pauvre
2009-03-27, 13:47
تاريخ الحرب البيولوجية
د.محمد جواد مسمار
كلية الصيدلة
يمكن إعطاء فكرة عامة عن الحرب البيولوجية، وذلك بالنظر إلى تاريخ هذه الحرب والاستفادة من تجارب الماضي، حيث أن هذا السلاح يسبب الرعب، وينشر الخوف في قلوب الناس. يمكن تقسيم تاريخ الحرب البيولوجية إلى أربع مراحل على النحو التالي:
المرحلة الأولى : وهي تمتد من الأزمان السحيقة حتى السبعينيات من القرن التاسع عشر، فمثلاً استعمل الصليبيون جثث المصابين بالطاعون لمحاربة الأعداء، كما استعمل الطريقة نفسها جنكيز خان وقذف بالجثث المصابة بالطاعون على أسوار المدن التي حاصرها في أوروبا، وأدى ذلك إلى انتشار الطاعون بسبب هرب السكان في شرق البلاد و غربها، وتم القضاء على 25 مليون شخص، أي ثلث سكان القارة الأوروبية في ذلك الزمان، وفي عام 1763 استعملت بريطانيا فيروس الجدري ضد الهنود الحمر في أمريكا، وأدى ذلك إلى إبادة 6 ملايين شخص، كما استعمل الفرنسيون الفيروس نفسه عند احتلال كندا، ويمكن تلخيص هذه المرحلة بالنقاط التالية:
* الاستعمال المباشر للعوامل البيولوجية والسموم.
* عدم وجود لقاحات ضد العوامل المستعملة.
* استخدام عوامل تؤدي إلى انتشار الوباء كوسائل المكر والخديعة.
* استخدام سموم الأفاعي والعقارب وسموم أخرى مستخرجة من نباتات وفطريات، أو أنواع الزرنيخ.
* ليس للعلماء دور في تطوير أو إنتاج هذه المواد السامة.
لمرحلة الثانية : في الحرب العالمية الأولى ظهر استعمال واسع للأسلحة الكيميائية، ومنها مثلاً: غاز الكلور، وغاز الخردل، والفوسجين، وغيرها. وتم إصابة حوالي مليون ونصف شخص إصابات قاتلة. أدى هذا الاستعمال الرهيب للغازات السامة إلى ظهور اتفاقية جنيف عام 1925 ، والتي تحرم استعمال جميع الغازات السامة وما شابهها في التأثير. ورفضت اليابان والولايات المتحدة التوقيع على معاهدة جنيف، وأسست اليابان وحدة من جيشها متخصصة بالحرب البيولوجية، واستعملت في تجاربها أكثر من ثلاثة آلاف أسير معظمهم من الصين، وكوريا، ومنغوليا، ودرس اليابانيون مسائل هامة منها الجمرة الخبيثة، والكوليرا، والانفلونزا ، والطاعون، والتيفوس، والجدري، والكزاز والكثير غيرها. كما عملوا على بناء معامل بيولوجية في منشوريا. وقد قامت الولايات المتحدة بنقل هذه المعامل والعاملين فيها إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويمكن تلخيص هذه المرحلة بالنقاط التالية:
* تطور واسع في استخدام الأحياء الدقيقة.
* استعمال الإنسان حيوان تجارب تحت إشراف طبي.
* إنتاج وتطوير لقاحات.
* تحول الاهتمام من العوامل الكيماوية إلى الحرب البيولوجية.
* استغلال العلماء في تطوير الأسلحة البيولوجية.
* تم انتهاك جميع الإتفاقيات الدولية منذ إعلان بروكسل عام 1874 وحتى بروتوكول جنيف 1925.
المرحلة الثالثة: في هذه المرحلة ظهرت البيولوجيا الجزيئية، وأمكن زيادة فتك العوامل الممرضة، ومن خصائص هذه المرحلة ما يلي:
* دراسة المادة الوراثية للجراثيم وإمكانية جعلها أشد فتكاً.
* استعمال الطائرات والصواريخ في نقل الأسلحة البيولوجية.
* زيادة تفهّم العالم لمشكلات الحرب البيولوجية المدمرة.
المرحلة الرابعة: وهذه بدأت قبل عقدين من الزمن وذلك باستعمال الهندسة الوراثية، ومن خصائص هذه المرحلة ما يلي:
* إنتاج عوامل مبتكرة ذات مواصفات مطابقة لشروط معينة.
* ابتكار طرق في نشر المواد الفعالة في مختلف الظروف.
* إنتاج لقاحات لحماية المواطنين والسكان.
وعندما أدركت الدول العظمى أن بإمكان الدول الصغيرة إنتاج أسلحة بيولوجية، فهذا السلاح فتاك جداً، وسارعت بتقديم مسودة معاهدة الأسلحة البيولوجية وتوقيعها عام1972.
إذ إن استعمال 15 طناً من المواد البيولوجية تعدّ كافية للقضاء على كل مظهر من مظاهر الحياة على الأرض، وأن 225 غم من سم بكتيريا بيتيولينيم كافٍ لقتل جميع سكان المعمورة. ظهر في الفترة الأخيرة استعمال مواد تؤدي إلى فشل العدو وكسر شوكته، ولازال هناك الكثير من الأسئلة حول المرض الذي أصاب عشرات الألوف من الجنود الأمريكيين نتيجة حرب الخليج الأخيرة.
ويتميز العامل البيولوجي بالمواصفات التالية:
* أن يكون شديد العدوى والتأثير.
* أن يكون فعّالاً لفترة محددة ثم يفقد فاعليته.
* يجب أن تكون الكمية اللازمة لإحداث الوفاة قليلة جداً.
* أن يتم إنتاج المادة الفعالة بكميات كبيرة وأسعار معقولة.
* أن يتم استخدامه في ظروف ميدانية مختلفة.
* أن يتمتع بالثبات الكافي أثناء فترة التخزين.
* أن لا يكون للمستهدَف أو العدو لقاح مضاد للعامل السام.
هناك خطورة كبيرة على البشرية جمعاء من الأسلحة البيولوجية المتوفرة في العديد من الدول، ذلك أنها تنتج من منشآت صغيرة، ويمكن إخفاؤها كما أن تكلفتها المادية غير باهظة. والخوف هو إنتاج مواد بيولوجية أشد خطورة، فيمكن مثلاً إنتاج مواد بيولوجية بجيث تؤثر على جنس من البشر دون الآخر، أو يمكن إنتاج مواد تؤثر على الصفات الجسدية، والعقلية بصورة سلبية، أو تسبب التصاق المادة السامة بالمادة الجينية، أو الحصول بالاستنسال ( الاستنساخ) على ما يسبب الإبادة الجماعية.
د.محمد جواد مسمار
كلية الصيدلة
يمكن إعطاء فكرة عامة عن الحرب البيولوجية، وذلك بالنظر إلى تاريخ هذه الحرب والاستفادة من تجارب الماضي، حيث أن هذا السلاح يسبب الرعب، وينشر الخوف في قلوب الناس. يمكن تقسيم تاريخ الحرب البيولوجية إلى أربع مراحل على النحو التالي:
المرحلة الأولى : وهي تمتد من الأزمان السحيقة حتى السبعينيات من القرن التاسع عشر، فمثلاً استعمل الصليبيون جثث المصابين بالطاعون لمحاربة الأعداء، كما استعمل الطريقة نفسها جنكيز خان وقذف بالجثث المصابة بالطاعون على أسوار المدن التي حاصرها في أوروبا، وأدى ذلك إلى انتشار الطاعون بسبب هرب السكان في شرق البلاد و غربها، وتم القضاء على 25 مليون شخص، أي ثلث سكان القارة الأوروبية في ذلك الزمان، وفي عام 1763 استعملت بريطانيا فيروس الجدري ضد الهنود الحمر في أمريكا، وأدى ذلك إلى إبادة 6 ملايين شخص، كما استعمل الفرنسيون الفيروس نفسه عند احتلال كندا، ويمكن تلخيص هذه المرحلة بالنقاط التالية:
* الاستعمال المباشر للعوامل البيولوجية والسموم.
* عدم وجود لقاحات ضد العوامل المستعملة.
* استخدام عوامل تؤدي إلى انتشار الوباء كوسائل المكر والخديعة.
* استخدام سموم الأفاعي والعقارب وسموم أخرى مستخرجة من نباتات وفطريات، أو أنواع الزرنيخ.
* ليس للعلماء دور في تطوير أو إنتاج هذه المواد السامة.
لمرحلة الثانية : في الحرب العالمية الأولى ظهر استعمال واسع للأسلحة الكيميائية، ومنها مثلاً: غاز الكلور، وغاز الخردل، والفوسجين، وغيرها. وتم إصابة حوالي مليون ونصف شخص إصابات قاتلة. أدى هذا الاستعمال الرهيب للغازات السامة إلى ظهور اتفاقية جنيف عام 1925 ، والتي تحرم استعمال جميع الغازات السامة وما شابهها في التأثير. ورفضت اليابان والولايات المتحدة التوقيع على معاهدة جنيف، وأسست اليابان وحدة من جيشها متخصصة بالحرب البيولوجية، واستعملت في تجاربها أكثر من ثلاثة آلاف أسير معظمهم من الصين، وكوريا، ومنغوليا، ودرس اليابانيون مسائل هامة منها الجمرة الخبيثة، والكوليرا، والانفلونزا ، والطاعون، والتيفوس، والجدري، والكزاز والكثير غيرها. كما عملوا على بناء معامل بيولوجية في منشوريا. وقد قامت الولايات المتحدة بنقل هذه المعامل والعاملين فيها إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويمكن تلخيص هذه المرحلة بالنقاط التالية:
* تطور واسع في استخدام الأحياء الدقيقة.
* استعمال الإنسان حيوان تجارب تحت إشراف طبي.
* إنتاج وتطوير لقاحات.
* تحول الاهتمام من العوامل الكيماوية إلى الحرب البيولوجية.
* استغلال العلماء في تطوير الأسلحة البيولوجية.
* تم انتهاك جميع الإتفاقيات الدولية منذ إعلان بروكسل عام 1874 وحتى بروتوكول جنيف 1925.
المرحلة الثالثة: في هذه المرحلة ظهرت البيولوجيا الجزيئية، وأمكن زيادة فتك العوامل الممرضة، ومن خصائص هذه المرحلة ما يلي:
* دراسة المادة الوراثية للجراثيم وإمكانية جعلها أشد فتكاً.
* استعمال الطائرات والصواريخ في نقل الأسلحة البيولوجية.
* زيادة تفهّم العالم لمشكلات الحرب البيولوجية المدمرة.
المرحلة الرابعة: وهذه بدأت قبل عقدين من الزمن وذلك باستعمال الهندسة الوراثية، ومن خصائص هذه المرحلة ما يلي:
* إنتاج عوامل مبتكرة ذات مواصفات مطابقة لشروط معينة.
* ابتكار طرق في نشر المواد الفعالة في مختلف الظروف.
* إنتاج لقاحات لحماية المواطنين والسكان.
وعندما أدركت الدول العظمى أن بإمكان الدول الصغيرة إنتاج أسلحة بيولوجية، فهذا السلاح فتاك جداً، وسارعت بتقديم مسودة معاهدة الأسلحة البيولوجية وتوقيعها عام1972.
إذ إن استعمال 15 طناً من المواد البيولوجية تعدّ كافية للقضاء على كل مظهر من مظاهر الحياة على الأرض، وأن 225 غم من سم بكتيريا بيتيولينيم كافٍ لقتل جميع سكان المعمورة. ظهر في الفترة الأخيرة استعمال مواد تؤدي إلى فشل العدو وكسر شوكته، ولازال هناك الكثير من الأسئلة حول المرض الذي أصاب عشرات الألوف من الجنود الأمريكيين نتيجة حرب الخليج الأخيرة.
ويتميز العامل البيولوجي بالمواصفات التالية:
* أن يكون شديد العدوى والتأثير.
* أن يكون فعّالاً لفترة محددة ثم يفقد فاعليته.
* يجب أن تكون الكمية اللازمة لإحداث الوفاة قليلة جداً.
* أن يتم إنتاج المادة الفعالة بكميات كبيرة وأسعار معقولة.
* أن يتم استخدامه في ظروف ميدانية مختلفة.
* أن يتمتع بالثبات الكافي أثناء فترة التخزين.
* أن لا يكون للمستهدَف أو العدو لقاح مضاد للعامل السام.
هناك خطورة كبيرة على البشرية جمعاء من الأسلحة البيولوجية المتوفرة في العديد من الدول، ذلك أنها تنتج من منشآت صغيرة، ويمكن إخفاؤها كما أن تكلفتها المادية غير باهظة. والخوف هو إنتاج مواد بيولوجية أشد خطورة، فيمكن مثلاً إنتاج مواد بيولوجية بجيث تؤثر على جنس من البشر دون الآخر، أو يمكن إنتاج مواد تؤثر على الصفات الجسدية، والعقلية بصورة سلبية، أو تسبب التصاق المادة السامة بالمادة الجينية، أو الحصول بالاستنسال ( الاستنساخ) على ما يسبب الإبادة الجماعية.