المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النسبية الفكرية


grandlion05
2012-12-07, 18:03
عندما تريد أخذ قرار بخصوص شيء أو شخص ما لا تعرف عنه الكثير، تأكد أنه لا يمكنك على الإطلاق أن تكون محقا أو أن تكون مخطئا. ما من شيء تحس به أو تراه إلا و يمكنك بين لحظة و أخرى ان تحس بشيء يخالفه بنفس القوة و الإيمان.
خلال المدة التي تواجدت فيها في المدرسة العسكرية خلال تلبيتي نداء الخدمة الوطنية، رأيت أناسا حسبتهم من المعوقين و أسفت لحالهم و رأيت كيف عومل أحدهم بقسوة و وحشية عندما أعلن اسمه بين الذين تم التأكد من صحة أبدانهم و سلامتها لقضاء الخدمة الوطنية. هذا الشاب الذي ذكر اسمه، انتفض و راح يعرج تاركا صفه قاصدا مقر القيادة و هو ينادي: "لا....أنا أريد مقابلة العقيد...أريد رؤية العقيد..." عندها جرّه الملازم في الأرض، و هو يقول: " لست أنا الطبيب الذي عاينك...اشك للطبيب الذي قال أنك في صحة جيدة" ثم بدأ الشاب يرتعد و أصيب بذبحة قلبية. كل من يرى هذا الموقف قد يصب بالذعر، حتى أنني هممت بالتدخل لولا أني تراجعت في اللحظة الأخيرة.
هذا الشاب كان يتفادى الوقوف مثلنا ساعات طوال تحت قيظ الشمس التي لا ترحم و نحن صائمين، و كان يتهرب من الأعمال اليومية التي كنا نكلف بها كل صباح و مساء، و كان يرجو التملص من قضاء الخدمة.
هذا الشخص رأيته بعد شهور سليما معافى يمشي بدون عرج، لقد أتعبهم و أتعبوه حتى تم إخلاء سبيله لسبب آخر غير العرج، و أمثاله كثر.
............................
صعدت الحافلة في وهران الأسبوع الفائت، و رأيت شيئا قد يراه أحدنا دون أن يلفت انتباهه. رأيت فتاة متبرجة تصعد الحافلة ـ و أمثالها لا يمكن تجاهلهم ـ أثارت اشمئزازي حقا، هكذا كل مرة أقصد فيها وهران، حتى أصبت بحساسية من هذه المدينة...هذه الفتاة تضع قرطا في أنفها زيادة عن مهرجان الألوان الذي اتخذ من وجهها موقعا له. استمر خيط الانتباه للحظة ثم انقطع، لأعود إلى جريدتي. انطلقت الحافلة و عند محطة ما صعد شيخ يكاد يهوي من الهرم، و قبل أن أفكر... نهضت الفتاة و دعت الشيخ بكل احترام لتسمح له بالجلوس، فاستحقت بهذا التصرف وساما للنبل.
............................
كل حياتي و أنا أحاول شد حبل الهوية من الوسط، هوية الجزائر بالطبع. ذلك لأننا خرجنا من الاستعمار الذي استغل ثروات البلاد و عقول العباد بهوية مضطربة عليلة، لا تستطيع وضعها في خانة معينة. أنا أهوى العربية و لا أرضى لنفسي غير العروبة و الإسلام هوية، و هكذا اريد للجزائر ككل و لكنني قد أرتضي خيارا أكثر غنى إذا ما فكرت بروية و موضوعية، ذلك لأن الجزائر بلد غني حقا. فالتاريخ و الحاضر يجعلنا نعدل عن آرائنا لنقترب من الحقيقة. فقد قال الله: " ...و خلقناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم." و تلك النظرة التشاؤمية التي كنت أحملها، نظرة البلد الممزق بين ثقافة البلد المستعمر و ثقافة الآباء و الأجداد و ثقافة الأمازيغ، هذه النظرة استحالت إلى تفاؤل إذا ما فكرنا في أنه نتاج زمن و كفاح و أنه دليل على التنوع.
فالزاوية التي ترى من خلالها الأشياء عليها أن تكون زاوية ملائمة. و إذا كان لك رأيين فاختر أيهما أكثر رفقا و سماحة.
لا أتكلم عن المبادئ و الأصول فهي أمور مفروغ منها، و البتّ فيها يتعلق بالشخص و باعتقاداته كاعتقادي مثلا أن إسرائيل كيان شرير و أن فلسطين ستتحرر يوما