تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما الذي يجعل من السويد البلد الأكثر مدنية؟


chemssou007
2009-04-05, 15:13
كثيراً ما نتساءل بحسرة، ما الذي يجعل من الشخص الغربي مواطناً صالحاً ومتقبلاً الخضوع للقوانين ونابذاً لمبدأ العنف؟ وما الذي يرعى الديمقراطية، وجود القوانين نفسها، أم تطبيقها من قبل الجميع بشكل متساوٍ؟

سوف نأخذ المجتمع السويدي مثالا ونتتبع دور التربية في تكوين المواطن الصالح.
تطمح المدرسة السويدية إلى تكوين مواطنين إنسانويين ومسؤولين، منفتحين على العالم الواسع، قادرين على التفاهم والتعاون، يمتلكون حرية أحكامهم وقادرين على تكوين آرائهم الخاصة والتعبير عنها، واثقين من أنفسهم ومن مستقبلهم وقادرين على صناعة قدرهم ومؤهلين لتدبير أمورهم في الحياة. وبهذا المعنى نجد أن التربية في السويد «نفعية» بالمعنى الحرفي للكلمة. فالمدرسة لا تكتفي بالمعرفة أو التفكير وحدهما. المدرسة تعلّم أيضاً من أجل الفعل والعيش وللاندماج في المجتمع وتعلم الفرد أن يكون سعيداً. إن مستوى المعرفة لا يشكل إلا أحد الأوجه. ولهذا لا يمرّ التعليم عبر النظرية أو الكتب فقط، فالتجربة والحوار يلعبان دوراً كبيراً. ويحب معلمو السويد ان يصفوا أنفسهم بالمرشدين الذين يكشفون الطريق أكثر منهم بحاملي المعرفة وناقليها. إنهم يعطون المفاتيح التي تساعد على الاستخدام الأفضل للمعرفة.
ويبدو أن هذه السياسة التربوية تؤتي ثمارها، إذ توصف السويد ومعها النروج بأكثر البلدان «المتعلمة مدنية» من قبل متخصصي العلوم السياسية المقارنة.
ويتعلم السويديون هذه القيم على مستويات التعليم كافة. بدءاً من الأمومة، بحيث يتعلم صغارهم أن يتكلم كل حسب دوره، وأن يصغوا لرفاقهم. ويبدأ اليوم المدرسي في جميع أنحاء السويد بحوار صغير بين الأطفال فيحكي كل واحد عما قام به في اليوم السابق، يتحدث عن موضوع يختاره. والجميع يستمع وينتظر دوره ليتكلم. إنها طريقة للتعرف إلى بعض ولاحترام الآخرين. وهذا ما يساعد على التفاعل المشترك، بخاصة عندما تكون أصول الأطفال مختلفة، فالحوار يساعدهم على فهم اختلافاتهم وقبولها. كما أنها مناسبة للحديث عن المشكلات في الصف وحلّ النزاعات. ومهمة المعلم جعل التلاميذ يشعرون بالراحة، وبأن أحداً منهم لا يشعر أنه مستبعد. وتعرّف أشكال العنف في المدرسة بالمعنى الواسع، إذ أنه حتى استبعاد طفل من اللعب، أو تجاهله بشكل دائم، يعد شكلاً من أشكال العنف.

بدءاً من الثانوي يتم تعلم «معرفة المجتمع»، تدخل في هذه المادة جميع أنواع العلوم، من حقوق وتاريخ وجيوسياسة واقتصاد وعلوم سياسية وميديا ونظام اجتماعي وتسويق والكثير من الوقاية. الخط العريض واضح: تفسير لماذا وكيف يتنظم الأفراد لكي يعيشوا معاً ولكي يحلّوا مجموعين المشكلات التي تصادفهم. تهدف هذه المكونات الصغيرة إلى فتح عيون الأطفال على العالم الواسع، وجعلهم مسؤولين، ومساعدتهم على تكوين أحكامهم الخاصة، وتبيان كيفية إسهاماتهم في هذا البنيان المتكامل. يتم التطرق إلى الموضوعات، انطلاقا من دراسة حالات من عيش الأشخاص، وعبر أسئلة موسعة يتم إشراك التلميذ فيها دائماً على نحو: ما رأيك؟ وماذا كنت فعلت؟ وما هي المشكلات التي تراها؟ والأسئلة فردية وتستدعي حكم التلميذ الشخصي. كذلك الأمر في الإنشاء، حيث ترفض الصيغ العمومية ويطلب استعمال صيغة: أنا، أفكر، وبحسب رأيي... يتم تقسيم المجتمع إلى أربعة مستويات، انطلاقا من الجوار: الحي والأهل، ثم الأصدقاء، والتجار والمدرسة وصولاً إلى الكرة الأرضية، مروراً بالبلدية والوطن. ولكي يشتغل المجتمع، يجب على الناس أن يتعاونوا.. من الأمم المتحدة إلى «مجلس الصف». وإذا ما تعاون الجميع، لا يعود هناك نزاعات في العالم. لا يوجد ما هو أوضح من ذلك: لقد طرح المثال: التعاون هو في أساس الديمقراطية. ولا يتم البقاء عند العموميات، والأعمال التطبيقية تكون المدخل.

تشرح كتب التدريس السويدية أن المدرسة هي المكان الأول لممارسة الديمقراطية. وتمارسها انطلاقاً من مجلس الصف المنتخب عقب الدرس. انه مثل مجسد يوضح طريقة العمل، العمومي يجد جذوره دائماً في الواقع وعبر أمثلة قريبة من الأطفال. فالهدف ليس تعليم الأطفال كيفية تشغيل مؤسساتهم كمشاهدين، بل جعلهم يفهمون عمل المجتمع نفسه كمجموعة تعيش سوياً وتتفتح فيه معاً. ويتعلم بعمر 11 عاماً ما هي وظيفة النظام الاجتماعي، فهو يعلم أنه ممول من الناشطين -أي أهله- الذين يدعمون الشبيبة والمدرسة، والمتقاعدين -أي جدَّيه-. من هنا سوف يفهم أن زيادة عدد السكان لاحقاً هي بسبب استطالة فترة الحياة، وذلك سوف يعني زيادة أعداد المتقاعدين، وأن ذلك يتطلب عمل أبحاث لإيجاد حلول، وسوف يفهم لماذا تستقدم السويد المهاجرين، وكيف أن معظم المجتمعات مكونة من سكان مختلطين، وسوف تكون مناسبة للتطرق إلى النزاعات في العالم، وإلى بلدان العالم النامي، واختلاف مستويات المعيشة، وتفسير الفروقات الثقافية، والاطلاع على العادات التي تبدو غريبة.. ومن هنا يتعلم التلميذ عدم الخوف من الأجانب.

يتم تحسيس السويدي الصغير باكراً جداً بمسألة الحق، وأنواع الحقوق، وماذا تخدم، وأنماط الجنح. نجد هنا أيضاً أن الهدف واضح: الحقوق تخدم العيش المشترك، وتجعل الحياة أكثر أمناً، وتحمي التطبيع والبيئة، لا ينبغي لأحد أن يجهل القانون. تعطى عن كل ذلك حالات وأمثلة واقعية ومجسدة. يستفاد من كل ذلك لتناول مسألة اللاعنف ومعالجتها.

السؤال كيف أمكن التوصل إلى هذه الإنجازات في السويد؟ لا يمكن الفهم اذا أغفلنا دور السياق التاريخي في إرساء هذه التقاليد المدنية. الفضل في ذلك يعود إلى التقليد القديم للسويد مع «الألفبائية»، التي سمحت بتطوير الديمقراطية باكراً جداً. لقد ترجمت التوراة مع حركة الإصلاح إلى اللغة السويدية. وكانت مهمة رؤساء الأبرشيات في القرن السادس عشر تعليم المؤمنين القراءة. وكان عليهم إطلاع رؤسائهم سنوياً عن حالة الألفبائية عند رعاياهم. وبعد مضي قرن وبسبب توزع السكان على منطقة واسعة وسوء الأحوال الجوية وصعوبة الانتقال، تم اعتماد قانون يسمح للأسر بتعميد أطفالهم، شرط أن يكونوا هم أنفسهم قد تعمدوا، ويعرفون القراءة ويفهمون ما يقرأون.اعتمد هذا الإجراء خاصة في حالة مرض الأطفال الشديد. وهكذا أصبحت السويد البلد الأكثر «تعلماً» في أوروبا. فمع القراءة، وفهم ما نقرأ، أتت الحشرية والحس النقدي ومساءلة الكنيسة نفسها. ثم جاء قانون حرية الصحافة والإخبار والتعبير في العام 1766 كمسرّع. وصلت نسبة المتعلمين إلى 50 % في نهاية القرن السابع عشر مقابل نسبة 27 % في فرنسا. ولقد وصلت النسبة إلى 80 % في نهاية القرن الثامن عشر مقابل 47 % في فرنسا. ولقد أصبح التعليم الابتدائي إلزامياً في العام 1842، بينما حصل ذلك في فرنسا في العام 1882.

كان الهدف في تلك الفترة تكوين مواطنين ومسيحيين نافعين. ومن تعلم تعاليم مارتن لوثر في 28 ساعة أسبوعية، تم الاكتفاء بـ 12 ساعة بعدما وضع التعليم المسيحي موضع تساؤل. لكن تم إعطاء محتوى أخلاقي للتعليم: الوحدة الوطنية والاندماج الاجتماعي والتضامن. مع معرفة مواطنية معتمدة على ثقافة مسالمة وعلى التنظيم المدني.

إن مبدأ التعاون يرتكز على شخصيات حرة وقادرة على فتح أعينها على الواقع وقادرة على اجتراح قناعات شخصية. الإنسان الديمقراطي هو فرد حر ومواطن يختار قناعاته بحرية، ويعرف كيف يتعاون مع الآخرين، لأنه يحترمهم ويعترف بهم كمختلفين.
نقلا عن جريدة "أوان" الكويتية

د منى فياض


~~~ منقــــــــ لنشر الفائدة ــــــــــــــــــــــــــــــول~~~~~~

le fugitif
2009-04-05, 17:16
شكرا على النقل المفيد القوم عرفوا الداء فاستخلصوا له الدواء والانسان الحر سيبدع لا محالة في ذلك


http://www.moveed.com/data/thumbnails/30/950.gif

نورالدين17
2009-04-05, 17:35
اذا توفرت العدالة ساد الرخاءوالأمان...............

والسويد عاصمة للديمقراطية الحقة لهذا فان شعبها يجني ثمار هذه السياسة

لخضر 17
2009-04-05, 19:03
........شكرا ..أخي ... على هذا الموضع القيم ............لكن عندما كنت أقرأ في سطوره ... شعرت انك تقصد بلد آخر يضاهي السويد مدنية وحضارة ... هو الجزائر ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟....

salim789
2009-04-05, 19:40
شكرا أخي على الموضوع الحساس نظرا للقطاع الذي يمسه نعم لقد نجحوا في حين فشلنا و لا داعي للمزايدات فنحن فشلنا إذا كانت مدرسته في السويد تنشر الديمقراطية فعندنا تنشر اللاديمقراطية و سأعطيك مثالا في الوقت الذي نتكلم فيه عن الديمقراطية تأتي تعليمة تقول لا يستفيد أولياء التلاميذ من منحة ثلاثة ألاف دينار نتاع الطلبة من لا ينتخب هل هذه ديمقراطية و كيف تنجح مدرسة تدرس الديمقراطية و تتبنى اللاديمقراطية.