مشاهدة النسخة كاملة : بحث
احتاج من فضلكم الى بحث حولة, اثر العملة الاوروبية على التمويل الدولي ,و شكرااااااااااا :sdf:
om-sanad
2013-05-08, 19:52
ابحثي في قوقل ان شاء الله تجدين مرادك
guizamor
2013-05-09, 10:21
بالتوفيق.........................................
تقييم أثر استخدام العملة الأوروبية الموحدة- على الاقتصاد الدولي والعربي
لقد خلق اليورو واقعا نقديا جديدا لشعوب المنطقة الاوروبية التي انتظرت سنوات طويلة، ميزها العمل الجاد والارادة الصلبة والنية الصادقة لتثمر بميلاد العملة الاوروبية الموحدة (اليورو)، والتي سيترتب على إستخدامها جملة من التحولات ال ا قتصادية والسياسية على المستويين الأوروبي والعالمي، ولن يقتصر تأثيراليورو على الفضاء الأوروبي فقط، بل يتأثر العالم بأثره، وسوف ينعكس التعامل باليورو على كافة ال أ سواق العالمية ، نظرا للثقل الاقتصادي للإتحاد ال أ وروبي في الإقتصاد العالمي.
فكرة إنشاء وحدة نقدية أوروبية ليست وليدة إتفاقية ماستريخت، وإنما هي قديمة قدم المشاريع والخطط التي قدمت بشأن الوحدة النقدية الأوروبية. ومن هذه المشاريع نذكر خطة بار عام 1969 وخطة وارنر عام 1970 ومشروع ديستان-سميث عام 1978 ، وتم إنشاء وحدة النقد الحسابية الإيكو التي بدأ العمل بها عام 1979 ، وهي تمثل وحدة الموازنة العامة للإتحاد الأوروبي ، ومكونة من سلة عملات دوله.
لقد حل اليورو كوحدة نقدية فعلية محل الإيكو كوحدة نقد حسابية ا بتداء من تاريخ الفاتح جانفي 1999 ليكون أشهر حدث ا قتصادي منذ الحرب العالمية الثانية وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين .
و لقد وفر اليورو أمام الدول العربية على غرار دول العالم خيارا نقديا عالميا جديدا ، سيساهم في الحد من هيمنة الدولار الأمريكي، وتنبع أهمية اليورو بالنسبة للدول العربية من أهمية علاقاتها الاقتصادية والتجارية والمالية مع الإتحاد الأوروبي. فكلما كان الارتباط الاقتصادي قويا زاد تأثر اقتصاد البلدان العربية بالتطورات والتغيرات في قيمة اليورو ، سواء آنيا أو مستقبلا وعلى مجالات عدة : تجارية، مصرفية، حركة رأس المال، حركة العمالة، وعلى تجارة النفط.
يعتبر الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للدول العربية نظرا لترابط العلاقات الاقتصادية بينهما في مجالي التجارة والاستثمارات، وهو يستوعب حاليا ما يقارب 35 % من إجمالي صادرات الدول العربية إلى العالم، في حين يستحوذ على ما يقارب 45 % من إجمالي وارداتها. وهي نسب مؤهلة للزيادة في ظل توجه العديد من الدول العربية إلى إبرام ا تفاقيات شراكة مع الإتحاد الأوروبي سواء تعلق الأمر بالدول العربية من الضفة الجنوبية للمتوسط في إطار الشراكة الأورو-متوسطية، أو بالنسبة لدول الخليج في إطار المناطق التجارية.
إن المقولة الرئيسية التي تسعى الدراسة إلى اختبارها، تنطلق من فكرة وجود متغيرات دولية وإقليمية بعد سلسلة التصدعات المتتالية في بنية وهيكل وتركيبة العلاقات الإقتصادية الدولية، خاصة على المستوى النقدي والمالي، والتي تطرح مجموعة من الأسئلة البحثية التي يمكن بلورتها في إشكالية البحث من خلال السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي المنعكسات التي يفرضها وجود اليورو على النظام النقدي الدولي ؟ وهل يستطيع الإقتصاد العربي توظيف ارتفاع سعر صرفه لتحسين وضع الموازين التجارية لدوله ؟
هناك معطيات يجب الأخذ بها، واعتبارها فرضيات قد تمكننا من الإجابة على التساؤلات المطروحة، والاستعانة بها لحل إشكالية البحث، وتتلخص في الآتي:
_ وجود قطبين تجاريين عملاقين متنافسين "أمريكا والاتحاد الأوروبي" والرغبة في توسيع هيمنتهما التجارية الشاملة، وبالأخص في المنطقة العربية.
_ وجود علاقات تجارية عربية-أوروبية قوية تستأثر بالنصيب الأعظم من أنماط التفاعلات الاقتصادية القائمة بين هاتين المجموعتين.
_ وجود هيكل للصادرات العربية تهيمن عليه المحروقات.
إن تحديد منهج البحث يتوقف على الهدف الذي تسعى الدراسة الوصول إليه، وعلى طبيعة الموضوع في حد ذاته. لذا فقد جمعت هذه الدراسة بين المنهج التاريخي في استعراض تجسيد فكرة إنشاء وحدة أوروبية نقدية، والأسلوب الوصفي التحليلي في تبيان العلاقات التجارية والمالية بين المنطقة العربية والأمريكية والأوروبية، وكذا المنعكسات التي تواجه الإقتصاديات العربية، وذلك قصد تفسير الكثير من العلاقات والظواهر والمشكلات الاقتصادية المختلفة التي تواجه الاقتصاد العربي.
وقصد إعطاء حل لإشكالية البحث، اعتمدنا خطة بسيطة من ثلاثة محاور وخاتمة ، يناقش المحور الأول ظهور النظام النقدي الأوروبي الجديد، ويتطرق الثاني للمنعكسات التي يحدثها اليورو على الإقتصاد الدولي، أما الثالث فيظهر العلاقة التي تربط اليورو بالإقتصاد العربي، وفي الأخير تضمنت الخاتمة بعض الإستنتاجات والتوصيات.
النظام النقدي الاوروبي الجديد:
تميزت بداية القرن الواحد والعشرين بحدث تاريخي هام ، تمثل في بداية التعامل باليورو كعملة نقدية فعلية إبتداء من تاريخ الفاتح جانفي 1999 ، مساهما بذلك تعويض مجموعة من العملات بعملة واحدة علها تنافس الدولار أو تحل محله كعملة تقوم بوظائف النقود العالمية في التداول وفي الاحتياطي النقدي العالمي ، والمساهمة في استقرار النظام النقدي الدولي.
لقد أخذ الدولار وزنه الدولي بعد إتفاقية بريتون وودز، حيث نص النظام الأساسي لصندوق النقد الدولي حسب الإتفاقية على أن معادل عملة كل بلد من البلدان الأعضاء سيعبر عنه بالذهب أو بالدولار، وبعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1971 وقف إبدال الذهب بالدولار تبين واضحا عجز العملات الوطنية عن أداء دور النقود العالمية واتضح أن هناك ضرورة لإصلاح النظام النقدي الدولي.
بعد إنهيار نظام بريتون وودز ، أصبح الدولار العملة الأولى التي تقوم بوظائف النقود العالمية، وأصبحت أغلب الاحتياطيات العالمية بالدولار، وأغلب السلع العالمية (النفط، القمح، البن، المعادن الثمينة وغيرها) تسعر بالدولار، وأصبحت قيمة إحتياطيات معظم الدول مرتبطة تمام الارتباط بسعر صرف الدولار الذي يشكل حوالي 60 % من إحتياطي المصارف المركزية من العملات الأجنبية في العالم[ماتيوخين،1997] ، وان أي انخفاض في سعر صرف الدولار يعني تراجع في قيمة الصادرات المسعرة بالدولار، خاصة النفط الذي يمثل نسبة كبيرة من صادرات الدول العربية، ويعود هذا التأثير لعدم وجود عملة عالمية بديلة يمكنها أن تحل محل الدولار أو توازنه.
إنهيار نظام بريتون وودز ، وتخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن قاعدة الذهب وما ترتب عن ذلك من مضاربات ، وعدم إستقرار في أسعار الصرف وعدم استقرار اقتصادي ونقدي ومالي خلال عقدي السبعينات والثمانينات ، كلها عوامل ساهمت في دفع أوروبا للتفكير بإنشاء عملة واحدة للمحافظة على الاستقرار النقدي والحد من المضاربات وضمان سياسة مالية ونقدية وإقتصادية تتميز بالاستقرار سواء على مستوى الإتحاد الأوروبي أو على مستوى النظام النقدي الدولي ككل، مدعمة بذلك إندماجها الإقتصادي واستكمال جوانب الوحدة الاقتصادية ومواجهة الاضطرابات التي يمكن أن تتعرض لها الأسواق النقدية والمالية الأوروبية بسبب تغيرات أسعار الصرف.
لقد بدأت الدول الأوروبية التفكير في إنشاء النظام النقدي الأوروبي أواخر الستينات ، حيث تم تشكيل لجنة أوروبية عام 1969 مكلفة بوضع خطة مفصلة لتحقيق الوحدة النقدية بينها بصورة تدريجية، وقد اودعت تقريرها إلى المجلس الأوروبي عام 1971 متضمنا ضرورة إنشاء الوحدة النقدية الأوروبية على عدة مراحل خلال فترة تتراوح من 7 إلى 10 سنوات، مع تطبيق هامش أسعار الصرف بين العملات الأوروبية يتراوح بين 6 % . ولكن قبل البدء في تنفيذ توصيات اللجنة وفي نفس السنة ( 1971 ) أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها الخاص بوقف تحويل الدولار إلى ذهب وما أحدثه هذا القرار من أزمة على النظام النقدي العالمي، وسارعت عندئذ الدول الأوروبية من خلال الإتحاد الأوروبي بإتخاذ قرار الإلتزام بتطبيق هامش 2.25 % بالنسبة لأسعار صرف عملاتها مقابل الدولار، وبهامش 1.25 % بالنسبة لأسعار صرف عملاتها مقابل بعضها البعض، وقد أطلق على هذا النظام (نظام الثعبان داخل النفق).
خلال س نة 1992 أعلنت بريطانيا عن تعويم عملتها (الجنية الإسترليني) بسبب التدهور الشديد في قيمتها لعمليات المضاربة الواسعة على هذه العملة، أعقب ذلك انخفاض في أسعار صرف الليرة الإيطالية والكرون الدانماركي، وحدث إضطراب واسع في أسواق المال الأوروبية إيذانا بإنهيار نظام الثعبان داخل النفق إبتداءا من سنة 1973 ، الأمر الذي استدعى التفكير من جديد للإتفاق بين دول المجموعة الأوروبية على إنشاء نظام نقدي أوروبي جديد من خلال إجتماع بروكسل عام 1979 يتلافى ويتحاشى عيوب نظام الثعبان الأوروبي. وقد تم الإتفاق على السياسة المالية والنقدية المشتركة التي تهدف إلى إقامة منطقة نقدية في أوروبا، وتم كذلك إنشاء وحدة النقد الحسابية (الإيكو) التي بدأ العمل بها خلال نفس السنة ( 1979 ) كوحدة للموازنة العامة للإتحاد الأوروبي والمكونة من سلة عملات دول الإتحاد، وضبطت قيمتها على أساس مساهمة كل عملة من عملات دول الإتحاد على أساس أوزان ترجيحية تتناسب مع حجم الناتج القومي لكل بلد وحصته في التجارة الخارجية لدول الإتحاد.
لقد جاءت إتفاقية ماستريخت عام 1991 ليتفق من خلالها الأوروبيون على وضع إستراتيجية للوصول إلى عملة أوروبية واحدة وتحديد المعايير الكمية للتقارب والتجانس الاقتصادي والنقدي، وكذلك المراحل والخطوات التفصيلية للوصول إلى الاتحاد النقدي. ففي عام 1998 تم تحديد الدول التي ستدخل اليورو وتتعامل به وتحديد سعر الصرف ما بين اليورو والعملات الأوروبية الأخرى واستبدال مؤسسة النقد الأوروبية بالبنك المركزي الأوروبي، فكانت إحدى عشرة ( 11 ) دولة أوروبية [هانس مارتن و هارالد شومان،1998] التي قررت العمل باليورو، وثلاث دول (بريطانيا، الدانمارك، السويد) قررت الدخول لاحقا رغم تحقيقها للشروط، ودولة واحدة (اليونان) لم تستوف الشروط الكمية آنذاك.
إن الخطط والسياسات التي سبقت إتفاقية ماستريخت لم تكن مستوفية للشروط اللازمة والكافية لإطلاق عملة أوروبية واحدة إلى أن إقتنع الأوروبيون بضرورة وضع معايير محددة للتقارب بين السياسات الإقتصادية والمالية والنقدية، ولذلك تم تحديد معايير للتجانس على شكل شروط كمية ملزمة [محمد محمود الامام،2000] تتعلق بمعدلات التضخم وأسعار الفائدة وأسعار الصرف والعجز في الميزانية الحكومية والدين الحكومي. وقد أظهرت الدول الأعضاء درجة عالية من التقارب الإقتصادي في السياسة المالية والنقدية بعد تطبيق إتفاقية ماستريخت التي حددت مجموعة من المعايير الإقتصادية كشروط للانضمام إلى النظام النقدي الأوروبي والعملة النقدية الموحدة، بحيث تقوم كل الدول بتحقيقها قبل الإنخراط في هذا النظام، وتتلخص هذه المعايير في الآتي:
- عدم تجاوز معدل التضخم للدولة الراغبة في الإنضمام حدود 1.5 % من متوسط معدل التضخم في أكثر ثلاث دول من الإتحاد تمتعا بالإستقرار في الأسعار.
- ألا يتجاوز عجز الميزانية للدولة الراغبة في الإنضمام حدود 3 % من الناتج المحلي الإجمالي لها.
- ألا يتجاوز معدل الفائدة طويل الأجل للدولة الراغبة في الإنضمام حدود 2 % من متوسط هذا المعدل في أكثر ثلاث دول من الاتحاد تمتعا بالاستقرار في الأسعار.
- ألا تكون الدولة الراغبة في الإنضمام قد قامت بتخفيض عملتها خلال العامين السابقين بالنسبة لعملة أو عملات الدول الأعضاء في النظام النقدي الأوروبي.
وقد نجحت معظم الدول الأعضاء في تحقيق هذه المعايير ما عدا دولة اليونان [احمد حسين الرفاعي،1997] حيث بلغ معدل التضخم بها 5.2 % وبلغ معدل عجز ميزانيتها إلى ناتجها المحلي حوالي 4 % ، وبلغ معدل الفائدة 9.8 % . أما بالنسبة لمؤشر نسبة الدين العام إلى الناتج القومي الإجمالي فقد زادت في معظم الدول الأعضاء عن النسبة المتفق عليها، وبالرغم من ذلك تمت الموافقة على دخول الإتحاد الأوروبي إلى النظام النقدي الأوروبي استنادا إلى النجاح الذي حققته هذه الدول على مستوى بقية المؤشرات والشروط التي حددتها اتفاقية ماستريخت مثلما يوضحه الجدول التالي
موقف دول الاتحاد الأوربي من استيفاء شروط الانضمام الى اليورو ومشاركتها في آلية سعر الصرف الأوروبي (1998)
الدولة
معدل التضخم 1997
عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي 1997
الديون كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي 1997
معدل الفائدة طويل الاجل 1997
مشاركة في الية سعر الصرف بداية 1998
المعدل المتفق عليه
2.7
3.5-
60
7.8
الدول المشاركة في الاتحاد النقدي
المانيا
1.4
2.7-
61.3
5.6
نعم
فرنسا
1.2
3-
58
5.5
نعم
ايطاليا
1.8
2.7-
121.6
6.7
نعم
اسبانيا
1.8
2.6-
68.8
6.3
نعم
هولندا
1.8
1.4-
72.1
5.5
نعم
بلجيكا
1.4
2.1-
122.2
5.7
نعم
النمسا
1.1
2.5-
66.1
5.6
نعم
فنلندا
1.3
0.9-
55.8
5.9
نعم
البرتغال
1.8
2.5-
62
6.2
نعم
ايرلندا
1.2
0.9
66.3
6.2
نعم
لكسمبورج
1.4
1.7
6.7
5.6
نعم
اليونان
5.2
0.4-
108.7
9.8
نعم
الدول التي بقيت خارج الاتحاد النقدي
انكلترا
1.8
1.9-
53.4
7
لا
السويد
1.9
0.8-
76.6
6.5
لا
الدانمارك
1.9
0.7
65.1
6.2
نعم
Source: Deutsch Bank Research, new currency European, special Rebort, July, 1998, p. 10.
من الملاحظ أن إتفاقية ماستريخت ركزت في محورها الإقتصادي على قيام السوق الأوروبية المشتركة من خلال إحداث تقارب بين السياسات الإقتصادية للدول الأعضاء والوصول إلى وحدة نقدية تسمح بالتعامل بعملة نقدية واحدة ، مع تنسيق كامل للسياسات المالية والنقدية من خلال بنك مركزي أوروبي وإعتباره بمثابة مؤسسة ذات سلطة فوق وطنية تكون قراراتها ملزمة للدول الاعضاء .
إن المرحلة الأخيرة لقيام الوحدة النقدية الأوروبية بدأت مع مطلع عام 1999 حيث تم الإعلان عن ميلاد وحدة النقد الأوروبية " اليورو " في الفاتح من جانفي ،مع تثبيت أسعار صرف عملات الدول المشاركة في النظام النقدي بصورة نهائية غير قابلة للتعديل ، وإنشاء البنك المركزي الأوروبي باعتباره السلطة النقدية فوق الوطنية.
لقد انتهى العمل باليوكو ، وتم تحويل أرصدته بمعدل 1:1 ، وبدأ التعامل باليورو من قبل الدول الأعضاء التي دخلت منطقة اليورو ، وتم الإتفاق على مواصلة التعامل بالعملات الوطنية جنبا إلى جنب مع اليورو لغاية عام 2002 أين انتهى العمل بها نهائيا وسحبت من التداول خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2002 ، ليكتمل تشكيل منطقة اليورو لوحدها ككتلة اقتصادية تعادل اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية حيث يبلغ عدد سكانها ما يقارب 290 مليون نسمة ، وتبلغ حصتها من الناتج الإجمالي العالمي 18.6 % ، وتهدف من خلال وحدتها النقدية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف يتمثل أهمها في خلق سوق مالية واسعة على أسس موحدة ،وإيجاد دور فعال للعملة الأوروبية على المستوى الدولي وتحقيق التجانس في السياسات التجارية والزراعية المشتركة ، وزيادة المنافسة ورفع معدلات النمو.
لقد استطاع اليورو تعزيز قوته في أسواق الصرف ، وحقق التكافؤ مع الدولار ثم تجاوزه في الآونة الأخيرة ليصل إلى سعر صرف يعادل 1.3 دولارا لليورو الواحد مع بداية عام 2005 ، بعدما كان يعادل 0.93 دولارا عشية إنطلاقه عام 1999 ، وهذا التحسن يرجع لعدة عوامل [هنري توفيق عزام،1997] ساعدت في تعزيز قوة اليورو نذكر منها:
_ انهيار أسواق الأوراق المالية في البورصات، خاصة بورصة نيويورك الأمر الذي دفع بالاستثمار إلى التوجه نحو منطقة اليورو بعدما كانت صناديق الاستثمارات الأوروبية تتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية.
_ زيادة الفرق في العائد على الودائع لصالح اليورو، بعد خفض الاحتياطي الفيدرالي نسبة الفائدة على الدولار بنصف نقطة في نوفمبر 2002 مما جعل العائد على الاستثمار أفضل في منطقة اليورو منه في الولايات المتحدة الأمريكية.
_ الشكوك المتزايدة تجاه قوة الاقتصاد الأمريكي ، وانعكاسات الوضع الدولي نتيجة التخوف من اندلاع حرب خليجية أخرى.
إن ما حققه اليورو من تقدم وتحسن في وضعه خلال فترة زمنية وجيزة جدا كعملة دولية قوية وناجحة ، لم يكن نتيجة قرارات سياسية ، وإنما على أساس قوى السوق العالمية، ولكي يتم استخدام عملة ما على نطاق عالمي وتقوم بوظائف النقود العالمية لا بد من توافر مجموعة من الشروط والعوامل في العملة نفسها وفي اقتصاد البلد المصدر لهذه العملة ، مثلما هو الحال بالنسبة لليورو والاتحاد الأوروبي.
فكلما كانت حصة البلد في التجارة الدولية أكبر ، فسوف يكون الطلب على عملته أكثر ، وتكون مألوفة أكثر في السوق الدولية، وقد فاقت حصة الإتحاد ال أ وروبي من التجارة العالمية 19 % عام 1998 ، في حين سجلت حصة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان على التوالي 17 % و 8 % . كذلك ضرورة توفر الثقة في قيمة العملة باستقرار قيمتها، فالتضخم المرتفع يسبب حالة من عدم اليقين وعدم الثقة في الاقتصاد وفي قيمة العملة، ولم تتجاوز معدلات التضخم في الاتحاد الأوروبي نسبة 1,3 % عام 1997 وما له من مدلول كبير بالنسبة لاستقرار عملة اليورو. ويجب كذلك توافر أسواق مالية متحررة وواسعة وعميقة في البلد المصدر للعملة لأنها تساهم في زيادة الطلب الدولي على العملة من خلال الاستثمارات العالمية، وهذا ما حققه الاتحاد الأوروبي بعد إعادة هيكلة النظام المصرفي الأوروبي وخلق أسواق ومؤسسات وأدوات مالية جديدة منتشرة في دول القارة الأوروبية وخارجها،وكذلك يجب توفر ثقة الاستقرار السياسي في البلد المصدر للعملة ، زيادة على المؤشرات الاقتصادية المحققة.
مقارنة بعض المؤشرات الاقتصادية لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
المؤشر
الاتحاد الأوروبي
و.م.الأمريكية
عدد السكان (1998) بالمليون نسمة
290
267
الناتج المحلي الإجمالي (1997) تريليون دولار
7046
6071
النسبة من الناتج العالمي %
19
20
النسبة من التجارة العالمية %
19
17
معدل التضخم (1997) %
1,3
1,5
المصدر : رابح شريط، الاقتصاد الجزائري واليورو – مجلة علوم الاقتصاد والتسيير والتجارة – جامعة الجزائر، العدد 08/2003، ص: 56.
كل هذه العوامل توفرت بدرجة عالية لدى الاتحاد الأوروبي ، مما ساعد على وجود عملة اليورو كعملة عالمية قادرة أن تكون عملة احتياطيات دولية تعتمد عليها المصارف المركزية للدول في تكوين احتياطياتها، وعملة ادخار ومبادلات وتدخل في أسعار الصرف ، ووسيلة للتبادل وتسوية المبادلات التجارية الخارجية ، ووحدة حسابية ومقياس للقيمة في الأسواق العالمية.
كرونولوجيا أهم الأحداث الممهدة لظهور الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو :
التاريخ
الإجراءات (الأحداث)
18/04/1951
25/03/1957
عام 1962
01/07/1967
عام 1970
عام 1972
01/01/1973
مارس 1979
01/01/1981
ديسمبر 1985
01/01/1986
فيفري 1987
أفريل 1989
01/07/1990
07/02/1992
سبتمبر 1992
ديسمبر 1992
نوفمبر 1993
01/01/1994
01/01/1995
فيفري 1995
ديسمبر 1995
ديسمبر 1996
عام 1997
02/03/1998
01/01/1999
01/01/2001
01/01/2002
01/07/2002
فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا ولكسمبورغ تؤسس مجموعة الفحم والصلب الأوروبية.
الدول الستة توقع معاهدة روما لتأسيس المجموعة الاقتصادية الأوروبية،
قيام دول المجموعة الأوروبية باعتماد سياسة فلاحية موحدة ( PAC ).
اندماج مجموعة الفحم والصلب والمجموعة الاقتصادية معا لتكوين المجموعة الأوروبية.
رئيس وزراء لكسمبورغ يضع خطته الطموحة لرسم تفاصيل استراتيجية الوحدة النقدية لعام 1980.
إنشاء نظام الثعبان النقدي.
انضمام الدانمارك، إيطاليا وإيرلندا للوحدة الاقتصادية الأوروبية.
إطلاق النظام النقدي الأوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا بأسعار صرف مربوطة بوحدة النقد الأوروبية.
الدخول في الوحدة الاقتصادية الأوروبية ( CEE ).
الاتفاق على سن القانون الأوروبي الموحد لإنشاء سوق موحدة بحلول عام 1992.
انضمام اسبانيا والبرتغال للوحدة الاقتصادية الأوروبية، ليصبح العدد 12 بلدا.
التوقيع الرسمي على القانون الأوروبي الموحد من طرف 09 دول.
تقرير دايلور رئيس اللجنة الأوروبية يحدد ثلاث مراحل لتحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية.
البدء في المرحلة الأولى للوحدة بإلغاء القيود على تدفق رؤوس الأموال عبر حدود الدول الأعضاء.
توقيع اتفاقية الاتحاد الأوروبي في ماستريخت بهولندا لإنشاء الاتحاد النقدي الاقتصادي الأوروبي.
خروج الجنيه الاسترليني والليرة الإيطالية عن آلية ضبط أسعار الصرف.
تبني ألمانيا للاتفاقية.
تنفيذ اتفاقية ماستريخت.
إنشاء معهد النقد الأوروبي بفرنكفورت (ألمانيا).
إحلال معهد النقد الأوروبي محل البنوك المركزية الأوروبية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
الإعداد لتأسيس البنك الأوروبي مع المنظومة الأوروبية للبنوك المركزية لدول الاتحاد.
انضمام كل من النمسا، فنلندا والسويد ليصبح الاتحاد بـ 15 دولة أوروبية.
طباعة الكتاب الأخضر عن طريق الوكالة الأوروبية يقترح الخطوات لتقديم العملة الأوروبية الموحدة.
اجتماع مدريد واقتراح اسم اليورو للعملة الجديدة، وتحديد 01/01/1999 موعد التعامل به.
اجتماع دبلن والاتفاق على الإطار القانوني اللازم لتحويل العملات النوعية إلى اليورو.
البدء في تقييم الأداء الاقتصادي للدول الأعضاء لإقرار العضوية في الاتحاد.
اللجنة الأوروبية توصي بانضمام 11 بلدا إلى الاتحاد النقدي، وتأسيس البنك المركزي الأوروبي.
طرح اليورو رسميا كعملة حسابية لتحل محل سلة العملات الوطنية مع تثبيت أسعار الصرف.
انضمام اليونان إلى العملة الموحدة لتصبح العضو الثاني عشر.
البدء في استخدام اليورو رسميا في النشاطات اليومية من طرف 12 دولة عضو.
آخر موعد لقبول العملات الورقية والمعدنية لكل دولة وإجبارية تحويلها إلى اليورو.
المصدر: من إعداد الباحث.
اليورو و الاقتصاد الدولي :
لقد عاشت دول الاتحاد الأوروبي حالة استنفار قصوى طيلة السنوات الخمس التي سبقت عملية إطلاق العملة الجديدة " اليورو" ، نتيجة شعورها بالخوف من عدم تمكن هذه العملة تبوأ مكانتها الدولية، لكن سرعان ما انتقل هذا الاستنفار والخوف إلى بقية دول العالم وخاصة أمريكا بعد إطلاق اليورو عام 1999 ، لأنها شعرت وأدركت ما يعانيه الدولار من فقدان سلطته في أسواق المال العالمية، فعلاقات المال والتجارة لدول الاتحاد الأوروبي الداخلية والخارجية سوف تتحدد باليورو الذي يشكل تهديدا حقيقيا للدولار، ويعني هذا تراجع سلطة الأمريكيين وحريتهم في أسواق المال العالمية التي كان التعامل بها بالدولار الأمريكي والين الياباني لينشأ نظام نقدي دولي ثلاثي الأقطاب: قطب اليورو وقطب الدولار وقطب الين وهذا مباشرة بعد إطلاق العملة الأوروبية الجديدة "اليورو".
انطلاقا من سنة 1999 (سنة إطلاق اليورو) شهد العالم تحولات عميقة ليس فقط على المستوى النقدي والمالي، بل كذلك على المستويين الاقتصادي والسياسي، ولم يقتصر تأثير العملة الجديدة "اليورو" على الفضاء الأوروبي فقط بل تأثر العالم بأثره، وانعكس التعامل باليورو على كافة الأسواق العالمية نظرا للثقل الاقتصادي للاتحاد الأوروبي ضمن الاقتصاد الدولي. فالدول الأوروبية الإحدى عشر التي دخلت الدفعة الأولى في نظام اليورو تملك لوحدها اقتصادا يماثل مكانة الاقتصاد الأمريكي إن لم نقل يفوقه في أغلب المؤشرات ، ويكفي أن نشير إلى ثقل معاملات الاتحاد الأوروبي مع البلدان النامية فقط، إذ نسجل ما يفوق نسبة 22 % من صادرات الاتحاد تذهب إلى أسواق البلدان النامية وبالتالي سيكون التعامل مع هذه البلدان باليورو مما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه في سوق الصرف الدولية.
مما لا شك فيه ، أن منعكسات اليورو قد مست جوانب عديدة: اقتصادية، سياسية، مالية، نقدية، أثرت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على العلاقات الدولية، وأحدثت تحولات عميقة فيها، وخاصة على المستويين الاقتصادي والنقدي الدولي والأوروبي.
أولا : على المستوى الدولي:
لقد ظهرت وتركزت منعكسات اليورو في النظام الاقتصادي والنقدي الدولي في المجالات التالية:
1- قام الدولار قبيل ظهور اليورو بالدور الرئيسي في تسعير التبادل التجاري العالمي ، حيث سجل سنة 1995 نسبة 47,6 % من التجارة العالمية مسعرة بالدولار مقابل 15,3 % بالمارك و 4,8 % بالين و 6,3 % بالفرنك الفرنسي و 5,7 % بالجنيه الإسترليني، وكان ما يقارب 72 % من إجمالي التداول الفوري يتم بالدولار والذي يبلغ حجمه اليومي بحدود 1200 مليار دولار[مغاوري شلبي علي،2000] . وباعتبار أن اليورو هو البديل لعملات دول الاتحاد، فهذا يعني أن 30 % من صادرات العالم تقوم الآن باليورو، وأن كل التجارة البينية في دول الاتحاد هي الآن مسعرّة باليورو أي ما يعادل 60 % من التجارة الخارجية لدول الإتحاد ، خاصة وان حجم التجارة الخارجية (صادرات +واردات) لدول الإتحاد الأوروبي مع دول العا لم الأخرى قد فاقت مثيلتها للولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا يعني أن اليورو أحرز تقدما خارج الاتحاد نظرا للوزن الذي يملكه الإتحاد في الاقتصاد العالمي، زيادة على إحلاله محل الفرنك الفرنسي كعملة تسعير ودفع واحتياط في غرب وشمال ووسط إفريقيا، وحل محل المارك الألماني في دول أوروبا الشرقية والوسطى التي كانت تربط عملاتها بالمارك، خاصة وأن عشر دول منها هي الآن ضمن دول الاتحاد، كما أن دول حوض المتوسط التي ترتبط أغلبها باتفاقيات الشراكة الأوروبية المتوسطية تعتمد اليورو بنسب عالية كعملة دفع وتسعير واحتياطي. وسيتم لاحقا تفكيك العلاقة بين الدولار وتسعير النفط في السوق الأوروبية على الأقل. كما أن تراجع دور الدولار كعملة احتياط ووسيلة تبادل وتسعير في التجارة العالمية أدى إلى تقليل الطلب عليه وبالتالي انخفاض قيمته.
2-تحتفظ البنوك المركزية باحتياطي في العملات الأخرى القابلة للتحويل لتدخل في سوق الصرف، ويلعب حجم الاستيراد دورا مهما في تحديد الحاجة إلى الاحتياطيات. لقد كان الدولار يشكل طيلة العقود السابقة أهم عملة احتياط في البنوك المركزية، فحوالي 60 % من احتياطيات العالم كانت بالدولار مقابل 15.3 % بالمارك و 3.6 % بالجنيه الإسترليني و 6 % بالين و 1.9 % بالفرنك الفرنسي. ولكن بعد ظهور اليورو كعلمة مستقرة أدى إلى اعتماده كمستودع للقيمة ، وأصبح عملة احتياط في المصارف المركزية لدول العالم، وبالتالي منافسا قويا للدولار في الاحتياطيات العالمية. زيادة على كون اليورو أصبح وسيلة لعقد الصفقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ودول العالم ووسيلة لتقديم القروض والمنح مما زاد في وزنه كعملة احتياط على حساب الدولار والين وأصبحت غالبية الدول تفكر في كيفيات الزيادة في نسب الاحتياط في اليورو تجنبا لمنعكسات إنخفا ض سعر صرف ال د ولار. وقامت الدول الأوروبية ب بيع جزء كبير من احتياطياتها بالدولار مما ساهم في انخفاض قيمته.
3-أصبح اليورو عملة المحافظ الاستثمارية وعملة التعامل الرئيسية في سوق المال الأوروبية بدلا من العملات الأوروبية والدولار، وبالتالي أصبح عملة البورصات الأوروبية، خاصة وأن اندماج الأسواق المالية الأوروبية ساعد في تخفيض تكاليف الصفقات المالية والحد من تعدد أسعار الفائدة وزيادة عرض الأصول المقومة باليورو.
لقد أصبح اليورو منافسا قويا للدولار، وستزداد حدة المنافسة بعد تحول العديد من الدول المصدرة للنفط للتسعير باليورو والاعتماد عليه في احتياطياتها مما أحدث وسيحدث عدم استطاعة الولايات المتحدة الأمريكية تسديد كل ديونها ومدفوعاتها الخارجية بعملتها المحلية مما يجعلها تواجه مشكلة تمويل كبيرة، الأمر الذي ترفضه الدوائر المالية والنقدية والسياسية الأمريكية.
ثانيا: على المستوى الأوروبي:
يعتبر اليورو أداة لسياسة نقدية ومالية واقتصادية واحدة وبالتالي تقليص التفاوت في السياسات الأوروبية، مما يدفع أكثر فأكثر إلى تقوية وتمتين الروابط بين دول الاتحاد الأوروبي وتحقيق الاستقرار السياسي، فهو يشكل حافزا للعمل بسياسة خارجية مشتركة لأنه يقوي المصالح المشتركة بين دول الاتحاد مما يجبرها على الدفاع المشترك عن مصالحها المشتركة. فاليورو بالنسبة لأوروبا يعني الحرية ورفع كل الحوا ج ز بين دولها لتصبح فضاء مفتوحا لا تعترف بالحواجز، وسوف يمتد تأثير اليورو إلى مختلف جوانب الحياة الاقتصادية داخل الإتحاد الأوروبي.
1-أدى وسيؤدي التعامل باليورو إلى تسهيل التبادل التجاري بين دول الاتحاد الأوروبي، فالمبادلات التجارية وعمليات التحويل أصبحت بسرعة أكبر وبثقة أكبر لعدم وجود تغيرات مفاجئة في معدلات سعر الصرف، وتقليص التباين في أسعار السلع والخدمات بين دو ل الاتحاد مما يزيد من حدة المنافسة وتخفيض التكاليف والأسعار وزيادة الكفاءة التنافسية للمنتجين على مستوى السوقين الأوربية والعالمية، كذلك الزيادة في الاستثمارات طويلة الأجل نظرا لتقلص درجة مخاطر سعر الصرف.
2-قام وسيقوم اليورو بدمج أسواق المال الأوروبية في سوق واحدة للأسهم تتمتع بحجم أكبر وسيولة أكثر، وبالتالي تصبح هذه السوق قادرة على منافسة سوق الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة بعد إطلاق سندات اليورو، وحولت السندات المقومة بالإيكو وبالعملات الوطنية لدول الاتحاد إلى سندات مقومة باليورو والتي تعادل 7000 مليار دولار[السندرو براتي و جارن شيناسي،1997]. لقد أعطى اليورو المراكز المالية الأوروبية (باريس، فرانكفورت...) مزيدا من العمق والاتساع، وزيادة ت ك امل واندماج المؤسسات المصرفية الأوروبية لتكوين سوق مالية مصرفية موحدة مع زيادة الاندماج بين المؤسسات والشركات في دول الاتحاد وتمكين الصناعات الأوروبية من التوسع في السوق الأوروبية، كما يمكن التعامل باليورو من زيادة حركة رؤؤس الأموال داخل الإتحاد مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار وزيادة التشغيل والنمو الاقتصادي داخل الاتحاد .
3- أنهى التعامل باليورو في مخاطر تقلبات أسعار الصرف، فالتعامل بعملة واحدة تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار هو الأكثر أمانا في التعامل بعملات كثيرة تتفاوت وتتقلب أسعارها كل يوم، زيادة على زوال أثر المضاربين الذين يضاربون على تغيير أسعار العملات الوطنية لدول الاتحاد.
4- يفتح اليورو آفاقا جديدة لرجال الأعمال والسياح القادمين إلى أوروبا، فهم ومن خلال تعاملهم باليورو سيتفادون خسارة عمولات التحويل وفروقات الأسعار بين العملات، ولن يعيقهم بعد الآن تبديل عملاتهم خلال تنقلهم من بلد إلى آخر داخل الإتحاد.
5- دخول معظم دول الاتحاد الأوروبي في عضوية اليورو سيؤدي إلى المزيد من الإصلاحات الاقتصادية وإعادة الهيكلة قصد خلق ظروف ملائمة لنمو العديد من القطاعات الاقتصادية وخلق جو من المنافسة الاقتصادية الإيجابية، مع توقع انخفاض معدلات التضخم وتدني عجز الموازنات العامة لبلدان الاتحاد.
6- سيعمل الاتحاد النقدي الأوروبي على تذويب الفوارق بين الدول الأعضاء بالنسبة للمراكز المالية، وذلك عن طريق سياسة النقد الموحدة، وأسلوب الحد الأدنى للاحتياطي النقدي الذي يحدده البنك المركزي الأوروبي لدول الاتحاد بغرض تكافؤ الفرص واتساع السوق.
وجود هذه المنعكسات الإيجابية المحتملة على الاقتصاد الأوروبي، لا ينفي توقع حدوث منعكسات سلبية ظرفية على أداء الاقتصاد الأوروبي ستزول على المدى القصير، والتي نذكر منها:
- قد يؤدي استخدام اليورو إلى توحيد سوق العمل لدول الاتحاد، تتأثر بموجبه الدول ذات الأجور العالية مثل ألمانيا، وهجرة رؤوس الأموال والشركات من الدول الأعضاء عالية التكاليف (ضرائب عالية) إلى الدول الأخرى الأقل تكاليف، مما سيؤدي إلى خلل في الهياكل الاقتصادية لبعض الدول الأعضاء. لذا فاستخدام اليورو سيولد فرص عمل في الدول الأقل تكلفة والأكثر جاذبية للاستثمار على حساب غيرها.
- في ظل استخدام اليورو سوف تتحمل بعض الدول الأعضاء دون غيرها أعباء مالية لدعم الدول الأخرى الأقل نموا، وذلك لتحديث مرافقها العامة وزيادة التنمية فيها.
- سيؤثر اليورو على النظام المصرفي الأوروبي، حيث سيعمل على تقليص إيرادات البنوك الناتج عن تراجع إيرادات العمل بالنقد الأجنبي لعدم توفر الحاجة إليه، وستتحمل البنوك تكاليف التحول إلى اليورو جراء تغيير الأنظمة الإلكترونية وتعديل الماكنات الآلية للصرف وتدريب الموظفين.
اليورو و الاقتصاد العربي :
لقد وفر اليورو أمام الدول العربية خيارا نقديا عالميا جديدا ساهم في الحد من هيمنة الدولار وربما من الهيمنة الأمريكية ذاتها [رسلان خضور،1999] ، هذا الخيار سيكتسي أهميته لدى الدول العربية من درجة عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع الاتحاد الأوروبي. فالاقتصاد العربي يرتبط بقوة باقتصاد الإتحاد من خلال المبادلات التجارية والاستثمارات والدعم المالي، وستزداد وتتحسن هذه العلاقات الاقتصادية من خلال الاتفاقيات الاقتصادية التي يعقدها الاتحاد مع دول العالم العربي سواء تعلق الأمر باتفاق الشراكة الأورو-متوسطية مع دول حوض المتوسط الجنوبية (مؤتمر برشلونة 1995 )، أو اتفاق التعاون الأوروبي-الخليجي الموقع بتاريخ 15 يونيو 1988 والذي يكرس فكرة إنشاء منطقة تجارة حرة بين الجانبين، زيادة على ما يحدث من تكريس للعلاقات الاقتصادية ضمن مجموعة 5+5 ، وهذا كله يدخل في إطار إعادة تشكيل المنطقة العربية التي تتجاذبها رؤى أمريكية من خلال مشروع الشراكة الشرق أوسطية ورؤى أوروبية من خلال المشروع الأورومتوسطي.
وإذا كان من أبرز معالم العولمة الاقتصادية هو التحرير التجاري للسلع والخدمات من جهة، وتحرير انسياب رأس المال في شكل استثمارات مباشرة وغير مباشرة من جهة أخرى، فإنه يبدو جليا استحالة الأقطار العربية مواجهة قوى احتكارية متوحشة تفرضها تحديات العولمة نظرا لما يميز اقتصادياتها من شبه تخلف إنتاجي ورأسمالي. لذا أصبح من واجب حكوماتها البحث عن كيفيات العمل الجماعي في شكل تكتلات إقليمية عربية، وكذلك البحث عن كيفيات مشاركة مع دول الجوار الإقليمي في الجنوب والشمال والشرق ، علها تستطيع الاندماج ضمن الاقتصاد العالمي بأقل التكاليف ، وتضمن حماية لنفسها من همجية العولمة.
إن إعادة تشكيل المنطقة العربية بات أمرا ضروريا تدعوا له كافة الرؤى وإن اختلفت في توجهاتها ، سواء تعلق الأمر بالرؤية العربية أو الرؤية الشرق أوسطية، أو الرؤية المتوسطية أو الرؤية الأمريكية الجديدة للشرق الأوسط الواسع.
وعلى الرغم من أن مشروع التعاون العربي (الرؤية العربية) هو الأقدم تاريخيا، إلا أنه تصادم مع معوقات وانتكاسات حالت دون تحقيق تكامل اقتصادي عربي ، ارتبطت بضعف الروابط التجارية والصناعية، وضعف الدعم المالي، والمخاطر المصاحبة لأوضاع عدم الاستقرار السياسي، وغياب الثقة في قطاعات الأعمال، وغياب تام لتنسيق السياسات الخاصة بدعم التجارة والتنمية، وعدم إدراك خطورة التحديات المشتركة التي تواجهها البلدان العربية في عصر العولمة الأمريكية والأوروبية، زيادة على اختلاف المكونات السياسية (تعدد النظم السياسية)، ووجود أنظمة وقوانين اقتصادية محلية معيقة لتحرك رأس المال العربي داخل المنطقة العربية، وتفاوت مستويات الحماية الجمركية، وتخلف البناء الهيكلي للعملية الإنتاجية، وانتشار الفساد المالي والإداري، وضعف البنية التحتية، وكثرة النزاعات المسلحة (السودان) والحروب الإقليمية ( حرب العراق). وكانت النتيجة عدم تفعيل التعاون العربي سواء على المستوى التجاري بحيث لم تتجاوز حصة التجارة البينية العربية نسبة 9 % من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية عام 2002 ، وهي لا تزيد في أحسن حالاتها عن 10 % من مجموع التبادل العربي العالمي، أو على المستوى الرأسمالي بحيث لا تتجاوز الاستثمارات العربية البينية حدود خمسة ملايير دولار وهو رقم يكاد أن يهمل لو عرفنا أن ما يقارب الألفين مليار دولار حجم الثروات المالية العربية في شكل استثمارات مباشرة وودائع بالخارج.
الدول العربية التي فشلت إلى حد كبير في تجسيد كيانات اقتصادية متكاملة فيما بينها عن طريق الاندماج والتكتل وتكوين أسواق مشتركة ومناطق حرة، لا يمكنها أن تبقى بمعزل عن التطورات التي تفرضها البيئة الاقتصادية العالمية، بل وجدت نفسها مجبرة للدخول في هذه الفضاءات الاقتصادية الجديدة التي فرضتها عولمة الاقتصاد وشموليته، وأصبحت تبحث منفردة على ترتيبات حمائية لاقتصادياتها وذلك عن طريق الدخول في شراكات اقتصادية إقليمية كبرى تحركها قوى التنافس الحاد بين أوروبا وأمريكا، فمنها من اعتنق الشرق أوسطية ومنها من اعتنق المتوسطية ومنها من مازال يتأرجح قراره بين هذا وذاك.
إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية سوف يتركز عبر قنوات التجارة الخارجية والاستثمارات وينعكس على الاحتياطيات من العملات الأجنبية وعلى عملة الربط للعملات الوطنية. فعلى مستوى التجارة الخارجية يشكل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول والأهم بالنسبة للدول العربية خاصة وأن الجزء الأكبر من الصادرات العربية توجه للإتحاد ، وكذلك القسم الأعظم من الواردات العربية تأتي منه، ويكفي أن نشير إلى أن حجم التجارة العربية غير النفطية مع أوروبا يزيد عن 100 مليار دولار في حين لا يتعدى 60 م ليار دولار مع أمريكا، هذا الحجم مؤهل للزيادة نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الإتحاد الأوربي للمنطقة العربية ، نتيجة التنافس بينه وبين أمريكا للاستحواذ على أسواقها. فدول الخليج تحظى بأهمية كبيرة لدى الاتحاد في ضوء ما تتمتع به من أهمية اقتصادية واستراتيجية، حيث تمثل منطقة الخليج مركز الثقل النفطي العالمي بإنتاجها ما يقارب 15 مليون برميل يومي من أصل 70 مليون برميل على المستوى العالمي، زيادة على امتلاكها لأكبر احتياطي نفطي في العالم وصل إلى 700 مليار برميل عام 2003 أي ما يعادل نسبة 66 % من إجمالي الاحتياطي العالمي، كما تحتل دول الخليج موقعا جغرافيا استراتيجيا يوفر لها خاصية تجارية متميزة بسوقها الواسعة المستقبلة للمنتجات الأوروبية حيث يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لدول الخليج بقيمة مبادلات تجارية إجمالية وصلت إلى نحو 50 مليار يورو عام 2001 ، وهو ما يعادل 50 % من حجم تجارة الاتحاد مع العالم العربي، كما يعد الاتحاد ثاني أكبر مستورد للمنتجات الخليجية بعد اليابان بقيمة 17 مليار دولار عام 2001 أي ما يعادل 9 % من إجمالي الصادرات الخليجية، تمثل الصادرات النفطية منها حوالي 65 % وهو ما يعادل 23 % من إجمالي الواردات النفطية للاتحاد.
أما منطقة المغرب العربي ، فهي أكثر تعاملا مع الاتحاد الأوروبي تاريخيا ، وقد تكرست أكثر فأكثر من خلال اتفاقيات الشراكة الأورو-متوسطية التي وقعتها كل الدول المغاربية ما عدا ليبيا التي تسعى لتوقيعها، والتي ستترجم بإنشاء منطقة تجارة حرة في غضون عام 2010 ، ويكفي أن نشير إلى حصة أوروبا من الصادرات المغاربية خلال عقد التسعينات التي تجاوزت 70 % ، وبالمقابل سجلت حصة أوروبا من الواردات المغاربية لنفس الفترة 68 % وهو ما يؤكد كثافة التعاملات التجارية لدول المغرب العربي مع الإتحاد مقارنة بتعاملها التجاري مع بلدان القارات الأخرى ، مثلما يوضحه الجدول التالي
معدل المبادلات التجارية للدول المغاربية مجتمعة حسب القارات (من مجموع الصادرات والواردات عام 2002)
القارات
الصادرات ( % )
الوادرات ( % )
الاتحاد الأوروبي
72.3
69.8
إفريقيا
4.6
3.1
أمريكا
16
17
آسيا
6.4
8.9
أستراليا
0.7
1.2
Source : les relations entre l'Europe et le sud de la Méditerranée, conclusion du séminaire de LISBONNE, 04 Décembre 2002.
أما دول الشرق الأوسط فهي كذلك تميزها علاقات تجارية واسعة مع الاتحاد الأوروبي ، وسوف يتحسن التبادل التجاري بينهما بسبب تحسن تجارة السلع والخدمات، فهناك الكثير من الاتفاقيات بين دول الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي ، إضافة إلى اتفاقية الشراكة الأورو-متوسطية التي وقعتها كل من مصر والأردن ولبنان وسوريا والسلطة الفلسطينية. ويكفي أن نعطي مثالا عن التجارة الخارجية لسوريا وتعاملها مع الاتحاد الأوروبي حيث بلغت نسبة صادراتها تجاه الاتحاد عام 2003 ما يفوق 54 % من مجموع الصادرات السورية، وبالمقابل بلغت نسبة وارداتها من الاتحاد لنفس السنة أكثر من 32 % من مجموع الواردات السورية. وكذلك الحال بالنسبة للتجارة الخارجية الأردنية (صادرات+واردات) التي سجلت نسبة 22 % مع دول الإتحاد عام 2003 في حين لم تتعدى 14 % مع أمريكا، وهي نسب تقترب بكثير من النسب المسجلة على مستوى التجارة الخارجية لأغلبية بلدان الشرق الأوسط الأخرى مع الاتحاد الأوروبي.
ومهما ثقل وزن المعاملات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية ، فإنه تجدر الإشارة إلى هيكل الصادرات العربية الذي تهيمن عليه المحروقات ، والتي تخضع أساسا لمنطق الأوبك في فوترتها (تسعيرتها) بالدولار الأمريكي، وهذا ما يطرح مشاكل بالنسبة للاقتصاديات العربية خاصة عندما تراجع الدولار أمام اليورو مما يعرّضها لخسائر كبيرة، فهي من جهة بحاجة إلى اليورو لتسديد تعاملاتها م ع الاتحاد الأوروبي في حين تتلقى عوائدها من المحروقات بالدولار، وهذا ما يرجح مستقبلا الاتجاه نحو تسعير النفط المصدر للاتحاد باليورو، وستكون كل القروض والمساعدات وكل المعاملات معه باليورو، الذي سيشكل عملة دفع مستحقات التجارة الخارجية، وأداة للتدخل في سوق الصرف وعملة احتياط رئيسية. أما الصادرات خارج المحروقات فهي ضعيفة جدا وستلاقي منافسة غير متوازنة داخل السوق الأوروبية بحكم انخفاض تكاليف تصني ع ها وبحكم ازدياد ت ك امل اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي التي ساهم في زيادة ت ك املها العملة الموحدة "اليورو".
تعتمد غالبية الدول العربية على الدولار بشكل أساسي في احتياطياتها من العملة الأجنبية، وكذلك في حساباتها ومعاملاتها الدولية مما يجعلها معرّضة للهزات الاقتصادية، فكلما اهتز الاقتصاد الأمريكي واهتز الدولار مثلما يحدث الآن اهتزت وراء ذلك اقتصاديات البلدان العربية بشكل تبعي، فانخفاض قيمة الدولار تجاه قيمة اليورو والتي حددها سعر الصرف 1,34 دولارا لليورو الواحد في جانفي 2005 سيؤثر سلبا على قيمة الاحتياطي العربي، ولكن عند اعتماد أ كثر من عملة رئيسية كاحتياطي فإن تأثير الانخفاض في سعر الصرف سيكون أقل حدّة، لذا فعلى الدول العربية وبحكم علاقتها مع الاتحاد الأوروبي أن تعتمد اليورو كعملة احتياط رئيسية جنبا إلى الدولار وهذا يعني أنه يجب شراء اليورو لتنويع سلة احتياطيات المصارف المركزية العربية بمزيد من اليورو بدلا من الاعتماد على الدولار فقط.
لقد أتاح اليورو أمام الدول العربية فرصة كبيرة لربط عملاتها بسلة عملات الشركاء التجاريين، وبما أن الاتحاد الأوروبي هو من أهم الشركاء التجاريين فيجب أن يحتل اليورو الحصة الأكبر في السلة زيادة على الدولار والين، لأن ربط العملات المحلية للدول العربية بالدولار فقط سيؤثر على الاحتياطي من العملات الأجنبية وعلى التجارة الخارجية وعلى الميزانية العامة والقروض الخارجية ويجعل العملة المحلية عرضة للتقلبات التي شهدها وسيشهدها الدولار. ولقد أثبتت التجربة الاقتصادية أن الدول التي ترتبط عملاتها المحلية ب سلة عملات أجنبية حققت استقرارا أفضل في أسعار صرف عملاتها وتجارتها الخارجية من تلك التي تعتمد الربط بعملة أجنبية واحدة [رالف زبيرنبك،2000] .
الأمر لم يعد اختياريا، في الوقت الذي بدأت دول الاتحاد الأوروبي في تسعير صادراتها باليورو بدلا من العملات الأوروبية الوطنية، وهذا سيؤدي حتما إلى زيادة طلب الدول العربية على اليورو لتسوية مستحقات وارداتها من دول الاتحاد، سواء ببيع جزء من احتياطات الدولار وتحويله إلى يورو، وسينجر عن هذا الإجراء خسارة تتحملها البنوك المركزية العربية وفق تغير قيمة سعر الصرف بين الدولار واليورو، أو تسعير صادراتها تجاه دول الاتحاد باليورو بغرض زيادة شفافية الأسعار ومقابلة احتياجاتها من اليورو، وهو الحل الأمثل مثلما فعلت السعودية وليبيا والجزائر وشركات النسيج المصرية.
إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية لا يقتصر على مجال التجارة الخارجية فقط، بل يتعداه إلى البنوك وحركة رؤوس الأموال والعمالة والاستثمار والنمو الاقتصادي...وغيرها. فالقطاع المصرفي العربي أكثر عرضة للتأثر بأي تطور في عملة الاتحاد الأوروبي "اليورو"، نظرا للتواجد المصرفي العربي والذي وصل إلى ما يزيد عن 125 مصرفا عربيا منها 80 مصرفا في لندن وحدها. هذه المصارف ستتأثر باستخدام اليورو، ويتوقع تقليص شبكة البنوك المراسلة، وحدوث انخفاض كبير في إيراداتها، ومواجهة منافسة شديدة في مجال نشاطها، وعدم تحمل تكاليف التكنولوجيا اللازمة للتعامل مع المستجدات التي تنجم عن استخدام اليورو، وكذلك الحال بالنسبة للبنوك المركزية داخل البلاد العربية التي تتحمل تكاليف تسوية المعاملات البينية للدول العربية، وبينها وبين مراسليها الأوروبيين، وهذا ما يستدعي زيادة طلبها على اليورو لتسوية المعاملات العربية الأوروبية من جهة، والتقليل من المخاطر المصاحبة لتغير أسعار الصرف بين العملات المختلفة وبين الدولار باعتماده العملة المعتمدة لتسوية معظم المعاملات العربية.
كذلك ستشهد حركة رؤوس الأموال العربية تدفقا هائلا نحو بلدان الاتحاد الأوروبي في شكل استثمارات عربية للاستفادة من مزايا السوق الأوروبية الموحدة، وتجنب تكاليف التحويل بين العملات، وتحقيق الكفاءة الإنتاجية وعائد الاستثمار. هذه الأموال ستكون في غالبيتها من الدول العربية ذات الفوائض المالية مثل دول الخليج، مما يؤثر على نصيب الدول العربية الأخرى المستقبلة لرؤوس الأموال العربية كمصر والسودان وسوريا والأردن وتونس ولبنان، زيادة على التراجع المتوقع في حركة رؤوس الأموال الأوروبية باتجاه البلاد العربية، وذلك بسبب المزايا التي يحققها اليورو للاستثمارات الأوروبية داخل الاتحاد الأوروبي، وكذلك التراجع المتوقع في القروض والمنح والمساعدات التي تقدم للدول العربية وتوجيهها إلى بلدان أوروبية أعضاء في الاتحاد إذا صادفتها مشاكل اقتصادية حتى لا تمتد آثارها إلى بقية الدول الأعضاء في الاتحاد وبالتالي على استقرار اليورو.
أما فيما يخص حركة العمالة، فإن وجود عملة أوروبية موحدة سيشجع زيادة حركتها بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك في ظل الشفافية في الأجور التي ستخلقها عملة اليورو، والمساواة في الأجور على مستوى كل دول الاتحاد، وهذا سيؤدي إلى إعادة هيكلة العمالة الأوروبية، وإعطاء الأولوية أكثر للعمالة الوطنية الأوروبية ومناهضة العمالة الأجنبية وخاصة تلك الوافدة من دول العالم الثالث، وتحديدا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأمر الذي ينعكس بتقليص هذه الحركة، زيادة على وجود بعض الإجراءات التي تضيق الخناق على العمالة بشكل عام، وعلى العمالة غير القانونية بشكل خاص، وسوف تكون أكثر الدول العربية تضررا من هذه الإجراءات دول المغرب العربي نظرا للحجم الهائل من العمالة المغاربية داخل دول الاتحاد. لذلك يستوجب على الدول العربية وخاصة المغاربية إعادة طرح قضية حركة وحقوق العمالة العربية من خلال المفاوضات الثنائية لاتفــاقيـات الشـراكة الأورو-متوسطية.
مما لا شك فيه أن توسع التعامل باليورو سيؤدي إلى مكاسب اقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي، نتيجة تحسن معدلات النمو والاستثمار والعمالة، وبالتالي توسع السوق الأوروبية في حجم نشاطها، الأمر الذي يستدعي زيادة الواردات من داخل وخارج الاتحاد، وارتفاع الطلب على السلع غير الأوروبية بما فيها العربية، وهذا يتوقف على درجة مرونة الأجهزة الإنتاجية العربية في تلبية ذلك الطلب وعلى مقدرتها التنافسية للسلع المماثلة الأوروبية والآسيوية والأمريكية. وإن بلوغ هذه الدرجة والمقدرة مازال ينتظره الكثير من الإصلاحات لاقتصادياتها، وبالتالي فاستفادة الدول العربية من توسيع حجم نشاط السوق الأوروبية لا يمكن توقعه على المدى القصير.
إن تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية قد يتسرب من خلال أسعار الفائدة لرؤوس الأموال الأوروبية، فكلما هبطت هذه الأسعار انخفضت قيمة خدمة الديون الخارجية التي تثقل كاهل الدول العربية، ويتوقف هذا التأثير على حجم القروض الخارجية المقومة باليورو. فكلما كانت نسبة الديون باليورو أكثر كلما كان انخفاض في قيمة خدمة هذه الديون في حالة انخفاض أسعار الفائدة.
خاتمة:
إذا كان الدولار عملة وطنية تحولت إلى عملة تقوم بوظائف النقود العالمية في ظل ظروف عسكرية وسياسية واقتصادية، فإن اليورو نشأ ليكون عملة عالمية يتوقف مستقبله في النظام النقدي الدولي على استقراره وقوته ومدى نجاح السياسات النقدية والمالية والاقتصادية للإتحاد الأوروبي، وهناك من العوامل ما يجعله يتبوأ فعلا مكانة العملة العالمية القوية والأكثر استقرارا من العملات العالمية الأخرى (الدولار والين)، فهو يتكون من سلة من العملات الأوروبية القوية داخل مجموعة من البلدان المستقرة لها مصرف مركزي واحد قائم على أسس سياسية نقدية ومالية صارمة. وهذا كله سيشجع البنوك المركزية لدول العالم على غرار الدول الأوروبية لاعتماد اليورو كعملة احتياط وتخفيف الوزن النسبي للدولار في التعاملات الدولية والاحتياطيات، وبذلك سيشكل اليورو وقد شكل تهديدا حقيقيا للدولار وللاقتصاد الأمريكي، والمساهمة في إعادة تقاسم مناطق النفوذ بن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على حساب الدول الأخرى، خاصة النامية والعربية منها، ويكون عاملا مشجعا وقدوة تقتدي بها التكتلات الاقتصادية الأخرى للتفكير بإنشاء عملة موحدة، وهذا ما تسعى له دول مجلس التعاون الخليجي.
على الدول العربية الإدارك الواعي لما يجري اليوم من تنافس بين الدولار واليورو أقل ما يقال عنه أنها حرب صامتة بين أمريكا وأوروبا، تسعى من خلالها أمريكا استرداد ما ضيعه الدولار أمام اليورو وذلك باللجوء إلى زيادة سعر الفائدة كي تستقطب رؤوس الأموال من الخارج، وهو الإجراء الذي يساهم في ارتفاع نسبة البطالة وانحصار الوظائف وبالتالي ارتفاع الأسعار مما يؤدي إلى زيادة اليورو على الأقل في دول الإتحاد بمعدلات أكبر من معدلات نمو اقتصاده ، وبالتالي عدم قدرة استيعاب اقتصاد الاتحاد لهذه الزيادة الحاصلة في اليورو مما سيحدث اختلالا في السوق الأوروبية يجعل المصرف المركزي الأوروبي في حيرة نتيجة تنامي اليورو. ومهما يكن فالدول العربية عليها أن تعي جيدا هذه التقلبات في أسعار العملات العالمية، فهي مجبرة اليوم أكثر من وقت مضى بالتعامل مع كل العملات وتنويع احتياطياتها منها حتى تخفف حدة الصدمة إذا انخفض سعر صرف عملة على حساب الأخرى.
استنتاجـات :
_ أصبح اليورو بديلا رئيسيا للدولار في مجمل التعاملات الدولية، وسيزداد الطلب عليه نظرا لارتفاع سعر صرفه.
_ أحرز اليورو تقدما مذهلا أمام العملات العالمية الأخرى في تسعير التبادل التجاري العالمي، وكاحتياطي في البنوك المركزية، زيادة على كونه وسيلة لعقد الصفقات ومنح القروض والمنح.
_ أصبح اليورو عملة المحافظ الاستثمارية، وعملة التعامل الرئيسية في سوق المال الأوروبية.
_ إمكانية تحول العديد من الدول العربية المصدرة للنفط للتسعير باليورو بعدما سجلت خسائر جراء ارتباطها بالدولار لتسعير صادراتها النفطية.
_ تأثير اليورو على الاقتصاديات العربية يتركز عبر قنوات التجارة الخارجية والاستثمارات، خاصة وأنها تعتمد على الدولار كاحتياطي من العملة الأجنبية.
توصيات :
_ على الدول العربية أن تعي كل التغيرات التي تحدث على الساحة الاقتصادية والمالية لمسايرتها والتحكم فيها، والإدراك الواعي لما يجري من تنافس بين الدولار واليورو.
_ على الدول العربية أن تجعل من نجاح العملة الأوروبية الموحدة عاملا مشجعا وقدوة تقتدي بها لتكوين سوق عربية مشتركة وعملة عربية موحدة.
_ على الدول العربية التعامل مع كل العملات العالمية وتنويع احتياطياتها منها، خاصة اليورو.
_ على الدول العربية إدراك أن قوة العملة هي نتيجة لقوة الاقتصاد.
وإذا كانت نتيجة التكامل الاقتصادي الأوروبي ظهور عملة موحدة "اليورو"، فالمطلوب من الدول العربية دعم الصلة بإنشاء سوق عربية تسعى للاستقرار والتفتح على العالم وتذليل العقبات أمام استقرار العملات بها، وإعادة تشكيل آليات العمل في أسواق الأوراق المالية العربية، وتشجيع المستثمر العربي في مجال الصناعة والزراعة للتقليل من حدة البطالة المتزايدة، وتطوير آليات العمل الاقتصادية وفق متطلبات المرحلة الراهنة والاستفادة من المميزات المصاحبة للعولمة والتكامل مع الاقتصاد العالمي، مع ضرورة تغيير اللوائح والقوانين والتعايش مع الأوضاع السياسية لضمان نجاح التكامل الاقتصادي العربي للانتفاع بصورة أفضل من العولمة
مسلم عراقي
2013-05-22, 15:21
اليورو كوحدة نقدية فعلية .ا بتداء من تاريخ الفاتح جانفي 1999 ليكون أشهر حدث ا قتصادي منذ الحرب العالمية الثانية وحتى مطلع القرن الواحد والعشرين .
خلق اليورو واقعا نقديا جديدا لشعوب المنطقة الاوروبية التي انتظرت سنوات طويلة، ميزها العمل الجاد والارادة الصلبة والنية الصادقة لتثمر بميلاد العملة الاوروبية الموحدة (اليورو)،
bent l3alma
2013-07-06, 22:07
انا ايضا ابحث عنو
mounalisa
2013-10-17, 19:28
ارجوووووووووووووووووووووووووكم ساعدوني اريد بحث حول سعر الفائدة في السوق المالي
طارق المختار
2013-10-17, 19:34
رانا في قسم الدراسات العليا وليس البحث عن المواضيع . لازم نعرفو كيفاش تنظموا
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir