مشاهدة النسخة كاملة : ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري
فارس الجزائري
2009-03-27, 01:38
:dj_17:
السلام عليكم
وجدت بين كتبي كتاب عنوانه ألف حكاية وحكاية
وهو يروي حكايات من الأدب العربي القديم
من إعداد حسين أحمد أمين يحوي 100 حكاية منها الطريف ومنها ما فيه حكمة وقد أحببت أن أتشارك معكم في قرأته حيث سأقوم في كل يوم كتابة قصة
وسأبدأ بقصة اليوم
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
http://img253.imageshack.us/img253/6007/44020113vl2.gif
فارس الجزائري
2009-03-27, 01:52
القصة رقم 1
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الدينار الذي ولد درهم
قال أشعب:
جاءتني جارية بدينار وقالت: هذا وديعة عندك. فجعلته بين ثني الفراش. فجاءت بعد أيام وقالت:
بأبي أنت! الدينار.
فقلت:
ارفعي فراشي وخذي ولده فإنه قد ولد.
وكنت قد تركت إلى جانبه درهما. فأخذت الدرهم وتركت الدينار.
وعادت بعد ايام فوجدت معه درهما آخر فأخذته، وفي الثالثة كذلك.
وجاءت في الرابعة، فلما رأيتها بكيت، فقالت:
مايبكيك؟
قلت:
مات دينارك في النفاس.
قالت:
وكيف للدينار نفاس؟
قلت:
يا فاسقة! تصدقين بالولادة ولا تصدقين بالنفاس؟!.
salim241
2009-03-27, 09:02
السلام عليكم
أشكرك على فكرة كل يوم حكاية يا أخ فارس
حكاية اليوم فيها معنى في قالب فكاهي أظن أن رسالة هذه الحكاية أنه فيه بعض الناس يصدقون الخرافات
التي في مصالحهم فقط أما غير هذا من الخرافات فلا يصدقونها والله أعلم
نايل الهضاب
2009-03-27, 11:01
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gif
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/heartttro118hb.gif
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم وشكرا جزيلا
ومزيدا من التألق أخي الفاضل
فارس الجزائري
2009-03-27, 14:52
السلام عليكم
أشكرك على فكرة كل يوم حكاية يا أخ فارس
حكاية اليوم فيها معنى في قالب فكاهي أظن أن رسالة هذه الحكاية أنه فيه بعض الناس يصدقون الخرافات
التي في مصالحهم فقط أما غير هذا من الخرافات فلا يصدقونها والله أعلم
:dj_17:
العفو وبارك الله فيك على المرور
فعلا استخلاص العبرة من الحكاية صحيح
وأظيف عليه الطمع والجشع الذي يجعل الناس يفعلون اي شيء مقابل زيادة مالهم
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-03-27, 14:56
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gif
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/heartttro118hb.gif
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم وشكرا جزيلا
ومزيدا من التألق أخي الفاضل
:dj_17:
وفيك بارك والعفو
وأشكرك على التثبيت
فقط أود أن أعرف هل أضيف القصص القادمة في موضوع مستقل أم أحذف القصة الأولى واضيف مكانها القصة الثانية في كل يوم
نايل الهضاب
2009-03-27, 16:52
:dj_17:
وفيك بارك والعفو
وأشكرك على التثبيت
فقط أود أن أعرف هل أضيف القصص القادمة في موضوع مستقل أم أحذف القصة الأولى واضيف مكانها القصة الثانية في كل يوم
من الافضل كتابة بقية القصص في نفس الموضوع بتسلسل دون حذف حتى يستفيد الجميع منها
وشكرا ان شاء الله غدا نجد القصة الثانية هنا....شوقتنا
فارس الجزائري
2009-03-28, 03:40
القصة رقم 2
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
بيت لا فرش فيه
قال ابن درّاج الطُّفَيلي:
مرّت بي جنازة ومعي ابني، ومع الجنازة امرأة تبكي الميت وتقول:
بك يذهبون إلى بيت لا فرش فيه ولا وطاء(1) (http://djelfa.info/vb/#_ftn1)، ولا ضيافة ولا غطاء، ولا خبز ولا ماء.
فقال لي ابني:
يا أبة، إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://djelfa.info/vb/#_ftnref1) الوطاء خلاف الغطاء، أي ما تفترشه.
نايل الهضاب
2009-03-28, 10:56
مشكور اخي الكريم وبارك الله فيك...عمل رائع
mohammed_k
2009-03-28, 16:13
شكرا اخي الكريم وننتظر المزيد
فارس الجزائري
2009-03-29, 18:20
مشكور اخي الكريم وبارك الله فيك...عمل رائع
:dj_17:
العفو أستاذ
فقط أود أن توضع القصص متسلسلة كي يستطيع الاخوة الزائرين تتبعها متسلسلة لأنه مع مرور الوقت ستتباعد وتصبح غير منظمة
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-03-29, 18:21
شكرا اخي الكريم وننتظر المزيد
:dj_17:
العفوا
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-03-29, 18:40
القصة رقم 3
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
يا سلام سلِّم، الحائط بيتكلم!
في شهر رجب من سنة 781 هجرية، اتفقت حادثة مستغربة: وهي أن رجلاً يعرف بابن الفيشي دخل إلى منزله بالقرب من الجامع الأزهر، فسمع صوتاً من جدار بيته يقول له:
اِتقِ الله وعاشر زوجتك بالمعروف !
فظنَّ أن هذا من الجان، فإنه لم ير شيئاً. وحدّث أصحابه بذلك، فصاروا معه إلى بيته، فسمعوا الكلام من الجدار. فسألوا عما بدا لهم، فأجابهم المتكلم من غير أن يروا شيئاً. فغلب على ظنهم أن هذا من الجان، وأشاعوه في الناس، فارتجَّت القاهرة ومصر، وأقبل الناس من كل جهة إلى بيت ابن الفيشي لسماع كلام الحائط، وصاروا يحادثون الحائط ويحادثهم. فكثر بين الناس قولهم:
يا سلام سلِّم، الحائط بيتكلم!
وكاد الناس أن يفتتنوا بهذا، وجلبوا إلى ذلك الجدار من المال شيئا كثيرا.
فركب محتسب القاهرة(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1) محمود العجمي إلى بيت ابن الفيشي هذا ليختبر ما يقال، ووكَّلَ با بن الفيشي أحدَ أعوانه. ووقف عند الحائط وحدّثه فحادثه. فأمر بهدم الحائط. فلما ير شيئا. فعاد إلى بيته وقد كثر تعجّبه.
وازدادت فتنة الناس بالحائط. وبعث المحتسب من يكشف له الخبر:
هل انقطع الكلام بعد تخريب الحائط؟ فوجده الرجلُ يتكلم كما كان قبل خرابه.
فتحيّر من ذلك. وكان هذا المحتسب شهماً جريئاً، قد مارس الأمور، وحلب الدهر أشطُره. وكان لا يتحرك حركة إلا حُمد عليه، ولا باشر جهة وقْْفٍ إلا عَمُر خرابُه، وإذا باشر حسبة القاهرة رخصت الأسعار، فإذا عُزِل ارتفعت، فتقف العامة وتطلب إعادته ليُمْن إقباله.
فلما عاد قاصده إليه، وأخبره بأن الكلام مستمّر، قام من فوره ومعه عدة من أصحابه حتى جلسوا عند الجدار، وأخذوا في قراءة شيء من القرآن، ثم طلب صاحب البيت وقال له:
قل لهذا المتكلم، القاضي العجمي يسلم عليك.
فقال: يا سيدي، الشيخ القاضي يسلم عليك.
فقال الجدار: وعليه السلام ورحمة اللّه وبركاته.
فقال المحتسب: قل له، إلى متى هذا الفساد؟
فأجابه: إلى أن يريد اللّه تعالى.
فقال: قل له هذا الذي تفعله فتنة للناس، وما هو جيد.
فأجابه:
ما بقي بعد هذا كلام.
وسكت، وهم يقولون له: يا سيدي الشيخ! فلم يكلمهم بعدها.
وكان في صوته غلظة يوحي بأنه ليس كلام إنس. فلما أيس الشيخ العجمي من مكالمته، قام عنه وقد اشتدت فتنة الناس بالحائط حتى كانوا يتخذوه معبودا لهم. وغلوا فيه كعادتهم، وزعموا له ما شاءوا من تُرَّهاتهم، وحمل إليه الأمراء والأعيان المأكل وغيره، والمحتسب يدّبر في كشف الحيلة.
ثم ركب المحتسب يوما إلى دار ابن الفيشي، وقبض عليه وعلى امرأته، وعاد بهما إلى داره. ومازال يستدرجهما حتى اعترفت المرأة بأنها هي التي كانت تتكلم، وأن الذي دعاها إلى ذلك أن زوجها كان يسيء عشرتها، فاحتالت عليه بهذه الحيلة لتوهمه بأن الجان توصيه بها. فتمت حيلتها عليه، وانفعل لها، فأعلمته بما كان منها، فرأى زوجها أن تستمر على ذلك لينالا به جاهاً ومالاً، فوافَقَتْه.
فركب المحتسب إلى الأمير الكبير وأعلمه بقول المرأة، فضرب الأمير الكبير ابن الفيشي بالمقارع، وضرب المرأة بالعصّي نحواً من ستمائة ضربة، وأمر بهما فسُمِّرا على جملين، وشُهَّرا بالقاهرة. فكان يوما شنيعاً، عظم فيه بكاء الناس على المرأة، وكثُر دعاؤهم على المحتسب !.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) المحتسب: من كان يتولى منصب الحسبة، وهو متصرف على شؤون العامة من مراقبة الأسعار والموازين، ورعاية الآداب، وأحوال المدارس ... الخ.
نايل الهضاب
2009-03-29, 22:02
ما شاء الله عليك أخي بارك الله فيك
القصة الثالثة مؤثرة جدا خاصة نهايتها
فارس الجزائري
2009-03-30, 02:24
القصة رقم 4
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الحب والطعام
كان أبو الحارث حسين يُظهِر لجارية من المحبة أمراً عظيماً. فدعتْه وأخّرت الطعام إلى أن أضاق، فقال:
يا سيدتي، مالي لا أسمع للغداء ذكراُ؟
فقالت:
يا سبحان الله! أما يكفيك النظر إليّ وما ترغبه فيّ من أن تقول هذا؟!
فقال:
يا سيدتي، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاماً لبصق كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه !
WalooVista
2009-03-30, 08:07
مشكور أخي على هذه الأفكار
فارس الجزائري
2009-03-30, 14:48
مشكور أخي على هذه الأفكار
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-03-30, 14:50
ما شاء الله عليك أخي بارك الله فيك
القصة الثالثة مؤثرة جدا خاصة نهايتها
:dj_17:
وفيك بارك
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-03-31, 03:34
القصة رقم 5
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
المتنبي وبائع البطيخ
قيل للمتنبي:
قد شاع عنك من البخل في الآفاق، ما قد صار سَمَراً بين الرفاق.
وأنت تمدح في شعرك الكرم وأهله، وتذم البخل وأهله. ألست القائل:
ومن يُنفِق الساعاتِ في جمع ماله**مخافةَ فقرٍ، فالذي فَعَل الفقرُ.
ومعلوم أن البخل قبيح، ومنك أقبح، فإنك تتعاطى كبرَ النفس، وعُلوُّ الهمة، وطلبَ الملك، والبخل ينافي ذلك.
فقال:
إن للبخل سبباً، وذلك أني أذكر أني وردتُ في صباي من الكوفة إلى بغداد. فأخذتُ خمسة دراهم بجانب منديلي، وخرجت أمشي في أسواق بغداد. فمررتُ بصاحب دكان يبيع الفاكهة، ورأيت عنده خمسة من البِطِّيخ باكورة. فاستحسنتها، ونويت أن أشتريها بالدراهم التي معي.
فتقدَّمتُ إليه وقلت:
بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ؟
فقال بغير اكتراث:
اذهب، فليس هذا من أَكْلِك !
فتماسكتُ معه وقلت:
يا هذا، دع ما يغيظ واقصِد الثمن.
قال:
ثمنها عشرة دراهم !
فلِشدة ما جَبَهَني(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) به ما استطعتُ أن أخاطبه في المساومة. فوقفتُ حائراً، ودفعتُ له خمسة دراهم فلم يقبل. وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) ذاهبا إلى داره. فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان، ودعا له، وقال:
يا مولاي، هذا بطيخ باكورة، بإجازتك(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) أَحمله إلى البيت؟
فقال الشيخ:
ويحك، بكم هذا؟
قال:
بخمسة دراهم.
قال:
بل بدرهمين !
فباعه الخمسة بدرهمين، وحملها إلى داره، ودعا له، وعاد إلى دكانه مسروراً بما فعل.
فقلت:
يا هذا، ما رأيت أعجب من جهلك. اسْتمْتَ(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4) عليّ في هذا البطيخ، وفعلت فعلتك التي فعلت، وكنتُ قد أعطيتك في ثمنه خمسة دراهم، فبعته بدرهمين محمولا !
فقال:
اسكت ! هذا يملك مائة ألف دينار !
فعلمتُ أن الناس لا يكرمون أحداً إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألف دينار. وأنا لا أزال على ما تراه حتى أسمع الناس يقولون إن أبا الطيب قد ملك مائة ألف دينار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) جبه: صدم.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) الخان: كلمة فارسية ومعناها هنا إما الحانوت أو محل نزول المسافرين (الفندق).
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) بإجازتك: بعد إذنك.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) استام البائع على المشتري: غَالَى في الثمن المطلوب.
نايل الهضاب
2009-03-31, 18:18
مشكور اخي الكريم وبارك الله فيك
فارس الجزائري
2009-04-01, 02:01
القصة رقم 6
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
شُرَيْح القاضي وابنه
يُحكى أن ابناً لشُرَيْح القاضي قال لأبيه:
إن بيني وبين قومٍ خصومة. فانظر في الأمر، فإن كان الحقُّ لي خاصمْتُهم(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، وإن لم يكن لي الحقُّ لم أُخاصم.
ثم قصَّ قصته عليه. فقال شُريح:
انطلق فخاصمهم.
فانطلق إليهم فخاصمهم، فقضى شُريح على ابنه(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)! فقال ابنه له لما رجع إلى أهله:
والله لو لم أتقدّم إليك بطلب النُّصح لم أَلُمك. فَضَحْتَني!
فقال شريح:
يا بني، والله لأنت أحبُّ إلي من ملء الأرض مثلهم. ولكن الله هو أعزّ عليّ منك. خشيتُ أن أخبركَ أن القضاء عليك فتصالحهم على مال فتذهب ببعض حقهم!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) خاصمتهم: قاضيتهم.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) قضى عليه: حكم ضده.
فارس الجزائري
2009-04-02, 02:14
القصة رقم 7
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قصة العطار والعِقْد
قَدِم رجل إلى بغداد في طريقه إلى الحج، وكان معه عِقد يساوي ألف دينار. فاجتهد في بيعه فلم يجد له مشترياً. فجاء إلى عَطَّار موصوف بالخير، فأودعه إيّاه.
ثم حج وعاد، وأتاه بهدية. فقال له العطار:
من أنت؟ وما هذا؟
فقال:
أنا صاحب العقد الذي أودعتك.
فما كلَّمه حتى رفسه العطار رفسة رماه عن دكانه. وقال:
تدعي عليَّ مثل هذه الدعوى!
فاجتمع الناس وقالوا للحاج:
ويلك! هذا رجل خير. ما وجدتَ من تدّعي عليه إلا هذا؟!
فتحيّر الرجل، وتردّد إليه، فما زاده إلا شتماً وضرباً.
فقيل للحاج:
لو ذهبت إلى عضُد الدولة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) ، فله في هذه الأشياء فراسة.
فكتب الحاج قصته، ورفعها إلى عضد الدولة. فصاح به فجاء.
فسأله عن حاله، فأخبره بالقصة. فقال عضد الدولة:
اذهب إلى العطار بكرة، واقعد على الدّكّة أمام دكانه. فإن منعك فاقعد على دكةٍ تقابله من الصّبح إلى المغرب، ولا تكلمه. وافعل هكذا ثلاث أيام، فإني أمرّ عليك في اليوم الرابع، وأقف، وأسلّم عليك، فلا تَقُم لي، ولا تزِدني على ردّ السلام وجواب ما أسألك عنه.
فجاء الحاج إلى دكان العطار ليجلس فمنعه، فجلس بمقابلته ثلاث أيام. فلما كان في اليوم الرابع، اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم. فلما رأى عضد الدولة الحاج وقف، وقال:
سلام عليكم!
فقال الحاج دون أن يتحرك:
وعليكم السلام.
قال عضد الدولة:
يا أخي، تَقْدُم إلى بغداد، فلا تأتي إلينا، ولا تعرض حوائجك علينا؟!
قال الحاج:
كما اتَّفَق(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)!
ولم يشبعه الكلام(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3)، وعضد الدولة يسأله ويهتّم، وقد وقف ووقف العسكر كله، والعطار قد أغمي عليه من الخوف. فلما انصرف الموكب، التفت العطار إلى الحاج فقال:
ويحك! متى أودعتني هذا العقد؟ وفي أي شيء كان ملفوفا؟ فَذَكِّرني لعلِّي أذكره!
فقال:
من صفته كذا وكذا.
فقام العطار وفتَّش، ثم نَقَضَ جَرَّة عنده فوقع العقد. فقال:
قد كنتُ نسيت. ولو لم تذكِّرني في الحال ما ذكرت!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) عضد الدولة: سلطان بويهي، ضّم العراق وفارس في دولة موجودة انحلّت بعد وفاته بسبب الخلاف بين أبنائه (سنة 983م).
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) كما اتفق: هكذا كان.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) لم يشبعه الكلام: لم يطل الكلام معه.
فارس الجزائري
2009-04-02, 20:42
شكرا على كل شيئ
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-04-03, 03:22
القصة رقم 8
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
آفة الكيمياء الصيادلة
قال المأمون يوما ليوسف الكيميائي:
ويحك يا يوسف! ليس في الكيمياء شيء!
فقال له:
بلى يا أمير المؤمنين، وإنما آفة الكيمياء الصيادلة.
قال له المأمون:
ويحك، وكيف ذلك؟
فقال:
إن الصيدلاني لا يَطلبُ منه إنسانُ شيئاً من الأشياء، كان عنده أو لم يكن، إلا أخبره بأنه عنده، ودفع إليه شيئاً من الأشياء التي عنده، وقال:
هذا الذي طلبت. فإن رأى أمير المؤمنين أن يضع اسماً لا يُعْرَف، ويوجّه جماعة إلى الصيادلة في طلبه ليبتاعه، فليفعل.
فقال له المأمون:
قد وضعتُ اسماً، وهو (سقطيثا). و(سقطيثا) ضيعة تقرب من مدينة السلام.
ووجّه المأمون جماعة من الرُّسل، يسأل الصّيادلة عن (سقطيثا)، فكلهم ذكر أنه عنده، وأخذ الثمن من عند الرّسل، ودفع إليهم شيئا من حانوته.
فصاروا إلى المأمون بأشياء مختلفة، فمنهم من أتى ببعض البذور، ومنهم من أتى بقطعة من حجر، ومنهم من أتى بوبر!
فارس الجزائري
2009-04-04, 02:14
القصة رقم 9
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك
كان الخوارج إذا أصابوا في طريقهم مسلماً على خلاف معتَقَدِهم، قتلوه لأنه عندهم كافر، وإذا أصابوا نصرانيا استوصوا به وقالوا: احفظوا ذمَّة نَبِيّكم!
وقد حكي أن واصل بن عطاء أقبل في رُفقة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) فأحسّوا بالخوارج.
فقال واصل لأهل الرفقة:
إن هذا ليس من شأنكم، فاعتزلوا ودعوني وإياهم.
وكانوا قد أشرفوا على العطب(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)، فقالوا: شأنك!
فخرج واصل إلى الخوارج فقالوا له:
ما أنت وأصحابُك؟
قال:
قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ويفهموا حدوده.
قالوا:
قد أجَرْناكم.
قال:
فعلِّمونا.
فجعلوا يعلِّمونه أحكامهم، ويقول واصل:
قد قبلت أنا ومن معي.
قالوا:
فامضوا مُصاحَبين(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) فقد صرتم إخوننا.
فقال:
بل تُبْلِغُوننا مَأمَنَنَا لأن الله تعالى يقول: ( وإنْ أحدٌ من المشركين استجار ك فَأَجِرْه حتى يسمعَ كلامَ الله ثم أَبْلِغْهُ مَأمَنَه).
فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: ذلك لكم. فساروا معهم بجَمْعِهم حتى أبلغوهم المأمن!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) في رفقة: مع رفاق له.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) أشرفوا على العطب: كادوا يهلكون من الخوف.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) امضوا مصاحبين: صحبتكم السلامة.
فارس الجزائري
2009-04-05, 01:57
القصة رقم 10
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
العَنْز الحسناء
ادّعى رجلٌ النبوة في مدينة إصبهان في زمن أبي الحسين بن سعد.
فأُتِيَ به، واُحضر العلماءُ والعظماء والكبراء كلهم. وقيل له:
من أنت؟
فقال: أنا نبيّ مُرسل.
فقيل له:
ويلك! إن لكل نبيّ آية. فما آيتك وحجّتك؟
فقال:
معي من الحجج ما لم يكن لأحد قبلي من الأنبياء والرسل!
فقيل له: أظهرها.
فقال:
من كان منكم له زوجة حسناء، أو بنت جميلة، أو أخت صبيحة، فليحضرها إليّ أُحْبِلْها بابن في ساعة واحدة.
فقال أبو الحسين بن سعد:
أما أنا فأشهد أنك رسول، واعفني من ذلك.
وقال له رجل:
نساءٌ ما عندنا. ولكن عندي عَنْز حسناء، فأحبِلْها لي.
فقام الرجل يمضي، فقيل له: إلى أين؟
قال:
أمضي إلى جبرائيل وأُعَرِّفه أن هؤلاء يريدون تَيْساً ولا حاجة بهم إلى نبي!
نايل الهضاب
2009-04-05, 21:56
واصل اخي تألقك وبارك الله فيك
فارس الجزائري
2009-04-05, 22:21
واصل اخي تألقك وبارك الله فيك
:dj_17:
وفيك بارك أستاذ نائل الهضاب
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-04-06, 02:35
القصة رقم 11
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
من آداب مخاطبة الملوك
دخل الأصمعيّ(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) يوماً على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه. فقال له الرشيد:
يا أصمعيّ، كيف كنتَ بعدي؟
فقال:
ما لاقَتْني بعدَك أرضٌ.
فتبسّم الرشيد. فلما خرج الناس، قال للأصمعي:
ما معنى قولك ( ما لاقتني أرض)؟
قال:
ما استقرّت بي أرض، كما يُقال فلان لا يليق شيئاً أي لا يستقرّ معه شيء.
فقال الرشيد:
هذا حسن. ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خَلَوتَ فعلِّمني، فإنه يقبح بالسلطان أن لا يكون عالماً: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أُجِب، وإما أن أجب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلتَ.
قال الأصمعيّ: فَعَلَّمَني الرشيد يومها أكثر مما عَلَّمْتُه.
ـــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الأصمعي: ( 740 – 738م) من مشاهير علماء اللغة.
فارس الجزائري
2009-04-07, 02:28
القصة رقم 12
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الأمير وورقة الآس(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)
قرأت في سِيرَ العجم أن أردشير سار إلى الحَضْر، وكان ملك السواد(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)
متحصِّناً فيها. فحاصره فيها زماناً لا يجد إليه سبيلاً، حتى رَقِيَت(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) ابنة الملك يوماً فرأت أردشير فعشقتْه. وأخذت نُشَّابة(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4) وكتبت عليها:
إن أنت شَرَطْتَ لي أن تتزوجني، دَلَلْتُك على موضع تفتتح منه هذه المدينة بأيسر حيلة وأخفّ مؤونة.
ثم رمت بالنُّشّابة نحو أردشير. فكتب الجواب في نُشّابة:
لكِ الوفاءُ بما سألتِ.
ثم ألقاها إليها. فكتبت إليه تدلّه على الموضوع، فأرسل إليه أردشير فافتتحه، ودخل هو وجنوده، وأهل المدينة غافلون، فقتل ملكها وتزوّجها.
فبينما هي ذات ليلة على فراشه، أنكرتْ مكانَها(5) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn5) حتى سهرت لذلك عامة ليلتها. فنظروا في الفراش فوجدوا تحت الحشيّة ورقة من ورق الآس(6) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn6) قد أثّرت في جِلْدِها. فسألها أردشير عند ذلك عما كان أبوها يغذوها به، فقالت:
كان أكثر غذائي الشّهد والزّبد والمخ.
فقال أردشير:
ما أحدٌ ببالغٍ لك في الحِباء والإكرام مبلغ أبيك. ولئن كان جزاؤه عندك على جُهد إحسانه مع لُطف قرابته وعِظَم حقِّه جُهْدَ إساءتك، ما أنا بآمن لمثله منك.
ثم أمر بأن تُعْقَد قرونُها بذنب فرس شديد المِراح جَموح، ثم يُجْرَى. ففُعِل ذلك حتى تساقطت عضواً عضواً.
ـــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) استخدم هانس أندرسن هذه القصة في قصته (الأميرة وحبة البِسِلَّى).
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) السَّواد: الريف والقرى.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) رَقِيت القصر: صعدت إلى سطحه.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) النُشَّابة: السّهم.
(5) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref5) أنكرت مكانها: المعنى هنا أنها استخشنته وأرقت بسببه.
(6) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref6) الآس: الريحان، نبات ذو ورق دائم الخضرة، كان عنوان النصر عند قدماء اليونان.
فارس الجزائري
2009-04-08, 02:20
القصة رقم 13
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
تقويم الكلام
كان بسجستان(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) شيخ يتعاطى النّحو. فقال يوماً لابنه:
إذا أردت أن تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك، وفكّر فيه بجهدك حتى تقّومه، ثم أخرج الكلمة مقّومة.
فبينما هما جالسان في بعض الأيام في الشتاء، والنار تتّقد، وقعت شرارة في جُبَّة خزّ كانت على الأب، وهو غافل والابن يراه. فسكت الابن ساعة يفكِّر ثم قال:
يا أبت، أريد أن أقول شيئاً، فتأذن لي فيه؟
قال أبوه:
إنْ حقاً فتكلم.
قال: أراه حقاً.
فقال: قل.
قال: إني أرى شيئاً أحمر.
قال: ما هو؟
قال: شرارة وقعت في جُبَّتك.
فنظر الأب إلى جبُبَّته وقد احترق منها قطعة. فقال للابن:
لِمَ لَمْ تُعْلِمْني سريعاً؟
قال:
فكرت فيه كما أمرتني، ثم قوَّمت الكلام وتكلمت فيه.
فحلف أبوه بالطلاق أن لا يتكلم بالنحو أبداً!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) سجستان: إقليم في وسط آسيا بين إيران وأفغانستان.
فارس الجزائري
2009-04-09, 04:01
القصة رقم 14
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أيسر محفوظاته كتاب الأغاني
حدّث الوزير الأندلسي أبو بكر محمد ابن الوزير أبي مروان عبد الملك ابن زهر، قال:
بينما أنا قاعد في دهليز دارنا وعندي رجل ناسخ أمرته أن يكتب لي (كتاب الأغاني) لأبي فرج الاصفهاني، إذ جاء الناسخ بالكراريس التي كتبها، فقلت له:
أين الأصل الذي كتبَ منه لأُقابل(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) معك به؟
قال: ما أثبت به معي.
فبينما أنا معه في ذلك إذ دخل الدهليز علينا رجل بذُّ الهيئة(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)، عليه ثياب غليظة أكثرُها صوف، وعلى رأسه عمامة قد لاثها(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) من غير إتقان لها.
فحسبته لما رأيته من بعض أهل البادية. فسلَّم وقعد، وقال لي:
يا بنّي، استأذن لي على الوزير أبي مروان.
فقلت له: هو نائم. هذا بعد أن تكلّفتُ جوابه غاية التكلّف؛ حملني على ذلك نزوةُ الصبا، وما رأيتُ من خشونة هيئة الرجل ثم سكت عني ساعة وقال:
ما هذا الكتاب الذي بأيديكما؟
فقلت له: ما سؤالك عنه؟
فقال:
أحسب أنِ أعرف اسمه، فإني كنت أعرف أسماء الكتب!
فقلت: هو كتاب الأغاني.
فقال: إلى أين بلغ الكتاب منه؟
قلت: بلغ موضع كذا.
وجعلت أتحدث معه على طريق السخرية به. فقال:
وما لِكَاتِبك لا يكتب؟
قلت:
طلبتُ منه الأصل الذي يكتب منه لأُعارض به هذه الأوراق، فقال: لم أجئ به معي.
قال: يا بنّي، خُذ كراريسك وعارض.
قلت: بماذا؟ وأين الأصل؟
قال: كنت أحفظ هذا الكتاب في مدة صباي.
فتبسَّمتُ من قوله، فلما رأى تبسُّمي قال:
يا بنَّي، أمسك عليّ.
فأمسكت عليه، وجعل يقرأ، فو الله إن أخطأ واواً ولا فاءً، قرأ هكذا نحواً من كراستين، ثم أخذت له في وسط السِّفر(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4) وآخره، فرأيت حفظه في ذلك كله سواء.
فاشتَّد عجبي، وقمت مسرعاً حتى دخلت على أبي فأخبرته بالخبر، ووصفت له الرجل. فقام كما هو من فَوْره، وكان ملتفاً برداء ليس عليه قميص، وخرج حاسر الرأس، حافي القدمين، لا يرفُقُ على نفسه، وأنا بين يديه، وهو يُوسعني لوماً، حتى ترامى على الرجل وعانقه، وجعل يقبّل رأسه ويديه ويقول:
يا مولاي اعذرني، فو الله ما أعلمني هذا الجِلْفُ إلا الساعة.
وجعل يسبّني، والرجل يُخَفِّض عليه ويقول: ما عرفني. وأبي يقول:
هَبْه ما عرفك، فما عُذره في حسن الأدب؟
ثم أدخله الدار وأكرم مجلسه، وخلا به فتحّثا طويلاً. ثم خرج الرجل وأبي بين يديه حافياً حتى بلغ الباب. وأمر بدابته التي يركبها فأُسْرِجتْ، وحلف عليه لَيْركَبَنَّها ثم لا ترجع إليه أبداً.
فلما انفصل(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn5) قلت لأبي:
من هذا الرجل الذي عظَّمته هذا التعظيم؟
قال لي:
اسكت ويحك! هذا أديب الأندلس وإمامها وسيّدها في علم الآداب. هذا ابن عبدون، أيسرُ محفوظاته كتاب الأغاني!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) يقابل: يراجع.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) بذّ الهيئة: زري الملبس.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) لاثها لفّها.:
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) السِّفر: الكتاب.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref5) انفصل: خرج.
فارس الجزائري
2009-04-10, 02:55
القصة رقم 15
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
عند نخّاس(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) الدّواب
قال الهيثم بن عديّ:
بينما أنا بكُناسة(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) الكوفة، إذا برجل مكفوف البصر قد وقف على نخّاس من نخّاسي الدواب. فقال له:
أبْغِنِي حماراً ليس بالصغير المحتقَر، ولا بالكبير المشْتًهًر، إذا خلا له الطريقُ تدفّق، وإذا كثُر الزِِّحام ترفّق، وإن أقللتُ علفَه صَبَر، وإن أكثرتُه شكَر، وإذا ركبتُه هام، وإن ركبه غيري نام!
فقال له النخاس:
يا عبد الله اصبر، فإذا مسخ الله القاضي حماراً أصبتَ به حاجتك إن شاء الله!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) نخاس الدواب: بائعها.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) الكناسة: موضع إلقاء القمامة.
http://img242.imageshack.us/img242/1189/5866d6d067fn9.gif
بارك الله فيك
فارس الجزائري
2009-04-10, 14:12
http://img242.imageshack.us/img242/1189/5866d6d067fn9.gif
بارك الله فيك
:dj_17:
وفيك بارك الاخت
اهلا وسهلا
نايل الهضاب
2009-04-10, 22:24
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/9667_1132190304.gif
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/jazak.gif
فارس الجزائري
2009-04-11, 02:15
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/9667_1132190304.gif
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/jazak.gif
:dj_17:
الله يعفيك أستاذ نايل
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-04-11, 02:18
القصة رقم 16
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
شهادة الحمير
كان بمكة رجل يجمع بين الرجال والنساء، ويحمل لهم الشراب فشُكِيَ إلى عامل مكة، فنفاه إلى عرفات، فبنى بها منزلاً، وأرسل إلى إخوانه فقال:
ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه؟
قالوا: وأين بك وأنت في عرفات؟
فقال: حمار بدرهم، وقد صِرتم على الأمن والنُّزهة.
ففعلوا، فكانوا يركبون إليه حتى فسدت أحداث مكة.(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1) فعادوا بشكايته إلى والي مكة، فأُرسل إليه وأُتيَ به. فقال الرجل:
يكذبون عليّ، أصلح الله الأمير.
فقالوا: دليلنا على ما نقول أن تأمر بحمير مكة فتُجمع وتُرسَل بها أمناءُ إلى عرفات، ثم يرسلونها،(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn2) فإن لم تقصد لمنزله من بين المنازل كعادتها إذا ركبها السفهاء فنحن غير مبطلين.
فقال الوالي: إن في هذا لدليلاً وشاهداً عدلاً.
فأمر بحمير من حمير الكراء(3) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn3) فجُمعت ثم أُرسلت، فصارت إلى منزله كما هي من غير دليل. فأعلمه بذلك أمناؤه، فقال:
ما بعد هذا شيء. جَرِّدوه!
فلما نظر الرجل إلى السّياط قال:
لابدّ أصلحك الله من ضربي؟
قال: نعم.
قال: والله ما في ذلك شيء هو أشدّ عليَّ من أن يشمت بنا أهلُ العراق ويضحكوا منا ويقولوا: أهل مكة يجيزون شهادة الحمير!
فضحك الوالي وخلّى سبيله.
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) أحداث مكة: شبابها.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref2) يرسلونها: يطلقونها وحدها.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref3) الكراء: الأجرة.
فارس الجزائري
2009-04-12, 02:25
القصة رقم 17
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
العدل المرغوب عنه
شكا أهل بلدة إلى المأمون والياً عليهم، فقال:
كذبتم عليه. صحَّ عندي عدلُه فيكم وإحسانُه إليكم.
فقال شيخ منهم:
يا أمير المؤمنين، فما هذه المحبّة لنا دون سائر رعيّتك؟ قد عدل فينا خمس سنين، فانْقُلْه إلى غيرنا حتى يشمَل عدلُه الجميع، وتربح معنا الكل!
فضحك المأمون وصرفه عنهم.
راعي الفتك
2009-04-12, 15:07
ممم ششش ككك ووو ررر
فارس الجزائري
2009-04-13, 01:43
القصة رقم 18
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
رغيف بألف دينار
في أيام المستنصر الفاطمي، وقع بمصر الغلاء الذي فَحُش أمرُه، وشنع ذكره. وكان أمده سبع سنين، وسببه ضعف السلطنة، واختلال أحوال المملكة، واستيلاء الأمراء على الدولة، واتصال الفتن بين العربان، وقصور النيل.
وقد استولى الجوع لعدم القوت حتى بيع الإردب من القمح بثمانين ديناراً، وأُكِلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمس دنانير.
وتزايدت الحال حتى أكل الناسُ بعضهم بعضاً. وكانت طوائف تجلس بأعلى بيوتها ومعهم حبال فيها كلاليب(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، فإذا مرَّ بهم أحد ألقوها عليه، ونشلوه في أسرع وقت، وشرّحوا لحمه وأكلوه. وجاء الوزير يوماً إلى الخليفة على بغلته، فأكلتها العامة، فشنق طائفة منهم، فاجتمع عليهم الناس فأكلوهم.
ومن غريب ما وقع أن امرأة من أرباب البيوتات أخذت عِقداً لها قيمته ألف دينار، وعرضته على جماعة في أن يعطوها به دقيقاً. وكان يُعتَذَر إليها إلى أن رحمها بعض الناس، وباعها به كيس دقيق. فلما أخذته أعطت بعضه لمن يحمله ويحميه من النهّابة في الطريق. فلما وصلت إلى باب زويلة، تسلّمته من الحُماة له ومشت قليلاً. فتكاثر الناس عليها وانتهبوه نهباً. فأخذت هي أيضاً مع الناس من الدقيق ملء يديها، لم ينُبها غيره. ثم عجنته وشوته، فلما صار قرصة أخذتها معها، وتوصَّلت إلى أحد أبواب القصر، ووقفت على مكان مرتفع، ورفعت القرصة على يديها بحيث يراها الناس، ونادت بأعلى صوتها:
يا أهل القاهرة ! ادعوا لمولانا المستنصر الذي أسعد الله الناسَ بأيامه حتى تقّومت عليّ القرصة بألف دينار !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الكُلاّب: حديده معطوفة الرأس كالمخلب.
فارس الجزائري
2009-04-14, 18:30
القصة رقم 19
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الرشيد وهدايا خرسان.
ركب يحي بن خالد البرمكي يوماً مع هارون الرشيد، فرأى الرشيد في طريقه أحمالاً، فسأل عنها، فقيل له:
هذه هدايا خرسان بعث بها إليك واليها علّي بن عيسى بن ماهان.
وكان ابن ماهان وَليهَا بعد الفضل بن يحي البرمكي. فقال الرشيد ليحي:
أين كانت هذه الأحمال في ولاية ابنك ؟!
فقال يحي:
كانت في بيوت أصحابها.
فأفحم الرشيد وسكت.
فارس الجزائري
2009-04-16, 01:21
القصة رقم 20
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الشاعر المُغَنِّي
كان حُنَين شاعراً مُغَنِّيناً فحلاً من فحول المغنِّين(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1). وكان نصرانياً يسكن الحِيرة(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)، ولم يكن بالعراق غيره، فاستولى عليه في عصره. وقَدِم ابنُ مُحْرِز المغني إلى الكوفة، فبلغ خبرُه حُنَيْناً، فخشي أن يعرفه الناسُ فَيَسْتَحْلُوه ويستوليَ على البلد فيسقُط هو. فتلطّف له حتى دعاه، فغنّاه ابنُ مُحرز لحناً، فسمع ما هاله وحيّره. فقال له حنين:
كم مَنَّتْك نفسك من العراق؟
قال: ألفَ دينار.
فقال: فهذه خمسمائة دينار عاجلة، فخُذها وانصرف، واحلف لي أنك لا تعود إلى العراق.
وكان ابنُ مُحْرِز صغير الهمّة، لا يحبّ عِشرة الملوك، ولا يُؤْثر على الخَلْوة شيئاً. فأخذها وانصرف.
ثم قدم الحِيرةَ ابن سُريج المغني ومعه ثلاثمائة دينار. فأتى بها منزل حُنين، وقال:
أن رجل من أهل الحجاز، بلغني طِيبُ الحيرة وجَودة خمرها، وحُسن غنائك، فخرجت بهذه الدنانير لأنفقها معك وعندك، ونتعاشر حتى تنفذ وأنصرف.
فسأله حنين عن اسمه ونَسَبه، فَغَيرَّهما، وانتمى إلى مخزوم. فأخذ حنين المال منه وقال:
مُوَفَّرُ مالُك عليك، ولك عندنا كلُّ ما يحتاج إليه متلُك ما نَشِطْتَ للمُقام عندنا، فإذا دَعَتْكَ نفسُك إلى بلدك جَهَّزناك إليه، ورددنا عليك مالك.
وأسكنه داراً كان ينفرد فيها، فمكث عنده شهرين لا يعلم حنين ولا أحد من أهله أنه يُغَنّي، حتى انصرف حنين من دار الوالي في يوم صائف مع قيام الظَّهيرة، فصار إلى باب الدار التي كان أَنزل ابنَ سُريج فيها، فوجده مغلقاً. فارتاب بذلك، ودقَّ الباب فلم يُفتح له ولم يُجبه أحد.
فصار إلى منازل الحُرَم فلم يجد فيها ابنتَه ولا جواريها، ورأى ما بين الدار التي فيها الحُرَم ودار ابن سُريج مفتوحاً. فانتضى سيفه ودخل الدار ليقتل ابنته، فلما دخلها رأى ابنته وجواريها وقوفاً على باب السرداب وهنَّ يُومِئْنَ إليه بالسكوت وتخفيف الوطء. فلم يلتفت إلى إشارتهن لِمَا تدخله، إلى أن سمع تَرَنُّم ابن سريج. فألقى السيف من يده، وصاح به ـ وقد عرفه من غير أن يكون رآه، ولكن بالنَّعْت والحِذْق:
أبا يحي، جُعلتُ فداءك، أتيتنا بثلاثمائة دينار لتنفقها عندنا في حِيرتنا! فوحقِّ المسيح لا خرجتَ منها إلا ومعك ثلاثمائة دينار وثلاثمائة دينار وثلاثمائة دينار، سوى ما جئت به معك!
ثم دخل عليه فعانقه ورحّب به، ثم صار معه إلى الوالي فوصَلَه بعشرين ألف درهم.
وكان المغنون في ذلك العصر ربعة نفر: ثلاثة بالحجاز هم ابن سريج والغَرِيض ومَعْبَد، وحُنين وحده بالعراق. فاجتمع الثلاثة بالحجاز فتذاكروا أمر حنين، وقالوا: ما في الدنيا أهلُ صناعة شرّ منا؛ لنا أخ بالعراق ونحن بالحجاز، لا نزوره ولا نستزيره(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) ؟! فكتبوا إليه، ووجّهوا إليه نفقة، وكتبوا يقولون:
نحن ثلاثة وأنت وحدكَ، فأنت أولى بزيارتنا.
فَشَخَص إليهم(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4). فلما كان على مرحلة من المدينة بَلَغَهم خبرُه، فخرجوا يتلقَّوه. ودخلوا المدينة، فلما صاروا في بعض الطريق قال لهم معبد: صِيروا إليَّ. فقال له ابن سريج: إن كان لك من الشرف والمروءة مثلُ ما لمولاتي سُكَينة بنت الحسين عَطَفْنا إليك. فقال: ما لي من ذلك شيء.
وعَدَلوا إلى منزل سكينة. فلما دخلوا إليها أَذِنَت للناس إِذْناً عاماً، فَغَصَّت الدارُ بِهم ليسمعوه، وصعِدوا فوق السطح وازدحموا عليه، فسقط الرِّواق على مَن تحته فمات حنينُ تحت الهدم.
ـــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) من فحول المغنين: من عظمائهم.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) الحِيرة: بلدة في العراق بين النجف والكوفة.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) نستزيره: نطلب منه زيارتنا.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) شخص إليهم: رحل قاصداً إياهم.
فارس الجزائري
2009-04-16, 01:28
القصة رقم 21
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ويل للمكذِّبين
لما غضب هارون الرشيد على ثمامة بن أشرس المعتزلي(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، دفعه إلى سلام الأبرش، وأمره أن يضيّق عليه، وأن يدخله بيتاً ويطين عليه ويترك فيه ثقباً. ففعل دون ذلك، وكان يدسّ إليه الطعام. فجلس سلام عشيةً وهو يقرأ في المصحف، فقرأ (ويل يومئذٍ للمكذَّبين). فقال ثمامة:
إنما هو (المكذِّبين). وجعل يشرح ويقول: (المكذَّبون) هم الرُّسُل، و(المكذِّبين) هم الكفار.
فقال سلام:
قد قيل لي أنك زنديق ولم اُصدَّق!
ثم ضيّق عليه أشدّ الضيق.
ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه. فقال له يوماً:
أخبرني عن أسوأ الناس حالاً.
قال ثمامة:
عاقل يجري عليه حكم جاهل.
فظهر الغضب في وجه الرشيد. فقال ثمامة:
يا أمير المؤمنين، ما أحسبني وقعتُ بحيث أردت.
قال: لا والله، فاشرح.
فحدّثه بحديث سلام، فضحك الرشيد حتى استلقى.
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) ثمامة ابن أشرس: إمام أهل الفكر الحر في العصر العباسي الأول.
فارس الجزائري
2009-04-16, 01:32
القصة رقم 22
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
شرطُ نظْمِ الشِّعر
استأذن أبو نواس خلفاً الأحمر(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) في نظم الشعر، فقال له:
لا آذن لك في عمل الشعر إلا أن تحفظ ألف مقطوع للعرب ما بين أرجوزة وقصيدة ومقطوعة.
فغاب عنه مدة وحضر إليه، فقال له:
قد حفظتُها.
فقال له خلف الأحمر: أَنشِدْها.
فأنشده أكثرها في عدة أيام. ثم سأله أن يأذن له في نظم الشعر، فقال له:
لا آذن لك إلا أن تنسى هذه الألف أرجوزة كأنك لم تحفظها.
فقال له:
هذا أمرٌ يصعب عليَّ، فإني قد أتقنت حفظها.
فقال له:
لا آذن لك إلا أن تنساها.
فذهب أبو نواس إلى بعض الأديرة، وخلا بنفسه، وأقام مدّة حتى نسيها. ثم حضر فقال:
قد نسيتها حتى كأن لم أكن حفظتها قط.
فقال له خلف:
الآن انظم الشِّعر!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) خلف الأحمر (توفي عام 796م) راوية وعالم بالأدب وشاعر من أهل البصرة. وهو من أعلم أهل زمانه بالشعر.
فارس الجزائري
2009-04-16, 01:34
القصة رقم 23
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قميص القاضي وقميص الوزير
كان الوزير علي بن عيسى متزمّتاً متخشِّناً. وكان يحب أن يَبِين فضلُه في هذا على كل أحد.
دخل إليه يوماً أبو عمر القاضي، وعَلَى أبي عمر قميص فاخر. فأراد الوزيرُ أن يُخْجله، فقال له:
يا أبا عمر، بكم اشتريتَ هذا القميص؟
فقال: بمائتي دينار.
فقال الوزير:
ولكني اشْتُرِيَت لي هذه الدّراعة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) وهذا القميص الذي تحتها بعشرين ديناراً.
فقال له أبو عمر مسرعاً كأنه قد أعدّ له الجواب:
الوزير أعزّه الله يُجَمِّل الثياب، ولا يحتاج إلى المبالغة فيها، والكل يعلم أنه يدع هذا عن قدرة. ونحن نتجملّ بالثياب فنحتاج إلى المبالغة فيها، لأنّا نلابس العوام(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) ومن نحتاج إلى التفخم عليه، وإقامة الهيبة في نفسه بها.
فكأنما ألقَم الوزير حجراً، فسكت عنه.
ـــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الدّراعة: جُبة مشقوقة المُقَدَّم.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) نلابس العوام: نخالطهم.
فارس الجزائري
2009-04-16, 01:36
القصة رقم24
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الخَبيصُ اللَّبيص
كان شجاع بن القاسم – كاتب الأمير أوتامش- أمّياً لا يقرأ ولا يكتب ولا يفهم، وإنما عُلِّم علامات يكتبها في التواقيع(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1). وكانت جملة كلامه أغاليط.
فعمل ابن عمّار شعراً لا معنى له، واتفق مع صديق له من الهاشميين على أن ينشده شجاع بن القاسم ويعرِّفه أنه مدح له، وضمن له على ذلك ألف درهم. والشَِّعر:
شُجاعُ لجاعٌ كاتبٌ لاتبٌ معاً***كجلمود صخر حطّه السيلُ من علِ
خبيصٌ لبيص مستمرٌ مقوّم***كثيرٌ أثيرٌ ذو شمال مهذّبُ
بليغٌ لبيغ كلما شئت قلتـه***فإن كنتَ مسكاتاً عن القول فاسكتِ
فطين لطين آمرُ لك زاجر***حصيف لصيف كل ذلك يعلمُ.
فوقف إليه وقال:
أيها الوزير، ليس الشعر من صناعتي، ولكنك أحسنتَ إليّ وإلى أهلي بما أوجب شكرَك، فتكلّفتُ أبياتاً مدحتُك فيها، فتفضّل بسماعها.
ثم أنشد الأبيات. فشكره شجاع عليها، وسُرّ بها سروراً زائداً، ودخل إلى الخليفة المستعين فأخرج لابن عمار صلة عشرة آلاف درهم، وأجرى له ألفَ درهم في كل شهر!
ـــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) التواقيع: ما يعلقه الرئيس على كتاب أو طلب برأيه فيه.
أشكرك على فكرة كل يوم حكاية يا أخ فارس
فارس الجزائري
2009-04-22, 22:03
أشكرك على فكرة كل يوم حكاية يا أخ فارس
:dj_17:
عفوا الأخت
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-04-22, 22:05
لي عودة إن شاء الله بعد فترة ليست بالقصيرة
لكي نواصل ما بدأناه
kaloba19
2009-04-24, 08:33
شكرا على هذه الخكيات
بادرة طيبة أضحكتنا أضحك الله سنك أخوك milta
صالح القسنطيني
2009-04-30, 12:51
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخي فارس صاحب القلم المميز
و جزاك من خير ما يجازي به عباده المحسنين
و شكر لك جهدك و عملك و نفعك لإخوانك
و حبذا لو أرفقت الموضوع في توقيعك، حتى يطلع عليه الجميع دون المجيء إلى هذا القسم، الذي قد يتعذر فتحه و ظهوره خاصة إذا كان النت تقيلا
امير الجود
2009-05-08, 10:57
شكــرا لك اخي الكريـــم بارك الله فيـــك
sara 1993
2009-05-09, 22:51
مواضيع رائعة شكرا جزيلا
amel1991
2009-05-11, 22:53
الف شكر الك ماشاء الله
مشكور أخي الكريم على هذه القصص
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:11
شكرا على هذه الخكيات
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:13
بادرة طيبة أضحكتنا أضحك الله سنك أخوك milta
:dj_17:
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:17
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك أخي فارس صاحب القلم المميز
و جزاك من خير ما يجازي به عباده المحسنين
و شكر لك جهدك و عملك و نفعك لإخوانك
و حبذا لو أرفقت الموضوع في توقيعك، حتى يطلع عليه الجميع دون المجيء إلى هذا القسم، الذي قد يتعذر فتحه و ظهوره خاصة إذا كان النت تقيلا
:dj_17:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
وفيك بارك أخي صالح
وإن شاء الله سأضعه في توقيعي عن قريب
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:19
شكــرا لك اخي الكريـــم بارك الله فيـــك
:dj_17:
وفيك بارك
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:24
مواضيع رائعة شكرا جزيلا
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:26
الف شكر الك ماشاء الله
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:28
مشكور أخي الكريم على هذه القصص
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:30
شكرا على القصص
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:41
القصة رقم 25
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
حكاية المعتضد والمال المسروق.
مما ذكر من خبر الخليفة المعتضد(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1) وحزمه في الأمور وحيله، أنه أطلق من بيت المال لبعض الرسوم في الجند عشر بِدَر(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn2)، فحُملت إلى منزل صاحب عطاء الجيش ليصرفها فيهم. فنُقب(3) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn3) منزله في تلك الليلة، وأُخذت العشر بِدَر.
فلما أصبح نظر إلى النّقب ولم ير المال، فأمر بإحضار صاحب الحرس، وقال له:
إن هذا المال للسلطان والجند، ومتى لم تأت به أو بالذي نقبه وأخذ المال، ألزمك أميرُ المؤمنين غُرمَه.
فجدّ في طلبه، وأحضر التوّابين والشرط ( والتّوابون هم شيوخ اللصوص الذين كبروا وتابوا، فإذا جرت حادثة علموا مِن فِعْل من هي، فدلوا عليه، وربما يتقاسمون واللصوص ما سرقوه). فتقدم إليهم في الطلب، وتَهدَّدهم وأوعدهم. فتفرّق القوم في الدروب والأسواق والمواخير(4) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn4) ودور القمار، فما لبثوا أن أحضروا رجلاً نحيفاً ضعيف الجسم، رث الكسوة، فقالوا:
يا سيدي، هذا صاحب الفعلة، وهو غريب من غير هذا البلد.
فأقبل عليه صاحب الحرس، فقال له: ويلك ! من كان معك؟ ما أظنك تقدر على عشر بدر وحدك في ليلة.
فما زاده على الإنكار شيئا. فأقبل يترفق به، ويعده أن يرزقه ويعظم جائزته، ويتوعده بكل مكروه، وهو على إنكاره. فلما غاظه ذلك ويئس من إقراره، أخذ في عقوبته، وضربه بالسوط على ظهره وبطنه وقفاه ورأسه وأسفل رجليه وكعابه، حتى لم يكن للضرب فيه موضع. وبلغ به ذلك إلى حالة لا يعقل فيها ولا ينطق، ولم يقرّ بشيء.
وبلغ ذلك المعتضد، فأحضر صاحب الجيش، وقال له:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) المعتضد: خليفة عباسي (892 إلى 902م) اشتهر بالحزم وسعة الحيلة.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref2) البدرة: كيس عشرة آلاف درهم.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref3) نقب الحائط: خرقه.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref4) المواخير: دور الدعارة.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:44
ويلك! تأخذ لصاً قد سرق من بيت المال عشر بدر، فتبلغ به الموت والتلف حتى يهلك الرجل ويضيع المال؟! فأين حيل الرجل؟ أحضرني الرجل.
فأتى به، وسأله فأنكر، فقال له:
ويلك؛ إن متَّ لم ينفعك، وإن برئت من هذا الضرب ونجوت لم أدعك تصل إليه. فلك الأمان والضمان على ما تصلح به حالتك.
فأبى إلا الإنكار. فقال المعتضد:
عليَّ بأهل الطب.
فأحضروا. فقال:
خذوا هذا الرجل إليكم، فعالجوه بأرفق العلاج، وواظبوا عليه بالمراهم والغذاء، واجتهدوا أن تبرئوه في أسرع وقت.
فأخذوه إليهم، حتى صحّ وقوي جسمه، وظهر لونه، ورجعت إليه نفسه.
ثم أمر المعتضد بإحضاره، فلما حضر بين يديه، سأله عن حاله، فدعا وشكر، وقال:
أنا بخير ما أبقى الله أمير المؤمنين.
ثم سأله عن المال، فعاد إلى الإنكار. فقال له:
لست تخلو من أن تكون أخذته وحدك كله، أو وصل إليك بعضه. فإن كنت أخذته كله فإنك تنفقه في أكل وشرب ولهو، ولا أظنك تفنيه قبل موتك، وإن مت فعليك وزره. وإن كنت أخذت بعضه سمحنا لك به، فأقرّ لنا به وأقر على صحابك، فإني أقتلك إن لم تقرّ، ولا ينفعك بقاء المال بعدك، ولا يبالي أصحابك بقتلك. ومتى لأقررت دفعت إليك عشرة آلاف درهم، ورسمتك من التّوابين، وأجريت لك في كل شهر عشرة دنانير تكفلك لأكلك وشربك وكسوتك وطيبك، وتنجو من القتل، وتتخلص من الإثم.
فأبى إلا الإنكار. فاستحلفه فحلف. وأظهر له مصحفاً واستحلفه فحلف عليه. فقال المعتضد:
إني سأظهر على المال(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1)، فإن أنا ظهرت عليه بعد هذه اليمين قتلتُك.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) ظهر عليه: وجده.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:48
فأبى إلا الإنكار. فقال له:
فضع يديك على رأسي واحلف بحياتي.
فوضع يده على رأسه وحلف بحياته لأنه ما أخذه، وأنه مظلوم متهم، وأن التوّابين قد تبرءوا به. فقال له المعتضد:
فإن كنتَ قد كذبت قتلتك وأنا بريء من دمك؟
قال: نعم.
فأمر الخليفة بإحضار ثلاثين أسود، وأمرهم أن يتناوبوا في ملازمته، فأتت عليه أيام هو قاعد لا يتكئ ولا يستند ولا يستلقي ولا يضطجع، وكلما خفق(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1) خفقة لُكِم في فكه وضرب على رأسه. حتى إذا ضعف وقارب التلف، أمر المعتضد بإحضاره. فأعاد عليه ما كان خاطبه به، فحلف أنه ما أخذ المال، ولا يعرف من أخذه. فقال المعتضد لمن حضر:
قلبي يشهد أنه بريء وأن ما يقوله الحق.
ثم أمر بإحضار مائدة عليها طعام، وأحضر بارد الشراب، وأمره بالجلوس. فأقبل يأكل ويشرب، ويُحثّ على الأكل ويُلقم ويعاد الشراب عليه ويكرّر، حتى لم يبق للأكل والشراب موضع. ثم أمر ببخور وطيب، فبُخِّر وطُيب، وأُتي له بحشية ريش فَوُطِّيء له ومُهِّد. فلما استلقى واستراح وغفا، أمر المعتضد بإزعاجه وسرعة إيقاظه. فحُمل من موضعه حتى أُقعد بين يديه وفي عينيه الوسن. فقال له:
حدثني كيف صنعت؟ وكيف نقبت؟ ومن أين خرجت؟ وإلى أين ذهبت بالمال؟ ومن كان معك؟
قال:
ما كنت إلا وحدي، وخرجتُ من النقب الذي دخلت منه، وكان مقابل الدار حمّام له كوم شوك يوقد به، فأخذت المال، ورفعت ذلك الشوك فوضعته تحته، وغطيته، وهو هنالك.
فأمر بردّه إلى فراشه، فردّوه وأضجعوه عليه. ثم أمر بإحضار المال، فأحضر عن آخره. وأحضر صاحب الحرس والوزير والجلساء، وقد غطي المال بالبساط ناحية من المجلس. ثم أمر بإيقاظ اللص وقد اكتفى من النوم وذهب عنه الوسن، فقال له بحضرة الجميع مثل قوله الأول، فجحد وأنكر. فأمر بكشف البساط، وقال له:
أليس هذا المال؟ ألم تفعل كذا وكذا؟ يصف له ما حدث به.
فأسقط في يد اللص. ثم أمر فقبض على يديه ورجليه وأوثق، ثم أمر بمنفاخ فنفخ في دبره، وأتى بقطن فحشي في أذنيه وفمه وخيشومه(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn2)، وأقبل بنفخ وقد خلّى عن يديه ورجليه من الوثاق، وأمسك بالأيدي وقد صار كأعظم ما يكون من الزِّقاق المنفوخة، وقد ورم سائر أعضائه وعظم جسمه، وعيناه قد امتلأتا وبرزتا. فلما كاد أن ينشقّ، أمر بعض الأطباء فضربه في عرقين فوق الحاجبين، فأقبلت الريح تخرج منهما مع الدم ولها صوت وصفير، إلى أن خَمَدَ ومات.
ــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) خفق: نعس.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref2) الخشوم: بطن الأنف.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:49
القصة رقم 26
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الصبيّ الغريق.
لما انتصر جيش الخليفة المعتضد على هارون الشاري، نُصبت القباب ببغداد، وزينت الطرقات، وتكاثف الناس على الجسور، فانخسف بهم الجسر الأعلى وسقط على زورق مملوء ناساً، فغرق في ذلك اليوم نحو من ألف نفس، واستخرج الغرقى من نهر دجلة بالكلاليب وبالغاصة، وارتفع الضجيج، وكثر الصراخ من الجانبين جميعاً.
فبينما الناس كذلك إذ أخرج بعض الغاصة صبياً عليه حلي فاخرة من ذهب وجوهر، فبصر به شيخ من النظارة، فجعل يلطم وجهه حتى أدمى أنفه، ثم تمرّغ في التراب، وجعل يصيح:
ابني! لم تمت إذ أخرجوك صحيحا سويا لم يأكلك السمك! ليتني يا حبيبي كحلت عيني بك مرة قبل الموت!
وأخذه فحمله على حمار، ثم مضى به.
فما برح القوم الذين رأوا من الشيخ ما رأوا، حتى أقبل رجل معروف باليسار مشهور من التجار، حين بلغه الخبر، وهو لا يشك إلا أن الصبي في أيديهم، وليس يهمه ما كان عليه من حلّي وثياب، وإنما أراد أن يكفِّن ابنه ويصلِّي عليه ويدفنه. فخبّره الناس بالخبر، فبقي هو ومن معه من التجار متعجبين مبهوتين، وسألوا عن الشيخ المحتال واستبحثوا فإذا لا عين ولا أثر.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:52
القصة رقم 27
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
إبراهيم الموصلي وزائره الغريب.
قال المغني إبراهيم الموصلي:
استأذنت هارون الرشيد في أن يهب لي في كل أسبوع يوما أخلو فيه مع جواري، فأذن لي في يوم الأحد. وقال:
هو يوم استثقلته.
فلما كان في بعض الآحاد أتيت الدار فدخلت، وأمرت الحجاب ألاّ يأذنوا لأحد عليّ، وأغلقت الأبواب.
فما هو إلا أن جلست حتى دخل علي شيخ حسنُ السمت والهيئة، على رأسه قلنسوة صغيرة، وفي رجله خفان أحمران، وفي يده عصا مُقَمَّعة بفضة.
فلما رأيته امتلأت غيظا، وقلت: ألم آمر الحجاب ألا يأذنوا لأحد؟
ثم أفكرت وقلت: لعلهم علموا من الشيخ ظرفا وهيئة، فأحبوا أن يؤنسوني به في هذا اليوم.
وسلم الشيخ، فلما أمرته بالجلوس جلس، وقال:
يا إبراهيم، ألا تغنيني صوتاَ؟
فامتلأت عليه غيظا، ولم أجد إلى ردّه سبيلا في منزلي، وحملته منه على سوء أدب العامة. فأخذتُ وضربتُ وغنيت ووضعت العود.
فقال لي:
لم قطعت هزارك؟(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1).
فزادني غيظا، وقلت: لا يُسَيِّدُني ولا يُكَنِّيني ولا يقول أحسنت!
فأخذت العود فغنيت الثانية، فقال لي: أحسنت! فكدت والله أشق ثيابي!
وغنيت تمام الهزار. فقال: أحسنت يا سيدي! ثم قال ناولني العود.
فو الله لقد أخذه فوضعه في حجره ثم جسه من غير أن يكون ضرب بأنملة، فوالله خلت زوال نعمتي في جسه.
ثم ضرب وغنى:
وقد زعموا أن المحبّ إذا دنا**يُمَلُّ، وأن الناي يسلي من الوجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا**على أن أقرب الدار خير من البعد
فو الله لقد خلت كل شيء في الحضرة يتغنى معه حتى الأبواب والستور والنمارق والوسائد وقميصي الذي على بدني. ثم قال:
يا أبا إسحاق! هذا الغناء الماخوريّ، تعلّمه وعلِّمه جواريك.
ثم وضع العود من حجره وقام إلى الدار، فلم أره. فدفعت أبواب الحرم فإذا هي مغلقة. فسألت الحجّاب عن الرجل، فقالوا لي:
لم يدخل عليك أحد حتى يخرج.
فأمرت بدابتي فأسرجت، وركبت من فوري إلى دار الخليفة، واستأذنت. فلما رآني قال:
ألم تنصرف آنفا على نية المقام في منزلك والخلوة بأهلك؟
قلت:
يا سيدي، جئت بغريبة.
وقصصت عليه القصة. فضحك الرشيد حتى رفع الوسائد برجليه، وقال لي:
كان نديمك اليوم إبليس يا أبا إسحاق. وددت أنه لو متعنا بنفسه كما متعك!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الهزار: اللحن.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:54
القصة رقم 28
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
إن شاء الله!
خرج رجل إلى السوق يشتري حماراً، فلقيه صديقله، فسأله أين هو ذاهب، فقال:
إلى السوق لأشتري حماراً.
فقال:
قل إن شاء الله.
قال:
ليس ها هنا موضع إن شاء الله؛ الدراهم في كمّي، والحمار في السوق.
فبينما هو يطلب الحمار، سرقت منه الدراهم، فرجع خائباً، فلقيه صديقه فقال له:
ما صنعت؟
قال:
سرقت الدراهم إن شاء الله!.
فارس الجزائري
2009-05-17, 00:56
القصة رقم29
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الأخوان والحية.
حجّ الخليفة عبد الملك بن مروان في بعض أعوامه، فخطب في أهل المدينة وقال:
مثلنا ومثلكم أنّ أخوين في الجاهلية خرجا مسافرين، فنزلا في ظل شجرة. فلما دنا الرّواح خرجت إليهما حيّة تحمل ديناراً فألقته إليهما، فقالا:
إن هذا لمن كنز.
فأقاما عليها ثلاثة أيام، كل يوم تخرج إليهما دينارا. فقال أحدهما لصاحبه:
إلى متى ننتظر هذه الحية؟ ألا نقتلها ونحفر هذا الكنز فنأخذه؟
فنهاه أخوه وقال له:
ما تدري لعلك تعطب ولا تدرك المال.
فأبى عليه، وأخذ فأسا معه، ورصد الحية حتى خرجت فضربها ضربة جرحت رأسها ولم تقتلها. فثارت الحية فقتلته، ورجعت إلى جحرها.
فقام أخوه فدفنه، وأقام حتى إذا كان من الغد، خرجت الحية معصوبا رأسها ليس معها شيء. فقال لها:
يا هذه، إني والله ما رضيتُ ما أصابك، ولقد نهيتُ أخي عن ذلك.
فهل لك أن نجعل الله بيننا أن لا تضرّيني ولا أضرّك، وترجعين إلى ما كنت عليه؟
قال الحية: لا
قال: ولم ذلك؟
قالت: إني لأعلم أن نفسك لا تطيب لي أبدا وأنت ترى قبر أخيك، ونفسي لا تطيب لك أبدا وأنا أذكر هذه الشجة.
فيا أهل المدينة، وليكم عمر بن الخطاب فكان فظا غليظا مضيقا عليكم، فسمعتم له وأطعتم. ثم وليكم عثمان فكان سهلا لينا كريما فعدوتم عليه فقتلتموه. وبعثنا عليكم مسلما يوم الحرة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) فقتل منكم من قتل. فنحن نعلم أنكم لا تحبوننا أبدا وأنتم تذكرون يوم الحرة، ونحن لا نحبكم أبدا ونحن نذكر مقتل عثمان.
ـــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) يوم الحرة: انتصر فيه الأمويون على أهل الميدنة في أيام يزيد بن معاوية حين قاموا بثورة ضده.
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:00
القصة رقم 30
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
كيف تأمر المرأة بالغزو؟
سأل المنذر بن عبد الرحمن النحوي محمد بن مبشر الوزير في بعض مجالسه:
كيف تأمر المرأة بالغزو من غزا يغزو؟
فأجال ابن مبشر فكره في المسألة فلم يتجه له جوابها. فقال له:
يا أبا الحكم، ما رأيت أشنع من مسألتك! الله يأمرها أن تقر في بيتها، وأنت تريد أن تأمرها بالغزو؟!
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:02
القصة رقم 31
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أكثر الناس يقرأها بالفتح.
قرأ الخليفة المتوكل يوما، وبحضرته وزيره الفتح بن خاقان: (وما يُشْعِرُكُم أَنَّها إذا جاءت. فقال له الفتح:
يا سيدي، (إِنّها إذا جاءت) بالكسر.
ووقعت المشاجرة، فتراهنا على عشرة آلاف دينار، وتحاكما إلى يزيد بن محمد المهبلي الشاعر – وكان صديقا للمبرد(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) – فلما وقف يزيد على ذلك خاف أن يسقط أحدهما، فقال:
والله ما أعرف الفرق بينهما. وما رأيت أعجب من أن يكون باب أمير المؤمنين يخلو من عالم متقدم.
فقال المتوكل:
فليس ها هنا من يُسأَل عن هذا؟
قال:
ما أعرف أحدا يتقدم فتى البصرة يعرف بالمبرد.
فقال: ينبغي أن يشخص.
فلما أدخل المبرد على الفتح بن خاقان، قال له:
يا بصري، كيف تقرأ هذا الحرف ( وما يُشْعِرُكم إنها إذا جاءت لا يؤمنون) بالكسر، أو ( أنها إذا جاءت) بالفتح؟
قال المبرد:
(إنها) بالكسر. وذلك أن أول الآية: ( وأَقْسَموا بالله جَهْد أيما نهم لئن جاءتهم آية لَيُؤْمِنُنَّ بها، قُل إنما الآيات عند الله وما يُشْعِرُكم)، ثم قال: تبارك وتعالى: ( يا محمد ( إنّها إذا جاءت لا يؤمنون) باستئناف جواب الكلام المتقدم.
قال الفتح: صدقت.
ثم ركب إلى دار أمير المؤمنين، وعرّفه بقدوم المبرّد، وطالبه بدفع ما تخاطرا عليه. فأمر المتوكل بإحضار المبرد. فلما وقعت عينه عليه قال: يا بصريّ، كيف تقرأ هذه الآية ( وما يُشْعِرُكم إنها إذا جاءت ) بالكسر، أو (أَنَّها إذا جاءت ) بالفتح؟
قال المبرّد:
يا أمير المؤمنين، أكثر الناس يقرأها بالفتح.
فضحك المتوكل وضرب برجله اليسرى، وقال:
أحضر يا فتحُ المال.
فقال: إنه والله يا سيدي قال لي خلاف ما قال لك.
فقال المتوكل:
دعني من هذا. أحضر المال!
وخرج المبرّد، فلم يصل إلى الموضع الذي كان أُنْزِلَه حتى أتته رُسُل الفتح. فلما أتاه قال له:
يا بصريّ، أول ما ابتدأنا به الكذب!
قال البرّد: ما كذبتُ.
فقال: كيف وقد قلتَ لأمير المؤمنين إن الصواب: ( وما يُشْعِرُكم أَنها إذا جاءت ) بالفتح؟
فقال:
أيها الوزير، لم أقل هكذا، وإنما قلت: أكثر الناس يقرأها بالفتح.
وأكثرهم على خطأ. وإنما تخلصتُ من اللائمة، وهو أمير المؤمنين.
فقال الفتح: أحسنت!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) المبرد: (826 – 898م) من أكبر النحويين العرب وصاحب كتاب (الكامل).
أبوعبد الباسط
2009-05-17, 01:03
ألف حكاية ام مائة حكاية يافارس .علي كل حال متعك الله بكل خير .ياليت يكون لي هذا النفس الطويل .والله عندي من الكتب النفيسة ماشاء الله وكل مرة أقول انفع نفسي وإخواني ولا زالت همتي تقصر بي والملل يتسرب إلي داخلي والأشغال تؤخرني حينا بعد حين والله المستعان.
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:03
القصة رقم 32
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
نَعْلُ رسول الله
قعد الخليفة المهدي قعوداً عاماً للناس، فدخل رجل وفي يديه نعل في منديل، فقال:
يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك.
فقال هاتها!
فدفعها إليه، فقبّل المهدي باطنها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم. فلما أخذها وانصرف، قال المهدي لجلسائه:
أترون أني لم أعلم أن رسول الله لم ير النعل هذه، فضلاً عن أن يكون لبسها؟ غير أننا لو كذّبناه قال للناس: أتيتُ أميرَ بنعل رسول الله فردّها عليّ، وكان من يصدّقه أكثر ممن يدفع خبره، إذ كان من شأن العامة الميل إلى أشكالها، والنصرة للضعيف على القوي وإن كان الضعيف ظالما. فاشترينا لسانه، وقبلنا هديته، وصدقنا قوله، ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح.
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:08
ألف حكاية ام مائة حكاية يافارس .علي كل حال متعك الله بكل خير .ياليت يكون لي هذا النفس الطويل .والله عندي من الكتب النفيسة ماشاء الله وكل مرة أقول انفع نفسي وإخواني ولا زالت همتي تقصر بي والملل يتسرب إلي داخلي والأشغال تؤخرني حينا بعد حين والله المستعان.
:dj_17:
في الواقع يا أخي هي مئة حكاية ولكن عنوان الكتاب الذي أحاول أن أقرأه أنا وإخوتي في المنتدى هو ألف حكاية وحكاية
أعانك وأعانني الله على همومنا ومشاغلنا فوالله حالي مثل حالك وأنا أحاول أن أسترق بعض الوقت لكي أتواصل مع إخواني وأنفعهم وينفعوني إن شاء الله
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:11
القصة رقم 33
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
كيف ولي أياس بن معاوية القضاء.
قدّم إياس بن معاوية شيخاً إلى قاضي دمشق، وكان إياس يومئذ غلاماُ أمرد. فقال له القاضي:
ما تستحي تقدم شيخاً كبيراً إلى القضاء؟
قال إياس: الحقّ أكبر منه.
قال: ما أظنك يا غلام إلا ظالماً.
قال: ما على ظنّك خرجتُ من أهلي.
قال: اسكت!
قال: فمن ينطق بحجّتي إذاً؟
قال: ما أظنك تقول في مجلسك هذا حقاً.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله.
فبلغ ذلك الخليفة عبد الملك بن مروان، فعزل القاضي وولاه وهو يومئذ غلام.
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:13
القصة رقم 34
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قصة أبي نواس مع شاعر الأندلس.
كان عباس بن ناصح، الشاعر الأندلسي، لا يَقْدَم من المشرق قادمٌ إلا سأله عمن نجم(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) هناك في الشعر، حتى أتاه رجل من التجار فأعلمه بظهور أبي نواس، وأنشده من شعره قصيدتين؛ إحداهما قوله:
جريتُ مع الصبا طلق الجموح.
والثانية:
أما ترى الشمس حلت الحملا.
فقال عباس:
هذا أشعر الجن والإنس. والله لا حبسني عنه حابس.
فتجهز إلى المشرق. فلما حل بغداد نزل منزلة المسافرين، ثم سأل عن منزل أبي نواس، فأرشد إليه، فإذا بقصر على بابه الخدم. فدخل مع الداخلين، ووجد أبا نواس جالسا في مقعد نبيل، وحوله أكثر متأدّبي بغداد، يجري بينهم التمثل والكلام في المعاني. فسلم عباس وجلس حيث انتهى به المجلس، وهو في هيئة السفر.
فلما كاد المجلس ينقضي، قال له أبو نواس: من الرجل؟
قال: باغي أدب.
قال: أهلا وسهلا. من أين تكون؟
قال: من المغرب الأقصى. وانتسب له إلى قرطبة.
فقال له: أتروي من شعر أبي المخشيّ شيئاً؟
قال: نعم.
قال: فانشدني.
فأنشده شعره في العمى. فقال أبو نواس:
هذا الذي طلبته الشعراء فأضلته. أنشدني لأبي الأجرب.
فأنشده. ثم قال: أنشدني لبكر الكنانيّ.
فأنشده. ثم قال أبو نواس:
شاعر البلد اليوم عباس بن ناصح؟
قال عباس: نعم.
قال: فأنشدني له. فأنشده:
فأدتُ القريض ومن ذا فأد
فقال أبو نواس: أنت عباس؟
قال: نعم!
فنهض أبو نواس إليه فاعتنقه إلى نفسه، وانحرف له عن مجلسه.
فقال له من حضر المجلس:
من أين عرفته أصلحك الله؟
قال أبو نواس:
إني تأملته عند إنشاده لغيره، فرأيته لا يبالي ما حدث في الشعر من استحسان أو استقباح. فلما أنشدني لنفسه استبنتُ عليه وجمةً، فقلت: إنه صاحب الشعر!
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) نجم: ظهر.
فارس الجزائري
2009-05-17, 01:14
سأعود قريبا إن شاء الله لنواصل ما بدأناه
اللهم صلِّ وسلم على الحبيب المصطفى
nabil406hdi
2009-05-18, 11:52
بارك الله فيك اخي
فارس الجزائري
2009-05-19, 17:55
بارك الله فيك اخي
:dj_17:
وفيك بارك
أهلا وسهلا
isba2007
2009-05-24, 16:53
مشكوور كثيرا
فارس الجزائري
2009-05-25, 20:15
مشكوور كثيرا
:dj_17:
العفو أستاذي الكريم
أهلا وسهلا
مسكينة تلك المرءة والله حرام
FETHI LAKHAL
2009-06-01, 22:32
--------------------------------------------------------------------------------
القصة رقم 4
الحب والطعام
كان أبو الحارث حسين يُظهِر لجارية من المحبة أمراً عظيماً. فدعتْه وأخّرت الطعام إلى أن أضاق، فقال:
يا سيدتي، مالي لا أسمع للغداء ذكراُ؟
فقالت:
يا سبحان الله! أما يكفيك النظر إليّ وما ترغبه فيّ من أن تقول هذا؟!
فقال:
يا سيدتي، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاماً لبصق كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه !
التوقيع
كن متفائلا وواجه المشكلات وكأنها لعبة تلهو بها
ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري
فارس الجزائري
2009-06-08, 19:25
مشكور اخ فارس
:dj_17:
العفو الأخت ومبارك الوسام
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-06-08, 19:29
مسكينة تلك المرءة والله حرام
:dj_17:
شكرا على المرور أتمنى أن تستمتعي بباقي القصص
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-06-08, 19:35
--------------------------------------------------------------------------------
القصة رقم 4
الحب والطعام
كان أبو الحارث حسين يُظهِر لجارية من المحبة أمراً عظيماً. فدعتْه وأخّرت الطعام إلى أن أضاق، فقال:
يا سيدتي، مالي لا أسمع للغداء ذكراُ؟
فقالت:
يا سبحان الله! أما يكفيك النظر إليّ وما ترغبه فيّ من أن تقول هذا؟!
فقال:
يا سيدتي، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاماً لبصق كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه !
التوقيع
كن متفائلا وواجه المشكلات وكأنها لعبة تلهو بها
ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري
:dj_17:
أهــــــلا وسهــــــلا
فارس الجزائري
2009-06-08, 19:44
القصة رقم 35
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قصة معاوية مع عبد الله بن الزبير
كان لعبد الله بن الزبير أرض متاخمة لأرض معاوية بن أبي سفيان، قد جعل فيها عبيداً من الزنوج يعمرونها. فدخلوا على أرض عبد الله. فكتب إلى معاوية:
أما بعد يا معاوية، فامنع عبدانك من الدخول في أرضي وإلا كان لي ولك شأن.
فلما وقف معاوية على الكتاب – وكان إذ ذاك أمير المؤمنين – دفعه إلى ابنه يزيد، فلما قرأه قال له:
يا بنيّ، ما ترى؟
قال: أرى أن تُنفذ إليه جيشاً أو له عنده وآخره عندك، يأتوك برأسه.
قال: أَوَ خَيْر من ذلك يا بني؟ عليّ بدواة وقرطاس.
وكتب:
وقفتُ على كتاب ابن حواريّ رسول الله، وساءني ما ساءه، والدنيا بأسرها عندي هيّنة في جنب رضاه. وقد كتبتُ له على نفسي صكاً بالأرض والعبدان، وأشهدتُ عليَّ فيه، فليستضفها مع عبدانه إلى أرضه وعبيده.
والسلام.
فلما وقف عبد الله على كتاب معاوية كتب إليه:
وقفتُ على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، فلا عدم الرأي الذي أحلّه من قريش هذا المحل. والسلام.
فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله، رماه إلى ابنه يزيد، وقال إليه:
يا بنيّ، إذا بُليت بمثل هذا الداء، فدواءه بمثل هذا الدواء.
فارس الجزائري
2009-06-08, 19:54
القصة رقم 36
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
فهذا مثل ذاك
قال رجل لإياس بن معاوية:
هل ترى عليَّ من بأس إن أكلتُ تمراً؟
قال: لا.
قال: فهل ترى عليَّ من بأس إن أكلتُ معه كَيْسُوماً(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)؟
قال: لا.
قال: فإن شربتُ عليهما ماء؟
قال: جائز.
قال: فلم تُحرِّم السُّكْر وإنما هو ما ذكرتُ لك؟
فقال إياس:
لو صَبَبْتُ عليك ماء هل كان يضرّك؟
قال: لا.
قال: فلو نثرتُ عليك تراباً هل كان يؤذيك؟
قال: لا.
قال: فإن أخذتُ ذلك فخلطتُه وعجنتُه وجعلت منه لَبِنَةً(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) عظيمة فضربتُ بها رأسك؟.
قال: كنتَ تقتلني.
قال: فهذا مثل ذاك!
ـــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الكيسوم: الحشيش.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) اللبنة: الطوبة – الآجر.
فارس الجزائري
2009-06-08, 20:03
القصة رقم 37
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الخادم الفصيح
حدّث أبو العيناء(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) قال:
كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها أنني مررت يوماً بسوق النخّاسين، فرأيتُ غلاماً يُنادَي عليه وقد بلغ ثلاثين ديناراً، فاشتريته.
وكنت أبني داراً، فدفعتُ إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال:
قد نفدت النفقة.
فقلت: هاتِ حسابك!
فرفع حساباً بعشرة دنانير. قلت: أين الباقي؟
قال: قد اشتريت به لنفسي ثوباً.
قلت: من أمرك بهذا؟
قال: لا تعجل يا مولاي، فإن أهل المروءة لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزَّين على مواليهم!
فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعيّ ولّمْ أَعلم!
وكانت هناك امرأة أردت أن أتزوجها سراً من ابنة عمي. فقلت له يوماً:
أفيك خير؟
قال: إي لعمري.
فأطلعته على الخبر. فقال: أنا نِعم العون لك.
فتزوجتُ المرأة ودفعتُ إليه ديناراً، وقلت له:
اشترِ لنا بع بعض السمك الهازبي.
فمضى ورجع وقد اشترى سمكاً من صنف آخر. فغاظني ذلك وقلت:
ألم آمرك أن تشتري من السمك الهازبي؟
قال: بلى، ولكن الطبيب بقراط كتب يقول إن الهازبي يولد السوداء(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)، وهذا السمك أقل غائلة(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3)
فقلت: يا ابن الفاعلة! أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4)!
وقمتُ إليه فضربته عشر مقارع. فلما فرغتُ من ضربه أخذني وأخذ المقرعة وضربني سبع مقارع، وقال:
يا مولاي، الأدب ثلاث، والسبع فضل، وذلك قصاص، فضربتك هذه السبع خوفاً من القصاص يوم القيامة!
فغاظني هذا، فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها: يا مولاتي، غ، الدّين النصيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ غشنا فليس منا. وأنا اُعْلمك أن مولاي قد تزوج فاستكتمني، فلما قلت له لبد من تعريف مولاتي الخبر ضربني وشجّني.
فمنعتني بنت عمي دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها.
وقلت في نفسي: أعتقه وأستريح، فلعله يمضي عني.
فلما أعتقته لزمني وقال:
الآن وجب حقُّك عليّ.
ثم إنه أراد الحج، فجهّزته وخرج. فغاب عني عشرين يوماً ورجع. فقلت له:
لِمَ رجعت؟
فقال: فكرت وأنا قي الطريق فإذا الله تعالى: يقول: ( ولله على الناس حِجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً)، وكنتُ غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب، فرجعت!
ثم إنه أراد الغزو، فجهّزته، فلما غاب عني بعتُ كل ما أملك بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفاً من أن يرجع!
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) أبو العيناء: (807 – 896) أديب وشاعر له أخبار ونوادر في قصر الخليفة المتوكل حفلت بها كتب الأدب.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) السوداء: مرض يؤدي إلى فساد الفكر.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) أقل غائلة: أقل ضررا.
(4) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4) جالينوس وبقراط: من أبرز أطباء الاغريق.
المهاجره
2009-06-11, 12:30
روووووووووووووووووووووعه هذه الطرفه
القصة رقم 4
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الحب والطعام
كان أبو الحارث حسين يُظهِر لجارية من المحبة أمراً عظيماً. فدعتْه وأخّرت الطعام إلى أن أضاق، فقال:
يا سيدتي، مالي لا أسمع للغداء ذكراُ؟
فقالت:
يا سبحان الله! أما يكفيك النظر إليّ وما ترغبه فيّ من أن تقول هذا؟!
فقال:
يا سيدتي، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاماً لبصق كلُّ واحد منهما في وجه صاحبه !
فارس الجزائري
2009-06-12, 16:32
روووووووووووووووووووووعه هذه الطرفه
:dj_17:
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-06-12, 16:37
القصة رقم 38
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
حَجَر الذّباب
حدّث رجل خراساني من بعض أصحاب الصّنعة، ممن كان يعرف بالأحجار الخواصيّة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، قال:
اجتزت ببائع في الطريق بمصر، فرأيت عنده حجراً أعرفه، يكون وزنه خمسة دراهم، مليح المنظر. وكنت أعرف أن خاصيته في طرد الذباب، وكنت في طلبه منذ سنين كثيرة. فحين رأيته ساومته فيه، فاستام عليَّ به خمسة دراهم، فلم أماكسه(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2) ودفعتها إليه. فلما حصلت في يده، وحصل الحجر في يدي، أقبل يسخر مني ويقول:
يجيء هؤلاء الحمير لا يدرون إيش يعطون، ولا إيش يأخذون! هذه الحصاة رأيتها منذ أيام مع صبي، فوهبت له دانق فضّة وأخذتها، وقد اشتراها هذا الأحمق مني بخمسة دراهم!
فرجعت إليه وقلت له:
يجب أن أعرّفك أنك أنت الأحمق، لا أنا.
قال: كيف؟
قلت: قم معي حتى أعرّفك ذلك.
فأقمته ومضينا حتى اجتزنا ببائع التمر في قصعة، والذّباب محيط بها. فنحّيت الرجل بعيداً من القصعة، وجعلت الحجر عليها، فحين استقرَّ عليها طار جميع الذباب. وتركته ساعة وهي خالية من الذباب، ثم أخذت الحجر، فرجع الذباب. ثم رددته فطار. وفعلت ذلك ثلاث مرات: ثم خبأت الحجر وقلت:
يا أحمق، هذا حجر الذباب، وقد قدمت في طلبه من خراسان، يجعله الملوك عندنا على موائدهم فلا يقربها الذباب، ولا يحتاجون إلى مذبّة(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3) ولا إلى مروحة. والله لو لم تبعني إيّاه إلا بخمسمائة دينار لا شتريته منك!
فشهق شهقة قدّرت أنه تَلف، ثم أفاق منها بعد ساعة وافترقنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الأحجار الخواصية: التي تنفرد بخصائص معينة.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref2) يماكس: يناقش ويساوم.
(3) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3) المذبة: ما يسمى بالمنشة.
فارس الجزائري
2009-06-12, 18:00
القصة رقم 39
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
صندوق أم البنين
قيل إن أم البنين عبد العزيز بن مروان، وهي زوجة الخليفة الوليد ابن عبد الملك، كانت تهوي وضاح اليمن الشاعر، وكان جميلاً، وكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، وإذا خافت وارته في صندوق عندها وأقفلت عليه. فدخل الخادم إليها مفاجأة فرأى وضاحاً عندها، فأدخلته الصندوق. فطلب منها الخادم حجراً نفيساً كان عندها، فمنعته إياه بُخلاً به. فمضى الخادم وأخبر الوليد بالحال، فقال له: كذبت!
ثم جاء الوليد إلى أم البنين وهي جالسة تمشط رأسها. وكان الخادم قد وصف له الصندوق، فجلس الوليد فوقه، ثم قال:
يا أم البنين، هبي لي صندوقاً من هذه الصناديق.
فقالت: كلها بحكمك يا أمير المؤمنين.
فقال: إنما أريد واحداً منها.
فقالت: خذ أيها شئت.
فقال: هذا الصندوق الذي تحتي.
فقالت: غيره أحبّ إليك منه، فإن لي فيه أشياء أحتاج إليها.
فقال: ما أريد سواه.
فقالت: خذه.
فدعا بالخدم، وأمرهم بحمله حتى انتهى إلى مكان فوضعه فيه، ثم دعا عبيداً له عجماً وأمرهم بحفر بئر في المكان، فحُفرت إلى الماء.
ثم دعا بالصندوق، فوضعه على شفير البئر(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1)، ودنا منه وقال:
يا صاحب الصندوق، إنه بلغنا شيء إن كان حقاً فقد دفنّاك ودفنّا ذكرك إلى آخر الدهر، وإن كان باطلاً فإنما دفنّا الخشب.
ثم قذف به في البئر، وهيل عليه التراب، وسوّيت الأرض.
فما رؤي الوضاح بعد ذلك اليوم، ولا أبصرت أم البنين في وجه الوليد غضباً حتى فرق الموت بينهما.
ــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) شفير البئر: حافته.
فارس الجزائري
2009-06-12, 18:09
القصة رقم 40
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
علاج لسعة الزنبور
خبّرني ثمامةُ عن أمير المؤمنين المأمون أنه قال:
قال لي بختيشوع بن جبريل الطبيب:
إن الذباب إذا دُلك به موضعُ لَسْعةِ الزنبور سَكَن.
فلسعني الزنبور، فحككتُ على موضعه أكثر من عشرين دبابةً فما سَكَن إلا في قدْر الزمان الذي كان يسكنُ فيه من غير علاج. فلم يبق إلا أن يقول بختشيوع: كان هذا الزنبور حتفاً قاضياً، ولولا هذا العلاج لقتلك!
وكذلك الأطباء: إذا سقَوا دواء فضرّ، أو قطعوا عرقاً فضرّ، قالوا:
أنت مع هذا العلاج الصواب تجدُ ما تجد، فلولا ذلك العلاج كنتَ الساعة في نار جهنم!.
فارس الجزائري
2009-06-12, 18:19
القصة رقم 41
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
إني أرى في الكتاب ما لا ترون
كان سديدُ المُلك، وهو أول من ملك قلعة شَيْزَر من بني منقذ، موصوفاً بقوة الفطنة. وتُنقل عنه حكاية عجيبة، وهي أنه كان يتردد إلى حلب قبل تملكه شيراز، وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس. فجرى أمرٌ خاف سديد الملك على نفسه منه، فخرج من حلب إلى طرابلس الشام.
فتقدّم محمود بن صالح إلى كاتبه أن يكتب إلى سديد الملك كتاباً يتشوّقه ويستدعيه إليه. ففهم الكاتب أنه يقصد له شرّاً، وكان صديقاً لسديد الملك. فكتب الكاتب كما أُمِر إلى أن بلغ إلى ( إن شاء الله تعالى)، فشدَّد النون وفتحها.
فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عرضه على من بمجلسه من خواصه، فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه. فقال سديد الملك:
إني أرى في الكتاب ما لا ترون.
ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال، وكتب في جملة الكتاب:
(أنا الخادم المقر بالإنعام)، وكسر الهمزة من أنا، وشدَّد النون.
فلما وصل الكتاب إلى محمود، ووقف عليه الكتاب، سُرَّ الكاتب بما فيه، وقال لأصدقائه:
قد علمتُ أن الذي كتبتُه لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طَيَّبَ نفسي.
وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى: ( إِنَّ المَلَأَ يأتمرون بك ليقتلوك)، فأجاب سديد الملك بقوله تعالى: ( إِنَّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها)!
فارس الجزائري
2009-06-12, 18:25
القصة رقم 42
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
بنات الوزراء والأمراء
حدّث شيخ يُعرف بأبي عبيدة كان ينادم إسحاق بن إبراهيم المصعبي صاحب الشرطة ببغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، قال:
استدعاني إسحاق المصعبي ذات ليلة في نصف الليل، فخرجت طائر العقل حتى أتيت داره، فأُدخِلْتُ من دار إلى أخرى إلى أن أُدخلت دار الحرم، فاشتدَّ جزعي. وسمعت في الدهليز بكاء امرأة متخافتاً. وكان إسحاق جالساً على كرسي، وبين يديه سيف مسلول.
فقال: اجلس يا أبا عبيدة.
فسكن روعي، وجلست. فرمى إليّ برقاع أصحاب الشُّرط في الأرباع، يخبر كل واحد منهم بخبر يومه، وفي أكثرها كبسات وقعت، بنساء من بنات الوزراء والرؤساء من الكتّاب وبنات القُوّاد والأمراء، مع رجال على ريب، وإنهن مُحَصَّلات في الحبوس، ويُستأذن في أمرهن.
فقلت: قد وقفتُ على هذه الرقاع. فما يأمرني الأمير؟
فقال: إن هؤلاء كلهنَّ أجلُّ آباء مني، وأكثر حسباً ومالاً، وقد أفضى بهن الدّهر إلى ما قد رأيت. وقد وقع لي أن بناتي سيبلغن إلى هذا.
وقد جمعتهن –وهن خمس- بالقرب من هذا الموضع لأقتلهن كلهن الساعة وأستريح. فما ترى في هذا؟
فقلت: أيها الأمير، إن آباء هؤلاء المحبّسات أخطأوا في تدبيرهن، لأنهم خلّفوا عليهن النِّعم، ولم يحفظوهن بالأزواج، فخلون بأنفسهن ففسدن. ولو كانوا علّقوهن على الأكفاء ما جرى هذا منهن. والذي أراه أن تستدعي فلاناً القائد، فله خمسة بنين، كلهن جميل الوجه، حسن النشأة، فتزوج كل واحدة منهن بواحد، فتُكفَى العار والنار.
فقال: أحسنتَ يا أبا عبيدة! أنفذوا الساعة إليه.
فراسلتُ الرجل، فما طلع الفجر حتى حضر وأولاده، وعقدتُ النكاحَ لهم على بنات إسحاق في خطبة واحدة.
ahmed.saoudi
2009-06-13, 13:14
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
فارس الجزائري
2009-06-13, 17:40
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
:dj_17:
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-06-13, 17:47
القصة رقم 43
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
من ذاقه لم يفلح
دخل شريك النَّخَعِيّ(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) على الخليفة المهدي يوماً، فقال المهدي له:
لابد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث خصال.
قال: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟
قال: إما أن تلي القضاء، أو تحدّث ولدي وتعلّمهم، أو تأكل عندي أكلة!
ففكَّر ساعة ثم قال:
الأكلة أخفّها على نفسي.
فأجلسه المهدي، وتقدّم إلى الطبّاخ أن يُصلح له ألواناً من المخ المعقود بالسّكَر والعسل وغير ذلك.
فلما فرغ شريك من الأكل، قال الطباخ:
والله يا أمير المؤمنين، ليس يُفلح الشيخ بعد هذه الأكلة أبداً!
وكان أن قَبل شريك بعد ذلك أن يحدّثهم، وأن يعلّم أولادهم، وأن يلي القضاء لهم!
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) شريك النخعي: من كبار الفقهاء المحدّثين في أوائل الدولة العباسية.
فارس الجزائري
2009-06-13, 18:10
القصة رقم 44
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قصة الحاتمي مع المتنبّي
قال أبو علي الحاتمي(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1):
لما ورد أبو الطيب المتنبي بغداد، منصرفاً عن مصر، التَحَفَ رداء الكِبْر، فكان لا يلاقي أحداً إلا أعرض عنه تيهاً، وزخرَفَ القولَ عليه تَمْويهاً، يُخيَّل إليه أن العلم مقصور عليه، وأن الشِّعر بحر لم يرد نَمِيرَ مائه غيره. فثقلت وطأتُهُ على أهل الأدب ببغداد، وطأطأ كثير منهم رأسه وخفض جناحه. وتَخيَّل الوزير المُهلَّبي – رجماً بالغيب – أن أحداً لا يستطيع مساجلته ومجاراته، ( وللرؤساء مذاهب في تعظيم من يعظمونه!).
وساء معز الدولة أحمد بن بويه أن يرد حَضْرَتَه – وهي دار الخلافة وبيضة الملك – رجلٌ صّدَر عن حضرة عدوّه سيف الدولة، فلا يلقى أحداً بمملكته يساوي في صناعته.
ولم يكن هناك مزية يتميز بها أبو الطيب إلا الشعر، فتعقّبتُ آثاره، وتتبعتُ عيوبه، مُتَحيِّناً أن تجمعنا دار فأجري أنا وهو في مضمار يُعرف فيه السابقُ من المسبوق. حتى إذا لم أجد ذلك قصدتُ موضعه، فوافق مصيري إليه حضورَ جماعة تقرأ شيئاً من شعره عليه. فحين اُوذن بحضوري، واستؤذن عليه لدخولي، نهض عن مجلسه مسرعاً ووارى شخصه عنّي مستخيفاً ( وإنما قصد بنهوضه ألا ينهض لي عند موافاتي! ).
ودخلتُ، فأعظمتِ الجماعةُ قدري، وأجلستني في مجلسه، وإذا تحته أخلاق عباءة قد ألحّت عليها الحوادث فهي رسوم دائرة، وأسلاك متناثرة. حتى إذا خرج إليّ، نهضتُ فوفّيته حق السلام، غير ضنين له في القيام. وإذا به لابس سبعة أقبية، كل قباء منها لون. وكان الوقت آخر أيام الصيف، وأخلقها بتخفيف اللِّبس. فجلست مستوفزاً، وجلس متحفِّزاً. وأعرض عني لا هياً، وأعرضتُ عنه ساهياً، لا يعيرني طَرفه، ولا يسألني عما قصدت له. وقد كدْت أتميَّز غيظاً، وأقبلتُ أؤنبُ نفسي في قصده، وأُسَخَّفُ رأيي في التوجّه نحو مثله. وأقبل على تلك الزِّعنفة التي بين يديه، وكلٌّ يومي إليه، ويوحِي بطَرفه، ويشير إلى مكاني بيده، ويوقظه من سِنَتِه وجهله، ويأبى هو إلا ازوراراً، وعتوّاً واستكباراً.
ثم رأى أن يثني رأسه إليّ، ويُقبل بعض الإقبال عليّ. فوالله ما زادني على أن قال: أيش خبرُك؟
فقلت:
أنا بخير لولا جنيتُ على نفسي من قصدك، ووسمت به قدري من ميسم الذّلّ بزيارتك، وكلّفت قدمي بالمصير إلى مثلك، ممن لم تُهذِّبه تجربة، ولا أدَّبتْه بصيرة!
ثم تحدَّرتُ عليه تحدّر السيل إلى القرار، وقلت له:
أبِنْ لي، عافاك الله، مِمَّ تِيهُك وخُيَلاؤك وعُجْبُك؟ وما الذي يوجب ما أنت عليه من التجّبر والتنمّر؟ هل ها هنا نسبٌ انتسبتَ إلى المجد به؟
أو سلطان تسلطت بعزّه؟ أو علم تقع الإشارة إليك به؟ إني لأسمع جعجعة ولا أرى طحْناً! وإنك لو قدّرت نفسك بقدرها، أو وزنتها بميزانها، ولم يذهب بكَ التَِيه لونُه، وغصَّ بريقه، وجحظت عيناه، وجعل يلين في الاعتذار، ويرغب في الصَّفح والاغتفار، ويكرّر الأيمان أنه لم يعرفني، ولا اعتمد التقصير بي. فقلت:
يا هذا، إن جاءك رجل شريف في نسبه تجاهلت نسبه، أو عظيمٌ في أدبه صَغَّرتَ أدبه، أو متقدّم عند سلطان خفّضتَ منزلته. فهل المجد تراث لك دون غيرك؟ كلا والله! لكنك مَدَدْتَ الكبر ستراً على نقصك، وحائلاً دون مباحثتك.
فعاد إلى الاعتذار، وأخذت الجماعة في تليين جانبي والرّغبة إليّ في قبول عذره، وهو يؤكد الأقسام أنه لم يعرفني، فأقول:
ألم يُستأذن عليك باسمي ونسبي؟ أما في هذه الجماعة من يُعرّفك بي لو كنت جهلتني؟ وهَبْ ذلك كذلك، ألم ترني ممتطياً بغْلة رائعة يعلوها مركبٌ ثقيل وبين يديّ عدة من الغلمان؟ أما شاهدتَ لِباسي؟ أما شَمَمْتَ عطري؟ أما راعك شيء من أمري أتميّز به عن غيري؟
وهو في أثناء ما أُكلِّمه يقول:
خَفَِض عليك، أرفق، استأْنِ!
فلانت عريكتي، واستحييت من تجاوز الغاية. وأقبل عليّ معظِّماً، وتوسّع في تقريظي مفخِّماً، وأقسم أنه يسعى منذ وَرَدَ العراق لملاقاتي، ويَعِد نفسه بالاجتماع معي.
ثم قلت:
أشياء تختلج في صدري من شعرك أُحبُّ أن أراجعك فيها.
قال: وما هي؟
قلت: خبِّرني عن قولك:
ولا من في جنازتها تِجارٌ***يكون وداعَها نَفْضُ النِّعالِ
أهكذا تؤبّن أخوات الملوك؟ والله لو كان هذا في أدنى عبيدها لكان قبيحاً. وأخبرني عن قولك:
وضاقت الأرضُ حتى ظلَّ هاربُهم***إذا رأى غيرَ شيء ظنَّه رجُلا
أفتعلم مرئياً يتناوله النظر ولا يقع عليه اسمُ شيء؟ وعن قولك:
وإذا أشار مُحَدِّثاً فكأنه***قِرْدٌ يقهقه أو عجوز تلطِمُ
أما كان لك في أفانين الهجاء مندوحةٌ عن هذا الكلام الرَّ ذل الذي يمجّه كلُّ سمْع؟
فأقبل عليَّ ثم قال: أين أنت من قولي:
لو تعقِلُ الشجرُ التي قابلتها***مدّت محيِّيةً إليك الأغْصنا
وأين أنت من قولي:
ألناسُ ما لم يروك أشباهُ***والدّهرُ لفظ وأنت معناهُ
والجودُ عينٌ وأنت ناظِرُها***والبأسُ باعٌ وفيك يُمناهُ
أما يُلهيك إحساني في هذه عن إساءتي في تلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) أبو علي الحاتمي: (توفي عام 998م) أحد كبار رجال اللغة والنقد الأدبي في القرن الرابع الهجري. له كتاب (الرسالة الموضحة) في ذم المتنبي وشعره.
فارس الجزائري
2009-06-13, 18:16
قصة الحاتمي مع المتنبّي .... تابع
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
قلت:
ما أعرف لك إحساناً فيما ذكرتَه. إنما أنت سارقٌ مُتَّبِع، وآخِذٌ مٌقَصِّر. وفيما تقدَّم من هذه المعاني التي ابتكرتها أصحابُها مندوحة عن التشاغل بقولك. فأما قولك: ( لو تعقل الشجرُ التي قابلتها )، فقد نظرتَ فيه إلى قول أبي تمام:
لو سَعَتْ بُقْعَةٌ لإعظام نُعْمَى***لسعى نحوها المكانُ الحديبُ
فقال: الله المستعان! ومَن أبو تمّام؟!
قلت: الذي سرقت شعره فأنشدته!
قال: هذه خلائق السفهاء لا خلائق العلماء!
أقسمتُ غير مُتحرِّج في قسمي أنني لم أقرأ شعراً قط لأبي تمامكم هذا.
فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى!
قال: السوءة قراءةُ شعر مثله. أليس هو الذي يقول:
لعمري لقد حَرَّرتُ يوم لقيته***لو أن القضاء وحده لم يُبَّردِ
أقول لقُرحانٍ من البين لم يُصب***رسيس الهوى بين الحشا والترائب
ما قُرحان البين أخرس الله لسانه؟!
قلت:
يا هذا، من أدلّ الدليل على أنك قرأتَ شعر هذا الرجل تَتَبُّعك مساويه!
فعقل عن الإجابة لسانه، وما زاد على أن قال:
لا قدَّس الله أبا تمام وذويه!
قلت: ولا قدَّس السارق منه والواقعَ فيه!
ثم قلت له:
ما الفرق في كلام العرب بين التقديس والقَدَّاس والقَدَاس والقادس؟
فقال: وأيُّ شيء غرضُك في هذا؟
قلت: المذاكرة.
قال: بل المهاترة!
ثم قال: التقديس: التطهير في كلام العرب، ولذلك سُمِّي القُدْس قُدساً لأنه يشتمل على الذي به الطُّهر. وكل هذه الأحرف تؤول إليه.
فقلت له:
ما أحسبك أمعنت النظر في شيء من علوم العرب. ولو تقدمتُ منك مطالعةٌ لها لما استجزْتَ أن تجمع بين معاني هذه الكلمات مع تباينها، وذلك لأن القَدَّاس بتشديد اللام حجرٌ يُلقى في البئر ليُعلم غزارة مائها من قلته.
والقَدَاس: الجُمان. والقادس: السفينة.
قال:
يا هذا، مُسَلَّمةٌ إليك اللغة!
قلت:
وكيف تُسَلَّمُها وأنت أبو عُذْرتِها، وأولى الناس بالتحقيق بها والتوسع في اشتقاقها والكلام على أفانينها، وما أحد أولى بأن يسأل عن اللغة منك!
فشعرت الجماعةُ الحاضرة في إعفائه والتواطؤ له. وكنتُ قد بلغتُ شفاءَ نفسي، وعلمتُ أن الزيادة على الحدّ الذي انتهيت إليه ضرب من البغي لا أراه في مذهبي. ونهضتُ، فنهض لي مشيِّعاً إلى الباب حتى ركبت، وأقسمتُ عليه أن يعود إلى مكانه.
وانتهى الخبرُ إلى الوزير المهلَّبي، فكان من سروره وابتهاجه بما جرى ما بعثه على مباكرة معز الدولة، قائلاً له:
أعلمتَ ما كان من الحاتمي والمتنبي؟
قال:
نعم. قد شفا منه صدورنا!
فارس الجزائري
2009-06-13, 18:22
القصة رقم 45
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
هلال رمضان
تبصّر الناسُ هلالَ شهر رمضان، فلم يره أحد غير أنَس بن مالك الأنصاري(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، وقد قارب المائة سنة من العمر. فشهد بذلك عند القاضي إياس بن معاوية. فقال إياس:
أَشِرْ لنا إلى موضعه.
فجعل يُشير ولا يرونه. فتأمل إياس، وإذا شعرة بيضاء من حاجب أنس قد انثنت وصارت على عينه. فمسحها إياس وسوّاها، ثم قال له:
أرنا موضع الهلال.
فنظر فقال:
ما أرى شيئاً!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) أنس بن مالك: أحد كبار المحدثين، قدّمته أمه لخدمة النبي بعد الهجرة وكان وقتذاك في العاشرة من العمر.
فارس الجزائري
2009-06-13, 18:29
القصة رقم 46
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
سارق البطيخ
حكى ابن حمدون النديم أن الخليفة المعتضد العباسي كان قد شرط علينا إذا رأينا منه شيئاً ننكره نقول له، وإن اطّلعنا على عيب واجهناه به.
فقلت له يوماً:
يا مولانا، في قلبي شيء أردت سؤالك عنه منذ سنين.
قال: ولم أخرته إلى اليوم؟
قلت: لاستصغاري قدري ولهيبة الخلافة.
قال: قل ولا تخف.
قلت: اجتاز مولانا ببلاد فارس، فتعرّض الغلمانُ للبطيخ الذي كان في تلك الأرض، فأمرتَ بضربهم وحبسهم، وكان ذلك كافياً. ثم أمرتَ بصلبهم، وكان ذنبهم لا يجوز عليه الصَّلب.
فقال:
أَوَتحسب أن المصلَّبين كانوا أولئك الغلمان؟ وبأي وجه كنت ألقى الله تعالى يوم القيامة لو صلبتهم لأجل البطيخ؟ وإنما أمرت بإخراج قوم من قطّاع الطريق كان وجب عليهم القتل، وأمرتُ أن يلبسوا أقبية(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) الغلمان وملابسهم إقامة للهيبة في قلوب العسكر، ليقولوا: إذا صلَب أخصّ غلمانه على غَصْب البطيخ، فكيف يكون غيره؟ وكنت قد أمرت بتلثيمهم ليستتر أمرهم على الناس.
ــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) القباء: ثوب يلبس فوق اللباس.
فارس الجزائري
2009-06-13, 18:33
القصة رقم 47
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif.
أمير الأندلس وجاريته
كتب الأمير عبد الرحمن بن الحكم صاحب الأندلس إلى الفقهاء يستدعيهم إليه. وكان عبد الرحمن قد نظر في شهر رمضان إلى جارية له كان يحبها حباً شديداً، فعبث بها، ولم يملك نفسه أن وقع عليها. ثم ندم ندماً شديداً.
فسأل الفقهاء عن توبته من ذلك وكفارته. فقال يحيى بن يحي الليثي:
يكفّر ذلك بصوم شهرين متتابعين!
فلما بدر يحي بهذه الفتيا سكت بقية الفقهاء، حتى خرجوا من عند الأمير، فقالوا ليحي:
مالك لم تفته بمذهب الإمام مالك، فعنده أنه مخيّر بين العتق، والطعام، والصيام؟
فقال:
لو فتحنا له هذا الباب سَهُل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة.
ولكن حماتُه على أصعب الأمور لئلا يعود!
فارس الجزائري
2009-06-13, 19:45
القصة رقم 48
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
السُّعاة
مشى الخليفة القادر بالله ذات ليلة في أسواق بغداد. فسمع شخصاً يقول لآخر:
قد طالت دولة هذا المشوم، وليس لأحد عنده نصيب.
فأمر خادماً كان معه أن يحضره بين يديه. فلما سأله عن صنعته قال:
إني كنت من السُّعاة(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) الذين يستعين بهم أرباب الدولة على معرفة أحوال الناس. فمذ ولي أمير المؤمنين أقصانا وأظهر الاستغناء عنا، فتعطّلت معيشتنا وانكسر جاهُنا.
فقال له: أتعرف في بغداد من السعاة مثلك؟
قال: نعم.
فأحضر كاتباً، وكتب أسمائهم، وأمر بإحضارهم. ثم أجرى لكل واحد منهم معلوماً، ونفاهم إلى الثغور القاصية، ورتَّبهم هناك عيوناً على أعداء الدِّين.
ثم التفت القادر إلى من حوله وقال:
اعلموا أن هؤلاء قد ركَّب الله فيهم شراً، وملأ صدورهم حقداً على العالم، ولا بدّ لهم من إفراغ ذلك الشرّ. فالأولى أن يكون ذلك في أعداء الدّين، ولا نُنَغِّص بهم المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) السعاة: العيون والجواسيس.
فارس الجزائري
2009-06-13, 19:55
القصة رقم 49
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
كتمان المعروف
أراد جعفر البرمكي يوماً حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعي.
فدفع إلى خادم له كيساً فيه ألف دينار، وقال له:
سأنزل إلى الأصمعي، وسيحدّثني ويضحكني. فإذا رأيتني قد ضحكت فضع الكيس بين يديه.
فلما دخل رأى جَرَّة مكسورة العُروة، وقَصعةَ مُشَعَّبة، ورآه على مُصَلَّى بالٍ، وعليه برَّكان أجرد. فغمز جعفر غلامه بعينه ألا يضع الكيس بين يديه، ولا يدفع إليه شيئاً. فلم يدع الأصمعي شيئاً مما يضحك الثكلان و الغضبان إلا أورده عليه، فما تبسَّم جعفر.
فقال له إنسان:
ما أدري من أي أمرَيك أعجب: أمِن صبرك على الضحك وقد أورد عليك ما لا يُصبر على مثله، أم من تركك إعطاءه وقد كنتَ عزمتَ على إعطائه؟
قال جعفر:
ويلك! إني والله لو علمتُ أنه يكتُم المعروف بالفعل لما احتفلتُ بنشره له باللسان. وأين يقع مديحُ اللسان من مديح آثار الغنى على الإنسان؟
فاللسان قد يكذب، والحالُ لا تكذب. فلستُ بعائد إلى هذا بمعروف أبداً!
فارس الجزائري
2009-06-13, 20:48
القصة رقم 50
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
لعنوا الحجاج واستغفروا له
كان لرجل من المعتزلة جارٌ يرى رأي الخوارج، كثير الصلاة والصيام، حسن العبادة. فقال المعتزلي لرجلين من أصحابه:
مُرٌا بنا إلى هذا الرجل فنكلِّمه، لعل الله يهديه من الضلالة.
فأتوه وكلَّموه، فأصغى إلى كلامهم. فلما سكتوا لبس نعله، وقام ومعه القوم حتى وقف على باب المسجد. فرفع صوته بالقراءة، واجتمع إليه الناس. فقرأ ساعة حتى بكى الناس، ثم وعظ فأحسن، ثم ذكر الحجاج فقال:
أحرق المصاحف، وهدم الكعبة، وفعل وفعل، فالعنوه لعنه الله!
فلعنه الناس ورفعوا أصواتهم.
ثم قال:
يا قوم، وما علينا من ذنوب الحجاج ومن أن يغفر الله له ولنا معه.
فإنّا كلّنا مذنبون. لقد كان الحجاج غيوراً على حُرَم المسلمين، تاركاً للغدر، ضابطاً للسبيل، عفيفاً عن المال، لم يتَّخذ صنيعة، ولم يكن له مال. فما علينا أن نترحّم عليه، فإن الله رحيم يحب الراحمين!
ثم رفع يده، ودعا بالمغفرة للحجاج، ورفع القوم أيديهم، وارتفعت الأصوات بالاستغفار.
فلما فرغ الخارجيّ وانصرف، ضرب بيده إلى منكب المعتزلي وقال:
هل رأيت مثل هؤلاء القوم؟ لعنوه واستغفروا له في ساعة واحدة!
أتَنْهَى عن دماء أمثال هؤلاء؟!
والله لأجاهدنَّهم مع كل من أعانني عليهم!
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:12
القصة رقم 51
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
لا نظير له في الغناء
قال العطويّ الشاعر:
كنت في مجلس القاضي يحي بن أكثم، فوافى إسحاق الموصلي، وأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن، وقاس واحتجٌ، وتكلم في الشعر واللغة ففاق مّن حضر. ثم أقبل على القاضي يحي فقال له:
أعزّ الله القاضي! أفي شيء مما ناظرتُ فيه وحكيته نقص أو مطعن؟
قال: لا.
قال: فما بالي أقوم بسائر هذه العلوم قيامَ أهلها، واُنْسبُ إلى فن واحد قد اقتصر الناس عليه؟ (يعني الغناء).
فقلت: يا أبا محمد، أنت كالفَرّاء والأخفش في لاالنحو؟
فقال: لا.
فقلت: فأنت في اللغة ومعرفة الشعر كالأصمعيّ وأبي عُبيدة؟
قال: لا.
قلت: فأنت في علم الكلام كأبي الهذيل العلاّف والنظّام؟
قال: لا.
قلت: فأنت في الفقه كالقاضي يحيى بن أكثم؟
قال: لا.
قلت: فأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟
قال: لا.
قلت: فمن هنا نُسبَ إلى ما نُسبت إليه، لأنه نظير لك في الغناء، وأنت في غيره دون رؤساء أهله!
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:20
القصة رقم 52
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
رؤيا الحسن البصري
كان بين الحسن البصري وبين ابن سيرين(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)هِجْرة. فكان إذا ذُكر ابن سيرين عند الحسن يقول:
دَعونا من ذكر الحاكَة! (وكان بعضُ أهل ابن سيرين حائكاً).
فرأى الحسن في منامه كأنه عُريان، وهو قائم على مَزْبلة يضرِب بالعود. فأصبح مهموماً برُؤياه، فقال لبعض أصحابه:
امضِ إلى ابن سيرين ( وكان مشهوراُ بتفسير الأحلام )، فقصّ عليه رؤياي على أنك أنت رأيتَها.
فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا. فقال ابن سيرين:
قل لمن رأى هذه الرؤيا: لا تَسأل الحاكَةَ عن مثل هذا!
فأخبر الرجلُ الحسن بمقالته، فَعَظُم لديه، وقال:
قوموا بنا إليه.
فلما رآه سيرين، قام إليه وتصافحا، وسلّم كل واحد منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان. فقال الحسن:
دعنا من هذا، فقد شَغَلتِ الرؤيا قلبي.
فقال ابن سيرين:
لا تَشْغَلْ قلبك، فإن العُرْيَ عُرْيٌ من الدنيا، ليس عليك منها عُلْقَة.
وأما المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربُك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم بها وينتفع بها الناس.
فقال له حسن:
فمن أين لك أني رأيت هذه الرؤيا؟
قال ابن سيرين:
لما قَصَّها عليَّ فكّرت، فلم أر أحداً يصلُح أن يكون رآها غيرك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) ابن سيرين (654 – 729) تابعي ومحدث مشهور، وكان أشهر من فسّر الأحلام، وينسب إليه كتاب (منتخب الكلام في نفسير الأحلام)
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:25
القصة رقم 53
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
سعر الزَّيــت
حدّث أبو عبد الله بن أبي عوف التاجر، قال:
ضاق صدري في وقت من الأوقات ضيقاً شديداً لا أعرف سببه، فتقدّمتُ إلى من حمل لي طعاماً كثيراً وفاكهة وعدة من جواريّ إلى بستان لي على نهر عيسى، وأمرت غلماني وأصحابي أن لا يجيئني أحد منهم بخبر يشغل قلبي ولو ذهب مالي كله، ولا يكاتبني. وعملت على أن أقيم في البستان بقية أسبوعي أتفرّج مع أولئك الجواري.
فلما قربت من البستان، استقبلني ساعٍ معه رسائل. فقلت له:
من أين وردت؟
فقال: من الرقّة.
فأردت أن أقف على كتبه وأخبار الرقة وأسعارها. فقلت:
أنت قريب من بستان لي، فتعال معي حتى تستريح الليلة في البستان، وأغيّر حالك، وأطعمك، وتدخل بغداد غداً.
فقال: نعم.
ومشى راجعاً حتى دخلنا البستان، فأمرتُ من فيه أن يُدخله حمّاماً، ويغيّر ثيابه ببعض ثياب غلماني ويطعمه، فابتدأوا معه في ذلك.
وتقدَّمتُ إلى غلام لي فسرق كتبه، وجاءني بها ففتحتها، وقرأت جميع ما فيها، وعرفت من أسرار التجار الذين يعاملونني شيئاً كثيراً، وتفرّجت بذلك. ووجدت جميع الكتب تنصح التجار بأن يتمسّكوا بما في أيديهم من الزيت، ولا يبيعوا منه شيئاً، فإنه قد غلا عندهم وعَزّ.
فأنفَذْت إلى وكلائي في الحال فاستدعيتهم، وقلت لهم:
خذوا من فلان الصيرفي وفلان الصيرفيّ كل ما عندهم من الدنانير والدراهم الساعة، ولا ينقضي اليوم إلا وتبتاعون كل ما تقدرون عليه من الزيت، واكتبوا إليّ عند انقضاء النهار بالصورة.
فمضوا. فلما كان العشاء جاءني خبرهم بأنهم قد ابتاعوا زيتاً بثلاثة آلاف دينار. فكتبت إليهم بقبض ألوف دنانير أخر، وبشراء كل ما يقدرون عليه من الزيت.
وأصبحنا، فدفعت إلى الساعي ثلاث دنانير، وقلت له:
إن أقمتَ عندي دفعت إليك ثلاثة دنانير أخرى.
فقال: أَفعل.
وجاءتني رقعة أصحابي بأنهم ابتاعوا زيتاً بأربعة آلاف دينار، وأن سعره قد غلا لطلبهم إياه. فكتبت بأن يبتاعوا كل ما يقدرون عليه وإن كان السعر قد زاد.
وشاغلتُ الرسول اليوم الثالث، ودفعتُ إليه في اليومين ستة دنانير، وأقام ثلاثة أيام، وابتاع أصحابي بثلاثة آلاف دينار أخرى. وجاءوني عشياً فقالوا:
كان ما ابتعناه اليوم زائداً على ما قبله في السِّعر، في كل عشرة نصف درهم، ولم يبق في السوق شيء يفكَّر فيه.
فصرفت الرسول. وأقمت في بستاني أياماً، ثم عدت إلى داري، وقد قرأ التجار الكتب، وعرفوا خبر الزيت بالرقة، فجاءوني يهرعون ويبذلون في الزيت زيادة اثنين في العشرة، فلم أبع، فبذلوا زيادة ثلاثة في العشرة، فلم أبع. على ذلك نحو من شهر، فجاءوني يطلبون زيادة خمسة وستة، فلم أفعل. فجاءوا بعد أيام يعرضون شراء الزيت بعشرين ألف دينار، فبعته.
ونظرت، فلم يكن لضيق صدري وانفرادي في البستان ذلك اليوم سبب إلا أحبّه الله تعالى، أن يوصل إليّ ربح عشرة آلاف دينار!
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:31
القصة رقم 54
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
وما ينبغي له
كان رجلٌ يدَّعي الشَّعر ويستبردُه قومُه.فقال لهم:
إنما تستبردونني من طريق الحسد.
قالوا: فبيننا وبينك بشّار العُقيلي.
فارتفعوا إليه، فقال له: أنشِدني.
فأنشده. فلما فرغ قال له بشار:
إني لأظنّك من أهل بيت النبوّة.
قال له: وما ذاك؟
قال: إن الله تعالى يقول: ( وما علَّمناه الشِّعر وما ينبغي له)!
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:35
القصة رقم 55
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
رُقية بُديــح
دخل عبد الله بن جعفر على الخليفة عبد الملك بن مروان وهو يتأوه، فقال:
ما علتك يأ ا/ير المؤمنين؟
قال:
هاج بي عرق النّضسا في ليلتي هذه فبلغ مني.
فقال له ابن جعفر:
إن لي مولّى يُدعى بُديح، كانت أمّه بربرية، وكانت تَرقِي من هذه العِلَّة، وقد أخذ ذلك منها.
قال: فادْعُ به.
فلما مضى الرسول، سُقط في يَدَي ابن جعفر، وقال في نفسه:
كِذْبة قبيحة عند خليفة!
فما كان بأسرع من أن طلع بُديح. فقال له عبد الملك:
كيف رُقيتك من عِرق النّسا؟
قال: أرقَى الخلقِ يا أمير المؤمنين!
فسُرِّيَ عن أبي جعفر لأن بُديحاً كان صاحب فكاهة يُعرف بها.
وجعل بُديح يتفُل على ركبة عبد الملك ويُهَمْهِمْ، ثم قال:
قم يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك.
فقام عبد الملك لا يحدُ وجعاً. فقال:
الله أكبر! وجدتُ والله خَفّاً! يا غلام، ادعُ فلانة الجارية حتى تكتب الرُّقية، فإنّا لا نأمن هيجتها بالليل فلا نَذْعَر بُديحاً.
فلما جاءت الجارية، قال بديح:
يا أمير المؤمنين، امرأتي طالق إن كَتَبْتها حتى تٌعَجِّل صِلَتي.
فأمر له بأربعة آلاف درهم. فلما صار المال بين يديه قال:
امرأتي طالق إن كَتَبْتُها أو يصير المال إلى منزلي.
فأمر به فُحمل إلى منزله. ثم شرعت الجارية تكتب ( بسم الله الرحمن الرحيم). فقال بديح:
ليس فيها باسم الله الرحمن الرحيم!
قال عبد الملك:
كيف تكون ويلَك رُقيةٌ ليس فيها باسم الله الرحمن الرحيم؟!
قال بديح:
هو ذاك. امرأتي طالق إن كنتُ قد قرأت على رِجلك إلا بيت نصيب:
ألا إن ليلى العامرية أصبحت***على النَّأي منِّي ذَنْبَ غَيْرِي تنقِمُ!
قال عبد الملك:
ويلك، ما تقول؟
قال: هو ذاك!
فطفق عبد الملك ضاحكاً يفحص برِجْلَيْه.
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:39
القصة رقم 56
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
حكاية السَّفاح وزوجته وخالد بن صفوان
دخل خالد بن صفوان(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) على الخليفة أبي العباس السفّاح فوجده خالياً، فقال:
يا أمير المؤمنين، أنا أترقّب مُذ تقلّدتَ الخلافةَ أن أجدك خالياً فاُلقي إليك ما أريده.
قال: فاذكر حاجتك.
قال:
يا أمير المؤمنين، إني فكرت في أمرك فلم أر مَن هو في مثل قدرك ألَّ استمتاعاً بالنساء. وقد مَلَّكْتَ على نفسك امرأةً واحدة، واقتصرتَ عليها، فإن مرضَتْ مرضْتَ، وإن غابتْ غبْتَ، وإن غضِبَتْ حُرِمت! وإنما التَّلَذُّذُ باستطراف الجواري، ومعرفة اختلاف أحوالهن، والاستمتاع بهنّ. فلو رأيتَ الطويلةَ البيضاء، والسمراءَ اللّّفّاء، والصفراءَ العجْزاء، والغَنِجَةَ الكَحلاء، والمولَّدت من المَدَنيّات، والمِلاحَ من القُنْدُهاريَات، ذوات الألسن العذبة، والقُدود المُهَفْهَفَة، والثُّدِيّ المُحقَّقَة!...
وجعل خالد بعذوبة لفظه واقتداره على الوصف يزيد في قوله. فلما فرغ كلامه، قال السفاح له:
والله يا خالد ما سَلَكَ سمعي قطُّ كلامٌ من هذا. لقد حرّك مني ساكناً!
وبقي السفاح مفكراً عامة نهاره. ثم دخلت عليه زوجته أم سَلَمة، فلما رأته دائم الفكر، كثير السَّهو، قليل النشاط، قالت:
إني أَنْكِرُك يا أمير المؤمنين. فهل حدث ما تكرهه؟
ولم تزل به حتى حدّثها بخبر خالد بن صفوان.
قالت: فما قلتَ لابن الفاعلة؟
قال لها: سبحان الله! رجل نصحني تسبّينه؟!
فخرجت من عنده متميزة غضباً، وأرسلت إلى خالد بجماعة من غلمانها العجم ومعهم العصيّ، وأمرتهم ألا يتركوا فيه عضواً صحيحاً.
أما خالد فقد انصرف من عند السفاح وهو على غاية السرور بما رأى الخليفة عليه من الإعجاب بحديثه، وقعد على باب داره يتوقع جائزته.
فلم يشعر إلا بالغلمان، وتحقّق مجيئهم بالجائزة. فلما وقفوا على رأسه سألوه عن ابن صفوان، فقال: هاْنذا. فأهوى بعضهم بهراوته إليه.
فوثب خالد ودخل داره، وغلّق بابه واستتر، وعرف هفوته وزَلَّته في فعله وكلامه، وعلم من أين أُتِيِ.
ثم إنه مكث أياماً مستتراً. فلم يشعر ذات يوم إلا بجماعة من خدم السفاح قد هجموا عليه، فقالوا:
أجِب أمير المؤمنين!
فأيقن بالهَلَكَة، وركب معهم وهو بلا دَم. فلما دخل عليه وسلّم فردَّ عليه، سكنت نفسه بعض السّكون. وأومأ إليه بالجلوس فجلس.
ونظر خالد فإذا ظهر السفاح باب عليه سُتُور قد اُرْخِيت، وأحسّ بحركة خلفه.
ثم قال الخليفة: يا خالد، لم أرك منذ أيام!
فاعتل عليه. فقال له:
ويحك! إنك وصفتَ لي آخر يوم كنتَ عندي فيه من أمر النساء والجواري ما لم يخرِق سمعي قطُّ مثلُه. فأعِدْه عليَّ!
قال: نعم. أعلمتُك يا أمير المؤمنين أن العرب اشتقّت اسم الضَّرتين من الضُّرّ، وأن أحدهم لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في جُهد وكَدّ!
قال السفاح:
ويحك، لم يكن هذا في كلامك!
قال: بلى. وأخبرتُك أن الثلاث من النساء كأَثافِيّ القِدْر تغْلِي عليهن!
قال السفاح: برئتُ من قرابتي من رسول الله إن كنتُ سمعتُ هذا منك في حديث!
قال: بلى. وأخبرتك أن الأربع من النساء شرٌّ مجموع لمن كُنّ عنده؛ يُهْرِمْنَه و]ُنَغِّصْنَ عليه عَيْشه، ويُشَيِّبْنَهُ قبل حينه!
قال السفاح: والله ما سمعتُ هذا قط منك ولا من غيرك!
قال: بلى يا أمير المؤمنين لقد قلتُ.
قال: ويلك، تكذِّبُني؟
قال: يا أمير المؤمنين، فتريد قتلي؟
فسُمع ضحك شديد وراء الستر. فقال خالد:
وأَعْلَمْتُك أن عندك ريحانة قريش، وأنه لا يجب أن تطمحَ نفسُك إلى غيرها من النساء!
فسُمع من وراء الستر صوت يقول:
صدقتَ والله يا عمّاه، ولكن أمير المؤمنين غيّر وبدّل، ونطق عن لسانك بغير ما ذكرتَه!
وخرج خالد إلى منزله، فلم يصل إليه حتى وجّهت إليه أم سَلَمة ثلاثة تُخوت فيها أنواع الثياب، وخمسة آلاف درهم!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) خالد بن صفوان (توفي عام 752م) أحد رواة الشعر والقصص والخطب، عرف بالفصاحة وسرعة البديهة وكان مقرباً إلى الكثير من خلفاء الأمويين ثم إلى الخليفة السفاح مؤسس الدولة العباسية.
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:46
القصة رقم 57
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الدليل على الله
قال رجل لجعفر الصادق:
ما الدليل على الله، ولا تَذْكُرْ لي العالَم والعَرَضَ والجوهر؟
فقال له:
هل ركبتَ البحر؟
قال: نعم.
قال: هل عصفتْ بكم الريحُ حتى خفتم الغرق؟
قال: نعم.
قال: فهل انقطع رجاؤك من المركب والملاّحين؟
قال: نعم.
قال: فهل أحسّت نفسُك أن ثَمَّ من يُنجيك؟
قال: نعم.
قال: فإن ذاك هو الله!
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:52
القصة رقم 58
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أحمد بن طولون والطبيب
كان سعيد بن توفيل طبيباً نصرانياً متميزاً في صناعة الطب. وكان في خدمة أحمد بن طولون، يصحبه في السفر والحضر. وكان لسعيد خادم قبيح الصورة اسمه هاشم، يخدم بغلة سعيد، يستعمله في بعض الأوقات في سحق الأدوية بداره، وينفخ النار على المطبوخات.
وتقدّم ابن طولون إلى سعيد أن يختار طبيباً يكون لحرمه، ويكون مقيماً بالقصر في غيبته. فقال له سعيد:
لي ابن ذكيّ الروح قد علّمته وخرّجته، وهو حسن المعرفة بالطب.
قال: أرِنيه.
فأحضره. فلمّا رآه ابن طولون شاباً رائقاً حسن الصورة قال:
لا يصلح هذا لخدمة الحرم. أحتاج لهن طبيباً حسن المعرفة، قبيح الصورة!
فأشفق سعيد أن يختار غريباً فينبو عنه، ويخالف عليه، فأخذ خادمه هاشماً وألبسه جُبَّة وخُفَّين، وعيَّنه للحرم.
ثم لقيه عمر بن صخر، فقال له:
ما الذي نصبت هاشماً له؟
قال سعيد:
خدمة الحرم، لأن الأمير طلب رجلاً قبيح الخلقة.
فقال له عمر:
أليس في أبناء الأطباء قبيح قد حسنت تربيته وطاب مغرسُه يصلح لهذا؟ إنك استرخصت الصنعة. والله إن قويَت يدُه ليرجعنَّ إلى دناءة أصله وخساسة محتده.
فتضاحك سعيد من هذا الكلام.
وتمكَّن هاشم من الحرم يصنعه لهن ما يوافقهن من أدوية الشَّحم والحَبَل وما يُحسَّن اللون ويغزر الشعر، حتى قدّمه النساء على سعيد.
وخرج ابن طولون إلى الشام وقصد الثغور لإصلاحها، ثم عاد إلى أنطاكية، فأدركه إسهال من ألبان الجواميس التي استكثر منها. فالتمس طبيبه سعيداً فأخبره أنه قد خرج إلى ضيعة له بأنطاكية. فتمكَّن غيظه منه. فلما حضر أغلظ له في التأخر عنه، وقال له:
تشغلك ضيعتك عن صحبتي؟ اعلم أنك تسبقني إلى الموت إن كان موتي على فراشي، فإني لا أمكِّنك بالاستمتاع بشيء بعدي.
وأَنِف أن يشكو إليه ما وجده.
فلما خرج قال له إسحاق بن إبراهيم كاتب أحمد بن طولون يعاتبه:
ويحك يا سعيد، أنت حاذق في صناعتك، وليس لك عيب إلا أنك مُدِلٌّ بها. والأمير وإن كان فصيح اللسان فهو أعجميّ الطبع.
فتلطَّف له، وأرفق به، وراعِ حالَه.
فقال سعيد:
والله ما خدمتي له إلا خدمة الفأر للسنور. وإنّ قتلي لأحبّ إليّ من صحبته.
ثم زاد المرض على ابن طولون في الليلة الثانية، فطلب سعيداً فجاءه وقد شرب نبيذاً. فقال له:
أنا من يومين عليل وأنت تشرب النبيذ؟!
فقال:
يا سيدي، طلبتني أمس وأنا في ضيعتي على ما جرت عادتي، وحضرتُ فلم تخبرني بشيء.
قال: فما كان ينبغي أن تسأل عن حالي؟
قال: ظنّك بي يا مولاي سّيء.
قال: فما العمل الساعة؟
قال: لا تقرب شيئاً من الغذاء ولو اشتهيته الليلة وغداً.
قال: أنا والله جائع وما أصبر.
قال: هذا جوع كاذب لبرد المعدة.
ودخلت امرأة ابن طولون عليه، فقالت:
والله يا سيدي ما في أطبائك مثل هاشم.
فقال لها: أحضرينيه سرّاً.
فأدخلته إليه سراً، وشجّعتْه على كلامه. فلما مثل بين يديه نظر في وجه ابن طولون وقال:
اُغْفِل الأمير حتى بلغ إلى هذه الحالة؟! لا أحسن الله جَزَاءَ مَن كان يتولّى أمره!
قال له ابن طولون:
فما الصّواب يا هاشم؟
فناوله دواء ظنَّ معه ابن طولون أن البرء قد تمّ له. قال لهاشم:
أنا أشتهي عصيدة وسعيد يمنعني عنها.
قال:
يا سيدي، أخطأ سعيد، وهي مغذِّية ولها أثر حميد فيك.
فأمر ابن طولون بعملها، وأكل منها، وطاب نفساً ببلوغ شهوته، ونام، وتوهّم أن حاله زادت صلاحاً.
فلما حضر سعيد بعد ذلك، قال له:
ما تقول في العصيدة؟
قال:
هي ثقيلة على الأعضاء، وتحتاج أعضاء الأمير إلى تخفيف عنها.
قال له أحمد:
دعني من هذا الاختلاق! قد أكلتُها ونفعتني والحمد لله.
قال سعيد:
الله المستعان!
قال: فما تقول في السفرجل؟
قال سعيد:
تمصّ منه على خلّو المعدة والأحشاء فإنه نافع.
فلما خرج سعيد أكل طولون سفرجلاً، فوجد السفر جل العصيدة فعصرها فتدافع الإسهال حتى قام أحمد أكثر من عشرة مجالس. فدعا سعيداً فقال:
يا ابن الفاعلة! ذكرتَ أن السفرجل نافع لي، وقد عاد الإسهال!
فقام سعيد، ونظر إلى المادة، ورجع إليه فقال:
هذه العصيدة التي حمدتها وذكرتَ أني غلطت في منعها، لم تزل مقيمة في الأحشاء لا تطيق هضمها لضعف قواها، حتى عصرها السفرجل.
ولم أكن أوصيت بأكله وإنما بمصِّه.
ثم سأله عن مقدار ما أكل منه، فقال:
سفرجلتين.
فقال سعيد:
أكلت السفرجل للشَّبَع، ولم تأكله للعلاج.
فقال ابن طولون:
يا ابن الفاعلة! جلستَ تنادرني وأنت صحيح سويّ وأنا عليل متعب!
ثم دعا بالسياط فضربه مائتي سوط، وأمر بأن يطوفوا به على جَمَل، وأن ينادى عليه:
هذا جزاء من ائتُمِنَ فخان.
ونهب الناس منزله. ومات بعد يومين. ومات ابن طولون في علَّته هذه بعده بقليل.
فارس الجزائري
2009-06-24, 00:57
القصة رقم 59
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
القرآن وكلام الصاحب بن عبّاد
ناظر الوزيرُ الصاحبُ بن عباد(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) يهودياً، وهو رأس الجالوت، في إعجاز القرآن. فراجعه اليهوديّ فيه طويلاً حتى احتدَّ الصاحب وكاد ينقدّ. فلما رأى اليهودي منه ذلك احتال طلباً لمداراته فقال:
أيها الصاحب، لم تتَّقد وتلتهب؟ كيف يكون القرآن عندي آيةً ودلالةً على النبَّوة، ومعجزةً من جهة نظمه وتأليفه؟ فإن كان البلغاء، فيما تدّعي، عنه عاجزين، فأنا أصْدُقْ عن نفسي وأقول إن رسائلك وكلامك وما تؤلفه من نظم ونثر هو عندي فوق ذلك أو مثل ذلك أو قريب منه. وعلى كل حال فليس يظهر لي أنه دونه!
فلما سمع ابن عباد هذا فّتّر وخَمَد، وسكن عن حركته، وقال:
ولا هكذا أيضاً يا شيخ. كلامُنا حسن بليغ، وقد أخذ من الجزالة حظاً وافراً، ومن البيان نصياً ظاهراً، ولكن القرآن له المزية التي لا تُجهل!
هذا كله يقوله وقد تراجع مزاجُه، وصارت نارُه رماداً، مع إعجاب شديد قد شاع في أعطافه، وفرح غالب قد دبَّ في أسارير وجهه، لأنه رأى كلامه شُبْهةً على اليهود مع سعة حيلهم، وشدّ جدالهم، وطول نظرهم، وثباتهم لخصومهم، فكيف لا يكون شبهة على النصارى وهم ألين من اليهود عريكة، وأكثرهم تسليماً؟!
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الصاحب بن عباد (938 – 995) ولي الوزارة أيام دولة البوبهيين وكان لغوياً أدبياً.
فارس الجزائري
2009-06-24, 01:24
القصة رقم 60
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
في هذه الدنيا من هو أجود منك
قال معن بن زائدة:
لما انتقلت الدولة إلى بني العباس، جَدَّ المنصورُ في طلبي، وجعل لمن يحملني إليه مالاً. فاضطررت لشدّة الطلب إلى أن تعرّضت للشمس حتى لوحت وجهي، وخَفَّفتُ عارضي(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، ولبست جبّة صوف، وركبت جملاً، وخرجت متوجهاً إلى البادية لأقيم بها.
فلما خرجتُ من باب حرب، وهو أحد أبواب بغداد، تبعني أسود متقلَّد بسيف، حتى إذا غبت عن الحرس، قبض على خطام الجمل فأناخه، وقبض على يدي. فقلت له: ما بك؟
فقال: أنت طلبة أمير المؤمنين.
فقلت: ومن أنا حتى أُطلب.
قال: أنت معن بن زائدة.
فقلت له: يا هذا، اتّق الله، وأين أنا من معن؟
فقال: دع هذا، فو الله إني لأعرفُ بك منك.
فلما رأيت منه الجد. قلت له:
هذا جوهر قد حملته معي بأضعاف ما جعله المنصور لمن يجيئه بي فخذه ولا تكن سبباً في سفك دمي.
قال: هاته.
فأخرجته إليه، فنظر فيه ساعة وقال:
صدقتَ في قيمته، ولستُ قابلَه حتى أسألك عن شيء، فإن صَدَقتني أطلقتك.
فقلت: قل.
قال: إن الناس قد وصفوك بالجود. فأخبرني: هل وهبتَ مالك كله قط؟
قلت: لا.
قال: فنصفه؟
قلت: لا.
قال: فثلثه؟
قلت: لا.
حتى بلغ العُشر، فاستحييت وقلت:
أظن أني فعلتُ هذا.
قال: وما ذاك بعظيم. أما عني فرزقي من الخليفة كل شهر عشرون درهماً. وهذا الجوهر قيمته ألوف الدنانير. وقد وهبتهُ لك، ووهبتك لنفسك ولجودك المأثور بين الناس، ولتعلم أن في هذه الدنيا من هو أجود منك. فلا تُعجبك نفسك، ولتحقر بعد هذا كلَّ جود فعلتَه، ولا تتوقَّف عن مكرمة.
ثم رمى العقد في حجري، وترك خطام الجمل، وولّى منصرفاً.
فقلت:
يا هذا، قد والله فضحتني، ولَسَفْكُ دمي أهونُ عليّ مما فعلتَ. فخذ ما دفعتُه لك فإني غنيّ عنه.
فضحك وقال:
أردتَ أن تكذبني في مقالي هذا؟ والله لا أخذتُه ولا آخذ لمعروف ثمناً أبداً.
ومضى سبيله.
فو الله طلبتُه بعد أن أمنت ووليت بلاد اليمن، وبذلت لمن يجيء به ما شاء، فما عرفتُ له خبراً، وكأن الأرض ابتلعته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) العارض: الشعر على صفحة الخد.
mouhab_23
2009-06-30, 08:02
شكرا اخي هل من مزيد .........
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:29
شكرا اخي هل من مزيد .........
:dj_17:
السلام عليكم
العفو أخي
الأكيد فيه المزيد حتى نصل إن شاء الله إلى القصة رقم 100
ولكن أعتذر إن تأخرت في اتمام ما بقي لأن النات هذه الأيام ثقيلة ولست أدري ما سبب
الصمت الراعد
2009-07-06, 01:32
السلام عليكم اخي فارس الجزائر لقد اعجبني مقترح حكاية لكل يوم فشكرالك مرتين الاولى لاختيارك الموفق والمفيد و الثانية لايثارك ان تشاركنا بما يفيدنا على ان تحتكر الافادة على نفسك.احبك في الله والى الملتقى
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:37
القصة رقم 61
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
فخر الدِّين الرازي وتلميذه العلويّ
حدّث النسّابة إسماعيل بن الحسين العلوي، قال:
ورد فخر الدين الرازي(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1267935#_ftn1) إلى مَرْو. وكان من جلالة القدر، وعِظَم الذِّكر، وضخامة الهيبة، بحيث لا يُراجَع في كلامه، ولا يتنفّس أحد بين يديه.
فتردّدت للقراءة عليه. فقال لي يوماً:
أُحبّ أن تُصنِّفَ لي كتاباً لطيفاً في أنساب الطالبيين(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1267935#_ftn2) لأنظر فيه وأحفظَه.
فصنّفتُ له المصنَّف الفَخْري. فلَما ناولته إياه، نزل عن مقعده وجلس على الحصير، وقال لي:
اجلس على هذا المقعد!
فأعظمتُ ذلك وأبيت، فانتهرني نهرةً عظيمة مزعجة، وزعق عليّ وقال:
اجلس حيث أقول لك!
فتداخلني من هيبته ما لم أتمالك إلا أن جلست حيث أمرني. ثم أخذ يقرأ في كتابي وهو جالس بين يديّ، ويستفهمني عما استغلق عليه، إلى أن أنهاه قراءة. فلما فرغ منه قال:
اجلس الآن حيث شئت، فإن هذا عِلمٌ أنت أستاذي فيه، وأنا أستفيد منك واُتلمذ لك. وليس من الأدب أن يجلس التلميذ بين يدي الأستاذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1267935#_ftnref1) فخر الدين الرازي: متكلم وفيلسوف ومفسر للقرآن، توفي عام 1209م. له (شرح الاشارات لابن سينا) و( المباحث الشرقية) وتفسير مشهور هو (مفاتيح الغيب) حاول فيه التوفيق بين الفلسلفة والدين.
(2) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1267935#_ftnref2) الطالبيون: آل عليّ بن أبي طالب.
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:42
القصة رقم 62
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
يرضيك هذا
سار الملك محمد بن سلطان محمود إلى بغداد ليحصرها، ودار القتال على باب البلد. فأمر الخليفة المقتفي فنودي ببغداد:
كل من جُرح في القتال فله خمسة دنانير.
فكان كل من جُرح يوصل ذلك إليه. وحضر بعض العامة عند الوزير مجروحاً، فقال له الوزير:
هذا جرح صغير لا تستحق عليه شيئاً.
فعاد الرجل إلى القتال، فضُرب في جوفه فخرجت أمعاؤه، فعاد إلى الوزير، فقال له:
يا مولانا الوزير، يُرضيك هذا؟!
فضحك منه، وأمر له بِصِلة.
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:46
القصة رقم 63
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ما عندنا سُكَّر.
قيل للمأمون إن بني عليّ بن صالح صاحب المُصلّى فُجار سفهاء، فقال المأمون لعليّ:
أحضرْني أولادك.
فلما دخلوا وسلَّموا، قال المأمون:
قبّحكم الله! تركتم الأدب، وآثرتم المجونَ والسَّفَه. هذا وأبوكم أحد العلماء والفقهاء الذين يُرتّضى برأيهم، ويُستضاء بهدْيهم!
ثم أقبل على الوالد فقال له:
ما الذنب إلا لك، لأنك أهملتَهم حتى تَتَايَعُوا في غيهم وتركوا ما كان أوْلَى بهم وبك.
قال:
مالي عليهم قدرة ولا طاعة، ولاسيما هذا الكبير فإنه أفسدّهم وزيّن لهم سوءَ أعمالهم.
فأطرق الكبيرُ وأمسك. فقال له المأمون:
تكلّم!
فقال:
يا أمير المؤمنين، أتكلّم بلساني كلِّه، أم كما يتكلم العبدُ الذليل بين يدي مولاه، تاركاً لحجته، وهائباً لسيّده؟
قال: تكلم بما عندك.
قال: هل أحمدتَ رأي أبينا كما أحمدتَ فهمَه وعلمَه؟
قال: نعم.
قال:
أعتق ما أملك، وعليّ ثلاثون حِجَّة إن لم يكن أبي هذا قد طلب يوماً سُكَّراً فلم يوجد في خزانته منه شيء، ولم يكن الوقت وقتاً فيه بائع ولا سكّر. فقال له خازنه:
ما عندنا سكر.
قال: اُدْعُ لي الوكيل.
فدعاه، فقال:
ما منعك إذ فَنِيَ السكر أن تبتاع لنا سكّراً؟
قال: ما أعلمني الخازن.
فقال أبي للخازن: لِمَ لَمْ تُعْلِمْه؟
قال: كنتُ على ذلك .....
فقال: ما ها هنا ما هو أبلغ في عقوبتكما من أن أقوم على إحدى رِجْلَيّ ثم لا أضع الأخرى على الأرض ولا أرواح بينهما حتى تُحضِراني ألفَ مَنًّ سكّراً من الجنس الذي أفضله، ليس بوسخ ولا مُضَرَّس ولا ليِّن المكسر ولا مُعْوَج القالب!
ثم وثب وقال:
والله ثم والله لا أزال قائماً حتى أوفِّي بنذري!
فتبادر غلمانه ومواليه وبعض ولده وعجائزه نحو السوق، فواحدٌ يُنَبِّه حارساً، وآخر يفتح دَرْباً، وآخر يوقظ نائماً، والغلمان والخُزَّان والجواري والحراس في مثل يوم القيامة ! ثم قال:
يا قوم، أما لي من أهلي مساعد؟ أين البناتُ اللواتي كنتُ أَغْذُوهن لبنَ الطعام؟ أين أمهات الأولاد ملكْن الرغائب بعد الحال الخسيسة؟
أين الأولاد الذكور الذين لهم نسعى ونغدو ونروح؟!
فتبادر إليه بناته وأمهات أولاده، فقامت كل واحدة منهن على ساق.
فقال:
أحسنتُنَّ والله. أحسن الله جزاءكن عن بِركُن. لمثل هذا كنتُ أُعِدُّكن!
ولاحظ الكبرى من بناته وآخر من بينه وهما يُراوحان بين أقدامهما، فقال لهما:
تُراوحان ولا أُراوح! صدق الله العظيم وبلّغ رسوله الكريم قال:
(إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم).
ثم قال: هليّ بن صالح ليس في خزانته سكّر وجائزته من أمير المؤمنين ثلثمائة ألف، وضيعته تغلُّ مائة ألف؟! أجل الله ! إذا كان وكيلي مشغولاً بزوجته وبناته ومصالح أمره، فمتى يفرُغُ للنظر في مصالح خزانتي؟!
والله لقد حُدِّثْتُ أن حُليّ بناته بألوف الدنانير، وأنه قال لزوجته: اخرجي إلى الأعياد، وادخلي الأعراس، واسألي عن الرجال المذكورين، واطلبي المواضع المعروفة، والأنساب المرضية، والأخلاق الكريمة لبناتك، وأَخْرِجيهن في الجُمُعات يتصفَّحن محاسن العُزّاب، ويخترن أُولي الأنساب!
ثم قال: يا قوم، ما الذي حرّكنا هكذا في جوف الليل؟
فقالوا: السُّكَّر!
قال: أجل! وما أحضرتموني السكر إلى هذه الغاية! تَبَادَروني فقد تعبتُ من طول القيام! ويلكم، أدركوني فإني أريد نومةً ولا بد من البكور نحو الدار.
فبادر بقية الخدم يستحثّون الأُوَل، وأخذوا السكر فجاءوا به من غير وزن ثمة ولا تقرير سعره طَلَباً للسرعة.
قالوا: ما أمرتَ به.
قال: فهل أخذتموه من الجنس الذي طلبت؟
قالوا: نعم.
قال: فهل وزنتموه؟
قالوا: لا.
قال: يا أعداء الله، أردتم أن تُوقعوا أذيّتي؟ والله لا أزال على حالي حتى تأخذوه بيعاً صحيحاً لا شرط فيه ولا خيار. هيهات، يأبى الله ذلك وعلي بن صالح!
فرجعوا وقطعوا ثمنه مع التجار، ووزنوا لهم ثمنه، وعادوا إليه فأخبروه بذلك. فقال:
يوزن بحضرتي!
فجاءوا بالقبّان ليزنوا السكّر، وهو يقول:
ويلكم، عجِّلوا فقد دنا الصبح! أوه، جاءت والله نفسي أو كادت! فلما استوفى الوزن خرَّ مغشياً عليه، وكذلك كانت حال من كان معه في مثل حاله، فما انتبه واحد منهم لفريضة ولا نافلة إلا بحرِّ الشمس.
فهذه يا أمير المؤمنين حالُ من أَحْمَدْتَ علمَه وفهمه ورأيه وفقهه!
فقال له المأمون:
والله لئن كنتَ ولَّدْتَ هذا على أبيك في مقامك هذا فما لك في الأرض نظير، وإن كنتَ حكيتَ حقاً فما في الدنيا لأبيك شبيه!
وأراد عليّ بن صالح أن يتكلم، فقال له المأمون:
إيّْاك أن تنبسَ بحرف!
ثم أمرهم بالانصراف.
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:53
القصة رقم 64
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
صهيب والجلاد
جُلد صُهيب المدينيّ في الشراب. وكان طويلاً جسيماً، وكان الجلاّد قصيراً قميئاً. فقال الجلاد له:
تقاصرْ لينالك السَّوْط!
فقال:
يا ابن الفاعلة! إلى أكل الفالوذج(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) تَدْعوني؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الفالوذج: حلواء من الدقيق والماء والعسل، وتصنع الآن من الِّشا والماء والسكر.
فارس الجزائري
2009-07-06, 01:56
القصة رقم 65
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الاختزال
لليونانيين قلم يعرف بالساميا، ولا نظير له عندنا. فإن الحرف الواحد منه يحيط بالمعاني الكثيرة، ويجمع عدة كلمات. قال جالينوس:
كنت في مجلس عام، فتكلمت في التشريح. فلما كان بعد أيام لقيني صديق لي، فقال إن فلاناً يحفظ عليك في مجلسك العام أنك تكلمت بكذا وكذا، وأعاد عليّ ألفاظي بعينها. فقلت: من أين لك هذا؟
قال: إني التقيت بكاتب ماهر بالساميا، فكان يسبقك بالكتابة في كلامك.
وهذا القلم يتعلمه الملوك وجلّة الكتّاب ، ويمنع منه سائر الناس لجلالته. وقد جاءنا من بعلبك رجل متطبّب زَعَم أنه يكتب بالساميا.
فجرّبنا عليه ما قال، فرأيناه إذا تكلمنا بعشر كلمات أصغى ثم كتب كلمة. فاستعدناها فأعادها بألفاظنا.
وللصين كتابة يقال لها كتابة المجموع؛ وهي أن لكل كلام يطول شكلاً من الحروف يأتي على المعاني الكثيرة. فإن أرادوا أن يكتبوا ما يكتب في مائة ورقة، كتبوه في صفحة واحدة.
قال محمد بن زكريا الرازي:
قصدني رجل من الصين، فأقام بحضرتي نحو سنة، تعلم فيها العربية كلاماً وخطاً في مدة أشهر حتى صار فصيحاً حاذقاً سريع اليد. فلما أراد الانصراف إلى بلده، قال قبل ذلك بشهر:
إني على الخروج، وأحبُّ أن تُملي عليَّ كتب جالينوس الستة عشر لأكتبها.
فقلت:
لقد ضاق عليك الوقت، ولا يفي زمانُ مقامك لنسخ قليل منها.
فقال الفتى:
أسألك أن تهب لي نفسك مدة مقامي، وتملي عليّ بأسرع ما يمكنك، فإني أسبقك بالكتابة.
فتقدّمت إلى بعض تلاميذي بالاجتماع معنا على ذلك، وكنا نملي عليه بأسرع ما يمكننا، فكان يسبقنا. ولم نصدّقه إلا في وقت المعارضة، فإنه عارض بجميع ما كتبه.
وسألته عن ذلك فقال:
إن لنا كتابة تعرف بالمجموع، فإذا أردنا أن نكتب الشيء الكثير في المدة اليسيرة كتبناه بهذا الخط، ثم إذا شئنا نقلناه إلى القلم المتعارف والمبسط.
فارس الجزائري
2009-07-06, 02:00
القصة رقم 66
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أعوذ بالله وأبرأ إليه من الهندسة
قال أحمد بن الطيّب:
إن صديقاً لابن الكاتب يُكْنَى أبا عبيدة قال له ذات يوم:
إنك رجلٌ – بحمد الله ومَنِّه- ذو أدب وفصاحة وبراعة وبلاغة؛ فلو أكملتَ فضائلَك بأن تُضيف إليها معرفةَ البُرهان القياسيّ، وعلمَ الأشكال الهندسية الدالَّة على حقائق الأشياء، وقرأتَ أقليدس وتدبّرته.
فقال له ابن ثوابة: وما أقليدس؟
قال له: رجل من علماء الروم يُسمَّى بهذا الاسم، وضَع كتاباً فيه أشكال كثيرة مختلفة تدل على حقائق الأشياء المعلومة والمُغيَّبة، يشحذ الذهن ويدقِّق الفهم.
قال ابن ثوابة: وكيف ذلك؟
قال: لا تعلم كيف هو حتى تشاهد الأشكال وتُعاين البرهان.
قال له: فافعل ما بدا لك.
فأتاه برجل يقال له قُويرى مشهور مُقدَّم.
فعجبتُ من ذلك، وكتبتُ إلى ابن ثوابة رقعةً نُسْخَتُها:
( اتصل بي أن رجلاً من إخوانك أشار عليك بتكميل فضائلك وتقويتها بمعرفة شيء من القياس البرهاني، وطمأنينتك إليه، وأنك أصغيت إلى قوله وأذِنتَ له، وأنه أحضَرك رجلاً هو مَعْدِن من معادن الكفر، وإمامٌ من أئمة الشّرك، يُخادعك على عقلك الرصين، ويُنازلك في ثقافة فهمك المتين. فأجبتُ استعلام ذلك على كنهه من جهتك).
فأجابني ابنُ ثوابة برُقعة نُسختُها:
( وصلتْ رقعتُك فحواها، والخبر كما اتّصل بك. فإن أبا عبيدة – عليه لعنة الله – بِنَحْسِه ودسّه، اغتالني لِيكْلمَ ديني من حيث لا أعلم، وينقُلني عما اعتقده من الإيمان بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه، فَوَطَّدَ لي الزندقة بتزيينه الهندسة، وأنه يأتيني برجل يفيدني علماً شريفاً تكمل به فضائلي – فيما زعم -، فقلتُ عسى أن أُفيدَ به براعةً في صناعة، أو كمالاً في مُروّة، أو نُسكاً في دين، أو فَخَاراً عند الأكْفاء.
فأجبتُه بأن هلُمَّ به! فأتاني براهب شاخص النظر، محزوم الوسط. فاستعذتُ بالرحمن، ومجلسي قد غَصَّ بالأشراف من كل الأطراف، كلُّهم يرمقُه ويعظِّمه ويحييه، والله محيط بالكافرين.
فأخذ مجلسه ولَوَى أشداقه وفتَح أوساقه. فقلت له:
بلغني أن عندك معرفةً بالهندسة. فهلمَّ أفِدنا منها عسى أن يكون عَوْناً لنا على دين أو دنيا، ومفيداً نسكاً وزهداً (فذلك هو الفوز العظيم).
قال: فأَحِضرني دواةً وقرطاساً.
فأحضرتهما. فأخذ القلم ونقط نقطة كأصغر من حبّة الذَّر. وأقبل عليَّ فقال:
إن هذه النقطة شيءٌ ما لا جزءَ له.
فقلت: أَضْلَلْتَني وربِّ الكعبة! وما الشيء الذي لا جزء له؟
فقال: كالبسيط.
فأذهلني وحيّرني لأنه أتاني بلغة ما سمعتُها من عربي ولا عجمي، وقد أحطت علماً بلغات العرب، وصرتُ فيها إلى ما لا أحسِبُ أحداً يتقدمني إلى المعرفة به.
فقلت له: وما الشيء البسيط؟
فقال: كالله تعالى، وكالنفس.
فقلت له: إنك من الملحدين. أتضرِبُ لله أمثالاً والله تعالى يقول: ( فلا تضرِبوا لله الأمثال)؟ لعن الله مرشداً أرشدني إليك، وأبرأُ إليه منكم ومما تُلحِدون، والله وليّ المؤمنين، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
فلما سمع مقالتي استخفّه الغضب فقال:
إني أرى فصاحة لسانك سبباً لعُجمة فهمك، وتَذَرُّعَك بقولك آفة من آفات عقلك!
فلولا من حضر المجلسَ وإصغاؤهم إليه مستصوبين أباطيلَه، لأمرتُ بسلِّ لسانه اللُّكَع الأَلكن.
وأمرتُ بإخراجه إلى حرّ نار الله وغضبه ولعنته.
فنظرتُ إلى أَمارات الغضب في وجوه الحاضرين، فقلت:
ما غضبُكم لنصراني يشرك بالله ويتَّخذ له من دونه أنداداً ويلعن بالإلحاد؟
فقال لي رجل منهم: إنه إنسان حكيم.
فغاظني قوله وقلت: لعن الله حكمةً مشوبةً بكفر.
فقال لي آخر: إن عندي مسلماً يتقدم أهل هذا العلم.
فرجوت – مع ذكره الإسلامَ – خيراً. فقلت: ائتني به.
فأتاني برجل قصير مجدور، أخفش العينين، قبيح الزّيّ. فسلّم فرددتُ عليه السلام. وقلتُ له: ما اسمك؟
قال: أبو يحيى.
فتفاءلتُ بملَك الموت عليه السلام، وقلت: اللهم إني أعوذ بك من الهندسة، فاكفني اللهم شرّها فإنه لا يصرف السوءَ إلا أنت. وقرأت ( الحمد) و(المعَوِّذَتَيْن) و(قل هو الله أحد) ثلاثاً. وقلت له:
إن صديقاً لي جاءني بنصراني يتَخذ الأنداد، ويدّعي أن لله الأولاد، ليُغوِني ويستفزّني، (ولولا رحمةُ ربي لكنتُ من المُحْضرِين). فصرفتُه أقبح صرف. ثم ذُكِرْتَ لي، فرجوتُ – بذكر إسلامك – خيراً. فهلمّ أفِدنا شيئاً من هندستك ما يكون لنا سبباً إلى رحمة الله، ووسيلة إلى غفرانه، فإنها أريحُ تجارة وأَعوَذُ بضاعة.
فقال: أحضرني دواةً وقرطاساً.
فقلت: أتدعو بالدواة والقرطاس وقد بُليت منهما ببلية؟
قال: وكيف كان ذلك؟
فقلت له: إن النصراني نَقَط لي نقطة كأصغر من سَمّ الخِياط، وقال لي إنها معقولة كربك الأعلى. فوالله ما عدا فرعون في إفكه وكفره.
فقال لي: فإني أعفيك. لعن الله قُوَيْرَى! وهل بلغتَ أنتَ تعرِفَ النقطة؟!
فقلت: استجهلني ورب الكعبة، وقد أخذتُ بأزِمَة الكتابة ونهضتُ بأعبائها، يقول لي لا تعرف فحوى النقطة!
ودعا بغلامه وقال: اثني باتَّخت! فأتاه. ثم أخرج من كُمّه مِيلاً(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) عظيماً فظننته متطبِّباً. فقلت له:
إن أمرَك لَعجب. أَتَفْقَأ به الأعين؟
فقال: إنما أخطّ به الهندسة على هذا التخت.
فقلت له: إنك وإن كنت مبايناً للنصراني في دينه، إنك لمؤازِرُه في كفره. أتخطّ على تخت بميلك لتميل بي إلى الكذب باللوح المحفوظ وكاتبيه الكرام؟ أإيّاي تستهوي؟ أم حَسِبْتَني ممن يهتز لمكايدكم؟
فقال: لستُ أذكر لك لوحاً محفوظاً ولا مضيَّعاً، ولا كاتباً كريماً ولا لئيماً، ولكني أخُطّ به الهندسة، وأقيم عليها البرهان بالقياس.
فقلت: اخطُط.
وأخذ يخطُّ وقلبي مُرَوَّع يَجب وَجيباً.
فقال لي: إن هذا الخط طولٌ بلا عرض.
فتذكرتُ صراطَ ربي المستقيم، وقلت له:
قاتلك الله! أتدري ما تقول؟ تعالى صراطُ ربي عن تخطيطك وتشبيهك وتضليلك. أحسبتني غبياً لا أعلم ما في باطن ألفاظك ومكنون معانيك؟ والله ما خططتَ الخط وأخبرتَ أنه طول بلا عرض إلا حيلةً بالصراط المستقيم الذي هو أدقُّ من الشَّعَر لتُزِلّ قدمي عنه، وأن تُرديني في نار جهنم.
أعوذ بالله وأبرأ إليه من الهندسة، ومما تَدُلّ عليه وترشد إليه. وإني بريء من المهندسين وما يُسِرُّن، ومما به يعملون. قم إلى لعنة الله وغضبه!
وأمرتُ بسحبه فسُحب إلى أليم عذاب الله، ونار ( وقودها الناس والحجارة). ثم أخذتُ قرطاساً وكتبتُ بيدي يميناً ليست لها كفَّارة، ألاَّ أنظر في الهندسة أبداً، ولا أطلبها، ولا أتعلمها من أحد سراً ولا جهراً؛ وأكَّدتُ بمثل ذلك على ذرّيتي وعلى ذرّية ذريتهم أن لا ينظروا فيها، ولا يتعلموها ما قامت السنواتُ والأرض، إلى أن تقوم الساعةُ ( ليمقاتِ يومٍ معلوم).
والسلام.).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الميل: آلة للجراح يختبر بها الجرح. والمقصود هنا الفرجار.
فارس الجزائري
2009-07-06, 02:52
القصة رقم 67
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
نَعْلُ الفَرّاء
كان الفراء أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. وكان المأمون قد وكل الفراء يُلقِّن ابنيه النحو. فلما كان يوماً أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفراء يقدّمانه له، فتنازعا أيهما يقدمه، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فرداً، فقدّماها.
وكان المأمون له على كل شيء صاحب خبر، فرفع ذلك الخبر إليه.
فوجه إلى الفراء فاستدعاه. فلما دخل عليه قال:
مَن أَعزُّ الناس؟
قال: ما أعرفُ أعزَّ من أمير المؤمنين.
قال: بلى، مَن إذا نهض تَقاتلَ على تقديم نعليه وَليَّا عهد المسلمين حتى رضي كل واحد أن يقدم له فرداً.
قال: يا أمير المؤمنين، لقد أردتُ منعَهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرومة سبقا إليها.
فارس الجزائري
2009-07-06, 03:16
القصة رقم 68
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
العامَّة والأنعام
كان المأمون قد همَّ يلعن معاوية بن أبي سفيان. فمنعه عن ذلك يحيى ين أكثم، وقال له:
يا أمير المؤمنين، إن العامة لا تحتمل هذا، دعهم على ما هم عليه، ولا تُظهر لهم أنك إلى فرقة من الفِرَق، فإن ذلك أصلحُ في السياسة.
فركن المأمون إلى قوله.
فلما دخل عليه ثُمامة بن الأشرس، قال له المأمون:
يا ثُمامة، قد علمتَ ما كنا دبَّرناه في معاوية، وقد عارضَنا رأيّ أصلح في تدبير المملكة، وأبقَى ذكراً في العامة.
ثم أخبره أن يحيى خوّفه إياها.
فقال ثمامة:
يا أمير المؤمنين، والعامة عندك في هذا الموضع الذي وضعها فيه يحيى؟! والله ما رضي الله أن سوّاها بالأنعام حتى جعلها أضلّ سبيلاً، فقال تبارك وتعالى: ( أم تَحسَبُ أَنَّ أَكثَرهم يسمعون أو يعقلون. إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلاً ). والله لقد مررتُ منذ أيام في شارع الخُلد، فإذا إنسانٌ قد بسط كِساءَه وألقى عليه أدوية وهو قائم ينادي:
هذا الدواء للبياض في العين والغشاوة وضعف البصر.
وإن إحدى عينيه لَمطموسة والأخرى مُؤْلَمَة. والناس قد انثالوا عليه، واحتفلوا إليه يستوصفونه. فنزلت عن دابتي، ودخلتُ بين تلك الجماعة فقلت:
يا هذا، أرى عينيك أحوجَ الأعين إلى العلاج، وأنت تصف هذا الدواء وتخبر أنه شفاء، فما بالك لا تستعمله؟!
فقال:
أنا في هذا الموضع منذ عشرين سنة ما رأيتُ شيخاً قط أجهل منك ولا أحمق!
قلت: وكيف ذلك؟
قال: يا جاهل، أتدري أين اشتكت عيني؟
قلت: لا.
قال: بمصر!
فأقبلت عليّ الجماعة فقالت:
صدق الرجل. وأنت جاهل!
وهمّوا بي. فقلت:
والله ما علمتُ أن عينه اشتكت بمصر.
فما تخلَّصتُ منهم إلا بهذه الحجّة!
فارس الجزائري
2009-07-06, 03:19
القصة رقم 69
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
تأديب أحمد بن طولون لولده
قال عبد الله بن القاسم كاتب العباس بن أحمد بن طولون:
بعث إليّ أحمد بن طولون بعد أن مضى من الليل نصفُه، فوافيتُه وأنا منه خائف مذعور.
ودخل الحاجب بين يديّ وأنا في أثره، حتى أدخلني إلى بيت مظلم، فقال لي:
سلِّم على الأمير!
فسلَّمت. فقال لي ابن طولون من داخل البيت وهو في الظلام:
لأي شيء يصلح هذا البيت؟
قلت: للفكر.
قال: ولم؟
قلت: لأنه ليس فيه شيء يشغل الطرف بالنظر فيه.
قال: أحسنت! امض إلى ابني العباس، فقل له: يقول لك الأمير اغدُ عليّ. وامنعه من أن يأكل شيئاً من الطعام إلى أن يجيئني فيأكل معي.
فقلت: السمع والطاعة.
وانصرفت، وفعلتُ ما أمرني به، ومنعته من أن يأكل شيئاً.
وكان العباس قليل الصبر على الجوع، فرام أن يأكل شيئاً يسيراً قبل ذهابه إلى أبيه، فمنعته. فركب إليه، وجلس بين يديه. وأطال أحمد بن طولون عمداً، حتى علم أن العباس قد اشتدَّ جوعه. وأُحضرت مائدة ليس عليها إلا البوارد من القبول المطبوخة، فانهمك العباس في أكلها لشدَّة جوعه، حتى شبع من ذلك الطعام، وأبوه متوقف عن الانبساط في الأكل.
فلما علم بأنه قد امتلأ من ذلك الطعام، أمرهم بنقل المائدة، وأُحضر كل لون طيّب من الدجاج والبط والجدي والخروف، فانبسط أبوه في جميع ذلك فأكل، وأقبل يضع بين يدي ابنه منه، فلا يمكنه الأكل لشبعه.
قال له أبوه: إنني أردت تأديبك في يومك هذا بما امتحنتك به. لا تُلق بهمَّتك على صغار الأمور بأن تسهِّل على نفسك تناول يسيرها فيمنعك ذلك من كبارها، ولا تشتغل بما يقلّ قدرُه فلا يكون فيك فضلٌ لما يعظم قدرُه.
فارس الجزائري
2009-07-06, 03:21
القصة رقم 70
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
عن مالك بن أنس
قال حسن بن نعمان:
كنت بالمدينة، فخلا بي الطريقُ نصفَ النهار، فجعلتُ أتغنّى بشِعر ذي يزن وأقول:
ما بالُ قومِك يا ربابُ *** خُزراً كأنهمُ غِضابُ.
فإذا كُوّة قد فُتحت، ووجْهٌ قد بدا منها تتبعه لحية حمراء، وإذا به الإمام مالك رضي الله عنه. فقال لي:
يا فاسق، أسأت التأدية ومنعتَ القائلة.
ثم اندفع فغنّى الصوت غناء لم أسمع بمثله. فقلت:
أصلحك الله! من أين لك هذا الغناء؟
قال: نشأتُ وأنا غلام، فأعجبني الأخذُ عن المغنين. فقالت أمي:
يا بني، إن المغنى إذا كان قبيح الوجه لم يُلتَفت إلى غنائه، فدع الغناء واطلب الفقه! فتركت المغنين وتبعت الفقهاء، فبلغ الله بي إلى ما ترى.
فقلت: أعِد الصوتَ، جُعلت فداك!
فقال: لا ولا كرامة! تريد أن تقول: أخذتُه عن مالك بن أنس؟!
:19:شكرا.........................باراك الله فيك:19:
:mh31::mh31:
:19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::1 9::19:
:34:
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووور
بدرالدين02130
2009-07-14, 21:59
:dj_17:
السلام عليكم
وجدت بين كتبي كتاب عنوانه ألف حكاية وحكاية
وهو يروي حكايات من الأدب العربي القديم
من إعداد حسبن أحمد أمين يحوي 100 حكاية منها الطريف ومنها ما فيه حكمة وقد أحببت أن أتشارك معكم في قرأته حيث سأقوم في كل يوم كتابة قصة
وسأبدأ بقصة اليوم
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
http://img253.imageshack.us/img253/6007/44020113vl2.gif
شكراااااااااااا
يا اخ على هذه الفكرة
فارس الجزائري
2009-07-18, 01:20
:19:شكرا.........................باراك الله فيك:19:
:mh31::mh31:
:19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::19::1 9::19:
:34:
:dj_17:
وفيــك بــارك
:19:
فارس الجزائري
2009-07-18, 01:27
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووور
:dj_17:
العفوووووووووووو
فارس الجزائري
2009-07-18, 01:29
شكراالك يااخي
:dj_17:
العفو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-07-18, 01:30
شكراااااااااااا
يا اخ على هذه الفكرة
:dj_17:
العفـــــــو
فارس الجزائري
2009-07-18, 01:36
القصة رقم 71
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ساحرُ النيل
كان أبو جعفر النحاس، النحويّ المصريّ، من أهل العلم بالفقه والقرآن، رحل إلى العراق، وسمع من الزَّجَّاج، وأخذ عنه النحوَ وأكثر.
وله مصنّفات في القرآن، منها كتاب ( الإعراب)، وكتاب ( المعاني)، وهما كتابان جليلان أغنيا عما صُنِّف قبلهما في معناهما، وكتاب ( تفسير أبيات كتاب سيبويه )، ولم يُسبَق إلى مثله، وكل من جاء من بعده استمدَّ منه.
جلس يوماً على دَرَج المقياس بمصر شاطئ النيل وهو في مَدِّه وزيادته، ومعه كتاب العَروض(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، وهو يقطّع منه بحراً. فسمعه بعض العوام فقال:
هذا يسحر النيل حتى لا يزيد، فتغلو الأسعار!
ثم دَفَع النحاسَ برجله، فذهب في المدّ، فلم يُوقَفْ له على خبر.
ــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) العروض: علم موازين الشعر.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:02
القصة رقم 72
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
هل يؤكل المالُ بعينه؟
لما تمهّدت بلاد اليمن لتوران شاه بن أيوب ( وهو أخو السلطان صلاح الدين )، واستقامت له أمورُها، كرِهَ المقام بها لأنها بلاد مجدبة. فكتب إلى صلاح الدين يستقيل منها، ويسأله الإذن له في العَوْد إلى الشام، ويشكو حالَه. فأرسل إليه أخوه رسولاً مضمونُ رسالتِهِ ترغيبُه في الإقامة، وأن اليمن كثيرة الأموال ومملكة كبيرة.
فلما سمع توران شاه الرسالة، قال المتولّي خزانته:
احضر لنا ألف دينار.
فأحضرها في كيس. فقال لأستاذ داره، والرسول حاضر عنده:
ارسِل هذا الكيس إلى السوق يشترون لنا بما فيه قطعة ثلج.
فقال أستاذ الدار:
يا مولانا، هذه بلاد اليمن، من أين يكون فيها ثلج؟!
فقال: دعهم يشترون بها طبق مشمش لوزي.
فقال: من أين يوجد هذا النوع ههنا؟
فجعل يعدّد عليه جميع أنواع فواكه دمشق، وأستاذ الدار يُظْهِر التعجب من كلامه، وكلما قال له عن نوع، يقول له:
ومن أين يوجد هذا ههنا؟ّ
فلما استوفى الكلام إلى آخره، قال توران شاه للرسول:
ليت شعري ماذا أصنع بهذه الأموال إذا لم أنتفع بها؟ هل يؤكل المالُ بعينه؟ أم فائدته أن يتوصل به الإنسان إلى بلوغ أغراضه؟
فعاد الرسول إلى صلاح الدين، وأخبره بما جرى، فأذِن له في المجيء.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:09
القصة رقم 73
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
شَرْبة ماء
طلب هارون الرشيد ماء، فلما أراد شربه قال له ابن السماك:
مهلاً يا أمير المؤمنين! بقرابتك من رسول الله، لو مُنعتَ هذه الشَّربة، بكم كنت تشتريها؟
قال:
بنصف مُلْكي.
قال: اشرب.
فلما شرب قال:
أسألك بقرابتك من رسول الله، لو مُنعتَ خروجها من بدنك، بماذا كنت تشتريها؟
قال الرشيد:
بجميع مُلكي.
قال له ابن السماك:
إن مُلْكاً لا يساوي شربة ماء وخروج بولة لجديرٌ أن لا يُنافَسَ فيه!
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:14
القصة رقم 74
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الحاكم بأمر الله والنِّساء
حَظَر الحاكم بأمر الله بمصر على النساء الخروج من منازلهن، والاطلاع من سطوحهن، ودخول الحمامات، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف لهن، وقتل عدة نساء خالفن أمره في ذلك.
وكان الحاكم يركب بالليل يطوف الأسواق، ورتّب في كل دَرْب أصحاب أخبار يطالعونه بما يعرفونه، ورتّبوا عجائز يدخلن الدّور ويرفعن إليهم أخبار النساء، وأن فلانا يحب فلانة، وفلانة تحب فلاناً، وأن تلك تجتمع مع صديقها، وهذا مع صاحبته. فكان أصحاب الأخبار يرفعون إلى الحاكم ذلك، فَيُنفِذ من يقبض على المرأة التي سمع عنها مثل ذلك، فإذا اجتمع عنده جماعة منهن أمر بتغريقهن.
واتفق أن مرَّ قاضي القضاة يوماً ببعض المحال. فنادته امرأة من دارها، وأقسمت عليه أن يقف لها فوقف. فبكت بكاء شديداً وقالت:
لي أخ لا أملك غيره، وعرفتُ أنه في آخر الرمق. وأنا أقسم عليك إلاّ أمرت بحملي إليه لأشاهده قبل أن يقضي نحبه.
فرحمها القاضي ورقّ لها، وأمر رجُلين من أصحابه أن يحملاها إلى الموضع الذي تدلُهما عليه.
فأغلقت باب دارها، وتركت المفتاح عند جارة لها، وقالت:
سلِّميه إلى زوجي.
ومضت إلى باب فدقَّته فدخلت، وقالت للرجلين: انصرفا.
وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه. فلما رآها سرَّ بها، وأخبرته بحيلتها.
فلما انصرف زوجها آخر النهار، وجد بابه مغلقاً، فسأل الجيران فأخبروه بالحال وبما جرى لها مع القاضي القضاة. فدخل إلى بيته وبات في أقبح ليلة. ثم باكر في غد إلى دار قاضي القضاة، وقال:
أنا زوج المرأة التي فعلت أمس ما فعلته، ما لها أخ. وما أفارقك حتى تردّها إليّ.
فركب قاضي القضاة في الحال، واستصحب الرجلين اللذين أنفذ بهما مع المرأة حتى يرشداه إلى الدار، فوجد المرأة والرجل نائمين في إزار واحد على سُكْر. فحُملا إلى الحاكم، فأمر بأن تُحرَق المرأة، وأن يُضرب الرجل ألف سوط.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:16
القصة رقم 75
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
مُري خَيالَك أن يطرقَني
كانت زادمهر جارية بارعة الجمال، طيّبة الغناء. ورآها يوماً فتى من بغداد فعشقها، وأخذ في استعطافها بالمراسلات والمكاتبات، وهي لا تعرف إلا الدنيا والدينار. وجعل يصف لها في رقاعِه عشقَه، وسهره في الليالي، وتقلّبه على حرّ المقالي، وامتناعه من الطعام والشراب، وما يشاكل هذا من الهذيان الفارغ الذي لا طائل فيه ولا نفع.
فلما أعياه أمرها، ويئس من تعطّفها عليه، كتب إليها في رقعة:
وإذ قد منعتني زيارتك، فمُري خيالَك أن يطرُقني ويبرد حرارة قلبي.
فقالت زادمهر لرسولته:
ويحك، قولي لهذا الرقيع: أنا أعمل ما هو خير لك من أن يطرقك خيالي، أَرِسل إليّ دينارين في قرطاس حتى أجيئك أنا بنفسي!
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:33
القصة رقم 76
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
عيون أحمد بن طولون
حدّث أحمد بن محمد الكاتب، وكان من عقلاء الناس وفهمائهم، وكان فيه دين وخير كثير، قال:
أتاني رسول أحمد بن طولون وقد مضى من الليل أكثَرُه، وأنا نائم في فراشي، فقرع الباب قرعاً عنيفاً. فأشرفَتْ عليهم عيالي، فإذا جماعة من الغلمان بالشمع والمشاعل. فراعهم ذلك، وعرّفوني، فعلمت أنه لم يستدع حضوري في ذلك الوقت لخير. وأيست من الحياة، فدخلتُ المستراح(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftn1) وتطهرّت وتطيّبت طِيب من يفارق الدنيا، ولبست ثياباً نظافاً. وودّعت أهلي وقد كثر بكاؤهم وضجيجهم، ونزلت فركبت معهم، فمضوا بي حتى دخلت إلى أحمد بن طولون.
ورأيت قاعة الدار كلها شمعاً يتّقد، حتى خِلتُ أنه نهار. وسِرت فيها حتى بلغت المجلس الذي هو فيه، وبين يديه شمعتان عظيمتان، في كل واحدة منها قنطار.
فسلَّمت وأنا اُرعَدُ خوفاً، فردّ عليّ السلام. فسكن بذلك بعض رَوْعي. واستدناني فدنوت، فقال لي:
أنت غداً في دعوة فلان، ومعك في الدعوة فلان وفلان ...
إلى أن أسمى لي جميع من كان وقع الاتفاق على حضوره.
فقلت: نعم، أيّد الله الأمير.
فقال لي:
امض، واحذر أن يفوتَك شيء مما يجري حتى تنصرف به إليّ تُعَرِّفنيه.
فقلت: السمع والطاعة لأمر الأمير.
وانصرفتُ وقد حِرْتُ في أمري. وقلت:
أَبَعْدَ هذه السن أركب الآثام، وأسعى بقوم بيني وبينهم مودّة وعِشرة واُخوة، وأكون السبب في قتلهم؟! إنّا لله وإنّا إليه راجعون!
وتأملت الحال، فإذا بي إن خالفتُ أمرَه قتلني، وَأَيْتَمْتُ ولدي وأَرْملتُ زوجي. ويعلم الله أني صابر على ضيق الحال تجنُّباً للدخول فيما فيه المأثم. ثم فكّرتُ في وقوفه على الدعوة ومعرفة من يحضرها، فازداد خوفي منه، وحيرتي في أمري. وعدتُ إلى منزلي وقد يئس أهلي مني. فلما رأوني حمدوا الله، وتباشروا، ورأوني وكأنما رجعت إليهم من الآخرة.
فلما أصبحتُ وتعالى النهار، حضرت الجماعة التي أسماها لي أحمد ابن طولون. وكنت قد أخذت معي قلماً أكتب فيه كل ما يجري. وأظهرتُ أن بي عسر البول، فكنت كلما سمعت شيئاً يجب أن أثبته، أريهم أني أقوم إلى المستراح، فإذا حصلتُ فيه كتبت كل ما جرى. ولم يكن للقوم مذ وقت حضورهم إلى وقت انصرافهم حديث إلا ذكر ابن طولون بكل قبيحة، والدعاء عليه. كل ذلك لأَمن بعضهم من بعض، والثقة بهم، ولما في قلب كل واحد منهم من ابن طولون. فلم أزل أكتب كل ما يقوله واحد واحد، وفي قلبي من ذلك ما قد علمه الله، إلى بعد العَتَمَة.
وانصرفت الجماعة، وكنت أنا آخر من انصرف. فجئت من توِّي إلى أحمد بن طولون كما أمرني. فأُدخلت إليه فأصبتُه على تلك الحال، وهو كالمنتظر لي. قال لي:
الساعة انصرفت؟
قلت: نعم أيها الأمير. أنا آخر من انصرف.
قال: أحسنت. هات ما معك.
فدفعتُ الأوراق إليه فقرأها. فلما استوفى قراءتها قال لي:
بارك الله عليك. خُذ ما تحت المُصَلَّى.
فمددتُ يدي وأنا أُرْعَد وأُقَدِّر أنها أفعى قد أعدَّها لي تضرب يدي فتأتي على نفسي. فأصبت رقعة، فقال لي: اقرأها.
فقرأتها، فإذا فيها جميع ما كتبته، وإذا به قد استظهر عليَّ بأن جعل معي واحداً من القوم الذين كانوا معنا في الدعوة لا أعرفه، ليعرف أيّنا أصدق فيما يرويه. فكانت نسختنا واحدة. فحمدت الله جلّ اسمه إذ لم أَدَعْ شيئًا قلَّ ولا جلّ حتى كتبته، ولو تركتُ شيئاً لا ستحلّ قتلي.
فلما قرأتها قال: دعها وامضِ مُصاحَباً.
وأمر لي بألف دينار، فأخذتها وانصرفت، وليس لي فكر إلا في أصدقائي وما أتخوّفه عليهم.
فلما كان من غدٍ ركبت إلى صديقي صاحب الدعوة لأعرف خبره.
فلما صرت إلى السكة التي يسكن فيها، لم أر للدار التي كان فيها أثراً، ورأيت موضعَها رَحْبةً مكنوسة واسعة لم أرها قط.
فتحيّرت، ووقفت أتأمل الموضع. فرآني بعض شيوخ الناحية، فقال لي:
أراك متحيّراً.
قلت له:
نعم، أعزّك الله. أنا أطلب دار صديق وما أراها.
فقدّمني ناحية وخلابي، وقال:
امضِ يا حبيبي في حفظ الله. فرحم الله صديقك، كان حسن المجاورة لنا، وقاضياًَ لحوائجنا وحقوقنا.
فقلت له:
عرِّفني ما وقفتَ عليه.
قال:
سُعِي به إلى أحمد بن طولون وبجماعة كانوا عنده البارحة في دعوة.
فلما كان في أول الليل وافى إلى ها هنا أكثر من خمسمائة رجل، فهدموا الدار بأسرها، وأغرقوا صاحبها والجماعة الذين كانوا عنده، وصادروا أموالهم. فاذهب في حفظ الله.
فزاد غمّي وعظمت مصيبتي. وما انتفعت بنفسي بعدهم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=postreply&t=116038#_ftnref1) المستراح: بيت الخلاء.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:49
القصة رقم 77
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الضَّــرة
تزوّج والدي الشيخ حسن الجبرتي بنتَ رمضان جَلبي. وكانت به بارّة وله مطيعة. ومن جملة بِرَّها له وطاعتها أنها كانت تشتري له من السراري الحسان من مالها، وتنظمهن بالحلي والملابس، وتقدمهن إليه، وتعتقد حصول الأجر والثواب لها بذلك. وكان يتزوج عليها كثيراً من الحرائر، ويشتري الجواري، فلا تتأثر من ذلك، ولا يحصل عندها ما يحصل في النساء من الغيرة.
ومن الوقائع الغريبة أنه لما حجّ في سنة 1156 هـ. واجتمع به الشيخ عمر الحلبي بمكة، أوصاه الحلبي بأن يشتري له جارية بيضاء تكون بكراً دون البلوغ، وصِفتها كذا وكذا. فلما عاد من الحج طلب اليسرجية الجواري لينتقي منهن المطلوبَ، حتى يرسلها مع من أوصاه بإرسالها صحبته.
فلما حضر وقت السفر أخبرها بذلك، فقالت:
إني أحببتُ هذه الوصيفة حباً شديداً، ولا أقدر على فراقها، وليس لي أولاد، وقد جعلتها مثل ابنتي.
وبكت الجارية أيضاً، وقالت:
لا أفارق سيدتي، ولا أذهب من عندها أبداً.
فقال: وكيف يكون العمل؟
قالت: أَدْفَعُ ثمنها من عندي، واشترِ أنت غيرها.
ففعل.
ثم إنها أعتقتها، وعقدت لزوجها عليها، وجهزَّتها وفرشت لها مكاناً على حدتها. وبنى بها والدي في سنة 1165. وكانت لا تقدر على فراقها ساعة مع كونها صارت ضرّتها وولدت له أولاداً.
فلما كان في سنة 1182. مرضت الجارية، فمرضتْ لمرضها، وثقل عليهما المرض. فقامت الجارية في ضحوة النهار، فنظرت إلى مولاتها وكانت في حالة من الإغماء. فبكت وقالت:
إلهي إن كنت قَدَّرْتَ موتَ سيدتي، اجعل يومي قبل يومها.
ثم رقدت، وماتت تلك الليلة. فأضجعوها بجانبها. فاستيقظت مولاتُها آخر الليل، وجستها بيدها، وصارت تقول:
زليخا! زليخا!
فقالوا لها: إنها نائمة.
فقالت:
إن قلبي يحدّثني أنها ماتت، ورأيت في منامي ما يدلّ على ذلك.
فقالوا لها: حياتك الباقية.
فقامت وهي تقول:
لا حياة لي بعدها.
وصارت تبكي وتنتحب حتى طلع النهار، وغسلوها بين يديها وشالوا جنازتها.
ورجعت هي إلى فراشها، وماتت آخر النهار. وخرجوا بجنازتها في اليوم التالي.
وهذا من أعجب ما شاهدتُه ورأيتُه ووعيتُه. وكان سني إذ ذاك أربع عشرة سنة.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:52
القصة رقم 78
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الجار النَّصراني
كان للحسن البصري جارٌ نَصْراني. وكان له كنيف على السطح وقد نَقَب ذلك في بيته، فكان يَتَحَلَّبُ منه البَوْلُ في بيت الحسن. وكان الحسن أمر بإناء فُوضع تحته، فكان يُخْرِجُ ما يجتمع منه ليلاً.
ومضى على ذلك عشرون سنة!
ثم مرض الحسن ذات يوم فعاده النصراني، فرأى ذلك، فقال:
مُذْ كم تحملون منِّي هذا الأذى؟
فقال الحسن:
منذ عشرين سنة.
فقطع النصرانيّ زُنّارَه(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)، وأسلم.
ـــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الزُنّار: حزام يشدّه النصرانّي على وسطه.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:55
القصة رقم 79
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
تكذيب الناس لابن بطوطة
لا تنكرنّ ما ليس بمعهود عندك ولا في عصرك شيء من أمثاله. فكثير من الخواص إذا سمعوا الأخبار الغريبة عن الدول السالفة بادر بالإنكار، وليس ذلك من الصواب؛ فإن أحوال الوجود والعمران متفاوتة، ومن أدرك منها رتبة سفلى أو وسطى فلا يحصُر المداركَ كلَّها فيها.
واعتبر ذلك بما نقصّه عليك من هذه الحكاية المستظرفة:
ورد بالمغرب في عهد السلطان أبي عنان رجل يُعرف بابن بطوطة كان رحل منذ عشرين سنة قبلها إلى المشرق، وتقلّب في بلاد العراق واليمن والهند، ودخل مدينة دهلي حاضرة ملك الهند، واتصل بملكها، وكان له منه مكان، واستعمله في أمر القضاء بمذهب المالكية. ثم انقلب إلى المغرب، واتصل بالسلطان أبي عنان. وكان يحدّث عن شأن رحلته، وما رأى من العجائب بممالك الأرض. وأكثر ما كان يحدّث عن دولة صاحب الهند، ويأتي من أحواله بما يستغربه السامعون. فتناجى الناس بتكذيبه.
ولقيتُ أيامئذٍ وزيرَ السلطان. ففاوضته في هذا الشأن، وأريتُه إنكارَ أخبار ذلك الرجل لما استفاض في الناس من تكذيبه. فقال لي الوزير:
إيّاك أن تستنكر مثلَ هذا من أحوال الدول بما أنك لم تره، فتكون كابن الوزير الناشئ في السجن: وذلك أن وزيراً اعتقله سلطانُه ومكث في السجن سنين رَبِيَ فيها ابنه في ذلك المحبس. فلما أدرك وعقل، سأل عن اللحم الذي كان يتغذى به، فقال أبوه:
هذا لحم الغنم.
فقال:
وما الغنم يا أبتِ؟ تراها مثل الفأر؟! إذ لم يعاين في محبسه من الحيوانات إلا الفأر، فحبسها كلها أبناء جنس الفأر!
وهذا كثيراً ما يعتري الناس في الأخبار كما يعتريهم الوسواس في الزيادة عن قصد الإغراب. فليكن الإنسان مهيمناً على نفسه، ومميزاً بين طبيعة الممكن والممتنع بصريح عقله، ومستقيم فطرته. فما دخل في نطاق الإمكان قَبِلَه، وما خرج عنه رفضه.
فارس الجزائري
2009-07-18, 02:58
القصة رقم 80
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
نوادر ابن الجَصّاص
كان ابن الجَصّاص الجَوْهَري(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1317564#_ftn1) من أعيان التجار ذوي الثروة الواسعة واليَسار. وكان يُنْسَبُ إلى الحُمْق والبَلَه.
مما يحكى عنه، أنه قال في دعائه يوماً: اللهم اغفر لي من ذنوبي ما تعلم وما لا تعلم!
ودخل يوماً على ابن الفرات الوزير، فقال: يا سيدي عندنا في الحُوَيْرَة كلاب لا يتركوننا ننام من الصياح والقتال. فقال الوزير: أحسبهم جراء. فقال: لا تظن أيها الوزير، لا تظن ذلك، كلّ كلب مثلي ومثلُك!
وتردّد إلى بعض النَّحْويين ليًصْلِحَ لسانَه. فقال له بعد مدة: الفرس بالسين أو بالصين؟!
وقال يوماً: اللهم امْسَخْني واجعلني جُوَيرية وزوِّجني بعمر بن الخطاب.
فقالت له زوجته: سَلِ الله أن يزوجك من النبي إن كان لابد لك من أن تبقى جويرية. فقال: ما أحبّ أن أصير ضَرَّة لعائشة رضي الله عنها!
وأتاه يوماً غلامه بفَرْخ وقال: انظر هذا الفَرْخ، ما أشبهه بأمه!
فقال: أمّه ذكر أو أنثى؟!
ورؤي وهو يبكي وينتحب، فقيل له: مالك؟ فقال: أكلتُ اليوم مع الجواري المَخِيضَ بالبصل فآذاني، فلما قرأت في المصحف ( ويسألونك عن المخيض: قل هو أذىً، فاعتزِلوا النساء في المخيض)، فقلت: ما أعظم قدرَةَ الله، قد بيّن الله كلَّ شيىء حتى أكل اللبن مع الجواري!
وكان يكسِرُ يوماً لَوْزاً، فَظَفِرَت لَوْزَةُ وأَبْعَدَتْ. فقال: لا إله إلا الله ! كل الحيوان يهرب من الموت حتى اللَّوْز!
ونظر يوماً في المرآة، فقال لرجل آخر: انظر ذقني هل كبُرَت أو صَغُرَت. فقال: إن المرآة بيدك. فقال: صدقت، ولكن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب!
وأراد مرّة أن يَدْنُوَ من بعض جواريه، فامتنعت عليه وتَشاحَّت، فقال: أُعطِي الله عهداً لا قَرَبْتُكِ إلى سنة، لا أنا ولا أحدٌ من جهتي!
وماتت أم أبي إسحاق الزَّجَّاج، فاجتمع الناس عنده للعزاء. فأقبل ابن الجصّاص وهو يضحك ويقول: يا أبا إسحاق، والله سرَّني هذا! فدُهِش الزَّجاج والناس، فقال بعضُهم: يا هذا، كيف سَرَّك ما غَمَّنا وغَمَّنا له؟ قال: ويحك، بلغني أنه هو الذي مات، فلما صَحَّ عندي أنها أمُّه، سَرَّني ذلك !
فضحك الناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1317564#_ftnref1) ابن الجصاص: تاجر مشهور في الجواهر وأحد كبار رجال المال في الدولة العباسية (توفي عام 927م) وهو الذي دبر زواج قطر الندى بنت خمارويه بابن الخليفة المعتضد، ورافقها في رحلتها من مصر إلى بغداد حيث تزوجت من الخليفة نفسه. وفي دائرة المعارف الإسلامية أنه إنما كان يتظاهر بالغفلة والبله لحماية نفسه من المصادرة.
fayçal00001
2009-07-19, 21:56
مشكووووووووووووووووووووووووووووور
اريد اخي فارس مواقع السكاتشات الجزائرية .
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:14
السلام عليكم اخي فارس الجزائر لقد اعجبني مقترح حكاية لكل يوم فشكرالك مرتين الاولى لاختيارك الموفق والمفيد و الثانية لايثارك ان تشاركنا بما يفيدنا على ان تحتكر الافادة على نفسك.احبك في الله والى الملتقى
:dj_17:
وعليكم السلام
أعتذر لك وبشدة لأنني لم أنتبه لردك إلا اليوم فقط وذلك أثناء مراجعتي للقصص التي وضعتها
فأعتذر لك بشدة
أحبك الله الذي أحببتنا فيه
وفقك الله إلى كل خير إن شاء الله
عذرا مرة أخرى الأخت الصمت الراعد
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:15
مشكووووووووووووووووووووووووووووور
:dj_17:
العفــــــو
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:16
اريد اخي فارس مواقع السكاتشات الجزائرية .
:dj_17:
لا أعلم عنها شيء
آسف أخي
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:21
القصة رقم 81
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ابن الهيثـم
لما صنّف ابن الهيثم(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) كتابه الذي بيّن فيه حيلةَ إجراء نيل مصر عند نُقصانه في المزارع، قصد القاهرة حاملاً كتابه، فنزل في خان. فلما ألقى عصاه قيل له إن صاحب مصر الملقب بالحاكم بأمر الله على الباب يطلبك.
فخرج ابن الهيثم ومعه كتابه. وكان ابن الهيثم قصير القامة، فصعد على دكّة عند باب الخان ودفع الكتاب إلى الحاكم، والحاكم راكب حماراً مصرياً. فما نظر في الكتاب قال له:
أخطأت! إن مؤنة هذه الحيلة أكثر من منافع الزرع!
ومضى!
ورحل ابن الهيثم إلى الشام، وأقام عند أمير من أمرائها. وإذ أجرى ذلك الأمير عليه أموالاً كثيرة، قال له ابن الهيثم:
يكفيني قوتُ يومي. فما زاد على قوت يومي إنْ أمسكتُه كنتُ خازنَك، وإن أنفقتُه كنتُ وكيلَك، وإذا اشتغلت بهذين الأمرين فمن ذا الذي يشتغل بعلمي؟!
وقد قصده أمير أمراء سِمنان يطلب عنده العلم. فقال له ابن الهيثم:
أطلبُ منك للتعليم أجرة، وهي مائة دينار في كل شهر.
فقبِل الأمير، وأقام عنده ثلاث سنين. فلما عزم الأمير على الانصراف قال ابن الهيثم:
خُذْ أموالك بأسرها فلا حاجة لي فيها. وإنما قد جَرَّيْتُك بهذه الأجرة، فلما رأيتك قابلاً لبذل الأموال الجمّة في طلب العلم، بذلتُ مجهودي في تعليمك وإرشادك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) ابن الهيثم: (965 – 1039) فلكي ويراضي وعالم طبيعي عربي.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:23
القصة رقم 82
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ابن حمدون النديم ووزير المعتضد
قال عبد الله بن حمدون:
قلتُ للخليفة المعتضد: إلامَ اُضْحِكُكَ ولا تضحكُني؟
قال: خُذ! وأعطاني ديناراً.
قلت: خليفة يُجيز نديمَه بدينار واحد؟!
قال: لا أجد لك في بيت المال حقاً أكثر من هذا. ولكني أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار.
فقبَّلتُ يده. فقال:
إذا كان غداً وجاء القاسم بن عبد الله، أسارّك حين تقع عيني عليه سراراً طويلاً وألتفتُ إليه كالمُغضَب، وانظُرْ أنت إليه في خلال ذلك نظر المشفق. فإذا انقطع السرار فاخرجْ ولا تبرح الدهليز حتى يخرج. فإذا خرج خاطبك بجميل وسألك عن حالك، فاشك الفقر والحاجة وثقل ظهرك بالدَّين والعيال، وخذ ما يعطيك. فإذا أخذتَها فسيسألك عما جرى.
فحدّثه بالحديث كله وإيّاك أن تكذبه. وليكن إخبارك إيّاه بذلك بعد امتناع شديد، وبعد أن تأخذ كل ما يعطيك إيّاه.
فلما كان من غد حضر القاسم. فحين رآه المعتضد بداً يسارني، وجرت القصة على ما وصفني. فخرجت، فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني. فقال لي:
يا أبا محمد، ما هذا الجفاء؟ ما تجيئني ولا تزورني ولا تسألني حاجة؟
فاعتذرتُ إليه باتصال الخدمة عليّ. فقال:
ما تقنعني إلا أن تزورني اليوم.
فقلت: أما خادم الوزير.
ومضيت معه وجعل يسألني عن حالي وأخباري وأشكو إليه الدَّين والبنات، فيتوجَّع ويقول: مالي لك، ولو عرَّفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك.
وبلغنا داره فصعدنا، وخلا بي دار الخلوة، وجعل يحادثني ويبسطني. وقُدّمت الفاكهة فجعل يلقمني بيده. ثم وقّع لي بثلاثة آلاف دينار فأخذتها، وأحضرني ثياباً وطيباً، وكانت بين يديّ صينية فضّة وقدح بلور فأمر بحملها إلى داري وقال: هذا للبنات.
فلما انفرط المجلس قال:
يا أبا محمد. أنت عالم بحقوق أبي عليك، ومودتي لك.
فقلت: أنا خادم الوزير.
فقال: أريد أن أسألك عن شيء وتحلف أنك تصدقني عنه.
فقلت: السمع والطاعة.
قال: بأي شيء سارك اليوم في أمري؟
فأخبرته بكل ما جرى، وشكرتُه وانصرفت!
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:26
القصة رقم 83
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الحاكم والرَّعِيَّة
قال الوزير في بعض الليالي:
قد والله ضاق صدري بالغيظ لما يَبْلُغُني عن العامة مِن خَوْضها في حديثنا، وذِكْرِها أمورنا، وتَتَبُّعِها لأسرارنا. وما أدري ما أصنع بها.
وإني لأَهُمُّ في الوقت بعد الوقت بقطع ألسنةٍ وأَيْدٍ وأَرْجلٍ وتنكيلٍ شديد، لَعلّ ذلك يَطْرَحُ الهيْبة، ويقطع هذه العادة. لَحاهم الله ! مالهم لا يُقْبِلون على شؤونهم ومعايشهم؟ ولِم يُنَقَّبون عما ليس لهم، ويُرْجِفون بما لا يُجْدِي عليهم؟ وإني لأعجب من شغفهم بهذا الخُلُق حتى كأنّه من الفرائض المحتومة. وقد تكرّر منا الزَّجْرُ حتى تعايى عليّ الأمرُ وأُغلِق دوني بابُه.
فقلت:
أيها الوزير، عندي في هذا جوابان: أحدُهما ما سمعتُ من شيخنا أبي سليمان، والآخرُ مما سمعتُه من شيخ صوفيّ، وفي الجوابين فائدتان عظيمتان، ولكن الجُملةُ خشناء، وفيها بعضُ الغِلظة، والحقُّ مُرٌّ، ومَن توخَّى الحقَّ احتمل مرارتَه.
قال:
فاذكر الجوابين وإن كانا غليظين، فليس يُنْتَفَعُ بالدواء إلا بالصبر على بِشِاعِته.
قلت:
أما أبو سليمان فإنه قال: ليس ينبغي لمن كان الله عزَّ وجل جعله سائسَ الناس: عامَّتِهم وخاصَّتهم، وعالِمِهِم وجاهِيلِهم، وضعِيفهم وقِويَّهم، أن يَضْجَرَ مما يبلغُه عنهم لأسباب كثيرة، منها: أن عقله فوق عقولهم، وصبرَه أتمُّ من صبرهم. ومنها أنهم إنما جُعلوا تحت قدرته، ونيطوا بتدبيره ليقومَ بحقّ الله فيهم، ويصبِرَ على جهل جاهلهم، ويكونَ عمادُ حاله معهم الرَّفق بهم، والقيام بمصالحهم. والمَلِكُ والدٌ كبير، كما أن الوالدَ ملكٌ صغير. وما يجب على الوالد في سياسة ولده من الرِّفق به، أكثر مما يجب على الولد في طاعة والده. وذلك أن الولدَ في سياسة ولده من الرِّفق به، أكثر مما يجب على الولد في طاعة والده. وذلك أن الولدَ غِرٌّ، وقريبُ العهد بالكَوْن، وعارٍ من التجربة. وما لَهِجَت العامةُ بتعرُّف حال سائسها حتى تكون على بيان من رفاهة عيشها، وطيب حياتها، بالأمن الفاشي بينها، والعدلِ الفائض عليها، والخير المجلوب إليها. وهذا أمرٌ جارٍ على نظام الطبيعة، ومندوبٌ إليه أيضاً في أحكام الشريعة.
ولو قالت الرعية لسلطانها: لِمَ لا نخوض في حديثك، ولا نبحث عن غَيْبِ أمرِك، ولِمَ لا نسأل عن دينك وعادتك وسيرتك، ولم لا نَقِفُ على حقيقة حالك في ليلك ونهارك، ومصالحُنا متعلَّقةٌ بك، وخيراتنا متوقَّعةٌ من جهتك؟ أما كان عليه أن يعلم أن الرعيةَ مصيبةٌ في دعواها؟
ولو قالت الرعية أيضاً: نواصينا، وسَكنتَ ديارنَا، وصادَرْتنا على أموالنا، وقاسَمْتَنا مواريثَنا، وأنسَيْتَنا رفاغَةَ العيش، وطيبَ الحياة، وطمأنينة القلب؟ فطُرُقُنا مَخُوفَةٌ، ونِعَمنا مسلوبة، وحريمنا مُسْتَباح، ونَقْدُنا زائف، ومعاملتنا سيئة، وجُنْديُّنا متغطرس، وشُرْطِيّنا منحرف، ومساجدنا خَرِبة، وأعداؤنا مُسْتَكْلِبة، وعيونُنا سخينة، وصدورنا مَغِيظة، وبَليّتنا متّصلة، وفرحُنا معدوم؛ ما كان الجواب أيضاً عما قالت وعما لم تقُل، هيبةً لك، وخوفاً على أنفسها من سطوتِك وصولتك؟
وقد حُكي أنه رُفع إلى الخليفة المعتضد أن طائفة من الناس يجتمعون بباب الطّاق ويجلسون في دُكان شيخٍ تَبّان، ويخضون في الفُضُول والأراجيف، وفيهم قومٌ سَراة وأهلُ بيوتات، سوى من يسترق السمع منهم من خاصة الناس.
فلما عرف الخليفة ذلك ضاق ذرعاً وامتلأ غيظاً، ودعا ابن سليمان وسأله: ما الدواء؟
فقال عبيد الله: تتقدَّم بأخْذهم وصلب بعضهم وإحراق بعضهم وتغريق بعضهم. فإن العقوبةَ إذا اختلفت كان الهول أشدّ والهيبة أَفْشَى.
فقال المعتضد – وكان أعقل من الوزير -:
والله لقد بَرَّدْتَ لهيبَ غضبي بفَورتك هذه، ونَقَلْتَني إلى اللين بعد الغلطة. وما علمتُ أنك تستجيز هذا في دينك ومروءتك. ولو أمرتُك ببعض ما رأيتَ بعقلك لكان من حُسن المؤازرة والنظر للرعية أن تسألني الكفَّ عن الجهل، وتَبعثَني على الحِلْم، وتُحَبِّبَ إليّ الصَّفح، وتُرغِّبني في فضل الإغضاء على هذه الأشياء. أَمَا تعلم أن الرعيةَ وديعةُ الله عند سلطانها؟ وأن الله يسائله عنها كيف سُسْتَها؟ ألا تدري أن أحداً من الرعية لا يقول ما يقول إلا لظُلم لَحِقَه أو لَحِقَ جارَه؟ وكيف نقول لهم: كونوا صالحين مُقبلين على معايشكم، غير خائضين في حديثنا، والعرب تقول في كلامها:
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:29
(تابع) الحاكم والرَّعِيَّة
غَلَبَنَا السُّلطانُ فَلَبِس فَرْوَتَنَا، وأَكَلَ خُضْرَتَنا، وإنما يُحْتَمَلَ السيدُ إذا كان العيشُ في كَنَفِه رافغاً، والأملُ فيه قوياً، والصَدرُ عليه بارداً؟ لا والله ما الرأيُ ما رأيتَ. وجِّه صاحبك وليكن ذا خِبرة ورفق، ومعروفاً بخير وصدق، حتى يعرفَ حالَ هذه الطائفة، ويقف على شأن كل واحد منها في معاشه، فمن كان منهم يصلح للعمل فعلَّقْه به، ومن كان سيء الحال فصلِْه من بين المال بما يُخرجه إلى دكان هذا التّبان البَطَرُ والزَّهْو، فادْعُ به، وانصحه ولا طِفْه، وقل له إن لفظَك مسموع، وكلامَك مرفوع، ومتى وَقَف أمير المؤمنين على كُنه ذلك منك لم تَجِدْك إلا في عَرْصَة المقابر، فاستأنِف لنفسك سيرةً تَسلمُ بها من سلطانك.
وفارق الوزير حضرة الخليفة، وعمل بما أُمر به، وتقدَّم إلى الشيخ التبّان برفع حال من يقعد عنده، حتى يواسَى إن كان محتاجاً، ويُصَرَّفَ إن كان متعطِّلاً، ويُنْصَح إن كان متعقِّلاً.
وقد حدَّثني شيخ من الصوفية في هذه الأيام، قال:
كنتُ بنيسابور سنة سبعين وثلاثمائة، وقد اشتعلت خراسانُ بالفتنة، وتبلبلت دولةُ آل سامان بالجور وطول المُدّة، وغلا السِّعر، واُخفيت السُّبل، وكَثُر الإرجاف، وساءت الظنون، وضجت العامة.
وكنا جماعة من الغرباء قد ضاقت صدورُنا بهذه الأحوال. وقلنا: كأنّا والله أرباب ضياع وأصحاب نَعَم نخاف عليها الغارة والنّهب! وما علينا من ولاية زيد، وعزل عمرو، وهلاك بكر، ونجاة بشر؟! نحن قوم قد رضينا في هذه الدنيا بكِسرة يابسة، وخِرقة بالية، مع العافية من بلايا طلاّب الدنيا. فما هذا الذي يعترينا من هذه الأحاديث التي ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، ولا حظ ولا أمل؟ قوموا بنا غداً حتى نزورَ أبا زكريّاء الزاهد، ونظلّ نهارَنا عنده لا هين عما نحن فيه.
فغدونا وصرنا إلى أبي زكريّاء. فلما دخلنا رحّب بنا، وفرح بزيارتنا، وقال:
ما أشوقني إليكم! حدّثوني ما الذي سمعتم، وماذا بلغكم من حديث الناس وأمر هؤلاء السلاطين، فما لي والله مَرْعىً في هذه الأيام إلا ما اتَّصل بحديثهم!
فلما ورد علينا من هذا الزاهد العابد ما ورد، دُهشنا واستوحشنا، وقلنا في أنفسنا:
انظروا من أي شيء هربنا، وبأي شيء عَلِقْنا!
فحفَّفنا الحديث وانسللنا. فلما خرجنا قلنا:
ميلوا بنا إلى أبي عمرو الزاهد، فله فضل وعبادة وعِلم وتَفَرُّدٌ في صومعته.
ووصلنا إليه فسُرَّ بحضورنا وقال:
يا أصحابَنا، ما عندكم من حديث الناس؟ فقد والله طال عطشي إلى شيء أسمعه، ولم يدخل عليَّ اليوم أحد أستخبره، وإن أُذُني لدى الباب لأسمع قرعة أو أعرف حادثة. فهاتوا ما عندكم!
فعجبنا منه، وخاطفناه الحديث، وودعناه وخرجنا.
وأقبل بعضنا على بعض يقول:
أرأيتم أظرف من أمرنا! انطلقوا إلى أبي الحسن الضّرير، فإنّا لا نجد سكوننا إلا معه، لقلّة فكره في الدنيا وأهلها.
ودخلنا عليه، فأقبل على كل واحد منا يلمسه بيده، ويرحب به.
وقال:
أمِنَ السماء نزلتم عليّ؟ ما عندكم من أحاديث الناس؟ وما الشائع من الأخبار؟ وما الذي يتهامس به الناس؟!
فودّعناه ومضينا. وطفِقنا نتلاوم على زيارتنا لهؤلاء القوم.
ولقينا في الطريق شَيخاً من الحكماء يقال له أبو الحسن العامري، فقصصنا عليه قصتنا من أولها إلى آخرها، فقال لنا:
إنّما غِرَّكم ظنُّكم بالزّهّاد، وقلتم لا ينبغي أن يكون الخبر عنهم كالخبر عن العامة، لأنهم الخاصّة، ومن الخاصّة خاصّة الخاصّة.
قلنا له:
فإن رأيتَ يا مُعَلِّمَ الخير أن تكشِف لنا عن الغطاء.
فقال:
نعم. أما العامة فإنها تلهج بحديث كبرائها وساستها لما ترجو من رخاء العيش ونَفاق السوق. وأما هذه الطائفة العارفة بالله، فإنها أيضاً مولعةً بحديث الأمراء والجبابرة العظماء، لِتَقِفَ على تصاريف قدرة الله فيهم، وجَرَيان أحكامه عليهم. ألا تَرَوْنَه جلّ ثناؤه قال: (حتى إذا فرِحوا بما أُتوا أخذْناهم بَغْتَةً فإذا هم مُبْلِسُون). وبهذا الاعتبار يستنبطون خوافِيَ حكمته. ويطّلعون على تتابع نعمته وغرائب نِقْمَتَه. وها هنا يعلمون أن كلَّ مُلك سوى ملك الله زائل، وكلَّ نعيم غير نعيم الجنَّة حائل، ويصير هذا كلُّه سبباً قوياً لهم في الضَّرَع إلى الله واللياذ بالله. وبين الخاصة والعامة في هذه الحال وفي غيرها فرق. وقد يتشابه الرجلان في فعل وأحدهما مذموم والآخر محمود. وقد رأينا مُصلِّياً إلى القِبلة وقلبه معلَّق بإخلاص العبادة، وآخر إلى جانبه يصلي وقلبُه في استلال ما في كُمّ الآخر! فلا تنظروا من كل شيء إلى ظاهره، إلا بعد أن تَصِلوا بنظركم إلى باطنه.
فلما سمع الوزير هذا عجب، وقال:
لا أدْري: أكلام أبي سليمان في ذلك الاحتجاج أبلغ، أم الحكاية عن المعتضد أَشْفى، أم رواية الشيخ الصوفيّ أطرف. وما علمتُ أن في البحث عن سرِّ الإرجاف هذه اللطيفة الخفيّة.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:31
القصة رقم 84
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ادفعوهن إلى الطبّاخ
كتب أَسد بن جهور، وكان ممن تصرّف في الأعمال الجليلة، إلى بعض العمال، أن احمل لنا مائتي جوانبيرة (وهي كلمة فارسية المراد بها النَّصَف من النساء التي بين الشابّة والمسنّة). فقال العامل:
ما يصنع بهؤلاء العجائز !!
ثم حصَّل منهن ما أمكن، وأنفذهنّ طَوْعاً أو كرهاً.
فلما وصلن إلى بابه، وقرأ كتاب العامل بإنفاذهن، قال: ادفعوهنّ إلى الطبّاخ، وتقدَّموا إليه بأن يذبح لنا في كل يوم ما نحتاج إليه!
فقيل له: إنهن نساء!
فقال:
إنّا لله! إنما أردت الجوامركات ( وهو نوع من الدّجاج طيب اللحم)
فغلطت!
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:33
القصة رقم 85
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الرشيد بن الزبير والمرأة القاهرية
كان الرشيد بن الزبير على جلالته وفضله، ومنزلته من العلم والنّسب، قبيح المنظر، أسودَ الجِلْدَة، ذا شَفَة غليظة وأنف مبسوط كخِلْقة الزنوج، قصيراً.
حدّث يوماً فقال:
مررت بمْوضع في القاهرة، وإذا امرأةٌ شابّة، صبيحة الوجه، وضيئة المنظر. فلما رأتني نظرتْ إليّ نظر مُطْمِعٍ لي في نفسه. فتوهمّتُ أنني وقعتُ منها بموقع، ونَسِيت نفسي. وأشارت إليّ بطَرفها، فتبِعتها وهي تدخل في سِكّة وتخرج من أخرى، حتى دخلتْ داراً، وأشارت إليّ فدخلتُ. ورَفعَتِ النِّقاب عن وجهٍ كالقمر في ليلة تمامه، ثم صفّقتْ بيديها منادية:
يا ست الدار! فنزلت إليها طفلة، فقالت لها:
إن رَجَعتِ تبولين في الفِراش تركتُ سيدَنا القاضي يأكلكِ!
ثم التفتت إليَّ وقالت:
لا أَعْدَمَني اللهُ إحسانَك.
فخرجتُ وأنا خَزْيان خَجلاً، لا أهتدي إلى الطريق.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:35
القصة رقم 86
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
دواء الولادة
حكي أن بعض الناس شكا إلى طبيب عُقمَ امرأته، وأنها لا تلد. فجسّ الطبيب نبضَها وقال:
لا حاجة لكِ إلى دواء الولادة، فإنك ستموتين إلى أربعين يوماً، وقد دلَّ النَّبضُ عليه.
فاستشعرتِ المرأةُ الخوفَ العظيم، وتنغص عليها عيشها وبقيت لا تأكل ولا تشرب حتى انقضت المدة ولم تمت.
فجاء زوجها إلى الطبيب وقال له:
لم تمت!
فقال الطبيب:
قد علمتُ ذلك، ولكنها ستلد بإذن الله.
فقال:
كيف ذلك؟
قال:
رأيتُها سمينة وقد انعقد الشّحمُ على فم رحمها، فعلمت أنها لا تهزل إلا بخوف الموت، فخوّفتها بذلك حتى هزلت وزال المانع من الولادة!
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:37
القصة رقم 87
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
متمم العبدي والجورية
قال متمم العبدي:
خرجتُ من مكة زائراً لقبر النبي. فإني لبقرية على الطريق، وإذا جويرية تسوق بعيراً وتترنّم بصوت مليح في هذا الشعر:
ألا أيها البيتُ الذي حِيل دونه***بنا أنتَ من بيتٍ وأهلُك من أهلِ
فقلت:
لمن هذا الشِّعر يا جويرية؟
قالت: أما ترى تلك الكُوَّةَ الموقّاة بالكِلَّة الحمراء؟
قلت: أراها.
قالت: من هناك نهض هذا الشعر.
قلت: أوَ قائلُه في الأحياء؟
قالت: هيهات، لو أن الميت أن يرجع لطول غيبته لكان ذلك.
فأعجبني فصاحة لسانها ورقّة ألفاظها. فقلت لها:
ألكِ أبوان؟
فقالت: فقدتُ خيرَهما وأجلَّهما، ولي أُم.
قلت: وأين أمك؟
قالت: منك بمرأى ومسمع.
فإذا امرأة تبيع الخَرزَ على ظهر الطريق. فأتيتها فقلت:
يا أُمَّتاه، استمعي مني.
فقالت الجورية: يا أُمَّه، فاستمعي من عمّي ما يلقيه إليك.
فقالت الأم: هيه، هل من خبر؟
قلت: أهذه ابنتُك؟
قالت: كذا يقول أبوها.
قلت: أفتزوِّجينَها؟
قالت: أَلِعِلَّةٍ رغبتَ فيها؟ فما هي والله مَن عندها جمال ولا لها مال.
قلت: لحلاوة لسانها وحسن عقلها.
فقالت: أَيُّنا أمْلَكُ بها؟ أنا أم هي بنفسها؟
قلت: بل هي بنفسها.
قالت: فإيّاها فخاطب.
فقلت: لعلّها أن تستَحِيَ من الجواب في مثل هذا.
فقالت: ما ذاك عندها، أنا أَخْبَرُ بها.
فقلت: يا جارية، أما تستمعين ما تقول أمُّك؟
قالت: قد سمعت.
قلت: فما عندك؟
قالت: أَوَليس حسبك أن قلتَ: إني أستحي من الجواب في مثل هذا؟ فإن كنتُ أستحي في شيء، فلِمَ أفعلُه؟ أتريد أن تكون الأعلى وأكون بساطَك؟ لا والله لا يشُدُّ عليَّ رحلٌ حِواءَه وأنا أجد مَذْقَةَ لبنٍ أو بَقْلَةً ألين بها مِعَاي.
فورد عليّ أعجب كلام على وجه الأرض.
قلت: أتزوجك والإذن فيه إليك، وأُعطي الله عهداً أني لا أَقْرَبُك أبداً إلا عن إرادتك.
قالت: إذاً والله لا تكون لي في هذا إرادةٌ أبداً، ولا بعد الأبد إن كان بَعْدَه بَعْد.
فقلت: فقد رضيتُ بذلك.
فتزوجتُها، وحملتُها وأمَّها معي إلى العراق، وأقامت معي نحواً من ثلاثين سنة ما ضممتُ عليها حِوايَ قَطُّ. وكانت قد عَلِقَت من أغاني المدينة أصواتاً كثيرة، فكانت ربما ترنَّمَتْ بها، فأشتهيها. فقلت:
دعيني من أغانيك هذه، فإنها تبعثني على الدّنو منك.
فما سمعتها رافعةً صوتَها بغناء بعد ذلك، حتى فارقت الدنيا. وإن أمّها عندي حتى الساعة.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:39
القصة رقم 88
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
صدق الله العظيم!
خطب عتبة بن النَّهّاس العجلي فقال:
ما أحسن شيئاً قاله الله جل وعزّ في كتابه:
ليس حَيٌّ على المنون بباقِ*** غيرُ وجهِ المُسَبَّحِ الخلاّق
فقام إليه هشام بن الكلبي فقال:
الله عزّ وجل لم يقل هذا، وإنما قاله عديّ بن زيد!
فقال:
قاتله الله! ما ظننتُه إلا من كتاب الله. ولَنِعْمَ ما قال عديّ!
ثم نزل عن المنبر.
وأُتِي عتبة بامرأة من الخوارج، فقال لها:
يا عدوّة الله! ما خروجك على أمير المؤمنين؟ ألم تسمعي إلى قول الله عزّ وجلّ:
كُتِبَ القتلُ والقتالُ علينا*** وعلى الغانيات جرُّ الذيولِ؟
فقالت:
حملني على الخروج جهلُكم بكتاب الله!
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:41
القصة رقم 89
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
ودائع بني أمية
رُفع إلى الخليفة المنصور أن رجلاً عنده ودائع وأموال لبني أميَّة.
فأمر بإحضاره. فلما أُدخل إليه قال له المنصور:
قد رُفع إلينا خبر الودائع والأموال التي عندك لبني أميّة. فأخرجها إلينا.
فقال: يا أمير المؤمنين، أَوارث أنت لبني أميّة؟
قال: لا.
قال: أَفَأَوْصوا لك بأموالهم؟
قال: لا.
قال: فما سؤالك عما في يدي من ذلك؟
فأطرق المنصور ساعة، ثم رفع رأسه وقال:
إن بني أميَّة ظلموا المسلمين فيها، وأنا وكيل المسلمين في حقِّهم، وأريد أن آخذ ما ظلموا فيه المسلمين فأجعله في بيت مالهم.
فقال: تحتاج يا أمير المؤمنين إلى إقامة البِّينة العادلة على أن ما في يدي لبني أمية مما خانوا وظلموا فيه دون غيره، فقد كان لبني أمية أموال غير أموال المسلمين.
فقال المنصور: صدقت. ما يجب عليك شيء.
ثم قال له:
هل لك من حاجة؟
قال:
تجمع بيني وبين مَن سعى بي إليك. فوالله ما لبني أمية في يدي مال ولا وديعة، ولكني لما مثلت بين يديك، وسألتني عما سألتني عنه، علمتُ أنه ما يُنجيني منك إلا هذا القول.
فلما جمع المنصور بينه وبين من سعى به، عَرَفَه، وقال:
هذا غلامي، سرق ثلاثة آلاف دينار من مالي وهرب مني، وخاف من طلبي له فسعى بي عند أمير المؤمنين.
فشدَّ المنصور على الغلام وخوّفه حتى أقرَّ بكل ما ذكره الرجل. فقال المنصور للشيخ:
نسألك أن تصفح عنه.
قال: قد صفحت عنه، وأعتقته، ووهبت له الثلاثة آلاف التي أخذها، وثلاثة آلاف أخرى.
ثم انصرف.
فكان المنصور يتعجب منه كلما ذكره ويقول:
ما رأيتُ مثلَ هذا الشيخ قط.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:43
القصة رقم 90
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
خبر الحجَام(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) مع الحَجَاج
احتجم الحجّاج ذات يوم، فلما ركّب المحاجم على رقبته قال له:
أُحبّ أيها الأمير أن تخبرني بخبرك مع ابن الأشعث وكيف عصا عليك فقال له:
لهذا الحديث وقت آخر، وإذا فرغتَ من شأنك حدَّثتك.
فأعاد الحجّام مسألأته وكرّرها، والحجّاج يدفعه ويحلف له على الوفاء له.
فلما فرغ ونزع المحاجم عنه وغسل الدم، أحضر الحجّام وقال له:
إنّا وعدناك بأن نحدّثك حديث ابن الأشعث معنا، وحلفنا لك، ونحن نحدِّثوك.
ثم نادى: يا غلام، السِّياط!
فلأُتي بها. فأمر الحجاج بالحجام فجُرِّد، وعَلَتْه السياط، وأقبل الحجاج يقصّ عليه قصة ابن الأشعث بأطول حديث. فلما فرغ استوفى الحجامُ خمسمائة سوط، فكاد يتلف.
ثم رفع الضرب وقال له:
قد وفَّينا لك بالوعد، وأيّ وقت أحببت أن تسأل خبرنا مع غير ابن الأشعث على هذا الشرط أجبناك!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) الحجامة: المداواة والمعالجة بالمحجم، وهو شيء كالكأس يفرغ من الهواء ويوضع على الجلد فيحدث تهيجاً ويجذب الدم ويمتصه بقوة.
فارس الجزائري
2009-07-24, 02:47
:dj_17:
السلام عليكم
ترقبوا باقي القصص إبتداءاً من الأربعاء القادم كل يوم قصة حتى نتم 100 قصة
هذا إن لم يطرأ تغيير بإذن الله
إلى ذالكم الحين تقبلوا تحياتي - فارس الجزائري
اسامة خولة
2009-07-27, 19:35
merci mon ami
السلام عليكم خفيفو الضل هو من يسخر دون علي الأخرين في قديم الزمان وفي العصر والأوان كان أحد المالقة داهبا في نزهته الي الريف حتا في الطريق لقي كلبا في مأزقا كبير فأنقد الكلب وأصباحا صديقان و المشكيلة الكلب لم يكن كلب بل كان ساحر و لم يعلم العملاق حتا تحول الي ساحر فدهش العملاق ثم قال كلب تحول الي أنسان عجيب قال السحر من عجائب الدنيا السبع قل ما طلبك أيها العملاق قا ولم أقول لك قا لي أنني ساحر حسنا الخلق أريد أن أكون بحجم أنسان عادي قال لك ما أردت حوله الي أنسان ثم نسرف ففرح العملاق بهاد الأمر ودهب مسرعا الي الغابة العمالقة فوجد.....................يتابع ns
فارس الجزائري
2009-07-29, 14:32
merci mon ami
:dj_17:
أهلا وسهلا صديقي
فارس الجزائري
2009-07-29, 14:33
السلام عليكم خفيفو الضل هو من يسخر دون علي الأخرين في قديم الزمان وفي العصر والأوان كان أحد المالقة داهبا في نزهته الي الريف حتا في الطريق لقي كلبا في مأزقا كبير فأنقد الكلب وأصباحا صديقان و المشكيلة الكلب لم يكن كلب بل كان ساحر و لم يعلم العملاق حتا تحول الي ساحر فدهش العملاق ثم قال كلب تحول الي أنسان عجيب قال السحر من عجائب الدنيا السبع قل ما طلبك أيها العملاق قا ولم أقول لك قا لي أنني ساحر حسنا الخلق أريد أن أكون بحجم أنسان عادي قال لك ما أردت حوله الي أنسان ثم نسرف ففرح العملاق بهاد الأمر ودهب مسرعا الي الغابة العمالقة فوجد.....................يتابع ns
:dj_17:
وعليكم السلام
هلا أكملت القصة
فارس الجزائري
2009-07-29, 14:35
القصة رقم 91
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الحمد لله!
قال سريّ السقطيّ، وكان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد:
منذ ثلاثين سنة وأنا في الاستغفار من قولي مرةً: الحمد لله.
قيل له: وكيف ذلك؟
قال:
وقع ببغداد حريق، فاستقبلني واحد وقال: نجا حانوتُك! فقلت: الحمد لله! فأنا نادم من ذلك الوقت حيث لأردتُ لنفسي خيراً من دون الناس.
(. ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
فارس الجزائري
2009-07-30, 14:42
(. ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
:dj_17:
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-07-30, 14:44
القصة رقم 92
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
لأنهما مثل أولادي
كان سنان بن سلمان البصري، كبير الإسماعيلية وصاحب الدعوة النزارية، أديباً فاضلاً عارفاً بالفلسفة، أحلّ لقومه وطء المحرّمات من أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، وأسقط عنهم صومَ رمضان. وكان رجلاً عظيماً خفيّ الكيد، بعيد الهمّة، عظيم المخاريق، ذا قدرة على الإغواء وخديعة القلوب والعقول، واستخدام الطغام والغفلة. قرأ كثيراً من كتب الفلاسفة والجدال مثل رسائل إخوان الصفاء وما شاكلها من الفلسفة الإقناعية المشوقة غير المبرهَنَة. وبنى بالشام حصوناً لطائفته احتال في تحصيلها وتحصينها وتوعير مسالكها. ودام له الأمر بالشام نيّفاً وثلاثين سنة.
قال المنتجب بن دفتر خوان:
أرسلني صلاح الدين الأيوبي إلى سنان زعيم الإسماعيلية حين وثبوا على صلاح الدين بدمشق ليقتلوه، ومعي القطب النيسابوري، وأرسل معنا تخويفاً وتهديداً له. فلم يجبه، بل كتب على كتاب صلاح الدين:
هذا جوابكم:
جاءَ الغرابُ إلى البازي يهدِّدُه *** وكَشَّرَتُ لأُسود الغاب أَضْبُعُهُ
أَضحى يسدُّ فمَ الأفعى بإصبعِه*** يكفيه ما ذا تلاقي منه إصْبعُهُ
ثم قال لنا:
إن صاحبكم يحكم على ظواهر جنده، وأنا أحكم على بواطن جندي. ودليلُه تشاهد الآن.
ثم دعا بعشرة من صبيان القاعة، وكان على حصنه المنيف، فاستخرج سكِّيناً وألقاها إلى الخندق، وقال:
مَن أراد هذه فَلْيُلْقِ نفسَه خلفها!
فتبادروا خلفها وثباً أجمعين، فهلكوا.
فعدنا إلى السلطان صلاح الدِّين وعرّفناه الحال.
ثم إن سناناً سيّر بعد ذلك رسولاً إلى صلاح الدّين، وأمره ألاّ يؤدّي رسالته إلاّ خلوة. ففتّشه صلاح الدين، فلم يجد معه ما يخافه. فأخلى له المجلس إلا نفراً يسيراً. فامتنع من أداء الرسالة حتى يخرجوا. فأخرجهم كلّهم سوى مملوكين، وقال:
هاتِ رسالتَك.
فقال: أُمِرتُ أن لا أقولها إلا في خلوة.
قال: هذان ما يخرجان. فإن أردت أن أتذكر رسالتك، وإلاّ قُم!
قال الرسول: فلمَ لا يخرج هذان؟
قال صلاح الدين: لأنهما مثل أولادي.
فالتفت الرسول إليهما، وقال لهما:
إذا أرتكما عن سنان بقتل هذا السلطان، هل تقتلانه؟
فقالا: نعم!
وجذبا سيفيهما. فبهت السلطان.
وخرج الرسول وأخذهما معه. وجنح صلاح الدين إلى الصلح مع سنان، ودخل في مرضاته.
فارس الجزائري
2009-07-31, 19:37
القصة رقم 93
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
خُذْ في حديثك
قدم رجل كان في الصائفة(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1368760#_ftn1) على معاوية بن أبي سفيان، فسأله معاوية عن الناس وحالهم. فبينما هو يحدّثه إذ ضرط الرجل ضرطة فخجل وسكت.
فقال معاوية:
خُذ أيها الرجل في حديثك، فوالله ما سمعتُها من أحد أكثر مما سمعتُها من نفسي!
ـــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1368760#_ftnref1) الصائفة: الغزوة في الصيف.
فارس الجزائري
2009-08-01, 14:38
القصة رقم 94
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أنت لها!
استعمل معاويةُ عبدَ الرحمن بن خالد بن الوليد على الجيش وقد جاشت(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) الروم، وكتب له عهداً، ثم قال له:
ما تصنع بعهدي هذا؟
قال:
أَتَّخذه إماماً فلا أَتجاوزه.
قال معاوية:
ردَّ عليَّ عهدي.
وعزله. ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي، فقال له:
قد ولّيتك الجيش وهذا عهدي، فما أنت صانع به؟
قال:
أَتَّخِذه إماماً ما وافق الحَزْم، فإذا خالفَه خالفتُه وأعلمتُ رأيي.
قال معاوية:
أنت لها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) جاشت الروم: جمعت جيوشها.
فارس الجزائري
2009-08-02, 14:59
القصة رقم 95
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
هذا زياد بن أبي سفيان!
كانت سُميّة أم زياد بن أبيه بغيّاً، وكان أبو سفيان بن حرب يقول:
أنا والله وضعتُه في رحم أمّه سميّة وما له أبٌ غيري. فلما ولي معاوية الخلافة صعد المنبر وأمر زياداً فصعد معه، ثم قال: أيها الناس، إني قد عرفتُ شَبَهَنا أهلَ البيت في زياد، فمن كانت عنده شهادة فَلْيُقِمْها.
فقام الناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان. وجمع له معاوية الكوفة والبصرة.
وكان رجل من بني مخزوم أعمى يُكنى أبا العُريان. فمرَّ به زياد في موكبه. فقال الأعمى: مَن هذا؟ قالوا: زياد بن أبي سفيان. قال: ما ولد أبو سفيان إلا فلاناً، وفلاناً، فمَن هذا، فو الله لرُبَّ أمرٍ قد نقضه الله، وبيتٍ قد هدمه الله، وعبدٍ قد ردَّه الله إلى مواليه.
فبلغ معاوية قوله، فأرسل إلى زياد:
ثكِلَتْك أمّك، اقطَعْ لسانَ أعمى بني مخزوم!
فبعث إليه زياد بألف دينار، وقال لرسوله:
أقرئْه السلام، وقل له: يقول لك ابن أخيك أَنْفِقْ هذه حتى يأتيك مثلُها.
ومرّ به زياد من الغد، فسلّم، فقال قائل: مَن هذا؟ فقال الأعمى المخزومي:
هذا زياد بن أبي سفيان! وجعل يبكي ويقول:
والله إني لأعرف منه حَزْم أبي سفيان ونُبْله!
فارس الجزائري
2009-08-03, 14:19
القصة رقم 96
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
الشَّفيعُ العُريان
غَضِبَتْ النَّوارُ زوجُ الفرزدقِ منه، فخرجت إلى عبد الله بن الزبير ونزلت على زوجه خَوْلة بنت منظور، وسألتْها الشفاعة لها، بينما نزل الفرزدقُ على حمزة بن عبد الله بن الزبير، فوعده الشفاعة.
وتكلمت خَوْلة في النَّوار، وتكلّم حمزة في الفرزدق، فاُنْجِحَتْ خَولة. وأمر ابنُ الزبير الفرزدقَ ألاّ يقربَ النَّوار. فقال الفرزدقُ في ذلك:
أمّا بنوه فلم تنجح شفاعتُهم *** وشُفِّعَتْ بنتُ منظور بن زَبَّانا
ليس الشّفيع الذي يأتيك مُتّزِراً *** مثلَ الشفيع الذي يأتيك عُريانا!
فارس الجزائري
2009-08-04, 14:08
القصة رقم 97
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف
مرض أبو يوسف مرضاً شديداً، فعاده أستاذه أبو حنيفة مراراً. فلما صار إليه آخر مرة، رآه ثقيلاً، فاسترجع، ثم قال:
لقد كنتُ أُؤَمّله بعدي للمسلمين، ولئن أُصيبَ الناسُ به ليموتَنَّ علمٌ كثير.
ثم رُزق أبو يوسف العافية، وخرج من العِلَّة. فلما أُخبِر بقول أبي حنيفة فيه، ارتفعت نفسُه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلساً في الفقه، وقصَّر عن لُزوم مجلس أبي حنيفة.
وسأل أبو حنيفة عنه فأُخبر أنه عقد لنفسه مجلساً بعد أن بلغه كلام أستاذه فيه. فدعا أبو حنيفة رجلاً وقال له:
صِرْ إلى مجلس أبي يوسف، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قَصَّار(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) ثوباً ليصبغه بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصار: مالك عندي شيء، وأنكره. ثم إن صاحب الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مصبوغاً، أَلَه أجرُه؟ فإن قال أبو يوسف: له أجره، فقل له أخطأت. وإن قال: لا أجرَ له فقل له: أخطأت!
فصار الرجل إلى أبي يوسف وسأله، فقال أبو يوسف:
له الأجرة.
قال الرجل: أخطأت.
ففكر ساعة، ثم قال:
لا أجرة له.
فقال له: أخطأت!
فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة. فقال له:
ما جاء بك إلا مسألةُ القصَّار.
قال: أجل.
فقال أبو حنيفة.
سبحان الله ! من قعد يُفتي الناس، وعقد مجلساً يتكلم في دين الله، لا يُحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات؟!
فقال:
إنْ صبغه القصار بعدما غَصَبه فلا أجرة له، لأنه صبغ لنفسه، وإن كان صبغه قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه صبغه لصاحبه.
ثم قال:
من ظن أن يستغني عن التعلُّم فَلْيَبكِ على نفسه.
ـــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) القصّار: محترف صبغ الثياب.
فارس الجزائري
2009-08-05, 02:12
القصة رقم 98
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
حُرْمَةُ الجِوار
كان لأبي حنيفة جارٌ بالكوفة إسكافِ، يعملُ نهارَه أجمع، حتى إذا جَنَّهُ الليلُ رجع إلى منزله، وقد حمل معه لحماً فطبخه، أو سمكة فشواها، ثم لا يزال يشرب حتى إذا دبّ الشرابُ فيه غَنَّى:
أضاعوني، وأيَّ فتىً أضاعوا *** ليوم كَريهةٍ وسِداد ثَغْرِ
فلا يزال يشرب ويردّد هذا البيت، حتى يأَخذَه النوم.
وكان أبو حنيفة يصلي الليل كله، ويتضرّر من غناء جاره. وفي إحدى الليالي فَقَدَ صوتَ الإسكاف، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسسُ(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1) وهو محبوس.
فصلى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلة، واستأذن على الأمير، فقال:
ائذنوا له، وأقبلوا به راكباً، ولا تدعوه ينزل حتى يطأَ البساط.
ففعل. وأوسع له الأمير في مجلسه، وقال له: ما حاجتك؟
فقال: لي جار إسكاف، أخذه العسس، يأمر الأمير بتخْليته.
فقال: نعم. وأمر بتخليته.
فركب أبو حنيفة والإسكاف يمشي وراءه. فلما نزل أبو حنيفة التفت إليه وقال:
يا فتى هل أضعناك؟
قال:
لا، بل حفِظتَ ورَعَيْتَ، جزاك الله خيراً عن حُرمة الجوار.
ولم يعد بعدها إلى ما كان عليه.
ــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1) العسس: رجال الشرطة.
فارس الجزائري
2009-08-06, 01:47
القصة رقم 99
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
يعطى الجوز من لا أسنان له!
قال الحضرمي:
أقمت مرة بقرطبة ولازمتُ سوق كتبها مدّة أترقّب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع، وهو بخط فصيح وتفسير مليح.
ففرحت به أشد الفرح، وجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إليَّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه. فقلت له:
ما هذا؟ أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي.
فأراني شخصاً عليه لباس الرئاسة، فدنوت منه وقلت له:
أعزّ الله سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركتُه لك، فلقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حدّه.
فقال لي:
لستُ بفقيه، ولا أدري فيه، ولكني أقمتُ خزانة كتب، واحتفلتُ فيها لأتجمّل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب. فلما رأيته حسن الخط، جيّد التجليد، استحسنته، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير.
فأحرجني وحملني على أن قلت:
نعم، لا يكون الرزق كثيراً إلا عند مثلك. يعطى الجوز من لا أسنان له ! وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به، تحول قلّة ما بيدي بيني وبينه !
فارس الجزائري
2009-08-07, 15:29
القصة رقم 100
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
هلاّ وَسِعِك ما وسِعَهم؟
كان القاضي أحمد بن أبي دُواد من رؤوس المعتزلة، وكان معظَّماً عند المأمون، يقبل شفاعتَه ويُصغي إلى كلامه. وهو الذي دسَّ للمأمون القول بخلْق القرآن(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=894144#_ftn1)، وحسّنه عنده، وصيّره يعتقده حقاً مبيناً، إلى أن أجمع رأيه على الدعاء له، وامتحان العلماء فيه.
ثم سار المعتصم فالواثق سيرة المأمون في هذه الفتنة. ويُروى أن الخليفة الواثق أُتِيَ إليه بشيخ مقيّد يقول بقدم القرآن ليمتحنه. فلما أُدخل قال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فقال الواثق:
لا سلَّم الله عليك.
قال الشيخ:
يا أمير المؤمنين، بئس ما أدّبك به مؤدبك. قال الله تعالى: ( وإذا حُيِّيتم بتحيَّة فحيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها ). والله ما حيَّيتني بها ولا بأحسن منها.
فقال ابن أبي داود:
يا أمير المؤمنين، هذا رجل متكلم.
قال الواثق: كَلِّمْه.
فقال:
يا شيخ، ما تقول في القرآن: مخلوق هو أو غير مخلوق؟
قال الشيخ:
أنا أسألك قبل.
فقال له: سَلْ.
قال الشيخ:
ما تقول في القرآن؟
فقال: مخلوق.
قال الشيخ:
هذا شيء عَلِمَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، أم شيء لم يعلموه؟
قال ابن أبي داود:
شيء لم يعلموه.
فقال:
سبحان الله! شيء لم يعلمه النبي ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليّ، عَلِمْتَه أنت؟!
فخجل ابن أبي داود، وقال: أَقِلْني.
قال: والمسألة بحالها؟
قال: نعم.
قال: ما تقول في القرآن؟
قال: مخلوق.
قال: هذا شيء عَلِمه النبي والخلفاء الراشدون أم لم يعلموه؟
قال: علمُوه.
قال: هل دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت أو سكتوا؟
قال: بل سكتوا.
قال الشيخ: فهلاّ وَسِعَكَ ما وَسِعَهم من السكوت؟!
فقام الواثق ودخل مجلس الخَلوة واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهو يقول: هذا شيء لم يعلمه النبي ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟ سبحان الله، هذا شيء علمه النبي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم؟!
ثم دعا الحاجب، وأمره أن يرفع عن الشيخ قيوده، ويُعطيَه أربعمائة دينار. وسقط من عينه ابن أبي داود، ولم يمتحن بعد ذلك أحد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (http://www.djelfa.info/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=894144#_ftnref1) مقولة دعت إليها المعتزلة وتبعهم فيها المأمون، وهي عكس ما قال به السلف من أن القرآن قديم قدم الله وأنه كلام الله غير المخلوق. وقد نجم عن امتحان المأمون للعلماء والفقهاء في هذا الموضوع ما يشبه محاكم التفتيش في أوربا في العصر الوسيط.
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
فارس الجزائري
2009-08-07, 15:34
:dj_17:
السلام عليكم
الحمد لله تمت قرأتنا لكتاب ألف حكاية وحكاية
من إعداد حسين أحمد أمين
أتمنى أن تكونوا قد استمتعتم بقصص هذا الكتاب
أرجو أن تدعوا لنا في سجودكم
http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
~*مسك § الختام*~
2009-08-23, 11:23
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما شاء الله
جزاك الله عنا كل خير على هذا المجهود الجبار
ربي يبارك فيك و يوفقك و ينورلك دربك
مشكووووووووووووور كتير اخي
تحياتي
مشكور اخي الكريم وبارك الله فيك...عمل رائع
__________________
بارك الله فيك قرأت فقط بعض الموضوعات المنقولة وبالمناسبة يوجد عندي
كل عام وانتم بخير ورمضااااااااااااااان كريييييييييييييييم
فارس الجزائري
2009-08-25, 14:31
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما شاء الله
جزاك الله عنا كل خير على هذا المجهود الجبار
ربي يبارك فيك و يوفقك و ينورلك دربك
مشكووووووووووووور كتير اخي
تحياتي
:dj_17:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
أمين يارب العالمين
وفيك بارك
فارس الجزائري
2009-08-25, 14:32
مشكور اخي الكريم وبارك الله فيك...عمل رائع
__________________
:dj_17:
العفو وفيك بارك
فارس الجزائري
2009-08-25, 14:35
بارك الله فيك قرأت فقط بعض الموضوعات المنقولة وبالمناسبة يوجد عندي
كل عام وانتم بخير ورمضااااااااااااااان كريييييييييييييييم
:dj_17:
وفيك بارك
شرفتي الموضوع أستاذة بنت جبيل
وصراحة وجدت هذا الكتاب بين مجموعة كتبي ولم أكن قد قرأته بعد
فأردت أن أشارك الاخوة في قرأته والحمد لله قد تم ذلك
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
وعيد مبارك من الآن
http://abeermahmoud07.jeeran.com/620-Jzaka-AbeerMahmoud.gif
موضوع في القمة مشكووووووووووووووووووووور
fifi mimi
2009-08-28, 22:12
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
فارس الجزائري
2009-08-29, 03:03
http://abeermahmoud07.jeeran.com/620-Jzaka-AbeerMahmoud.gif
:dj_17:
بارك الله فيك
فارس الجزائري
2009-08-29, 03:09
موضوع في القمة مشكووووووووووووووووووووور
:dj_17:
العفــــووووووووووووووووووو
فارس الجزائري
2009-08-29, 03:10
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
:dj_17:
العفووووووووووووووووووووووو
moh11raf
2009-08-30, 17:17
:dj_17:
شكرا لك أخي متميز
فارس الجزائري
2009-08-31, 04:21
:dj_17:
شكرا لك أخي متميز
:dj_17:
العفـــــــــــــو
فارس الجزائري
2009-08-31, 18:12
...بارك الله فيك...
:dj_17:
وفيك بارك
الطموحة ملاك
2009-09-08, 13:28
مشكووووووووووووووووووووور
فارس الجزائري
2009-09-08, 22:34
مشكووووووووووووووووووووور
:dj_17:
العفوووووووووووووووو
طالبة البكلوريا
2009-09-22, 16:24
ما شاء الله
شكرا لك اخي
طالبة البكلوريا
2009-09-22, 16:25
رساله من شاب الى فتاة
لقد آن الأوان لكي أبوح لكي بما يحتاج قلبي وفكري وهو تكسير
الحواجز التي بيننا, أعرف أن هذه الأفكار بنفس الوقت قد تدو ر في
رأسك , ولكن لابد أن تفهمي جيداً أنني لا أريد ولا أ تمني لك سوى
أن تكوني معي والى جانبي إلى الأبد , فالحياة التي أعيشها بدونك كأنها
جهنم الحمراء , صدقيني ذلك إحساسي فهل تلبين طلبي وتخلعين
عنك هذه الأفكار الباليه ولنبدأ معا صفحة جديده وتبدلي الهموم كما تبدلين
عباءتك حتى ياراك الناس كما أنت على حقيقتك , أما أنا فأريد أن اقطع
جميع علاقاتي السابقة مع الجنس اللطيف وكل ما أتمنى أن أكون على
يديك لأرتاح ويرتاح قلبي , ولكي أزداد شجاعة وقوة وأستطيع اقتلاع
الحزن الذي ملكني , وأتعبني ,فلا تصدقي إلا ما ترينه من خلال
عينيك ولا تتعجبي فتلك هي رغبتي في الدنيا وحقا أقول أن وجهك
نور أضاء ظلمات حياتي ألتعيسه التي كانت – بدون مبالغة – بدونك
بؤس وشؤم وكلما نظرت إليك وتكلمت معك كان كلامك وصوتك
كالموسيقي التي تعزف أحلى الألحان حتى ظننت أن باقي الأصوات
نهيق ونباح , ولا انسي ذلك اليوم الذي عرفتك فيه فقد كان حقاً يوم
ولادتي من جديد في هذه الدنيا , وعمري الذي مضى بدونك كان
ملعوناً وثقيلاً فصدقيني هذه هي الحقيقة وأقولها بكل صراحة
فيا حسرة على ما مضي من سنين .
الرجاء إعادة قراءة الموضوع بشرط ان تقرأ سطر بعد سطر
يضرب الحب شو بيذل
هههههههههههههههههه
فارس الجزائري
2009-09-22, 17:30
ما شاء الله
شكرا لك اخي
:dj_17:
العفو
بارك الله فيك
فارس الجزائري
2009-09-22, 17:39
رساله من شاب الى فتاة
لقد آن الأوان لكي أبوح لكي بما يحتاج قلبي وفكري وهو تكسير
رأسك , ولكن لابد أن تفهمي جيداً أنني لا أريد ولاأ تمني لك سوى
جهنم الحمراء , صدقيني ذلك إحساسي فهل تلبين طلبي وتخلعين
عباءتك حتى ياراك الناس كما أنت على حقيقتك , أما أنا فأريد أن اقطع
يديك لأرتاح ويرتاح قلبي , ولكي أزداد شجاعة وقوة وأستطيع اقتلاع
عينيك ولا تتعجبي فتلك هي رغبتي في الدنيا وحقا أقول أن وجهك
بؤس وشؤم وكلما نظرت إليك وتكلمت معك كان كلامك وصوتك
نهيق ونباح , ولا انسي ذلك اليوم الذي عرفتك فيه فقد كان حقاً يوم
ملعوناً وثقيلاً فصدقيني هذه هي الحقيقة وأقولها بكل صراحة
فياحسرة على ما مضي من سنين .
:dj_17:
هكذا تكون الرسالة صحيحة اليس كذلك الأخت طالبة بكالوريا
هههههههههههههه
بارك الله فيك وربي يوفق إن شاء الله حتى توصلي للدكتوراه وتتزوجي الراجل الي ربي يرضاه
korabicas
2009-09-28, 10:15
http://pagesperso-orange.fr/mangatb/images/wallpapers/hxh/hxh01.jpg
مارقة ماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارقة
Seifo1995
2009-10-10, 05:05
مشكوووووووووووووووووووووووووووووور
fatimazahra2011
2009-10-20, 13:34
http://www.***********/upload/wh_80366808.gif
فارس الجزائري
2009-10-24, 20:47
:dj_17:
العفوووووووووووو
طيبة القلب
2009-10-24, 20:51
مشكووووووووووووووووووووووور
دمت مميزا اخي الكريم
فارس الجزائري
2009-10-24, 21:04
مشكوووووووووووووووووووووووووووووور
:dj_17:
العفووووووووووووووووووووووو
فارس الجزائري
2009-10-24, 21:06
http://www.***********/upload/wh_80366808.gif
:dj_17:
أهلا وسهلا
فارس الجزائري
2009-10-24, 21:14
مشكووووووووووووووووووووووور
دمت مميزا اخي الكريم
:dj_17:
العفوووووووووووو
خالد2025
2009-11-03, 21:55
http://img11.imageshack.us/img11/4773/849961072wt6.gif http://img15.imageshack.us/img15/6472/as01120701009sdsf6.gif
http://69.59.144.138/icon.aspx?m=blankhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gif http://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gifhttp://www.brunella2001.it/twnkle2_1_.gif
http://img19.imageshack.us/img19/415/921ng0vh6.gif
http://img15.imageshack.us/img15/6472/as01120701009sdsf6.gif http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646 http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifبـارك الله فيـك أخي :1:فارس الجزائريhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646
http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifشكرا لك على الموضوع:19:http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif
http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifالرااااااائع من عضووووووو أكثر روعةhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif
http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifواصـل تمـيزك;)http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifhttp://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646
http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif1000 شكرااااااا إلك:Dhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif
http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646http://www.falntyna.com/img/data/media/11/1137114121_3.gif
http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646
http://img15.imageshack.us/img15/6472/as01120701009sdsf6.gif http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646
http://img15.imageshack.us/img15/6472/as01120701009sdsf6.gif http://img7.imageshack.us/img7/3344/thamr007k5lg1vq2.gif
تقبل تحياتي الصادقة http://www.djelfa.info/vb/images/icons/456ty.gif
http://img7.imageshack.us/img7/3344/thamr007k5lg1vq2.gif
http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifhttp://img15.imageshack.us/img15/9809/408897rah8okd7dmto6.gifhttp://img15.imageshack.us/img15/9809/408897rah8okd7dmto6.gifhttp://img15.imageshack.us/img15/9809/408897rah8okd7dmto6.gifhttp://img15.imageshack.us/img15/9809/408897rah8okd7dmto6.gifhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif
http://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifhttp://img10.imageshack.us/img10/7442/408590z8xpnmxrecql6.gifhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif
http://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646http://img11.imageshack.us/img11/8199/375223ftx1igqdkxqh5.gifhttp://www.aleppos.net/forum/attachment.php?attachmentid=7060&stc=1&d=1192800646
http://img7.imageshack.us/img7/3344/thamr007k5lg1vq2.gifhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gifhttp://img518.imageshack.us/img518/8241/w6w200507221351372349dfpw1.gifhttp://forum.sh3bwah.com/images/smilies/icon_evil.gif http://img7.imageshack.us/img7/3344/thamr007k5lg1vq2.gif
فارس الجزائري
2009-11-03, 22:34
:dj_17:
بارك الله فيك الأخ khaled2025 (http://www.djelfa.info/vb/member.php?u=168699) على هذا الرد المتميز
شكرا على مرورك
fatimazahra2011
2009-11-09, 14:47
http://www.moeforum.net/vb1/uploaded/27515_1210361418gif
abou-abdou
2009-11-30, 20:21
السلم عليكم:
http://62.img.v4.skyrock.com/628/algerie-7827/pics/1597305302.gif
abou-abdou
2009-12-01, 17:15
:dj_17:http://i22.servimg.com/u/f22/11/48/67/03/11751010.gif
http://img253.imageshack.us/img253/6007/44020113vl2.gif
اشكر مدير الموقع.
التوقيعكن متفائلاً وواجه المشكلات وكأنها لعبة تلهو بها
http://iraqnaa.com/ico/image/018.gif
واحد الاستاذة في حاشي نتاع علوم سماها(ك......) اخرجتني من القسم بسبب الجال ونقصتلي 5نقاط
oussamalakamora
2009-12-02, 14:02
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم وشكرا جزيلا
ومزيدا من التألق أخي الفاضل
oussamalakamora
2009-12-02, 14:08
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم وشكرا جزيلا
ومزيدا من التألق أخي الفاضل
سحر الجنوب
2009-12-03, 14:19
رووووووووووووووعة
القصص كلها فيها عبر والله مشكووور بزاف خويا على هدا وربي يجعله لك في ميزان حسناتك
http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:YSdXz0KR-I6N9M:http://www.almotmaiz.net/vb/data/imagecache/c59168b5bd5f.gif
djamelbio
2009-12-04, 12:54
بارك الله فيك اخي.....شكرا
zahra.zahra
2010-01-01, 16:21
شكرا جزيلا
last mohikan
2010-01-10, 00:07
واش نقول وش نخلي
الله ينورك ويحفظك
اللهم اغفر لنا كلنا وكل المسلمين والمسلمات الاحياء و الاموات
آمين
simou2020
2010-01-10, 11:06
بارك الله فيك
كمال الاسلام
2010-01-17, 15:40
http://www.alhsa.com/forum/imgcache2/90720.gif
mcamca91
2010-01-20, 17:01
مشكووووووووووووووووووووور
مريم الريم
2010-01-21, 18:05
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
شكـر جزيلا على المـــوضوع الــرائع و المميز
تحيـــاتي
مشكوووووووووووووووووووووووور
......................مشكووووووووووووووووووووووووو وووووووووووور...........................
أعجبتني حكاياتك جدا مشكووور
شكرا اخي الكريم و جزاك الله خير
اللهم اغفر له و لوالديه ماتقدم من ذنبهم وما تاخر مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووور
فتى الرمال
2010-03-08, 15:09
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم وشكرا جزيلا
شكرا اخي الكريم و جزاك الله خير
حكايا جميلة ورائعة
موضوع رائع وبارك الله فيك أخي الكريم
abdooo706
2010-03-30, 14:42
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gif
http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.http://smiles.al-wed.com/smiles/60/heartttro118hb.gif
شكرااااااااااااااااااااااااا كثيراااااااااااااااااااااا فنتضار القصة 50
abdooo706
2010-03-30, 14:45
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gifhttp://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gifhttp://smiles.al-wed.com/smiles/60/2e0cf5ee7a.gif
http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/heartttro118hb.gif
وشراكم وشكرااااااا
http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/heartttro118hb.gif
http://www.djelfa.info/vb/images/statusicon/wol_error.gifإضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.
¤*~فراشة الأمل~*¤
2010-03-30, 15:02
http://emo.huhiho.com/set/onion/134.gifhttp://emo.huhiho.com/set/onion/134.gifhttp://emo.huhiho.com/set/onion/134.gifhttp://emo.huhiho.com/set/onion/134.gif
النينجا الغامض
2010-04-03, 11:56
جزاك الله خيرا.
مصرية من الجزائر
2010-04-04, 21:05
موضوع متميز
جزاك الله خيراا أخي
نهال الجزائرية
2010-04-07, 13:04
مرسي كامل حكايات شابين
ghezal mohamed
2010-04-23, 23:55
مشكوووووووووووووور
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir