the last star
2012-12-16, 17:11
عندما تلتقي استراتيجيتنا باستراتيجية العدو لابد من اجراء التعديلات المناسبة من طرفنا لكي لا تصب جهودنا في مصلحة العدو، لاسيما والعدو هو الأقدر على جني الثمار بما لديه من قدرة وأدوات.. إننا لا نستطيع الإدعاء بأننا يمكن أن ننهي المعركة بخداع العدو واستغلاله والضحك عليه.. إننا حينذاك نرتكب خطيئة استراتيجية وهذا النوع من الأخطاء قاتل بل ومدمر على مدار أجيال، وكم من الأخطاء ارتكبنا أليس مثال ملوك الطوائف وحروبهم واستنجادهم بالصليبيين قائم وشاهد على كيفية ضياع الأندلس كلها.. وهذا بالضبط ينطبق على ما يجري في سوريا، اليوم يستنجد بعض المسلمين بالصليبيين ولمحاربة إخوانهم المسلمين وهنا ليس مجال مناقشة النوايا والأخلاق، ولعلنا لا نشك في نوايا كثير من المقاتلين المتمردين بأنهم يريدون دولة عزيزة كريمة يعزّ فيها الإسلام وأهله، ولكن نتائج الصراع لا تحددها النوايا إنما اشتراطات أخرى كثيرة.. فكيف يتم الاهتداء برأي الأمريكان والغربيين لإسقاط دمشق؟؟ خطيئة استراتيجية قاتلة.
أما عندما يتم التفكير بشن غارات مسلحة على مدينة هي العاصمة، فيما يتركز النظام بكل قوته وأسلحته وخلاصة قواته وخططه العسكرية التي اتسمت بكثير من المناورة والمؤامرة .. عندما يحصل ذلك فإن خطأ تكتيكيا ينتهي بالمهاجمين المسلحين من المتمردين إلى مذبحة ماحقة، وهذا ما حصل في الأيام الأخيرة عندما جهّز جيش "النصرة" أمره وشن حملته فيما سمي بغزوة دمشق، وتساوقت محطات التفزيون القطرية والسعودية بتغطية إعلامية نفسية واسعة، وتواردت الأنباء عن قرب فرار الأسد أو احتمال إعدامه، وبدأ كثيرون يتحدثون عن اجراءات لتهريبه وتزمينه.. استفاد النظام من جو الطمأنينة الواسع هذا وأعد خطته العسكرية التي كانت نتائجها ما أصبح واضحا أن هناك مذبحة لحقت بالمسلحين.
هنا ليس مهما تحديد جبهة الحق وجبهة الباطل، فكم من مرة هزم الحق لأنه لم يعد عدة الانتصار من استراتيجية وتكتيك وحشد لوسائل الانتصار!! المهم هنا أن نتأمل المعركة والقوى على جنباتها لكي لا يكون التغيير دربا للمأساة والتدمير، فلكم غاب عن العقل والحكمة جهود كثيرة للتغيير فيما لم يكن من المتوفر أسباب التغيير!! ولهذا كان الشرع الإسلامي واضحا وحكيما وهو يحذّر من الاندفاع للتغيير باليد في حال عدم توفر الإمكانات، بل وذهب العلماء الكبار إلى تأثيم من يحاول إزاحة إثم بإثم أكبر منه.
غزوة دمشق انتهت إلى مأساة دفع أبناء سوريا جراءها تضحيات جسيمة، وخسرت البلاد إمكانات كم كانت في حاجة إليها للصمود بموقفها ضد الانهيار الرسمي العربي.. غزوة دمشق عنوان لمرحلة مضت وينبغي أن تتوقف حفظا للأرواح والإمكانات والطاقات لأن الاستمرار في مثل هذا الدرب محكوم عليه بالفشل، ذلك لأنه ليس صافيا وخالصا بل مشوبا بأطماع العدو المتربص للانقضاض لحظة الحسم المناسبة.
في ظل هذه الأوضاع يتم الحديث عن تسوية بإشراف أمريكي روسي الشهر القادم، أي بعد الأجل الذي تقترحه أمريكا لحسم المعركة أو لتحسين شروط المفاوضات.. وهنا يكبر السؤال أين الموقف العربي؟ أين الوساطة العربية أين المبادرات العربية؟؟!!
الكاتب : صالح عوض (http://www.djelfa.info/vb/author/saleh_awadh/)
الشروق الجزائرية
أما عندما يتم التفكير بشن غارات مسلحة على مدينة هي العاصمة، فيما يتركز النظام بكل قوته وأسلحته وخلاصة قواته وخططه العسكرية التي اتسمت بكثير من المناورة والمؤامرة .. عندما يحصل ذلك فإن خطأ تكتيكيا ينتهي بالمهاجمين المسلحين من المتمردين إلى مذبحة ماحقة، وهذا ما حصل في الأيام الأخيرة عندما جهّز جيش "النصرة" أمره وشن حملته فيما سمي بغزوة دمشق، وتساوقت محطات التفزيون القطرية والسعودية بتغطية إعلامية نفسية واسعة، وتواردت الأنباء عن قرب فرار الأسد أو احتمال إعدامه، وبدأ كثيرون يتحدثون عن اجراءات لتهريبه وتزمينه.. استفاد النظام من جو الطمأنينة الواسع هذا وأعد خطته العسكرية التي كانت نتائجها ما أصبح واضحا أن هناك مذبحة لحقت بالمسلحين.
هنا ليس مهما تحديد جبهة الحق وجبهة الباطل، فكم من مرة هزم الحق لأنه لم يعد عدة الانتصار من استراتيجية وتكتيك وحشد لوسائل الانتصار!! المهم هنا أن نتأمل المعركة والقوى على جنباتها لكي لا يكون التغيير دربا للمأساة والتدمير، فلكم غاب عن العقل والحكمة جهود كثيرة للتغيير فيما لم يكن من المتوفر أسباب التغيير!! ولهذا كان الشرع الإسلامي واضحا وحكيما وهو يحذّر من الاندفاع للتغيير باليد في حال عدم توفر الإمكانات، بل وذهب العلماء الكبار إلى تأثيم من يحاول إزاحة إثم بإثم أكبر منه.
غزوة دمشق انتهت إلى مأساة دفع أبناء سوريا جراءها تضحيات جسيمة، وخسرت البلاد إمكانات كم كانت في حاجة إليها للصمود بموقفها ضد الانهيار الرسمي العربي.. غزوة دمشق عنوان لمرحلة مضت وينبغي أن تتوقف حفظا للأرواح والإمكانات والطاقات لأن الاستمرار في مثل هذا الدرب محكوم عليه بالفشل، ذلك لأنه ليس صافيا وخالصا بل مشوبا بأطماع العدو المتربص للانقضاض لحظة الحسم المناسبة.
في ظل هذه الأوضاع يتم الحديث عن تسوية بإشراف أمريكي روسي الشهر القادم، أي بعد الأجل الذي تقترحه أمريكا لحسم المعركة أو لتحسين شروط المفاوضات.. وهنا يكبر السؤال أين الموقف العربي؟ أين الوساطة العربية أين المبادرات العربية؟؟!!
الكاتب : صالح عوض (http://www.djelfa.info/vb/author/saleh_awadh/)
الشروق الجزائرية