أبو تقي الدّين
2012-12-30, 09:48
كرّاستي القديمة ( 02 )
- كتاب ( الإمام أحمد ) لأبي زهرة ( 03 )
للإمام أحمد محبّةٌ خاصّةٌ في قلبي، وقد سمعت مرّة أحدَ الأعلام المعاصرين – وكنت معجبا به – يقدح فيه فأبغضته، واطّرحته من نفسي، وما عدتُ التفتُ إلى شيء منه أو عنه..
إنّ مَن أحبّ السّنةَ أحبّ الإمام أحمد، ومن أراد أن يرى الدّين صافيا نقيّا كما أنزله الله على سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم فلْينظر إلى سيرة الإمام أحمد..
وجدت في كرّاستي تلخيصات ممتعةً عن كتاب الإمام أحمد لمحمّد أبي زهرة وما أدراك ما محمّد أبو زهرة؛ شيخ العلماء في عصره.. تُرى كيف يجيء كتابٌ عن جبل شامخ كَتَبَه طود شامخ ؟
وللنظر في هذه التلخيصات:
كتبت بخطّ الريشة أيضا..
" ولد الإمام أحمد في شهر ربيع الأوّل ببغداد، أصله من شيبان قبيلة من ربيعة استوطنت البصرة التي أسّسها عمر بن الخطّاب.
وقيل إذا كنتَ في ربيعة فكاثر بشيبان وفاخر بشيبان وحارب بشيبان."
في هذه التلخيصات فوائدُ جمّة، منها أنّ الإمام أحمدا عربيّ الأصل قحّ من بني شيبان، وهو بغداديّ المولد، كما نستفيد أنّ بني شيبان من ربيعة الذين سكنوا البصرة. وقد سبق أن ذكرنا – كما وجدنا في كتاب المزهر- أنّ البصرة هي الحجارة البيض.
" وقد أسّس البصرةَ أميرُ المؤمنين عمر بن الخطّاب " وفي هذه التدوينة أيضا أنّ شيبان هي من أكبر القبائل العربيّة ومعروف أنّها صاحبة الوقعة الشهيرة ( موقعة ذي قار ) التي انهزم فيها الفرس، قبل مجيء الإسلام وكانت أوّل معركة ينتصر فيها العرب على دولة عظمى..
وفي الكرّاسة أيضا:
" الإمام أحمد غلب عليه الحديث وهو فقيه.. ومالك هو الوحيد الذي وازن بين الحديث والفقه، وهو في ذلك نسيج وحده".
لقد اختلف بعض العلماء في تصنيف ( الإمام أحمد )، فمنهم من نسبه إلى الحديث فقال هو محدّث اشتهر بالحديث أكثر، ومنهم من نسبه إلى الفقه لأنّه معدود ومشهور في الأئمة الأربعة.. ولكنّ جماهير أهل العلم يقولون أنّه فقيه له باع طويل في الحديث وقد غلب عليه الحديث حتى صار فقهه حديثا، وكان إفتاؤه بالحديث الشريف حتّى أنّه – كما ذكر الشيخ أبي زهرة – يفتي في المسألة الواحدة بسبعة أوجه مختلفة لورود سبعة أحاديث في تلك المسألة إذا لم يتبيّن له رجحان أحدِ تلك الأحاديث على غيرها، وذلك من غريب فقه الإمام أحمد.
كتبتُ ما كتبتُه ثمّ رجعت إلى بداية التدوينات الخاصّة بكتاب أبي زهرة عن الإمام أحمد فوجدت عبارة مدهشة مكتوبة بالخطّ الأحمر على هامش صفحة الكرّاسة: " مع المحبرة إلى المقبرة " ولا أدري إن كانت هذه العبارة أهي من كلام الإمام أحمد أم هي من إنشاء الشيخ أبي زهرة وصفا لحال الإمام أحمد، وقد كانت حاله كذلك ويكفي أنّه ظل أربعين عاما لم يتزوّج متفرّغا لطلب العلم. ويقول أنّه انتخب كتابه المسند من مئة ألف حديث، وذلك يدلّ غزارة حفظه وموسوعيّته.
ولولا أنّه خشيَ مخالفة السنّة ( لأنّ الزواج من سنّة الرسول صلى الله عليه وسلّم ) لما تزوّج وكان الإمام أحمد شديد التأسي بالنبيّ عليه الصلاة والسلام إلى درجة التطبيق الحرفي أحيانا.
أمّا مالك – رحمه الله – إمامُ دار الهجرة ففعلا قد وازن بين الفقه والحديث، ولم يغلّب أحدَهما على الآخر، وكتابه ( الموطأ ) أكبر دليل على ذلك، إذ نجده يعتمد على الحديث والاستنباط الفقهي في الوقت نفسه، فيكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويكتب رأيه الفقهي وعمل أهل المدينة.
وفي الكراسة هذه النقول:
" خرج في جنازة أحمد حوالي800 شخص.. مات أبوه بعد ولادته..كان الإمام أحمد يحفظ كلّ ما يسمعه من حديث ويدوّنه وإذا حدّث؛ حدّث مما كتبه ورعًا وخشيةَ الخطأ.. كان يحسن اللغة الفارسيّة..كان ينهى عن كتابة غير الحديث نهيا شديدا...أعلن المأمون رأيه في خلق القرآن عام 212 هـ وامتحن النّاس فيه عام 218 هـ عام وفاته.. صمد في محنة خلق القرآن أربعة في بغداد هم: أحمد صمد إلى عهد المتوكّل، محمّد بن نوح استشهد في طريقه إلى المأمون بطرسوس، سجّادة ( ولم أكتب اسمه الكامل ) انهار بعد ليلة من الحبس في الأغلال، القواريري ( ولم أكتب اسمه كاملا أيضا ) انهار بعد ليلتين من الحبس في الأغلال..."
ولي ملاحظات عجلى على هذه النقول:
ضخامة جنازة الإمام أحمد دليل كبير على شهرته في عصره وحبّ النّاس له، وقد كان في حياته يقول لمّا اشتدّت الخصومة بينه وبين خصومه من القائلين بخلق القرآن: " بيننا وبينهم الجنائز " ولقد صدق ظنّه وشهدت له الأمّة كلّها بالإمامة والصلاح وقد كادت صلاة العصر تفوت النّاس في جنازته من كثرة الزحام، ولأوّل مرّة تصلى الصلاة خارج المساجد في جنازة الإمام أحمد.
ولشدّة التزام الإمام أحمد وورعه وانضباطه العلمي كان لا يحدّث النّاس ( يقرأ عليهم حديث رسول الله ) إلاّ من كتاب خوف الخطأ أو الزلل رغم أنّه كان يحفظ الآف الأحاديث عن ظهر قلب.
ولشدّة التزامه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم كان ينهى عن تدوين غير الحديث وذلك خوفا من كتابة رأيه، لأنّه لا يعتبر رأيه شيئا أمام حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وجاءت في التدوينة نقولٌ عن محنة خلق القرآن وهي محنة مشهورة لا تحتاج إلى تفصيل ولكن ما يلفت انتباهنا فيها أنّ المؤرّخين كتبوا كلّ شيء عنها حتى أسماء من ثبت فيها من العلماء ومن لم يثبت، حتى ذكروا الذي صمد ليلة وليلتين.. وذكروا أنّه لم يصمد في محنة خلق القرآن إلاّ اثنان؛ الإمام أحمد ومحمّد بن نوح الذي مات شهيدا في هذه المحنة، في حين أنّ أغلب العلماء أخذوا بالرخصة خوف الفتنة ( العذاب أو الحبس ) وخوف القتل.
- كتاب ( الإمام أحمد ) لأبي زهرة ( 03 )
للإمام أحمد محبّةٌ خاصّةٌ في قلبي، وقد سمعت مرّة أحدَ الأعلام المعاصرين – وكنت معجبا به – يقدح فيه فأبغضته، واطّرحته من نفسي، وما عدتُ التفتُ إلى شيء منه أو عنه..
إنّ مَن أحبّ السّنةَ أحبّ الإمام أحمد، ومن أراد أن يرى الدّين صافيا نقيّا كما أنزله الله على سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم فلْينظر إلى سيرة الإمام أحمد..
وجدت في كرّاستي تلخيصات ممتعةً عن كتاب الإمام أحمد لمحمّد أبي زهرة وما أدراك ما محمّد أبو زهرة؛ شيخ العلماء في عصره.. تُرى كيف يجيء كتابٌ عن جبل شامخ كَتَبَه طود شامخ ؟
وللنظر في هذه التلخيصات:
كتبت بخطّ الريشة أيضا..
" ولد الإمام أحمد في شهر ربيع الأوّل ببغداد، أصله من شيبان قبيلة من ربيعة استوطنت البصرة التي أسّسها عمر بن الخطّاب.
وقيل إذا كنتَ في ربيعة فكاثر بشيبان وفاخر بشيبان وحارب بشيبان."
في هذه التلخيصات فوائدُ جمّة، منها أنّ الإمام أحمدا عربيّ الأصل قحّ من بني شيبان، وهو بغداديّ المولد، كما نستفيد أنّ بني شيبان من ربيعة الذين سكنوا البصرة. وقد سبق أن ذكرنا – كما وجدنا في كتاب المزهر- أنّ البصرة هي الحجارة البيض.
" وقد أسّس البصرةَ أميرُ المؤمنين عمر بن الخطّاب " وفي هذه التدوينة أيضا أنّ شيبان هي من أكبر القبائل العربيّة ومعروف أنّها صاحبة الوقعة الشهيرة ( موقعة ذي قار ) التي انهزم فيها الفرس، قبل مجيء الإسلام وكانت أوّل معركة ينتصر فيها العرب على دولة عظمى..
وفي الكرّاسة أيضا:
" الإمام أحمد غلب عليه الحديث وهو فقيه.. ومالك هو الوحيد الذي وازن بين الحديث والفقه، وهو في ذلك نسيج وحده".
لقد اختلف بعض العلماء في تصنيف ( الإمام أحمد )، فمنهم من نسبه إلى الحديث فقال هو محدّث اشتهر بالحديث أكثر، ومنهم من نسبه إلى الفقه لأنّه معدود ومشهور في الأئمة الأربعة.. ولكنّ جماهير أهل العلم يقولون أنّه فقيه له باع طويل في الحديث وقد غلب عليه الحديث حتى صار فقهه حديثا، وكان إفتاؤه بالحديث الشريف حتّى أنّه – كما ذكر الشيخ أبي زهرة – يفتي في المسألة الواحدة بسبعة أوجه مختلفة لورود سبعة أحاديث في تلك المسألة إذا لم يتبيّن له رجحان أحدِ تلك الأحاديث على غيرها، وذلك من غريب فقه الإمام أحمد.
كتبتُ ما كتبتُه ثمّ رجعت إلى بداية التدوينات الخاصّة بكتاب أبي زهرة عن الإمام أحمد فوجدت عبارة مدهشة مكتوبة بالخطّ الأحمر على هامش صفحة الكرّاسة: " مع المحبرة إلى المقبرة " ولا أدري إن كانت هذه العبارة أهي من كلام الإمام أحمد أم هي من إنشاء الشيخ أبي زهرة وصفا لحال الإمام أحمد، وقد كانت حاله كذلك ويكفي أنّه ظل أربعين عاما لم يتزوّج متفرّغا لطلب العلم. ويقول أنّه انتخب كتابه المسند من مئة ألف حديث، وذلك يدلّ غزارة حفظه وموسوعيّته.
ولولا أنّه خشيَ مخالفة السنّة ( لأنّ الزواج من سنّة الرسول صلى الله عليه وسلّم ) لما تزوّج وكان الإمام أحمد شديد التأسي بالنبيّ عليه الصلاة والسلام إلى درجة التطبيق الحرفي أحيانا.
أمّا مالك – رحمه الله – إمامُ دار الهجرة ففعلا قد وازن بين الفقه والحديث، ولم يغلّب أحدَهما على الآخر، وكتابه ( الموطأ ) أكبر دليل على ذلك، إذ نجده يعتمد على الحديث والاستنباط الفقهي في الوقت نفسه، فيكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويكتب رأيه الفقهي وعمل أهل المدينة.
وفي الكراسة هذه النقول:
" خرج في جنازة أحمد حوالي800 شخص.. مات أبوه بعد ولادته..كان الإمام أحمد يحفظ كلّ ما يسمعه من حديث ويدوّنه وإذا حدّث؛ حدّث مما كتبه ورعًا وخشيةَ الخطأ.. كان يحسن اللغة الفارسيّة..كان ينهى عن كتابة غير الحديث نهيا شديدا...أعلن المأمون رأيه في خلق القرآن عام 212 هـ وامتحن النّاس فيه عام 218 هـ عام وفاته.. صمد في محنة خلق القرآن أربعة في بغداد هم: أحمد صمد إلى عهد المتوكّل، محمّد بن نوح استشهد في طريقه إلى المأمون بطرسوس، سجّادة ( ولم أكتب اسمه الكامل ) انهار بعد ليلة من الحبس في الأغلال، القواريري ( ولم أكتب اسمه كاملا أيضا ) انهار بعد ليلتين من الحبس في الأغلال..."
ولي ملاحظات عجلى على هذه النقول:
ضخامة جنازة الإمام أحمد دليل كبير على شهرته في عصره وحبّ النّاس له، وقد كان في حياته يقول لمّا اشتدّت الخصومة بينه وبين خصومه من القائلين بخلق القرآن: " بيننا وبينهم الجنائز " ولقد صدق ظنّه وشهدت له الأمّة كلّها بالإمامة والصلاح وقد كادت صلاة العصر تفوت النّاس في جنازته من كثرة الزحام، ولأوّل مرّة تصلى الصلاة خارج المساجد في جنازة الإمام أحمد.
ولشدّة التزام الإمام أحمد وورعه وانضباطه العلمي كان لا يحدّث النّاس ( يقرأ عليهم حديث رسول الله ) إلاّ من كتاب خوف الخطأ أو الزلل رغم أنّه كان يحفظ الآف الأحاديث عن ظهر قلب.
ولشدّة التزامه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلّم كان ينهى عن تدوين غير الحديث وذلك خوفا من كتابة رأيه، لأنّه لا يعتبر رأيه شيئا أمام حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وجاءت في التدوينة نقولٌ عن محنة خلق القرآن وهي محنة مشهورة لا تحتاج إلى تفصيل ولكن ما يلفت انتباهنا فيها أنّ المؤرّخين كتبوا كلّ شيء عنها حتى أسماء من ثبت فيها من العلماء ومن لم يثبت، حتى ذكروا الذي صمد ليلة وليلتين.. وذكروا أنّه لم يصمد في محنة خلق القرآن إلاّ اثنان؛ الإمام أحمد ومحمّد بن نوح الذي مات شهيدا في هذه المحنة، في حين أنّ أغلب العلماء أخذوا بالرخصة خوف الفتنة ( العذاب أو الحبس ) وخوف القتل.