تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من صفات عباد الرّحمن ( تفسير الإمام عبد الرّحمن السّعديّ رحمه الله تعالى)


المحبُّ لأهل السُّنة
2013-01-25, 17:20
بسْم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى في محكم تنزيله :
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا*أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا
تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا) ([1]).

قال العلاّمة ابن السّعديّ رحمه الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا( أي: قرنائنا من أصحاب وأقران وزوجات، )
وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ أي: تقر بهم أعيننا. وإذا استقرأنا حالهم، وصفاتهم عرفنا من هممهم، وعلوّ مرتبتهم أنهم لا تقرّ أعينهم
حتى يروهم مطيعين لربهم، عالمين عاملين، وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم وذرياتهم في صلاحهم، فإنه دعاء لأنفسهم؛
لأن نفعه يعود عليهم، ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم فقالوا: (هَبْ لَنَا) بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين؛ لأن بصلاح
من ذكر يكون سبباً لصلاح كثير ممن يتعلّق بهم وينتفع بهم. (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) أي: أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية،
درجة الصديقين، والكمّل من عباد اللَّه الصالحين، وهي درجة الإمامة في الدين، وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم،
يقتدى بأفعالهم، ويطمئن لأقوالهم، ويسير أهل الخير خلفهم فيهدون ويهتدون. ومن المعلوم أن الدعاء ببلوغ شيء دعاء بما لا يتمّ إلا به،
وهذه الدرجة -درجة الإمامة في الدين- لا تتمّ إلا بالصبر واليقين، كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهم أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)،
فهذا الدعاء يستلزم من الأعمال، والصبر على طاعة اللَّه، وعن معصيته، وأقداره المؤلمة، ومن العلم التامّ الذي يوصل
صاحبه إلى درجة اليقين، خيراً كثيراً وعطاءً جزيلاً وأن يكونوا في أعلى ما يمكن من درجات الخلق بعد الرسل؛
ولهذا لمّا كانت هممهم ومطالبهم عالية، كان الجزاء من جنس العمل، فجازاهم بالمنازل العاليات، فقال:
(أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا) أي: المنازل الرفيعة والمساكن الأنيقة الجامعة لكل ما يشتهى، وتلذّه الأعين،
وذلك بسبب صبرهم نالوا ما نالوا، كما قال تعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ
عُقْبَى الدَّارِ)، ولهذا قال هنا: (وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا) من ربهم، ومن ملائكته الكرام، ومن بعض على بعض،
ويسلمون من جميع المنغصات والمكدرات.

والحاصل: أن اللَّه وصفهم بالوقار والسكينة والتواضع له ولعباده، وحسن الأدب والحلم، وسعة الخلق والعفو عن الجاهلين،
والإعراض عنهم، ومقابلة إساءتهم بالإحسان، وقيام الليل، والإخلاص فيه، والخوف من النار والتضرّع لربهم أن ينجيهم منها،
وإخراج الواجب والمستحب في النفقات والاقتصاد في ذلك - وإذا كانوا مقتصدين في الإنفاق الذي جرت العادة
بالتفريط فيه أو الإفراط، فاقتصادهم وتوسّطهم في غيره من باب أولى- والسلامة من كبائر الذنوب، والاتصاف
بالإخلاص للَّه في عبادته، والعفة عن الدماء والأعراض والتوبة عند صدور شيء من ذلك، وأنهم لا يحضرون مجالس
المنكر والفسوق القولية والفعلية، ولا يفعلونها بأنفسهم، وأنهم يتنزّهون من اللغو والأفعال الرديَّة التي لا خير فيها، وذلك
يستلزم مروءتهم وإنسانيتهم وكمالهم، ورفعة أنفسهم عن كل خسيس قولي وفعلي، وأنهم يقابلون آيات اللَّه بالقبول لها،
والتفهم لمعانيها والعمل بها، والاجتهاد في تنفيذ أحكامها، وأنهم يدعون اللَّه تعالى بأكمل الدعاء،
في الدعاء الذي ينتفعون به، وينتفع به من يتعلّق بهم، وينتفع به المسلمون من صلاح أزواجهم
وذريتهم، ومن لوازم ذلك سعيهم في تعليمهم ووعظهم ونصحهم؛ لأن من حرص على شيء، ودعا اللَّه فيه، لا بد أن يكون
متسبباً فيه، وأنهم دعوا اللَّه ببلوغ أعلى الدرجات الممكنة لهم، وهي درجة الإمامة والصديقية. فَلِلَّهِ ما أعلى هذه الصفات،
وأرفع هذه الهمم، وأجلّ هذه المطالب، وأزكى تلك النفوس، وأطهر تلك القلوب، وأصفى هؤلاء الصفوة،
وأتقى هؤلاء السادة، وللَّه فضل اللَّه عليهم ونعمته ورحمته التي جلّلتهم، ولطفه الذي أوصلهم إلى هذه المنازل.
وللَّه، منة اللَّه على عباده أن بين لهم أوصافهم، ونعت لهم هيئاتهم، وبين لهم هممهم، وأوضح لهم أجورهم،
ليشتاقوا إلى الاتصاف بأوصافهم، ويبذلوا جهدهم في ذلك، ويسألوا الذي منّ عليهم وأكرمهم الذي فضله
في كل زمان ومكان، وفي كل وقت وأوان، أن يهديهم كما هداهم ويتولاهم بتربيته الخاصة كما تولاهم))([2]).

([1]) سور الفرقان، الآيات: 74- 76.

([2]) تيسير الكريم الرحمن (ص 587- 588).

والله الموفّق لكلّ خيرٍ
....

Nihad lamis
2013-01-25, 17:21
بارك الله فيك و جزاك خيرا

~أمة الله~
2013-01-25, 17:27
وعليكم السلام ورحمةُ الله وبركاته
نسأل الله في هذه الساعة المباركة أن يجعلنا وإياكم وإخواننا وأخواتنا منهم ...آمين آمين آمين
جزاكم الله خيرا

المحبُّ لأهل السُّنة
2013-01-25, 17:31
بارك الله فيك و جزاك خيرا


وفيكم يبارك الله تعالى جزاكم الله خيرا ...

المحبُّ لأهل السُّنة
2013-01-25, 17:32
وعليكم السلام ورحمةُ الله وبركاته
نسأل الله في هذه الساعة المباركة أن يجعلنا وإياكم وإخواننا وأخواتنا منهم ...آمين آمين آمين
جزاكم الله خيرا



اللهمّ آمين يا ربّ
أحسن الله إليكم ووفقكم الله تعالى لكل خير..

مقدام
2013-01-25, 18:53
جزيت خيرا أخي الفاضل ..

المحبُّ لأهل السُّنة
2013-01-25, 20:44
جزيت خيرا أخي الفاضل ..


أحسن الله لكم أسأل الله لكم التّوفيق والسّداد آمين آمين آمين ..

طيب القلب
2013-01-28, 22:38
بارك الله فيك أخـــــي

المحبُّ لأهل السُّنة
2013-01-28, 23:01
بارك الله فيك أخـــــي


وفيكم يبارك الله جزاكم الله خيرا أخي الطّيب وأحسن الله إليكم ..

المحبُّ لأهل السُّنة
2013-03-20, 17:08
للفــــــــــــــــــــــائدة إن شاء الله تعالى ..

الإدريسي العلوي
2013-03-30, 18:38
بارك الله فيك