كرماني
2012-12-05, 19:01
حلم معن بن زائدة (1)
و من اللطائف في هذا الباب حوار معن بن زائدة مع بعض الشعراء غاية في الحلم, فقد كان معن لا يغيط أحداً و لا أحد يغيظه فقال بعض العشراء : أنا أغظيه لكم , و لو كان قلبه من صخر , فراهنوه على مئة بعير , إن أغاظه أخذها , و إن لم يغظه دفع مثلها , فعمد الرجل على جمل , فذبحه و سلخه , و لبس الجلد مثل الثوب و جعل اللحم من خارج و الشعر من داخل و الذباب يفع عليه و يقوم و لبس برجليه نعلين من جلد الجمل و جلس بين يدي معن على هذه الصورة , و مد رجليه في و جه .
و قال :
أنا والله لا أبدي سلاماً**** على معن المسمى بالأمير
فقال له معن :السلام لله و إن سلمت رددنا عليك و إن لم تسلم فما عتبنا عليك فقال:
سأرحل عن بلا دٍ أنت فيها *****و لوحزت الشام من الثغور
فقال له معن :البلاد بلاد الله و ان نزلت فمرحبا بك و إن رحلت كان الله في عونك .
فقال :
و أرحل من بلاد ألأف شهرٍ**** أجد السير في أعلى القفور (*)
ققال له معن : مصحوباً بالسلامة .
فقال :
أتذكر إذ قميصك جلد شاةٍ****** و إذ نعلاك من جلد البعير ؟!
فقال معن :أعرف ذلك ولا أنكره .
فقال :
تهوى كل مطبةٍ و سوقٍ***** بلا عبد لديك و لا وزير
فقال له معن :ما نسيت ذلك يا أخا العرب .
فقال :
و نومك في الشتاء بلا رداء***** و أكلك - دائماً - خبز الشعير .
فقال له معن : الحمد لله على كل حال .
فقال :
في يمناك عكاز قويٌ***** تذوذ به الكلاب عن الهرير
فقال معن :ما خفي عليك خبرها , إذ هي كعصا موسى
فقال :
فسبحان الذي أعطاك ملكاً***** و علمك القعودَ على السرير
فقال له معن : ذلك بفضل الله لا بفضلك .
فقال :
فعجّل يا بن ناقصةٍ بمالٍ***** فإني قد عزمت على المسير
فأمر له بألأف دينار , فقال :
قليلٌ ما أمرت به , فإني ****لأطمع منكَ بالشيىءِ الكثير
فأمر له بألف دينار أخرى ,فقال :
فثلّث إذ ملكت الملكَ رزقاً***** بلا عقلٍ , ولا جاه خطير
فأمر له بثلاثمائة دينار , فقال :
و لا أدب كسبتَ به المعالي**** و لا خلقٍ و لا رأيٍ منير
فأمر بأربعمائة دينارفقال :
فمنك الجودُ و الافضالُ حقاً***** و فيض يديك كالبحر الغزير
و ما زال يطلب الزيادة حتى أخذ ما قدر له , و انصرف متعجبا من حلم معن , و عدم انتقامه منه , ثم قال لنفسه : مثل هذا لا ينبغي أن يهجى بل يمدح , و اغتسل و لبس ثيابه , و رجع اليه , فسلم عليه و مدحه , و اعتذر له بان الحامل له على هجوه المئة بعير التي صار الرهن عليها نظير إغاظته له , لإمر له بمئة بعير يدفعها نظير الرهن و بمئة بعير أخرى لنفسه , فاخذها و انصرف (1)
___________________________-
(*) القفور : : جمع قفر و هي الارض التي لا ماء فيها و لا عشب و لا بشر و يجمع - ايضا - على
معن بن زائدة : هو ابو الوليد معن بن زائدة كان جوادا شجاعاً حليما جزيل العطاء عاش في دولتي بني أمية و بني العباس , ثم قتله قوم من الخوارج سنة 151هـ
(1) : منقول من كتاب :فن الحوار لمؤلفه فيصل بن عبده الحاشدي
و من اللطائف في هذا الباب حوار معن بن زائدة مع بعض الشعراء غاية في الحلم, فقد كان معن لا يغيط أحداً و لا أحد يغيظه فقال بعض العشراء : أنا أغظيه لكم , و لو كان قلبه من صخر , فراهنوه على مئة بعير , إن أغاظه أخذها , و إن لم يغظه دفع مثلها , فعمد الرجل على جمل , فذبحه و سلخه , و لبس الجلد مثل الثوب و جعل اللحم من خارج و الشعر من داخل و الذباب يفع عليه و يقوم و لبس برجليه نعلين من جلد الجمل و جلس بين يدي معن على هذه الصورة , و مد رجليه في و جه .
و قال :
أنا والله لا أبدي سلاماً**** على معن المسمى بالأمير
فقال له معن :السلام لله و إن سلمت رددنا عليك و إن لم تسلم فما عتبنا عليك فقال:
سأرحل عن بلا دٍ أنت فيها *****و لوحزت الشام من الثغور
فقال له معن :البلاد بلاد الله و ان نزلت فمرحبا بك و إن رحلت كان الله في عونك .
فقال :
و أرحل من بلاد ألأف شهرٍ**** أجد السير في أعلى القفور (*)
ققال له معن : مصحوباً بالسلامة .
فقال :
أتذكر إذ قميصك جلد شاةٍ****** و إذ نعلاك من جلد البعير ؟!
فقال معن :أعرف ذلك ولا أنكره .
فقال :
تهوى كل مطبةٍ و سوقٍ***** بلا عبد لديك و لا وزير
فقال له معن :ما نسيت ذلك يا أخا العرب .
فقال :
و نومك في الشتاء بلا رداء***** و أكلك - دائماً - خبز الشعير .
فقال له معن : الحمد لله على كل حال .
فقال :
في يمناك عكاز قويٌ***** تذوذ به الكلاب عن الهرير
فقال معن :ما خفي عليك خبرها , إذ هي كعصا موسى
فقال :
فسبحان الذي أعطاك ملكاً***** و علمك القعودَ على السرير
فقال له معن : ذلك بفضل الله لا بفضلك .
فقال :
فعجّل يا بن ناقصةٍ بمالٍ***** فإني قد عزمت على المسير
فأمر له بألأف دينار , فقال :
قليلٌ ما أمرت به , فإني ****لأطمع منكَ بالشيىءِ الكثير
فأمر له بألف دينار أخرى ,فقال :
فثلّث إذ ملكت الملكَ رزقاً***** بلا عقلٍ , ولا جاه خطير
فأمر له بثلاثمائة دينار , فقال :
و لا أدب كسبتَ به المعالي**** و لا خلقٍ و لا رأيٍ منير
فأمر بأربعمائة دينارفقال :
فمنك الجودُ و الافضالُ حقاً***** و فيض يديك كالبحر الغزير
و ما زال يطلب الزيادة حتى أخذ ما قدر له , و انصرف متعجبا من حلم معن , و عدم انتقامه منه , ثم قال لنفسه : مثل هذا لا ينبغي أن يهجى بل يمدح , و اغتسل و لبس ثيابه , و رجع اليه , فسلم عليه و مدحه , و اعتذر له بان الحامل له على هجوه المئة بعير التي صار الرهن عليها نظير إغاظته له , لإمر له بمئة بعير يدفعها نظير الرهن و بمئة بعير أخرى لنفسه , فاخذها و انصرف (1)
___________________________-
(*) القفور : : جمع قفر و هي الارض التي لا ماء فيها و لا عشب و لا بشر و يجمع - ايضا - على
معن بن زائدة : هو ابو الوليد معن بن زائدة كان جوادا شجاعاً حليما جزيل العطاء عاش في دولتي بني أمية و بني العباس , ثم قتله قوم من الخوارج سنة 151هـ
(1) : منقول من كتاب :فن الحوار لمؤلفه فيصل بن عبده الحاشدي