المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر حول الحركات الاسلامية


عبدالحق صادق
2013-01-02, 21:39
وجهة نظر حول الحركات الاسلامية
الاستبداد و الفساد و الاقصاء لدى الانظمة القمعية جعل الناس تعود لدين الله افواجا بعد ان ابعدوهم عنه بالعواطف و الاحلام الوردية و الشعارات البراقة
و بسبب سياسة الاقصاء و التهميش طيلة الفترة الماضية التي انتهجتها الانظمة القمعية مع الاسلاميين الثوريين جعلهم ضعاف في الادارة و السياسة
و لذلك انصح الحركات الاسلامية الا يستلموا السلطة و ان يعملوا في المعارضة بعد سقوط الانظمة القمعية حتى يزدادوا خبرة في الادارة و السياسة و ينضج فكرهم
لأن استلام الاسلاميون للسلطة بعد سقوط الانظمة مباشرة سوف ينعكس سلبا عليهم و على مشروعهم و على دعوتهم بسبب ضعفهم و كثرة اخطائهم
و لذلك سوف تنقلب عليهم الشعوب و سوف يلجئون للقمع و الاقصاء و الاستبداد في الرأي اي سيقعون فيما وقعت فيه الانظمة القمعية من قبل
الامر الخطير هو ان الاسلاميون سوف يفسرون ذلك بأنه عداء للدين و الاسلام اي سوف يكفرون الناس كما فعلت الانظمة القمعية عندما اتهموا المنتفضون بالعمالة
و الامر الاخطر اذا جرى العلماء خلف عواطفهم و انحازوا لتلك الحركات السياسية الاسلامية ضد المعارضين السياسيين لمجرد انها حركات اسلامية
دون معرفة ان الخلافات بين الاحزاب السياسية سواء كانت دينية او غير دينية غالبا دافعها الاهواء و المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة و يتم الباسها لباس الدين او الوطنية
و انجروا الى الفرز و التصنيف هؤلاء فريق الحق و الايمان و هؤلاء فريق الباطل فريق الكفر و الالحاد اعداء الدين و الملة
و هنا سوف يقع المحظور الكبير و هو خروج الناس من دين الله افواجا و كره الدين و المتدينين و العلماء
المسلم الحق يدور مع الحق حيث دار بغض النظر عمن امامه مسلم او غير مسلم متدين او غير متدين من طائفته او من غير طائفته قريب ام بعيد
و لإيضاح الامر اود ان اسال السادة العلماء الذين ينحازون لطرف دون طرف على اساس ديني اذا رأيت مسلم ظاهره الالتزام يتخاصم مع جاره اليهودي و لا اقول المسلم
فمع من تقف و لمن تحكم ؟اليس الصحيح ان تسال الاثنين و تتحرى الحق و بعد ذلك تعلن عن موقفك و تصدر حكمك بغض النظر عن هوية هذين ألمتخاصمين ؟؟
و اذا اعلنت موقفك مع احد الطرفين كونه يجمع بينكما بعض الامور دون ان تتحرى الحقيقة و انت على بعد آلاف الاميال اليست هذه من العصبية المقيتة
و كم سيكون ضرر هذا الموقف المنحاز على الدعوة التي تتبناها و على الاشخاص الذين يراقبون هذا الموقف في العالم اجمع
حقا لم يسبقنا الاوائل بكثير صلاة و لا صيام و لكن سبقونا بالمواقف الصادقة الشجاعة مع الحق بعد ان تخلصوا من عبودية نفوسهم و اهوائهم
بعدالة المسلمين و الدعاة وصل الاسلام الى اقاصي الدنيا و بإتباع الدنيا و الهوى و الظن و التعصب المقيت عاد الاسلام غريبا و طوبى للغرباء
من وجهة نظري بهذه الاجواء الملوثة بأفكار و اهواء و نفوس الانظمة القمعية من الخطأ انشاء احزاب على اساس ديني لأنها سوف تعطي انطباع سيئ عن الاسلام و المسلمين
فبعد ان ينضج الفكر الاسلامي و تصفو النفوس و ترسخ العقيدة في القلوب و تثمر الاخلاق الفاضلة الحميدة و المواقف المنزهة عن الاهواء و المصالح الشخصية
و ذلك بجهود الدعاة و المصلحون و المفكرون المعتدلون النيرون المنفتحون عندها سيتحول الشعب الى حزب واحد هو حزب الحق و العدل حزب البناء و النهوض حزب العزة و الكرامة
عبد الحق صادق

مؤمل النهر
2013-01-02, 22:16
شكرا لك اخي على المشاركة

اقتباس:
الاستبداد و الفساد و الاقصاء لدى الانظمة القمعية جعل الناس تعود لدين الله افواجا بعد ان ابعدوهم عنه بالعواطف و الاحلام الوردية و الشعارات البراقة

س/ من الذي أبعدهم ؟؟


اقتباس :
و لذلك انصح الحركات الاسلامية الا يستلموا السلطة و ان يعملوا في المعارضة بعد سقوط الانظمة القمعية حتى يزدادوا خبرة في الادارة و السياسة و ينضج فكرهم

كلام لا غبار عليه ولكن ما رأيك بنموذج حماس في فلسطين ونجاحها في تسيير أمور القطاع رغم الحصار الخانق ؟؟


بــــانتظار الاجابة مع جزيل الشكر

عبدالحق صادق
2013-01-03, 17:32
شكرا لك اخي على المشاركة

اقتباس:
الاستبداد و الفساد و الاقصاء لدى الانظمة القمعية جعل الناس تعود لدين الله افواجا بعد ان ابعدوهم عنه بالعواطف و الاحلام الوردية و الشعارات البراقة

س/ من الذي أبعدهم ؟؟


اقتباس :
و لذلك انصح الحركات الاسلامية الا يستلموا السلطة و ان يعملوا في المعارضة بعد سقوط الانظمة القمعية حتى يزدادوا خبرة في الادارة و السياسة و ينضج فكرهم

كلام لا غبار عليه ولكن ما رأيك بنموذج حماس في فلسطين ونجاحها في تسيير أمور القطاع رغم الحصار الخانق ؟؟


بــــانتظار الاجابة مع جزيل الشكر
كلامي واضح الذي ابعدهم الانظمة القمعية بداية عهدهم
و هل انت تعرف ماذا يدور في غزة عن قرب و ما يعانيه الناس و تضجرهم حتى قيل بان غزة على و شك قيام انتفاضة شعبية ضد سلطة حماس

عبدالحق صادق
2013-01-03, 17:40
لو اجبناك ..لمسح اخوتك المتسعودون الردود !!

فهنيئا لك و لمشرفك الوادعي ....الحفاظ على عرش ال سعود بالاكاذيب !!و اكثر منها ....فانت وحدك في الساحة انت و قطوف الجنة و اخوكم ابا عمار !!
فكل من يهلل لال سعود و يسب و يشتم الاخوان و مرسي و الثورات .....له مكانة عظيمة لدى مشرفي هذا المنتدى المتسعود (و المسمى كذبا و زورا منتدى جزائري )
هذا المنتدى منتدى راقي ليس لديه ازدواجية معايير فشكرا لادارته و مشرفيه
فهو يحذف المشاركات التي تخالف قوانين المنتدى من اي جهة كانت
و غالبا الذين يتقنون فن السب و الشتم هم اتباع الانظمة القمعية
بينما الذي يدافع عن بلاد الحرمين يتحلى بادب الحوار انطلاقا من تعاليم الاسلام الذي شع من بلاد الحرمين
ففسرت الامر على انه تحيز كعادتكم تقلبون الحقائق
و انني لا اسب احد و لا اخون احد و لكنني انتقد سلوك و فكر ظاهر واضح مبني على الدليل و ليس عل الظنون و التخرصات و باسلوب لائق مدعم بالحجة و المنطق

رشدي101
2013-01-03, 18:02
كلامك عن الاسلاميين ..و عن كيفية مشاركتهم من عدمها ..دون ان تسبهم و تشتمهم و تجعلهم من الخوارج !!

دون ان يطالك مقص الوادعي ..شيئ فيه ريب و شك !!

---------

ثانيا ..و على حسب دفاع المشرفين عليك و بقوة ....فالمقصود بالانظمة المستبدة عندك و الله اعلم هي الانظمة الجمهورية و ليست الملكية !!

و مع ذلك يمكنك ان تيبين لنا ..هل السعودية داخلة في انظمة الفساد التي ذكرت و التي تهمش الاسلاميين و تقصيهم و تحاربهم ..ام انها مستثناة ؟؟!!

ثالثا ...الاسلاميون .هم جزء من الشعب ..و حديثك عنهم يوحي و كانه يوجد الشعب و الاسلاميون و هاته مغالطة كبيرة فالاسلاميون هم جزء كبير من الشعب ....كما انهم يشاركون و بعوفية في اسقاط الانظمة المستبدة و الفاسدة (بما فيها نظام السعودية ) فانهم و بعوفية كذلك سيجدون انفسهم في الادارة و في الحكم و السياسة

كما ان كلامك هذا قديم و قديم جدا و على ما يبدو انك حديث عهد بهاته المواضيع السياسية

رابعلا ..من قال لك ان الاسلاميين لا يفقهون شيئا في السياسة و الادارة ...يبدو انك قديم جدا ...

الاسلاميون و بفضل الاخوان المسلمين لهم باع في ذلك طويل و طويل جدا

و تجاربهم و اصطدامهم و معاناتهم و تسييرهم ...السابق و في كثير من الدول اعطى لهم الكثير من الخبرة في التسيير و في المواجهة و في الصبر و في التسيير
---------------

بالنسبة لغزة ...و حكم حماس فيها .....فحماس ليست دولة ..بل حركة مقاومة .....و يجب ان تعامل على انها حركة مقاومة و دخولها عالم السياسة و الادارة هو امر حتمي للحفاظ على مصالحها

و محاولة ضربك لحماس ..هو انتقام منها يردده الكثيرون من منضري الانظمة الملكية ....لان ايران دعمتها... (و هذا يزعج الطرف الاخر و هو السعودية ومن ورائه امريكا )

متناسيين ان السعودية نفسها تعتمد على الكفار و تحالفت معهم

رشدي101
2013-01-03, 18:10
هذا المنتدى منتدى راقي ليس لديه ازدواجية معايير فشكرا لادارته و مشرفيه
فهو يحذف المشاركات التي تخالف قوانين المنتدى من اي جهة كانت
و غالبا الذين يتقنون فن السب و الشتم هم اتباع الانظمة القمعية
بينما الذي يدافع عن بلاد الحرمين يتحلى بادب الحوار انطلاقا من تعاليم الاسلام الذي شع من بلاد الحرمين
ففسرت الامر على انه تحيز كعادتكم تقلبون الحقائق
و انني لا اسب احد و لا اخون احد و لكنني انتقد سلوك و فكر ظاهر واضح مبني على الدليل و ليس عل الظنون و التخرصات و باسلوب لائق مدعم بالحجة و المنطق


انت تخلط بين السعودية و بين الاسلام !!

و هذا موجود و متردد في الانظمة الملكية (الانظمة القمعية ايضا و الفاسدة كذلك ) و منتدياتها

هذا منتدى جزائري ....و لا يغرنك المشرفون عليه !!

لو كان منتدى راق ..ما مررت افكارك هاته المفضوحة .بهذا الشكل الذي تجاوزه الزمن ........و هي البصق على انظمة الغير و استثناء نظامك ..مع ان الكل يعلم ان الفساد و القمع و الظلم ينخر الامة الاسلامية جميعها !!

و لو نقلنا فضائح نظامك و فساده ....ما استطاع لا الوادعي و لا غيره من المشرفين في هذا المنتدى تنقيته و لا تصفيته و ما استطعت ان تدافع عنه بوجه مكشوف !!

salimo123
2013-01-05, 20:49
يالطيف ياليطف ياساتر
جماعة قرن الشيطان يحسدون كل شئ
في القديم والحديث
حسدوا الحجاز على مقدساته
والشام واليمن لمباركة الرسول عليه الصلاة والسلام فيهما
وحسدو العراق على تفوقه العلمي وافغنستان في 2001 على حكم طالبان فيها وساهمومع الامريكان في تدميرها
دمرهم الله

والان يحسدون مصر
يالطيف ياساتر

salimo123
2013-01-05, 20:50
نجد (المُختارة) وشعب الله المحتار!

منذ ما قبل الإسلام نظرت نجد الى نفسها (مختارة) بين كل أرجاء الجزيرة العربية!
كانت تحسد الحجاز على رحلتي الشتاء والصيف، وعلى استضافة البيت العتيق والحجيج. وكان هاشم عم رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم قد حاول تهدئة أهل نجد، فأقام سوق عكاظ ومنحهم دوراً فيه، منعاً لتصادمهم، او هجومهم على مكة.
بُعث النبي صلى الله علي وسلم بالرسالة فتآمرت نجد عليه؛ وكما في البخاري فإن من اقترح عليهم قتله وإضاعة دمه بين القبائل هو الشيطان الذي تنكّر لهم في شكل شيخ نجدي!
أسلمت المدينة، فالبحرين (الحالية + المنطقة الشرقية)، وعُمان.. واليمن.. ورفضت نجد، وفي مكاتيب الرسول نجد أن كل من في الجزيرة العربية أسلموا طائعين راغبين، إلا أهل نجد، تجد قادتهم يساومون الرسول صلى الله عليه وسلم على إسلامهم (ماذا يدفع لهم إن أسلموا)!
وحين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت نجد أول من ارتدّ عن الإسلام. لم يظهر في تاريخ الإسلام أشهر من مدّعي النبوّة في نجد مثل (مسيلمة الكذاب) و (سجاح)!
بل أن رسول الله وقبل وفاته حذّر من نجد التي وصفها بأنها أصل الفتنة، تبدأ منها واليها تعود (وإن كان النجديون يقولون أن نجد هي العراق حالياً)!
نجد لا تطيع أحداً ولا تقبل قيادة إلا منها!
كانت تتمنّى ان تكون لها رسالة تحكم العرب بها في الجاهلية فما وجدتها؛ فادعت النبوة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ودخلت في حروب مع الخوارج العديدة التي شاركت فيها. وانتهى المطاف أن جاءها محمد بن عبدالوهاب بدعوته فصار لديهم نبيّاً أو شبه نبي. باسمه وباسم دعوته يحكمون ويقتلون ويفجرون.
قالوا عنه أنه جدّد الإسلام، فصار لا يوجد مسلم صحيح الإسلام إلا هو وجماعته.
لقد صوّروه نبيّاً جديداً.
ورسموا حركاته وخطواته كرسول الله كيما يصبح نبيّاً: فالهجرة، والجهاد عنوانان للوهابية طبقتهما على من حولها من الأعراب والمدن والمناطق، فكان أن قتل عشرات الألوف، وفرّ أكثر سكان الجزيرة العربية الى العراق والشام وحتى مصر والسودان!
الوهابية لا تقبل رأساً إلا نجدياً، دينياً وسياسياً.
وأهل نجد ـ عامة ـ يرون أنفسهم أعلى كعباً ومقاماً من أهل بيت الله، اهل مكة، وأهل الحرم.
هم يفاخرون العالم بأنهم ينتمون الى عقيدة وهابية أصفى عقيدة في العالم، كما قال ابن سعود، حتى وإن كانوا لا يلتزمون بها، ولا يحاكموا وفق ضوابطها. مع أنهم يقتلون الآخرين بحجة الشرك، ولأتفه الأسباب.
الوهابية سلاح للسيادة السياسية على جزيرة العرب.
هي دعوة دينية كقنبلة تلقى بوجه الناس.
وهي غطاء شرعي لكل ممارسات الطغيان السعودي.
هي شرسة على البشر العاديين، تكفرهم وتفجرهم وتقتلهم وباسمها يسجنون ويحاكمون ويعذبون في المعتقلات.
وهي ناعمة ليّنة على الحكام السعوديين، يشرعون طغيانهم وفسادهم ويغطون بها سوءتهم.
نجد كانت تبحث عن زعامة، فوجدتها في الوهابية: حشدت صفوفهم، وشرعنت احتلالهم للمناطق، وقتلهم للكفار والمشركين من أبناء لا إله الا الله.
هي فعلا قرن الشيطان!
لا فتنة في العالم العربي والإسلامي إلا وتجد للوهابية ولآل سعود صلة بها!
لا تفجير ولا قتل ولا إجرام بحق الأبرياء إلا بمسوغات عقدية وهابية!
لا تآمر مع الأميركان والأجانب يضاهي تآمرهم.
لا أموال ولا فساد ولا رشوات ولا بيع ضمائر إلا كان آل سعود أسياده.
الوهابية شرّ مطلق، فهي أعلت من تراث آل سعود، ودمرت تراث الإسلام في الحجاز. دمّرت تراث محمد بن عبدالله. حوّلت منزله الى مراحيض عامة. دمرت بيوت الصحابة. ولكنها حفظت نظارة ابن سعود وقلم ابن عثيمين!
النجدية الوهابية خطر على كل من حولها.
كفى الله المسلمين شرّها، وشر آل سعود معها!

عبدالحق صادق
2013-01-09, 22:14
النقاش يكون بنص الموضوع و افكاره فيتم تصحيح الخطأ بالحجة و الدليل
و انني اتحدث عن واقع مشاهد ملموس و لا اتحدث بناء على ظنون و تخرصات
و الخروج عن نص الموضوع و النقاش باسلوب العصبيةة الجاهلية المقيتة فهذا اسلوب لا يليق بالشباب في العصر الحديث

عبدالحق صادق
2013-01-09, 22:16
للإسلاميين الثوريين ( 1/3)

إن الإنسان بن بيئته و الفكر هو الذي يرسم تصرفات الإنسان فإذا كان هذا الفكر نقياً و سليماً و عقلانياً فسوف تكون تصرفاته متوازنة و منضبطة و إذا كان فيه تشويش فستكون تصرفاته غير متوازنة و غير منضبطة و الفكر لا يأتي من فراغ بل من الواقع الذي يعيشه الإنسان
و أود أن أركز هنا على فكر الغلاة و المتطرفين و المتشددين و التكفيريين و الطائفيين و هم الإسلاميون الثوريون لأهميته و خطورته حالياً
بدايةً نشخص الواقع لنتعرف على البيئة التي نشأ فيها هذا الفكر
سيطرت الأنظمة الثورية القمعية على معظم الدول العربية و الإسلامية كردة فعل على واقع التخلف و الانحطاط الذي كانت تعيشه امتنا في بداية القرن الماضي
متأثرين بفكر ثوري شرقي الذي يؤمن بالخطوط المنكسرة في التغيير بينما في ثقافتنا الإسلامية توجد الخطوط المنحنية في التغيير فشعارنا الهلال و هو خط منحني و الخطوط المنحنية أجمل و فيها إبداع و تنسجم مع سنة الله في خلقه فمعظم مخلوقات الله تكون بخطوط منحنية .
فتمت معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه

صفة الواقع في الأنظمة الثورية الاستبدادية القمعية هي التالي :
- الاستبداد و العنف في التغيير و الإدارة
- نزع الثقة بين أفراد المجتمع فالكل يتجسس على الكل و الكل يشك في الكل و الكل ينتقد الكل.
- الاغتيالات و التصفيات و حرب العصابات و أساليب التعذيب الرهيبة التي يستخدمها زوار الفجر
- الإقصاء و التهميش
- تأجيج العواطف وإخماد دور العقل
- تأجيج حب الذات و السلطة و التسلط في النفس
- غرس الأحقاد و الضغائن على الآخر الذي يختلفون معه و لصق أقسى التهم به.
- الاستهانة بحياة الإنسان و كرامته
- الشعارات في واد و الأعمال في واد آخر
- الغاية تبرر الوسيلة أي يمكن سلوك جميع الوسائل المحرمة و غير المحرمة من أجل تحقيق الهدف المرسوم
و قد تربى أجيال على هذا الفكر المسموم و سارت الشعوب خلفهم و صفقت لهم فترة من الزمن و لكنهم صدموا بنكبات و محن و لم تتحقق أحلامهم بالتحرر و الكرامة و التقدم و الرفاهية .
فحدثت ردة فعل أخرى على هذا الواقع المأساوي و هي خروج ما يعرف بالصحوة الإسلامية و دخل في صفوفها بعض الشباب الذين تربوا على هذا الفكر الثوري الاستبدادي.
فحدث تزاوج بين الفكر الإسلامي و الفكر الثوري الذي يحمله هؤلاء الشباب نتج عنه فكر هجين غير معروف من قبل شديد الخطورة و هو ما يسمى بالفكر الإرهابي المتطرف و هو كل من يتخذ العنف الغير منضبط شرعاً بفهم العلماء العاملين لا بفهم أنصاف المتعلمين كأسلوب في التغيير و يتخذ الدين كغطاء لتحقيق أطماع مبطنة و استثني منهم الذين يقاومون الاحتلال بطريقة منظمة و منضبطة شرعاً لا بطريقة عشوائية ضرها أكبر من نفعها و منها الاحتلال الاسدي .
إذاً مصدر هذا الفكر هو الأنظمة الثورية العسكرية القمعية التسلطية

صفة حاملي هذا الفكر المتطرف :
بسبب الظروف المحيطة التي ذكرتها سابقاً و التي نشأ فيها هؤلاء الشباب تكونت لديهم الصفات التالية:
- إنهم شباب غير عاديين أذكياء و عندهم مهارات و لا يحبون الحياة الروتينية العادية و تم التعامل معهم في المجتمع بالإهمال والتهميش.
- البعض منهم عنده إرادة و تصميم و تحمل و طموح و له شخصية قيادية و حبذا لو تعرفت مجتمعاتنا على الأشخاص ذوي القدرات الغير عادية و قامت بتوظيفها بشكل إيجابي حتى تستفيد منهم الأمة.
- عندهم غيرة زائدة على أوضاع امتنا
- إنهم شباب متحمس منفعل مغرور و هذا يؤدي إلى تصرفات غير محسوبة و متهورة.
- يعانون من خواء فكري و ضحالة في الثقافة و فهم سقيم لمعاني الإسلام و جوهره و مقاصده
- يتمتعون بحب شديد لذواتهم و لهم معتقدات و أفكار مغلوطة يؤمنون بها و هذه الأفكار أصبحت جزءاً من كيانهم فكل من يمسها يثورون عليه و هم يظنون أنهم يغضبون لله و لمبادئهم و يضحون لأجلها و في الحقيقة هو يثورون لأنفسهم و ذواتهم و فرق كبير بين من يغضب لله و من يغضب لنفسه.
- عشش الحقد في قلوبهم على الذين يختلفون معهم و بالتالي سيطر عليهم حب الانتقام فتراهم ينتقمون بصورة بشعة و دون رحمة تعطي انطباعا سيئاً عن الإسلام
و هناك فرق كبير بين من يجاهد و يقتل في سبيل الله و بين من ينتقم و يقتل لنفسه و خصوصيته فالمجاهد الحق يقتل و هو ينظر بعين الرحمة للمقتول بينما الذي ينتقم لنفسه و خصوصيته يقتل بعين الحقد الذي أعمى بصره و بصيرته
و حتى يصل المسلم لهذه المرحلة يحتاج لتربية و جهاد نفس طويل صعب و شاق و لذلك كان الجهاد ذروة سنام الإسلام .
- يمتلكون رغبة جامحة في الظهور و الشهرة و حب السلطة و التسلط و هذه تعمي و تصم عن رؤية و سماع الحقيقة.
- أنصاف متعلمين و أنصاف المتعلمين ضرهم اكبر من نفعهم حينما يظنون أنهم حازوا على العلم بجمعه و يتصدرون للإفتاء في الأمور المصيرية و الحساسة للأمة و يتقدمون لقيادة الأمة .
- ضعاف الخبرة في الحياة و السياسة و الإدارة و لذلك تكون تصرفاتهم على أساس ردات الفعل و ليس على أساس دراسات و تخطيط استراتيجي بعيد المدى
- يمتازون بضيق الأفق و السطحية في التفكير فليس لديهم ميزان صحيح لتقدير المفاسد و المنافع التي تحصل نتيجة فعل معين .
- ليس لديهم فقه بالواقع و الظروف المحيطة و معرفة بموازين القوى و سلم الأولويات
- ليس لديهم إحساس بالمسؤولية لأنهم غالباً لم يمارسوها في الحياة .
- معظم أفكارهم و أحكامهم المغلوطة أخذوها من النت و من كتاب غير معروفين و يظهرون بأسماء مستعارة و خاصة الأحكام الحساسة و الخطيرة التي تتعلق بالاعتقاد و الأنفس مثل أحكام التكفير و القتل و الجهاد و التخوين و غير ذلك فهذه الأحكام الحساسة لها أهل اختصاص فلا يجوز أن يفتي بها كل من هب و دب و هي تحتاج للتحقق من صحتها أولا و للحوار و معرفة دوافع المتهم و وجهة نظره ثانياً فمن الأخطاء الفادحة الأخذ بها من الشبكة العنكبوتية و كأنها أمور يقينية قطعية

و للموضوع تتمة
الكاتب:عبدالحق صادق

salimo123
2013-01-11, 20:03
الدين والدولة في المملكة العربية السعودية
من التحالف الى المواجهة
(1 من 3)

محمد فؤاد

اللقاء التاريخي المقدس بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والامام محمد بن سعود عام 1744 وصف بأنه تدشين لتحالف فريد بين الدين والدولة في التاريخ الحديث.. تحالف تأسس على قاعدة تقاسم شؤون الدين والدنيا، وكان نصيب آل الشيخ والمتناسلين نسباً وسبباً منه احتكار المجال الديني بوصفه منطقة امتياز لأهل العلم الشرعي ممثلاً في عائلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واستطراداً في علماء الدين في نجد حصراً، فيما تكون السلطة الزمنية حقاً تاريخياً ينحبس داخل الخط السلالي لآل سعود.

ترصين المضامين الدينية والسياسية للتحالف زخمه التطلع المفتوح نحو آفاق واسعة جغرافية وبشرية، فهناك النزوع المبالغ نحو حركة دعوية واسعة النطاق تستوحي تجربة الرسالة الاولى، كما حملها وحلم بها مؤسس الحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث التماثل المكرور في الادبيات الدينية الوهابية بين دعوة الرسول (ص) وبين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والرغبة الجامحة لدى القيادة السياسية السعودية نحو بناء امبراطورية تتغذى على ذات المزاعم الدينية المشرعنة لحركة توسعية لا مقطوعة الحدود.

وبلا شك ان الدولتين السعوديتين الاولى والثانية خاضتا امتحان صناعة الحلم عبر تجريد الحملات العسكرية التي طالت بلاد الرافدين والشام اضافة الى دول الخليج، ولربما ساقها ورم التطلع للمجازفة باختراقات حدودية والاصطدام بقوى كبرى في المنطقة مثل الاتراك العثمانيين ومصر محمد علي باشا.

وبرغم فشل التجربتين الاولى والثانية في بناء امبراطورية دينية متوزعة بين خطي آل الشيخ وآل سعود وكان العامل الخارجي فاعلاً رئيسياً في انهائهما، الا أن المشروع الديني/السياسي السعودي حافظ على مبرره وكان الاحفاد قد تكفلوا عبء استئناف العمل به مرة اخرى.

فهذا المشروع وُجد كي يحقق وجوده من خلال ايديولوجية دينية تقويضية تزرع في أتباعها فكرة تخليص العالم من الانحراف العقدي، وتتكفل مهمة انقاذ البشر من الضلال باعتبارها مصدر الفهم الصحيح للوحي وتالياً فرجال الدعوة حكاماً وعلماء هم وحدهم الحائزون وبكفاءة فريدة على حق ولاية الامر على المسلمين أولاً وتطهير العالم من الفساد ثانياً كما فعل الاتباع.

فالرؤية الكونية لأتباع المذهب الوهابي كما تشرحها الادبيات القديمة والحديثة تنطلق من كون العالم مغموراً بالفساد والشرك بما يفرض وفق الاملاءات الدينية واجب اصلاحه. فقد جاء في كتاب (التوحيد) للشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان والذي اقتبسه كما يذكر ذلك في المقدمة "من مصادر كثيرة من كتب أئمتنا الاعلام لا سيما كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيم وكتب شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من أئمة الدعوة المباركة" جاء "فعاد الشرك الى كثير من هذه الامة[1].

وفي رده الضمني على مقولة جاهلية القرن العشرين للسيد قطب يرفض الدكتور الفوزان تعميم حكم الجاهلية وقال "والصواب أن يقال جاهلية بعض أهل هذا القرن أو غالب أهل هذا القرن. وأما التعميم فلا يصح ولا يجوز لأنه ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم زالت الجاهلية العامة" [2] . وهو بهذا يخرج أتباع المذهب الوهابي من دائرة الجاهلية ليقبع فيه من سواهم، بما يشمل المسلمين.

وهذه الرؤية الدينية الصارمة تمثل حافزاً جباّراً لدى أتباع هذه الرؤية نحو شن الغارات على ديار الشرك، تلك الديار التي لم يصلها نداء التوحيد بالمعنى الوهابي، كما تعكس الى حد كبير الدور الذي يمكن للدين في التصوير الوهابي ان يلعبه في الميدان السياسي، وفي نفس الوقت كيف أمكن لرؤية كهذه ان تخدم السياسي في تحقيق اغراضه النهائية. والسؤال الملح دائماً ماذا لو اجتمعت الرؤية الدينية بالغرض السياسي، وما هي تحديداً مستخلصات العلاقة المعقدة بين الدين والدولة؟

تمثل تجربة الدولة السعودية الثالثة (الحالية) انموذجاً غنياً لدراسة علاقة الدين بالدولة وكيف لهذه العلاقة ان تندك في بناء نظام مصالح مشترك يفضي في أحيان عديدة الى النزوع الاستغلالي لدى كل منهما وخصوصاً حال اختلال ميزان القوى لصالح أي من الطرفين.

إن تجربة اعادة بناء التحالف الديني السياسي بين آل سعود وآل الشيخ في الدولة السعودية الثالثة ولا سيما في مرحلة بناء الدولة تلخص الطبيعة الانتهازية التي يمكن لمهارة السياسي ان تحيل من القوة الدينية الى مجرد سلاح في معركة البناء وفي القضاء على الخصوم من خلال شحن محركات التطرف الديني.

وسنحاول في السطور التالية تسليط الضوء على تجربة الاخوان بما تمثل قوة دينية وعسكرية جرى استعمالها بإفراط من قبل المك عبد العزيز في مشروع سياسي توسعي، يتوكأ على ذرائع دينية ومزاعم تاريخية ويهدف الى بناء امبراطورية مترامية الاطراف.

الاخوان وايديولوجية الفتح



نشأت حركة الاخوان في عام 1912م بعد تأسيس أولى المستوطنات في شهر ديسمبر ( كانون الاول ) من نفس العام في الارطاوية التابعة لقبيلة مطير. وقد بدأت هذه الحركة تستلهم تعاليم الشيخ عبدالكريم المغربي الذي يقول عنه ديكسون "كان المعلم الأكبر للمرحوم فالح باشا السعدون شيخ المنتفك ..وأصبح بعد ذلك معلماً لمزعل باشا السعدون والد ابراهيم بيك السعدون ، وعندما ترك عبدالكريم خدمة مزعل باشا غادر العراق الى نجد حيث أظهر نفسه كمعلم ومصلح ديني في مدينة الأرطاوية التي كانت وكراً صغيراً للوهابية.."[3].

ونشطت حركة الاخوان في الارطاوية لتتحول لاحقاً الى قوة عسكرية ضاربة تحت قيادة المغربي أولاً ثم تسلمها فيصل الدويش زعيم قبيلة مطر. وقد شنت الحركة غارات متلاحقة على المناطق المجاورة وكانت ترفض الخضوع لأية سلطة مركزية .

وكان ابن سعود يخشى بروز الاخوان كقوة سياسية مزاحمة، وتأكدت هذه الخشية بعد استيلائه على الاحساء عام 1913 وما لحظه من قوة الاخوان العسكرية والتفاني المفرط في المعارك، ففكر ملياً في منهج للتعامل مع الاخوان ، وكان أمام خياريين: اما القضاء عليها رغم المجازفة غير المضمونة والتكاليف الباهضة التي سيتكبدها حال الفشل في تحقيق هدفه، واما احتوائها واستيعابها واستخدامها كقوة عسكرية الى جانبه.

الميل الحاذق لعبد العزيز بتبني الخيار الثاني تطلب رفع الشعار الديني والتظاهر بالالتزام بتعاليم الوهابية والدفاع عنها، ولذلك قرر ارتداء لباس الامامة وخلع لباس السلطنة، كمتطلب رئيسي لتحقيق اغراضه السياسية. وقد وجه ابن سعود نداءً في عام 1916م الى قبائل نجد للانخراط في صفوف الحركة الجديدة وان يدفعوا له الزكاة بصفته امامهم الشرعي[4]، كما قام باطلاع قادة الاخوان على خططه السياسية التي أَسبغ عليها طابعاً دينياً كيما تحظى بتأييد الاخوان وتثير فيهم روح الاستبسال في الدفاع عنها، وتعزيزاً لذلك عرض عليهم فكرة الاشراف على هجر قبائل نجد التي ينوي عبدالهزيز إقامتها، ورغم اعلان الاخوان الرفض المتكرر لعروض ابن سعود غير انه أفلح بدهائه في إقناعهم كما انتزع منهم اعترافـاً بامامته عليهم .

من جهة ثانية عمد ابن سعود الى تذويب كيان الاخوان وتفتيته بالنداء الذي اطلقه للقبائل للانضمام الى الاخوان حينما بدأ في خطة اقامة الهجر على غرار هجرة الارطاوية سعياً وراء اضعاف الروابط القبلية حيث بلغ عدد الهجر نحو 220 توزعت على مناطق نجد والحجاز وشملت الحدود السعودية والاردنية.

وكانت قبيلة العجمان من العقبات التي واجهت ابن سعود لذلك "كان ابن سعود ينوي نقل قبيلة العجمان من منطقة الاحساء الساحلية ــ موطنها الأصلي ــ الى نجد حيث يقسمها الى اقسامها العشرين التي تتألف منها ويضع كل قسم في حاضرة من حواضر الاخوان وذلك لكي يشتت شملها "[5]، وبالفعل نجح ابن سعود في اخضاع العجمان عام 1919م وتوزيعهم على الحواضر واعترفوا به اماماً عليهم وعادوا الى مقاطعات نجد وهناك تلاشت قوتهم وذابوا في كيان الاخوان .

وقد اختلف أغلب الباحثين في التاريخ السعودي على تحديد غرض ابن سعود من الهجر حيث يعتقد جلال كشك أن الهجر كانت تعني "الهجرة من دار الشرك، من التعلق بالمجتمع المشرك من كل ارتباط وكل القيود التي تربط المهاجر بالمجتمع المرفوض، فيحمل ايمانه وينطلق خفيفاً فرحاً مؤمناً متحرراً الى الله ورسوله ..الى "يثرب" الجديدة الى ارض الايمان ..الى دار الهجرة ..الى الارض المحررة الى الجهاد..الى"الهجر"..ومنها ينطلق الى تحرير العالم ونشره بقوة للمجتمع المثالي الذي يحقق خيرالدنيا والآخرة "[6]، اما العطار فيعتقد ان الهجرة هنا "ارض يخططها الحاكم للبدو، ويقطعهم اياها للسكنى والعمارة، حتى تكون كالقرى والمدن الثانية. ومعنى الهجرة الانتقال من ارض الى ارض اما في الاسلام فالانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام ويجوز هنا حمل المعنى على الاصطلاح اللغوي فقد نقل هؤلاء البدو الى أرض يستوطنونها، بأسرهم تكون لهم بمثابة المدن للمتحضرين"[7]. اما محمد المانع (المترجم بديوان ابن سعود) فيقول" في سنة 1912م ــ 1330هـ وكجزء من محاولة حل مشاكله قام ابن سعود باحياء مبادئ التطهير التي في الحركة الدينية التي بدأها عبدالوهاب في القرن الثامن عشر. وهدف الحركة هو توحيد القبائل في خدمة الله وكانت فكرة الامير العظيمة هي تشجيعهم على انشاء مستوطنات دائمة ومن هذا الاحياء لتعاليم الوهابية، وانبثقت الحركة الدينية المعروفة بالاخوان.."[8].

غير أن الباحثين يؤكدون أن ابن سعود لم يرفع الشعار الديني الاّ في عام 1915م وبعد ظهور الاخوان كقوة عسكرية في معركة جراب سنة، 1914م وهي المعركة التي أبرزت حركة الاخوان وراعت انتباه ابن سعود، وان نداءه للقبائل عام 1916م هو في سبيل احتواء هذه الحركة واخضاعها لمطامحه السياسية بعد زجها في الهجر وان طلب عبدالعزيز من القبائل الأنتقال من منطقة الى اخرى والاشتغال الزراعة والفلاحة بهدف تفتيت القبائل وابعادها عن بعضها وخلطها في حواضر قبائل اخرى لتذوب ويتشتت شملها ومن هنا جاءت فكرة الهجر ويقول عسال" اقام عبدالعزيز في حياته ما ينوف عنه مائة واثنتين وعشرين " هجرة " وكانت كل هجرة منها لفخذ من قبيلة وكان سكان هذه " الهجر" يدعون الاخوان ويميزون انفسهم بعصابة يلفونها على رؤوسهم بدل العقال التقليدي "[9] .

وبلاشك فإن فكرة إنشاء "الهجر" حملت دلالات متعددة، ولا تخلو الشروحات الآنفة من قوة، فعبد العزيز قد أضفى دون أدنى ريب معنى دينياً مفتوحاً ل على فكرة الهجرة، والتي بلا شك قد ألهمت بعض الباحثين بما في ذلك سيد قطب في "معالم في الطريق" لتكون أساساً لفكرة المجتمع المضاد الذي أراد ابن سعود تشكيله ليكون مكوناً من مكونات دولته المنشودة، فالهجرة تمثل أحد المصاهر الرئيسية لبناء وحدات اجتماعية متجانسة يراد لها أن تقضي على بذور الانشقاق الكامنة وصناعة مجتمع مؤهل للخضوع لسلطة ابن سعود.

ينضاف الى ماسبق، أن الاخوان بالتحامهم الشديد بالتعاليم الوهابية مثّلوا الدافع الرئيسي وراء تظاهر ابن اسعود بالالتزام الديني، وهذا لا يتعارض بحال مع الدور الذي لعبه هو في اعطاء حركة الاخوان مضامين دينية تتناغم واغراضه السياسية.

ولكن هل ثمة ما يستحق التأمل في السلوك الديني لرجال الاخوان؟

لقد أثار بالتأكيد سلوك الاخوان فضول عدد من الباحثين والمراقبين، فقد وصف أمين الريحاني غلو الاخوان بما نصه: "وهم في غلوهم يعتقدون ان من كان خارجاً عن مذهبهم ليس بمسلم فيشيرون الى ذلك في سلامهم بعضهم على البعض..السلام عليكم يالاخوان حيا الله المسلمين .واذا سلم عليهم سني او شيعي فلا يردون السلام "[10] وعن غلوهم في ابن عبدالوهاب فيقول محمد أسد "فان الاخوان كثيراً ما كان يستحوذ عليهم شعور مغالى فيه..ان كثيراً من مفاهيمهم كانت بدائية وأن حماستهم الدينية كثيراً ما قاربت الغلو"[11]، وكانوا على درجة كبيرة من التعصب المذهبي والالتزام غير الواعي بالتعاليم الدينية ومن قصصهم " ان في كل مسجد بالرياض..جريدة بأسماء الذين يصلّون فيه يقرأها الشيخ كل يوم صباح مساء، فاذا كان احد غائباً يزوره وفد من الاخوان في بيته ..اما اذا تغيب عن الصلاة ثانية بلاسبب فيعظونه ويوبخونه واذا كرر فعلته فيبسطونه لا محالة ويعملون في ظهره النخل او الخيزران "[12].

ولعل في هذا الغلو ما حرك شيئاً في الشاعر العربي بولس سلامة، كما في وصفه (الاخوان ) في ابيات من الشعر:

حسبوا لحقد والتعصب ديناً أي دين يبقى مع البغضاء

يا غلاة الاخوان ضيقتم الدين وزغتم عن منهج الحنفاء

ما رأيتم منه سوى الكبت والحقد وابداء نقمة وازدراء

وانتقاصاً من الشوارب والثوب وميلاً لغزوة وعداء

قد عرفناكم جنود مليك فمتى صرتم جنود السماء

شهداء للجهل كم من غبي مات من أجل فكرة جوفاء

عبثاً تطلب الشراب طهوراً أن يك الخبث من كيان الإناء

وثمة ما يدفع القادة السياسين السعوديين لنفي ضلوعهم في تغذية التطرف لدى الاخوان، ولكن ثمة عدد كبير من الباحثين يربطون تزمت الاخوان وغلوهم بإنشاء ابن سعود للمدارس الدينية التي كانت تستهدف استيعاب الاخوان ضمن تربية عقائدية صارمة وتفويض آل الشيخ محمد بن عبدالوهاب بادارتها وتغذية الاخوان بالتعاليم الوهابية بما يتلائم وطموحات عبدالعزيز السياسية يقول وهبة " لقد تشرب هؤلاء كثيراً من المبادئ والتعاليم واعتقدوا انها هي الدين وما سواها ضلالة كما اساءوا الظن بغيرهم من حضر نجد..وكان كثير منهم يعتقد ان لا اسلام لمن لم يسكن الهجر مهما كانوا عليه من الاسلام. وترك شرور البادية وعوائدها . فلا يبدأن غيرهم من هؤلاء بسلام ولا يردون عليهم السلام ولا يأكلون ذبائحهم.وذنب هؤلاء عدم الهجرة " ويزيد على ذلك "وكانوا يعتقدون ان الحضر ضالون وان غزو المجاورين واجب وانه القى عليهم هذا الواجب من قبل الله فلا يسمعون كلام احد في منع الغزو "[13]، وقد خدمت عقيدة الاخوان هذه اغراض ابن سعود فقد اصبحو تواقين الى شن الحروب على الكفار ولأن الكافر في عيونهم كان تقريباً كل من ليس من الاخوان فان حركتهم اصبحت سلاحاً في يد ابن سعود يستطيع ان يشهره في وجوه اعدائه[14]، وتمكن ابن سعود من صياغة ايديولوجية الفتح التي ملئت ذهنية الاخوان بطريقة جعلت منهم اداة فعالة في تنفيذ مآربه فقد تحولوا الى شوكة أبن سعود أيام الحروب[15]، وقد ساهمت التعبئة المذهبية في اوساط الاخوان بشكل كبير في جرهم لخوض حروب شرسة وارتكاب مجازر دموية في سبيل تحقيق مقاصد ابن سعود وفي توسيع رقعة سيطرته وقد كانت الوقعات تزداد والقتلى يزدادون عدداً كلما توسعت سيادة ابن سعود[16]، فقد كان اشباع شهوة الغزو والقتل مشتعلاً بالهوس الديني الظاهر في شعاراتهم مثل " أنا خيال التوحيد اخو من طاع الله .."و " هبت هبوب الجنة وين أنت يا با غيها .." وعقيدة متطرفة مثل" من عادى آل سعود يعادي الله ، فخذ عدو الله لعهد الله واغدر به "[17] وغيرها من التعاليم التي كان الاخوان يعتقدون أنها من صلب الدين فيما كان عبد العزيز يحقق من وراءها مكاسب سياسية.

لقد اطلق ابن سعود جيش الاخوان ليتوسع في بلاد الجزيرة العربية، ولكن بعد سقوط شمر وعسير والحجاز واجه الاخوان قوة الانجليز التي شكلت سداً منيعاً امام زحف الاخوان. فابن سعود لم يثبت فرامل في جهاز الاخوان يحول دون اثارة القوى الكبرى في المنطقة، فقد تربى الاخوان على تعاليم ابن سعود القاضية بان كل ما لم يصل له التطهير الاخواني فهو كفر محض ولا بد من غزوه واحتلاله لأن في الغزو: اشغال الاخوان، ورفاه اقتصادي.

ومن ابرز المعارك التي خاضها الاخوان الى جانب ابن سعود كانت في الحجاز. فقد دعا ابن سعود زعماء الاخوان وكبار العلماء وشيوخ القبائل وأعيان الحواضر الى مؤتمر عقد في الرياض في الخامس من يونيو عام 1924م شرح فيه ابن سعود وجهة نظر الاخوان فيما يخص المسألة الحجازية ورغبتهم في تأدية فريضة الحج وقرار الشريف حسين بمنع الاخوان من زيارة العتبات المقدسة، وبعد أن انتهى من عرض موقفه أمام المؤتمرين طلب من ، العلماء اصدار فتوى باعلان الحرب ضد الشريف حسين، فلبى العلماء الطلب واستعد الاخوان على الفور لتطبيق الفتوى فتقدم اربعة الآف رجل من الاخوان وقد ارتدوا احرام الحج وتجهزوا بالسلاح وتولى السلطان بن بجاد زعيم الغطغط وخالد بن نوى قيادة قوات الاخوان وأغاروا على الطائف وقتلوا حاميتها وفي السابع من صفر خرج جيش الشريف من المدينة فدخل الاخوان الطائف واوقعوا المجازر الرهيبة في سكانها ودمروا الاحياء السكنية وأعملوا السيف في رقاب عدد كبير من وجهاء مكة ونهبوا ممتلكاتهم كما قتل عدد من رجال الدين في الحجاز من بينهم مفتي الشافعية الشيخ الزواوي وابناء الشيبي، ونجا بعض من تظاهروا باعتناق المذهب الوهابي، وكان اشراف مكة يرددون " ان دعوة ابن سعود مذهبية لذلك لاتنجح خارج نجد . لا أمن في الجزيرة ولا راحة للعرب ومطامع ابن سعود تزداد يوماً فيوماً .." لقد دخل الاخوان الى مكة المكرمة والمدينة المنورة كفاتحين وانهم جاءوا لتطهير المدينتين من البدع فأزالوا المعالم التاريخية وحطموا الآثار الدينية وهجموا على المسجد النبوي وقد جاء في تقرير القنصلية الامريكية في عدن بتاريخ 17/8/1926م أن ابن سعود اطلق النار على قبر النبي.

وقد تركت هجمة جيش الاخوان بقيادة ابن سعود على الاماكن المقدسة آثاراً سلبية وفجرت موجة من الغضب في بلاد المسلمين واحدثت عمليات الدمار ضد مدافن رجال الاسلام اصداءاً واسعة قابلها المسلمون باصوات الاستنكار والاحتجاج. ففي 3 كانون اول ( ديسمبر ) عام 1925م جاء وفد ايراني برئاسة السفير جعفر خان جلال وقام بجولة في انحاء مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد الانباء التي ذكرت ان زعماء الوهابية من آل سعود دمرّوا قبور الصحابة واهل البيت، واضطر ابن سعود لتقديم اعتذار رسمي لرئيس الوفد الايراني الذي اشار الى ان قير السيدة خديجة والسيدة آمنة وبعض قبور اهل البيت والصحابة دمرت تماماً. وكتبت جريدة (المصور) المصرية في يوم الجمعة 4 ديسمبر 1925م تقريراً تحت عنوان " اهتمام العالم الاسلامي بتخريب الآثار المقدسة " جاء فيه "اهتم العالم الاسلامي بما تناقلته الصحف عن تخريب الوهابيين بعض الآثار المقدسة "[18] في الحجاز فأوفدت حكومة ايران لجنة لتحقيق ما حدث برئاسة السفير جعفر حان جلال. وقد تكرم بمقابلة مندوب " المصور " في فندق الكونتنتال وقال " كان اهم ما خربوه مقابر آل البيت وأخصها قبر السيدة خديجة والسيدة آمنة . قال السلطان ــ أي عبدالعزيز ــ بلغني خبر ماحدث ، حزنت لتأكدي إن لهذه الآثار حرمة وكرامة عند الكثيرين من المسلمين في انحاء العالم لذلك سأبذل جهدي في اعادة هذه الى ما كانت عليه " وبسقوط الحجاز تحت سيطرة ابن سعود بقيت عسير آخر معاقل الاتراك ونتيجة للظروف الاقليمية والدولية نجح ابن سعود في تصفية الوجود التركي في هذه المقاطعة.



الدين في الدولة

نشأت الدولة السعودية الحديثة في 12جمادي الأول عام 1351هـ الموافق 10ــ اغسطس سنة 1932م اثر اجتماع الطائف بين ابن سعود وجمع من رجاله وتم الاتفاق على الاعلان عن" المملكة العربية السعودية" ثم اصدر ابن سعود في 22 سيبتمبر ــ 21 جمادى الأول مرسوماً قرر فيه هذه التسمية وأصبحت السلطة المركزية بيد ابن سعود حيث" كان يمسك بيده زمام الامور بالبلاد"[19] رغبة في تثبيت سيطرته على البلاد وتركيزها واستبعاد كافة الهياكل الادارية القائمة في بعض المناطق وخاصة في منطقة الحجاز.

واعلان المملكة بحدودها الثابتة عنى توقف حركة الزحف وحمل ذلك تهديداً خطيراً لدولة ابن سعود، فقد بات الاخوان عبئاً على الدولة الناشئة. فالاخوان أُستعملوا كأداة لتشكيل الدولة بمعنى أنها أوصلت ابن سعود الى مرحلة بناء الدولة، اما بعد قيامها فلم يعد الاخوان مؤهلين للادارة خاصة وأن ابن سعود يريد اقامة دولة بأجهزة حديثة قائمة على تحالفات واتفاقيات شراكة دولية. فقد عارض، على سبيل المثال، علماء الدين في المملكة بمرارة اتفاقية الملك عبد العزيز مع شركة سوكال على أساس انها ستؤدي الى دخول الكفار الذين سيفسدوا الشعب عبر ادخال المسكرات والصور وآلات الشيطان ولكن الملك عبد العزيز لم يعتن كثيراً بالمعارضة الدينية وتجاوزها سريعاً[20].

كان تحقيق مشروع الفتح كإنجاز كبير للتحالف السعودي ـ الوهابي يمثل مفصلاً تاريخياً سيحدد دون أدنى شك طبيعة التحالف اولاً وطبيعة الادوار المستقبلية التي يمكن لرجال الدين ورجال الدولة ان يلعبوها بعد قيام الدولة. ومن الطبيعي ان يتغلب منطق الدولة على منطق الدين الذي أريد الحاقه بماكينة الدولة ذات الطبيعة الجبروتية، ولابد للمكر السياسي أن يتغلب على الطهرانية الوهابية، فقبول علماء الوهابية بأن يتكفلوا باسباغ المشروعية على السلطة السياسية قد اطاح بمفهوم التحالف التاريخي، وسيتطلب منهم بذل جهود مضاعفة لانتزاع جزء من سلطة كانوا يرونها حقاً لا يجوز للساسة المساس به.

فقد ظل الطموح الديني لزعماء المذهب ومازال هو الامساك بدفة التوجيه لنظام الحكم السعودي، واحتكار كلية المجال الديني بكافة مؤسساته ومصادره واستراتيجاته الدعوية داخلياً وخارجياً، فقد ساءهم التحول الى مطية يركبها الساسة، فبدلاً من أن يكونوا مصدر التشريع تحولوا الى اداة لتسويغ الممارسات السياسية.

لقد تبدلت بلا شك اغراض ابن سعود من الاخوان فقد أرادهم قوة فتح لبناء دولته وإن بقاء هذا الغرض في ثقافة الاخوان سيؤول للاطاحة بدولته، فكان لا بد من بديل ايديولوجي يسهم في تدعيم أسس الدولة الناشئة واستقرارها، وهذا يتطلب ابطال مفعول المشروع التوسعي وايقاف محركات التمدد خارج الحدود المقررة دولياً. وهنا تجدر الاشارة الى أن مشروع الحركة الدعوية الوهابية قائمة على أساس اعتبار ان العالم كله يمثل مسرحاً مفتوحاً لعملياتها الدعوية، بما يمثل ـ أي العالم دار حرب بالنسبة لها باعتباره مسكوناً بالمشركين والكفار وان تطهيرهم من الفساد العقائدي يتطلب غارات متصلة عابرة للحدود، وبالتالي فهذا المشروع يقف على طرفي نقيض مع الخارطة الدولية بالمعنى الجيوبليتيكي والنظام الدولي بالمعنى القانوني. في المقابل هناك دولة ابن سعود التي توقفت حدودها عند النقاط التي جرى الاتفاق عليها مع المعتمد الانجليزي، وجرى القبول بالنظام الدولي كاطار قانوني يجرى التعامل معه والتحاكم اليه باعتباره نهائياً[21].

ولعل ابن سعود أدرك خطورة التوجه الراديكالي للمشروع الديني الوهابي، ولذلك بدّل جبهات المواجهة من الخارج الى الداخل فقد أراد ان يحفظ كيانه السياسي من أي اختراقات تنطلق من داخل حدوده بما يثير قوى خارجية اقليمية ودولية، وفضّل تحويل المشروع الوهابي الى قوة استقرار داخلية. وهذا بالضبط يفسر قرار ابن سعود توظيف "المطاوعة" في عملية الضبط الداخلي، عبر ضمهم داخل لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر "الخاضعة بدورها للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي في مرسوم ملكي عام 1930م وبذلك تمكن من توجيه مهام المطاوعه وضبط حركتهم واستخدامهم كاداة ضبط سياسية تمتد الى القرى والبوادي والأرياف وتحقق هدفاً مزدوجاً : تبليغ الدعوة الوهابية وتثبيت دعائم السلطة السياسية الحديثة في البلاد.

وقد نشأت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر على يد الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ عام 1930م بالرياض ثم توسعت لتشمل مناطق اخرى في نجد والاحساء وضمت الشيخ عمر بن حسان آل الشيخ والشيخ عبدالرحمن بن اسحق آل الشيخ والشيخ عبداللطيف آل الشيخ، وانتظمت في داخل الهئية لجان تابعة لنظام لابن سعود وقد تولى حاكم الحجاز فيصل بن عبدالعزيز الملك فيما بعد ادارة الهيئة وهو بدوره كان مسؤولاً أمام أبيه الملك بن سعود. وتتلخص مهمة هذه اللجان في ملاحقة المخالفين للتعاليم الوهابية وإدخال المشتبه بهم في سجون الدولة وانزال العقوبات بمن ثبت اختراقه للتشريعات المذهبية الوهابية .

وقد كان المطاوعه المتحدرين من قبائل مناصرة لابن سعود، فيما مضى أعضاء في حركة الاخوان وقد عملوا كجهاز فاعل في المراكز التابعة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في تحقيق هدفين متداخلين في آن أولاً: نشر المبادئ الوهابية عبر اخضاع المجتمع لعملية توجيه صارمة وأن تطلب ذلك استعمال القوة، وثانياً:تحقيق الولاء للنظام السعودي الحاكم. وباختصار فان "المطاوعه "ربطوا شاءوا أم ابوا بين الولاء للسلطة وبين الولاء للدين الاّ أن الغلبة كانت في نهاية الامر لولاية السلطة التي استخدمت الولاء الديني كاداة للسيطرة.

وقد قيل بأن المنتسبين لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد بلغوا عشرة آلاف منتسباً في بداية تأسيسها عملوا من خلال اكثر من 120 مركزاً الا أن الرقم الحالي قد تجاوز ثلاثمائة ألف منتسباً يتوزعون على أكثر من عشرة آلاف مركزاً في أرجاء المملكة. ويصنف أغلبهم على الفئات الاقل تعليماً ودخلاً فيما كان لسوء الاوضاع الاقتصادية دور في التحاق عدد كبير من المنتسبين الى مراكز الهيئة حيث لا تفرض هذه المهنة مهارات خاصة بل على العكس فهي توفر مصدراً مالياً اضافياً لكثير من العوائل الفقيرة.

ومنذ أن وضع الفقيه والمكي الشيخ محمد بهجت البيطار، بطلب من قاضي القضاة التابع لابن سعود عبدالله البليحد، الشروحات على مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يحدد مهام "المطاوعه "اصبح الخطاب الديني في الهيئة بمضمون سياسي مما افقد الهيئة طابعها الارشادي. وغالباً ماينظر المواطنون الى"المطوع" كرجل دولة لارجل احتساب (من حسبة) بسبب الوسائل المتبعة عند العاملين في الهيئة اضافة الى الاهتمامات الثانوية التي ركزّ عليها فيما يخص بعض الظواهر الاجتماعية كمنع التدخين ومراقبة الاسواق وملاحقة أصحاب الشعور الطويلة وسوق الناس بالعصا الى المساجد ودفع اتباع المذهب الوهابي للمداومة على صلاة الجماعة وهي اهتمامات في ظاهرها حسنة، الا أنها بمرور الوقت تحولت الى مفردات داخل المشروع السياسي السعودي.

وبالرغم من المحاولة الجادة التي تمتت في 14 سبتمبر 1971 اثر تشكيل لجنة مؤلفة من ثلاثة وزراء ورئيس هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لاعادة النظر في التنظيم المتعلق بمهام هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في أنحاء المملكة، الا أن الامور ظلت تسير من سيء الى أسوأ. يؤكد ذلك تضخم جهاز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغياب لوائح تنظيمية محددة لوظائفه ومسئولياته، والذي وضع بدوره الجهاز والسلطة السياسية امام تحديات خطيرة داخلية.

ان القول بانحصار رجال الهيئة ضمن حيز النشاط الدعوي يبدو صحيحاً ايضاً رغم كونهم يمثلون مجتمعين كقوة ردع داخلية، فمازال قاراً في مشاعرهم تلك الرغبة الجامحة الى ابقاء السكان تحت تأثير نشاطه الدعوي وتركيز القيم التي ناضل السابقون من اجل ترسيخها في هذه الارض المفتوحة عنوة. فقبولهم بأن يتحولوا الى وكلاء عن السلطة في حفظ الامن لن يجعلهم بحال رهن سياسة هذه السلطة حينما تستنفذ اغراضها منهم او حينما يكونوا خطراً عليها وهو ماحصل فعلاً ابان أزمة الخليج بعد احتلال العراق للكويت في الثاني من اغسطس عام 1990م وقدوم القوات الاميركية بعد ثلاثة أيام من تاريخ الاحتلال مما أثار سخطاً عارماً وسط التيار الديني السلفي، ولعل ما زاد في وتيرة السخط مشاركة عشرة الآف مجندة أميركية كن يتجولن متبرجات في الاسواق والشوارع العامة بسياراتهن العسكرية، مما اعتبره "المطاوعة" تحقيراً للمشاعر الدينية واستخفافاً بقوتهم التي لم تعد مشمولة ضمن الحسابات العسكرية في حال قررت الدولة المواجهة مع الجيش العراقي.

وكان من بين الساخطين العلماء العاملن في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بما في ذلك رئيس الهيئة نفسه الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ الذي عبّر عن استنكاره من وجود الاميركيين والاميركيات كرد فعل على انكسار معنوي ربطه بالخوف من انتشار مظاهر استفزازية لمشاعر المواطنين، فأصدر أوامره للمطاوعه والدوريات لملاحقة تلك المظاهر، الاّ أن حظه قادهُ للفصل من منصبه. وفي يوم السبت بتاريخ 28/5/1411هـ الموافق 15 ديسمبر 1990م صدر أمر ملكي عن فهد بتعيين الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن السعيد رئيساً عاماً لهيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمرتبة وزير.

ويعد تعيين السعيد الأول من نوعه في تاريخ الهيئة ، فقد تلقى السعيد تعليمه الديني في الجامع الازهر وهذا خلاف الرؤساء الماضين الذين تخرجوا من المؤسسة التعليمية الوهابية. وقد فُسر القرار على أنه يتناسب وطبيعة المرحلة بعد التذمر الذي ساد اوساط العلماء الوهابيين إزاء وجود القوات الاميركية.

وفي سؤال لجريدة الرياض في 13 جمادى الآخرة 1411هـ حول التجاوزات المتكررة للصلاحيات المتاحة لرجال الهيئة من قبل الدولة رد السعيد بالايجاب، وأكد على تجاوز رجال الهيئة للصلاحيات المنوطة بهم ومن بين التجاوزات مداهمة المنازل والتدخل في شؤون الغير والتشهير بمرتكب مخالفة ما، كما أشارت الجريدة الى تطرف رجال الهيئة في انكار المنكر ودعت الجريدة الى محاكمة رجال الهيئة فيما يتصل بالممارسات والسلوكيات الخاطئة.

ولعل من المفيد الاشارة الى أن الارتفاع الفجائي في مداخيل النفط عام 1973 [22]، مكّن السلطة السياسية من توظيف الدين بكفاءة عالية وبسط سيطرتها على النشاط الديني عموماً. فاعتماد علماء الدين على الملك في الحصول على مخصصات مالية قد أدى الى زيادة سلطته الفعلية مع تدن مواز في مساهمة العلماء في تقرير المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد[23].

فالتنامي المتواصل لسطوة الدولة قد أدى وبوتيرة متزايدة الى انخفاض السلطة المستقلة للعلماء الذين باتوا ينشدون بدائل للحفاظ على قدر من التخارج مع الدولة. فالاخيرة ـ كما أدرك العلماء ـ تنزع الى تشديد الولاء الداخلي حولها وهذا يتحقق باندكاك العلماء في خط سير الدولة العام، وهذا يتطلب ايضاً انحباس العلماء ضمن آلية العمل المعدّة لهم والموضوعة في الاصل من قبل الدولة لابقائهم داخل أتونها السياسية. وبلا شك فإن قراراً كهذا قد خيّب آمال العلماء خلافاً لمقتضى التحالف التاريخي الذي انتهى الى تهميش دورهم واستثمارهم كقوة اسناد للسلطة وليس شريكاً تتقاسمها مع القادة السياسيين. ويشرح ذلك أيمن الياسيني بالقول "ان "العلماء "الحقوا بادارة الدولة فأصبحت قوانين الدولة تنظم نشاطات "العلماء ".والدولة بحكم تفردها بالسلطة وبالموارد واضطرارها الى صيانة استقلالها، لاتسمح بوجود سلطة دينية مستقلة اخرى ربما نافستها في كسب ولاء المواطنيين، وعلى ذلك وسعت الدولة سلطاتها ليشمل القطاع الديني"[24].

وكان خضوع العلماء تحت وطأة السلطة المركزية قد فرض نمطاً صارماً من التفسيرات الدينية الموجهة غرضاً لدعم التوجهات السياسية السائدة كما حصل في تجارب الحكم السابقة يقول حليم بركات(ان العلماء شكلّوا طبقة وخضعوا للحاكم في غالبية الحالات وفسرّوا النصوص الدينية من منظور الطبقات الحاكمة،..بسبب اقوال نشرّها بعض العلماء مثل الماوردي وابن تيميه على ان الخليفة او السلطان هو "حكم الله في بلاده وظله الممدود على عباده "و "امام عادل خيرمن مطر وابل، وامام غشوم خير من فتنة تدوم "و "طاعة الائمة من طاعة الله وعصيانهم من عصيان الله"و "اذا كان الامام عادلاً فله الاجر وعليك الشكر واذا كان الامام جائراً فله الوزر وعليك الصبر"[25].

فانثيال طبقة العلماء بطريقة مذهلة نحو الصراعات السياسية الداخلية أفقر قدرتهم على المناورة خارج اطار المساحة الجغرافية لنجد. فاصدار الفتاوى لتبرير اجراءات السلطة السياسية حرم العلماء من القدرة على بناء تحالف خير حدود نجد، فكل المناطق الاخرى داخل حدود الدولة السعودية قد أصابها القرح من فتاوى العلماء. ففي حربه مع اشراف الحجاز، كان ابن سعود يثير الاشرف لمنع الحج فيما يقوم هو بتحريك العلماء ويثير فيهم الحمية الدينية بهدف اصدار الفتاوي الرامية الى التعبئة العسكرية العامة في صفوف الناس بقيادة ابن سعود لتنتهي المناورة السياسية الى حرب مقدسة يكون الرابح الأول فيها هو ابن سعود نفسه فيما يتساقط الآف الأبرياء ضحايا فتوى العلماء!!

والحال نفسه تكرر في الصراع الداخلي في الأسرة المالكة في قصة إقالة الملك سعود بن عبدالعزيز والتي نفذها فيصل واخوته وحتى تكون الاقالة نافذة ومشروعة نجح محمد بن عبد العزيز في الحصول على مساندة افراد العائلة لفيصل وطلب من عميه عبد الله ومساعد ابناء عبد الرحمن بالحصول على مساندة العلماء حيث عقدت سلسلة من الاجتماعات مع العلماء في 29 مايو 1964 فأصدروا قرارهم بالابقاء على الملك سعود كعاهل للبلاد فيما يقوم فيصل بادارة كافة شؤون الدولة الخارجية والداخلية خلال وجود سعود او غيابه دون الرجوع اليه. وفي اليوم التالي اجتمع سبعون من الامراء في قصر محمد بن عبد العزيز واطلق الحاضرون على اجتماعهم "أهل الحل والعقد" وأسفر عن اجماع على ازاحة سعود عن العرش.

وبهذا تحوّل العلماء الى ورقة من اوراق اللعبة السياسية السعودية، جرى استعمالها في مناسبات عديدة لخدمة اغراض محددة. فالحاق العلماء بمؤسسة الحكم أريد منه تحديداً توفير ختم المشروعية لاضفاء الطابع الاسلامي فقد جرى توظيفهم في تأييد قرارات الحكومة الداخلية (الاعدامات واستقدام القوات الاجنبية، وقمع التمردات). ففي أحداث مكة في ديسمبر 1979 حصلت العائلة المالكة على أصوات 32 من كبار العلماء لاستخدام القوة ضد حركة جهيمان. وفي واقع الامر أن حركة العلماء جمدت عند حدود توفير الغطاء الديني لممارسات السلطة، وكان قبول العلماء بهذا الاطار فرض عليهم الخضوع للعبة السياسية بكافة أشكالها، وان تطلب اتخاذ مواقف متناقضة.



في الحلقة القادمة: السياسة الدينية السعودية



[1] - د. صالح بن فوزان الفوزان/ كتاب التوحيد ص 7

[2] - المصدر السابق ص 24

[3] - ديكسون/ الكويت وجاراتها

[4] - الخليج العربي ..دراسة لتاريخ الامارات العربية ص 90

[5] - الكويت وجاراتها / ديكسون ص 254

[6] - جلال كشك/ السعوديون والحل الاسلامي / ص 556

[7] - العطار/ صقر الجزيرة

[8] - محمد المانع/ الجزيرة تتوحد ص 559

[9] - معجزة فوق الرمال / ص 64

[10] - امين الريحاني/ ملوك العرب / ص 569/ 570

[11] - محمد أسد/ الطريق الى مكة

[12] - الريحاني/ ملوك العرب / ص 564

[13] - حافظ وهبة/ جزيرة العرب في القرن العشرين ص 312

[14] - المانع/ توحيد المملكة العربية السعودية ص 112

[15] - الريحاني/ ملوك العرب / ص 571

[16] - المصدر السابق ص 511

[17] - تالريحاني / اريخ نجد الحديث / ص 64

[18] - الريحاني، ملوك العرب، ص 507

[19] - د. عيد الجهني، مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية ص 59

[20] -Nadaf Safran, Saudi Arabia,: Ceaseless Quest for Security, p.61

[21] - في عام 1915 وقع ابن سعود اتفاقية الحماية مع بريطانيا والتي سمحت له بالسيطرة على كافة مناطق الجزيرة التي احتلها، كما قدمت له قدراً قليلاً من المساعدة فيما اضطلعت هي بمسئولية ادارة الشؤون الخارجية وفي جدة عام 1927 منحت بريطانيا ابن سعود استقلالاً تاماً في مقابل اعترافه بسيادة بريطانيا على قطر والبحرين وعمان والمشيخات المتنازعة (دولة الامارات العربية المتحدة حالياً): انظر: The Economist Intelligence Unit:Country Report 1992-1993 Saudi Arabia pp.3ff

[22] - كلود فوييه/ النظام السعودي بعد ايران/ص 9

[23] - اميل نخلة/اميركا والسعودية الابعاد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية ص 36

[24] - أيمن الياسيني/ الدين والدولة في المملكة العربية السعودية /المقدمة

[25] - ندوة(الاسلام والحداثة) عام 1989م بلندن عنوان البحث "الدين والسلطة في المجتمع العربي المعاصر "

salimo123
2013-01-11, 20:06
إشكالية المرجعية بين الأمة والدولة

الـوهـابـيـة وآل سـعـود

(1 من 2)

هـاشـم عـبـد السـتـار

تلفت الصياغات الأيديولوجية المبكرة للوهابية في منتصف القرن الثامن عشر الى رؤية طوباوية تميل الى موضعة العالم ضمن سياق دوغمائي يضمر تصميماً مبيّتاً على تغيير شامل جيوتاريخي. وكان التحالف السعودي الوهابي العام 1744 قد أخفى في داخله عناصر إشتباك مؤجّل، كشفت عنها لاحقاً محتويات أجندتين سياسية وعقدية، تنزع الأولى الى توفير مكوّنات الدولة، فيما تجنح الأخرى الى تخصيب عناصر بناء الأمة.
مثّل ظهور الحركة الوهابية في نجد والتطوّرات المتّصلة بها نقطة تحوّل دراماتيكية في تاريخ الجزيرة العربية والمنطقة بصورة عامة. وارتبطت هذه الحركة بإسم مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، القادم من منطقة شبه معزولة في الجزيرة العربية، أي قرية الدرعية في منقطة نجد. وكان الشيخ مأخوذاً بالإنحراف العقدي المزعوم عن الإسلام من قبل السلاطين العثمانيين، وأشراف الحجاز، وقادة قبيلة شمر في حائل، والشيعة في الأحساء والقطيف. وكتب في هذا الشأن أن الإسلام، فوق كل شيء، نبذ لكل أنواع الآلهة، ورفض السماح للآخرين بالمشاركة في العبادة الخالصة لله وحده. ويعرّف الشرك على أنه شرٌّ مهما كان موضوعه، سواء كان ملكاً أو نبياً أو قديساً أو شجرة أو قبراً. ولذلك، فإن الجيش العقائدي الوهابي أقدم على تدمير قبور صحابة النبي لأنها، بزعمه، أصبحت مورد تبجيل من قبل العامة. ويزعم الشيخ إبن عبد الوهاب بأن (أكثر الخلق قد أضلّها الشيطان..وبات جلياً أن الأرض ملئت بالشرك الأكبر وعبادة الأوثان).
حاصل هذه الرؤية، كما خلص إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أن نجاح الإصلاح الديني يتوقف على قدرته على إرغام غير المؤمنين للخضوع لنظام قهري، يضطلع بتوفير الحماية للدين ويكون وسيلة لبسط سلطته وانتشاره في الآفاق.
نواة الأمة

قبل نزوحه الى الدرعية، لجأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب الى العينة تحت حكم عثمان إبن معمر، الذي أبعده بأمر من حاكم بن خالد، سليمان بن محمد، المزوّد الرئسي للبضائع والمتكفّل بتأمين طرق التجارة في منطقة نجد. ويرد قرار الحاكم الخالدي الى إصرار الشيخ إبن عبد الوهاب على تطبيق الحدود (الرجم، والجلد) في العيينة، ما نبّه الى مسعى تحويل البلدة إلى نواة إمارة إسلامية.
بعد وصوله الى الدرعية، تم التوصّل الى توافق بينه وبين محمد بن سعود على قاعدة تقاسم السلطة، والتي أفضت الى تحويل الدرعية الى (دار هجرة وإسلام). وقد دعا أنصاره للهجرة الى الدرعية بغية الشروع بإقامة إمارة إسلامية. ومن قبيل الفائدة الإشارة الى تصوّر التيولوجيين الوهابيين بشأن هجرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من العيينة الى الدرعية، بوصفها هجرة دينية، تتساوى وهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة الى المدينة.
عثر الشيخ الطموّح ملجئاً في الدرعية، التي عمل فيها على تنشئة أنصاره على أفكار تيولوجية تبطن توجيهات سياسية بعيدة المدى ومفتوحة. وكان استحواذ الشعور بتشرّبه رسالة إنقاذية للمسلمين من أهل الضلال، يستحثّه على مزاولة دور رسولي عبر إرسال الموفدين والنداءات الى زعماء القبائل، وحكّام المناطق، والعلماء للإنضمام الى الدعوة الجديدة. تفسّر هذا الدور رؤية عقدية صارمة مفادها أن أولئك المسلمين الذين يسلكون مساراً متعارضاً مع الإسلام الوهابي هم أكثر جاهلية وشركاً من أولئك الذين نشأوا في (الجاهلية الأولى).
في ضوء هذه الررؤية، أرشد الشيخ إبن عبد الوهاب أتباعه لفصل أنفسهم نفسياً ومادياً عن المجتمع الجاهلي الذي يعيشون فيه والهجرة الى المجتمع البديل الذي كان في طور التشكّل في الدرعية، دار هجرة وإسلام. وهذا يدلل على أن إستكمال شروط الإسلام متّصل حميمياً بالهجرة الى المجتمع الجديد. وشدّد في نص بالغ الوضوح على أن (الهجرة فريضة دينية، ومن أفضل العبادات، وسبب صون دين العباد وحفظ إيمانهم).
ولذلك، كانت نجد تعتبر دار هجرة، منذ أن شرعت مجموعة من المسلمين بالهجرة إليها واستقرّت فيها مقتفية إملاءات الإمام. وأن أولئك الذين استوطنوا نجد حظوا بمعنى ديني وأسبغ عليهم مسمى (المهاجرين). وفي متابعة دلالات مصلطح (الهجرة)، والسياق الذي تم تطبيقه فيه، نجد بان الهحرة كانت المدخل والخطوة الحاسمة لجهة إعلان الجهاد، حيث تصبح الهجرة والجهاد متواشجين نظرياً وعملياً. وفي حقيقة الأمر، فإن تسلسل الأحداث تبدي بوضوح تلك العلاقة التراتبية بين المفهومين حيث لا جهاد بدون هجرة.
وفيما يرتبط بالهجرة، والتي تشير الى الإنتقال من بلاد الشرك الى بلاد الإسلام، يشرح الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ، أحد المتحدّرين من مؤسس الوهابية، هذا المفهوم على النحو التالي: ما يجب معرفته أنه حيثما ساد الظلم والعصيان، فإن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالهجرة من أجل حفظ هذا الدين وصون أرواح المؤمنين ضد الشرور فلا تخالط أهل الضلال والعصيان، حيث يتم تمييز أهل العدل والإيمان من طائفة الفساد والعدوان، وحينئذ ترتفع راية الإسلام..فبدون هجرة لا تقوم لهذا الدين من قائمة ولا يعبد الله، ومن المستحيل بدون هجرة أن يجحد بالشرك، والظلم والشر.
حاصل هذه الرؤية العقدية، أن عديداً من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب هاجر الى الدار الجديدة والإنضمام الى المجتمع الناشيء من المؤمنين المخصلين، حيث تم تنظيم وتالياً تجريد الحملات العسكرية ضد المناطق المجاورة. ولم يكن ذلك مشروعاً ما لم تقسّم العقيدة الوهابية العالم الى معسكرين: دار إسلام ودار حرب، أو دار المشركين، وتشمل كل المسلمين تقريباً، بإستثناء الفئة التي قررت الهجرة الى الدرعية واعتنقت المذهب الوهابي.
وفي رد فعل على العقائد التكفيرية الوهابية من قبل داوود باشا، الوالي العثماني في بغداد في الفترة ما بين (1817 ـ 1831)، أكّد محمد بن سعود على تلك العقائد ووصف رعايا الدولة العثمانية بالمشركين والكفّار. وبنفس اللهجة التيولوجية القاطعة، إعتبر الشيخ حمد بن عتيق (1812 ـ 1883)، وكان من العلماء الوهابيين البارزين في عهد فيصل بن تركي في الدولة السعودية الثانية، المدينتين المقدّستين في الإسلام بأنهما مدينتا شرك (كما ورد في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، طبعة مصر 1932 الجزء الأول).
بدا واضحاً، أن التكفير مندغم في مفهوم الجهاد والغزو، إذ بات الجهاد مبرراً عبر تكفير المجتمعات المستهدفة. أصبح آل سعود ملاذاً لنموذج الإسلام الوهابي، والذي تأسست عليه مشروعية حكمهم، فأصبحت الوهابية مذهب الدولة. وتم تثميرها ضد المعتقدات والمناطق الأخرى لأسباب سياسية. وأمكن الجدل، في ضوء ذلك، أن بدون الوهابية لم تكن عائلة آل سعود قادرة على حكم الجزيرة العربية.
وبموجب تفاهم صلب، دخل التحالف التاريخي بين آل سعود وآل الشيخ حيز التنفيذ سنة 1744، بهدف تحقيق مصلحة مشتركة: كانت الوهابية تبحث عن مصدر حماية، فيما عثر آل سعود في الوهابية على أيديولوجية مشرعنة. ومن الواضح، فإن الأهداف الإستراتيجية للتحالف تتخلص في الفتح والغنيمة.
http://www.alhejazi.net/images/ikhwan_300.jpg
جيش الإخوان
وبالرغم من أن التحالف كفل للأميرمحمد بن سعود وأبنائه حقوقاً سياسية، فيما ضمن للشيخ محمد بن عبد الوهاب وسلالته سلطة دينية، فإن العلماء الوهابيين مارسوا دوراً فاعلاً في الشؤون العامة. فقد حظي الشيخ إبن عبد الوهاب، على سبيل المثال، بسلطة مطلقة لإعلان الحرب والسلام، فيما كانت القرارات الصادرة عن محمد بن سعود وخليفته عبد العزيز بأمر منه. واستمرت هذه الحالة حتى بعد فتح الرياض سنة 1773، حين نقل الشيخ إبن عبد الوهاب جزءً من السلطة الى الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود، إلا أنه كان يعمل بموجب توجيهات الشيخ وتعليماته. في مواجهة ذلك، فإن التعاليم الوهابية تشدد على أن طاعة الحكّام فريضة دينية وأن من يخرجون عليهم هم عصاة.
وقد حشد علماء الوهابية الزخم الشعبي لترسيخ الحكم السعودي، حيث أملوا على العامة واجب دفع الزكاة لمؤسسة خاصة. وكانت الأخيرة توفد فرقة من جامعي الزكاة مصحوبة بحرّاس مسلّحين الذين يجوبون المناطق بصورة منتظمة لجمع الزكاة. كما وأمر الشيخ إبن عبد الوهاب بتطبيق صارم للشريعة، وخصوصاً في مجال الحدود. من نافلة القول، يختزن هذا الجزء من الشريعة دلالات سياسية واضحة، بمعنى أنه ساهم في إخضاع المجتمع بوصفه ـ أي قسم الحدود والتعزيرات ـ يمثّل خطوة جوهرية من أجل تأمين هيمنة الدولة.
في الدولة السعودية الأولى، أوفد الشيخ ابن عبد الوهاب ثلاثين عالماً الى مكة في عهد الشريف مسعود بن سعيد (1733 ـ 1752) للتبشير بالدعوة الوهابية. وحين علم إبن عبد الوهاب بأن الوفد تعرّض للإهانة والإعتقال، أصدر أمراً عاجلاً بإعلان الحرب ضد الحجاز. وبناء على حكم ديني، فإن سكّان الحجاز منحرفون عن الإسلام، الأمر الذي دفع بالقوات الوهابية ـ السعودية لغزو الحجاز سنة 1746. وقد أنكر الشيخ إبن عبد الوهاب شكل الإسلام السائد في الحجاز كونه مطبّقاً من قبل الحكم العثماني، والذي اعتبره غير شرعي. في الإدارك الوهابي، لقد حان الوقت لاستعمال القوة لتحقيق ما فشل الإقناع السلمي في تحقيقه.
هذه التجربة تلفت إلى أفق تيولوجي أوسع، حيث تدرج كل المسلمين تقريباً سواء ضمن تخوم الجزيرة العربية أو خارجها ضمن نطاق الاستهداف العقدي والعسكري. وهذه الرؤية الأيديولوجية مثّلت أداة التعبئة عبر التاريخ السياسي السعودي، حيث خضع كثير من المناطق بصورة سلمية للغزاة الوهابيين هرباً من الموت، كما جرى في مناطق من الجزيرة العربية.
وعموماً، يمكن المجادلة بسهولة بأن توحيد نجد مدين للعقيدة الوهابية التي نجحت في صوغ رابطة علوية تستوعب، وفي الوقت نفسه، تتجاوز خطوط الإنتماء التقليدية في نجد. فقد أمدّت الوهابية الروابط القبلية النجدية بإحساس متجاوز بالفخر، يحوي بداخله كل الروابط، ويخلق نظام معنى مستمد من التراث المشترك، الديني. وكان تعزيز دور الدين في نجد قد نجح في تحقيق إنجاز تاريخي لافت، والذي فشلت القوى الإجتماعية الأخرى في تحقيقه. فقد أنتجت العقيدة الوهابية رسالة جديدة، وتطلعاً مشتركاً، ورؤية كونية جماعية، تلهم القبائل النجدية قاطبة.
وفي الدولة السعودية الثانية، كتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رسالة الى المير فيصل بن تركي، جاء فيها: إعلم إن الله أنعم علينا وعليكم وعلى كافة أهل نجد بدين الإسلام، الذي رضيه لعباده ديناً، وعرفنا ذلك بأدلته وبراهينه، دون الكثير من هذه الأمة، الذي خفى عليهم ما خلقوا له، من توحيد ربهم، الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه..
وقد وقع أكثر من أنعم الله عليهم بهذه النعمة، في التفريط في شكرها، بالغفلة عنها، والتهاون بها، وعدم الرغبة فيها، والإشتغال بما يشغل عنها، من الرغبة في الدنيا..وبسبب الغفلة عن هذه الأمور الواجبة، وقع كثير من الناس في أشياء مما لا يحبه الله ولا يرضاه، كما لا يخفى على من نظر بنور الله..).
وفي رسالة أخرى، لفت الشيخ إنتباه الأمير الى أن (أهل الإسلام ما صالوا على من عاداهم، إلا بسيف النبوة، وسلطانها، خصوصاً دولتكم، فإنها ما قامت إلا بهذا الدين، وهذا أمر يعرفه كل عالم).
وفي أعقاب غزو مكة في أبريل 1803، كتب الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رسالة الى سعود الكبير وصف فيها أهل دعوته بالقول (أما بعد، فنحن معاشر غزو الموحّدين). وصوّر غزو مكة بالقول (أنعم الله علينا بغزو مكة يوم السبت الثامن من محرم سنة 1218هـ (= 29 أبريل 1803)، بعد مناشدة وجهاء وعلماء مكة وكافة أهلها من أمير الغزو بالعفو والأمان).
ويبدو لافتاً إسقاط تجربة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خلال فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة على تجربة غزو مكة من قبل الجيوش الوهابية السعودية، حيث يقول الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد إبن عبد الوهاب (عفا الأمير عن من كانوا بالمسجد الحرام، ثم دخلنا وكان شعارنا التلبية، مؤمّنين، وملحّقين رؤوسنا أو مقصّرين، لا نخشى أحداً من الخلائق، إلا من رب يوم الدين. وبعد إداء شعيرة العمرة، جمعنا الناس ضحى، وطلب الأمير من العلماء بالتسليم لما طلبنا الناس به وقاتلناهم لأجله، وهو التسليم الخالص لله..الخ).
ومنذ أسبغ الشيخ محمد بن عبد الوهاب معنى دينياً على الغزوات، بات أنصاره مجهّزين بسلاح حيوي، من أجل تعزيز النزعة التوسّعية للسلطة السعودية. وبحسب المؤرخ الوهابي إبن بشر، فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رفع راية الجهاد بعد أن كانت حروباً وغزوات. ولذلك، فإن القبائل النجدية تعهّدت للشيخ إبن عبد الوهاب وعبد العزيز بن محمد بأنها ستقوم بالجهاد ضد المشركين، ودفع الزكاة للدولة، ما يوحي بأن الدولة السعودية ـ الوهابية اكتسبت دلالات دينية، وحتى الجنود الذين إلتحقوا بمعسكرات التدريب كانوا على قناعة بأنهم باتوا جيش الفتح، وعليه، التزموا بواجب ديني وليس خدمة عسكرية محض.
يرجع التقويم الوهابي فشل الدولة السعودية في المرحلتين الأولى والثانية الى الفصل بين الملك والدين، الأمر الذي دفع أحفاد الشيخ إبن عبد الوهاب للعمل على إحياء مشروع الإمارة الإسلامية، بيد أن الصراع على السلطة داخل الطبقة الحاكمة، وغياب قيادة كاريزمية أجهضت محاولات العلماء.
الثنائية الوهابية

تتطلب الرؤية الكونية الوهابية قسمة العالم الى معسكرين: الأول يشمل المسلمين المطّلعين على تعاليم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والثاني يضم الكافرين من المسيحيين واليهود وغيرهم، والمشرّكين (من المسلمين غير الوهابيين)، والذين يعيشون حالة (الجاهلية).
وتملي هذه القسمة الأيديولوجية شكل إستقالة أو بصورة محددة عزلة عن المجتمع الجاهلي، كمرحلة أولى من تمرد سلمي على الواقع السائد، على أمل تشكيل مجتمع جديدة مشبّع بالعقائد الوهابية.
وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد طوّر مفهوم (الخروج)، كما وضع لبناته الأولى الشيخ إبن تيمية، بما يحمل في طياته بعداً سياسياً طموحاً. على النقيض من ذلك، فإن مدّ نطاق التكفير بحيث يشمل المجتمع قاطبة تطلب تعطيل معادلة راسخة في تراث الفقه السياسي الإسلام والقائمة على اساس أن وحدة المجتمع قائمة على وحدة السلطة، كون أن كلا الوحدتين فاسدتان، في التفسير الوهابي. ونتيجة ذلك، أن تغييراً شاملاً بات ضروراً، حيث لا أساس لخطر تفكك وحدة المجتمع، إذ أن مفهوم الجماعة ليس قائماً على توحيد الله، وعليه فإن الطاعة والجماعة غير قابلتين للتطبيق في هذا الصدد.
ينقلنا ذلك الى تاريخ نكبة الأمة الإسلامية في التقويم الديني الوهابي. بينما تعتبر غالبية المسلمين 24 مارس 1924، أي يوم سقوط الخلافة الإسلامية، ويعدّ القوميون العرب 5 يونيو 1967، يوم النكبة التي أصابت العرب في مقابل الدولة العبرية، يحدد الوهابيون يوم 10 فبراير 1258 يوماً لنكبة المسلمين بسقوط بغداد تحت الإحتلال المغولي. وبوحي من التصويرات الدوغمائية لدى الشيخ إبن تيمية، فإن سقوط الخلافة العباسية يمثّل نهاية الدولة الإسلامية المثالية، والتي تتطلب إعادة بناء الأمة على قاعدة تطبيق الشريعة، بحسب التفسير الحنبلي ـ الوهابي.
ويلمح هذا التفاوت الى الرؤية الأيديولوجية الوهابية للوقائع السياسية السائدة. بكلمات أخرى، فإن مشروعية الحكومات في العالم الإسلامي عقب سقوط الخلافة العباسية باتت الى حد كبير غير مؤكّدة. وهذا الموقف عكسه بوضوح سلوك الوهابيين إزاء الدول القطرية في العالم الإسلامي.
ثمة عنصر تيولوجي مندغم في المفهوم المركزي للسلطة الشرعية. ويلزم إلفات الإنتباه هنا إلى أن هذا المفهوم نشأ عقب سقوط الخلافة العباسية، ما يدلل على أن المشروعية الدينية والتاريخية قد تعطّلت مع سقوط بغداد. ولذلك، فإن الشيخ إبن تيمية شجّع تشكيل دول صغيرة دخل الدولة، الأمر الذي يوفّر فرصة العصيان ضد الدولة، على أساس عدم التطابق مع معايير الشريعة. وقد يكون ذلك ما جلب إهتمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب لاستحضار ميراث الإمارات الإسلامية خلال العصر العباسي، حيث يختفي المثال (الخلافة) أمام الواقع (الإمارة).
ويصوغ الشيخ إبن عبد الوهاب هذه المعادلة من منظور عقدي بأن الأئمة من كل المذاهب متّحدون على أن من غلب على أرض، فإنه يتمتع بامتيازات الإمام في كل الشؤون. لأن حتى قبل عهد الإمام أحمد بن حنبل وإلى يومنا، فإن الناس لم تتفق على إمام واحد.
http://www.alhejazi.net/images/faisal_al_daweish_210.jpg
فيصل الدويش: أحد زعماء الإخوان
وبالرغم من أن الشيخ إبن عبد الوهاب، أسبغ نظرياً أهمية إضافية على موقع الإمام/الحاكم، فإنه فشل في تجسيد هذا المفهوم على إمارة الدرعية. فقد فوّض لنفسه دوراً فريداً كإمام وحاكم. وهذا ما يتذكّره الناشطون السلفيون في الوقت الراهن، من بينهم الشيخ ناصر العمر الذي شدّد على سلطة سياديّة للعلماء على الحكّام/الأمراء.
قدّر لحلم الإمارة الإسلامية أن يرواد الأخوان الجدد بقيادة جهيمان العتيبي في نوفمبر 1979، والذي نجح في إستقطاب أتباع له من طلبة الشريعة والدعاة. وبوحي من حوافز دينية، فإن الأخوان الجدد أبدلوا دورهم كأعضاء في (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، لجهة الإنخراط في مشروع ديني ـ سياسي طموح، موجّه نحو تطبيق الشريعة وإقامة دولة ـ الأمة الإسلامية (=الخلافة)، كما رسم خطوطها النظرية العامة جهيمان العتيبي. ففي نشرة بعنوان (الإمارة والطاعة والبيعة) يحدّد جهيمان شروط طاعة الإمام، من بينها: القيام بأمر الجهاد، فإذا ما عطّله فلا طاعة له.
وما يثير الدهشة، أن زعيم القاعدة في العراق، أبو أيوب الأنصاري يسأل بحماسة لافتة الشعب العراقي: هل يضيركم عباد الله أن نحكمكم بالإسلام؟. جدير بالإلتفات إلى أن هذه المجموعة المسلّحة، والتي تقف في مواجهة المجتمع والدولة على السواء لجهة تأسيس (إمارة إسلامية) في ديالى العراق، تستلهم من مفهوم الخروج على الإمام، في حال عدم إلتزامه بمحددات الشريعة وأحكامها.
إبن سعود والأخوان: صدام مشروعين

نبّهت طبيعة ومتطلبات العلاقة بين العلماء والأمراء في التاريخ السعودي الملك عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة. وكان ظهور عبد العزيز في مطلع القرن العشرين قد أحيا تطلّعات علماء المذهب الوهابي عقب إحتلال الرياض سنة 1902.
في هذا السياق، بدأ مفهوم (الإمارة الإسلامية) بالتبلوّر تدريجياً بعد تأسيس أول هجرة في ديسمبر 1912 في الأرطاوية، شمال نجد، والتي وصفها المعتمد البريطاني في البحرين هـ. ديكسون (وكر صغير للوهابية). وكانت الهجرة مصممة لاستيعاب المقاتلين الجدد، الذين تم إخضاعهم لدورة تنشئة عقائدية على تعاليم الشيخ عبد الكريم المغربي. وبدأت حركة الإخوان بقيادة المغربي وفيصل الدويش، زعيم قبيلة مطير، بالتحوّل الى قوة عسكرية. وقد أثارت الحركة هواجس عبد العزيز، الذي أدهشته البنية التنظيمية المتماسكة، والتصميم الحازم، والإلتزام الصارم لدى الأخوان، إضافة، بطبيعة الحال، إلى التهديد الكامن الذي يشكّله هؤلاء لمشروعه السياسي.
بالنسبة للإخوان، فإن ثمة واجباً دينياً يملي عليهم شنّ الغارات على كل أرض يقطنها كفّار ومشركون، ومرتدّون، من وجهة نظرهم. وقد تحدّدت العلاقة بين الإخوان وعبد العزيز بنجاح الأخير في إعادة توجيه مسار الإخوان عبر إحتوائهم في ما يربو عن 120 هجرة، لجهة إعادة تأهيلهم، وصولاً إلى تفكيك البنى القبلية. وبدأت الخطة بتغيير مكان الإقامة، وبالتالي الوضع الإجتماعي (من البداوة الى التحضّر)، والحرفة (من الرعي الى الزراعة)، وأخيراً الأجندة السياسية (من قضية ذات أبعاد كونية الى مهمة ودور مقيّدين بالمشروع السياسي السعودي). ولكن إلى أي حد نجح إبن سعود يعتبر قضية أخرى، حيث أن التطوّرات اللاحقة تفيد بأن قادة الإخوان عارضوا بشراسة التحوّل المفاجىء في السلوك السياسي لابن سعود بعد إحتلال الحجاز. وفي هذا المقطع، فإن ثمة حاجة لتسليط الضوء على التبدّلات التي شهدها الأداء السياسي لابن سعود في الفترة ما بين 1902 ـ 1932، والتي تلمح الى صدام بين أهداف زمنية ودينية.
ويمكن المجادلة بأنه في غضون الفترة الزمنية من إحتلال الرياض سنة 1902 وحتى إحتلال الأحساء سنة 1913، كان عبد العزيز مجرد حاكم زمني يسعي لتحقيق أهداف دنيوية محض. ولكن دهشته المحفوفة بخطر قوة الإخوان كجيش عقائدي دفعته إلى إضفاء صبغة دينية على أغراضه السياسية، فخلع على نفسه لقب إمام.
وفي سنة 1916، ناشد عبد العزيز النجديين للإنضمام الى جيش الإخوان والإلتزام الحرفي بالفرائض الدينية، ودفع الزكاة. ويتّفق مؤرخو السعودية على أن إبن سعود أضاف عنصراً دينياً لمشروعه السياسي سنة 1915، وخصوصاً عقب معركة جراب سنة 1914، والتي أثبت فيها الإخوان بأنهم جيش قوي ومصدر تهديد لحكم إبن سعود ما لم يقدم على إحتوائهم ضمن مشروعه السياسي ـ العسكري. وقد استعان عبد العزيز بأحد علماء الدين من آل الشيخ لتحقيق هذا الهدف الكبير، حيث مهّد السبيل إلى إدماج الإخوان كرأسمال واعد في مشروع سياسي طموح.
وتواصل إلتزام إبن سعود بالرؤية الكونية الوهابية الى عام 1926، أي حتى احتلال الحجاز. في المقابل، تعهّد الجيش الوهابي بتقديم فروض الولاء لقائده السعودي طالما بقي وفيّاً للعقائد الأصلية للإسلام الوهابي، وتحديداً الجهاد.
بعد الحملة العسكرية على الحجاز، كتب الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق الى الملك عبد العزيز في فبراير 1924:..لا يخفى ما منّ الله به من فتح الحرم الشريف، وما حصل به من إعلاء كلمة الإسلام، وخذلان أهل الشرك والطغيان والآثام، وهدم ما أحدثه أهل الضلال، من القباب، والمقامات، والبنايات التي على القبور، هو من أكبر النعم عليكم، وعلى المسلمين (=أهل نجد).
اللافت أن عبد العزيز عبّر بلهجة دغمائية عن رأي مماثل بخصوص سكّان مكة، والذين اعتبرهم مشركين، وخاطب جون فيلبي قائلاً: لماذا، حين تعرّض أنت الإنجليزي واحدة من بناتك كزوجة أقبلها، بشرط وحيد هو أن الأبناء الذين يأتون عن طريق الزواج يجب أن يكونوا مسلمين، ولكن لن أقبل بنات شريف أو أهالي مكة أو المسلمين الآخرين الذين نعتبرهم مشركين. وسوف أأكل اللحم المذبوح من قبل المسيحيين بدون تردد. ولكن مصدر كرهنا هو المشرك، الذي يعبد الله بإشراك غيره في عبادته (مثل موضوعات أو مخلوقات من دون الله). فبالنسبة للنصارى واليهود فإنهم من أهل الكتاب).
ويزعم أيضاً بأن: (الصلاة قبل الكعبة أو الأنبياء أو الأولياء، البغاء، الربا، وأشكال مختلفة من الظلم والجهل للسنة كلها بدع ضد القرآن وهي موجودة في بلاد الشرك. وحتى الشخص الأقل ذكاءً يعلم بأن هذه البلاد (أي مكة المكرمة) مدانة بكونها ديار الكفر والشرك، خصوصاً إذا ما أبدى أهلها عداوة لأهل التوحيد، ويعملون ما في وسعهم من أجل إبعادهم عن ديار الإسلام. فهذا الشرك لا يأتي من أهل المدن. وقيل بأنها تأتي من الفخر والجهل..فالشرك باق بسبب عمر بن لحي).
وفي 5 يونيو 1924، جمع عبد العزيز قادة الإخوان، والعلماء، والوجهاء، وزعماء القبائل في مؤتمر بالرياض. وكان الهدف هو تعبئة المجتمع الوهابي وإقناع العلماء بإصدار فتوى دينية لشرعنة الحرب على الحجاز.
وفي أعقاب إحتلال جدة سنة 1926، إنشق التحالف بين عبد العزيز وقادة الإخوان عن إنقسام عميق تعيده إلى تناقض رؤيتين سياسية/زمنية/محلية وعقدية/عابرة للزمان والمكان/أممية، تتجابهان عند نقطة الإشتباك المباشرة الممثلة في عقيدة الجهاد.
فاق الإخوان على حقيقة مثيرة للفزع، حين اكتشفوا بأن إمامهم لم يكن سوى مجرد (طالب ملك)، وليس إمام هجرة وجهاد. ويرجع هـ. ديكسون الخلاف بين قائد الإخوان فيصل الدويش وإبن سعود الى الأفكار الجديدة التي ناصرها إبن سعود وعمل على تحقيقها بعد إستكمال مرحلة إحتلال الحجاز. تمظهرت هذه الإزدواجية في العلاقة الوديّة التي تشكّلت مع الإنجليز، المصنّفين في الرؤية العقدية للإخوان في خانة الكفّار، والإخفاق في الإلتزام الصارم بالتعاليم الوهابية. وكانت إنتقادات الإخوان ضد إبن سعود تدور حول شؤون دنيوية مثل: إيفاد إبنه فيصل الى مصر وانجلترا، كونهما بلاد الكفار، واستعمال البدع الحديثة (التلغراف، واللاسلكي..)، والسماح للقبائل العراقية بالرعي في أراضي نجد والحجاز، والفشل في إرغام سكّان الأحساء على اعتناق الوهابية، ومنع فيصل الدويش وسلطان بن بجاد من تولي الحكم في المدينة ومكة على التوالي.
وفي رد فعل، قام إبن سعود بمحاولات جادّة لجهة إرضاء الإخوان عبر العلماء، الذين كتبوا رسائل للدويش وإبن بجاد يحذّرونهم فيها من أي إنشقاق أو عصيان ضد حكم إبن سعود. وفي 5 نوفمبر 1928، عقد مؤتمر في الرياض من أجل تقديم إجابات على إتهامات الإخوان ضد إبن سعود، ولكن المؤتمر فشل في إقناع الدويش الذي قرر على الفور إعلان التعبئة العامة في صفوف مناصريه للبدء بحملة عسكرية ضد إبن سعود. وفي سنة 1929، إندلعت مواجهات شرسة في منطقة السبله إنتهت بمقتل الدويش فيما تم إلقاء القبض على إبن بجاد، وإيداعه السجن حيث توفي بعد ذلك، الأمر الذي أدى إلى انفراط جيش الإخوان.

salimo123
2013-01-11, 20:16
معركة السبلة _ المقتلة العضيمة _بين الوهابيين مع بعضهم بقيادة
فيصل الدويش وال سلول نعرفها
هل يستطيع صاحب الموضع ذكر معارك اخرى بين ال سلول وزعماء حركة الاخوان الوهابية الذين خرجوا عن طوعه
مابين عام 1928الى 1932
:1:
ويدكر لنا كيف كان الرصاص الصليبي الانجليزي حاضرا والحاسم على ارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهد الرسالة والتوحيد في من المهزوم ومن المنتصر _الى حين طبعا_
في انتظار تفصايل
مابين عام 1928الى 1932
من صاحب الموضوع عن معارك اخرى لخوارج الوهابية عن ملكهم في ذلك الوقت
بارك الله فيك لا طول علينا
اوكي
:mh31::19::1:

salimo123
2013-01-11, 20:19
الوهابية والعلاقة مع الغرب

فريد أيهم

إنشغل عدد من الباحثين في العقود الماضية على اقتفاء جذور الحركات السياسية في بلاد المشرق العربي وشمال أفريقيا وشبه القارة الهندية بالقوى الإستعمارية الغربية. وعكف كثير من الدارسين على اقتفاء الروابط الخفيّة بين الوهابية السعودية والقوى الإستعمارية الغربية منذ المرحلة المبكّرة لنشأة المذهب.
تنبّه الغرب الإستعماري، والبريطاني على وجه الخصوص، الى القوة الوهابية الصاعدة وسط الجزيرة العربية، من خلال كتابات الرحّالة أولاً ثم الجواسيس ثانياً، ثم من خلال الإتصال المباشر بهم في مرحلة لاحقة حيث جرى تثمير الوهابية السعودية في المواجهة الكبرى بين القوى الاستعمارية الغربية والدولة العثمانية، ثم في قمع حركة الاستقلال العربي التي تمثّلت في قيادة الشريف حسين والجيش العربي في الحجاز، والذي قضى على الثورة العربية الكبرى وحلم قيام الدولة العربية الموحّدة، حين رجحت كفة إبن سعود لدى الانجليز بعد أن وجدت فيه الحليف القادم في مقابل الشريف حسين أولاً، وفي مقابل مشاريع الاستقلال في المشرق العربي ثانياً.
من الملاحظات الهامة التي لم تحظَ بقدر جاد من الإهتمام أن الأدبيات الوهابية تكاد تخلو من أي موقف حيال القضايا العربية والإسلامية منذ ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحتى قيام الدولة السعودية في 1932. فقد جرت أحداث كبرى في المشرق العربي كانت جديرة بأن تحرّك العاطفة الدينية لدى الوهابية، كما حرّكت عواصم دينية في العالم الاسلامية بما فيها الأزهر والزيتونة والآستانة والنجف، فكانت البيانات تصدر تباعاً حول احتلال بعض الدول العربية من قبل قوى استعمارية، وتحرّض الشعوب على الإنضمام الى صفوف المطالبين بخروج المستعمر من بلاد المسلمين.
إذا أمكن اعتماد عام 1744، حيث بداية تاريخ التحالف السعودي الوهابي، إنطلاقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في النشاط السياسي العلني، فإنه منذاك وحتى قيام الدولة السعودية سنة 1932 لم يصدر بيان عن الشيخ ابن عبد الوهاب أو من أبنائه وأحفاده، أو بيانات جماعية صادرة عن علماء وهابيين حول قضايا تتعلق بالمسلمين المصيرية، أو ذات صلة بالقوى الاستعمارية. فقد كانت القوى الاستعمارية الهولندية والبرتغالية ثم الانجليزية والفرنسية تعيث فساداً في الشرق الإسلامي، ولم نقرأ بياناً واحداً أو انتقاداً ولو بصورة عابرة لممارسات الاستعمار بصورة عامة في أي من كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت 1791هـ).
في عام 1798 إنطلقت الجيوش الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت باتجاه مصر بهدف تحويلها الى قاعدة استراتيجية للإمبراطورية الفرنسية في الشرق، ولم نقرأ في أي من كتابات أبناء أو أحفاد الشيخ إبن عبد الوهاب من تعرّض بنقد الحملة الفرنسية على مصر، أو دعوة المسلمين لمناصرة الشعب المصري في جهاده ضد المستعمر.
وباستعراض عاجل للإستعمار الإنجليزي في المشرق الإسلامي والخليج نجد كيف كان التجاهل غير المفهوم من قبل علماء الوهابية. فقد احتلت بريطانيا إمارات الضفة الغربية من الخليج تحت عنوان معاهدات الحماية، فكانت البحرين وقطر والكويت وصولاً الى الساحل العماني خاضعة للنفوذ البريطاني؛ وفي سنة 1820 كان الجانب الغربي من الخليج بريطانياً، ولم نعثر على بيان احتجاج من أي من علماء الوهابية على ذلك.
وحتى حين جرت أول محاولة لاحتلال بريطانيا لمصر عام 1807، لم يصدر ما يفيد باعتراض علماء الوهابية، بل إن الاحتلال الإنجليزي لمصر عقب اندلاع الثورة العرابية سنة 1882 والذي دام حتى سنة 1923 لم نجد موقفاً لعلماء الوهابية من احتلال أرض الكنانة، وكذا الحال بالنسبة للسودان أو الصومال، أو العراق التي يتباكى عليها السلفيون الوهابيون اليوم لأنها أصبحت تحت حكم الأغلبية الشيعية، فلم يصدر بيان واحد ولو عن طريق الخطأ حين دخلت القوات الإنجليزية البصرة سنة 1914، وتوالت عمليات احتلال المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى بدءاً من البصرة عام 1914، ومروراً بالكوت سنة 1916، فبغداد 1917، والموصل سنة 1918، وبقيت بريطانيا تحكم العراق تحت الإنتداب. وحين وقعت ثورة العشرين ضد الإنجليز سنة 1920 لم يصدر بيان مناصرة من علماء الوهابية لثورة الشعب العراقي.
وبمناسبة الثورة الليبية التي يحاول الوهابيون إظهار أنهم من أشد المناصرين لها والمدافعين عن حقوق الشعب الليبي، نذكّرهم بالإحتلال الإيطالي لليبيا في أكتوبر 1911، حيث صدرت البيانات المندّدة بالغزو الايطالي والمطالبة بالجهاد ضد المستعمر دفاعاً عن بيضة الإسلام، ولم نقرأ بياناً من علماء الوهابية يندّد بالغزو الإيطالي، أو يفتي بحرمة تمكين غير المسلم من بلاد المسلمين.
ولنا في قضية فلسطين وقفة مرارة، فقد جرت ويلات على فلسطين الأرض والشعب والمقدّسات ولم يصدر ما ينبىء عن حميّة وهابية على الإسلام أو المسلمين، فقد قامت بريطانيا باحتلال فلسطين ودخلت غزّة عبر مصر بعد قتال مع القوات العثمانية (التي لم يناصرها الوهابيون لا في السلم ولا في الحرب بل اعتبروها جزءً من دولة يعتبرونها كافرة مبتدعة وهي الدولة العثمانية)، ثم احتلوا بئر السبع ويافا وفي عام 1917، دخلوا القدس، وهو العام نفسه الذي أطلق وزير الخارجية البريطانية بلفور وعده بإقامة وطن قومي لليهود، وثم أعلن الانتداب البريطاني رسمياً على فلسطين في مايو 1921، واستمر حتى قيام الدولة اليهودية سنة 1948. وقد جرت أحداث كثيرة خلال تلك الفترة من بينها ثورة 1936 والتي استمرت ثلاث سنوات متتالية، ولم يظهر ما يفيد بأن علماء الوهابية تصدّوا لمثل تلك الأحداث المأساوية الكبرى، بل إن ما قام به الملك سعود (ولي العهد حينها/ اي عام 1933) في زيارته الى فلسطين كان بهدف القضاء على الثورة، حتى خاطبه الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود:
يا ذا الأمير أمام عينك شاعرٌ/ ضمّت على الشكوى المريرة أضلُعهْ
المسجد الأقصى أجئت تزورهُ؟/ أم جئت من قبل الضياع تودّعه؟
وما جرى على فلسطين من قبل الإنجليز جرى شبيهاً له في شرق الأردن التي كانت من نصيبهم بموجب مؤتمر سان ريمو عام 1920، فأصبحت الأردن تحت الانتداب البريطاني سنة 1923، وكذا يقال عن المغرب التي لا يزال جزء منها ضمن السيادة الأسبانية في سبتة ومليلة.
أما الاستعمار الفرنسي الذي تشكّل الجزائر عنوانه الأبرز لبشاعة صوره وبسالة صورة المقاومة ضده، فقد سقطت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي منذ العام 1830 لغاية 1962، ولم يتذكّر الوهابيون علماء أو أمراء هذه المنطقة العزيزة التي تغنّى شعراء العرب ومناضلوهم وعلماؤهم ببطولة الشعب وثورته وتعلّم منها دروساً في الكفاح. وبعد احتلال الجزائر تسهّلت مهمة الإستعمار الفرنسي في تونس التي أجبرت الباي على توقع معاهدة باردو سنة 1881 ومن ثم معاهدة المرسى ولم تنل تونس إستقلالها الا سنة 1956، وهو نفس العام الذي حصلت فيه المغرب ايضاً على استقلالها.
دول عربية أخرى مثل جيبوتي وسوريا ولبنان خضعت للنفوذ الفرنسي أو الاحتلال عبر الانتداب، ولكن حين نطالع بيانات علماء الوهابية في نجد وكتبهم لا نجد موقفاً واحداً لافتاً كالذي نجده يفيض حماسة وتحريضاً على الثورة ضد الدول التي تعتبر خصوماً على خلفية طائفية كما في سوريا أو العراق أو لبنان أو البحرين ولكن بصورة مناقضة.
من يراجع الأدبيات السياسية الوهابية لا يعثر على مواقف لاهبة كالتي برزت في العقود الثلاثة الأخيرة، كما في قضية أفغانستان، أو الشيشان أو باكستان وكشمير وحتى فلسطين وسوريّة، فهي قضايا طارئة فرضها الصراع الدولي، ولأن السعودية كانت ولا تزال جزءً من لعبة الكبار خلال الحرب الباردة، فإن من الطبيعي أن تشجّع حلفائها في الداخل على الإنخراط في موضوعات الغرب، ولكن ضمن حدود رسمتها لهم. وإلا مالذي دفع علماء الوهابية وعلى نحو عاجل الى تشجيع الشباب على الهجرة والجهاد في أفغانستان، وكفلت لهم الغطاء الديني والمالي والسياسي والأمني، ولماذا لم نجد هذا النفير في موضوعات أشد خطورة وأهمية في فلسطين مثلاً؟!.
http://www.alhejazi.net/images/4_wahabies_500.jpg الوهابية عدو للثورات. صمتت دهراً ونطقت كفراً! غابت كل القضايا المصيرية المطروحة إبان الفترة الاستعمارية عن سمع ونظر الوهابيين، وكل ما يقال عن مواقف تاريخية جاءت متأخرة، وأن إمعان النظر في المتأخر منها نجده متخاذلاً في جوهره، كالمواقف المتحوّلة لدى الشيخ بن باز أو من جاء بعده مثل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وهي مواقف تنطوي على تبريرات متسامحة في الصلح مع الكيان الاسرائيلي، الأمر الذي يضعها في سياق مبادرة الاستسلام التي قدّمها الملك عبد الله في مارس 2002، فكانت أسوأ من مبادرة الملك فهد في فاس العام 1981، أو تحريم التظاهر من أجل أهالي غزة في العدوان الاسرائيلي في ديسمبر 2008 ـ يناير 2009.
بعد هذا الإستعراض المقتضب نقترب من الصورة التي حاول محمد طعيمة أن يرسمها عن الوهابية وتاريخ التبعية للغرب، حيث ينطلق من الرؤية المحقونة بالزهو والتباهي لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل الذي قال بأن (العرب مدينون لبريطانيا، وحدها، بوجودهم كدول. نحن من خلقها). مع أن هذا القول فيه مغالطات كبيرة للغاية كون بريطانيا كانت مسؤولة عن خلق دولتين وجدا من العدم وهما الدولة العبرية والدولة السعودية، إضافة الى الدولة الأردنية. أما بقية الدول فهي عريقة كبلدان ثابتة على خرائط الدول. لكن أشهر رؤساء وزراء الإمبراطورية، التي لم تكن تغرب عنها الشمس، كان محقاً نسبياً في ما يتعلق بعرب الخليج.
يقول طعيمة، في ذاكرة تشرشل، ومن سبقوه في رسم (خرائطنا)، لعبة شعبية بريطانية يتقاتل فيها (الأسقف) و(الشيخ/رجل الدين) محمد علي، مؤسس مصر المدنية الحديثة، الذي لم يكن شيخاً بالطبع، لكنّه اللعب بالدين.
في كتابه (الإفريقية الآسيوية)، الصادر في 1956، يُثمن المفكر الجزائري الإسلامي مالك بن نبي (تفادي ثورة يوليو المصرية ما أراد الغرب أن يسجن فيه العالم الإسلامي، باستدراجه للتركيز على قضايا جانبية وإدارة الظهر للقضايا الأساسية وللتوجهات الكبرى، ليعطّل أو حتى يوقف تطور المسلمين). كانت دولة عبدالناصر نموذجاً متطوراً نسبياً لتجربة محمد علي.
ويلفت طعيمة الى أن نموذج محمد علي بقي (عفريتاً) يخشى الغرب تكراره، عبر بناء دولة مدنية قادرة على حماية ثروات شعوبها، فكان (الإستدراج) هو الوجه الثاني لـ (تديين) صراعه مع الشرق العربي. وهو، وإن حافظ على (صليبية) خطابه المحلي في صراعه مع العرب، حتى في لعب الأطفال، طوّر توظيفه للدين عربياً ليحوّله إلى (سوس داخلي) ينخر أية فرص لتقدم العرب/المسلمين. من أجل ذلك، كما يخلص طعيمة في قراءته لتجربة الاستعمار في لعبة التديين، إستحضر عدواً تاريخياً لمدنية محمد علي، أي تحالف آل سعود والوهابيين، الذين قضى والي مصر على دولتهم الأولى، وأذلّهم إبنه إبراهيم باشا بإجبارهم على سماع الموسيقى!
كانت الوهابية هي (السوس) التي رأى (خالق الخرائط) أنّها ستستدرج الشرق العربي إلى نمط فكري ديني، يُلهي شعوبه عن أي تقدم.
قبل الربيع العربي، ومنذ عقود، يعايرنا الغرب بـ (واحة الديموقراطية الوحيدة) في المنطقة، إسرائيل. وقبل سنوات، دشّن حملة ابتزاز لنظم حكمنا، شعارها الدمقرطة، بالتزامن مع حربه ضد (الإرهاب الإسلامي). قد يرد بعضنا على الغرب بأنّ إرهاب (القاعدة) صُنع في مطابخ استخباراته تحت شعار الجهاد ضد الشيوعية. وقتها كان المسؤولان عن الملف إقليمياً هما نائب رئيس مصر حسني مبارك، وولي عهد المملكة العربية السعودية عبدالله آل سعود. لكن الرعاية الغربية لـ(سوس) الإسلام أقدم تاريخياً من القاعدة.
ويمضي طعيمة في قراءة نقدية للعلاقة المجذومة بين الوهابية والاستعمار الغربي، ويضيء على نقاط التناقض بينهما، ويقول بأن من (أشيك) شعارات الدمقرطة الغربية هي (تمكين المرأة). يقول طعيمة (نحن العرب لدينا إمرأة عربية هي فاطمة الزامل السبهان القويعي، التي كانت «مُمَكنة» فعلاً قبل مائة عام، في قلب البادية، وقبل أن تمنح دول أوروبية عديدة حق التصويت لنسائها. حكمت فاطمة إمارة حائل في 1911، كوصيّة على حفيدها سعود الرشيد، الذي كان طفلاً حين قتل الأمير سعود الحمود الرشيد، تاسع حكام الإمارة في 1908. كان الطفل منفياً لدى أخواله، لكن «نظام» توارث العرش حماه، ليُستدعى ويتولى الحكم تحت وصاية خاله، ثم جده. وبعد وفاتهما بالتوالي، إختار شيوخ الإمارة جدته فاطمة وصية وحاكمة. كانت مثقفة وذات وعي سياسي متطور، ملأت الخزانة ودعمت الأمن الداخلي والعلاقات الخارجية، وتميزت كـ «قائدة للجيش النظامي ومُطورة لخطط تسليحه». أثناء وصايتها الرسمية، لم تخض أي حرب، فآل سعود، العدو الأول لحائل، وقّعوا إتفاقية ترسيم الحدود مع الإمارة في 1907، لكن سياسة فاطمة مهّدت لأكبر إنتصار لحائل على آل سعود، في صراعهما الذي يعود للقرن الثامن عشر. هكذا، بعد سنة واحدة من تسليمها الحكم نظرياً لحفيدها وعمره 15 عاماً، كانت تُلحق بالسعوديين هزيمة افتقدوها منذ 1902، عُرفت بـ (معركة جراب)، لتسترد إمارة الجوف وتوابعها. قالت المندوبة السامية البريطانية غرترود بيل بأنّه (لا أحد يكره الوهابيين والسعوديين كما فاطمة السبهان). حين قُتل الحفيد، بعد وفاة الجدة، ترك ضمن زوجاته الأميرة الفهدة، ليتزوجها في ما بعد عبد العزيز، مؤسس دولة آل سعود الثالثة، وتنجب له عبدالله، الملك الحالي، والأميرتين صيته ونوف.
كانت لإمارة حائل عاصمة ولغة وديانة رسمية، ودستور عُرفي يصف نظام حكمها بالملكي وينظم توارثه. بعد إرهاصات إمتدّت لأكثر من قرن، تأسّست رسمياً في 1834، على يد عبدالله وأخيه عبيد العلي الرشيد. وفي عصرها الذهبي 1873 ــ 1897، لم يخف حاكمها محمد العبدالله الرشيد إعجابه بتجربة محمد علي.
لا نتحدث عن كيان عابر، بل عن دولة توسعت لتضم بين 1850 و1902، المناطق ما بين جنوب دمشق وشمال نجران قرب اليمن، وما بين حدود الحجاز حتى نجد. إنتهت إمارة حائل في 1920 على مذبح (الإخوان)، الاسم الرسمي لعصابات آل سعود المُقاتلة، التي تزخر الوثائق البريطانية بقصص وحشيتها ضد مُخالفي مشروعها الديني، الوهابية، الذي تتزاحم في خطابه، ظاهرياً، شعارات عداء الغرب وديانته. كانت لندن مموّل (إخوان) آل سعود ومصدر تسليحهم.
في 1927، حلّ بن سعود عصابات الإخوان وذبح قادتها. خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر والثلث الأول من القرن العشرين، تنافست ثلاثة مشاريع على حكم جزيرة العرب العائمة على النفط: آل رشيد/حائل، آل سعود/نجد، الهاشميون/الحجاز. وحدها العائلة السعودية كانت الأوثق ارتباطاً بالغرب، ومن عاصمته المركزية حينئذ، لندن، تأتي عطايا وأسلحة شيوخها. والعائلات كلّها ترد شرعيتها لشعارات دينية، الفارق الوحيد بينها في (مفهوم) الإسلام الذي تريد السيطرة به.
إختفت دولة آل الرشيد، وتمّ تعويض الهاشميين بـ(اختلاق) إمارة شرق الأردن كـ(كيان وظيفي)..إنحاز الغرب لبقاء وتوسع المشروع السعودي الوهابي، الأكثر عداوة لثقافته، لكنّه عملياً يستدرج المسلمين نحو مزيد من التخلف. إنحاز، خالق الخرائط، لدولة يُلهينا خطابها الديني بعداء (الغرب الصليبي)، بينما سياستها تصب في خزانة الغرب الناهب.
الوهابية وربيع العرب

لم يلتزم علماء الوهابية الصمت حيال ما جرى في تونس بل سارعوا لإدانتها وضرورة إطاعة ولي الأمر بن علي، خاصة وأن التظاهرات تسبب الفوضى والفتنة وتخدم الشيطان! ولمّا اندلعت المظاهرات في مصر عارضها علماء الوهابية والمفتي العام واعتبروها مدخلاً للفتنة، والفوضى، وتخريب المصالح وتعطيلها، وحين انتصرت ثورة الشعب المصري بطريقة لم تؤدِ الى ما ذكره العلماء لم يبارك العلماء للشعب المصري خلاصه من طاغوت أو حتى يعزّيه في شهدائه، بل ما لحظنا هو خروج الجماعات السلفية الوهابية من أوكارها في مصر لتنخرط في الثورة بعد نجاحها لجهة حصاد الثمار ومقاسمة الشعب المصري الثائر مكاسب الثورة. فإذا كان علماء الوهابية لا يؤمنون بالثورة ويعتبرونها عملاً غير صالح، لماذا أجازوا لأنصارهم في مصر بركوب موجة الثورة، وصاروا يرفعوا شعاراتها بعد تحريفها مثل (الشعب يريد تحكيم الشريعة) وأمثالها، أليست تلك انتهازية فاضحة؟
في ليبيا، التي حتى وقت قريب كان بعض مشايخ الصحوة مثل الشيخ سلمان العودة والشيخ عايض القرني يزورونها ويقبلون أعتاب حكامها، بدعوة من نظام معمر القذافي وأبنائه، ويدخلون في وساطة بين النظام والجماعة الليبية المقاتلة وهي جماعة سلفية تحمل فكر الوهابية، وبمجرد أن اندلعت الإحتجاجات الشعبية فيها حتى بدأت عملية (لي الألسن)، في محاولة لتصوير أن ما كان يجري في الماضي ليس سوى جزء من (النضال) ضد العقيد القذافي الكافر (بحسب فتوى ناصر العمر)!
لا نسمع من علماء الوهابية من يتحدث عن الثورة الشعبية في اليمن أو الثورة الشعبية في البحرين، وهما ثورتان سلميتان وللغالبية الشعبية في البلدين مطالب مشروعة ومحقّة يعبّرون عنها بطريقة سلمية وحضارية. ما يلفت أن الموقف الوهابي متطابق تماماً مع الموقف الأميركي والغربي حيال ثورتي اليمن والبحرين، حيث لا يعتبرهما الأميركيون جزءً من ربيع العرب، ولذلك يسقط المسؤولون الأميركيون ثورتي اليمن والبحرين من أحاديثهم وتصريحاتهم عن ربيع العرب.
وما يتطابق في تصريحات الوهابية والغرب هو التأييد المطلق للثورة في سورية، وهي ثورة تستحق التأييد على كل حال، ولكن ليس على سبيل الإبتزاز والإنتهازية، وإنما من أجل عيون الشعب السوري وحده وليس من أجل عيون الغرب أو مصالح فئوية وطائفية، لأن الشعب السوري، شأن الشعوب العربية الأخرى يستحق الحرية والديمقراطية ونظام عادل، ولكن هذا التأييد الوهابي النادر جداً للثورة السورية دون باقي الثورات العربية يثير شبهة كبيرة، فهو الذي يمانع حد التحريم خروج التظاهرات المؤيّدة لسكان قطاع غزّة المظلومة والباسلة إبان العدوان الاسرائيلي في العام 2008 ـ2009، مالذي يدفع به للتحريض على قتل ثلث السكان في سورية من أجل أن ينعم الثلثان، كما قال صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى السعودي السابق. ففي أي دين لله عزّ وجل أحلّ هذا السفك السفيه والمفرط للدماء، فيما شنّت كل حملات التهويل الممكنة في الداخل السعودي من أجل منع التظاهر، حتى تحوّلت الى مثابة (الخروج عن الملّة)، و(خيانة الوطن)، و(الضلال المبين عن دين سيد المرسلين)، فبأي حديث عن الثورات تؤمنون، وأنتم في غيّ الغرب سادرون؟
(javascript:onClick=history.go(-1);)

hope987
2013-01-12, 15:28
5000 أميرو أميرة في السعودية مصاريفهم 200 مليار دولار كل سنة و من يريد مثال عن الأخلاق الحميدة لهاؤلاء الأميرات و الأمراء عليه أن يبحث عن هذا الإسم فقط "مها السيدري"
أكبرإرهابي في القرن 21 جورش بوش الإبن أستقبل إستقبال الأبطال الفاتحين في السعودية
و لا حركة تجاه ما يحدث في فلسطين سواء فيما يتعلق بالعدوان المسلح من قبل الصهاينة أو فيما يخص عمليات الإستيطان و تهويد القدس
...الخ مما يندى له الجبين و لا أحد ينكر عليهم لا أحد..........................
قال عبد الرحمن الكواكبي "الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان ، فيسوق الناس إلى إعتقاد أن طالب الحق فاجر ، و تارك حقه مُطيع ، و المُشتكي المُتظلم مُفسِد ، والنبيه المُدقق مُلحد ،و الخامل المسكين صالح ، و يُصبح - كذلك - النُّصْح فضولاً ،و الغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة ، و الرحمة مرضاً ، كما يعتبر أن النفاق سياسة و التحيل كياسة و الدنائة لُطْف و النذالة دماثة" هذه المقولة الذهبية تنطبق على كل الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج دون إستثناء
و السلام عليكم و رحمة الله

عبدالحق صادق
2013-01-16, 22:53
اود ان اسال المشرف هل قوانين المنتدى تسمح بمشاركات لا تخص الموضوع

عبدالحق صادق
2013-01-16, 22:55
للإسلاميين الثوريين ( 2/3)

صفة الواقع الحالي و نتائج سلوكهم :
- ازدياد الفرقة في الأمة فأصبحت بين أبناء الوطن الواحد و بين التيارات الإسلامية.
- الإساءة لسمعة الإسلام و المسلمين و خاصة المسلمين الموجودين في البلدان الغير إسلامية.
- تنفير الآخرين من الإسلام .
- تنفير المسلمين أنفسهم من العودة للإسلام .
- إزهاق الأرواح البريئة و تخريب الممتلكات
- إيجاد الذرائع للحاقدين على الإسلام و المسلمين لتحقيق أغراضهم الشريرة.
- إيجاد المبررات لانتشار الفكر التغريبي البعيد عن ثقافتنا الإسلامية بعد أن ابتعد الناس عنه.
- إيجاد المبررات لمن بيدهم السلطة من أبناء جلدتنا ولا يعجبهم العودة للإسلام لمحاربة التدين و المتدينين.
- التضييق على الجمعيات الخيرية الإسلامية و الحد من فاعليتها و هذا انعكس سلباً على الفقراء و المساكين و المنكوبين و العمل الدعوي و الإسلامي بشكل عام في الظروف الصعبة التي يمر بها العالم
- إثارة المتطرفين و الحاقدين على الإسلام و إيجاد المبررات لهم لاحتلال بلاد المسلمين
- إثارة الطائفية و الأحقاد بين المسلمين
- إضعاف الأمة أكثر مما هي ضعيفة
- هدر طاقات و مقدرات الأمة و الأوطان و هذا أدى إلى مزيد من الفقر و البؤس و البطالة و الجهل و التخلف و قلة الخدمات و هذه تربة خصبة لانتشار الرذيلة و شتى أنواع المفاسد في المجتمعات .
- إيجاد الجو المناسب لذوي الجشع و الأخلاق المنحطة لتصفية حساباتهم مع خصومهم .
- دفع الحكومات لإعطاء تنازلات أكثر للأعداء .
- ضياع جهودهم سدى فلم يستفيدوا منها لأنه لن تسمح لهم جميع الدول إسلامية و غير إسلامية من الوصول إلى السلطة و هم يحملون هذا الفكر المتطرف
- انقلاب الشعوب عليهم لأنهم لم يحققوا لهم الوعود و الأحلام التي وعدوا بها من الكرامة و الحرية و التقدم و العدالة و الرخاء الاقتصادي
فالشعوب لا تصبر طويلا على حالة الفقر و قلة الخدمات و انعدام الأمن .
- المستفيد الأكبر من جهودهم هم خصومهم داخل أوطانهم فيتم تسليم السلطة لهم و هذا غبن
- هذه الحرب المفتوحة لا يملك أحد إيقافها لأنه لا توجد قيادة فعلية تقوم بإيقافها فهذه فوضى و عشوائية في العمل ضرها اكبر من نفعها
- لا توجد قيادة سياسية لها برنامج و أهداف واقعية محددة تستطيع أن تفاوض عليها
- و الغرب المتطرف بقدر ما هم متقدمين تقنياً و تكنولوجياً فهم متقدمون في مجال علوم النفس و الإدارة و السياسة و التوجيه و الإيحاء و الإعلام و الاجتماع وغير ذلك
فيستطيعون توجيه هؤلاء الشباب ذوي الخبرة الضعيفة بطريقة غير مباشرة لخدمة أغراضهم الشريرة مثل الفعل و ردة الفعل أو عن طريق تمرير رسائل الكترونية أو بعض الوثائق المفبركة أ و عن طريق الإيحاء الغير مباشر في الإعلام الذي يسيطرون عليه
- و في النتيجة هذه الأضرار تصب في مصلحة إسرائيل و الأعداء.
- يوجد في مجتمعاتنا فساد كبير و بعد عن دين الله و عن قيمنا الإسلامية .
- تتعرض امتنا لغزو ثقافي اشد خطرا من الغزو العسكري
- الساحة الدولية اليوم مفتوحة للدعوة و الإصلاح أكثر من أي وقت مضى .
- العالم يئن من الظلم و المشاكل الاجتماعية و النفسية و هو ينظر بشغف إلى من يخلصه من هذا الظرف فهو بأمس الحاجة إلى نماذج صالحة ذاقت طعم الإيمان فامتلأت قلوبها بالسعادة و الرحمة على عباد الله فهي تنظر إلى هؤلاء العصاة و البعيدين عن دين الله بعين الرحمة لا بعين الحقد كما ينظر الشخص السليم إلى الشخص السقيم.

أسباب انتشار هذا الفكر :
- قلة الدعاة المخلصين الذين فهموا و تذوقوا معاني الإسلام
- عدم وجود مرجعية موثوقة للأمة للبت في الأمور المصيرية الهامة و الحساسة مثل إعلان الجهاد و غيره
- إهمال الجانب الديني و عدم نشر الوعي الديني السليم في المجتمعات الإسلامية لتحصينها من المعتقدات و الأفكار الهدامة مثل التطرف و غيره
- تهميش و محاربة الأنظمة الثورية للمتدينين و هذا يوغر صدورهم و يدفعهم إلى العمل بالخفاء و في الخفاء تنتشر الممنوعات مثل الفكر المتطرف
- الضبابية و انقلاب المفاهيم التي تسود واقعنا
- عدم تسليم الأمر لأهله و إعجاب كل ذي رأي برأيه .
- الجهل بفقه الواقع
- تأجيج العواطف وجو الإحباط و اليأس الذي يقوم بإشاعته الإعلام
- الواقع الأليم لأمتنا بسبب تسلط الأعداء و هدر الكرامة و سلب الحقوق , و انتشار الفقر و الظلم و غير ذلك
- فشل مشاريع الخلاص من هذا الواقع و عدم طرح بدائل مرضية عقلانية و واقعية تبعث الأمل في الأمة مما أدى إلى شعور باليأس و الإحباط في أفراد الأمة ،و هذا الواقع تربة خصبة لانتشار الفكر المتشدد لأنه يجد من يتعاطف معه.
- انتشار التقنيات الحديثة التي سهلت انتقال المعلومات و الأفكار عبر الحدود مما أدى إلى انتشار هذا الفكر في كافة أنحاء العالم
- الاحتلال الأمريكي الغبي للعراق و أفغانستان
- الاحتلال الصهيوني الظالم لفلسطين
- المشروع الطائفي لإيران.
- ضعف المشاريع الإسلامية السليمة للخروج من هذا المأزق .

أساليب الإغواء التي يتبعها الإسلاميون الثوريون :
- التشكيك بالعلماء العاملين المخلصين فكل من خالفهم الرأي يتهموه بأنه من علماء السلطان حتى لا يثق الناس بعلمهم و هذا أمر خطير .
- لي أعناق الآيات و الأحاديث و النصوص الشرعية من أجل تطويعها لخدمة أغراضهم المبطنة و التي هم أنفسهم يجهلونها بسبب الغشاوة التي نسجتها على قلوبهم الأحقاد و حب السلطة و الشهرة و غير ذلك.
- استغلال واقع الظلم و الفقر و الاحتلال للترويج لأفكارهم
- استغلال الرغبة الجامحة لدى بعض الشباب المتحمس من أجل النهوض و استعادة الأمجاد .
- استغلال الجهل بروح ديننا الإسلامي الحنيف و مقاصده السامية لدى بعض الشباب
- استغلال الشره للسلطة و التسلط و الشهرة لدى بعض الشباب المتحمس
- تكفير الحكومات و تحميلهم كامل المسؤولية عن هذا الواقع الأليم

و للموضوع تتمة
الكاتب :عبدالحق صادق

عبدالحق صادق
2013-01-25, 13:28
للإسلاميين الثوريين ( 3/3)

الحل والبدائل للخروج من هذا الواقع:
-التركيز على تخريج دعاة ممن تغلغل الإيمان في أعماقهم و فهموا معاني الإسلام الحق و مقاصده السامية و إعطاءهم المكانة اللائقة بهم في المجتمع.
-التركيز على الدعوة و الإصلاح في مجتمعاتنا
-القيام بغزو ثقافي منهجي و منظم و علمي للمجتمعات الغربية و الغير إسلامية بشكل عام فهي الآن تربة خصبة لنشر الدعوة المحمدية دعوة الرحمة و السلام و الأمن و الأمان
-التصدي للغزو الثقافي الخطير الذي تتعرض له امتنا
-غرس العقيدة السليمة في أعماق النفس و نشر الفهم الصحيح لمعاني الإسلام لأن من ذاق طعم الإيمان لا يخرج منه إلا النافع و المفيد لوطنه و أمته و العالم اجمع فهو و طني من النوع الممتاز و أممي من النوع الممتاز و إنساني من النوع الممتاز
-نشر طريقة التحليل المنطقي للأمور و طرق التفكير السليم بعيدا عن العواطف و الانفعالات
-نشر ثقافة الحوار و الاعتدال و المسامحة
-نشر فضيلة الشكر و الاعتراف بالفضل
-كشف الحقائق و توضيح الأمور بالحوار العلمي السليم
-محاربة الإشاعات المغرضة و تعريتها
-البحث عن الأشخاص الغير عاديين ذوي المهارات في المجتمعات و توجيههم للمكان المناسب حتى تستفيد منهم الأوطان
-وضع الشخص المناسب في المكان المناسب
- إظهار العناصر الفعالة في المجتمع و مكافئتهم
-محاربة الفساد و القضاء على الفقر و الجهل و العمل على الإقلال من نسبة البطالة في المجتمعات
-العلم بأن هذه الحكومات جزء من الواقع الفاسد الذي نعيشه كما قال عليه الصلاة و السلام ( مثلما تكونوا يولى عليكم) و هذا الواقع استمرارية لفترة تخلف و جهل سابقة و هو حصاد لأخطاء سابقة من أجل النهوض و الإصلاح و هو نتيجة لمؤامرات و أحقاد خارجية
-تشكيل مرجعية موثوقة للأمة للبت في الأمور المصيرية و تضم علماء دين و مختصين في جميع مجالات الحياة
-طرح مشاريع بديلة تبعث الأمل في الأمة للخروج من هذا الواقع الأليم
كالذي أقوم به و هو وضع معايير منطقية علمية سليمة لاختيار أفضل تجربة معاصرة ذات منهج سليم مجربة و موثوقة دولياً و الالتفاف حولها و الاستفادة منها و دعمها و تطويرها.
و احسب لو أن هؤلاء بذلوا جهودهم الجبارة التي يبذلونها في الطريق الصحيح كالتي ذكرتها سابقاً مع إخلاص النية لله لأذاقهم الله طعم الإيمان و لذة الخشوع و لرزقهم بعد النظر و الفهم العالي لمعاني الإسلام العظيم و لأقر أعينهم بدخول الناس في دين الله أفواجاً و خاصة في الغرب و لتغير العالم و لخلدهم التاريخ فالآن الغزو الثقافي اشد فتكاً من أسلحة الدمار الشامل
و إنني لا أنكر وجود كثير من هؤلاء الشباب ذوو نوايا حسنة و لكنهم وقعوا ضحية جهلهم بأمور دينهم و غيرتهم الزائدة على أوضاع أمتنا و التضليل الذي يمارسه قادة هذا الفكر لإغواء الشباب المتحمس.
و لهؤلاء و لمن يتعاطف معهم أكتب و أنصح .
أما الذين سيطرت على أنفسهم الأفكار الثورية المسمومة و الأوهام و الأحلام و حب السلطة و التسلط و الشهرة ربما يصعب نفوذ هذا الكلام إلى عقولهم لوجود حجاب غليظ على قلوبهم .
فهؤلاء سلكوا نهج العلمانيون الثوريون في التغيير و لكن بغطاء ديني وهدفهم واحد .
و لو وصلوا إلى السلطة فسوف تنكشف الأقنعة تماماً و سيقومون بنفس الأفعال التي قام بها العلمانيون الثوريون و ربما اشد
و في الختام ادعوا قادة هذا العمل إلى تقييم نتائج أعمالهم و جهودهم فالتاجر الصغير ينظر في حساباته و يتعرف على مقدار الربح و الخسارة آخر اليوم أو آخر الشهر أو آخر العام على الأكثر
فمن باب أولى هذا المشروع الذي تتبنونه الهام و الخطير لأنه يتعلق بمصير الأمة
فراجعوا مقدار الربح و الخسارة خلال الفترة الماضية بحيادية و موضوعية لتتضح لكم الحقيقة المرة
فهل قل الفساد في بلاد المسلمين و هل يعودون إلى الدين الحق بسبب أعمالكم ؟؟؟؟
و هل ارتدع الأعداء عن غيهم أم ازداد تنكيلهم بالمسلمين و ظلمهم لهم ؟؟؟
و هل عدد الضحايا من المسلمين يقل أم يزداد ؟؟؟؟؟
و هل الخسائر المادية للمسلمين تقل ام تزداد؟؟؟؟؟
و هل المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية تقل ام تزداد ؟؟؟؟؟
و هل يلوح في الأفق حل قريب ؟؟؟؟؟؟
و هل توحدت الأمة أم ازدادت تفرقة؟؟؟
و هل أصبحت بلا د المسلمين أكثر أمنا و استقراراً ؟؟؟
و هل أصبحت الظروف أكثر مناسبة لعبادة الله و الدعوة إليه؟؟؟؟؟
و هل أصبحت بلاد المسلمين أكثر عدلاً و غنىً و رقياً و حضارةً و نهضةً و أملاً ؟؟؟؟؟
و هل توقف الغزو الثقافي لبلاد المسلمين الذي يعتبر أخطر ما يهددهم حالياً و هل يزداد ضحاياه أم ينقصوا؟؟؟؟
و هل الذين يقومون بالتصدي لهذا الغزو عددهم كافي و يوازي هجوم الأعداء؟؟؟
و هل هناك العدد الكافي من الذين يقوم بالجهاد الفكري لدعوة غير المسلمين إلى الإسلام لإخراجهم من الظلمات إلى النور و من الجور إلى العدل و من ضيق العبودية لغير الله إلى سعة الحرية بعبادة الله وحده و ليس لإخافتهم و تنفيرهم من الإسلام ؟؟؟

الكاتب :عبدالحق صادق