صرخة صمت
2012-12-27, 15:29
...خربشات قلم...
....جلست بالقرب منها، و هي تغط في النوم... و عادت بي الذاكرة الى نوبات جنونها المتكررة...كيف كنت أغوص جاهلة فن السباحة داخل عينين وحدهما كانتا بحرا أتعثر بين أمواجه المتضاربة...كيف كنت أعيش لحظة الغرق...لتنتشلي هي... نفسها الى الشاطئ...بقارب أمل وحدها كانت تتحكم به...تغرقه لحظة غضبها ...وتلملم شظاياه من القاع لحظة أملها.
...لا شيء آخر غيرهما كانا يفضحان حزنا يرتسم داخلهما...ترقرق عبرات على حافتهما بسبب ألم تحاول اخفائه... لمعانهما اثر نشوة تتسلل لقلبها الصغير الذي لا يحلم بغير الهناء...
...و تذكرت نوبة من نوبات غضبها...كيف أن عيناها كانتا تشعان نارا...سخطا... و ألما ...أركز لدرجة التيه وسط بريقهما الذي كان في ظل ذلك الغضب يخفي و يكبت دموع ضعف...
...تبحث عن وسيلة لتنزع عنها أحاسيسا ما عادت تقدر أن تتحملها أكثر...تنزع خاتم الوفاء الأزلي الذي وضعته كعقد وفاء للفراغ...للاشيء... و اللاموجود...
...بطريقة جنونية ، تلكم يدها على جدار الغرفة...و هي تصرخ : ...أريد الرحيل عن عالمكم الظالم ... تتمنى بين كلماتها الطائشة الموت برصاصة بين العينين...
..تصرخ كيف أنها لحد الساعة لم تتمكن من تعلم الدروس رغم تعرضها مرارا لطعنات كانت كفيلة بسحق طيبة قلبها...أو كما تقول تفاهة أفكارها...كيف أنها لازالت تمتلك أحاسيس صادقة ، مزقوها بكذبهم...بخيانتهم...بظلمهم و غدرهم اللامنتهي...كيف أنها تكتم شهقات آلمها ليلا...تغفر لأياد تخنق ببراءتها خنقا...براءتها التي تعلم علم اليقين أنها لن تنفع معهم...و أنها تحتاج لتربص كي تحترف فنيات الخبث...تحتاج لمصل نافع يكون مسؤولا عن تحويلها من خروف ضعيف لذئب ماكر...فقط لتغدو مثلهم... غير مهددة بالانقراض..
...كانت تصمت قليلا...لتقطع بتنهداتها ذلك الصمت الرهيب...،...ذهابا و ايابا تتجول في المساحة الضيقة لغرفة تلقبها بالسجن الانفرادي...و اقامة تمنحها وسام المعلم الأول لدروس الحياة...
...في غرفة اسودت جدرانها في وجهها... بكلام قاس تشتم نفسها...بلغة ندم تلعن وجودها في حياة لم و لن تكون أهلا لأن تعيشها...برغبة جامحة في الرحيل ، تواصل النظر الي صارخة أنها ما اعتقدت يوما أنها ستنهار مثل هذا الانهيار ...ما اعتقدت أنها ستتصرف يوما بهذا الجنون...
...و تحاول ايجاد تفسيرات...و اجابات لسؤال :- ماذا أتى بي الى هنا؟؟...لما لم أكتف بالجامعة القريبة من منزلنا؟؟...- ...تبتسم و تجيب نفسها بلغة ساخرة : -...آآآه لتحقيق أحلامي...التي بنيتها يوما بين جدران طفولة بريئة....رسمتها يوما مع طريق القطار ...مع التلال ...مع جبل *دوي*...مع شلال هو الآخر قد جف...تماما مثلي...- ...تكمل سخريتها....-..ربما لأغدو كاتبة...تتمكن من الاعلان عن قلمها المكبوت...عن خربشات تحلم بجعلها ابداعا ذات يوم...و ربما لأني صدقت يوما أن هناك كتابا جاؤوا من العدم....أن هناك كتابا تم تبني مواهبهم صدفة بصدفة...و ربما لأن أحلام مستغانمي أكبر من أضعها قدوة...-...تضحك بطريقة هستيرية على نفسها...كيف أنها اعتقدت للحظة أن الأوهام يمكن أن تغدو حقيقة...
...أحاول مقاطعتها بعبارة توقيعها في جل محاضراتها عن الحياة : -...عندما نريد...نصل...-...لتنفجر ضاحكة و هي تردد : -...لا تحاولي رفع معنوياتي لأن حتى ابراهيم الفقي رحمه الله لن يتمكن من ذلك...-...كان هو قائدها...عباراته راسخة في ذهنها...موته كان الكارثة الكبرى لها رغم أنها لازالت تحييه داخلها ..أجل كان يستحيل علي أن أقنعها بأمل أعدمته ، بفكرة بصمت عليها بالفشل الذريع...و الموت الأبدي...
...تواصل قولها...دموع متحجرة في مقلتيها...بسمة مغتالة ترتسم على شفتيها : -...وحدها كتاباتي...آآآآه خربشاتي...سيغطيها تراب ...غبار النسيان....ستحرق يوما كما يحرق الغرب جثثهم ...ستحرق و كأن وجودها كان معصية...أو سترسل في تابوت موضوع فوقه باقة ورد ، لتغرق و تلوث بحبرها ذلك الماء الطاهر...ستغرق و كأن وجودها كان أكبر ذنب... أن وجودها كان مخالفا لشريعة ما...تثبت بالدلائل و البراهين أن كتاباتي حرام بين...-
...تصمت ، فأعتقد للحظة أنها هدأت لتدوي بصرخة تنبع من أعماق أعماقها ...صرخة تعبر عن أحلامها التي اغتيلت...عن أملها الذي نفي...براءتها التي أعدمت وسط خبث لم ترد أن تتعلمه...و تتجه مجددا بلكمات نحو الجدار ..ربما لتتألم فتنسى بذلك ألم قلب يحتضر...، و ربما لأنها تخاف أن تؤذي أحدا اثر غضب يسيطر عليها ...فتراها تغلق الباب متفادية التعامل مع أي شخص ، حتى تقيه ونفسها من تصرفات جنونية قد تجرح ، تؤذي و تؤلم...و بذلك تجد نفسها قد غدت ضمن الفئة التي تكرهها و تضطر الى الاعتذار و الشعور بالذنب الذي كان الاحساس الوحيد الذي تخشاه...
...ترفع مرآتها... فتلمح دموع ظلم أحرقتها...تشهد ضعفا ما عهدته في نفسها و ما سطرته يوما في سجل مبادئها...تكسرها متمنية بذلك أن تكون قد كسرته و اياها....تكسرها بكل عنف ...ربما لينزاح شبح الحزن الذي خيم على وجهها و غشى مجال الرؤية لديها...
...بسؤال - اللماذا- تمزج بين مواضيع مختلفة : ...لماذا الظلم؟ لماذا الخيانة؟ لماذا النفاق؟ لماذا الكذب ؟ لماذا الغدر ؟ لماذا التمييز؟ لماذا الواسطة؟....
...تختم مسرحية الغضب ، لتنهار فوق سريرها...باكية ، تعانق دمية طالما كانت منشفة لدموعها ...تغطي جسدها كله...حتى وجهها... ، ...أراه يرتفع...و ينخفض بسبب شهقات تحاول جاهدة كبتها...
...لم تكن بطلة المسرحية هاته سوى ضحية أعياها الأمل الزائف...و كسرها الواقع المر...
...أجلس بالقرب منها دون أن ألامسها ، فهي تزداد بكاءا كلما عانقتها أو حاولت مسح دموعها ...ربما لإحساسها بشفقة لا تحبذها بتاتا...
...أجلس مطولا ....أعد شهقاتها دون ملل...لتتوقف فجأة فأدرك أنها غفت...أرفع الغطاء عنها قليلا ، فأجدها ببراءة طاهرة تضم دمية لحضنها تقول أنها وحدها رفيقتها في عالم لا تريد أن تكون من رواده...لا تريد أن تلج خبثه..
...أقف أمام النافذة...كم كان المنظر رائعا، خاصة و أن الغرفة في الطابق الأخير...تطل على الطريق المتلألئ بنور الأعمدة الكهربائية...تطل على ملعب ترتاده فتيات الهاتف ليلا...و تقطع علي رحلتي بشهقاتها بين الفينة و الأخرى
...أرفع ناظري الى السماء ...هي الأخرى كئيبة...غيوم قاتمة تنبئ عن جو عصيب
...يبدو أنها ستواسيها، فتبكي معها شتاءا باردة..
...كنت أفكر في تساؤلاتها...أسرح بعيدا من هنا...لتعيدني باستيقاظها المفاجئ اثر كابوس كان يراودها كلما غفت...أقترب منها...أمسك يدها...ربما لأحسها بنوع من الأمان...تلمح في عيناي دموعا....تعانقني ربما لأنها كانت تحس أنها السبب ...تكرر عبارات الاعتذار...تردد و كأنها ليست نفسها من كانت تعاني من اليأس قبل قليل : ....هي مجرد أيام قاسية...ستنزاح...صدقيني أننا سنتجاوزها...
...تبتسم ...أنظر اليها مندهشة. فتعيد القول : ..ستغدو مجرد ذكريات ...صدقيني...سنرويها ونحن نضحك على أنفسنا...كانت دوما تفاجئني بتغير مزاجها من يأس الى أمل ، و من حزن الى فرح ...كانت دوما مع انهمار دموعها ترسم ابتسامة ما...ضحكة لم أكن أفهمها...أبتسم و يكتفي كلانا بإخفاء قلق يسري داخلنا بتلك البسمة الزائفة...
....- لماذا جالسة بالقرب مني؟؟ لماذا لم تنامي ؟؟-...ها قد استيقظت ...أنظر اليها مرددة :...لا لا شيء، كنت فقط أسرح مع الذكريات....تبتسم و هي تقول : متأكدة أنك بخير؟؟...أدرك أنها تشك بصراحتي و تعتقد أن النوم قد جافاني لاشتياق...لمشكل أو ليأس كان يزورنا مرارا...أبتسم ...أردد : لا تخافي أنا بخير...
....تعود للنوم مطمئنة فأتساءل : هل تخلت عن حلمها؟؟ لم تذكره منذ قدومنا الى هنا؟؟...أخاف أن تكون قد فعلت...هل نسته؟ أم تناسته؟؟...أكره تخيل الأمر فطالما كانت كلماتها تعبر عن يومياتنا...آلامنا...أحزاننا...أفراحنا و حتى ذكرياتنا...طالما كانت تدون...هنا ...من هاته النافذة قصصا و حكايات...؟ ...هذا يعني أنني لن أصادفها أبدا و هي تكتب في دفتر العام الماضي -يوميات طالبة في الاقامة-؟؟
...أغمضت عيناي و تمنيت أن لا تفعل...أن لا تكون حقا قد كسرت....و جف حبرها....
مقتطف من -*يوميات طالبة في الاقامة*-
صرخة صمت
....جلست بالقرب منها، و هي تغط في النوم... و عادت بي الذاكرة الى نوبات جنونها المتكررة...كيف كنت أغوص جاهلة فن السباحة داخل عينين وحدهما كانتا بحرا أتعثر بين أمواجه المتضاربة...كيف كنت أعيش لحظة الغرق...لتنتشلي هي... نفسها الى الشاطئ...بقارب أمل وحدها كانت تتحكم به...تغرقه لحظة غضبها ...وتلملم شظاياه من القاع لحظة أملها.
...لا شيء آخر غيرهما كانا يفضحان حزنا يرتسم داخلهما...ترقرق عبرات على حافتهما بسبب ألم تحاول اخفائه... لمعانهما اثر نشوة تتسلل لقلبها الصغير الذي لا يحلم بغير الهناء...
...و تذكرت نوبة من نوبات غضبها...كيف أن عيناها كانتا تشعان نارا...سخطا... و ألما ...أركز لدرجة التيه وسط بريقهما الذي كان في ظل ذلك الغضب يخفي و يكبت دموع ضعف...
...تبحث عن وسيلة لتنزع عنها أحاسيسا ما عادت تقدر أن تتحملها أكثر...تنزع خاتم الوفاء الأزلي الذي وضعته كعقد وفاء للفراغ...للاشيء... و اللاموجود...
...بطريقة جنونية ، تلكم يدها على جدار الغرفة...و هي تصرخ : ...أريد الرحيل عن عالمكم الظالم ... تتمنى بين كلماتها الطائشة الموت برصاصة بين العينين...
..تصرخ كيف أنها لحد الساعة لم تتمكن من تعلم الدروس رغم تعرضها مرارا لطعنات كانت كفيلة بسحق طيبة قلبها...أو كما تقول تفاهة أفكارها...كيف أنها لازالت تمتلك أحاسيس صادقة ، مزقوها بكذبهم...بخيانتهم...بظلمهم و غدرهم اللامنتهي...كيف أنها تكتم شهقات آلمها ليلا...تغفر لأياد تخنق ببراءتها خنقا...براءتها التي تعلم علم اليقين أنها لن تنفع معهم...و أنها تحتاج لتربص كي تحترف فنيات الخبث...تحتاج لمصل نافع يكون مسؤولا عن تحويلها من خروف ضعيف لذئب ماكر...فقط لتغدو مثلهم... غير مهددة بالانقراض..
...كانت تصمت قليلا...لتقطع بتنهداتها ذلك الصمت الرهيب...،...ذهابا و ايابا تتجول في المساحة الضيقة لغرفة تلقبها بالسجن الانفرادي...و اقامة تمنحها وسام المعلم الأول لدروس الحياة...
...في غرفة اسودت جدرانها في وجهها... بكلام قاس تشتم نفسها...بلغة ندم تلعن وجودها في حياة لم و لن تكون أهلا لأن تعيشها...برغبة جامحة في الرحيل ، تواصل النظر الي صارخة أنها ما اعتقدت يوما أنها ستنهار مثل هذا الانهيار ...ما اعتقدت أنها ستتصرف يوما بهذا الجنون...
...و تحاول ايجاد تفسيرات...و اجابات لسؤال :- ماذا أتى بي الى هنا؟؟...لما لم أكتف بالجامعة القريبة من منزلنا؟؟...- ...تبتسم و تجيب نفسها بلغة ساخرة : -...آآآه لتحقيق أحلامي...التي بنيتها يوما بين جدران طفولة بريئة....رسمتها يوما مع طريق القطار ...مع التلال ...مع جبل *دوي*...مع شلال هو الآخر قد جف...تماما مثلي...- ...تكمل سخريتها....-..ربما لأغدو كاتبة...تتمكن من الاعلان عن قلمها المكبوت...عن خربشات تحلم بجعلها ابداعا ذات يوم...و ربما لأني صدقت يوما أن هناك كتابا جاؤوا من العدم....أن هناك كتابا تم تبني مواهبهم صدفة بصدفة...و ربما لأن أحلام مستغانمي أكبر من أضعها قدوة...-...تضحك بطريقة هستيرية على نفسها...كيف أنها اعتقدت للحظة أن الأوهام يمكن أن تغدو حقيقة...
...أحاول مقاطعتها بعبارة توقيعها في جل محاضراتها عن الحياة : -...عندما نريد...نصل...-...لتنفجر ضاحكة و هي تردد : -...لا تحاولي رفع معنوياتي لأن حتى ابراهيم الفقي رحمه الله لن يتمكن من ذلك...-...كان هو قائدها...عباراته راسخة في ذهنها...موته كان الكارثة الكبرى لها رغم أنها لازالت تحييه داخلها ..أجل كان يستحيل علي أن أقنعها بأمل أعدمته ، بفكرة بصمت عليها بالفشل الذريع...و الموت الأبدي...
...تواصل قولها...دموع متحجرة في مقلتيها...بسمة مغتالة ترتسم على شفتيها : -...وحدها كتاباتي...آآآآه خربشاتي...سيغطيها تراب ...غبار النسيان....ستحرق يوما كما يحرق الغرب جثثهم ...ستحرق و كأن وجودها كان معصية...أو سترسل في تابوت موضوع فوقه باقة ورد ، لتغرق و تلوث بحبرها ذلك الماء الطاهر...ستغرق و كأن وجودها كان أكبر ذنب... أن وجودها كان مخالفا لشريعة ما...تثبت بالدلائل و البراهين أن كتاباتي حرام بين...-
...تصمت ، فأعتقد للحظة أنها هدأت لتدوي بصرخة تنبع من أعماق أعماقها ...صرخة تعبر عن أحلامها التي اغتيلت...عن أملها الذي نفي...براءتها التي أعدمت وسط خبث لم ترد أن تتعلمه...و تتجه مجددا بلكمات نحو الجدار ..ربما لتتألم فتنسى بذلك ألم قلب يحتضر...، و ربما لأنها تخاف أن تؤذي أحدا اثر غضب يسيطر عليها ...فتراها تغلق الباب متفادية التعامل مع أي شخص ، حتى تقيه ونفسها من تصرفات جنونية قد تجرح ، تؤذي و تؤلم...و بذلك تجد نفسها قد غدت ضمن الفئة التي تكرهها و تضطر الى الاعتذار و الشعور بالذنب الذي كان الاحساس الوحيد الذي تخشاه...
...ترفع مرآتها... فتلمح دموع ظلم أحرقتها...تشهد ضعفا ما عهدته في نفسها و ما سطرته يوما في سجل مبادئها...تكسرها متمنية بذلك أن تكون قد كسرته و اياها....تكسرها بكل عنف ...ربما لينزاح شبح الحزن الذي خيم على وجهها و غشى مجال الرؤية لديها...
...بسؤال - اللماذا- تمزج بين مواضيع مختلفة : ...لماذا الظلم؟ لماذا الخيانة؟ لماذا النفاق؟ لماذا الكذب ؟ لماذا الغدر ؟ لماذا التمييز؟ لماذا الواسطة؟....
...تختم مسرحية الغضب ، لتنهار فوق سريرها...باكية ، تعانق دمية طالما كانت منشفة لدموعها ...تغطي جسدها كله...حتى وجهها... ، ...أراه يرتفع...و ينخفض بسبب شهقات تحاول جاهدة كبتها...
...لم تكن بطلة المسرحية هاته سوى ضحية أعياها الأمل الزائف...و كسرها الواقع المر...
...أجلس بالقرب منها دون أن ألامسها ، فهي تزداد بكاءا كلما عانقتها أو حاولت مسح دموعها ...ربما لإحساسها بشفقة لا تحبذها بتاتا...
...أجلس مطولا ....أعد شهقاتها دون ملل...لتتوقف فجأة فأدرك أنها غفت...أرفع الغطاء عنها قليلا ، فأجدها ببراءة طاهرة تضم دمية لحضنها تقول أنها وحدها رفيقتها في عالم لا تريد أن تكون من رواده...لا تريد أن تلج خبثه..
...أقف أمام النافذة...كم كان المنظر رائعا، خاصة و أن الغرفة في الطابق الأخير...تطل على الطريق المتلألئ بنور الأعمدة الكهربائية...تطل على ملعب ترتاده فتيات الهاتف ليلا...و تقطع علي رحلتي بشهقاتها بين الفينة و الأخرى
...أرفع ناظري الى السماء ...هي الأخرى كئيبة...غيوم قاتمة تنبئ عن جو عصيب
...يبدو أنها ستواسيها، فتبكي معها شتاءا باردة..
...كنت أفكر في تساؤلاتها...أسرح بعيدا من هنا...لتعيدني باستيقاظها المفاجئ اثر كابوس كان يراودها كلما غفت...أقترب منها...أمسك يدها...ربما لأحسها بنوع من الأمان...تلمح في عيناي دموعا....تعانقني ربما لأنها كانت تحس أنها السبب ...تكرر عبارات الاعتذار...تردد و كأنها ليست نفسها من كانت تعاني من اليأس قبل قليل : ....هي مجرد أيام قاسية...ستنزاح...صدقيني أننا سنتجاوزها...
...تبتسم ...أنظر اليها مندهشة. فتعيد القول : ..ستغدو مجرد ذكريات ...صدقيني...سنرويها ونحن نضحك على أنفسنا...كانت دوما تفاجئني بتغير مزاجها من يأس الى أمل ، و من حزن الى فرح ...كانت دوما مع انهمار دموعها ترسم ابتسامة ما...ضحكة لم أكن أفهمها...أبتسم و يكتفي كلانا بإخفاء قلق يسري داخلنا بتلك البسمة الزائفة...
....- لماذا جالسة بالقرب مني؟؟ لماذا لم تنامي ؟؟-...ها قد استيقظت ...أنظر اليها مرددة :...لا لا شيء، كنت فقط أسرح مع الذكريات....تبتسم و هي تقول : متأكدة أنك بخير؟؟...أدرك أنها تشك بصراحتي و تعتقد أن النوم قد جافاني لاشتياق...لمشكل أو ليأس كان يزورنا مرارا...أبتسم ...أردد : لا تخافي أنا بخير...
....تعود للنوم مطمئنة فأتساءل : هل تخلت عن حلمها؟؟ لم تذكره منذ قدومنا الى هنا؟؟...أخاف أن تكون قد فعلت...هل نسته؟ أم تناسته؟؟...أكره تخيل الأمر فطالما كانت كلماتها تعبر عن يومياتنا...آلامنا...أحزاننا...أفراحنا و حتى ذكرياتنا...طالما كانت تدون...هنا ...من هاته النافذة قصصا و حكايات...؟ ...هذا يعني أنني لن أصادفها أبدا و هي تكتب في دفتر العام الماضي -يوميات طالبة في الاقامة-؟؟
...أغمضت عيناي و تمنيت أن لا تفعل...أن لا تكون حقا قد كسرت....و جف حبرها....
مقتطف من -*يوميات طالبة في الاقامة*-
صرخة صمت