رشيد جميل
2012-12-17, 11:47
المتاهة: أنا رشيد ورشيد الآخر "رشيد جميل"
أيها السادة، إنه للآخر، لرشيد، من تقع الوقائع، إنني أسير خلال شوارع المدينة الكبيرة، فأتوقف، لعلني بصورة آلية، لمشاهدة المباني والمحلات والمكتبات، أو الأبواب المثلثة المصاريع، تصلني أخبار رشيد بواسطة البريد الاليكتروني، وأرى اسمه في لائحة كراسي علمية أو في معجم تراجم، أو في صفحات "الفيس بوك"، أحب كل ما هو نادر وغريب، والخرائط، وطباعة القرن الثامن عشر التي تكون أوراقها صفراء، ورائحة القهوة، ونثر ماركيز، وألف ليلة وليلة، ويشاركني الآخر هذه الميولات ولكن على نحو مغرور يجعل منها ميزات مثل: سيكون من المبالغ فيه الادعاء بأن علاقاتنا عدائية، فأنا أحيا، وأترك نفسي تحيا كي يستطيع رشيد حَبك كلماته وأدبه، وهذا الأدب يبررني، إنه لا يضيرني شيئا أن أعترف بأنه تمكن من كتابة صفحات قليلة قيمة: بيد أن هذه الصفحات لا تستطيع إنقاذي، ربما لأن الجميل لم يعد ملكا لأحد، بما في ذلك الآخر، وإنما هو ملك للغة والتراث، وللأشخاص الذين يحبهم المرء، عدا ذلك، فإن قدري الضياع، بصورة نهائية، وسوف لن يبقى فيَّ الآخر غير لحظة ما مني. رويدا رويدا أتنازل له عن كل شيء، وإن كانت عادته الفتانة في التزوير والتضخيم تكلفني المشقة، لقد فهم فلاسفة الأخلاق والمتكلمون العرب، بأن الأشياء تريد البقاء في كينونتها، فالحجرة تريد أن تظل حجرة، والقط يريد أن يبقى قطا إلى الأبد، أما أنا فعليَّ أن أبقى في رشيد، وليس في ذاتي، ومع ذلك فإنني أتعرف على نفسي في جُمله وأقواله، أكثر مما أتعرف عليها في كتب أخرى عديدة أو في السماع المتواصل للموسيقى، أو حتى العمل، منذ سنوات حاولت تخليص نفسي منه، فتحولت عن أساطير المال والترحال إلى التسلي بالفكر والزمن واللامتناهي وحتى الحب، غير أن هذه التسالي غدت في ملك رشيد الآن، ويجد ربي أن أتخيل أمورا غيرها، هكذا حياتي هروب، وأنا أفقد كل شيء، وكل الأشياء تغدوا في ملك النسيان أو في ملك الآخر.
لست أعلم أي الإثنين يكتب هذه الكلمات.
أيها السادة، إنه للآخر، لرشيد، من تقع الوقائع، إنني أسير خلال شوارع المدينة الكبيرة، فأتوقف، لعلني بصورة آلية، لمشاهدة المباني والمحلات والمكتبات، أو الأبواب المثلثة المصاريع، تصلني أخبار رشيد بواسطة البريد الاليكتروني، وأرى اسمه في لائحة كراسي علمية أو في معجم تراجم، أو في صفحات "الفيس بوك"، أحب كل ما هو نادر وغريب، والخرائط، وطباعة القرن الثامن عشر التي تكون أوراقها صفراء، ورائحة القهوة، ونثر ماركيز، وألف ليلة وليلة، ويشاركني الآخر هذه الميولات ولكن على نحو مغرور يجعل منها ميزات مثل: سيكون من المبالغ فيه الادعاء بأن علاقاتنا عدائية، فأنا أحيا، وأترك نفسي تحيا كي يستطيع رشيد حَبك كلماته وأدبه، وهذا الأدب يبررني، إنه لا يضيرني شيئا أن أعترف بأنه تمكن من كتابة صفحات قليلة قيمة: بيد أن هذه الصفحات لا تستطيع إنقاذي، ربما لأن الجميل لم يعد ملكا لأحد، بما في ذلك الآخر، وإنما هو ملك للغة والتراث، وللأشخاص الذين يحبهم المرء، عدا ذلك، فإن قدري الضياع، بصورة نهائية، وسوف لن يبقى فيَّ الآخر غير لحظة ما مني. رويدا رويدا أتنازل له عن كل شيء، وإن كانت عادته الفتانة في التزوير والتضخيم تكلفني المشقة، لقد فهم فلاسفة الأخلاق والمتكلمون العرب، بأن الأشياء تريد البقاء في كينونتها، فالحجرة تريد أن تظل حجرة، والقط يريد أن يبقى قطا إلى الأبد، أما أنا فعليَّ أن أبقى في رشيد، وليس في ذاتي، ومع ذلك فإنني أتعرف على نفسي في جُمله وأقواله، أكثر مما أتعرف عليها في كتب أخرى عديدة أو في السماع المتواصل للموسيقى، أو حتى العمل، منذ سنوات حاولت تخليص نفسي منه، فتحولت عن أساطير المال والترحال إلى التسلي بالفكر والزمن واللامتناهي وحتى الحب، غير أن هذه التسالي غدت في ملك رشيد الآن، ويجد ربي أن أتخيل أمورا غيرها، هكذا حياتي هروب، وأنا أفقد كل شيء، وكل الأشياء تغدوا في ملك النسيان أو في ملك الآخر.
لست أعلم أي الإثنين يكتب هذه الكلمات.