bibiyobillo
2012-12-24, 11:52
كيفية انتقاء كتاب الطفل وطرق الاستفادة منه
قحطان بيرقدار
أحاول في هذا المقال أن أعرض لكيفية انتقاء كتاب الطفل انطلاقاً من صفات هذا الكتاب، إضافة إلى بعض الملاحظات العلمية والعملية التي تسهل مهمة انتقاء الكتاب المناسب لأطفالنا، كما سأعرض لطرق الاستفادة من كتاب الطفل بعد انتقائه، وسأنوِّه هنا بدور البيت والمدرسة والمكتبة العامة في ذلك.
أولاً: كيفية انتقاء كتاب الطفل:
عملية اختيار كتاب للطفل عملية صعبة ولكنها ليست مستحيلة، ولا بد هنا من الإشارة إلى عالمين من القراءة الخاصة بالطفل:
• الأول عالم ما قبل المدرسة، وما لا يعرفه الكثير من الآباء والأمهات أن علاقة الطفل بالكتب تبدأ منذ الشهور الأولى حيث يهتم بالألوان والصور، كما أن اهتمام الطفل بالقراءة يبدأ بالبزوغ منذ السنة الثانية أو الثالثة وهذا يتوقف على جو البيت الثقافي، فالطفل الذي ينشأ في بيتٍ به مكتبة عامرة بالكتب ينتابه الفضول وحب الاطلاع على هذه الكتب لا سيما الملونة منها، في هذه المرحلة يأتي دور الأسرة في غرس عادة القراءة لدى الطفل من خلال اختيار الكتب والقصص والمجلات التي تأخذ الصورُ والأشكال التوضيحيةُ الحيزَ الأكبر منها، وهنا يأتي دور القارئ للكتاب سواء الأم أو الأب، فهنا ينصت الطفل ويستمع إلى تفاصيل القصة أو الكتاب ويبدي الاهتمام بالصور وينتابه الفضول. إن مرحلة الاستماع هذه مرحلة مهمة، حيث تمد الطفل بخبرات كبيرة وتثير خياله، وينتابه الفضول، ويتمنى لو كان هو الذي يقرأ هنا. في هذه السنوات المبكرة نكون قد غرسنا البذرةَ الأولى لحب القراءة، إن هذه المرحلة تزود الطفل بمئات من الكلمات والجمل والتراكيب اللغوية التي سيصطحبها معه إلى المدرسة.
• أما العالم الثاني فهو في مرحلة المدرسة حيث يبدأ الطفل تعلم القراءة، ونلاحظ أن الطفل الذي ارتبط بالكتاب في سنواتِ ما قبل المدرسة يكون لديه استعداد أكبر لتعلم القراءة وللتفوق الدراسي، وهنا يجب أن تكون الكتب التي نختارها للطفل قريبة من البيئة التي يعيش فيها وكأن الكتاب يحاكي هذه البيئة، ويكون الاختيار الأمثل في هذه المرحلة من قصص الحيوانات والتاريخ.
ولأن الطفل بدأ يتعلم القراءة فيجب ألاَّ تطغى الصورة على الكلمة، إنما نختار الكتب التي توازن بين الكلام المكتوب والصور، وفي هذه المرحلة يجب على الأسرة أن تنتقي للطفل مجلة من المجلات الموجهة للأطفال فتشترك له فيها أو تحرص على شرائها بانتظام، لأن الطفل يشعر بسعادة بالغة عندما يعرف أن هذه المجلة موجهه إليه شخصياً وسيحرص على قراءتها والاحتفاظ بأعدادها المختلفة ووضعها في مكتبته الخاصة به.
ورغم ذلك هناك عقبات عدة تقف أمام اختيار كتاب نموذجي نقدمه لأطفالنا:
فهناك كتَّاب كثيرون ممن يكتبون للأطفال لا يحددون في أغلب الأحيان المرحلة العمرية الموجه إليها الكتاب، وإنما يكتفون بأن يكتبوا على الغلاف مثلاً: قصص للأطفال، أو أناشيد للأطفال، وما إلى ذلك، وإذا ما سألتهم عن المرحلة العمرية التي يخاطبونها فإما أن يكون الجواب غير دقيق علمياً، وإما أن يقولوا بأنهم يكتبون للأطفال بشكل عام وكفى، وهذا بالتأكيد غير مقبول لأنه يؤدي في النهاية إلى تقديم الكتاب غير المناسب للطفل في مرحلته العمرية، مما يؤدي إلى عدم تحقيق الكتاب الغايةَ المرجوة منه.
ومن العقبات أيضاً أن هناك من أصحاب دور النشر أو المكتبات من ليس لديهم غالباً القدر الكافي من الثقافة العامة أو الثقافة الطفلية خاصة، فلا يقوِّمون كتب الأطفال التي ينشرونها أو يبيعونها من حيث قيمة مضمونها أو المرحلة العمرية الموجهة إليها، ويكتفون في الغالب بالاهتمام بالمظهر الخارجي للكتاب من حيث الألوان والرسوم، وغايتهم في ذلك الربح فقط، أما ثقافة الطفل والارتقاء بها فربما كانت أمراً ثانويًّا، كذلك فإن أولياء الأطفال والمعلمين - مع استثناءات قليلة - لا يتمتعون بالخبرة الكافية لتقييم الكتاب النموذجي للطفل، وهنا تراهم إما أن يتركوا موضوع الاختيار للناشر، أو البائع أو أن يستعينوا بغيرهم من أصحاب الخبرة إن ظفروا بهم، وإن لم يتم ذلك فإن النتيجة ستكون سلبية من حيث إن الكتاب غير المناسب سيكون بين يدي الطفل ولن يحقق منه نفعاً يذكر.
ومع ذلك فإننا نعذر الناشرين أو بائعي الكتب أو أولياء الأطفال، فلا نطالبهم بأن يكونوا أدباء أو مختصين تربويين، وإنما نطالبهم بأن يسعوا إلى تكوين ثقافية أدبية وتربوية خاصة بالأطفال، تمكنهم من أداء وظيفتهم بشكلها الأمثل.
أمَّا الكتاب الذين يكتبون للأطفال فلا نستطيع أن نعذرهم في ذلك، لأنهم هم الذين يكتبون، وهم الذين يريدون أن يوصلوا أفكارهم للأطفال. لذلك فإن الواجب عليهم أن يحددوا المرحلة العمرية التي يتوجهون إليها، وأن يطوروا خبراتهم ومهاراتهم وأن يواكبوا كل جديد فيما يتعلق بالكتابة للأطفال؛ حتى يؤدي عملهم الغاية المرجوة منها بشكل أمثل، وهذه مسؤولية الكتاب أولاً، ثم مسؤولية الجهات المعنية بتقويم كتب الأطفال، حيث يجب أن تشكل لجان قراءة شاملة ودقيقة لما ينتج من كتب الأطفال، من حيث القيمة الأدبية والناحية النفسية والتربوية، سواء في وزارات الثقافة والتربية والإعلام، أو في دائرة ثقافة الطفل، أو في جمعيات أدب الأطفال ومكتبات الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هذه اللجان متمتعة بالنزاهة والخبرة التربوية والأدبية الواسعة والذوق الفني الرفيع.
قد يكون هذا الطرح مثالياً صعب التحقيق بشكل من الأشكال، ولكنه ليس كذلك إذا ما تم التعامل معه بجدية ومن قبل أشخاص مسؤولين، لأن عملية وصول الكتاب النموذجي للطفل مهمة جداً في بناء شخصية هذا الطفل وتفتيح مداركه مما ينعكس على بناء المجتمع بشكل عام. (يتبـع).
قحطان بيرقدار
أحاول في هذا المقال أن أعرض لكيفية انتقاء كتاب الطفل انطلاقاً من صفات هذا الكتاب، إضافة إلى بعض الملاحظات العلمية والعملية التي تسهل مهمة انتقاء الكتاب المناسب لأطفالنا، كما سأعرض لطرق الاستفادة من كتاب الطفل بعد انتقائه، وسأنوِّه هنا بدور البيت والمدرسة والمكتبة العامة في ذلك.
أولاً: كيفية انتقاء كتاب الطفل:
عملية اختيار كتاب للطفل عملية صعبة ولكنها ليست مستحيلة، ولا بد هنا من الإشارة إلى عالمين من القراءة الخاصة بالطفل:
• الأول عالم ما قبل المدرسة، وما لا يعرفه الكثير من الآباء والأمهات أن علاقة الطفل بالكتب تبدأ منذ الشهور الأولى حيث يهتم بالألوان والصور، كما أن اهتمام الطفل بالقراءة يبدأ بالبزوغ منذ السنة الثانية أو الثالثة وهذا يتوقف على جو البيت الثقافي، فالطفل الذي ينشأ في بيتٍ به مكتبة عامرة بالكتب ينتابه الفضول وحب الاطلاع على هذه الكتب لا سيما الملونة منها، في هذه المرحلة يأتي دور الأسرة في غرس عادة القراءة لدى الطفل من خلال اختيار الكتب والقصص والمجلات التي تأخذ الصورُ والأشكال التوضيحيةُ الحيزَ الأكبر منها، وهنا يأتي دور القارئ للكتاب سواء الأم أو الأب، فهنا ينصت الطفل ويستمع إلى تفاصيل القصة أو الكتاب ويبدي الاهتمام بالصور وينتابه الفضول. إن مرحلة الاستماع هذه مرحلة مهمة، حيث تمد الطفل بخبرات كبيرة وتثير خياله، وينتابه الفضول، ويتمنى لو كان هو الذي يقرأ هنا. في هذه السنوات المبكرة نكون قد غرسنا البذرةَ الأولى لحب القراءة، إن هذه المرحلة تزود الطفل بمئات من الكلمات والجمل والتراكيب اللغوية التي سيصطحبها معه إلى المدرسة.
• أما العالم الثاني فهو في مرحلة المدرسة حيث يبدأ الطفل تعلم القراءة، ونلاحظ أن الطفل الذي ارتبط بالكتاب في سنواتِ ما قبل المدرسة يكون لديه استعداد أكبر لتعلم القراءة وللتفوق الدراسي، وهنا يجب أن تكون الكتب التي نختارها للطفل قريبة من البيئة التي يعيش فيها وكأن الكتاب يحاكي هذه البيئة، ويكون الاختيار الأمثل في هذه المرحلة من قصص الحيوانات والتاريخ.
ولأن الطفل بدأ يتعلم القراءة فيجب ألاَّ تطغى الصورة على الكلمة، إنما نختار الكتب التي توازن بين الكلام المكتوب والصور، وفي هذه المرحلة يجب على الأسرة أن تنتقي للطفل مجلة من المجلات الموجهة للأطفال فتشترك له فيها أو تحرص على شرائها بانتظام، لأن الطفل يشعر بسعادة بالغة عندما يعرف أن هذه المجلة موجهه إليه شخصياً وسيحرص على قراءتها والاحتفاظ بأعدادها المختلفة ووضعها في مكتبته الخاصة به.
ورغم ذلك هناك عقبات عدة تقف أمام اختيار كتاب نموذجي نقدمه لأطفالنا:
فهناك كتَّاب كثيرون ممن يكتبون للأطفال لا يحددون في أغلب الأحيان المرحلة العمرية الموجه إليها الكتاب، وإنما يكتفون بأن يكتبوا على الغلاف مثلاً: قصص للأطفال، أو أناشيد للأطفال، وما إلى ذلك، وإذا ما سألتهم عن المرحلة العمرية التي يخاطبونها فإما أن يكون الجواب غير دقيق علمياً، وإما أن يقولوا بأنهم يكتبون للأطفال بشكل عام وكفى، وهذا بالتأكيد غير مقبول لأنه يؤدي في النهاية إلى تقديم الكتاب غير المناسب للطفل في مرحلته العمرية، مما يؤدي إلى عدم تحقيق الكتاب الغايةَ المرجوة منه.
ومن العقبات أيضاً أن هناك من أصحاب دور النشر أو المكتبات من ليس لديهم غالباً القدر الكافي من الثقافة العامة أو الثقافة الطفلية خاصة، فلا يقوِّمون كتب الأطفال التي ينشرونها أو يبيعونها من حيث قيمة مضمونها أو المرحلة العمرية الموجهة إليها، ويكتفون في الغالب بالاهتمام بالمظهر الخارجي للكتاب من حيث الألوان والرسوم، وغايتهم في ذلك الربح فقط، أما ثقافة الطفل والارتقاء بها فربما كانت أمراً ثانويًّا، كذلك فإن أولياء الأطفال والمعلمين - مع استثناءات قليلة - لا يتمتعون بالخبرة الكافية لتقييم الكتاب النموذجي للطفل، وهنا تراهم إما أن يتركوا موضوع الاختيار للناشر، أو البائع أو أن يستعينوا بغيرهم من أصحاب الخبرة إن ظفروا بهم، وإن لم يتم ذلك فإن النتيجة ستكون سلبية من حيث إن الكتاب غير المناسب سيكون بين يدي الطفل ولن يحقق منه نفعاً يذكر.
ومع ذلك فإننا نعذر الناشرين أو بائعي الكتب أو أولياء الأطفال، فلا نطالبهم بأن يكونوا أدباء أو مختصين تربويين، وإنما نطالبهم بأن يسعوا إلى تكوين ثقافية أدبية وتربوية خاصة بالأطفال، تمكنهم من أداء وظيفتهم بشكلها الأمثل.
أمَّا الكتاب الذين يكتبون للأطفال فلا نستطيع أن نعذرهم في ذلك، لأنهم هم الذين يكتبون، وهم الذين يريدون أن يوصلوا أفكارهم للأطفال. لذلك فإن الواجب عليهم أن يحددوا المرحلة العمرية التي يتوجهون إليها، وأن يطوروا خبراتهم ومهاراتهم وأن يواكبوا كل جديد فيما يتعلق بالكتابة للأطفال؛ حتى يؤدي عملهم الغاية المرجوة منها بشكل أمثل، وهذه مسؤولية الكتاب أولاً، ثم مسؤولية الجهات المعنية بتقويم كتب الأطفال، حيث يجب أن تشكل لجان قراءة شاملة ودقيقة لما ينتج من كتب الأطفال، من حيث القيمة الأدبية والناحية النفسية والتربوية، سواء في وزارات الثقافة والتربية والإعلام، أو في دائرة ثقافة الطفل، أو في جمعيات أدب الأطفال ومكتبات الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون هذه اللجان متمتعة بالنزاهة والخبرة التربوية والأدبية الواسعة والذوق الفني الرفيع.
قد يكون هذا الطرح مثالياً صعب التحقيق بشكل من الأشكال، ولكنه ليس كذلك إذا ما تم التعامل معه بجدية ومن قبل أشخاص مسؤولين، لأن عملية وصول الكتاب النموذجي للطفل مهمة جداً في بناء شخصية هذا الطفل وتفتيح مداركه مما ينعكس على بناء المجتمع بشكل عام. (يتبـع).