تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شاعر وقصيدة


مومني محمد
2007-08-10, 17:43
الشاعر : عمر بهاء الدين الأميري ولد في سنة 1918م في حلب بسوريا ،
عمل في التدريس .. ثم مارس المحاماه .. ثم سفيرا لسوريا لدى الباكستان..
ثم المملكة العربية السعودية ، ثم درس في المغرب بدار الحديث الحسنية لمدة حوالى 15 عاما

* وكان عضوا في رابطة الادب الأسلامي .
قال الشعر في سنوات مبكرة ..
من دواوينه الشعرية..
(مع الله)
(أب)
(الوان الطيف)
(امي)
(رياحين الجنة)
توفي في الرياض22/10/ 1412هـ
عن عمر ناهز الثالثة والسبعين

*******

وقصيدته هذه مناسبتها انه كان في احدى مصايف لبنان ..( مصيف قرنايل)
ومعه اطفاله واسرته ، فلما فتحت المدارس ابوابها .. سافرت الاسرة كلها
الى حلب حيث دراستهم وبقي الشاعر لوحده .. منزعجا من وحشته وثقل الوحدة ومرارتها فكانت هذه القصيدة الرائعة ...






أين الضجيج العذب والشغـب؟
أين التدارس شابـه اللّعـب ؟
أيـن الطفولـة فـي توقدهـا؟
أين الدمى في الارض والكتب؟
أين التشاكي دونمـا غـرض؟
أيـن التشاكـي مالـه سبـب؟
أين التباكي والتضاحك فـي ؟
وقت معا والحزن والطـرب ؟
أين التسابق فـي مجالستـي ؟
والقرب منـي حيثمـا انقلبـوا
يتوجهـون بسـوق فطرتهـم
نحوي،اذارغبـوا وان رهبـوا
فنشيدهم(بابـا) اذا فـرحـوا..
ووعيدهم(بابـا) اذا غضبـوا!
بالأمس كانـوا مـلء منزلنـا
واليوم ، ويحي ! اليوم قد ذهبوا
فـي كـل ركـن منهـم اثـر
وبكـل زاويـة لهـم صخـب
فالنافـذات زجاجهـا حـطـم
في الحائط المدهون قـد ثقبـوا
والصحن فيه بعض مـا اكلـوا
في علبة الحلوى التـي نهبـوا
في الباب قد كسـروا مزالجـه
وعليه قد رسموا وقـد كتبـوا
في الشطر من تفاحة قضمـوا
في فضلة الماء الـذي سكبـوا
انـي اراهـم حيثمـا اتجهـوا
عني كاسراب القطـا سربـوا
ذهبوا،أجل ذهبـوا ومسكنهـم
في القلب، ماشطوا، ومااقتربوا
انـي أراهـم أينمـا التفـتـت
نفسي،وقد سكنوا، وقـد وثبـوا
بالامس في (قرنايـل ) نزلـوا
واليوم قـد ضمتهـم .. حلـب
دمعـي الـذي كتّمتـه جلـدا
لمـا تباكـوا عندمـا ركبـوا
حتى اذا ساروا وقـد نزعـوا
من اضلعي قلبـا بهـم يجـب
الفيتنـي كالطـفـل عاطـفـة
فـاذا بـه كالغيـث ينسكـب
قد يعجب العذال مـن رجـل
يبكي وان لـم أبـك فالعجـب
هيهات ما كـل البكـا خـور
اني ، وبي عزم الرجـال ..أب

مومني محمد
2007-08-10, 22:13
حياته:
ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة كانت راسية على النيل أمام ديروط, توفي والداه وهو صغير. وقبل وفاتها، أتت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان ضيق الرزق حيث كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم. ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا وهنالك أخذ حافظ يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه فرحل عنه.
بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى انتهى به الأمر إلى مكتب المحام محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، وهناك اطلع على كتب الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي. وبعد أن عمل بالمحاماة لفترة من الزمن، التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية في عام 1888 م وتخرج منها في عام 1891 م ضابط برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في وزارة الداخلية. وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط. نتيجة لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع بمرتب ضئيل.


آثاره الادبية:
• الديوان.
• البؤساء: ترجمة عن فكتور هوغو.
• ليالي سطيح في النقد الاجتماعي.
• في التربية الأولية.
• الموجز في علم الاقتصاد.

اللغة العربية تنعي نفسها

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ iiحَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ iiحَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ iiوَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ iiعُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد iiلِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً iiوَغايَةً
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ iiآلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ iiلِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ iiكامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى iiمَحاسِني
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ iiأَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ iiفَإِنَّني
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ iiوَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ iiلُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ iiتَفَنُّناً
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ iiبِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ iiناعِبٌ
يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ iiحَياتي
وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ
بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ iiوَشَتاتِ
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ iiأَعظُماً
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ iiقَناتي
حَفِظنَ وِدادي في البِلى iiوَحَفِظتُهُ
لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ iiالحَسَراتِ
وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ
حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ
أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ iiمَزلَقاً
مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ iiأَناةِ
وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً
فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ iiنُعاتي
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ
إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما iiسَرى
لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ iiفُراتِ
فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ iiرُقعَةً
مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ iiمُختَلِفاتِ
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ iiحافِلٌ
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ iiشَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في iiالبِلَى
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ iiرُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس iiبِمَماتِ

مومني محمد
2007-08-10, 22:39
نبذة عن القرضاوي

مولده ونشأته


القرضاوي في الشباب

الجامع الأزهر
ولد الشيخ الدكتور يوسف مصطفى القرضاوي في مصر بتاريخ9/9/1926م ونشأ فيها،حفظ القرآن الكريم وجوّده وهو دون العاشرة، أتم تعليمه في الأزهر الشريف. حصل على الشهادة العالية من كلية أصول الدين عام 1953م، وعلى إجازة التدريس عام 1954م، وكان ترتيبه الأول في كليتيهما،وفي سنة 1960م حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين. ، كما حصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 1973م .

بعد تخرجــه


المعهد الديني
عمل بعد تخرجه في مراقبة الشؤون الدينية بالأوقاف، وإدارة الثقافة الإسلامية بالأزهر، ثم أعير إلى قطر مديراً لمعهدها الديني، فرئيساً مؤسساً لقسم الدراسات الإسلامية بكليتي التربية فعميداً مؤسساً لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ومديراً لمركز بحوث السنة والسيرة الذي كلف بتأسيسه ولازال يديره .



شغله في الدعوة الإسلامية

اشتغل القرضاوي بالدعوة منذ فجر شبابه، وشارك في الحركة الإسلامية، وأوذي في سبيلها بالاعتقال عدة مرات، في عهد الملكية وعهد الثورة ..وتنوع عطاؤه بتنوع مواهبه، فهو خطيب مؤثر، يقنع العقل ويهز القلب .. وكاتب أصيل لا يكرر نفسه ولا يقلد غيره .. وفقيه تميّز بالرسوخ والاعتدال، فشرّقت فتاواه وغرّبت. . وعالم متمكن في شتى العلوم الإسلامية، جمع بين علوم أهل النظر، وعلوم أهل الأثر..وشاعر حفظ شعره الشباب الإسلامي وتغنى به في المشرق والمغرب.

مؤلفــاته و فكـره


القرضاوي
جاوزت مؤلفات القرضاوي الثمانين، وقد لقيت قبولاً عاماً في العالم الإسلامي، وطبع بعضها عشرات المرات، وترجم عدد كبير منها إلى اللغات الإسلامية، واللغات العالمية. أما مقالاته ومحاضراته وخطبه ودروسه فيصعب حصرها. وصفه الذين كتبوا عنه بأنه من المفكرين الإسلاميين القلائل، الذين يجمعون بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر، وبأن كتاباته تميزت بما فيها من دقة الفقيه، وإشراقة الأديب، ونظرة المجدد، وحرارة الداعية.من أبرز دعاة ( الوسطية الإسلامية ) التي تجمع بين السلفية والتجديد. وتمزج بين الفكر والحركة، وتركز على فقه السنن، وفقه المقاصد، وفقه الأولويات، وتوازن بين ثوابت الإسلام ومتغّيرات العصر، وتتمسك بكل قديم نافع، كما ترحب بكل جديد صالح تستلهم الماضي، وتعايش الحاضر، وتستشرف المستقبل.



مختارات من قصيدة ملحمة الابتلاء- الملحمة النونية

ملحمة ألفت داخل السجن الحربي في القاهرة عام 1955م وهي تحكي قصة سجين قضى نحو عشرين شهراً في السجن الحربي ... إنها تصوير بسيط لبعض ما قاساه المسلمون الذين عذبوا في هذا السجن الرهيب.

وتبلغ عدد أبياتها أربعة وتسعين ومائتين - ونورد هنا جزءاً منها

شعر الشيخ: يوسف القرضاوي.



ثار القريض بخاطري فدعوني
أفضي لكم بفجائعي وشجوني

فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
والشعر عودي يوم عزف لحوني

كم قال صحبي أين غر قصائدي
تشجي القلوب بلحنها المحزون

وتخلّد الذكرى الأليمة للورى
تتلى على الأجيال بعد قرون

ما حيلتي والشعر فيض خواطرٍ
ما دمت أبغيه ولا يبغيني ؟

واليوم عاودني الملاك فهزني
طرباً إلى الإنشاد والتلحين

ألهمتها عصماء تنبع من دمي
ويمدها قلبي وماء عيوني

نونية والنون تحلو في فمي
أبداً فكدت يقال لي ذو النونِ

صورت فيها ما استطعت بريشتي
وتركت للأيام ما يعييني

أحداث عهد عصابة حكموا بني
مصرَ بلا خلقٍ ولا قانون

أنست مظالمهم مظالم من خلوا
حتى ترحمنا على نيرون

حسبوا الزمان أصمّ أعمى عنهم
قد نوّموه بخطبةٍ وطنين

ويراعة التاريخ تسخر منهمو
وتقوم بالتسجيل والتدوين

وكفى بربك للخليقة محصياً
في لوحه وكتابه المكنون

يا سائلي عن قصتي اسمع إنها
قصص من الأهوال ذات شجون

أمسك بقلبك أن يطير مفزعاً
وتولّ عن دنياك حتى حين

فالهول عاتٍ والحقائق مرةٌ
تسمو على التصوير والتبيين

والخطب ليس بخطب مصر وحدها
بل خطب هذا المشرق المسكين

في ليلة ليلاء من نوفمبرٍ
فزعت من نومي لصوت رنين

فإذا كلاب الصيد تهجم بغتةً
وتحوطني عن شمألٍ ويمين

فتخطفوني من ذوي وأقبلوا
فرحاً بصيدٍ للطغاة سمين

وعزلت عن بصر الحياة وسمعها
وقذفت في قفص العذاب الهون

في ساحة (الحربي) حسبك باسمه
من باعث للرعب قد طرحوني

ما كدت أدخل بابه حتى رأت
عيناي ما لم تحتسبه ظنوني

في كل شبر للعذاب مناظرٌ
يندى لها -والله - كل جبين

فترى العساكر والكلاب معدة
للنهش طوع القائد المفتون

هذي تعض بنابها وزميلها
يعدو عليك بسوطه المسنون

ومضت علي دقائق وكأنها
مما لقيت بهن بضع سنين

يا ليت شعري ما دهانِ؟ وما جرى؟
لا زلت حياً أم لقيت منوني؟

عجباً أسجن ذاك أم هو غابةٌ
برزت كواسرها جياع بطون ؟

أأرى بناء أم أرى شقي رحى
جبارة للمؤمنين طحونِ؟

واهاً أفي حلم أنا أم يقظةً
أم تلك دار خيالة وفتون ؟

لا لا أشك هي الحقيقة حية
أأشك في ذاتي وعين يقيني ؟

هذي مقدمة الكتاب فكيف ما
تحوي الفصول السود من مضمون ؟

هذا هو (الحربي) معقل ثورة
تدعو إلى التحرير والنكوين

فيه زبانية أعدوا للأذى
وتخصصوا في فنه الملعون

متبلدون عقولهم بأكفهم
وأكفهم للشر ذات حنين

لا فرق بينهمو وبين سياطهم
كل أداة في يدي مأفون

يتلقفون القادمين كأنهم
عثروا على كنزٍ لديك ثمين

بالرجل بالكرباج باليد بالعصا
وبكل أسلوبٍ خسيسسٍ دونِ

لا يقدرون مفكراً ولو أنه
في عقل سقراط وأفلاطون

لا يعبئون بصالحٍ ولو أنه
في زهد عيسى أو تقى هارون

لا يرحمون الشيخ وهومحطمٌ
والظهر منه تراه كالعرجون

لا يشفقون على المريض وطالما
زادوا أذاه بقسوةٍ وجنون

كم عالمٍ ذي هيبة وعمامةٍ
وطئوا عمامته بكل مجون

لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها
لكنها هانت هوان الدين

وكبيرِ قومٍ زينته لحيةٌ
أغرتهمو بالسبِّ والتلعين

قالوا له :انتفها -بكل وقاحةٍ
لم يعبأوا بسنينه الستين

فإذا تقاعس أو أبى يا ويله
مما يلاقي من أذىً وفتون

أترى أولئك ينتمون لآدمٍ
أم هم ملاعينٌ بنو ملعون ؟

تالله أين الآدمية منهمو
من مثل محمودٍ ومن ياسين

من جودة أو من دياب ومصطفى
وحمادةٍ وعطية وأمين

لا تحسبوهم مسلمين من اسمهم
لا دين فيهم غير سبّ الدين

لا دين يردع لا ضمير محاسبٌ
لا خوف شعبٍٍ لا حمى قانون

من ظن قانوناً هناك فإنما
قانوننا هو حمزة البسيوني

جلاد ثورتهم وسوط عذابهم
سموه زوراً قائداً لسجون

وجه عبوس قمطرير حاقدُ
مستكبر القسمات والعرنين

في خده شجٌ ترى من خلفه
نفساً معقدةً وقلب لعين

متعطشٍ للسوءِ في الدم والغٍ
في الشرّ منقوعٍ به معجونِ

هذا هو الحربي معقل ثورة
تدعو إلى التطوير والتحسين

هو صورة صغرى استعيرت من لظى
في ضيقها وعذابها الملعون

هو مصنع للهول كم أهدى لنا
صوراً تذكرنا بيوم الدين

هو فتنة في الدين لولا نفحةٌ
من فيض إيمانٍ وبرد يقين

قل للعواذل إن رميتم مصرنا
بتخلف التصنيع والتعدين

مصر الحديثة قد علت وتقدمت
في صنعة التعذيب والتقرين

وتفننت - كي لا يمل معذَّبٌ
في العرض والإخراج والتلوين

أرأيت بالإنسان يُنفخ بطنه
حتى يُرى في هيئة البالون ؟

أسمعت بالإنسان يُضغط رأسُه
بالطوق حتى ينتهي لجنون ؟

أسمعت بالإنسان يُشعل جسمُه
ناراً وقد صبغوه بالفزلين ؟

أسمعت ما يلقى البرئ ويصطلي
حتى يقول: أنا المسئُ خذوني

أسمعت بالآهات تخترق الدجى
رباه عدلك .. إنهم قتلوني

إن كنت لم تسمع فسل عمّا جرى
مثلي ولا ينبيك مثل سجين

واسأل ثرى الحربي أو جدرانه
كم من كسير فيه أو مطعون

وسل السياط السود كم شربت دماً
حتى غدت حمراً بلا تلوين

وسل (العروسة) قبحت من عاهرٍ
كم من جريحٍ عندها وطعين

كم فتية زفوا إليها عنوة
سقطوا من التعذيب والتوهين

واسأل (زنازين) الجليد تجبك عن
فن العذاب وصنعة التلقين

بالنار أو بالزمهرير فتلك في
حينٍ وهذا الزمهرير بحين

يُلقى الفتنى فيها ليالي عارياً
أو شبه عارٍ في شتا كانون

وهناك يملي الاعتراف كما اشتهوا
أو لا فويل مخالفٍ وحرون

وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
كم من شهيدٍ في التلال دفين

قتلته طغمة مصر أبشع قتلةٍ
لا بالرصاص ولا القنا المسنون

بل علقوه كالذبيحة هيئت
للقطع والتمزيق بالسكين

وتهجدوا فيه ليالي كلها
جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون

فإذا السياط عجزن عن إنطاقه
فالكي بالنيران خير ضمين

ومضت ليالٍ والعذاب مسجّرٌ
لفتى بأيدي المجرمين رهين

لم يعبؤوا بجراحه وصديدها
لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين

قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ
فأبى الفتى إلا اختيار منون

وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى
يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني

لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ
أحيا حياة الحر لا المسجونِ

وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا
فاليأس أصل الضعف والتهوين

قل للذي جعل الكنانة كلها
سجناً وبات الشعب شر سجين

يا أيها المغرور في سلطانه
أمن النضار خلقت أم من طين ؟

يا من أسأت لكل من قد أحسنوا
لك دائنين فكنت شر مدين

يا ذئب غدرٍ نصبوه راعياً
والذئب لم يك ساعة بأمين

يا من زرعت الشر لن تجني سوى
شرٍ وحقدٍ في الصدور دفين

سيزول حكمك يا ظلوم كما انقضت
دول أولات عساكر وحصون

ستهب عاصفةٌ تدك بناءه
دكاً وركن الطلم غير ركين

ماذا كسبت وقد بذلت من القوى
والمال بالآلاف والمليون ؟

أرهقت أعصاب البلاد ومالها
ورجالها في الهدم لا التكوين

وأدرت معركة تأجج نارها
مع غير (جون بولٍ) ولا كوهين

هل عدت إلا بالهزيمة مرّةٍ
وربحت غير خسارة المغبون ؟

وحفرت في كل القلوب مغاوراً
تهوي بها سفلاً إلى سجّين

وبنيت من أشلائنا وعظامنا
جسراً به نرقى لعليين

وصنعت باليد نعش عهدك طائعاً
ودققت إسفيناً إلى إسفين

وظننت دعوتنا تموت بضربةٍ
خابت ظنونك فهي شر ظنون

بليت سياطك والعزائم لم تزل
منّا كحدّ الصارم المسنون

إنا لعمري إن صمتنا برهةً
فالنار في البركان ذات كمون

تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً
يوماً وفي التاريخ برُّ يميني

ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي
بالسوط ضع عنقي على السكّين

لن تستطيع حصار فكري ساعةً
أو نزع إيماني ونور يقيني

فالنور في قلبي وقلبي في يديْ
ربّي .. وربّي ناصري ومعيني

سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي
وأموت مبتسماً ليحيا ديني

مومني محمد
2007-08-11, 10:49
--------------------------------------------------------------------------------

نبذة عن حياة أبي القاسم الشابي

ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شباط عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ وذلك في بلدة توزر في تونس .

أبو القاسم الشابي هو ابن محمد الشابي الذي ولد عام 1296هـ ( 1879 ) وفي سنة 1319هـ ( 1901 ) ذهب إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره ليتلقى العلم في الجامع الأزهر في القاهرة. ومكث محمد الشابي في مصر سبع سنوات عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر.

ويبدو أن الشيخ محمد الشابي قد تزوج أثر عودته من مصر ثم رزق ابنه البكر أبا القاسم الشابي ، قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بالآفاق ، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا في سليانه ثم في قفصه في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.

كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.

وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي. والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.

يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء ، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشاي على الزواج وعقد قرانه.

يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد.لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي : " ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".

وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه ( حامة توزر ) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانا وكان ذلك في أيلول واريانا ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.

ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.

توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353هـ.

نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها ، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365هـ.





--------------------------------------------------------------------------------

إرادة الحياة - لأبي القاسم الشابي

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر

كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر

وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر

إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر

وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر

وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر

فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر

وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر

وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ : " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"

"أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر

وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر

هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر

فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر

وَلَـوْلا أُمُومَةُ قَلْبِي الرَّؤُوم لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الحَيَـاةُ مِنْ لَعْنَةِ العَـدَمِ المُنْتَصِـر!"

وفي لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي الخَرِيفِ مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى وَالضَّجَـر

سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ النُّجُومِ وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ حَتَّى سَكِـر

سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ الْحَيَاةُ لِمَا أَذْبَلَتْـهُ رَبِيعَ العُمُـر؟

فَلَمْ تَتَكَلَّمْ شِفَـاهُ الظَّلامِ وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى السَّحَر

وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ في رِقَّـةٍ مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر

يَجِيءُ الشِّتَاءُ ، شِتَاءُ الضَّبَابِ شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر

فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ ، سِحْرُ الغُصُونِ وَسِحْرُ الزُّهُورِ وَسِحْرُ الثَّمَر

وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر

وَتَهْوِي الْغُصُونُ وَأَوْرَاقُـهَا وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر

وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في كُلِّ وَادٍ وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر

وَيَفْنَى الجَمِيعُ كَحُلْمٍ بَدِيـعٍ تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ وَانْدَثَـر

وَتَبْقَى البُـذُورُ التي حُمِّلَـتْ ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر

وَذِكْرَى فُصُول ٍ ، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ وَأَشْبَاح دُنْيَا تَلاشَتْ زُمَـر

مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر

لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ وَقَلْبَ الرَّبِيعِ الشَّذِيِّ الخَضِر

وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ الثَّمَـر

وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر

فصدّعت الأرض من فوقـها وأبصرت الكون عذب الصور

وجـاءَ الربيـعُ بأنغامـه وأحلامـهِ وصِبـاهُ العطِـر

وقبلّـها قبـلاً في الشفـاه تعيد الشباب الذي قد غبـر

وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ الحياةَ وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر

وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر

ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر

إليك الفضاء ، إليك الضيـاء إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر

إليك الجمال الذي لا يبيـد إليك الوجود الرحيب النضر

فميدي كما شئتِ فوق الحقول بِحلو الثمار وغـض الزهـر

وناجي النسيم وناجي الغيـوم وناجي النجوم وناجي القمـر

وناجـي الحيـاة وأشواقـها وفتنـة هذا الوجـود الأغـر

وشف الدجى عن جمال عميقٍ يشب الخيـال ويذكي الفكر

ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر

وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر

وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر

وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر

وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر

إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ

مومني محمد
2007-08-11, 11:38
ولد أحمد شوقي في القاهرة عام1868م، في أسرة ميسورة الحال تتصل بقصر الخديوي أخذته جدته لأمه من المهد ، وكفلته لوالديه.... وفي سن الرابعة أدخل كتاب الشيخ صالح بحي السيدة زينب... انتقل الى مدرسة المبتديان الابتدائية ، وبعد ذلك المدرسة التجهيزية الثانوية حيث حصل على المجانية كمكافأة على تفوقه...

أتم الثانوية..ودرس بعد ذلك الحقوق، وبعد ان أتمها..عينه الخديوي في خاصته..وأرسله بعد عام إلى فرنسا ليستكمل دراسته، وأقام هناك 3 أعوام..عاد بالشهادة النهائية سنة1893 م....

عاد شوقي إلى مصر أوائل سنة 1894 م فضمه توفيق إلى حاشيته

أصدر الجزء الأول من الشوقيات – الذي يحمل تاريخ سنة 1898 م وتاريخ صدوره الحقيقي سنة1890م

نفاه الإنجليز إلى الأندلس سنة 1914 م بعد أن اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى ، وفرض الإنجليز حمايتهم على مصر 1920 م

أنتج فى أخريات سنوات حياته مسرحياته وأهمها : مصرع كليوباترا ، ومجنون ليلى ، قمبيز ، وعلى بك الكبير

توفى شوقي فى 14 أكتوبر 1932 م مخلفاً للأمة العربية تراثاً شعرياً خالداً.

قم للمعلم

قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا********* كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي *********يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ********* علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ*********وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً ********* صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا

أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشد********* وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا

وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّد********* فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا

علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا ********* عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا

واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ ********* في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ ********* ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا

يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه ********* بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا

ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم ********* واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً ********* بالفردِ ، مخزوماً بـه ، مغلولا

صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ ********* من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا

سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ********* شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا

عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة********* فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا

إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ********* ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً********* لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا

ولربّما قتلَ الغـرامُ رجالَـها********* قُتِلَ الغرامُ ، كم استباحَ قتيلا

أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ اقتنى ********* عندَ السَّـوادِ ضغائناً وذخولا

لو كنتُ أعتقدُ الصليـبَ وخطبَهُ ********* لأقمتُ من صَلْبِ المسيحِ دليلا

أمعلّمي الوادي وساسـة نشئـهِ********* والطابعين شبابَـه المأمـولا

والحامليـنَ إذا دُعـوا ليعلِّمـوا********* عبءَ الأمانـةِ فادحـاً مسؤولا

وَنِيَتْ خُطـَى التعليمِ بعـد محمّدٍ********* ومشى الهوينا بعد إسماعيـلا

كانت لنا قَدَمٌ إليـهِ خفيفـةٌ ********* ورَمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيـلا

حتّى رأينـا مصـر تخطـو إصبعاً ********* في العِلْمِ إنْ مشت الممالكُ ميلا

تلك الكفـورُ وحشـوها أميّةٌ ********* من عهدِ خوفو لم تَرَ القنديـلا

تجدُ الذين بـنى المسلّـةَ جـدُّهم ********* لا يُحسـنونَ لإبرةٍ تشكيلا

ويُدَلّـلون َ إذا أُريـدَ قِيادُهـم********* كالبُهْمِ تأنسُ إذ ترى التدليلا

يتلـو الرجـالُ عليهمُ شهواتـهم********* فالناجحون أَلَذُّهـم ترتيـلا

الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ ********* كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا

واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ********* دارتْ على فطنِ الشبابِ شمـولا

وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم ********* تغزو القنـوط وتغـرسُ التأميلا

عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ ********* كالعيـنِ فَيْضَـاً والغمامِ مسيلا

تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي********* من أن تُكافـأَ بالثنـاءِ جميـلا

ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه********* عند الشدائـدِ يُغنيـانِ فتيـلا

ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى********* تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا

فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً ********* وهوَ الذي يبني النفوسَ عُـدولا

ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ********* ويريه رأياً في الأمـورِ أصيـلا

وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى ********* روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا

وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ ********* جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُـولا

وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى ********* ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا

وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ ********* فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا

إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم ********* من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا

وجدَ المساعـدَ غيرُكم وحُرِمتـمُ********* في مصرَ عونَ الأمهاتِ جليـلا

وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ********* رضـعَ الرجالُ جهالةً وخمولا

ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من ********* هـمِّ الحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا

فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما ********* وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا

إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ ********* أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا

مصـرٌ إذا ما راجعـتْ أيّامـها ********* لم تلقَ للسبتِ العظيمِ مثيـلا

البرلـمانُ غـداً يـمدّ رواقَـهُ ********* ظلاً على الوادي السعيدِ ظليلا

نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ ********* إلاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا

قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم ********* دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا

حَيّـوا من الشهداءِ كلَّ مُغَيّـبٍ ********* وضعوا على أحجـاره إكليـلا

ليكونَ حـظَّ الحيّ من شكرانكم ********* جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا

لا يلمس الدستورُ فيكم روحَـه ********* حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا

ناشدتكم تلك الدمـاءَ زكيّـةً ********* لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا

فليسألنَّ عن الأرائـكِ سائـلٌ ********* أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا

إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَ ناقصـاً ********* لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا

فادعوا لها أهلَ الأمانـةِ واجعلوا ********* لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا

إنَّ المُقصِّرَ قد يحول ولن تـرى ********* لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا

فلرُبَّ قولٍ في الرجالِ سمعتُـمُ ********* ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا

ولكَمْ نصرتم بالكرامـة والـهوى ********* من كان عندكم هو المخـذولا

كَـرَمٌ وصَفْحٌ في الشبـابِ وطالمـا ********* كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا

قوموا اجمعوا شُعَبِ الأُبُوَّةِ وارفعوا ********* صوتَ الشبابِ مُحبَّبَاً مقبولا

أدّوا إلى العـرشِ التحيّةَ واجعلـوا ********* للخالقِ التكبيرَ والتهليـلا

ما أبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـي ********* أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّ كفيـلا

فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا ********* فاللهُ خيرٌ كافلاً ووكيـلا

مومني محمد
2007-08-11, 17:49
نبذة عن حياة أحمد مطر

--------------------------------------------------------------------------------

أحمد مطر

- ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينات في قرية (التنومة)، إحدى نواحي (شط العرب) في البصرة . وعاش فيها مرحلة الطفولة قبل أن تنتقل أسرته ، وهو في مرحلة الصبا ، لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي .

- وفي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر ، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية ، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب ، فألقى بنفسه ، في فترة مبكرة من عمره ، في دائرة النار ، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت ، ولا على ارتداء ثياب العرس في المأتم ، فدخل المعترك السياسي من خلال مشاركته في الاحتفالات العامة بإلقاء قصائده من على المنصة ، وكانت هذه القصائد في بداياتها طويلة ، تصل إلى أكثر من مائة بيت ، مشحونة بقوة عالية من التحريض ، وتتمحور حول موقف المواطن من سُلطة لا تتركه ليعيش . ولم يكن لمثل هذا الموقف أن يمر بسلام ، الأمر الذي اضطر الشاعر ، في النهاية ، إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه إلى الكويت ، هارباً من مطاردة السُلطة .

- وفي الكويت عمل في جريدة ( القبس ) محرراً ثقافياً ، وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره ، حيث مضى يُدوّن قصائده التي أخذ نفسه بالشدّة من أجل ألاّ تتعدى موضوعاً واحداً ، وإن جاءت القصيدة كلّها في بيت واحد . وراح يكتنز هذه القصائد وكأنه يدوّن يومياته في مفكرته الشخصيّة ، لكنها سرعان ما أخذت طريقها إلى النشر ، فكانت ( القبس ) الثغرة التي أخرج منها رأسه ، وباركت انطلاقته الشعرية الانتحارية ، وسجّلت لافتاته دون خوف ، وساهمت في نشرها بين القرّاء .

- وفي رحاب ( القبس ) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي ، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً ، فقد كان كلاهما يعرف ، غيباً ، أن الآخر يكره ما يكره ويحب ما يحب ، وكثيراً ما كانا يتوافقان في التعبير عن قضية واحدة ، دون اتّفاق مسبق ، إذ أن الروابط بينهما كانت تقوم على الصدق والعفوية والبراءة وحدّة الشعور بالمأساة ، ورؤية الأشياء بعين مجردة صافية .

- وقد كان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتته في الصفحة الأولى ، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة .

- ومرة أخرى تكررت مأساة الشاعر ، حيث أن لهجته الصادقة ، وكلماته الحادة ، ولافتاته الصريحة ، أثارت حفيظة مختلف السلطات العربية ، تماماً مثلما أثارتها ريشة ناجي العلي ، الأمر الذي أدى إلى صدور قرار بنفيهما معاً من الكويت ، حيث ترافق الاثنان من منفى إلى منفى . وفي لندن فَقـدَ أحمد مطر صاحبه ناجي العلي ، ليظل بعده نصف ميت . وعزاؤه أن ناجي ما زال معه نصف حي ، لينتقم من قوى الشر بقلمه .

- ومنذ عام 1986، استقر أحمد مطر في لندن ، ليُمضي الأعوام الطويلة ، بعيداً عن الوطن مسافة أميال وأميال ، قريباً منه على مرمى حجر ، في صراع مع الحنين والمرض ، مُرسّخاً حروف وصيته في كل لافتـة يرفعها .

--------------------------------------------------------------------------------

لن أُنافق – لأحمد مطر

نَافِقْ

وَنَافِقْ

ثمَّ نَافِقْ ، ثمَّ نَافِقْ

لا يَسْلَمُ الجَسَدُ النَّحِيلُ مِنَ الأَذَى

إنْ لَمْ تُنَافِقْ

نَافِقْ

فَمَاذَا في النِّفَاقِ

إذَا كَذَبْتَ وَأَنْتَ صَادِقْ؟

نَافِقْ

فَإنَّ الجَهْلَ أَنْ تَهْوِي

لِيَرْقَى فَوْقَ جُثَّتِكَ الْمُنَافِقْ

لَكَ مَبْدَأٌ ؟ لا تَبْتَئِسْ

كُنْ ثَابِتَاً

لَكِنْ .. بِمُخْتَلَفِ الْمَنَاطِقْ

وَاسْبِقْ سِوَاكَ بِكُلِّ سَابِقَةٍ

فَإنَّ الحُكْمَ مَحْجُوزٌ

لأَرْبَابِ السَّوَابِقْ

* *

هَذِي مَقَالَةُ خَائِفٍ

مُتَمَلِّقٍ ، مُتَسَلِّقٍ

وَمَقَالَتِي : أَنَا لَنْ أُنَافِقْ

حَتَّى وَلَوْ وَضَعُوا بِكَفَيَّ

الْمَغَارِبَ وَالْمَشَارِقْ

يَا دَافِنِينَ رُؤُوسَكُمْ مِثْلَ النَّعَامِ

تَنَعَّمُوا

وَتَنَقَّلُوا بَيْنَ الْمَبَادِئِ كَالْلَقَالِقْ

وَدَعُوا الْبُطُولَةَ لِي أَنَا

حَيْثُ البُطُولةُ بَاطِلٌ

وَالحَقُّ زَاهِقْ !

هَذَا أَنَا

أُجْرِي مَعَ الْمَوْتِ السِّبَاقَ

وَإنَّنِي أَدْرِي بِأَنَّ الْمَوْتَ سَابِقْ

لَكِنَّمَا سَيَظَلُّ رَأْسِي عَالِيَاً أَبَدَاً

وَحَسْبِي أَنَّنِي في الخَفْضِ شَاهِقْ !

فَإذَا انْتَهَى الشَّوْطُ الأَخِيرُ

وَصَفَّقَ الجَمْعُ الْمُنَافِقْ

سَيَظَلُّ نَعْلِي عَالِيَاً

فَوْقَ الرُّؤُوسِ

إذَا عَلاَ رَأْسِي

عَلَى عُقَدِ الْمَشَانِقْ !

مومني محمد
2007-08-11, 23:27
عباس محمود العقاد

(1989 – 1964)

ولد عباس محمود العقاد في 28 حزيران 1889م، في مدينة أسوان بصعيد مصر، وكان أبوه يعمل موظفاً بسيطاً في إدارة المحفوظات، ولكنه استطاع مع ذلك أن يدبِّر شؤون أسرته لما عُرف به من التدبير والنظام.

نشأ الطفل عباس وعقله أكبر من سنه، فعندما لمس حنان أبويه وعطفهما عليه قدّر لهما هذا الشعور وظل طوال عمره يكنّ لهما أعمق الحبّ.

وبادر أبوه - وعباس بعد طفل صغير- فتعهده حتى تعلم مبادئ القراءة والكتابة فراح يتصفح ما يقع تحت يديه من الصحف والمجلات ويستفيد منها. ثم لحق بإحدى المدارس الابتدائية وتعلّم فيها اللغة العربية والحساب ومشاهد الطبيعة وأجاد الإملاء، وحصل على شهادتها سنة 1903 .

وحدث أن زار المدرسة الإمام الشيخ محمد عبده وعرض عليه مدرس اللغة العربية الشيخ فخر الدين كراسة التلميذ عباس العقاد، فتصفحها باسماً وناقش العقاد في موضوعاتها ثم التفت إلى المدرِّس وقال: " ما أجدر هـذا الفتى أن يكون كاتباً بعد! ".

وألمّ عباس بقدر غير قليل من مبادئ اللغة الإنجليزية حتى نال الشهادة الابتدائية بتفوق وأتاح له ذلك قراءة الأدب الإنجليزي مباشرة. وقال حينئذ عن نفسه: " عرفت قبل أن أبلغ العاشرة أني أجيد الكتابة وأرغب فيها، ولم ينقطع عني هذا الشعور بعد ذلك إلى أن عملت بها واتخذتها عملاً دائماً مدى الحياة ".

وبعد أن أتم عباس تعليمه الابتدائي عمل في وظيفة كتابية لم يلبث أن تركها، وتكررت زياراته للقاهرة وقويت صلته بالأدب والفن فيها ولم تستطع الوظيفة أن تشغله عنهما البتة وأصبحت علاقته بالصحف- على حد قوله- علاقة الكتابة من منازلهم. ولكنه أحس- بعد فترة- أن الوظيفة أضيق من أن تتسع لطاقاته فتركها وتفرغ لعمله في الصحافة، وأقبل على تثقيف نفسه بنفسه ثقافة واسعة.

وفي سنة 1905 عمل بالقسم المالي بمدينة قنا، وبدأ العقاد إنتاجه الشعري مبكراً قبل الحرب العالمية الأولى سنة 1914. وفي سنة 1906 عمل بمصلحة البرق، ثم ترك عمله بها واشترك سنة 1907 مع المؤرخ محمد فريد وجدي في تحرير " مجلة البيان"، ثم في " مجلة عكاظ " في الفترة بين سنة 1912 حتى سنة 1914، وفي سنة 1916 اشترك مع صديقه إبراهيم عبد القادر المازني بالتدريس في المدرسة الإعدادية الثانوية بميدان الظاهر. وظهرت الطبعة الأولى من ديوانه سنة 1916، ونشرت أشعاره في شتى الصحف والمجلات. وتوالى صدور دواوين شعره: وحي الأربعين- هدية الكروان- عابر سبيل، وقد اتخذ فيها من البيئة المصرية ومشاهد الحياة اليومية مصادر إلهام. وخاض هو والمازني معارك شديدة ضد أنصار القديم في كتابهما " الديوان " هاجما فيه شوقي هجوماً شديداً. وفى إنتاجه النثري كتب: الفصول- مطالعات في الكتب والحياة- مراجعات في الأدب والفنون.

ثم كتب سلسلة سير لأعلام الإسلام: عبقرية محمد- عبقرية الصديق- عبقرية عمر- سيرة سعد زغلول، كما اتجه إلى الفلسفة والدين فكتب: الله- الفلسفة القرآنية- إبليس.

توفي العقاد في الثاني عشر من آذار سنة 1964م بعد أن ترك تراثاً كبيراً.

ومن مؤلفاته:

ديوان العقاد- العبقريات- الشيوعية والإنسانية- أبو نواس- جحا الضاحك المضحك. ونشر له بعد وفاته: حياة قلم- أنا (ترجمة ذاتية له)- رجال عرفتهم.



حظ الشعراء - لعباس محمود العقاد


مـلـوكٌ، فـأمّـا حـالُهم iiفعبيدُ
وطـيـرٌ، ولـكـنَّ الجُدودَ iiقُعودُ
أقـاموا على متن السحابِ فأرضُهم
بـعـيـدٌ، وأقـطارُ السماءِ بعيد!
مـجـانـينُ تاهوا في الخيال فودَّعوا
رواحـةَ هـذا الـعيشِ وهو رغيد
ومـا سـاء حـظُّ الحالمين لَوَ iiانّهم
تـدوم لـهـم أحـلامُهم iiوتجود
فـوا رحـمـتـا للظالمين نفوسَهم
ومـا أنـصـفَتْهم صحبةٌ iiوجُدود
ويذرون من مسّ العذابِ iiدموعَهم
فـيُـنـظَـمُ منها جوهرٌ iiوعقود
بني الأرض كم من شاعر في دياركم
غـبـيـنٍ، وغبنُ الشاعِرينَ iiشديد
بـنـي الأرض أَوْلـى بالحياة جميلةً
مُـحِـبٌّ عـليها من حُلاه iiنضود
مُـحـبٌ تُـنـاجيه بأسرار قلبها
ومـهـما تردْ في العيش فهو iiيُريد
عـلـى أنّه قد يبلغ السُّؤلَ iiخاطبٌ
خـلـيٌّ ويـزوي عن هواه iiعميد
بني الأرضِ لا تنضوا له السيفَ iiإنّهُ
يُـذاد عـن الـدنـيا وليس يذود
أُريـدَ بـه لـلناس خيرٌ فلم يزلْ
بـه عَـمَـهٌ عـن نفسه iiوشُرود
تـجـمَّـعتِ الأضدادُ فيه فحكمةٌ
وحـمـقٌ، وقـلبٌ ذائب iiوجُمود
حُـمـاداه صـبرٌ في الحياة وإنّما
هـي الـنـارُ تـخبو ساعةً وتعود
مُـقـيمٌ على عرش الطبيعة iiحاضرٌ
ولـكـنّـه بـيـن الأنـام iiفقيد
إذا جـال بـالـعينين فالكونُ iiبيتُهُ
فـإنْ مـدّ بـالـكفّين فهو طريد
وأقـصـى مـنـاه في الحياة iiنهارُهُ
وأدنـى مـنـاه فـي الممات خُلود
يرى الغيبَ عن بعد ، فمقبلُ iiعهدهِ
قـديـمٌ، ومـاضيه القديمُ iiجديد
إذا عـاش فـي بـأسائه فهو iiمَيّتٌ
وإنْ مـات عاش الدهرَ وهو iiشهيد
شـقـاوتُـه في الشعر وهو هناؤهُ
ولـيـس لـه عـن حالتيه iiمَحيد
جـنـونٌ أحـقُّ الناسِ طُرًّا iiبهجرهِ
أُولـو الـفهمِ ، لو أنَّ الفُهومَ iiتُفيد

مومني محمد
2007-08-12, 11:00
صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود

شاعرعربي كبير من فطاحلة الشعرالنبطي في المملكة العربية السعودية

يعد الأمير الشاعر عبدالله الفيصل رحمه الله أكبر أبناء

الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله.

ولد الأمير عبدالله الفيصل في مدينة الرياض

في 5ا/11/1341ه الموافق 1922م

عاش السنوات الأولى الخمس من حياته تحت رعاية جده

المرحوم الملك عبدالعزيز آل سعود في الرياض.

انتقل بعد ذلك إلى الحجاز حيث عاش في كنف والده الملك فيصل

بن عبدالعزيز آل سعود

حين كان نائب الملك عبدالعزيز في الحجاز .

عينه جده الملك عبدالعزيز يرحمه الله وكيلا لنائبه

في الحجازالملك فيصل يرحمه الله.

وفي 11 -9 -1370الموافق 1950م عين وزيرا ً للداخليه

بجانب وزارة الصحه إلى ان استقال عام 1378ه

وكان أول من تولى وزارة الداخلية .

تأئر في بداية حياته بالشعر النبطي لوالده الملك فيصل رحمه الله

الذي كان من أبرز شعراء هذا الشعر .

وقد صدر للشاعر أول ديوان شعري بعنوان وحي الحرمان

في عام 1373ه - 1953م

وصدر ديوانه الثاني حديث قلب عام 1401ه - 1982م

وديوان ثالث بعنوان مشاعري

وترجمت اعماله الشعرية إلى الفرنسية .

ينشر شعره منذ عشرات السنين في الصحف

والمجلات الثقافية والأدبية والفكرية الخليجية والعربية .

تدرس حياته وشعره في عدد من الأقطار العربية .

من مؤسسي ( مؤسسة الملك فيصل الخيرية )

ورئيس مجلس أمنائها المؤلف من أبناء الملك فيصل رحمه الله.

حصل على الجائزة الدولية الكبرى للشعر الأجنبي .

منح الدكتوراه الفخريه في العلوم الأنسانية

بقرارمن مجلس أمناء ( الأكادمية للعلوم والثقافة )

المتفرع عن(مؤتمر الشعراء العالميين )

الذي انعقد في مدينة ( سان فرانسيسكو)

بالولايات المتحدة الأمريكية.

فاز بجائزة (( سولاتراز )) الثقافيةالفرنسية

وهي الجائزة الدولية الكبرى

للشعر الاجنبي والتي تمنح كل عام لأحد كبار الشعراء

غير الفرنسين في العالم.

حصل على اللوحة الالفية لمدينة باريس من السيد جاك شيراك

رئيس عمدة باريس وقتذاك

في عام 1985 م الموافق 1405 هجرية

وهي تمنح عادة لروساء الدول

أو رؤساءالحكومات أو لرجالات الفكر والانجازات العلميه

من جامعة السوربون.

حصل على جائزة الدولة التقديرية بالمملكةالعربية السعودية

لعام 1405 هجرية

رئيس وفد المملكة العربية السعودية لمجتمع الادباء والشعراء

في المربد 1985 م

منحة الملك الحسن الثاني عاهل المغرب رحمةالله العضوية

في الأكاديميه الملكية المغربية

عام 1986 م كواحد من أبرز الشعراء والأدباء العرب.

منح درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة شادالأمريكية

عام 1409 هجرية في مجال الأدب.

بامر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظة الله

تم اطلاق مسمى أستادالأمير عبدالله الفيصل بجده

بدلا ً من استاد جده عام 1421




دراسته:
التحق صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل بإحدى المدارس الابتدائية في مكة المكرمة، وكان التعليم آنذاك في طوره الأول، فحصل على الشهادة الابتدائية التي كانت من أعلى الشهادات آنذاك في المملكة، ولكنه لم يكتف بشهادته المتواضعة فانكب على التحصيل والمطالعة، وكان ميله إلى الشعر واضحاً، وكان يقرأ في الأدب والتاريخ والسياسة، ولكن الشعر كان أحب الفنون إلى نفسه، وقد قرأ للعديد من الشعراء من امثال طرفة بن العبد والنابغة الذبياني وامرؤ القيس وعنترة وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي وإبراهيم ناجي وأحمد شوقي وعلي محمود طه وبدوي الجبل وعمر أبو ريشه. ويجهل الكثيرون أن الأمير الشاعر قد كتب الشعر الشعبي، فهو الذي ولد وعاش في بلاد الجزيرة، في محيط كبير أكثر شعرائه ينظمون الشعر الشعبي الدارج، وقد كان رائعاً ومتميزاً في هذا الجانب.


وهو أيضا شاعر كبير

لهُ دواوين مطبوعة تحت مُسمى (المحروم) بالفصحى والنبطي .



ثورة الشك – لعبد الله الفيصل

أَكَادُ أَشُكُّ في نَفْسِي لأَنِّي

أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي

يَقُولُ النَّاسُ إنَّكَ خِنْتَ عَهْدِي

وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَايَ وَلَمْ تَصُنِّي

وَأنْتَ مُنَايَ أَجْمَعُهَا مَشَتْ بِي

ِإلَيْكَ خُطَى الشَّبَابِ المُطْمَئِنِّ

وَقَدْ كَادَ الشَّبَابُ لِغَيْرِ عَوْدٍ

يُوَلِّي عَنْ فَتَىً في غَيْرِ أَمْنِ

وَهَا أَنَا فَاتَنِي القَدَرُ المُوَالِي

بِأَحْلاَمِ الشَّبَابِ وَلَمْ يَفُتْنِي

كَأَنَّ صِبَايَ قَدْ رُدَّتْ رُؤاهُ

عَلَى جَفْنِي المُسَهَّدِ أَوْ كَأَنِّي

يُكَذِّبُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ قَلْبِي

وَتَسْمَعُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ أُذْنِي

وَكَمْ طَافَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُ شَكٍّ

أَقَضَّتْ مَضْجَعِي وَاسْتَعْبَدَتْنِي

كَأَنِّي طَافَ بِي رَكْبُ اللَيَالِي

يُحَدِّثُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا وَعَنِّي

عَلَى أَنِّي أُغَالِطُ فِيكَ سَمْعِي

وَتُبْصِرُ فِيكَ غَيْرَ الشَّكِّ عَيْنِي

وَمَا أَنَا بِالمُصَدِّقِ فِيكَ قَوْلاً

وَلَكِنِّي شَقِيـتُ بِحُسْنِ ظَنِّي

وَبِي مَمَّا يُسَاوِرُنِي كَثِـيرٌ

مِنَ الشَّجَـنِ المُؤَرِّقِ لاَ تَدَعْنِي

تُعَذَّبُ فِي لَهِيبِ الشَّكِّ رُوحِي

وَتَشْقَى بِالظُّنُـونِ وَبِالتَّمَنِّي

أَجِبْنِي إِذْ سَأَلْتُكَ هَلْ صَحِيحٌ

حَدِيثُ النَّاسِ خُنْتَ؟ أَلَمْ تَخُنِّي

مومني محمد
2007-08-13, 11:58
ولد ابو ماضي في قرية "المحيدثة" من قرى لبنان سنة 1891
وفي احدى مدارسها الصغيرة درس ثم غادرها في سنّ الحادية عشرة إلى الاسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين.

دواوينه:
ـ تذكار الماضي.
ـ الجداول.
ـ الخمائل.





وقائلة - لإيليا أبي ماضي



وقائلةٍ : هجرتَ الشعرَ حتَّـى

تَغَنَّـى بالسَّخَافَـاتِ الـمُغَنِّي

أتى زَمَنُ الربيـعِ وأنتَ لاهٍ

وقد وَلَّـى وَلَمْ تَهْتِـفْ بِلَحْنِ

ونفسكَ كالصَّدَى في قاع ِ بئرٍ

ومثل الفجـرِ ملتحفاً بدَجْـنِ

فمالكَ ليس يستهويكَ حُسْنٌ

وأنتَ الـمرء تعشق كُلَّ حُسْنِ

أتسكتُ والشبابُ عليكَ ضَافٍ

وحولكَ للهوى جَنَّـاتُ عَـدْنِ؟

ركـودُ الماءِ يورثـهُ فسـاداً

فقلتُ لَهَا : استكينـي واطمئنـي

فما حَطَمَتْ يدُ الأيامِ روحي

وإنْ حَطَمـت أباريقـي ودنِّـي

ولَمْ أعْقِـدْ على خوفٍ لساني

ولا ضَنَّـاً على الدنيـا بفنِّـي

ولكني امرؤٌ للنـاسِ ضحكي

ولِـي وحدي تباريـحي وحزنـي

إذا أشكو إلى خِدْنٍ هُـمومي

وفي وُسْعِي السُّكُوتُ ظَلَمْتُ خِدْنِي

وتأبَـى كبريائي أن يَرانِـي

فَتَـىً مغرورقاً بالدمع جَفْنِـي

فأستر عَبرتِـي عنـهُ لئـلا

يَضِيـقُ بِهَا وإن هيَ أحرقتنـي

ويبكي صاحبِي فأخال أنـي

أنا الجانِـي وإن لَمْ يَتَّهِمْنِـي

فأمسح أدمعـاً في مقلتيـهِ

وإن حَكَـتِ اللهيبَ وإن كوَتني

لأنِّـي كلما رفَّهـتُ عنـه

طربتُ كأننـي رَفَّهْـتُ عنـي

كذلك كان شأني بين قومي

وهذا بينَ كُلِّ النـاسِ شأنـي

أقول لكلِّ نَـوَّاحٍ رويـداً

فإن الـحُزْنَ لا يغنـي ، ويضنـي

وجدت الداءَ بالأحرارِ يُزري

فليتَ الدمعَ لَمْ يُخْلَـقْ بِجَفْـنِ

سبيل العِز أن تَبْنِـي وتُعْلي

فلا تَقْنَـعْ بأنَّ سِواكَ يَبْنـي

ولا تَك عالَـةً في عُنْق جَـدٍّ

رميمِ العَظْمِ أو عِبْئَاً على ابنِ

فَمَنْ يغرِسْ لكي يَبني سواه

يَعِشْ ، ويَموتُ مَنْ يحيا ليجنـي

ألائمتي اتركيني في سكونـي

ولومي من يَضجّ بغيـر طحـن

إذا صار السَّمَاع بلا قيـاسٍ

فلا عَجَب إذا سَكَتَ الـمغنـي

أنا ولِئنْ سَكَتُّ وقالَ غيري

وجعجعَ صاحبُ الصوتِ الأرَنِّ

إذا لَمْ أجِدْ حقـلاً مَرِيعـاً

خلقتُ الحقلَ في روحي وذِهنـي

فكادتْ تَمْلأ الأثْمَارُ كَفِّـي

ويَعبق بالشذى الفَوَّاحِ ردنـي

DMA
2007-08-15, 13:35
الأمير عبد القادر الجزائري

(1807-1883)

هو عبد القادر ابن الأمير محيي الدين الحسيني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن علي ولد في 23 من رجب عام 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة "وهران" بالمغر الأوسط أو الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران، ولم يكن الوالد هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة، وكان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828م، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
المبايعة

فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسيني" وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حوله الجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسئولية، وتمت البيعة، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسيني، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ/ نوفمبر 1832م.

ولقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النفسية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي، والعلم العقلي، والرحلة والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإن الأمير الشاب تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة.
دولة الأمير عبد القادر

وقد بادر الأمير عبد القادر بإعداد جيشه، ونزول الميدان ليحقق انتصارات متلاحقة على الفرنسيين، وسعى في ذات الوقت إلى التأليف بين القبائل وفض النزاعات بينها، وقد كانت بطولته في المعارك مثار الإعجاب من العدو والصديق فقد رآه الجميع في موقعة "خنق النطاح" التي أصيبت ملابسه كلها بالرصاص وقُتِل فرسه ومع ذلك استمر في القتال حتى حاز النصر على عدوه، وأمام هذه البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: "يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!".

ونجح الأمير في إحراز نصر على القا ئد الجديد في منطقة "وادي تفنه" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م.بعد أن كان نقض المعاهدة الأولي عن طريق هجوم قام به الفرنسيون ، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م .


لقب الأمير باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، لكثرة تحركاته وتنقلاته سعيا للم شمل القبائل واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، ولقد اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" علي الاستسلام بعد أن تقطعت به السبل في المقاومة وبعد أن رفض الأسبان والإنجليز معاونته على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من أتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة والسلطان المغربي.

ظل الأمير عبد القادر في سجون فرنسا يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدب الفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشئون السياسية والعسكرية والعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير لكي يتخذ من فرنسا وطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق، حيث استانبول والسلطان عبد المجيد، والتقى فيها بسفراء الدول الأجنبية، ثم استقر به المقام في دمشق منذ عام 1856م وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك في المدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية.

وفي عام 1276/1860 تتحرك شرارة الفتنة بين المسلمين والنصارى في منطقة الشام، ويكون للأمير دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف من النصارى، إذ استضافهم في منازله.

و لقد وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/ 24 من مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية

.................................................. ........................

يا عاذراً لامرئٍ قد هام في الحضر ......... وعاذلاً لمحبّ البدو والقفر
لا تذممنّ بيوتاً خفّ محملها ........... وتمدحنّ بيوت الطين والحجر
لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني........... لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر
أو كنتَ أصبحت في الصحراء مرتقياً ............. بساط رملٍ به الحصباء كالدرر
أو جلتَ في روضةٍ قد راق منظرها .......... بكل لونٍ جميل شيّق عطر
تستنشقنّ نسيماً طاب منتشقاً ........... يزيد في الروح لم يمرر على قذَر
أو كنت في صبح ليل هاج هاتنه ............ علوت في مرقبٍ أو جلت بالنظر
رأيت في كلّ وجهٍ من بسائطها ............ سرباً من الوحش يرعى أطيب الشجر
فيا لها وقفة لم تبق من حزن ........... في قلب مضنى ولا كدّا لذي ضجر
نباكرُ الصيد أحيانا فنبغته ............ فالصيد منّا مدى الأوقات في ذعر
فكم ظلمنا ظليما في نعامته ............. وإن يكن طائراً في الجو كالصقر
يوم الرحيل إذا شدّت هوادجنا ............. شقائق عمّها مزنٌ من المطر
فيها العذارى وفيها قد جعلن كوىً .......... مرقعاتٍ بأحداقٍ من الحور
تمشي الحداة لها من خلفها زجلٌ ........... أشهى من الناي والسنطير والوتر
ونحن فوقَ جياد الخيل نركضها .......... شليلها زينة الأكفال والخصر
نطارد الوحش والغزلان نلحقها ............ على البعاد وما تنجو من الضمر
نروح للحيّ ليلا بعدما نزلوا ........... منازلاً ما بها لطخٌ من الوضر
ترابها المسك بل أنقى وجاد بها ............. صوب الغمائم بالآصال والبكر
نلقى الخيام وقد صفّت بها فغدت ........... مثل السماء زهت بالأنجم الزهر
قال الألى قد مضوا قولا يصدّقه ............ نقلٌ وعقلٌ وما للحق من غير
الحسن يظهر في بيتين رونقه .......... بيتٌ من الشعرِ أو بيتٌ من الشعَر
أنعامنا إن أتت عند العشيّ تخل ............ أصواتها كدويّ الرعد بالسحر
سفائن البرّ بل أنجى لراكبها ............. سفائن البحر كم فيها من الخطر
لنا المهارى وما للريم سرعتها ......... بها وبالخيل نلنا كل مفتخر
فخيلنا دائما للحرب مسرجةٌ ............ من استغاث بنا بشّره بالظفر
نحن الملوك فلا تعدل بنا أحداً .......... وأيّ عيشٍ لمن قد بات في خفر
لا نحمل الضيم ممن جار نتركه ........... وأرضه وجيمع العزّ في السفر
وإن أساء علينا الجار عشرته ........... نبين عنه بلا ضرٍّ ولا ضرَر
نبيت نار القرى تبدو لطارقتنا .......... فيها المداواة من جوع ومن خصر
عدوّنا ما له ملجا ولا وزرٌ ............ وعندنا عاديات السبق والظفر
شرابها من حليبٍ ما يخالطه .......... ماء وليس حليب النوق كالبقر
أموال أعدائنا في كلّ آونة ............ نقضي بقسمتها بالعدل والقدر
ما في البداوة من عيب تذمّ به ........... إلّا المروءة والإحسان بالبدرِ
وصحّة الجسم فيها غير خافيةٍ ........... والعيب والداء مقصورٌ على الحضَر
من لم يمت عندنا بالطعن عاش مدى فنحن أطول خلق اللَه في العمر
.................................................. .................................

مومني محمد
2007-08-15, 14:18
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذه المشاركة الطيبة

مومني محمد
2007-08-18, 22:06
نبذة عن حياة البارودي

--------------------------------------------------------------------------------

- ولد محمود سامي البارودي في 6 أكتوبر عام 1839 في حي باب الخلق بالقاهرة .

- بعد أن أتم دراسته الإبتدائية عام 1851 إلتحق بالمرحلة التجهيزية من " المدرسة الحربية المفروزة " وانتظم فيها يدرس فنون الحرب ، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر .

- تخرج في " المدرسة المفروزة " عام 1855 ولم يستطع إستكمال دراسته العليا ، والتحق بالجيش السلطاني .

- عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب إلى الأستانة عام 1857 وأعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغة الفارسية على الإلتحاق " بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية " وظل هناك نحو سبع سنوات (1857-1863 ) .

- بعد عودته إلى مصر في فبراير عام 1863 عينه الخديوي إسماعيل " معيناً " لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والآستانة .

- ضاق البارودي بروتين العمل الديواني ونزعت نفسه إلى تحقيق آماله في حياة الفروسية والجهاد ، فنجح في يوليو عام 1863 في الإنتقال إلى الجيش حيث عمل برتبة " البكباشي " العسكرية وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه ، وأثبت كفاءة عالية في عمله .

- تجلت مواهبه الشعرية في سن مبكرة بعد أن استوعب التراث العربي وقرأ روائع الشعر العربي والفارسي والتركي ، فكان ذلك من عوامل التجديد في شعره الأصيل .

- اشترك الفارس الشاعر في إخماد ثورة جزيرة كريد عام 1865 واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أثبت فيهما شجاعة عالية وبطولة نادرة .

- كان أحد أبطال ثورة عام 1881 الشهيرة ضد الخديوي توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابي ، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في فبراير عام 1882 .

- بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الإحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب .

ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه ، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه .

- بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فتقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج ، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر عام 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد " أنشودة العودة " التي قال في مستهلها :

أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

- توفي البارودي في 12 ديسمبر عام 1904 بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل إستقلال مصر وحريتها وعزتها .

- يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً ، ولقب بإسم " فارس السيف والقلم " .


--------------------------------------------------------------------------------

أنشودة العودة- لمحمود سامي البارودي

أَبَابِلُ رَأْيَ العَيْنِ أَمْ هَذِهِ مِصْـرُ فَإِنِّي أَرَى فِيهَا عُيُونَاً هِيَ السِّحْـرُ

نَوَاعِسَ أَيْقَظْنَ الهَـوْى بِلَوَاحِـظٍ تَدِينُ لَهَا بِالفَتْكَةِ البِيضُ وَالسُّمْـرُ

فَلَيْسَ لِعَقْلٍ دُونَ سُلْطَانِـهَا حِمَىً وَلاَ لِفُؤَادٍ دُونَ غِشْيَانِـهَا سِتْـرُ

فَإِنْ يَكُ مُوسَى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّةً فَذَلِكَ عَصْرُ المُعْجِزَاتِ ، وَذَا عَصْرُ

فَأَيُّ فُـؤَادٍ لاَ يَذُوبُ صَبَابَـةً وَمُزْنَةِ عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَـا قَطْـرُ؟

بِنَفْسِي – وَإِنْ عَزَّتْ عَلَيَّ – رَبِيبَـةٌ مِنَ العِينِ فِي أَجْفَانِ مُقْلَتِهَا فَتْـرُ

فَتَاةٌ يَرِفُّ البَدْرُ تَحْتَ قِنَاعِـهَا وَيَخْطِرُ فِي أَبْرَادِهَا الغُصُنُ النَّضْـرُ

تُرِيكَ جُمَانَ القَطْرِ فِي أُقْحُوَانَـةٍ مُفَلَّجَةِ الأَطْرَافِ ، قِيلَ لَـهَا ثَغْـرُ

تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِـرُ " بَابِـلٍ" وَتَسْكَرُ مِنْ صَهْبَاءِ رِيقَتِهَا الخَمْـرُ

فَيَا رَبَّةَ الخِدْرِ الذِي حَـالَ دُونَـهُ ضَرَاغِمُ حَرْبٍ، غَابُهَا الأَسَلُ السُّمْرُ

أَمَا مِنْ وِصَـالٍ أَسْتَعِيـدُ بِأُنْسِـهِ نَضَارَةَ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الهََجْـرُ؟

رَضِيتُ مِنَ الدُّنْـيَا بِحُبِّكِ عَالِمَـاً بِأَنَّ جُنُونِي فِي هَوَاكِ هُوَ الفَخْـرُ

فَلاَ تَحْسَِبي شَوْقِي فُكَاهَـةَ مَازِحٍ فَمَا هُوَ إلاَّ الجَمْرُ ، أَوْ دُونَهُ الجَمْـرُ

هَوَىً كَضَمِيرِ الزِنْدِ لَوْ أَنَّ مَدْمَعِي تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاَحْتَرَقَ الصَّـدْرُ

إِذَا مَا أَتَيْتُ الحَيَّ فَـارَتْ بِغَيْظِـهَا قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آمَاقِهَا الغَـدْرُ

يَظُنُّونَ بِي شَرَّاً ، وَلَسْـتُ بِأَهْلِـهِ وَظَنُّ الفَتَى مِنْ غَيْـرِ بَيِّـنَةٍ وِزْرُ

وَمَاذَا عَلَيْهِمْ إِنْ تَرَنَّـمَ شَـاعِـرٌ بِقَافِيَةٍ لاَ عَيْبَ فِيهَا ، وَلاَ نُكْـرُ؟

أَفِي الحَقِّ أَنْ تَبْكِي الحَمَائِمُ شَجْوَهَا وَيُبْلَى فَلاَ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ حُـرُّ؟

وَأَيُّ نَكِيرٍ فِي هَوَىً شَـبَّ وَقْدُهُ بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِـهِ الشِّعْرُ؟

فَـلاَ يَبْتَدِرْنِي بِالمَلاَمَـةِ عَـاذِلٌ فَإِنَّ الهَوَى فِيـهِ لِمُعْتَـذِرٍ عُـذْرُ

إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُبِّ فَضْلٌ عَلَى النُّهَى لَمَا ذَلَّ حَيٌّ لِلْهَـوَى وَلَـهُ قَـدْرُ

وَكَيْفَ أَسُومُ القَلْبَ صَبْرَاً عَلَى الهَوَى وَلَمْ يَبْقَ لِيْ فِي الحُبِّ قَلْبٌ وَلاَ صَبْرُ

لِيَهْنَ الهَوَى أَنِّي خَضَعْـتُ لِحُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ لِيْ فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ وَالأَمْرُ

وَإِنِّي امْرُؤٌ تَأْبَى لِيَ الضَّيْمَ صَـوْلَةٌ مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْـرُ

أَبِيٌّ عَلَى الحِدْثَـانِ ، لاَ يَسْتَفِزُّنِي عَظِيمٌ ، وَلاَ يَأْوِي إِلَى سَاحَتِي ذُعْرُ

إِذَا صُلْتُ صَالَ المَوْتُ مِنْ وَكَرَاتِـهِ وَإِنْ قُلْتُ أَرْخَى مِنْ أَعِنَّـتِهِ الشِّعْرُ

مومني محمد
2007-08-20, 11:31
عبد الله البردوني
ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن) أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م . ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها. وعمل أيضا مسؤولا عن البرامج في الإذاعة اليمنية.

أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في إحدى قصائده فكانوا أربعة في واحد حسب تعبيره ، العمى والقيد والجرح يقول :

هدني السجن وأدمى القيد ســاقي فتعاييت بجرحي ووثــــــــاقي

وأضعت الخطو في شوك الدجى والعمى والقيد والجرح رفاقي

في سبيل الفجر مــــــا لاقيت في رحلة التيه وما سوف ألاقـــي

سوف يفنى كل قيد وقـــــــــوى كل سفاح وعطر الجرح باقي
. له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. .

صدرت دراسته الأولى "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" عام 1972.
أما دواوينه فهي على التوالي:

- من أرض بلقيس 1961 –

- في طريق الفجر 1967 –

- مدينة الغد 1970

- - لعيني أم بلقيس 1973

- - السفر إلى الأيام الخضر 1974

- - وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 –

- زمان بلا نوعية 1979

- - ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983

- - كائنات الشوق الاخر 1986 –

- رواء المصابيح 1989



-------------------------------------------------------------------------------
أبو تمام وعروبة اليوم - لعبد الله البردوني

ما أَصْدَقَ السَّيْفَ! إِنْ لَمْ يُنْضِهِ الكَـذِبُ

وَأَكْذَبَ السَّيْفَ إِنْ لَمْ يَصْـدُقِ الغَضَـبُ

بِيضُ الصَّفَائِـحِ أَهْـدَى حِيـنَ تَحْمِلُهَـا

أَيْـدٍ إِذَا غَلَبَـتْ يَعْلُـو بِهَـا الغَـلَـبُ

وَأَقْبَـحَ النَّصْرِ..نَصْـرُ الأَقْوِيَـاءِ بِـلاَ

فَهْمٍ. سِوَى فَهْمِ كَمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُـوا

أَدْهَى مِنَ الجَهْـلِ عِلْـمٌ يَطْمَئِـنُّ إِلَـى

أَنْصَـافِ نَاسٍ طَغَوا بِالعِلْـمِ وَاغْتَصَبُـوا

قَالُوا: هُمُ البَشَرُ الأَرْقَـى وَمَـا أَكَلُـوا

شَيْئَاً .. كَمَا أَكَلُـوا الإنْسَـانَ أَوْ شَرِبُـوا

* * * * *

مَاذَا جَرَى.. يَـا أَبَـا تَمَّـامَ تَسْأَلُنِـي؟

عَفْوَاً سَـأَرْوِي .. وَلا تَسْأَلْ .. وَمَا السَّبَبُ

يَدْمَـى السُّـؤَالُ حَيَـاءً حِيـنَ نَسْأَلُـُه

كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَى «حَيْفَا» أَوِ «النَّقَـبُ»

مَنْ ذَا يُلَبِّـي ؟ أَمَـا إِصْـرَارُ مُعْتَصِـمٍ ؟

كَلاَّ وَأَخْزَى مِنَ « الأَفْشِينَ » مَـا صُلِبُـوا

اليَوْمَ عَـادَتْ عُلُـوجُ «الـرُّومِ» فَاتِحَـةً

وَمَوْطِـنُ العَرَبِ المَسْلُـوبُ وَالسَّلَـبُ

مَاذَا فَعَلْنَـا؟ غَضِبْنَـا كَالرِّجَـالِ وَلَـمْ

نَصْدُقْ.. وَقَدْ صَـدَقَ التَّنْجِيـمُ وَالكُتُـبُ

فَأَطْفَـأَتْ شُهُـبُ «المِيـرَاجِ» أَنْجُمَنَـا

وَشَمْسَنَا ... وَتَحَـدَّت نَارَهَـا الحَطَـبُ

وَقَاتَلَـتْ دُونَنَـا الأَبْــوَاقُ صَـامِـدَةً

أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُـوا... ثَـمَّ أَوْ هَرَبُـوا

حُكَّامُنَا إِنْ تَصَـدّوا لِلْحِمَـى اقْتَحَمُـوا

وَإِنْ تَصَدَّى لَـهُ المُسْتَعْمِـرُ انْسَحَبُـوا

هُمْ يَفْرُشـُونَ لِجَيْـشِ الغَـزْوِ أَعْيُنَهُـمْ

وَيَدَّعُـونَ وُثُـوبَـاً قَـبْـلَ أَنْ يَثِـبُـوا

الحَاكِمُونَ و«وَاشُنْـطُـنْ» حُكُومَتُـهُـمْ

وَاللامِعُـونَ .. وَمَـا شَعَّـوا وَلا غَرَبُـوا

القَاتِلُـونَ نُبُـوغَ الشَّـعْـبِ تَرْضِـيَـةً

لِلْمُعْتَدِيـنَ وَمَـا أَجْدَتْـهُـمُ الـقُـرَبُ

لَهُمْ شُمُـوخُ «المُثَنَّـى» ظَاهِـرَاً وَلَهُـمْ

هَـوَىً إِلَـى «بَابَـك الخَرْمِـيّ» يُنْتَسَـبُ

مَاذَا تَرَى يَا «أَبَـا تَمَّـامَ» هَـلْ كَذَبَـتْ

أَحْسَابُنَـا؟ أَوْ تَنَاسَـى عِرْقَـهُ الذَّهَـبُ؟

عُرُوبَـةُ اليَـوَمِ أُخْـرَى لا يَنِـمُّ عَلَـى

وُجُودِهَـا اسْـمٌ وَلا لَـوْنٌ وَلا لَـقَـبُ

تِسْعُونَ أَلْفَـاً « لِعَمُّـورِيَّـة َ» اتَّـقَـدُوا

وَلِلْمُنَجِّـمِ قَـالُـوا: إِنَّـنَـا الشُّـهُـبُ

قِيلَ: انْتِظَارَ قِطَافِ الكَرْمِ مَـا انْتَظَـرُوا

نُضْـجَ العَنَاقِيـدِ لَكِـنْ قَبْلَهَـا الْتَهَبُـوا

وَاليَـوْمَ تِسْعُـونَ مِلْيونَـاً وَمَـا بَلَغُـوا

نُضْجَـاً وَقَدْ عُصِـرَ الزَّيْتُـونُ وَالعِنَـبُ

تَنْسَى الرُّؤُوسُ العَوَالِـي نَـارَ نَخْوَتِهَـا

إِذَا امْتَطَاهَـا إِلَـى أَسْـيَـادِهِ الـذَّنَـبُ

«حَبِيبُ» وَافَيْتُ مِـنْ صَنْعَـاءَ يَحْمِلُنِـي

نَسْرٌ وَخَلْفَ ضُلُوعِـي يَلْهَـثُ العَـرَبُ

مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَـاءَ يَـا أَبَتِـي ؟

مَلِيحَـةٌ عَاشِقَاهَـا : السِّـلُّ وَالـجَـرَبُ

مَاتَـتْ بِصُنْـدُوقِ «وَضَّاحٍ» بِـلاَ ثَمَـنٍ

وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْـقُ وَالطَّـرَبُ

كَانَتْ تُرَاقِبُ صُبْـحَ البَعْـثِ فَانْبَعَثَـتْ

فِي الحُلْمِ ثُمَّ ارْتَمَـتْ تَغْفُـو وَتَرْتَقِـبُ

لَكِنَّهَا رُغْمَ بُخْـلِ الغَيْـثِ مَـا بَرِحَـتْ

حُبْلَى وَفِي بَطْنِهَـا «قَحْطَـانُ» أَوْ «كَرَبُ»

وَفِـي أَسَـى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِـي «يَمَـنٌ»

ثَانٍ كَحُلْـمِ الصِّبَـا... يَنْـأَى وَيَقْتَـرِبُ

«حَبِيبُ» تَسْأَلُ عَنْ حَالِي وَكَيْـفَ أَنَـا؟

شُبَّابَـةٌ فِـي شِفَـاهِ الرِّيـحِ تَنْتَـحِـبُ

كَانَتْ بِلاَدُكَ «رِحْلاً»، ظَهْـرَ «نَاجِيَـةٍ»

أَمَّـا بِـلاَدِي فَلاَ ظَهْـرٌ وَلاَ غَـبَـبُ

أَرْعَيْـتَ كُـلَّ جَدِيـبٍ لَحْـمَ رَاحِلَـةٍ

كَانَتْ رَعَتْـهُ وَمَـاءُ الـرَّوْضِ يَنْسَكِـبُ

وَرُحْتَ مِنْ سَفَـرٍ مُضْـنٍ إِلَـى سَفَـرٍ

أَضْنَـى لأَنَّ طَرِيـقَ الرَّاحَـةِ التَّـعَـبُ

لَكِنْ أَنَا رَاحِـلٌ فِـي غَيْـرِ مَـا سَفَـرٍ

رَحْلِي دَمِي ... وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَـبُ

إِذَا امْتَطَيْـتَ رِكَابَـاً لِلـنَّـوَى فَـأَنَـا

فِي دَاخِلِي ... أَمْتَطِـي نَـارِي وَاغْتَـرِبُ

قَبْرِي وَمَأْسَـاةُ مِيـلاَدِي عَلَـى كَتِفِـي

وَحَوْلِـيَ العَـدَمُ المَنْفُـوخُ وَالصَّخَـبُ

«حَبِيبُ» هَـذَا صَدَاكَ اليَـوْمَ أَنْشُـدُهُ

لَكِـنْ لِمَـاذَا تَـرَى وَجْهِـي وَتَكْتَئِـبُ؟

مَاذَا ؟ أَتَعْجَـبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَـرِي؟

إِنِّي وُلِدْتُ عَجُـوزَاً .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟

وَاليَـوْمَ أَذْوِي وَطَيْـشُ الفَـنِّ يَعْزِفُنِـي

وَالأَرْبَعُـونَ عَلَـى خَــدَّيَّ تَلْتَـهِـبُ

كَـذَا إِذَا ابْيَـضَّ إِينَـاعُ الحَيَـاةِ عَلَـى

وَجْـهِ الأَدِيـبِ أَضَـاءَ الفِكْـرُ وَالأَدَبُ

* * * * *

وَأَنْتَ مَنْ شِبْتَ قَبْـلَ الأَرْبَعِيـنَ عَلَـى

نَـارِ «الحَمَاسَـةَ » تَجْلُوهَـا وَتَنْتَـحِـبُ

وَتَجْتَـدِي كُـلَّ لِـصٍّ مُتْـرَفٍ هِـبَـةً

وَأَنْتَ تُعْطِيـهِ شِعْـرَاً فَـوْقَ مَـا يَهِـبُ

شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ «وَالٍ» إِلَـى «مَلِـكٍ»

يَحُثُّـكَ الفَقْـرُ ... أَوْ يَقْتَـادُكَ الطَّلَـبُ

طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ « الموصِلِ » انْطَفَأَتْ

فِيـكَ الأَمَانِـي وَلَـمْ يَشْبَـعْ لَهَـا أَرَبُ

لَكِـنَّ مَـوْتَ المُجِيـدِ الفَـذِّ يَـبْـدَأه

وِلادَةً مِـنْ صِبَاهَـا تَرْضَـعُ الحِقَـبُ

* * * * *

«حَبِيبُ» مَـا زَالَ فِـي عَيْنَيْـكَ أَسْئِلَـةً

تَبْـدُو... وَتَنْسَـى حِكَايَاهَـا فَتَنْتَـقِـبُ

وَمَا تَـزَالُ بِحَلْقِـي أَلْــفُ مُبْكِـيَـةٍ

مِنْ رُهْبـَةِ البَوْحِ تَسْتَحْيِـي وَتَضْطَـرِبُ

يَكْفِيـكَ أَنَّ عِدَانَـا أَهْـدَرُوا دَمَـنَـا

وَنَحْـنُ مِـنْ دَمِنَـا نَحْسُـو وَنَحْتَلِـبُ

سَحَائِـبُ الغَـزْوِ تَشْوِينَـا وَتَحْجِبُـنَـا

يَوْمَاً سَتَحْبَلُ مِـنْ إِرْعَادِنَـا السُّحُـبُ؟

أَلاَ تَـرَى يَـا أَبَـا تَمَّـامَ بَارِقَـنَـا

إِنَّ السَّمَـاءَ تُرَجَّـى حِيـنَ تُحْتَجَـبُ

مومني محمد
2007-08-21, 09:54
--------------------------------------------------------------------------------

الشاعر عبد الرحمن راشد الزياني

سيرة موجزة

- الشاعر عبد الرحمن راشد خميس الزياني، ولد في مدينة المحرق بدولة البحرين حوالي عام 1909. والده ينتمي إلى قبيلة (الزياينة) ، إحدى القبائل العربية التي تنتمي بنسبها إلى بني عدوان ، وقد قدمت إلى البحرين من بلدة (الزيانة) في مكان قريب من مكة المكرمة ، قبل أكثر من مائتي عام . وهي عائلة ميسورة تعمل في التجارة وصيد اللؤلؤ والملاحة في الخليج ، وعرفت في البحرين ومنطقة الخليج بحسن تقبلها وتأقلمها مع مظاهر العصر الحديث في بدايات القرن . ولها تواجد في الكثير من البلاد العربية . أما والدة الشاعر فمن الكويت ، من بني قحطان .

- تربى الشاعر تربية دينية صارمة في منزل العائلة الكبير بالمحرق ، وعاش في كنف والده الذي يعمل (طواشاً) في تجارة اللؤلؤ ، وكان من أكبر وأشهر التجار المتعاملين في شراء وبيع اللؤلؤ بين المنطقة والهند ، ويعد خبيراً في فرز وتثمين اللؤلؤ الطبيعي .

- تلقى الشاعر دروسه الأولى في الكتّاب ، وبعد أن حفظ القرآن الكريم عام 1917 على يد الشيخ محمد الزياني التحق بمدرسة الحاج علي بن إبراهيم الزياني الأهلية ، وهي ذاتها التي قدمها الحاج علي لتكون المقر المؤقت لمدرسة الهداية الخيرية الخليفية عام 1919.

- عند تأسيس مدرسة الهداية الخليفية في مقرها المؤقت التحق الشاعر بها لإكمال دروسه الابتدائية ، وتتلمذ فيها على يد الشيخ حافظ وهبة مدير المدرسة والشيخ عبد العزيز العتيقي والشيخ محمد صولان اليماني . ومن زملائه الطلاب في هذه الفترة ؛ أحمد العمران وعبد الرحمن المعاودة ، وعبد الرحيم رزبة وعبد العزيز الشملان

- وهو في الخامسة عشرة لازم جده الضرير الشيخ الأستاذ خميس بن راشد الزياني ، الذي كان أحد ربابنة البحر المتمرسين ، ومن معلمي فنون الإبحار والاهتداء بالنجوم والمهتمين بالفلك والتاريخ وعلوم الدين ، وواحد ممن استعان بهم مؤلف ( التحفة النبهانية ) كمرجع لتاريخ البحرين . وكان مجلسه اليومي المشهور في مدينة المحرق ملتقى المهتمين بالفكر وطلاب العلم والمشورة ، وكان الصبي بما عرف عنه من ذكاء وحب إطلاع وحسن أداء في القراءة ، يقرأ للجد في ما يختاره للحضور من كتب بصوت جهور ، ويقوم الجد الشيخ بشرح ما خفي وغمض على جلسائه ، أو التعليق عليه والتحاور والمناقشة معهم حوله . وكانت مكتبة الشيخ خميس عامرة بالكتب والمراجع الدينية والتاريخية والشعرية والسير الشعبية . وقد ساهمت كتب التراث العربي هذه في التأسيس لثقافة الشاعر وفي صقل موهبته الشعرية .

- بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي عام 1924 التحق بالعمل مع والده في تجارة اللؤلؤ . وبعد الكساد العالمي المعروف للؤلؤ الطبيعي التحق عام 1934 موظفاً ببلدية المحرق ، واستمر في هذا العمل لتسع سنوات ثم ترك الوظيفة ليعمل مع والده الذي افتتح متجراً لبيع الأخشاب والمواد التموينية .

- تزوج الشاعر عام 1940 من إحدى كريمات عائلة المناعي بالبحرين ، وأنجب منها أربعة أولاد وست بنات ، حرص الشاعر على تربيتهم وتعليمهم تعليماً عالياً .

- في عام 1962 توفيت والدته وهو خارج البلاد ، فترك ذلك أثراً كبيراً في حياة الشاعر حيث تفجرت طاقته الشعرية بقصيدة رثاء لأمه ، ثم انثالت عليه بقية القصائد في السنوات التالية ، فأنشد قصائد بالفصحى في شتى الأغراض ، عدا قصائد قليلة كتبها لتغنى بالعامية مما سيجده القاريء في هذا الديوان . وفي عام 1974 توفي والده . وفي أواخر عام 1963 اشترك مع شقيقه السيد صالح راشد الزياني في تأسيس ورشة للنجارة في منطقة الخميس بالمنامة ، وتولى إدارتها حتى توقفت عن العمل عام 1982.

- الذين عاصروا الشاعر منذ طفولته يصفونه بالذكاء والفطنة وبأنه يتمتع بذاكرة حفظ قوية . وفي داخله إنسان مرح فكه ، لكنه هاديء الطباع ، خجول ، كتوم ، قليل الاختلاط بالناس ، كثير التدخين ، مما أثر على رئته واضطره إلى العلاج في الهند وألمانيا .

- لم يحاول الشاعر نشر نتاجه في حياته عدا قصيدة واحدة نشرتها جريدة الأضواء البحرينية في إحدى مناسبات العيد الوطني المجيد لدولة البحرين . وكان الشاعر كما يقال يخشى النقد الذي قد يأتي لقصائده في غير محله ، وقد أجرت معه جريدة أخبار الخليج مقابله يتيمة في عددها الصادر يوم 9/ 6/ 1977 قال فيها : لا أريد الشهرة ، وأستحي أن يقال لي هذا شاعر ، وأنا أحب أن أحتفظ بقصائدي لي وأعيش مجهولاً . وأمنيتي أن تطبع كل قصائدي في ديوان ، لأن الناس لا تحترم الشاعر إلا بعد موته ، وأعتقد بأن أولادي سينفذون وصيتي هذه بعد موتي .

- في عام 1981 مرض الشاعر ، وظل لست سنوات متعباً في البيت يعاني من ضيق التنفس إلى أن توفاه الله بالمحرق عام 1987 . رحمه الله رحمة واسعة وعفا عنه .

* * *

كيف تهوى - لعبد الرحمن راشد الزياني



--------------------------------------------------------------------------------

حطَّـمَ الحُـبُّ قلبَنـا وتـهاوَتْ

من عُرُوشِ العُلاَ نُفُوسٌ كِـرَام

وَلَزِمْـتُ الهـوى لعلـيَّ أَلْقَـى

منـه يوماً ، والمآسـي نِيَـام

وغدا القلـبُ شاكِيَـاً وكئيبـاً

حين أمسى الهوى عليّ لِـزَام

ورأى الحُـبُّ لَوْعَتِـي وسقـامي

فهو لي طول الحيـاة سقَـام

وترانِـي ألقـى الهَـوَانَ بِحُبِّـي

بعد ما انْفَـكَّ للوِصَالِ حِـزَام

وغَـدَا الحُـبُّ بيننـا كجَحِيـمٍ

كيفَ تَقْوَى على الجحيمِ عِظَام

وَدَعَـا دَاعِـي الهَـوَى فَوَقَفْنَـا

عندَ بابٍ يكتظُّ فيـهِ الزِّحَـام

وَمَشَيْنَـا مَـعَ الْمُحِبِّيـنَ حَتَّـى

قَابَلَتْنَا مَنْ مِيـطَ عَنْهَا اللِّثَـام

طالَعَتْنَا بعـدَ السَّـلامِ وقالـتْ

أينَ مَنْ حَبَّ في الحياةِ وَهَـام

قربتْ نَحْوِي وقالتْ لي يا فتى

كيفَ تَهْوى وأنتَ توَّاً غُـلام

مومني محمد
2007-08-29, 13:05
إبراهيم طوقان





--------------------------------------------------------------------------------

نبذة عن حياة الشاعر إبراهيم طوقان



- وُلدَ الشاعرُ إبراهيمُ عبد الفتاح طوقان في قضاءِ نابلس بفلسطين سنة 1905 م وهو ابن لعائلة طوقان الثرية .

- تلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية في نابلس ، وكانت هذه المدرسة تنهج نهجاً حديثاً مغايراً لما كانت عليه المدارس في أثناء الحكم التركي ؛ وذلك بفضل أساتذتها الذين درسوا في الأزهر ، وتأثروا في مصر بالنهضة الأدبية والشعرية الحديثة .

- ثم أكملَ دراسَتَه الثانوية بمدرسة المطران في الكلية الإنجليزية في القدس عام 1919 حيث قضى فيها أربعة أعوام ، وتتلمذ على يد " نخلة زريق" الذي كان له أثر كبير في اللغة العربية والشعر القديم على إبراهيم .

- بعدها التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1923ومكث فيها ست سنوات نال فيها شهادة الجامعة في الآداب عام 1929م ، ثم عاد ليدرّس في مدرسة النجاح الوطنية بنابلس .

- انتقل للتدريس في الجامعة الأمريكية وعَمِلَ مدرساً للغة العربية في العامين (1931 – 1933 ) ثم عاد بعدها إلى فلسطين .

- وفي العام 1936 تسلم القسم العربي في إذاعة القدس وعُين مُديراً للبرامجِ العربية ، وأقيل من عمله من قبل سلطات الانتداب عام 1940. – ثم انتقل إلى العراق وعملَ مدرساً في مدرسة دار المعلمين ، ثم عاجله المرض فعاد مريضاً إلى وطنه .

- كان إبراهيم مهزول الجسم ، ضعيفاً منذ صغره ، نَمَت معه ثلاث علل حتى قضت عليه ، اشتدت عليه وطأة المرض حيث توفي في مساء يوم الجمعة 2 أيار عام 1941م . وهو في سن الشباب لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره .

- نشر شعره في الصحف والمجلات العربية ، وقد نُشر ديوانه بعد وفاته تحت عنوان: " ديوان إبراهيم طوقان".

أعماله الشعرية:

1. ديوان إبراهيم طوقان (ط 1: دار الشرق الجديد، بيروت، 1955م).

2. ديوان إبراهيم طوقان (ط 2: دار الآداب، بيروت، 1965م).

3. ديوان إبراهيم طوقان (ط 3: دار القدس، بيروت، 1975م).

4. ديوان إبراهيم طوقان (ط 4: دار العودة، بيروت، 1988م).

أعماله الأخرى:

1. الكنوز؛ ما لم يعرف عن إبراهيم طوقان/ مقالات ، أحاديث إذاعية ، قصائد لم تنشر ، رسائل ومواقف . إعداد المتوكل طه (ط 1: دار الأسوار- عكا. ط 2: دار الشروق، عمّان ، بيروت) .





-------------------------------------------------------------------------------

الشاعر المعلم - لإبراهيم طوقان



شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي

قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا

اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً

مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ

كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعَةً

لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولا

حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً

مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا

مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ

وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا

وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى

وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا

لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً

مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا

مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ

أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا

وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي

مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا

وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى

وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى

فَأَرَى (حِمَارَاً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه

رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً

وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ

إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا




--------------------------------------------------------------------------------

مومني محمد
2007-09-04, 18:14
جليلة رضا

ولدت جليلة رضا في الإسكندرية في الحادي والثلاثين من ديسمبر سنة 1915 لأب مصري وأم تركية، وكانت أصغر أخواتها . وكان والدها يعمل في سلك المحاكم الأهلية وينتقل بحكم عمله بين المدن والقرى في صعيد مصر ، فبدأت تعليمها الأولي في مدرسة الفشن الأولية. وعندما رجعت الأسرة إلى الإسكندرية لحقت بمدرسة العروة الوثقى الابتدائية ، ثم انتقلت إلى القاهرة فلحقت بالقسم الداخلي بمدرسة الراعي الصالح الفرنسية بشبرا . ومن هنا كانت فرصتها لإتقان اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية ، وتوغلت في قراءة الأدب والشعر الفرنسيين فظهرت ميولها الأدبية .

وتزوجت رجلاً يعمل في سلك القضاء وأنجبت منه ابنة وابناً أصيب بمرض عقلي لازمه طول حياته فأضفى ذلك على شعرها الحزن والأسى . وبعد أن انفصلت عنه تزوجت محمد السوادي صاحب مجلة « السوادي » ولكن المنية عاجلته مما عمق حزنَها ، وقالت في المناسبتين شعراً .

توجهت بكل مشاعرها إلى إنتاج الشعر العربي وكانت قد بدأت بنظم مجموعة من الأغاني ، وحدث أن جمعتها الصدف في مرضها سنة 1951 بطبيبها الشاعر د. إبراهيم ناجي واطلع على شيء من أشعارها فتهلل وقال وهو يكاد يقفز فرحاً : هذا شعر ناجي الصغير ! ومن هنا كانت بدايتها ورحلتها في عالم الشعر . وساعد على ذيوع شهرتها التقاؤها بالشاعر محمد الأسمر فنشر لها عدداً من قصائدها في صحيفة « الزمان » .

وفي سنة 1952 رحل د. إبراهيم ناجي عن الحياة فطلب منها شقيقه الأكبر محمد ناجي أن تلقي قصيدة في رثائه في رابطة الأدب الحديث ..

وهكذا غشيت المحافل الأدبية لتسهم فيها بأشعارها مما لفت إليها أنظار كبار النقاد ، فقال عنها مصطفى السحرتي : " إنها مفخرة بين لداتها من شاعرات المشرق العربي "، وقال الأستاذ علي الجندي " إنها أشعر شواعر الإقليم الجنوبي ، ويقصد بالإقليم الجنوبي مصر حيث إن هذا الحكم صدر أيام أن كانت الوحدة قائمة بين مصر وسوريا " كما قرر الأستاذ كمال النجمي: " إن الشعر المصري المعاصر كانت بدايته عائشة التيمورية وقد بلغ غايته عند جليلة رضا " وقال الأستاذ أنيس منصور " لقد تأخرت جليلة في نشر اعترافاتها كما تأخرت كثيراً في تقديرها حق قدرها فهي بكل المقاييس كبرى شاعرات العرب . هذا وقد تأثرت جليلة بالثقافة الفرنسية خاصة ، ومن أهم من تأثرت بهم : فكتور هوجو- لامارتين- رامبو- بودلير. وقد ترجمت كثيراً من القصائد الفرنسية إلى العربية .

ومن أهم الجمعيات التي اشتركت فيها : ندوة شعراء العروبة التي أسسها خالد الجرنوسي- رابطة الأدب الحديث - اتحاد الكتاب- لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للفنون والآداب - لجنة الشعر بالمجلس القومي التخصصي .

دواوينها الشعرية هي :

- اللحن الباكي - 1954

- اللحن الثائر - 1956

- الأجنحة البيضاء - 1959

- أنا والليل - 1961

- صلاة إلى الكلمة - 1975

- العودة إلى المحارة – 1982

- لمن أغني -

ولها مسرحية شعرية بعنوان "خدش في الجرة " - 1969.

ولها رواية بعنوان " تحت شجرة الجميز " - 1975.

ولها دراسة بعنوان " وقفة مع الشعر والشعراء " تقع في جزأين .

كما سجلت سيرتها الذاتية في كتاب " صفحات من حياتي " صدر عام 1996.

حصلت على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1983، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عن ديوانها " العودة إلى المحارة " في عام 1983.

ممن كتبوا عنها : عبد المنعم خفاجى ، ومصطفى السحرتي ، وأنيس منصور ، وعبد العزيز شرف .
دعاء شاعرة

يا رَبّ أَعْطِ السَّائِلَ المَحْرومَ أَسبابَ السُّرور

وامْنَحْ لِكُلِّ مُشَرَّدٍ رُكْناً مُوَشّى بِالحَرير

أَطْفِئْ وُقودَ الحَرْبِ في الدُّوَلِ المُؤَجَّجَةِ السَّعير

وَامْحُ الضَّغينَةَ مِنْ فُؤادِ الذِّئْبِ لِلْحَمَلِ الصَّغير

وَعَلى جَبينِ الْكَوْنِ ضَعْ قُبَلَ المَحَبَّةِ والضَّمير

يا رَبّ هَبْ لِلرَّوْضِ بَهْجَتَهُ وَلِلزَّهْرِ العَبير

والعُشَّ لِلْعُصْفورِ وَالْهَمْسَ المُنَغَّمَ لِلْغَدير

وَعَلى فِرَاشِ الأُمِّ أَطْلِقْ ضِحْكَةَ الطِّفْلِ النَّضِير

وَامْنَحْ جَمِيعَ الكَوْنِ أَسْبَابَ السَّعَادَةِ وَالسُّرُور

وَأَنا ؟ أنا يا رَبُّ جُزْءٌ مِنْ هَوَاكَ وَمِنْ سَنَاه

ما دُمْتَ أَنْتَ تُحِبُّني ماذا أُريدُ مِنَ الحَياة ..؟

مومني محمد
2007-09-05, 19:48
إلياس فرحات:

(1893-1976)

ولد الشاعر اللبناني المهجري الكبير إلياس فرحات في نوفمبر سنة 1893 بقرية " كفر شيما " بجبل لبنان والتحق بالمدرسة الأولية ليتعلم، ولكن لم يستمر بها طويلاً إذ خرج بعدها إلى الكفاح من أجل الرزق. وفى فترات فراغه كان يقول الشعر العامي، ومن الشعر العامي تدرَّج إلى الشعر العربي، وبهذه البضاعة البسيطة من العِلْم نزح من لبنان إلى البرازيل سعياً وراء الرزق، وذلك عام 1915 وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره. وكان في جعبته يوم هِجْرَتِهِ خصلة شَعْر من فتاة أحبها، لكنها زُفَّتْ إلى غيره بسلطان الأهل والمال. وقال فيها:

خصلة الشعر التي أهديتنيها عندما البين دعاني بالنفير

لَم أزل أتلو سطور الحب فيها وسأتلوها إلى اليوم الأخير

وعاش إلياس في مهجره حياة كفاح ومشقة، فكان يصنع الأطعمة الشرقية ويتجر فيها، فلم يصادف رواجاً وأخيراً حمل الكشة (وهى صندوق من الزنك) على ظهره، وأخذ يطوف بالقرى يبيع مساطر التجار لحسابهم، وظل لمدة عشرين عاماً في هذا الكفاح المرير، يجوع ويعرى ويعيش في غرفة حقيرة، وهو لا يملك إلا ثوباً بسيطاً. وفى سنة 1918 حلَّت به النكبة الكبرى باحتراق طرف ثوبه واتفق أصحابه على شراء بدلة له بالأجل ليستطيع الانتقال بين مختلف ولايات البرازيل، باعتباره ممثلاً لمجلة الدليل في العاصمة. ولكن لازمه سوء حظه فاحترق كُمّ ردائه الجديد، الذي أحرقته شرارة من مدخنة القطار قبل المحطة الأولى وبعث لأصحابه أبيات شعر يقول فيها:

كأنّ الهواء مع النار لَمَّا رآني لبست الجديد اتفق

فجاء بها من دخان القطار ونثرها فوقـه فاحتـرق

فقلت أعاتب ربى مشيراً إلى الحرق وهو كباب النفق

إلهي، تضن علىّ بثوب وتكسو الغصون ثياب الورق

ولو كنت غصناً لجددته حتى إذا ما الربيع انطلق

ولكن أرى دون تجديده شقاء الأسى وسيول العرق

وقد تزوج إلياس فرحات عام 1921، وبعد عشرين عاماً من المشقة صلحت أحواله بعد كل هذا الشقاء والجوع والعرى والحرمان. وفى عام 1959 زار مصر بعد الوحدة بين مصر وسوريا، وتغنى بالعروبة والوحدة. وقال متأثراً: " ما فارقت هذه البلاد قط، فقد حملتها معي إلى المهجر ". وقد قال في مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:

غمر الأرض بأنوار النبوة كوكب لم تدرك الشمس علوه

بينما الكون ظلام دامس فتحت في مكة للنور كوة

وهو يعتز بعروبته فيقول:

إنّـا وإن تكن الشآم ديارنا فقلوبنا للعُـرْب بالإجْمَـال

نهوى العراق ورافديه وما على أرض الجزيرة من حصى ورمال

وإذا ذكرت لنا الكنانة خلتنا نروى بسائغ نيلها السلسال

ثم ظل إلياس فرحات يتغنى بالحب والحرية والعروبة والتسامح حتى رحل عن الحياة في عام 1976 في مهجره بالبرازيل.

* * *
خصلة الشَّعر - لإلياس فرحات



--------------------------------------------------------------------------------

خُصْلَةُ الشَّعْـرِ التي أَعْطَيْتِنِيهَا عِنْدَمَا البَيْـنُ دَعَانِي بِالنَّفِيـرْ

لَمْ أَزَلْ أَتْلُو سُطُـورَ الحُبِّ فِيهَا وَسَأَتْلُـوهَا إِلَى اليَوْمِ الأَخِيـرْ

***

خُنْتِ عَهْدَ الحُبِّ لا بَأْسَ فَإنِّي مُكْتَـفٍ بِالأَثَـرِ الغَالِي الثَّمِينْ

فَإِذَا مَا عُـدْتُ أَحْيَا بِالتَّمَنِّي بَعْدَ أَنْ مَنَّيْتِنِـي عَشْرَ سِنِيـنْ

أَحْمَـدُ اللهَ فَمَا الإخْلافُ مِنِّي إِنَّنِي كُنْتُ لَكِ الصَّـبَّ الأَمِينْ

رَاجِعِي سِيـرَةَ حُبِّي .. رَاجِعِيهَا فَهْيَ نُـورٌ سَاطِـعٌ لِلْمُسْتَنِيرْ

وَإِذَا مَـرَّتْ بِكِ الرِّيحُ سَلِيهَا إِنَّهَا تَعْـرِفُ مِنْ أَمْرِي الكَثِيرْ

***

هَيْكَلُ الحُـبِّ تَدَاعَى وَتَرَامَى تَارِكَاً لِلْعَيْـنِ أَطْلالَ الوَفَـاءْ

كُتُبَاً تُوقِـظُ فِي قَلْبِي الهِيَامَا كُلَّمَا نَامَ عَلَى ذِكْـرِ الجَفَـاءْ

إِنَّنِي أَرْنُـو إِلِى الخَطِّ احْتِرَامَا فَأَرَى فِي الخَطِّ أَنْقَاضَ الرَّجَاءْ

وَأَرَى الأَسْطُـرَ آثَارَاً تَقِيهَا غَيْرَتِي الشَّمَّاءُ مِنْ عَبَثِ العُصُورْ

وَأَرَى الحِبْرَ وَقَدْ جَـفَّ شَبِيهَا بِدَمٍ جَفَّ عَلَى بَعْضِ الصُّخُورْ

***

وَأَرَى فِيمَا أَرَى شَكْـلاً فَظِيعَا خُصْلَـةَ الشَّعْرِ أَرَاهَا فَإِخَالْ

جُثَّـةَ الحُبِّ وَقَدْ خَـرَّ صَرِيعَا تَحْتَ أَنْقَاضٍ عَلَيْهَا الدَّمْعُ سَالْ

فَيَفِيض القَلْبُ مِنْ عَيْنِي دُمُوعَا وَتَرُوح الرُّوحُ عَنْ دُنْيَا الضَّلالْ

تِلْكَ آثَـارُ هَوَانَا فَانْظُـرِيهَا تَعْلَمِي مَاذَا جَنَى ذَاكَ الغُـرُورْ

وَدُمُـوعٌ صُنْتِهَا لا تَذْرِفِيهَا لَيْسَ يَمْحُو جُرْمَكِ الدَّمْعُ الغَزِيرْ

***

رَبْطَة القَلْبَيْنِ حَلَّتْهَا يَـدَاكِ وَيَدِيْ تَأْبَى امْتِهَانَ الشَّعَـرَاتْ

لَمْ يُحَرِّكْهَا إِلَى الإِثْمِ جَفَـاكِ فَهْيَ لا تَعْرِفُ غَيْرَ الحَسَنَـاتْ

لَمْسُهَا مَجْمُوعَة الشَّعْـرِ يُحَاكِي لَمْسَ هَذَا الثَّغْر تِلْكَ الوَجَنَـاتْ

إِنْ أَعُدْ بَعْـدَ التَّنَائِي تُبْصِريهَا مِثْلَمَا سَلِّمْتِهَا يَـوْمَ المَسِيـرْ

فَهْيَ كَالطِفْلَـةِ فِي حِضْنِ أَبِيهَا لا تَرَى إلا حَنَانَاً وَشُعُـورْ

***

هِيَ أَصْفَى مِنْكِ حُبَّـاً وَودَادَا هِيَ أَوْفَى مِنْكِ رَعْيـَاً لِلذِّمَمْ

هِيَ فِي غَيِّ الصِّبَا لَمْ تَتَمَـادَى هِيَ لَمْ تَتْبَعْ هَوَىً جَـرَّ نَدَمْ

أَنْتِ قَوَّضْتِ مِنَ الحُـبِّ العِمَادَا أَنْتِ خُنْتِ العَهْدَ عَمْدَاً وَهْيَ لَمْ

لَمْ تُرَاوِغْ، لَمْ تُرِ الصَّـبَّ بِفِيهَا عَسَلاً ، وَالخَلّ فِي القَلْبِ يَفُورْ

قَد وَفَتْنِـي ، وَأَنَا أَيْضَاً أَفِيهَا فَكِلانَا حَافِـظٌ عَهْـدَ العَشِيرْ

***

كُلَّمَا أَذْكُـرُ أَيَّـامَ صِبَانَا وَلَيَالِيهَا اللَّذِيـذَاتِ العِـذَابْ

تَصْهَرُ الأَحْزَانُ فِي صَدْرِي الجَنَانَا فَأُقَاسِي كُلَّ أَنْـوَاعِ العَـذَابْ

فَإِذَا أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمَـوْتَ حَانَا وَتَصَـوَّرْتُ نُزُولِي فِي التُّرَابْ

نَشْقَةٌ مِنْ خُصْلَـةِ الشَّعْرِ تَلِيهَا قُبْلَةٌ تُخْمِـدُ ذَيَّـاكَ السَّعِيرْ

فَتَخُوض النَّفْسُ بَحْرَ الأُنْسِ تِيهَا وَيَزُول اليَأْسُ عَنْ قَلْبِي الكَسِيرْ

* * * * *

مومني محمد
2007-09-05, 19:50
نبذة عن حياة بيرم التونسي



--------------------------------------------------------------------------------

بيرم التونسي : (1893- 1961)

ولد الشاعر الشعبي محمود بيرم التونسي في الإسكندرية في 3 مارس 1893م ، وسمي التونسي لأن جده لأبيه كان تونسياً ، وقد عاش طفولته في حي شعبي يدعى " السيالة " ، إلتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله ، ثم كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ ، فأرسله والده إلى المعهد الديني وكان مقره مسجد أبي العباس ، مات والده وهو في الرابعة عشرة من عمره ، فانقطع عن المعهد وارتد إلى دكان أبيه ولكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين .

كان محمود بيرم التونسي ذكياً يحب المطالعة تساعده على ذلك حافظة قوية ، فهو يقرأ ويهضم ما يقرؤه في قدرة عجيبة ، بدأت شهرته عندما كتب قصيدته " بائع الفجل " التي ينتقد فيها المجلس البلدي في الإسكندرية الذي فرض الضرائب الباهظة وأثقل كاهل السكان بحجة النهوض بالعمران ، وبعد هذه القصيدة انفتحت أمامه أبواب الفن فانطلق في طريقها ودخلها من أوسع الأبواب .

أصدر مجلة المسلة في عام 1919 م وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلة .

نفي إلى تونس بسبب مقالة هاجم فيها زوج الأميرة ( فوقية ) ابنة الملك فؤاد ، ولكنه لم يطق العيش في تونس فسافر إلى فرنسا ليعمل حمّالاً في ميناء ( مرسيليا ) لمدة سنتين ، وبعدها استطاع أن يزوّر جواز سفر له ليعود به إلى مصر ، فيعود إلى أزجاله النارية التي ينتقد فيها السلطة والاستعمار آنذاك ، ولكن يلقى عليه القبض مرة أخرى لتنفيه السلطات إلى فرنسا ويعمل هناك في شركة للصناعات الكيماوية ولكنه يُفصل من عمله بسبب مرض أصابه فيعيش حياة ضنكاً ويواجه أياماً قاسية ملؤها الجوع والتشرد ، ورغم قسوة ظروف الحياة على بيرم إلا أنه استمر في كتابة أزجاله وهو بعيد عن أرض وطنه ، فقد كان يشعر بحال شعبه ومعاناته وفقره المدقع . وفي عام 1932 يتم ترحيل الشاعر من فرنسا إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب فأخذ بيرم يتنقل بين لبنان وسوريا ولكن السلطات الفرنسية قررت إبعاده عن سوريا لتستريح من أزجاله الساخرة واللاذعة إلى إحدى الدول الأفريقية ولكن القدر يعيد بيرم إلى مصر عندما كان في طريق الإبعاد لتقف الباخرة التي تُقلّه بميناء " بور سعيد " فيقف بيرم باكياً حزيناً وهو يرى مدينة بور سعيد من بعيد ، فيصادف أحد الركّاب ليحكي له قصته فيعرض هذا الشخص على بيرم على بيرم النزول النزول في مدينة بور سعيد ، وبالفعل استطاع هذا الشخص أن يحرر بيرم من أمواج البحر ليجد نفسه في أحضان مصر .

بعدها أسرع بيرم لملاقاة أهله وأسرته ، ثم يقدم التماساً إلى القصر بواسطة أحدهم فيعفى عنه وذلك بعد أن تربع الملك فاروق على عرش مصر فعمل كاتباً في أخبار اليوم وبعدها عمل في جريدة المصري ثم نجح بيرم في الحصول على الجنسية المصرية فيذهب للعمل في جريدة الجمهورية ، وقد قدّم بيرم أعمالاً أدبية مشهورة ، وقد كان أغلبها أعمالاً إذاعية منها ( سيرة الظاهر بيبرس ) و ( عزيزة ويونس ) وفي سنة 1960م يمنحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية لمجهوداته في عالم الأدب . ولكن مرض الربو وثقل السنين يتمكنا من شاعرنا ليتوفى في 5 يناير 1961م .

غنّت له أم كلثوم عدة قصائد مما ساعد على انتشاره في جميع الأقطار العربية ، وظل إلى آخر لحظة في حياته من حملة الأقلام الحرة الجريئة ، وأصحاب الكلمات الحرة المضيئة حتى تمكن منه مرض الربو وثقل السنين فيتوفى في 5 يناير 1961م بعد أن عاش 69 عاماً .


المجلس البلدي - لبيرم التونسي



--------------------------------------------------------------------------------




قد أوقعَ القلبَ في الأشجانِ والكَمَدِ

هوى حبيبٍ يُسَمّى المجلس البلدي

أمشي وأكتمُ أنفاسي مخافة َ أنْ

يعدّهـا عاملٌ للمجلسِ البلـدي

ما شَرَّدَ النومَ عن جفني القريحِ سوى

طيف الخيالِ خيال المجلسِ البلدي

إذا الرغيفُ أتى ، فالنصف ُ آكُلُهُ

والنصفُ أتركُه للمجلس البلدي

وإنْ جلستُ فجَيْبِـي لستُ أتركُهُ

خوفَ اللصوصِ وخوفَ المجلسِ البلدي

وما كسوتُ عيالي في الشتاءِ ولا

في الصيفِ إلاَّ كسوتُ المجلسَ البلدي

كَــأنَّ أٌمّي بَلَّ اللهُ تُربتها

أوصَتْ فقالت : أخوك المجلس البلدي

أخشى الزواجَ إذا يوم الزفافِ أتى

أن يَنْبَرِي لعروسي المجلسُ البلدي

ورُبَّمَا وَهَبَ الرحمنُ لي ولداً

في بَطْنِهـا يَدَّعيه المجلس البلدي

وإنْ أقمتُ صلاتي قلتُ مُفتتحاً

اللهُ أكبرُ باسم المجلـس البلــدي

أستغفرُ الله حتى في الصلاةِ غَدَتْ

عِبادتي نصفُها للمجلـس البلـدي

يا بائعَ الفجلِ بالمِلِّيـمِ واحدةً

كم للعيالِ وكم للمجلسِ البلدي

مومني محمد
2007-09-05, 19:52
توفيق زياد (1929-1994م)

- ولد توفيق أمين زيَّاد في مدينة الناصرة في السابع من أيار عام 1929 م .

- تعلم في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة ، وهناك بدأت تتبلور شخصيته السياسية وبرزت لديه موهبة الشعر ، ثم ذهب إلى موسكو ليدرس الأدب السوفييتي .

- شارك طيلة السنوات التي عاشها في حياة الفلسطينيين السياسية في إسرائيل، وناضل من أجل حقوق شعبه.

- شغل منصب رئيس بلدية الناصرة ثلاث فترات انتخابية (1975 – 1994)، وكان عضو كنيست في ست دورات عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي ومن ثم عن القائمة الجديدة للحزب الشيوعي وفيما بعد عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة .

- رحل توفيق زياد نتيجة حادث طرق مروع وقع في الخامس من تموز من عام 1994 وهو في طريقه لاستقبال ياسر عرفات عائداً إلى أريحا بعد اتفاقيات اوسلو.

- ترجم من الأدب الروسي ومن أعمال الشاعر التركي ناظم حكم.

أعماله الشعرية :

1. أشدّ على أياديكم ( مطبعة الاتحاد ، حيفا ، 1966م ) .
2. أدفنوا موتاكم وانهضوا ( دار العودة ، بيروت ، 1969م ) .
3. أغنيات الثورة والغضب ( بيروت ، 1969م ) .
4. أم درمان المنجل والسيف والنغم ( دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
5. شيوعيون ( دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
6. كلمات مقاتلة ( دار الجليل للطباعة والنشر ، عكا ، 1970م ) .
7. عمان في أيلول ( مطبعة الاتحاد ، حيفا ، 1971م ) .
8. تَهليلة الموت والشهادة (دار العودة ، بيروت ، 1972م ) .
9. سجناء الحرية وقصائد أخرى ممنوعة (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1973م).
10. الأعمال الشعرية الكاملة ( دار العودة ، بيروت ، 1971م ) . يشمل ثلاثة دواوين :
- أشدّ على أياديكم .
- ادفنوا موتاكم وانهضوا .
- أغنيات الثورة والغضب .
11. الأعمال الشعرية الكاملة ( الأسوار، عكا، 1985م ) .
أعماله الأخرى :
1. عن الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة ( دار العودة ، بيروت ، 1970م ) .
2. نصراوي في الساحة الحمراء / يوميات ( مطبعة النهضة ، الناصرة ، 1973م .
3. صور من الأدب الشعبي الفلسطيني / دراسة ( المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، 1974م ) .
4. حال الدنيا / حكايات فولكلورية ( دار الحرية ، الناصرة ، 1975م ) .

أشدّ على أياديكم - توفيق زياد

أُنَادِيكُمْ

أَشدُّ عَلَى أَيَادِيكُم ..

أَبُوسُ الأَرْضَ تَحْتَ نِعَالِكُم

وَأَقُولُ: أَفْدِيكُم

وَأُهْدِيكُم ضِيَا عَيْنِي

وَدِفْءَ القَلْبِ أُعْطِيكُم

فَمَأْسَاتِي التي أَحْيَا

نَصِيبِي مِنْ مَآسِيكُم.

أُنَادِيكُمْ

أَشدُّ عَلَى أَيَادِيكُم ..

أَنَا مَا هُنْتُ في وَطَنِي وَلا صَغَّرْتُ أَكْتَافِي

وَقَفْتُ بِوَجْهِ ظُلاَّمِي

يَتِيمَاً ، عَارِيَاً ، حَافِي

حَمَلْتُ دَمِي عَلَى كَفِّي

وَمَا نَكَّسْتُ أَعْلامِي

وَصُنْتُ العُشْبَ فَوْقَ قُبُورِ أَسْلاَفِي

أُنَادِيكُمْ ... أَشدُّ عَلَى أَيَادِيكُم !!

مومني محمد
2007-09-05, 19:56
ولد الشاعر جمال قعوار في الناصرة في 19 / 12 / 1930 .

تلقى دروسه الإبتدائية والثانوية في الناصرة .

عمل معلماً للغة العربية في دار المعلمين العرب بحيفا ، ثم التحق بجامعة حيفا وحصل على شهادته الجامعية الأولى " B.a. " في اللغة العربية وآدابها والتربية ، ثم عمل مدرساً للغة العربية فيها .

التحق بالجامعة العبرية في القدس وحصل على شهادة الماجستير " M.a. " في اللغة العربية .

التحق بجامعة تل أبيب وحصل على شهادة الدكتوراة وكانت رسالته للدكتوراة في موضوع إعراب القرآن الكريم وعلاقته بعلمي التفسير والنحو .

عمل مدرساً للغة العربية وآدابها في كلية إعداد المعلمين العرب في حيفا وفي جامعة حيفا . وهو الآن يشغل منصب رئيس تحرير مجلة " المواكب " الثقافية ويعيش مع زوجته وأولاده في الناصرة .

يعد من أغزر الشعراء إنتاجاً ، وأجودهم شعراً وقد واكب حركتنا الشعرية والأدبية منذ أواسط الخمسينات ، حيث صدرت مجموعته الشعرية الأولى "سلمى " عام 1956 . ثم أصدر بعد ذلك مجموعات شعرية متعددة ، من مؤلفاته :

• سلمى - 1956 .
• أغنيات من الجليل - 1958 .
• الريح والشراع - 1973 .
• غبار السفر - 1973 .
• أقمار في دروب الليل - 1979 .
• الريح والجدار - 1979 .
• الجدار - 1981 .
• ليلى المريضة - 1981 .
• بيروت - 1982 .
• أيلول - 1985 .
• زينب – 1989 .
• الترياق – 1990 .
• بريق السواد – 1992 .
• لا تحزني – 1994 .
• لوحات غنائية – 1995 .
• مواسم الذكرى – 1996 .
• شجون الوجيب – 1998 .
• قصائد من مسيرة العشق – 2000 .
• عبير الدماء – 2001 .
• في مواسم الضياع – 2002 .


• إعراب القرآن الكريم - 1987 .
• عبير الياسمين – 1990 (رواية) .
• نحو فهم النحو – 1994 .

أصدر بالمشاركة مع الشاعر جورج نجيب خليل مجموعة أناشيد مدرسية بعنوان " ألحان الطالب " .

وأصدر بمشاركة الدكتور محمود عباسي مجموعة من قصص الشعوب والفولكلور والتراث العربي أُعِدَّت للأحداث وعددها (20) كتاباً .

زينب - للشاعر د. جمال قعوار

غَذِّ انطلاقَكَ يا جَنَاحُ
واخفقْ ! فقد ضحكَ الصباحُ


واطوِ المدى , فكما تشاءُ
وتشتهي تجري الرياحُ


طِرْ بي إلى القمرِ الذي
في جوِّهِ يحلو الصُّداحُ


لا يَسْعَدِ العشَّاقُ إلاَّ
إنْ هُمُ شَرَحُوا وباحُوا


وتَكَثَّرُوا ذِكْرَ الحبيب
فذكْرُهُ شدوٌ وراحُ


***

يا زينبُ انطلقي !
جدائلُكِ السنابلُ والمَرَاحُ


وتلفَّتِي ! فوميضُ عينيكِ
الحواكيرُ الفساحُ


ورقيقُ همستكِ الغديرُ
وماؤهُ العذبُ القَرَاحُ


وكريمُ خُلْقِكِ بعضُهُ
كَرَمُ العروبةِ والسَّماحُ


فإذا تمادى الليلُ
بددهُ الصباحُ وَالاصْطِبَاحُ


جَدَّ الفجورُ فلم يحاذِرْهُ
التصدّي والكفاحُ


واعتزَّ بالأمجادِ ميدانُ الصمودِ
فلا بَرَاحُ


يا زينبُ انتظري !
إن مدَّ مدُّ الشرِّ أو جَمَحَ الجِمَاحُ


أم ننزوي إن جُنَّتِ الدنيا
فأجهشتِ الملاحُ


وذَرَتْ لآليءَ أدمعٍ
وابتل بالدمعِ الوشاحُ


يا زينبُ انتظري الربيعَ
فقد تعهدت القداحُ


ومضاءُ عزمِكِ إن أرادَ
تَهيَّأ القدرُ المتاحُ


عن ديوانه " زينب " .

مومني محمد
2007-09-05, 19:58
نبذة عن حياة حسن كامل الصيرفي



--------------------------------------------------------------------------------

حسن كامل الصيرفي

( 1908- 1984)

ولد حسن كامل الصيرفي بمدينة دمياط بدلتا مصر سنة 1908م، وتلقَّى دراسته الأولية والابتدائية بمدارسها ، وبعد استكمال دراسته بمدرسة الفنون والصنائع المتوسطة عمل بعدة وظائف في القاهرة ثم انضم لجماعة "أبولّو" (1932- 1934) التي أسسها الدكتور أحمد زكي أبو شادي.

نشر بمجلة أبولو بواكير شعره الأولى، وأصدر بمساندتها ديوانه الأول " الألحان الضائعة" سنة 1934، حيث لاحظ النقاد غلبة طابع الحزن والتشاؤم على قصائده، وبرَّر حسن كامل ذلك بقوله:" لقد بليت في حياتي الأدبية بصنوف من الجحود ساعد عليه انزوائي عن عالم التهريج وعزوفي عن الجري وراء شهرة لا يتكسبها الإنسان إلا بأشياء لا تريح ضميره " بله ضمير الناقد النزيه".

وبالفعل عاش الشاعر بقية حياته منزوياً بعيداً عن الأضواء حتى رحل عن الحياة.

ثم توالى إصدار دواوينه الشعرية بعد ديوانه الأول فأصدر ديوان "الشروق" (1947)، ثم ديوان " صدى ونور ودموع"، و"عودة الوحي"، و"شهرزاد"، و"زاد المسافر"، و"النبع"، و"نوافذ الضياء"، و"صلواتي أنا".

وقد تزوج إحدى قريبات د. أحمد زكي أبو شادي.

شارك في تحقيق العديد من كتب التراث ودواوين الشعر العربي منها تحقيقه لديوان البحتري .

وإذا كان حسن كامل الصيرفي قد نشر شعره ودراساته النقدية في مجلة أبوللو ( 1932 – 1934 ) فقد امتد نشاطه في بداية شبابه ليعاون في تحرير مجلة العصور التي أصدرها إسماعيل مظهر في أواخر العشرينيات من القرن العشرين, ونشر فيها قصائده الأولى, ثم تابع نشر إنتاجه في مجلة المقتطف في أوائل الثلاثينيات وأسهم في تحرير الصفحات الأدبية في بعض الصحف مثل الجهاد والضياء والوادي.

ظل الصيرفي يتابع جهوده في المجال الأدبي حتى انتدبته وزارة الإرشاد القومي ( الثقافة الآن ) سنة 1956 للمشاركة في إصدار مجلة " المجلة " مع د. حسين فوزي وعلي الراعي ويحيى حقي.

ظل حسن كامل الصيرفي في السنوات العشرين الأخيرة من حياته بعيداً عن الحياة الثقافية حتى قيضت له الظروف السياسية من اهتم بشعره فاصدر ستة دواوين شعرية مرة واحدة عن دار المعارف في نهاية السبعينيات من القرن العشرين.

رغم ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية في الشعر أكثر من مرة إلا انه لم يظفر بها مما زاد في كآبته, فقضى أعوامه الأخيرة مريضاً ينتقل من مستشفى إلا مستشفى حتى رحل عن الحياة في 20 مايو سنة 1984 بعد أن ترك لنا أعماله الأدبية العديدة التي عوضته عن عدم إنجابه للأولاد.
سفراء النغم - لحسن كامل الصيرفي



سفراء النغم

أنا، والمساءُ، وهذهِ النَّجْمَـةْ

سُفَـرَاء شِعْـرٍ قد عَلوا قِمَّـة

يَتَلَقَّفُـونَ الوَحْيَ مِنْ شَفَـةٍ

تَجِرِي عَلَى هَمَسَاتِهَا الحِكْمَـةْ

شَقَّوا حِجَابَ الليلِ، وانْتَزَعُوا

أَسْـرَارَهُ، وَتَعَقَّبُـوا الظُّلْمَـةْ

فَمَحوا كَتَائِبَهَا وَمَا تَرَكَـتْ

في النَّفْسِ مِنْ يَأْسٍ وَمِنْ غُمَّـةْ

وَحَنَوا عَلَى الأَمَلِ الخَفُوقِ يَدَاً

تُحْيِي الرَّجَاءَ، فَأَمَّنْـتْ نَوْمَـهْ

صَاغوا لِهَذا الفَجْرِ رَوْعَتَـهُ

وهَدوا لِمَهْدِ جُفُونِـهِ حُلْمَـهْ

حَتَّى إِذَا طَلـعَ النَّهارُ بَـدَا

لا جهْمَـةً فيـهِ ولا غَيْمَـةْ

رَسَمُوا لأهلِ الأرضِ في نَسَقٍ

حُسْنَ الجِنَانِ، فَأَتْقَنُوا رَسْمَـهْ

وَتَأَرَّجُـوا عِطْـرَاً يُرَاوِحُهَـا

نَسْمَاً يُعَانِقُ أُخْتَـهُ النَّسْمَـةْ

وَجَلُوا عَلَى الدُّنْيَا مَحَاسِنَهُمْ

هِبَـة الفَرَادِسِ تَنْشُرُ الرَّحْمَـةْ

* * *

أنا، والمساءُ، وهذهِ النَّجْمَـةْ

كَلِـمٌ تُجَمِّعُ شَمْلَهَا نَغْمَـةْ

الحُسْنُ وَحْيٌ، وَالمَسَـاءُ لَـهُ

سِحْرٌ، وَشِعْرِي حَوْلَـهُ نَغْمَـةْ

مومني محمد
2007-09-05, 20:00
نبذة عن حياة حفني ناصف



--------------------------------------------------------------------------------

حفنـي ناصف

(1856- 1919)

ولد حفني ناصف بالقاهرة يوم 16 / 9 / 1856م وتعلم بمدارسها ثم درس في الأزهر الشريف، ولما تخرج فيه شغل عدة وظائف في القضاء. وقد نشأ حفني منذ صغره محباً للأدب محباً للشعر. وقد تقلّب في سلك التعليم من وظيفة مدرّس للغة العربية، وترقّى حتى وصل إلى مرتبة المفتش الأول للغة العربية.

وفي سنة 1914 أحالت وزارة المعارف المصرية إلى حفني ناصف تطبيق رسم المصحف الشريف الذي طبعته على رسم مصحف الإمام عثمان بن عفان، وعاونه في هذا العمل أحمد السكندري والشيخ مصطفى العناني.

وفي أثناء ذلك بلغ حفني ناصف الستين من عمره فأحيل إلى المعاش، مع بقاء مهمة طبع المصحف مسندة إليه وإلى زميليه، وقبل أن يحلّ ميعاد اعتزاله لوظيفته بعشرين يوماً كتب يقول:

برزتُ في سحرِ البيـا نِ وشابَ فيه مفرقي

فقضيتُ عمري والبلا غة سابقاً لم أُلحـقِ

فاتَ الكثيرُ من الحيـا ةِ وقلَّ منها ما بقي

ومن القصص العجيبة التي ترتبط بحفني ناصف أنه كان أحد العلماء والأدباء الستة، الذين وقفوا سنة 1905 على قبر الإمام محمد عبدة يوم وفاته يرثونه حسب الترتيب: الشيخ أحمد أبو عطوة، حسن عاصم باشا، حسن عبد الرازق باشا الكبير، قاسم بك أمين، حفني ناصف، حافظ إبراهيم.

وقد اتفق أن مات الأربعة الأولون بهذا الترتيب ولاحظ حفني ناصف ذلك يوماً، وكان حافظ إبراهيم قد مرض وخاف على نفسه من الموت، فبعث إليه حفني يطمئنه بهذه الأبيات:

أتذكـرُ إذ كُنَّا على القبرِ ستـةً نعـدِّدُ آثـارَ الإمـامِ وننـدُبُ

وقفنا بترتيـبٍٍ وقـد دبَّ بيننـا مَمَـاتٌ على وفْقِ الرثـاء مُرَتَّبُ

أبو خطـوةٌ ولَّى، وقَفَّـاه عاصمٌ وجـاء لعبدِ الرازق الموتُ يطلبُ

فلبّى وغابت بعده شَمْسُ قاسـمٍ وعمّـا قليلٍ نَجْم مَحْياي يغرب

فلا تخشَ هلكاً ما حييت وإن أمت فما أنت إلا خائـف تترقَّـبُ

فخاطر، وقَعْ تحت القطار ولا تخف ونَمْ تحت بيتِ الوقْفِ وهو مُخَرَّبُ

وخُضْ لُجَـج الهيجاءِ أعزلَ آمناً فإن المنايا عنك تنـأى وتَهربُ

وفي سنة 1918 أصيب حفني ناصف بشلل جزئي فزاد تشاؤمه، وعزَّ رجاؤه في حياة قضاها في جهاد وعناء، ثم شفي وعاد إلى مراجعة المصحف الشريف الذي تطبعه وزارة المعارف، ولكنه يفجع بوفاة ابنته مَلَك " باحثة البادية" في تشرين أول (أكتوبر) سنة 1918، وحضر حفلَ تأبينها في الجامعة المصرية محمولاً لفرط ما أصابه من ضعفٍ وهمٍّ ومرض، حتى إذا وقف حافظ يرثيها قال:

وتركتِ شيخَكِ لا يَعِي هل غابَ زيدٌ أو حَضَر

ثَمِلاً تُرَنِّحُـه الهمُو مُ إذا تَمايلَ أو خَطَـر

كالفَرْعِ هزَّتـهُ العوا صفُ فالتوى ثم انْكَسَر

وعندما أنشد حافظ ذلك بكى حفني بك، وحملوه وهو يبكي، ثم فقد رشده بضعة أيام حتى لحق بابنته في يوم الثلاثاء 24 جمادى الأولى سنة 1337 هـ، الموافق 25 شباط 1919م وكأنهما كانا على ميعاد، بعد أن ترك تراثاً أدبياً خالداً.

من مؤلفاته:

"تاريخ الأدب- أو حياة اللغة العربية"، "مميزات لغات العرب"، ورسالة في "المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري"، واشترك في تأليف "الدروس النحوية".
وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه "شعر حفني ناصف".


نبذة عن حياة حفني ناصف



--------------------------------------------------------------------------------

حفنـي ناصف

(1856- 1919)

ولد حفني ناصف بالقاهرة يوم 16 / 9 / 1856م وتعلم بمدارسها ثم درس في الأزهر الشريف، ولما تخرج فيه شغل عدة وظائف في القضاء. وقد نشأ حفني منذ صغره محباً للأدب محباً للشعر. وقد تقلّب في سلك التعليم من وظيفة مدرّس للغة العربية، وترقّى حتى وصل إلى مرتبة المفتش الأول للغة العربية.

وفي سنة 1914 أحالت وزارة المعارف المصرية إلى حفني ناصف تطبيق رسم المصحف الشريف الذي طبعته على رسم مصحف الإمام عثمان بن عفان، وعاونه في هذا العمل أحمد السكندري والشيخ مصطفى العناني.

وفي أثناء ذلك بلغ حفني ناصف الستين من عمره فأحيل إلى المعاش، مع بقاء مهمة طبع المصحف مسندة إليه وإلى زميليه، وقبل أن يحلّ ميعاد اعتزاله لوظيفته بعشرين يوماً كتب يقول:

برزتُ في سحرِ البيـا نِ وشابَ فيه مفرقي

فقضيتُ عمري والبلا غة سابقاً لم أُلحـقِ

فاتَ الكثيرُ من الحيـا ةِ وقلَّ منها ما بقي

ومن القصص العجيبة التي ترتبط بحفني ناصف أنه كان أحد العلماء والأدباء الستة، الذين وقفوا سنة 1905 على قبر الإمام محمد عبدة يوم وفاته يرثونه حسب الترتيب: الشيخ أحمد أبو عطوة، حسن عاصم باشا، حسن عبد الرازق باشا الكبير، قاسم بك أمين، حفني ناصف، حافظ إبراهيم.

وقد اتفق أن مات الأربعة الأولون بهذا الترتيب ولاحظ حفني ناصف ذلك يوماً، وكان حافظ إبراهيم قد مرض وخاف على نفسه من الموت، فبعث إليه حفني يطمئنه بهذه الأبيات:

أتذكـرُ إذ كُنَّا على القبرِ ستـةً نعـدِّدُ آثـارَ الإمـامِ وننـدُبُ

وقفنا بترتيـبٍٍ وقـد دبَّ بيننـا مَمَـاتٌ على وفْقِ الرثـاء مُرَتَّبُ

أبو خطـوةٌ ولَّى، وقَفَّـاه عاصمٌ وجـاء لعبدِ الرازق الموتُ يطلبُ

فلبّى وغابت بعده شَمْسُ قاسـمٍ وعمّـا قليلٍ نَجْم مَحْياي يغرب

فلا تخشَ هلكاً ما حييت وإن أمت فما أنت إلا خائـف تترقَّـبُ

فخاطر، وقَعْ تحت القطار ولا تخف ونَمْ تحت بيتِ الوقْفِ وهو مُخَرَّبُ

وخُضْ لُجَـج الهيجاءِ أعزلَ آمناً فإن المنايا عنك تنـأى وتَهربُ

وفي سنة 1918 أصيب حفني ناصف بشلل جزئي فزاد تشاؤمه، وعزَّ رجاؤه في حياة قضاها في جهاد وعناء، ثم شفي وعاد إلى مراجعة المصحف الشريف الذي تطبعه وزارة المعارف، ولكنه يفجع بوفاة ابنته مَلَك " باحثة البادية" في تشرين أول (أكتوبر) سنة 1918، وحضر حفلَ تأبينها في الجامعة المصرية محمولاً لفرط ما أصابه من ضعفٍ وهمٍّ ومرض، حتى إذا وقف حافظ يرثيها قال:

وتركتِ شيخَكِ لا يَعِي هل غابَ زيدٌ أو حَضَر

ثَمِلاً تُرَنِّحُـه الهمُو مُ إذا تَمايلَ أو خَطَـر

كالفَرْعِ هزَّتـهُ العوا صفُ فالتوى ثم انْكَسَر

وعندما أنشد حافظ ذلك بكى حفني بك، وحملوه وهو يبكي، ثم فقد رشده بضعة أيام حتى لحق بابنته في يوم الثلاثاء 24 جمادى الأولى سنة 1337 هـ، الموافق 25 شباط 1919م وكأنهما كانا على ميعاد، بعد أن ترك تراثاً أدبياً خالداً.

من مؤلفاته:

"تاريخ الأدب- أو حياة اللغة العربية"، "مميزات لغات العرب"، ورسالة في "المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري"، واشترك في تأليف "الدروس النحوية".
وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه "شعر حفني ناصف".


في رثاء الإمام محمد عبدة - لحفني ناصف



--------------------------------------------------------------------------------


لِـمَ لا تـجيب وقد دعوتُ مرارا
يـكـفـي سكوتُك أربعينَ iiنهارا
كَـثُـرَ التخبّطُ والحقائقُ iiحُجّبتْ
عـنـا وأمسى المسلمون iiحيارى
يـتـسـاءلون وقد عرَتهم iiسكرةٌ
عـمَّـا عـراكَ وما هُمُ iiبسُكارى
فـاجْـلُ الصَّوابَ لنا كما iiعوَّدتنا
يـقـقـاً ومـزِّق دونه iiالأستارا
ما كان عهدي حين يقصدك الورى
عـند اشتدادِ الخطْبِ أن iiتتوارى
فـيـمَ احـتجابُك في فلاةٍ iiبلقعٍ
لا دارةً فــيـهـا ولا iiديّـارا
الـكونُ عن مسعاكَ ضاقَ iiنطاقُهُ
فـعـلامَ تـتّـخـذ المقابرَ دارا
لـلـمـسلمين إليك أكبرُ حاجةٍ
فـإذا قـضيتَ فما قضَوا iiأوطارا
مـن ذا يـناضل عن شريعةِ iiأحمدٍ
ويـذود عـن أكـنافها الأخطارا
ويـصـون دينَ اللهِ من شُبه iiالعدا
ويـردّ غـارةَ مـن بـه iiيتمارى
ويـذبّ عـن آيِ الكتابِ iiبحكمةٍ
ويـذيـق مـن بـاراه فيه iiتبارا
ويـجـيء فـي تفسيره iiبعجائبٍ
ويـذيـع مـن مكنونه iiالأسرارا
ويـطـهّـرُ الإسـلام مـما شابَهُ
ويـزيـلُ عـن غدرانه iiالأكدارا
ويـذكّـر الـعلماءَ ألاّ iiيغمضوا
عـمـا اقـتـضاه زمانهم iiأبصارا
ويـجـادل الأشـرارَ بالحسنى فلا
يـنـفـكّ حتى يصبحوا iiأخيارا
ويـجـدّد الـعـربية الأولى وقد
صـارت بـغـفـلةِ أهلها iiآثارا
ويـعـيـدُ لـلإنشاءِ سابقَ iiمجدِهِ
ويـشـيـد فـي أنهاره ما iiانهارا
ويـردّ أعـوادَ الـمـنـابرِ جذلةً
لا تـحـسـد الأعواد iiوالأوتارا
ويـبـثُّ بـين الخلق غرَّ iiخلائقٍ
بـعـظـاتـه ويـنـبّهُ iiالأغرارا
ويـحـثُّ أهلَ المالِ أن يتوسّطوا
فـي الـبـذلِ لا سرفاً ولا إقتارا
ويـرود صرعى الجود في iiوزرائنا
لـيـحـطَّ عـن فقرائنا iiأوزارا
يـقـضي حوائجَ سائليه فلا iiيرى
فـي نـفـسه سأماً ولا استكبارا
ويـعـلّـمُ الناسَ الأمانةَ iiوالوفا
والـصـدقَ والإخلاصَ iiوالإيثارا
ويـظـلّ بالإصلاح مغرىً iiكلّما
وجـدَ الـسبيلَ إلى صلاحٍ iiسارا
حـتـى كـأنَّ عليه عهداً iiللعلا
أن يُـصْـلحَ الأخلاقَ iiوالأفكارا
إنْ كـان فـينا مرشد يقوى iiعلى
ذا الـعـبء أوسعْنا له iiالأعذارا
أو لا فـأولـى أن تفيضَ iiنفوسُنا
هـلـعـاً وتسعى للمنون iiبدارا
مـاتَ الإمـام فيا سَماء iiتفطَّري
فِـلَـذَاً وطـيـري يا بحارُ بخارا
وتـصدَّعي يا أرضُ وانضُبْ iiفجأةً
يـا نيلُ وأمطرْ يا سحابُ حجارا
وقفي مكانَكِ يا كواكبُ iiواسقطي
كِـسَـفَـاً وخرّي يا جبالُ نِثارا
وذرِي رحابَ الجو تبعثُ iiصَرْصَرَاً
يـا ريـحُ وأسـري بيننا iiإعصارا
لا خـيـرَ بعد محمدٍ في العيش iiإنْ
كـانـت نـفوسُ الخالفين iiصغارا

مومني محمد
2007-09-05, 20:03
نبذة عن حياة راشد حسين



--------------------------------------------------------------------------------

راشد حسين (1936-1977م)

- ولد راشد حسين في قرية مصمص من قرى أم الفحم سنة 1936، وانتقل مع عائلته إلى حيفا سنة 1944 ، ورحل مع عائلته عن حيفا بسبب الحرب عام 1948وعاد ليستقر في قرية مصمص مسقط رأسه .

- واصل تعليمه في مدرسة أم الفحم ، ثم أنهى تعليمه الثانوي في ثانوية الناصرة .

- بعد تخرجه عمل معلماً لمدة ثلاث سنوات ثم فُصل من عمله بسبب نشاطه السياسي .

- عمل محرراً لمجلة "الفجر" ، " المرصاد " والمصوّر ، وكان نشطاً في صفوف حزب العمال الموحد .

- ترك البلاد عام 1967 إلى الولايات المتحدة حيث عمل في مكتبة منظمة التحرير هناك ، وسافر إلى دمشق عام 1971 للمشاركة في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، كما عمل فترة من الزمن في القسم العبري من الإذاعة السورية .

- عاد إلى نيويورك عام 1973 حيث عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الفلسطينية " وفا " .

- توفي في الأول من شهر شباط عام 1977 في حادث مؤسف على أثر حريق شبّ في بيته بنيويورك ، وقد أعيد جثمانه إلى مسقط رأسه في قرية مصمص حيث ووري هناك .

- منح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون في عام 1990.

من أعماله:

- حاييم نحمان بياليك - نخبة من شعره ونثره - ترجمة - تل أبيب ( 1966).

- مع الفجر - ديوان شعر ( 1957 ) عدة طبعات بعد ذلك .

- صواريخ - ديوان شعر ( 1958 ) عدة طبعات بعد ذلك .

- أنا الأرض لا تحرميني المطر - ديوان شعر ( 1976).

- قصائد فلسطينية – بيروت (1982).

- ديوان راشد حسين - الأعمال الشعرية الكاملة - بيروت.


رسالة من المدينة - لراشد حسين

وأذكُرُ أنَّكِ كُنْـتِ طَرِيَّـة

وشاحاً على دَرْبِ رِيحٍ شقيةْ

تلمّيـن معطفَـكِ الفستقي

على كنـزِ قامَتِكِ الفستقيةْ

وقلتُ أنا : مرحباً .. فالتفتِّ

وأمطرتِ ثلجاً وناراً عَلَيَّـهْ

وكانتْ رموشُ النجومِ بعيداً

تُحاولُ جَرْحَ الغيـومِ العتيةْ

وكنتِ بِحَرْبَـةِ رِمْشٍ طَرِيٍّ

تُريدين جَرْحَ معاني التحيـةْ

وَسِرْتِ بَعِيدَاً ورأسكِ نَحْوِي

وفي النظراتِ معانٍ سخيـةْ

وشوقٌ بعينيـكِ أنْ ترجعي

كأشـواقِ لاجئةٍ يَافَوِيَّـةْ

* * *

وأعلمُ أن الهوى هبَّ صدفـة

كهبـة ريح على باب غرفـة

وأن الشبـاب بغير غـرام

كدارٍ من الماس من غير شرفة

فليتك تدرين معنـى الربيع

يُجَدِّل زهراً ليكرم صيفـه

ومعنـى أصابـع رمانـةٍ

ترفُّ على البرعم الطفل رفـة

ومعنـى السحاب يريق دماه

فيسقي الزهورَ ويصنع حتفـه

لأدركتِ معنى وقوفي الطويل

على باب دارك أول وقفـة

* * *

وخلفتُ ريفي الذي تكرهين

لأغرق نفسي بليل المدينـة

هناك وجدتُ وحولَ الشتاءِ

على صدرِها طينةً فوق طينةْ

وينهبُ مَنْ شـاءَ ألوانَـها

كنهبِ الخريفِ ستائرَ تينـةْ

تَعَرَّتْ كماسورةٍ من زُجَاجٍ

فألقيتُ فيها مُنَايَ الثمينـةْ

وكنتِ بِمعطفِكِ الفستقـيّ

تَسيرين عبرَ خيالي حزينـةْ

قِطاراً من العِطْرِ مَاضٍ يقولُ :

هبُونِـي مَحَطَّـةَ قلبٍ أمينةْ

فأسألُ قلبِي : ألستَ أمينـاً

فيهتف : داستْ عليَّ المدينـةْ

* * *

هنا في المدينةِ تَمْشِي النِّعَالُ

على كلماتِي .. على قِصَّتِـي

هنا الكلماتُ بغيرِ معـانٍ

توابيـتُ مَوْحُولَـةُ الجبهـةِ

وفي كلِّ زاويةٍ ألفُ حُـبّ

رَخِيصٍ كحاضريَ الْمَيِّـتِ

لِماذا جَنَيْتِ عَلَـيَّ لِماذا

رَمَيْتِ إلى وَحْلِهَا مُهْجَتِـي

سَئِمْتُ المدينةَ .. قَلْبِي يَموتُ

سآتِي إليـكِ .. إلى قَرْيَتِـي

أُعَلِّـقُ قلبِـي على لَـوْزَةٍ

فَوَانِيسُهَـا حُـرَّةُ الْمَنْبَـتِ

أنا عائدٌ هل تُرى تَذْكُرين

فتدرين ما السِّرُّ في عَوْدَتِـي

* * * * *

2-3-1959

- من ديوانه " قصائد فلسطينية " .

- ديوان راشد حسين - دار العودة – بيروت (1987) .

مومني محمد
2007-09-05, 20:06
نبذة عن حياة شريف جاد الله أحمد عيد



--------------------------------------------------------------------------------

الاسم : شريف جاد الله أحمد عيد

الجنسية : مصري

تاريخ ومكان الميلاد : 13/ 11/ 1968 م الغابات

العنـوان : جمهورية مصر العربية - سوهاج - البلينا - الغابات

نبذة عن مراحل حياته:

نشأ في أسرة يغلب على بنيها التعليم الأزهري ولهذا فقد نشأ في جو تراثي، فقرأ للعديد من الشعراء كالمتنبي، والمعلقات، وعنترة وكعب بن زهير، ثم فتن بأمير الشعراء أحمد شوقي، وعروبة شعر علي الجارم، وإسلاميات أحمد محرم، وشعراء الإسلام من حسان بن ثابت إلى يومنا هذا، وقد توج الشاعر مشواره الأدبي بفوزه مؤخراً بجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين بالاشتراك مع إذاعة صوت العرب (الجائزة الأولى) . وجائزة مجلة تراث الإماراتية والعديد من الجوائز الأولى بمصر والتي أشرفت عليها وزارتا الشباب والثقافة.

الشهادات والخبرات:

حاصل على دبلوم ثانوي تجاري عام 1987 م، والآن يدرس الخط العربي.

الأنشطة المختلفة:

عضو مجلس إدارة نادي أدب البلينا وجرجا سنوات عديدة.

عضو مؤسس في العديد من الجمعيات الخيرية.

المشرف الثقافي لمركز شباب الغابات.

شارك في العديد من المؤتمرات الأدبية التي نظمتها وزارة الشباب ووزارة الثقافة في مصر.

المؤلفات:

ديوان بعنوان مكابدات الزمن المعاند.

ديوان بعنوان للحلم طيور تنشدنا الألما.

ديوان بعنوان وهل تبقى لمثلي أمنيات.


وقَّعت صكَّ الحزن في أعصابي - لشريف جاد الله أحمد عيد



--------------------------------------------------------------------------------


أوصـدت من فرط الأسى iiأبوابي
ومـلأت مـن نَهْرِ الجوى iiأكوابي
الأعـيـن الـنجلاء غازلها القذى
والـبـابـلـية كم تزيد مصابي
والـجـفن خضَّبه الحنين iiفأينعت
بـيـن الـضـلوع مجامر iiلعذابي
فـصـل الـخريف معانقاً iiألحاننا
يـرتـدّ مـعـتنقاً أسى iiزرياب
يـا بـابـلـية ضمِّدي ألم iiالسنا
ذهـب الـجمال بلحننا iiالمنساب
ردي لـحـوني كي أعيدَ iiقصيدتي
فـالـشـعـر لن يهتزَّ iiللسيَّاب
عـودي لـكـي يرتدَّ طرفي هأنا
وقَّـعْـتُ صَكَّ الحزن في iiأعصابي
فـدم الـحـسين مضرَّج بجوانحي
مـسـتصرخاً لكن بدون iiجوابي
هـل كربلاء أسكتت فَمَنَا iiالذي
عشق الخطابة مثل شهد iiرضاب؟!
وتـوشـح الصبر الجميل iiحداده
والـلـيل عربدَ ضاحكاً iiبرحابي
«والـقـادسـية» خلعت أثوابها
أبدت مفـاتنـها وحسن iiخضاب
«والأعـظمية» يا عراق بكت iiدماً
«والكرخ» ترفل في الأسى المتصابي
«هـارون» هل ترضيك ذلة iiقومنا
وخـنـوعهم كالطائر المرتاب؟!
الـنـاي مـا عاد الشجيَّ iiبحينا
والـعـازف الموهوب عاف iiربابي
والـحزن أذهل شجوه فشجى iiلنا
صـمـتـاً ينادم صفوة iiالألباب
فـمـتـى البكاء يعيد سيرة iiأمة
دانـت لـفـتيتها دنا iiالأسلاب
قـم يا صلاح الدين عانق iiخالداً
وارفـع لـواء الـنصر رد iiشبابي
الـحـزن أدمن مهجتي غال النهى
وعـيـونـنا صارت بلا iiأهداب
إنـا فـقـدنـا رايـة iiقـدسية
فـمـشيت خلف خديعة وسراب
يـا بـابـلـية إن لحظك iiفاتك
يـمشي على جرحي كوقع iiحراب
قـولـي القصيدة لابن أوس كلها
بـلـسانك اللجلاج دون iiكذاب
إن«ابـن أوس» صـار شاعر iiأمة
عـجـمـت لساناً جاهلاً iiأنسابي
مـا عـاد «معتصم» يعيد iiقصيدة
بـائـيـة تروى مدى iiالأحقاب
يـا بـابـليـة إن جرحي iiغائر
خـالـطـتـه بالملح iiوالأوشاب
يـا بـابـلـية رددي لحن iiالفتى
فـالـنجم يهوى في المدار iiالكابي
هـذا مـدارك يـا عروبة iiداخل
غـور الأفـول وجـلوة الغياب
مـا عـاد سيفك يا عروبة iiقاطعاً
حَـدَّاه قـد صُنعا من iiالأخشاب
والـخيل ما عادت فوارسها iiترى
صـهـواتـهـا فلقد كبا iiبركابي
أواه يـا نـخـل الـعراق المنتمي
لـعـروبـتـي ممهورة iiالجلباب
سـهدي يطول كطول ليل iiبلادنا
والـصبـح أصبح كالبريق iiالخابي
أواه يـا أرض الـعـروبة يا iiمنى
نفسي التي تسقى مــرار iiشراب
حـتـى مـتى تحني شواشي iiنخلنا
رأسـاً أبـت دوماً خضوع iiرقاب

مومني محمد
2007-09-05, 20:09
نبذة عن حياة صالح جودت



--------------------------------------------------------------------------------

صالح جودت

(1912- 1976)

ولد في الثاني عشر من كانون الأول (ديسمبر) سنة 1912 بمدينه الزقازيق حيث كان يعمل والده المهندس كمال الدين جودت، وتلقى دراسته الابتدائية بمدرسة مصر الجديدة الابتدائية بالقاهرة، ودراسته الثانوية بالمدرسة الثانوية بالمنصورة. وحصل على البكالوريوس ثم الماجستير في العلوم السياسية. وظهرت عليه علامات النبوغ وبوادر موهبته الشعرية منذ كان طالباً بالمرحلة الثانوية. وتعرف في المنصورة على الشعراء علي محمود طه وإبراهيم ناجي والهمشري حيث تصادف إقامتهم فيها إما للعمل أو للدراسة في الفترة من سنة 1927 إلى سنة 1931. وعاصر صالح ثورة 1919، وانفعل بها فصقلت وجدانه وألهبت روحه، فأحب مصر من كل قلبه.

وقرأ لكبار الكتاب: المنفلوطي والعقاد والمازني وسلامه موسى، كما قرأ لكبار الشعراء: أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم والعقاد، ولم يتأثر بشاعر مثلما تأثر بأمير الشعراء أحمد شوقي.

وبدأ صالح يقرض الشعر منذ سنة 1932 وهو طالب بكلية التجارة لما يبلغ العشرين، وصدر أول ديوان له سنة 1934 وعمره إحدى وعشرون سنة، وتجلى في شعره الاتجاه الرومانسي.

وعقب تخرجه في كلية التجارة اشتغل في بنك مصر ، ثم عمل محرراً في جريدة الأهرام، ثم انتقل إلى دار الهلال وظل فيها سنين طويلة حتى عُيِّن سنة 1971 رئيساً لتحرير مجلة الهلال، حيث أصدر مجلة الزهور ليكتب فيها الأدباء الشبان.

وكان صالح من جماعة أبوللو، وكان له رأي في الشعر الجديد قال عنه إنه ليس شعراً وليس جديداً، مما أغضب عليه أنصار هذا النوع ممن يطلقون على أنفسهم الشعراء المجددين. وفي خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمره انهالت عليه الخصومات من كل حدب وصوب بسب كتاباته السياسية، ولكنه كان صادقاً مع نفسه في كل ما يكتب. وكانت له مقوله مشهورة "إني أتكسب من الصحافة لأنفق على الشعر " .

وبعد رحلة كفاح قضى منها عامين يصارع المرض أسلم الروح في 23 حزيران (يونيه) سنة 1976، وترك شعراً كثيراً وقصائد متناثرة لم تجد بعد من يجمعها وينشرها.

ومن دواوينه: ليالي الهرم ـ أغنيات على النيل .

ومن قصصه: عودي إلى البيت ـ وداعاً أيها الليل .

ومن أقاصيصه: كلنا خطايا ـ في فندق الله ـ خائفة من الله ـ كلام الناس ـ وترجم رواية همنجواي العجوز والبحر.

ومن كتبه في الأدب والنقد: ناجي حياته وشعره - الهمشري حياته وشعره - ملوك وصعاليك - قلم طائر - بلابل من الشرق.

وقد أصدر عنه الأديب محمد رضوان دراسة سنة 1977 "شاعر النيل والنخيل" قدم لها الشاعر أحمد عبد المجيد الذي قال عن صالح جودت:" إن صالح جودت قد أضاف إلى قيثارة الشعر أوتاراً حديثه، عزف عليها فأجاد وأطرب، واستساغها سامعوه وأيدوه واستزادوه".


الشاعر محمد الهمشري - لصالح جودت



--------------------------------------------------------------------------------


قال لي صاحبي وقد جُنَّت iiالشّمـ ـسُ فـألـقتْ بجسمها في iiالماءِ
ألـنـا أنْ نسيرَ حتّى نرى iiالصبـ ـحَ ونُـفـضـي له بسرّ iiالمساء
قُـمْ بـنـا نَتجّهْ إلى ضفّة iiالنيـ ـلِ وعـشـب الجزيرةِ الفيحاء
خُـطُـواتُ الـنهار للناس iiلكنْ خـطـواتُ الـظـلام iiلِلشُّعراء
نـحـن مـن نـملأُ العقولَ ضياءً مـا لـنـا حـاجـة بنور iiذُكاء
****
وانـتَـهيْنا إلى الجزيرة مَغْنى iiالـ ـزهـر والـطـير والرُّبا iiالغنّاء
لـفَّـهـا النيل في ذراعيه وانسا بَ يُـغـنّـي لـها نشيد iiالولاء
ورمى الموج تحت أقدامها iiالسُّمْـ ـرِ دُعـابـاً فـأطرقتْ من حياء
وتـعـرَّتْ رضـيّـةً فـي iiيديهِ وتـراخـتْ تـراخيَ iiالغيناء(1)
ثُـمَّ لـمـا خـاف الظنونَ عليها لـفَّـهـا فـي غِـلالة iiخضراء
****
جـنّـةَ الـحـبّ يا جزيرةُ شطآ نُـكِ مـلـهى القلوبِ iiوالأهواء
جـنّـة الـخـلد، غير أنَّ iiرباها أمـنـتْ آدمـاً عـلـى iiحوّاء
وأطـل الـهـلال حـيناً iiفألفى كـوكـباً في الضفاف جمَّ الضياء
وأطـلَّ الـزمـان حـيناً iiفألفَى أمـلاً فـي الـشباب حلو الرجاء
وأطـلَّـتْ عـين الخلود iiفقالتْ إنَّ هـذا مـكـانُـهُ في iiالسماء
****
يـا رفـيقَ الصِّبا وهيهات iiأنسى الـلـيـالـي مُـخلَّداتِ الصفاءِ
حين كان الزمان كالزهر في الفجـ ـرِ، وكـنّـا عـلـيه iiكالأنداء
حـيـن كـنّا نُموِّج الماء iiضحْكاً فـي ضـفـاف المنصورة الحسناء
لـم نـكـن نـعرفُ التواريخ إلا مـن وعـود الحسان عند iiالوفاء
لـم نـكـن نعرفُ العشيّات إلا مـن غـناء الكِرْوان عند المساء
****
ثـم مـرَّتْ مـن الزمان iiصروفٌ وهـبـطـنـا مدينةَ iiالضوضاء
وبـدأنـا الـكفاح في عالم iiالعيـ ـشِ ودنـيـا تَـنـازُعٍ iiللبقاء
فـجـعـلـنـا لـقاءنا فتراتٍ يـنـفُدُ الصبرُ من خطاها iiالبِطاء
كـم حـثـثنا مسيرها، iiوجهلنا أنّـهـا تـنـتـهـي لغير iiلقاء
****
أيـن هـذا الشباب والأمل iiالضّا حِـكُ، بـيـن الخطوب والأرزاء
وأحـاديـثـكَ الـمليئة بالأحـ ـلامِ فـي عـالـم قليلِ الرجاء؟
كـنـتُ ألـقاكَ والحياة iiتُجافيـ ـنـي وإعـصـارهـا يهدُّ بنائي
فـإذا مـا سمعتُ ضحكتكَ iiالعذ بـة، أحـبـبـتُ بعدها أعدائي
وتـمـشَّـى السلام في جوّ نفسي وتـطـهَّـرتُ مـن طويل iiعنائي
وقـرأتُ الـحـيـاة فيكَ iiكتاباً شــاعــريَّ الآمـالِ iiوالآلاء
وشـبـابـاً هـو الربيع iiالموشَّى بـرقـيـق الـظـلام iiوالأضواء
حـيـن تبدو وعروة الصدر في ثو بـكَ تـزهـو بـالوردة iiالحمراء
واحـمـرارُ الـحياةِ يُشعل خدَّيـ ـكِ، ونـورُ الـشبابِ في iiلألاء
تـطـأُ الـيـأسَ باعتداد الأماني وتُـذِلّ الـزمـانَ iiبـالـكبرياء
وتُـغـنّـي، وتـنهب العيش نهباً شـأنَ مـن أُلـهِمَ اقترابَ iiالفناء
****
هـأنـا عـدتُ للجزيرة وحدي أتـمـلاّكَ خـلف تلك الـمَرائي
ومـضـتْ قـبضتي تصافح iiيمنا كَ، فـصـافحتُ قبضةً من iiهواء
وتَـلـفـتُّ بـاحثاً عن iiأمانيـ ـكَ، فـلم تهدِني سوى iiالأشلاء
غـيـر أنّـي أراكَ في شِعركَ iiالخا لـد، روحـاً يـهـيم iiبالإسراء
وأرى طـيـفـكَ المُغرِّد بين iiالزْ ـزَهـرِ والـطـيرِ والرُّبا iiوالماء
فـأقـول الـخـلـود لله، iiواللهُ يُـعـيـرُ الـخـلـودَ iiللشعراء




--------------------------------------------------------------------------------

مومني محمد
2007-09-05, 20:12
نبذة عن حياة د. طلعت الرفاعي



--------------------------------------------------------------------------------

د. طلعت الرفاعي

(1922-

ولدت بدمشق في سوريا، وتلقت دراستها التحضيرية والابتدائية والثانوية بمدارسها، وأحبّت منذ صغرها قراءة الشعر العربي قديمه وحديثه، وبدأت منذ صباها المبكّر ومنذ أن كانت في التاسعة من عمرها تنظم الشعر. وبعد أن حصلت على شهادة الدراسة الثانوية، استكملت دراستها الجامعية وحصلت على درجة الليسانس في العلوم السياسية من جامعة دمشق.

وفي سنة 1951 سافرت إلى باريس لتستكمل دراستها العالية، فلحقت بجامعة السربون، وفي سنة 1956 حصلت منها على درجة الدكتوراة وكان موضوع رسالتها " المرأة والعمل ". ولما تخرجت وعادت إلى سوريا توظّفت بوزارة الشئون الاجتماعية بها.

ثم انتقلت في سنة 1960 إلى الوزارة المركزية بالقاهرة في أثناء الوحدة بين مصر وسوريا، وتزوّجت مصرياً هو المهندس سيد ذهني الذي تعرفت إليه في أثناء دراستها بباريس، وأصبحت في نفس الوقت تقوم بالتدريس لطلاب جامعة القاهرة.

وعينت الدكتورة طلعت سنة 1974 بإدارة الشئون الاجتماعية والعمل بجامعة الدول العربية بالقاهرة. وعندما نقلت جامعة الدول العربية إلى تونس بعد اتفاقية السلام سنة 1979 عملت بتونس، ثم عادت لتعيش في دمشق.

وتجمع د. طلعت في أشعارها بين الشعر العاطفي والشعر القومي، وإن كان يغلب على شعرها الطابع القومي العربي المؤمن بوحدة العرب. وقد تغنّت كثيراً بالوحدة بين مصر وسوريا فيما بين سنتي 1958 و1961 عندما انفصمت الوحدة بين مصر وسوريا. وقد صوّرت ذلك في قصيدة رسمت فيها صورة فتاة تائهة في مركب وسط الأمواج، قالت فيها:

وزمجر البحر بعد الصحو واضطرمت
وأسـكـرتـني وجوهٌ طالما iiهتفت
وإنـي وإني على عهدي إذا اخترقتْ
وإن أسـاء أخـي يبقى لديّ أخي
يـبقى الصفاء وتمضي السحب iiلأ





أمـواجـه فـوق مجدٍ في تصدعه
لـلـحق في صرختي الدنيا iiتُرجّعه
صـدري السهام فجفني ليس تدمعه
ومـوطـنـي إن يضيعني لا أضيعه
نـها، لن يغير اندفاع البحر ضفدعه



وقد أصدرت د. طلعت الرفاعي عدة دواوين شعرية، منها: ديوان «مهرجان الشروق»، وديوان كامل عن القاهرة. وعلى الرغم من إقامتها في دمشق، إلا أن حنينها إلى مصر ظل غلاباً، وقد نشرت بجريدة الأهرام في الثامن عشر من شباط سنة 2000 قصيدة تحت عنوان " على قمة الألفين " تعكس مدى إيمانها بعروبتها وقوميتها ووفائها لمصر.

على شرفة الألفين أهدى أحبتي
أقـول لهم يا أجمل الناس حبكم
أقول لكم يا أهل مصر iiغرامكم
ولا تـحسبوا أن الفراق iiبقادرٍ




سـلالاً بـها ورد شهيٌّ iiوزنبقُ
على الدهر في قلبي سلاف مُعتّقُ
كـمـا كان سيل عارم iiيتدفّقُ
على محو ما بين الضلوع iiمعشّقُ



وتعتبر د. طلعت الرفاعي في طليعة الشاعرات العربيات، التي وقفت شعرها على النضال والإيمان بالعروبة.
حبة الأسبرين - للشاعرة الدكتورة طلعت الرفاعي


وبعثتَ تطلبُ حَبَّـةً من أسبرين!

بَعَثْتَ جَمْرَة ،

من لاعِجَاتِ القَلْبِ لاهِبَـةِ الحَنِين ،

أَسَىً وَحَسْرَة .

وَتَقُولُ : إنَّ أَخِي طَبِيـب

وَتَقُولُ : لِي أُخْتٌ طَبِيبَـة!

لا بَدَّ أَنْ أَحْوِي إذَنْ

في الجيب حَبَّ الأسبرين

* * *

لا لم يكن عندي ويا لهفي ،

سوى وهج اللهيب!

ما كان عندي يا صديقي ...

غير حبات القلوب

وقضيت ليلي حائرة ..

أرعى النجوم الساهرة

قلقاً عليك!

وأمد كفي للسماء

كيما تُعَجِّل بالشفاء

وتَمنّ بالنعمى عليّ

* * *

أخشى عليكَ من الصُّدَاع

أخشى عليكَ الانفلوانزة

يا أعذبَ الإلْهَامِ

في روحي الأمين ...

ويا أَعَزّه !

* * *

ماذا تقول أأربعين ؟

بلغتْ حرارتُك الأثيمةُ أربعين

شُلَّتْ شِمَالِي وَاليَمِين

يَا لَيْتَنِي عَنْكَ المَرِيضَة

يَا لَيْتَنِي كنتُ الطبيبة

في يدي كأس الدواء

يا ليتني كنتُ الفِدَاء

يا ليتني تلكَ الفراشة

لا تَكِلّ ولا تَلِين

أمضي فأَجْمَعُ كُلَّ أنْداءِ الوُرُود

وَرَحِيقَ كُلّ اليَاسَمِين

وأَصُبُّـهُ روحاً وريْحَاناً

على ذاك الجبين

وأبيتُ ليلي حانية

أرجو إليك العافية

تأتيك في دفء الصبيحة

في صُدَاحِ العندليبِ

وتقول للحُمَّى ارحلي

هذا ... حبيبي !

مومني محمد
2007-09-05, 20:15
نبذة عن حياة عبد الرحمن راشد الزياني



--------------------------------------------------------------------------------

الشاعر عبد الرحمن راشد الزياني

سيرة موجزة

- الشاعر عبد الرحمن راشد خميس الزياني، ولد في مدينة المحرق بدولة البحرين حوالي عام 1909. والده ينتمي إلى قبيلة (الزياينة) ، إحدى القبائل العربية التي تنتمي بنسبها إلى بني عدوان ، وقد قدمت إلى البحرين من بلدة (الزيانة) في مكان قريب من مكة المكرمة ، قبل أكثر من مائتي عام . وهي عائلة ميسورة تعمل في التجارة وصيد اللؤلؤ والملاحة في الخليج ، وعرفت في البحرين ومنطقة الخليج بحسن تقبلها وتأقلمها مع مظاهر العصر الحديث في بدايات القرن . ولها تواجد في الكثير من البلاد العربية . أما والدة الشاعر فمن الكويت ، من بني قحطان .

- تربى الشاعر تربية دينية صارمة في منزل العائلة الكبير بالمحرق ، وعاش في كنف والده الذي يعمل (طواشاً) في تجارة اللؤلؤ ، وكان من أكبر وأشهر التجار المتعاملين في شراء وبيع اللؤلؤ بين المنطقة والهند ، ويعد خبيراً في فرز وتثمين اللؤلؤ الطبيعي .

- تلقى الشاعر دروسه الأولى في الكتّاب ، وبعد أن حفظ القرآن الكريم عام 1917 على يد الشيخ محمد الزياني التحق بمدرسة الحاج علي بن إبراهيم الزياني الأهلية ، وهي ذاتها التي قدمها الحاج علي لتكون المقر المؤقت لمدرسة الهداية الخيرية الخليفية عام 1919.

- عند تأسيس مدرسة الهداية الخليفية في مقرها المؤقت التحق الشاعر بها لإكمال دروسه الابتدائية ، وتتلمذ فيها على يد الشيخ حافظ وهبة مدير المدرسة والشيخ عبد العزيز العتيقي والشيخ محمد صولان اليماني . ومن زملائه الطلاب في هذه الفترة ؛ أحمد العمران وعبد الرحمن المعاودة ، وعبد الرحيم رزبة وعبد العزيز الشملان

- وهو في الخامسة عشرة لازم جده الضرير الشيخ الأستاذ خميس بن راشد الزياني ، الذي كان أحد ربابنة البحر المتمرسين ، ومن معلمي فنون الإبحار والاهتداء بالنجوم والمهتمين بالفلك والتاريخ وعلوم الدين ، وواحد ممن استعان بهم مؤلف ( التحفة النبهانية ) كمرجع لتاريخ البحرين . وكان مجلسه اليومي المشهور في مدينة المحرق ملتقى المهتمين بالفكر وطلاب العلم والمشورة ، وكان الصبي بما عرف عنه من ذكاء وحب إطلاع وحسن أداء في القراءة ، يقرأ للجد في ما يختاره للحضور من كتب بصوت جهور ، ويقوم الجد الشيخ بشرح ما خفي وغمض على جلسائه ، أو التعليق عليه والتحاور والمناقشة معهم حوله . وكانت مكتبة الشيخ خميس عامرة بالكتب والمراجع الدينية والتاريخية والشعرية والسير الشعبية . وقد ساهمت كتب التراث العربي هذه في التأسيس لثقافة الشاعر وفي صقل موهبته الشعرية .

- بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي عام 1924 التحق بالعمل مع والده في تجارة اللؤلؤ . وبعد الكساد العالمي المعروف للؤلؤ الطبيعي التحق عام 1934 موظفاً ببلدية المحرق ، واستمر في هذا العمل لتسع سنوات ثم ترك الوظيفة ليعمل مع والده الذي افتتح متجراً لبيع الأخشاب والمواد التموينية .

- تزوج الشاعر عام 1940 من إحدى كريمات عائلة المناعي بالبحرين ، وأنجب منها أربعة أولاد وست بنات ، حرص الشاعر على تربيتهم وتعليمهم تعليماً عالياً .

- في عام 1962 توفيت والدته وهو خارج البلاد ، فترك ذلك أثراً كبيراً في حياة الشاعر حيث تفجرت طاقته الشعرية بقصيدة رثاء لأمه ، ثم انثالت عليه بقية القصائد في السنوات التالية ، فأنشد قصائد بالفصحى في شتى الأغراض ، عدا قصائد قليلة كتبها لتغنى بالعامية مما سيجده القاريء في هذا الديوان . وفي عام 1974 توفي والده . وفي أواخر عام 1963 اشترك مع شقيقه السيد صالح راشد الزياني في تأسيس ورشة للنجارة في منطقة الخميس بالمنامة ، وتولى إدارتها حتى توقفت عن العمل عام 1982.

- الذين عاصروا الشاعر منذ طفولته يصفونه بالذكاء والفطنة وبأنه يتمتع بذاكرة حفظ قوية . وفي داخله إنسان مرح فكه ، لكنه هاديء الطباع ، خجول ، كتوم ، قليل الاختلاط بالناس ، كثير التدخين ، مما أثر على رئته واضطره إلى العلاج في الهند وألمانيا .

- لم يحاول الشاعر نشر نتاجه في حياته عدا قصيدة واحدة نشرتها جريدة الأضواء البحرينية في إحدى مناسبات العيد الوطني المجيد لدولة البحرين . وكان الشاعر كما يقال يخشى النقد الذي قد يأتي لقصائده في غير محله ، وقد أجرت معه جريدة أخبار الخليج مقابله يتيمة في عددها الصادر يوم 9/ 6/ 1977 قال فيها : لا أريد الشهرة ، وأستحي أن يقال لي هذا شاعر ، وأنا أحب أن أحتفظ بقصائدي لي وأعيش مجهولاً . وأمنيتي أن تطبع كل قصائدي في ديوان ، لأن الناس لا تحترم الشاعر إلا بعد موته ، وأعتقد بأن أولادي سينفذون وصيتي هذه بعد موتي .

- في عام 1981 مرض الشاعر ، وظل لست سنوات متعباً في البيت يعاني من ضيق التنفس إلى أن توفاه الله بالمحرق عام 1987 . رحمه الله رحمة واسعة وعفا عنه .

* * *


بقيت على عهدي - لعبد الرحمن راشد الزياني



--------------------------------------------------------------------------------

وقائلـةٍ ما بَالُ جسمُـكَ ناحِـلٌ

وَطَرْفُـكَ مَكْسُورٌ وَدَمْعُكَ هَاطِلُ

أَمِنْ بعدنا ظلَّتْ عليكَ سحابـةٌ

مِنَ السوءِ تُمطر نائباتٌ قوائـلُ

أم الدهرُ أزرى بعدَ ما كانَ زاهياً

وطابَ لـهُ للناعياتِ محافـلُ

أم الصبرُ ولَّى من فؤادٍ عهدتـهُ

أَوِ الريحُ مالتْ حيثُ مَالَتْ قوافلُ

فقلـتُ لها لا ذاكَ لا ذا فإنني

بقيتُ على عهدي ولو أنا فاشِلُ

دعيني مِنَ اللَّفَّاتِ فالصَّـدُّ قاتـلٌ

ولا لي مِنَ التسويفِ إلا الغوائلُ

لقد بانَ عظمي مِنْ جفاكِ وبانَ لي

مِنَ الصَّدِّ أسرابُ الظنونِ الجحافلُ

وأنسى هموماً قد تفاقـمَ حجمُهَا

ويبقَى مَعِ الأيَّامِ حَقٌّ وشاغـلُ

وأقرأُ في الأحلامِ منكِ رسائـلاً

يُصَوّر وضعي بينها وهوَ ماثـلُ

فَدَتْكِ حياتي بعدَ عِزِّي ورِفْعَتِي

ولا أنا ممن هوَ بالروحِ باخـلُ

خُذِي بعض عهْدٍ لا أغيِّرُ منهجي

عَنِ الحُبِّ حتّى لو أتاني مجاملُ

15/12/1968

عن ديوانه :" شاعر من بلاد النخيل " .

مومني محمد
2007-09-05, 20:18
نبذة عن حياة د. عبد المنعم الرفاعي



--------------------------------------------------------------------------------

عبد المنعم الرفاعي:

(1917- 1985)

ولد عبد المنعم الرفاعي فى مدينة صور من أعمال لبنان، حيث كان والده السيد طالب الرفاعي مديراً للمال في "صور"، وكان والده فلسطيني المولد والنشأة، حيث نشأ في مدينة " صفد" من شمالي فلسطين من أسرة عرفت بمقامها الاجتماعي والروحي، وكانت والدته السيدة نجلاء بكار من بلدة مرجعيون جنوبي لبنان. وكان أبوه يحب الشعر والصيد، وركوب الخيل.

ولما تجاوز عبد المنعم الطفولة، أخذ يتنقل مع والده وإخوته بين "مرجعيون" و"صفد" و"طبريا" وبيسان.

وقد بدأت دراسته الأولى في "الكُتّاب" على يد أحد الشيوخ، ثم في المدرسة الأميرية ثم الاسكتلندية في صفد وفي حيفا.

وفي سنة 1926 حمله القطار إلى العاصمة الأردنية عمان كي يلتحق بشقيقه الأكبر "سمير" الذي كان بدوره قد انتقل من الحكومة في فلسطين إلى عمان سنة 1924، ليشارك في تأسيس الحكومة الأردنية تحت حكم الأمير عبد الله بن الحسين.

وفي العاصمة الأردنية عمان تابع عبد المنعم دراسته الثانوية، وبعد أن أتمها سنة 1931 لحق بالجامعة الأمريكية ببيروت، حيث حصل على ليسانس الأدب العربي منها سنة 1937، ثم عاد إلى عمان فأصبح معلماً للأدب العربي بالمدرسة الثانوية التي تعلم فيها، وما كادت سنة 1939 تنتهي حتى لحق بالسلك الدبلوماسي الأردني موظفاً في ديوان أمير شرف الأردن (الملك عبد الله فيما بعد).

ومنذ هذا التاريخ جمع عبد المنعم الرفاعي بين الشعر والسياسة، حيث كان قلبه مع الشعر وعقله مع السياسة. فتدرج عبد المنعم في المناصب السياسية من سفير إلى وزير خارجية حتى وصل إلى منصب رئيس وزراء الأردن. ولكن السياسة لم تستطع أن تنتزع منه حبه للشعر والفن والأدب، وقد تغنى الموسيقار محمد عبد الوهاب بقصيدته "نجوى".

وقد أبدع الكثير من القصائد العاطفية والسياسية، ولكنه كان يعتبر أن ديوانه "مسافر" يسجل الأحداث الرئيسية في حياته، سواء ما أصابه سنة 1945، وما أصابه من هزّة داخلية شخصية في مجرى حياته سنة 1958 حين انفصل عن زوجته نهلة القدسي (أم عمر) التي تزوجها الموسيقار محمد عبد الوهاب بعده، وما تعرض له من مآزق سياسية أو استثارة من أحداث وطنية أو ما كان دائماً يصيب أوتار حسه في قضية فلسطين.

وقد قصد بتسمية ديوانه "المسافر" المحطات التي توقف عندها في مسيرة حياته.

وكان الشاعر الكبير يعلن أنه تأثر بالمتنبي وشوقي وأحب شعر بشارة الخوري، فالمتنبي أعطاه كبرياء الشعر، والشوق أعطاه الأفق المديد.

وقد عاصر عبد المنعم الرفاعي الأحداث السياسية العربية في مختلف مراحلها، سواء نكبة فلسطين وحرب سنة 1956 وحرب سنة 1967، وانتصار 6 أكتوبر سنة 1973، وعكس كل تلك الأحداث الهامة وغيرها في شعره السياسي.

وقد أنجب الشاعر الكبير ابنه البكر "عمر" الذي ما زال يعمل بالسلك الدبلوماسي الأردني. وقد رحل الشاعر الكبير عن الحياة في 17 أكتوبر سنة 1985 بعد رحلة عطاء ثرية.


إلى شاعر الأرز - لعبد المنعم الرفاعي



إلى شاعر الأرز

" قيلت في مهـرجان تكريم الشاعر اللبناني الكبير أمين نخلة، والذي أقيم في قصر اليونسكو ببيروت في شهر نيسان 1973".

دُعَاءُ داعي النَّدَى فالليلُ والعَرَبُ

كلاهُما في مَدَى عينيـهِ يَحتجبُ

أوْفَى على الشطِّ من وادٍ جداولُـه

دمعٌ يسيلُ ويطويـهِ الثَّرَى الخَضِبُ

أنسامُـه زفراتُ الهـمِّ صَعَّـدَها

على الهزيـمةِ مغلـولٌ ومكتئـبُ

أحلامُه حَمْحَمَاتُ الخَيْلِ صَافِنَـةً

إذا الفوارسُ عن خَوضِ الوغى رَغِبُوا

آلامُـهُ كدموعِ الرُّسْلِ ساهِمَـةً

إن هاجروا في سبيـلِ اللهِ أو صُلِبُوا

أنغامُـهُ زَغْرداتُ الحيِّ إذ هَتَفَت

أمُّ الشهيـدِ لـهُ والنعْشُ يقتربُ

أيامُـهُ لو دَرَى التاريخُ حاضِرَهَا

تراجَعَـتْ فيـه عن آمالِهَا الحِقَبُ

ودَّعتُهُ وحَمَلتُ الشوقَ في كَبِدِي

إلى ذُرَى جَبَـلِ تَزْهَى بـهِ الشُّهُبُ

* * *

لبنانُ يا مولدي هلْ فيكَ مُنْـتَجَعٌ

لوافِـدٍ عَضَّ منْ تِجوالِـهِ التَّعَبُ

أردانُـهُ من غُبَارِ العُمْـرِ مُثْقَلَـةٌ

وزَنـدُهُ بالطرادِ الوَعْـرِ مُختضِبُ

هانَتْ عليه الأماني بعدما رَخُصَتْ

فما أستخـفَّ بـهِ معْنَىً ولا لَقَبُ

وحادَ عن دوحِـهِ لَمَّا بلابِلُـهُ

ثَـنَّى عليها غرابٌ بعدها نَعِـبُ

تداولَتْ شذراتِ الأيكِ زِعْنِفَـة

تَمْتَصُّ من زَهْرِهِ النامي وتَسْتَلِـبُ

أَكُلَّما أسرَجَ الأحـرارُ خَيْـلَهُمُ

تناوحَ الرُّعْبُ في الأنذالِ والرَّهَـبُ

* * *

لبنانُ يا مسرحَ الأحلامِ مَرْحَمَـةٌ

إنْ هاجَنِي أَلَمٌ أو هَزَّنِـي طَـرَبُ

لكَ الجلالُ، وهذا السهلُ مُتَّـكِيءٌ

على عُلاكَ وهذا البحـرُ مُنْسَحِبُ

لكَ الجمالُ، وكم زَهْرٍ وكم حَدَقٍ

تشابَهَـتْ بينها الأوراقُ والهُـدُبُ

لكَ الدلالُ، وصمتُ الليلِ منسدلٌ

على ذُراكَ وبَوْحُ الصبحِ مُنْسَكِـبُ

لكَ النضالُ، وهذي الأرضُ طاهرةٌ

مـاءٌ نَمِيـرُ يُجاريـهِ الدمُ السَّرِبُ

* * *

أما رَكِبْتَ الرَّدَى جُنَّتْ عُجَاجَتُـهُ

وليس غيـر سَنَاكَ الجحفـلُ اللجبُ

عقيدةٌ كالجبالِ الشُّـمِّ راسخـةٌ

وقد تَهَاوتْ على إيْمَانِكَ الرِّيَـبُ

وفِتْيَـةٌ آمنـوا باللهِ وانطلقـوا

عَبْـرَ الشهادةِ لليومِ الذي كتبـوا

يغشاهُمُ الزعزعُ العاتِي فإنْ قصفتْ

يـدُ الْمَنِيَّـةِ غصناً فالثَّـرَى خَصِبُ

مُسْتَشْهِدُونَ كأنَّ الموتَ ما خفقتْ

أعلامُـهُ في الذُّرَى إلاَّ بِمَا نَصَبُـوا

* * *

ماذا أُحَـدِّثُ يا لبنانُ هلْ نَبَـأٌ

لَمْ تروِهِ سِيَـرٌ أو تَحْوِهِِ كُتُـبُ

حتى المآذنُ تُمسي وهي نادبـةٌ

حتى النواقيسُ تُضْحِي وهي تَنْـتَحِبُ

من كلِّ مريمَ أو من كلِّ فاطمـةٍ

عذراءَ في الساحةِ النكراءِ تُغْتَصبُ

يافا تُحَـدِّثُ حيفا عن جِرَاحَتِهَا

والقدسُ تسألُ أينَ الدينُ والعَـرَبُ

ونَحْنُ في غفلـةِ الأوهامِ يَحجبُنَا

عن وارياتِ العُلا البهتانُ والكَذِبُ

هلْ نَفْرَةٌ كهزيـمِ الرَّعْدِ هَادِرَةٌ

يَشـدُّهَا الجامِحَانِ: الثأرُ والغَضَبُ

تنهارَ تَحْتَ صَدَاها كُلُّ قَنْطَـرَةٍ

جوفاءَ ينخـرُ فيها الضَّعْفُ والعَطَبَ

* * *

يا موطنَ الوحي ما لي مِنْبَـرٌ أَنِفٌ

إلاَّكَ حُـرٌّ، وما لي مِقْـوَلٌ ذَرِبُ

على ثراكَ الدَّمُ المسفوحُ وحَّـدَنا

وفي حِمَاكَ دعانا الشِّعْـرُ والأدبُ

وقِيلَ أينَ ؟ فقلنا نَحْوَ شاهِقَـةٍ

من البيانِ نَمَتْهَا السبعـةُ الشُّهُبُ

إلى الذي سَاجَلَ الفُصْحَى روائعَها

وقـال منكِ إليكِ الفتنـةُ العَجَبُ

إلى الذي رَقَّ فأنسابَتْ قصائـدُهُ

مع النسيمِ ومال الزَّهْـرُ والعُشُبُ

ومَسَّ كأْسَ الطِّلَى فالخمرُ والِهَـةٌ

نشوى ويرقصُ في أطرافِهَا الحَبَـبُ

صَبٌّ أخو غَزَلٍ هيمانُ مسرحـهُ

سهلُ الهوى وروابي السِّحْرِ والشُّعَبُ

تأنَّـقَ الفنُّ في ناديـهِ يَحملـهُ

إلى الجَمَـالِ خَيَالٌ جَامِحٌ يَثِـبُ

واسْتَكْبَرَ الرِّيفُ واخْضَلَّتْ جوانِبُهُ

واهْتَـزَّ من زَهْوِهِ العُنقودُ والعِنَـبُ

على المروجِ وفي درْبِ الصِّبَا وعلى

عِرائشِ "السَّقْيِ"، منه وارِفٌ رَطِبُ

وقيلَ أينَ؟ فقلنا نَحْوَ مَنْ هَتَفَـتْ

لَـهُ المنابِـرُ والأعْـلامُ والقِبَـبُ

إلى فَتَىً عربِيٍّ غَيـرِ ذي عِـوَجٍ

وقد تَطاولَ فيهِ الفَرْعُ والنَّسَـبُ

من " نَخْلَةٍ "، من بني مخزومَ بَاسِقَةٍ

طابَتْ وطابَ الجَنَى والخُوصُ والرُّطَبُ

إذا "الرشيدُ" نأَى عن أُفْقِ منزلـةٍ

دَنَا "الأمينُ" فمنحَـازٌ ومُقْتَـرِبُ

أبا "السَّعيدِ" وكَمْ يَحْلو النداءُ بـهِ

حالي كحالِكَ .. نَجْـلٌ واحِدٌ وأَبُ

أمْهَرْتُـهُ الشِّعْرَ واستلْهمتُـهُ فإذا

أرْخَصْتُـهُ العُمْرَ فهو الرُّوحُ والسَّبَبُ

أعيشُ فيهِ كَأَنِّـي خَالِـدٌ أَبَـدَاً

تَفْنَى الجُذُوعُ ليحيا بعدَهَا العَقَـبُ

* * *

ناشدْتُكَ الحُبَّ هلْ أدْرَكْتَ غايتَهُ

أمْ كُلَّما جُزْتَ شَأْواً أَمْعَنَ الطَّلَبُ

أيَّانَ ترسُو ؟ ودُنياكَ التي عَمُرَتْ

بالحُسْنِ والحُـبِّ ما تَـنْفَكُّ تَجْتَذِبُ

سَبْعُونَ حَوْلاً منَ الأشْواقِ تَدْفَعُهَا

في لُجَّـةٍ منْ أمانٍ موجُها صَخِـبُ

عَادَتْ إليكَ وفي أطرافِهَا سَقَمٌ

وقد تَحِنُّ إلى أغمادِهَا القُضُـبُ

وَقَفْتَ فوقَ ذُرَاهَا سَيِّـداًَ عَلَمَاً

وخلفَكَ الليـلُ والأنْوَاءُ والسُّحُـبُ

يهْنِيكَ، يهْنِيكَ، هذا العِقْد تَحْمِلُهُ

مُرَصَّعَـاً وحُـلاهُ الماسُ والذَّهَـبُ

جِئْنَا إليكَ وطَرْفُ الليلِ يَلْمَحُنَا

عُشَّاقُ شِعْرِكَ لكنْ بيننا حُجُـبُ

خُضْنا الحياةَ من البابِ الذي ازدحمتْ

هُوجُ الرِّيَاحِ بِـهِ والعَصْفُ واللَّهَبُ

مَرَاتِبُ الْمَجْدِ ما تَنْفَـكّ تلفَحُناَ

وكمْ تَضِيقُ بأَرْبَابِ العُلا الرُّتَـبُ

حَسْبُ النُّجُومِ إذا في لَيْلِها ائْتَلَقَتْ

أنْ يرصُدَ النُّورَ فيها الصِّيدُ والنُّجبُ

المصدر: مجلة الهلال المصرية، عدد مايو 1973، ص 86.

مومني محمد
2007-09-05, 20:20
نبذة عن حياة عزيزة هارون



--------------------------------------------------------------------------------

عزيزة هارون

(1923- 1986)

ولدت الشاعرة عزيزة هارون سنة 1923 بمدينة اللاذقية، في سوريا على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وتلقت دراستها الأولية والابتدائية والثانوية بمدارسها. ولكن لم يتح لها أن تستكمل دراستها العليا كما كانت تتمنى، فاستمدت ثقافتها من قراءاتها الشخصية لدواوين الشعراء العرب القدماء والمعاصرين، وبدأت تنظم الشعر منذ صباها المبكر مدفوعة بموهبتها الأصيلة وتوهج أحاسيسها، فغلب على شعرها الطابع العاطفي الرومانسي الوجداني الذي اتصف بالرقة أكثر من اتصافه بالعمق، ولذلك حمل شعرها من رقة الأنوثة أصفاها وأحلاها.

وبدأت النشر منذ أوائل الأربعينات في مجلة «الصباح» الأدبية الدمشقية، وفي مجلة «التمدن الإسلامي» ومجلة «أصداء»، وفي (الأديب والآداب) وغيرهما.. وساهمت في العديد من المهرجانات الشعرية. وعملت في الإذاعة السورية.

ويرى الناقد د. عبد السلام العجيلي أن الآلام التي تمرست بها الشاعرة عزيزة هارون، تحولت بفضل موهبتها إلى عناصر خلق وإبداع. فحرمانها من الولد - على الرغم من زيجاتها الثلاث- كان هو الباعث على غنائها للأطفال في أشعارها، لا غناء بكائياً تندب فيه حظها وحسرتها من الحرمان، بل على العكس من ذلك كان أناشيد محبة وعطف وإشفاق.

وقيل إن أحد الشعراء الكبار نظم سنة 1957 في الشاعرة عزيزة هارون قصيدة حبّ تحت عنوان «اللهب القدسي» قال فيها:

مُدَلَّـهٌ فيكِ، ما فجرٌ ونجمتـه مُوَلَّـهٌ فيكِ، ما قيـسٌ وليـلاهُ

سكبتِ قلبَكِ في وجدانه فرأت يا «عَزّ»، ما شئتِ لا ما شاء عيناه

وتُعدّ عزيزة هارون في طليعة الشاعرات السوريات، ويتميز شعرها بالرومانسية والوجدان الحزين حيث تفرغ فيه أحزان فؤادها الملتاع مثل قولها:

يـا لشعـري بظلـه أتفيـا من همومي وتنتشي أحزانـي

سله عني أفَجَّرَ اللحن من حبـ ـي وأعطى الحياة من حرماني

أتلقـاه بالضلـوع وأهـوا هُ بقلـبي ولهفتـي وحنانـي

شِـدْتُ منه قصورَ وهمي وأبـ ـدعتُ ولونتُ في حماه المعاني

ويتراوح شعر عزيزة هارون بين الذاتي والقومي، وكانت في مطالع حياتها الشعرية تسير على منهج الخليل، ثم ما لبثت أن خرجت على هذا النهج فيما بعد.

وقد عملت عزيزة هارون في سنواتها الأخيرة موظفة بوزارة الإعلام السورية. ومن القصائد التي عبرت فيها عن أحزان قلبها بسبب زيجاتها الفاشلة وحرمانها من الولد، وما عانته في حياتها من دسائس وأقاويل، قصيدة نشرتها سنة 1966 تحت عنوان «الغابة» تعكس مدى أحزان قلبها وتعاستها تخاطب فيها شخصاً تضع فيه آمالها لينقذها من وهدة اليأس والشقاء تقول فيها:

لقد خفتُ من الذئـب.. تسلقت على نَخلـة

كتمت من الأسى رعبي.. وكنت نديـة طفلـة

فصوَّح زهـر أيامـي.. جنون الخوف والعزلة

تعالَ إليّ بعـد اليـأس.. بعد الجور والظلمـة

فروحي لم تزل روحي.. وأني لَمْ أزل نجمـة

أداعب شعري الحانـي.. تداعب شعري النسمة

وفي شباط سنة 1986 أسلمت الشاعرة الرقيقة عزيزة هارون روحها إلى بارئها في أحد مستشفيات دمشق، في أعقاب نوبة مرض مفاجئة لم تُمهلها على فراش المرض طويلاً، ولم يصدر لها ديوان في حياتها، وبعد وفاتها صدر لها ديوان وحيد بعنوان: «ديوان عزيزة هارون».


حبيبة البحر - لعزيزة هارون



--------------------------------------------------------------------------------


عـلـى جناحِ هوايَ الثائرِ iiالحاني
أتـيـتُ أحـمـلُ أشواقي وألحاني
«الـلاذقـيـةُ» هذي بلدتي iiوأنا
مـن طيبِ نفحتِها شعري ووجداني
وفـي مـرابِـعِـها أبدعتُ أغنيتي
تُـرى أتـذكرُ من ماضيّ أشجاني؟
وكـيف عانقتُ «نَيْساني» iiمجرّحةً
وقد عرفتُ الأسى في قلبِ نيساني
تـألَّـق الـحـزنُ في عينيَّ ملحمةً
وأيـنـعـتْ بـربوعِ الفنِّ iiأفناني
غـفـرتُ لـلألـم العاتي iiتوهّجَهُ
ورحـتُ أنـثـرُ في التاريخِ iiألواني
حـبـيـبةَ البحرِ.. يا عينيَّ iiمعذرةً
إنْ رحتُ أسكبُ في ناديكِ iiأحزاني
وأنـتِ بـنتُ الكفاحِ المرِّ من iiزمنٍ
وأنـتِ مَـنـبتُ آسادٍ iiوفرسان
وأنـتِ زهـوُ الفِدا في كلِّ iiمعركةٍ
لـلـمجدِ كأسٌ وللعلياءِ كأسان
يـا مـعـهداً قد حللنا في iiخمائِلهِ
نُهدي إليه الشذى من روضهِ iiالحاني
يا مرتعَ الفكر أحببتَ النُّهى iiونَمَتْ
فيكِ الأهلّةُ من «قُسٍّ» و«سَحبان»
«قحطانُ» في عيدِكِ الميمونِ iiمبتهجٌ
يـزفُّ فـرحتَه النَّشْوى ii«لعدنان»

مومني محمد
2007-09-05, 20:22
نبذة عن حياة علي محمود طه



--------------------------------------------------------------------------------

علي محمود طه : (1901- 1949)

ولد علي محمود طه في الثالث من أغسطس سنة 1901 بمدينة المنصورة عاصمة الدقهلية لأسرة من الطبقة الوسطى وقضى فيها صباه . حصل على الشهادة الابتدائية وتخرج في مدرسة الفنون التطبيقية سنة 1924م حاملاً شهادة تؤهله لمزاولة مهنة هندسة المباني . واشتغل مهندساً في الحكومة لسنوات طويلة ، إلى أن يسّر له اتصاله ببعض الساسة العمل في مجلس النواب .

وقد عاش حياة سهلة لينة ينعم فيها بلذات الحياة كما تشتهي نفسه الحساسة الشاعرة . وأتيح له بعد صدور ديوانه الأول " الملاح التائه " عام 1934 فرصة قضاء الصيف في السياحة في أوربا يستمتع بمباهج الرحلة في البحر ويصقل ذوقه الفني بما تقع عليه عيناه من مناظر جميلة .

وقد احتل علي محمود طه مكانة مرموقة بين شعراء الأربعينيات في مصر منذ صدر ديوانه الأول " الملاح التائه "، وفي هذا الديوان نلمح أثر الشعراء الرومانسيين الفرنسيين واضحاً لا سيما شاعرهم لامارتين . وإلى جانب تلك القصائد التي تعبر عن فلسفة رومانسية غالبة كانت قصائده التي استوحاها من مشاهد صباه حول المنصورة وبحيرة المنزلة من أمتع قصائد الديوان وأبرزها. وتتابعت دواوين علي محمود طه بعد ذلك فصدر له : ليالي الملاح التائه (1940)- أرواح وأشباح (1942)- شرق وغرب (1942)- زهر وخمر (1943)- أغنية الرياح الأربع (1943)- الشوق العائد (1945)- وغيرها.

وقد كان التغني بالجمال أوضح في شعره من تصوير العواطف، وكان الذوق فيه أغلب من الثقافة . وكان انسجام الأنغام الموسيقية أظهر من اهتمامه بالتعبير. قال صلاح عبد الصبور في كتابه " على مشارف الخمسين ": قلت لأنور المعداوي: أريد أن أجلس إلى علي محمود طه. فقال لي أنور : إنه لا يأتي إلى هذا المقهى ولكنه يجلس في محل " جروبي " بميدان سليمان باشا. وذهبت إلى جروبي عدة مرات، واختلست النظر حتى رأيته .. هيئته ليست هيئة شاعر ولكنها هيئة عين من الأعيان . وخفت رهبة المكان فخرجت دون أن ألقاه، ولم يسعف الزمان فقد مات علي محمود طه في 17 نوفمبر سنة 1949 إثر مرض قصير لم يمهله كثيراً وهو في قمة عطائه وقمة شبابه ، ودفن بمسقط رأسه بمدينة المنصورة . ورغم افتتانه الشديد بالمرأَة وسعيه وراءها إلا أنه لم يتزوج .

وعلي محمود طه من أعلام مدرسة "أبولو" التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي.. يقول عنه أحمد حسن الزيات: كان شابّاً منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك!!

ويرى د. سمير سرحان ود. محمد عناني أن "المفتاح لشعر هذا الشاعر هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطها.. بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي.. كان علي محمود طه أول من ثاروا على وحدة القافية ووحدة البحر، مؤكداً على الوحدة النفسية للقصيدة، فقد كان يسعى - كما يقول الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه ثورة الأدب - أن تكون القصيدة بمثابة "فكرة أو صورة أو عاطفة يفيض بها القلب في صيغة متسقة من اللفظ تخاطب النفس وتصل إلى أعماقها من غير حاجة إلى كلفة ومشقة.. كان علي محمود طه في شعره ينشد للإنسان ويسعى للسلم والحرية؛ رافعاً من قيمة الجمال كقيمة إنسانية عليا..

ويعد الشاعر علي محمود طه أبرز أعلام الاتجاه الرومانسي العاطفي في الشعر العربي المعاصر ، وقد صدرت عنه عدة دراسات منها كتاب أنور المعداوي " علي محمود طه: الشاعر والإنسان " وكتاب للسيد تقي الدين " علي محمود طه، حياته وشعره " وكتاب محمد رضوان " الملاح التائه علي محمود طه "، وقد طبع ديوانه كاملاًََ في بيروت .


فلسطين - لعلي محمود طه



--------------------------------------------------------------------------------


أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَـدَى فَحَقَّ الجِهَادُ ، وَحَقَّ الفِـدَا

أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَــةَ مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّــؤْدَدَا ؟

وَلَيْسُوا بِغَيْرِ صَلِيلِ السُّيُـوفِ يُجِيبُونَ صَوْتَاً لَنَا أَوْ صَدَى

فَجَرِّدْ حُسَامَكَ مِنْ غِمْــدِهِ فَلَيْسَ لَـهُ، بَعْدُ ، أَنْ يُغْمَـدَا

أَخِي، أَيُّهَـــا العَرَبِيُّ الأَبِيُّ أَرَى اليَوْمَ مَوْعِدَنَا لاَ الغَـدَا

أَخِي، أَقْبَلَ الشَّرْقُ فِي أُمَّــةٍ تَرُدُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُـدَى

أَخِي، إِنَّ فِي القُدْسِ أُخْتَاً لَنَـا أَعَدَّ لَهَا الذَّابِحُونَ المُــدَى

صَبَرْنَا عَلَى غَدْرِهِمْ قَادِرِيـنَ وَكُنَّا لَهُمْ قَدَرَاً مُرْصَــدَا

طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ طُلُوعَ المَنُــونِ فَطَارُوا هَبَاءً ، وَصَارُوا سُدَى

أَخِي، قُمْ إِلِى قِبْلَةِ المَشْرِقَيْـن ِ لِنَحْمِي الكَنِيسَةَ وَالمَسْجِـدَا

أَخِي، قُمْ إِلَيْهَا نَشُقُّ الغِمَـارَ دَمَاً قَانِيَاً وَلَظَىً مُرْعِــدَا

أَخِي، ظَمِئَتْ لِلْقِتَالِ السُّيُوفُ فَأَوْرِدْ شَبَاهَا الدَّمَ المُصْعَـدَا

أَخِي، إِنْ جَرَى فِي ثَرَاهَا دَمِي وَشَبَّ الضَّرَامُ بِهَا مُوقــدَا

فَفَتِّشْ عَلَى مُهْجَـــةٍ حُرَّةٍ أَبَتْ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا العِــدَا

وَخُذْ رَايَةَ الحَقِّ مِنْ قَبْضَــةٍ جَلاَهَا الوَغَى ، وَنَمَاهَا النَّدَى

وَقَبِّلْ شَهِيدَاً عَلَى أَرْضِهَــا دَعَا بِاسْمِهَا اللهَ وَاسْتَشْهَـدَا

فِلَسْطِينُ يَفْدِي حِمَاكِ الشَّبَابُ وَجَلَّ الفِدَائِيُّ وَالمُفْتَــدَى

فِلَسْطِينُ تَحْمِيكِ مِنَّا الصُّـدُورُ فَإِمَّا الحَيَاةُ وَإِمَّــا الرَّدَى




--------------------------------------------------------------------------------

مومني محمد
2007-09-05, 20:25
نبذة عن حياة الجواهري



--------------------------------------------------------------------------------

- ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.

- تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " . وكان لهذه الأسرة ، كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية .

- قرأ القرآن الكريم وهو في هذه السن المبكرة وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه، ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة، فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك . وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر ، وبعد أن ينجح في الامتحان يسمح له بالخروج فيحس انه خُلق من جديد ، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار .

- ‏أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .‏

- كان قوي الذاكرة ، سريع الحفظ ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة .‏

- كان أبوه يريده عالماً لا شاعراً ، لكن ميله للشعر غلب عليه . وفي سنة 1917، توفي والده وبعد أن انقضت أيام الحزن عاد الشاب إلى دروسه وأضاف إليها درس البيان والمنطق والفلسفة.. وقرأ كل شعر جديد سواء أكان عربياً أم مترجماً عن الغرب .

- وكان في أول حياته يرتدي العمامة لباس رجال الدين لأنه نشأ نشأةً دينيه محافظة ، واشترك بسب ذلك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية وهو لابس العمامة ، ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد ، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة ( الفرات ) وجريدة ( الانقلاب ) ثم جريدة ( الرأي العام ) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين .

- لم يبق من شعره الأول شيء يُذكر ، وأول قصيدة له كانت قد نشرت في شهر كانون الثاني عام 1921 ، وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية .

- نشر أول مجموعة له باسم " حلبة الأدب " عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين .

- سافر إلى إيران مرتين : المرة الأولى في عام 1924 ، والثانية في عام 1926 ، وكان قد أُخِذ بطبيعتها ، فنظم في ذلك عدة مقطوعات .

- ترك النجف عام 1927 ليُعَيَّن مدرّساً في المدارس الثانوية ، ولكنه فوجيء بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية .

- أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره .

- استقال من البلاط سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات) ، وقد صدر منها عشرون عدداً ، ثم ألغت الحكومة امتيازها فآلمه ذلك كثيراً ، وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى ، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل لإلى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير .

- في عام 1935 أصدر ديوانه الثاني بإسم " ديوان الجواهري " .

- في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي .وإذ أحس بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدأ يعارض سياسة الحكم فيما ينشر في هذه الجريدة ، فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً .

- بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام) ، ولم يتح لها مواصلة الصدور ، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة .

- لما قامت حركة مارس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران ، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام) .

- في عام 1944 شارك في مهرجان أبي العلاء المعري في دمشق .

- أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات والتي برز فيها شاعراً كبيراً .

- شارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الاسكندرية .

- انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين .

- واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين .

- أقام في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في عام 1965 ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة " .

- عاد إلى العراق في عام 1968 وخصصت له حكومة الثورة راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر .

- في عام 1969 صدر له في بغداد ديوان "بريد العودة" .

- في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " أيها الأرق" .وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق . وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " خلجات " .

- في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس .

- بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي بسط رعايته لكل الشعراء والأدباء والكتّاب.

- كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد ، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» ذروة من الذرا الشعرية العالية .

- يتصف أسلوب الجواهري بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس الملتحم بالصور الهادرة كالتيار في النفس ، ولكنه يبدو من خلال أفكاره متشائماً حزيناً من الحياة تغلف شعره مسحة من الكآبة والإحساس القاتم الحزين مع نفسية معقدة تنظر إلى كل أمر نظر الفيلسوف الناقد الذي لايرضيه شيء.

- وتوفي الجواهري في السابع والعشرين من تموز 1997 ، ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها فكان بحق شاهد العصر الذي لم يجامل ولم يحاب أحداً .‏

- وقد ولد الجواهري وتوفي في نفس الشهر، وكان الفارق يوماً واحداً مابين عيد ميلاده ووفاته. فقد ولد في السادس والعشرين من تموز عام 1899 وتوفي في السابع والعشرين من تموز 1997 .‏

* * *
الراعي - لمحمد مهدي الجواهري



--------------------------------------------------------------------------------

لَفَّ العَباءَةَ واستقَـلاَّ بقطيعِهِ عَجَلاً .. ومَهْلا

وانصاعَ يَسْحَبُ خَلْفَهُ رَكْبَاً يُعَرِّس حيثُ حَلاَّ (1)

أوْفَى بها.. صِلاًّ يُزاحِمُ في الرمالِ السُّمْـرِ صِلاَّ

يَرْمِي بها جبلاً فَتَتْبَعُ خَطْوَهُ .. ويَحُـطُّ سَهْلاَّ

أبداً يقاسِمُها نَصِيباً من شَظيف العَيْشِ عَدْلاََ

يَصْلَى كما تَصْلَى الهجيرَ ويستقي ثَمَدَاً وضَحْلاَ (2)

يُومِي فَتَفْهَمُ ما يُرِيدُ ويَرْتَمِي فَتَهُـبُّ عَجْلَى

وتكادُ تُعْرِبُ "بالثُغَاءِ" " هَلاَ " وَ"حَيِّهَلاَ " وَ"هَلاَّ"

يَقْفُو بِعَيْنِ النَّسْرِ تَرْقُبُ أَجْـدَلاً - ذئباً أَزَلاَّ (3)

وَيَحُوطُ كالأَسَدِ ٱجْتبى أشبالَهُ .. جَدْيَاً وَسَخْلاَ

أَوْفَى على رَوْضِ الحياةِ يَجُوبُهُ حَقْلاً فَحَقْـلاَ

وٱرْتَدَّ يَحْمِلُ ما يَصُونُ ذَمَاً .. وما أَغْنَى وقَلاَّ (4)

نَايَاً يَذُودُ بهِ الوَنَى وَيُلَوّنُ النَّسَـقَ المُمِلاَّ

وعَصَاً يَهُشُّ بها .. ويَرْقَى ذروةً .. ويُقِيـمُ ظِلاَّ

* * * * *

يا رَاعِيَ الأغْنَامِ : أَنْتَ أَعَزُّ مملكـةً وأَعْلَى

للهِ مُلْكُكَ مَا أَدَقَّ وَمَا أَرَقَّ . . وَمَا أَجَلاَّ

يرْوِيكَ مِنْ رَشَفَاتِهِ قَمَرُ السَّمَاءِ إذا أَطَلاَّ

ويَقِيكَ في وَعْثِ السُّرَى وَهَجُ المَجَرَّةِ أَنْ تَضِلاَّ

وتَلُمُّ في الأَسْحَارِ عنقودَ النُّجُـومِ إذا تَـدَلَّى

أبداً تَشِيمُ الجَوَّ تَعْرِفُ عندَهُ خِصْبَاً ومَحْـلاَ

وتكادُ تَغْرِفُ وابِلاً حذقَاً وَتَرْشِفُ منهُ طَلاَّ

تُزْهَى ، بأنَّ الأرضَ خضراءٌ زَهَتْ نَبْتَاً وبَقْـلاَ

وَتَوَدُّ لَوْ حَنَتِ الفُصُولُ على الرَّبِيعِ فَكُنَّ فَصْلاَ

وَلَوَ أَنَّ كُلَّ الناسِ مِثْلُكَ من غَضَارَتِـها تَمَلَّى

أُعْطِيتَ نَفْسَاً لَمَّتِ الأجزاءَ حتّى صِرْنَ " كُلاَّ "

وأَسَلْتَ " بَعْدَاً " في غِمَارِ الذكرياتِ فعادَ " قَبْلاَ "

عُرْيَانُ من " عُقَدِ " النفوسِ عَصِلْنَ .. فٱستعصينَ حَلاَّ (5)

لم تَرْعَ من شجرِ التَّكَالُبِ وارفاً حقـداً وَغلاّ

وجهلْتَ مُتْرَفَةَ الحياةِ تَذَوَّبَـتْ كَسَـلاً وذُلاَّ

لم تَخْشَ بُؤْسَ غَدٍ يُشَوِّهُ من جمالِ " اليومِ " شَكْلاَ

لا تعرف " الأشباحَ " رَعْنَاءَ الخُطَى ، شَوْهَاءَ ، خَجْلَى

أَطْيَافُكَ الزَّهْرُ النَّدِيُّ شَـذَاً ، وألوانَـاً وظِلاَّ

وَمَطَارِحُ "المِعْزَى" تُعَاوِدُ عندَها وَطَنَـاً وأَهْلاَ

وَكَسَرْحِكَ الرَّاعِي تَعِنُّ رُؤَاكَ مُعْلَمَـةً وَغُفْـلاَ

تَرْتَادُ "مُعْجَمَةَ" الدُّنَى وَتَجُوسُهَا فَصْـلاً فَفَصْلاَ

وَتُسَامِرُ النَّجْوَى تَعُبُّ بِكَأْسِهَا نَهَـلاً وَعَلاَّ

وَتَرَى مُلَوَّنَةَ الطبيعـةِ إِذْ تَغُـمُّ .. وإذْ تَحَـلَّى

غُولَ الظَّلامِ إذَا تَعَلَّى وَسَنَا الصَّبَـاحِ إذَا تَجَلَّى

* * * * *

حُيِّيتَ رَاعِي الضَّأْنِ يَرْعَى ذِمَّـةً كَبُرَتْ و"إِلاَّ "

تلكَ الأمانةُ أَوْدَعَتْ أثقالَهَا كُفُـوَاً وَأَهْـلاَ

كانتْ لهُ غَـلاًّ وَآخَرُ شَاءَهَا للناسِ غُـلاَّ (6)

ما أقبحَ الدُّنيا إذا ضَلَّ الرُّعَـاةُ وما أَضَـلاَّ

* * * * *

-----------------

* نظمت والشاعر في طريقه إلى مدينة "علي الغربي"، حيث كان يعمل بالزراعة ، إذ استوقفه مشهد الرعيان في المروج الخضر .

(1) التعريس : نزول القوم من السفر في آخر الليل .

(2) الثمد : الماء القليل .

(3) الأجدل : الصقر . الأزَلّ : السريع .

الذما : بقية الروح .

(5) عصل : أعوج في صلابة خلقة .

(6) يريد بغل الأولى : المغنم ، وبالغل بالضم : القيد .

king44
2007-09-05, 20:35
شكرا اخي مومني محمد

مومني محمد
2007-09-05, 20:44
نبذة عن حياة محمود حسن إسماعيل



--------------------------------------------------------------------------------

محمود حسن إسماعيل

(1910-1977)

ولد بقرية النخيلة بمحافظة أسيوط في 2/7/1910، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بين مدارس أسيوط والقاهرة.

ثم لحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وتخرّج منها عام 1936 حيث حصل على ليسانس العلوم العليا، وقد اكتسب ثقافة واسعة وأُتيح له من التجارب ما لم يتح لزملائه، فعمل أول ما عمل محرراً بالمجمع اللغوي، ولم يلبث أن انتقل مستشاراً ثقافياً بالإذاعة المصرية وعمل فيها عدة سنوات، سافر بعدها في أواخر السبعينيات إلى الكويت بعد أن أُحِيلَ إلى التقاعد حيث عمل مدة سنتين أو ثلاثاً إلى أن توفي إلى رحمة الله بالكويت في 25 نيسان سنة 1977م، فنقل جثمانه إلى مصر حيث دفن في ثراها، وكانت مصر في وجدانه طوال فترة غربته عنها.

ومحمود حسن إسماعيل شاعر كبير متميز له لونه الشعري الخاص به، وقد أثار شعره الكثير من الجدل، فأشاد به بعض النقّاد باعتباره شعراً ذا أبعاد عميقة، وهاجمه آخرون باعتباره شعراً غامضاً بعيداً عن أرض الواقع، يجسد أخيلة مغرقة في الرمزية.

وقد تشكّل وجدان محمود حسن إسماعيل بكل صور الطبيعة الجميلة التي شاهدها في قريته النخيلة، وبكل أحزان الفلاحين البسطاء ومعاناتهم، أولئك الذين نشأ بينهم وعاشرهم وتأثّر بهم فتشرّب كل هذه الصور التي عكسها في شعره طوال حياته.

أشهر أعماله:

أصدر عدة دواوين هي على التوالي:

- أغاني الكوخ، 1935.

- هكذا أغني، 1937.

- الملك، 1946.

- أين المفر، 1947.

- نار وأصفاد، 1959.

- قاب قوسين، 1964.

- لا بد، 1966.

- التائهون، 1967.

- صلاة ورفض، 1970.

- هدير البرزخ، 1972.

- صوت من الله، 1980.

- نهر الحقيقة، 1972

- موسيقى من السر، 1978.

- رياح المغيب، نشرته دار سعاد الصباح لأول مرة عام 1993.

وقد صدرت منذ بضع سنوات مجموعة أشعاره الكاملة.

وكان شعر محمود حسن إسماعيل موضوعاً لعدة رسائل جامعية باعتباره لوناً فريداً في الشعر العربي المعاصر لواحد من أبرز شعراء التجديد.

من قصائد الشهيرة المغنّاة:

تغنى بشعره كبار المطربين، ومن أشهر قصائده «النهر الخالد»، «ودعاء الشرق»، اللتان شدا بهما الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأنشودة «يد الله» للمطربة نجاح سلام، وأغان أخرى مختلفة.

ندوات ومحاضرات:

- الاشتراك في مؤتمرات الأدباء والشعر العربي، والمحافل الأدبية في مصر والبلاد العربية منذ عام 1935.

- الاشتراك في الندوة العالمية لموضوع الالتزام في الأدب بيوغسلافيا عام 1969.

- تمثيل مصر في مهرجان الشعر العالمي بيوغسلافيا عام 1969.

- الاشتراك في مهرجان الكواكب بمدينة «حلب».

جوائز تقديرية وأوسـمة:

حصل على عدة جوائز منها :

- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1963.

- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1965.

- جائزة الدولة التشجيعية عام 1964.

- وسام تقدير من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.

أعمال أدبية :

- له كتاب «الشعر في المعركة » الذي صدر الجزء الأول منه عام 1957، والجزء الثاني عام 1967.

دراسات أدبية ومقالات وقصائد نشرت في المجلات والصحف:

له عدد من الدراسات الأدبية والمقالات والقصائد التي نشرت في العديد من الدوريات العربية مثل: السياسة الأسبوعية، أبوللو، النهضة الفكرية، الرسالة، الهلال، المصور، الإذاعة، الأقلام العراقية، البيان الكويتية، الرسالة الجديدة، الأدباء العرب، الوعي الإسلامي الكويتية، المسلمون، الأديب اللبنانية، مجلة المجلة، مجلة الشعر- مع الإشراف على تحريرها. وفي الصحف مثل: الأهرام، البلاغ، المصري، الدستور، الأخبار، الجمهورية.


الانتظار - لمحمود حسن إسماعيل



--------------------------------------------------------------------------------


انـتظرني هنا مع الليل.. iiإنّي
أنـا فـي صدركَ المحطَّم iiسِرُّ
هـكذا قالتِ الشقيّةُ iiواللَّيْـ
ـلُ على صدرها أنينٌ iiوشِعْر
واهـتـزازٌ كـأنّه قُبَل iiالعُشّا
قِ، لـم يـحمِها حجاب وسترُ
ولـهـا نـظـرةٌ كأنَّ iiبقايا
مـن وداع عـلى الجفون iiتمرّ
نعسةٌ، وانتعاشة.. وهنا الشَيْ
ءُ الذي قيل عنه للناس: سِحر!
وابـتـهالٌ كأنّه غُربة iiالطَّيْـ
ـرِ، لـها في سمائم البِيد سَيْر
ولـها رعشةٌ كما انتفضتْ iiكأ
سٌ بـكـفّي، فكلُّها ليَ iiسُكْر
زمّارتي في الحقول كم صدحتْ
فـكدتُ من فرحتي أطيرُ iiبها!
الـجَدْيُ في مرتعي iiيراقصُـها
والـنَّـحْل في ربوتي iiيُجاوبُها
والـضَّوْءُ منْ نشوةٍ iiبنغْمتها!
قـد مـال فـي رَأْده يُلاعبُها
رنـا لـها من جفون سَوْسنَةٍ
فـكـاد من سَكرةٍ iiيُخاطبُها
نـفـخـتُ في نايها iiفطَرَّبني
وراح فـي عُـزلـتي iiيُداعبُها
يُـغـازلُ الروحَ من ملاحِنِهِ
بـخَـفْـقَةٍ في الضُّحَى تُواثبُها
سـكرانُ من بهْجة الربيع iiبلا
خـمْـرٍ بـه رُقْرِقَتْ سَواكِبُها
يـهـفـو إلـى مهده iiبمائسةٍ
مـن غَـضِّ بـرْسيمه iiيُراقبُها
صَـبـيَّـةٍ فُـوِّفَتْ iiغلائلُها
وطُـرِّزَت بـالـسَّنَا iiذوائبُها
غـنَّيْتُ في ظلِّها.. فهل iiسمعتْ
لـحـني وقَدْ أُرْعِشَتْ ترائبُها!
أم زارهـا فـي مِهادها iiنَسَمٌ
وراح مـن فـتـنةٍ iiيُجاذبُها؟

مومني محمد
2007-09-05, 20:48
نبذة عن حياة نازك الملائكة

ولدت الشاعرة نازك الملائكة في بغداد عام 1923م ، ونشأت في بيت علمٍ وأدب ، في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق أم نزار الملائكة وأبيها الأديب الباحث صادق الملائكة ، فتربَّت على الدعة وهُيئتْ لها أسباب الثقافة . وما أن أكملتْ دراستها الثانوية حتى انتقلت إلى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 بدرجة امتياز ، ثم توجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للاستزادة من معين اللغة الانكليزية وآدابها عام 1950 بالإضافة إلى آداب اللغة العربية التي أُجيزت فيها . عملت أستاذة مساعدة في كلية التربية في جامعة البصرة .

تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ، بالإضافة إلى اللغة العربية ، وتحمل شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية ببغداد ، والماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا .

مثّلت العراق في مؤتمر الأدباء العرب المنعقد في بغداد عام 1965 .

آثارها : لها من الشعر المجموعات الشعرية التالية :

& عاشقة الليل صدر عام 1947.

& شظايا ورماد صدر عام 1949 .

& قرارة الموجة صدر عام 1957 .

& شجرة القمر صدر عام 1965 .

& مأساة الحياة وأغنية للإنسان صدر عام 1977 .

& للصلاة والثورة صدر عام 1978 .

& يغير ألوانه البحر طبع عدة مرات .

& الأعمال الكاملة - مجلدان - ( عدة طبعات ) .

ولها من الكتب :

& قضايا الشعر المعاصر .

& التجزيئية في المجتمع العربي .

& الصومعة والشرفة الحمراء .

& سيكولوجية الشعر .

كتبت عنها دراسات عديدة ورسائل جامعية متعددة في الكثير من الجامعات العربية والغربية .

&نشرت ديوانها الأول " عاشقة الليل " في عام 1947 ، وكانت تسود قصائده مسحة من الحزن العميق فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل لا نقع إلا على مأتم ، ولا نسمع إلا أنيناً وبكاءً ، وأحياناً تفجعاً وعويلاً " وهذا القول لمارون عبود .

ثم نشرت ديوانها الثاني شظايا ورماد في عام 1949 ، وثارت حوله ضجة عارمة حسب قولها في قضايا الشعر المعاصر ، وتنافست بعد ذلك مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر ، وادعى كل منهما انه اسبق من صاحبه ، وانه أول من كتب الشعر الحر ونجد نازك تقول في كتابها قضايا الشعر المعاصر " كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947 ، ومن العراق ، بل من بغداد نفسها ، زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت ، بسبب تطرف الذين استجابوا لها ، تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً ، وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة " الكوليرا " وهي من الوزن المتدارك ( الخبب) . ويبدو أنها كانت متحمسة في قرارها هذا ثم لم تلبث أن استدركت بعض ما وقعت فيه من أخطاء في مقدمة الطبعة الخامسة من كتابها المذكور فقالت :عام 1962 صدر كتابي هذا ، وفيه حكمتُ أن الشعر الحر قد طلع من العراق ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي ، ولم أكن يوم أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعراً حراً قد نظم في العالم العربي قبل سنة 1947 سنة نظمي لقصيدة (الكوليرا) ثم فوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة قد ظهرت في المجلات الأدبية والكتب منذ سنة 1932 ، وهو أمر عرفته من كتابات الباحثين والمعلقين لأنني لم أقرأ بعد تلك القصائد في مصادرها " .

في وادي الحياة - لنازك الملائكة

عُدْ بِي يا زورقي الكَلِيـلا فَلَنْ نَرَى الشاطيءَ الجَمِيـلا

عُدْ بِي إلى مَعْبـَدِي فـإنّي سَئِمْتُ يَا زَوْرَقِـي الرَّحِيـلا

وضِقْتُ بالموجِ أيَّ ضِيـقٍ وما شَفَى البحـرُ لي غَلِيـلا

إلامَ يا زورقي المُـعَنَّـى نَرْجُو إلى الشَّاطِيءِ الوُصُولا؟

والمَوْجُ مِنْ حَولنـا جِبَـالٌ سَدَّتْ عَلى خَطْوِنَا السَّبِيـلا

والأُفـقُ مِنْ حَولنا غُيُـومٌ لا نَجْمَ فِيه لَنَـا دَلِيـلا

كَمْ زَورقٍ قبلَنـا تَوَلَّـى وَلَمْ يَزَلْ سَـادِراً جَهـُولا

فَعُـدْ إلى معبدي بقلـبي وَحَسْـبُ أيامنـا ذُهـولا

* * *

حسبُكَ يا زورقـي مَسيراً لن يُخْدَعَ القلبُ بالسَّـرابِ

وارجِعْ، كما جِئْتَ ، غيرَ دَارٍ قد حَلُكَ الجـوُّ بالسَّحَـابِ

وَمـَلَّ مجدافُـكَ الـمُعَنَّى تَقَلُّـبَ المـوجِ والعُبَـابِ

ولم يَزَلْ معبـدي بعيـداً خَلْفَ الدياجيـرِ والضَّبَـابِ

يَشُوقُني الصَّمْتُ في حِمَـاهُ وَفِتْنَـةُ الأَيْـكِ والرَّوَابـي

عُدْ بيَ يـا زورقـي إليـهِ قَدْ حَانَ ، يا زورقي ، إِيَابِـي

مَا كَفْكَفَ البَحْرُ من دُمُوعِي ولا جَـلا عَنّـيَ اكْتِئَابـي

فَفِيمَ في مَوْجِهِ اضطرابـي؟ وأينَ ، يا زورقي ، رِغَابِـي؟

* * *

تَائِهـَةٌ ، والحيـاةُ بحـرٌ شَاطِـئُهُ مُبْعِـدٌ سَحِيـقُ

تَائِهـَةٌ والظـلامُ دَاجٍ والصَّمْتُ تحتَ الدُّجَى عَمِيقُ

يَا زورقي آهِ لَـوْ رَجَعْنَـا مِنْ قَبْل أَنْ يَخْـبُوَ البَرِيـقُ

انْظُرْ حَوَالَيْكَ ، أَيُّ نَـوْءٍ تَجْمَدُ مِنْ هَوْلِـهِ العُـرُوقُ

البحرُ ، يا زَورقِي جُنُـونٌ ومـوجُـهُ ثَائِـرٌ دَفُـوقُ

وَكُـلّ يَوْمٍ لـَهُ صَرِيـعٌ في هَجْعَـةِ الموتِ لا يُفِيـقُ

وَأَنْتَ في الموجِ والدياجِي يا زورقـي في غَـدٍ غَرِيـقُ

فَعُدْ إلى الأمْسِ ، عُدْ إليهِ قـد شَاقَني أَمْسِيَ الوَرِيـقُ

* * *

مَاذَا وَرَاءَ الحياةِ ؟ مَـاذَا ؟ أَيُّ غُمـُوضٍ ؟ وَأَيُّ سِـرِّ

وَفِيمَ جِئْنَا ؟ وَكَيْفَ نَمْضِي؟ يـا زورقي ، بَلْ لأَيِّ بَحْـرِ

يَدْفَعُكَ الموجُ كُـلَّ يَـوْمٍ أَيْـنَ تُـرَى آخِـرُ المَقَـرِّ

يا زورقي طَالَ بي ذُهُـولي وَأَغْرَقَ الوَهْـمُ جَوَّ عُمْرِي

أَسْرِي كَمَا تَرْسُمُ المقادِيرُ لي إلى حَيْـثُ لَسْـتُ أدْرِي

شَرِيدَةٌ في دُجَـى حَيَاتِـي سَـادِرَةٌ في غُمُوضِ دَهْـرِي

فَخَافِـقٌ شَاعِـرٌ ، وَرُوحٌ قَـالَ لـها الدَّهْرُ لا تَقَـرِّي

وَنَاطَهَـا بِالذُّرَى تُغَـنِّـي وَتَنْظِمُ الكَوْنَ بَيْـتَ شِعْـرِ

12-6-1945م

المصدر : ديوان نازك الملائكة ، المجلد الأول ، ص 550 ، دار العودة - بيروت ، 1986 .

مومني محمد
2007-09-05, 20:50
ناصيف اليازجي (1800-1871م )

- هو ناصيف بن عبد الله بن جنبلاط بن سعد اليازجي اللبناني المولد الحمصيّ الأصل . ولد في قرية كفر شيما من قرى الساحل اللبناني في 25 آذار سنة 1800 م في أسرة اليازجي التي نبغ كثير من أفرادها في الفكر والأدب.

- نشأ ناصيف ميالاً إلى الأدب والشعر ، وأقبل على الدرس والمطالعة بنفسه ، وتصفّح ما تصل إليه يده من كتب النحو واللغة ودواوين الشعراء ، ونظم الشعر وهو في العاشرة من عمره ، ولم تكن الكتب المطبوعة ميسّرة في عصره فكان جل اعتماده على كتب يستعيرها من المكتبات الخاصة ، فمنها ما يقرأها مرة فيحفظ زبدتها ومنها ما ينسخها بخط يده.

- بعد اكتمال شخصيته الثقافية اتصل بالأمير بشير الشهابي الكبير ، أمير لبنان ، فقرّبه إليه وجعله كاتباً له ، فلبث في خدمته اثنتي عشرة سنة ، ولما كانت سنة 1840 م وهي السنة التي خرج فيها الأمير بشير من لبنان إلى منفاه انتقل ناصيف اليازجي بأهل بيته إلى بيروت فأقام بها وتفرغ للمطالعة والتأليف والتدريس ونظم الشعر ومراسلة الأدباء فذاع صيته وأشتهر ذكره.

- اتصل بالمرسلين الأميركيين يصحح مطبوعاتهم ، ودعي للتعليم في المدرسة الوطنية التي كان قد أسسها المعلم بطرس البستاني وذلك عام 1863 ، واشتغل معه بتصحيح الجزء الأول من معجمه " محيط المحيط " ، وشارك في أول ترجمة عربية للكتاب المقدس في العصر الحديث ، وهي الترجمة التي قام بها الأمريكان بهمة عالي سميث وكرنيليوس فان ديك.

- علم في مدرسة الأمريكان في بيروت ( الجامعة الأمريكية فيما بعد ) ، وصنف مجموعة من المؤلفات اللغوية التعليمية تعد بدء بعث اللغة العربية الفصحى? في العصر الحديث .

- أصيب بمرض عضال سنة 1869م وأصيب بشلل نصفي عطّل شطره الأيسر فلزم داره ، وفي أثناء مرضه فجع بفقد ابنه البكر الشيخ حبيب وهو بعد في شرخ شبابه فوقع عليه ذلك الحادث وقوع الصاعقة ولم يعش بعد ذلك إلا أربعين يوماً وكانت وفاته في 8 شباط (فبراير) سنة 1871 م.

مؤلفاته:

ترك ناصيف اليازجي مؤلفات متعددة شملت الصرف والنحو والبيان واللغة والمنطق والطب والتاريخ ، كما ترك ديواناً شعرياً متنوع الموضوعات ، ومراسلات شعرية ونثرية ، وأهم هذه المؤلفات:

* « نار القرى في شرح جوف الفرا » ، في الصرف والنحو.

* « فصل الخطاب في أصول لغة الأعراب » ، وهي رسالة في التوجيهات النحوية.

* « عقد الجمان في علم البيان ».

* « مجمع البحرين » ، وهو يشتمل على ستين مقامة على غرار مقامات الحريري وبديع الزمان الهمداني.

* « ديوان ناصيف اليازجي ».


دع يوم أمس - لناصيف اليازجي



دَعْ يومَ أمسِ وخُذْ في شأنِ يومِ غَدِ واعدِدْ لِنفسِك فيهِ أفضَلَ العُدَدِ

واقنَعْ بِما قَسَمَ اللهُ الكريمُ ولا تَبسُطْ يَديَـكَ لنَيلِ الرِّزقِ من أحَدِ

والبَسْ لكُلِّ زمانٍ بُرْدةً حَضَرَتْ حتى تُحَاكَ لـكَ الأُخرى من البُرَدِ

ودُرْ مَعَ الدَّهْرِ وانظُرْ في عَواقبِهِ حِذارَ أن تُبتَلـى عَيناكَ بالرَّمَـدِ

مَتَى تَرَ الكلبَ في أيَّامِ دَوْلتِـهِ فاجَعلْ لرِجْليكَ أطواقاً من الزَرَدِ

واعلَمْ بأنَّ عليكَ العارَ تَلْبَسُـهُ من عَضَّةِ الكلْبِ لا من عضَّةِ الأسَدِ

لا تأمُلِ الخيرَ من ذي نعمةٍ حَدَثَتْ فَهْوَ الحريصُ على أثوابـهِ الجُدُدِ

واحرِصْ على الدُرِّ أن تُعطِي قلائدَهُ مَن لا يُميِّـزُ بَيْنَ الدُرِّ والبَـرَدِ

أعدَى العُداةِ صَديقٌ في الرَّخاءِ فإن طَلَبْتَـهُ في أوانِ الضِّيـقِ لم تَجِـدِ

وأوثَقُ العهدِ ما بينَ الصِّحابِ لِمَنْ عاقَدتَ قلبـاً بقلبٍ لا يَداً بيَدِ

عليكَ بالشُّكرِ للمُعْطِي على هِبَـةٍ ودَعْ حَسُودَكَ يَشوي فِلْذَة الكَبِدِ

لو كانَ يَفَعلُ في ذي نِعمةٍ حَسَـدٌ لَمْ ينجُ ذو نعمةٍ من غائلِ الحَسَدِ

مَحَضْتُكَ النُّصْحَ عن خُبرٍ وتَجرِبـةٍ واللهُ سُبحانَـهُ الهادي إلى الرَشَدِ

فاخَترْ لنفسِكَ غيري صاحباً فأنا شُغِلْتُ عنكَ بِمَا قد جَدَّ في البَلَدِ

قد شَرَّفَ اليومَ إبراهيـمُ بلَدتَنـا كأنَّهُ الرُوحُ قد فاضَتْ على الجَسَدِ

أهدَتْ إلينا ضَواحي مِصْرَ جَوْهَرةً من مالِنا فهي قد جادَتْ ولَمْ تَجُدِ

ما زالتِ الشَّامُ تشكو طُولَ وَحْشتِهِ كالأمِّ طالتْ عليها غُربـةُ الوَلَدِ

سُرَّتْ بزَوْرتِـهِ يومـاً ونَغَّصَهـا خوفُ الفِراقِ فلم تَسلَمْ من الكَمَدِ

عليلةٌ من دواعي الشَّوقِ حينَ دَرَى من لُطفِـهِ ما بِهَا وافَى كمُفتقِدِ

لئنْ يكُنْ من حِماها غيرَ مُقترِبٍ فقلبُـهُ عن هَواها غيرُ مُبتعِـدِ

كريم نفسٍ يُراعي عهدَ صاحبهِ فلا يُقصِّـرُهُ طُـولٌ منَ المُـدَدِ

مُهذَّبٌ ليسَ في أقوالِـهِ زَلَـلٌ وليسَ في فِعلِـهِ عَيـبٌ لِمُنتَقـدِ

يقومُ بالأمـرِ بَيْنَ النَّاسِ مُنفـرِداً والغيرُ قد كَلَّ عنهُ غيرَ مُنفـرِدِ

ويَحطِمُ المَنكِبَ الأعلى بِهمَّتِـهِ من قُوَّةِ الرأي لا من قُوَّةِ العَضُدِ

منَ الرِّجالِ رجالٌ عَدُّهـم عَبَثٌ وواحدٌ قد كَفَى عن كَثْرةِ العَدَدِ

مالي وما لنُجوم الليلِ أحسُبُهـا إذا ظَفِرتُ بوجـهِ البَدرِ في الجَلَدِ

أهديتُهُ بِنْتَ فكرٍ قد فتحتُ لَهَا من حُسنِ أوصافهِ كَنْزاً بلا رَصَدِ

تَمكَّنت بعدَ ضُعفٍ من نَفائسِهِ حتَّى ابتَنَتْ كُلَّ بيتٍ شامخِ العُمُدِ

كلُّ الملابِسِ تَبلَى مثلَ لابِسِهـا ومَلبَسُ الشِّعرِ لا يبلى إلى الأبدِ

وأفضَلُ المدحِ ما وازَنْتَ صاحبَـهُ وزْنَ العَروض فلم تَنْقُص ولَمْ تَزِدِ

* * *

مومني محمد
2007-09-05, 20:52
نبذة عن حياة الشاعرة نداء خوري

نداء خوري شاعرة فلسطينية ولدت في قرية فسوطة بالجليل .

أصدرت حتى الآن سبعة دواوين شعرية .

1. أعلن لك صمتي - 1987 .
2. جديلة الرعد – 1989 .
3. النهر الحافي – 1990 .
4. زنار الريح – 1990 .
5. ثقافة النبيذ – 1993 .
6. خواتم الملح – 1998 .
7. أجمل الآلهات تبكي – 2000 .

8. تعمل الآن على كتاب جديد بعنوان " ما بعد الأديان . طرح نظري ورؤيا اجتماعية فلسفية جديدة .

حصلت على جائزة " الكتاب المعلم " 1995 - وزارة المعارف ، وعلى جائزة " التفرغ الإبداعي " 2000 - وزارة الثقافة والعلوم .

شاركت في عدة مؤتمرات ومهرجانات دولية للشعر وحقوق الإنسان . هولندا روتردام – أمستردام – فرتسان ايطاليا – جنوب أفريقيا .

ناشطة بالفعاليات التربوية والثقافة المحلية .

ترجمت قصائدها إلى عدة لغات ، الإنكليزية ، الهولندية ، الفرنسية ، الإيطالية ، الألمانية والعبرية .


كُتبت حول إنتاجها عدة دراسات أكاديمية في جامعة القدس تل أبيب وحيفا . والعديد من المقالات والنقد في الصحافة الثقافية محلياً وعربياً وعالمياً .

أمطرتنا الأرض على البلاد - للشاعرة نداء خوري

أمطرتنا الأرضُ على البلاد
ورداً بجناحات
لو نظرتَ .. ترى
كل البلاد ورداً واقفاً
يبكي الثرى .


رفرفةٌ .. طيرٌ مذبوح
أجنحةٌ مكسرة
خاطرٌ مكسور
عمرٌ منعوف
مذبوحٌ بنصلِ المبخرة .


ترفرفُ البلادُ جناحات محاصرة
مخيم مهدوم
فصل مقطوع
فصيل مزروع بدروب المقبرة .


لو نظرتَ ترى
ورداً يغطّ المناقير في التراب
وينتفض من لون السواد
صوتاً كالغراب


وورداً تخثَّر عطرُهُ
ولونه يجري ، كالنهر المذبوح يجري
مذبوحاً في عنق الفتى
وفي ذات العنق
نهر يستحم بالعطش
يتلوى من مذابحه
ويدمل مجراه
من غضب السحاب .


أمطرتنا الأرضُ على البلاد
ورداً بجناحات .
وانكسر جناحُ اللون
توشحوا بالسواد


انكسر جناحُ الصوت
صرخوا ..
انكسر الخاطر
انكسروا ...
ومرّوا جنازاتٍ تحملُ الجنازات .
وجناح النهار تحاصر
ثم تجاسر وانتحر .
وأمطرتنا الأرضُ ورداً
ووردنا العطش
اختنقنا ...
من فيوضات البشر .


سِلْنا وماعَتْ ملامحُنا
وتغشم العمرُ عنّا
أمطرتنا الأرض
شربتنا السماء
لحنا جنائزياً مكللاً بالفناء .

مومني محمد
2007-09-05, 20:55
نزار قبّاني

البطاقة الشخصية:
الاسم: نزار توفيق قباني
تاريخ الميلاد: 21 مارس 1923 .
محل الميلاد: حي مئذنة الشحم ..أحد أحياء دمشق القديمة .
الأسرة: أسرة قباني من الأسر الدمشقية العريقة .. ومن أبرز أفرادها أبو خليل القباني ، مؤسس المسرح العربي في القرن الماضي ، وجدّ نزار .. أما والده توفيق قباني فتقول كتب التاريخ إنه كان من رجالات الثورة السورية الأماجد ، وكان من ميسوري الحال يعمل في التجارة وله محل معروف ، وكان نزار يساعده في عملية البيع عندما كان في صباه .. أنجب توفيق قباني ستة أبناء .. نزار ، رشيد ، هدباء ، معتز ، صباح ووصال التي ماتت في ريعان شبابها أما صباح فهو ما زال حياً .. وكان يُشغل منصب مدير الإذاعة السورية .
المؤهلات الدراسية والمناصب:
حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .

عمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية ، وتنقل في سفاراتها بين مدن عديدة ، خاصة القاهرة ولندن وبيروت ومدريد ، وبعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 ، تم تعيينه سكرتيراً ثانياً للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين .

وظل نزار متمسكاً بعمله الدبلوماسي حتى استقال منه عام 1966 .

طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي في منتصف الخمسينات ، بعد نشر قصيدة الشهيرة " خبز وحشيش وقمر " التي أثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان .

كان يتقن اللغة الإنجليزية ، خاصة وأنه تعلّم تلك اللغة على أصولها ، عندما عمل سفيراً لسوريا في لندن بين عامي 1952- 1955.

الحالة الاجتماعية:
تزوّج مرتين .. الأولى من سورية تدعى " زهرة " وانجب منها " هدباء " وتوفيق " وزهراء.

وقد توفي توفيق بمرض القلب وعمره 17 سنة ، وكان طالباً بكلية الطب جامعة القاهرة .. ورثاه نزار بقصيدة شهيرة عنوانها " الأمير الخرافي توفيق قباني " وأوصى نزار بأن يدفن بجواره بعد موته .وأما ابنته هدباء فهي متزوجة الآن من طبيب في إحدى بلدان الخليج .

والمرة الثانية من " بلقيس الراوي ، العراقية .. التي قُتلت في انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 ، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها ، حمّل الوطن العربي كله مسؤولية قتلها ..

ولنزار من بلقيس ولد اسمه عُمر وبنت اسمها زينب . وبعد وفاة بلقيس رفض نزار أن يتزوج .

وعاش سنوات حياته الأخيرة في شقة بالعاصمة الإنجليزية وحيداً .

قصته مع الشعر:
بدأ نزار يكتب الشعر وعمره 16 سنة ، وأصدر أول دواوينه " قالت لي السمراء " عام 1944 وكان طالبا بكلية الحقوق ، وطبعه على نفقته الخاصة.

له عدد كبير من دواوين الشعر ، تصل إلى 35 ديواناً ، كتبها على مدار ما يزيد على نصف قرن أهمها " طفولة نهد ، الرسم بالكلمات ، قصائد ، سامبا ، أنت لي ".

لنزار عدد كبير من الكتب النثرية أهمها : " قصتي مع الشعر ، ما هو الشعر ، 100 رسالة حب ".

أسس دار نشر لأعماله في بيروت تحمل اسم " منشورات نزار قباني ".

أمير الشعر الغنائي:
على مدى 40 عاماً كان المطربون الكبار يتسابقون للحصول على قصائد نزار .

وإليكم القائمة كاملة طبقاً للترتيب التاريخي:

- أم كلثوم : غنت له أغنيتين : أصبح عندي الآن بندقية ، رسالة عاجلة إليك .. من ألحان عبد الوهاب .

- عبد الحليم أغنيتين أيضاً هما : رسالة من تحت الماء ، وقارئة الفنجان من ألحان محمد الموجي.

- نجاة : 4 أغان أيضاً ، ماذا أقول له ، كم أهواك ، أسألك الرحيلا .. والقصائد الأربع لحنها عبد الوهاب .

- فايزة أحمد : قصيدة واحدة هي : رسالة من امرأة " من ألحان محمد سلطان .

- فيروز : غنت له " وشاية " لا تسألوني ما اسمه حبيبي " من ألحان عاصي رحباني .

- ماجدة الرومي : 3 قصائد هي : بيروت يا ست الدنيا ، مع الجريدة وهما من ألحان د. جمال سلامه .. ثم " كلمات " من ألحان الملحن اللبناني إحسان المنذر .

- كاظم الساهر : 4 قصائد : " إني خيّرتك فاختاري ، زيديني عشقاً ، علّمني حبك ، مدرسة الحب .. وكلها من الحان كاظم الساهر .

- أصالة : غنت له قصيدة " إغضب " التي لحنها حلمي بكر .

- وبذلك يكون المجموع : 20 قصيدة ، غناها 8 مطربين ومطربات .

صدامات ومعارك:
كانت حياة نزار مليئة بالصدمات والمعارك ، أما الصدمات فأهمها:
- وفاة شقيقته الصغرى : وصال ، وهي ما زالت في ريعان شبابها بمرض القلب .

- وفاة أمه التي كان يعشقها .. كان هو طفلها المدلّل وكانت هي كل النساء عنده .

- وفاة ابنه توفيق من زوجته الأولى .. كان طالباً في كلية الطب بجامعة القاهرة .. وأصيب بمرض القلب وسافر به والده إلى لندن وطاف به أكبر المستشفيات وأشهر العيادات.. ولكن قضاء الله نفذ وكان توفيق لم يتجاوز 17 عاماً.

- مقتل زوجته : بلقيس الراوي " العراقية في حادث انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982.

- نكسة 1967 .. أحدثت شرخاً في نفسه ، وكانت حداً فاصلاً في حياته ، جعله يخرج من مخدع المرأة إلى ميدان السياسة.

أما عن المعارك فيمكننا أن نقول ، انه منذ دخل نزار مملكة الشعر بديوانه الأول " قالت لي السمراء " عام 1944 ، وحياته أصبحت معركة دائمة أما عن أبرز المعارك التي خاضها وبمعنى أصح الحملات التي شنها المعارضون ضده:

- معركة قصيدة " خبز وحشيش وقمر " التي أثارت رجال الدين في سوريا ضده ، وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي ، وانتقلت المعركة إلى البرلمان السوري وكان أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان.

- معركة " هوامش على دفتر النكسة " .. فقد أثارت القصيدة عاصفة شديدة في العالم العربي ، وأحدثت جدلاً كبيراً بين المثقفين .. ولعنف القصيدة صدر قرار بمنع إذاعة أغاني نزار وأشعاره في الإذاعة والتلفزيون.

- في عام 1990 صدر قرار من وزارة التعليم المصرية بحذف قصيدته " عند الجدار " من مناهج الدراسة بالصف الأول الإعدادي لما تتضمنه من معاني غير لائقة .. وقد أثار القرار ضجة في حينها واعترض عليه كثير من الشعراء في مقدمتهم محمد إبراهيم أبو سنة ..

- المعركة الكبيرة التي خاضها ضد الشاعر الكبير " أدونيس " في أوائل السبعينات ، قصة الخلاف تعود إلى حوار مع نزار أجراه ، منير العكش ، الصحفي اللبناني ونشره في مجلة مواقف التي يشرف عليها أدونيس . ثم عاد نزار ونشر الحوار في كتيب دون أن يذكر اسم المجلة التي نشرت الحوار … فكتب أدونيس مقالاً عنيفاً يهاجم فيه نزار الذي رد بمقال أعنف.

وتطورت المعركة حتى كادت تصل إلى المحاكم لولا تدخل أصدقاء الطرفين بالمصالحة.

- عام 1990 أقام دعوى قضائية ضد إحدى دور النشر الكبرى في مصر ، لأن الدار أصدرت كتابه " فتافيت شاعر " متضمناً هجوماً حاداً على نزار على لسان الناقد اللبناني جهاد فاضل .. وطالب نزار بـ 100 ألف جنيه كتعويض وتم الصلح بعد محاولات مستميتة.

آخر العمر:
- بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته.

- ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب ، والمهرولون ، والمتنبي ، وأم كلثوم على قائمة التطبيع.

- وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما كان منها 50 عاماً بين الفن والحب والغضب.
هل تسمعين صهيل أحزاني ؟ - لنزار قباني


ما تفعلين هنا ؟

ما تفعلين هنا ؟

فالشاعر المشهور ليس أنا

لكنني ...

بتوتري العصبي أشبهه

وغريزة البدويّ أشبهه

وتطرفي الفكري أشبهه

وجنوني الجنسي أشبهه

وبحزني الأزلي أشبهه

هل تسمعين صهيل أحزاني ؟

ما تبتغين لديّ سيدتي ؟

فالشاعر الأصلي ليس أنا

بل واحد ثاني

يا من تفتش في حقيبتها

عن شاعرٍ غرقت مراكبه

لن تعثري أبداً عليّ بأي عنوان

شبحٌ أنا … بالعين ليس يُرى

لغةٌ أنا من غير أَحْرُفها

ملك أنا … من غير مملكة

وطنٌ أنا

من غير أبواب وحيطان

يا غابتي الخضراء يؤسفني

أنْ جئتِ بعد رحيل نيسان

أعشاب صدري الآن يابسة

وسنابلي انكسرت ..

وأغصاني

لا نار في بيتي لأوقدها

فليرحم الرحمن نيراني

لا تحرجيني .. يا بنفسجتي

أشجار لوزك لا وصول لها

وثمار خوخك .. فوق إمكاني

لم يبق عندي ما أقدّمه

للحب

غير صهيل أحزاني

أغزالة بالباب واقفة ؟

من بعدما ودّعت غزلاني

ماذا تُرى أهدي لزائرتي ؟

شعري القديم ؟

نسيتُ قائله

ونسيتُ كاتبه

ونسيتُ نسياني

هل هذه الكلمات شغل يدي ؟

إني أشكّ بكل ما حولي

بدفاتري

بأصابعي

بنزيف ألواني

هل هذه اللوحات من عملي ؟

أم أنها لمصوّرٍ ثاني

يا طفلةً . . جاءت تُذَكِّرني

بمواسم النعناع والماءِ

ماذا سأكتبُ فوق دفترها ؟

ما عدتُ أذكرُ شكل إمضائي !!

لا تبحثي عني .. فلن تَجدِي

مني ..

سوى أجزاء أجزائي

يا قطتي القزحيّة العينين

لا أحد

في شارع الأحزان يعرفني

لا مركب في البحر يحملني

لا عطر مهما كان يسكرني

لا ركبة شقراء .. أو سمراء تدهشني

لا حبّ

يدخل مثل سكينٍ بشرياني

بالأمس .. كان الحب تسليتي

فالنهد .. أرسمه سفرجلةً

والعطر أمضغه بأسناني

بالأمس كنتُ مقاتلاً شرساً

فالأرض أحملها على كتفي

والشعر أكتبه بأجفاني

واليوم لا سيف ولا فرس

سقطت على نهديك أوسمتي

وملاحمي الكبرى وتيجاني

عن أي شيء تبحثين هنا ؟

فالشاعر المشهور ليس أنا

بل واحد ثاني

مقهى الهوى فرغت مقاعده

حولي

وما أكملتُ فنجاني

مومني محمد
2007-09-05, 20:57
نبذة عن حياة الشاعر نسيب عريضة



--------------------------------------------------------------------------------


- ولد نسيب عريضة في شهر آب سنة 1887م في مدينة " حِمْص " بشمال سوريا ، لوالدين أرثوذكسيين هما أسعد عريضة وسليمة حداد .

- تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة حِمْص الروسية المجانية ، وعندما ظهر تفوقه في الدراسة اختارته الجمعية الروسية الإمبراطورية ليكمل تعليمه الثانوي في مدرسة المعلمين الروسية بمدينة الناصرة في فلسطين .

وقد عاش نسيب عريضة منذ سنة 1900 في القسم الداخلي لمدرسة " الناصرة" حيث التقى بعد سنتين قضاهما في مدرسة المعلمين الروسية بتلميذ جديد ، أصبح فيما بعد صديقاً وزميلاً له مدى حياته هو ميخائيل نعيمة ، كما التقى بزميل آخر هو الشاعر عبد المسيح حداد . وأمضى في مدرسة الناصرة مدة خمس سنوات أنهى خلالها تعليمه.

- أغرم بالقراءة والتأمل منذ صغره في الطبيعة والحياة ، فقرأ أمهات الكتب في الأدب العربي خاصة دواوين الشعراء ، ثم بدأ يقرض الشعر في مختلف موضوعات الحياة وغلب على شعره التأمل .

- سافر نسيب إلى نيويورك عام 1905 وكان عمره لا يتجاوز سبع عشرة سنة ، وكان مملوءاً بالتطلع والطموح فاشتغل في المصانع والمتاجر المختلفة ، وكانت الحياة شاقة ، ولم يخفف عنه آلامها إلا عالم الشعر الذي أحبه .

- في سنة 1912 أسس مطبعة وأصدر منها مجلة "الفنون " التي احتلت مكاناً محترماً في أمريكا والعالم العربي، حيث اهتمت بشؤون الآداب والفنون الرفيعة ، ولكنها احتجبت لظروف الحرب العالمية الأولى سنة 1914 بعد أن صدر منها عشرة أعداد ، ثم عاد ليصدرها مرة أخرى سنة 1916 وظلت تصدر حتى سنة 1918 ، ثم توقفت بسبب الظروف المادية فاشتغل في التجارة مع أبناء عمه ، ولكنه شعر أن آماله قد انهارت فامتلأت كتاباته الشعرية والنثرية بروح الحزن والأسى والوحدة والتشاؤم .

- تزوج نسيب عريضة سنة 1922 السيدة نجيبة شقيقة الشاعرين عبد المسيح الحداد وندرة حداد ولم ينجبا أطفالاً .

- ترك التجارة وتسلم رئاسة تحرير جريدة ( مرآة الغرب ) لصاحبها نجيب دياب ، ثم انتقل إلى جريدة ( الهدى ) لصاحبها نعُّوم مكرزل ، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية عُيِّنَ كمحرر في القسم العربي في مكتب الاستعلامات الحربية الأمريكية ، وعمل فيها نحو سنتين ، ثم اعتزل العمل لمرضه حيث عانى من متاعب القلب والكبد ، وعكف على جمع ديوانه ، ولكنه مات والديوان بين يدي المُجَلِّد في بروكلين في 25 آذار 1946م .

مؤلفاته :

- ديوانه الوحيد "الأرواح الحائرة" الذي صدر سنة 1946 ، والذي يحتوي على 95 قصيدة ، منها مطوّلتان إحداهما بعنوان "على طريق إرم " في 236 بيتاً موزعة على ستة أناشيد ، والقصيدة المطولة الأخرى بعنوان " احتضار أبي نواس " ، في 72 بيتاً استوحى فيها احتضار الشاعر العباسي أبي نواس .

- أسرار البلاط الروسي ، رواية مترجمة عن الروسية .

- ديك الجن الحِمْصي (قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .

- الصمصامة ( قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية ) .

- وله مقالات وفصول مختلفة نشرها في مجلات وجرائد المهجر .

* * *
صلاة - لنسيب عريضة

وَقَفْتُ وقد ضـاقَ بي
سبيـلُ المُنَى الساخِـرةْ
ولم يبـقَ من مَذْهَبـي
سوى كَـدَرِ الآخِـرَةْ

وقفتُ وحيـداً ضَلُـولاً
ضعيفـاً حليفَ الشَّجَنْ
أُريـدُ الصـلاةَ طويـلاً
لِمَنْ ؟ كِدْتُ أنسى لِمَنْ ؟

إلى مَنْ يُصـلِّي فتـى
تَعَـوَّدَ غيرَ الصـلاةْ
وأَشْغَـلَ قلبـاً عَتَـا
وَضَـلَّ بغيـرِ الإلـه

أيَا مَنْ سنـاهُ اختفى
وراءَ حُـدودِ البَشَـرْ
نَسِيتُـكَ يومَ الصَّفَـا
فلا تَنْسَنِي في الكَـدَرْ

أيَا غافـراً أَرْحَمَـا
يَرَى ذلَّ أمْسِي وَغَـدْ
مَعَـاذَكَ أنْ تَنْقَمَـا
وحِلْمُـكَ مِلءُ الأَبَـدْ

مَرَاعِيـكَ خُضْـرُ المُنَى
هي المُشْتهى سَيِّـدِي !
وجِسْمِـي دَهَاهُ العَنَـا
حَنَانَيْـكَ ، خُـذْ بِيَدِي !

*****

مومني محمد
2007-09-05, 21:00
أحمد الصافي النجفي: (1897- 19977).

ولد الشاعر العراقي الكبير أحمد الصافي النجفي سنة 1897 في مدينة النجف بالعراق ، لأب من أسرة حجازية الأصل وأم لبنانية من مدينة صور . فنشأ في جوّ حافل بالعلم والأدب في مدينة النجف التي اختلط فيها رواد الشعر والأدب بطلاب العلوم الدينية بالمناضلين في سبيل استقلال وطنهم العراق، وقد اجتمع كل هؤلاء لديه حين انتهى من دراسته الدينية وحصوله على شهادة عالية في الشريعة . ولكن أحمد الصافي آثر أن يثقف نفسه بنفسه وأن يعيش على هواه . فما إن توفيت والدته وهو في السابعة عشرة من عمره حتى انخرط في الحياة السياسية التي يهواها ، فاهتم بالقضايا السياسية الكبرى ، فانضم إلى حلقات المناضل الشيخ عبد الكريم الجزائري ، ومن تلك الحلقات انطلقت شرارة ثورة العراق سنة 1919 التي سرعان ما قمعها المستعمرون الإنجليز ، مما اضطر شاعرنا أحمد الصافي النجفي إلى الالتجاء إلى إيران والإقامة بها . وما أن وصل إلى طهران عاصمة إيران واستقر فيها حتى راح يتعلم اللغة الفرنسية ، ويعلم اللغة العربية من يريد تعلمها . وقد عاش في طهران ثماني سنوات ترجم خلالها إلى اللغة العربية رباعيات الشاعر الفارسي الكبير عمر الخيام . ثم عاد أحمد الصافي النجفي خلسة إلى العراق ، وراح ينظم الشعر الوطني- يهاجم فيه الاستعمار والمستعمرين- حتى ألهب الحماس في قلوب العراقيين . وما أن اكتشف الإنجليز أمره حتى اعتقلوه وأرسلوه مخفوراً إلى المعتقل في بيروت ، حيث أمضى أربعين يوماً كان حصادها المبارك مجموعته الشعرية التي أسماها " حصاد السجن " والتي أهداها إلى الشعب العراقي المكافح . ومن معتقله في بيروت عاد إلى العراق . ولكن لم يستقر به المقام حتى أصيب بمرض نصحه الأطباء على إثره أن يغادر العراق إلى مكان آخر أقل جفافاً . فبدأت رحلة تشرده الطويلة منذ سنة 1935 بين سوريا ولبنان واستمرت حتى لحظة رحيله عن الحياة . تلك الرحلة التي تواصلت حوالي خمسة وأربعين عاماً عاش خلالها للنضال السياسي، وللشعر والفن ، وقضى أكثرها في لبنان حيث كان دائم التنقل وكتابة الشعر والاختلاط بالأصدقاء ، وحيث أصدر حوالي سبعة عشر ديواناً من الشعر . حتى كانت الحرب الأهلية في لبنان التي أفقدته توازنه بسبب غرابتها وبسبب عجزه عن فهم أسبابها تماماً . فاضطر في مطلع سنة 1977 للعودة إلى العراق . ولم تمض شهور قليلة على عودته إلى وطنه حتى رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونية (حزيران) سنة 1977 وهو في الثمانين من عمره ، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً ، وترجمة دقيقة لرباعيات الخيام الخالدة ، وقد صدرت بعد رحيله مجموعته الشعرية " قصائدي الأخيرة " التي تضم آخر ما كتب من قصائد .

المصدر : موسوعة أعلام الفكر العربي - جودة سعيد السحار ، المجلد الثاني ص 52 .
الفلاح - لأحمد الصافي النجفي

رِفْقَـاً بِنَفْسِـكَ أيُّهَـا الفَـلاَّحُ

تَسْعَى وَسَعْيُـكَ لَيْسَ فِيهِ فَـلاَحُ

لَكَ فِي الصَّبَاحِ عَلَى عَنَائِكَ غُدْوَةٌ

وَعَلَى الطَّوَى لَكَ فِي الْمَسَاءِ رَوَاحُ

هذِي الجِّرَاحُ بِرَاحَتَيْـكَ عَمِيقـَةٌ

وَنَظِيرُهَا لَـكَ فِي الفـُؤَادِ جِرَاحُ

فِي اللَّيْلِ بَيْتُكَ مِثْلُ دَهْـرِكَ مُظْلِمٌ

مَا فِيـهِ لا شَمْـعٌ وَلا مِصْبَـاحُ

فَيَخُرّ سَقْفُكَ إنْ هَمَتْ عَيْنُ السَّمَا

وَيَطِيـر كُوخُـكَ إذْ تَهُبُّ رِيَاحُ

حَتَّى الحَمَامُ عَلَيْـكَ رَقَّ بِدَوحِـهِ

فَلَـهُ بِحَقْلِـكَ رَنَّـةٌ وَنُـوَاحُ

هَذِي دُيُونُـكَ لَمْ يُسَـدَّدْ بَعْضُهَا

عَجْزَاً فَكَيْفَ تُسَـدَّدُ الأَرْبَـاحُ

بِغُضُونِ وَجْهِكَ لِلْمَشَقَّـةِ أَسْطُـرٌ

وَعَلَى جَبِينِـكَ لِلشَّقَـا أَلْـوَاحُ

عَرَقُ الحَيَاةِ يَسِيـلُ مِنْـكَ لآلِئَـاً

فَيُـزَانُ مِنْهَـا لِلْغَنِـيّ وِشَـاحُ

أَتَصُدّ جَيْشَ الطَّامِعِينَ وَلَـمْ يَكُنْ

لَكَ في الدِّفَاعِ سِوَى الصِّيَاحِ سِلاحُ

قَدْ كَانَ يُجْدِيكَ الصِّيَاحُ لَدَيْهُـمُ

لَوْ فَجَّـرَ الصَّخْـرَ الأَصَّمَ صِيَاحُ

يَتَنَازَعُونَ عَلَى امْتِلاكِـكَ بَيْنَهُـمْ

فَلَهُـمْ عَليْـكَ تَشَاجُـرٌ وَكِفَاحُ

كَمْ دَارَتِ الأقْـدَاحُ بَيْنَهُمُ وَلَـمْ

تُمْـلَ بِغَيْـرِ دُمُوعِـكَ الأَقْدَاحُ

حَسِبَ الوُلاةُ الحَاكِمُونَ عَلَى القُرَى

أَنْ ثَـمَّ أَجْسَـادٌ وَلا أَرْوَاحُ

كَيْفَ التَّفَاهُمُ بَيْنَ ذَيْنِـكَ ، نَائِحٌ

يَشْكُو العَذَابَ وَسَامِـعٌ مُرْتَـاحُ

قَدْ أَنْكَرُوا البُؤْسَ الذِي بِكَ مُحْدِقٌ

أَفَيُنْكِـرُونَ الحَـقَّ وَهْـوَ صَرَاحُ

عَجَبَاً أَيُنْكِرُ بُؤْسَ سُكَّانِ القُـرَى

إلاَّ وُجُـوهٌ كَالصَّفِيـحِ وِقَـاحُ

يَا غَارِسَ الشَّجَرِ المُؤَمَّـلِ نَفْعُـهُ

دَعْـهُ فَـإنَّ ثِمَـارَهُ الأتْـرَاحُ

إقْلَعْـهُ فَالثَّمَـرُ اللّذِيـذُ مُحَـرَّمٌ

لِلْغَارِسِيـنَ وَلِلْقَـوِيِّ مُبَـاحُ

أَصْبَحْتَ تُورِثُكَ الحُقُولُ أَسَىً فَمَا

يَهْتَـاجُ أُنْسَـكَ نَشْـرُهَا الفَيَّاحُ

تَرْتَاعُ مِنْ مَـرْأى النَّخِيلِ كأنَّمَـا

سَعَـفُ النَّخِيلِ أَسِنَّـةٌ وَصِفَـاحُ

يَا وَاهِبَ الخَيْـرِ الجَزَيلِ لِشَعْبِـهِ

أَكَذَا يُجَـازَى بِالعِقَابِ سَمَاحُ

أَفْنَـتْ حُقُولَـكَ آفَـةٌ أَرْضِيَّـةٌ

عَاثَتْ بِهَا وَشِعَـارُها الإصْـلاحُ

طَيْرُ السَّعَادَةِ طَارَ عَنْـكَ مُحَلِّقَـاً

وَعَلَى وَلائِـكَ رَفَّ مِنْـهُ جَنَاحُ

قَدْ أَقْسَمَ البُؤْسُ الذِي بِكَ نَـازِلٌ

أَنْ لا تَمُـرَّ بِـدَارِكَ الأفْـرَاحُ

تَقْضِي حَيَاتَكَ بِالعَنَاءِ وَلَـمْ تَكُنْ

في غَيْـرِ أيَّـامِ السَّقَـامِ تُـرَاحُ

سِرٌّ بِبُؤْسِكَ فَاضِحٌ لِذَوِي الغِنَـى

لَوْ أنَّ سِـرَّكَ في البِـلادِ يُـبَاحُ

حَتَّـامَ يَا هَذَا لِسَانُـكَ أَلْكَـنٌ

وإِلامَ أَلْسِنَـةُ الطُّغَـاةِ فِصَـاحُ

كُلُّ الجُنَاحِ عَلَى الضَّعِيفِ إذَا اعْتَدَى

أَمَّا القَـوِيّ فَمَـا عَلَيْـهِ جُنَـاحُ

يَا رِيفُ إنَّ كِتَابَ بُؤْسِكَ مُشْكلٌ

يَعْيَـا بِحَـلِّ رُمُـوزِهِ الشُّـرَّاحُ

أَطْيَارُ رَوْضِكَ غَالَهَا بَازُ العِدَى

وَعَـدَا عَلَى أَمْلاكِـكَ التِّمْسَاحُ

الوَرْدُ قَدْ خَنَقَتْـهُ أَشْوَاكُ الرُّبَـى

ظُلْمَـاً وَفَـرَّ البُلْبُـلُ الصَّـدَّاحُ

يَا رِيفُ مَالَكَ شُرْبُ أَهْلِكَ آجِـنٌ

رَنِـقٌ وَشُـرْبُ وُلاةِ أَمْرِكَ رَاحُ

* * * *

مومني محمد
2007-09-05, 21:01
إبراهيم ناجي (1898-1953م)

- ولد الشاعر إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر في عام 1898، وكان والده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسة الطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم في وزارة الصحة ، ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.

- وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.

- بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة .

- وقد تأثر ناجي في شعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني ، وكان وكيلاً لمدرسة أبوللو الشعرية ورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرين .

وقد قام ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما.

- واجه نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في الرابع والعشرين من شهر مارس في عام 1953.

- وقد صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية .

ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض السنباطي .

ومن دواوينه الشعرية :

وراء الغمام (1934) ، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948) ، الطائر الجريح (1953) ، وغيرها . كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة
عاصفة روح - لإبراهيم ناجي

( الزورق يغرق والملاح يستصرخ )

أَيْنَ شَطُّ الرَّجَـاءْ يَا عُبَابَ الهُمُومْ

لَيْـلَتِـي أَنْـوَاءْ وَنَهَارِي غُيُـومْ

* * *

أَعْوِلِـي يَا جِـرَاحْ أَسْمِعِي الدَّيَّـانْ

لا يَهُـمُّ الرِّيَـاحْ زَوْرَقٌ غَضْبَـانْ

* * *

البِلَـى وَالثُّقُـوبْ فِي صَمِيمِ الشِّرَاعْ

وَالضَّنَى وَالشُّحُوبْ وَخَيَالُ الـوَدَاعْ

* * *

إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا رُعُودْ

الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ يَعُودْ

* * *

الأَمَانِـي غُـرُورْ فِي فَمِ البُرْكَـانْ

وَالدُّجَـى مَخْمُورْ وَالرَّدَى سَكْـرَانْ

* * *

رَاحَـتِ الأَيَّـامْ بِابْتِسَامِ الثُّغُـورْ

وَتَوَلَّـى الظَّـلامْ فِي عِنَاقِ الصُّخُورْ

* * *

كَانَ رُؤْيَـا مَنَـامْ طُيْفُكِ الْمَسْحُورْ

يَا ضِفَافِ السَّـلامْ تَحْتَ عَرْشِ النُّورْ

* * *

إِطْحَنِـي يَا سِنِيـنْ مَزِّقِـي يَا حِرَابْ

كُلُّ بَـرْقٍ يَبِيـنْ وَمْضُـهُ كَذَّابْ

* * *

إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا غُيُوبْ

الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ يَؤُوبْ

مومني محمد
2007-09-12, 15:46
مفدي زكريا رحمه الله*



هو الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، لقّبه زميل البعثة الميزابيّة والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبيّ الذي اشتهر به.
ولد يوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1326هـ، الموافق لـ: 12 يونيو 1908م، ببني يزقن، ولاية غرداية. وفي بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة.

التحق بالبعثة الميزابيّة بتونس، فواصل دراسته هناك في: مدرسة السلام، والمدرسة الخلدونيّة، وجامع الزيتونة، كما غشي مسامرات الأديب التونسيّ الكبير، الأستاذ العربي الكباديّ. وجمعته صداقة حميمة في تلك الفترة بالشاعرين: أبو القاسم الشابّي، ورمضان حمود الذي كان زميلا له في البعثة.

أوّل قصيدة له ذات شأن هي "إلى الريفيّين" نشرها في جريدة "لسان الشعب" بتاريخ 06 مايو 1925م، وجريدة "الصواب" التونسيّتين؛ ثمّ في الصحافة المصريّة "اللواء"، و"الأخبار".

واكب الحركة الوطنيّة بشعره وبنضاله على مستوى المغرب العربيّ فانخرط في صفوف الشبيبة الدستوريّة، في فترة دراسته بتونس، فاعتقل لمدّة نصف شهر، كما شارك مشاركة فعّالة في مؤتمرات طلبة شمال إفريقيا؛ وعلى مستوى الحركة الوطنيّة الجزائريّة مناضلا في حزب نجم شمال إفريقيا، فقائدا من أبرز قادة حزب الشعب الجزائريّ، فكان أن أودع السجن لمدّة سنتين 1937-1939.

وغداة اندلاع الثورة التحريريّة الكبرى انخرط في أولى خلايا جبهة التحرير الوطنيّ بالجزائر العاصمة، وألقي عليه وعلى زملائه المشكّلين لهذه الخليّة القبض، فأودعوا السجن بعد محاكمتهم، فبقي فيه لمدّة ثلاث سنوات من 19 أبريل 1956م إلى 01 فبراير 1959م.

بعد خروجه من السجن فرّ إلى المغرب، ومنه انتقل إلى تونس، للعلاج على يد فرانز فانون، ممّا لحقه في السجن من آثار التعذيب. وبعد ذلك كان سفير القضيّة الجزائريّة بشعره في الصحافة التونسية والمغربيّة، كما كان سفيرها أيضا في المشرق لدى مشاركته في مهرجان الشعر العربيّ بدمشق سنة 1961م.

بعد الاستقلال أمضى حياته في التنقّل بين أقطار المغرب العربيّ، وكان مستقرّه المغرب، وبخاصّة في سنوات حياته الأخيرة. وشارك مشاركة فعّالة في مؤتمرات التعرّف على الفكر الإسلاميّ.

توفي يوم الأربعاء02 رمضان 1397هـ، الموافق ليوم 17 أغسطس 1977م، بتونس، ونقل جثمانه إلى الجزائر، ليدفن بمسقط رأسه ببني يزقن.

هو صاحب الأناشيد الوطنيّة: النشيد الوطنيّ الجزائريّ، نشيد الانطلاقة الأولى "فداء الجزائر"، نشيد العلم الجزائريّ، نشيد الشهداء، نشيد جيش التحرير الوطنيّ، نشيد الاتّحاد العامّ للعمّال الجزائريّين، نشيد اتّحاد الطلاّب الجزائريّين، نشيد المرأة الجزائريّة، نشيد بربروس؛ بالإضافة إلى نشيد مؤتمر المصير بتونس و نشيد اتّحاد النساء التونسيّ و نشيد معركة بنزرت التاريخيّة؛ فضلا عن نشيد الجلاء عن المغرب، و نشيد الجيش المغربي، وغيرها من الأناشيد.

له من الدواوين المطبوعة: اللهب المقدّس 1961م، تحت ظلال الزيتون 1966م، من وحي الأطلس 1976م، إلياذة الجزائر في ألف بيت وبيت 1972م.

له شعر كثير غير ما نشره في دواوينه متفرّق في الصحافة الجزائريّة والتونسيّة والمغربيّة، وبقي أمر جمعها في دواوين حلما يراود الشاعر، ولم يستطع تحقيقه رغم إعلانه عن هذه الدواوين في أحاديثه وتراجمه الشخصية: "أهازيج الزحف المقدّس" أغاني الشعب الجزائريّ الثائر بلغة الشعب، "انطلاقة" ديوان المعركة السياسيّة في الجزائر 1935-1954م، "الخافق المعذّب" شعر الهوى والشباب، "محاولات الطفولة" إنتاج الشاعر في صباه.

أمّا نثره فكثير، متفرّق في صحافة المغرب العربيّ، لم يجمع بعد، وله كتب ذكرها في أحاديثه الصحفيّة، لكنّها لم تر النور إلى تاريخ اليوم، من ذلك: أضواء على وادي ميزاب، الكتاب الأبيض، تاريخ الصحافة العربيّة في الجزائر، مسرحية "الثورة الكبرى"، الأدب العربيّ في الجزائر عبر التاريخ بالاشتراك مع الهادي العبيديّ، وغيرها.

حامل لوسام الكفاءة الفكريّة من الدرجة الأولى من عاهل المملكة المغربيّة محمد الخامس، بتاريخ 21 أبريل 1987م ووسام الاستقلال، ووسام الاستحقاق الثقافيّ، من رئيس الجمهوريّة التونسيّة الحبيب بورقيبة؛ ووسام المقاوم من رئيس الجمهوريّة الجزائريّة الشاذلي بن جديد، بتاريخ 25 أكتوبر 1984م؛ وشهادة تقدير على أعماله ومؤلفاته، وتقديرا لجهوده المعتبرة، ونضاله في خدمة الثقافة الوطنيّة من رئيس الجمهوريّة الجزائريّة الشاذلي بن جديد، بتاريخ: 08 يوليو 1987م؛ ووسام الأثير من مصفّ الاستحقاق الوطنيّ من فخامة رئيس الجمهوريّة السيّد عبد العزيز بوتفليقة، بتاريخ 04 يوليو 1999م.



أشهر مؤلفاته

- اللهب المقدس ديوان شعر عن الثورة التحريرية،

- تحت ظلال الزيتون ديوان شعر عن أمجاد تونس،

- من وحي الأطلس ديوان شعر عن أمجاد المغرب،

- إلياذة الجزائر قصيدة شعرية مطولة عن جلال وجمال الجزائر،

- أمجادنا تتكلم،

قصيدة الذبيح الصاعد
قام يختال كالمسيح وئيدا يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالط فل، يستقبل الصباح الجديدا
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
رافلاً في خلاخل، زغردت تم لأ من لحنها الفضاء البعيدا!
حالماً، كالكليم، كلّمه المج د، فشد الحبال يبغي الصعودا
وتسامى، كالروح، في ليلة القد ر، سلاماً، يشِعُّ في الكون عيدا
وامتطى مذبح البطولة مع راجاً، ووافى السماءَ يرجو المزيدا
وتعالى، مثل المؤذن، يتلو… كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
صرخة، ترجف العوالم منها ونداءٌ مضى يهز الوجودا:
((اشنقوني، فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا))

((وامتثل سافراً محياك جلا دي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا))
((واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا))
((أنا إن مت، فالجزائر تحيا، حرة، مستقلة، لن تبيدا))
قولةٌ ردَّد الزمان صداها قدُسِياً، فأحسنَ الترديدا
احفظوها، زكيةً كالمثاني وانقُلوها، للجيل، ذكراً مجيدا
وأقيموا، من شرعها صلواتٍ، طيباتٍ، ولقنوها الوليدا
زعموا قتلَه…وما صلبوه، ليس في الخالدين، عيسى الوحيدا!
لفَّه جبرئيلُ تحت جناحي ه إلى المنتهى، رضياً شهيدا
وسرى في فم الزمان "زَبَانا"… مثلاً، في فم الزمان شرودا
يا"زبانا"، أبلغ رفاقَك عنا في السماوات، قد حفِظنا العهودا

واروِ عن ثورة الجزائر، للأف لاك، والكائنات، ذكراً مجيدا
ثورةٌ، لم تك لبغي، وظلم في بلاد، ثارت تفُكُّ القيودا
ثورةٌ، تملأ العوالمَ رعباً وجهادٌ، يذرو الطغاةَ حصيدا
كم أتينا من الخوارق فيها وبهرنا، بالمعجزات الوجودا
واندفعنا مثلَ الكواسر نرتا دُ المنأيا، ونلتقي البارودا
من جبالٍ رهيبة، شامخات، قد رفعنا عن ذُراها البنودا
وشعاب، ممنَّعات براها مُبدعُ الكون، للوغى أُخدودا
وجيوشٍ، مضت، يد الله تُزْ جيها، وتَحمي لواءَها المعقودا
من كهولٍ، يقودها الموت للن صر، فتفتكُّ نصرها الموعودا
وشبابٍ، مثل النسورِ، تَرامى لا يبالي بروحه، أن يجودا

وشيوخٍ، محنَّكين، كرام مُلِّئت حكمةً ورأياً سديدا
وصبأيا مخدَّراتٍ تبارى كاللَّبوءات، تستفز الجنودا
شاركتْ في الجهاد آدمَ حوا هُ ومدّت معاصما وزنودا
أعملت في الجراح، أنملَها اللّ دنَ، وفي الحرب غُصنَها الأُملودا
فمضى الشعب، بالجماجم يبني أمةً حرة، وعزاً وطيدا
من دماءٍ، زكية، صبَّها الأح رارُ في مصْرَفِ البقاء رصيدا
ونظامٍ تخطُّه ((ثورة التح رير)) كالوحي، مستقيماً رشيدا
وإذا الشعب داهمته الرزايا، هبَّ مستصرخاً، وعاف الركودا
وإذا الشعب غازلته الأماني، هام في نيْلها، يدُكُّ السدودا
دولة الظلم للزوال، إذا ما أصبح الحرّ للطَّغامِ مَسودا!

ليس في الأرض سادة وعبيد كيف نرضى بأن نعيش عبيدا؟!
أمن العدل، صاحب الدار يشقى ودخيل بها، يعيش سعيدا؟!
أمن العدل، صاحبَ الدار يَعرى، وغريبٌ يحتلُّ قصراً مشيدا؟
ويجوعُ ابنها، فيعْدمُ قوتاً وينالُ الدخيل عيشاً رغيداً؟؟
ويبيح المستعمرون حماها ويظل ابنُها، طريداً شريدا؟؟
يا ضَلال المستضعَفين، إذا هم ألفوا الذل، واستطابوا القعودا!!
ليس في الأرض، بقعة لذليل لعنته السما، فعاش طريدا…
يا سماء، اصعَقي الجبانَ، ويا أر ض ابلعي، القانع، الخنوعَ، البليدا
يا فرنسا، كفى خداعا فإنّا يا فرنسا، لقد مللنا الوعودا
صرخ الشعب منذراً، فتصا مَمْتِ، وأبديت جَفوة وصدودا

سكت الناطقون، وانطلق الرش اش، يلقي إليكِ قولاً مفيدا:
((نحن ثرنا، فلات حين رجوعٍ أو ننالَ استقلالَنا المنشودا))
يا فرنسا امطري حديداً ونارا واملئي الأرض والسماء جنودا
واضرميها عرْض البلاد شعالي لَ، فتغدو لها الضعاف وقودا
واستشيطي على العروبة غيظاً واملئي الشرق والهلال وعيدا
سوف لا يعدَمُ الهلال صلاحَ الد ين، فاستصرِخي الصليب الحقودا
واحشُري في غياهب السجن شعبا سِيمَ خسفاً، فعاد شعباً عنيدا
واجعلي "بربروس" مثوى الضحايا إن في بربروس مجداً تليدا!!
واربِطي، في خياشم الفلك الدوَّ ار حبلاً، وأوثقي منه جيدا
عطلى سنة الاله كما عط لتِ من قبلُ "هوشمينَ"(1) المريدا…

إن من يُهمل الدروس، وينسى ضرباتِ الزمان، لن يستفيدا…
نسيَت درسَها فرنسا، فلقنَّا فرنسا بالحرب، درساً جديداً!
وجعلنا لجندها "دار لقمَا نَ"(2) قبوراً، ملءَ الثرى ولحودا!
يا "زبانا" ويا رفاق "زبانا" عشتمُ كالوجود، دهراً مديدا
كل من في البلاد أضحى "زبانا" وتمنى بأن يموت "شهيدا"!!
أنتم يا رفاقُ، قربانُ شعب كنتم البعثَ فيه والتجديدا!!
فاقبلوها ابتهالةً، صنع الرش اشُ أوزانهَا، فصارت قصيدا!!
واستريحوا، إلى جوارِ كريمٍ واطمئنوا، فإننا لن نحيدا!!

مومني محمد
2007-09-13, 22:14
محمد العيد آل خليفة "حمو علي محمد العيد":(1904-1979)م

من مواليد: 1904.08.28م بعين البيضاء من عائلة دينية محافظة، حفظ القرآن الكريم وأصول الدين عن علماء البلدة، انتقل إلى تونس (جامع الزيتونة) للتحصيل، تولى إدارة مدرس الشبيبة الإسلامية بالجزائر العاصمة وغيرها من المدارس الأخرى، اعتقلته السلطات الفرنسية، ووضع تحت الإقامة الجبرية في بسكرة. كان يلقب بـ: شاعر الشباب، شاعر الجزائر الحديثة، شاعر الشمال الإفريقي،...

من آثاره: أنشودة الوليد، رواية بلال بن رباح (مسرحية شعرية)، ديوان محمد العيد.

توفي عام 1979م.

محمد العيد آل خليفة (1904 م – 1979 م ) من رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين العاملين ، شاعر فحل ، قام في سنة 1938 بنظم قصيدة يرد فيها على احد المستشرقين الفرنسيين المدعو آشيل Achille بعد أن كتب هذا الخبيث سلسلة من المقالات في جريدة تصدر في مدينة قسنطينة بالشرق الجزائري اسمها ( لا ديبيش La Depeche ) و معناها بالعربية البرق ،- يهاجم فيها القرآن الكريم واصفا آياه بأنه يدعو إلى القتل و الهمجية و سفك الدماء ، و قد رد عليه الامام عبد الحميد في ثلاثة اعداد متتالية من مجلته البصائر ردا مفحما فند فيه اباطيله و اظهر من خلالها خبث هذا المستشرق و عنصريته ، فنوه الشاعر بموقف الامام و اظهر خزعبلات هذا المدعي، والى القصيدة:

هيهات لا يعتري القرآن تبديل ... وإن تبدل توراة وإنجيل
قل للذين رموا هذا الكتاب بما ... لم يتفق معه شرح وتأويل
هل تشبهون ذوي الألباب في خلق ... إلا كما تشبه الناس التماثيل
فاعزوا الأباطيل لقرآن وابتدعوا ... في القول هيهات لا تجدي الأباطيل
وازروا عليه كما شاءت حلومكم ... فإنه فوق هام الحق إكليل
ماذا تقولون في آي مفصلة .. يزينها من فم الأيام ترتيل
ماذا تقولون في سفر صحائفه... هدى من الله ممض فيه جبريل
آياته بهدى الإسلام ما برحت ... تهدي المماليك جيلا بعده جيل
فآية ملؤها ذكرى وتبصرة ... وآية ملؤها حكم وتفصيل
فليس فيه لا على الناس منزلة ... (عدن) وفيه لأدنى الناس سجيل
ولا احتيال ولا غمص ولا مطل ... ولا اغتيال ولا نغص وتنكيل
إن هو إلا هدى للناس منبلج ... ضاحي المسمى أغر الاسم تنزيل
لئن مضت عنه أجيال وأزمنة... تترى فهل سامه نقض وتحويل
-------
ما بال (آشيل) في (الدبيش) يسخر ... من آيات محكمة لا كان (آشيل)
ما بال (آشيل) يهذي في مقالته ... كحالم راعه في النوم تخييل
ما بال (آشيل) يزري المسلمين وهم ... غر العرائك انجاب بهاليل
أفكارهم بهدى القرآن ثاقبة ... فلا يخامرها في الرأي تضليل
وأمرهم بينهم شورى ودينهم ... فتح من الله, لا قتل وتمثيل
لا يعدم الحق أنصارا تحيط به ... سورا ولو كثرت فينا الأضاليل
------
هذا ابن باديس يحمي الحق متئدا ... كذاك يتئد الشم الأماثل
(عبد الحميد) رعاك الله من بطل .. ماضي الشكيمة لا يلويك تهويل
دمغت أقوال (آشيل) كما دمغت ... أبطال (أبرهة) الطير الأبابيل
عليك مني, وإن قصرت في كلمي ... تحية ملؤها بشر وتحليل
رحمة الله عليهما و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العامين.