المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتكاس الشباب بعد الاستقامة الأسباب والعلاج


miramer
2012-12-14, 19:52
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أن بزغ فجر الهدى، واستقر الدين في قلوب الموحدين، ولامس الإيمان شغاف القلوب، واطمأن في سويدائها، لم تزل هناك فرادى من الحيارى والتائهين الذين بدلوا وغيروا، وضلوا بعد أن هداهم الله - جل وعلا -، وقد تنامى هذا المعدل في زماننا هذا، حتى لقد سارت به ركبان المجالس العلمية و غير العلمية (ولا حتى المهتمة بشؤون الدعوة)، و حين نُطرق السمع لروايات المربين، والدعاة والمصلحين نجد أن هناك عدداً من القصص المزعجة جراء النكوص والانتكاسة - نسأل الله الثبات -، وإن هذا الموضوع لم يُغفله ذوو الاختصاص حيث يُطرح بين الفينة والأخرى بالطرق والمفاهيم و الأفكار مختلفة، ولكن لعلي في هذه العجالة أن أحاول إلقاء الضوء على الأسباب خلف هذا السلوك من وجهات عصرية متعلقة بجوانب لعلها تناسب زماننا هذا، ويكمن فيها - بإذن الله- العظة والحذر، وأعلم يقيناً أن الحاجة لكاتب الموضوع أولى من قارئه، ولو كنتُ مخيراً لقدمت سكوتي وصمتي فالقضية جد حساسة لا يأمن فيها الفرد على ذاته، ولكن حسبي تبليغ دين الله، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربما ساهمنا في تثبيت أحدهم فيُشفِّعُه الله فينا يوم العرض والحساب.

أشكال الانتكاسة:
لاشك أن واقع الانتكاسة واقع مخيف - نعوذ بالله من الخذلان-، وأشكالها كثيرة، هذا إذا علمنا أن معظم المسلمين قد قرروا في أنفسهم هذا الطريق لأسباب عدة كموعظة سريعة، أو مناصحة صادقة، أو فقد قريب أو عزيز، وسرعان ما يعود إلى طريقه السابق لظروف متعددة، وربما يكون عدم احتضانه في بيئة جيدة، أو هو لم يستظل بظلال صحبة معينة ساهمت في كثير من ذلك، و لا غرو أن من الظواهر المقيتة في هذا الشأن حين ترى جماعة من الإعلاميين والكتاب والصحفيين كانوا مهتدين بل وحتى دعاة، وسرعان ما تغيرت الوجهة!

كل ذي لب يؤمن أن ذلك نذير خطر، غير أني سأحدد أشكال الانتكاسة في النفر الذين تمتعوا بطريق الهداية فترة من الزمن فعاشوها، وواكبوا أقران لهم هناك في البيئات الصالحة المصلحة، ثم بدلوا الحسنة سيئة. وأبدأ مستعيناً بالله:

أشكال الانتكاسة على نوعين:

الانتكاسة الفكرية: وهو يصيب فئة من الناس حيث تبدأ معتقداتهم بالاهتزاز أمام صراعات الأفكار التحررية، وهذا له صور عدة فهناك من ارتد عن دين الله، ومنهم من سلك العلمنة وتحييد الدين بعيداً عن النشاط البشري والحياتي، ومنهم من ركب التنوير وسار يهذي به بعيداً عن الحقائق، والفطرة الصحيحة، وبات مفتياً متفرساً في وقائع الأمة التي لو كانت في عهد عمر لجمع لها أهل بدر. وربما يورده للانحراف الكلي عن الدين القويم كما حدث في البعض، وهذا الشكل من الانتكاسة أشد ضررًا من التالي حيث يكون هذا قاضياً على الخير والهدى في قلب الفرد، زاجاً به في متاهات ليس لها نهاية.

الانتكاسة السلوكية: وهذا ما يكون عادة ناشئ من هبوط الإيمان، أو خلل في التربية الذاتية والإيمانية، وربما كان له أسباب خارجية، وقد تظهر صوره في الفتور الدعوي، أو كون الملتزم يصبح لا هم له ولا نشاط؛ فينكفئ على نفسه وخاصته، وربما ذهبت آثار السمت والاستقامة ليساير عامة الناس و دهمائهم بعيداً عن المسؤوليات والتبعات. وهذا النوع قد يعود صاحبه، حيث أنه لا يُصيب بالعادة إلا تغيرات سطحية في المفاهيم، وخلل في السلوك فبتوفيق الله ثم بالمناصحة، والعزم قد يعود صاحبه لأنه غالباً ليس مقتنعاً تماماً بما هو عليه.


الدوافع والأسباب:

أولاً: (الأسباب شخصية)

إهمال المنابع الإيمانية، وضعف الارتباط بها كالمساجد، و حلق الذكر، ومجالس الإيمان، وعادة ما يكون للمتنسك بداية الطريق صلة بهذه المنابع، وهكذا حتى يُصيب البعض شيئاً من التواني والتراخي في ذلك، فيقل عنده منسوب الإيمان، و تضمر لديه المعاني والمشاعر الإيمانية الوهاجة، ويكون على ارتباط هش بالمداومة على الصلوات في المساجد، والعمرة إلى العمرة والحج إلى الحج، وتقليب صفحات المصحف، و تكمن المصيبة حين يعتقد بأنه قد توصل لمرحلة قد لا يحتاج فيها إلى مجالس الرقائق والإيمان التي يزعم أنها للمبتدئين، ومن ثم ينكفئ على ذاته ونفسه، وهنا يبدأ في مناقشة ذاته، ومحاورتها بعيداً عن المنهجية و أهل العلم، حتى يبدأ بالتنازلات، والتقاعس، والأخذ بالمفضول ليسقط، ويستسلم لقيد من قيود الأرض.

الانبهار بالجديد، والتهافت على الحضارة الدخيلة، والانفتاح على المدرسة العلمانية والعقلانية،
وهذا يساهم في الجرأة على النصوص المقدسة، والتمرد على أهلية الأحكام الشرعية بالنقد والتأويل و اتهام المسلمات والثوابت الإسلامية بمصادمة العصرنة، وعدم مجاراتها لظروف الواقع، ومن ثم اتهام الدين بالجمود والرجعية، وهذه فتنة عظيمة سقط من خلالها عدد مخيف لاسيما ممن اتسم بالعقل في حينه والخيرية, و مفاد هذا الدافع باطل حيث الفهم الحقيقي للدين الإسلامي يجعل هناك تصور صائب تجاه المعتقدات والضوابط الشرعية خصوصاً أنها أتت لتحرر البشرية من ربقة الأسياد، والقبيلة، والأهواء والطواغيت. وساعد في ذلك وجود البعض خلف أسوار التقوقع على النفس ثم الانفتاح العولمي السريع عبر قنوات الإعلام الجديد، وربما هذا الأخير أذكى شيئاً من القنابل الموقوتة في البعض تجاه مسلمات دينهم.

الاندفاع والاستعجال والحماسة المفرطة، مع فقدان الروية والتأني.
وقد قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [النساء:77]. يقول أحد المفسرين عن هذه الآية: (إن أشد الناس حماسة واندفاعاً وتهوراً قد يكونون هم أشد الناس جزعاً وانهياراً وهزيمة عندما يجد الجد وتقع الواقعة.. بل إن هذه قد تكون القاعدة! ذلك أن الاندفاع والتهور والحماسة الفائقة غالباً ما تكون منبعثة عن عدم التقدير لحقيقة التكاليف، لا عن شجاعة واحتمال وإصرار، كما أنها قد تكون منبعثة عن قلة الاحتمال؛ قلة احتمال الضيق والأذى والهزيمة؛ فتدفعهم قلة الاحتمال إلى طلب الحركة والدفع والانتصار بأي شكل، دون تقدير لتكاليف الحركة والدفع والانتصار.. حتى إذا ووجهوا بهذه التكاليف كانت أثقل مما قدروا، وأشق مما تصوروا. فكانوا أول الصف جزعاً ونكولاً وانهياراً...).

البعد عن البيئة المعينة، واستبدالها ببيئة هابطة الغايات، والأولويات،
وهذا أثره في التطبع على سلوكيات البيئة الثانية، ولقد قال الحق جل وعلا في حقه نبيه -عليه الصلاة والسلام-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [الكهف28]، والمتدبر في هذه الآية يجد وصف هؤلاء الدعاة تكمن في الفاعلية، والاستمرارية والإخلاص، وهذا يجسد لنا صفات البيئة المناسبة لاحتضان المصلحين والهداة.

قلة العلم، والجهل بأحوال الفتور والشره.
وأعني بالعلم هو العلم الشرعي والتربوي الذي يساير الفرد حتى موته، وأخذه من العلماء الراسخين، وطلبة العلم الموثقين، ولا يكن الهوى والانكماش على الذات هو المسير الوحيد للسلوك، و إنا نجد في تعاطي الصحابة والسلف الصالح لهذه القضية نموذجاً حياً يمثل مشهد العلم والتعلم وبذل الوقت والجهد فيه, فهذا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - بلغه عن رجل من أصحاب رسول الله حديث سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشام وهو عبد الله بن أنيس - رضي الله عنه - فابتاع بعيراً وشد عليه رحله وانطلق يسمع حديث رسول الله-عليه الصلاة والسلام-، وذاك شعبة -رحمه الله-يرحل شهراً كاملاً في طلب حديث سمعه من طريق لم يمر عليه.(للاستزادة أنظر الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي).

وفي عصرنا الحاضر قوى علمية جمعت بين العلم و صلاح القلوب وتزكيتها منهم من رحل ومنهم من بقي، ونجدهم والله أعلم بحالهم، أبعد الناس من الوقوع في الشبه وإضلال الخلق، وأقربهم للهدى والإصلاح.
وهنا يأتي دور العلم بأحوال النفس ومدى إقبالها وإدبارها، وكيف يسايس المؤمن نفسه حين يعلم منها حالاً تعايشها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: ((إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شره، وَلِكُلِّ شره فَتْرَةً،فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ إِلَي غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ)) (صحيح) انظر حديث رقم: 2152 في صحيح الجامع. وهذا النص يوضح لنا المنهج الواضح في حال الشره والفتور.
الإمعية و الإتكالية، وإهمال البذل والعطاء والتضحية لدين الله عزوجل، وهذا داء عضال وكل يسير في اتجاه مغاير لكنها تتقاطع في البعد عن تحمل المسؤولية، وعدم الالتزام بالأمر، والمهمة الملقاة على عاتق الأخيار، وبالتالي حين يرى الواحد منا في غيره وحتى ذاته بداية الانسلاخ من المسؤوليات والمهام التي على عاتقه (الدعوية وما في معناها)، فليراجع ذاته، وليحاسب نفسه، وعادة أنها بداية للتخلي عن الوظيفة العظيمة، وهي الدعوة إلى الله، والتي هي بمثابة المثبت الأول على دين الله، وتزكية للعلم والخير الذي يحمله المصلح.

الإمعية:
هو أن يكون هذا الفرد طيلة عمره تبعاً لجماعته التي يعيش معها دون أن يكون له أثر حتى في نقد الأفكار، والمساهمة في الجزئيات، ولا حتى الإيجابية في بعض المظاهر البسيطة،

والإتكالية: هو البقاء تحت أستار جهود الآخرين والهروب عن تحمل المسؤوليات والتبعات، وأرجع لأقول إن من الهوان أن يبقى المؤمن خلف هذه الأستار المشوهة، وأنها طريق لإزهاق روح الهداية، ولا نطالب أن يكون الفرد خطيباً مفوهاً، أو ملقياً بارعاً، أو باحثاً مطالعاً، ولكن كل بحسبه.

الاعتداد بالذات (الكبر)،
وهو من أخطر أمراض القلوب وأشدها فتكاً، وخطره وعواقبه ضارة، وكل مساراتها تقف ضد معاني الشريعة (التواضع، لين الجانب، وقبول الحق من الإخوان ولو كان أحدهم وضيع في القوم)، قال الحق جل وعلا: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } [الأعراف146].
و قال أحدهم:

تواضعْ تكن كالنجمِ لاحَ لناظر
على صفحاتِ الماءِ وهو رفيعُ
ولا تـك كالدخان يعلو بنفسه
إلى طـبقات الجو وهو وضيعُ

miramer
2012-12-14, 19:54
والتاريخ والحاضر مليئة جعبته بمن خلف هذا السلاح الفتاك من قتلى في حديقته الدامية فمن إبليس بداية المسيرة لهذا الداء، ولازال، وأقول إن معظم ما يختال الأغلبية في ضعف تدينهم، وسوء علاقاتهم هو نسبة عظيمة من هذا الداء الكامن في القلوب، - والعياذ بالله - والذي يأتي في قوالب عديدة تُسقط على سلوكيات مبررة بحفظ الهيبة، والوقار، و هي من تلبيس إبليس.

الغلو والتنطع والتشدد والتشديد،
ولا غرو بعدم الملامة على شخص أقر بذلك على ذاته في الأحكام كابن عمر - رضي الله عنه-، و بعض الزهاد والعلماء من السلف الصالح، ولكن أن يظهر ذلك حتى على إحكامه - ما يعتقده ويتورع به - على غيره، وإن السائل يسأل كيف لهذا أن يكون سبباً للضعف والانتكاس؟ إنا نذكره بما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم- (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، و أبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة). وأقول إن المصيبة من يعتقد الفظاظة في الأسلوب، وإهمال اللباقة و اللياقة في الحديث من الدين، وإن من تمنهج على هذه الطريقة ثم يجد نفسه في خانة الآحاد لا شك أنه سينتقد ما كان عليه، و بشكل آخر يرمي معتقده، و بيئته الدينية بالاتهامات الباطلة، والدين منه براء، وكم عرفنا من كانت له بدايات في سبيل الخير والإصلاح، وكان متزمتاً متنطعاً في الحكم على الناس ومجابهتهم، حتى بلغ السيل الزبى فتقهقر- والعياذ بالله - حتى وجد نفسه بعيداً عن القلوب والأجساد معاً..فأصبح في قيد من قيود الأرض ليرجع مع من هوى وسقط.

الانغماس في الدنيا وتبعاتها، والانهماك في المباحات،
واللهو والسفاسف، و الغرق في المرابحة والتجارة، وقلة التورع في المعاملات المالية لاسيما التي في دائرة الشبهة، والغرق الشديد في الرفاهية وعادة ذلك في المسكن والمركب والملبس والمأكل، وكل هذا مندرج تحت (إظهار النعمة المكتسبة) أو (عدم ترك الأبناء عالة يتكففون الناس)!. ولقد قال تعالى في ذم اليهود: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة:96].و عن أنس -رضي الله عنه -قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال، وطول العمر" (رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري). وقد أخبر المصطفى- صلى الله عليه وسلم-أمته كما روى البخاري ومسلم، قال: "فو الله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم".

(ودرجات الورع أربع:

الدرجة الأولى: درجة العدول عن كل ما تقتضي الفتوى تحريمه.

الدرجة الثانية: الورع عن كل شبهة لا يجب اجتنابها، ولكن يُستحب، ومن هذا قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما يريبك)).

الدرجة الثالثة: الورع عن بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام.

الدرجة الرابعة: الورع عن كل ما ليس لله تعالى، وهو ورع الصديقين.

والتحقيق فيه أن الورع له أول وغاية، وبينهما درجات في الاحتياط، فكلما كان الإنسان أشد تشديداً، كان أسرع جوازاً على الصراط، وأخف ظهراً، وتتفاوت المنازل في الآخرة بحسب تفاوت هذه الدرجات في الورع، كما تتفاوت دركات النار في حق الظلمة بحسب درجات الحرام، فإن شئت فزد في الاحتياط، وإن شئت فترخص، فلنفسك تحتاط وعليها تترخص). بتصرف "مختصر منهاج القاصدين" ص101,100.

التعلق بالذوات والأماكن،
وهذا جعل بعض المتعلقين بالرموز حين يبعد هو، أو يذهب ذلك، فإنه يقدم دينه فداءً، ولا نعلم لمن كانت الشعارات الرنانة في دين الله بادئ الأمر، والمحافظة على الواجبات، والبعد عن المنكرات، ولمن كان البذل والعطاء ؟ حقاً إنها فتنة وقع فيها البعض، ومقالنا هنا هو ما قاله الصديق أبي بكر-رضي الله عنه- حين اُفتتن بعض الصحابة بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، - قَالَ: إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ،قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } [الزمر: 30]، وَقَالَ: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ...)) حقاً علينا أن نتتلمذ من هذا الموقف الرباني للتعلق بالله، بل والتوسيع على النفس في الضائقات و فقد العلماء والإخوان بذلك لا العكس.

إتباع الهوى، والاستسلام للشهوات،
وعادة ما يكون الهوى المتبع ضلال وغي ومخالفته عين الصواب والحق، قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:175-176].ومن صور ذلك:
شهوة الفرج، ولاسيما النساء عند الرجال وكذا المردان، روى البخاري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء), وهذا عادة ما يصيب المرء عن طريق بصره، وربما غوي عن طريق شيء آخر؛ لأن مفاتيحه كثيرة، ومقدماته لا تُحصى قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32]، فالمعاين لقوله {وَلاَ تَقْرَبُوا} يجد البلاغة الوصفية في التحذير، حيث يشمل كل المقدمات والطرق المؤدية لهذه الفاحشة، غير أن أعظمها وأشدها إطلاق البصر الذي ينشأ عنه إطلاق الفكر،قال الحق - سبحانه - {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور30]، ونحن لا نفرض قيداً على أبصارنا، ولكن يُجاهد المرء ذاته وليتلذذ بهذه العبادة العظيمة، وقد تواصى السلف الصالح بهذا الأمر، وكانوا على حرص شديد من فتنة النساء والمردان، قال الحسن بن ذكوان: لا تجالسوا أبناء الأغنياء فإن لهم صورًا كصور العذارى، فهم أشد فتنة من النساء.وقال بعض التابعين: ما أنا أخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه. (أنظر الكبائرص42، للذهبي - دار الثريا).

أقول كم ذهب جراء شهوته صالحين كثر قدموا دنياهم على دينهم، وكانت بدايتها من رمقة بصر أشعلت فتيلة الهوى، وصادفت قلباً خاوياً فتملكته -والعياذ بالله-، وهذا يحصل كثيراً، ويزول والحمد لله بالتوبة والأوبة والرجوع، لا كما يصيب البعض من اليأس والقنوط.

حب التصدر، والشهرة والافتتان بالظهور الإعلامي.
وهذه فتنة عظيمة ومصيبة جلية، وتأتي على مداخل وطرق شتى قل من يسلم منها إلا من رحمه الله، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَ فِلِدِينِهِ"، و إن الحصيف هو الذي ما يلبث أن يجاهد نفسه في مدافعة ذلك، وفي وقتنا هذا زاد الطين بلة أنه مع تعدد وسائل الإعلام، وزيادة فرص المناصب والوجاهات توجب على الأخيار عدم التراخي والتراجع لسد هذه الثغرات وملأها للمجتمع خيراً ونفعاً، ولكن الرزية أنها أصبحت فتنة عند البعض فحين وصل لذلك الكرسي، أو استلم ذاك المذياع، وربما شوهد عبر الأقمار الصناعية مقدماً أو مشاركاً وربما ضيفاً... أصبحت غاية له بدلاً من كونها وسيلة لنقل الخير، وقد يبذل القيم والنفيس لديه من أجل أن يقبل الناس صورته، وكلامه، وملبسه، وحتى ربما غير أفكاره وطريقة كلامه استجابة لمطامع البعض، وحتى يصل لما يريدون فيصل هو لما يُريد.
وقد كان السلف الصالح على بلوغ صيتهم ونفعهم ينفرون من الشهرة والتصدر. قال بشر بن الحارث: " ما اتقى الله من أحب الشهرة " سير أعلام النبلاء 11/216, وقال الإمام أحمد: " أريد أن أكون في شعب بمكة؛ حتى لا أُعرف، وقد بليت بالشهرة "، ولما بلغ الإمام أحمد أن الناس يدعون له قال: " ليته لا يكون استدراجاً "المرجع السابق 11/210-211.

وقال أحد الكتاب : (ولما كان المطلوب بالشهرة وانتشار الصيت هو الجاه والمنزلة في القلوب، وحب الجاه هو منشأ كل فساد، لذا كان الهرب والخوف من الشهرة من دلائل الإخلاص) (تعطير الأنفاس في الحديث عن الإخلاص).

miramer
2012-12-14, 19:54
حب المال والاتجار به.
وقد قال تعالى عن {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: من الآية15]. وقال سبحانه: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [الفتح:11]، بل الطريف أن البعض يسير في هذا الطريق مدعياً أنه سيكون رمزاً في الإنفاق لدين الله، و هو يذكرنا بقول الله -عزوجل-: {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ} [التوبة:75-76]. حقاً إنه واقع مشاهد، وحاضر ملموس، بل العجيب أن البعض أخذ في ذلك مأخذاً بعيداً حيث أسرف على نفسه في الملبس والمركب والمسكن، مدعياً بذلك أنه يريد بها نصرة لدين الله حتى يُرى فتتحسن صورة الأخيار في أعين الناس جاعلاً من أبي بكر وعثمان وابن عوف - رضي الله عنهم- أنموذجاً في ذلك، ونحن نذكره بأفعالهم، ومواقفهم و أعطياتهم، فأحدهم قدم ما يملك كله لله، وآخر يجهز جيش العسرة، وكل ذلك قليل من أفعالهم، وأذكر نفسي وأحبتي بحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض)).

الوقوع في حبائل الشبهات العقدية، و إتباع الفتاوى الدخيلة،
والخوض في بعض القواعد الفقهية بقياس قبيح، وهذا مفاده هوىً في النفس، وكلمات حق أحياناً يُراد بها باطل، وعادة كما قال العلماء من تتبع الرخص تزندق.

الانهزامية النفسية، واحتقار الذات والتهرب من التكاليف والمسؤوليات،
وهذا يصيب العاملين، والمجتهدين في ميدان الخير، فإذا شاهد جراحات الأمة في جسدها، وكيف تمر الدعوة وأهلها في هذه المرحلة، فيُصاب بداء اليأس والانهزام، ولم يكن هذا دأب المصلحين، ولا من سار على ذلك. قال عز من قائل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف110]. ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحقر أحدكم نفسه قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمر الله عليه فيه مقال، ثم لايقول فيه، فيقول الله - عز وجل- له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول: خشيت الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى)) رواه ابن ماجه.

الفوضوية والتشتت في إدارة الذات والوقت، والتخطيط الجاد للمستقبل.
وقد بين الله تعالى في كثير من آي القرآن الكريم بعضاً من مصير من كان هذا حاله في الدنيا فقال سبحانه: {حتى إذا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100]. ويحذر الله من التسويف والتأجيل في الصالحات ويؤكد المولى - تبارك وتعالى- على المبادرة والإسراع فيها، فقال الله:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.[المنافقون:10-11].

ويقول المصطفى-صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)). أخرجه الحاكم.

وهناك الكثير من النصوص والدواعم في شأن الترغيب في شأن الإدارة الصحيحة للذات، ومحاولة برمجتها على المبادرة والجادة في الأعمال، وكذلك الترهيب من التقاعس، والفوضى وإهمال معالي الأمور.

وإن من ما يجره هذا الداء الضعف الذاتي والذي يولد الضعف الإنتاجي، ومن ثم ينتج الضعف في الإنتاج، والعمل الجماعي، والخلل في الصف، إذا لا يستطيع تحمل التكاليف والبذل سائر اليوم من كانت الهزلية مطيته، والفوضى سمته.

الجزع وضعف اليقين، وقلة الصبر في مواجهة البلاء،
والخور أمام الرزايا والمحن العامة والخاصة، وهذا قد يكون من باب التمحيص، وتصفية الصف، ولإبراز الوزن الحقيقي للجماعة الإسلامية. قال الحق- جل وعلا -:{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:140-141].

يقول أحد الكتاب في هذه الآية: (إن الشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة، هما اللذان يكشفان عن معادن النفوس، وطبائع القلوب، ودرجة الغبش فيها والصفاء، ودرجة الهلع فيها والصبر، ودرجة الثقة بالله أو القنوط، ودرجة الاستسلام فيها لقدر الله أو التبرم به والجموح! عندئذ يتميز الصف ويتكشف عن: مؤمنين ومنافقين، ويظهر هؤلاء وهؤلاء على حقيقتهم، وتتكشف في دنيا الناس دخائل نفوسهم، ويزول عن الصف ذلك الدخل وتلك الخلخلة التي تنشأ من قلة التناسق بين أعضائه وأفراده وهم مختلطون مبهمون!).

ذريعة المتابعات الأمنية، والمضايقات عليه،
وهذا يصيب كثيراً بل لقد مس حتى من ليس بقريب من الدعوة والإصلاح، وهذا عادة في الجملة ما يكون وهماً، وربما أحياناً تذرعاً، أو حتى تبريراً لتقاعسه، وأقول لمن يدعي ذلك مهما كان الإنسان وهو يمر بهذه الوقائع -إن صحت- أنها لم ولن تكن وسيلة للتخاذل والاستسلام والخور، وإن كان هناك ثمة أخطاء كنت عليها كالتكفير، والتحريض على الأعمال التخريبية فما في وسعك سوى الرجوع والاستغفار، واستمرارك على طريق الحق، وإن كنت تعاني حقاً فبوسعك الكثير من الأساليب لوقف ذلك، وتغيير الصورة السلبية تجاهك، دون أن يمس دينك شيء، قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ } [العنكبوت10].
قال أحدهم:


لقد خفت حتى لو تمـر حمامة
لقلت عدو أو طليـعة معشر
فإن قيل خير قلت هذه خديعة
وإن قيل شر قلت حق فشمر

وقد يُستثنى من اُبتلوا في بعض البلدان بالمضايقات والأسر، والتسلط عليهم وذرياتهم وأموالهم فقد عفا الله عنهم في النطق بالكفر فكيف بغيره، قال سبحانه: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [النحل106].

التقاعس عن التربية الذاتية، أو الجماعية
فربما اهتم بأحدها على حساب الآخر، وكل منها يرمم ويكمل جوانب لا يستطيعها الآخر، فالإخلاص والمناجاة، والبكاء من خشية الله، ومجاهدة النفس، والخلوة مع الله والدعاء تتم مع النفس، و التعاون والإخاء، والأخوة الصالحة والإيثار تتم مع الجماعة، وبالتالي فكل له أهميته، ولكن المعضلة الجفاء مع أحدها بحيث تضمر المنابع الذاتية، أو الجماعية، والمطالع في هدي المصطفى -عليه الصلاة والسلام - يقرأ ذلك في سنحات سيرته، وسلفه الصالح، فهناك أوقات مع العامة، وهناك أوقات خاصة، وبفضل الله فقد أسهمت الأعمال الخيرية المؤسسية والمحاضن التربوية في عصرنا في تعويض الجانب الجماعي، ويبقى العناية بالجانب الذاتي، والحفز الداخلية للرقابة الربانية قال الله-جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك : 12]




نكوص الهداة

سعيد بن محمد آل ثابت



منقول من الأخت ام عبد العزيز حفظها الله تعالى

Nihad lamis
2012-12-14, 20:02
بارك الله فيك

miramer
2012-12-15, 18:35
آمين وفيكم بارك الرحمن

نهى اسطاوالي
2012-12-15, 19:58
جزاك الله خيرا اخي الفاضل
وفقك الله

عبد الله 31
2012-12-15, 20:02
الانتكاس
مرض خطير، وله أسباب كثيرة، منها: ضغط المجتمع الفاسد، والكبر والغطرسة وعدم الخضوع لأوامر الإسلام، والذنوب والمعاصي كإطلاق النظر فيما حرم الله تعالى. وإن الثبات على دين الله تعالى هو علاج هذا المرض الخطير، ومما يعين على الثبات: الالتزام بالدين بعقيدة صادقة، والنظر في سير السلف الصالح رحمهم الله تعالى.


وهونوعان:

1 - الردة عن الدين.
2 - ضعف التمسك بتعاليم الدين.

أسباب الانتكاس

1- الخضوع لضغط المجتمع :
ويتأثر لهاذا النوع ضعاف الايمان والصحابه فى مسألة الايمان والعقيدة كانوا لايتأثرون بهذه الضغوط


2- التدين والإلتزام للحصول علىالفائدة (المال مثلا) :
فإذا لم يحصل علىالفائدة أوإنتهت إنتكس (قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض) رواة البخاري
3- عدم التحقق بحقيق الإيمان :
(مثل الممثل يلتزم ويريد أن يكون مشهورا أيضا وهو ملتزم فإذا لم تتحقق له الشهرة قد ينتكس)
4- التليفزيون:
بما فيه من كاسيات عاريات ومفاسد كثيره
.............................................
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم

عيدي احمد
2012-12-15, 21:30
بارك الله فيك
وجزاك عنا كل خير

miramer
2012-12-16, 17:59
جزاك الله خيرا اخي الفاضل
وفقك الله



آمين وجزاك الرحمن بالمثل



الانتكاس


مرض خطير، وله أسباب كثيرة، منها: ضغط المجتمع الفاسد، والكبر والغطرسة وعدم الخضوع لأوامر الإسلام، والذنوب والمعاصي كإطلاق النظر فيما حرم الله تعالى. وإن الثبات على دين الله تعالى هو علاج هذا المرض الخطير، ومما يعين على الثبات: الالتزام بالدين بعقيدة صادقة، والنظر في سير السلف الصالح رحمهم الله تعالى.


وهونوعان:

1 - الردة عن الدين.
2 - ضعف التمسك بتعاليم الدين.

أسباب الانتكاس

1- الخضوع لضغط المجتمع :
ويتأثر لهاذا النوع ضعاف الايمان والصحابه فى مسألة الايمان والعقيدة كانوا لايتأثرون بهذه الضغوط


2- التدين والإلتزام للحصول علىالفائدة (المال مثلا) :
فإذا لم يحصل علىالفائدة أوإنتهت إنتكس (قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض) رواة البخاري
3- عدم التحقق بحقيق الإيمان :
(مثل الممثل يلتزم ويريد أن يكون مشهورا أيضا وهو ملتزم فإذا لم تتحقق له الشهرة قد ينتكس)
4- التليفزيون:
بما فيه من كاسيات عاريات ومفاسد كثيره
.............................................
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم




آمين وجزاك الرحمن بالمثل وبارك الله فيك على الاضافة

بارك الله فيك
وجزاك عنا كل خير


آمين وفيكم بارك الرحمن وجزاكم بالمثل