تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام السياسي و أحداث أكتوبر 1988


خوجة 22
2009-03-28, 16:05
تعاملت كل من السلطة و حركة الدعوة الإسلامية مع إنتفاضة أكتوبر بطريقة متباينة ،حيت إتخد كل منهما الدين متكئا ، هذا المخزون الشعبي الحاضر الغائب أبدا في السياسة الجزائرية تم توظيفه بطريقة إنتقائية تستجيب و الظرف الطارئ الذي أفرزته حركة أكتوبر 1988 التي تعتبر تتويجا لمجموعة من الحركات الإجتماعية عرفتها الجزائر منذ بداية الثمانينات (1) لكنها تميزت بدرجة من الشمولية ، و إنتهاك لحقوق الإنسان لم تعرفها البلاد منذ إستقلالها سنة 1962 ، الشيئ الذي أحدت صدمة لدى رجل الشارع أفقد السلطة آخر و صيد من الإجتماع الشعبي تمتعت به طيلة ست وعشرين سنة في ظل شرعية تاريخية قامت على النظرة الميتورة للتاريخ متجاهلة شطرى حقيقتها – حقيقة ماقبل 1954 – مهملة عوامل التواصل و الإستمرارية للتاريخ الجزائري (2) و مشروعية تنموية بوصفها "الدولة المغدية" إستطاعت تصنيع المجتمع و تعليمه وتحفيزه عن طريق الإستثمار والتوزيع للربح النفطي ، وفق نمودج شعبوي يقوم على "تسكين" السياسي و مفاضلة الإقتصادي على التقافي ، معتبرة الشعب قاعدتها المغلقة عاملة على إعادة الثروة الوطنية لمجموعة إعتمادا على وظيفة التوزيع و الإنتاج المزدوجة للدولة .
أدت هذه السياسة و التي تتنافى ومنطق الإنتاج إلى مجموعة من الإفرازات ، اهمها نمو "طبقات" إجتماعية من خلال الممارسة السياسية أصبحت تنادي بمشروع إجتماعي يختلف عن الذي أنتجتها ، وأزمة إندماج لفئة الشباب و التي تمثل 70 بالمئة من مجموع السكان ، هذه الفئة وجدت نفسها مهمشة على مختلف الأصعدة ، دافعة ثمن فشل سياسة التوزيع و التي زاد من حدتها إنخفاض العائدات النفطية، و التي شكلت أبرز مظاهر التبعية لسلطة تقوم على التنظيم الرأسي ناقضة أي معرفة بالمجتمع الذي قادت تحولاته ، فكانت إنتفاظة أكتوبر مفاجأتها الكبرى ، هذه الإنتفاضة التي مرت بمرحلتين أساسيتين :
الأولـــــى : من 05 إلى 12 أكتوبر تاريخ إنهاء الحصار العسكري ، تميزت بالعنف الشديد من طرف السلطة ، و السيطرة المطلقة على مسار الإنتفاضة من طرف الجماهير الشعبية .
الثانـــــية : هي مرحلة النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ، و التي تميزت بدخول العنصر المثقف قائدا ،إبتداءا من 17 اكتوبر .
بدات الأحداث يوم الثلاثاء 04 أكتوبر 1988 بحي" باب الواد " الشعبي عندما خرج أطفال المدارس وطلاب الثانويات في مظاهرات للإحتجاج على ندرة مواد الإستهلاك الأساسية ،لكن سرعان ما تطورت صبيحة يوم 05 أكتوبر لتأخد بعدا جماهيريا مستهدفة رموز الدولة من قسمات الحزب ومقرات الوزارات وبصفة أخص مراكز الشرطة و أسواق الفلاح رمز معاناة المواطن اليومية ،فوجدت الشرطة نفسها امام حركة لة تعهدها من قبل ،مما أدى برئيس الجمهورية إلى إعلان حالة الحصار العسكري في 06 أكتوبر طبقا لأحكام المادة 119 من دستور 1976 ،ولكن هذا لم يزدها إلا إشتعالا يوم 08 أكتوبر لتغ ذروتها يوم 10 أكتوبر ،تم إمتدت الأحداث على عشر مدن كبرى منها مدينة وهران عاصمة الغرب الجزائري ،وعنابة مركز الصناعات التقليدية ،ومستغانم وتيارت ،وبالرغم من ان الأسرار الكاملة لهذه الأحداث لم تطشف بعد ،إلا أنها أدت إلى إنتهاكات لحقوق الإنسان وخسائر في الأرواح بلغت 159 قتيل حسب الإحصائيات الرسمية وأكثر من 500 قتيل حسب التقديرات غير الرسمية .
- لكن كيف تعاملت كل من السلطة وحركة الدعوى الإسلامية مع الأحداث ؟
لقد كانت العملية مساجلة بينهما ،وكل منهما إتخد الدين متكئا لشرعيته وذلك على النحو التالي :
1)- السلطة : حاولت توظيف الدين بعد أن فشلت كل الوسائل في تهدئة الاوضاع إعتمادا على مرونة الخطاب الديني ، فالإسلام واحد و الخطاب متعدد متباين ، وخاصة في الفترات التاريخية ذات الطبيعة المفصلية ، محاولة الالتوفيق بين مشروعها الإجتماعي ذي الطبيعة الشعبوية ،ومتطلبات إسترجاع الهوية الوطنية التي يعتبر الإسلام أحد مكوناتها الأساسية والذي وظف لتبرير عملية التنمية التي تقوم على الثلاثية المشهورة : الثورة الصناعية ،الثورة الزراعية ،الثورة الثقافية ، وهذا لمواجهة بعض الشرائح الإجتماعية ذات الأصول الطبقية التي تشربت من النمط الرأسمالي و خاصة في المناطق الحضارية التي ظلت طيلة الفترة الكولونيالية تتعرض لعملية "تثاقف مكثف" وفق المعاينة السوسيولوجية ، حيث عمل النظام على تبرير عملية التنمية ، والتي تقوم على علاقات إنتاجية تختلف و النمط الذي كان سائدا قبل 1962 على أنها لا تتناقض و إرادة ترميم خصائص الشخصية الوطنية والتي يعتبر الإسلام ولغة القرآن إحدى ركائزها الأساسية ، وأمام المواجهة التي حدتث بينها وبين الجمتهير في أكتوبر وفشل إيديوليجية الشرعية التاريخية التنموية لمواجهة الأحداث ، لم يجد النظام بدا من العودة إلى المخزون الشعبي للسيطرة على الأحداث ، وهذا من خلال تجنيد المؤسسات الدينية الرسمية على النحو التالي :
أ- المسجد : لقد حولت السلطة الخطب المسجدية إبتداءا من 07 اكتوبر من الحديث عن "الساعة" إلى حديث الساعة مستغلة في ذلك المساجد ذات الطبيعة الرمزية التاريخية مثل مسجد "إبن باديس " في قسنطينة وغيره ،حيث يتجمع العدد الكبير من المواطنين كل يوم جمعة كالعادة ،من غير توجيه إستدعاء ومن دون حاجة إلى إعلان بوسائل الإعلان ،إنه التجمع التلقائي إستجابة للوازع الديني ،فعملت السلطة على إستغلال هذه الفرصة فركز الحديث المسجدي على قيم التضامن للتنديد بالأحداث راجعا أسبابها على قلة الوازع الديني و الضمير محذرا من الذين يخربون بيوتهم بأيديهم (3) ،داعيا إلى تحكيم العقل و الحكمة وهما ميزات المسلم الصالح للقضاء على الفتنة التي تهدد إستقرار الأمة وإصلاح أحوالها (4) محرما أحداث الشغب " كل مسلم على مسلم حرام ،دمه ،وماله ، وعرضه "(5)، محثا على التجند للقضاء على الفتنة عملا بقول الرسول (ص) :" من رآى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " .
ب – المجلس الإسلامي الأعلى : وهو مؤسسة رسمية يترأسها الشيخ "أحمد حماني" عضو سابق في جمعية العلماء المسلمين ،أدلى بدلوه في الأحداث ببيان و عظى (6) ،داعيا الشعب الجزائري إلى التوقف لكي لايثير إشمئزاز العالم بالإنقياد إلى المشاغبة و التخريب والمحافظة على الدولة – لكي لايعود إلى العدم – وإسلامه بدعوه إلى حماية وطنه وثورته ووحدته عملا بقول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" ،وقوله " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " .
*فالقوة والدولة من الله* فإن دعيت إلى غير مادعاك الله فاعلم أنك مخدوع واعلم أن داعيك خادع إحذره، فتمثل للأوامر لأن شأن المسلم الطاعة و الإلتزام ،واحذر المساس برموز الدولة لأنه فساد في الدين،وفساد في الدنيا وخراب بقوله تعالى : "إن الله لا يحب المفسدين"
ج – مفتشو الشؤون الدينية المركزيون : وبعد 17 أكتوبر وهي فترة النضال من أجل الديمقراطية و الدفاع عن حقوق الإنسان عملت السلطة على توظيف فئة أخرى تتجاوب وطبيعة المرحلة وهي فئة المفتشين المركزيين للشؤون الدينية الذين أصدروا البيان التالي نصا بتاريخ : 31 أكتوبر 1988 ،تحت عنوان "واجب المسلمين عدم التخلف عن العمل الصالح لإصلاح شأن المواطنين ، و الإستفتاء نوع من أنواع الشورى الإسلامية" . ومما جاء في هذا البيان :
أ - إستنكار بكل شدة ما وقع أثناء هذه الأحداث من تخريب وحرق ونهب الممتلكات العمومية والخاصة ، ويتبرؤون من الذين يتخذون الإسلام مطية لكسب زعامات مشبوهة لاتتورع عن إيجاد مبررات للتخريب والنهب والوقوف في ذلك إلى جانب المفسدين (7) ، والله لايحب الفساد ، كما ينوهون بعمل الذين قاموا بإطفاء نار الفتنة (8) والحيلولة دون الشغب والعنف بأقوالهم وأفعالهم .
ب – ينددون بكل الذين كانوا وراء هذه الأحداث من العابثين بالقيم الصائدين في الماء العكر ، زجوا بجماعات من الأطفال والشباب فاقدي الوعي والشعور في أثون الفتنة والفوضى التي لا تسلم عواقبها على مر العصور واختلاف المجتمعات من أرواح تزهق ودماء تسيل إذ الفتنة كما ورد في القرآن أشد من القتل ، وهي كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم (الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها) .
ج – يحذرون من كيد الماكرين من أذناب الشيوعية بالجزائر مهما كانت الأقنعة التي يلبسونها الذين ما أتيحت لهم الفرصة يوما إلا أقدموا على إيقاع العداوة بين أبناء الشعب الواحد وإشاعة الشحناء في صفوفه ، نشر الفساد بين أهله ، هكذا فعلو زمن الإستعمار وهكذا فعلو منذ الإستقلال .
د – يهببون بكل المواطنين أن يتسلحوا باليقضة والأخلاق الإسلامية التي تعصمهم من الوقوع في حبال الماكرين والمندسين في كل قطاعات المجتمع وتنظيماته .
هـ - يستبشرون بالإصلاحات المقترحة الإدارية (9) والسياسية (10) ، ويعتبرونها بعد الموافقة عليها فاتحة خير على الأمة ومفتاح لممارسة الديمقراطية ويرون في الإستفتاء القادم (11) نوعا من الشورى الواردة في القرآن والسنة يتعين على كل مسلم أن لايتأخر عنها .
و – يدعون جماعة المسلمين إلى نبذ الخلافات وإلى رفض الوقوف على صعيد واحد مع أعداء الشعب الذين يدعون إلى الإمتناع عن التصويت (12) بصورة أو بأخرى ولا يريدون له إلا تشتيت لاصف وفساد الرأي والتنكر لأصوله العربية الإسلامية .
ز – يعلنون أن ما لم يقدر على الإتيان به الحزب الواحد في حل مشاكل المجتمع لا يمكن أن تأتي به أحزاب متعددة ما دامت تغلب على النفوس الأنانية وحب الذات وترجيح المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ، هذا عن السلطة .
موقف حركة الدعوة الإسلامية : لقد لعبت هذه الحركة دورا فعالا في الأحداث ، لا من ناحية تفجيرها ولكن من ناحية ركوبها و محاولة توجيهها" الوجهة الإسلامية " حسب تعبير رموز هذه الحركة ، ولكن إستراتيجيتها تعددت بتعدد التيارات المشكلة لها مما يدفع بنا للتركيز على إتجاهين رئيسيين وهما " الإتجاه الإصلاحي " بزعامة الشيخ أحمد سحنون ، " الإتجاه السلفي " بقيادة على بلحاج (14) .
1- الإتجاه الإصلاحي : إعتمدت هذه الجماعة في تعاملها في إنتفاضة أكتوبر على البيانات السياسية وسيلة متخذة من مسجد دار الرقم مقرا ، رافضة المشاركة الفعلية في الأحداث شرعا ، طارحة نفسها كبديل للسلطة تنهار حتما وذلك وفق الإستراتيجية التالية :
أ – التكامل والتأييد : في البيان الأول الصادر بتاريخ 10/10/1988 أعلنت هذه الجماعة تاييدها الصريح للإنتفاضة : " إننا متضامنون مع الشعب في مطالبه المشروعة ونحن جزء منه ولا نتخلى عنه " معتبرة من سقط في هذه الأحداث شهيدا ، الشئ الذي يعتبر تغيرا واضحا في موقف هذا الإتجاه ، إذا قارناه بموقفه من حركة بوعلي سنة 1985 ، ثم بدأ التحرك طبقا لمبدأ التكافل في الإسلام وفق الخطة التالية :
1- عيادة الجرحى في منازلهم ومستشفياتهم .
2- تقديم المساعدات المالية لهم ومواساتهم معنويا .
3- زيارة ضحايا القمع الذين تم إطلاق سراحهم ومساعداتهم ماديا و معنويا.
4- الإتصال بأسر القتلى وإشعارهم بوجودهم إلى جانبهم .
هذا فيما يخص تعامل هذا الإتجاه مع الجماهير الشعبية .
ب- البديل : في تعامله مع السلطة ركز على تحميلها مسؤولية الأحداث طارحا نفسه كبديل حتمي لها وهذا يظهر جليا من خلال البيان الأول والبيان الثالث والصادر بتاريخ 23 نوفمبر بمناسبة إنعقاد المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني .
البيان الأول جاء غاضبا منددا بالسياسة غير الرشيدة والتي فوتت على الأمة فرصتها التاريخية للإنطلاقة الحضارية ، سياسة أملاها التعصب الإيديولوجي أحيانا وأملاها الإرتجال والجزئية والرغبة الجامحة في السلطة أحيانا أخرى ، محذرا من أن ساعة التغير قد أذنت وإرادة الشعب قد أزفت .
طارحا مجموعة من المطالب المستعجلة شعورا بالمسؤولية التي يفرضها الواجب الديني و الإهتمام بمصالح الأمة في المعاش و المعاد وهي :
1 – إنهاء حالة الأحكام العرفية المستمرة منذ الإستقلال بشكل مقنع .
2 – إصدار العفو الشامل على كل المعتقلين من أجل آرائهم بغض النظر عن الوسيلة التي إستعملوها .
3- توفير فرص العمل وتشغيل الطاقات المعطلة في الشعب ،مع إعادة الإعتبار والقيمة للجهد و الكفاءة والعلم ومحاربة السبل غير المشروعة للرقى والثراء كالمحسوبية والرشوى والغش والنفود و"الإقطاع الإداري".
4 - تطبيق قيم العدالة الإسلامية في توزيع ثروات البلاد على مختلف فئات الشعب .
5 – مكافاة العمل حسب نوعه ومقداره ومشقته وآثاره العاجلة والآجلة وفق القواعد الآتية :
- الرجل وبلاءه ، "وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما".
- لكل حسب طاقته، "لايكلف الله نفسا إلا وسعها".
- لكل حسب عمله "إنما تجزون ماكنتم تعملون" .
6 – ضمان حرية نشر الدعوة الإسلامية بكل السبل المشروعة مع توفير الحصانة للإمام الواعظ و المدرس ،طالما كان توجيهه في حدود آداب الإسلام ، وإذا أخل بهذه الآداب يسند أمر تقويمه إلى هيئة من أهل الحل والعقد في الأمة لا إلى مصالح خاصة .
لكن بعد تصاعد النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ،إبتداءا من 17 أكتوبر 1988 ،وبمناسبة انعقاد المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني يومي 27 و 28 نوفمبر من نفس السنة ،قدم هذا الإتجاه مايمكن أن نطلق عليه البرنامج البديل الذي تناول تحليلا مفصلا للأسباب التي أدت إلى إنتفاضة أكتوبر ،متصورا سبل حلها على النحو التالي :
الأسباب : يرى هذا الإتجاه أن الهزة التي عرفتها الجزائر ترجع إلى الأسباب التالية :
أ- إبعاد الإسلام بعد الإستقلال من ان يكون مصدر إلهام للذين تحملوا وزر صياغة معالم مستقبل الجزائر المسلمة ،وترتيب عن ذلك النتائج التالية :
- التغريب في الثقافة حيث أن ما انتشر من العناصر الثقافية الإستعمارية بعد الإستقلال لم يأت للإستعمار يوم كان يباشر العملية بنفسه .
ب – تهميش الطاقة الشعبية والعناصر المخلصة وأصبح مصير الشعب يقرر دون أن يكون له رأي أو مساهمة فعلية حرة في صنع حاضره والتخطيط لمستقبله ، وهذا ما فوت تلك الفرصة التاريخية على الشعب للإنطلاقة الحضارية التي توفرت لها الشروط اللازمة من العصر البشري إلى الموارد المالية المعتبرة إلى العقيدة الجامعة المحفزة .
ج - إتباع المنهج الإستبدادي في تسيير شؤون البلاد ، وهو ما جعل النظام يحرم الوطن من كفاءات معتبرة ، كما اضطرته هذه السياسة إلى رفض أي صوت ناقد ، يتجاهله أحيانا وباسكاته بالقوة أحيانا أخرى .
د - إبعاد الإسلام ، عزل النظام عن الإرادة الشعبية التي كان ينبغي أن يستمد منها الشرعية التي يمنحها الشعب عن الإختيار، لا المصادقة على ما يتقرر في غيابه ، وعندما يفقد النظام الدعم الشعبي يلجأ إلى البطش تارة وإلى الإنتفاعيين تارة أخرى .
هـ - سياسة الحزب الواحد ، أفضت بالبلاد إلى الطريق المسدود وهذا ما جسدته الإنتفاضة ...
وللخروج من هذه الأزمة يطرح هذا الإتجاه نفسه كبديل لحل هذه الأزمة وفق التصور الإسلامي ، فهذه الأزمة لايمكن لأي كان القدرة على حلها دون المساهمة الفعالة من كل أبناء الوطن المخلصين النزهاء والأكفاء ، ودون الرجوع إلى عقيدة الأمة ودينها الذي يمثل مفتاح شخصيتنا ، وهذا يتطلب :
أولا : الحكم : إن الإسلام دين ودولة وليس مجرد شعائر تعبدية ، لذا يجب أن يحكم الشعب بما يحقق المقاصد العليا التي جاء بها الإسلام ويكون ذلك بـ :
أ – التطبيق الصادق لمبدأ الشورى في إختيار الحاكم وفي إدارة شؤون البلاد .
ب - أن يكون الحاكم نائبا عن الأمة في التنفيذ وأن يكون مسؤولا أمام الله وأمام ممثلي الأمة من أهل الحل والعقد .
ج – أن يكون للشعب حق المراقبة المباشرة في إطار ضوابط ، تحقيقا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهذا يتطلب إعادة صياغة الدستور والميثاق الوطني وفق مبادئ الإسلام .
ثانيا : التشريع : أن وضيفة المجلس المنتخب تتلخص في وضيفتين أساسيتين :
1- سن القوانين ومراقبتها وذلك بممارسة الإجتهاد
الجماعي ،وهذا يستلزم ان يكون في المجلس هيئة تراقب القوانين حتى لاتتصادم ونصوص الشريعة أو روحها ،وهذا يتطلب من المجلس أن يتقيد بالضوابط التالية :
- ليس من حقه ان يلغي حكما مبنيا على نص شرعي صحيح في ثبوته ودلالته .
- أن يصدر قانونا يخالف مقاصد الشريعة أو نصوصها القطعية .
ثالثا : القضاء : يجب فصل القضاء ومنحه الاستقلالية ليتمكن رجل القضاء من ممارسة مهمته بكل حرية مع الشعور بالأمن على نفسه ، على أن تكون القوانين التي يحكم بها منسجمة مع روح الأمة وعقيدتها ،لذا يجب أن تطهر المنظومة القضائية من كل رواسب القضاء الاستعماري لتصبح نابعة من واقع هذا الشعب المسلم ،وهذا يقتضي ان يعني في تكوين رجل القضاء بالجانب الشرعي .
لكي يقوم بوظيفته يجب التأكيد على الجوانب التالية : رابعا : الإعلام :
أ – تحصينه من كل مادة إعلامية تثقيفية تستهدف طمس معالم شخصية الأمة ،أو تكوين الأنماط الاستهلاكية الغربية ،وهو ماجعل الإغتراب الثقافي تكثر مظاهره في المجتمع .
ب – تمكينه من أداء الرسالة الإعلامية بكل حرية في إطار الضوابط الشرعية .
ج – إعتبار رسالة الإعلام مكملة لرسالة مختلف الأجهزة التي تربى وتعلم وتثقف ،إذا يجب أن تراعي إحالة الشعب في كل مادة تثقيفية تبث عن طريق أجهزة الإعلام .
د- وهذا يستلزم تشكيل هيئة متخصصة لرعاية الآداب العامة في البرنامج .
خامسا : التربية : يؤكد في صياغة المنظومة التربوية على ما يأتي :
أ – اللغة العربية لتصبح أداة للتفكير و التعبير .
ب – غرس القيم الأخلاقية الإسلامية في نفوس النشئ مع التركيز و العناية بقيمة الحرية و ضبطها ، العدالة ،والشورى، والإيثار، والشجاعة، والصدق، والشعائر التعبدية .
ج – رفع مستوى التحصيل العلمي ،لتحرير الأمة من التبعية العلمية والتكنولوجية للبلاد الغربية .
د – وضع حد لسياسة الاختلاط ،خاصة بعدما تبينت نواحيها الوخيمة على المستوى التربوي ،والأخلاقي والعلمي ،ويرى فيها جريمة ترتكبها هذه السياسة في حق الجيل ،حيت تجعله ممزقا في شخصيته بما تعلمه نظريا وما تفرضه عليه علميا .
هـ - إعادة المعلمين إعدادا متكاملا علميا وأخلاقيا وتربويا .
سادسا : الثقافة : مراجعة السياسة الثقافية لتصبح منسجمة مع ثوابت الأمة وأصالتها الإسلامية .
سابعا : الأسرة : أهم عامل في صيانتها هو حسن الإعداد و التربية لكل من الرجل والمرأة وهذا على أساس القواعد التالية :
أ – المرأة يجب أن ينص القانون على حقها في التفرغ للمهمة الأساسية التي تفرضها عليها فطرتها ،كما يجب على المجتمع أن يعتبر عملها التربوي عملا اجتماعيا تكافأ عليه ماديا و أدبيا .
ب – بالرغم من كون القانون الأسرة خطوة إيجابية لكن ينبغي بتر مالم يكن محروسا بالأحكام الشرعية المتعلقة بحماية النسل و العرض والأسرة .
ثامنا : الحريات السياسية : يجب أن تقوم على القواعد التالية :
أ – ضمان الحريات العامة لكل المواطنين مع مراعاة مقدسات الأمة .
ب – ضمان حرية الدعوة ونشر تعاليم الإسلام وإصلاح المجتمع بكل وسائل النشر ،مع توفير الحصانة للأمة والدعاة ،وأن يحاسبوا على كل فعل أو قول يحرمه الشرع .
ج – توفير حرية النقد و الرأي لكل من يتولى الإشراف على مصلحة عامة دون التعرض لحياته في حدود الآداب الشرعية .
د – حرية الإجتماع والتنظيم بما يتيح الفرصة لكل أبناء الأمة لأن يشعروا بواجب حماية الحرية التي يتمتعون بها .
تاسعا : الإقتصاد : يجب أن ينظم فوق الضوابط الشرعية التالية :
أ – فتح السبل الشرعية للكسب الحلال في التجارة والصناعة والزراعة .
ب – تشجيع الإستثمار الإقتصادي في القطاعات التي تسد إحتياجات الأمة وتوفير مناصب الشغل .
ج – إعادة ثقة المواطن في الدولة ليطمئن على مستقبل رؤوس أمواله وثروته .
د – إعادة النظر في توزيع الأراضي الزراعية ومنحها لمن يخدمها كما يجب إعادة الأراضي المأخودة من أهلها الشرعيين في إطار الثورة الزراعية .
عاشرا : السياسة الخارجية : يجب أن تقوم على الثوابت التالية :
أ – أن تخضع لمبادئ الإسلام وأخلاقه وتراعي دوائر الإنتماء ،فيكون تعاملنا مع العالم على أساس العدل مع الناس .
ب – أن تتبنى قضايا العالم الإسلامي العادلة ،وتنشر الثقافة الإسلامية خارج الوطن .
هذا هو البرنامج البديل الذي تقدم به الاتجاه الإصلاحي في حركة الدعوة الإسلامية منذ بداية تأسيسه سنة 1963 ليخرج لأول مرة في إطار المعارضة المتقطعة لنهج السلطة طارحا نفسه كبديل لها .
ولكن الرياح تهب بما لا تشتهي السفن ،إذ خرج المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني بقرارات تؤكد تمسكه بالسلطة في ظل نظام الحزب الواحد ،لتتطور الأحداث إبتداءا من 05 فبراير تاريخ الإعلان عن مشروع الدستور بديلا لدستور سنة 1976 والذي تمت المصادقة عليه بتاريخ 23 فبراير معلنا عهدا جديدا ،يقوم على أساس الدستور "القانون" بدل الدستور "المشروع" وعلى نظام التعددية بدل نظام الحزب الواحد ،فكان لحركة الدعوة الإسلامية موقف ،سنتعرض له لاحقا .
موقف الإتجاه السلفي من إنتفاضة أكتوبر : يطلق على نفسه هذا الإسم طبقا لتعريف راشد الغنوشي (14)، من أبرز رموز الإمام علي بلحاج ،حاول هذا الإتجاه ركوب الأحداث إبتداءا من 07 اكتوبر 1988 وتوجيهها الوجهة الإسلامية ،باعتبارها ثورة إسلامية قام بها "عصاة" من عامة المسلمين داعيا المشاركة الفعلية في الأحداث إبتداءا من 09 أكتوبر ،مما جعله يدخل في جدول فقهي مع رموز الإتجاه الإصلاحي بزعامة الشيخ سحنون ، معيدا بذلك إلى الأذهان إختلاف رموز الدعاة حول حركة بوعلي سنة 1985 ،فيرى هذا الإتجاه من بين ما رأوا أنها ثورة على المظالم وغياب العدل والإنصاف بين الناس وتحطيما لرموز الطاغوت ،ودعوة لتطبيق شرع الله يحرمها الشيء الذي جعله يدخل طرفا إبتداءا من 09 أكتوبر بحجة عدم وجود نص من كتاب الله يحرم ذلك ،فكل قضية مالم يكن يحرمها نص فهي تدخل في المصالح المرسلة يقوم بها المسلمون ويعمل بها (15) مدللا على وجوب المشاركة بقوله تعالى : "إن طائفتين من المؤمنين اقتتلا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الآخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء لأمر الله" .
وفي هذه الحالة اقتتل الشعب مع الحكومة فبغت هذه الأخيرة فلابد من قتالها ،وعملا برأي الغزالي الذي يذهب إلى وجوب القتال على المسلم في ثلاث حالات وهي : الفتنة ،تامين الدعوة ،والحفاظ على الدم والمال ،ووفق رأي عبد الله العزام الذي جاء في كتابه " الرسالة الخالدة " والذي يؤكد وجوب القتال لنصرة المظلوم ،فردا وجماعة ولم يتوقف هذا الإتجاه في تبرير موقفه بل ذهب إلى توظيف مواقف السلف الصالح من أمثال أبو بكر الصديق ،والإمام بن تيمية في موقفه من غزو التتار لدمشق ،ومواقف رجال الإصلاح في الجزائر ،مثل مشاركة عبد الحميد بن باديس في المظاهرة التي نظمت سنة 1934 ودعوته للقيام بحركة إحتجاج على المضايقات التي تعرض لها التعليم الحر من طرف الإدارة الفرنسية سنة 1938 .
أما هدفه من هذه المشاركة على شكل مسيرة هو المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وليس إزالة نظام الحكم ،ومما يتميز به موقف الإتجاه هو غياب البرنامج البديل ،بالرغم من محاولة تبنيه للبرنامج الذي طرحته جماعة الإصلاح .
.
يتبع ....................

صالح القسنطيني
2009-03-28, 16:08
لي عدوة للموضوع ليلا إن شاء الله

نورالدين17
2009-03-28, 16:32
موضوع متشعب وكبير والخوض فيه يحتاج الى وقت طويل................

خوجة 22
2009-03-28, 16:43
الحلقة الثانية...



موقف حركة الدعوة الإسلامية من دستور 1989 : تمت المصادقة على الدستور (القانون) لسنة 1989 بنسبة 34 و 73 بالمئة من مجموع الناخبين "بنعم" ليصبح بديلا للدستور "المشروع" الذي تمت المصادقة عليه سنة 1976، فكان لحركة الدعوة الإسلامية موقف ظهر من خلال البيان الذي أصدرته لأول مرة باسم " التيار الإسلامي " والذي أمضاه كل من أحمد سحنون و محفوظ نحناح و مكي عبادة ، وكان دعوة صريحة للتصويت "بنعم" شريطة إضافة النقاط التالية :
1 – الإسلام هو المصدر الأساسي والوحيد للتشريع .
2 – ضرورة ارتباط الحريات الأساسية بقيم الأمة الجزائرية .
3 – إستلهام قانون الأسرة من الشريعة الإسلامية ومقاصدها .
ولكن هذه الوحدة التي ظهرت من خلال إمضاء ثلاثة عناصر من رموز حركة الدعوة الإسلامية سرعان ما انهارت بإعلان الشيخ سحنون في بيان له بتاريخ 19 فبراير 1989 عدم مسؤوليته على ما جاء في البيان "عنوانا ومضمونا" ليعبر عن موقف اتجاهه في بيان بتاريخ سابق عن الأول 15 فبراير 1989 على النحو التالي :
1 – ليس بين مواد هذا الدستور و الانسجام والتكامل، بحيث لا يبرم عهدا ثم ينقضه .
2 – لا يزال الإسلام لم يحتل المقام اللائق في الدستور ، إذ لم ينص على أن الإسلام مصدر التشريعات .
3 – الحريات الأساسية التي يمنحها الدستور غير مقيدة بالمبادئ الإسلامية .
4 – المجلس الإسلامي الأعلى غير واضح الاختصاص والوظيفة ، إذ ينبغي أن يراقب جميع "مناشط" سياسة الدولة ، باعتبار الاسلام منهاج حياة كامل .
5 - آثار الترجمة و التغريب ، و التلفيق بادية في محتوى الدستور و مواده ، إذ هذا الدستور لاشك تطور إيجابي و لكنه يبقى قاصرا مادام لم يرتفع إلى مستوى آمال الجماهير التواقة إلى حياة في ظل الإسلام شرعا و منهاجا .
أما محفوظ نحناح فقد أصدر بيانا (16) بتاريخ 22 فبراير 1989 هذا نصه :
" الجزائر بلد الإسلام و الجهاد، أكدت ذلك ثوراتنا المتعددة ، و بعد الإستقلال وقع إهمال لأهم مقومات هذه الأمة و هذه الأيام عرض على الشعب الجزائري مشروع التعديل الدستوري الذي يضم في بنوده إيجابيات لا تخفى على ذوي الألباب و مع هذا فإن التيار الإسلامي يقترح ما يلي :
1- القرآن هو المصدر الوحيد للدستور.
2- الحريات الأساسية لا تضبط إلا بالمقومات هذه الأمة .
3- إن الأسرة و المنظومة التربوية تستلهمان قوانينها من التربية الإسلامية و مقاصدها .
4- يجب تحديد مهام المجلس الإسلامي الأعلى لدى الرئاسة .
هذا و إن التيار الإسلامي لم يقل شيئا حول الإستفتاء لأنه يعتقد ان هذا موقف الشعب الذي بلغ من الوعي والإدراك ما يخول له حرية تقرير مصيره بنفسه ، و الفرق واضح بين موقف الشيخ سحنون و محفوظ نحناح ، وخاصة فيما يتعلق بالنقطة الأولى و الرابعة لكل منهما ...
ليعلنوا فيما بعد أنهم كونوا بتاريخ 18 فبراير من مسجد السنة بباب الواد بعد تجمع لمجموعة من الأئمة تمثل مختلف مناطق البلاد عن تشكيل جبهة إسلامية للخلاص الوطني (18)
حقيقة تطور الحركة الإسلامية : السؤال المطروح , هو كيف تطورت هذه الحركة ، والتي ظهرت كأنها موحدة حينا ، ومنقسمة بعدد رموزها أحيانا أخرى ؟ وكيف انطلقت من المعارضة لمشروع سلطة قائمة على بديل لسلطة متحولة ؟ حقيقة الإجابة عن شطرى هذا السؤال يمكن أن تكون كامنة في طبيعة الحركة الوطنية قبل 1954 بصفة عامة ، وفي طبيعة تركيبة جمعية العلماء المسلمين قبل حلها سنة 1956 بصفة أخص ، ولضيق المقام سنركز على تطورها إبتداءا من سنة 1962 .
بدأ نشاط هذه الجماعات في الشهور الأولى من الاستقلال ، بشكل فردي ، إعتمادا على الزعامات القديمة لجمعية العلماء أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي ، ففي 16 أغسطس 1962 وجهت "لجنة الثقافة الإسلامية" نداء إلى المكتب السياسي طالبة الإهتمام باللغة العربية و الإسلام وفي 21 من نفس الشهر وجه "علماء الإسلام و اللغة العربية" نداء إلى الشعب الجزائري ردا على مطالب فدرالية جبهة التحرير بفرنسا دولة "لائكية" لكن هذا النشاط الفردي سرعان م أخذ شكلا منظما بتأسيس جمعية القيم تحت رئاسة الشيخ الهاشمي التيجاني و معاضدة الشيخ عبد اللطيف سلطاني و أحمد سحنون و الشيخ مصباح ...إلخ .
هذه الجمعية التي تمكنت بعد فترة قصيرة من فرض نفسها على الساحة السياسية ، من خلال النشاطات التي أصبحت تمارسها في مساجد العاصمة ، متخذة من "نادي الترقي"مهد تأسيس جمعية العلماء مقرا لها ، إلى جانب إصدار مجلة شهرية تحت عنوان "التهذيب الإسلامي" وإبتداء من سنة 1964 بدأت تدخل في صراع منظم مع السلطة الناشئة التي كان يتزعمها أحمد بن بلة ، هذا الصراع الذي نتج عن محاولة هذا الأخير تهميش الاتجاه الإسلامي دون الإبتعاد عن ثلاثية إبن باديس الشهيرة – الإسلام ديني – والعربية لغتي – و الجزائر وطني ، موظفة أي السلطة – المؤسسة الدينية لتبرير مشروعها الاجتماعي و الذي يقوم على أسس مغايرة لتلك التي كانت قائمة قبل سنة 1962 هذا المشروع تبلور في ميثاق طرابلس و بدأ يأخد شكله النهائي في ميثاق الجزائر الذي صادق عليه المؤتمر الأول لحزب جبهة التحرير الوطني 1964 ، مما دعى الشيخ البشير الإبراهيمي إلى التنديد بهذا المشروع في 16 أبريل من نفس السنة (18) ، ناقدا اعتماد السلطة في رسم سياستها على "المذاهب المستوردة" لا على أساس العروبة و الإسلام ، الشيء الذي أصبح يندر بقيام حرب أهلية حسب قوله ، هذا بالرغم من محاولتها التوفيق بين الإسلام والاشتراكية اعتمادا على استرتيجية "النفي- التأكيد" و خاصة عندما يتعلق الأمر بإشكالية الصراع الطبقي ، مبررا خاصية العدالة في الإسلام ، وهذا للحصول على كفالة رجال الدين و تبريراتهم للسياسة المتبعة في محاولة التوفيق بين الرغبة الكامنة للمجتمع في اعتماد الإسلام كموجة لعملية التنمية ، وبين "اللائكية" التي ينادي بها تطبيقا للإطار التكنوقراطي المشرف على عملية التنمية .
وهذا التحالف الغريب بين الإسلام و المشروع الإجتماعي للسلطة الذي يقوم عللا "الإشتراكية" نهجا – كان هدف جمعية القيم منذ تأسيسها- بالمحاضرات و التجمعات الدينية ، وخاصة المقالات التي كانت تنشر في مجلة "التهذيب الإسلامي" التي كانت اللسان المعبر لتصورها للبديل الإسلامي في الجزائر ، مركزة لإبراز معالم هذا البديل على المشاكل الإجتماعية والإقتصادية و الثقافية على وجه المجتمع الجزائري من وجهة نظر العقيدة الإسلامية كما جاء في العنوان الفرعي للمجلة (19) ، عرفت جمعية القيم أول صدام لها مع السلطة سنة 1964 أدى إلى عزل رئيسها الشيخ الهاشمي التيجاني من منصبه الرسمي كأمين عام لجامعة الجزائر ، وبعد فترة من المناوشات منعت من مزاولة نشاطها في عهد الرئيس بومدين في 22 سبتمبر 1964 ، بعد اتخاذها موقفا من قضية محاكمات الإخوان المسلمين بمصر ، لتدخل بذلك حركة الدعوة الإسلامية مرحلة السرية .
حركة الدعوة والجامعة : بعد ثلاث سنوات من الممارسة السرية اعتمادا على العمل المسجدي ، ظهرت الحركة بقوة خلال الموسم الجامعي 1968 – 1969 عندما بادرت مجموعة من الطلبة بتشجيع من مالك بن نبي بتأسيس مسجد الطلبة بجامعة الجزائر ، الشيء الذي اعتبر بداية تحول في طبيعة هذه الحركة بتمركزها داخل الجامعة و اعتمادها على عنصر جديد هو العنصر الطلابي بصفة عامة و "المفرنس" بصفة أخص ، فتحول الصراع حينا إلى مساجلة ، وبصفة مركزة بينها وبين اليسار و يؤجل الصراع مع السلطة إلى سنوات لاحقة .
وأصبحت كليات العلوم الدقيقة وكلية الطب بصفة خاصة ، تشكل مخزونا لتجنيد العنصر المثقف ذو التكوين العلمي ، العارف لقيم الغرب إلى جانب القيم الإسلامية ، هذا العنصر لم يكن طرفا فقط و لكن قائدا موجها للحركة ، أما كليات العلوم الإنسانية فكانت ميدان اليسار بلا منازع ، وهذه المفارقة في الواقع الجزائري لها أكثر من دلالة سوسيولوجية .
التفت الجماعة في هذه المرحلة حول مالك بن نبي بعد استقالته من منصبه بوزارة التعليم العالي ليتفرغ لشؤون الدعوة ، مما أفرز واقعا جديدا نتج عن التطور الجديد للعمل ، اعتمادا "على فكرة و وعي جديد لا يقدر عليه إلا الشباب المثقف" حسب تعبير أدبيات الحركة ، وعلى نقد التجربة السابقة الممتدة مابين 1964 – 1969 و التي عجزت عن مواجهة اليسار "في شكله المطلق"
وبهذا أضحى خطاب مالك بن نبي الوحيد المئثر في الأوساط الجامعية ، مركزا على إبراز الذاتية الإسلامية و الشعور بها في مواجهة الذاتية الغربية التي سيطرت على الوسط الجامعي ، هذا من خلال ملتقى الفكر الإسلامي الذي عقد أول مرة بثانوية عمارة رشيد بابن عكنون في 10 يناير 1969 ، وبعد سلسلة من هذه الملتقيات شعرت السلطة لأنها معنية بالأمر بعدما تبينت خطورة هذه الملتقيات ،ووضعت يدها عليها بحجة التطوير و التحسين ، إلى جانب هذا ركز هذا الإتجاه "القديم الجديد" على إقامة المعارض الإسلامية و بيع الكتب و المجلات الإسلامية ، والورشات العلمية التي أصبح ينظمها الطلبة كل سنة بمناسبة العطلة الصيفية ، إلى جانب إنشاء مجلة مسجد الطلبة مما أدى إلى تبلور فكر جديد يمكن أن نطلق عليه "بتيار الجزأرة الإسلامي" وهنا وجدت السلطة كذلك نفسها معنية فأصدرت مجلة "الأصالة" سنة 1981 بهدف الدفاع عن ثلاثية السلطة : الثورة الصناعية ، الثورة الثقافية ، الثورة الزراعية ، التي كانت عرضة لهجوم مكثف من طرف هذا التيار ، لكن الهدف لهذه المجلة كان مزدوجا .
يتبع......
........... بعد أسبوع .

خوجة 22
2009-03-30, 09:26
- السلام .
الموضوع القادم " الإسلام السياسي في إطفاء فتنة الإرهاب المسلح " إلى ذلكم الحين دمتم في عافية و سلام .
.

korabika87
2009-03-30, 09:30
http://img242.imageshack.us/img242/1189/5866d6d067fn9.gif
http://img411.imageshack.us/img411/3429/022rm9.gif

خوجة 22
2009-03-30, 10:50
الحلقة الثالثة .....


فأصدرت مجلة "الأصالة" سنة 1981 بهدف الدفاع عن ثلاثية السلطة : الثورة الصناعية ، الثورة الثقافية ، الثورة الزراعية ، التي كانت عرضة لهجوم مكثف من طرف هذا التيار ، لكن الهدف لهذه المجلة كان مزدوجا .

أولا : محاربة ترضية حركة الدعوة الإسلامية التي تنامت بسرعة .

ثانيا : كوسيلة لتبرير الثلاثية المذكورة من وجهة النظر الإسلامية من خلال إبراز تصورها – أي السلطة – لإشكالية "الأصالة" مختصرة في إعطاء لغة القرآن مكانتها ، وإحياء قيم العدالة و المساواة في الإسلام .

ولكن هذه السياسة لم تزد حركة الدعوة الإسلامية إلا قوة ، متخذة من صدور قانون الثورة الزراعية (20) ميدانا لصراع يتراوح بين التأييد المشروط ، والمعارضة المطلقة ، الشيء الذي أدى إلى تبلور اتجاهين متعارضين :

الأول : الاتجاه المتشدد بزعامة أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني ، ويذهب إلى القول "إن الصلاة على أرض مؤممة محرمة شرعا" .

الثاني : يرى في الثورة الزراعية تطبيقا لمبدأ العدالة في الإسلام معيبا عليها محتواها الشيوعي فجاءت معارضته مذهبية (dogmatique ) وليست مبدئية ، ولكن هذا التيار ظل محصورا في الأوساط الجامعية ، ومن أبرز رموزه رشيد بن عيسى حاليا و بن بريكة ، تاركا الساحة إلى الأول وخاصة أثناء مناقشة قانون الأسرة سنة 1975 ليبرز أكثر أثناء مناقشة ميثاق سنة 1976 ، والذي أصدر فيه الفتوى التالية :

1 – إن هذا الميثاق قد أكثر من ذكر الاشتراكية وعقيدتها و أخلاقها مما يفهم منه إنما جاء بالاشتراكية و عقيدتها و أخلاقها ليحل بها محل الإسلام وعقيدته و أخلاقه، فالمسلم ليس له عقيدة وأخلاق غير ما جاء به الإسلام.

2 – إننا مسلمون ولنا في ديننا الإسلام ونظامه ما يكفينا و يغنينا عن غيره ، وهو كامل في تشريعه شامل لمتطلبات الحياة الكريمة و الشريفة ، ولهذا لا يجوز – في أي حال من الأحوال – أن نبدله بغيره من التشريعات ، سواء كان ذلك في باب الاقتصاد أو غيره ، ومهما كان هذا الغير ، ذلك لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم : ( " اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا " ) وقال : ( " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا " ) ، فلا يجوز للمسلم – إن كان صادقا في إسلامه – أن يبدل شريعة الله التي اختارها لعباده – المؤمنين به – والحال بها أن فيها ما يكفي للمسلمين ويسد حاجتهم بتشريعها المحكم و قوانينها العادلة التي أعطت لكل ذي حق حقه من غير ظلم ولا إجحاف بأي أحد ، ولا يليق بنا كمسلمين أن نتهم ديننا أو نرميه بالنقصان أو بأنه غير صالح لزمننا هذا ، أو بأن نظام الإسلام عاجز عن حل مشاكل هذا العصر .

3 – إن الاشتراكية معروفة لمن درسها في كتبها وعرف مبادئها التي وضعها و وضعوها الأولون و الآخرون إذ هي المرحلة الأولى للشيوعية ، كما صرح بهذا رئيس الحكومة السوفييتية في وقت توليه للرئاسة ، زعيمها "خروتشوف" صرح بهذا للوفد البرلماني المصري الذي زار موسكو سنة 1960 برئاسة أنور السادات الرئيس الحالي للحكومة المصرية ، فإذا رضينا بالاشتراكية الآن فإننا سننقل للشيوعية فيما بعد ما في هذا شك لهذا القول بكل صراحة و بدون التواء ، إن الإسلام بعقيدته و أخلاقه وتشريعه و مبادئه و أهدافه لا يلتئم مع الاشتراكية في عقيدتها و أخلاقها وتشريعها ومبادئها وأهدافها ، فبينهما المنافاة التامة في كل الأهداف ، ومن ادعى الإسلام و الاشتراكية هما في التشريع سواء قابلناه بإبقاء الإسلام و الاستغناء به عن الاشتراكية طالما أنهما سيان ، ومن قال أنتخذ الاشتراكية كمنهج قلنا له : وماذا أبقيت للإسلام ؟ وهل الإسلام غير منهج للحياة ومن جعل الله له منهجا فلا يسوغ له أن تتخذ من عنده أو من غيره منهجا ، قال الله تعالى : ( " وإن هذا صراطي مستقيم فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " ) . ومن العار أن يرمى الإسلام بالتأخير ، ونقصان تنظيمه في الشؤون الاقتصادية أو غيرها ومن نظامه اقتبست بعض الدول الأوروبية ما رأته صالحا لمجتمعها ، والإسلام يخالف الاشتراكية في شتى المجالات منها :

أ – أن الإسلام أوصى بالإرث بين الأقارب و الأرحام ، و الاشتراكية تبطله بتشريعها المخالف لنص القرآن وفي هذه المخالفة تعطيل و إبطال لآية الفرائض وهي قوله : ( " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " ) إلى آخر الآية ( 1 – من سورة النساء ) .

ب – إن الإسلام أحكم رباط الأسرة برباطه الروحي و الأخلاقي في دائرة العقل الصافي ، أما الاشتراكية فقد حلت ذلك الربط المتين وجعلت الأسرة مفككة الأواصر فلا رباط بين أفرادها ولا رحمة في وسط العائلة ، فتمردت الزوجة على زوجها ، والزوج على زوجته وعصت البنت أباها وأمها ، وشق الولد عصا الطاعة إلى آخر ماهو معروف ، وبهذا تشتت الأسر وخربت البيوت والمنازل ، وامتلأت أماكن اللهو وما لايليق بالمجتمعات بالمنحرفين و المنحرفات وتقلص في ظل ذلك الاحترام المتبادل الذي كان يسود أفراد الأسرة المسلمة .

ج – إن الإسلام يقر و يعترف بالملكية الخاصة و الاشتراكية تنتزعها من أصحابها – بالقوة – أو تحددها بمقدار معين كما تشاء ، وفي هذا تعطيل للمواهب العقلية و تجميد للفكر الإنساني ، وقتل للشعور بالكرامة الإنسانية ، كما في هذا أخذ المال من مالكه الشرعي بدون رضاه ، وهذا غصب لا يجوز فعله في الإسلام .

د – إن الإسلام أوجب على المسلمين إخراج زكاة أموالهم ، فتؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم كما أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم صاحبه معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن واليا وقاضيا ، وعلى هذه الخطة سار خلفاء المسلمين ، فإنهم كانوا حريصين على ما يغني المسلمين لا على ما يفقرهم كما قال الرسول (ص) لسعد ابن أبي وقاص : " إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم يتكففون على الناس " حتى أنهم في بعض الأوقات لا يجدون فقيرا يدفعون له الزكاة كما ذكر هذا يحي بن سعد : بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية فاقتضيتها وطلبت الفقراء نعطيها لهم فلم نجد بها فقيرا ولم نجد من يأخذ هذا مني فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس فاشتريت بها رقا فأعتقتهم وولائهم للمسلمين " أما الاشتراكية فإنها تنتزع الأرض و النخيل و غيرهما من أصحابها ، فإذا لم يبين للفلاح أرضه أو نخيله أو غيرهما فلا زكاة عليه ، و الزكاة من الأسباب التي تنشر الرحمة و التعاطف و الأخوة بين أبناء الشعب الواحد ، وبإبطال لقاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وفي الزكاة توزيع للثروة بين الفقراء و الأغنياء لا تكديسها في صناديق معينة وحرمان أهلها منها ، وهي حق للفقراء على الأغنياء من الله .

هـ - إن الاشتراكية تزهد الناس في الدين بإبعادها لعناصره الصالحة في المجتمع لتحل محلهم عناصر ساذجة في تفكيرها خاملة في حياتها ترضى بما يقدم لها ، لا تعرف من الإسلام إلا إسمه ، وبهذا تتمكن من حد نشاط دعاته وتعطيل قواعده الواحدة بعد الأخرى ، فلا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج وخاصة في أوساط الشباب الذين أفسدت عقيدتهم وأخلاقهم بمبادئها المنافية للفطرة .

و – إن الإسلام أعطى للفرد حرية الرأي و التفكير والقوا و التعبير، بقول الكلمة التي يراها نافعة ومفيدة يقولها وهو في مأمن ، ولو كان أمام أعظم شخصية في الدولة كالخليفة أو الأمير مثلا من غير أن يخشى أذى أو ضرر يصيبه في بدنه أو ماله ، أما الاشتراكية فإنها تحجز على الإنسان ذاته ، وتحول بينه وبين هذا الحق الطبيعي للإنسان ، فلا يفكر ولا يعبر إلا فيما تراه هي ، كما جاء في المشروع المذكور قوله : (حرية التفكير و الرأي و التعبير بشرط أن لا تستخدم للنيل من مكاسب الاشتراكية ...إلخ ) .

أي المكاسب هذه التي يعنيها المشروع ؟ إن المكاسب هي مكاسب الشعب كله ، لا لطائفة معينة، حصل عليها بواسطة ثورته المسلحة التحريرية لا بغيرها .

تمركز حركة الدعوة في الأوساط الشعبية : لكن هذه الفتوى جاءت في فترة عنفوان التجربة البومدينية ، وترسخ شخصيته الكاريزماتية ، الشيء الذي دفع حركة الدعوة للتركيز على العمل المسجدي أكثر ، وخاصة مساجد العاصمة غير الرسمية ، وبعد وفاة بومدين في ديسمبر 1978 ، بدأت تنتشر ظاهرة "الدروس الخاصة" وهي عبارة عن دروس وعظية ذات طابع سياسي تتم في حلقات هدفها التوعية السياسية من منظور إسلامي تحضيرا للمواطن وتهيئه له على كيفية العيش في مجتمع يقوم على أساس تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية ، مركزة في ذلك على تحليل الوضع الاجتماعي في مستوياته الثلاثة الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية ، مبرزة معالم الحل الإسلامي للمشاكل التي يعاني منها المجتمع .

إلى جانب هذه الدروس أدت انتصارات الثورة الإيرانية إلى إفراز شعور بضرورة توحيد حركة الدعوة الإسلامية ، فكان ملتقى "العاشور" سنة 1979 والذي ضم الاتجاهات التالية (22) :

1 – الاتجاه السلفي وهو ما أسميناه الاتجاه الإصلاحي .

2 – الاتجاه الإخواني .

3 – جماعة التبليغ .

4 – جماعة الطليعة .

5 – الاتجاه الصوفي .

وانطلاقا من هذا الملتقى خرجت الدعوة من أسوار الجامعة لتلقى في الأوساط الشعبية والتي كانت فيها ( غائبة – حاضرة ) دائما ، وازدادت قاعدتها اتساعا ابتدءا من سنة 1980 نتيجة سياسة "الانفتاح والمراجعة" التي تبنتها السلطة الجديدة بقيادة السيد الشاذلي بن جديد ، هذه السياسة التي كانت تحتاج إلى تصفية الاتجاهات التي كانت تساند سابقتها أعطت الفرصة لحركة الدعوة أن تنمو على حساب اليسار، ولكنها كانت تتوق إلى أكثر من الصراع مع هذا الأخير ، هذا ما تجسد في حوادث السنين المتوالية ، ففي 19 مارس 1986 قامت بعض الجماعات المنتمية لحركة الدعوة الإسلامية ، بتحطيم محلات بيع الخمور في مدينة الواد بالجنوب الجزائري ، تبعتها موجة عنف في 28 مارس على اعتقال أحد زعماء الحركة في مدينة الأغواط (23) مما أدى إلى مقتل أحد أعضائها ، أعقبه إعتصام بأحد مساجد المدينة وإصدار بيان إلى الشعب الجزائري يدعو إلى إعلان الجهاد ضد " النظام الملحد " .

ولكن سرعان ما انتقلت الأحداث إلى الجزائر العاصمة رمز السلطة السياسي ، حيث شهدت الأحياء الجامعية بمنطقة ابن عكنون 1982 مصادمات بين اليسار و حركة الدعوة ولم تجد السلطة بدا من التدخل لإنهاء الحوادث ، أعقبته موجة الاعتقالات البوليسية ، وإغلاق المعاهد وبعض مساجد الأحياء الجامعية ، الشيء الذي اعتبرته حركة الدعوة الإسلامية سابقة خطيرة ترتكب ضد الإسلام في الجزائر ، فكانت المواجهة بعد دعوتها إلى صلاة جماهيرية في بهو الجامعة المركزية في 04 نوفمبر من نفس السنة ، قدمت خلالها عريضة للسلطة لتكون قاعدة " التعاون " بينهما ، تتكون من أربع عشرة نقطة متضمنة تحليلا للأحداث على أنها مناورة مدبرة من طرف الشيوعية العالمية و الماسونية و اليهودية والعنصرية والبعثية (24) الغرض منها توريط الدولة عن طريق استخدام أجهزتها لضرب الإسلام ، ونظرا لخطورة الموقف فإن التعاون المشترك بين العناصر الطيبة في الأمة أصبح ضرورة شريطة العودة الصادقة إلى الإسلام وهذا يتطلب النظر في السلبيات التالية :

1 – وجود عناصر في مختلف أجهزة الدولة معادية لديننا متورطة في خدمة عدونا.

2 – تعيين النساء و المشبوه في سلك القضاء و الشرطة.

3 – تعطيل حكم الله الذي كان نتيجة حتمية للغزو الاستعماري فلا بد من إقامة العدل بين الناس بتطبيق شرع الله.

4 – حرمان المواطن من حريته وتجريده من حقه في الأمن على نفسه ودينه وماله وعرضه.

5 – عدم توجيه التنمية الاقتصادية وجهة إسلامية رشيدة بإزالة كل المعاملات غير الشرعية وتيسير السبل الشرعية لاكتساب الرزق الحلال من زراعة و صناعة وتجارة وتسوية الناس في فرص الاستفادة من خيرات البلاد بدون تمييز.

6 – تفكيك الأسرة و العمل على إحلالها وإرهاقها بالمعيشة الصعبة كانت سياسة مارستها فرنسا وبقيت تمارس حتى اليوم، بالإضافة إلى محاولة وضعها على غير الشريعة الإسلامية تحت شعار نظام الأسرة.

7 – الاختلاط المفروض في المؤسسات التربوية والإدارية والعمالية انعكست نتائجه السيئة على المردود التربوي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي وصار مؤشرا على سرعة الانحلال الخلقي والحضاري.

8 – الرشوة والفساد الممارسين في المؤسسات التربوية من الجامعة والإدارة وغيرها، مرض بيروقراطي لا أخلاقي خطير لا يسلم مجتمع إلا إذا تخلص منه .

9 – تسوية مفهوم الثقافة وحصره في المهرجانات الماجنة اللا أخلاقية مما عرقل النظام التربوي وحال دون توصله إلى إبراز المواهب والنبوغ والكفاءات العليا التي تفتقر إليها البلاد للتخلص من التبعية الثقافية المفروضة .

10 – إبعاد التربية الإسلامية وتفريغ الثقافة من المضمون الإسلامي زاد في تعميق الهوة واستقرارها.

11 – الحملة الإعلامية المسعورة للإعلام الأجنبي والوطني لإبعاد الدولة عن الدعوة والصحوة التي تهدد مصالح الدوائر الاستعمارية في بلادنا .

12 – إطلاق صراح الذين اعتقلوا دفاعا عن أنفسهم ودينهم وكرامتهم .

13 – فتح المساجد التي أغلقت في الأحياء الجامعية والثانويات والتكميليات والمؤسسات العمالية .

14 – عقاب كل من يعتدي على كرامة الأمة وعقيدتها أو شرعيتها وأخلاقها وفق الحدود الشرعية الإسلامية .

خوجة 22
2009-04-04, 08:55
الحلقة الأخيرة ...,


ولكن هذه الدعوة للتعاون ذهبت إلى عكس ما كانت تهدف إليه :
فتحولت رغبة التعاون إلى مواجهة مع النظام وانقسام داخل الدعوة الإسلامية ،فالمعارضون (25) يرون أن مطالبة السلطة بالرجوع إلى الإسلام والحكم بشريعة القرآن لم يحن وقتها وهذا للأسباب التالية :
أ – أسلوب المواجهة المباشر مع السلطة غير مجد ومضر بحركة الدعوة الإسلامية لأنه لم يشتد عودها بعد .
ب – الحركة ليس لها من الإمكانيات المادية ما يمكنها من مواجهة العدو الملحد (26) .
ج – التسرع قد يؤدي إلى ضياع الحركة الإسلامية وانطلاقا من هذا يجب :
1 – العمل على تكوين الشباب ، وشرح تعميق مبادئ الحل الإسلامي لدى الجماهير .
2 – التركيز على تجنيد الشباب وتكوينه وتربيته على الطاعة لينفذ ما يؤتمر به باسم الله .
أما فيما يخص موقف السلطة فقد كان هجومي على ما أسماهم شريف مساعدية عملاء الامبريالية والذين يستعملون الدين تمطية لزرع البلبلة والشك حول مكاسب الجماهير ، والمس بكرامة الأفراد ،هم بالضرورة عملاء للامبريالية التي تحاول إلهائنا بواسطة صراعات هامشية مستغلين التناقضات التي يعرفها المجتمع الجزائري .
بعد هذا قدم من الذين تورطوا في أحداث بن عكنون إلى المحاكمة أعقبتها عملية اعتقالات شملت رموز حركة الدعوة الإسلامية من بينهم أحمد سحنون (27) وعبد اللطيف سلطاني (28) وخمسة أساتذة من باب الزوار ،وخمسة من الطب وعشرة أساتذة من جامعة الجزائر ،الشيء الذي زاد من حدة الصراع بين أنصار حركة الدعوة الإسلامية والنظام ،وانتقاله من حرب البيانات إلى العنف المسلح ، ففي 11 ديسمبر 1982 فتح أحد أعضاء حركة الدعوة النار على نقطة مراقبة ،مما أدى إلى تكثيف الحملة البوليسية ضدها وكشف النقاب عن حركة مسلحة يتزعمها أحد المجاهدين القدماء ، الأمر الذي حفز السلطة على تغيير موقفها بشكل حاد ،وظهر هذا في المواجهة المفتوحة والعلانية ابتدءا من 29 أبريل 1985 تاريخ الإعلان عن حركة بوعلي التي كانت استجابة شرطية لموقع هذا الأخير دفعه إلى تكوين منظمة مسلحة تحت قيادته العسكرية وزعامة الإمام عبد القادر شبوطي ،هدف هذه الحركة إقامة حاكمية الله على الأرض وفق برنامج سياسي يتكون من ثلاثة عناصر (30) 1- تحريم الزنا 2- غلق محلات الخمور وغلقها 3- منع الاختلاط .
لكن السلطات الأمنية استطاعت القضاء على هذه الحركة بعد سبعة عشر شهرا من المواجهة المسلحة ، في 5 يناير سنة 1987 وانقسام حركة الدعوة في موقفها من الحركة إلى اتجاهين :
الأول : الاتجاه الإسلامي : ذهب إلى القول بعدم شرعية الخروج على الحاكم ونفى صفة الشهادة لمن يموت في مثل هذه المعارك .
الثاني : الاتجاه السلفي : ساند الحركة شرعا بحكم أنها " حركة انتفاضة ثورية إسلامية " ولكنه انتقدها نهجا وتنظيما لتأجل المواجهة بين السلطة وحركة الدعوة الإسلامية مدة 21 شهرا ، لتظهر هذه الأخيرة بكل اتجاهاتها على مسرح الأحداث في 05 أكتوبر ، هذه الاتجاهات التي يمكن إرجاع حقيقتها إلى سببين رئيسيين وهما :
أ – طبيعة تركيبة جمعية العلماء قبل سنة 1956 .
ب – اختلاف الأسس المرجعية والتي لم تساهم فيها حركة الدعوة الإسلامية إلا بالقسط القليل والتي تتنوع بتنوع طبيعة التكوين والانتماء الاجتماعي لمناضلي حركة الدعوة ، الشيء الذي انعكس سلبا على وحدتها وتفرعها إلى عدة اتجاهات مختلفة أهمها :
1 – الاتجاه الإصلاحي بحكم كون جل رموزه من القيادات البارزة في جمعية العلماء وارتباطهم تاريخيا بجمعية القيم من أمثال عبد اللطيف سلطان ، الشيخ مصباح ، والشيخ أحمد سحنون .
2 – اتجاه " الجزأرة " الإسلامي يمثله أتباع مالك بن نبي، يعمد هذا الاتجاه على إعطاء البديل الإسلامي صفة " جزائرية متخذا من الجامعة مركزا والبار هدفا " أبرز رموزه الشيخ بن بريكة والشيخ بن عيسى .
3 – الاتجاه الإخواني نما في الجزائر بعد الاستقلال برجوع تلاميذ الشيخ الفضيل الورتيلاني ممثل جمعية العلماء في القاهرة سابقا ، من أبرز رموزه حاليا الشيخ محفوظ نحناح ، يعتمد هذا الاتجاه الفكر الاخواني في طبيعته القطبية حيث الحسم والروح الهجومية هما مرجعه .
4 – الاتجاه السلفي : نما هذا الاتجاه في الجزائر بعد سنة 1978 أي بعد انتشار ظاهرة الدروس الخاصة وتبلور سنة 1980 نتيجة النشاط المسجدي الذي كان يقوم به علي بلحاج وجماعته في مساجد القبة وباب الواد .
هذه أهم الاتجاهات المتواجدة على الساحة السياسية حاليا والتي تحاول تقريب رؤاها بتأسيس رابطة الدعوة الإسلامية منذ أول مايو 1989 .

حوحو
2009-04-04, 09:00
هناك إسلام واحد .. وإنما هو كل متكامل .. فالحذر من أن نلبس الاسلام ما ليس له
فالاسلام عقيدة .. وشريعة
احكام ومعاملات
وهو دين ودنيا

خوجة 22
2009-04-05, 14:23
- السلام .
هل هكذا بدأ العنف الديني ’?

خوجة 22
2009-04-05, 15:26
فتوى للعالم الجليل حفضه الله: فتوى أ. د. الشيخ يوسف القرضاوي:
حيث قال من تخلف عن أداء واجبه الانتخابي حتى رسب الكفء الأمين وفاز بالأغلبية من لا يستحق ممن لم يتوفر فيه وصف القوي الأمين فقد خالف أمر الله في أداء الشهادة وقد دعي إليها وكتم الشهادة أحوج ما تكون الأمة إليها. وقد قال الله تعالى. (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) (البقرة: 283)، (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) البقرة: 283). لهدا اخوتي اردت ان اكون لكم ناصحا فكما تعلمون ان الساكت عن الحق هو مثله مثل المقاطع فقدموا الاسبابواختاروا انتم ماتحبون واتركوا الامور الاخرى لله سبحانه وتعالى

خوجة 22
2009-04-13, 08:37
جذور العنف عند الحركة الإسلامية .

ينزع اغلب الباحثين في رد ظاهرة العنف لدى الجماعات الإسلامية السياسية الى أسباب إجتماعية , و مع تقديري البالغ لأهمية التفسير السيولوجي في هذا المجال فإنه لا يكفي وحده . لان ظاهرة العنف الديني او العنف الذي تمارسه الجماعات السياسية , ذات التمحور الديني , له خصوصية تختلف إختلافا جذريا عن العنف الذي تقوم به الجماعات السياسية الأخرى البعيدة عن البواعث الدينية , مثل المنظمة الإرهابية العدمية ( نارودنايا قوليا ) أو إرادة الشعب .. و مرد هذه الخصوصية يرجع إلى أمر ذاتي يتعلق بالمنتمين إلى الجماعات الدينية أمراء كانوا أم أعضاء - بل في الحقيقة يشمل كافة المؤمنين بالأديان السماوية او السامية أو الإبراهيمية و هو يزداد توهجا كلما كانت الشحنة الإيمانية لدى المؤمن أو التابع ثقيلة " إنا سنلتقي عليك قولا ثقيلا " (1)., فأتباع هذه الأديان يؤمن كل واحد منهم بأمرين ..
1ـ الإصطفائية: أي أن الله جل جلاله قد ميز الدين الذي إنضوى تحت جناحه و آمن به بأن إصطفى الرسول الذي بلغ الرسالة الخاصة به وإصطفى أصحابه (الرسول) الذين عاونوه على التبليغ الذي واصلوا حمل دعوته من بعده وإصطفى أمته على سائر الامم، وتستمر هذه الاصطفائية حتى نهاية الزمن .
2 ـ الحقيقة المطلقة : فالدين الذي يعتنقه هو وحده من دون سائر الأديان والعقائد هو الذي يملك الحقيقة المطلقة في كافة الشؤون وسائر الأمور والتي لايأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها وإنها سوف تظل هي كلمة الرب الأخيرة حتى يرث الله الأرض و من عليها، ونريد فيما يلي النصوص المقدسة من كل ديانة من الديانات التي تؤكد ذالك.
نبدأ بالإصطفائية ونلتزم بالتسلسل التريخي لاتلك الأديان.
أولا: في اليهودية : (1) إصطفاء الرسول وهو موسى عليه السلام:
في الأصول الثالثة عشر التي وضعها موسى بن ميمون وجعلها أركان الإ يمان اليهودي ينص الأصل السابع على مايلي:
" أنا أؤمن إيمانا كاملا بأن نبوة سيدنا موسى عليه السلام كانت حقا وإنه كان أبا للأ نبياء من جاء منهم قبله ومن جاء بعده " (2 ) .
"وقال الله أيضا لموسى هاكذ تقول لبني إسرائيل: يهوه إله أبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني اليكم هذا إسمي الى الأبد ."(3 )
فقال موسى من أنا حتى أذهب الى فرعون وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر فقال إني معك، وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك ."(4 )
وأعطى الله سبحانه وتعالى لموسى عشرة علامات (أيات) لثبت لفرعون وملأه إصطفاء الله له رسولا وهي: الدم والضفادع والقمل والذباب ووباء المواشي والبرد والجراد والإظلام وضرب ( ذبح) الأبكار من بكر فرعون الجالس على كرسيه الى بكر الأسير الذي في السجن بل حتى أبكار البهائم ـ وتفصيل ذلك كله مدون في سفر الخروج .
ثانيا : إصطفاء أصحاب الرسول:
ويشمل الإ صطفاء معاوني الرسول ومساعديه المخلصين الذين آزروه في تبليغ الرسالة حال حياته وأكملوا التبليغ بعد وفاته أورفعه إلى السماء وتطلق عليهم أسماء متعددة: الشيوخ أو الرسل أو التلاميذ أو الصحابة أو الحواريون أو " الذين معه" .
" ثم مضى موسى وهارون وجمع من شيوخ بني إسرائيل فتكلم هارون بجميع الكلام الذي كلام الرب موسى به وصنع الآيات أمام عيون الشعب وآمن به الشعب "(5 ) ثم صدق موسى وهارون ونداب وأبيهو وسبعون من شيوخ بني إسرائيل ورأوا إله إسرائيل " (6 ) .
وإصفاء سبعين رجلا من أصحاب موسى عليه السلام أمر ورد ذكره في القرآن الكريم: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " (7 ) .
ثالثا: إصطفاء أمة الرسول (بني إسرائيل)
ثم ينتقل الاصطفاء الى أمة الرسول، لافرق أن تكون أمة مخصوصة تتسم بالمحدودية والانغلاق كبني إسرائيل ( في اليهودية) أم أمة عالمية لا تخص بجنس دون آخر كما في المسيحية والإسلام، لأن الأمة هنا معناها مجموع من آمن برسالة الرسول وماجاء به من عند الله تبارك إسمه .
" وإن سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص على أن تعمل بجميع وصاياه التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك إلهك مستعليا على جميع قبائل الأرض وتأتي عليك جميع هذه البركات وتدركك إذا سمعت لصوت الرب إلهك مباركا تكون في المدينة ومباركا تكون في الحقل " (8 )
"ثم كلم موسى والكهنة اللاويون جميع بني إسرائيل قائلين أنصت وأسمع يا إسرائيل اليوم صرت شعبا للرب إلهك " (9 )
ويرى سيحموند فرويد أن موسى هو الذي وسم الشعب اليهودي بسمة " شعب الله المختار " . ولكن الدكتور عبد المنعم حقي ينكر عليه ذلك ويقرر أن ذلك كان بفعل أحبار بني إسرائيل (10 ) . وسواء كان هذا الاصطفاء من الله جل جلاله أو من موسى عليه السلام أو من أحبار بني إسرائيل، فإن المحصل النهائية هي أن
الا صطفائية للأمة اليهودية عقيدة راسخة لدى بني إسرائيل : هي على ذات الدراجة من الرسوخ عند المسيحيين والمسلمين .
ونلفت النظر الى أن الاصطفائية هنا بالنسبة للديانة اليهودية ليست هي( الاختيارية) الخاصة باليهود في كونهم " شعب الله المختار " لأن تفسير " الاختيارية " قد تعددت وجهه ومنها أن الرب إختار اليهود لموسى عليه السلام وأبدلهم له بالمصريين الذين لا يستحقون رسالة " التوحيد" ومنها أنهم الشعب الذين إختارهم الرب لسكنى " أرض الميعاد" وواضح أنها تفسيرات أسطورية، المهم أنها بخلاف ( الاصطفائية) التي تتعلق بالعقيدة والتي هي أولى السمتين اللتين تضفيهما على أتباعها والديانات الثلاث السماوية أو السامية أوالابراهيمية .
ثانيا: في المسيحية : (1 ) إصطفاء الرسول: المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
بلغت الاصطفائية في المسيحية بالنسبة لمن بلغ الرسالة درجة لم يبلغها ( الرسول) لدى الديانتين الأخرتين( اليهودية والاسلام) اذ وصلت بالمسيح عليه السلام الى مرتبة الألوهية ( في نظر المسحيين )، وإختلاف الرأي في المسيح في هذه الدرجة سواء لدى اليهود أو المسلمين أو حتى بعض الملل داخل المسيحية ذاتها ليس هنا موضيعه إنما الذي يعنينا هو ماجاء في بيان ( الاصطفائية) بشآنه من خلال الكتب المقدسة لدين المسيحي :
" وخاطبهم يسوع أيضا فقال أنا نور العالم من تبعني فلا يتخبط في الظلام بل يكون له نور الحياة " (11 )
وهو صورة الله ( المسيح) الذي لايرى والبكر على ما قد خلق إذ به خلقت جميع الأشياء: ما في السموات وما في الأرض ما يرى وما لا يرى عروشا كانت أم سيادات أو رئاسات أم سلطات، كل ما في الكون قد خلق بواسطته ولأجله ، هو كائن قبل كل شيئ وبه يدوم كل شيئ هو رأس الجسد أي الكنيسة "(12 )
" الحق الحق أقول لكم: أنا باب الخراف، جميع الذين جاءوا قبلي كانوا لصوصا وسراقا ولكن الخراف لم تضع إليهم أنا الباب من دخل بني يخلص فيدخل ويجد المرعى" (13 )
" إذن أيها الاخوةالقديسيون الذي اشتركتم في الدعوة السماوية، تأملوا يسوع الرسول والكاهن الأعلى في الإيمان الذي نتمسك به فهو أمين الله في المهمة التي عينه لها كما كان موسى أمينا في القيام بخدمته في بيت الله الا أنه ( المسيح) يستحق مجدا أعظم ." (14 )
2 ـ إصطفاء أصحاب الرسول :
وبينما كان يسوع يمشي على شاطئ بحيرة الجليل رأى أخوين هما سمعان الذي يدعى بطرس وأندراوس أخه يلقيان الشبكة في البحيرة اذ كانا صيادين فقال لهما : أتبعاني فأجعلكما صيادين للناس "(15 )
" ثم دعا اليه تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطة على الأرواح النجسة ليطردوها ويشفوا كل مرض وعلة وهذه هي أسماء الاثنى عشر........(16 )
" فإن إنطلقوا يجتازونا في القرى وهم يبشرون ويشفون في كل مكان " (17 )
" ولما جاء اليوم الخمسون كان الاخوة مجتمعين معا في مكان واحد وفجأة حدث صوت من السماء كأنه دوي ريح عاصفة فملأ البيت الذي كانوا جالسين فيه ثم ظهرت لهم ألسنة كلها من نار وقد توزعت على كل واحد منهم فامتلأوا جميعا بروح القدس وأخذوا يتكلمون بلغات أخرى مثلما منحهم الروح أن ينطقوا " (18 )
وقد أطلق القرآن الكرم على تلامذة المسيح المصطفين هؤلاء ( الحواريين) وأن الله هو الذي أوحى اليهم ليؤمنوا به وبرسوله وانهم إستجابوا لذلك وآمنوا وطلبوا من عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة من السماء فدعاه عيسى فإستجاب له وأنزل تلك المائدة التي غدت عيدا لأولهم وآخرهم وآية شاهدة على صدق نبوة عبدالله ورسوله المسيح عليه السلام وسميت صورة في القرآن بإسمها ( المائدة) ويطلق عليها المسيحيون ( العشاء الرباني أو العشاء الأخير) " (19 )
" و قال الحواريون نحن أنصار الله " (20)
" و بعد ذلك عين الرب إثنين و سبعين آخرين وأرسلهم إثنين إثنين ليسبقوه إلى كل مدينة و مكان كان على وشك الذهاب إليه " (21)
و بعدئذ رجع الإثنان و السبعون فرحين وقالوا يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك ......فقال لهم ......بل إفرحوا بأن أسمائكم قد كتبت في السموات "(22).
3ـ إصطفاء امة الرسول:
تؤكد الكتب المقدسة ( الإنجيل و أعمال الرسل ) أن أمة المسيح امة مصطفاة، فمرة تسميها ( ملح الأرض ) و أخرى ( نور العالم ) و ثالثة ( الموهوبة روح القدس ) .
" انتم ملح الأرض فإذا فسد الملح فماذا يعيد له ملوحته إنه لا يعود يصلح لشىء ، إلا ان يطرح جانبا لتدوسه الناس ... أنتم نور العالم لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبل ، و لا يضىء الناس مصباحا ثم يضعونه تحت مكيال ، بل يضعونه في مكان مرتفع ليضيء لجميع من في البيت ، هكذا فليضيء نوركم أمام الناس ليروا أعمالكم الحسنة و يمجدوا أباكم الذي في السموات " (23)
" فلما سمع الحاضرون هذا الكلام و قرتهم قلوبهم فسألوا بطرس و باقي الرسل : ماذا تعمل أيها الإخوة ؟ أجابهم بطرس: توبوا و ليتعمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح فيغفر الله خطاياكم و تنالوا هبة الروح القدس لأن الوعد هو لكم و لأولادكم و للبعيدين جميعا يناله كل من يدعوه الرب إلهنا " (24) ..
ثالثا: في الإسلام .
رسالة محمد صلى الله عليه و سلم هي آخر الرسالات نزولا من السماء و هو خاتم الرسل و لا نبي بعده ، و من ثم فكان من البديهي أن تكون ( الإصطفائية ) شديدة التميز باهرة الوضوح في الدين الإسلامي ، سواء بالنسبة للرسول (عليه السلام) أو أصحابه ( رضوان الله عليهم ) أو أمته . و النصوص المقدســـة ( القرآن و الأحاديث النبوية الشريفة ) التي تقطع بهذه( الإصطفائية ) كثيرة والإحاطة بها إن لم تكن متعذرة فإنها سوف تطيل صفحات هذا البحث و من ثم فإننا سوف نقتصر على بعض من تلك النصوص التي تؤكدها :
1ـ إصطفاء الرسول : محمد صلى الله عليه و سلم :
"أنا محمد النبي ـ قالها ثلاث ـ و لا نبي بعدي ، أوتيت فواتح الكلم و جوامعه و خواتمه و علمت كم خزنة النار و حملة العرش " (25).
" بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب و بينما أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي " (26 ) .
" إن جبريل آتاني فبشرني بأن الله قد أعطاني الشفاعة " ( 27 ).
" آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن : من أنت؟ فأقول : محمد ، فيقول بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك ." (28 ).
" مثلي و مثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها و أكملها و أجملها ، إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون و يعجبهم البنيان فيقولون : ألا وضعت هنا لبنة فيتم بنيانك ـ فقال النبي محمد صلى الله عليه و سلم فكنت أنا اللبنة " (29 ).
2ـ إصطفاء صحابة الرسول (رضي الله عنهم ).
" اقتدوا بالذين بعدي من أصحابي أبي بكر و عمر و غهتدوا بهدى عمار و تمسكوا بعهد ابن مسعود " (30 ).
دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل مثل أحد ذهبا ما بلغتم أعمالهم ." (31).
لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم و لا نصيفه " (32 ).
".... و ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال إعملوا ما شئتم " (33).
" أنا في الجنة و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير و سعد و عبدالرحمن بن عوف ، قال سعيد بن زيد و لو شئت أن أسمي العاشر سميته قيل و من هو قال أنا " (34).
و لا يكاد يخلو كتاب واحد من دواوين السنة المعتمدة ( التي تحتوي على الأحاديث النبوية الشريفة من باب ( المناقب ) الذي يتحدث عن فضائل كبار الصحابة و خاصة الخلفاء الراشدين الأربعة و الصحابيات و الحابيات ( رضوان الله عليهم )، و بعد ذلك انتقلت ( المناقب ) إلى أئمة المذاهب الأربعة : أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل ،فهناك المئات من الكتب المخصصة ل ( مناقب ) كل منهم بل إن بعضا منها يحتوي على أحاديث نبوية نسبت الى الرسول ( ص) تشيد بهم ، و في عصرنا الحاضر بين أيدينا عشرات المؤلفات ، التي حررت في في مصر و غيرها من ربوع العالم الإسلامي ، تتحدث عن ( مناقب ) الإمام الشهيد حسن البنا المرشد الاول لجماعة الإخوان المسلمين . و بعد وفاة أبي الأعلا المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية بدأت تظهر باللغات العربية و الأوردية و الإنجليزية رسائل و مقالات و كتب تتغنى ب ( مناقبه ) ، وهكذا سوف يستمر الشعور ب ( الإصطفائية ) لأنه أمر طبيعي في حقل الدعوة الإسلامية تأسيا بصاحب الرسالة ( و الذين معه ).
3ـ إصطفاء الامة .
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله" (35).
" و الذين آمنوا و عملوا الصالحات و آمنوا بما أنزل على محمد و هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم " (36).
" آتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت : و إن زنا و إن سرق ؟ فقال : و إن زنا وإن سرق "(37) "أهل القرآن أهل الله و خاصته " (38). " الملائكة شهداء الله في السماء و أنتم شهداء الله في الأرض "(39) . " اما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الآخرة "(40).
و يقرر الإمام سيد قطب ـ رحمه الله تعالى ـ " فأما شعب الله حقا فهو المة المسلمة التي تستظل براية الله على اختلاف ما بينها من الأجناس و الالوان و الأوطان" (41).
عن الحقيقة المطلقة :
الأديان السماوية أو الإبراهيمية أو السامية الثلاثة : اليهودية و المسيحية و الإسلام يؤكد كل منها نزوله من السماء ، وأنه جاء بالحقيقة المطلقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها و بالكلمة الأخيرة من الله سبحانه و تعالى ، وأن على كل من ينضوي تحت لوائها و يستظل بظلها أن يؤمن بذلك إيمانا خالصا لا شائبة فيه ، و أن ما عداها من الأديان و العقائد و الشرائع و المذاهب و الملل و النحل باطل و زائغ و منحرف ، وأن الحقيقة المطلقة و الكلمة الأخيرة ملك له وحده حتى يرث الله الأرض و من عليها ـ و قد تكرر ذلك عند نزول التوراة على موسى و الإنجيل على عيسى و القرآن على محمد ( عليهم جميعا السلام )، و قرر ذلك و أكده كل واحد منهم بصورة حاسمة و جازمة ، لا لبس فيها و لا غموض و فعل ذلك من بعدهم خلفاؤهم من : الشيوخ و الرسل و التلاميذ و الحواريين و الصحابة : و الكتب المقدسة للأديان الثلاثة تنص على ذلك بصورة جلية و بألفاظ صريحة و واضحة .
أولا : فــي اليهـــوديـــة
" و دعا موسى جميع إسرائيل و قال لهم :اسمع يا اسرائيل الفرائضو الأحكام التي أتكلم بها في مسامعكم اليوم و تعلموها واحترزوا و لتعلموا أن الرب غلهنا قطع معنا عهدا في حوريب ليس مع آبائنا قطع الرب بل معنا نحن الذين هنا اليوم جميعا أحياء "(42).
"فاحذروا لتعلموا كما امركم الرب إلهكم لا تزيغوا يمينا و لا يسارا في جميع الطرق التي التي أوصاكم بها الرب إلهكم تسلكون كي تحيوا و يكون لكم خير و تطيلوا الأيام في الأرض التي تمتلكوها" (43).
" اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا واحد فتحب إلهك من كل قلبك و من نفسك ومن كل قوتك و لتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك و قصها على أولادك و تكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق و حين تنام و حين تقوم واربطها علامة على يدك و لتكن عصائب بين عينيك و أكتبها على قوائم بيتك و على أبوابك " (44).
و في ( الاصول الإثنى عشر التي وضعها موسى بن ميمون و جعلها أركان الإيمان اليهودي يقول الأصل التاسع : "أنا أؤمن إيمانا كاملا بأن هذه التوراة غير قابلة للتغيير وأنه لن تكون شريعة أخرى سواها من قبل الخالق تبارك إسمه "(45).
ثانيا : فــــي المسيــــحيـــــة
"فالحق أقول لكم : إلى أن تزول الأرض و السماء لن يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الشريعة حتى يتم كل شيء ......... و أما من عمل بها وعلمها فيدعى عظيما في ملكوت السماء " (46).
" و أية مدينة دخلتم ولم يقبلكم أهلها فاخرجوا إلى شوارعها و قولوا : حتى غبار مدينتكم العالق بأقدامنا ننفضه عليكم ، لكن إعلموا هذا : إن ملكوت الله قد اقترب : أقول لكم : إن سدوم و عمورية ستكون حالتها في ذلك اليوم أخف وطأة من تلك المدينة "(47).
"من يسمع لكم يسمع لي و من يرفضكم يرفضني ومن يرفضني يرفض الذي أرسلني "(48).
"ثم إلتفت إلى التلاميذ و قال لهم على حده : طوبى للعيون التي ترى ما أنتم ترون أن يروا ما تبصرون ، و لكنهم لم يروا ، وأن يسمعوا ما تسمعون ولكنهم لم يسمعوا "(49).
و تذهب المسيحية في نطاق تملك الحقيقة المطلقة إلى مدى أبعد . فبينما نرى في اليهودية و الإسلام أن الرسول هو الذي أوحي له بالحقيقة من قبل السماء إذا بنا في المسيحية نشهد الصورة مقلوبة ، ف "النبوة لم تضع الحقيقة بل إن الحقيقة هي التي أعطت النبوة مرماها ، و الحقيقة العليا السامية في هذا الصدد هي شخصية يسوع "(50).
غذن يسوع بنظر المسيحية هو الحقيقة المطلقة المتجسدة و من لا يؤمن بذلك إيمانا خالصا تكون يداه خاليتين و صفرا من رصيد الحقيقة ، و معناه بكل بساطة أن إمتلاك الحقيقة المطلقة وحدها دون غيرها من الشرائع السابقة او الاحقة .
ثالثا : فـــي الإســــــلام
" و من يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين "(51)
"و انزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه " (52)
فالرسالة المحمدية هي " الرسالة التي جاءت تعرض الإسلام في صورته النهائية الأخيرة ليكون دين البشرية كلها و لتكون شريعته هي شريعة الناس جميعا و لتهيمن على كل من كان قبلها و تكون هي المرجع النهائي و لتقيم منهج الله لحياة البشرية حتى يرث الله الارض و من عليها "(53).
" اما بعد ذلك فإن أصدق الحديث كتب الله وإن أفضل الهدى هدى محمد "(54).
" و الذي نفس محمد بيده لا يسمع أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت و لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار "(55).
نصوص صريحة و قاطعة في الكتب المقدسة السماوية أو السامية أو الإبراهيمية تقطع بأن كل شريعة منها تملك دون غيرها الحقيقة المطلقة و الكلمة المنقولة عن الرب جل جلاله ، وهذا ما يؤمن به أتباع كل منها إيمانا مطلقا ، و يسلم به تسليما دون نقاش .
إن الذي تمتاز شريعته و رسوله وأصحاب رسوله و أمته ب ( الإصطفائية ) يملؤه شعور ب (الإستعلاء ) على كل من لم يؤمن بما آمن هو به و كلما كانت شحنة الإيمان عالية ـ فالإيمان يزيد و ينقص كما يرى أهل السنة و الجماعة ـ كلما كانت دفعة الإستعلاء عنده قوية ، بل غنه يحس ب ( الإستعلاء ) حتى على أهل ملته و أمته أنفسهم إن لم يكونوا مساوين له في الإيمان و الإنصياع لأحكام الشريعة و السير على صراطها المستقيم ،: وينظر إليهم على أنهم في ضلال ، يتعين عليه أن يردهم إلى النهج القويم . و إذ أن البحث يدور في فلك الجماعات الإسلامية السياسية و على راسها جماعة الإخوان المسلمين ، فإننا سوف نتناول بعض ما جاء في وثائقها المنشورة حتى نرى مصداقية هذه الدعوى و هي مدى ما تبثه في نفوس أتباعها من ( إستعلاء ) و الذي سوف نكشف فيما بعد عن دوره في تغذية اتجاه ( العنف ) . " أيها الأخ العزيز إن في نسبتك إلى الله تبارك و تعالى اسمى ما يطمح إليه الطامحون من معاني العزة و المجد = فإن العزة لله جميعا= وأولي ما يرفع نفسك إلى عليين و ينفخ فيها روح النهوض مع العاملين وأي شرف أكبر وأي دافع للفضيلة من أن ترى نفسك ( ربانيا )، بالله صلتك و إليه نسبتك " (56).
و يصف الأستاذ صلاح شادي ـ رحمه الله ـ و قد كان عضوا بارزا في جماعة الإخوان المسلمين : " أتباع الرجل ( الشيخ حسن البنا ) بأنهم كانوا خليطا من طبقات هذه الأمة ....... يربطهم جميعا الطريق الى الله ( تعلو ) فيه كرامة المسلم على كل عرض من اعراض الدنيا "(57). و بغض النظر عن وسمه لأعضاء الجماعة بانهم (أتباع ) للمرشد العام الأول فهذا يخرج عن نطاق بحثنا ، فإن توصيف صلاح شادي للإخوان المسلمين ذكر ( الإستعلاء )الذي به يتميزون ( من وجهة نظره ) صراحة و بالنص .
و يقارن أحمد كمال عادل أحد قادة ( النظام الخاص ) المشهور إعلاميا ب ( الجهاز السري ) ، بين عضو جماعة الإخوان المسلمين و غيره ( من المسلمين ) حتى ولو كان مستقيما ( متدينا ) بأن الأول ( رباني ) أما الأخر فإن غايته العليا في الحياة هي لقمة العيش و هي مثله الأعلى ، في حين أن هذه الغاية هي نفس الغاية التي لا تتعداها آذان الأنعام و قلوبها 3 (58).
و عندما عدد د. رؤوف شلبي " الخصائص الإيجابية الوصفية لدعوة الإخوان المسلمين " ذكر على لسان الشيخ حسن البنا أن أخص خصائصها أنها ربانية و شرح كونها كذلك بقوله " فلأن الأساس الذي تدور عليه عليه أهدافنا جميعا هو أن يتعرف الناس إلى ربهم وأن يستمدوا من فيض هذه الصلة روحانية كريمة تسمو بأنفسهم عن جمودها إلى طهر الإنسانية الفاضلة و جمالها "(59).
و قد وردت كلمة ( الربانيين ) في القرآن الكريم ثلاث مرات : مرة في سورة آل عمران و مرتين في سورة المائدة ـ و في المرات الثلاث جاءت في حق أهل الكتاب و اليهود على الأخص . ويفسرها علماء تفسير القرآن بأنهم (الربانيون ) هم " كاملو العلم وقال محمد بن الحنيفة رضي الله عنه حين مات عبد الله بن عباس ـرضي الله عنهما ـ اليوم مات رباني هذه الأمة ، و قال أبو العباس ثعلب إنما قيل للفقهاء الربانيون لأنهم يربون العلم أي يقومون به وقال أبو عمر عن ثعلب : العرب تقول : رجل رباني و ربي ( بكسر الراء ) إذا كان علما عاملا "(60).
و كلمة (رباني ) موجودة بذات الرسم في الديانة اليهودية و فيها تعني : الحبر و الحاخام ، بل إن الله نفسه يستشير الربانيين إذا حزبه أمر ، وأن أحد الربانيين حكم بتخطئة الله الذي أقر فعلا بخطئه ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ و الربانيون بإلهام التوراة كتبوا التلمود الذي أفرخ الفكر الصهيوني العنصري للتعصب فبحسب نصوصه من لا يهاجر إلى أرض الميعاد يكون كمن لا إله له " (61).
فالرباني في كلا الشريعتين يعني المتمسك بتعاليم دينه ، المتبحر فيه مما يجعله مملوءا بشعور ( الإستعلاء ) و ( السمو ) على غيره ممن يدينون بذات العقيدة ، مما يدفعه إلى سلوك طريق العنف حيال الآخرين ، و لذلك فليس من باب المصادفة أن تؤدي ( الربانية ) في الفكر اليهودي إلى إفراز دعوة الصهيونية العنصرية .
أما ربانية الإخوان المسلمين ، فقد انتهت بهم إلى إنشاء النظام الخاص أو الجهاز السري . و قد تطورت فكرة ( الربانية ) على فلسفة كاملة على يد الشهيد سيد قطب ـ و تبلورت على أيدي الجماعات الإسلامية السياسية الحديثة مثل منظمات " التكفير و الهجرة " و " الجهاد " .....الخ و ظهرت بصورة مزيد من العنف المسلح ( و هذه تخرج عن نطاق بحثنا الذي يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين ).
إذن ثمرة ( ربانية ) الإخوان المسلمين و ما تولده من إحساس ب (الإستعلاء ) ظهور النظام الخاص الذي وصفه الأستاذ صلاح عيسى " بأنه تنظيم حديدي نادر المثال " (62) . و نخالف الدكتور عبد العظيم رمضان في ما يذهب إليه من أنه " يمكن تحديد نشأة فكرة العنف و الإستيلاء على السلطة عند جماعة الإخوان المسلمين بنشأة ما عرف بإسم فرق الرحلات"، ومن الثابت من الأدلة لدينا أن الشيخ حسن البنا عندما بدأ في تكوين جماعته لم تكن فكرة العنف واردة في ذهنه أصلا ، وإنما كانت الفكرة هي نشر الدعوة بوسيلة " الحب و الإخاء و التعارف " كما كتبت جريدة الغخوان في 5 شعبان 1352 هـ (63 ) . و لم يحدد الدكتور عبد العظيم رمضان تاريخ إنشاء " فرق الرحلات " ، و لكنه يؤكد أن جريدة الإخوان المسلمين حتى بعد بعد منتصف 1352 هـ كانت تبشر بالحب و الإخاء و التعارف كوسيلة لنشر الدعوة .( حوالي 1932 م) ، أي عند إنتقال مقر الجماعة الرئيسي من مدينة الإسماعيلية إلى العاصمة ( القاهرة ) ، و اذ إن نشاة الجماعة ترجع الى فبراير 1928 م فبذلك يكون تبنيها لفكرة العنف قد بدا لديها بعد ثلاث أو أربع سنوات و هو فارق بسيط ، و مع ذلك فإن الثابت أن فكرة العنف لازمت الجماعة منذ نشأتها الأولى ، شانها في ذلك شان الجماعات السياسية ذات التمحور الفكري الديني ، و الادلة على ذلك كثيرة ربما يضيق البحث عن حصرها جميعا و من ثم نقتصر على بعض الأدلة التي تؤكد على ذلك :
1ـ في رسالة المؤتمر الخامس صرح الاستاذ ( حسن البنا ) :
" أيها الإخوة المسلمون و بخاصة المتحمسون المستعجلون ( كذا) منكم اسمعوها مني كلمة عالية مدوية من فوق هذا المنبر في مؤتمركم هذا الجامع : إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده و لست مخالفا هذه الحدود التي اقتنعت كل الإقناع بأنها أسلم طريق للوصول : أجل قد تكون طويلة و لكن ليس هناك غيرها "(64) فهنا يصرح المرشد العام الأول ان الجماعة مرسوم و محدود و لكن هو و إلى أي غاية يؤدي ، يجيبنا الأستاذ بما يلي : " في الوقت الذي يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها روحيا بالإيمان و العقيدة و فكريا بالعلم و الثقافة و جسميا بالتدريب و الرياضة في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار و أقتحم عنان السماء و أغزو بكم كل عنيد و جبار "(65).
فلا شك أن القارىء قد إسترعى انتباهه ما جاء في كلام ( الأستاذ) مثل : أخوض، أقتحم، أغزو، و قد يقال إنه قد أخذته الحماسة في المؤتمر الخامس الذي انعقد سنة 1939 م بسراي لطف الله بالجيزة بعد ان قفز عدد الشعب من خمسين إلى ثلثمائة شعبة و بالتالي تضاعف عدد الأعضاء إلى مئات الأضعاف ، و لكن لم يعهد في (الأستاذ) الجنوح الى العاطفة في مثل هذه الأمور الحساسة التي تختص بمنهج الجماعة او مسلكها المستقبلي .
2ـ عندما نقل ( الأستاذ ) من الإسماعيلية إلى القاهرة و نقل نشاط جماعته إليها ، ودعت الحاجة إلى إختيار من يحل محله في الإسماعيلية و هنا حدث خلاف حاد بين الأعضاء بشأن هذا الاختيار أدى الى إنشقاق و تقديم بلاغ إلى النيابة العامة ضد المرشد العام ودأب المنشقون على تشويه سمعته فلم يجد أنصاره سبيلا إلى ردعهم إلا (العنف ) و الإعتداء عليهم بالضرب مما أدى إلى تقديم ( المعتدين ) على المحاكمة الجنائية (66) و قد يقال في تفنيد هذا الدليل أن استخدام ( العنف ) من جانب أولئك الأعضاء كان بمبادرة فردية و لا يمثل منهجا عاما للجماعة .
3ـ و لكننا نقرأ في البيانات الأولى لنشأة الجماعة أن (الأستاذ) كان يشدد على جانب التربية للأعضاء حتى إنه كان يقوم بنفسه بتدريبهم ، يقول د. ريتشارد رايت في كتاب ( الإخوان المسلمون ):" و نظم المؤتمر الخامس بوجه خاص تشكيلات الجوالة بصورة منتظمة من خلال ممارسة التدريبات الرياضية التي بدات في الأيام الولى للجماعة بالإسماعيلية " و السؤال الذي يدعو الرجل ( الأستاذ ) الى الإهتمام بأجسام الأعضاء بالتربية الرياضية و لماذا لم يقتصر على التربية الروحية ؟؟ و لعل الجواب واضح ......
4ـ من الوثائق المبكرة للجماعة وثيقة بعنوان ( عقيدتنا ) :
"تعتبر ميثاقا لكل اخ إنظم إليهم تحتوي على سبعة بنود و ينص البند الخامس فيها على ما يلي:
" و أتعهد بأن أجاهد في سبيل أداء هذه الرسالة ما حييت وأضحي في سبيلها بكل ما أملك " ت و في ختام البند السابع و الأخير : " و أتعهد بالثبات على مبادئها و الإخلاص لكل من عمل لها و أن أظل جنديا في خدمتها و أموت في سبيلها ".
و هذه الوثيقة (عقيدتنا ) جعلت أ.أرنست رينان أستاذ الدراسات العربية و الإسلامية بالسوربون يقول :"هذه الكلمات عميقة المبحث و المقصد " (68) فهذه الوثيقة تصف الأخ بأنه (جندي) في خدمة الدعوة يجاهد في سبيلها مادام حيا و يضحي بكل ما يملك و يموت فداءا لها . و لعله من المفيد أن نذكر بأن من بين شعارات الإخوان المسلمين التي يرددونها في محافلهم : الجهاد سبيلنا و الموت في سبيل الله أحلى أمانينا.
5ـ في وقت مبكر جدا أنشأت الجماعة (مدارس الجمعة):
" حيث يجتمع الصبيان لتلقيدروس في التاريخ الإسلامي في قصص مسلية مع مبادىء الدين و الألعاب الرياضية من الصباح حتى يحين وقت صلاة الجمعة "(69). فلماذا هذا الإهتمام ب "الألعاب الرياضية " و إذا كان تلقي الصبيان لدروس في الدين و التاريخ الإسلامي في " مدارس الجمعة " التي هي ليست مدارس بالمعنى المتعارف عليه فلأي سبب حرص " الأستاذ " على تدريب الصبيان الصغار على الرياضة وإذ أنه كما تقول العرب و بضدها تتميز الأشياء فإن الجماعات الدينية ( الإسلامية ) غير السياسية مثل جماعة أنصار السنة و جماعة العشيرة المحمدية و الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب و السنة المحمدية لا تهتم بتربية أعضائها رياضيا ( بدنيا ) و إنما تقتصر على النواحي الروحية و الثقافية و الشعائرية .
6ـ النظام الخاص أو الجهاز السري لم ينشأ فجأة ، بل هو نتاج التطور الطبيعي لفصائل العنف التي بدأت منذ نشأة الجماعة في مدينة الإسماعيلية : الفرق الرياضية ، الجوالة ، فرق الرحلات ثم المعسكرات ، و هذا الأمر يتضح بسهولة لأي قارىء متفحص و متأمل في تاريخ الجماعات و لأدبياتها و مطبوعاتها .
و هكذا يتبين إن ما أستقر عليه رأي الأستاذ الدكتور عبد العظيم رمضان ،من ان فكرة العنف طرأت على فكر الجماعة و لم تكن أصلية لديها و أنها كانت في البدء تعمد إلى الدعوة و الموعظة الحسنة و الإخاء و المحبة ، تنقضه الوثائق التاريخية للجماعة ، كما أنه ينافي طبيعة الجماعات الدينية ذات التوجه السياسي .
و ليس معنى ذلك أن الجماعة كانت تجنح إلى العنف كلية و لا تدعو باللين ، و لكن ما نريد أن نؤكده أنه بجانب ذلك كانت بذرة إحذى المكونات الرئيسية في فكر الجماعة و لكنها كانت مستترة ـ كنوع من التقية ـ و كانت بندا أساسيا من بنود الخطة التي كان مقررا لها أن تتم على مراحل ، كما قرر بذلك صراحة الشيح حسن البنا ـ في خطابه أمام المؤتمر الخامس كما أسلفنا .
و هذا مسلك معهود ـ على طول التاريخ و عرض الجغرافيا إن صح التعبير ـ لكافة الجماعات الإسلامية التي ترتكز على الفكر الديني الذي يمنح معتنقيه قدرا واضحا من الإسـتـــــــــعلاء على الأخرين ، نتيجة ل " الإصطفائية " و " تملك الحقيقة المطلقة " اللتين يفتقر إليهما الأخرون الذين يحملون وصف " حزب الشيطان ".
و تختلط ( الإصطفائية ) و ( تملك الحقيقة ) في وثائق الجماعة و أدبياتها كما أسلفنا ، و ذلك ان العلاقة بين الأمرين حميمة ـ ولكن الأمر المؤكد أنهما معا أهم مقومات فكر الغخوان المسلمين ، بل لا نكون مبالغين إذا أكدنا انهما المحور الرئيسي الذي يدور عليه ذلك الفكر ، جاء ذلك على لسان ( المرشدين العامين ) و غيرهم من منظري الجماعة و كاتيبها المعبرين عنها بحيث أصبحتا من المكونات الأصلية الراسخة في عقيدتهم : فالشيخ / حسن البنا مؤسس الجماعة يشترط عند اخذ البيعة على ( الإخوان ) التجرد ، و يرى ان ( التجرد ) صفة لازمة للأخ و يشرحه بقوله : " أن تتخلص لفكرتك من كل ما سواها من المبادىء " لماذا ؟ " لأنها أسمى الفكر و أجمعها و أعلاها " (70).
فهنا نجد الأستاذ حسن البنا يشترط على الأخ أن يطرح جانبا كل المبادىء و الأشخاص التي أو الذين كان قد تأثر بها أو بهم فيما مضى و ألا يحمل بين جنبيه إلا فكرة ( الجماعة ) لأنها الحقيقة المطلقة دون ما عداها . ثم يعلل فضيلته ذلك بقوله "لأنها اسمى الفكر و أجمعها و أعلاها " و في جملة واحدة وسم فكرة جماعته بالسمو و العلو و جمع أحسن ما في الأفكار الأخرى ، و من ثم فلا حاجة ل "الأخ " بأي فكرة سواها .
أما المرشد الثاني الأستاذ حسن الهضيبي ـ المستشار السابق بمحكمة النقض ـرحمه الله تعالىـ فهو يصف دعوة الإخوان المسلمين بأنها :
" دعوة الرسول صلى الله عليه و سلم ـ لم تزد عليها و لم تنقص ، كانت و لا تزال صراعا بين الحق و الباطل ، بين الإيمان و الإلحاد ، بين المعروف و المنكر ، بين العقل و الهوى بين الخلق القويم و التحلل الذميم ، بين الإنسانية الفاضلة و الأنانية الخاسرة "(71).
إن المرشد الثاني هنا يسوي بين دعوة الجماعة و دعوة الرسول عليه الصلاة و السلام ، و لم يقل إنها مقتبسة منها او تسير على هديها أو تنسج على منوالها ، بل " هي دعوة الرسول "ذاتها و أنها تمثل الحق و الإيمان و المعروف و العقل و الخلق القويم و الإنسانية الفاضلة ، و ان غيرها من المبادىء التي قامت هي لمصارعتها يجسم الباطل و الإلحاد و المنكر و الهوى و التحلل الذميم و الإنسانية الخاسرة : و هو نص جمع بين إمتلاك الحقيقة المطلقة و الإستعلاء ، و ما دام الإخوان المسلمون على تلك الشاكلة فإنه " لا يمكن حلهم لأن الرابطة التي تربط بينهم هي الإعتصام بحبل الله المتين و هي أقوى من كل قوة"(72) و ما دامت دعوة الإخوة كذلك فإنها ستظل مستمرة إلى يوم يبعثون ، إذ أنها " الدعوة التي امرنا الله بها الى آخر الزمان " (73) و يكون إذن لا محالة واهما أشد الوهم من يظن مجرد ظن أن ( الإخوان المسلمين ) إسم لجمعية أو هيئة في مصر " و لكنه أصبح علما على بعث فكرة الإسلام الخالص النقي و نهضة المسلمين في جميع مشارق الأرض و مغاربها "(74) إذن دعوة الإخوان المسلمين ـ بنظر مرشدها الثاني ـ هي الإسلام ذاته في صورته النقية الخالصة و أنها عنوان على نهضة المسلمين في جميع بقاع العالم ، و لا توجد كلمات أشد صراحة و وضوحا على تبيان إمتلاك الحقيقة و الإستعلاء على الآخرين من هذه الكلمات التي أطلقها فضيلة المرشد الهضيبي . إن هذا القدر الذي لا تخطئه العين من ( النرجسة ) في توصيف الجماعة و فكرها و مساواتها -ب " دعوة الرسول عليه الصلاة و السلام " بالإضافة الى أنه الخط الواضح الصريح لقادة الجماعة يرجع في قدر كبير الى أنه عند صدور تلك الكلمات من المرشد الثاني كانت الجماعة تعاني ضغوطا و تهديدا من ( ثورة 23 يوليو ) إذ أنه قالها في خطبته بمدينة المنصورة لمناسبة الإحتفال بذكرى الهجرة المباركة . في المحرم سنة 1373 هـ الموافق سبتمبر 1953: بعكس كلمات المرشد الأول التي إتسمت بقدر لا بأس به من الإعتدال ـ و إن لم تخل طبعا من الإستعلاء ـ و من الإستشراف للمستقبل ، لأن الجماعة كانت آنذاك في حالة مد و إنتشار و إتساع ، و لم تكن القوى السياسية الأخرى في تلك الأيام قد تنبهت الى حقيقة مراميها ، و كانت تظن أنها مجرد جمعية دينية تفتقر الى الطموح السياسي مثل باقي الجمعيات الدينية الأخرى ....
و معلوم أن الشخص ، طبيعيا كان أو معنويا " جماعة أو هـيئة أو مدرسة " يعمد إلى الإتجاه إلى الماضي و التشبت به عند تعرضه لخطر خارجي ـ في حين أنه يتجه إلى إستشراف الآفاق المستقبلية في حالة إنعدام من أو ما يهدده " إنه ميكانيزم الدفاع ( الذي فيه ) تلتجىء الذات إلى الماضي و تحتمي به لتؤكد من خلاله و بواسطته شخصيتها و لذلك تعمد إلى تضخيمه و تمجيده ما دام الخطر الخارجي قائما " (75) و إذ ظل التهديد مسـتمرا أو الحصار قائما على جماعة الإخوان ، فإننا نجد المرشد الثالث الأستاذ عمر التلمساني ـ المحامي ـ رحمة الله عليه ـ ( مرشد دور الستر ) لا تقل طروحاته تضخيما للذات و إعجابا بها و لو أذاب الماضي ، فنراه يقول عن جماعته أنهم " أيقظوا الوعي الإسلامي في العالم كله بعد طول جمود و أصبحت القارات الخمس تعرف الإخوان المسلمين بما فيها من شعب الإخوان المسلمين أو بما فيها من شباب يدعو بدعوة الإخوان المسلمين ..... و ليعلم العالم كله أن هذه الدعوة لن تموت لأنها كلمة الله التي تعهد بحفظها ووضعها على أكتاف رجال حملوها كابرا عن كابر بفضل من الله و نعمته " (76).
و هذه المقولة رغم ما فيها من تجن على ما سبقها من دعوات مثل الوهابية و المهدية و السنوسية . و من رجال من أمثال رفاعة الطهطاوي و عبدالرحمان الكواكبي و الأفغاني و محمد عبده و ابن باديس و الإبراهيمي ....إلخ ، فإنها ( تلك المقولة ) تشي بوضوح عن اليقين الكامل بأن الجماعة بيدها الحقيقة المطلقة " كلمة الله التي تعهد بحفظها " وواضح أن مرشد دور الستر قد وضعها في مصاف القرآن الكريم "إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون " (77).
و مساواة دعوة الإخوان بدعوة الرسول و تعهد الله تبارك و تعالى لها بالحفظ دعوى لم يسبقهم إليها أحد ، فلم نسمع عن الأئمة الأعلام ، مثل أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل رضي الله عنهم ، إنهم ادعوا مثل هذا الإدعاء البالغ الجرأة ، و لم يقل واحد منهم أن مذهبه مساو لدعوة الرسول عليه الصلاة و السلام أو أنه كلمة الله التي تعهد بحفظها . بل كانوا يقولون في تواضع العلماء : ما نقوله صواب حتى يثبت لنا غيرنا أنه خطأ ـ و هذا مرجعه الى أنهم لم يكونوا أصحاب مطامع سياسية و لم يسع احدهم إلى كراسي الحكم .
وتيرة " الإستعلاء "تنضح بها كلمات المرشد الثالث الأستاذ التلمساني حيث يقول : " الإخوان أيقضوا الوعي الإسلامي في العالم كله .....وضعها على أكتاف رجال حملوها كابر عن كابر ".
وهكذا ، فإن جماعة الإخوان المسلمين ، شأنها في ذلك شأن أي هيئة سياسية ذات تمحور ديني ، تعتقد بـ" الربانية " في أعضائها و يقطع مرشدوها بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة و يتميز المتنفذون فيها و الأعضاء العاديون على السواء ـ في نظر أنفسهم ـ بالسمو و الإستعلاء على الغير ، وأنهم حاملو كلمة الله الذي تعهد لهم بحفظها ، فيكون من المستحيل و الأمر على ما شرحنا أن تؤمن بالحوار الديمقراطي أو الجدل بالتي هي أحسن ـ، لأن (الآخر) في نظرها ينطق عن الهوى و يرتع في الضلال و يتخبط في الظلام ، و يأمر بالمنكر و ينهي عن المعروف ، و ينقصه العقل ويفتقر إلى الخلق القويم و يحمل الإلحاد ويتمرغ في التحلل الذميم و يتسم بالإنسانية الخاسرة ، وكيف لا يكون كذلك وهو من " حزب الشيطان " و من كان هذا شأنه فأي حوار ينفع معه وأنى يكون السبيل إلى المجادلة ؟؟؟

إن مثل هذا ( الآخـر) لا دواء له إلا السيف ، ولذلك لم يكن من باب المصادفة أن يحمل شعار الإخوان المسلمين سيفين حول المصحف الشريف ، فهم المصحف ولمن عداهـم سيفان : الذي على اليمين لمخالفيه من المسلمين ممن لا يعتنقون أفكارهم و يؤمنون بمبادئهم ، و السيف الآخر ( الذي على الشمال ) لغير المسلمين ـ و هذه هي المهمة التي قام بها النظام الخاص المشهـور إعلاميا بـ " الجهاز السـري " كما تنطق بذلك صفحات حزينة من تاريخ مصر الحديث ، ثم أكملت المسيرة الدامية الجماعات الحديثة لأنها تعتنق ذات الفكر و تؤمن من أعماق نفوسها بـ " الإصطفائية " و " تملك الحقيقة المطلقة " و الثمرة لهذه الجذور هي : العـنـف .

حمـ 0418 ــزة
2009-04-13, 09:44
مشكور أخي منذ مدة و أنا أبحث على موضوع مثل هذا
هل تستيطيع ان تبعثه لي فى ملف

خوجة 22
2009-04-13, 09:59
لا نعرف أزمة طُرحت فيها مسألة العلاقة بين الدين والسلطة السياسية أو بين النخبة الدينية والأخرى السياسية إلا في عصر المأمون العباسي (198 - 218هـ). ففي عام 212هـ (كما يقول المؤرخ الطبري) أصدر المأمون منشورا أمر فيه بلعن معاوية على المنابر. وفي العام 218هـ طلب المأمون (وهو خارج العاصمة بغداد على الجبهة مع البيزنطيين) من واليه على بغداد أن يستدعي إليه علماء من بغداد حددهم بالاسم، ويسألهم عن عقيدتهم في القرآن.

ومع أن أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين، ما طلب من الوالي معاقبة أولئك الذين يقولون: إن القرآن غير مخلوق، فالواضح أنه كان يرى ممارسة أشكال مختلفة من الضغوط المعنوية والجسدية على الرافضين، حيث سجن بعضهم، وقُطعت مرتبات آخرين، وصمد في النهاية رجلان: أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح، اللذان أصرّا على أن "القرآن كلام الله غير مخلوق".

ولا ندري لماذا لم يُسجن الرجلان أو يُضربا، بل أُمر الوالي إسحاق بن إبراهيم بإرسالهم إلى معسكر الخليفة على الجبهة. ومات المأمون قبل أن يصلا، ثم مات محمد بن نوح خلال العودة إلى بغداد، وبقي أحمد بن حنبل ليعاني من السجن والضرب والتحقيقات المتكررة أيام الخليفتين المعتصم (218- 227هـ) والواثق (227- 232هـ). وفي العام 233هـ أمر الخليفة المتوكل (232- 247هـ) بإطلاق سراح ابن حنبل، وتحديد إقامته في منزله، ومنع وصول الناس إليه من غير أهل بيته حتى وفاته عام 241هـ.

الفصل بين الشأنين الديني والسياسي

وتشير المصادر الأخرى -غير الطبري- إلى أن (المحنة) - كما سمّوها - ما اقتصرت على بغداد، بل تناولت علماء بدمشق ومصر والمغرب. وكما لا ندري الأسباب الحقيقية لتصرف المأمون وخلفائه، كذلك لا ندري الفهم الحقيقي لأحمد بن حنبل لهذه المسألة وأبعادها. فالوارد في سيرته أنه كان يقول بالطاعة المطلقة للخليفة في الشأن السياسي، وتحريم الثورة عليه حتى لو أتى أمرا مخالفا للشريعة، لكنه كان يرفض أن تكون للخليفة كلمة أو صلاحيات في الشأن الديني، مع التزام أن تكون المقاومة باسم الدين سلمية، وعدم الرد بعنف على عنف السلطة.

ونعرف من كتاب للخلاّل -من الجيل الثاني لأتباع أحمد- عنوانه "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أن "أهل الحديث" هؤلاء كانوا يعتبرون أنفسهم بين "أولي الأمر" الذين أمر القرآن بطاعتهم (في الشأن الديني) إلى جانب "أولي الأمر" الذين أمر القرآن بطاعتهم (في الشأن السياسي).

ويبدو أن واقعة المأمون (التي لم تتكرر من بعدُ خلال التجربة التاريخية) أفْضت إلى فصل عملي بين الشريعة (والقائمين عليها) والسياسة (بما في ذلك الخلفاء والسلاطين فيما بعد). وهذا يعني انفراد العلماء بتحديد أمرين: العقيدة الصحيحة، واشتراع الأحكام استنادا إلى القرآن والسنة (والإجماع فيما بعد، أي إن إجماع "المجتهدين" يتحول إلى شرعٍ أيضا).

وما عنَتْ تلك "المصالحة" - أو ذلك "التوافق" - انتهاء النزاع بين السلطتين على حدود المجالين. فقد كان الفقهاء ينتهزون فرصة ضعف السلطة السياسية فينتزعون منها بعض المسائل التي يرون اصطباغها بصباغ ديني (مثل حقّ أخذ الزكاة لمن؟ ومثل القضاء في شأن المعارضين السياسيين، ومثل الحسْبة) أو تقوى السلطة السياسية فتنتزع من الفقهاء بعض المسائل (مثل قضاء المظالم أو التدخل في شئون المواريث أو نُصرة رأي فريق فقهي على آخر؛ لأن تلك الممارسة تلائم السلطان أكثر).

على أن ذلك لا يعني خروج السلطة من المجال الديني أو الإسلامي. ذلك أن مشروعيتها متعلقة به. ولذلك فقد ظل أمير المؤمنين يسمّي نفسه على النقود: خليفة الله، كما أن الماورديّ (الشافعي) وأبا يعلى (الحنبلي) يعرّفان الإمامة (=الخلافة) بأنها رئاسة عامة لخلافة النبوة في "حراسة الدين وسياسة الدنيا به". لكن يبدو أنه كان هناك اصطلاح على أن الفقهاء هم الذين يكون لهم أن يحددوا ما هو الدين، الذي تنبغي حراسته. ثم إن الدولة هي دولة الإسلام، ولذلك فحراسة الدين واجب عليها (من أجل شرعيتها) أكثر مما هو حق لها.

التداخل بين الشأنين الديني والسياسي

وعندنا وقائع من التاريخ الإسلامي الوسيط والمتأخر توضّح أبعاد ومفاهيم الطرفين المتنافسين على الدين بالدرجة الأولى، وشئون السلطة بالدرجة الثانية. فالإمرة في الشأن العام لرجالات السلطة، لكن الفقهاء ما لبثوا أن تدخلوا فقسّموا "السياسة" أي "تدبير الشأن العام بما يصلحه" إلى سياسة شرعية وأخرى غير شرعية. فإذا كان "صاحب الأمر" قد اصطنع قضاء المظالم وقضاء الحسبة لإيقاع عقوبات من دون العودة للقضاء سياسة (أي من أجل هيبة الدولة)، فإن تلك العقوبات ينبغي أن لا تتجاوز حدود الشريعة وأحكامها، وإلا صارت طاغوتا أو سياسة غير شرعية.

وقد بلغ من انزعاج المؤرخ المقريزي (845هـ) -وقد كان فقيها حنفيا- أن اتهم السلطات المملوكية باتباع "الياسا" المغولية، وليس الشريعة الإسلامية، لسواد ممارسات في أوساطهم اعتبرها الفقهاء "غير شرعية".

وفي العهد العثماني، وبالتحديد أيام السلطان سليمان القانوني (1522 - 1566م) عمد السلطان إلى الاشتراع في مسائل تنظيمية تتناول قضايا مالية وإدارية، لها أحكام شرعية أو أنها كانت في الأصل من صلاحيات القضاة وفتاوى الفقهاء، فسمّوا ذلك "قوانين" - مع أن السلطان، كما صار معروفا الآن من خلال الدراسات الجديدة، كان يستشير فيها شيخ الإسلام أبا السعود.

ولدينا في التجربة التاريخية أمثلة على أوضاع عكس ذلك، بمعنى أن الفقهاء هم الذين كانوا يرفضون التدخل في الشأن السياسي. فقد أرسل المملوكي المصري علي الكبير قائد جيشه محمد أبو الذهب لاحتلال دمشق عام 1774م وانتزاعها من العثمانيين. لكن بعد سنة أو أقل توفي علي الكبير بالقاهرة، واضطر أبو الذهب لمغادرة الشام، فأراد من العلماء أن يعينوا أحدهم واليا أو حاكما لدمشق يُبقي معه حامية، لكنهم أصروا على أن لا شأن لهم بالأمر السياسي الذي هو من صلاحية السلطان أو نائبه. والأمر نفسه حدث مع نابليون، الذي أراد إعطاء بعض السلطات للعلماء والقضاة تخلّصا من المماليك والعثمانيين على حد سواء. فاعترض القاضي العرشي بأن العلماء قوم مساكين يحتاجون للإحسان، ولا يستطيعون أن يلوا السلطة. ولا يرجع ذلك، كما قد يبدو للوهلة الأولى، إلى أن هؤلاء ما كانوا يرون أن سلطة أبو الذهب أو نابليون، غير شرعية؛ فقد رضوا أن يلوا القضاء منهما، كما رضي بعضهم المشاركة في إدارة الشئون المالية والتنظيمية لمدينة القاهرة أيام نابليون.

وقد اختلف هذا كلّه الآن، بل ومنذ عهد التنظيمات العثمانية أواسط القرن التاسع عشر، أما في عهد التنظيمات، فلظهور أفكار جديدة تقول بالمواطنة، ولا تميز بين "أهل المراتب السلطانية" و"أهل المراتب الدينية" أو بين أرباب السيوف، وأرباب الأقلام. واعتبر العلماء الإصلاحيون أنفسهم مشاركين في تجديد الأمر الديني، والآخر السياسي.

ومشروعات وكتابات الإصلاحيين تدل - مع بقاء التمييز بين الديني والسياسي- على أنهم كانوا يرون أن من حقهم التدخل في الشأن السياسي وليس العكس، بحجة أن السياسيين لا يعرفون في الدين.

وأما في عصر الإحيائية الإسلامية (بعد ثلاثينيات القرن العشرين) فإن الإسلاميين الأصوليين صاروا يرون أن من حقهم - وحدهم - تولي أمور الشأن العام، لعدم التمييز لديهم بين الديني والسياسي. ولإيمانهم بأن "هذا الأمر لا يصلح آخره إلا بما صلُح به أوله"، وأوله (أيام النبي والصحابة) - من وجهة نظرهم - ما كان هناك تمييز بين الشأنين، بل كان الدين هو الذي يسود في إدارة الشأن العام. ويسود منذ عقود وعي عام يقول: إن الإسلام دين ودولة منذ كان، وإنه لا خلاص بالتالي إلا بإقامة الدولة التي تطبّق الشريعة.

سعدالله محمد
2009-04-13, 13:25
جزاك الله خيرا أخي الخوجة على الموضوع المفيد ..
وان كان برأيي مركّز بطريقة تجعلنا نكرّر قرائته أكثر من مرة ..

أما عن التقرير التاريخي حول الحركة الاسلامية في الجزائر فانني أأكّد على أن هناك من صرّح بأن أحداث أكتوبر ، وما تلاها من تقرير للتعددية الحزبية ، ومن سماح للاسلاميين بالترشح الانتخابي ، كان بتدبير الأجهزة الأمنية في البلاد ، وذلك بسبب الصحوة الاسلامية المثيرة للقلق في الجزائر ، فرأو أن تمكين الاسلاميين ثم اقصائهم ، ثم التغلغل المخابراتي في الجماعات المسلحة ، هي أنجع طريقة للخلاص من هذه الصحوة ، وقد نالوا فعلا ما أرادو ، فالصحوة ماتت ، والناس ليسوا مستعدين لاعادة تجربة الاسلام السياسي ، خوفا من نفس العواقب ولذا نجد التيار السلفي العلمي يعرف انتعاشا ملحوضا في صفوفه ، لأنهم صاروا متيقنين من عدم جدوى مواجهة الأنظمة . وان كانوا يبرّرون توجههم بمبررات شرعية ..

yahia960
2009-04-13, 14:33
وهل حقيقة ان المتسببين في احداث اكتوبر1988 هم كما تقول الاسلاميين السياسيين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا تبنى احداث اكتوبر كبار المسؤولين فيما بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا سمي ضحايا الاحداث مجاهدي الديمقراطية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لماذا ولماذا ولماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

التزوير التاريخي للوقائع اخل بكل شيء لكن سياتي الفجر لا محالة

خوجة 22
2009-04-13, 16:15
وهل حقيقة ان المتسببين في احداث اكتوبر1988 هم كما تقول الاسلاميين السياسيين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا تبنى احداث اكتوبر كبار المسؤولين فيما بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لماذا سمي ضحايا الاحداث مجاهدي الديمقراطية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لماذا ولماذا ولماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

التزوير التاريخي للوقائع اخل بكل شيء لكن سياتي الفجر لا محالة

السلام .

أحداث أكتوبر 88 عفوية أو مدبرة فأنا لم أقل بأن الحركة الإسلامية هي التي إفتعلتها .فأحداث أكتوبر ترامت فيها الحركة الإسلامية كما ترامت فيها السلطة بدلوها و هذا لإخمادها . و نستنتج أن الناس يستعملون الدين الإسلامي لأغراض سياسية مألها الفشل و عدم النجاح.

خوجة 22
2009-04-15, 11:23
الأول : الاتجاه المتشدد بزعامة أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني ، ويذهب إلى القول "إن الصلاة على أرض مؤممة محرمة شرعا" .
و الله هكذا بدأت الخرافات الإسلاموية........................

سعدالله محمد
2009-04-15, 13:20
الأول : الاتجاه المتشدد بزعامة أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني ، ويذهب إلى القول "إن الصلاة على أرض مؤممة محرمة شرعا" .
و الله هكذا بدأت الخرافات الإسلاموية........................

دائما هي نفس الحكاية ....

طرف واحد يقص مايشاء والطرف الاسلامي مغيب ممنوع من الدفاع عن نفسه وابداء وجهة نظره ...

لو تفتح ملفات هذا البلد يوما يا أخ خوجة .... لن يبقى للناعقين وراء السلطة من وجه ..

خوجة 22
2009-04-15, 14:22
دائما هي نفس الحكاية ....

طرف واحد يقص مايشاء والطرف الاسلامي مغيب ممنوع من الدفاع عن نفسه وابداء وجهة نظره ...

لو تفتح ملفات هذا البلد يوما يا أخ خوجة .... لن يبقى للناعقين وراء السلطة من وجه ..

- السلام .

أما الناقعين مع الحركة الإسلامية الدموية فتبقى وجوههم

محمد 13
2009-04-15, 16:24
متى و كيف حسب رأيك أيها الأخ المحترم و السياسي المحنك يُمكـّن لهذا الدين ، و ما الذي يمنع السلطة الحالية من تطبيق شرع الله .

موضوعك أعجبني و لكنك لم تحفظ الأمانة و توقعه باسم كاتبه الأصلي و هذا من باب الأمانة