مشاهدة النسخة كاملة : **الغربان السود**
صرخة صمت
2012-12-31, 12:22
**الغربان السود**
...بين جدران أحد الشوارع الضيقة القديمة ، التقيتها...كانت امرأة في الستين من عمرها، لا هي طويلة و لا قصيرة ،
ربما كبر سنها أخفى طولها ...نحيفة الى حد أن عظمتا وجنتيها تظهران بشكل بارز و عيناها الغائرتين تنم عن جسد
عاش و يعيش مرارة أبدي…كان ثوبها المزهر و المشدود عند الوسط بحزام ، عادة النساء في هذه المدينة الريفية التي
تحمل تقاليدا كثيرة بحجم عدد سكانها ...يداها رقيقتين و أناملها مثيرة للعجب كأنهما ستكسران بمجرد ملامستها، أما
الخمار الذي تضعه فيشبه الى حد بعيد تلك الألثمة التي يضعها سكان الجنوب.
..أول نظرة كانت توحي لي بأنها امرأة غير عادية ، تحمل في طيات تجاعيد وجهها سرا أو ربما أسرارا عظمى
...جذبتني أشياء فيها ، لست أدرك حتى الآن ماهي؟...أو ربما مناداتها لي و الدخول في سرد حكايات دون أن أسألها هو
ما جعلني ألتفت اليها و أصغي لقصص اعتقدت في البداية أنها خرافية أو من صنع خيالهاكونها امرأة نصف عاقلة.
..أتذكر لمسة يدها و هي تضغط علي و توشوش لي كأنما تخشى أن يسمعها أحد...-هربت أنا فقط...هربت من الغربان
السود...لقد قضوا على الكل..لم ينج منهم الا القليل...أنا الآن أحميهم...-...ثم و هي تترك بيدي و تمسك بكتفي وتهزني
كأنما تستنجدني...-*...ايه يا بنتي* ، لم يبق هناك أحد...أطلال قرية...و بقع دماء...بل وديان دماء لا تجف...* ايه يا
بنتي*...الدم هناك لا يجف بل يظل يسري....لم تفهمي بعد...الجرح لا يزال ينزف حتى الآن...أنا أحميهم...رضع قلائل
بدون أهل...، يبحثون عن أثداء أمهاتهم...-
...كنت أحاول التحرر من قبضة أصابعها النحيلة...و أنا أحاول أن أفهم ما تقول...يمر بي أحد المارة ، يراني في ذلك
الوضع....يضحك و يمضي...أتراجع للخلف...تتضارب الأفكار برأسي ...من تكون؟؟...هل هي مجنونة؟...أم تدعي
الجنون؟؟...هل هي من الناس الذين يسمون –دراويش- ؟؟ ما معنى تلك الكلمات التي كانت ترددها؟؟
...كنت أرتجف خوفا...قلبي يدق متسارعا...ماذا أفعل الآن؟؟...نظرت الي...أحسست أنها هدأت...كانت تتنفس بعمق...و
تقبض على يدي بقوة لدرجة الاحساس بالألم...طلبت مني الجلوس على حافة الطريق...دون أن أدري جلست...ربما خوفا
منها...و ربما جنونا عهدته في نفسي...و ربما لأن عيناها كانتا ترويان عن قصة سيخطها قلمي...
يتبع
من المجموعة القصصية :- قلوب منكسرة-
لصرخة صمت
hocine2007347
2012-12-31, 12:31
رائعة حقاااااااااااااااااااااااااااااا
ارجو ان تتميها سريعا قبل ان تمسك بيدها الحديدة على معصمك اللين فتهشمه او تنبلج عينيها فجاة بلهيب نار من وجع الماضي فتحرق ورود الذكريات في بحيرة التاريخ بداخل فؤادك
او تبتسمة بسامة هادئة مفعمة بنوبات الاسى فتسرق منك قدرتك على التفكير
اشكرك اختي على هاته الرائعة واصلي
دمت بود
مجرد اسم
2012-12-31, 12:55
ترى من هي ، و ما قصتها ، متابعة أنا شدني كلامها ، و همساتك.
طارق النور
2012-12-31, 13:26
ويا رب صل على الحبيب..
..
لم يكن بي أدنى شك في مقدرتك الفذة تبارك الله... واليوم يزداد يقيني بأنك أهل لصحبة القلم.. ولـ " صرخة البوح ".. فـ؛ حينما تكتبين... تكتبين بكل ما فيك.. وكلك روعة وإبداع... وحينما تغوصين في النص والمعنى، فلا يكاد يخفى عليك شيء من التفاصيل.. حدّ الإتقان...
..
والإبداعُ.. متأصّل فيك وما أبعدك عن التقليد... معنى وشكلا.. بل لك أسلوب متفرد يشق طريقه بلمساتك السحرية التي تضفي على الأسطر نكهة.. سرعان ما تشد المتذوق بشدة...
..
ومنذ وقعت عيني على روائعك.. أدركت أنه سيكون لك شأن في الكتابة.. حفظك الله.. ولازلت كلما أقرأ أسطرك يبتسم القلب أنْ: ألم أقل لك؟؟
..
..
... في انتظار الباقي... تقبلي خالص التقدير... سلام
صرخة صمت
2012-12-31, 14:34
رائعة حقاااااااااااااااااااااااااااااا
ارجو ان تتميها سريعا قبل ان تمسك بيدها الحديدة على معصمك اللين فتهشمه او تنبلج عينيها فجاة بلهيب نار من وجع الماضي فتحرق ورود الذكريات في بحيرة التاريخ بداخل فؤادك
او تبتسمة بسامة هادئة مفعمة بنوبات الاسى فتسرق منك قدرتك على التفكير
اشكرك اختي على هاته الرائعة واصلي
دمت بود
...أهلا بك أخي الكريم...شكرا لمرورك الطيب و أتمنى أن تواصل متابعة المشوار....
صرخة صمت
2012-12-31, 14:38
ترى من هي ، و ما قصتها ، متابعة أنا شدني كلامها ، و همساتك.
...أهلا....سأطيل فيها كثيرا حتى أضمن بقاءك بالقرب :19:
...لك ألف تحية...:)
صرخة صمت
2012-12-31, 14:47
ويا رب صل على الحبيب..
..
لم يكن بي أدنى شك في مقدرتك الفذة تبارك الله... واليوم يزداد يقيني بأنك أهل لصحبة القلم.. ولـ " صرخة البوح ".. فـ؛ حينما تكتبين... تكتبين بكل ما فيك.. وكلك روعة وإبداع... وحينما تغوصين في النص والمعنى، فلا يكاد يخفى عليك شيء من التفاصيل.. حدّ الإتقان...
..
والإبداعُ.. متأصّلا فيك وما أبعدك عن التقليد... معنى وشكلا.. بل لك أسلوب متفرد يشق طريقه بلمساتك السحرية التي تضفي على الأسطر نكهة.. سرعان ما تشد المتذوق بشدة...
..
ومنذ وقعت عيني على روائعك.. أدركت أنه سيكون لك شأن في الكتابة.. حفظك الله.. ولازلت كلما أقرأ أسطرك يبتسم القلب أنْ: ألم أقل لك؟؟
..
..
... في انتظار الباقي... تقبلي خالص التقدير... سلام
...هل تعلم ؟ ...كلماتك تجعلني أحس بيني و بين نفسي بنوع من الفخر الزائد...لدرجة أني أحيانا حين أقرأ ردودك أحس نفسي كاتبة أو الى حد كبير مشروع كاتبة غير متبناة:o...لذا احذر من أن تجعل مني فتاة مغرورة....لك ألف شكر ...
....حفظك الله و رعاك... و دمت متألقا...
...
طارق النور
2012-12-31, 14:56
...هل تعلم ؟ ...كلماتك تجعلني أحس بيني و بين نفسي بنوع من الفخر الزائد...لدرجة أني أحيانا حين أقرأ ردودك أحس نفسي كاتبة أو الى حد كبير مشروع كاتبة غير متبناة:o...لذا احذر من أن تجعل مني فتاة مغرورة....لك ألف شكر ...
....حفظك الله و رعاك... و دمت متألقا...
...
... فاعلمي حفظك الله... أني أشهد لك بأنك كاتبة واعدة ومتميزة مثابرة متفرّدة الأسلوب - ولا أجاملك - لا سيما مادام تخصصك وهوايتك في سياق واحد... لذلك... لا تجعلي أي شيء... أي شيء يزعزع هذه الحقيقة من ذهنك.. وإلا فالويل لك من قرّاء أحبوا ما تكتبين ولن يرضوا سوى بقراءة اسمك في رفوف المكتبات
..
..
وابتسمي لغدِك.. فإني أراه ينتظرك ضاحكا مُزهرا ... يا حفظك الله..
..
..
... سلام
صرخة صمت
2012-12-31, 15:10
... فاعلمي حفظك الله... أني أشهد لك بأنك كاتبة واعدة ومتميزة مثابرة متفرّدة الأسلوب - ولا أجاملك - لا سيما مادام تخصصك وهوايتك في سياق واحد... لذلك... لا تجعلي أي شيء... أي شيء يزعزع هذه الحقيقة من ذهنك.. وإلا فالويل لك من قرّاء أحبوا ما تكتبين ولن يرضوا سوى بقراءة اسمك في رفوف المكتبات
..
..
وابتسمي لغدِك.. فإني أراه ينتظرك ضاحكا مُزهرا ... يا حفظك الله..
..
..
... سلام
...الغد الذي تراه...هو ذلك الحلم الي رسمته يوما في أيام الطفولة....أتمنى أن يكون -حقا- مزهرا...و أتمنى أن تكون شاهدا عليه...فقط لا تنسوني بدعواتكم...
...لا حرمك الله البسمة و السرور و البهجة من حياتك...
milanebasta
2012-12-31, 19:31
بوركت على الموضوع الطيِّب
صرخة صمت
2013-01-02, 10:06
بوركت على الموضوع الطيِّب
...و بوركت أخي على مرورك الكريم...و أتمنى أن تكون لك عودة...
...دمت في حفظ الرحمن و حمايته....
كالعادة كلماتك تجذبني اليك بقيود من احاسيس ومشاعر عميقة لان ماتكتبينه دليل على شخصيتك وكلماتك هي اهاتك
صرخة صمت
2013-01-03, 09:41
كالعادة كلماتك تجذبني اليك بقيود من احاسيس ومشاعر عميقة لان ماتكتبينه دليل على شخصيتك وكلماتك هي اهاتك
...لا حرمني الله من تشجيعاتك أختي الحبيبة...دمت وفية لخربشاتي...دعواتي لك بالسعادة في الدارين...
...لك ألف شكر...و ألف تحية ...
...حماك اللله و رعاك...:)
صرخة صمت
2013-01-03, 11:55
...ثبتت عينيها عند قمة الجبل المحفوف بأشجار الصنوبر...و بدأت بالحديث :-...أتذكر ذلك اليوم جيدا...غيوم سوداء غشت ذلك
الجو الربيعي الذي أعلن حداده فجأة...ظلمة حالكة...صمت رهيب عكرته قطرات المطر...اشتدت الطبيعة غضبا...رياح تعوي كذئاب
جائعة...نباح كلاب...و سماء تبكي دموع الأم الثكلى...
...كنت وولداي حينها نتقاسم ألم البرد و نقاومه بدف اللمة العائلية...في غرفة صغيرة...أنهكتها الشتاء القاسية التي اخترقت جدرانها،
وهددت بقاءها صامدة...
...طرقات متكررة...بقوة في الباب الخارجي...قفزت قلوبنا...ارتعشت أجسادنا...هي الطرقات نفسها تعلن اقتراب الخطر...أمام
الباب...كان واقفا...رجل تتوالى الشهقات في قطع كلماته المبعثرة..." أسرعوا...اهربوا للمنزل الجبلي...الغربان السود في طريقهم
للبيوت المتبقية.."
...ترتجف يديها و هي لا تزال تحدق بقمة الجبل ، تكمل الحديث :-...اسبقاني هناك ...سألحق بكما...- هذا ما قالته لولديها...
...ترفع ابهامها الى مجال رؤيتها مرددة : -...بين هضابه...يوجد بقايا منزل...جدران عارية، ارتدت أشجار الصنوبر لتحمي أرواحنا
المهددة الهاربة...
...كنت أطرق أبواب الجيران...أدق ناقوس الخطر...صرخات الرعب...الخوف...بكاء أطفال...نحيب نساء...
...هجرنا القرية، متجهين لشبه بيت...دموعنا المالحة أنستنا قطرات المطر المتساقطة...ركضنا ساعدنا لسحق ذلك البرد
القارس...أشعلت نيران ملتهبة داخل أجسادنا....كنا نسير دون وعي...دماء كانت تنزف من أرجل بعضنا ...بسبب
– السدرة- ...الأحجار الضخمة...خدوشات...لدغات...و ظلمة لا تنيرها سوى مصابيحنا اليدوية...
...تنهدت بعمق و أكملت :-...وصلنا أخيرا...ولج الكل الى ركام بيت...كنا نخدع أنفسنا بأمان مهدد بالاغتيال...بحماية قد تزول في أي
لحظة و نزول و اياها من الوجود...
...أسئلة تنفجر صارخة....كاسرة ذلك الصمت ...لما العذاب...لما الألم؟؟...و أجوبة تائهة تكتفي بترديد صدى تلك الأسئلة، مضيفة لها
علامات الاستفهام.
...مرت دقائق بعمر السنين...و لم يصل ولداي بعد...
...ضغطت بيدها اليمنى على اليسرى و راحت تفركهما بقوة...
: -...اعتقدت أنهما سلكا الطريق الصعبة و لا يزالان يقاومان أشواكها...-...قلق ...اضطراب...خوف و تساؤلات تحتجز ريقي و تمنعه
من المرور...لماذا لم يصلا؟؟...ما الذي عطلهم؟؟...
يتبع
صرخة صمت
2013-01-03, 12:05
...دموع لم تجف بعد...بكاء رضع أهلكهم الجوع...و أثداء جفت الا من قطرات البؤس و
الشقاء...برد اخترق الأجسام...تسلل في العروق...فاصفرت الوجوه...احمرت الأنوف...ازرقت
الشفاه...الأيادي والأرجل...و عبرات جامدة في المآقي...ايقاع موسيقي كان وليد تصادم أسنان
ترتجف...شهقات ترتطم بجدار الخوف المكبوت...و أنا رهينة الانتظار...أغرق في
التفكير...تتضارب الأمواج داخلي...لحظة أستسلم لموجة تحمل جثتهما أمامي...و لحظة تنقذني موجة
أخرى الى شاطئ الأمل بأني سأراهم بعد قليل...
...لكن مرت ساعة...ساعتين...و أنا أواسي نفسي بأنهم ربما اختبئا مع الآخرين بضريح سيدي –بن
ميرة- أو بمحل جارنا –مولود-...
...انجلى الليل...- ولا نزال أحياء-...نجونا مرة أخرى من سكاكين الموت...لملمنا شظايانا و عدنا
لبيوتنا...وصلت للبيت...كان مفتوحا على مصراعيه ..."قد مروا من هنا"...جلست أنتظر
عودتهما...لكن لم أتمكن من الانتظار أكثر....حملت جسدي المنهك و اتجهت مسرعة الى محل
مولود...كان صراخ النسوة مدويا...حشد أمام المحل...نحيب...صراخ...أجل...هي مجزرة...حطموا
المحل و...أجل..."ذبحو...هم..."...انتفضت من مكانها و الحروف تتصادم في فاهها...أمسكت مرفقي
و الدموع تسيل من عينيها... : -....دماء...دماء سقت التربة...كانوا مرميين على الأرض...وجوههم
شاحبة ...و دماء جامدةعلى أعناقهم....ملابسهم...كان هناك معهم...فلذة كبدي...دماء لطخت
براءته...أجل قتلوه...ذبحوه...ذبحوا وحيدي...،...بحثت عنها بينهم لكن لم أجدها...كانت تصرخ و
تردد :...أخذوها معهم...خطفوا ابنتي...حطموا حلمي برؤيتها في زيها الأبيض...غادرني زوجي ثم
ابني و ابنتي...قتلوهم...لا ..أنا من قتلتهم...أنا من تركتهم خلفي...راحت تردد . :..دماء
أبنائي...جيراني...و قريتي الملطخة باللون الأحمر...بيوتها...محلاتها...أحجارها و أشجارها التي
سقيت بدمائهم...
...بهدوء راحت تكرر :-...أنا قتلتهم...وحدي سلمتهم للموت...-
...انتفضت من أمامي...وقفت و ارتدى وجهها فجأة رداء الحداد...و كأنها عايشت اللحظة هاته
المأساة...صرخت في...أيقظتني فجأة من كابوس.
...كانت تبتعد عني...تنظر يمينا و شمالا...تشير بإبهامها الى الجبل...تمسك المارين أمامها و هي
تقول : -...اهربوا....انهم قادمون...اذهبوا للمنزل الجبلي...أسرعوا الغربان السود في طريقهم الى
هنا...-...كلهم كانوا يرددون : " اللهم ثبت علينا العقل "...رغم أنها كانت أعقل منهم بكثير...كانت
وحدها تدرك الحياة و آلامها...
من المجموعة القصصية : *قلوب منكسرة*
لصرخة صمت
رائعة استمتعت بقرائتها يا صرخت صمت تمنيت ان اجعلها في متحف الخواطر لتكون لتكون كوردة على مزهرية الذكريات الخالدة
طارق النور
2013-01-03, 13:41
...ثبتت عينيها عند قمة الجبل المحفوف بأشجار الصنوبر...و بدأت بالحديث :-...أتذكر ذلك اليوم جيدا...غيوم سوداء غشت ذلك
الجو الربيعي الذي أعلن حداده فجأة...ظلمة حالكة...صمت رهيب عكرته قطرات المطر...اشتدت الطبيعة غضبا...رياح تعوي كذئاب
جائعة...نباح كلاب...و سماء تبكي دموع الأم الثكلى...
...كنت وولداي حينها نتقاسم ألم البرد و نقاومه بدف اللمة العائلية...في غرفة صغيرة...أنهكتها الشتاء القاسية التي اخترقت جدرانها،
وهددت بقاءها صامدة...
...طرقات متكررة...بقوة في الباب الخارجي...قفزت قلوبنا...ارتعشت أجسادنا...هي الطرقات نفسها تعلن اقتراب الخطر...أمام
الباب...كان واقفا...رجل تتوالى الشهقات في قطع كلماته المبعثرة..." أسرعوا...اهربوا للمنزل الجبلي...الغربان السود في طريقهم
للبيوت المتبقية.."
...ترتجف يديها و هي لا تزال تحدق بقمة الجبل ، تكمل الحديث :-...اسبقاني هناك ...سألحق بكما...- هذا ما قالته لولديها...
...ترفع ابهامها الى مجال رؤيتها مرددة : -...بين هضابه...يوجد بقايا منزل...جدران عارية، ارتدت أشجار الصنوبر لتحمي أرواحنا
المهددة الهاربة...
...كنت أطرق أبواب الجيران...أدق ناقوس الخطر...صرخات الرعب...الخوف...بكاء أطفال...نحيب نساء...
...هجرنا القرية، متجهين لشبه بيت...دموعنا المالحة أنستنا قطرات المطر المتساقطة...ركضنا ساعدنا لسحق ذلك البرد
القارس...أشعلت نيران ملتهبة داخل أجسادنا....كنا نسير دون وعي...دماء كانت تنزف من أرجل بعضنا ...بسبب
– السدرة- ...الأحجار الضخمة...خدوشات...لدغات...و ظلمة لا تنيرها سوى مصابيحنا اليدوية...
...تنهدت بعمق و أكملت :-...وصلنا أخيرا...ولج الكل الى ركام بيت...كنا نخدع أنفسنا بأمان مهدد بالاغتيال...بحماية قد تزول في أي
لحظة و نزول و اياها من الوجود...
...أسئلة تنفجر صارخة....كاسرة ذلك الصمت ...لما العذاب...لما الألم؟؟...و أجوبة تائهة تكتفي بترديد صدى تلك الأسئلة، مضيفة لها
علامات الاستفهام.
...مرت دقائق بعمر السنين...و لم يصل ولداي بعد...
...ضغطت بيدها اليمنى على اليسرى و راحت تفركهما بقوة...
: -...اعتقدت أنهما سلكا الطريق الصعبة و لا يزالان يقاومان أشواكها...-...قلق ...اضطراب...خوف و تساؤلات تحتجز ريقي و تمنعه
من المرور...لماذا لم يصلا؟؟...ما الذي عطلهم؟؟...
يتبع
...دموع لم تجف بعد...بكاء رضع أهلكهم الجوع...و أثداء جفت الا من قطرات البؤس و
الشقاء...برد اخترق الأجسام...تسلل في العروق...فاصفرت الوجوه...احمرت الأنوف...ازرقت
الشفاه...الأيادي والأرجل...و عبرات جامدة في المآقي...ايقاع موسيقي كان وليد تصادم أسنان
ترتجف...شهقات ترتطم بجدار الخوف المكبوت...و أنا رهينة الانتظار...أغرق في
التفكير...تتضارب الأمواج داخلي...لحظة أستسلم لموجة تحمل جثتهما أمامي...و لحظة تنقذني موجة
أخرى الى شاطئ الأمل بأني سأراهم بعد قليل...
...لكن مرت ساعة...ساعتين...و أنا أواسي نفسي بأنهم ربما اختبئا مع الآخرين بضريح سيدي –بن
ميرة- أو بمحل جارنا –مولود-...
...انجلى الليل...- ولا نزال أحياء-...نجونا مرة أخرى من سكاكين الموت...لملمنا شظايانا و عدنا
لبيوتنا...وصلت للبيت...كان مفتوحا على مصراعيه ..."قد مروا من هنا"...جلست أنتظر
عودتهما...لكن لم أتمكن من الانتظار أكثر....حملت جسدي المنهك و اتجهت مسرعة الى محل
مولود...كان صراخ النسوة مدويا...حشد أمام المحل...نحيب...صراخ...أجل...هي مجزرة...حطموا
المحل و...أجل..."ذبحو...هم..."...انتفضت من مكانها و الحروف تتصادم في فاهها...أمسكت مرفقي
و الدموع تسيل من عينيها... : -....دماء...دماء سقت التربة...كانوا مرميين على الأرض...وجوههم
شاحبة ...و دماء جامدةعلى أعناقهم....ملابسهم...كان هناك معهم...فلذة كبدي...دماء لطخت
براءته...أجل قتلوه...ذبحوه...ذبحوا وحيدي...،...بحثت عنها بينهم لكن لم أجدها...كانت تصرخ و
تردد :...أخذوها معهم...خطفوا ابنتي...حطموا حلمي برؤيتها في زيها الأبيض...غادرني زوجي ثم
ابني و ابنتي...قتلوهم...لا ..أنا من قتلتهم...أنا من تركتهم خلفي...راحت تردد . :..دماء
أبنائي...جيراني...و قريتي الملطخة باللون الأحمر...بيوتها...محلاتها...أحجارها و أشجارها التي
سقيت بدمائهم...
...بهدوء راحت تكرر :-...أنا قتلتهم...وحدي سلمتهم للموت...-
...انتفضت من أمامي...وقفت و ارتدى وجهها فجأة رداء الحداد...و كأنها عايشت اللحظة هاته
المأساة...صرخت في...أيقظتني فجأة من كابوس.
...كانت تبتعد عني...تنظر يمينا و شمالا...تشير بإبهامها الى الجبل...تمسك المارين أمامها و هي
تقول : -...اهربوا....انهم قادمون...اذهبوا للمنزل الجبلي...أسرعوا الغربان السود في طريقهم الى
هنا...-...كلهم كانوا يرددون : " اللهم ثبت علينا العقل "...رغم أنها كانت أعقل منهم بكثير...كانت
وحدها تدرك الحياة و آلامها...
من المجموعة القصصية : *قلوب منكسرة*
لصرخة صمت
تبارك ربي...
..
ولمّا تأكدت مما خاطرني لدى قراءة ما افتتحت به هذه الرائعة.. أثني عليك بقوة على توفيقك التام في انتقاء الموضوع...
..
وأهنئك على تمكنك البارز في تشييد بنائها وإعطائها حقها.. سردا وحبكا ووصفا.. وتشويقا...
..
..
.... ثم؛ يا صرخة الجمال؛ دومي بهذه الروعة.. وصبي بكاسات فضولنا صفحات تفيض إبداعا وتألقا..
..
..
... سلام
صرخة صمت
2013-01-03, 14:07
رائعة استمتعت بقرائتها يا صرخت صمت تمنيت ان اجعلها في متحف الخواطر لتكون لتكون كوردة على مزهرية الذكريات الخالدة
...أحمد الله أن انها راقت لك...
...تشرفت بتوقيعاتك في كتاباتي...
...أوصيك مرة أخرى بالدراسة ثم الدراسة..
...دعائي لك بالنجاح...دمت سعيدة:)
صرخة صمت
2013-01-03, 14:12
تبارك ربي...
..
ولمّا تأكدت مما خاطرني لدى قراءة ما افتتحت به هذه الرائعة.. أثني عليك بقوة على توفيقك التام في انتقاء الموضوع...
..
وأهنئك على تمكنك البارز في تشييد بنائها وإعطائها حقها.. سردا وحبكا ووصفا.. وتشويقا...
..
..
.... ثم؛ يا صرخة الجمال؛ دومي بهذه الروعة.. وصبي بكاسات فضولنا صفحات تفيض إبداعا وتألقا..
..
..
... سلام
...أهلا بمن يشرق القلب لحروفه...و ينبض الأمل لكلماته...
....اعتدت لونك...كلماتك...تشجييييعاتك...فلا تحرمنا منها...لا حرمك الله من الجنة...
...حفظك الله أستاذي و رعاك...و أسكن فسيح جنانه..
...ألف تحية أرسلها لك...و دعائي لك بالرقي و النجاح...
نزار علي
2013-01-03, 15:20
سلام الله عليكم
لولا أن التطير حرام لكنت تطيرت من عنوانك
يا إلاهي غربان ؟ وسود كذلك؟
ههههههههه
صراحة روعة بل من أروع ما قرأت هنا
مزيدا من التألق
ان شاء الله اظن انك طالبة ايضا موفقة حبيبتي
صرخة صمت
2013-01-03, 16:07
سلام الله عليكم
لولا أن التطير حرام لكنت تطيرت من عنوانك
يا إلاهي غربان ؟ وسود كذلك؟
ههههههههه
صراحة روعة بل من أروع ما قرأت هنا
مزيدا من التألق
... وعليكم السلام ...
...لك أن تسميهم *زوار الليل* ان شئت...
...شكرا لمرورك و توقيعك...ذلك شرف لكلماتي...
...حفظك الله و رعاك..
صرخة صمت
2013-01-03, 16:08
ان شاء الله اظن انك طالبة ايضا موفقة حبيبتي
...أجل ...طالبة جامعية ...وفقني الله و اياك الى ما يحبه و يرضاه...
:19:
مبدعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ...بارك الله فيك
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir