المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : // فقه البيوع والمعاملات //


Mourad khan
2012-12-10, 10:34
للتثبيت / لتعم الفائدة


البيوع المحرمة شرعاً


سنتناول البيوع المحرمة ، التي حرمها الشارع ، ومنع منها ، إما لإضرارها بالعباد ، أو لأن فيها أذى وضرراً للإنسان ، أو لأنها من الخبائث والمستقذرات التي حرمها الله ، أو لغير هذه الأسباب ، وذلك ليكون المسلم على بصيرة من أمر دينه ، ويعرف الحلال من الحرام ، ويميز بين الخبيث والطيب ، فيسعد في دنياه وأخراه .

والبيوع الفاسدة كلها محرمة ، يجب اجتنابها ، لأنها من أكل أموال الناس بالباطل ، وهي أنواع عديدة ، وسوف نفصلها لاحقاً ونذكرها فيما يلي :
1 – بيع الأشياء النجسة والمحرمة .
2 – بيع الأجنة في بطون البهائم .
3 – البيع بشرط فاسد .
4 – بيع ما ليس عند الإنسان .
5 – بيع الشيء المشترى قبل قبضه .
6 – النهي عن بيع الثمر قبل ظهوره .
7 – تحريم بيع العربون .
8 – تحريم بيعتين في بيعة .
9 – بيع العنب لمن يتخذه خمراً .
10- تحريم بيع العينة .
11- حرمة بيع الحُر .
12- البيع والشراء في المسجد .
13- بيع التماثيل المجسمة .
14- تحريم النجش .
15- السوم على سوم الغير .
16- بيع الكلب واقتناؤه .
17- النهي عن بيع المصراة .
18- النهي عن بيع الحاضر للبادي .
19- النهي عن بيع الرطب بالتمر .
20- النهي عن بيع وسلف .
21- بيع الوفاء .

-------------------

بيع الأشياء النجسة والمحرمة


من البيوع المحرمة التي لا يجوز بيعها : بيع النجس أو المتنجس من الأشياء ، كالخمر ، والخنزير ، والدم ، والميتة ، والأرواث ، والأزبال النجسة ، ذلك لأن من شروط صحة البيع ، أن يكون المبيع "طاهر العين" غير محرم .

أما الخمر والخنزير والدم ، فلقول الله عز وجل ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية . .) سورة المائدة الآية 3 .
ولقول الله عز وجل في الخمر : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه لعلكم تفلحون) سورة المائدة الآية 90 .
والرجس في اللغة : القذر والنجس ، فالخمر محرمة ، يحرم بيعها بنص الكتاب العزيز .
كما وضح هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم تحريمها ، بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :
(إن الله حرم بيع الخمر ، والميتة ، والخنزير ، والأصناع ، فقيل يا رسول الله : أرأيت شحوم الميتة؟ فإنها يُطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس!؟ فقال : لا ، هو حرام.

ثم قال صلى الله عليه وسلم عند ذلك : قاتل الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم ، فجملوها – أي أذابوها – فباعوها ، وأكلوا أثمانها) أخرجه البخاري رقم 2236 باب بيع الميتة والأصناع ، ومسلم رقم 71 في كتاب المساقاة .
وقال البخاري : قاتلهم الله : أي لعنهم ، وقتل : لعن .

وأخرج البخاري "باب تحريم التجارة في الخمر" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (لما نزلت آيات سورة البقرة عن آخرها ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حرمت التجارة في الخمر) أخرجه البخاري رقم 2226 .
وروى أحمد والطبراني من حديث تميم الداري مرفوعاً : (إن الخمر حرام شراؤها وثمنها) فتح الباري على شرح صحيح البخاري 4/478 .

ومثل الخمر في النجاسة وحرمة البيع : أنواع المخدرات ، من الأفيون ، والحشيش ، والهيروين ، وسائر هذه الخبائث من التبغ الذي ثبت مضرته طبياً والله حرم كل ما له ضرر بالصحة والمال ويتبع ذلك مستلزمات تلك الأشياء المحرمة من أدوات الخمر والتدخين فالإتجار بها غير جائز شرعاً وخصوصاً لو ثبت أنها لم تصنع إلا لأجلها أو محصورة الإستخدام لها فقط منها : الغلايين والنرجيلة والشيش ومكائن لف ورق التبغ وورق التبغ وولاعات السجائر وعلب السجائر .
.
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر ، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بائع الخمر ، وشاربها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه) أخرجه الترمذي رقم 1295 وابن ماجه رقم 3381 باب لُعنت الخمرة على عشرة أوجه . واللعن : دليل أشد أنواع الحرمة .

وأباح بعض الفقهاء ، بيع ما فيه منفعة تحل شرعاً ، ويستفاد منها ، كبيع الأرواث والأزبال النجسة ، التي يحتاج إليها اصحاب البساتين للسماد .
واستدلوا بما روى ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشأة ميتة ، فقال : هلا استمتعتم بإهابها؟ -أي هلا انتفعتم بجلدها؟ لأن الجلد يطهر بالدباغة – قالوا يا رسول الله : إنها ميتة!! قال : إنما حرم أكلها) أخرجه البخاري رقم 2221 باب جلود الميتة قبل أن تدبغ .

فقد دل الحديث على جواز الانتفاع بها في غير الأكل ، فيستفاد من جلدها ، وما دام الانتفاع جائزاً بها في غير الأكل ، فكذلك يجوز الانتفاع بالأرواث والأزبال وبيعها ، لتكون سماداً للأرض .

-------------------------


البيع بشرط فاسد


من البيوع الفاسدة التي حرمها الإسلام "البيع بشرط لا يقتضيه العقد" فإذا شرط البائع شرطاً لا يقتضيه العقد ، فالبيع فاسد ، كمن يقول لآخر : أبيعك هذه الدار ، بشرط أن تبيعني فرسك ، أو بعتك هذا البستان ، بشرط ألا تبيعه لأحد ، فإن هذا ينافي العقد ، لأن "عقد البيع" يقتضي أ، للمشتري الحق في التصرف بملكه ، وهذا الشرط يمنعه من التصرف ، فهو عقد فاسد ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "نهى عن بيع وشرط" أخرجه النسائي في البيوع 71 ومالك في الموطأ 69 من كتاب البيوع .
فالأصل في البيع أن يكون مطلقاً ، غير مقيد بقيد ولا شرط ، فإذا شرط البائع شرطاً ينافي العقد ، فإن العقد يعتبر فاسداً .
وهناك عقود لا يضر فيها الشرط ، لأنها لا تنافيه ، ولا تؤثر على صحته .


أنواع الشروط


وقد فصل لنا الفقهاء رضوان الله عليهم الشروط ، وبينوا الصحيح منها من الفاسد ، فمنها ما يفسد البيع ، ومنها ما يصح معه البيع ويبطل الشرط ، ومنها ما لا يؤثر في البيع إطلاقاً ، لأنها شروط لا تنافي العقد ، وهي على أنواع أربعة :

الأول : شرط يقتضيه العقد ويستلزمه ، كما إذا اشترط المشتري على البائع أن يسلمه الدار ، عند دفع كامل الثمن ، فإن هذا الشرط لا يؤثر ، لأنه من ضرورات العقد .

الثاني : شرط أباحه الشرع وقرره ، وهو "خيار الشرط" وذلك مثل أن يقول المشتري للبائع : أشتريت منك هذه الدار بكذا ، على أن لي الخيار ثلاثة أيام ، وكذلك إذا قال البائع : بعتك هذه الدار على أن لي الخيار ، فهذا كله جائز ، سواءً كان الشرط من البائع أو المشتري ، فإما أن يُمضي العقد ، أو يفسخه في مدة الشرط .

والأصل في جواز هذا الشرط ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ ، وكان يُخدع في البياعات : "إذا ابتعت فقل : لا خلابة – أي لا غش ولا غدر – ولي الخيار ثلاثة أيام" أخرجه مسلم رقم 1544 بلفظ "إذا بايعت فقل لا خلابة" .

الثالث : شرط فيه مصلحة زائدة : كما إذا اشترى شاة بشرط أنها حامل ، فهذا الشرط لا يفسد العقد ، لأن فيه منفعة ترغب في شرائها ، وكذلك إذا اشترى داراً ، بشرط أن تكون غير مرهونة ، فإنه شرط جائز لا يفسد العقد ، لأنه الأصل في التعامل ، أن تكون الدار خالية من الرهن ، أو من المستأجر ، ليمكن تسليمها إلى المشتري .


الشرط المفسدة للعقد


الرابع : شرط لا يقتضيه العقد وينافيه : كما إذا قال البائع : بعتك الدار بشرط ألا تبيعها ، فإن هذا ينافي العقد ويخالفه ، لأن العقد يقتضي أن للمشتري الحق في التصرف بملكه ، فإذا شرط عليه ما يخالف حقه ، فهو عقد فاسد .
وهذا هو المراد من الحديث النبوي الشريف ، الذي رواه النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط" أخرجه النسائي 7/300 ومالك في الموطأ 69 .

وذهب بعض الفقهاء إلى أن الشرط باطل ، والعقد صحيح ، واستدلوا بقصة بريرة التي رواها البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت :
"جاءتني بريرة فقالت : كاتبت على تسع أواق ، في كل عام أوقية ، فأعينيني ، فقلت : إن أحب أهلك أن أعدها لهم – أي أدفعها لهم كلها كاملة – ويكون ولاؤك لي فعلت ، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ، فأبوا ذلك عليها ، فجاءت من عندهم ورسول اله صلى الله عليه وسلم جالس ، فقالت : إني قد عرضت ذلك عليهم ، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم .
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم الخبر ، فقال : خذيها واشترطي لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق!! ففعلت عائشة ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
"أما بعد ، ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ، ما كان من شرط ليس في كتاب الله – يعني يخالف الشرع – فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق" أخرجه البخاري رقم 2168 باب "إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل" ومسلم رقم 5 كتاب العتق قال ابن حجر 4/440 : وصنيع البخاري في الترجمة "شروطاً لا تحل" كأن غرضه بذلك أن النهي يقتضي الفساد ، فيصح ما ذهب إليه من أن النهي عن تلقي الركبان ، يرد به البيع .

ومعنى الولاء : أن يكون إرث الأمة بعد وفاتها لمن اعتقها .
وفي رواية أخرى : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : "اشتريها فأعتقيها ، وليشترطوا ما شاءوا ، فاشترتها عائشة فأعتقتها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن أعتق ، وإن اشترطوا مائة شرط" أخرجه الترمذي رقم 1256 وقال : حديث حسن صحيح وأورده مسلم في كتاب العتق رقم 1504 .

-------------------------

بيع ما ليس عند الإنسان

ومن البيوع المحرمة : بيع ما لا يملكه الإنسان وما ليس عند الإنسان ، لأن ما لا يملكه الإنسان في حكم المعدوم ، والمعدوم لا يجوز بيعه ، لعدم القدرة على تسليمه ، وما ليس عند الإنسان حكمه حكم المعدوم أيضاً لا يحل بيعه ، لحديث حكيم بن حزام قال : "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي" أخرجه أبو داود رقم 3503 والترمذي رقم 1232 .

وفي رواية أخرى : عن حكيم بن حزام قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول الله : يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي!! فأبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال : "لا تبع ما ليس عندك" أخرجه الترمذي رقم 1233 وقال :حديث حسن .

ويدخل في هذا البيع المحرم ، بيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ، لعدم القدرة على تسليمه ، أما إذا صاده ثم باعه ، فإن ذلك جائز ، لأنه صار في حوزته .
ومما يدل على تحريم بيع السمك في الماء ، ما روي عن ابن مسعود : "لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر" هذا موقوف على ابن مسعود ، وروي مرفوعاً .

كما روي النهي عن "ضربة الغائص" وهي : أن يبيع الغواص لإنسان ، ما يستخرجه في غوصه في البحر من لآلئ ، فيقول له : ما أخرجته في هذه المرة ، فهو لك بكذا من الثمن ، فإن مثل هذا العقد لا يجوز ، وهو كله فاسد ، لأن فيه تغريراً بالمشتري ، فقد لا يخرج شيء معه ، ويقع النزاع والخصام بين المشتري والبائع ، فقطعاً لدابر الفتنة والتغرير ، حرم الشارع مثل هذه الأشياء .

-------------------

بيع الشيء المشترى قبل قبضه

وكذلك حرم الشارع بيع الشيء قبل قبضه ، فلا يصح لمسلم اشترى شيئاً أن يبيعه قبل قبضه ، إذ يحتمل فقدانه ، أو سرقته ، أو هلاكه عند البائع فيكون قد غرر بالمشتري ، وبيع الغرر غير جائز ، لحديث ابن عباس : "نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يباع الطعام حتى يقبض ، قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله" أخرجه البخاري رقم 2135 وفي رواية أخرى "من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه" أخرجه البخاري .
فإذا اشترى إنسان شيئاً ولم يستلمه ، ثم باعه لآخر ، فإن هذا البيع فاسد وغير صحيح ، لحديث : " نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع ، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" أخرجه أبو داود رقم 3499 في البيوع .
أي حتى يتملكوها وتصبح تحت أيديهم وتصرفهم ، وفي رواية لمسلم : "من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ويقبضه" أخرجه مسلم رقم 1526 باب بطلان المبيع قبل القبض .

----------------------

تحريم بيع العربون


ومن البيوع المحرمة " بيع العربون " وصورته: أن يشتري شيئاً ثم يدفع جزءاً من الثمن، كعربون إلى البائع، فإن أمضى البيع دفع بقية الثمن، وإن رد المبيع كان هذا " العربون " من حق البائع، لا يرده للمشتري. وإنما كان هذا البيع محرما، لأن البائع اشترط أن يأخذ هذا العربون لنفسه، إن رفض المشتري العقد، فيكون هذا الشرط مفسدا للبيع، لأنه أخده دون عوضن وهو من أكل أموال الناس بالباطل. والدليل على تحريمه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : " نهى عن بيع العربون " أخرجه ابن ماجه رقم 2192 وأبو داود رقم 3509. وفي رواية النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى عن بيع العربان " ومعناهما واحد، يقال: عربان ، وعربون. وهذا مذهب جمهور الفقهاء، قالوا : لا يصح هذا البيع، لأنه من أكل أموال الناس بغير حق، وهو عقد فاسد، وإذا كان العقد فاسدا وجب رد العربون لصاحبه، وإذا لم يشترط هذا الشرط، ودفع له مبلغا مقدما فالمشتري ملزم بالصفقة، وعليه أن يدفع بقية الثمن، وهو بالخيار أن يبيعه لمن شاء، لأن البيع قد تم ولزم. وروي عن أحمد أنه قال: لا بأس به ، لأنه ترك ما دفعه إليه برضاه، واحتج بأن ابن عمر أجازه.
قال الشوكاني: والأولى ما ذهب إليه الجمهور، لأن حديث النهي يتضمن الحظر، وهو أرجح من الإباحة كما تقرر في الأصول – والعلة في النهي اشتماله على شرطين فاسدين نيل الأوطار للشوكاني 5/637 :
أحدهما : شرط كون ما دفعه إليه يكون مجانا إن اختار ترك السلعة .
الثاني: شرط الرد على البائع إذا لم يقع من المشتري الرضا بالبيع.
أقولك رأي الجمهور هو الأرجح والأصح، لأن البائع يأخذ المال دون مقابل ودون عوض، وقد يكون العربون كبيرا ، كما إذا دفع نصف قيمة الدار /500/ خمسمائة ألف درهم كعربون، فهذا ظلم صارخ أن يأخذه البائع دون حق.
قال في المغني: والعربون أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما أو غيره، علة أنه إن أخذ السلعة، احتسب الدرهم من الثمن، وإن لم يأخذها فذلك للبائع... قال أحمد : لا بأس به، وفعله عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر أنه أجازه، وقال ابن سيرين لا بأس به.
واختار أو الخطان أنه لا يصح، وهو قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع العربون " رواه ابن ماجه، ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض لم يصح، ولأن بمنزلة الخيار المجهول فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهما ، وهذا هو القياس، فأما إن دفع إليه قبل البيع درهما وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها منك فهذا الدرهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ، وحسب الدرهم من الثمن صح، لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، وإن لم يشتر السعلة في هذه الصورة، لم يستحق البائع الدرهم، لأنه يأخذه بغير عوضن لصاحبه الرجوع فيه المغني لابن قدامة الحنبلي 6/331.

-----------------------

بيع التماثيل المجسمة

ومن البيوع المحرمة : بيع التماثيل المجسمة ، إذا كانت لذي روح ، من إنسان أو حيوان ، فالإسلام دين التوحيد ، وقد جاء بتحطيم الأوثان والأصنام ، ومنع من اقتنائها ، حماية لعقيدة التوحيد ، وكل ما يحرم اقتناؤه يحرم بيعه ، لحديث الترمذي "إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل أو صورة" .

روى البخاري عن سعيد بن أبي الحسن قال : "كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما ، إذ أتاه رجل فقال : يا أبا العباس ، إني إنسان إنما معيشتي من صنع يدي ، وإني أصنع هذه التصاوير ، فقال ابن عباس : لا أحدثك إلا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : "من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبداً – أي لا يستطيع إحياءها أبداً – فربا الرجل – أي انتفخ – روة شديدة ، واصفر وجهه ، فقال له ابن عباس : ويحك إن أبيت إلا أن تصنع ، فعليك بهذا الشجر ، وكل شيء ليس فيه روح" أخرجه البخاري رقم 2225 باب بيع التصاوير .

وظاهر النص أن الحرمة إنما هي في صنع ما كان باليد لذي روح ، وأما التصوير بالآلة ، ففيه خلاف بين الفقهاء .

------------------

تحريم النجش

ومما نهى عنه الإسلام ، وحذر منه "النجش" بفتح النون وسكون الجيم ، وهو : الزيادة في السعر ، مع عدم الرغبة في شراء السلعة ، وذلك ليخذع ويغر الآخرين ، فهذا فيه إضرار وإيذاء ، وخداع للمشترين .

روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش" أخرجه البخاري رقم 2144 ومسلم رقم 1516 .

قال البخاري قال ابن أبي أوفى : "الناجش آكل ربا ، خائن ، وهو خداع باطل لا يحل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الخديعة في النار" فتح البراي على شرح صحيح البخاري 4/416 .

قال الشافعي رحمه الله : النجش : أن يحضر شخص السلعة وهي تباع ، فيدفع بها ثمناً ، وهو لا يريد شراءها ، ليقتدي به الناس ، فيعطون بها أكثر مما كانوا يدفعون ، ويقع ذلك غالباً بتواطؤ مع البائع ، فيشتركان في الإثم .

وقد أجمع العلماء على تحريم فعل هذا ، لأنه تغرير بالناس ، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه ، ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : "لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخواناً . ." أخرجه مسلم رقم 1515 في البيوع ، والترمذي رقم 1304 .

وإذا كان هذا العمل بتواطؤ مع البائع ، اشتركا في الإثم ، وإلا كان الإثم على الناجش قط ، لأنه غرر بالآخرين ، وأضر بهم ، وقد فشا مثل هذا الصنيع في هذا الزمان عند بعض المتبايعين ، لا سيما بين اصحاب الدور والسيارات ، يخدعون الناس ، ولا يتقون الله .

حكم البيع : وحكم هذا البيع عند الجمهور ، أنه بيع صحيح وهذا العمل حرام لأنه نوع من الخداع ، ولكنه لا يبطل البيع ، وليس للمشتري حق في رد السلعة ، أو الدار ، إذا علم بالأمر بعد ذلك ، لأنه ينبغي أن يكون حذراً يقظاً ، متبصراً بأمره ، حتى لا يخدع ، كما قال الفاروق رضي الله عنه : "لست بالخب ولا الخب يخدعني" .

وقال فقهاءالحنابلة : للمشتري الخيار في هذا البيع ، سواء تواطأ الناجش مع البائع ، أو لم يتواطأ ، بشرط أن يكون قد اشتراها بغبن زائد على العادة ، فيخير بين رد المبيع ، أو إمساكه . المغني لابن قدامة الحنبلي 6/305 .

ومثل النجش ، أن يقول البائع للمشتري : قد أعطيت في هذه السلعة كذا ، ثم يتضح كذب البائع ، فللمشتري – عند السادة الحنابلة – الخيار في الرد أو الإمساك ، لأنه غرر به وخدعه ، فيدخل هذا في بيع الغرر .

--------------------

السوم على سوم الغير

ومن البيوع التي نهى عنها الإسلام ، أن يسوم الرجل على سوم أخيه ، وصورته أن يتفق البائع مع المشتري ، على بيع شيء بثمن معين ، وقبل أن تجري صيغة العقد بيهما ، يدخل شخص آخر فيقول : أنا أشترية بأكثر من هذا الثمن ، فهذا العمل حرام ، يولد العداوة والبغضاء بين الناس ، ويقضي على روابط المحبة والأخوة بينهم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يبيع بعضكم على بيع بعض ، ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض ، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه" أخرجه الترمذي رقم 1292 وأخرجه البخاري رقم 2140 بدون لفظ السوم على سوم أخيه ، ولكن ترجم له "باب لا يبيع على بيه أخيه ، ولا يسوم على سوم أخيه ، حتى ياذن له أو يترك" .

قال ابن قدامة : وقوله عليه الصلاة والسلام : "لا يبع بعضكم على بيع بعض" معناه : أن الرجلين إذا تبايعا ، فجاء آخر إلى المشتري في مدة الخيار ، فقال له : "أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأقل من هذا الثمن ، أو أبيعك خيراً منها بثمنها أو دونه ، أو عرض عليه سلعة رغب فيها المشتري ، ففسخ البيع واشترى هذه ، فهذا غير جائز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما فيه من الغضرار بالمسلم ، والإفساد عليه ، وكذلك إن اشترى على شراء أخيه ، وهو أن يجيء إلى البائع ، قبل لزوم العقد ، فيدفع في المبيع أكثر من الثمن الذي اشتري به ، فهو محرم ايضاً ، ولأن الشراء يُسمى بيعاً ، فيدخل في النهي ، فإن خالف وعقد فالبيع باطل ، لأن النهي يقتضي الفساد" المغني لابن قُدامة 6/306 .

---------------------

حكم شراء المسروق والمغصوب


يحرم على المسلم أن يشتري شيئاً مسروقاً ، إذا علم به ، لأن فيه إعانة على المعصية ، ومشاركة في الظلم والعدوان ، ولأن الأخذ بطريق السرقة ، لا ينقل الملكية من يد صاحبها "المالك" فيكون شراؤه لها شراء من شخص لا يملكه ، وهو غير جائز ، ومال المسلم له حرمة ، لا يجوز إهدارها كما بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : "كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه" أخرجه مسلم رقم 2564 في البر ، وهو طرف من حديث طويل . وفي الحديث الشريف : "من اشترى سرقة ، وهو يعلم أنها سرقة ، فقد اشترك في إثمها وعارها" انظر جمع الفوائد .

وكذلك حكم المغصوب ، يحرم شراؤه من الغاصب ، لأنه مأخوذ بالظلم والعدوان ، فلا يجوز أن نعينه على الظلم ، بشرءا هذا الشيء المغصوب منه ، وقد قال تعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) سورة المائدة الآية 2 .
وقد قال صلى الله علسه وسلم : "كل لحم نبت من السحت – أي الحرام – فالنار أولى به" أخرجه الترمذي .

فتنبه أخي المسلم ، فإن الأمر خطير ، والظلم ظلمات يوم القيامة (يوم لا ينفع مال ولا بنون*إلا من أتى الله بقلب سليم*) سورة الشعراء الآيتان 88-89 .

--------------------

حكم البيع بالمزايدة


البيع بالمزايدة جائز في الشريعة الإسلامية ، وقد فعله صلى الله عليه وسلم ، وصورته أن تُعرض سلعة من السلع ، ويجتمع الناس ويزيد بعضهم على بعض فيها ، حتى تستقر على واحد منهم ، ويحكم ببيعها له ، ويتم البيع .
قال عطاء : أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد . صحيح البخاري 4/415 باب بيع المزايدة ، وذكر الأثر عن عطاء .
وقال مجاهد : لا بأس ببيع من يزيد .
وروى الترمذي عن أنس بن مالك "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلساً – هو ما يوضع فوق ظهر الدابة – وفدحاً ، وقال : من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل : أخذتهما بدرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين ، فباعهما منه" أخرجه الترمذي رقم 1218 وقال : حديث حسن .
فدل هذا الحديث على جواز البيع بالمزايدة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، من يزيد؟ فباعه لمن زاد في الثمن .

---------------

حكم البيع بالغبن الفاحش


البيع مشروع لتبادل المنافع ، وليربح الناس بعضهم من بعض ، والشارع لم يمنع من الربح ، ولم ينه عنه في البيع والشراء ، ولم يحدد له قدراً ، إنما نهى عن الغش والتدليس على الناس ، ومدح السلعة بما ليس فيها ، وإخفاء ما فيها من عيب ، وأمثال ذلك . ولكن إذا حدث الغبن في البيع بدون غش ولا تدليس ، فما هو حكمه؟

جمهور الفقهاء يرون أنه لا يُرد المبيع بالغبن الفاحش ، ولو كان كثيراً ، لأن الإنسان يُطلب منه أن يكون حذراً يقظاً ، لا يدفع في سلعة أو بضاعة اضعاف قيمتها ، ولا يكون مغفلاً يخدعه الناس ، فإذا اشترى شيئاً ولو بزيادة في السعر ، لزمه البيع .
والمشهور عند المالكية أن المبيع لا يرد بالغبن إلا في أمور :

الأول : أن يكون البائع أو المشتري بالغبن الفاحش ، وكيلاً أو وصياً عن صغير ، فيرد البيع صيانة لحقوق الناس واليتامي .

الثاني : أن يفوض المشتري الأمر إلى البائع ، فيقول له : بعني بالسعر الذي تبيعه للناس ، فإذا ظهر الغبن فله الرد .

الثالث : أن يستأمن أحد المتبايعين الآخر ، فيقول له : أنا لا أعرف السعر ، فكم تساوي قيمتها في السوق؟ فإذا أخبره بزيادة أو بنقص ، كان له الحق في الرد أيضاً .


ما هو مقدار الغبن الفاحش


وقد اختلف الفقهاء في تقدير الغبن الفاحش على أقول :
1 – فقيل : الغبن الفاحش أن تباع السلعة بزيادة الثلث على القيمة ، فيكون ذلك ربحاً فاحشاً .
2 – وقيل : الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقدير المقدرين ، من أهل الصنعة والخبرة ، فإذا قدره بعضهم مثلاً بثلاثمائة ، وبعضهم بأربعمائة ، وقدره البعض بخمسمائة ، ولم يقدره أحد من أهل الخبرة بأكثر من ذلك ، فيكون إذا زاد على ذلك التقدير ، غبناً فاحشاً ، وهو الأظهر والأرجح .
3 – وافتى بعض أئمة المالكية ، بأن المبيع إذا زاد على الثلث ، فسخ البيع ، بشرط أن يكون البائع علاماً بالغبن ، لأنه يكون مغرراً في هذه الحالة للمشتري .

والجمهور على أنه لا يرد المبيع بالغبن ، ولو كان فاحشاً ، إلا إذا اشترط عليه المشتري بقوله : لا خلابة أي لا خديعة ، كما ورد به الحديث الشريف .

------------------



بيع المرابحة ، والوضيعة ، والتولية

يقسم البيع بحسب الثمن إلى أنواع أربعة :
1 – المرابحة : هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة ، مع إضافة ربح معين على رأس المال ، سُمي "مرابحة" لأن فيها ربحاً زائداً على رأس المال .

2 – التولية : هي البيع برأس المال ، دون زيادة ولا خسارة ، مثل إذا اشترى أرضاً بعشرة آلاف ، ثم باعها بالسعر الذي اشتراها به ، سمي "تولية" لأنه جعل غيره والياً مكانه ، فباعها بسعر التكلفة .

3 – الوضيعة : هي أن يبيع السلعة بثمن أقل من رأس الال ، أي بخسارة خشية الكساد ، أو لحاجته إلى المال ، كمن اشترى سلعة بخمسة وباعها بأربعة ، لأنه باعها بأنقص مما اشتراها به ، ولذلك سمي "وضيعة" .

4 – المساومة : هي البيع بطريق التفاوض ، والتساوم على مبلغ يرضى به الطرفان ، وه أكثر تعامل الناس ، وهو الأصل في البيوع .

وجميع هذه البيوع جائزة ، أباحها الله عز وجل للناس ، لأنها من نوع التجارة التي أذن الله بها (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
ويشترط في جميع هذه الأنواع من البيوع ، سواء كانت "بالمرابحة ، أو بالتولية ، أو بالوضيعة" أن يكون البائع أميناً ، صادقاً في قوله ، فإذا ظهر كذبه في بيان الثمن ، فللمشتري الحق في رد البضاعة ، وفسخ العقد ، لأن ذلك يعتبر خيانة ، حيث غرر المشتري وخدعه ، بإخباره بغير الثمن الحقيقي الذي اشتراها به ، فله الحق في فسخ البيع ، ورده إلى صاحبه ، أما في بيع المساومة ، فيجوز البيع على ما اتفقا عليه ، مع مراعاة ألا يكون الربح فاحشاً ، لأن المسلم أخ المسلم ، عليه أن يحب له ما يحبه لنفسه .

Mourad khan
2012-12-10, 10:35
بيع المال بالمال وهو الصرف



الثاني : بيع الثمن بالثمن ، والمال بالمال ، وهو المسمى عند الفقهاء بـ "الصرف" كبيع الفضة بالذهب ، والدراهم بالدنانير ، والجنيهات بالدولارات ، والعملة السورية بالعملة المصرية أو التركية ، فإن المبيع والمشترى كل منهما ثمن ، وليس في هذا البيع سلعة ولا متاع .
وهو جائز أيضاً باتفاق الفقهاء ، لحاجة الناس إليه عند التبايع والتبادل ، ويسمى في الفقه (صرفاً) والبائع الذي يبيع هذه الأثمان يسمى (صرافاً) وله بحث خاص ، وأحكام خاصة .

Mourad khan
2012-12-10, 10:36
بيع المقايضة


هو بيع السلعة بالسلعة ، وبيع العين بالعين ، مثل بيع القمح بالزبيب ، والتمر بالشعير ، والزيت بالسمن ، وكبيع الفرس بالدار ، والثوب بالشاة ، والسمن بالعسل ، وأمثال ذلك .
وهذا هو الغالب في التعامل عند الأولين ، بسبب قلة الدراهم والدنانير في زمانهم ، فكانوا يتبايعون بتبادل السلع بينهم ، بهذه الطريقة ، وسمي هذا النوع بـ "بيع المقايضة" أي المبادلة ، لأنه بيع ليس فيه مال ولا دراهم ، وإنما فيه معاوضة شيء بشيء آخر ، ولذا سمي "المقايضة" ، وهو جائز من غير خلاف ، لتحقق مصالح العباد بطريق هذا البيع .
ومما يدل على جواز هذا البيع ، ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال :
(خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حثنين ، فبعت الدرع فابتعت به مخرفاً – يعني بستاناً – في بني سلمة ، فإنه لأول مال تأثلته – أي حصلته – في الإسلام) [أخرجه البخاري في كتاب البيوع رقم 2100] .
فالصحابي الجليل "أبو قتادة" يصرح بأنه باع درعه الذي يلبسه في الحرب ، ببستان في أطراف المدينة المنورة ، ولم يبعه بدراهم ولا نقود ، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا البيع ، ولم ينكر عليه ، فدل ذلك على الجواز .
وفي الحديث الصحيح : (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد . . ثم قال : وليبيعها ولو بحبل من شعر) [أخرجه البخاري أيضاً برقم 2234] .
فقوله صلى الله عليه وسلم : (وليبعها ولو بحبل من شعر) دل على جواز بيع الأمة المملوكة بالحبل ، وهو بعينه (بيع المقايضة) وهو بيع عين بعين ، وسلعة بسلعة كما بينا .

Mourad khan
2012-12-10, 10:38
بيع السلم



الرابع : بيع الشيء المؤجل ، بالثمن المعجل ، وهو الذي يسميه الفقهاء : (بيع السلم) أو (السلف) كمن يشتري من الفلاح القمح ، أو الشعير ، أو السمن ، أو القطن ، فيدفع له الثمن عاجلاً ، ويستلم منه البضاعة آجلاً ، عند الحصاد ، أو في زمن ووقت معين يتفقان عليه .

والأصل في هذا البيع أنه لا يجوز ، لأنه بيع المعدوم ، الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : (لا تبع ما ليس عندك) [الحديث أخرجه الترمذي في كتاب البيوع رقم 1232] ولكن الشارع أباحه لحاجة الفلاح والمزارع ، وحاجة الناس إليه .
والدين يراعي مصالح البشر ، بل إنه جاء لتحقيق منافع الناس ومصالحهم ، ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل ما فيه ضرر أو إضرار بالناس ، بقوله : (لا ضرر ولا ضرار) والله عز وجل أرحم بعباده من أنفسهم على أنفسهم : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) سورة النساء الآية 29 .

قال الإمام القدوري : السلم في لغة العرب : عقد يتضمن تعجيل أحد البدلين ، وتأجيل الآخر ، وهو عقد شرع على خلالف القياس ، لكونه بيع المعدوم ، إلا أنا تركنا القياس ، بالكتاب ، والسنة ، والإجماع .

أما الكتاب : فقوله تعالى : ( يأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين على أجل مسمى فاكتبوه ) سورة البقرة الآية 282 .
قال ابن عباس : أشهد أن الله تعالى أجاز السلم ، وأنزل فيه أطول آية في كتابه ، وتلا هذه الآية .

وأما السنة : فقوله عليه الصلاة والسلام : (من أسلف في شيء ، فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ، إلى أجل معلوم) أخرجة البخاري في كتاب السلم رقم 2240 ومسلم رقم 127 في المساقاة ، والترمذي رقم 1311 في البيوع .