , فماذا فعل الله بهم؟.
فعل بهم ما بينه لنا في كتابه العظيم من إهلاكهم بالطوفان: وهو الماء العام الذي ملأ الأرض وعلا فوق الجبال وأغرق الله به من كفر بالله وعصى رسوله نوحا، ولم ينج إلا من كان مع نوح في السفينة كما قال سبحانه : سورة العنكبوت الآية 15 فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ وهذا عقابهم في العاجل في الدنيا , ولهم عقاب آخر في الآخرة وهو العذاب في النار يوم القيامة نسأل الله العافية .
ثم جاءت عاد بعد ذلك وأرسل الله إليهم هودا بعد نوح , فسلكوا مسلك من قبلهم من قوم نوح في العناد والكفر بالله والضلال , فأرسل الله عليهم الريح العقيم فأهلكوا عن آخرهم ولم ينج منهم إلا من آمن بهود وهم القليل .
ثم جاء بعدهم قوم صالح وهم ثمود فسلكوا مسلك من قبلهم من الأمتين أمة نوح وأمة هود، فعصوا الرسل واستكبروا عن الحق فأخذهم الله بعقاب الصيحة والرجفة حتى هلكوا عن آخرهم ولم ينج إلا من آمن بنبيه صالح عليه الصلاة والسلام .
ثم جاء بعدهم الأمم الأخرى أمة إبراهيم وأمة لوط وشعيب وأمة يعقوب وإسحاق ويوسف , ثم جاء بعدهم موسى وهارون وداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء كلهم دعوا الناس إلى توحيد الله كما أمروا , قال الله تعالى : سورة النحل الآية 36 وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وقال الله تعالى : سورة الأنبياء الآية 25 وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ وكلهم أدوا ما عليهم من البلاغ والبيان عليهم الصلاة والسلام , بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة وبينوا لهم
معنى هذه الكلمة : " لا إله إلا الله " وبينوا أن الواجب إخلاص العبادة لله وحده وأنه هو الذي يستحق العبادة دون كل ما سواه , وأن الأشجار والأحجار والأصنام والكواكب والجن والإنس وغيرهم من المخلوقات كلهم لا يصلحون للعبادة ؛ لأن العبادة يجب أن تصرف لله وحده .
وفرعون لما بغى وطغى وعاند موسى وخرج لقتله ساقه الله جل وعلا للبحر، وأغرقه ومن معه فيه في لحظة واحدة , وهذا عذاب معجل وهو الغرق وبعده عذاب النار, نسأل الله العافية والسلامة .
ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام دعا الناس إلى عبادة الله، وبشر بالجنة من آمن وحذر بالنار من كفر , فآمن من آمن وهم القليل في مكة , ثم بسبب الأذى له ولأصحابه أمره الله بالهجرة إلى المدينة , فهاجر إليها، ومن آمن معه ممن استطاع الهجرة, فصارت المدينة دار الهجرة , والعاصمة الأولى للمسلمين , وانتشر فيها دين الله , وقامت فيها سوق الجهاد بعد تعب عظيم , وإيذاء شديد من قريش وغيرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه في مكة .
كل ذلك من أجل هذه الكلمة " لا إله إلا الله " , الرسل تدعو إليها ومحمد خاتمهم عليه الصلاة والسلام يدعو إلى ذلك , يدعو إلى الإيمان بها , واعتقاد معناها , وتعطيل الآلهة التي عبدوها من دون الله وإنكارها وإخلاص العبادة لله وحده , والمشركون يأبون ذلك , ويقولون إنهم سائرون على طريقة أسلافهم , ويقولون : سورة الزخرف الآية 23 إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ
فأمة العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم , سلكوا مسلك من قبلهم في العناد والكفر والضلال والتكذيب , ونبينا عليه الصلاة والسلام طيلة ثلاثة
عشر سنة في مكة , يدعوهم إلى توحيد الله , وإلى ترك الشرك بالله , فلم يؤمن به إلا القليل , وهذا بعد الهجرة إلى المدينة , استمروا في طغيانهم , وقاتلوه يوم بدر , ويوم أحد , ويوم الأحزاب عنادا وكفرا وضلالا , وساعدهم من ساعدهم من كفار العرب , ولكن الله جلت قدرته أيد نبيه والمؤمنين وأعانهم , وجرى ما جرى يوم بدر من الهزيمة على أعداء الله , والنصر لأولياء الله , ثم جرى ما جرى يوم أحد من الامتحان الذي كتبه الله على عباده , وحصل ما حصل من الجراح والقتل على المسلمين بأسباب بينها في كتابه العظيم سبحانه وتعالى.
ثم جاءت وقعة الأحزاب بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أهل الكفر , فأعز الله جنده ونصر عبده وأنزل بأسه بالكفار , فرجعوا خائبين لم ينالوا خيرا ونصر الله المسلمين ضد أعدائهم .
ثم جاءت بعد ذلك غزوة الحديبية عام ست من الهجرة , وحصل فيها ما حصل من الصلح بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل مكة , والمهادنة عشر سنين حتى يأمن الناس , وحتى يتصل بعضهم ببعض , وحتى يتأملوا دعوته عليه الصلاة والسلام وما جاء به من الهدى , ثم نقضت قريش العهد فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم عام ثمان من الهجرة في رمضان , وفتح الله عليه مكة , ودخل الناس في دين الله أفواجا والحمد لله .
فهذا الدين العظيم وهو الإسلام يحتاج من أهله إلى صبر ومصابرة وإخلاص لله ودعوة إليه وإيمان به وبرسله , والوقوف عند حدوده وترك لما نهى عنه عز وجل , هذا هو دين الله , الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه , وهو الدين الذي بعث به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام , وهو توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم , والانقياد لشريعته قولا وعملا وعقيدة , وأصله وأساسه شهادة ألا لا إله إلا الله , التي بعث الله بها جميع الرسل , لا إسلام إلا بها من عهد نوح إلى عهد محمد عليه الصلاة والسلام , لا إسلام إلا بهذه الكلمة : " لا إله إلا الله " قولا وعملا وعقيدة ,
فيقول المسلم : " لا إله إلا الله " بلسانه ويصدقها بقلبه وأعماله , فيوحد الله , ويخصه بالعبادة , ويتبرأ من عبادة ما سواه , ولا بد مع هذا من الشهادة للنبي بالرسالة عليه الصلاة والسلام , لا بد من الإيمان بالله وحده وإخلاص العبادة له , لا بد من التصديق للرسل الذين بعثوا بذلك من عهد نوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم , لا بد مع الشهادة بأنه " لا إله إلا الله " والإيمان بالله : من تصديق نوح عليه الصلاة والسلام , فلا إسلام إلا بذلك .
وفي عهد هود كذلك لا إسلام إلا بتصديق هود عليه الصلاة والسلام , مع توحيد الله والإخلاص له , والإيمان بمعنى لا إله إلا الله , وهكذا في عهد صالح لا إسلام إلا بذلك .. بتوحيد الله والإخلاص له , والإيمان بصالح , وأنه رسول الله حقا عليه الصلاة والسلام , وهكذا من بعدهم كل نبي يبعث إلى أمته , لا بد في الإسلام من توحيد الله والإيمان بذاك الرسول الذي بعث إليهم وتصديقه , وآخرهم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، هو آخر أنبياء بني إسرائيل وآخر الأنبياء قبل محمد عليه الصلاة والسلام , فلا إسلام إلا لمن آمن به واتبع ما جاء به , ولما أنكرته اليهود وكذبوه صاروا كفارا بذلك.
ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وآخرهم , وجعل الدخول في الإسلام لا يتم ولا يصح إلا بالإيمان به عليه الصلاة والسلام , فلا بد من توحيد الله والإيمان بهذه الكلمة , وهي : " لا إله إلا الله " واعتقاد معناها . وأن معناها توحيد الله وإفراده بالعبادة , وتخصيصه بها دون كل ما سواه , مع الإيمان برسوله محمد عليه الصلاة والسلام , وأنه خاتم الأنبياء , لا نبي بعده , هكذا علم الرسول أمته عليه الصلاة والسلام , وهكذا دل كتاب الله على ذلك , قال تعالى: سورة البقرة الآية 177 لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ

لا بد من الإيمان بالنبيين جميعا وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام , ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال : صحيح مسلم الإيمان (8),سنن الترمذي الإيمان (2610),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990),سنن أبو داود السنة (4695),سنن ابن ماجه المقدمة (63),مسند أحمد بن حنبل (1/28). أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره .
فلا بد مع الإسلام وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين السابقين , والإيمان بجميع الملائكة , والكتب المنزلة على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام جميعا , ولا بد من الإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان باليوم الآخر , والبعث بعد الموت , والجنة والنار , وأن ذلك حق لا بد منه , ولكن أصل ذلك وأساسه الإيمان بالله وحده , وأنه هو المستحق العبادة .
هذا هو الأصل , وهذا هو الأساس والبقية تابعة لذلك , فمن أراد الدخول في الإسلام والاستقامة عليه والفوز بالجنة والنجاة من النار , وأن يكون من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام الموعودين بالجنة والكرامة فإنه لا يتم له ذلك إلا بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فتحقيق الأولى وهي " لا إله إلا الله " بإفراد الله بالعبادة , وتخصيصه بها , والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
وأما تحقيق الثانية وهي " شهادة أن محمدا رسول الله"، فبالإيمان به صلى الله عليه وسلم , وأنه عبد الله ورسوله أرسله الله إلى الناس كافة إلى الجن والإنس , يدعوهم إلى توحيد الله والإيمان به , واتباع ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام مع الإيمان بجميع الماضين من الرسل والأنبياء, ثم بعد ذلك الإيمان بشرائع الله التي شرعها لعباده , على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم , والأخذ بها والاستمساك بها من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن عمل يدخل به العبد الجنة وينجو به من النار قال له : تشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدا رسول الله وربما قال له : تعبد الله ولا تشرك به شيئا فعبر له بالمعنى , فإن معنى شهادة أن لا إله إلا الله : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا .
ولهذا لما سأله جبرائيل عليه السلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه صحيح البخاري الإيمان (50),صحيح مسلم الإيمان (9),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4991),سنن ابن ماجه المقدمة (64),مسند أحمد بن حنبل (2/426). فقال : يا رسول الله , أخبرني عن الإسلام؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا . وفي حديث عمر رضي الله عنه قال : صحيح مسلم الإيمان (8),سنن الترمذي الإيمان (2610),سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4990),سنن أبو داود السنة (4695),سنن ابن ماجه المقدمة (63),مسند أحمد بن حنبل (1/52). الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فهذا يفسر هذا : فإن شهادة أن لا إله إلا الله : معناها إفراد الله بالعبادة , وهذا هو عبادة الله وعدم الإشراك به مع الإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام .
صحيح البخاري الزكاة (1333),صحيح مسلم الإيمان (14),مسند أحمد بن حنبل (2/343). وجاءه رجل فقال : يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة وأنجو من النار قال "تعبد الله ولا تشرك به شيئا " ثم قال " وتقيم الصلاة إلى آخره .
فعبادة الله وعدم الإشراك به هذا هو معنى لا إله إلا الله قال الله تعالى : سورة محمد الآية 19 فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ يعني : اعلم أنه المستحق للعبادة , وأنه لا عبادة لغيره , بل هو المستحق لها وحده , وأنه الإله الحق , الذي لا تنبغي العبادة لغيره عز وجل .
وإنكار المشركين لها يبين معناها ؛ لأنهم إنما أنكروها لما علموا أنها تبطل آلهتهم وتبين أنهم على ضلالة ولهذا أنكروها فقالوا : سورة ص الآية 5 أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا وقال الله عنهم : سورة الصافات الآية 35 إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ سورة الصافات الآية 36 وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ فعرفوا أنها تبطل آلهتهم وتبين زيفها ,
وأنها لا تصلح للعبادة , وأنها باطلة , وأن الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى . ولهذا أنكروها فعبادتهم للأصنام أو الأشجار أو الأحجار , أو الأموات أو الجن أو غير ذلك عبادة باطلة .
فجميع المخلوقات ليس عندهم ضر ولا نفع , كلهم مملوكون لله سبحانه وتعالى , عبيده جل وعلا , فلا يصلحون للعبادة ؛ لأن الله سبحانه خالق كل شيء وهو القائل سبحانه وتعالى : سورة البقرة الآية 163 وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وقال جل وعلا : سورة طه الآية 98 إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
فالواجب على كل مكلف , وعلى كل مؤمن ومؤمنة من الجن والإنس التبصر في هذا الأمر وأن يعتني به كثيرا , حتى يكون جليا عنده , واضحا لديه ؛ لأن أصل الدين وأساسه عبادة الله وحده , وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله , أي : لا معبود بحق إلا الله وحده سبحانه وتعالى , ويضاف إلى ذلك الإيمان بالرسل وبخاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام , لا بد من ذلك مع الإيمان بملائكة الله , وكتب الله , واليوم الآخر , وبالقدر خيره وشره والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله .
كل ذلك لا بد منه في تحقيق الدخول في الإسلام وكما سبق بيان ذلك ، وكثير من الناس يظن أن قول : لا إله إلا الله , أو أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يكفيه ولو فعل ما فعل , وهذا من الجهل العظيم , فإنها ليست كلمات تقال , بل كلمات لها معنى لا بد من تحقيقه بأن يقولها ويعمل بمقتضاها فإذا قال : لا إله إلا الله , وهو يحارب الله بالشرك وعبادة غيره ، فإنه ما حقق هذه الكلمة , فقد قالها المنافقون وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول , وهم مع ذلك في الدرك الأسفل من النار وكما قال عز وجل :
سورة النساء الآية 145 إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا لماذا؟! ؛ لأنهم قالوها باللسان وكفروا بها بقلوبهم , ولم يعتقدوها ولم يعملوا بمقتضاها فلا ينفعهم قولها بمجرد اللسان.
وهكذا من قالها من اليهود والنصارى وعباد الأوثان , كلهم على هذا الطريق , لا تنفعهم حتى يؤمنوا بمعناها وحتى يخصوا الله بالعبادة , وحتى ينقادوا لشرعه .
وهكذا اتباع مسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار بن أبي عبيد الثقفي الذين ادعوا النبوة وغيرهم ويقولون لا إله إلا الله , وأن محمدا رسول الله , لكن لما صدقوا من ادعى أنه نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم كفروا , وصاروا مرتدين ؛ لأنهم كذبوا قول الله تعالى : سورة الأحزاب الآية 40 مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ فهو خاتمهم وآخرهم , ومن ادعى بعده أنه نبي أو رسول صار كافرا ضالا , وهكذا من صدقه كأتباع مسيلمة في اليمامة والأسود العنسي في اليمن والمختار في العراق وغيرهم لما صدقوا هؤلاء الكذابين بأنهم أنبياء . كفر من صدقهم بذلك واستحقوا أن يقاتلوا .
فإذا كان من ادعى مقام النبوة يكون كافرا; لأنه ادعى ما ليس له في هذا المقام العظيم , وكذب على الله فكيف بالذي يدعي مقام الألوهية , وينصب نفسه ليعبد من دون الله؟ لا شك أن هذا أولى بالكفر والضلال .
فمن يعبد غير الله , ويصرف له العبادة , ويوالي على ذلك ويعادي عليه فقد أتى أعظم الكفر والضلال .
فمن شهد لمخلوق بالنبوة بعد محمد عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال , فلا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله قولا وعملا وعقيدة , وأنه لا معبود بحق سوى الله , ولا بد من الإيمان بأن محمدا رسول الله , مع تصديق الأنبياء الماضين والشهادة لهم بأنهم بلغوا الرسالة عليهم الصلاة والسلام .
ثم بعد ذلك يقوم العبد بما أوجب الله عليه من الأوامر والنواهي , هذا هو الأصل لا يكون العبد مسلما إلا بهذا الأصل : بإفراد الله بالعبادة والإيمان بما دلت عليه , هذه الكلمة : " لا إله إلا الله " , ولا بد مع ذلك من الإيمان برسول الله والأنبياء قبله , وتصديقهم واعتقاد أنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام , وكثير من الجهلة كما تقدم يظن أنه متى قال لا إله إلا الله وشهد أن محمدا رسول الله فإنه يعتبر مسلما ولو عبد الأنبياء أو الأصنام أو الأموات أو غير ذلك , وهذا من الجهل العظيم والفساد الكبير والضلال البعيد , بل لا بد من العمل بمعناها والاستقامة عليه , وعدم الإتيان بضد ذلك قولا وعملا وعقيدة , ولهذا يقول جل وعلا في سورة فصلت : سورة فصلت الآية 30 إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ سورة فصلت الآية 31 نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ الآية .
والمعنى أنهم قالوا : ربنا الله ثم استقاموا على ذلك , ووحدوه وأطاعوه واتبعوا ما يرضيه , وتركوا معاصيه , فلما استقاموا على ذلك صارت الجنة لهم , وفازوا بالكرامة , وفي الآية الأخرى من سورة الأحقاف قال سبحانه : سورة الأحقاف الآية 13 إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ سورة الأحقاف الآية 14 أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فعليك يا عبد الله بالتبصر في هذا الأمر والتفقه فيه بغاية العناية , حتى تعلم أنه الأصل الأصيل والأساس العظيم لدين الله , فإنه لا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله قولا وعملا وعقيدة , والشهادة بأن محمدا رسول الله قولا وعملا وعقيدة , والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عما كان وما سيكون , ثم بعد ذلك تأتي بأعمال الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وغير ذلك .
ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بدعاة الباطل , ودعاة الشرك الذين دعوا غير الله , وأشركوا بالله غيره , وعبدوا المخلوقين من دون الله , وزعموا أنهم بذلك لا يكونون كفارا ؛ لأنهم قالوا : " لا إله إلا الله " , قالوها بالألسنة , ونقضوها بأعمالهم وأقوالهم الكفرية , قالوها وأفسدوها بشركهم بالله , وعبادة غيره سبحانه وتعالى , فلم تعصم دماءهم ولا أموالهم , ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صحيح البخاري الإيمان (25),صحيح مسلم الإيمان (22). أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام , وحسابهم على الله عز وجل .
هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا بد من هذه الأمور.
وفي حديث طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : صحيح مسلم الإيمان (23),مسند أحمد بن حنبل (6/394). من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل . وفي اللفظ الآخر : صحيح مسلم الإيمان (23),مسند أحمد بن حنبل (6/394). من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه أخرجهما الإمام مسلم في صحيحه .
فأبان النبي صلى الله عليه وسلم بهذين الحديثين وأمثالهما أنه لا بد من توحيد الله
والإخلاص له , ولا بد من الكفر بعبادة غيره , وإنكار ذلك والبراءة منه , مع التلفظ بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأداء بقية الحقوق الإسلامية ... وهذا هو الإسلام حقا , وضده الكفر بالله عز وجل .
وهذا الأصل يجب التزامه والسير عليه , وهو أن توحد الله , وتخلص له العبادة أينما كنت مع أداء الحقوق التي فرضها الله , وترك ما حرم الله عليك , وبهذا تكون مسلما , مستحقا لثواب الله ولكرامته سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة , ولذلك أنزل الله قوله جل وعلا : سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فبين الحكمة في خلقهم , وهي أن يعبدوا الله وحده , وأنهم لم يخلقوا عبثا ولا سدى , بل خلقوا لهذا الأمر العظيم ؛ ليعبدوا الله جل وعلا , ولا يشركوا به شيئا , ويخصوه بدعائهم وخوفهم ورجائهم وصلاتهم وصومهم , وذبحهم ونذرهم وغير ذلك , وقد بعث بهذا الأمر الرسل , كما قال عز وجل : سورة النحل الآية 36 وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
فكل من أتى بناقض من نواقض الإسلام أبطل هذه الكلمة ؛ لأن هذه الكلمة إنما تنفع أهلها إذا عملوا بها واستقاموا عليها , فأفردوا الله بالعبادة وخصوه بها , وتركوا عبادة ما سواه واستقاموا على ما دلت عليه من المعنى , فأطاعوا أوامر الله وتركوا نواهي الله , ولم يأتوا بناقض ينقضها .
وبذلك يستحقون كرامة الله , والفوز بالسعادة والنجاة من النار .
أما من نقضها بقول أو عمل فإنها لا تنفعه ولو قالها ألف مرة في الساعة الواحدة , فلو قال لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وصلى وصام
وزكى وحج ولكنه يقول : إن مسيلمة الكذاب - الذي خرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم في عهد الصحابة يدعي أنه رسول الله - لو قال : إنه صادق ، كفر ولم ينفعه كل شيء . أو قال : إن المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي ادعى النبوة في العراق إنه نبي صادق وأن الذين قاتلوه أخطئوا في قتاله، أو قال في حق الأسود العنسي الذي ادعى في اليمن أنه نبي , أو من بعدهم من الكذابين : إنهم صادقون يكون كافرا , ولو قال لا إله إلا الله , وكررها آلاف المرات .
وهكذا لو قالها وهو يعبد البدوي أو يعبد الحسين أو يعبد ابن علوان أو العيدروس , أو يعبد النبي محمدا صلى الله عليه وسلم , أو يعبد ابن عباس رضي الله عنهما , أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني , أو غيرهم يدعوهم ويستغيث بهم , وينذر لهم , ويطلب منهم المدد والعون , لم تنفعه هذه الكلمة , وهي " لا إله إلا الله " , وصار بذلك كافرا ضالا , وناقضا لهذه الكلمة , مبطلا لها .
وهكذا لو قال لا إله إلا الله , وصلى وصام ولكنه يسب النبي صلى الله عليه وسلم , أو يتنقصه أو يهزأ به , أو يقول : إنه لم يبلغ الرسالة كما ينبغي , بل قصر في ذلك , أو يعيبه بشيء من العيوب , صار كافرا , وإن قال لا إله إلا الله آلاف المرات , وإن صلى وصام ؛ لأن هذه النواقض تبطل دين العبد الذي يأتي بها , ولهذا ذكر العلماء رحمهم الله في كتبهم بابا سموه : باب حكم المرتد , وهو الذي يكفر بعد إسلامه , وذكروا فيه أنواعا من نواقض الإسلام منها ما ذكرنا آنفا .
وهكذا لو قال لا إله إلا الله , وجحد وجوب الصلاة , فقال : إن الصلاة ليست واجبة , أو الصوم ليس واجبا , أو الزكاة ليست واجبة , أو الحج ليس واجبا مع الاستطاعة , كفر إجماعا ولم ينفعه قوله : لا إله إلا الله أو صلاته
أو صومه إذا جحد وجوب ذلك , ولو صام وصلى وتعبد , ولكنه يقول : إن الزنى حلال , أو غيره مما أجمعت الأمة على تحريمه كفر عند جميع المسلمين , ونقض دينه بهذا القول , وإن قال : لا إله إلا الله , وشهد أن محمدا رسول الله وصلى وصام ؛ لأنه بتحليله الزنى صار مكذبا لله الذي حرمه بقوله سبحانه وتعالى : سورة الإسراء الآية 32 وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا
وهكذا لو قال : إن الخمر أو الميسر حلال , كفر ولو صلى وصام , ولو قال : لا إله إلا الله فإنه يصير مشركا كافرا عند جميع المسلمين ؛ لأنه مكذب لله في قوله سبحانه : سورة المائدة الآية 90 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لكن إن كان من قال ذلك مثله يجهل الحكم لكونه نشأ في بلاد بعيدة عن المسلمين , بين له حكم ذلك بالأدلة الشرعية , فإذا أصر على حل الزنى أو الخمر ونحوهما من المحرمات المجمع عليها , كفر إجماعا .
والمقصود من هذا أن يعلم أن الدخول في الإسلام والنطق بهذه الكلمة : " لا إله إلا الله " , و الشهادة بأن محمدا رسول الله لا يكفي في عصمة الدم والمال , إذا أتى قائلها بما ينقضه .
وهكذا لو أن إنسانا صلى وصام وتعبد وقال هذه الكلمة آلاف المرات في كل مجلس , ثم قال مع ذلك : إن أمه حلال أن يجامعها , أو بنته أو أخته , كفر عند جميع المسلمين , وصار مرتدا بذلك لكونه استحل ما حرم الله , بالنص والإجماع .
وهكذا لو كذب نبيا من الأنبياء , وقال : إن محمدا رسول الله وأنا مؤمن به وموحد لله , وأقول لا إله إلا الله , ولكني أقول إن عيسى ابن مريم كذاب ليس برسول لله , أو موسى أو هارون أو داود أو
سليمان أو نوحا أو هودا أو صالحا أو غيرهم ممن نص القرآن على نبوته ليسوا أنبياء , أو سبهم كفر إجماعا ولم ينفعه قول لا إله إلا الله ولا شهادة أن محمدا رسول الله , ولا صلاته ولا صومه لأنه أتى بما يكذب به الله ورسوله , وطعن في رسل الله , وهكذا لو أتى بكل شيء مما شرعه الله , وعبد الله وحده وصلى وصام ولكنه يقول الزكاة ليست واجبة , من شاء زكى ومن شاء لم يزك كفر إجماعا , وصار من المرتدين الذين يستحقون أن تراق دماؤهم ; لأنه قال : الزكاة غير واجبة , ولأنه خالف قول الله تعالى : سورة البقرة الآية 43 وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وخالف النصوص من السنة الدالة على أنها فرض من فروض الإسلام وركن من أركانه .
وهكذا لو ترك الصلاة , ولو قال : إنها واجبة , فإنه يكفر في أصح قولي العلماء كفرا أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : سنن الترمذي الإيمان (2621),سنن النسائي الصلاة (463),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079),مسند أحمد بن حنبل (5/346). العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد في مسنده , وأهل السنن بإسناد صحيح , وقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم الإيمان (82),سنن الترمذي الإيمان (2620),سنن أبو داود السنة (4678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078),مسند أحمد بن حنبل (3/370),سنن الدارمي الصلاة (1233). بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على كفر تارك الصلاة , ومن أراد التفصيل في هذا الأمر فليراجع باب حكم المرتد , ليعرف ما ذكر فيه العلماء من النواقض الكثيرة .
وبذلك يكون المؤمن على بصيرة في هذا الدين , ويعرف أن لا إله إلا الله هي أصل الدين , وهي أساس الملة مع شهادة أن محمدا رسول الله , وأنه لا إسلام ولا إيمان ولا دين إلا بهاتين الشهادتين , مع الإيمان بكل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم , والالتزام بذلك , مع الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله
صلى الله عليه وسلم ومع الإيمان بفرائض الله , ومع الإيمان بمحارم الله , ومع الوقوف عند حدود الله .
وهذا أمر أوضحه العلماء , وبينوه في كتبهم , وهو محل إجماع ووفاق بين أهل العلم , فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة , وألا تنخدع بقول الجاهلين والضالين من القبوريين وغيرهم , من عباد غير الله , الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا , وجهلوا دين الله , حتى عبدوا مع الله غيره , ويزعمون أنهم بذلك ليسوا كافرين ؛ لأنهم يقولون : لا إله إلا الله , وهم ينقضونها بأعمالهم وأقوالهم , وتعلم أيضا أن هاتين الشهادتين اللتين هما أصل الدين وأساس الملة ينتقضان في حق من أتى بناقض من نواقض الإسلام .
فلو أن هذا الرجل أو هذه المرأة شهدا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وصليا وصاما إلى غير ذلك من أعمال , لكنهم يقولان : إن الجنة ليست حقيقة أو إن النار ليست حقيقة , فلا جنة ولا نار , بل كله كلام ما له حقيقة , فإنهما يكفران بذلك القول كفرا أكبر , بإجماع المسلمين.
ولو صلى وصام من قال ذلك وزعم أنه مسلم موحد لله وترك الشرك ولكنه يقول : إن الجنة أو النار ليستا حقا , ما هناك جنة ولا نار , أو قال : ما هناك ميزان , أو ما هناك قيامة , ما فيه يوم آخر , فإنه بذلك يصير مرتدا كافرا ضالا عند جميع المسلمين.
أو قال : إن الله ما يعلم الغيب أو لا يعلم الأشياء على حقيقتها , فإنه يكفر بذلك لكونه بهذا القول مكذبا لقول الله سبحانه : سورة الأنفال الآية 75 إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وما جاء في معناها من الآيات , ولأنه قد تنقص ربه سبحانه وتعالى , وسبه بهذا القول , وبهذا تعلم يا أخي أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله : هي أصل الإيمان وهي أساس
الملة , ولكنها لا تعصم قائلها إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام , بل لا بد من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وبالقدر خيره وشره .
ولا بد مع ذلك من أداء فرائض الله , وترك محارم الله , فمن أتى بعد ذلك بناقض من نواقض الإسلام بطل في حقه قول لا إله إلا الله , وصار مرتدا كافرا , وإن أتى بمعصية من المعاصي التي دون الشرك نقص دينه , وضعف إيمانه , ولم يكفر كالذي يزني أو يشرب الخمر, وهو يؤمن بتحريمها فإن دينه يكون ناقصا , وإيمانه ضعيفا , وهو على خطر إذا مات على ذلك من دخول النار والعذاب فيها , ولكنه لا يخلد فيها إذا كان قد مات موحدا مسلما , بل له أمد ينتهي إليه حسب مشيئة الله سبحانه وتعالى , ولكنه لا يكون آمنا , بل هو على خطر من دخول النار ؛ لأن إيمانه قد ضعف ونقص بهذه المعصية , التي مات عليها ولم يتب , من زنى أو سرقة أو غيرهما من الكبائر .
ف المخالفة لأمر الله قسمان :
قسم يوجب الردة , ويبطل الإسلام بالكلية , ويكون صاحبه كافرا كالنواقض التي أوضحتها سابقا .
والقسم الثاني : لا يبطل الإسلام ولكن ينقصه ويضعفه , ويكون صاحبه على خطر عظيم من غضب الله وعقابه إذا لم يتب , وهو جنس المعاصي التي يعرف مرتكبها أنها معاصي , ولكن لا يستحلها , كالذي مات على الزنى , أو على الخمر , أو على عقوق الوالدين , أو على الربا ونحو ذلك . فهذا تحت مشيئة الله , إن شاء عذبه وإن شاء غفر له , لقول الله عز وجل : سورة النساء الآية 48 إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ؛ لأنه ليس
بكافر; لكونه لم يستحل هذه الأمور , وإنما فعلها اتباعا للهوى والشيطان , أما من استحل الزنى أو الخمر أو الربا فإنه يكفر كما تقدم بيان ذلك , فينبغي التنبه لهذه الأمور , والحذر منها , وأن يكون المسلم على بصيرة من أمره . وهذا الذي ذكرناه هو قول أهل السنة والجماعة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم وأتباعهم بإحسان .
رزقني الله وجميع المسلمين الاستقامة على دينه , ومن علينا جميعا بالفقه في الدين , والثبات عليه , وأعاذنا الله جميعا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه سميع قريب , وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:03
أسئلة مهمة في العقيدة تتعلق بالمحاضرة .
متى يعذر المسلم ؟
س1 : هل يعذر المسلم إذا فعل شيئا من الشرك كالذبح والنذر لغير الله جاهلا ؟
ج 1 : الأمور قسمان : قسم يعذر فيه بالجهل وقسم لا يعذر فيه بالجهل.
فإذا كان من أتى ذلك بين المسلمين , وأتى الشرك بالله , وعبد غير الله , فإنه لا يعذر لأنه مقصر لم يسأل , ولم يتبصر في دينه فيكون غير معذور في عبادته غير الله من أموات أو أشجار أو أحجار أو أصنام , لإعراضه وغفلته عن دينه , كما قال الله سبحانه : سورة الأحقاف الآية 3 وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن ربه أن يستغفر لأمه لأنها ماتت في الجاهلية لم يؤذن له ليستغفر لها; لأنها ماتت على دين قومها عباد الأوثان ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم قال لشخص سأله عن أبيه , قال : صحيح مسلم الإيمان (203),سنن أبو داود السنة (4718),مسند أحمد بن حنبل (3/119). هو في النار , فلما رأى ما في وجهه قال : إن أبي وأباك في النار
لأنه مات على الشرك بالله , وعلى عبادة غيره سبحانه وتعالى , فكيف بالذي بين المسلمين وهو يعبد البدوي , أو يعبد الحسين , أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني , أو يعبد الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم , أو يعبد عليا أو يعبد غيرهم .
فهؤلاء وأشباههم لا يعذرون من باب أولى ؛ لأنهم أتوا الشرك الأكبر وهم بين المسلمين , والقرآن بين أيديهم . وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودة بينهم , ولكنهم عن ذلك معرضون .
والقسم الثاني : من يعذر بالجهل كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام في أطراف الدنيا , أو لأسباب أخرى كأهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الرسالة , فهؤلاء معذورون بجهلهم , وأمرهم إلى الله عز وجل , والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فيؤمرون , فإن أجابوا دخلوا الجنة , وإن عصوا دخلوا النار؛ لقوله جل وعلا : سورة الإسراء الآية 15 وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ولأحاديث صحيحة وردت في ذلك .
وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في آخر كتابه : ( طريق الهجرتين ) لما ذكر طبقات المكلفين , فليراجع هناك لعظم فائدته .
حكم التوسل , ومعاشرة الفساق :
س 2 : هل يجوز التوسل بجاه فلان أو حق فلان , وهل تجوز معاشرة الفساق وصحبتهم؟
ج 2 : هذا من البدع التي لم يشرعها الله عند جمهور أهل العلم , وإنما المشروع التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وتوحيده ومحبته والإيمان به , وبالأعمال الصالحات كما قال سبحانه :
سورة الأعراف الآية 180 وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ولم يقل سبحانه : فادعوه بجاه محمد , أو بجاه الأنبياء أو بجاه الأولياء , أو بحق بيته العتيق , أو نحو ذلك وإنما قال سبحانه : سورة الأعراف الآية 180 وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا أي بأسمائه هو وصفاته , ويدعى أيضا بتوحيده كما جاءت الأحاديث بذلك , ومنها الحديث : سنن الترمذي الدعوات (3475),سنن ابن ماجه الدعاء (3857). اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان
ومن ذلك حديث أهل الغار الذين انطبقت عليهم صخرة لما أووا إلى الغار في ليل فيه مطر , فقد انطبقت عليهم صخرة وسدت عليهم فم الغار ولم يستطيعوا الخروج , فقالوا فيما بينهم : لا ينجينا من هذا إلا أن نتوسل إلى الله بأعمالنا الخالصة , فتوسلوا إلى الله , فتوسل أحدهم إلى الله ببره لوالديه , والثاني توسل بعفته عن الزنى , والثالث توسل بأدائه للأمانة , ففرج الله عنهم .
فعلم بذلك مما ذكرنا أن العبد إذا توسل إلى الله بأسمائه أو بتوحيده , أو بإيمانه به ومحبته له , أو بالإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم ومحبته له , أو بأداء ما افترض الله عليه , من طاعته , أو بترك ما حرم عليه , فهو توسل مشروع وصاحبه حري بالإجابة.
وأما معاشرة الفساق ومجالستهم فلا تجوز; لأنهم يجرون إلى فسقهم وضلالهم , لكن إذا خالطهم للدعوة إلى الله وإنكار ما هم عليه من الباطل , وتوجيههم للخير , وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر , فهذا لا بأس به ؛ لأن المسلم مأمور بذلك , أما من يتخذهم أصحابا وخلانا يجالسهم ويأكل معهم ويأنس بهم , فذلك لا يجوز .
التحاكم إلى القوانين العرفية والقوانين القبلية :
س 3 : من يتحاكم إلى القوانين العرفية , والقوانين القبلية , هل حققوا معنى لا إله إلا الله؟
ج 3 : أما تحكيم القوانين والأعراف القبلية فهذا منكر لا يجوز , والواجب تحكيم شرع الله , كما قال سبحانه : سورة النساء الآية 65 فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
والواجب على جميع الدول المدعية الإسلام أن تحكم شرع الله وأن تدع تحكيم القوانين , وعلى القبيلة أي قبيلة أن ترجع إلى حكم الله , ولا ترجع إلى قوانينها وأعرافها وسوالف آبائها .
أما الصلح فلا بأس به من غير إلزام .. فإذا أصلح شيخ القبيلة , أو أحد أفراد القبيلة وأعيانها بين متخاصمين صلحا لا يخالف شرع الله , بأن أشاروا على هذا بأن يسقط بعض حقه , وهذا بأن يتسامح عن بعض حقه , وهذا بأن يعفو ؛ فلا بأس بهذا , أما أن يلزموهم بقوانين ترجع إلى أسلافهم وآبائهم فهذا لا يجوز , أما الصلح بالتراضي على أن هذا يسمح عن بعض حقه , أو يسمح عن سبه لأخيه , أو ما أشبه ذلك , فهذا لا بأس به لقول الله تعالى : والصلح خير ولقول النبي صلى الله عليه وسلم سنن الترمذي الأحكام (1352),سنن ابن ماجه الأحكام (2353). الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما .
النكاح بنية الطلاق :
س 4 : سمعت لك فتوى على أحد الأشرطة بجواز الزواج في بلاد
الغربة , وهو ينوي تركها بعد فترة معينة , لحين انتهاء الدورة أو الابتعاث . فما هو الفرق بين هذا الزواج وزواج المتعة , وماذا لو أنجبت زوجته طفلة , هل يتركها في بلاد الغربة مع أمها المطلقة أرجو الإيضاح؟
ج 4 : نعم لقد صدر فتوى من اللجنة الدائمة وأنا رئيسها بجواز النكاح بنية الطلاق إذا كان ذلك بين العبد وبين ربه , إذا تزوج في بلاد غربة ونيته أنه متي انتهى من دراسته أو من كونه موظفا وما أشبه ذلك أن يطلق فلا بأس بهذا عند جمهور العلماء , وهذه النية تكون بينه وبين الله سبحانه , وليست شرطا .
والفرق بينه وبين المتعة : أن نكاح المتعة يكون فيه شرط مدة معلومة كشهر أو شهرين أو سنة أو سنتين ونحو ذلك , فإذا انقضت المدة المذكورة انفسخ النكاح , هذا هو نكاح المتعة الباطل , أما كونه تزوجها على سنة الله ورسوله، ولكن في قلبه أنه متى انتهى من البلد سوف يطلقها , فهذا لا يضره وهذه النية قد تتغير وليست معلومة وليست شرطا بل هي بينه وبين الله فلا يضره ذلك , وهذا من أسباب عفته عن الزنى والفواحش , وهذا قول جمهور أهل العلم , حكاه عنهم صاحب المغني موفق الدين ابن قدامة رحمه الله .
حكم ذبيحة من لا تعرف عقيدته :
س 5 : هل تؤكل ذبيحة من لا تعرف عقيدته , ومن يستحل المعاصي وهو يعلم أنها حرام , ومن يعرف عنه دعاء الجن بدون قصد؟
ج 5 : إذا كان لا يعرف بالشرك فذبيحته حلال إذا كان مسلما يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يعرف عنه ما يقتضي كفره فإن ذبيحته تكون حلالا , إلا إذا عرف عنه أنه قد أتى بشيء من الشرك كدعاء الجن أو
دعاء الأموات , والاستغاثة بهم فهذا نوع من الشرك الأكبر , ومثل هذا لا تؤكل ذبيحته , ومن أمثلة دعاء الجن أن يقول : افعلوا كذا أو افعلوا كذا أو أعطوني كذا أو افعلوا بفلان كذا , وهذا من يدعو أصحاب القبور أو يدعو الملائكة ويستغيث بهم أو ينذر لهم فهذا كله من الشرك الأكبر . نسأل الله السلامة والعافية .
أما المعاصي فهي لا تمنع من أكل ذبيحة من يتعاطى شيئا منها إذا لم يستحلها , بل هي حلال إذا ذبحها على الوجه الشرعي , أما من يستحل المعاصي فهذا يعتبر كافرا , كأن يستحل الزنى أو الخمر أو الربا أو عقوق الوالدين أو شهادة الزور ونحو ذلك من المحرمات المجمع عليها بين المسلمين , نسأل الله العافية من كل ما يغضبه .




المصدر
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز - الجزء الرابع

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:05
قال الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله


السؤال :
يقول السائل : الذي لا يحقق شروط " لا إله إلاّ الله " كلها هل يدخل الجنّة أو يدخل الناّر ؟


الجواب :
الذي لا يحقق شروط لا إله إلاّ الله يدخل النّار ,لا بدّ ؛إذا كان غير مخلص ,إذا كان غير صادق ,إذا كان لا يعلم معناها ؛يقول "لا إله إلاّ الله " ويفسرها بلا خالق إلا الله ! لا رازق إلا الله ! هذا على الأقل هو من الفرق الضالّة , إن عذرناه بالجهل .



المصدر
فتاوى في العقيدة والمنهج ( الحلقة الأولى )
لفضيلة الشيخ العلامة ربيع ابن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:08
شروط لا إله إلا الله لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله

السؤال :
فضيلة الشيخ ، أولا نعلمك يا شيخ أننا نحبكم في الله ، ثانيا نريد من فضيلتكم ـ جزاكم الله خيرا ـ توضيحا بسيطا لشروط لا إله إلا الله وجزاكم الله خيرا ؟

الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أولا أقول للسائل والحاضرين جميعا : أحبكم الله الذي أحببتمونا فيه ، وأعلمكم أنه ما أتى بنا من المكان البعيد إليكم إلا الحب في الله والموالاة في الله والإجتماع على كلمة الحق علما وعملا ونشرا ونصرا !

والجواب على السؤال : وهو سؤال يستحق التقدير ويستحق العناية به ، لأنه حديث عن كلمة الإخلاص التي هي مفتاح الجنة والتي لا يدخل أحد في الإسلام إلا بها علما وعملا ، وهي العاصمة للدم والمال والعرض ، وهي التي ترضي الله ـ تبارك وتعالى ـ وترضي رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ والصالحين من عباد الله ، فلا إله إلا الله لها أركان ولها شروط ولها حقوق ولها مكملات ، وهذا أمر لا يخفى على الكثير منكم .

فأما أركانها فاثنان : النفي والإثبات . النفي مأخوذ من قولك :" لا إله " والإثبات من قول : " إلا الله " والمراد بالنفي : نفي ما يعبد من دون الله عز وجل ، والإثبات : إثبات كل عبادة مالية أو بدنية أو هما معا لله وحده دون سواه .
وأما شروطها : فقد ذكرها علماؤنا علماء أتباع السلف الربانيون أهل الفهم الصحيح ، أهل الفهم الدقيق لمعاني الأحكام ذكروا لها سبعة شروط وأوصلها بعضهم إلى ثمانية :


ـ الشرط الأول : العلم ومعنى العلم هو العلم بما دلت عليه من معنى النفي والإثبات .

ـ الشرط الثاني : اليقين ومعناه أن يكون المتلفظ بلا إله إلا الله موقنا بما دلت عليه من معنى لا تردد في ذلك ولا شك .

ـ الشرط الثالث : القبول ومعناه أن يكون القائل لـ : " لا إله إلا الله " قد قبلها وطبق ما دلت عليه من معنى النفي والإثبات .

ـ الشرط الرابع : الإخلاص ومعناه أن يكون القائل لهذه الكلمة الجليلة مخلصا فيما دلت عليه من معنى .

ـ الشرط الخامس : الإنقياد ومعناها الإستسلام والخضوع والطاعة لما دلت عليه هذه الكلمة من معنى .

ـ الشرط السادس : الصدق وذلك بأن يكون قائلها مصدقا بما دلت عليه من المعنى باطنا وظاهرا .

ـ الشرط السابع : المحبة ومعناها المحبة لها ولأهلها ولمن أمر بها بقوله الحق : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) [ محمد : من الآية 19 ] ، وبقوله سبحانه : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) [ البقرة : من الآية 255 ] ، وبقوله عز وجل : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )) [ آل عمران : 18 ] ، ومحبة من بلّغها وبيّن معناها وجاهد في سبيل إعلائها ألا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه الكرام من المهاجرين والأنصار ، ومن تبعهم على النهج القويم قولا وفعلا وعملا ظاهرا وباطنا .

ـ الشرط الثامن : الكفر بما يعبد من دون الله عز وجل ؛ لأن من عبد غير الله فقد ناقض لا إله إلا الله ، ولذا قال علماؤنا الأوائل ـ رحمهم الله ـ لا ولاء إلا ببراء ، فمن والى لا إله إلا الله ، وما دلت عليه من معنى وجب عليه أن يتبرأ من كل شيء يناقض لا إله إلا الله . والله أعلم .

المصدر :
العقد المنضد الجديد في الإجابة على مسائل في الفقه والمناهج والتوحيد
لفضيلة الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ ( ص 20 ) .

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:12
قال فضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي - رحمه الله -

يشترط في شهادة أن لا إله إلا الله شروطا لابدّ من توفرها فيمن ينطق بها :

من شروطها: العلم المنافي للجهل , وهو مقتضى ما ذكرته من العلم بها ؛ لأن الله تعالى يقول http://www.sahab.net/ipb/public/style_emoticons/default/sad.gifإلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [ الزخرف 86] .

المصدر :
الشرح الموجز الممهد لتوحيد الخالق الممجد لفضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي - رحمه الله -



س1 : هل يعذر المسلم إذا فعل شيئا من الشرك كالذبح والنذر لغير الله جاهلا ؟ لفضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله

ج 1 : الأمور قسمان : قسم يعذر فيه بالجهل وقسم لا يعذر فيه بالجهل.
فإذا كان من أتى ذلك بين المسلمين , وأتى الشرك بالله , وعبد غير الله , فإنه لا يعذر لأنه مقصر لم يسأل , ولم يتبصر في دينه فيكون غير معذور في عبادته غير الله من أموات أو أشجار أو أحجار أو أصنام , لإعراضه وغفلته عن دينه , كما قال الله سبحانه : سورة الأحقاف الآية 3 وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن ربه أن يستغفر لأمه لأنها ماتت في الجاهلية لم يؤذن له ليستغفر لها; لأنها ماتت على دين قومها عباد الأوثان ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم قال لشخص سأله عن أبيه , قال : صحيح مسلم الإيمان (203),سنن أبو داود السنة (4718),مسند أحمد بن حنبل (3/119). هو في النار , فلما رأى ما في وجهه قال : إن أبي وأباك في النار
لأنه مات على الشرك بالله , وعلى عبادة غيره سبحانه وتعالى , فكيف بالذي بين المسلمين وهو يعبد البدوي , أو يعبد الحسين , أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني , أو يعبد الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم , أو يعبد عليا أو يعبد غيرهم .
فهؤلاء وأشباههم لا يعذرون من باب أولى ؛ لأنهم أتوا الشرك الأكبر وهم بين المسلمين , والقرآن بين أيديهم . وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودة بينهم , ولكنهم عن ذلك معرضون .
والقسم الثاني : من يعذر بالجهل كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام في أطراف الدنيا , أو لأسباب أخرى كأهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الرسالة , فهؤلاء معذورون بجهلهم , وأمرهم إلى الله عز وجل , والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فيؤمرون , فإن أجابوا دخلوا الجنة , وإن عصوا دخلوا النار؛ لقوله جل وعلا : سورة الإسراء الآية 15 وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ولأحاديث صحيحة وردت في ذلك .
وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في آخر كتابه : ( طريق الهجرتين ) لما ذكر طبقات المكلفين , فليراجع هناك لعظم فائدته

المصدر
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز - الجزء الرابع
.

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:13
ما هو ضابط العذر بالجهل ؟ للشيخ ربيع حفظه الله

سؤال: فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي : ما هو ضابط العذر بالجهل ؟

الجواب : الجاهل هو الذي لم تبلغه الحجّة ,إما أن يكون حديث عهد بالإسلام وترك عملا
من الأعمال من أركان الإسلام وغيره لأنه لم يتعلم إلى الآن الإسلام ,هذا مثلا لو
أسلم وما اعتقد وجوب الزكاة أو الحج أو ما شاكل ذلك لأنه ما بلغه أيّ نص ولا علمه
المسلمون ؛هذا يُعذر بالجهل ,بارك الله فيكم .

أو كان في بلد ناءٍ عن بلاد العلم والإسلام والعبادة والتوحيد وما
شاكل ذلك ,يعيش في غابة من الغابات في أوساط إفريقيا أو في بلاد ما وراء الهند
,بلاد الجهل والضياع والضلال ,فهذا قد يُعذر بالجهل في بعض الأشياء التي لم تبلغه
,إذا قصّر فيها لا نكفِّره نعلمه ونبين له ؛نقول له : أنت لماذا لا تزك ؟ لماذا لا
تحج ؟ يقول : ليس واجب علي نقول له : بلى ,يجب عليك والدليل كذا وكذا ,فهذا قبل أن
تبلغه الحجة جاء جاهلا ويُعذَر بجهله .

أما الذي يعيش في ديار الإسلام وفي أوساط أهل العلم والدين والخير
,هذا لا يُعذَر لأنه في الغالب يكون مُعْرِضًا ؛لا يريد الحقّ بارك الله فيكم
.

أهل الفترة والمجانين والصبيان والذين لم تبلغهم الحجّة كلهم معذورون
ويمتحنون يوم القيامة ؛لا نكفرهم ولا يُدْخِلهم الله النار إلاّ بعد أن يبعث إليهم
رسولا يختبرهم ,يقول لهم : أدخلوا النار ,فمن استعدّ لدخول النار هذا آمن وصدّق و
نجا ,ومن أبا وردّ رسالة هذا الرسول يدخل النار ,ثم يأتي بعد ذلك أهل الفترة
فيقولون : ما جاءنا من نذير ويأتي المعتوه يقول : أنا كنت أُقذَف في الشوارع
؛يقذفني الصبيان في الأزقّة ولم أكن أعقل ولم يكن عندي عقل ,كيف يكلفه ربنا سبحانه
وتعالى ؟ !!

الصبي بارك الله فيكم هذا ليس عنده عقل أيضا ولم يبلغ سنّ التكليف
,هؤلاء يمتحنون يوم القيامة . الذي يموت قبل البلوغ يُمتحن ؛إن استعد لدخول النار
طاعةً لهذا الرسول هذا آمن ونجا ,ومن أبا أن يدخل النار هذا كفر وكذّب ؛فيدخل
النار.

الشاهد
: أن أهل السنة والجماعة على أنّ الجاهل معذور حتّى تقوم عليه الحجّة ,وأهل
الفترة معذورون لا يدخلون النار إلاّ بإقامة الحجّة .

والراجح عند أهل السنة أنّ الذي وقع في مكفِّر
,لا يُكفَّر حتى تقام عليه الحجّة ,وقد وقع بعض الصحابة في شرب الخمر ؛شربوه
واستحلوه وهذا من المكفرات فأجمع الصحابة : عمر ابن الخطاب وعلي ابن أبي طالب
وعثمان وغيرهم من الصحابة قالوا : ائتوا بهم ؛إن اعترفوا بتحريم الخمر أُقيم عليهم
الحدّ ,وإن استباحوه واستحلّوه يُقتلون مرتدّين فتابوا وأنابوا ورجعوا فأقاموا
عليهم الحد

المصدر http://rabee.net/show_fatwa.aspx?id=60

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:14
جواب لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

السؤال:
أحسن الله إليكم وبارك فيكم السائلة من الأردن في سؤالها هذا تقول يا فضيلة شيخ محمد ما هي شروط لا إله إلا الله وضحها لنا يا شيخ؟


الجواب :
لا تحتاج إلى شروط توضح واضحة بنفسها لا إله إلا الله يعني لا معبود حق إلا الله يجب أن يشهد الإنسان بذلك بقلبه ولسانه وجوارحه فبقلبه يعتقد اعتقادا جازما أنه لا معبود حق إلا الله وأن جميع ما يعبد من دون الله فهو باطل كما قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) ثانيا أن يقول ذلك بلسانه مادام قادر على النطق لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (حتى يشهدوا ألا إله إلا الله) فلابد من النطق لمن كان قادرا عليه فأما الأخرس فيكتفى باعتقاد قلبه ثالثا لابد من تحقيق هذه الكلمة وذلك بالعمل بمقتضاها بألا يعبد إلا الله ولا يصرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فمن أشرك بالله ولو شركا أصغر فإنه لم يحقق معنى قول لا إله إلا الله ومن تابع غير الرسول عليه الصلاة والسلام مع مخالفته للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لم يحقق معنى لا إله إلا الله ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكتفي بقول لا إله إلا الله حتى فيما يظن الإنسان أنه قال غير مخلص بها فلهذا نقول لابد من النطق بها باللسان والعمل بمقتضاها بالأركان والاعتقاد بمعناها ومدلولها في الجنان أي في القلب.

المصدر :
فتاوى نور على الدرب

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 14:15
شروط (لا إله إلا الله):

الأول: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً.
الثاني: اليقين وهو : كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للشرك.
الرابع: الصدق المنافي للكذب.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه والسرور بذلك.
السادس: الانقياد لحقوقها وهي: الأعمال الواجبة إخلاصاً لله وطلباً لمرضاته.
السابع: القبول المنافي للرد.


أدلة هذه الشروط من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

دليل العلم:
قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19]، وقوله: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86]، أي بـ (لا إله إلا الله) {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بقلوبهم مانطقوا به ألسنتهم.

ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة».

ودليل اليقين:
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات15].

فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا فأما المرتاب فهو من المنافقين.

ومن السنة: الحديث الثابت عن الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة».

وفي رواية: «لايلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة».

وعن أبي هريرة أيضا من حديث طويل: «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة».

دليل الإخلاص:
قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر3] وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة5].

ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ( أو نفسه )».

وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل».

وللنسائي في (اليوم والليلة) من حديث رجلين من الصحابة عن صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مخلصاً بها قلبه يصدق بها لسانه إلا فتق الله لها السماء فتقاً حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر الله إليه أن يعطيه سؤله».

ودليل الصدق:
قوله تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت1: 3].

وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة8: 10].

ومن السنة: ماثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ن أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار».

ودليل المحبة:
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} [البقرة165].

وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} [المائدة54].

ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار».

دليل الانقياد:
ما دل عليه قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [الزمر54]، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء125]، وقوله: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان22]، أي ( لا إله إلا الله ).
وقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء65].

ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» وهذا هو تمام الانقياد وغايته.

ودليل القبول:
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الزخرف23: 25].

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات35: 36].

ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً: فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا ورزعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة

شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب

قطــــوف الجنــــة
2013-02-02, 15:42
التوحيد اعظم سبب لانشراح الصدر العلامة محمد امان الجامي شرح لفصل من زاد المعاد
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1165249

ابن باديس سنة
2013-02-05, 12:48
السلام عليكم ورحمة الله ياأخت والله ماكنت على علم بأننا عندنا في الجزائر من يهتم بالتوحيد ويعرف ويسعى لمعرفة الكلمة ودراستها ولقد رأيت ماأثلج صدري ووالله الذي لاإله غيره كما كان يقسم عبد الله يعني بن مسعود رضي الله عنه إني لفخور بك خاصة و ما قدمت الله يرفع قدرك في الدني اوالآخرة كما رفع قدر لاإله إلا الله أخوك أبو المنذر من الشرق من حقق التوحيد عاش سعيد تجدين هذا في كتاب الزاد لشيخنا العلامة "ابن قيم الجوزية فقد أفاد وأجاد وبسط القول في إسبغب السعادة في الدارين وجعل تحقيق التوحيد أول وأعظم سبب لسعادة المرء في دار الدنيا والأخرة " لاإله إلا الله منهاج حياة" مامن نبي إلا ودعى إليها وماأقل من يعرفها معنى أما لفظا كل الناس تقولها ؟ اللهم ارزقنا فقهها علما وعملا ووفقنا لقولها ويسرها على ألسنتنا يوم يثقل الليان وتفشل الأركان يارحيم يارحمان

واختم لنا ولأختنا بالصالحات وأدخلنا فسيح الجنات أخوك من الشرق الجزائري" أبو المنذر الأثري"

haydouchi
2013-02-06, 14:37
بارك الله فيك ياغالي شكرا لك

قطــــوف الجنــــة
2013-02-06, 22:19
اللهم صبرك

أبو عبد الله الغيثري
2013-02-08, 00:32
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا لما تدعين إليه الكتاب والسنة على فهم الصحابة رضي الله عنهم
وتحريك لنقل كلام الراصخين في العلم وحبك للدليل عكس الإخوان المفلسون .
فالذي أريد أن أنوه عليه هو توقيعك الذي قد لا يفهم معناه أو ما تقصدينه بعض مرضى القلوب ومبغضي السنة لأنها تفضحهم وتهتك سترهم
السلفي كما وصفتي زائد اللحية والقميص فهما من هدي النبي عليه الصلاة والسلام
فمن تحقيق الشهاديتين افراد الله عزوجل بالوحدانية وإفراد النبي عليه الصلاة والسلام بالإتباع فلا يسع السني بحق
إلا إتباع نبيه ظاهرا وباطنا نسأل الله أن يتوفنا على ملته ويحشرنا في زمرته ويرزقنا إتباعه ظاهرا وباطنا.

قطــــوف الجنــــة
2013-02-08, 11:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا لما تدعين إليه الكتاب والسنة على فهم الصحابة رضي الله عنهم
وتحريك لنقل كلام الراصخين في العلم وحبك للدليل عكس الإخوان المفلسون .
فالذي أريد أن أنوه عليه هو توقيعك الذي قد لا يفهم معناه أو ما تقصدينه بعض مرضى القلوب ومبغضي السنة لأنها تفضحهم وتهتك سترهم
السلفي كما وصفتي زائد اللحية والقميص فهما من هدي النبي عليه الصلاة والسلام
فمن تحقيق الشهاديتين افراد الله عزوجل بالوحدانية وإفراد النبي عليه الصلاة والسلام بالإتباع فلا يسع السني بحق
إلا إتباع نبيه ظاهرا وباطنا نسأل الله أن يتوفنا على ملته ويحشرنا في زمرته ويرزقنا إتباعه ظاهرا وباطنا.



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم وثبت خطاكم ..هذا ما أصبوا إليه نقل كلام الراسخين في العلم جهابذة الحق من منبعه ومن مصدره
ليس الهدف هو كلامي ولا كلام أي أحد بعد كلام كتاب الله والسنة الغراء وبعدها ورثة الانبياء سواء متقدمين أو متأخرين
ليس كلام لهو وعبث من أفكار أنفسنا فقط لأن الحق لا يلائمني ولا يمشي حسب ما أريد وأذهب وأستنجد بكلام ينافي الحق من أشباه العلماء الذي بدلو الاحكام ولونوا الاسلام وابتدعوا واحدثوا امورا لم يكن من سلفنا الصالح ..لذا نقل كلام العلماء هو الاهم وهو الاسلم والاحكم والاعدل والاصح والاصدق والاحق شريطة أن تكون معها الحق الحق ليس غيره ليس تعظيما لهم أو غلوا بل الحق المدجج بالادلة ..وهذه هي غايتي للاسف المخالفين يتهمونني دائما بالصق والنسخ لانني لا ارد احياننا من تلقاء نفسي وأخشا ان اغلط او احدث شئ لم يكن في الدين .شكرا لكم ..
إلا إتباع نبيه ظاهرا وباطنا نسأل الله أن يتوفنا على ملته ويحشرنا في زمرته ويرزقنا إتباعه ظاهرا وباطنا.آللهم آمين

Abd_el_kader
2013-05-04, 17:48
السلام عليكم

بورك فيك على هذا الجمع

لي عودة لقراءته بإذن الله

عبلة السلفية
2013-05-05, 23:03
لرفع ..................

ettahir
2013-05-10, 19:57
شكرا لك اخي الحبيب على الموضوع

challenge
2013-05-12, 10:29
http://nsa33.casimages.com/img/2013/04/12/130412093852496229.jpg (http://www.casimages.com/img.php?i=130412093852496229.jpg)



http://nsa34.casimages.com/img/2013/04/25/130425085750555108.jpg (http://www.casimages.com/img.php?i=130425085750555108.jpg)

قطــــوف الجنــــة
2013-05-28, 00:56
بارك الله فيكم

Jacob21
2013-05-29, 09:14
شكرا بارك الله فيك