المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقومات الدولة


الموجة الرابعة
2013-01-25, 15:40
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


هذه المحاضرة تابع لمحاضرة الدولة

مقومات الدولة:
- اتضح مما سبق أن مقزمات الدولة تتحدد في اربع عناصر اساسية هي السكان ، الاقليم ، الحكومة ، السيادة.
و نتناول فيما يلي هذه العناصر المتفاعلة.
1- السكــــــــان: الدولة كيان انساني و بالتالي فان السكان يمثلون العنصر الظاهر لها.و قد اختلفت آراء الكتاب السياسيين حول حجم سكان الدولة.فلقد وضع كل من أرسطو و روسو حدودا على عدد السكان.فعلى سبيل المثال حدد روسو عدد السكان بعشرة آلاف ، بينما يرى أرسطو انه ينبغي ان يكون عدد السكان كافيا لادارة الحكم الذاتي و ممارسة الحكم عليها في الوقت نفسه.
لكن الدول الحديثة تتجه الى الاعداد الكبيرة لانها تمثل مصدر قوة عسكرية لها ، رغم ان هناك من يرى ان القوة العسكرية ترتبط بالتقدم التكنولوجي في الوقت الراهن أكثر من حجم السكان . و في الوقت نفسه تثير قضية حجم السكان تساؤلات حول مقدار الموارد المتنافس عليها في المجتمع.
و من ناحية أخرى يثير تركيب السكان التساؤل التالي : هل يجب أن يكون للدولة مجموعة من السكان المتجانسين في اللغة و الدين و ...الخ؟ . و التجانس يؤكد على الاتفاق حول القضايا السياسية و التي تمثل أحد العوامل المؤثرة في الحكومة . اما السكان غير المتجانسين فيتكونون من جماعات قومية متباينة من المفترض أن تقف عقبة أمام تنمية الاتفاق السياسي.
2- الاقليم: يتطلب القانون الدولي ان يكون الاقليم المحدد شرطا من شروط الدولة.
يرى البعض ان صغر حجم اقليم دولة يؤ دي الى ازدهار الديمقراطية و قيام علاقات وطيدة بين الحكام و المحكومين ، كما يدعم ذلك روح الوحدة و الاندماج في المجتمع ، لكن هذا الرأي يفقد قيمته أمام وسائل الاتصال و التي قربت الكثير من المسافات المتباعدة.
و خلاصة القول انه لا توجد قاعدة محددة حول حجم اقيم الدولة .كما يجب ان ننظر الى الاقليم في علاقته بحجم السكان في الدولة ، و عدم التوازن بين هذين العنصرين يؤدي الى انعدام التوازن البنائي في المجتمع.
3- الحكومة : و هي أهم مؤسسات النظام السياسي تنصب وظيفتها الرئيسة على تصميم السياسة العامة و الاشراف على تنفيذها. و تظهر الحكومة في المؤسسات الحاكمة و يكون لهذه المؤسسات وجود كامل أو وجود جزئي في ثلاثة فروع أو سلطات أو وظائف داخل النظام السياسي و هي :
السلطة التنفيذية و هو الفرع المسؤول عن اقتراح و تنفيذ السياسة العامة و تشمل رئيس الحكومة او رئيس الوزراء و المعاونون الرئيسيون و الوزراء و القيادات البيروقراطية.
و السلطة التشريعية و هو الفرع المسؤول عن اقتراح و اقرار و مراقبة و تقييم السياسات العامة في شكل تشريعات و قوانين و خطط و يشمل جميع الهيئات النيابية على المستوى الوطني و المحلي.
و السلطة القضائية و هو الفرع المسؤول عن تطبيق و تفسير القوانين و البت في الخصومات. و يتمتع هذا الفرع عادة بنوع من الاستقلالية الذاتية.
4- السيادة : تعتبر السيادة خاصية أساسية للدولة و قد كانت نتاجا للظروف التي سادت القرن السادس عشر ، حيث أدى الصراع المتجسد بين الملكية و الكنيسة الى ظهور النظرية الحديثة للسيادة.
بينما وضع بودان السيادة في شخص الملك و قصد بها السلطة العليا على المواطنين و الأشياء المدعمة بالقوانين فان جروثيوس قام بتحليل الجانب الخارجي للسيادة. و لقد تأصلت جذرو فكرة السيادة في أذهان المفكرين.فبينما أوضح كل من هوبز و بينتام و أوستين وجهة نظر قانونية للسيادة ، فلقد أوضح كل من روسو و هيجل و بوزانكيت وجهة نظر فلسفية للسيادة. و تعني السيادة من وجهة نظر القانونية هي الدولة التي تتمتع بالسلطة العليا قانونا و سلطتها مطلقة و نهائية.أما روسو و هيجل فقد حددوا موقع السيادة في الادارة العامة التي تبرر القوة المطلقة للدولة. و يمكن تصنيف أشكال السيادة الى عدة أنواع:
- السيادة الداخلية: و تعمي السلطة العليا للدولة التي تمارسها على الافراد و المؤسسات داخل حدودها الجغرافية و الدولة ذات السيادة لها الصلاحية القانونية في اصدار الأوامر التي تسري على كل المواطنين و المؤسسات . و أية تمردات على هذه الأوامر تقابل بالعقاب او الردع.
- السيادة الخارجية و هي تعني حرية الدولة و عدم تعرضها لأية قيود من الخارج و أية سيطرة . و تجدر الاشارة الى ان السيادة الخارجية تابعة بالمقارنة مع السيادة الداخلية حيث انها ترتبط بالمعاهدات الدولية ، كما انها تخضع لقواعد القانون الدولي.
- السيادة القانونية و السيادة السياسية. ة التفرقة بينهما تمثل ضرورة اساسية في مناقشة قضية السيادة.فالسيادة القانونية تتضمن نظرية السيادة في ضوء القانون الرسمي إذ ان في كل دولة شخص محدد او مجموعة من الاشخاص يتمتعون بالسلطة العليا في اصدار الاوامر العليا و النهائية و ممارسة القانون النهائي. و هؤلاء هم اصحاب السيادة القانونية و تصدير اوامرها الى كل الافراد و الروابط داخل اقليم محدد و اي تمرد على هذه الاوامر يقابل بالعقاب.
أما السيادة السياسية فانها تعني بالنعنى الضيق الهيئة الناخبة بينما بالمعنى الواسع جماهير الشعب بما في ذلك كل شخص يسهم في صياغة الراي العام سواء كان يدلي بصوته او لا.و الواقع ان مفهوم غامض و مضلل فاذا قصدنا به الهيئة الناخبة فنجد عدد كبير من الاشخاص الذين لا يسهمون كثيرا في تكوين الراي العام مستبعدين من كيان السيادة السياسية.
و بالطبع فان مشكلة الحكم تظهر في العلاقة بين السيادة القانونية و السيادة السياسية ، حيث نجد في الديمقراطية المباشرة قيام الحكم على التطابق بين هاتين السيادتين.و يصبح القانون تعبيرا عن ارادة مجموع المواطنين و تختفي مشكلة الصراع بينهما.أما النمط التمثيلي الذي يسود في العصر الحديث فان مثل هذه العلاقة تحتل اهمية خاصة.
فبينما تنتمي السيادة القانونية الى الهيئة التشريعية فان السيادة السياسية تكون في الهيئة الناخبة.و على هذا يتم اختيار السيادة القانونية بواسطة السيادة السياسية.
3/ وظائف الدولة في الفكر السياسي:
1- أفلاطون: يرى ان ظهور الجماعات المختلفة قد حدث نتيجة للحاجات البشرية التي لا يمكن اشباعها الا حين نطبق مبدأ التكامل ، حيث لا يستطيع الفرد ان يعيش على اساس الاكتفاء الذاتي و بالتالي يتصور أفلاطون الجماعة نظام للخدمات يقوم فيه كل عضو بقدر من الاخذ و العطاء، و اختصاص الدولة هو تأطير و تنسيق تبادل الخدمات لاشباع حاجات الافراد. و على هذا فان أهمية الافراد تتوقف على قيمة العمل الذي يؤدونه و من ثم فان الحرية التي تكفلها الدولة ليس غرضها تمتع المواطن بارادة حرة بقدر ما هي لتمكينه من اداء الخدمات المطلوبة منه.
و من هنا تتحدد وظيفة الدولة في كفالة حرية الاختيار و مراعاة مبدأ تقسيم العمل و التخصص في القيام بالادوار المختلفة.و قد حاول أفلاطون تحليل الدولة بدرجة أعمق فكشف التحليل عن وجود ثلاث وظائف ضرورية هي اشباع الحاجات الطبيعية و حماية الدولة و حكم الدولة ، و قد اتبع ذلك ظهور ثلاث طبقات هي العمال ، الحراس و الحكام.
و يمكن تلخيص أراء أفلاطون عن الدولة فيما يلي:
- أن تقسيم العمل و التخصص في المهن شرطا للتعاون الاجتماعي.
- ان مشكلة الملك الفيلسوف هي تنظيم الامور على احسن وجه.
- ان أقصى فائدة للدولة هي أقصى فائدة للمواطنين اي ان هدفها هو تحقيق التوافق التام بين الافراد و ما يتوقع شغله من وظائف الدولة الهامة.
2- أرسطو: يعرف أرسطو الدولة بانها جماعة ذات تنظيم مشترك ، و اعتقد ان الدولة تنشأ نتيجة تطور تاريخي ، اي انها تمر بعدة مراحل حتى تصل الى مرحلة الدولة . و قد بدأ دراسته في اصل الدولة بدراسة الاسرة و هي النوع البدائي للمجتمع و قد تكونت الاسرة نتيجة للحاجات الضرورية التي يشعر بها الانسان، و هي الحاجة الى الطعام و الأوى و التناسل.فاذا ما سعى الافراد الى تحقيق حاجات جديدة تكون مجتمع القرية و هي اتحاد لعدة أسر ، اما الدولة فانها المرحلة العليا للمجتمع و تتكون من اتحاد عدة قرى. و تقوم الدولة بتوفير الظروف اللازمة للحياة في المدينة.
و بهذا يرى أرسطو ان الدولة هي نوع من الجماعة التي تتمثل في اتحاد أفراد مختلفين يستطيعون بحكم ما بينهم من فوارق ان يسدوا حاجاتهم عن طريق تبادل السلع و الخدمات.
و يؤكد أرسطو في هذا الصدد على ثلاث مقومات للدولة هي:
- الضرورات الاولية للحياة من تغذية و سلاح و عتاد و موارد.
- حجم الدولة التي ينبغي ان تكون متوسطة في السعة.
- رقعة الارض التي تقع عليها الدولة.
3- شيشرون: يرى ان الدولة نشأت بشكل طبيعي نتيجة لغريزة الانسان الاجتماعية و شبه الدولة شركة للمواطنين و توجد لتمدهم بالمساعدات اللازمة مادامت خاضعة لقوانين العدالة.
4- أوغسطسن و توما الإكويني: يرى أوغسطين في تفسيره نشأة الدولة ان الشر قد دخل الى الارض نتيجة معصية آدم و هبوطه الى الارض و توالده فكثر الناس و تفرقوا الى طوائف و جماعات كل يسعى اتجاه ما ثم تكونت المدن و الدول بمرور الايام و لقد نشأت في هذا المجال مدينتين ترجع اليهما سائر المجتمعات البشرية هما المدينة الارضية و مدينة الله.الأولى شريرة و الثانية خيرة كاملة.
و أما الإكويني فيرى ان الدولة نشأت من تجمعات الانسان ، و هي هيئة موحدة بتنظيم افرادها. و يرى ان النظام في الجماعات الانسانية يصدر عن العقل و الارادة و من ثم فهو يقوم على ضرب من التعاقد.و يؤكد ان وظائف الدولة تنحصر في امور اربعة هي :
- تحقيق الأمن و الطمأنينة في الحياة.
- تحقيق النظام و العدالة.-
- ترويج الحد الأدنى من الأخلاق.
- حماية الدين.

الموجة الرابعة
2013-01-26, 21:54
5- الفكر الإسلامي : يجب في البداية التفرقة بين نشأة الدولة الإسلامية من ناحية و بين أراء الفلسفة الإسلامية حول نشأة الدولة بصفة عامة .
فقد تناول المفكرون الإسلاميون موضوع نشأة الدولة و أرجعوها إلى تعدد حاجات الإنسان و عدم قدرته على القيام بها وحده و لجوءه إلى غيره للتعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة مما أدى في النهاية إلى ظهور المجتمع المنظم أبي الدولة .
و يتناول الغزالي على سبيل المثال نشأة الدولة موضحا أنها نتيجة للاجتماع البشري فيقول أنها قامت لحفظ العباد من اعتداء بعضهم على بعض . ويقول :" ومعلوم أن السلطنة و الإمارة لو تعطلت لبطل الدين و الدنيا جميعا ،وثار القتال بين الخلق ،وزال الأمن ، وخربت البلاد ، وتعطلت المعايش..."
و يرى الفارابي أنه لا يمكن يصل الإنسان إلى الكمال الذي تدفعه إليها الفطرة الطبيعية إلا بتعاونه مع غيره من الأفراد. و أن هناك اختلافا في قدرات الأفراد و استعداداتهم و حاجاتهم و بالتالي نشأ ما يسمى " الحقوق و الواجبات " و التخصص حتى يكمل البعض البعض الآخر .
أما بالنسبة لنشأة الدولة الإسلامية فيمكن تحديدها مراحلها كما يلي :
 بدأت الدعوة إلى الإسلام تم أذن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس جهرا .
 كانت بيعة العقبة الأولى و الثانية بمثابة حجر الزاوية في بناء الدولة الإسلامية .
 وجد المسلمون في المدينة الذي مثلت الإقليم الذي استقروا عليه بأمان ، كما كان نظام الإسلام خير نظام للحكم و نشأت أول حكومة إسلامية كاملة .
 قامت الدولة الإسلامية في المدينة بتنظيم الدفاع و حماية الأمن و نشر العلم و العدل و عقد المعاهدات و إيفاد السفراء. و كان النبي رئيسا لهذه الدولة .
6- أصحاب نظرية العقد : يمثل نظرية العقد في نشأة الدولة كل من هوبز و لوك و روسو و جاءت أفكارهم كما يلي :
- توماس هوبز: تميزت حالة الطبيعية الأولى في رأيه بالشك و الريبة و الحروب في كل وقت ، إلا أنه بمرور الوقت فقد أدرك الناس أن الحرب أسوء الشرور و اتفقوا على التنازل عن حقوقهم كاملة ليد رجل و أحد يملك كل الحقوق و يقوم هو بصيانة الأمن و تحقيقه . و هكذا نشأ المجتمع و الدولة . و يستطرد في بقوله أن الدولة تأتي إلى الوجود بطريقتين ، الأولى بواسطة المؤسسات التي يتخذ بواسطتها الناس تلقاء ذاتهم . وبالثاني بواسطة حق التملك و هما يحملان معنى العقد . وتقوم الدولة بصفة أساسية برعاية الأمن و تحقيق الطمأنينة لأبناء الشعب .
- جون لوك : يحدد جون لوك نشأة الدولة في عدة نقاط هي :
- أن حالة الطبيعية الأولى حالة سلام و أمان تسود فيها علاقات التعاون المتبادل ، و يعيش الناس في حرية تامة لا يحكمهم إلا القانون الطبيعي الفطري ، و الناس متساوون في الحياة و الحرية و الملكية .
- إن نقطة الضعف في حالة الطبيعية هو الافتقار إلى عنصر السيادة المنظم و المنفذ الطبيعي بين الناس .
- حيث أنه لم يمكن تنظيم و تدعيم حياة و حرياتهم فقد تعاقد الناس و اتفقوا بإرادتهم الحرة على تكوين مجتمع سياسي . طرفاه الشعب من جهة و الحكومة أو الملك من جهة اخرى فالتعاقد من أجل إنشاء الدولة كان بين الطرفين .
- أن العقد الاجتماعي يضمن الموافقة من جانب الأغلبية على التنازل عن جزء من حقوقهم الطبيعية فيما يتصل بالدفاع عن أنفسهم و معاقبة الخارجين عن القانون الطبيعي إلى المجتمع ككل ، فالتنازل غير مطلق .
- جون جاك روسو : يرى أن الدولة جاءت نتيجة للتعاقد بين الأفراد . فيبدأ أفكاره بتحليله للطبيعة الإنسانية حيث يرى أن الإنسان خير بطبعه و بسيطا و عاطفيا . و تتمثل هذه الحالة أساسا للحرية الكاملة و المساواة و حالة الطبيعة هي المفضلة للمجتمع المدني ، إلا أن زيادة عددا السكان و التقدم الاقتصادي أدخلا الصراع و التوترات في حالة الطبيعة و أدى إلى عدم التكامل . كما أدى التقدم الاقتصادي النامي إلى ظهور نسق الملكية و تفكير الإنسان في هذا الإطار و بالتالي أصبحت الطبيعة الإنسانية أكثر تعقيدا و ظهر الصراع و العداء و بالتالي فقدان الأمان . ومن هنا ظهرت الحاجة على الذات الإنسانية و من تم بحث الإنسان عن العقد الذي يعني أن يضع كل إنسان نفسه و قوته تحت توجيه الإرادة العامة مكان السيادة .