مشاهدة النسخة كاملة : روائع نزار قباني
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:31
نزار قباني
http://tbn2.google.com/images?q=tbn:vrQmIpAT0YbYAM:http://masr.20at.com/CurrentArticleAssets/nizaqabani2.jpg
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:33
إختاري
إني خيرتُكِ فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري..
أو فوقَ دفاترِ أشعاري..
إختاري الحبَّ.. أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري..
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:36
إرمي أوراقكِ كاملًة..
وسأرضى عن أيِّ قرارِ..
قولي. إنفعلي. إنفجري
لا تقفي مث َ ل المسمارِ..
لا يمكنُ أن أبقى أبدًا
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
إختاري قدرًا بين اثنينِ
وما أعنَفها أقداري..
مُرهقةٌ أنتِ.. وخائفةٌ
وطويلٌ جدًا.. مشواري
غوصي في البحرِ.. أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ..
الحبُّ مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ..
يقتُلني جبنُكِ يا امرأًة
تتسلى من خلفِ ستارِ..
إني لا أؤمنُ في حبٍّ..
لا يحم ُ ل نزقَ الثوارِ..
لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:43
لا يضربُ مث َ ل الإعصارِ..
آهٍ.. لو حبُّكِ يبلعُني
يقلعُني.. مث َ ل الإعصارِ..
إنّي خيرتك.. فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري
أو فوقَ دفاترِ أشعاري
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنّارِ..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:47
أحزان في الأندلس
كتبتِ لي يا غاليه..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه
عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه..
عن عقبة بن نافعٍ
يزرع شت َ ل نخلةٍ..
في قلبِ كلِّ رابيه..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرها معاويه..
عن السرايا الزاهيه
تحم ُ ل من دمشقَ.. في ركابِها
حضارًة وعافيه..
لم يبقَ في إسبانيه
منّا، ومن عصورنا الثمانيه
غيرُ الذي يبقى من الخمرِ،
بجوف الآنيه..
وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ
ما زال في سوادها ينامُ لي ُ ل الباديه..
لم يبقَ من قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه
سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه..
لم يبق من و ّ لادةٍ ومن حكايا حُبها..
قافيٌة ولا بقايا قافيه..
لم يبقَ من غرناطةٍ
ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه
وغيرُ "لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويه..
لم يبقَ إلا قصرُهم
كامرأةٍ من الرخام عاريه..
تعيشُ –لا زالت- على
قصَّةِ حُبٍّ ماضيه..
مضت قرو ٌ ن خمسٌة
مذ رح َ ل "الخليفُة الصغيرُ" عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيره..
كما هيَه..
ولم تزل عقليُة العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرو ٌ ن خمسٌة
ولا تزال لفظُة العروبه..
كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه
نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..
مَضت قرو ٌ ن خمسُة.. يا غاليه
كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 21:56
أسألك الرحيلا
لنفترق قليلا..
لخيرِ هذا ا ُ لحبِّ يا حبيبي
وخيرنا..
لنفترق قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا..
من ذِ َ كرٍ غاليةٍ كانت على كَِلينا..
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ..
ما زا َ ل منقوشًا على فمينا
ما زا َ ل محفورًا على يدينا..
بحقِّ ما كتبتَهُ.. إليَّ من رسائلِ..
ووجهُكَ المزروعُ مث َ ل وردةٍ في داخلي..
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا..
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
أسألكَ الرحيلا
لنفترق أحبابا..
فالطيرُ في كلِّ موسمٍ..
تفارقُ الهضابا..
والشمسُ يا حبيبي..
تكو ُ ن أحلى عندما تحاو ُ ل الغيابا
ُ كن في حياتي الشكَّ والعذابا
ُ كن مرًَّة أسطورًة..
ُ كن مرًة سرابا..
و ُ كن سؤا ً لا في فمي
لا يعرفُ الجوابا
من أجلِ حبٍّ رائعٍ
يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
وكي أكو َ ن دائمًا جميلًة
وكي تكو َ ن أكثر اقترابا
أسألكَ الذهابا..
لنفترق.. ونحنُ عاشقان..
لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي
أريدُ أن تراني
ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
أريدُ أن تراني..
لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
فقد نسينا
نعمَة البكاءِ من زمانِ
لنفترق..
كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا
وشوقنا رمادا..
وتذب َ ل الأزهارُ في الأواني..
ُ كن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري
فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير
ولم أزل مأخوذًة بحبكَ الكبير
ولم أزل أحلمُ أن تكو َ ن لي..
يا فارسي أنتَ ويا أميري
لكنني.. لكنني..
أخافُ من عاطفتي
أخافُ من شعوري
أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
أخاف من وِصالنا..
أخافُ من عناقنا..
فباسمِ حبٍّ رائعٍ
أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا..
أضاءَ مث َ ل الشمسِ في أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا
أسألك الرحيلا..
حتى يظلَّ حبنا جميلا..
حتى يكون عمرُهُ طويلا..
أسألكَ الرحيلا..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:04
أطفال الحجارة
ﺑﻬروا الدنيا..
وما في يدهم إلا الحجاره..
وأضاؤوا كالقناديلِ، وجاؤوا كالبشاره
قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا..
وبقينا دببًا قطبيًة
صُفِّحت أجسادُها ضدَّ الحراره..
قاتَلوا عنّا إلى أن ُقتلوا..
وجلسنا في مقاهينا.. كبصَّاق المحارة
واحدٌ يبح ُ ث منّا عن تجارة..
واحدٌ.. يطلبُ مليارًا جديدًا..
وزواجًا رابعًا..
وﻧﻬودًا صقلتهنَّ الحضارة..
واحدٌ.. يبح ُ ث في لند َ ن عن قصرٍ منيفٍ
واحدٌ.. يعم ُ ل سمسارَ سلاح..
واحدٌ.. يطلبُ في الباراتِ ثاره..
واحدٌ.. بيح ُ ث عن عرشٍ وجيشٍ وإمارة..
آهِ.. يا جي َ ل الخياناتِ..
ويا جي َ ل العمولات..
ويا جي َ ل النفاياتِ
ويا جي َ ل الدعارة..
سوفَ يجتاحُكَ –مهما أبطَأ التاريخُ-
أطفا ُ ل الحجاره..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:06
إغضب
إغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
ح ّ طم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
إغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقًا متى تثورُ
إغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفًا.. ُ كنْ ممطرًا..
فإنَّ قلبي دائمًا غفورُ
إغضب!
فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟
إذهبْ..
إذا يومًا مللتَ منّي..
واﺗﻬمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحز ُ ن كبرياءُ
إذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حيا َ تي الهواءُ.
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..
إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:22
إفادة في محكمة الشعر
ألقيت في مهرجان الشعر التاسع ببغداد عام ١٩٦٩
مرحبًا يا عراقُ، جئتُ أغنّيكَ
وبعضٌ من الغناءِ بكاءُ
مرحبًا، مرحبًا.. أتعرفُ وجهًا
حفرتهُ الأيّامُ والأنواءُ؟
أك َ ل الحبُّ من حشاشةِ قلبي
والبقايا تقاسمتها النساءُ
كلُّ أحبابي القدامى نسَوني
لا نُوارَ تجيبُ أو عفراءُ
فالشفاهُ المطيّباتُ رمادٌ
وخيامُ الهوى رماها الهواءُ
سكنَ الحز ُ ن كالعصافيرِ قلبي
فالأسى خمرٌة وقلبي الإناءُ
أنا جرحٌ يمشي على قدميهِ
وخيولي قد هدَّها الإعياءُ
فجراحُ الحسينِ بعضُ جراحي
وبصدري من الأسى كربلاءُ
وأنا الحز ُ ن من زمانٍ صديقي
وقلي ٌ ل في عصرنا الأصدقاءُ
مرحبًا يا عراقُ،كيفَ العباءاتُ
وكيفَ المها.. وكيفَ الظباءُ؟
مرحبًا يا عراقُ.. هل نسيَتني
بعدَ طولِ السنينِ سامرّاءُ؟
مرحبًا يا جسورُ يا نخ ُ ل يا ﻧﻬرُ
وأه ً لا يا عشبُ... يا أفياءُ
كيفَ أحبابُنا على ضفةِ النهرِ
وكيفَ البسا ُ ط والندماءُ؟
كان عندي هنا أميرُة حبٍّ
ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ
أينَ وجهٌ في الأعظميّةِ حلوٌ
لو رأتهُ تغارُ منهُ السماءُ؟
إنني السندبادُ.. مزّقهُ البحرُ
و عينا حبيبتي الميناءُ
مض َ غ الموجُ مركبي.. وجبيني
ثقبتهُ العواصفُ الهوجاءُ
إنَّ في داخلي عصورًا من الحزنِ
فهل لي إلى العراقِ التجاءُ؟
وأنا العاشقُ الكبيرُ.. ولكن
ليس تكفي دفاتري الزرقاءُ
يا حزيرا ُ ن.ما الذي فع َ ل الشعرُ؟
وما الذي أعطى لنا الشعراءُ؟
الدواوينُ في يدينا طروحٌ
والتعابيرُ كلُّها إنشاءُ
كلُّ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ
وعلينا العمائمُ الخضراءُ
وﻧﻬزُّ الرؤوسَ مثل الدراويشِ
...و بالنار تكتوي سيناءُ
كلُّ عامٍ نأتي.. فهذا جريرٌ
يتغنّى.. وهذهِ الخنساءُ
لم نزَل، لم نزَل نمصمصُ قشرًا
وفلسطينُ خضّبتها الدماءُ
يا حزيرا ُ ن.. أنتَ أكبرُ منّا
وأبٌ أنتَ ما لهُ أبناءُ
لو ملكنا بقيًّة من إباءٍ
لانتخينا.. لكننا جبناءُ
يا عصورَ المعّلقاتِ مَللنا
ومن الجسمِ قد يملُّ الرداءُ
نصفُ أشعارنا نقوشٌ وماذا
ينفعُ النقشُ حين يهوي البناءُ؟
المقاماتُ لعبٌة... والحريريُّ
حشيشٌ.. والغو ُ ل والعنقاءُ
ذبحتنا الفسيفساءُ عصورًا
والدُّمى والزخارفُ البلهاءُ
نرفضُ الشعرَ كيمياءً وسحرًا
قتلتنا القصيدُة الكيمياءُ
نرفضُ الشعرَ مسرحًا ملكيًا
من كراسيهِ يحرمُ البسطاءُ
نرفضُ الشعرَ أن يكو َ ن حصانًا
يمتطيهِ الطغاُة والأقوياءُ
نرفضُ الشعرَ عتمًة ورموزًا
كيف تستطيعُ أن ترى الظلماءُ؟
نرفضُ الشعرَ أرنبًا خشبيًّا
لا طموحَ لهُ ولا أهواءُ
نرفضُ الشعرَ في قهوةِ الشعر..
دخا ٌ ن أيّامهم.. وارتخاءُ
شعرُنا اليومَ يحفرُ الشمسَ حفرًا
بيديهِ.. فكلُّ شيءٍ مُضاءُ
شعرنا اليومَ هجمٌة واكتشافٌ
لا خطو َ ط كوفيًّة ، وحِداءُ
كلُّ شعرٍ معاصرٍ ليسَ فيهِ
غصبُ العصرِ نملٌة عرجاءُ
ما هوَ الشعرُ إن غدا ﺑﻬلوانًا
يتسّلى برقصهِ ا ُ لخلفاءُ
ما هو الشعرُ.. حينَ يصبحُ فأرًا
كِسرُة الخبزِ –هَمُّهُ- والغِذاءُ
وإذا أصبحَ المفكِّرُ بُوقًا
يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
يُصلبُ الأنبياءُ من أجل رأيٍ
فلماذا لا يصلبَ الشعراءُ؟
الفدائيُّ وحدهُ.. يكتبُ الشعرَ
و كلُّ الذي كتبناهُ هراءُ
إنّهُ الكاتبُ الحقيقيُّ للعصرِ
ونحنُ ا ُ لحجَّابُ والأجراءُ
عندما تبدُأ البنادقُ بالعزفِ
تموتُ القصائدُ العصماءُ
ما لنا؟ مالنا نلومُ حزيرا َ ن
و في الإثمِ كلُّنا شركاءُ؟
من هم الأبرياءُ؟ نحنُ جميعًا
حاملو عارهِ ولا استثناءُ
عقُلنا، فكرُنا، هزا ُ ل أغانينا
رؤانا، أقواُلنا الجوفاءُ
نثرُنا، شعرُنا، جرائدُنا الصفراءُ
والحبرُ والحروفُ الإماءُ
البطولاتُ موقفٌ مسرحيٌّ
ووجوهُ الممثلينَ طلاءُ
وفلسطينُ بينهم كمزادٍ
كلُّ شارٍ يزيدُ حين يشاءُ
وحدويّون! والبلادُ شظايا
كلُّ جزءٍ من لحمها أجزاءُ
ماركسيّو َ ن! والجماهيرُ تشقى
فلماذا لا يشبعُ الفقراءُ؟
قرشيّو َ ن! لو رأﺗﻬم قريشٌ
لاستجارت من رملِها البيداءُ
لا يمينٌ يجيرُنا أو يسارٌ
تحتَ حدِّ السكينِ نحنُ سواءُ
لو قرأنا التاريخَ ما ضاعتِ القدسُ
وضاعت من قبلها "الحمراءُ"..
يا فلسطينُ، لا تزالينَ عطشى
وعلى الزيتِ نامتِ الصحراءُ
العباءاتُ.. كلُّها من حريرٍ
والليالي رخيصٌة حمراءُ
يا فلسطينُ، لا تنادي عليهم
قد تساوى الأمواتُ والأحياءُ
قت َ ل النف ُ ط ما ﺑﻬم من سجايا
ولقد يقت ُ ل الثريَّ الثراءُ
يا فلسطينُ، لا تنادي قريشًا
فقريشٌ ماتت ﺑﻬا الخيَلاءُ
لا تنادي الرجا َ ل من عبدِ شمسٍ
لا تنادي.. لم يبقَ إلا النساءُ
ذروُة الموتِ أن تموتَ المروءاتُ
ويمشي إلى الوراءِ الوراءُ
مرَّ عامانِ والغزاُة مقيمو َ ن
و تاريخُ أمتي... أشلاءُ
مرَّ عامانِ.. والمسيحُ أسيرٌ
في يديهم.. و مريمُ العذراءُ
مرَّ عامانِ.. والمآذ ُ ن تبكي
و النواقيسُ كلُّها خرساءُ
أيُّها الراكعو َ ن في معبدِ الحرفِ
كفانا الدوارُ والإغماءُ
مزِّقوا جُبََّة الدراويشِ عنكم
واخلعوا الصوفَ أيُّها الأتقياءُ
اتركوا أولياءَنا بسلامٍ
أيُّ أرضٍ أعادها الأولياءُ؟
في فمي يا عراقُ.. ماءٌ كثيرٌ
كيفَ يشكو من كا َ ن في فيهِ ماءُ؟
زعموا أنني طعنتُ بلادي
وأنا الحبُّ كلُّهُ والوفاءُ
أيريدو َ ن أن أمُصَّ نزيفي؟
لا جدارٌ أنا و لا ببغاءُ!
أنا حريَّتي... فإن سرقوها
تسقطِ الأرضُ كلُّها والسماءُ
ما احترفتُ النِّفاقَ يومًا وشعري
ما اشتراهُ الملوكُ والأمراءُ
كلُّ حرفٍ كتبتهُ كا َ ن سيفًا
عربيًّا يشعُّ منهُ الضياءُ
وقلي ٌ ل من الكلامِ نقيٌّ
وكثيرٌ من الكلامِ بغاءُ
كم ُأعاني مما كتبتُ عذابًا
ويعاني في شرقنا الشرفاءُ
وجعُ الحرفِ رائعٌ.. أوَتشكو
للبساتينِ وردٌة حمراءُ؟
كلُّ من قاتلوا بحرفٍ شجاعٍ
ثم ماتوا.. فإنهم شهداءُ
لا تعاقب يا ربِّ من رجموني
واعفُ عنهم لأنّهم جهلاءُ
إن حبّي للأرضِ حبٌّ بصيرٌ
وهواهم عواطفٌ عمياءُ
إن أ ُ كن قد كويتُ لحمَ بلادي
فمن الكيِّ قد يجيءُ الشفاءُ
من بحارِ الأسى، وليلِ اليتامى
تطلعُ الآ َ ن زهرٌة بيضاءُ
ويطلُّ الفداءُ شمسًا علينا
ما عسانا نكو ُ ن.. لولا الفداءُ
من جراحِ المناضلينَ.. وُلدنا
ومنَ الجرحِ تولدُ الكبرياءُ
قبَلهُم، لم يكن هناكَ قب ٌ ل
ابتداءُ التاريخِ من يومِ جاؤوا
هبطوا فوقَ أرضنا أنبياءً
بعد أن ماتَ عندنا الأنبياءُ
أنقذوا ماءَ وجهنا يومَ لاحوا
فأضاءت وجوهُنا السوداءُ
منحونا إلى الحياةِ جوازًا
لم ت ُ كن قبَلهم لنا أسماءُ
أصدقاءُ الحروفِ لا تعذلوني
إن تفجّرتُ أيُّها الأصدقاءُ
إنني أخز ُ ن الرعودَ بصدري
مثلما يخز ُ ن الرعودَ الشتاءُ
أنا ما جئتُ كي أكو َ ن خطيبًا
فبلادي أضاعَها ا ُ لخطباءُ
إنني رافضٌ زماني وعصري
ومن الرفضِ تولدُ الأشياءُ
أصدقائي.. حكيتُ ما ليسَ يُحكى
و شفيعي... طفولتي والنقاءُ
إنني قادمٌ إليكم.. وقلبي
فوقَ كّفي حمامٌة بيضاءُ
إفهموني.. فما أنا غيرُ طفلٍ
فوقَ عينيهِ يستحمُّ المساءُ
أنا لا أعرفُ ازدواجيَّة الفكرِ
فنفسي.. بحيرٌة زرقاءُ
لبلادي شعري.. ولستُ أبالي
رفصتهُ أم باركتهُ السماءُ..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:28
قصيدة التحدّيات
أتحدّى..
من إلى عينيكِ، يا سيّدتي، قد سبقوني
يحملو َ ن الشمسَ في راحاﺗﻬمْ
وعقودَ الياسمينِ..
أتحدّى كلَّ من عاشترتِهمْ
من مجانينَ، ومفقودينَ في بحرِ الحنينِ
أن يحبّوكِ بأسلوبي، وطيشي، وجنوني..
أتحدّى..
كتبَ العشقِ ومخطوطاتهِ
من ُ ذ آلافِ القرونِ..
أن ترَيْ فيها كتابًا واحدًا
فيهِ، يا سيّدتي، ما ذكروني
أتحدّاكِ أنا.. أ ْ ن تجدي
وطنًا مث َ ل فمي..
وسريرًا دافئًا.. مث َ ل عيوني
أتحدّاهُم جميعًا..
أن يخ ّ طوا لكِ مكتوبَ هوىً
كمكاتيبِ غرامي..
أو يجيؤوكِ –على كثرﺗﻬم-
بحروفٍ كحروفي، وكلامٍ ككلامي..
أتحداكِ أنا أن تذ ُ كري
رج ً لا من بينِ من أحببتهم
أفر َ غ الصيفَ بعينيكِ.. وفيروزَ البحورْ
أتحدّى..
مفرداتِ الحبِّ في شتّى العصورْ
والكتاباتِ على جدرانِ صيدو َ ن وصورْ
فاقرأي أقدمَ أوراقَ الهوى..
تجديني دائمًا بينَ السطورْ
إنني أسكنُ في الحبّ..
فما من قبلةٍ..
ُأخذتْ.. أو ُأعطيتْ
ليسَ لي فيها حلولٌ أو حضورْ...
أتحدّى أشجعَ الفرسانِ.. يا سيّدتي
وبواريدَ القبيلهْ..
أتحدّى من أحبُّوكِ ومن أحببتِهمْ
من ُ ذ ميلادكِ.. حتّى صرتِ كالنخلِ العراقيِّ.. طويلهْ
أتحدّاهم جميعًا..
أن يكونوا قطرًة صُغرى ببحري..
أو يكونوا أطفأوا أعمارَهمْ
مثلما أطفأتُ في عينيكِ عُمري..
أتحدّاكِ أنا.. أن تجدي
عاشقًا مثلي..
وعصرًا ذهبيًا.. مث َ ل عصري
فارحلي، حي ُ ث تريدينَ.. ارحلي..
واضحكي،
وابكي،
وجوعي،
فأنا أعرفُ أ ْ ن لنْ تجدي
موطنًا فيهِ تنامينَ كصدري..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:32
ترصيع بالذهب على سيف دمشقي
أتراها تحبني ميسون..؟
أم توهمت والنساء ظنون
يا ابنة العمّ... والهوى أمويٌ
كيف أخفي الهوى وكيف أبين
هل مرايا دمشق تعرف وجهي
من جديد أم غيّرتني السنينُ؟
يا زمانًا في الصالحية سمحًا
أين مني الغِوى وأين الفتو ُ ن؟
يا سريري.. ويا شراشف أمي
يا عصافير.. يا شذا، يا غصون
يا زورايب حارتي.. خبئني
بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني إن بدوت حزينًا
إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهر
أﻧﻬر سبعة ..وحور عين
آه يا شام.. كيف أشرح ما بي
وأنا فيكِ دائمًا مسكو ُ ن
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفو ُ ن
قادم من مدائن الريح وحدي
فاحتضني ،كالطفل، يا قاسيو ُ ن
أهي مجنونة بشوقي إليها...
هذه الشام، أم أنا اﻟﻤﺠنون؟
إن تخلت كل المقادير عني
فبعيني حبيبتي أستعينُ
جاء تشرين يا حبيبة عمري
أحسن وقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ
كم الثلج دافئ.. وحنو ُ ن
سنوات سبع من الحزن مرت
مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي
كيف ينسى غرامه اﻟﻤﺠنون؟
شمس غرناطَة أطلت علينا
بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى
بكثير... ما سره تشرينُ ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك
فماءٌ يجري.. ولوز.. وتينُ
مزقي يا دمشق خارطة الذل
وقولي للدهر ُ كن فيكون
استردت أيامها بكِ بدرٌ
واستعادت شباﺑﻬا حطينُ
كتب الله أن تكوني دمشقًا
بكِ يبدا وينتهي التكوينُ
هزم الروم بعد سبع عجاف
وتعافى وجداننا المطعونُ
اسحبي الذيلَ يا \ قنيطرةَ اﻟﻤﺠدِ
وكحِّل جفنيك يا حرمونُ
علمينا فرقه العروبة يا شام
فأنتِ البيان والتبيينُ
وطني، يا قصيدة النارِ والورد
تغنت بما صنعتَ القرونُ
إركبي الشمس يا دمشق حصاناً
ولك الله ... حافظ و أمينُ
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:42
تلومني الدنيا
تلومني الدنيا إذا أحببتهُ
كأنني.. أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ
كأنني أنا التي..
للطيرِ في السماءِ قد عّلمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ..
كأنني.. أنا التي
كالقمرِ الجميلِ في السماءِ..
قد عّلقتُه..
تلومُني الدنيا إذا..
سمّيتُ منْ أحبُّ.. أو ذكرتُهُ..
كأنني أنا الهوى..
وأمُّهُ.. وأختُهُ..
هذا الهوى الذي أتى..
من حي ُ ث ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكلِّ ما سمعتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
نوعٌ منَ الإدمانِ.. ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
عودٌ من الكبريتِ.. ما أشعلتهُ
هذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحًا
يديهِ لي.. رددْتُهُ
وليتني من قبلِ أن يقتَلني.. قتلتُهُ..
هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ..
على ستائري..
أراهُ.. في ثوبي..
وفي عطري.. وفي أساوري
أراهُ.. مرسومًا على وجهِ يدي..
أراهُ منقوشًا على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ..
سيضرمُ النيرا َ ن في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصب ُ غ الجدرا َ ن بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتهُ..
يا أيّها الغالي الذي..
أرضيتُ عني الله.. إ ْ ذ أحببتهُ
هذا الهوى أجم ُ ل حبٍّ عشتُهُ
أروعُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني زائرًا
بالوردِ قد طوّقتهُ..
وليتني حينَ أتاني باكيًا
فتحتُ أبوابي لهُ.. وبستهُ
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:44
الحاكم والعصفور
أتجوَّ ُ ل في الوطنِ العربيِّ
لأقرَأ شعري للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ – من ُ ذ بدأتُ –
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّ ُ ل في الوطنِ العربيِّ
وليسَ معي إلا دفترْ
يُرسلني المخفرُ للمخفرْ
يرميني العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحم ُ ل في جيبي إلا عصفورْ
لكنَّ الضاب َ ط يوقفني
ويريدُ جوازًا للعصفورْ
تحتاجُ الكلمُة في وطني
لجوازِ مرورْ
أبقى ملحوشًا ساعاتٍ
منتظرًا فرما َ ن المأمورْ
أتأمّ ُ ل في أكياسِ الرملِ
ودمعي في عينيَّ بحورْ
وأمامي كانتْ لافتةٌ
تتحدّ ُ ث عن (وطنٍ واحدْ)
تتحدّ ُ ث عن (شعبٍ واحدْ)
وأنا كا ُ لجرذِ هنا قاعدْ
أتقيُأ أحزاني..
وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادي
مرميًّا..
كالقدحِ المكسورْ
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:48
الحب والبترول
متى تفهمْ ؟
متى يا سيّدي تفهمْ ؟
بأنّي لستُ واحدًة كغيري من صديقاتكْ
ولا فتحًا نسائيًّا يُضافُ إلى فتوحاتكْ
ولا رقمًا من الأرقامِ يعبرُ في سج ّ لاتكْ ؟
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
أيا جَمَ ً لا من الصحراءِ لم يُلجمْ
ويا مَن يأك ُ ل الجدريُّ منكَ الوجهَ والمعصمْ
بأنّي لن أكو َ ن هنا.. رمادًا في سجاراتكْ
ورأسًا بينَ آلافِ الرؤوسِ على مخدّاتكْ
وتمثا ً لا تزيدُ عليهِ في حمّى مزاداتكْ
وﻧﻬدًا فوقَ مرمرهِ.. تسجّ ُ ل شك َ ل بصماتكْ
متى تفهمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّكَ لن تخدّرني.. بجاهكَ أو إماراتكْ
ولنْ تتمّلكَ الدنيا.. بنفطكَ وامتيازاتكْ
وبالبترولِ يعبقُ من عباءاتكْ
وبالعرباتِ تطرحُها على قدميْ عشيقاتكْ
بلا عددٍ.. فأينَ ظهورُ ناقاتكْ
وأينَ الوشمُ فوقَ يديكَ.. أينَ ثقوبُ خيماتكْ
أيا متشّققَ القدمينِ.. يا عبدَ انفعالاتكْ
ويا مَن صارتِ الزوجاتُ بعضًا من هواياتكْ
تكدّسهنَّ بالعشراتِ فوقَ فراشِ ل ّ ذاتكْ
تحنّطهنَّ كالحشراتِ في جدرانِ صالاتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يا أيها اُلمتخمْ ؟
متى تفهمْ ؟
بأنّي لستُ مَن ﺗﻬتمّْ
بناركَ أو بجنَّاتكْ
وأن كرامتي أكرمْ..
منَ الذهبِ المكدّسِ بين راحاتكْ
وأن مناخَ أفكاري غريبٌ عن مناخاتكْ
أيا من فرّخَ الإقطاعُ في ذرّاتِ ذرّاتكْ
ويا مَن تخج ُ ل الصحراءُ حتّى من مناداتكْ
متى تفهمْ ؟
تمرّغ يا أميرَ النفطِ.. فوقَ وحولِ ل ّ ذاتكْ
كممسحةٍ.. تمرّغ في ضلالاتكْ
لكَ البترو ُ ل.. فاعصرهُ على قدَمي خليلاتكْ
كهوفُ الليلِ في باريسَ.. قد قتلتْ مروءاتكْ
على أقدامِ مومسةٍ هناكَ.. دفنتَ ثاراتكْ
فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ
كأنَّ حرابَ إسرائي َ ل لم تُجهضْ شقيقاتكْ
ولم ﺗﻬدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا
ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ
كأنَّ جميعَ من صُلبوا..
على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..
وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ
تغوصُ القدسُ في دمها..
وأنتَ صريعُ شهواتكْ
تنامُ.. كأنّما المأساُة ليستْ بعضَ مأساتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يستيق ُ ظ الإنسا ُ ن في ذاتكْ ؟
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:52
خبز وحشيش وقمر
عندما يُولدُ في الشرقِ الَقمرْ
فالسطوحُ البيضُ تغفو...
تحتَ أكداسِ الزَّهرْ
يتركُ الناسُ الحوانيتَ.. ويمضو َ ن زُمرْ
لملاقاةِ القمرْ..
يحملو َ ن الخبزَ، والحاكي، إلى رأسِ الجبا ْ ل
ومعدَّاتِ الخدرْ..
ويبيعو َ ن، ويشرو َ ن.. خيا ْ ل
وصُورْ..
ويموتو َ ن إذا عاشَ القمرْ
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ
ببلادي..
ببلادِ الأنبيْا..
وبلادِ البسطاءْ..
ماضغي التبغِ، وتجَّارِ الخدرْ
ما الذي يفعلهُ فينا القمرْ؟
فنضيعُ الكبرياءْ
ونعيشُ لنستجدي السماءْ
ما الذي عندَ السماءْ
ل ُ كسالى ضعفاءْ
يستحيلو َ ن إلى موتى..
إذا عاشَ القمرْ..
ويهزّو َ ن قبور الأولياءْ
عّلها..
ترزُقهم رزًّا وأطفا ً لا..
قبورُ الأولياءْ..
ويمدّو َ ن السجاجيدَ الأنيقاتِ ال ُ طررْ
يتسّلو َ ن بأفيونٍ..
نسمّيهِ قدرْ..
وقضاءْ..
في بلادي..
في بلادِ البسطاءْ..
أيُّ ضعفٍ وانحلا ْ ل
يتولانا إذا الضوءُ تدّفقْ
فالسجاجيدُ، وآلاف السلا ْ ل
وقداحُ الشاي.. والأطفال.. تحتلُّ التلا ْ ل
في بلادي..
حي ُ ث يبكي الساذجو ْ ن
ويعيشو َ ن على الضوءِ الذي لا يبصرو ْ ن
في بلادي..
حي ُ ث يحيا الناسُ من دونِ عيو ْ ن
حي ُ ث يبكي الساذجو ْ ن
ويصّلو َ ن، ويزنو َ ن، ويحيو َ ن اتّكا ْ ل
من ُ ذ أن كانوا.. يعيشو َ ن اتّكا ْ ل
وينادو َ ن الهلا ْ ل:
" يا هلا ْ ل..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشًا.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعّلقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس "
في ليالي الشرقِ ّلما
يبل ُ غ البدرُ تمامهْ..
يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
ونضالِ..
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ..
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ..
وفي يومِ القيامهْ..
الملايينُ التي لا تلتقي بالخبزِ.. إلا في الخيالِ
والتي تسكنُ في الليلِ بيوتًا من سعالِ..
أبدًا.. ما عرفتْ شك َ ل الدواءْ..
تتردّى..
جُثثًا تحتَ الضياءْ..
في بلادي..
حي ُ ث يبكي الساذجو ْ ن
ويموتو َ ن بكاءْ
كّلما طالعهم وجهُ الهلالِ
ويزيدو َ ن بكاءْ
كّلما حرّكهم عودٌ ذليلٌ.. و"ليالي"..
ذلكَ الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي".. وغناءْ
في بلادي..
في بلادِ البُسطاءْ..
حي ُ ث نجترُّ التواشيحَ الطويلهْ..
ذلكَ السلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيحُ الطويلهْ
شرُقنا اﻟﻤﺠترُّ.. تاريخًا.. وأحلامًا كسولهْ
وخُرافاتٍ خوالي..
شرُقنا، الباح ُ ث عن كلِّ بطولهْ
في (أبي زيدِ الهلالي)..
عبد الحليم القليعي
2009-03-25, 22:57
خمس رسائل إلى أمي
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبَّأ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأ ُ ﻧﻬرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابينًا منَ النعناعِ والزعتر
وليلكًة دمشقية..
أنا وحدي..
دخا ُ ن سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارَة التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العا َ لم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّ ُ ط شعريَ الأشقر
وتحم ُ ل في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ الس ّ كر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعَثر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسُة الس ّ كر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أبًا..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفّلة؟
ﺑﻬا أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلُة الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدّللها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبح ُ ث عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسأ ُ ل عن عباءتهِ..
وتسأ ُ ل عن جريدتهِ..
وتسأ ُ ل –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كّفيهِ..
دنانيرًا منَ الذهبِ..
سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تحتي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي
ولي ُ ل دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذﻧﻬا.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذ َ ن الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشات َ ل التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كّلها معنا..
أتى أيلو ُ ل يا أماهُ..
وجاء الحز ُ ن يحم ُ ل لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلو ُ ل.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ مترلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذي َ ل ق ّ طتهِ
وآك ُ ل من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعرًا
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طف ً لا جمي ً لا..
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...
السلام عليكم
مشكور اخي على هذه القاصائد الرائعة
تحياتي
عبد الحليم القليعي
2009-03-27, 14:37
أنا أيضا أشكر زيارتك ، تشرفت بك ، أتمنى أن تكون قد نالت اعجابك
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووور
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ر
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووور
ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااولدي مشكوووور.
انا كذالك احب اشعار نزار.
عبد الحليم القليعي
2009-03-28, 12:16
أنت أيضا مشكووووووووووووووووووووووووووورة
نورتينا بوجودك
عبد الحليم القليعي
2009-03-28, 21:04
دعوة اصطياف للخامس من حزيران
في ذآرى مرور خمس سنوات على نكسة حزيران ١٩٦
سنةٌ خامسةٌ.. تأتي إلينا
حام ً لا كيسكَ فوقَ الظهرِ، حافي القدمينْ
وعلى وجهكَ أحزا ُ ن السماواتِ، وأوجاعُ الحسينْ
سنلاقيكَ على كلِّ المطاراتِ.. بباقاتِ الزهورْ
وسنحسو –نخبَ تشريفكَ- أﻧﻬارَ الخمورْ
سنغنّيكَ أغانينا..
ونُلقي أكذبَ الأشعارِ ما بينَ يديكْ
وستعتادُ علينا.. مثلما اعتدنا عليكْ
نحنُ ندعوكَ لتصطافَ لدينا
مث َ ل كلِّ السائحينْ
وسنعطيكَ جناحًا ملكيًا
لكَ جهزناهُ من خمسِ سنينْ
سوفَ تستمتعُ بالليلِ.. وأضواء النيو ْ ن
وبرقصِ الجيركِ..
والجازِ..
وأفلامِ الشذو ْ ذ..
فهُنا.. لا نعرفُ الحز َ ن.. ولا من يحزنو ْ ن
سوفَ تلقى في بلاديَ ما يسرُّكْ:
شققًا مفروشًة للعاشقينْ
وكؤوسًا نُضّدت للشاربينْ
وحريمًا لأميرِ المؤمنين..
فلماذا أنتَ مكسورُ الجناحْ؟
أيها الزائرُ ذو الوجهِ الحزينْ
ولدينا الماءُ.. والخضرُة.. والبيضُ الملاحْ
ونوادي الليلِ تبقى عندنا مفتوحًة حتى الصباحْ..
فلماذا تتردّد؟
سوفَ ننسيكَ فلسطينَ..
ونستأص ُ ل من عينيكَ أشجارَ الدموعْ
وسنُلغي سورَة (الرحمن).. و(الفتح)..
ونغتا ُ ل يسوعْ..
وسنُعطيكَ جوازًا عربيًا..
شُطبتْ منهُ عباراتُ الرجوعْ
سنةٌ خامسةٌ..
سادسةٌ..
عاشرةٌ..
ما ﺗﻬمُّ السنواتْ؟
إنَّ كلَّ المدنِ الكبرى من النيلِ.. إلى شطِّ الفراتْ
ما لها ذاكرةٌ.. أو ذكرياتْ
كلُّ من سافرَ في التيهِ نسيناهُ..
ومن قدْ ماتَ ماتْ..
ما ﺗﻬمُّ السنواتْ؟
نحنُ أعددنا المنادي َ ل، وهيأنا الأكالي َ ل،
وألفنا جميعَ الكلماتْ
ونحتنا، قب َ ل أسبوعٍ، رخامَ الشاهداتْ
أيها الشرقُ الذي يأك ُ ل أوراقَ البلاغاتْ..
ويمشي –كخروفٍ- خلفَ كلِّ اللافتاتْ
أيها الشرقُ الذي يكتبُ أسماءَ ضحاياهْ..
على وجهِ المرايا..
وبطونِ الراقصاتْ..
ما ﺗﻬمُّ السنوات؟
ما ﺗﻬمُّ السنوات؟
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir