تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قُبِل المهر ... وزُفَّت العروس


الأمنيات
2012-11-27, 12:35
قُبِل المهر ... وزُفَّت العروس

روي أنه كان في البصرة نساءٌ عابدات ، و كانت منهن أم إبراهيم الهاشمية ، فأغار العدو على ثغرٍ من ثغور المسلمين ، فانتدب الناس للجهاد ، فقام عبد الواحد بن زيد البصري في الناس خطيباً ، فحظّهم على الجهاد ، و كانت أم إبراهيم هذه حاضرةً في مجلسه ، و تمادى عبد الواحد في كلامه ، ثم وصف حور العين وذكر ما قيل فيهن ، و أنشد في وصف حوراء :

غادة ذات دلالٍ و مــرح *** يجد الناعت فيها ما اقترحْ
خُلِقَت من كل شيء حسـنٍ *** طيّبٍ ، فاللَّيت فيها مطَّرحْ
زانها الله بوجهٍ جمعـــت *** فيه أوصافٌ غريباتُ الُملَح
ْ و بعينٍ كحلها من غنجها *** و بخدٍ مسكه فيه رَشَحْ
ناعمٌ تجري على صفحتــه *** نضرةُ المُلك و لألاءُ الفرحْ
فماج الناس بعضهم في بعض ، و اضطرب المجلس ، فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس ، وقالت لعبد الواحد : " يا أبا عبيد ، ألست تعرف ولدي إبراهيم ، و رؤساء أهل البصرة يخطبونه على بناتهم ، و أنا أضن به عليهم ، فقد والله أعجبتني هذه الجارية ، و أنا أرضاها عروسا لولدي ، فكرر ما ذكرت من حسنها وجمالها "..
فأخذ عبد الواحد في وصف الحوراء ، ثم أنشد :

تولًّد نورُ النور من نور وجههــــا *** فمازج طيب الطّيبِ من خالص العطرِ
فلو وطئت بالنعل منها على الحصى *** لأعشبت الأقطار من غير ما قَطْرِ
و لو شئتَ عَقْدُ الخِصْرِ منها عقدتُـه *** كغصنٍ من الريحان ذي ورقٍ خضرِ
و لو تفلتْ في البحر شهدَ رضابَهـا *** لطاب لأهل البَّر شربٌ من البحرِ
فاضطرب الناس أكثر ، فوثبت أم إبراهيم ، و قالت لعبد الواحد : " يا أبا عبيد ، قد و الله أعجبتني هذه الجارية و أنا أرضاها عروساً لولدي ، فهل لك أن تزوّجه منها ، و تأخذ مني مهرها عشرة آلاف دينار ، و يخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله يرزقه الشهادة ، فيكون شفيعا لي و لأبيه يوم القيامة ؟ " ..
فقال لها عبد الواحد : " لئن فعلتِ ، لتفوزنّ أنتِ و ولدكِ و أبو ولدكِ فوزاً عظيماً " . فنادت ولدها : " يا إبراهيم " ، فوثب من وسط الناس ، و قال لها : " لبيك يا أماه " ، قالت : " أي بني ، أرضيتَ بهذه الجارية زوجةً لك ، ببذل مهجتكَ في سبيل الله ، و تركِ العود من الذنوب ؟ "
فقال الفتى : " إي و الله ياأماه .. رضيتُ أي رضى " ، فقالت : " اللهم إني أشهدك أني زوجت ولدي بهذه الجارية ،ببذل مهجته في سبيلكَ ، و تركِ العود في الذنوب ، فتقبله مني يا أرحم الراحمين " .
ثم انصرفتْ ، فجاءت بعشرةِ آلافِ دينار ، و قالت : " يا أبا عبيد ، هذا مهرالجارية تجهّزْ به و جهّزِ الغزاةَ في سبيل الله " ، و انصرفتْ فاشترتْ لولدها فرساً جيداً و استجادتْ له سلاحاً ، فلما خرج إبراهيم يعدو و القراء حوله يقرءون : " إِنَّ الله اشتَرَى مِنَ الُمؤمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ بَأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ " ، فلما أرادت أم إبراهيم فراقَ ولدِها ، دفعتْ إليه كفناً وحنوطاً ، و قالت له : أي بني ، إذا أردت لقاءَ العدو فتكفّنْ بهذا الكَفَن ، وتحنًّطً بهذا الحنوط ، و إياك أن يراك الله مقصراً في سبيله ، ثم ضمَّتْه إلى صدرها و قبَّلَتْ ما بين عينيه و قالت : يا بني ، لا جمع الله بيني و بينك إلا بين يديه في عرصاتِ يوم القيامة !!
قال عبد الواحد : فلما بلغنا بلاد العدو ، و برزالناس للقتال ، برز إبراهيمُ في المقدمة فقتل من العدوِّ خلقاً كثيراً ، ثم اجتمعواعليه فقتلوه ..
فلما أردنا الرجوعَ إلى البصرة ، قلت لأصحابي : " لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها حتى ألقاها بحسن العزاء ، لئلا تجزعْ فيذهب أجرها "..
قال فلما وصلنا البصرة خرج الناس يتلقوننا ، و خرجت أم إبراهيم فيمن خرج، فلما أبصرتْني قالت : " يا أبا عبيد ، هل قُبِلَتْ مني هديتي فَأُهَنَّأ ، أم رُدَّتْ عَلَيَّ فَأُعَزَّى ؟" .. فقلتُ لها : " قد قُبِلَتْ و الله هديتكِ ، إن إبراهيم حي مع الشهداء - إن شاء الله - " ، فخرَّتْ ساجدةً لله شكراً ، و قالت : " الحمد لله الذي لم يخيِّب ظني ، وتَقَبَّلَ نُسُكي مِنِّي " .. و انصرفت ..
فلما كان من الغد أتت المسجد ، فقالت : " السلام عليكَ يا أبا عبيد ،بُشراكَ..بُشراكَ "، فقال : " لا زلتِ مبشِّرَةً بخير " ، فقالت : " رأيتُ البارحةَ ولدي إبراهيم في روضةٍ حسناءَ ، و عليه جبةٌ خضراءَ ، و هو على سريرٍ من لؤلؤٍ ، وعلى رأسه إكليلٌ ، و هو يقول لي :

" يا أمَّاه .. أبشري ..
فقد قُبِلَ المَهْرُ ..
وَ زُفَّتِ العروس
م/ق

الجليس الصلح
2012-11-27, 14:40
ما شاء الله قصة رائعة تحاكى عبر الأجيال لتكون مثال يحتدى به
بارك الله فيك

nono hydrau
2012-11-27, 15:08
شكرا فعلا قصة معبرة وذات مغزي
بارك الله فيك

nono hydrau
2012-11-27, 15:08
شكرا فعلا قصة معبرة وذات مغزي
بارك الله فيك

Lydia istanboul
2012-11-27, 15:20
اللهم اهدني فيمن هديت....بارك الله فيكم.

الأمنيات
2012-11-27, 16:04
بارك الله فيكم واسعد الله ايامكم

tinza
2012-11-27, 16:41
بارك الله فيك
أروع قصة قرأتها في حياتي
ألف شكر

الأمنيات
2012-11-27, 17:58
الاروع هو مرورك اختي شكرالك

ميمي مانو
2012-11-27, 18:11
قصة رائعة اللهم اهدنا وارزقنا الصبر

الأمنيات
2012-11-27, 19:49
بارك الله فيكم واسعد الله ايامكم

المدينة البيضاء
2012-12-02, 16:55
قصة اكثر من رائعة
بارك الله فيك

عثمان13
2012-12-02, 22:25
قصة رائعة مؤثرة نستخلص منها الكثير من الدروس في الحياة من صبر وطاعة ورضى وجزاء ,,, بارك الله فيك

الأمنيات
2012-12-04, 11:47
بارك الله فيكم واسعد الله ايامكم

عاشق السنبلة
2012-12-05, 23:07
موضوع اكثر من رائع..بوركتم

الأمنيات
2012-12-06, 15:14
بارك الله فيكم واسعد الله ايامكم

رباب08
2013-01-23, 15:18
مشكورة حبيبتي على القصة المعبرة والله قصة مؤثرة جدا
لكن عندي انتقاد صغير وارجو ان تفسيري لي ان لك اكن على صواب
لما شبهت ام ابراهيم حور العين بالجواري عن نفسي لم يعجبني هذا التشبيه

الأمنيات
2013-04-10, 09:51
شكرا لك اختي لا اعرف اختي السبب التشبيه الموضوع منقول اصلا ربي يبارك فيك

barodia
2013-04-10, 10:29
شكرا لك اختي ماشاء الله