تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع تهنئة غير المسليمن في الاعياد


بن حجوجة
2013-01-09, 08:51
أحمد عمارة
الأسباب النفسية لاختلاف الفتاوى في حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

ملحوظة : الردود على التعليقات موجودة أسفل المقال أقوم بتحديثها كل فترة بحسب وقتي.
""""""""""
من مساوئ ما يحدث اليوم ، أن بعض الناس يتدخلون في نيات الناس ويظنون أنهم يعلمون هذه النيات وبالتالي يبنون فتاويهم على حسب ما ظنوه من نية سيئة .

ومن المعروف أن من يحاسب على النيات هو رب النيات ورب العباد ، فلا دخل للناس أبدا بهذا الموضوع مهما بلغ بهم العلم !

عند الحديث في الدين : من البديهي والمنطقي أن الشخص المسلم لا يقبل عقيدة المسيحي دينيا ، والشخص المسيحي لا يقبل عقيدة المسلم دينيا .

فالمسلم لا يعتقد أبدا أن لله ولد .
والمسيحي لا يعتقد أبدا أن محمدا رسول .

هذا على مستوى العقائد .. وهذا أمر مفروغ منه ولا جدال فيه .

إذن كيف يحدث الجدال ؟ عندما يأتي الشيطان ليوهم الشخص أنه يعلم نية فلان .

لو قال المسلم للمسيحي : كل عام أنت بخير في عيده
ولو قال المسيحي للمسلم : كل عام أنت بخير في عيده

يأتي الشيطان لأناس ليوهمهم أن المسلم عندما يقول للمسيحي كل عام أنت بخير ، فهو بذلك يقر بأن لله ولد وبأنه يحتفل بميلاد الله أو ميلاد ابن الله .

عندها يهب الشخص ساخطا منفعلا ويصدر فتوى بالتحريم (يبنيها على سوء ظنه) . فهو لا يحرم التهنئة لذاتها ، وإنما يحرم اعتبار أن لله ولد .. هو على حق في ذلك ، لكن فتواه لا قيمة لها إذا كان المسلم يحي غير المسلم من باب الود ومن باب الترغيب والرحمة ..

هذه هي المشكلة : مشكلة العصر ، التدخل في النيات ، والشق عن القلب ، وإساءة الظن ، ثم بناء الفتوى على ذلك !!!!

ويمعن الشيطان اللعب على هذا الوتر كي يحدث الفتنة والجدل والكبر باسم العلم ، فيدخل هذا ليهين هذا ويدخل هذا ليهين هذا ، كله باسم العلم وتكبر باسم الدين وقد تحدثت في ذلك بالتفصيل في الخاطرة الماضية على الرابط التالي :


لذلك في رأيي أن الفتوى الصحيحة في موضوع تهنئة غير المسليمن من المفروض أن تكون كالتالي :

1- إن كنت تقول لهم كل عام وأنت بخير بنية البر والمودة والقسط وإخاء الوطن فأنت بذلك تنفذ أمر الله في القرآن (َلا يَنۡهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمۡ يُقَاتِلُوكُمۡ فِى الدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوا إِلَيۡهِمۡ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الۡمُقۡسِطِينَ) وكنت تعرف أن البر حسن الخلق كما في الحديث الذي رواه النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ ) وأنك تريد تهنئتهم لتكون على خلق حسن معهم فاعلم عندها أن الله يحبك لأنك تحبب الناس في دينك وتظهر روائعه وأخلاقه الرائعة ليتقبله الناس بصدر رحب وبحب وسلام . وأنت الآن تفشي السلام كما قال صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم) ومن إفشاء السلام التهاني والمعايدات ، ومن عدم إفشاء السلام الانغلاق ومعاملة الغير بتعالي أو بتحقير لشعائره ، فهو عندها لن يشعر بالسلام أبدا معك وسينشأ داخله بغض تجاهك وبغض تجاه دينك ، وإن كنت تعيد عليهم بنية تنفيذ كلام النبي الكريم (استوصوا بالقبط خيرا) ، فأنت تفعل شيئا رائعا سيجازيك الله عنه كل خير .

2- أما إن كنت تعايدهم وفي نيتك موالاتهم عقائديا وإقرارهم على ذلك وتقر بأن عيسى ابن الله ، أو أن هذا ميلاد الله فهذا حرام عليك ولا يجوز لك شرعا فعل ذلك !

هكذا تكون الفتوى الصحيحة التي لا تنشئ خلافا ولا تنشى جدالا . فأقفلوا على الشيطان باب الجدال الذي يفتحه بخدعته القديمة (التدخل في النيات) .

ولأن هذا الموضوع يتعلق بالنية ، فلم يسبق أن صدر نص صريح بها أيام النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، لأنه من غير المنطقي أن شخص يهنئ شخصا في عيده أن تظن أنه يؤيده في عقيدته !! هذا منتهى منتهى إساءة الظن .. ولم يكن الرسول الكريم يتعامل بالتدخل في النيات نهائيا .. وهذه الأعمال تعتبر أعمال نية ..

وإني لأحمد الله العلي القدير أني درست ديني في الأزهر الشريف منذ نعومة أظفاري ، وفي الأزهر تعلمنا أن التحريم في الشرع عدة أقسام:

1- تحريم الشيء لذاته : كالخمر ولحم الخنزير والتجسس والتصنت .. هنا مجرد شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو التجسس أو التصنت حرام . مهما كانت النية ومهما كنت تقصد . فلا يعقل أن يشرب أحد الخمر ويقول نيتي سليمة ، أو يأكل لحم خنزير ويقول نيتي سليمة أو يتصنت أو يتجسس ويقول نيتي سليمة .. كلها أمور حرام لذاتها مهما كانت نيتها . (طبعا يخرج من ذلك الاضطرار لحفظ الحياة فقط ، فلو كان شخص في صحراء جرداء ولم يجد إلا خمرا أمامه ويخشى الموت هنا فقط يحل له أن يشرب مقدار ما يحفظ حياته ويحميه من الموت) .

وهناك قاعدة فقهية تقول أن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد .. والمقصود بهذه القاعدة العمل الفاسد لذاته ، كالزنى ، والسب ، وشرب الخمر وهذه كلها أعمال فاسدة محرمة لذاتها لذا لا ينفع معها النية الصالحة .

2- تحريم الشيء لغيره : فحرام شرعا سب الأصنام ، لأن سب الأصنام يقود من يعبد الأصنام إلى أن يسب إلهك كما سببت إلهه الذي يعتقده .

3- وهناك تحريم للنية : وهذا يقع فيه كل أمور الحياة ، فلو دخل شخص المسجد ليصلي بنية الاستهزاء بصلاة المسلمين يصبح عمله حراما حتى لو صلى الصلاة كاملة ،، ومن يتعلم علما ليباهي به العلماء ويجادل الناس ويستهزئ بهم فهو حرام له وسيدخله النار .

وهذا القسم الثالث لا يفقهه كثير من الناس ويوقع الكثير من الخلاف والجدال ، لأن النية هي التي تحكمه ، لذلك من الصحيح أن العالم إذا أفتى أرجع فتواه إلى نية الشخص ، بدلا من أن يفترض نية معينة ثم يبني فتواه عليها .

فمثلا : لهو الحديث حلال شرعا ، وحسبنا حديث النبي الكريم عندما وجد أناسا يقيمون عرسا بلا لهو ولا احتفال فقال : (هل كان معكُم لهوٌ فإنّ الأنصارَ كانوا يحبونَ اللّهْوَ) ، فالفكاهة لهو حديث ، والإنشاد والأغاني في الأفراح لهو حديث . لذا فهو حلال ..

لكن لو نيتك في لهو الحديث الصد عن سبيل الله يصبح حراما ، قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشۡتَرِى لَهۡوَ الۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ مُّهِينٌ) . لذا فمن كان يلهو ونيته الضلال عن سبيل الله واتخاذ آيات الله هزوا ، هنا كان اللهو حراما بنيته وليس لذاته . (ولهذا يحدث خلاف دائما بين من يحرم الغناء ومن يحلله لأنهم لم يستطيعوا التفريق بين ما هو محرم لذاته وما هو محرم لنية الفعل)

فاللهو عمل لا هو فاسد ولا هو صالح ،، هو عمل عادي ، إن عملته بنية الترفيه عن نفسك حتى تعبد ربك بصورة صحيحة بعد الترفيه يصبح بالنية عملا صالحا ،، وإن عملته بنية الصد عن سبيل الله وإبعاد الناس عن الدين يصبح بالنية عملا فادسا ،، والنية هنا هي المحك والله أعلم بالنوايا .

والمقصود هنا طبعا اللهو المباح ، وليس اللهو المنهي عنه ، فالزنا أيضا من اللهو لأنه حرام لذاته فلا تنفع معه النية السليمة .

ومثال آخر : الخيانة العظمى وإفشاء سر من أسرار الحرب عقوبته وخيمة وحرام شرعا ، لكن عندما أخبر حاطب بن أبي بلتعه قريش بميعاد الحرب ونية سيدنا محمد للذهاب إلى مكة بالجيش ، كان رسول الله حكيما رحيما معه ، فعندما علم أن نيته عندها حماية أهله لأنه كان خائفا عليهم بشدة أن يصيبهم مكروه بسبب الحرب ، وعندما نظر إلى سيرته فعلم أنه رجل شهد بدر أي كانت نيته سليمة وقدم ما يثبت ذلك في المشاركة بجدارة ولم يخش على نفسه ، تركه وسامحه ، وفي هذا إشارة دينية رهيبة مذهلة أن ننظر إلى حياة الناس وما يقدمون لنقيم بها أفعالهم ، لا أن ننتقي فعلا صغيرا واحدا لتحكم عليهم ولنهدم كل أفعالهم الإيجابية الأخرى التي يفعلونها من أجل الله !!

ولأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ليس فيها تحريم لذاتها ، لأن كل ما هو محرم لذاته ورد فيه نص قرآني أو نهي نبوي ، ولأنها معتمدة على نيتها فلم يصدر فيها نص أيام النبي الكريم ، لأنه لم يكن ليصدر فتوى بناءا على سوء ظن .

بل إن النبي الكريم عندما وجد اليهود في المدينة يحتفلون بانتصار سيدنا موسى على فرعون ، وكان عيدا لهم وكانوا يصومون فيه ، رحب بذلك وأيده ، بل قال للمسلمين نحن أولى بموسى منهم ، وورد هذا في حديث عبد الله بن عباس أنه قال : (لما قدم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ، واليهودُ تصومُ عاشوراءَ، فسألهم فقالوا : هذا اليومُ الذي ظهر فيه موسى على فرعونَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( نحن أولى بموسى منهم، فصومُوه .

لم يحرمه ولم ينهى المسلمون عنه ، بل أمر المسلمون أن يصوموا أي يفعلوا ما كان يفعل اليهود ، فهل يعقل هنا أن يقول شخص أنه يؤيد اليهود في عقيدتهم ؟؟؟؟؟ ولأنه لم يكن يوجد مسيحيين في المدينة فبالطبع لو وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسيحين يفرحون بميلاد سيدنا عيسى فكان سيقول : نحن أولى بعيسى منهم .. بالطبع هذا لا يعنيه تأييد عقيدتهم مهما كان اختلافنا معها !!! ولقد قال الله سبحانه وتعالى في المسيح (وَسَلَامٌ عَلَيۡهِ يَوۡمَ وُلِدَ وَيَوۡمَ يَمُوتُ وَيَوۡمَ يُبۡعَثُ حَيًّا )

وهناك قاعدة فقهية أخرى يجهلها بعض الناس ، أن الأصل في الأشياء الإباحة ، إلا ما ورد فيه نص شرعي بتحريمه .. يعني لا يأتي شخص ويقول إنها حرام لأنه لم يفعلها رسول الله ولم يفعلها الصحابة ،، هذا منتهى الجهل بالدين .. ولو كان هذا صحيحا فالكمبيوتر حرام والطيارة حرام لأنه لم يستخدمها رسول الله ولم يفعلها الصحابه . ولكان لحم الضب حراما لأن الرسول الكريم امتنع عن أكله عندما قدمه له خالد بن الوليد !!

ولو تأملنا بعمق للآية الكريمة أن الله لا ينهانا أن نبرهم ، تجد أن الله ذكر كلمة البر ، وهذه الكلمة من أكبر الكلمات في الإحسان والخلق الطيب ،، واستخدمها الله سبحانه وتعالى مع الأب والأم ، بر الوالدين !!! فما هو بر الوالدين ؟ هو أروع أنواع التعامل الأخلاقي الإنساني الراقي المحترم . لذا فاستخدام القرآن الكريم لكلمة البر استخدام رائع يحسم الجدل والخلاف الدائر .

ثم كيف يحلل الله سبحانه وتعالى في الزواج من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ويحرم علي تهنئتهم بعيدهم ؟؟ ويقول البعض أن حبهم حرام !!! هل معنى هذا أني أتزوج فتاة لا أحبها لأن ذلك حرام ، وحرام علي أن أقول لها أو لأهلها في عيدهم كل عام وأنتم بخير ؟؟ هذا هذا هو الإسلام الذي تحاولون نشره بين الناس ؟؟

أما سمعتم قول الله في الزواج :"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" ، وطالما حلال لي أن أتزوج امرأة كتابية ، فحلال لي أيضا أن أودها وأكون رحيمها بها ، ومن المودة تهنئتها وتهنئة أهلها بأعيادهم بمنتهى الأخلاق الرفيعة الراقية ..

ولقد وصى النبي الكريم أبا ذر قائلا ""اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" قال له خالق الناس ولم يقل له خالق المسلمين ، ومن الخلق الحسن أن أشاركهم الأفراح والأتراح ، هذا من البر ، ومن الود ومن الخلق الحسن ، والبر حسن الخلق !

وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" ، لذا فكل ما فيه خلق جميل راق يرفع قدرك أمام الله ويرفع قدرك أمام الناس ويقربك منهم ومن دينك .

والغريب أن بعض الناس يبنون رأيهم هذا على ما يشيعونه من أن الأرثوزوكسي لا يهنئ البروتوسطانتي في عيده لأنهم مختلفين ،، ويريد أن يقلدهم فيما يفعلون ، ولا يعلم أننا نستمد ديننا من أوامر الله والرسول لا من ما يفعله الناس ، ولا كان أولى أن أسبهم كما أن البعض يسبوننا مثلا ؟ وأنسى نهي الله في القرآن عن عدم السب كما يفعل بعض الناس ممن لا يفقهون الدين فيسبون ويسخرون باسم الدين ظنا منهم أننا هكذا نعاملهم بالمثل !!!

الغريب أنكم ستجدون من يحرم التهنئة ، يحلل لنفسه الدعاء عليهم ويحلل لنفسه الاستهزاء بهم والسخرية منهم بل وسبهم في بعض الأحيان !!! هم يبتعدون ويعادون كل ما هو من حسن الخلق ، لأن بعضهم في معتقده أنه لا يجوز أن أعامل من هو على غير ديني بحسن خلق ، لابد أن أتعامل معه بكبر ، والكبر يمنعني أن أهنئه في عيده وإلا تعتبر إهانة لي ورفعة له !!! يحكمه الكبر .. أكرر يحكمه الكبر ويروج له بإسم الدين !

الدين فيه سعة ، الدين رحمة ، كل الأشياء في الدنيا حلال إلا ما جاء فيها نص رباني واضح صريح بالتحريم ، أو نص حديث كريم واضح صريح بالتحريم .. لو لم يوجد نص واضح صريح فالأمر راجع لتفكير كل شخص وقناعاته ، وهنا ينبغي عليك أن تستفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك .. أكرر ، في الشرع طالما لا توجد آية تحرم شيئا بعينه ، أو حديث يحرم شيئا بعينه ، فهذا معناه أن الله يقصد ذلك ، ويقصد التخفيف لأن كل زمن مختلف عن الزمن الذي قبله ، والمرجع الرئيسي نيتك والله يعلم النوايا ويطلع على القلوب وهو الذي يحاسبها وما الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين

والتهنئة مشاركة وجدانية نفسية بحتة ، عندما أجد شخصا فرحا سعيدا ، أهنئة أي أشاركه فرحته وأخبره أني سعيد لأنك سعيد ، وفرحان لأنك فرحان ،، وعندما أجد شخصا حزينا ، أواسيه لحزنه ، أي أخبره أني حزين لحزنك ومتضايق لضيقك ، هذه قمة الإنسانية وأسمى معاني الرقي والخير والقسط والعدل .. لو فعلنا ذلك لتقربنا من بعضنا أكثر ولازددنا ودا وإخاءا وهنا ينتشر الوعي وينتشر العدل والدين الحق بحب وإخاء .

الخلاصة :
"""""""""""

أولا : على من يحرم أن يأتي بدليل من القرآن والسنة ، لا يبني التحريم بناءا على رأيه واستنباطه وتدخله في نيات الناس .. أو يبني رأيه على فتوى علماء في زمن مضى تغيرت أحداثه وتغيرت ظروفه وتفاصيله ، ومن المعلوم أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحداث ، وطالما هي فتوى إذن تلزم صاحبها لكن لا تلزمني ، ولذلك ينبغي على الجميع العلم بالقاعدة الفقهية العميقة التي قالها سالم بن عبد الله بن عمر "كلٌ يلزمه اجتهاده وهو يبحث عن الحق، واجتهادك لا يلزم اﻷخرين، واجتهاد اﻷخرين لا يلزمك ويبقى أن النوايا على الله تعالى" أكرر هات دليل من القرآن أو السنة النبوية على التحريم فالحرام بينه الله وغير خاضع لآراء الناس مهما بلغ بهم العلم ، وإن كان هناك اجتهاد وفتوى لعالم آخر فلا يلزمني اجتهاده ولا تضغط علي به . أنا يلزمني فقط أمر رب العالمين وأمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .

ثانيا : أقول في تهنئة غير المسلمين بأن معظم الفتاوى التي خرجت في الماضي من الأئمة الأجلاء تم بناؤها على إساءة الظن (أي ظنهم بأن من يقول للآخر كل عام وأنت بخير ينوي ولاءه والإقرار على عقيدته وإهانة دينه وتعظيم دين غيره) وهذا سوء ظن وهو محور التحريم عندهم ، وهي تعتبر فتوى صحيحة لو أن هذه كانت نية من يهنئ ، فمن كان يهنئهم بنية تأييدهم وبنية الإقرار أن عيسى ابن الله ، ومن كان يهنئهم تمييعا للدين وازدراءا له فهو مخطئ وهو يفعل شيئا حراما . ولهذا اعتمدت كل فتاويهم على هذه النية فقط وليس أي نوايا أخرى .

أما من كان يهنئهم بنية تنفيذ الآية الكريمة بالبر والقسط ، وبنية بشروا ولا تنفروا ، وبنية استوصوا بالأقباط خيرا وبنية أن يكون صورة إيجابية رائعة تتعامل مع الآخر بصفاء نفس وبلا كبر ولا تعالي فسوف يكون ثوابه عند الله رائعا . والله سبحانه وتعالى يعلم النوايا ، خاصة أن التهنئة كتهنئة في حد ذاتها ليست حرام شرعا ، المهم نية التهنئة .

وأنا من وجهة نظري لا أظن نهائيا أن شخصا مسلم يهنئ شخصا غير مسلم هو مؤيد له عقديا ومؤيد له في أن عيسى ابن الله أو أن عسى هو الله .

ثالثا : طالما أن هناك اختلاف في الرأي ، وأن هناك علماء رأوا أنه لا شيء في تهنئتهم كالشيخ الغزالي والشيخ القرضاوي والشيخ علي جمعة ودار الإفتاء المصرية ومعظم علماء الأزهر إلا قليلا ،، وهناك أيضا من حرموا، لذا فأنا في حل أن أختار من الفتاوى ما يقنعني ويريح صدري وليس لأحد أن يتدخل في اختياري ، فالفتوى تلزم قائلها ولا تلزمني وعلي أن أختار من هذه الفتاوى ما يرتاح له ضميري وقلبي والله فقط يعلم نيتي ويعلم قراري وقلبي . ومن أراد أن يأخذ بفتوى من يحرم فليأخذها ، لكن لا يتحارب الطرفان ، خذ فتواك ولا تجبر أحدا عليها واعلم أن الله يراك ويحاسبك وتوكل على الله رب العباد .

رابعا : أرجوا من الدعاة التركيز على الفتاوى الهامة الخطيرة التي تقي الناس النار وتدخلهم الجنة كفتاوى عدم الكبر ، وتحريم السباب وتحريم السخرية وتحريم سوء الظن والتدخل في النيات ، ففيها نصوص واضحة جلية في القرآن و الحديث وكثير من الدعاة على الساحة يقع في هذه الأخطاء ، بدلا من أن تركزوا على فتاوى فرعية تثار كل فترة لتحدث جدلا ساحقا بين الناس ومعظمها قائم على التدخل في نية الناس !!!

فضلا اتركوا الخلق للخالق ، وكفاكم تدخلا في نيات الناس ، وبينوا في فتواكم الجانبين والنيتين ، وكونوا عباد الله إخوانا ناشرين للسلام لا للضغينة والحقد والتفرقة .

أحمد عمارة

محمد همام الحارث
2013-01-09, 09:25
يا اخي لنا علماء نعود إليهم لنستفتي في امور ديننا و لسنا علماء ربّانيين نستنبط من القرآن و السنة ما أصبحت تقول في إنشاءاتك

لا يجدر بك ان تكتب مقال إنشائي تتهم فيه الناس هكذا او هكذا بل الاجدر بك ان تنقل لنا ماذا قال العلماء في هذا الخصوص لنفهم بكل بساطة ماذا تريده أن يصل أدمغتنا و تصدّقه قلوبنا

بن حجوجة
2013-01-09, 15:49
فضلا اتركوا الخلق للخالق ، وكفاكم تدخلا في نيات الناس ، وبينوا في فتواكم الجانبين والنيتين ، وكونوا عباد الله إخوانا ناشرين للسلام لا للضغينة والحقد والتفرقة .