تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جواز المظاهرات والإعتصامات في الشريعة الإسلامية


salimo123
2013-01-08, 20:51
في يوم الإثنين، الموافق للعاشر من ديسمبر الجاري، ألقى سلمان الرشودي رئيس جمعية حسم، محاضرة في مجلس/ اثنينية (ديوانية) بالرياض، محاضرة فنّد فيها فتاوى مشايخ السلطة بتحريم التظاهرات. وفي اليوم التالي 11/12/2012 وضعت المحاضرة على اليوتيوب، وفي فجر الأربعاء، الموافق للثاني عشر من ديسمبر الجاري، ألقي القبض عليه من قبل أجهزة المباحث وهو في طريقه الى مدينة بريدة.
لقد امتحن الرشودي بالإعتقالات شأنه شأن زميله الحامد منذ التسعينيات الميلادية الماضية، فلا يكاد يخرج من السجن حتى يعاد إليه بسبب التعبير عن رأي، أو الإدلاء بتصريح، أو التوقيع على عريضة. اعتقل الرشودي خمس مرات: 1993، 1995، 2004، 2007، ولم يخرج من السجن إلا قبل نحو عام، وها هو يعاد إليه في 2012.
التهمة هذه المرّة واضحة في (مملكة الإنسانية)!
إنها إلقاء محاضرة خلاف الرأي الديني الرسمي. لمجرد أنه قال بأن المظاهرات (مباحة)! وليست (محرمة) كما يقول وعاظ السلاطين.
حقاً إنها لاتزال (مملكة الصمت) كما جاء في تقرير المادة ـ 19 وستبقى كذلك الى أن يأذن الله بإزالة طغاة آل سعود.
فيما يلي نصّ المحاضرة التي ألقاها الرشودي، فكانت سبباً في اعتقاله.
وهنا رابط لمن يريد الإستماع اليها:
http://www.youtube.com/watch?v=JY8y6hIalig&feature=g-high-u

رداً على فتاوى تحريم مشايخ آل سعود المظاهرات:

حكم المظاهرات والإعتصامات في الشريعة الإسلامية

الشيخ المحامي والقاضي سليمان الرشودي

رئيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)
الحكم بالتحريم والتحليل لا يجوز إلا بدليل شرعي، وبرهان علمي واضح. ولا بدّ من التنبيه على امر مهم وهو: ان الاحكام في الشريعة الاسلامية تنقسم الى قسمين. القسم الأول: ما يتعلق بالعبادات والحدود والقربات التي شرعها الله ديناً يتعبد عباده بها، وفقاً لما شرعه الله في كتابه، وفي هدي رسوله صلى الله عليه وسلم. فهذه http://www.alhejazi.net/images/abdula_alhamid_122_2_400.jpg الحامد يتوسط الناشطين مخلف الشمري
وسليمان الرشودي بعد خروجهم من المحكمة أحكامها توقيفية. بمعنى انها لا تجوز إلا بنص شرعي من الكتاب او السنة؛ كما ورد في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). وفي رواية: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
القسم الثاني، ما يتعلق بالعادات وشؤون الحياة المدنية، فهذا الأصل فيه الإباحة، وفقاً للقاعدة الأصولية الفقهية التي تقول: الأصل في الأشياء الإباحة. وموضوعنا: (حكم الإعتصامات والتظاهرات في الشريعة الإسلامية) هو من هذا القسم الثاني قطعاً، وبناءً على ذلك، نقول وبالله التوفيق:
كثر الكلام في الاونة الأخيرة حول حكم المظاهرات والإعتصامات والمسيرات. فالمظاهرات من حيث اللغة كما في القاموس المحيط: ظهر، ظهوراً: تبيّن. وتظاهروا: تدابروا، وتعاونوا. أي أنها تأتي بالمعنيين المتضادين. والظهير المعين. وفي المعجم الوسيط: المظاهرة: إعلان رأي وإظهار عاطفة بصورة جماعية. فالمظاهرة لغة تجمع بين معنى الظهور ومعنى التعاون، وكلاهما محمود، ما دام بمقصد مشروع كالدعوة لرفع الظلم، وإحلال العدل محله. وأما حكمها شرعاً، ففيه تفصيل، يمكن اجماله في عدة محاور، أهمها ما يلي:
المحور الأول ـ ان المظاهرات والإعتصامات من القسم الثاني، أي المباح، أي ما أصله الإباحة، كما تقدّم. والقاعدة التي تفيد بأصل الإباحة، مبنية على عدّة نصوص شرعية عامّة وخاصّة، كما في حديث ابن عباس الذي قال: (فبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه، وأحل الحلال، وحرّم الحرام، فما أحلّه فهو الحلال وما حرّمه فهو الحرام، وما سكت عنه فهو عفو)، أي باق على البراءة الأصلية.
وروى أصحاب السنن والأسانيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، انه قال: (بعثت بالحنيفية السمحة). وفي الصحيحين عن أنس بن مالك انه صلى الله عليه وسلم قال: (يسروا ولا تعسروا وسكنوا). وفي رواية: (وبشروا ولا تنفّروا). وبهذا المعنى وردت أحاديث كثيرة في الصحيحين والسنن تفيد ان الدين يسر، كما في مسند الإمام أحمد وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ان خير دينكم أيسره)؛ وفي الحديث الآخر عنه: (إن دين الله في يسر)، مصداقه قوله تعالى: (بريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (وما جعل عليكم في الدين من حرج). فهذا أصل ومقصد من مقاصد الشريعة.
المحور الثاني ـ أن المظاهرات والإعتصامات من الوسائل، والقاعدة الفقهية تقول: الوسائل لها حكم الغايات. وما دامت الوسيلة هنا هي المظاهرات السلمية، والمقصود منها هو رفع الظلم، وإحقاق الحق والعدل، الذي فرضه الله على عباده جميعاً.. قال تعالى: (ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأرسلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).. فالرسل كلهم أرسلهم الله بالوحي من السماء ليقيموا القسط والعدل بين الناس: (فطرة الله التي فطر الناس عليها). فحب العدل فطرة أقرها الله وشرعها. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ فريضة من الفرائض واصل من الأصول التي جاء بها الإسلام وأقام عليه بناء. قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).
فالدعوة الى المظاهرات السلمية لرفع الظلم والإستبداد وإزالة الفساد، واعطاء الشعب حقوقه وحريته المسلوبة، وكرامته المهانة.. هذا من الدعوة للخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي شرعه الله. وما دامت هذه هي الغاية المشروعة، فأي وسيلة مباحة توصل اليها، فهي مشروعة، بل واجبة. والمظاهرات السلمية تعبير ووسيلة لهذه الغاية المشروعة. فهي مشروعة لأن الوسائل لها حكم الغايات.
فالدعوة الى المظاهرات السلمية لرفع الظلم والإستبداد وإزالة الفساد، واعطاء الشعب حقوقه وحريته المسلوبة، وكرامته المهانة.. هذا من الدعوة للخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي شرعه الله. وما دامت هذه هي الغاية المشروعة، فأي وسيلة مباحة توصل اليها، فهي مشروعة، بل واجبة. والمظاهرات السلمية تعبير ووسيلة لهذه الغاية المشروعة. فهي مشروعة لأن الوسائل لها حكم الغايات.
المحور الثالث ـ الأدلة والبراهين على إباحة وجواز المظاهرات:
الدليل الأول/ ان المظاهرات من العادات وشؤون الحياة المدنية التي الأصل فيها الإباحة ـ كما تقدّم، وليست من العبادات التي لا تشرع إلا بأمر شرعي من الكتاب والسنة الصحيحة. وما كان كذلك فالأصل فيه الإباحة. فينظر في حكمه، أي في دواعيه ومقاصده. فإذا كان الدافع اليه مشروعاً، وهو وجود منكر كبير، بل منكرات يجب تغييرها، كالظلم والاستبداد والفساد.. هذه منكرات موجودة وظاهرة يجب تغييرها بأي وسيلة مشروعة. أو كان الدافع اليه وجود فريضة، أو أمر واجب تجب إقامته، كالعدل، وإقامة الفرائض التي هي من مسؤوليات الحاكم العامة التي ضيعها ولم يقم بها، أو قصّر في بعضها، كالحكم الشوري وفق الكتاب والسنة، ونشر التعليم النافع، وإعداد العدة الكافية للدفاع عن البلاد للحفاظ على السيادة؛ والإعلام الصالح الصادق الذي ينير المجتمع، وينشر الحق والفضيلة... فهنا تجب إقامة هذه الفرائض بأية وسيلة مشروعة. والمظاهرات السلمية أصبحت في هذا العصر هي الوسيلة المتاحة للشعوب للضغط على صاحب القرار، بإسماعه صوت الشعب، الذي يجب عليه تلبية طلباته، لأنه وكيل عن هذا الشعب، وليس وصياً عليه، ولإسماع من لم يسمع من هذا الشعب ليشارك في القيام بهذا الواجب.
الدليل الثاني/ قول الله سبحانه في سورة الشورى: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق اولئك لهم عذاب أليم). قال ابن كثير: أي ليس عليهم جناح في الإنتصار ممن ظلمهم. وقال سيد قطب في الظلال: (فالذي ينتصر بعد ظلمه فليس عليه من جناح، وهو يزاول حقه المشروع، ولا يجوز ان يقف في طريقه أحد؛ إنما الذي يجب الوقوف في طريقهم، هم الذين يظلمون الناس، فإن الأرض لا تصلح وفيها ظالم لا يقف له الناس ليكفوه ويمنعوه عن ظلمه. ولكن على الناس كذلك أن يقفوا له ويأخذوا عليه الطريق).
الدليل الثالث/ قول الله سبحانه في سورة النساء: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم). فهذا يجوز له أن يجهر حتى بالسوء من القول؛ مع أن المظاهرات جهرٌ بالحق وليس بالسوء. اورد ابن كثير رأي ابن عباس في الآية: (لا يحب الله أن يدعو احد على أحد إلا أن يكون مظلوماً، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه). كما أورد عن ابن عباس ايضاً: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للنبي: إن لي جاراً يؤذيني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أخرج متاعك فضعه على الطريق، فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق. فكل من مرّ به قال: ما لك؟ قال: جاري يؤذيني. فيقول هذا المار: اللهم العنه، اللهم اخزه. فبلغ جاره ذلك فأتاه فقال: ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبداً.
فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أراد أن يستعين الرجل بالجمهور، ليكونوا عامل ضغط على جاره حتى يكف ظلمه. فكيف بالحاكم العام الظالم؟ فهو أولى بضغط الجماهير عليه لكف ظلمه بل مظالمه.
المحور الرابع ـ ان النظام الإستبدادي قد أوصد الأبواب الأخرى للإصلاح، فلم يقبل الحوار، ولم يقبل النصيحة السرية التي يراها بعض العلماء التابعين له، ولم يقبل الخطابات والنصائح الجماعية، بدء بمذكرة النصيحة قبل عقدين من الزمن، وانتهاء بخطاب الدستور قبل ثمان سنوات، ثم لم ينفذ شيئاً من الإصلاح الجدي بعد مجيء الربيع العربي؛ ومئات بل ألوف من الإصلاحيين قد وجهوا للنظام من خلال تويتر والفيس بوك وجهوا له آلاف الرسائل التي يدعونه فيها الى الإصلاح الجدي، فلم يستجب، بل ازداد الفساد المالي والإداري، فلم يبق للشعب من وسيلة لرفع الظلم والإستبداد والفساد سوى المظاهرات والإعتصامات السلمية.
المحور الخامس ـ أن من يحرم المظاهرات بحجج واهية، كدعوى انها يترتب عليها الفوضى والتخريب والتكسير والأذى، أو مساندة هذه الطائفة وتلك، فهذه كلها حجج باطلة. أما دعوى التخريب التي يدعي أنها تترتب على المظاهرات، فالمظاهرات التي ندعو لها، ونراها هي المظاهرات السلمية، التي لا يترتب عليها شيء من ذلك، ويمكن حراستها ومراقبتها من قبل الشرطة الرسمية، لحمايتها من أن يعتدي عليها أحد، أو يعتدي بعض أفرادها على أحد، كما هو معمول به في سائر الدول. أو يلتزم من يدعو اليها ويقودها بالسلمية، وعدم وقوع تجاوزات من افرادها، وحمايتها من المندسين. وأما دعوى مساندة طوائف أو أحزاب أخرى، فهذه دعوى باطلة لأن من يتبنى المظاهرات إنما يطالب برفع الظلم والإستبداد والفساد عن الشعب كله.
المحور السادس ـ أن المظاهرات السلمية مظهر من مظاهر حرية التعبير التي هي حق أصيل من حقوق الإنسان، قال الله تعالى: (الرحمن، علم القران، خلق الإنسان، علمه البيان). البيان الذي يميزه عن سائر الحيوانات بالقدرة على التعبير، فحق المسلم في حرية التعبير عن رأيه أولى وأكثر. إذ عليه تعتمد أكثر التكاليف الشرعية في العبادات والمعاملات. وحرمان الإنسان من حرية التعبير ظلم، وإهدار لكرامة الإنسان التي منحها الله له: (ولقد كرمنا بني آدم). فالإنسان كما ولد حراً يجب أن يعيش حراً. إلا من عبوديته لله وحده. وحرية التعبير والتفكير نابعة من حريته التي قال عنها الفاروق: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً). كما ان حرية التبعير في الإسلام هي أساس الدعوة الى الخير الذي أمر الله به، في قوله: (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير).
المحور السابع ـ هل يشترط اذن الحاكم المسلم بالمظاهرات؟ هذا الحكم يتوقف على قيام هذا الحاكم بشروط البيعة على كتاب الله وينة رسوله صلى الله وسلم، من تحكيم الشريعة، وإقامة العدل، وأداء جميع الأمانات المناطة بالحاكم العام، كالشورى الحقيقية، والمساواة بين جميع أفراد الشعب، بمن فيهم الحاكم نفسه، يساوي بين القريب والبعيد، وبين القوي والضعيف. فالمسلمون سواسية كما ورد في الحديث (كأسنان المشط). قال تعالى: (ان الله يامركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
اما أئمة الجور فهم كما سماهم الإمام الزمخشري في كتابه (الكشاف): (اللصوص المتغلّبة). هذا في القرن الخامس والسادس الهجري، مع أنهم كانوا يقيمون الشريعة، فكيف لو عاش الزمخشري زماننا هذا. فالمنع من حرية التعبير بالمظاهرات السلمية ظلم ومنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ إنما الطاعة في المعروف). فلا سمع ولا طاعة لمن يظلم ويصرّ على منكرات عامة.
المحور الثامن ـ إن انكار المنكرات على الحاكم الظالم المستبد، والأخذ على يده.. فريضة تقع مسؤوليتها على الأمة جمعاء، أي على الشعب. قال تعالى: (لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون). وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس اذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك ان يعمهم الله بعقاب منه). وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم). فمن هم هؤلاء الناس الذين قصدهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ان الناس اذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه..)؟ انهم الشعب؛ وعلى رأسهم العلماء والمفكرون؛ المطلعون على مدى ظلم الظالم؛ وخطورة تركه على مستقبل الأمة بل وعلى حاضرها أيضاً.
المحور التاسع ـ إن المظاهرات السلمية اصبحت اسلوباً حضارياً عالمياً شفافاً من أساليب حرية التعبير التي أقرتها الشرائع السماوية، والدساتير والقوانين الأرضية، وتمارسها جميع شعوب الأرض، بما فيها شعوب العالم العربي والإسلامي. وقد سمعت احد العلماء والدعاة المرموقين يخصّ بلاد الحرمين بفتواه بتحريم المظاهرات دون سائر العالم. في الواقع: ذهبت اليه، وعندما حاورته في هذا، وقلت له اليس الأصل في المظاهرات الإباحة؟ وتعتورها الأحكام الخمسة التي ذكرها فقهاء الشريعة، أي: الوجوب والإباحة، والإستحباب، والتحريم، والكراهة.. وذلك بحسب المقصود منها. قال: بلى. قلت: فلم تخص بلاد الحرمين بذلك؟ فحار ولم يجب، سوى قوله: إنني مقتنع بما أفتيت به وقد شاورت فيها. فقلت له ما قال الشاعر: (أحرام على بلابله الدوح/ حلال للطير من كل جنس؟). لا أدري لم يخصون بلاد الحرمين بتحريم المظاهرات، ولم ينكروا على شعوب البلاد العربية الأخرى الذين خرجوا في مظاهرات مليونية؟.
يقول الله سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون). ويقول جل ذكره: (ولا تقف ما ليس لك به علم، ان السمع و البصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).

salimo123
2013-01-08, 21:01
قدم الدكتور عبدالله الحامد 7 مذكرات رداً على مزاعم المدعي العام فوزان الفوزان غير المشفوعة بدليل واتهاماته بالجرمية في قضايا رأي لا يجرمها شرع ولا عقل ولا قانون. المذكرة السابعة قدمها الدكتور الحامد في الجلسة الثامنة للمحاكمات التي طالت مسؤولي (حسم/ جمعية الحقوق المدنية والسياسية)، للقاضي حماد بن محمد العمر، المعيّن هو الآخر من وزارة الداخلية، وذلك في الجلسة الثامنة والتي عقدت في الثامن من ديسمبر الجاري، وعموم مجريات القضية، وطبيعة الإتهامات السخيفة وغيرها يمكن استخلاصها من خلاصة هذه المذكرة وما جرى في الجلسة. وهنا بعض المقتطفات التي وردت في المذكرة:
تعطيل التنمية أم تعطيل العدالة؟

د. عبدالله الحامد

المظاهرات السلمية تعبير وحق من حقوق الإنسان الشرعية في الإسلام (باعتبارها البديل العملي الوحيد الذي يسحب البساط من تحت أقدام العنف والتطرف)، والشرع أباحها (إن لم تكن واجبة) لأنها من وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن http://www.alhejazi.net/images/abdula_alhamid_122_300.jpg د. عبدالله الحامد المنكر ورفع الظلم الفعالة. والنظام لم يمنعها، حتى لو أثبت أن بيان (عشرون اقتراحا لنجاح ثقافة المظاهرات) دعوة صريحة إليها. وقد قال المدعي في دعواه ما نصه: (مخالفا بذلك أنظمة الدولة وبيان هيئة كبار العلماء بتاريخ 1-4-1432هـ ) لكنه لم يذكر النظام الذي خالفناه إن كان موجودا (وهو غير موجود).
بيان هيئة كبار العلماء ـ بتحريم التظاهرات ـ اجتهاد منهم بغير دليل معتبر شرعا، بل الدليل الشرعي على خلافه. ولو كان رأيا راجحا لكان غير ملزم، لأنه يقابل اجتهاد أضعافهم من العلماء (المستقلين) بجوازالمظاهرات السلمية التي لا تضر الممتلكات العامة والخاصة، ولا الأنفس (وهذا القيد هو المعتبر شرعا).
حينما انتقدنا بيانهم لم نطعن في أشخاصهم، بل عبرنا عن رأينا في بيانهم وحق التعبير حق مشروع، مارسه الصحابة أمام النبي صلى الله عليه وسلم، وكفلته مواثيق الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في العالم التي وقعت المملكة على الالتزام بها.
كل الأعمال التي قمنا بها مباحة، كالمطالبة بالعدل والمساواة في توزيع الثروة، وتوظيف العاطلين، وكف أيدي المتطاولين عن أراضي الأمة، وحفظ المال العام، ومعونة المحتاجين، وتبييض سجون المباحث السياسية، والتحقيق في عدد المساجين والتعذيب، والاعتقال التعسفي، وإنشاء مجلس نواب منتخب، ووضع هيئات مراقبة ومحاسبة لا يستثني الأمراء، فإن كل هذه الطلبات مشروعة، لأنها حق وعدل، وأمر بمعروف ونهي عن منكرات كبيرة.
قال المدعي العام عني: ليس بغريب على مثل المذكور ما أقدم عليه من أفعال، أن يجهد نفسه في العمل على (تقرير ضلالات)، ينسبها لدين الله؛ و(يتخذها دينا، ويتعبد بها) والله ورسوله منها براء. طلبت منه إثبات هذه الضلالات، إثباتا شرعيا، أو اعتذاره، عن ما نسب إلي، وأشاعه عني من قدح في عقيدتي وديني، ليضلل القضاء ويشوهني أمام الرأي العام.
تخيل المدعي أنني(صحفت) اسم ابن عثيمين، إلى عقيمين، وأن التصحيف مقصود، وبنى على هذا التوهم أكواما من الخيال. والواقع أن المدعي (حرف) كلاما لي في الجلسة الخامسة، تحدثت فيه عن أن تويتر والفيس والانترنيت ليست مصدرا سليما يصلح بينات قضائية. والذي أذكره أنني قلت: إنني سقت (في تويتر) قولا سياسيا لابن عثيمين، من (شرح رياض الصالحين)، فعلق علي بعض المتابعين وقالوا: لقد (صحفت). فعدت إلى حسابي في (تويتر)، فوجدته بالثاء، فتعجبت: كيف يكون عندي بالثاء، وعند هؤلاء المغردين بالقاف، وتوقعت أحد أمرين: إما أنهم مباحثيون يشوشرون، أو أن ثمة اختراقا من جهات (كيد) مشبوهة، وأنها – إذن - تضع صورا مسيئة وتضع تغريدات، وتعدل تغريدات وتلغي حسابات. المدعي العام بهذا الأسلوب يعلن إفلاس حججه، فالحمد لله الذي ألجأه إلى هذا المستوى، وكشفه أمام القضاء، وأمام شهود الله في أرضه.
تمحل المدعي العام في الاستدلال، يدل على بطلان استدلاله، واستثمر استشهادي على أن العمل السلمي (جهاد) بآية: (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا)، وحديث “جاهدوا المشركين بأنفسكم وأموالكم وألسنتكم”. لكن المدعي العام، ادعى أنه يلزم من استدلالي بهذه الآية على أن العمل السلمي جهاد، أنني أكفر الحاكم وأصفه بالكفر والشرك، وذلك غير صحيح. فأنا لا أكفر لا الحاكم ولا غيره من المسلمين، وقد بينت وجه الاستشهاد في المذكرة (6) عن الجهاد السلمي، واستدلالي بالآية والحديث، صريح شديد الوضوح، في أنهما دليلان على أن (الجهاد السلمي) مشروع. فهل المدعي العام شديد الجهل أو الغباء، لا يحسن منهج الاستدلال الشرعي؟، أم ألجأه عصف الهوى إلى لي أعناق النصوص؟ وهذا من الأدلة الجلية على أن الدعوى كيدية. وأطالب القضاء بمعاقبة المدعي العام على هذا الافتراء.
حاول المدعي إيهام القضاء بأنني أزدري أشخاص هيئة كبار العلماء (على العموم) عندما قال: (بم يوصف من أخذ ينتقص هيئة كبار العلماء، ولم يسلم منه حتى الأموات، بل وصف اثنين ممن انتقل إلى رحمة الله بالغفلة)؟ وغرض المدعي العام، ليس الذب عن عرض العلماء الصالحين، الذي يتصور أننا ننتقصه، إنما هو الدفاع عن أعضاء الهيئة، الذين يصدرون فتاوى سياسية تفتك بحقوق الشعب، وتسكت عن الجور والظلم، ونهب الأراضي، وحرمان الشباب والفقراء.
قال المدعي العام: (بم يوصف من دعا إلى ترك الأخذ من العلماء الكبار الذين أفنوا حياتهم في تعلم الدين وتعليمه، وشابت لحاهم في ذلك، فالجميع عيال على الهيئة)؟ من قال إن الجميع عيال على الهيئة سواه؟ هذا زعم باطل، فالعلماء المجتهدون كثير. أليس هدفه من زعم الناس عيال على فتاوى الهيئة سياسيا قضائيا، لاتخاذ فتاواهم (سهاما) يرمون بها المدعى عليهم؟ أليس المدعي العام والقضاء يستثمران (صلاح) ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء (الشخصي)، للأخذ بفتاوى سياسية، لا تنبثق من شروط البيعة العشرة، ولا من تصور السمات العشر للدولة الحديثة طبيعة ووظيفة. فزعمه أن الناس عيال على الهيئة، كلام مرسل من دون دليل. لا ننكر ما لهم من فضل، ولكن في البلاد مئات بل ألوف الفقهاء (المستقلين) المجتهدين وغيرهم كثير من أساتذة الجامعات، وهم كفقهاء الهيئة ليسوا معصومين، بل يؤخذ من كلامهم ويرد، فهل فقهاء الهيئة معصومون؟
كل اجتهاد يدعم الاستبداد، ويسكت عن الفساد، فعليه علامة استفهام، إن لم نقل إنه غير صحيح. الهيئة رأس مدرسة لم تكتف بـترويج مبدأ (الصبر على السلطان الجائر) الشائع أولا. بل طورته إلى مبدأ (دعم السلطان الجائر) ثانيا. وطورته منذ عهد الملك فهد إلى دعم (حكم التمييز العنصري) ثالثا. بدلا من المطالبة بشروط البيعة، تركت عنانه مطلقا. ولم تكتف هيئة العلماء بالسكوت بل شهدت له في بيانها 1/4/1432هـ بالقول: (المملكة العربية السعودية قائمة على الكتاب والسنة والبيعة). وفتاواها لا تنبثق من عمل بشروط البيعة (العشرة) ولا بالفوارق (العشر) التي تختلف بها الدولة الحديثة في طبيعتها الشمولية ووظائفها المتعددة. وقد زلت هيئة العلماء (غافلة) عن منهج أهل السنة والجماعة، والسلف الصالح، فشاركت (غافلة) في دعم تيار أمراء سرقوا مال الشعب وأراضيه وحريته وكرامته وولايته على الحاكم (دعما بسكوتها تارة، ودعما بنطقها تارة أخرى).
سنّت هيئة العلماء السكاكين للأمراء والسجانين والمحققين، وصارت فتاواها (قواعد قضائية) للقضاة القساة لينحروا بها حقوق الإنسان والمعتقل، فكانت فتاواها من أسباب التطرف والعنف. من الذي أنتج الاحتقان والعنف والتطرف؟. إنه كل من سكت عن نهب المال العام، وعن كل من نهب أراض الشعب على وجه الخصوص بملايين الأمتار، ومارس التمييز العنصري وانتهاك المساواة، فضلا عن تجريم العمل السلمي كالمظاهرات، والفتك بحرية الرأي والتعبير الشرعية؛ ما أسهم في العنف والتطرف الحكومي، وفي انتاج العنف والتطرف المضاد، أي تطرّف وعنف الجماعات والأفراد.
لم نشكك كما ادعى المدعي العام في (صلاح أشخاص) هيئة كبار العلماء، ولا سيما الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين رحمنا الله وإياهما، فقد عرفناهما، ونشهد بما للجميع من تواضع وإخلاص واحتساب. وإنما شككنا في (صلاح فتاواهم السياسية والحقوقية)، وقلنا إن سبب (أخطاء هيئة العلماء) خلل منهجي كبير في فقه العقيدة السياسية في الإسلام. ثم إن نقد هيئة العلماء أمر مشروع، فهل هي هيئة مقدسة لا يجوز نقدها، ولا تخطئتها؟
حاول المدعي العام إيهام القضاء بأن المظاهرات ضلالات: عندما قال: (بم يوصف من يدعو العاطلين عن العمل، وأهالي المعتقلين إلى الخروج في مظاهرات؟)، فهو يعتبر المظاهرات دلالة على أنني أنشر ضلالات أتخذها دينا أدين الله به. وقد سبق لي أن بينت أن دعم المظاهرات علامة هداية لا علامة ضلالات. (أكرر): دعم المظاهرات علامة هداية لا علامة ضلالات، لأن مظاهرات إنكار المنكرات: جهاد سلمي يشرع فيه التعرض للأذى حتى الاستشهاد. فالحمد لله الذي جعل علانية المحاكمة نوراً يكشف ذهنية وثقافة المدعي العام الحقوقية (ومن هم خلفه) كبرهان جديد يكشف كيده وتلفيقاته وشبهه التي درج على إلصاقها بشبابنا المتظاهرين ونحوهم في محاكمات الظلام بدعاوى الخروج والفتن وعصيان الإمام التي ملأ بها اللسجون. وليثبت أنه ـ كهيئة العلماء ـ من الذين أنتجوا العنف والتطرف. لقد أنتجوه لأنهم جرموا العمل السلمي، فهل يثبت المدعي العام أن وزير الداخلية الجديد كسابقه قمعي عنيد؟ وأنه من عوامل القمع والتطرف؟ المهم ان يعرف الناس اسلوب المدعي العام في محاكمات الظلام السرية. والمدعي لم يدرك أن العلانية أدخلت الرأي العام في المعادلة وهم (شهود الله في أرضه عليه وعليّ وعلى القاضي
نعم أسست ـ مع مجموعة من المجاهدين السلميين ـ جمعية (حسم) للدفاع عن (الحقوق المدنية والسياسية)، والشرع يبيح هذا النشاط، فعلى المدعي العام أن يثبت أن (حسم) تخالف النظام أو الشرع. ولأن (نظام الحكم) يجعل المرجعية هي الشريعة، فقد أبطل (النظام) كل نظام آخر يخالف الشريعة. نعترف بإنشاء الجمعية، ونعتبر إنشاءها جهادا سلميا كبيرا واحتسابا عند الله، ونصيحة للأمة والإمام، وما فعلناه مشروع في الشريعة والنظام.
نعم المُلك السعودي (بضم الميم) سلطان جائر، مجسداً بقمع وزير الداخلية السابق المهيمن؛ والملك عبد الله رائد مرجو لإصلاح الحكم الجائر: نعم أصف الملك في محاضراتي ومقالاتي بأنه (قائد الإصلاح)، فهل يلزم من ذكري حديث (خير الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر) أنه جائر؟ واستنباط المدعي العام من عبارة (سلطان جائر) أنني أصف الملك بأنه سلطان جائر، من باب لزوم ما لا يلزم من التأويل والتعسف في الاستدلال. وإنما أصف المُلك (بضم الميم) السعودي بأنه جائر، لأنه جبري مستبد، وكل جبري فهو جائر، أو مفض إلى الجور. أما الملك(بفتح الميم) السعودي فقد ورث مظالم سلطان جائر، ولكنه قال لدعاة (البيعة الشرعية: ولاية الأمة/ خطاب رؤية لحاضر الوطن..).. قال سيضرب هامة الظلم بسيف العدل، فلننتظر - بعد وفاة وزير الداخلية السابق – فإنْ وفّى بما وعد، واستطاع إقامة حكم شوري (الملكية الشورية = الملكية الدستورية، فهو مصلح عظيم، وإن لم يفعل فهو سلطان جائر، ولكنه أقل من سلفه جورا، وينبغي أن يستمر الجهاد السلمي في حكمه، حتى يلتزم شرط البيعة: ولاية الأمة.
يحاول المدعي العام - ربيب وزارة الداخلية في سياستها الكيدية ـ أن يستعدي القاضي علينا، وأن يضلل القضاء بدعوى كررها مرارا: أننا نقدح في القضاة. وٍأقول: إن القضاء السعودي لا يضمن حقوق الناس ولا سيما الحقوق السياسية، ولا يتوقع عدله، وإن كان مرجوا، لأكثر من عشرين سبباً، وهذا (رأي)، فإن كنتم أيها القاضي تحاسبون على الرأي، أو لديكم ما يستدعي البينة، على أن القضاء يفتك بحقوق الشعب أتيتك بها.
اتهام (تعطيل التنمية) أم (السعي لتعطيلها) كلاهما خيال خصيب. يقول المدّعي العام إنه إنما اتهمني (بالسعي إلى تعطيل التنمية)، ولم يتهمني (بتعطيل التنمية) والفرق بينهما لفظي بسيط. ولكن (تعطيل التنمية) نموذج لنهج لوائح الاتهام: التهويل والتضخيم لإثارة الرأي العام، وتحريض القضاة، وهي طريقة جربها المدعي العام (ومن هم خلفه) فوجد نفعها، وضرب بها كثيراً من دعاة حقوق الإنسان، بل الفقهاء والمحدثين. إن تهم: (تعطيل التنمية، وتدمير مقدرات الأمة، والدعوة إلى الفتن والفرقة، وتفتيت الوحدة الوطنية، والشقاق، والخروج، وزعزعة الأمن، ونشر الفوضى في الأوقات العصيبة، وذم القضاة والعلماء) غرضه أن يستفز بها القضاة. ثم يضيف المدعي العام بعدها إلى ذلك كله: تهمة القدح في الملك، ثم يعمد الى ليّ أعناق الآيات والأحاديث وأقوال العلماء، ولا سيما هيئة كبار العلماء. إنه أسلوب المدعي العام المكرس لضرب (حرية الرأي والتعبير) بتضليل الرأي العام، وتخويف القضاة، ليحكموا وفق هوى وزير الداخلية.
على المدعي أن يقدم الأدلة على ثبوت ما ذكر من معلومات، ثم يثبت أنها جرائم بموجب نص نظامي أو شرعي صريح، وعليه أن يحدد العقوبة التي يطالب بها (بنص شرعي أو نظامي). أما التخرص فهو من اتباع الهوى، والله يقول: (ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى، فيضلك عن سبيل الله؛ إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب).

salimo123
2013-01-08, 21:10
محاكمة (حسم)

قضاءٌ يسحقُ العدالة!

الحامد لقاضي الداخلية: لم أترجّ نايف في عزّ جبروته، فكيف أترجّاك؟

من ظلام السجون الى علنيّة المحاكمة!
إنجاز للإصلاحيين، وللحراك المتواصل في كل مناطق المملكة لانتزاع الحقوق المسلوبة من النظام السعودي المستبدّ.
لقد أصرّ الحقوقيان د. عبدالله الحامد، ود. محمد القحطاني، على رفض الحضور للمحاكمة التي رفعتها وزارة الداخلية عليهما، عبر المدّعي العام، ما لم تكن المحاكمة علنيّة. وكانا على استعداد لأن يعتقلا بدون محاكمة من أن يصدر بحقهما أحكام وفق محاكمة صورية سرّية.
العلنيّة مكسب انتزع من النظام؛ وحتى لو كانت النتيجة ـ المرجحة حتى الآن ـ تقول بأنهما ووفق المحاكمة السياسية القائمة سيحكمان بالسجن، ما لم يغيّر الأمراء موقفهم قبل يوم صدور الحكم في 15/12/2012.. فإن ما أراده الناشطان تحقق:
فقد فضحا علناً كيف أن المحاكمة سياسية بامتياز؛
وأن القاضي جاهل بالقضاء وبالسياسة، وأنه مجرد موظف عند وزير الداخلية؛
وأن الإتهامات الحكومية للناشطين تضحك الثكلى لسخافتها، ومع هذا فإن المدّعي العام لم يقدّم أدلّة إثبات عليها؛
وأن المدّعي العام، ربيب وزارة الداخلية، لا استقلال له، ومتواطئ كما صاحبه القاضي في التخطيط عن سابق إصرار لاعتقال الناشطين السلميين.
لتكن الأحكام قاسية. لكن فضيحة القضاء والقضاة ووزارة الداخلية السعودية، منجزٌ لشجاعة قيادات (حسم) بسبب اصرارهم على عدم حضور جلسة محاكمة غير علنية.
قبل أن تظهر الأحكام المعدّة سلفاً من وزارة الداخلية.. نضع القراء في أجواء جلسة المحاكمة الأخيرة التي تسبق النطق بالحكم، والتي تمت في الثامن من ديسمبر الجاري، والتي حضرها ناشطون ومحامون وصحفيون محليون رسميون، ومندوب عن هيئة حقوق الإنسان الحكومية (للمرة الثالثة)، وكذلك مندوب عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان شبه الحكومية (للمرة الثانية)، اضافة الى الصحافية المستقلة إيمان القحطاني، ومراسل قناة سكاي نيوز عبدالمحسن القباني.
القاضي أرعن

فور جلوس القاضي حماد العمر، خاطب الصحافية إيمان القحطاني بالقول: يا إيمان القحطاني، أنت موقوفة بتهمة تقديم معلومات مزورة. أنتِ قلتِ في الجلسة الماضية أنكِ مراسلة صحيفة الحياة، وهذا غير صحيح. وأمر القاضي رجال الشرطة بأن يأخذوها لشرطة المربع ويوقفوها. هنا اعترضت الصحافية إيمان القحطاني وقالت: أنا لم أقل إني مراسلة الحياة، وإنما أبرزت بطاقتي الصحفية المعطاة لي من صحيفة الحياة، كي أثبت أني صحفية. فأنتَ قلتَ في الجلسة الماضية حين أخرجت الجمهور: (الصحفيون يبقون)، فأبرزت البطاقة لكوني صحفية، لا كمراسلة للحياة، والبطاقة على أي حال سارية المفعول، ولازلت في الصحيفة! قال القاضي: عليك إثبات أنك لازلت في صحيفة الحياة. فطلبت الخروج للسيارة كي تحضر ما يثبت ذلك، لكن القاضي رفض خروجها! ردّت: كيف أثبت لك ذلك إذن؟ هنا عرض د. محمد القحطاني كفالتها حتى تأتي بما يثبت أنها في الصحيفة، وأيضاً رفض القاضي ذلك. وهكذا بقيت الصحافية الى نهاية جلسة محاكمة الناشطين الحقوقيين، وحينها استدعاها القاضي مرة أخرى ودار نقاش طويل بينها، والمدعى عليهما، والمحامين من جهة.. والقاضي من جهة أخرى، انتهت بتراجع القاضي عن قراره. حينها سأل المتهم د. محمد القحطاني القاضي: من قال لك إن إيمان ليست موظفة في صحيفة الحياة؟ فأجاب: مراسل الحياة هو من قال لي ذلك. وقد أخذ بقوله هكذا بدون الرجوع الى الصحيفة، بل وأصدر قراراً باعتقالها أيضاً!
القاضي غاضب ويفتقد أبجديات العدالة

قبل الجلسة، وبسبب الجدل مع الصحافية إيمان القحطاني، كان القاضي غاضبا، وتوجه للجمهور قائلا: أي شخص يخل بالجلسة فسأسجنه 24 ساعة! ثم توجه للمتهمين وخاطبهما: يا القحطاني والحامد، إذا أخل أي أحد من الجمهور بالجلسة فسأسجنكما، وستتم محاكمتكمها وأنتما في السجن. فقال الحامد: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) كيف يخطئ أحد الجمهور ونحن من يحاسب؟. ورد المحامي عبدالعزيز الحصان: (يا شيخ واضح عليك الغضب، ويبدو ان فيه شئ من عدم الاطمئنان، والقاضي لا يقضي وهو غضبان، الأفضل أن تؤجل جلسة المحاكمة). فرد القاضي: هذا شيء أقرره أنا!
من أولى بالمحاكمة؟

في أثناء المرافعات قال القاضي للمتهمين المدّعى عليهم: (مبناكم ـ يا حسم ـ على التناقض)، فرد القحطاني: لقد تناقشنا في تغريداتنا وتناقضاتنا، ولا تريد أن تناقش في تشبيك الأراضي بملايين الأمتار ـ المقصود بالتشبيك سرقتها واحاطتها بسياج/ شبك ـ وزج أبناء الشعب في السجون بلا محاكمات. نحن أمام إدانة كبيرة للدولة، وجرائم ضد الإنسانية، وأنت تحاسبنا على تغريدات في تويتر)!
محاكمة الأمراء!

عندما قرأ القحطاني دفوعه وورد فيها (كما صرح بذلك فضيلة القاضي في الجلسة الخامسة بأن جميع أولاد عبدالعزيز تحت الشرع).. قال القاضي: (لقد نظرت في دعاوى ضد أمراء، لقد عاقبت أمير ضابط كان على خلاف مع جندي بسبب التحية). فسأله القحطاني: (بم عاقبته؟). قال القاضي: (النطق في الحكم في الجلسة القادمة)!. فرد القحطاني: (والذين شبّكوا الأراضي، هل تستطيع محاسبتهم؟ يا شيخ أنت تعرف ونحن نعرف، أن هناك أشخاص فوق النظام، أريدك أن تأمر الجهات المعنية بإحصاء شبوك مشعل بن عبدالعزيز آل سعود ومتعب بن عبدالعزيز آل سعود، واضبط كلامي هذا في المحضر). سكت القاضي ولم يستجب للطلب.
قاض جاهل باللغة وبتويتر

قاض جاهل باللغة وبتويتر
مرجعية الدولة لمن؟

قال القاضي بأن: مرجعية الدولة هي هيئة كبار العلماء؛ فرد عليه المحامي والناشط سلمان الرشودي بأن مرجعيتها هو الكتاب والسنه بنص النظام الأساسي للحكم. كما ردّ عليه المحامي الحصان بأن (هيئة كبار العلماء استشارية وليست إلزامية كما وضعها الملك فيصل). وسأل القاضي المدعى عليهما تعليقاً على سنّ نظام يحمي هيئة كبار العلماء والمفتي من النقد: (هل هناك دولة لا تحمي رموزها؟). فرد المحامي عبدالعزيز الحصان: (وهل هناك دولة تسجن رموزها؟). هنا وجه القاضي كلامه الى القحطاني: أجب بنعم أو لا. فرد عليه الأخير: (وهل هناك دولة تنتهك حقوق شعبها؟).
نعم الدولة قمعية!

سأل القاضي مستنكراً: أنتم تقولون ان الإنتهاكات تصدر من أجهزة وأفراد في الدولة، ثم تقولون الدولة قمعية؟ فرد القحطاني: لقد شنّت أجهزة المباحث في العقد الماضي حملة اعتقالات كبيرة، وأدخلت الناس السجون بدون ضوابط قانونية، فلم تبرز مذكرات اعتقال، ولم توجه لهم تهماً رسمية، ولم تسمح للمعتقلين بتوكيل محام. وقامت تلك الأجهزة بالتعذيب، وتغولت الأجهزة الأمنية وأصبحت هي الحكومة. أما المؤسسات العدلية، ومنها هيئة التحقيق والإدعاء العام، وديوان المظالم، فقد فشلت في إنصاف المعتقلين، ولجم أجهزة المباحث. وتساءل القحطاني: بأيّ حق يصدر وزير الداخلية أمراً لديوان المظالم بعدم قبول أي قضية ضده؟). وهنا قاطعه القاضي بالقول: الإجابة خارج السؤال. فرد القحطاني: دعني أكمل! القاضي: لا. القحطاني: أنا أجبت فاضبط جوابي. القاضي: لا لم تجب ولن أضبطه.
محاكمة أم مناصحة أم تحقيق؟!

كان القاضي يسأل في الجلسة أسئلة لا علاقة لها بالقضية، يقول احياناً أنها للإستفسار، وأحياناً يقول نصيحة، ولا يضبطها في المحضر. سأل القاضي القحطاني: ما هي الموبقات؟ فرد: هي المهلكات. قال القاضي: ما هي الموبقات المخرجة من الملّة؟ رد الحامد: في الحديث احذروا السبع الموبقات، وأيضا الزنا يعتبر من الموبقات، وهو لا يخرج من الملة. قال القاضي: يا الحامد لا تتكلم إلا إذا جاء دورك!
وقال المتهم د. القحطاني للقاضي: والله ما عاد ندري، هل نحن في جلسة مناصحة، أم جلسة تحقيق، أم محاكمة، ثم إن الأسئلة كلها موجهة لنا! لمَ لمْ تسأل المدعي العام ولا مرة، أسأله ولو مجاملة! رد القاضي متسائلاً: ما تقبلون مني نصيحة؟! فقال الحامد: قل إنها للنصح وليس للقضاء.
القاضي محقق ظالم يسخر من المتهمين

ما فتئ القاضي حماد العامر في جلسات المحاكمة يسخر من الدكتورين الحامد والقحطاني ولم يبذل جهداً بحضور المواطنين ليظهر بمظهر القضاة في كل العالم، رزانة واعتدالاً والتزاماً بأدب الجلسات. فتارة يقول أنه يناصح المتهمين، وأخرى يحاورهم، وثالثة يقول بأنه يريد أن يتعلم منهم، فيردون عليه: هنا محاكمة، والحوار مكانه في النور على طاولة المتحاورين يجلس أمامها أنداد، ولا يكون حوار المخالفين بإدانتهم مسبقاً والزجّ بهم في الزنازين المظلمة، أو تحت سياط محاكم التفتيش، فهذا يدل على ضعف الحجة والإفلاس الفكري. وزيادة على ذلك، فإن القاضي في الجلسة الثامنة لم يضبط ويسجل كل الأسئلة والاجابات بشكل كامل، حيث كان يستمع للإجابات كاملة ثم يسجلها أحيانا كاملة، او مجتزأة ليكون المعنى فضفاضاً، وأحيانا يصرّ على الإختصار دون شرح، أو الإجابة بنعم أو لا. وهذا يخلّ بأبسط إجراءات التقاضي، وحقوق المدعى عليهم.
عملاء البي بي سي!

القاضي يسأل: هل من الاحتساب تقديم المعلومات للجهات الخارجية للإساءة للدولة حتى إن كانت غير موثقة؟ قال له القحطاني: حدّد من هي الجهات الخارجية. قال القاضي: تلفزيون البي بي سي! القحطاني: ما علاقة البي بي سي؟!. القاضي: ومجلس حقوق الإنسان؟ ردّ القحطاني: على المدّعي العام البيّنة بأن يثبت أن المعلومات التي قدمناها في مجلس حقوق الإنسان غير موثوقة، ثم إن آليات مجلس حقوق الإنسان وافقت ووقعت عليها الحكومة السعودية.
من المغرّد في الجلسة: القحطاني أم القاضي؟

سأل القاضي د. محمد القحطاني عن تغريداته في تويتر، فرد الأخير: (لن أسمح لكائن من كان أن يتدخل في حريتي.. لا يمكن أن أتحدث عن حساباتي في شبكات التواصل الاجتماعي، فهي حرية رأي لا يمكن التنازل عنها، وأتحدى من التحقيق أن يثبت عليّ أي توقيع. سنصبح مثل كوريا الشمالية والصين في القمع). رد القاضي: (هذا حسابك في تويتر، فيه اسمك وصورتك، وتقول فيه إنك سافرت لأبها ونجران والجو زين). أجاب القحطاني: (هل السفر لأبها ونجران ممنوع؟! بحيث تورد السفر إليهما ليكون قرينة على ماذا؟). القاضي: لا أدري. واضاف القحطاني: (كم حساباً يستخدم اسمي وصورتي في تويتر؟ إذا الدولة منزعجة من شبكات التواصل الاجتماعي، فلماذا لا تغلقها؟! أفترض أنها دولة ذات سيادة بإمكانها أن تفعل ما فعلته دول أخرى). وتابع: (رفضت التصديق على التغريدات، ووقفت في وجه الإدعاء العام، حتى لا تتم جرجرة الشباب والشابات للتحقيق بسبب تغريداتهم).
الأرض اغتصبها آل سعود

سأل القاضي القحطاني عن تغريدة في تويتر ورد فيها: (..لأن الشعب مهمّش والأرض مغتصبة)، ماذا تقصد بقولك (الأرض مغتصبة)؟ أجاب القحطاني: (هذا الكلام صحيح، الشعب لا صوت له في القرارات الحاسمة، والأراضي مشبّكة. أريد أن تطالب أجهزة الدولة بإحصاء الأراضي المشبّكة من دون حق شرعي. هل تستطيع أن تحضر الأمير مشعل بن عبدالعزيز والأمير متعب بن عبدالعزيز وتسألهما عن ملايين الأمتار المشبّكة؟).
الربيع سيخصب الصحراء!

وجه القاضي للدكتور الحامد 11 سؤالاً تدور كلها حول آرائه ومقاصده وتتضمن: أوضح، فسّر، ما قصدك، نورد منها على سبيل المثال:
س: ما قصدك من قولك إن الربيع العربي سيخصب الصحراء؟
س: هل المظاهرات تحقق مصلحة عامة للمسلمين؟
س: هل مخاطبة الجهات الخارجية ـ في أمور غير موثقة ـ من الإحتساب؟
س: ما معنى: أن يكون المجاهد صحيح المقصد، وكيف يمكن اثبات ذلك؟
س: قلت: (يستمد الحاكم في الإسلام ولايته من الأمة وهي ولية أمرها، ويجب عليه طاعتها كما يطيع العبد سيدته). ما المقصود من ذلك؟
س: قلت: (التوحيد قسمان: روحي عموده الصلاة، ومدني عموده العدل والحكم الشوري)، ما المستند في تقسيم التوحيد؟
نزق القاضي!

القاضي حماد العمر ليس قاضي سلطة جاهل فحسب، بل هو مستبدّ، ويفتقد اللباقة، ولا يلتزم بمفردات القضاء البسيطة المعروفة. لقد قاطع القاضي المحامي أحمد الراشد وطلب منه السكوت مرتين، وهدده بالطرد وإلغاء الوكالة، وعندما تشاور مع موكله في المرة الثالثة طرده وألغى وكالته، بل وأمر بحبسه 24 ساعة، إلا أنه تراجع عن الحبس بعد نقاش المدعى عليهم معه.
الحامد للقاضي: لن تستطيع العدل

حدد القاضي جلسة إصدار الحكم يوم 15 ديسمبر ـ يوم صدور مجلّة الحجاز ـ وقد طلب الحامد تأجيلها إسبوعين، قائلا: (أحتاج وقتاً كافياً للرد ـ الكتابي على سؤال سابق ـ وأنا رجل فوق الستين، ومريض بالسكر). يرد القاضي الجاهل وقاسي القلب: (هذا من ضمن ما قلناه في البداية). فيستفهم الحامد المعنى مما قاله القاضي، فأجاب: (ما فيه داعي/ اي لا حاجة لذلك). فهم المدّعى عليه د. محمد القحطاني قصد القاضي، فقال للحامد بأنه يقصد (أنك تريد أن ترجوه حتى لا يصدر الحكم). هنا رد الحامد موجهاً كلامه للقاضي: (أنت تتوهم أني أترجاك للتأجيل. لم أترجّ من هو أكبر منك، ما ترجيت نايف في حياته وهو في عزّ جبروته، وكذلك الملك فهد، فكيف أترجاك؟ وأقولها لك لن تستطيع العدل لأن القضاء السعودي غير مستقل، ولن تستطيع مقاومة الضغوط).
القاضي والقضاء متواطئان

إن سبب المحاكمات هو محاولة جمعية حسم بمسؤوليها وأعضائها اعتراضها وتصديها للإنتهاكات التي تقوم بها أجهزة الأمن والمباحث. وإضافة الى أنها محاكمة أصحاب رأي، فإن تكتيك الحكومة بقضاتها الجهلة جعل المتهمين مجرمين بحجة أن وسائلهم في التصدي للإنتهاكات غير مشروعة. وقد حاول المدعي العام والقاضي صرف النظر عن أساس المشكلة، الى قضايا أخرى يتم فيها محاكمة النوايا والمقاصد والرأي والوسائل، مع أنه صدر في لوائح الاتهام ما نصه: (تأليب الرأي العام باتهام الجهات الأمنية وكبار المسؤولين فيها بالقمع والتعذيب والاغتيال والاختفاء القسري وانتهاك حقوق الإنسان). وقد تقدم المتهمون عبدالله الحامد والقحطاني بطلب الى القاضي أن يسمح بإحضار الشهود لإثبات ما رصد من انتهاكات وما زعم من تجاوزات ومن قمع واختفاء قسري وقتل، إلا أن القاضي لم يستجب للطلب، وأصرّ على اتباع أسلوب محاكم التفتيش، فهو يقرّ ابتداءً بصحّة الإتهامات الحكومية الموجّهة للناشطين الإصلاحيين بدون حاجة الى أن يطلب من المدّعي العام أيّة أدلّة؛ ثم زيادة على ذلك، يرفض الشهود التي يقدمها المتهمون كما يرفض الأدلة المقدّمة وذلك للتغطية على جرائم وزير الداخلية وجهاز مباحثه. وبهذا يكون القاضي حماد العمر شاهداً ومشاركاً في جرائم النظام، وليؤكد للمرة الألف على أن القضاء السعودي كمؤسسة غير عادل وغير مستقل وهو تابع لسلطة الأمراء، وتالياً فهو قضاء عاجز عن إنصاف المظلومين والمعذبين والمعتقلين فضلاً عن ينصف الشعب كلّه من المفسدين المستبدين من رموز النظام.

salimo123
2013-01-08, 21:11
تفتقد معايير التجريم ولا صلة لها بـ (المحاكمة العادلة)

.. إنّها تُهَـمٌ عبَـثـيّـة كـيـديّة!

من مذكرة قُدّمت للقاضي في جلسة المحاكمة الثامنة بتاريخ 8/12/2012

د. محمد القحطاني

عضو مؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)
من المؤسف أن القاضي لا زال يكرر في كل جلسة بأن ردودنا مكررة أو (غير ملاقية) حسب تعبيره، في الوقت الذي يرى فيه تهم المدعي العام المرسلة التي لا تليق بمجلسه القضائي، وهو يسمح بسماعها رغم أنها لا تقوم على اعتبار شرعي أو قانوني، وليست لها عقوبات منصوصة، لأنها لا تصلح تهماً، بل هي لإثارة اللبس والتلبيس. ولذلك قلنا بأنها تهم كيدية؛ لأنها تفتقد معايير التجريم.
http://www.alhejazi.net/images/abdula_alhamid_alqahtani_400.jpg د. محمد القحطاني (يسار) قبل دخوله ود. الحامد قاعة المحكمة مالغرض من توجيه تهمة: (السعي لغرس بذور الفتنة، والانشقاق، ونزع الولاية والخروج على ولي الأمر، وتأليب الرأي العام) إذا لم يكن المدعي قادراً على إثباتها بوجه مادي قاطع، يحدد الفعل الذي يجسّد معنى الفتنة والخروج. فإذا لم يكن لدى المدعي جواباً قاطعاً صريحاً في تحديد معاني التهم المرسلة، فوجودها في لائحة التهم عبثٌ لا يراد به سوى تشتيت العدالة، وإلهائها بالخوض فيما لا يحقق الأصل الذي لأجله أقيمت المحاكمة.
تسلّح طغاة الرياض
بعديمي الضمير

يقول المدعي العام: (بم يوصف من يدعو للإصلاح عن طريق السب والشتم، ونشر معلومات غير صحيحة). وهو هنا لم يحدد ـ كعادته ـ ما هو السب والشتم الذي يتحدث عنه. وكان الأولى به ان يوجه السؤال لنفسه: فبم يوصف من يلقي التهم المرسلة التي كررها في لائحته ولم يستطع التدليل عليها، ولم يستطع أن يجيب بتحديد ركن مادي قطعي في (تعطيل التنمية)، بل اكتفى بالقول بأن (الدعوة للمظاهرات يترتب عليها الفوضى والتكسير وإتلاف الممتلكات العامة.. وهذا لا يخفى على ذي بصيرة أنه من أهم معوقات التنمية) انتهى كلامه. إن جواب المدعي العام ليدل دلالة قاطعة على جهله التام بأصول التجريم، وقواعد الإدّعاء، فلقد كشف جوابه مدى الخطر الذي ينتظر كل من حاول الإصلاح.
فلكل دارسي الأنظمة والقوانين وقوانين التجريم الجنائي، نعرض لهم جواب المدعي، ونضعه بين أيديهم كشاهد ودليل على انحراف هيئة التحقيق والإدعاء العام عن مسارها، من حفظ العدالة في المجتمع، إلى محاولة تجريم الأشخاص بناء على رؤية وزارة الداخلية.
التزييف وسيلة الضعيف

الإدعاء العام لازال في غيّه يتمادى، حتى أنه يستدلّ بما هو إنكار للمنكر على أنّه منكر، فهل انقلبت الفطرة لدى هذا الجهاز؟ أم هي قناعة بأن الغاية التي يعتقدها بعض القائمين على هذا الجهاز تبرر الوسيلة؟! فمما لا يمكن السكوت عليه، قول المدعي العام أن المدعى عليه (القحطاني) يصف الحجاب الشرعي بالصفة التالية: (أصبح حجاب المرأة نوعاً من الإعاقات الجسدية، لا تختلف عن فقدان البصر والأميّة وفقدان الأهلية). والواقع هو أن المدعى عليه سبق وقال ممتعضاً ومنكراً على أحد البنوك: (هل أصبح حجاب المرأة نوعاً من الإعاقات الجسدية، لا تختلف عن فقدان البصر والأمية وفقدان الأهلية؟). وقد ذكر المدعى عليه هذا الكلام في إنكار (الجريمة) التي فعلها أحد البنوك، حيث قام هذا البنك بوضع قائمة خيارات تحت بند ظروف خاصة في أحد نماذجه: (كفيف، أمّي، امرأة محجبة، فاقد الأهلية، فرد محجور عليه). (مرفق صورة من النموذج) ويعد ما فعله هذا البنك جريمة بحق الشريعة والنساء في هذا البلد تستوجب العقوبة بعد التحقيق والمحاكمة، بل لو وجد هذا البنك في معظم الدول الغربية لعد تمييزاً ضد المرأة وحريتها، وهم لا يدينون بدين الإسلام، فكيف بمن يدين بدين الإسلام. فما فعلته هيئة التحقيق والإدعاء العام هنا لهو إخلال واضح بواجبها في التحقيق في الجرائم بناء على نص النظام، فبدل من ملاحقة (المتهم) بارتكاب (جريمة) وهو البنك في هذه الحالة، تتم ملاحقة من يفضح هذه الجرائم. وهكذا أصبحت وظيفة الهيئة هي ملاحقة المبلغين عن الجرائم لا عن مرتكبيها.
علماء في السجن لمخالفتهم رأي الحكومة

يدعي المدعي العام بأن المراوغة هي صفة لازمة للمدعى عليه (القحطاني)؛ ويدلل على ذلك بالحديث عن الطعن في أمانة وديانة أعضاء هيئة كبار العلماء، وهي التهمة التي خلقها وأقرّ بها المدّعي العامة نيابة عن المدعى عليه، وقد أوضحنا موقفنا بأننا نؤيد استقلال العلماء، وأن مقصدنا في كلامنا هو كفّ يد الحكومة عن التضييق على العلماء، ومحاولة التدليس عليهم في فقه الواقع. واختصارا لوقت المحكمة يوجد العديد من العلماء الذين تم التضييق عليهم لمجرد مخالفتهم لرأي الحكومة، حتى أن من عبر عن رأي مغاير للحكومة صار مصيره السجن، فقد سجن عدد منهم ولازال البعض يقبع في غياهب السجون! ولا نريد أن نسبب حرجاً لهم في طلب شهادتهم التي قد تتسبب في إيقاع الظلم عليهم من قبل الحكومة، وإذا رأت المحكمة الإستماع لبعض الشهادات في هذا الشأن فسنطلبها منهم.
متهمون بـ (تعطيل التنمية)!

يقول المدعي العام في البند الأول من سادساً فيما يتعلق بتعطيل التنمية: ( لم يرد في الأوصاف الجرمية اتهامه بهذا الوصف)؛ ثم يقول بعد ذلك في البند الثاني من سادساً: ( كما أنه لم يتم اتهامه بتعطيل التنمية، وإنما بالسعي في تعطيلها) انتهى كلامه. نريد أن نفهم فقط: هل ورد اتهامه ام لا؟ ففي العبارة الأولى يقول لم يرد في الأوصاف الجرمية اتهامه بهذا؛ ثم في السطر الذي يليه يقول كلاماً متناقضاً بأنه لم يتم اتهامه بتعطيل التنمية، وإنما بالسعي في تعطيلها. فالمدعي ينفي التهمة ثم يثبتها بتعديل عليها! ونقول أن ما ورد في صحيفة الدعوى في الصفحة الخامسة هو النص التالي (محاولة تعطيل التنمية).
ولأن المدعي أراد أن يشعر العدالة بأن تهمته في (تعطيل التنمية) لم ترد في متن الإدعاء بل في الشرح، فإننا نطالبه بذكر الأركان الماديّة والتحديد الدقيق لبقية الأوصاف التي وردت في متن الدعوى، وهي السعي لغرس بذور الفتنة، والانشقاق، ونزع الولاية، والخروج على ولي لأمر، وتأليب الرأي العام. إننا نطالبه كما طالبناه في تهمة السعي لتعطيل التنمية أن يجيب إجابة محددة، ولن يستطيع، بل سيكرر إجابته، بأن إنشاء جمعية حقوقية وإصدار بيانات يترتب عليها فوضى وتكسير واعتداء على أنفس وأموال. وإذا كانت العدالة ستعاقب الناس بمثل هذه التهم، وبمثل هذه الإجابات، فعلى العدل السلام.
إنشاء جمعية حقوقية (مخالف للشرع)!

من التهم الموجهة في لائحة الإدعاء: إنشاء جمعية غير مرخصة. وقد ابتنى المدّعي العام على ذلك تهماً عديدة أخرى. لقد زعم المدعي العام بأن إنشاء جمعية الحقوق المدنية والسياسية (مخالف للشرع). ومن المعلوم أن المملكة قد وقعت وصادقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والذي نصّت مادته (24 ـ الفقرة 5) على حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين والإنضمام إليها. وقد قال فضيلة القاضي في الجلسة السادسة بأن المملكة لا توقع اتفاقية تخالف الشرع!
نسأل المدعي العام: هل سبق أن وقعت المملكة على اتفاقية تخالف الشرع؟ إن أجاب بـ (لا)، فقد ناقض نفسه، إذ كيف يتهمنا بما وقّعت عليه حكومة المملكة وهو لا يخالف الشرع؟ وإن أجاب بـ (نعم)، فقد اتهم المملكة بأنها تمارس ما يخالف الشرع، وأولى به أن يقيم دعوى عامة على الحكومة، وأن يجعلها تحت الشرع، كما صرح بذلك فضيلة القاضي في الجلسة الخامسة، بأن جميع أولاد عبدالعزيز تحت الشرع.
نحن لم نرتكب ـ بموجب ما تصرحون به بأن المملكة دولة الكتاب والسنة ـ ما يعتبر مخالفة للشرع، وإذا كنّا لم نرتكب ما يخالف الشرع، فلماذا النظام يمنع ما يجيزه الشرع؟ لماذا يحرّم ما أباحه الشرع؟
وإذا كانت مخالفتنا نظامية، وموافقة للشرع، فأيهما المقدم: الشرع أم النظام؟ على النظام أن يسعى أن يوافق الشرع، وليس العكس، فيطلب من المتوافقين مع الشرع تركه والالتزام بالنظام!
سلمية الوسائل الإحتجاجية

ذكر المدعي العام تحت بند سادساً: (استدل المدعى عليه بحديث “إن من أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر” وجعل الوسائل الأخرى التي يترتب عليها الفوضى وإثارة الفتنة، أقلّ خطورة، ثم يقال هل الوسائل التي سلكتموها في الإثارة والدعوة إلى الإضراب عن الطعام، ومخاطبة الجهات الخارجية.. تعتبر من الوسائل السلميّة التي أصلها الإباحة؟). انتهى كلامه!
إن استدلالنا بالحديث على وسائلنا، هو استدلال بالقياس الأولوي، وهو من أقوى الاستدلالات الالتزامية، فإذا جاز تعريض النفس للقتل بالإنكار لرفع جور الحاكم وأجهزته، فمن باب أولى الإضراب عن الطعام لرفع الظلم، ولا يشك في ذلك إلا من يتبع الهوى، بل كافة الوسائل السلمية هي الأقل ضرراً من تعريض النفس للقتل.
وندلل على الوسائل السلمية ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (قال رجل: يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني، قال: انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق، فانطلق فأخرج متاعه، فاجتمع الناس إليه فقالوا ما شأنك؟ فقال إن لي جاراً يؤذيني. فجعلوا يقولون: اللهم العنه، اللهم اخرجه. فبلغه ذلك فأتاه فقال: ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك أبداً).
إن المدعي العام لم يثبت حتى هذه اللحظة ما معنى (الإثارة) وركنها المادي، حتى يصح له النزاع في الدليل، فنحن نطالبه أولاً بتحديد مصطلحاته، وتهمه المرسلة، حتى يصح له الخلاف. ولم يثبت المدعي العام لنا ما هي مخاطباتنا للخارج على وجه التحديد، حتى يصح له النزاع في وسائلنا. فإذا أثبت صحة دعواه، ناقشناه في معنى الحديث، وناقشناه في صحة استدلالنا، وأتينا له بالمزيد من أدلّة الشرع على أن وسائلنا في الإصلاح هي وسائل شرعية توافق مراد ومقاصد الشريعة، وليس فيها أدنى شبهة، بل هي مما يتوافق تمام التوافق مع كل نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الظالم، وجعله مسؤولاً عن ظلمه.
فالشرع لم يجعل التهمة والسؤال والسبيل على من يدفع الظلم، والمدعي يريد مخالفة نهج الشرع في معاملة من يدفع الظلم، وهذه واحدة من عشرات المآخذ والتناقضات على جهله بأصول الشرع.
إزالة الظلم أهم من بقاء الظالم

قال المدعي العام: (بأن المدعى عليه قال في إجابته “الحاكم بشر، وزوال ظلمه أهم من بقائه ظالماً”. وهذه دعوة صريحة للخروج على الحاكم، ولو كان ظالماً، وهذا لم يقل به أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من العلماء المعتبرين). انتهى كلامه.
ونحن نطالب المدعي العام بإثبات معنى الخروج، وإثبات معنى الجملة الذي لا يحتمل إلا ما ذكره. نحن لا ندعو للخروج، وإنما نقوم بإنكار الظلم وندعو لرفعه؛ ونطالبه بإثبات دعواه بأن الخروج على الحاكم الظالم لم يقل به أحد من الصحابة ولا من التابعين، ونحن نعلم أن الحسين وابن الزبير وهم صحابة، وابن الأشعث وهو من التابعين، ممن خرجوا على يزيد والحجاج ـ وهم حكام ظلمه، انتزعوا حق الأمة في ولايتها بالسيف والقهر. فكيف يكذب المدّعي العام ويفتري على الصحابة والسلف في دعواه، وهو يزعم أنه يقيم دعوى، لأن المدعى عليه طعن ـ بزعمه ـ في أمانة العلماء. كيف يصدق المدّعي العام في دعواه بالدفاع عن أمانة الآخرين، وهو يكذب كذباً صريحاً على الصحابة والتابعين؟!
ثم إن كل عاقل لو سألته: أيهما أولى وأحق في نظرك: بقاء الحاكم ظالماً، أم زوال ظلمه؟ وهو سؤال مطلق تجريدي، لا يحتمل إلا جواباً واحداً، فإن كان جاهلاً كالمدعي العام، فسيكون جوابه المراوغة، والبحث عن تهم كيدية جديدة. وإن كان عاقلاً، فكل العقلاء في الدنيا لن يجيبوا بأن بقاء الظالم أهم من زوال الظلم. هذا مقتضى العدل والقسط، ولم ترسل الرسل وتنزل الكتب إلا لإقامة القسط والعدل.
ثم إننا في كل مذكراتنا وبياناتنا قد بيّنا منهجنا السلمي في الدعوة لرفع الظلم، فما الغرض من مزايدة المدعي العام في جوابه، وقد بيّنا منهجنا وشرعية وسائلنا السلمية لرفع الظلم؟ ماذا بعد الحق إلا الضلال، وقد بيّنا أننا ضد الخروج المسلح، بل بيناتنا وجمعيتنا لا تستهدف شخص الحاكم، فهي تستهدف أجهزة الدولة، وبعض الأفراد فيها، ممن ليس لهم صفة الولاية العامة. وكلامنا عن الدولة هو كلام عن أجهزتها الحكومية، وليس كلاماً يستهدف شخص الحاكم، وليست لنا خصومة شخصية مع وزير أو مسؤول أو عالم أو غيره.
المدّعي العام جاهل بالشرع والأنظمة

قال المدّعي العام بأن: (هناك فرق بين من ينتقد ويطالب بمحاسبة المقصّر بأسلوب لا تعدّي فيه، وبين من يستخدم التأليب والتحريض على مخالفة الأنظمة، والدعوة للخروج على ولي الأمر). انتهى كلامه.
نقول للمدّعي العام: أين النظام الذي يحدّد ما هو الأسلوب المقبول، وما هو غير المقبول؟ فلا يزال المدعي العام يستدلّ بمحلّ النزاع، وكما أشرنا سابقاً، فإننا نجيب على إدعاء جاهل بالشرع والأنظمة، وأساليب التجريم. إذ كيف يجيب بما لم يستطع إثباته، فهو لم يقم دليلاً يثبت به معنى الخروج، بل يحاول تسقّط الكلام، والبحث عن أقل شبهة كي يثبت بها مزاعمه.
محاكمة التغريدات في تويتر

فيما يخص التغريدات التي زعم المدعي العام أني أعلنتُ مسئوليتي عن الحساب ـ الذي نشرت منه ـ وإدارتي له منفرداً، فهذا كذب صريح، والدليل ما هو مثبت في محاضر التحقيق. فالكتابات في مواقع التواصل الإجتماعي هي جزء من حرية الرأي والتعبير السلمي، التي تندرج تحت حقوق الإنسان الأساسية، وقد أبديت تحفظي أثناء التحقيق وفي المحكمة على الإعلان عن معلومات حسابي، أما إذا وجهتم لي رأي ينسب لي وهو فعلاً لي، فقد سبق وأقررت أمام محققي الهيئة وأمام فضيلتكم بالأفكار التي سبق أن ذكرتها مع التحفظ على الوسيلة.
القضية باختصار هي السعي لإسكات عدد من الأصوات العالية المطالبة بالإصلاح، لكي يصمت البقية على الظلم والجور، وهذا لن يحدث. فالسنن الشرعية في المدافعة قد وجدت لدى الناس، فلعل الله أن يحفظ بهم البلاد، حيث يقول سبحانه: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون). وذكر المفسرون القول المشهور المعبر عن تجارب الناس، وهو أن الأمم تبقى مع الكفر، ولا تبقى مع الظلم.

salimo123
2013-01-08, 21:15
الحامد لقاضي الداخلية: لم أترجّ نايف في عزّ جبروته، فكيف أترجّاك؟

الحمد لله مازال نسل الصحابة يقاوم الاستعمار والاحتلال
اللهم ثبتهم ونصرهم
يا ال سلول وقت اقتلاعك قادم ولن تنفعك
تدليس كهنتك ولا امريكا ولا الغرب
والله العضيم مسالة زوالك مسالة وقت فقط
وصلي اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبعهم بحق الى يوم الدين
واخر دعوانا ان حمد لله رب العالمين

salimo123
2013-01-08, 21:19
محاكمة الإصلاحيين.. محاكمة للنظام

محمد قستي

مجتمع يتقدم ويدفع بالخطوط الحمراء الى الأمام، وأحياناً يقطعها مثلما تقطع الأسلاك الشائكة و(شبوك) الأمراء؛ ونظامٌ يضع المعوّقات والعراقيل لتعطيل مسيرته باتجاه انتزاع حقوقه.
قد يكون هذا ملخص السياسة الداخلية للعائلة المالكة.
السجون السعودية ممتلئة بالمعتقلين، من أصحاب الرأي، والناشطين الحقوقيين والسياسيين السلميين، وحتى القاعديين العنفيين، كلهم وضعوا في سلّة واحدة. السجون لم تعد كافية، وقد بشّرنا وزير الداخلية السابق قبل إقالته (أحمد بن عبدالعزيز) بأن هناك سجوناً عديدة قد اكتملت، وهي مجهزة بكافة الخدمات كما يقول؛ يعني: سجون خمس نجوم، كما وصفها أحد الصحافيين السعوديين من العاملين في جهاز الداخلية.
بيد أنه بات واضحاً أن الإعتقالات لا تحلّ إشكالية الدولة المستبدة، ولا تخفف من أعبائها، ولا تقلّص عدد المنخرطين في (السخط) على النظام ورموزه، إن لم يكن (معارضتهم) الصريحة له.
ولأن النظام لم يقرر القيام بإصلاحات سياسية، ولا يبدو في الأفق القريب أن هنالك نيّة بهذا الإتجاه، فلا يوجد أمامه من حلول إلا تلك القمعية، ذلك أنه لا يستطيع أن يرى المواطنين وهو يحطّون من شأن العائلة الحاكمة، ويزدرون بأدائها، ويوجهون لها التهم بالفساد وسرقة المال العام، فضلاً عن احتكار السلطة، وممالأة الغرب إن لم تكن (العمالة) له. يصعب على آل سعود أن يصمتوا وهم يرون شرعيتهم تنتقص، وأن سيادتهم المزعومة على البشر توضع تحت التشريح اليومي.
لكن المزيد من العنف الأعمى، والبطش غير المحدود ما عادت ممارسته ذات فائدة كبيرة. وأمام آل سعود تجربة حيّة يعيشونها يومياً مع الإعتراضات المتصاعدة من أجل إطلاق سراح سجناء الرأي؛ حيث تحوّل ملف الإعتقالات الى قضية رأي عام غير قابلة للصمت ولا إخماد الأنفاس ولا قمع المواطنين بالمزيد من الإعتقالات.
هل يعني هذا أن آل سعود يعيشون حيرة لا يدركون كيفية حلّها في التعاطي مع معارضة المواطنين لحكمهم وزيادة انتقاد عبثهم؟
ربما هو كذلك. وهناك من بين الأمراء من ينصح بأن (اللاموقف) اي غياب الموقف الصارم يعني تشجيع المواطنين على كسر المزيد من الحواجز، واختراق العديد من فضاءات الممنوعات الحمراء!
كأن النظام اليوم يحاول أن يحدّ من الأصوات التي يعتبرها مشاغبة، وهناك مؤشرات عديدة على ذلك:
1 ـ الإعتقالات الإنتقائية التي تستهدف الأصوات العالية، ممن لها تأثير، وهذا واضح في المنطقة الشرقية. ومع هذا، فإن انتقائية النظام اذا لم تتوفر له معلومات كافية، أدت في أكثر الأحيان الى اعتقالات عشوائية غرضها الإرهاب العام.
2 ـ المضايقات، سواء للناشطين الحقوقيين او السياسيين، او حتى لرجال الدين؛ حيث يتم استدعاؤهم للمباحث والتحقيق معهم بشأن موقف أو خطبة أو تعليق أو مقابلة مع تلفزيون أو تغريدة في تويتر. لاحظنا مثلاً، أن ناشطين حقوقيين عديدين اختفت اصواتهم من تويتر، بعد التحقيقات، ومن بينهم نساء عديدات، استدعين للتحقيق، وجيء بأزواجهن أو ولاة أمرهن للتعهد بالنيابة عنهن بأن لا يقربن من (تويتر) أو لا يكتبن تعليقات ضارّة، مع التهديد بالسجن والتعذيب لهن أو لولاة أمرهن!
3 ـ التهديدات، سواء عبر الإتصالات الهاتفية المسمومة، التي تقول للأشخاص المزعجين للسلطة، بأن يكفوا عن العمل، وفي احيان تكون التهديدات والإزعاج أقسى، في اتصالات آخر الليل، أو متابعة الشخص في كل حركاته، مع إشعاره عمداً بأن هناك من يتبعه، أو حتى يهدد حياته. وهذا أمرٌ صار معلوماً، ولكن جرى التوسع بشأنه في الآونة الأخيرة، وقد سبق لعدد من الناشطين أن كشفوا مثل هذه التهديدات، بما فيه القتل والفصل من العمل، وسحب جواز السفر وغير ذلك، وهي كلها أمور تتم ممارستها بتوسّع، كبديل عن القمع المباشر الأعمى.
4 ـ وهناك وسيلة استخدمت مع المشهورين من الناشطين الحقوقيين والسياسيين، وهي (جرجرتهم) الى المحاكم بعد التحقيق والإستدعاء لدى جهاز المباحث. والغرض في أساسه هو: تعويق عمل الناشط، وترهيبه، مع احتمال اعتقاله، بحجّة أو بأخرى. مثل هذا حدث مع الناشط وليد أبو الخير، والآن مع الدكتور عبدالله الحامد، ورئيس جمعية حسم الدكتور محمد القحطاني. وعليه، فإن أبدى المعتقل تنازلاً وانضباطاً بالشكل الذي يريده جلادو النظام، لفلفت المحاكمة وطويت الأوراق، وسُكت عنه، مع مراقبته. وإن أصرّ على موقفه، أُدين بالتهم التي يرددها النظام وأبواقه القضائية، وهي تهم تضحك الثكلى مثل: تعويق التنمية؛ وتشويه سمعة البلاد؛ وإثارة الفتنة، وتأليب الرأي العام العالمي على الدولة، وغيرها من التهم العجيبة.
وما دفع النظام الى القيام بمثل هذه الخطوات مع المشهورين من الناشطين الحقوقيين، هو أنه قد سبق له أن اعتقلهم مراراً، كما هي الحال مع الدكتور عبدالله الحامد ولم يفد معهم الترهيب. وثانياً لأن هؤلاء الأشخاص معروفون لدى العالم بنشاطهم الحقوقي والسلمي، وبالتالي يصعب على النظام اقناع أحد بدعاواه، كما يجد أن الإعتقال وتكراره مكلف بدون مراعاة الحدود الدنيا لضوابط الإعتقال، خاصة لحقوقيين يعرفون جيداً ما هي حقوقهم، ويفهمون الأنظمة والقوانين أكثر من القضاة أنفسهم. لذا كان لا بد من استدعائهم من جديد، ومحاكمتهم على اقوال او خطابات او تصريحات أو مقالات، ليصار لاحقاً الى تجريمهم واعتقالهم، وبذا تكون (العدالة السعودية) قد طُبّقت تماماً وفق الإجراءات القضائية المتّبعة!
يجب التذكير هنا بوسيلة خامسة لم تستخدم إلا في المنطقة الشرقية، وهي استخدام الرصاص الأعمى وقتل المواطنين في الشوارع لمجرد أنهم تظاهروا، ومن ثمّ إلصاق تهم الإرهاب بهم، واتهام المتظاهرين بأنهم قتلوا بعضهم بعضاً، كما هي مزاعم بيانات وزارة الداخلية المضحكة. في المنطقة الشرقية، ولأسباب مذهبية، اضافة الى عنفوان ونضج الحراك المعارض هناك، وجد النظام نفسه مطلق اليد في استخدام ماكنة القتل، وما كانت لديه مشكلة في أن يعطي الأوامر بذلك دون أن يستدعي الأمر معارضة أو ممانعة من قبل القتلة من قواته، فهؤلاء مشحونون طائفياً، وتم توجيههم على أن الشيعة في الشرقية كفار عملاء للأجانب وأعداء للإسلام وللوطن، وبالتالي لا تقف أمام النظام وقوات بطشه القاتلة ومباحثه ومخابراته حواجز أخلاقية أو دينية وهو لا يرى تداعيات سياسية كبيرة ـ بنظره ـ إن مدّد العنف الى الرصاص. مثل هذا يصعب فعله في بيئة النظام السياسية والإجتماعية (نجد) التي بدأت هي الأخرى بالتحرك خاصة في ملف المعتقلين منذ سنوات بدون محاكمة.
المحاكمات التي لاتزال مستمرة حتى كتابة هذه السطور، للدكتورين عبدالله الحامد ومحمد القحطاني، والتي تنشر تفاصيلها أولاً بأول على الفيس بوك وتويتر، تمثل واحدة من أدوات تعرية النظام في سياساته وممارساته بما يشمل قمعه وخطابه المتخلف سياسياً ودينياً. كما أنها تمثل تعرية واضحة للقضاء السعودي وللقضاة، وتكشف مستواهم العلمي، وفهمهم المتدنّي للحياة والسياسة وحقوق المواطنين، وتفسيرهم المتخلّف للدين الذي جعلوا منه خادماً للطغاة المستبدين.
تفاهة الإتهامات، وتآمر المدّعي العام والقضاة مع وزارة الداخلية ووزيرها محمد بن نايف، أوضح أن من الإستحالة بمكان تحقيق معايير (المحاكمة العادلة) التي هي أحد أهم مطالب المواطنين ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. كما أن مزاعم إصلاح القضاء يحتاج الى شيء أكثر بكثير من الميزانيات المالية الضخمة المخصصة لذلك. فمشكلة القضاء والقضاة ليست في (الفلوس) بل في (الرؤوس) و(النفوس)! فحتى لو أتيت بألف دليل ودليل على أن الإستبداد قائم سياسياً، وأن الفساد معشعش ومحمي من الأمراء، وأن من حقّ الناس الإعتراض سلماً على النظام، والمطالبة جهراً بالحقوق، بالتظاهر والتجمعات وغيرها.. فإن المؤسسة الدينية عامة وجهاز القضاء خاصة لا يمكن إلاّ أن يجدا المواطنين متهمين، وأن وزارة الداخلية وأمراء الجهالة والطغيان هم دائماً على حق.
واضح من خلال المحاكمات أن هناك فرقاً بيّناً بين خطاب المواطنين ونظرتهم لحقوقهم وفق الشرع والعقل؛ وبين خطاب المشايخ المنحاز كليّاً للإستبداد، تشريعاً وتجريماً لمقاومته، الى حد اعتبار التظاهرات ليس فقط عملاً محرّماً دينياً يستحق فاعلها كسر الجمجمة!، وإنما هي أيضاً جرم سياسي وفق منظور آل سعود.
فرق واسع بين من يرى الحاكم أجيراً عند الشعب، وبين مشايخ يرون طاعة ولي الأمر (وإن جلد ظهرك وأخذ مالك)!
الإعتقالات والمحاكمات والتهديدات وغيرها للمواطنين جمعاً، أو للناشطين حصراً، تؤكد المرّة تلو الأخرى، بأن المؤسسة الدينية بمختلف رجالها ليس فقط مغيّبة عن الواقع ولا تفهم فقهه، وإنما نخرها أيضاً الفساد، وسيطر عليها الأمراء بشكل كامل. مثل هذه السيطرة الشاملة لا تخدم في محصلة الأمر أمراء آل سعود، لأن ذلك أدّى من الناحية العملية الى فقدان مصداقية مشايخ النظام، وبالتالي تقلّص تأثيرهم على الجمهور، ولم تعد شرعنتهم للنظام ذات قيمة كبيرة. وفي النهاية ما فائدة مؤسسة دينية وضعت لشرعنة النظام، غير قادرة على توفير أهم ما يطلب منها؟ وغير قادرة على كسب ثقة الجمهور؟
السعودية تعيش مخاضاً مؤلماً من أجل التغيير؛ والمواطنون اليوم هم أكثر من أي وقت مضى مستعدون لدفع شيء من ضريبة التغيير، من تحمل للعنت والقمع والإعتقال والفصل من الوظيفة والمنع من السفر والمحاكمة الجائرة وغيرها.
لكن في نهاية المطاف، لا يصحّ إلا الصحيح. وتجربة الماضي تؤكد بأن العائلة المالكة كما مؤسستهم الدينية والقضائية في حالة انحدار سريع في السمعة والمكانة، وقد أثبتوا أنهم غير جديرين بقيادة الشعب، الذي تفصلهم عنه مسافة طويلة سبقهم اليها، فيما هم يعيشون الماضي بأفكاره ورؤاه وسخف فتاواه.