المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان مشايخ الإصلاح: هل السلفية خطر على الجزائر؟


مهدي الباتني
2012-12-15, 14:27
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخواني هذا بيان واجماع مشايخ الجزائر على من ادعى وتكبر وقال بأن السلفية خطر على الجزائر؟

اليكم الرابط
مقال مهم جدا

http://www.tasfiatarbia.org/vb/showthread.php?t=9670

الجليس الصلح
2012-12-15, 18:50
سبحان الله بسبب الضعف الكبير في فهم الدين يتهمون السلفية بالخطر

نسمة 16
2012-12-17, 11:50
الان فيه الشيخ شمس الدين وهو من مشايخ الجزائر ويساعد الناس على فهم دينهم بطريقة مبسطة

مهدي الباتني
2012-12-18, 21:29
الان فيه الشيخ شمس الدين وهو من مشايخ الجزائر ويساعد الناس على فهم دينهم بطريقة مبسطة

هل مثل هذا يسمى شيخ
أعقل يا هذا

غذا لما لا تكون انت شيخا

والله تتعجب من اناس يزكون كل من يرونه على التلفاز ولو كان علمانيا ولو كان غخوانيا

المقصد هو السنة اتباع السنة
لا يغرنكم كثرة كلامهم بقدر ما يهمكم اتباعهم للسنة

فتاواه والله يسخر من الشيوخ الطاعنون في السن

بل يسخرون منه في المجالس

والله في الجزائر العاصمة لا يسمع به احد

لا يعرفه احد


كيف تشيخ جاهل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الله المستعان

د.عادل
2012-12-18, 21:57
طبعا نحن نختار العلماء و المشايخ كما نختار ماركات الثياب ... هذا يناسبني و هذا لا يناسبني ... هذا للصيف و هذا للشتاء .... هذا للخروج و هذا للبيت ....

مهدي الباتني
2012-12-18, 22:08
طبعا نحن نختار العلماء و المشايخ كما نختار ماركات الثياب ... هذا يناسبني و هذا لا يناسبني ... هذا للصيف و هذا للشتاء .... هذا للخروج و هذا للبيت ....

هذه شنشنة نعرفها من أخزم

هذه هي الطريقة التي عهدناه على اهل البدع


كلما سمعوا أو قراوا نصا سلفيا أثريا
ردوه بعقولهم

لأنهم ابانء عبد الرحمن بن ملجم الحروري الخبيث


عفاني الله من هذا المسلك والمزلق الخطير
الحمد لله على نعمة الاسلام
والحمد لله على نعمة السنة

نهى اسطاوالي
2012-12-18, 22:08
نعم ماركات الثياب بل قل ماركات العقول كل حسب عقله صاحب العقل السليم يختار الشيخ السليم ممن زكاه العلماء واثنو عليه وباركو علمه فاليوم اختلفت العقول وكثر التهريج والكلام وماعسانا الا ان نقول لا حول ولا قوة الا بالله العظيم
وبصراحة انا لم اسمع بهذا الشيخ اطلاقا لاكون صريحة كنت في بيت اقاربي ومر هذا الرجل في قناة النهار على ما اظن وكان يتحدث عن الانتخابات فنطقت احدى قريباتي وهي ليست متدينة قالت زعما سلفي وداير لحية ويجوز الانتخابات قلت سبحان الله العوام يعرفون ومن ينتسبون الى الدين يجهلون

مهدي الباتني
2012-12-19, 07:06
نعم ماركات الثياب بل قل ماركات العقول كل حسب عقله صاحب العقل السليم يختار الشيخ السليم ممن زكاه العلماء واثنو عليه وباركو علمه فاليوم اختلفت العقول وكثر التهريج والكلام وماعسانا الا ان نقول لا حول ولا قوة الا بالله العظيم
وبصراحة انا لم اسمع بهذا الشيخ اطلاقا لاكون صريحة كنت في بيت اقاربي ومر هذا الرجل في قناة النهار على ما اظن وكان يتحدث عن الانتخابات فنطقت احدى قريباتي وهي ليست متدينة قالت زعما سلفي وداير لحية ويجوز الانتخابات قلت سبحان الله العوام يعرفون ومن ينتسبون الى الدين يجهلون

الله اكبر


نعم عندما يكون العقل صافي من الشهوات والشبهات فانه ينطق الحكمة مهما كان الشخص

د.عادل
2012-12-19, 08:23
هذه شنشنة نعرفها من أخزم

هذه هي الطريقة التي عهدناه على اهل البدع


كلما سمعوا أو قراوا نصا سلفيا أثريا
ردوه بعقولهم

لأنهم أبناء عبد الرحمن بن ملجم الحروري الخبيث


عفاني الله من هذا المسلك والمزلق الخطير
الحمد لله على نعمة الاسلام
والحمد لله على نعمة السنة

أولا، علمنا السلف الصالح أن نقول " الحمد لله على نعمة الإسلام " و نحن على نهج السلف سلئون من البدع بريئون.. لا نضيف إلى ما قالوا ما يحور المعنى و لا ننقص منه ما يفسد المبنى.

ثانيا : أراك تنتقل من دائرة النقاش إلى دائرة الهجوم ... و كأنما قولي أعلاه لا يتفق و أراء السلف الصالح و علماء الأمة من أهل السنة الذين ينكرون علينا القدح في العلماء

قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته)

وقال أبو سنان الأسدي: (إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟!)

وقال الإمام أحمد بن الأذرعي: (الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب)

وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول:
(كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين)

قال الإمام الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: (ما هذا؟! قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة)

وقيل: إن أولاد يحيى – أي ابن خالد البرمكي – قالوا له وهم في القيود مسجونين: (يا أبت صرنا بعد العز إلى هذا؟!) قال: (يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها)

وروي عن الإمام أحمد أنه قال: (لحوم العلماء مسمومة، من شمها مرض، ومن أكلها مات)

ويقول العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى:
(بادرة ملعونة.. وهي تكفير الأئمة: النووي، وابن دقيق العيد، وابن حجر العسقلاني، أو الحط من أقدارهم، أو أنهم مبتدعة ضلال، كل هذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال، وفساد وإفساد، وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به، لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون)

ومن شؤم تلويث الجو الدعوي بالطعن في العلماء، وتجريح الأخيار:
التسبب في انزواء بعض هؤلاء الأخيار، وابتعادهم عن ساحة التربية والتعليم والدعوة، صيانة لأعراضهم، وحفظاً لحياة قلوبهم؛ لأن القلوب الحرة يؤذيها التعكير:
(إن الحساسية تبلغ مداها لدى الداعية السوي، ونفسه تعاف كل جو خانق غير نقي، إن روحه لا تطيق الأجواء المغبرة وانعدام الأوكسجين، ومؤلمة هي لفحات التراب.. أسلوب في القتل هو الخنق، ونمط في الإرهاب الطائش هو العصف)

قال الطحاوي: وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
هذه الجملة من هذه العقيدة المباركة قَرَّرَ فيها الطحاوي منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع أهل العلم من أهل الأثر وأهل الفقه.

و نحن أهل السنة نؤمن أن كل العلماء و المشايخ ما أرادوا إلا نصرة الشريعة والحفاظ على العلم والفقه.....نعم هم درجات في مقامهم وفي علمهم، لكنَّهُم لا يذكرون إلا بالجميل ، والله - عز وجل - سَخَّرَ هؤلاء لشيء وسَخَّرْ هؤلاء لشيء، والوسط هو سِمَةُ أهل الاعتدال وسِمَةُ أهل السنة والجماعة كما كان عليه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والشافعي ومالك وأبي حنيفة وجماعات أهل العلم فإنهم كانوا على هذا السبيل.

إن القدح في أهل العلم فيما أخطؤوا فيه... يرجع في الحقيقة عند العامة إلى قدح في حملة الشريعة و نقلة الشريعة وبالتالي فيضعف في النفوس محبة الشّرع؛ لأنَّ أهل العلم حينئذٍ في النفوس ليسوا على مقامٍ رفيع وليسوا على منزلةٍ رفيعة في النفوس.

فحينئذ يسود الشك فيما ينقلونه من الدين وفيما يحفظون به الشريعة، فتؤول الأمور حينئذ إلى الأهواء والآراء فلا يكون ثَمَّ مرجعية إلى أهل العلم فيما أشكل على الناس فَتَتَفَصَّمْ عرى الإيمان....

فأنت تسفه هذا هذا العالم و أنا أسفه العالم الآخر ... و هكذا لا يعود للعلماء عند العوام قيمة و لا قدر و لا مكانة.

و لم يكن الفقهاء الكبار من السلف الصالح يردون بعضهم على بعض، بل كانوا يكتفون بالفتوى فيما يعرض عليهم من أمور دون تسخيف غيرهم ... فلم نر لهذا السلوك أثرا في كل ما بلغنا من سيرة الإئمة الأربعة رضوان الله عليهم ....

و حتى إن رد العالم على العالم فهما عالمان آتاهما الله علما و أدبا لم يؤته العامة من الناس، أما نحن فأقل شانا من نرد على عالم إلا تعلما ... و قد قال سلفنا الصالح " تعلموا الأدب قبل أن تتعلموا العلم "


---------------------------------------------------------------------------------------------------------

قول الشيخ ابن عثيمين في تجريح العلماء

س - ما رأي فضيلة الشيخ في بعض الشباب ومنهم بعض طلبة العلم الذين صار ديدنهم التجريح في بعضهم البعض وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم ، هل هذا عمل شرعي يثاب عليه أو يعاقب عليه ؟

ج- الذي أرى أن هذا عمل محرم ، فإذا كان لا يجوز لإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن . وإن لم يكن عالماً فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين ، والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين . قال الله تعالى { يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه . واتقوا الله .. } الآية ، وليعلم هذا الذي ابتلى بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سبباً في رد ما يقوله هذا العالم من الحق . فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحاً شخصياً بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم .
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو مورث عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح ، ولست أقول إن كل عالم معصوم ، بل كل إنسان معرض للخطأ ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده ، فاتصل به وتفاهم معه ، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجد لقوله مساغاً وجب عليك الكف ، وإن لم تجد لقوله مساغاً فاحذر من قوله لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز .. لكن لا تجرحه وهو عالم معروف مثلاً بحسن النية ، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه ، لجرحنا علماء كباراً ، ولكن الواجب هو ما ذكرت ، وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه ، فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك .. أو لا يتبي الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ وحينئذ يجب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول ولتقل أنت ما تقول ..
والحمد لله .. الخلاف ليس في هذا العصر فقط .. الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا ، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصاراً لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه ، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه ، لأنه هذا الرجل قد يقول قولاً حقاً في غير ما جادلته فيه .
فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهذا المرض وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا .

الشيخ ابن عثيمين

المصدر : فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء:
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
إضافة إلى اللجنة الدائمة
وقرارات المجمع الفقهي

د.عادل
2012-12-19, 09:00
نعم ماركات الثياب بل قل ماركات العقول كل حسب عقله صاحب العقل السليم يختار الشيخ السليم ممن زكاه العلماء واثنو عليه وباركو علمه فاليوم اختلفت العقول وكثر التهريج والكلام وماعسانا الا ان نقول لا حول ولا قوة الا بالله العظيم
وبصراحة انا لم اسمع بهذا الشيخ اطلاقا لاكون صريحة كنت في بيت اقاربي ومر هذا الرجل في قناة النهار على ما اظن وكان يتحدث عن الانتخابات فنطقت احدى قريباتي وهي ليست متدينة قالت زعما سلفي وداير لحية ويجوز الانتخابات قلت سبحان الله العوام يعرفون ومن ينتسبون الى الدين يجهلون


صاحب العقل السليم يختار الشيخ السليم

قد يكون صاحب التعليق صاحب عقل سليم فتصلح معه هذه المقولة، و لكن كم عدد أبناء هذه الأمة الذين وصلت عقولهم هذه الدرجة من رجاحة العقل و سعة العلم و بعد النظر حتى يكونوا مؤهلين " لإختيار الشيخ السليم " ؟

من ؟ و قد صرنا إلى زمن لم نعد فيه نحفظ كتاب الله على الأقل فضلا عن أحاديث نبيه و أقوال صحابته ؟

و كيف لمن لا يحفظ كتاب الله و احاديث نبيه و أقوال صحابة رسوله أن يدرك أي عالم من العلماء و أي شيخ من الشيوخ هو على الطريق الصحيح، و نحن أصلا لا نعرف ما هو الطريق الصحيح في أمور الدنيا فما بالكم بأمور الدين؟

نحن العوام لم ندرس الفقه و أصول الدين و علوم القرآن و علم الحديث، فعلى أي أساس نحكم على هذا العالم أو ذاك ؟

نحن لا نتفق مع من يحكم على المهندس و على الطبيب و على الأستاذ الجامعي و على عالم الفيزياء و الرياضيات إلا إذا كان صاحب الحكم أكثر خبرة و مكانة علمية ممن يحكم عليهم، فلم أجد من يوافق نادل مقهى أو حارس عمارة إذا قال لهم أن الدكتور بوناطيرو جاهل و غير عالم، و أن الدكتور عبد المالك سراي لايفهم شيئا في الإقتصاد أو أن توفيق الحكيم لا يفهم شيئا في الأدب .... سيقول الجميع لهذا النادل أو حارس العمارة " من أنت لتحكم على هؤلاء " ... و لكننا حين يتعلق الأمر بالعلماء و المشايخ لا نجد حرجا في الخوض في أعراضهم و التشكيك في نواياهمو الإنتقاص من قيمة علمهم .

و الغريب أنه السلوك نفسه الذي إتبعه غلاة الشيعة في جرح الصحابة ليس لشخصهم بل لكونهم حملة الشريعة و ناقليها، فمتى جرح الحامل جرح المحمول، و لست أعجب إلا ممن يدعي " السنة " و يتصرف كغلاة الشيعة ....


و القول " بإختيار الشيخ السليم " يفتح الباب أمام كل نفس مريضة لتبحث في آراء جميع العلماء عما يوافق هواها، فلا يعود لشرع الله قيمة في نظر الناس، فحيث يختلف العلماء يجوز للمرء الأخذ بالرأي الأكثر إتفاقا مع رغبات النفس و ميولها ... و قد تعلمنا نحن أهل السنة أن نتبع ما يتوافق مع الشرع لا ما يتفق و الهوى.

زعما سلفي وداير لحية ويجيز الانتخابات



غريب أمر هذا الإستنتاج ؟
من حرم " الإنتخابات " حتى يلام الشيخ على إباحتها ؟ و هل خرج الشيخ عن إجماع العلماء حول عدم جواز عرض الأحكام العقدية، والأحكام التعبدية، والأحكام التشريعية، للتصويت، لأن الأمر فيها لله وحده.

أما غير هذه الأمور، فلقد إنقسم العلماء فريقين..... و لقد جاء في كتاب "معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية" للشيخ مناع القطان رحمه الله حيث ذكر فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رداً على سؤال: عن شرعية الترشيح لمجلس الشعب وحكم الإسلام في استخراج بطاقة انتخابات بنية انتخاب الدعاة والاخوة المتدينين لدخول المجلس فأجاب رحمه الله قائلاً : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فلا حرج في الالتحاق بمجلس الشعب ( البرلمان) إذا كان المقصود من ذلك تأييد الحق وعدم الموافقة على الباطل لما في ذلك من نصر الحق والانضمام إلى الدعاة إلى الله، كما أنه لا حرج كذلك في استخراج البطاقة التي يستعان بها على انتخاب الدعاة الصالحين وتأييد الحق وأهله والله الموفق. ونسأله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم، أما انتخاب غير المسلمين فلا يجوز، لأن ذلك يعني منه الثقة والولاء، وقد قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) [المائدة: 57 ] والذي يجب عليكم أن تختاروا وتنتخبوا أكثر المرشحين المسلمين جدارة وكفاءة، ومن يتوسم فيه أن يحقق للمسلمين مصالح أكثر، ويدفع عنهم ما استطاع دفعه من المضار، والمسلم وإن كان فيه ما فيه من قصور فهو خير من غير المسلم وإن بدا ناصحاً قال تعالى: ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) [البقرة 221] كما أن انتخاب غير المسلم وتقديمه على المسلم هو من جعل السبيل للكافرين على المؤمنين وهو منهي عنه، لقوله سبحانه وتعالى: ( ولن يجعل الله للكافرين على للمؤمنين سبيلاً ) [ النساء:141].

لكن هذه المسألة من موارد الاجتهاد، فقد تتحقق المصلحة الشرعية في بلد من دخول البرلمانات، ولا تتحقق في بلد آخر فعلى المسلمين في كل بلد الموازنة بين المصالح والمفاسد، وترجيح ما يرونه مناسباً.
ولا يجوز أن يتخذ الخلاف في حكم الانتخابات، ودخول البرلمانات خلافاً في الأصول، فإنها من المسائل الاجتهادية التي ليس في منعها نص قطعي حتى نجعلها من مسائل الأصول مع تفريقنا بين هذه المسألة، وبين حكم النظام الديمقراطي والتعددية الحزبية، فإن هذا النظام لا شك فيه ولا ريب أنه نظام غير إسلامي ومباين لدين الله، ولكن دخول البرلمانات في مثل هذا الوضع يتوقف على جلب المصلحة، ودفع المفسدة كما سبق بيانه.


فماذا تعيبون على هذا الشيخ بعد ؟

من قال بجوازها يستند إلى ضوابط شرعية و من قال بحرمتها يستند أيضا إلى ضوابط شرعية .... فكيف نسخف هذا و نعلي من شأن ذاك و كأننا نسخف جزء من الشرع و نقدس جزء آخر منه ... فهل هو إيمان ببعض الكتاب و كفر ببعض.

د.عادل
2012-12-19, 09:07
الله اكبر


نعم عندما يكون العقل صافي من الشهوات والشبهات فانه ينطق الحكمة مهما كان الشخص

لأي فتح تكبر يا أخي ؟

و هل عقل الأئمة الذين ذكرتهم في ردي أعلاه غير صاف و مسكون بالشهوات ؟

لأي نصر تكبر هدانا الله و إياكم ؟

نهى اسطاوالي
2012-12-19, 09:44
أبدا اخي الفاضل د عادل أنا لم أقصد أبدا أصحاب العقول السليمة هم الدارسون والقارئون فوالله من الأميين من هم أفضل منا بكثير وحتى أعطيك مثالا حيا لي عمة أمية تقطن بالجلفة وبالضبط في عين سرار أنجبت ثلاث دكاترة وواحدة ماجستير وابنها والحمد لله مدير دراسات بجامعة الجلفة قسم الحقوق والاخر دكتور بقسم الاعلام الالي والاخرى في قسم الكيمياء والاخرة مدرسة في المتوسط هذه الأمية يا أخي كانت تعطينا دروسا في الدين على الطريقة الصحيحة خالية من الشوائب والبدع فهي صاحبة عقل سليم وأنا والله لم أقصد من كلامي الا الخير
جزاك الله خيرا اخي اتمنى لك التوفيق والسداد وبارك فيك

كرماني
2012-12-19, 21:40
أولا، علمنا السلف الصالح أن نقول " الحمد لله على نعمة الإسلام " و نحن على نهج السلف سلئون من البدع بريئون.. لا نضيف إلى ما قالوا ما يحور المعنى و لا ننقص منه ما يفسد المبنى.

ثانيا : أراك تنتقل من دائرة النقاش إلى دائرة الهجوم ... و كأنما قولي أعلاه لا يتفق و أراء السلف الصالح و علماء الأمة من أهل السنة الذين ينكرون علينا القدح في العلماء

قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته)

وقال أبو سنان الأسدي: (إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟!)

وقال الإمام أحمد بن الأذرعي: (الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب)

وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول:
(كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين)

قال الإمام الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: (ما هذا؟! قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة)

وقيل: إن أولاد يحيى – أي ابن خالد البرمكي – قالوا له وهم في القيود مسجونين: (يا أبت صرنا بعد العز إلى هذا؟!) قال: (يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها)

وروي عن الإمام أحمد أنه قال: (لحوم العلماء مسمومة، من شمها مرض، ومن أكلها مات)

ويقول العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى:
(بادرة ملعونة.. وهي تكفير الأئمة: النووي، وابن دقيق العيد، وابن حجر العسقلاني، أو الحط من أقدارهم، أو أنهم مبتدعة ضلال، كل هذا من عمل الشيطان، وباب ضلالة وإضلال، وفساد وإفساد، وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به، لكن الأغرار لا يفقهون ولا يتثبتون)

ومن شؤم تلويث الجو الدعوي بالطعن في العلماء، وتجريح الأخيار:
التسبب في انزواء بعض هؤلاء الأخيار، وابتعادهم عن ساحة التربية والتعليم والدعوة، صيانة لأعراضهم، وحفظاً لحياة قلوبهم؛ لأن القلوب الحرة يؤذيها التعكير:
(إن الحساسية تبلغ مداها لدى الداعية السوي، ونفسه تعاف كل جو خانق غير نقي، إن روحه لا تطيق الأجواء المغبرة وانعدام الأوكسجين، ومؤلمة هي لفحات التراب.. أسلوب في القتل هو الخنق، ونمط في الإرهاب الطائش هو العصف)

قال الطحاوي: وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
هذه الجملة من هذه العقيدة المباركة قَرَّرَ فيها الطحاوي منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع أهل العلم من أهل الأثر وأهل الفقه.

و نحن أهل السنة نؤمن أن كل العلماء و المشايخ ما أرادوا إلا نصرة الشريعة والحفاظ على العلم والفقه.....نعم هم درجات في مقامهم وفي علمهم، لكنَّهُم لا يذكرون إلا بالجميل ، والله - عز وجل - سَخَّرَ هؤلاء لشيء وسَخَّرْ هؤلاء لشيء، والوسط هو سِمَةُ أهل الاعتدال وسِمَةُ أهل السنة والجماعة كما كان عليه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والشافعي ومالك وأبي حنيفة وجماعات أهل العلم فإنهم كانوا على هذا السبيل.

إن القدح في أهل العلم فيما أخطؤوا فيه... يرجع في الحقيقة عند العامة إلى قدح في حملة الشريعة و نقلة الشريعة وبالتالي فيضعف في النفوس محبة الشّرع؛ لأنَّ أهل العلم حينئذٍ في النفوس ليسوا على مقامٍ رفيع وليسوا على منزلةٍ رفيعة في النفوس.

فحينئذ يسود الشك فيما ينقلونه من الدين وفيما يحفظون به الشريعة، فتؤول الأمور حينئذ إلى الأهواء والآراء فلا يكون ثَمَّ مرجعية إلى أهل العلم فيما أشكل على الناس فَتَتَفَصَّمْ عرى الإيمان....

فأنت تسفه هذا هذا العالم و أنا أسفه العالم الآخر ... و هكذا لا يعود للعلماء عند العوام قيمة و لا قدر و لا مكانة.

و لم يكن الفقهاء الكبار من السلف الصالح يردون بعضهم على بعض، بل كانوا يكتفون بالفتوى فيما يعرض عليهم من أمور دون تسخيف غيرهم ... فلم نر لهذا السلوك أثرا في كل ما بلغنا من سيرة الإئمة الأربعة رضوان الله عليهم ....

و حتى إن رد العالم على العالم فهما عالمان آتاهما الله علما و أدبا لم يؤته العامة من الناس، أما نحن فأقل شانا من نرد على عالم إلا تعلما ... و قد قال سلفنا الصالح " تعلموا الأدب قبل أن تتعلموا العلم "


---------------------------------------------------------------------------------------------------------

قول الشيخ ابن عثيمين في تجريح العلماء

س - ما رأي فضيلة الشيخ في بعض الشباب ومنهم بعض طلبة العلم الذين صار ديدنهم التجريح في بعضهم البعض وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم ، هل هذا عمل شرعي يثاب عليه أو يعاقب عليه ؟

ج- الذي أرى أن هذا عمل محرم ، فإذا كان لا يجوز لإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن . وإن لم يكن عالماً فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين ، والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين . قال الله تعالى { يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً ، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه . واتقوا الله .. } الآية ، وليعلم هذا الذي ابتلى بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سبباً في رد ما يقوله هذا العالم من الحق . فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحاً شخصياً بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم .
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو مورث عن رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح ، ولست أقول إن كل عالم معصوم ، بل كل إنسان معرض للخطأ ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده ، فاتصل به وتفاهم معه ، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجد لقوله مساغاً وجب عليك الكف ، وإن لم تجد لقوله مساغاً فاحذر من قوله لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز .. لكن لا تجرحه وهو عالم معروف مثلاً بحسن النية ، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه ، لجرحنا علماء كباراً ، ولكن الواجب هو ما ذكرت ، وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه ، فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك .. أو لا يتبي الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ وحينئذ يجب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول ولتقل أنت ما تقول ..
والحمد لله .. الخلاف ليس في هذا العصر فقط .. الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا ، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصاراً لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه ، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه ، لأنه هذا الرجل قد يقول قولاً حقاً في غير ما جادلته فيه .
فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهذا المرض وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا .

الشيخ ابن عثيمين

المصدر : فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء:
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
إضافة إلى اللجنة الدائمة
وقرارات المجمع الفقهي




وقفة مع الذين يستدلون بفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الانتخابات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ مسألة "الانتخابات" من نوازل العصر، وقد اتفق أهل العلم المعاصرين أنها مستوردة من بلاد الغرب وأنها من وسائل الكفار، وأنَّ اختيار الحاكم ونوابه وعماله لم يكن في عهد الخلافة الإسلامية بهذه الطريقة الغربية، وأنَّ الانتخابات مبنية على مبدأ الديمقراطية وحرية الرأي والمساواة بين جميع الناس في الحقوق والأحكام؛ وهذا كله على خلاف النصوص القطعية في الكتاب والسنة؛ بل على خلاف الإجماع، بل هذه من مبادئ الكفار.
ولم يخرج عن اتفاق علماء العصر إلا شذوذ من الناس راحوا يشرعون هذه الانتخابات من حيث التأصيل والاستدلال لها ببعض الشبهات، وجعلوها كمبدأ الشورى في الإسلام!، مع أنَّ الفرق بينما لا يخفى على البصير.
وقد تكلَّم أهل العلم المعاصرين عن مفاسد الانتخابات في مجالسهم وفتاواهم، وقد أسهب في ذكرها الشيخ محمد الإمام حفظه الله تعالى في كتابه: "تنوير الظلمات لكشف مفاسد وشبهات الانتخابات"، وقد جمعتُها في مقال بعنوان: "كلمة حول حكم الانتخابات القادمة"، لمن أراد أن يطلع على ذلك.
وأما حكم الانتخابات من حيث الواقع؛ أي لو أنَّ المسلمين في بلد ما أبوا إلا التعامل بهذه الوسيلة الغربية، وصار الحاكم لا يُنصَّب بالطرق الإسلامية واقعاً، فهل لعموم المسلمين أن يشاركوا في هذه الانتخابات من حيث التصويت والترشيح أم لا؟
اختلف أهل العلم المعاصرين في هذه، فمنهم من رأى المنع مطلقاً، ومنهم مَنْ أجازها بشروط وضوابط وفرق بين الانتخابات (التصويت) وبين الترشيح (الدخول في الحكومة)، ومنهم مَنْ أوجب الانتخابات.
والقول الأخير هو قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حيث سُئل في لقاء الباب المفتوح (س211): ما حكم الانتخابات الموجودة في الكويت, علماً بأنَّ أغلب من دخلها من الإسلاميين ورجال الدعوة فتنوا في دينهم؟ وأيضاً ما حكم الانتخابات الفرعية القبلية الموجودة فيها يا شيخ؟!
فأجاب الشيخ رحمه الله تعالى: ((أنا أرى أنَّ الانتخابات واجبة, يجب أن نعين من نرى أنَّ فيه خيراً, لأنه إذا تقاعس أهل الخير من يحل محلهم؟ أهل الشر, أو الناس السلبيون الذين ليس عندهم لا خير ولا شر؛ أتباع كل ناعق، فلا بد أن نختار من نراه صالحاً.
فإذا قال قائل: اخترنا واحداً لكن أغلب المجلس على خلاف ذلك؟
نقول: لا بأس, هذا الواحد إذا جعل الله فيه بركة وألقى كلمة الحق في هذا المجلس سيكون لها تأثير ولابد, لكن ينقصنا الصدق مع الله, نعتمد على الأمور المادية الحسية ولا ننظر إلى كلمة الله عز وجل, ماذا تقول في موسى عليه السلام عندما طلب منه فرعون موعداً ليأتي بالسحرة كلهم, واعده موسى ضحى يوم الزينة -يوم الزينة هو: يوم العيد؛ لأنَّ الناس يتزينون يوم العيد- في رابعة النهار وليس في الليل, في مكان مستوٍ, فاجتمع العالم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: "وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى" كلمة واحدة صارت قنبلة, قال الله عز وجل: "فَتَنَازَعُوا أمرهُمْ بَيْنَهُمْ" الفاء دالة على الترتيب والتعقيب والسببية, من وقت ما قال الكلمة هذه تنازعوا أمرهم بينهم, وإذا تنازع الناس فهو فشل, كما قال الله عز وجل: "وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا"؛ "فَتَنَازَعُوا أمرهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى", والنتيجة أنَّ هؤلاء السحرة الذين جاءوا ليضادوا موسى صاروا معه, ألقوا سجداً لله, وأعلنوا: "آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى", وفرعون إمامهم, أثرت كلمة الحق من واحد أمام أمة عظيمة زعيمها أعتى حاكم.
فأقول: حتى لو فرض أنَّ مجلس البرلمان ليس فيه إلا عدد قليل من أهل الحق، والصواب سينفعون, لكن عليهم أن يصدقوا الله عز وجل.
أما القول: إنَّ البرلمان لا يجوز، ولا مشاركة الفاسقين, ولا الجلوس معهم؟
هل نقول: نجلس لنوافقهم؟!
نجلس معهم لنبين لهم الصواب.
بعض الإخوان من أهل العلم قالوا: لا تجوز المشاركة, لأنَّ هذا الرجل المستقيم يجلس إلى الرجل المنحرف!, هل هذا الرجل المستقيم جلس لينحرف أم ليقيم المعوج؟!
نعم؛ ليقيم المعوج ويعدل منه, إذا لم ينجح هذه المرة نجح في المرة الثانية))
وهذه الفتوى قد استغلها بعض الناس –منهم سلفيون وأكثرهم حزبيون- وراحوا يوجبون الانتخابات على جميع الناس!، ويشنِّعون على غيرهم ممن يعرف زيف الانتخابات ويحرص على عدم إشغال الشباب السلفي بمثل هذه الأوهام، ثم صاروا من أهل الدعايات الانتخابية الذين ينشئون المجالس هنا وهناك من أجل الدعاية لقائمة فلان أو للجماعة الفلانية، وينشرون الأوراق والصور التعريفية بمرشحيهم، وأحدثوا الفتنة والفرقة بين السلفيين من أجل أولئك المرشحين الحزبيين أو العلمانيين!!.
من أجل ذلك كانت هذه الوقفة مع هؤلاء الذين يستدلون بفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؛ وهذه الوقفة، يمكن جمعها في عدة نقاط:
الأولى: أنَّ أقوال أهل العلم –في حال الخلاف بينهم- يحتج لهم لا يحتج بهم، والتقليد –مع ظهور الدليل- حرام.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [المجموع 26/202-203]: ((وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص، والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية؛ لا بأقوال بعض العلماء؛ فإنَّ أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية. ومَنْ تربى على مذهب قد تعوَّده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسَّر أو يتعذَّر إقامة الحجة عليه، ومَنْ كان لا يفرق بين هذا وهذا: لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم)).
وقد سُئل الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في تحفة المجيب [ص314-318/ س211]: احتج أصحاب الانتخابات بقول الألباني وابن باز وابن عثيمين فما قولكم في ذلك؟!
الجواب: ((الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد: فأصحاب الانتخابات هم أعداء هؤلاء المشايخ، فقد كنا بالأمس نسمع في هيئة المعاهد العلمية بصنعاء أنَّ الألباني ماسوني!، عندما أفتى للذين في فلسطين من المسلمين بأن يخرجوا لأنها أصبحت دار حرب، شنوا عليه الغارات وضللوه وبدعوه، وهكذا الشيخ ابن باز عندما أفتى في قضية الخليج هاجموه، وعندما أفتى بالصلح مع اليهود؛ ونحن نتكلم على هذا مع قطع النظر عن صحة هذه الفتوى، فهاجموه وحملوا عليه، ومنهم يوسف القرضاوي لا بارك الله فيه، فهم يريدون إحراق أهل العلم، فلا تصلح لهم حزبية إلا إذا احتيج إلى استفتائهم، فالحزبيون يذهبون إلى مشايخهم أمثال القرضاوي وفلان وفلان، أما العلماء فلا يذهبون إليهم بل يريدون إحراقهم.
وهذه الفتوى قد اتصلت بشأنها بالشيخ الألباني حفظه الله وقلتُ له: كيف أبحت الانتخابات؟! قال: أنا ما أبحتها؛ ولكن من باب ارتكاب أخف الضررين.
فننظر هل حصل في الجزائر أخف الضررين أم حصل أعظم الضررين؟ واقرؤوا ترجمة أبي حنيفة تجدون علمائنا ينهون عن الرأي والاستحسان، ويرون أنه سبيل الاعتزال وسبيل التجهم.
أما فتوى الشيخ الألباني فهم يأخذونها من زمن قديم، وأما الشيخ ابن عثيمين فمن عجيب أمره أنه يحرم الأحزاب والجماعات ويبيح ما هو أعظم وأخطر منها وهي الانتخابات التي هي وسيلة إلى الديمقراطية!!.
فأقول لهؤلاء الملبسين: لو تراجع هؤلاء المشايخ أكنتم متراجعين عن هذا أم لا؟!
ونقول: إننا نرى حرمة التقليد؛ فلا يجوز لنا أن نقلد الشيخ الألباني ولا الشيخ ابن باز ولا الشيخ ابن عثيمين، فإنَّ الله تعالى يقول في كتابه الكريم: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون"، ويقول سبحانه وتعالى: "ولا تقف ما ليس لك به علم"، فأهل السنة لا يقلدون.
ثم نقول للمشايخ: إنَّ فتواكم هذه خطيرة جداً!، ألم تعلموا أنَّ بوش -أخزاه الله- عندما كان رئيساً لأمريكا يقول: أن السعودية والكويت لم تطبقا الديمقراطية!، فعلى المشايخ أن يتراجعوا عن هذه الفتوى.
وأنا أشهدكم أنني متراجع عن أي خطأ في كتبي أو أشرطتي أو دعوتي لله عز وجل، أتراجع بنفس طيبة مطمئنة.
والمشايخ لا عليهم إذا تراجعوا، بل هو الواجب عليهم، لأنهم لا يدرون بالذي يحدث في اليمن، وما الذي يدور في المجالس النيابية، وما هو الفساد الذي يحصل بسبب الانتخابات، قتل وقتال من أجل الانتخابات، وخروج النساء متبرجات، وتصوير للنساء من أجل الانتخابات، ومساواة الكتاب والسنة والدين بالكفر من أجل الانتخابات، وأي مصلحة حققت هذه الانتخابات؟!
فيجب على المشايخ أن يتراجعوا، وسنرسل إليهم إن شاء الله، فإنْ لم يتراجعوا فنحن نشهد الله أننا براء من فتواهم لأنها مخالفة للكتاب والسنة، رضوا أم غضبوا، أعراضنا ودماؤنا فداء للإسلام، ولا نبالي بحمد الله.
والقوم قد احترقوا، ويعرفون أنَّ كلامهم ليس له قيمة، وإنْ شئت أرسلت رجلاً ولا يشعر الناس، ولكن لا يكون حزبياً، ليعلموا أنَّ الإخوان المسلمين قد احترقوا في اليمن، والفضل في هذا لله عز وجل.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتراجع ونصرة المظلوم ونصرة إخوانهم أهل السنة يعتبر واجبا عليهم، ودعونا من الرأي والاستحسان.
ونحن نقول للمشايخ: هل حصلت الانتخابات في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندما اختلفوا في شأن أسامة بن زيد هل يكون هو الأمير أم غيره؟ فهل قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: انتخبوا فمن حصلت له الأصوات الكثيرة فهو الأمير!، وهل حصلت الانتخابات في زمن أبي بكر؟! وهل حصلت الانتخابات في زمن عمر؟!
وما جاء أنَّ عبد الرحمن بن عوف تتبع الناس حتى النساء في خدورهن، فهذا يحتاج إلى نظر لأنه خارج الصحيح، فلا بد من جمع الطرق، وأنا متأكد أنها إذا جمعت الطرق سيكون شاذاً، والشاذ من قسم الضعيف، ثم بحث عنه بعض الإخوة فوجد هذه الزيادة في غاية الضعف.
هل حصلت الانتخابات في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني؟!
أم إنها جاءتنا من قبل أعداء الإسلام؛ وصدق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذ يقول: "لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلكتموه".
فهي تعتبر فرقة وتشتيت شمل وعداء وبغض، حتى بين الأسرة الواحدة، من أجل هذه الانتخابات الدخيلة، ولا يضحك علينا الإخوان المسلمون فإنهم ربما ينتخبون شخصاً لا يصلي ويقولون: نيته طيبة أو ينتخبون شيخاً جاهلاً.
ولقد كانوا يمنون الناس في الانتخابات الأولى أن ما بينهم وبين أن يحكموا الإسلام إلا أن تنتهي الانتخابات، فأين الحكم بالإسلام؟
وأين إنجازات وزاراتهم التي كانوا فيها؟
والإخوان المسلمون هم الذين يقولون: إننا نقرر الأمر في مجلس النواب فتأتينا الأوامر بغير ذلك، ثم نخرج بما أتتنا به الأوامر من هنا وهناك!!.
فاتقوا الله أيها المشايخ؛ لا تقودونا إلى إتباع أمريكا، وإلى الديمقراطية التي تبيح ما حرم الله، والتي قد أباحت اللواط في بعض الدول الكفرية، وأباحت كل محرم؛ فنحن مسلمون عندنا كتاب ربنا: "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله".
فهل لنا دين في الزمن المتقدم ودين في الوقت الحاضر أم هو دين واحد إلى أن تقوم الساعة؟
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، فعسى أن يتراجع المشايخ عن هذه الفتوى، وسننظر ماذا يعمل الإصلاحيون؟! والله المستعان)) انتهى كلام الشيخ مقبل.
الثانية: أنَّه لا يحتج بالخلاف في رد النصوص في حال ضعف الخلاف وظهور القول الراجح.
قال العلامة الشاطبي في الموافقات [4/141-142]: ((حكى الخطابي في مسألة البتع المذكور في الحديث عن بعض الناس أنه قال: "إنَّ الناس لما اختلفوا في الأشربة وأجمعوا على تحريم خمر العنب واختلفوا فيما سواه؛ حرمنا ما اجتمعوا على تحريمه وأبحنا ما سواه"!، قال: "وهذا خطأ فاحش؛ وقد أمر الله تعالى المتنازعين أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول"، قال: "ولو لزم ما ذهب إليه هذا القائل للزم مثله في الربا والصرف ونكاح المتعة؛ لأنَّ الأمة قد اختلفت فيها"، قال: "وليس الاختلاف حجة!، وبيان السنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين" هذا مختصر ما قال.
والقائل بهذا راجع إلى أن يتبع ما يشتهيه، ويجعل القول الموافق حجة له، ويدرأ بها عن نفسه، فهو قد أخذ القول وسيلة إلى إتباع هواه لا وسيلة إلى تقواه!، وذلك أبعد له من أن يكون ممتثلاً لأمر الشارع، وأقرب إلى أن يكون ممن اتخذ إلهه هواه، ومن هذا أيضاً: جعل بعض الناس الاختلاف رحمة للتوسع في الأقوال وعدم التحجير على رأي واحد!)) انتهى كلام الشاطبي.
وقد سُئل العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؛ فضيلة الشيخ: هل ينكر على المرأة التي تكشف الوجه، أم أنَّ المسألة خلافية، والمسائل الخلافية لا إنكار فيها؟!
فكان جوابه: ((لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق!، ذهب الدين كلّه حين تتبع الرخص!، لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس!.
نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أنَّ مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أنَّ لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الإمام الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان!.
المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين: قسم مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أنَّ الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد....
القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محل للاجتهاد فيه، فينكر على المخالف فيه؛ لأنه لا عذر له)).
الثالثة: أنَّ بعض الناس يأخذ من كلام أهل العلم ما يشتهي ويهوى ويعرض عما يخالفه؛ وحينها لا يقبل استدلاله بالجملة، لأنه متلاعب.
فقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في لقاء الباب المفتوح: عن الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية؟
فكان من ضمن جوابه رحمه الله تعالى أن قال: ((ولكن المحذور: أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك ضربت بفتواه عرض الحائط!، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر؛ فهذا هو الحرام؛ لأنَّ هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك!!؛ يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه، قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: "كل هؤلاء ما عندهم علم"!!، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه!، فحينئذ يقول: ألقت عصاها واستقر بها النوى... كما قر عيناً بالإياب المسافر؛ هذا هو الذي لا يجوز)).
الرابعة: أنَّ العالم غير معصوم فقد يجتهد أو يزل؛ فيكون مأجوراً ومعذوراً، ولا يُعذر من يتبعه في زلته ورخصته إلا لمقلِّد لم يظهر له الحق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [الفتاوى الكبرى 6/92]: ((إنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا، قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور؛ لا يجوز أن يتبع فيها!، مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين)).
الخامسة: أنَّ مَنْ تبين له الحق وجب عليه أن يرجع عن قوله ولا يصر عليه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في المجموع [20/213-214]: ((أما إذا قدر على الاجتهاد التام الذي يعتقد معه أنَّ القول الآخر ليس معه ما يدفع به النص فهذا يجب عليه إتباع النصوص!؛ وإنْ لم يفعل كان متبعاً للظن وما تهوى الأنفس، وكان من أكبر العصاة لله ولرسوله، بخلاف مَنْ يقول: قد يكون للقول الآخر حجة راجحة على هذا النص وأنا لا أعلمها؟ فهذا يقال له: قد قال الله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، والذي تستطيعه من العلم والفقه في هذه المسألة قد دلَّك على أنَّ هذا القول هو الراجح، فعليك أن تتبع ذلك!، ثم إن تبين لك فيما بعد أنَّ للنص معارضاً راجحاً كان حكمك في ذلك حكم المجتهد المستقل إذا تغير اجتهاده. وانتقال الإنسان من قول إلى قول لأجل ما تبين له من الحق هو محمود فيه، بخلاف إصراره على قول لا حجة معه عليه وترك القول الذي وضحت حجته!، أو الانتقال عن قول إلى قول لمجرد عادة وإتباع هوى!؛ فهذا مذموم)).
السادسة: ما هي حجة مَنْ يقول بوجوب الانتخابات؟
إنْ قيل: فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
قلنا: هو رأيٌ تبناه الشيخ رحمه الله تعالى وغيره من أهل العلم على خلافه!.
فأين الحجة على صحة رأيه وبطلان رأي غيره؟!
فإنْ قيل: إنَّ الله عزَّ وجل أمرنا أن نرجع إلى أهل العلم في النوازل؟
قلنا: لكن إن اختلفوا أمرنا بالرجوع إلى الكتاب والسنة.
فإنْ قيل: المسألة خلافية؛ فلا يُنكر على المخالف؟!
قيل: مسائل الخلاف؛ منها ما يُنكر على المخالف؛ وذلك إذا ضعف الخلاف وظهرت الحجة.
فإنْ قيل: ما لا يتم به الواجب فهو واجب، وتقليل الشر واجب ولا يتم إلا عن طريق الانتخابات؟
قيل: هذه القاعدة في المباحات لا في المحظورات، فالمباح قد يجب إذا كان وسيلة لواجب، وأما الحرام فيدخل في قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وهي قاعدة يهودية!، وأصل الانتخابات حرام.
فإن قيل: الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى احتج بصنيع موسى عليه السلام مع السحرة؟
قيل: هو احتجاج بعيد، وفرق بين أن تناظر قوماً أُمرتَ بمناظرتهم ومجالستهم لنصرة الحق وإبطال الباطل بتأييد من الله عز وجل، وبين الجلوس لسنوات في برلمان قد التزم دستوراً وقوانين خلاف ما عليه أحكام الإسلام وشريعته، وكذا فرق بين تأييد الله تعالى له بآية تخضع لها العقول السليمة وبين كلمة في برلمان يخضع للديمقراطية فيكون الفصل فيه مبنياً على كثرة الأصوات!.
فمعرفة المعوج من العدل وبيان الصواب من الباطل مقياسه في البرلمان هو كثرة الأصوات!، وليس كذلك في قصة موسى مع السحرة.
ثم أليس في المشاركة في البرلمان إقرار لأهل الباطل على باطلهم؟!
ولهذا لما سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؛ هل أفتيتم بجواز الانتخابات؟ وما حكمها؟
وكان جوابه: ((نعم أفتينا بذلك -ولا بد من هذا– لأنه إذا فُقِدَ صوت المسلمين؛ معناه: تَمَحُّض المجلس لأهل الشر، إذا شارك المسلمون في الانتخابات؛ انتخبوا مَنْ يرون أنهم أهل لذلك, فيحصل بهذا خير وبركة)).
علَّق الحلبي في كتابه الأسئلة القطرية في مسائل الإيمان والتكفير المنهجية على كلمة الشيخ ابن عثيمين هذه فقال: ((وهي مسألة خلاف بين علماء أهل السنة المعاصرين؛ ولِمُخالفِ أستاذِنا رحمه الله أن يقولَ: إنَّ وجود صوتٍ للمسلمين –بغير تأثيرٍ فاعِلٍ!– هو تزيينٌ للمنكر وتمشيةٌ للباطِلِ!، وبخاصةٍ أنَّ (جميع!) التجارب المعاصرة– أثبتت فَشَلَ ذلك(!) بغير استثناء – وللأسف الشديد!!!)).
فماذا يقول عماد طارق وغيره من متعصبة الحلبي وأنصاره الذين يستدلون بكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؟!
ثم مِن أين يأتي العون والتأييد من الله عزَّ وجل للمرشَّح؛ وهو قد حرص على المنصب؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه: ((لا تسأل الإمارة؛ فإنك إنْ أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإنْ أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها)) رواه البخاري ومسلم، والواجب منع مَنْ يحرص على الولاية منها لا ترغيبه فيها فضلاً عن الإيجاب!؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال: أحدهما يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله وقال الآخر مثل ذلك. فقال: ((إنا والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه)) وفي رواية قال: ((لا نستعمل على عملنا مَنْ أراد)) رواه البخاري ومسلم؛ فكيف بمَنْ يقوم بالدعايات الانتخابية ويصرف لها الأموال والأوقات والجهود والطاقات للحصول عليها؟!. وقد أنذر صلى الله عليه وسلم من هذا الحال الذي نراه اليوم في وقت الانتخابات وذمَّـه فقال: ((إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة)) رواه البخاري.
ثم ماذا استطاع أن يصنع هرقل مثلاً؛ وهو الملك، عظيم الروم، حينما أراد أن يُغير حال قومه بما لا يرضوه؟! تأمَّل في قصته -يا عبد الله- لتعلم هل يستطيع أحد الإسلاميين أن يغير حال قوم عاشوا عليه عشرات أو مئات السنين بكلمة في برلمان أو مجلس قيادي أو إداري؟!
فقد جاء في خاتمة محادثة هرقل لأبي سفيان رضي الله عنه أنه قال: ((وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكُ أظنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. وليبلغنَّ ملكه ما تحت قدمي.
قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم؛ سلام على من اتبع الهدى أما بعد: فاني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنَّ عليك إثم الأريسيين و{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله - إلى قوله - اشهدوا بأنا مسلمون}. فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عند وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا. قال فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر ابن أبي كبشة إنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقناً بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام.
قال الزهري: فدعا هرقل عظماء الروم فجمعهم في دار له فقال: يا معشر الروم؛ هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم؟ قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدها قد غلقت. فقال: عليَّ بهم، فدعا بهم، فقال: إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه)) والحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
تأملوا يا رعاكم الله؛ لما دعاهم إلى ما فيه رشدهم وفلاحهم وعزتهم حاصوا كحيصة الحمر الوحشية ورفضوا هذه الدعوة وهرعوا إلى الأبواب ليحدثوا الفتنة في البلد!، فلما رأى منهم هرقل -وهو الملك وليس نائباً في برلمان!- هذا الرفض لم يجد له حلاً إلا أن يدَّعي أنَّ ذلك كان اختباراً لولائهم!.
فأنَّى إذن لنائب إسلامي يدعو برلمانين على اختلاف أديانهم وطوائفهم وأحزابهم إلى ما فيه رشدهم وفلاحهم وينتظر منهم أن يستجيبوا لكلمته؟!!
ولهذا جاء في فتوى الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لأهل الجزائر:
((السؤال الثاني: ما الحكم الشرعي في النصرة والتأييد المتعلقين بالمسألة المشار إليها سابقاً [الانتخابات التشريعية]؟
الجواب: في الوقت الذي لا ننصح أحداً من إخواننا المسلمين أن يرشِّح نفسه ليكون نائباً في برلمان لا يحكم بما أنزل الله؛ وإنْ كان قد نصَّ في دستوره "دين الدولة: الإسلام"!!؛ فإنَّ هذا النص قد ثبت عملياً أنه وضع لتخدير أعضاء النواب الطيبي القلوب!!، ذلك لأنه لا يستطيع أن يغيِّر شيئاً من مواد الدستور المخالفة للإسلام؛ كما ثبت عملياً في بعض البلاد التي في دستورها النص المذكور.
هذا إنْ لم يتورط مع الزمن أن يُقر بعض الأحكام المخالفة للإسلام بدعوى أنَّ الوقت لم يحن بعدُ لتغييرها كما رأينا في بعض البلاد!؛ يُغَيرِّ النائب زيّه الإسلامي، ويتزيّا بالزي الغربي مسايرة منه لسائر النواب!، فدخل البرلمان ليُصلِح غيره فأفسد نفسه!، وأوَّل الغيث قطرٌ ثم ينهمر!!، لذلك فنحن لا ننصح أحداً أن يرشح نفسه))
وفصَّل رحمه الله تعالى ذلك أكثر فقال كما في سلسلة الهدى والنور شريط رقم (660): ((كل من الانتخابات يدور حول قاعدة غير إسلامية، بل هي قاعدة يهودية صهيونية: ا لغاية تبرر الوسيلة؛ أنا أفصِّل بين أن يرشِّح المسلم نفسه في مجلس من مجالس البلديات, وبين أن يختار هو من يُظَن أنَّ شره في ذلك المجلس أقل من غيره، يجب التفريق حتى في الانتخابات الكبرى. وأنا كتبتُ في هذا إلى جماعة الإنقاذ في الجزائر فقد أرسلوا إلي سؤالاً عن الانتخابات؟، فبينت لهم بشيء من التفصيل ما ذكرتُ آنفاً من أنّ هذه الانتخابات والبرلمانات ليست إسلامية، وأنني لا أنصح مسلماً أن يرشِّح نفسه ليكون نائباً في هذا البرلمان لأنه لا يستطيع أن يعمل شيئاً أبداً للإسلام، بل سيجرفه التيار كما يقع في كل الحكومات القائمة اليوم في البلاد العربية؛ ولكن مع ذلك قلتُ: إذا كان هناك مسلمون - وهذا موجود مع الأسف في كل بلاد الإسلام - يرشحون أنفسهم ليدخلوا البرلمان بزعم تقليل الشر!؛ فنحن لا نستطيع أن نصدهم عن ترشيح أنفسهم صداً؛ لأننا لا نملك إلا النصح والبيان والبلاغ، فإذا كان هو واقعياً سيرشح نفسه للانتخابات الكبرى أو الصغرى -على حد تعبيرك-؛ فيرشح مسلم نفسه ويرشح نصراني أو شيوعي أو نحو ذلك؛ فإذا ما أمكننا أن نصد المسلم من أن يرشح نفسه سواء للانتخاب الصغير أو الكبير فنحن نختاره, لماذا؟ لأنّ هناك قاعدة إسلامية على أساسها نحن نقول ما قلنا: إذا وقع المسلم بين شرّين، اختار أقلهما شرّاً، لا شك أنَّ وجود رئيس بلدية مسلم هو بلا شك أقل شراً -ولا أقول خير!- من وجود رئيس بلدية كافر أو ملحد، لكن هذا الرئيس يحرق نفسه وهو لا يدري؛ لأنه لما يرشح نفسه بدعوى أنه يريد أن يقلل الشر -وقد يفعل- ولكنه لا يدري بأنه يحترق من ناحية أخرى؛ فيكون مثله كمثل العالم الذي لا يعمل بعلمه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "مثل العالم الذي لا يعمل بعلمه كمثل المصباح يحرق نفسه ويضيء غيره". لهذا نحن نفرق بين أن نَنتخِب وبين أن نُنتخَب؛ لا نرشح أنفسنا لنُنتخَب لأننا سنحترق, أما مَنْ أبى إلا أن يحرق نفسه قليلاً أو كثيراً ويرشح نفسه في هذه الانتخابات أو تلك، فنحن من باب دفع الشر الأكبر بالشر الأصغر نختار هذا المسلم على ذاك الكافر أو على ذاك الملحد)).
وهذا كله على فرض نزاهة الانتخابات وتحقق الهدف المنشود منها؛ فكيف وهي مزيفة تباع فيها الذمم وتشترى؟
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع وهو يتكلم عن عدم إمكانية تحقق الإمامة العامة على جميع دول المسلمين: ((وهذا هو الواقع الآن، فالبلاد التي في ناحية واحدة تجدهم يجعلون انتخابات!، ويحصل صراع على السلطة ورشاوى وبيع للذمم إلى غير ذلك!، فإذا كان أهل البلد الواحد لا يستطيعون أن يولوا عليهم واحداً إلا بمثل هذه الانتخابات المزيفة فكيف بالمسلمين عموماً؟!! هذا لا يمكن)).
السابعة: أنَّ المسائل قد تكون اجتهادية في مبدئها ثم يتخذها البعض شعاراً لأمر لا يسوغ؛ فحينها يجب الإنكار.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [منهاج السنة 1/44]: ((المسألة اجتهادية فلا تنكر إلا إذا صارت شعاراً لأمر لا يسوغ فتكون دليلاً على ما يجب إنكاره، وإنْ كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد)).
وهذا ما يحصل لمن لم يقف عند حد الضرورة وصار ممن يقوم بالدعايات الانتخابية التي هي من شعار السياسين الحزبيين، وصار يجالس المخالفين لمنهج السلف، ويجادل في الدفاع عن كبرائهم!، بل ويثني عليهم.
والبعض اتخذ ذلك مفتاحاً للقول بمشروعية التحزب والدخول في العملية السياسية بتكتل حزبي منظَّم؛ ولا شك أنَّ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لا يقر ذلك بالمرة.
وقد سئل رحمه الله تعالى السؤال الآتي: هل هناك نصوصٌ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيهما إباحة تعدد الجماعات أو الإخوان؟
فأجاب بقوله: ((أقول: ليس في الكتاب ولا في السنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات!!، بل إنَّ في الكتاب والسنة ما يذم ذلك، قال الله تعالى: "إنَّ الذينَ فَرَّقُوا دينهم وَكانُوا شِيَعَاً لستَ مِنْهُم في شَئ إنَما أمْرُهُم إلى الله ثُمَّ ينبئهم بِمَا كانوا يَفعَلُون"، وقال تعالى: "كلُ حِزبٍ بمَا لَدَيْهم فَرِحُون"، ولا شك أن هذه الأحزاب تتنافى ما أمر الله به بل ما حث الله عليه في قوله: "وأنَّ هَذه أمَّتُكم أمَّةً وَاحدَة وَأنا رَبُكم فَاتَّقون".
وقول بعضهم: إنه لا يمكن للدعوة أن تقوى إلا إذا كانت تحت حزب؟!
نقول: هذا ليس بصحيح، بل إنَّ الدعوة تقوى كل ما كان الإنسان منطوياً تحت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم متبعاً لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين)) انتهى كلامه.
وأخيراً:
فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى [الفتاوى الكبرى 6/92]: ((فإذا كنا قد حُذِّرنا من "زلة العالم"!، وقيل لنا: أنها أخوف ما يخاف علينا، وأمرنا مع ذلك أنْ لا يرجع عنه!، فالواجب على مَنْ شرح الله صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلد بها، بل يسكت عن ذكرها إلى أن يتيقن صحتها، وإلا توقف في قبولها!، فما أكثر ما يحكى عن الأئمة ما لا حقيقة له، وكثير من المسائل يخرجها بعض الأتباع على قاعدة متبوعة؛ مع أنَّ ذلك الإمام لو رأى أنها تفضي إلى ذلك لما التزمها!!، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب!، ومَنْ علم فقه الأئمة وورعهم علم أنهم لو رأوا هذه الحيل وما أفضت إليه من التلاعب بالدين لقطعوا بتحريم ما لم يقطعوا به أولاً))، والله الموفق.

كرماني
2012-12-19, 21:47
مقطع مميز لفضيلة الشيخ [هشام البيلي] -حفظه الله- يرد فيه على شبهة أن كبار العلماء -أمثال ابن باز وابن عثيمين- قد أفتوا بجواز المشاركة البرلمانية.

آهٍ من هذه العصبيات، إذا فُجِّرَت..
ولهذا البعض قد يقول: سبحان الله! فلان طالب علم وكيف لا يرجع مع ظهور الحُجة ومع بيان الأمر؟!
نقول له: (العصبية!!).. العصبية نظارةٌ سوداء، صعب أن يرجعَ الإنسانُ عنها، صعبٌ هذا..
ولهذا سماها النبي -صلى الله عليه وسلم- جاهليةً، وجعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- مُنْتِنَةً؛ لهذا قال -سبحانه-: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء:115].
فالجزاء من جنس العمل، ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد:17]. ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [محمد:17]. آمنوا؛ فزادتهم إيمانًا..
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا﴾ [محمد:17]. إذن زيادة الرِّجس لمَن في قلبه مرض، وزيادة الهُدى لمَن في قلبه إيمان.
واللهِ لن تتحرك نفسٌ لطلب الهُدى فتضل!! أما إذا وطَّن الإنسان نفسه على العِناد والمُشاقة وأنه لا يؤمن إلا بما يوافق هواه، وينطلق من اعتقادات قبل سماع الأدلة؛ فإذا جاءت الأدلة على وفق ما يعتقد قال: مرحبًا بها.. أنا أريدُ حكم الله، وإن خالفت الأدلة ما عليه هربَ! وأوردَ عليّ الشبهات!
لهذا يستفتيني بعض الإخوة وأنا قادم إلى هذا الدرس، يقول: بالنسبة لشبهة أنه وُجد بعض فتاوى العلماء في جواز دخول البرلمانات من مشايخنا كفتوى (اللجنة الدائمة) أو فتوى (الشيخ العثيمين) أو كذا.. فما هو ردكم على ذلك؟
هذه فتاوى المشايخ!!، ونحن وراء المشايخ!!.. معروف، نحن أتباع المشايخ!! وعليه، إذن لابد أن تقول: بدخول البرلمانات. فما هو الرد على ذلك؟!
نقولُ أولاً: نوجه إليكم شيئًا منذ متى وأنتم تقولون بكلام المشايخ؟! منذ متى؟! إنكم تحاربون المشايخ!! وتتهمون المشايخ بأنهم لا يفقهون الواقع!!
أول شيء: المشايخ حرَّموا (المظاهرات).. ما يعرفون شيئًا!!
المشايخ حرَّموا (الخروج على السلاطين).. ما يعرفون شيئًا!! هذا واقعهم يُفتون فيه، أما واقعنا فلا يُفتي فيه المشايخ!!
فما بال المشايخ -الآن- صار الواقع واقعهم وصارت الفتاوى مُصَدَّرَة؟!! فهل أنتَ تعتقد اتّباع هؤلاء المشايخ وصلاحية هؤلاء لهذا؟! تعتقد هذا؟
اتفق المشايخ على أن قتل النفس -ولو تحت مُسمى الجهاد- أن هذا من قتل النفس ولا يجوز..
فماذا قلتَ أنتَ؟ قلتَ: هذا لا ينبغي!! ولا ينبغي أن يُفتي في هذه المسائل إلا مَن رأى أمّه يُبقر بطنُها أمامه، وإلا مَن رأى أباه تطير رقبته. هذا الذي يُفتي، إنما المشايخ هؤلاء الذين يجلسون عند السلطان ويجلسون في البُروج المُشَيَّدَة ما يفتون في هذه المسائل ولا في هذا الواقع..
لما أفتى المشايخ بالصلح مع اليهود، قلتم: لا. لا نأخذ بفتوى المشايخ.. فما بالكم الآن تأخذون بفتوى المشايخ، وصار المشايخ (فقهاء!!)، (علماء!!)، ما شاء الله!! في مسألة (الانتخابات)، وكانوا لا يفقهون الواقع في مسألة (المظاهرات!!) أو (الخروج على السلاطين!!).. هذه واحدة.
الأمر الثاني: أنّ هؤلاء المشايخ ما أطلقوا فتاواهم بل جعلوها مُقَيَّدَةً بـ (الشروط) و(الأغلال)؛ فأين تلكم (الشروط) وهذه (الأغلال)؟!
فإنكم لو عرضتم ما تفعلون على كلام المشايخ لوجدتم أن الفعل الواحد منكم تعارضه كل فتاوى المشايخ!!
اللجنة الدائمة سُئلت عمَن يدخل البرلمان ويُقسِم على القانون، قالوا: هذا لا يجوز؛ فإنه لا يجوز القَسَمُ على القانون واحترامه؛ لأنه يُصادِم الشريعة. وإن القَسَمَ على الدستور لأصغر مخالفتكم فكيف بما دونه؟!! فلماذا لا تأخذون بهذا؟!!
مراد المشايخ من هذا أن تدخلَ فَتُنْكِر: تقول: هذا باطل، هذا حلال، هذا حرام، هذا لا يجوز، اتركوا حكم الجاهلية، تعالوا إلى حكم الله، طبِّقوا الشريعة، ما في أحزاب: أنت ليبرالي.. امشِ، اذهب! وأنت علماني.. لا نأخذ قولك! وأنت اشتراكي.. أعوذ بالله من اشتراكيتك! وأنت تقدِّم القانون على كذا.. أبدًا، نعوذ بالله!
أو أن المشايخ يدخلون يقولون: ادخل، فوقِّع على أن السيادة للقانون!! وقِّع على جواز أن يتولى الأمر امرأة!! وقِّع على جواز أن يتولى الأمر نصراني!! وقِّع.. وقِّع .. وقِّع .. وقِّع .. ما قال المشايخ هذا أبدًا.
فإن المشايخ جعلوا المسألة من باب النهي عن المنكر، ولهذا فَرِّق بين تحريم المشايخ لتكوين الأحزاب وفتوى المشايخ في دخول البرلمان.
فدخول البرلمان علَّقوه بهذا، أن تدخلَ فَتُنْكِر، أن تزيل هذا المنكر، لعل الله -سبحانه وتعالى- ينفعُ بكَ؛ ولهذا العثيمين قال: ولو أنك وحدك، فقد ينفع الله -سبحانه وتعالى- بكَ..
لمّا يدخل الواحد وهو قوي يقول: قال الله، قال رسوله، قال ابن عباس، قال مجاهد، قال عطاء، وجاء عند البخاري بسندٍ صحيحٍ، ورواه الترمذي بكذا، وجاء في رواية عند النسائي انفرد بها..
والله جزاكَ الله خيرًا، لو تدخل تقرِّر هذا -من باب التَّنَزُّل- لو كان هذا.. هذا هو مراد المشايخ.
أما المشايخ يقولون: ادخل تقرُّ ما عليه العَلمانيون والليبراليون وهذه الأحزاب التي يقوم عليها هذا البرلمان!! إن هذا افتراء عظيم على المشايخ.
ولهذا سُئل الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- سؤالاً صريحًا: يا شيخ، أنتَ قلتَ: (بشروطٍ)، قال: وما هذه الشروط؟ قالوا: قلتَ: كذا وكذا. قال: وهل هذه موجودة؟! قالوا: لا. قال: إذن هي نظرية.. نفس الشيخ -نفسَه- الشيخ الألباني يقول هذا -نفسَه-.
فإذًا الأمر الأول، تعالوا لنتفق على هذا الأصل: نَتْبَع المشايخ.. نَتْبَع المشايخ، لا نُجَزِّئ هذا، وإلا نحن -الحمد لله- أسعد الناس بهؤلاء المشايخ، ونحن لا ننطلق في شيء حتى ننظر في كلام علمائنا ومشايخنا، فهم على رؤوسنا.
الأمر الثاني: أنهم جعلوا لها قيودًا وشروطًا، فعلام أهملتم ذلك؟!
الأمر الثالث: أننا نعرض فتاوى مشايخنا وعلمائنا وأعظم من مشايخنا وعلمائنا من الأئمة الأربعة وغيرهم على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة قُبِل، وما خالف الكتاب والسنة رُدَّ..
فلو اتفق الفقهاء الأربعة على مسألة وظهر الدليل بخلافها، ما الذي علينا؟ علينا أن نأخذَ بالدليل..
وعليه فإن النظر إلى فتاوى أهل العلم، فإنهم بَنَوْهَا على مصلحةٍ معينةٍ، هذه المصلحة غير متحققة أصلاً!! وهذه المصلحة غير واردة، وعليه فلا دليل على صحة هذه الفتوى.
فإنّ مشايخنا علَّمونا أنه لا ينبغي الاندراج تحت حكم الجاهلية، ولا ينبغي ضمن هذه القوانين أن تدخل إلا أن تندرج تحت حكم الجاهلية..
ولهذا حرِّموا أن يكون الحزبُ ذا مرجعيةٍ إسلاميةٍ، هذا لا يجوز، شرط أساسي ألا يكون هناك حزبُ ذو مرجعيةٍ إسلاميةٍ، وإذا كان فيه حزب له مرجعية غير إسلامية إذن يبقى أن تكون مرجعيته علمانية وليبرالية وغير ذلك من هذه الأشياء، فكيف يحصل الموافقة على هذا؟!
وعليه، أقول لكم -وباختصارٍ شديدٍ-: طالعوا بنود التأسيس لأي حزب من الأحزاب سواءً إسلامية أو غير إسلامية ستجدون هذه البنود موجودة: (أن تكون السيادة للقانون!!)، (المطالبة بحرية الأحزاب بجميع صورها!!)..
(حرية الأحزاب)، يعني: تُعطى الحرية للحزب العلماني، تُعطى الحرية للحزب الليبرالي، وهكذا.. تُعطى الحريات لهذه الأحزاب..
و(أن تكون السيادة للقانون)، وقد كان القانون كفرًا بالأمس، فأصبحتِ السيادةُ له اليومَ!! مَن مِن المشايخ قال: السيادة للقانون؟!! يا مَن تتبعون فتاوى المشايخ، مَن مِن المشايخ قال: السيادة للقانون؟!! مَن؟!!
أين آياتكم؟! ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾ [النساء:60]، وأنتم الآن تسارعون وتُجَيِّشُون الناس بهذا!!
أين أنتم من الآيات التي استدللتم بها بالأمس: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة:50].
أين أنتم: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء:65].
هذه النصوص أين ذهبت؟! وأنتم تقررون هذا، لا تقولون: هذا باطل ولكننا مضطرون مثلاً. لا، أنتم تضعون بأيديكم أن: (السيادة للقانون!!)، وأن: (الأحزاب ينبغي كذا!)، و(أننا نطالب بدولةٍ عصريةٍ تقوم على أسسٍ حديثةٍ!!).. وليس مطالبة بدولة إسلامية! (بدولةٍ عصريةٍ تقوم على أسسٍ حديثةٍ!!)، وغير ذلك من هذه الأمور التي لو نظرت إليها لوجدتَ العَجَبَ العُجاب، فأين هذا من فتاوى المشايخ؟!!
فهل يقرُّ المشايخ أن يتولى الأمر امرأة؟!! هل يقرُّ المشايخ بأن يتولى الأمر نصراني؟!! هل يقرُّ المشايخ بأن السيادة للقانون؟!!
اتقوا الله، ولا تستعملوا هذه الفتاوى تنشرونها من باب الدِّرْع الواقي!! وإلا فأنتم أبعد الناس عن فتاوى المشايخ.
أضف إلى ذلك أنتم أهدرتم هذه (القيود) و(الشروط) التي وضعها أهل العلم ولم تجمعوا بين الفتاوى كلها لتعلموا أن مُراد مَن قال -ولا نتابعه على ما قال- أن مُراد مَن قال في هذا، أنك تدخل لتُنكر المُنكر، وهذا أمرٌ محرم عليك أصلاً وأنت قائلٌ بهذا وتعتقد هذا والدليل على ذلك راجع بنود تأسيسك فسوف تجد العَجب العُجاب حتى أننا الآن لا ندري ما الفرق بينك وبين مَن سبقك؟!! ما الفرق بينك وبين حكومة علمانية ليبرالية -إذا كنت تحارب العلمانية- وأنت تقرُّ هذه الأحزاب العلمانية وتقرُّ هذه الأحزاب الليبرالية.
ولهذا الشيخ العلامة (مُقْبِل بن هادِي)-رحمه الله تعالى- لمَّا اطَّلع على هذا الأمر، وسُئل عن فتاوى بعض المشايخ في هذا الأمر أجاب بهذا الجواب الذي اختصرته لكم أو بينته لكم.
وبالتالي نحن مع المشايخ، لكن إذا ظهر شيءٌ يخالف الدليل فإننا نبيّن، لسنا الذين نضرب بكلامهم عرض الحائط، ولكننا نفهم كلامهم ونجمع بين كلامهم في جميع فتاويهم ونعلم شروطهم ونعلم أسسهم ونعلم على أي شيءٍ تُبنى الفتوى وغير ذلك من هذه الأشياء، لا أننا ننظر بمنظور أو بعين مَن قال الله -عز وجل- في شأنه: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران:7].
فلهذا عليكم أن تخفوا هذه الفتاوى أو تُوَضِّحُوا كما نُوَضِّحُ نحن الآن إذا كنتم بُغَاةَ حقٍ، وكما أظهرتم هذه الفتاوى الآن عليكم أن تظهروا جميع الفتاوى بدلاً من أن تقولوا: إن لجنة الفتوى مُسَيَّسَة!! أو إن العلماء هؤلاء إنما هم حميرُ السلطان يستعملهم السلطانُ كالعبيد حيثما أراد!! فلماذا تظهر هذه الفتاوى الآن؟!!
أناس يمكثون على (النت) ليلاً ونهارًا لاستخراج مثل هذه الفتاوى؛ ليشككوا المسلمين في هذا، ولهذا أنا لو أفتي -الآن- بجواز دخول البرلمان لرأيتم -مع المحاربة لنا- لرأيتم هذه الفتوى مطبوعة وموزعة على الناس ويقولون: هذا فلان يُفتي بهذه المسألة مع أنهم يعارضونك ويحاربونك، لكن إذا وجدوا شيئًا يخدم حزبهم ويخدم معتقدهم فإنهم يقولون بهذا الأمر.
وعليه، فقول الله -عز وجل-: ﴿نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى﴾ [النساء:115]، بيانٌ لقاعدةٍ عظيمةٍ: أنّ الجزاء من جنس العمل وأن الإنسان إذا طلب الخير وطلب الحق وحرص عليه فإن الله -عز وجل- يهديه -بإذن الله تبارك وتعالى-.
وأما مَن انطبعتْ نفسُه على العِناد والمُشاقة، فكيف يُهدى إن الله لا يهدي مَن يُضِل..
نعم، نعم هو نفس الكلام ولهذا نحن نطالبهم -أصلاً- بأن يَذْكُرُوا كلامَهم الأول في هذا، إذا ذَكَرُوا كلامَهم الأول تبين الحق -إن شاء الله-.


وفَرَّغَهُ/
أبو عبدالرحمن حمدي آل زيد المصريّ
8 ذو الحجة 1432هـ، الموافق 4/11/2011م.

مهدي الباتني
2012-12-19, 21:51
نعم، نعم هو نفس الكلام ولهذا نحن نطالبهم -أصلاً- بأن يَذْكُرُوا كلامَهم الأول في هذا، إذا ذَكَرُوا كلامَهم الأول تبين الحق -إن شاء الله-.

لؤلؤة الفردوس
2012-12-19, 22:07
السلآم عليكم
بآرك الله فيك
و جزاك خيرا