المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : براءة الاسلام ممن يختطف الأجانب ويقتلهم.


قطــــوف الجنــــة
2012-11-12, 07:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صفة الجهاديين أقول
هم للفتنة مشيدون
وللكتاب مسلمون
وللسنة تاركون
وللجهاد الباطل قانتون
وللجهاد الحق قانطون
ولشيوخ الضلال متابعون
إذا عن أي إسلام تتحدثون؟
وسنة من تتبعون؟http://www.youtube.com/watch?v=zD4XjJEo170

http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/527288_131249843689458_26200123_n.jpg

ashplayer (http://get.adobe.com/flashplayer/)

/ (http://get.adobe.com/flashplayer/)http://external.ak.fbcdn.net/safe_image.php?d=AQD1ACcJCs8EWgbx&url=http%3A%2F%2Fvthumb.ak.fbcdn.net%2Fhvthumb-ak-prn1%2Fs403x403%2F574056_294005857355140_294005277 355198_62018_1428_b.jpg&jq=100http://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/486344_331140896983761_315308371_n.jpg

قطــــوف الجنــــة
2012-11-12, 08:30
http://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/75127_206388172826580_1630453226_n.jpgه

هل هذا من الاسلام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والخوارج لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع الدجال ففي سنن النسائي [22] بسند صحيح كما قال الحافظ:
" لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَخْرُجَ آخِرُهُمْ مَعَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ " .

قطــــوف الجنــــة
2012-11-12, 08:34
سؤال محير ......????????????

لماذا الإنتحاري عندما يقدم على عملية ارهابية يضع كاميرا أمامه للتصوير و يضع كلاشينكوف بجنبه ويضع عبوة ناسفة في بطنه .....ثم يخطب ويقول الموت لامريكا وبني صهيون والعزة للمسلمين ??????????

ثم يذهب ويفجر عناصر من الشرطة أو الجيش المسلمين .....

من يجيبني لماذا يا ترى ??????????ربما عباقرة المنتدى الذي عهدناهم يعطيوني جواب لسؤالي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
http://sphotos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/384680_337979936291065_6173661_n.jpg

قطــــوف الجنــــة
2012-11-12, 08:37
http://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/396510_536773453006149_712524621_n.jpg
[عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اجْتَمَعُوا فِى دَارٍ وَهُمْ سِتَّةُ آلاَفٍ أَتَيْتُ عَلِيًّا رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالظُّهْرِ لَعَلِّى آتِى هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ فَأُكَلِّمُهُمْ.
... قَالَ: إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكَ.
قَالَ قُلْتُ: كَلاَّ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ آتِيهُمْ وَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ فَأَتَيْتُهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِى دَارٍ وَهُمْ قَائِلُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ
فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ فَما هَذِهِ الْحُلَّةُ؟
قَالَ قُلْتُ: مَا تَعِيبُونَ عَلَىَّ لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الْحُلَلِ وَنَزَلَتْ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
قَالُوا: فَمَا جَاءَ بِكَ؟
قُلْتُ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ صَحَابَةِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لأُبْلِغَكُمْ مَا يَقُولُونَ وَتُخْبِرُونِى بِمَا تَقُولُونَ فَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ
وَهُمْ أَعْلَمُ بِالْوَحْىِ مِنْكُمْ وَفِيهِمْ أُنْزِلَ وَلَيْسَ فِيكُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ تُخَاصِمُوا قُرَيْشًا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَتَيْتُ قَوْمًا لَمْ أَرَ قَوْمًا قَطُّ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ مُسَهَّمَةٌ وُجُوهُهُمْ مِنَ السَّهَرِ كَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ وَرُكَبَهُمْ ثَفِنٌ عَلَيْهِمْ قُمُصٌ مُرَحَّضَةٌ
قَالَ بَعْضُهُمْ: لَنُكَلِّمَنَّهُ وَلَنَنْظُرَنَّ مَا يَقُولُ.
قُلْتُ: أَخْبِرُونِى مَاذَا نَقَمْتُمْ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصِهْرِهِ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ
قَالُوا: ثَلاَثًا.
قُلْتُ: مَا هُنَّ؟
قَالُوا: أَمَّا إِحْدَاهُنَّ فَإِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِى أَمْرِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} وَمَا لِلرِّجَالِ وَمَا لِلْحُكْمِ.
فَقُلْتُ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ.
قَالُوا: وَأَمَّا الأُخْرَى فَإِنَّهُ قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ فَلَئِنْ كَانَ الَّذِينَ قَاتَلَ كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّ سَبْيُهُمْ وَغَنِيمَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ مَا حَلَّ قِتَالُهُمْ
قُلْتُ: هَذِهِ ثِنْتَانِ فَمَا الثَّالِثَةُ؟
قَالُوا: إِنَّهُ مَحَا اسْمَهُ مِنْ أمير الْمُؤْمِنِينَ فإن لم يكن أمير المؤمنين فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ.
قُلْتُ: أَعِنْدَكُمْ سِوَى هَذَا؟
قَالُوا: حَسْبُنَا هَذَا.
فَقُلْتُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَمِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يُرَدُّ بِهِ قَوْلُكُمْ أَتَرْضَوْنَ؟
قَالُوا: نَعَمْ
فَقُلْتُ لَهُمْ: أَمَّا قَوْلُكُمْ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِى أَمْرِ اللَّهِ فَأَنَا أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ مَا قَدْ رُدَّ حُكْمُهُ إِلَى الرِّجَالِ فِى ثَمَنِ رُبُعِ دِرْهَمٍ فِى أَرْنَبٍ وَنَحْوِهَا مِنَ الصَّيْدِ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إِلَى قَوْلِهِ {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} فَنَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ أَحُكْمُ الرِّجَالِ فِى أَرْنَبٍ وَنَحْوِهَا مِنَ الصَّيْدِ أَفْضَلُ أَمْ حُكْمُهُمْ فِى دِمَائِهِمْ وَإِصْلاَحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ وَأَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَحَكَمَ وَلَمْ يُصَيِّرْ ذَلِكَ إِلَى الرِّجَالِ وَفِى الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهُمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} فَجَعَلَ اللَّهُ حُكْمَ الرِّجَالِ سُنَّةً مَاضِيَةً أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ قَاتَلَ فَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ أَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ ثُمَّ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا يُسْتَحَلُّ مِنْ غَيْرِهَا فَلَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ كَفَرْتُمْ وَهِىَ أُمُّكُمْ وَلَئِنْ قُلْتُمْ لَيْسَتْ بِأُمِّنَا لَقَدْ كَفَرْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} فَأَنْتُمْ تَدُورُونَ بَيْنَ ضَلاَلَتَيْنِ أَيَّهُمَا صِرْتُمْ إِلَيْهَا صِرْتُمْ إِلَى ضَلاَلَةٍ فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ
قُلْتُ: أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟
قَالُوا: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا آَتِيكُمْ بِمَنْ تَرْضَوْنَ أُرِيكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كَاتَبَ الْمُشْرِكِينَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ «اكْتُبْ يَا عَلِىُّ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ». فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا قَاتَلْنَاكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى رَسُولُكَ اكْتُبْ يَا عَلِىُّ هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». فَوَاللَّهِ لَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْرٌ مِنْ عَلِىٍّ وَمَا أَخْرَجَهُ مِنَ النُّبُوَّةِ حِينَ مَحَا نَفْسَهُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَرَجَعَ مِنَ الْقَوْمِ أَلْفَانِ وَقُتِلَ سَائِرُهُمْ عَلَى ضَلاَلَةٍ.] ا.هـ

أخرجها النسائى فى السنن الكبرى والبيهقى فى السنن والحاكم فى المستدرك والطبرانى فى معجمه الكبير وعبد الرزاق فى المصنف.
هو صحيح على شرط الشيخان ولم يخرجاه وقال الوادعي حسن على شرط مسلم في صحيح المسند برقم 711
مشاهدة المزيدhttp://sphotos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/522754_284318388323887_1979594915_n.jpg

قطــــوف الجنــــة
2012-11-12, 09:00
http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/486353_446321835401676_1338754460_n.jpghttp://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/552824_380337645356374_1126707328_n.jpghttp://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/575103_3422820654141_1180268184_n.jpghttp://sphotos-d.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/547136_475636652450236_859147594_n.jpghttp://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/285779_244777062298788_467496711_n.jpghttp://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/430724_364265336927354_696506123_n.jpghttp://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/229292_427558877306931_1714035998_n.jpghttp://sphotos-e.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-prn1/36587_270439069741810_731885464_n.jpghttp://sphotos-d.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/644620_470331813000678_701440484_n.jpghttp://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/399432_446568452043681_1860021390_n.jpghttp://sphotos-e.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/253095_391028104303400_2145946275_n.jpghttp://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-prn1/485772_407894082564479_61406331_n.jpgالى المدعو وقت وهو متأخر
شأنك كشأن الذئب السباع تفترس وهو يأكل الجيف
يعني كل مرة نروك مع جيفة تأكل فيها
وتنتظر حتى تتأخر السياع وتأتي مذلولا لتأكل تلك الجيفة كل الجيف ذقت منها الاخوان والاشاعرة والروافض والملحدين والخوارج وووووووو
على الاقل افترس وكل كما هم
http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/421435_430163117017548_1292810831_n.jpg

وقت
2012-11-12, 22:55
http://upload.traidnt.net/upfiles/NRT55991.jpg

شمس الدين
2012-11-12, 23:36
هُ وَلَنَنْظُرَنَّ مَا يَقُولُ.

مشاهدة المزيدhttp://sphotos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/522754_284318388323887_1979594915_n.jpg

سوف أرد على هذه خاصة فإنني أحار هل مازلتم متشبثين بهذه الرواية
إما ضلالكم ترككم متشبتين بها أو أنكم تتعمدون الكثب
__________________________________________________ ______________________
المقدمة الأولى؛ تحرير ما جاء عن ابن عباس في ذلك
لقد اعتمد الشيخ في كلامه على ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} المائدة: 44. من قوله رضي الله عنهما: ( كفر دون كفر )، أو (ليس الكفر الذي تذهبون إليه).

وأقول:

قد وردت آثار عن ابن عباس في هذه الآية وفي بعضها إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله وفي بعضها الآخر ما يفيد التفصيل المشهور في تفسير الآية الكريمة.

أ) فقد أخرج وكيع في أخبار القضاة (1/41): حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: (سئل ابن عباس عن قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: كفى به كفره).

وهذا الأثر صحيح الإسناد إلى ابن عباس رضي الله عنهما؛ رجاله رجال الصحيح ما خلا شيخ وكيع: الحسن بن أبي الربيع الجرجاني وهو ابن الجعد العبدي. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات[11]، وقال الحافظ في التقريب (1/505): (صدوق).

وبنفس إسناد وكيع أخرجه ابن جرير (12055) لكن بلفظ: (هي به كفر، قال ابن طاووس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه)، فهذه الرواية صريحة في أن ابن عباس رضي الله عنهما قد أطلق الكفر في حق من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل وأن زيادة (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله) ليست من قول ابن عباس إنما هي من قول ابن طاووس.

ب) نعم قد جاءت الزيادة معزوة لابن عباس في رواية أخرى وهي التي أخرجها ابن جرير (12053) حدثنا هناد قال حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن سفيان عن معمر بن راشد عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: (هي به كفر وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله).

وهذا إسناده صحيح أيضاً رجاله رجال الكتب الستة ما خلا هناد و ابن وكيع، فأما هناد فهو السري الحافظ القدوة روى عنه الجماعة سوى البخاري. وأما ابن وكيع فهو سفيان بن وكيع بن الجراح قال الحافظ في التقريب (1/312): (كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه) أهـ غير أن ذلك لا يضر فقد تابعه هناد كما ترى.

والحاصل:

أن هذه الزيادة جاءت معزوة لطاووس في رواية عبدالرزاق بينما جاءت معزوة إلى ابن عباس في رواية سفيان الثوري مما قد يحمل على القول بأنها ليست من كلام ابن عباس وإنما جاءت مدرجة في رواية سفيان، وهذا محتمل خصوصاً وأن وكيعاً قد أخرج الأثر في أخبار القضاة بدون هذه الزيادة كما سبق، لكن لا يمكن الجزم بذلك فمن الممكن أن تكون الزيادة ثابتة من قول ابن عباس وابن طاووس كليهما وهو الأظهر والله أعلم.

ج) وقد أخرج الحاكم (2/313) من طريق هشام بن حجير عن طاووس قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما : (إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه إنه ليس كفراً ينقل عن الملة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون كفر دون كفر).

قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد). وأخرجه أيضاً ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (2/62) من طريق هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال: (ليس بالكفر الذي يذهبون إليه).

وهشام بن حجير متكلم فيه فقد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما[12] وأورده ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (7/2569) وكذلك أورده العقيلي في الضعفاء الكبير (4/238) ولم يوثقه إلا المتساهلون كالعجلي وابن سعد، وأخرج له البخاري ومسلم متابعة لا استقلالاً، فأما البخاري فلم يخرج له إلا حديثه عن طاوس عن أبي هريرة (6720) في قصة سليمان عليه الصلاة والسلام وقوله (لأطوفن الليلة على تسعين امرأة..) الحديث وقد أخرجه برقم (5224) بمتابعة ابن طاوس له عن أبيه عن أبي هريرة، وأما مسلم فقد روى له حديثين أحدهما حديث أبي هريرة السابق برقم (1654) وذلك أيضاً بمتابعة ابن طاوس عن ابيه في نفس الموضع، والحديث الثاني هو حديث ابن عباس قال: (قال لي معاوية: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص... الحديث) فقد أخرجه برقم (1246) من طريق هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس وقد تابعه في نفس الموضع الحسن بن مسلم عن طاوس، وقال أبوحاتم: يكتب حديثه (تهذيب التهذيب6/25) أي وينظر هل توبع فيقبل حديثه أم لا فيرد؟

قلت: وهذا الحديث مما لا نعلم له فيه متابعاً، ففي النفس من صحته شيء وإن صححه الحاكم فإنه معروف بتساهله رحمه الله.

د) وأخرج ابن جرير (12063) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (من جحد ما أنزل الله فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق).

وهذا منقطع فإن علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس كما أنه متكلم فيه[13] وفيه أيضاً عبدالله بن صالح كاتب الليث وقد اختلف فيه والأكثرون على تضعيفه.

قلت: فتحصل من ذلك أن مما ينسب إلى ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية ما لا يصح سنده ومنه ما يصح، وما صح عنه ففي بعضه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله بغير تفصيل وفي بعضه زيادة (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله)، وإن كانت قد ثبتت أيضاً من قول ابن طاووس كما أسلفنا.

وإذن فالوارد عن ابن عباس رضي الله عنهما لا يخلو من كلام وأخذ ورد وعليه فإنه لو افترضنا أن مسلماً قد وقف عند ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله لكان له عذره في ذلك، نقول هذا مع ميلنا كما أسلفنا إلى ثبوت الزيادة المذكورة آنفاً عنه.

شمس الدين
2012-11-12, 23:39
(2) أثر ابن عباس رضي الله عنه: "كفر دون كفر" الإشكال الثاني:

وهو أثر ابن عباس رضي الله عنه أنه قال؛ "كفر دون كفر"، وفي رواية "ليس الكفر الذي تذهيون إليه"، ورواية "ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه"، وهي من طرق، والرد عليها من وجوه:

أولاً: وجد من يخالف ابن عباس من الصحابة، هذا على فرض صحة ما ورد عنه، ولم يصح قطعاً كما سيأتي، وهو ابن مسعود رضي الله عنه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد) - أي ابن مسعود -

وهو القائل: (والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه)، فقد أقسم بالله أنه لا يعلم من هو أعلم منه بكتاب الله.

ثانياً: الإجماع المنقول عن إسحاق رحمه الله تعالى المخالف لمفهوم هذه الرواية.

ثالثاً: القرائن من كتاب الله تدل على أن المقصود بالكفر هو الكفر الأكبر وليس الأصغر من حيث أنها عبادة من أصل التوحيد إطلاقها والأصل في الكفر إذا عُرّف باللام أنه الكفر الأكبر، كما قرر هذا شيخ الإسلام رحمه الله في الاقتضاء [1/208] "إلا إذا قيد أو جاءت قرينة تصرفه عن ذلك".

وقال رحمه الله تعالى: (وذلك أن اللام في لغة العرب هي للتعريف فتنصرف إلى المعروف عند المتكلم والمخاطب، وهي تعم جميع المعروف، فاللام في القول تقتضي التعميم والاستغراق، لكن عموم ما عرفته وهو القول المعهود المعروف بين المخاطب والمخاطب) [الاستقامة ج1/ص 222].

رابعاً: وهي قضية القضايا، ورحى المسألة، وفصل الزبد عمَّا ينفع الناس، في الأثر الوارد عن ابن عباس رضي الله عنه بألفاظ مختلفة فهي حرِية بفرزِ غثِّها عن سمِينِها، وصفاءِها عن كدرِها، فندرس أسانيدها دراسة علمية موثقة على نهج أهل الحديث، سلفهم ومن وافقهم من خلفهم، آخذين ما لنا وما علينا، نقول وبا لله التوفيق:

الرواية الأولى: (من جحد ما أنزلت فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق):

عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}: (من جحد ما أنزلت فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق)؛

نقول؛ هذه الرواية أخرجها الطبري في جامع البيان [6/166]، وابن أبي جاتم في التفسير [4/1142]. وهي من طريق معاوية بن صالح عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس به؛ وهي طريق معلولة بعلتين؛

العلة الأولى: معاوية بن صالح ضعيف، قال العلماء فيه ما نصه:

قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد؟ فقال: (كان أول أمره متماسك ثم فسد بآخره، وليس هو بشيء)، قال ابن المديني: (لا أروي عنه شيئاً)، وقال النسائي: (ليس بثقة)، قال أحمد بن صالح: (متهم ليس بشيء)، قال صالح جزرة: (كان ابن معين يوثقه، وهو عندي يكذب في الحديث)، قال أبو زرعة: (لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب وكان حسن الحديث)، قال أبو حاتم: (صدوق أمين ما علمته).

فالأئمة الكبار كأحمد وابن المديني والنسائي وأحمد بن صالح وصالح جزرة ضعفوه.

العلة الثانية: الانقطاع بين ابن أبي طلحة وابن عباس، فهو لم يسمع منه، قال ذلك؛ ابن معين ودُحيم وابن حبان وغيرهم.

وأما قولهم؛ بينهما مجاهد وعكرمة، فهذا لا يصح لوجهين:

الوجه الأول: أن الذي أثبت سماعه مجهول من مجاهد وعكرمة، فقد ذكر ذلك المزي في "تهذيب الكمال" وقال: (بينهما مجاهد)، ولم يعزو ذلك لأحد ممن عاصر ابن أبي طلحة أو إمام من أئمة الجرح والتعديل، وأما ما جاء عن الطحاوي في "مشكل الآثار" فهو لا يُفرح به أبداً لأنه نسب ذلك لبعض العلماء ولم يسم منهم أحدا بل هو نفسه نقد مثل هذه الرواية، فإليك كلامه: (من خبر ابن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون إنه صحيح وإن علي بن أبي طلحة وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما) [شرح معاني الآثار ج 3 ص 279].

أقول: فهل سمى أحدا من أهل العلم الذين عاصروا ابن أبي طلحة وعرفوه حق المعرفة؟ وهل مجرد العزو للمجهول يعتبر حجة؟

علما أن الطحاوي رحمه الله تعالى يقول كما هو مبين أعلاه: (وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله)، فهو يقصد الانقطاع الوارد بين ابن أبي طلحة وابن عباس، السماع لم يثبت بيقين قطعاً قطعاً.

الوجه الثاني: أن نفي السماع المطلق ورد من كلام الأئمة الأثبات، وخص يعقوب بن إسحاق عدم سماع الصحيفة بقوله: عندما سأل صالح بن محمد ممن سمع التفسير؟ قال: (من لا أحد) [أنظر تهذيب الكمال ج 2/ص 974]، فلا يزول هذا إلا بيقين، فاليقين لا يزول بالظن عما هو متقرر.

أما قولهم؛ هي وجادة، فهذا القول أوهن من بيت العنكبوت لأن شروط الوجادة لا تنطبق عليها قطعاً ولا يستحق النقاش ،لأن هذا من رمي الكلام على عواهنه فحقه إهماله قربى.

كذلك علي بن أبي طلحة هذا يروي المنكرات، وقد روى في هذه الصحيفة من المنكرات الشي الكثير، كان يأتي بما ينكر عليه وما يتفرد بمعناه عن سائر أصحاب ابن عباس، كما قال الإمام أحمد أن له منكرات.

وإليك بعض الأدلة:

ما أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات [81]، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" [2/201] من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ} [النور: 35] يقول: (الله سبحانه وتعالى هادي أهل السموات والأرض، {مَثَلُ نُورِهِ} مثل هداه في قلب المؤمن، كما يكاد الزيت الصافي يضيئ قبل أن تمسه النار، فإذا مسته ازداد ضوءاً على ضوءٍ).

ومنها ما أخرجه الطبري في مواضع من تفسيره [8/115]، والبيهقي في "الأسماء والصفات" [94] بهذا لإسناد مرفوعاً في قوله تعالى: {المص}، {كهيعص}، {طه}، {يس}، {ص}، {طس}، {حم}، {ق}، {ن}، ونحو ذلك، قال: (قسمٌ أقسمه الله تعالى، وهو من أسماء الله عزّ وجلّ)، وهذا خبر منكر، فسبحان الله! كيف هذا يصح عند العقلاء؟ هل سمع الأنام أن قاف وصاد ونون من أسماء الله تعالى؟ بمعنى إذا دعوت الله تقول يا قاف ويا صاد! الله المستعان.

كذلك روى ابن الحكم كما نقل السيوطي في "الإنقان" [2/189] عنه أن الشافعي قال: (لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث)، أقول: كيف وفي الصحيفة ما يزيد على ألف وأربع مائة رواية؟!

فخلاصة القول؛ أن هذا لأثر لا يثبت قطعاً على منهاج المحدثين من علماء الجرح والتعديل كما هو ظاهر لكل طالب حق، وناشد هدى.

الرواية الثانية: (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله):

وهي تعد من المشكلات، وهي عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. قال: (هي به كفر)، (وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله)، وقد جاء هذا اللفظ عند الطبري من كلام ابن عباس رضي الله عنه فيما يظهر على من لم تظهر له العلة؛ وهو من طريق سفيان عن معمر بن راشد عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس، وجاء من كلام عبد الله بن طاوس رحمه الله، ولكن مقتضى علم الحديث يصرخ بأن هذه اللفظة من كلام ابن طاوس وليست من كلام ابن عباس رضي الله عنه، فهي مدرجة، وذلك من وجوه:

الوجه الأول: أن الذي روى هذه الزيادة من كلام ابن عباس هو سفيان عن معمر بن راشد ، وقد خالفه فيها عبد الرزاق ففصلها وبين أنها من كلام طاوس.

قال عبد الرزاق: اخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله {فأولئك هم الكافرون}؟ قال: (هي به كفر)، قال ابن طاوس: (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله). فتبين أن ابن طاوس هو قائلها لا ابن عباس.

الوجه الثاني: أن أئمة الحديث قالوا: إذا اختلف أصحاب معمر فالقول لعبد الرزاق، ذكر ذلك إمام العلل والجرح والتعديل وصاحب المعرفة والمعاصرة بعبد الرزاق الصنعاني، فقال محمد بن سهل بن عسكر: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (إذا اختلف أصحاب معمر في حديث معمر فالحديث حديث عبد الرازاق) [تاريخ أسماء الثقات ج 1 ص 1800].

كذلك الحافظ ابن حجر رجح رواية عبد الرزاق عن معمر عن رواية عبد الأعلى عن معمر - وما أدراك ما عبد الأعلى؟ ثقة من رجال الجماعة - وإليك البينة؛ قال رحمه الله تعالى: (ووقع عند النسائي أيضا في حديث الزهري من رواية عبد الأعلى عن معمر زيادة البطة بين الكبش والدجاجة لكن خالفه عبد الرزاق، وهو أثبت منه في معمر، فلم يذكرها) [فتح الباري ج 2 ص 368]، لذلك يؤكد ابن عبد البر رحمه الله تعالى هذا فيقول: (وأبان ليس بحجة ولا تقبل زيادته على عبدالرزاق لأن عبدالرزاق أثبت الناس في معمر) [التمهيد ج 6 ص 410]، علماً أن أبان هذا ثقة له أفراد من رجال الصحيحين.

وقال عباس الدوري عن ابن معين: (كان عبد الرزاق أثبت في حديث معمر) [تهذيب التهذيب ج 6 ص 279]، وقال يعقوب بن شيبة: (عبد الرزاق أثبت في معمر جيد الإتقان).

فتأمل أخي القارىء الكريم كيف رجح الأئمة الكبار كأحمد وابن معين وابن عبد البر ويعقوب وابن حجر رواية عبد الرزاق عن غيره، وكيف يستميت القوم الذين يؤيدون مذهب الإرجاء في مخالفة الأئمة، فالله المستعان.

الوجه الثالث: أن الرواية الصحيحة الثابتة هي رواية عبد الرزاق المطلقة التي تقرر "هي به كفر"، دون الزيادة المدرجة في رواية سفيان؛ "وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله"، وهذا مقتضى كلام الإمام أحمد وابن معين ويعقوب وابن عبد البر وابن حجر.

الوجه الرابع: ما قرره أئمة الحديث في المدرج ينطبق تمام المطابقة على هذه الرواية.

قال الذهبي رحمه الله تعالى: (المدرج هو ألفاظ تقع من بعض الرواة متصلة بالمتن لا يبين للسامع إلا أنها من صلب الحديث، ويدل دليل علي أنها من لفظ راوي، يأتي الحديث من بعض الطرق بعبارة تفصل هذا من هذا).

وهنا جاءت رواية تفصل هذا من هذا ممن هو أوثق وأحفظ للرواية من المخالف.

فخلاصة هذه الرواية؛ أنها مدرجة من كلام ابن طاوس، وابن عباس رضي الله عنه بَرِيءٌ منها.

الرواية الثالثة: (كفر دون كفر):

لفظة "كفر دون كفر" عن ابن عباس أخرجها المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" [2/521]، والحاكم في مستدركه [2/313] من طريق هشام بن حُجَير عن طاووس عن ابن عباس: (إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة، {فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر)، وزاد بعضهم: (وظلم دون ظلم وفسق دون فسق).

لا تصح، في سندها هشام ابن حجير ضعفه ابن معين وأحمد وغيرهما وقد تفرد بها دون سواه، فهي منكرة لسببين:

السبب الأول: تفرد هشام بها.

السبب الثاني: مخالفته من هو أوثق منه، فقد خالف عبد الله بن طاوس وهو أوثق منه، ورواية ابن طاوس جاءت بألفاظ هي؛ "هي كفر"، وفي لفظ: "هي به كفر"، وآخر: "كفى به كُفْره"، رواه عبدالرزاق في تفسيره [1/191]، وابن جرير [6/256]، ووكيع في "أخبار القضاة" [1/41] وغيرهم، بسند صحيح، وهي مطلقة واضحة لم تقيد بما ذكره ابن حجير بالزيادة، فيتضح أن هذه الرواية أيضاً لا تصح، فهي منكرة لا تصلح في الشواهد.

الرواية الرابعة: (ليس الكفر الذي يذهبون إليه):

" ليس الكفر الذي يذهبون إليه"؛ فهي من طريق هشام بن حجير، فقد ضعفه الكثير من الأئمة، قال علي بن المديني: (قرأت على يحي بن سعيد: ثنا بن جريج عن هشام بن حجير حديثا، قال: "يحي بن سعيد؛ خليق أن أدعه". قلت: "أضرب على حديثه؟"، قال: "نعم"). قال بن عدي: (كتب إلي محمد بن الحسن: ثنا عمرو بن علي سمعت يحي، سئل عن حديث هشام بن حجير؟ فأبى أن يحدث به ولم يرضه)، قال عبد الله بن أحمد: (سألت يحي عن هشام بن حجير فضعفه جداً)، وقال سمعت أبي يقول: (هشام بن حجير مكيٌ ضعيف الحديث).

أما توثيق هؤلاء الأئمة له - كابن حبان، وابن سعد، وابن شاهين والعجلي - فهو لا شيء عند علماء الجرح والتعديل الذين عليهم التعويل في مثل هذا الخلاف - كأحمد وابن المديني وابن سعيد - فهم أئمة الدنيا في هذا الفن، خصوصاً وقد تفرد بها هشام ولم يتابعه عليها في الصحيح أحد، ولذلك يقول سفيان مبرراً سبب روايته عن هشام ما نصه: (لم نأخذ منه إلا ما لا نجد عند غيره)، إذاً فكل ما رواه سفيان عن هشام هو من هذا القبيل، فكيف يدعى المتابعة عليه؟!

الرواية الخامسة: (كفر لا ينقل عن الملة):

"لا ينقل عن الملة"؛ فهي رواية ضعيفة، وهي من طريق محمد بن يحي حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن رجل عن طاوس عن ابن عباس في قوله {فأولئك هم الكافرون}، قال: (كفر لا ينقل عن الملة)، وفيها مبهم كما هو بين.

إذاً يتقرر أن الثابت حتماً من غير شك؛ عن ابن عباس والذي لا يدخله النقد هو "هو به كفر"، الذي رواه عبد الرزاق وغيره بسند صحيح لا يدخله الريب، فهو العمدة والأصل، ومن هنا ينظم إلى قائمة السلف ابن عباس رضي الله عنه، وما جاء عن طاوس خلافه فهو لا يخرق إجماعاً قد انعقد.

خامساً: هذه الرواية على ما تحمل من أهمية بالغة وتحديد مصير ومنهجية شرعية وتأويل عن الظاهر كان حري وحري بأئمة الحديث أن يتسابقوا عليها كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابو داود والدارمي والطيالسي وغيرهم الجم الكثير والكثير من أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم ولا يخلو منها تفسير أبداً لأهميتها المتناهية، خصوصاً وقد نقل الإمام ابن راهويه الإجماع على خلافها، فإعراضهم عنها عجيب جداً، وإن كان أحمد رحمه الله تعالى رواها في الإيمان من طريق هشام الذي ضعفه هو، وكذا سعيد ابن منصور وابن بطة والحاكم والبيهقي والمروزي، فإن إعراض أهل الصحاح عنها مريب وعجيب وغريب جداً، مما يؤيد التضعيف المطلق لها، وليس هذا والله انتصاراً للنفس أو للمذهب أو لفكر، فليس من الدين أن ينتصر لمذهب على سبيل الفساد بين العبد وخالقه سبحانه.

شمس الدين
2012-11-12, 23:43
(3) مناظرة المأمون للخارجي الإشكال الثالث:

ما رواه البغدادي في "تاريخ بغداد" [ج 10/ص 186]: أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل أخبرنا أبو بكر بن دريد أخبرنا الحسن بن خضر، قال: سمعت بن أبي داود يقول: (أدخل رجل من الخوارج على المأمون، فقال: "ما حملك على خلافنا؟"، قال: "آية في كتاب الله تعالى"، قال: "وما هي قال؟"، قوله {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، فقال له المأمون: "ألك علم بأنها منزلة؟"، قال: "نعم"، قال: "وما دليلك؟"، قال: "إجماع الأمة"، قال: "فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل"، قال: "صدقت! السلام عليك يا أمير المؤمنين").

نقول هذا لا يثبت، في سنده محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية؛ أبو بكر الأزدي، قال أبو منصور الأزهري اللغوي: (دخلت على بن دريد فرأيته سكران) [لسان الميزان ج 5/ص 133].

أقول: فالله أعلم ما حاله لما روى هذا الإجماع المخالف لإجماع السلف المنقول عن الأثبات.

وقال أبو ذر الهروي: سمعت بن شاهين يقول: (كنا ندخل على بن دريد ونستحيى منه مما نرى من العيدان معلقة والشراب المصفى، وقد كان جاوز التسعين)، وقال مسلمة بن القاسم: (كان كثير الرواية للأخبار وأيام الناس والأنساب، غير انه لم يكن ثقة عند جميعهم وكان خليعا) [نفس المرجع].

شمس الدين
2012-11-12, 23:44
إشكاليات والرد عليها؛ (1) قالوا: لا بد من الإستحلال الإشكال الأول:

قالوا لا بد من الإستحلال، وهذا خطير فإن الإنسان يكفر بالعمل ولا يشترط الإعتقاد فإبليس امتنع فقط عن السجود تكبراً وهذا عمل والصلاة من الأعمال فمن تركها غير جاحد كفر كما أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وخصوصاً إن ورد نص على أن ترك هذا العمل مكفر كالحكم والصلاة فقد ورد فيهما نص، فتأمل هذا الكلام، وقد ورد الإجماع عن إسحاق بالكفر في الحكم كما ورد في الصلاة.

وهذا القول هو من أقوال المرجئة.

إليك الدليل من كلام السلف رحمهم الله تعالى:

قال الامام إسحاق بن راهويه: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم ان قوما يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود بها لا نكفره يرجى أمره الى الله بعد اذ هو مقر فهؤلاء الذين لا شك فيهم يعني في أنهم مرجئة) [فتح الباري لابن رجب 1/23].

وجاء في السنة لعبد الله بن احمد عن سويد بن سعيد الهروي، قال: سألنا سفيان بن عيينة عن الارجاء؟ فقال: (...والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا اله إلا الله مصرا بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم وليس بسواء، لان ركوب المحارم من غير استحلال معصية وترك الفرائض متعمدا من غير جهل ولا عذر هو كفر) [السنة 1/347].

شمس الدين
2012-11-13, 00:31
قال الإمام البخاري في «الجامع الصحيح المختصر»: [حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال أخبرني الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، زمن الحديبية]، فساق الحديث المتضمن لقصة الحديبية بتمام طوله، وهو في الملحق، حتى قال: [ثم رجع النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الآخر فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين رآه: «لقد رأى هذا ذعراً»، فلما انتهى إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد»، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، تناشده بالله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي، صلى الله عليه وسلم، إليهم]، إلى آخر الحديث، حديث الحديبية، كما هو بطوله في الملحق
وفي «سنن البيهقي الكبرى»: [أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق حدثني الزهري عن عروة عن مروان والمسور بن مخرمة في قصة الحديبية ..إلخ] بمثل حديث البخاري مختصراً إلي نحو نصفه، إلا أنه فصَّل في قصة أبي بصير حيث قال: [ولما قدم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة واطمأن بها أفلت إليه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة فكتب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه الأخنس بن شريق والأزهر بن عبد عوف وبعثا بكتابهما مع مولى لهما ورجل من بني عامر بن لؤي استأجراه ليرد عليهما صاحبهما أبا بصير فقدما على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فدفعا إليه كتابهما فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبا بصير فقال له: «يا أبا بصير إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما قد علمت وإنا لا نغدر فالحق بقومك»، فقال: (يا رسول الله تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني ويعبثون بي؟!)، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اصبر يا أبا بصير واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين من المؤمنين فرجا ومخرجا»، قال فخرج أبو بصير وخرجا حتى إذا كانوا بذي الحليفة جلسوا إلى سور جدار فقال أبو بصير للعامري أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر قال نعم قال أنظر إليه قال إن شئت فاستله فضرب به عنقه وخرج المولى يشتد فطلع على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «هذا رجل قد رأى فزعا»، فلما انتهى إليه قال ويحك ما لك قال قتل صاحبكم صاحبي فما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا السيف فوقف على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: «وفت ذمتك وأدى الله عنك وقد امتنعت بنفسي عن المشركين أن يفتنوني في ديني وأن يعبثوا بي»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال»، فخرج أبو بصير حتى نزل بالعيص وكان طريق أهل مكة إلى الشام فسمع به من كان بمكة من المسلمين وبما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه فلحقوا به حتى كان في عصبة من المسلمين قريب من الستين أو السبعين فكانوا لا يظفرون برجل من قريش إلا قتلوه ولا تمر عليهم عير إلا اقتطعوها حتى كتبت فيها قريش إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسألونه بأرحامهم لما آواهم فلا حاجة لنا بهم ففعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقدموا عليه المدينة].

شمس الدين
2012-11-13, 00:32
سنة تقريرية

شمس الدين
2012-11-13, 00:44
ما دخل حديث قتل مسلم في المشاركة الخامسة 5
في عنوان الموضوع
براءة الاسلام ممن يختطف الأجانب ويقتلهم.
أم هي ردود تضليلية

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:11
لا بأس إن عدت عدنا ومازالت الادلة والحجج في الارشيف وقد طرحت قبل الآن لكن تصرون على إظهار المسألة لتضليل الناس

اليك اخي الرد ..المبين
تصحيح أثر ابن عباس"كفر دون كفر" ردا على دعاة القاعدة وأتباع التكفير
للاخ بارك الله فيه جمال لبليدي
قرة العيون في تصحيح تفسير عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- لقوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} روايةً ودرايةً ورعايةً» :
الباب الثاني
تفسير عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- لآيات الحكم رواية


وفيه فصلان:
الفصل الأول: طريق طاووس عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-، وتفصيل الطرق عنه.
الفصل الثاني: طريق علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-.




الفصل الأول

طريق طاووس عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-، وتفصيل الطرق عنه

عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله - عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».
وفي رواية: « إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/1482/749-تكملة) ، وأحمد في «الإيمان»([11]) (4/160/1419) -ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/736/1010)-، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/569) ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1143/6434-ط الباز)، وابن عبد البر في «التمهيد» (4/237) ، والحاكم (2/313)- وعنه البيهقي (8/20)- عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس به.
قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا : على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين» ، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم- أيضاً- ببعض اختصار».
قلت: وهو كذلك ؛ إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» ، وقال العجلي :«ثقة صاحب سنة»، وقال ابن معين: «صالح» ، وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه»، وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» ، وقال ابن شاهين: «ثقة» ، ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق»، وقال الذهبي: «ثقة» ، ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام».
وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-([12]).
قلت : فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع؛ كما سيأتي (ص59).
ثم وقفت على رسالة صغيرة الحجم ضحلة العلم([13]) لكاتبها المدعو (حسان عبد المنان)([14]) ذهب فيها إلى تضعيف هذا الأثر السلفي عن ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس - رضي الله عنهما-.
مع العلم أن هذا الأثر السلفي متفق على صحته بين العلماء الحفاظ والأئمة النقاد المشهود لهم بالعلم، ورسوخ قدمهم فيه -سلفاً وخلفاً-، ورأيت -ثمت- أن أدون ملاحظاتي على ذاك (الغمر) الذي تصدّى لما لا يحسن؛ وهدماً لما بناه هذا (المتعالم) الذي تطاول برأسه بين هؤلاء الكبراء -وعليهم-؛ فحقَّق -زعم- كتباً! وخرَّج -كذب- أحاديث! وسوّد تعليقات! وأخرج ردوداً- تنبىء عن حداثته- ، وتكلم بجرأة بالغة فيما لا قِبَلَ له به من دقائق علم المصطلح، وأصول الجرح والتعديل!!
فجاء منه فساد كبير عريض، وصدر عنه قول كثير مريض ، لا يعلم حقيقة منتهاه إلا ربه ومولاه- جل في علاه- .
فهو يتعدى على الأحاديث الصحيحة بالظن والجهل والإفساد والتخريب؛ بما يوافق هواه؛ ويلقي ما يراه بدعوى التحقيق والتخريج، والرد والتعقيب!
فلو كان عند هذا (الهدام) شيء من الإنصاف لكان منه- ولو قليلاً- تطبيق وامتثال لما قاله بعض كبار أهل العلم - نصحاً وتوجيهاً- : «لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء؛ حتى يسأل من كان أعلم منه»([15])
فوجدته قد تكلف في رد هذا الأثر السلفي تكلفاً عجيباً غريباً؛ ذكرني بصنيع أهل التعطيل في نفي أسماء الله الحسنى وصفاته العلى؛ فهو -بحقّ- رجل (مَلِصٌ)، كلّما جوبه بدليل لا مردّ له، تملَّص بتأويل له من عنده([16])، فالله حسيبه.
فقد ضعف هذا (الهدام) هذه الطريق بتكلّف بارد- في جملة ما ضعف من الأحاديث الصحيحة الكثيرة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم -.
لقد تشبث في تضعيف هذه الطريق بقول الإمام أحمد في هشام بن حجير: «ليس بالقوي» ، وبقوله: «ليس هو بذاك» ، وبتضعيف ابن معين ويحيى القطان له.
وقد جعجع في (ص20-21) بما أملاه عليه عجبه وغروره في تضعيفه ورده حديثنا هذا؛ متظاهراً بأنه بحاث محقق، وهو في أكثر الأحيان يكون مبطلاً متجنيّاً على العلم ، ومضعفاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآثار أصحابه -رضوان الله عليهم-، ومخالفاً لجماهير الحفاظ والأئمة المتقدمين والعلماء المحققين، حتى ليغلب على الظن أنه ما قام بهذا التخريج إلا لهدم السنة ، وتضعيف أحاديثها، وبخاصة ما كان منها في الحض على التمسك بالسنة، و ما كان عليه السلف الصـــالـــح-

رضي الله عنهم- ، وهو في هذا كله إما متبع لهواه { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}[القصص: 50]، أو مقلِّد لأمثاله من أهل الأهواء (كالخوارج) الذين لا يتبعون أصول العلماء وقواعدهم الحديثية الفقهية.
يفعل هذا كلّه بطرق ملتوية غير علمية، وبآراء شخصية هزيلة، لا يعجز عنها أيّ مثقف ثقافة عامة ، جاهل بهذا العلم مغرور!!
ومع ذلك ؛ أقول -وبالله وحده أَصُول واًجول-: أما قول الإمام أحمد: «ليس هو بالقوي» ؛ فهذا ليس بتضعيف للراوي ألبته؛ فإنهم يعنون به: ضعف الحفظ وفتوره؛ فهو نفي لكمال القوة، وليس نفياً لأصلها، يدلك على هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في «إقامة الدليل» (3/243- الفتاوى الكبرى) عند ذكر (عتبة بن حميد الضبي البصري): «وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: «هو ضعيف ليس بالقوي» لكن هذه العبارة يقصد بها: أنه ممن ليس يصح حديثه، بل هو ممن يحسن حديثه. وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفاً، ويحتجون به؛ لأنه حسن، إذ لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوماً إلا إلى صحيح وضعيف.
وفي مثله يقول الإمام أحمد: الحديث الضعيف خير من القياس؛ يعني: الذي لم يَقْوَ قوة الصحيح مع أن مخرجه حسن».
فخذها فائدة عزيزة من شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً-.
وقال الإمام الحافظ الذهبي في «المقدمة الموقظة» (ص319-بشرحي): «وقد قيل في جماعات: ليس بالقوي، واحتج به.
وهذا النسائي قد قال في عدة: «ليس بالقوي» ويخرِّج لهم في «كتابه»، وقال: قولنا: «ليس بالقوي» ليس بجرح مفسد».
وقال ( ص322): « وبالاستقراء إذا قال أبو حاتم : «ليس بالقوي» ؛ يريد بها: أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة القوِّي الثبت».
وقال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص385-386) في ترجمة (أحمد ابن بشير الكوفي) :«قال النسائي : ليس بذاك القوي» ... فأما تضعيف النسائي له؛ فمشعر بأنه غير حافظ».
وقال ذهبي العصر الشيخ المعلمي اليماني- رحمه الله- في «التنكيل» (1/240): «فكلمة «ليس بقوي» تنفي القوة مطلقاً، وإن لم تثبت الضعف مطلقاً، وكلمة«ليس بالقوي» إنما تنفي الدرجة الكاملة من القوة».
وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «النصيحة بالتحذير من تخريب (ابن عبد المنان) لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة» (ص183): «قول أبي حاتم: «ليس بالقوي»؛ فهذا لا يعني : أنه ضعيف؛ لأنه ليس بمعنى :«ليس بقوي» ؛ فبين هذا و بين ما قال فرق ظاهر عند أهل العلم».
وقال (ص254) : «وقول أحمد والنسائي فيه: «ليس بالقوي» لا ينافيه ؛ لأنه لم ينف عنه القوة مطلقاً كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم».
قلت: أما غير أهل العلم -ولا المعرفة- المختصين به؛ فلا يعلمون هذا أبداً؛ لجهلهم وقلّة باعهم، وعدم تضلعهم في هذا العلم الشريف، ولله در القائل: ليس هذا بعشك فادرجي ، وعن سبيل أهل العلم فاخرجي.
فبالله عليكم ما سيكون موقف (ابن عبد المنان) لو قال الإمام أحمد في هشام ابن حجير: «ضعيف ليس بالقوي»؟! أنا أجزم أنه سيبني عليه قصوراً عوالي؛ لكنها أوهى من بيت العنكبوت الخالي.
ومع ذلك كتم ودلَّس على قرائه؛ فقد حذف العبارة التي تستأصل شأفة هذا الدخيل على هذا العلم؛ وهي قول عبد الله بن الإمام أحمد- بعد قوله فيه: « ليس بالقوي » : قلت: هو ضعيف؟ قال: «ليس هو بذاك».
وهذا صريح جداً أن الإمام أحمد لا يضعِّفه الضعف المطلق الذي ظنه (هدام السنة) ، وإنما هو ممن لا يُصَحَّح حديثه بل يحسن، وهذا يلتقي تماماً مع ما أصّله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
وأيضاً؛ نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه في «العلل» (1/130) : « هشام بن حجير مكي ضعيف الحديث» ، ثم نقل عن ابن شبرمة: « ليس بمكة أفقه منه».
فهذا محمول على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- آنفاً؛ فلا إشكال بحمد الله.
وأما ما نقله عن عبد الله بن أحمد: سألت يحيى بن معين عنه؛ فضعفه جدّاً.
أقول : بتر هذا (الهدام) بقية كلام يحيى بن معين الذي يقصم ظهره، ويبين أن الإمام ابن معين اختلف نظره في هذا الراوي.
فقال- رحمه الله- : قلت ليحيى: هشام بن حجير أحب إليك من عمرو بن مسلم؟ قال: نعم.
قلت: وعمرو بن مسلم هو الجَنَدي مختلف فيه؛ ضعفه ابن معين في رواية الدوري وعبد الله بن أحمد، وقال في رواية ابن الجنيد : «لا بأس به» ، وفي «التقريب» :«صدوق له أوهام».
فهو - بشهادة الإمام يحيى بن معين- أقوى من عمرو بن مسلم الذي قال فيه: «لا بأس به»؛ فهو إذاً لا يُحمل على الضعف الشديد الذي يطرح حديثه.
ولو حُمِلَ على أنه أراد الضعف الشديد، فقد قال ابن معين عن هشام بن حجير - في رواية إسحاق بن منصور- : «صالح»، وهذا تعديل له؛ فيكون عندنا عن هذا الإمام الكبير روايتان: واحدة مضعِّفة له، وأخرى معدِّلة له، فننظر في أقوال غيره من أهل العلم؛ كي نضبط الكلام فيه.
وهذا خلاف ما فعله هذا (الهدام)؛ فإنه أوَّل كلام ابن معين: «صالح» بكلام عجيب غريب، يدل على حداثته ، وأنه غمر متطاول في هذا العلم.
فقال (ص21): « أما ما ذكره من رواية إسحاق بن منصور عن ابن معين: «صالح» ؛ فليس بتوثيق؛ لأمرين:
الأول: ما عرف من هذا الاصطلاح عن بعض المتقدمين وذكره فيمن عنده ضعف، وهذا يمكن تفصيله».
أقول : أما قوله : «صالح ؛ ليس بتوثيق»؛ فكلام باطل ورأي عاطل :
قال الإمام الذهبي في«المغني» (1/4): « لم أذكر فيه من قيل فيه:«محله الصدق» ، ولا من قيل فيه:«يكتب حديثه» ، ولا: «لا بأس به»، ولا من قيل فيه:«شيخ» أو «صالح الحديث» ؛ فإن هذا باب تعديل».
وقال في «المقدمة الموقظة» (ص318-319- بشرحي): «... فلان حسن الحديث ، فلان صالح الحديث، فلان صدوق -إن شاء الله-؛ فهذه العبارات ونحوها كلها جيدة، ليست مضعِّفة لحال الشيخ ، نعم ولا مرقيّة لحديثه إلى درجة الصحة الكاملة المتفق عليها، لكن كثير ممن ذكرنا متجاذب بين الاحتجاج به وعدمه».
وقال في «ميزان الاعتدال« (1/3-4):« ولم أتعرَّض لذكر من قيل فيه: محله الصدق، ولا من قيل فيه: لا بأس به، ولا من قيل: هو صالح الحديث، أو يكتب حديثه أو هو شيخ ؛ فإن هذا وشبهه؛ يدل على عدم الضعف المطلق».
ثم ذكر - رحمه الله- العبارات التي تقال في الرواة المقبولين وقسمها ، وذكر منها: «وصالح الحديث».
فهذا الكلام العلمي القوي من الإمام الذهبي -وهو من أهل الاستقراء العام-؛ يستأصل شأفة هذا (الهدام) (الغمر العنيد).
وكذا جعل الشيخ برهان الدين الأبناسي -رحمه الله- في «الشذا الفياح» (1/268) «صالح الحديث» من مراتب التعديل؛ فتأمل.
أما قوله: «ما عُرِفَ من هذا الاصطلاح عند بعض المتقدمين، وذكره فيمن عنده ضعف ...الخ».
فأقول -وبالله التوفيق-: قال شيخنا أسد السنة، وناصرها العلامة الألباني -رحمه الله- في «النصيحة بالتحذير من تخريب ( ابن عبد المنان) لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة»( ص92): « وقد قلنا مراراً- ردّاً على ( الهدام) مثل قوله هذا: إن الإسناد الحسن فيه ضعف- ولا بُدَّ- ، ولازمه أن هناك فرقاً معروفاً بين العلماء، بين من يقول من أهل العلم: «إسناد فيه ضعف»، وبين: «إسناده ضعيف»، وأما (الهدام)؛ فلا يفرق -عمداً أو جهلاً-!».
وهذا الأسلوب الخبيث من هذا (الهدّام) يستعمله كثيراً في تضعيف الرواة؛ فهو «يُدَلِّس ولا يفصح ! ثم هو مع ذلك لا يبيِّن السبب! آمراً للقراء - بلسان حاله- بالاستسلام لحكمه الجاهل وصرفاً لهم عن اتباعهم لعلمائهم، وإلا؛ لبيَّن لهم، ولكنه يعلم أن فاقد الشيء لا يعطيه؛ ولذلك فهو يلقي كلمته ثم يمشي، وعلى الناس أن يمشوا وراءه! الأمر الذي يدلًّ على منتهى العجب والغرور»([17]).
وأقول له: هذا الصنيع الذي تعمله هو من تضليلاتك ومراوغاتك الكثيرة ؛ فكل ثقة فيه ضعف يسير؛ يصحّ أن يقال فيه:«فيه ضعف»! حتى بعض رجال الصحيحين([18])- كما لا يخفى على العارفين بهذا العلم- ؛ ومع ذلك يكون حديثه صحيحاً محتجاً به؛ ولو في مرتبة الحسن»([19]).
وهذا حال هشام بن حجير؛ فقد وثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان وابن شاهين والذهبي في «الكاشف»، وضعّفه القطان؛ ولهذا قال الحافظ: «صدوق له أوهام».
فهو- إذن- وسط؛ فـ(الهدام) بدل أن يصرح بتحسين إسناده، راوغ؛ فقال: «فيه ضعف».
ومع هذا أقول: هذا الضعف يزول، ويرتقي حديثه إلى مرتبة الصحة بالمتابعة التي ساقها (الهدّام) عقب هذه الطريق (ص22)- وهي طريق عبد الله بن طاووس الآتية -إن شاء الله (ص 59)- لكن (الهدام) لا يعترف بقاعدة أهل العلم: أن الحديث يتقوى بمجموع طرقه وشواهده([20]).
أما قوله :«الثاني: أنه يفسر بذلك توفيقاً مع الرواية السابقة عن عبد الله بن أحمد عن ابن معين، والتي فيها صراحة عدم الاحتجاج».
أقول : هذا ليس تفسيراً ، بل إبطال لكلام الإمام ابن معين ؛ وإلا لو كان منصفاً- حقّاً- متجرداً عن الهوى لما فسَّر قول الإمام ابن معين: «صالح» بالضعف، ولكن؛ هو الهوى يتجارى بأهله؛ كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه.
فنحن -الآن- عندنا قولان عن عالم إمام: قول فيه توثيق، وآخر فيه تضعيف؛ فكيف نوفق بينهما؟
على الأقل: إن لم نستطع أن نوفِّق بينهما لا نعطل أحدهما ونرجح الآخردون بيِّنة مرجِّحة، بل نبحث عن أقوال أخرى لأهل العلم تعزز بحثنا، وتبيِّن حال هذا الراوي، وإلا؛ فإننا بصنيعنا هذا نُحَمِّل كلام الأئمة ما لا يحتمل.
ناهيك أن تضعيف الإمام ابن معين له غير مفسَّر ، والجرح لا يقبل؛ ما لم يكن مفسَّراً ، بخلاف صنيع هذا (الهدام)؛ فإنه يقدِّم التضعيف غير المفسَّر على التوثيق والتعديل.
نعم؛ كلام الإمام أحمد وابن حجر مفسر، وأن الرجل فيه ضعف من قِبَلِ حفظه، بمعنى أنه ليس بالمتقن، بل وسط حسن الحديث؛ كما بينت ذلك مراراً.
وأما تضعيف الإمام يحيى القطان له؛ فلم يبيِّن سببه؛ فإنه قال: «اضرب على حديثه»؛ فلا يلغي هذا الإجمال توثيق من وثقه.
وهب أنه ضَعّفه- وهو مُتَشَدِّد في الرجال- فهناك كثير من أهل العلم وثَّقوه وقبلوا حديثه، فهو إذن من الرواة المختلف فيهم؛ فبعضهم ضعَّفه والكثير منهم وثَّقه، فماذا نصنع ؟هل نلغي هذا التوثيق من أولئك الأئمة ونقدِّم الجرح؟ أم نوفِّق بينهما؟ وهذا مما لم يُقِم له هذا(الهدّام) وزناً، فإلى الله المشتكى من تعدي هذا (الغمر) على هذا العلم.
ثم قال هذا(الهدّام) (ص20): «وقال أبو حاتم: «يكتب حديثه». قلت: وهذا مصطلح معروف لأبي حاتم فيمن لا يقوم مقام الاحتجاج ، يذكر في الضعيف ونحوه، وقد فصّل فيه ابن أبي حاتم في مقدمة «الجرح والتعديل»، واستفيد من عبارات أبي حاتم نفسه في بعض تراجمه».
أقول : وهذا الكلام حكايته تغني عن ردِّه ؛ فإن هذا تقويلٌ لهذا الإمام، وتحميلٌ لكلامه مالا يحتمل؛ مما ينبىء عن جهل هذا الرجل بكلام أهل العلم، ويكشف عن حقيقة فهم عباراتهم فهماً يناقض حقيقتها و يفسد مغزاها، ويبدو لي أن هذا (الهدّام) شعر أن كلام أبي حاتم عليه، لا له؛ ولذلك لجأ إلى (التَّملُّصِ) منه بتحريف كلامه، وتحميله له مالا يحتمل، ألم أقل لك: إنه رجل (مَلِصٌ)؛ فالله حسيبه.

فهل مَن قيل فيه:«صدوق»؛ أو «محله الصدق»؛ أو « لا بأس به» يذكر في الضعفاء؟! سبحانك هذا بهتان عظيم من أفاك أثيم!
قال ابن إبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/37): «وإذا قيل له: إنه صدوق، أو: محله الصدق، أو: لا بأس به؛ فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية.
وإذا قيل: شيخ ؛ فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه؛ إلا أنه دون الثانية.
وإذا قيل: صالح الحديث؛ فإنه يكتب حديثه للاعتبار».
فأنت ترى أن ابن أبي حاتم جعل (الصدوق، والشيخ، وصالح الحديث) ممن يكتب حديثه، فهل من كتب حديثه من هؤلاء يذكر في الضعيف ونحوه؟! حتى لو قيل فيه: صدوق!!
وإليك -أيها القارىء- مثالاً واحداً- من بين أمثلة كثيرة- : تثبت أن أبا حاتم إذا قال في راو: صالح الحديث؛ يعني: أنه صدوق حسن الحديث، وهو ممن يكتب حديثه، وهي آخر مرتبة من مراتب التعديل التي جعلها ابنه عبد الرحمن.
قال أبو حاتم كما في «الجرح والتعديل» (4/2) في ترجمة ( سعيد بن إياس الجريري): «تغير حفظه قبل موته، فمن كتب عنه قديماً؛ فهو صالح، وهو حسن الحديث».
إذاً ؛ فمعنى كلام ابن أبي حاتم:«إذا قيل : صالح الحديث؛ فإنه يكتب حديثه للاعتبار» - وجعلها آخر مرتبة من مراتب التعديل- لا يعني هذا: أنه لا يحتج بحديثه، ولا بمرتبة الحسن، بل العكس هو الصواب، وخير ما يفسر به كلام الحافظ إنما هو كلامه نفسه؛ كما نقلت آنفاً عن أبي حاتم نفسه.
فما رأيكم- دام فضلكم- فيمن يفسِّر كلام أهل العلم على غير مرادهم؟.
فهل بعد هذا يصحّ أن نقول: إن قول أبي حاتم: «يكتب حديثه» لا يقام مقام الاحتجاج، وإنما يذكر في الضعيف ونحوه؟!
وليس يصحّ في الأذهان شيء


إذا احتاج النهار إلى دليل

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:14
وأما قوله (ص20): «وقال ابن عيينة: لم نأخذ منه إلا ما لا نجد عند غيره؛ قلت: وفي هذا تضعيف له، إذ لو كان من الثقات ما توانى عنه ابن عيينة، وإنما تعامل معه معاملة الضعفاء الذين يروي لهم عند الحاجة، وهذا أسلوب معروف عند المتقدمين... إلخ».
أقول: هذا القول ينقضه كلامه -نفسه- (ص21): «ولم يعتمده البخاري في «صحيحه»، وإنما أخرج له حديثاً واحداً متابعةً...ولم يعتمده -أيضاً- مسلم في «صحيحه»، وإنما أخرج له... في المتابعات... والشواهد».
هذا وحده يهدم ما زعمه وتأوَّله من كلام ابن عيينة- والذي ليس هو بصريح في التضعيف- فهذا (الهدام) يشهد: أن البخاري ومسلماً أخرجا له في الشواهد والمتابعات -زعم- ، فهل من يخرج له في «الصحيحين» في المتابعات والشواهد وُجِدَ عند غيره ما وُجِدَ عنده أم لا ؟ فالبخاري ومسلم رويا له في «صحيحيهما» من طريق سفيان بن عيينة عنه، فأنت تقول: أخرجا له متابعة، فلماذا لم يأخذ سفيان بن عيينة عن الذي تابع هشاماً وهو موجود عند المتابع؟ لِمَ روى عنه مباشرة مع وجود من تابعه من الثقات؟! فهل من حاجة لأن يروي -مع زعمك ضعفه- سفيان عن هشام مع وجود من تابعه ومن هو أوثق منه؟! هذا يبطل ويهدم ما حمّلت به كلام الإمام سفيان بن عيينة ما لم يحتمله.
ثم؛ مَن وضع هذه القاعدة التي ذكرتها؟ وأين هي؟ فالأخذ عن بعض الرواة لعدم وجود الحديث عند غيره ليس بلازم منه ضعف هذا الراوي؛ فتنبه!
لكن هذا الرجل في سبيل تأييد كلامه؛ يهرف بما لا يعرف، ولا يعرف ما به يهرف، فالمهم أن يؤذي بما به يهذي!
وأمّا نقله عن أبي داود: أنه ضُرب الحدّ بمكة ،فهذا ليس بتضعيف، ولا جرح قط -إن صحَّ هذا عن أبي داود-.
هذا ما وقفت عليه من تضعيف هذا (الهدّام) لهشام بن حجير.
أما جوابه عن توثيق من وثقه؛ فكلام مضحك مبكٍ؛ يدل على عِظَمِ جهله وتجاهله و مكابرته وخوضه في علم لا يحسنه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»([21]).
قال (ص21):« وأمّا ما ذكر من توثيق العجلي، وابن سعد ، وابن حبان فواحدهم قريب من الآخر ، وليسوا بالمعتمدين ككبار المتقدمين عند التفرد، فكيف عند المخالفة لهم ؟!! وكذا الساجي وابن شاهين».
قال شيخنا الإمام الألباني -رحمه الله- رداً على صنيع له -مثله-:
«إن هذا التعليل المذكور ليس على إطلاقه ، فكثيراً ما رأينا الحفاظ النقاد من المتأخرين يوثِّقون من تفرَّد بتوثيقه ابن حبان؛ كالإمام الذهبي، والحافظ العسقلاني، وما أظن أن الغرور وصل بك إلى أنّ تدعي: أنك أعلم منهم! أو أن تحشرهم في زمرة المتساهلين»([22]).
فكيف إذا ضُمّ إليه العجلي وابن سعد وابن شاهين والساجي؟!
وأيضاً؛ توثيق ابن حبان والعجلي وابن شاهين مقبول إذا وافقهم أحد من الحفاظ النقاد الموثوق بتوثيقهم؛ كالذهبي، والعسقلاني وأمثالهم، وهذا قد وثقه الذهبي في «الكاشف» ؛ فقال: «هشام بن حجير ثقة»، وهو مما كتمه (الهدّام) ولم يذكر لقرائه تعمية لهم عن كلام الذهبي فيه، وأيضاً؛ لم يذكر كلام الحافظ فيه في «التقريب»:«صدوق له أوهام».
وانظروا -الآن- كيف تَنَصَّلَ -بل مَلَصَ!- من مخالفة الحفاظ الذين وثَّقوا الرجل: أما ابن حبان وابن سعد وابن شاهين والعجلي؛ فدفع توثيقهم بدعوى تساهلهم، وأما الساجي ؛ فألحقه بهم! وأما توثيق الذهبي وابن حجر، فكتمهما عن القراء؛ لأنه لا جواب لديه؛ إلا أن يقول فيهما: إنهما مقلدان! والله المستعان([23]).
وأما جهله وتجاهله ومكابرته وخوضه في علم لا يحسنه؛ فليس موضع نظر وتأمل!!
فلينظر القراء الكرام كيف لا يستقر على حكم توصلاً منه إلى تضعيف الحديث من أصله، و عليه استقر رأي الحفاظ المتأخرين -كافة- الذين هم أعلم بالخلاف الذي حكاه؛ ولذلك تتابعوا على تصحيح حديثه؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، والحافظ ابن حجر والذهبي وغيرهم
كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنها


فلم يَضِرْها وأوهى قَرنَه الوعِلُ


وبالجملة ؛ لقد تيقنّت من متابعتي لتضعيفاته الظالمة للأحاديث الصحيحة الثابتة عند حفاظ الأمة؛ أن الرجل مغرم بالمخالفة والمشاكسة ، وعدم الاعتداد بقواعدهم وأحكامهم ، متشبثاً بأوهى العلل ، لو كانت كخيوط القمر!([24])
بقي أن أقول: لقد حشر (الهدّام) الساجيَّ في زمرة المتساهلين الذين لا يعتمد توثيقهم، وهذا ظلم وجنف للحافظ الساجيّ!
قال ابن أبي حاتم«في الجرح والتعديل» (3/601) عن الساجيّ:« وكان ثقة يعرف الحديث والفقه، وله مؤلفات حسان في الرجال واختلاف العلماء وأحكام القرآن».
وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (14/199) و«تذكرة الحفاظ» (2/709-710) :« وللساجيّ مصنَّف جليل في علل الحديث يدلُّ على تبحُّره وحفظه».
فالساجيّ إمام نقّاد له نظره ورأيه واجتهاده ، فكيف يصحّ حشرُه في زمرة المتساهلين؟!
وأما قوله (ص21): «ولم يعتمده البخاري في «صحيحه»، وإنما أخرج له حديثاً واحداً متابعة، ولم يعتمده - أيضاً- مسلم في «صحيحه» وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد».
أقول : هذا مما لم يقله أحد قبله، وهو خلاف ما عليه الحفاظ الذين ترجموا للرجل؛ كالمزي والذهبي والعسقلاني وغيرهم؛ حيث أطلقوا العزو للبخاري ومسلم ولم يقولوا:« في المتابعات ولا الشواهد» ، وهذا من دقَّتهم -رحمهم الله- التي يغفل عنها المذكور أو يتغافل عنها؛ لأنه لم يثق بعلمهم! بل صرَّح بذلك المزي؛ فقال في آخر ترجمته من «تهذيب الكمال» (30/181): «روى له البخاري ومسلم والنسائي» ، وكذا قال الذهبي والحافظ ابن حجر .
وارجع إلى الأرقام التي أشار إليها (الهدّام) ودقِّق النظر في ألفاظها ؛ فستجد الفرق بين هذه الروايات ، وتعرف أنه يوجد زيادات في رواية هشام بن حجير ليست عند من تابعه، ومع ذلك احتجَّ بها الشيخان؛ فتأمل!
وجملة القول: إن الحديث حسن لذاته -رغم أنف هذا (الهدّام)- كما تقدم تفصيله وتأصيله على الوجه التمام-.
ومما ينبغي التنبيه له: أن هذا (الهدّام) كتم تصحيح الحاكم والذهبي للحديث، وكذا الحافظ ابن كثير في «تفسيره» ، واحتجاج ابن عبد البر بهذا الأثر؛ لتنكشف لنا فضيحة من فضائح هذا (الغمر المتطاول) الكثيرة، وأنه لا يقيم وزناً لتصحيح أهل العلم الكبار للأحاديث والآثار.
كما أنبه أن شيخ هذا الغمر- شعيب الأرنؤوط([25])- سكت عن تصحيح الحاكم والذهبي لهذا الأثر السلفي في تحقيقه لـ«مشكل الآثار» (2/318) ؛فهو على أقل أحواله مقرّ لهما في ذلك.
فشعيب شيخه عند الموافقة! وأما عند المخالفة؛ فلا هو ولا أحد من الأئمة والحفاظ المعروفين!!! ولسان حاله يقول عن شخصه وعلمه: (لا هو إلا هو) ! نعوذ بالله من العجب والغرور([26])
قلت: ولم يتفردَّ هشام بن حجير به، بل تابعه عبد الله بن طاووس- وهو ثقة فاضل عابد- عن أبيه به بلفظ:« هي كفره، وليس كمن كفر بالله واليوم الأخر».
أخرجه الثوري في «تفسيره» (101/241) ومن طريقه الطحاوي في «مشكل الآثار» (2/317).
قلت: وهذا سند صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين وهو على شرطهما.
وأعلَّه محقق كتاب «سنن سعيد بن منصور» سعد بن عبد الله آل حميد في (4/1484) بالانقطاع بين الثوري وابن طاووس .
وهو وهم محض ؛ فإن الثوري سمع من عبد الله بن طاووس، وروايته عنه في «صحيح مسلم»؛ فكيف نقول : إنه لم يسمع منه؟!
وإنما وقع في هذا الوهم؛ لأن الثوري رواه مَرّةً عن معمر عن ابن طاووس به، فهل هذا إشكال؟!
فأقول: رواه عن ابن طاووس مرة مباشرة؛ ومرة بواسطة معمر، فتكون هذه الرواية من المزيد في متصل الأسانيد؛ كما لا يخفى على المشتغلين في هذا العلم.
وهذه الرواية مما لم يوردها (الهدّام) -ألبتة-، ولكنه أخفاها وكتمها عن قرائه، أهكذا تكون الأمانة العلمية أيها (الغمر المتعالم)؟!
ولو تأملت أيها القارىء في سرِّ حذف (الهدّام) لهذه الرواية؛ فإنك ستندهش جداً؛ فإن هذه الرواية هدمت رسالته، ونقضت غزله؛ فهو لم -ولن- يجد جواباً للردّ على صحتها؛ فأخفاها عن قرائه ، من باب الهرب نصف الشجاعة.
وأخرجه الإمام أحمد في «الإيمان» (4/158-159/1414)، ومحمد بن نصر المروزي في«تعظيم قدر الصلاة» (2/521/571و522/572)، والفريابي في «تفسيره» ؛ كما في «الدر المنثور» (3/87)، ومن طريقه الطحاوي (2/317-318) ، والطبري في «جامع البيان» (6/166) ، وابن بطة في «الإبانة» (2/734/1005) عن وكيع وأبي أسامة كلاهما عن الثوري عن معمر بن راشد عن عبد الله بن طاووس به بلفظ :«هي به كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله».
قلت : وهذا سند صحيح.
وصححه شيخنا العلامة الإمام أسد السنة الهمام أبو عبد الرحمن الألباني - رحمه الله- في تعليقه على كتاب «الإيمان» لشيخ الإسلام ابن تيمية(ص307).
وأخرجه أحمد في «الإيمان » (4/160/1420)، وابن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/570)، والطبري في «جامع البيان» (6/166)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ( 4 /1143 /6435 )، و القاضي وكيع في «أخبار القضاة» (1/41) وابن بطة في «الإبانة» (2/736/1009) جميعهم عن عبد الرزاق وهذا في «تفسيره» (1/1/191): أنا معمر عن عبد الله بن طاووس به بلفظ: «هي كفر» ، قال ابن طاووس : «وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله».
ونقل الإمام الهمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله- في « حكم تارك الصلاة» (ص74) أن لفظ أثر ابن عباس هذا من رواية عبد الرزاق هو: « هو بهم كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله »، وفي رواية: «كفر لا ينقل عن الملة».
أما ذاك (الهدّام) ؛ فلم يرق لهواه أن يصحح طريق الثوري؛ فقد ضعفها بعلل أوهى من بيت العنكبوت، تدل على افترائه وكذبه على الرواة الذين هم أنبل وأطهر من أن يتكلم فيهم واحد مثل هذا(الفسل)!!
قال- عامله الله بما يستحق-(ص22): «وظاهر إسناد حديث الثوري جيد!!؛ فإنهم كلُّهم ثقات!! لكن ظهرت فيه علّة معمر بن راشد الصنعاني!! فقد أخطأ في الرواية!! ومعلوم أنه يخطىء ويهم ويضطرب في حديثه إذا حدَّث به خارج اليمن ؛ لأنه ما كان يصطحب كتبه! فيقع في حديثه الوهم والخطأ... إلخ».
قلت: هذا الكلام مع ركاكته وضعف إنشائه وصياغته؛ فإن حكايته تغني عن ردّه؛ فهو كلام يدل على أن قائله لا يفهم الحديث إطلاقاً، ولا يعرف علله أبداً، وحق له ذلك؛ فهو المتخصص لهدم السنة، فالغريق يتشبث ولو بِقَشّة؛ كما يقال.
وقبل الردِّ عليه لا بدَّ من إشارة؛ وهي: أنه لا يُعرف لهذا الرجل نظير في تضعيف الأحاديث النبوية والآثار السلفية، وهو وحيد دهره في اختلاق العلل والأوهام- زعم- لرواة الحديث، مما يدّل أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن وراء رسالته فتنة يسعى لنشرها ، فاللهم اطفىء نارها.
فإنه من المعروف عند أهل العلم بعامة، وأهل الحديث بخاصة: أن وهم راو ما، في حديث ما، لا يستلزم وهمه في جميع ما يرويه، ولو اتبعنا هذا الأسلوب- الخبيث- فإننا نكون بصنيعنا هذا قد حملنا معاول الهدم، ورفعناها في وجه السنة النبوية ، ونكون قد هدمنا أكثرها- عياذاً بالله من ذلك- فهذا الهدام (الجاهل) لما ضاق ذرعاً في تصحيح هذه الطريق؛ لسلامتها من جميع العلل، وثقة رجالها، وتصحيح أهل العلم لها؛ اختلق علَّة غريبة عجيبة؛ يشم منها أن هذا الرجل على أقلّ أحواله إن لم يكن دخيلاً على الإسلام والمسلمين؛ فهو عدو من أعداء السنة، خبيث يريد أن يبطل الأثر ؛ لينشر فكره وفكر شيخه المفتون به الذي قدَّم له- وهو الفكر التكفيري- وهو أخبث الأفكار التي دخلت على هذا الدين، ولعل هذا من علامات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر أن الخوارج سيستمرون، وأن فكرهم سيبقى موجوداً حتى يخرج في أعراضهم الدجال.
ماذا صنع هذا (الهدام) ؟ ضعف هذه الطريق بمعمر بن راشد الإمام الحافظ الثقة؛ فإنه لما علم أن معمراً إمام ثقة ثبت، لم يجد مناصاً منها؛ فاختلق علَّة -والله- هي -والله- من عند نفسه ، أو ممن يموِّله ويعطيه دراهم لأجل كتابة مثل هذا الكلام؛ فقال: «فيه علّة؛ معمر بن راشد الصنعاني؛ فقد أخطأ في الرواية، ومعلوم أنه يخطىء ويهم ويضطرب في حديثه إذا حدّث به خارج اليمن...إلخ».
أقول: أين الدليل أن معمراً أخطأ في هذه الرواية؟ وأين الدليل أن الإمام الثوري- وهو من أوثق أهل الدنيا- سمع منه هذا الحديث في غير اليمن- على حدّ زعمه الكاذب- أو أنه سمع منه في بلد آخر؟ وأين الدليل أن ما يرويه معمر في غير اليمن ليس بمقبول وهو مردود بإطلاقه؟
كلّها أسئلة علمية مطروحة ، تُلزمه أن يجيب عليها... هذا شيء، وشيء آخر، فرواية سفيان الثوري عن معمر مشهورة في كتب السنة، وإليك بعض مواطنها:
«صحيح البخاري» (4749و5944و7083).
«صحيح مسلم» (977و979و1628).
«سنن الترمذي» (140و858و1346و1444).
«سنن النسائي» (5381).
«سنن أبي داود» (1576).
«سنن ابن ماجه» (3797).
«المسند» للإمام أحمد (1/220و3/185و6/38و40و387).

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:16
الفصل الثاني
طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس


وقد توبع طاووس- عليه- عن ابن عباس؛ تابعه علي بن أبي طلحة عنه بلفظ :« من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم ؛ فهو ظالم فاسق».
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (6/166)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1142/6426و1146/6450) عن المثنى بن إبراهيم الآملي وأبي حاتم الرازي كلاهما عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة به.
قلت: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات، وفي معاوية بن صالح وعلي بن أبي طلحة كلام يسير لا ينزل حديثهما عن رتبة الحسن.
وقد أعلَّ (الهدام) هذه الطريق (ص34) بالانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ، والضعف الذي في علي بن أبي طلحة ، والكلام الذي في عبد الله ابن صالح.
وليس هذا كله بشيء- إن شاء الله- عند التحقيق العلمي:
أما الانقطاع ؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (7/339): «علي بن أبي طلحة... روى عن ابن عباس ولم يسمع منه، بينهما مجاهد».
وقال -أيضاً- في «العجاب في بيان الأسباب» (1/207-ط دار ابن الجوزي): «وعلي؛ صدوق لم يلق ابن عباس، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة»([31]).
وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (3/134): « أخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد ؛ فلم يذكر مجاهداً بل أرسله عن ابن عباس».
وقال: «...روى معاوية بن صالح عنه عن ابن عباس تفسيراً كبيراً ممتعاً».
وقال أبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص75) :«والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعناً؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين، وهو في نفسه ثقة صدوق».
وقال السيوطي في«الإتقان» (2/188):« قال قوم : لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير ، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير؛ قال الحافظ ابن حجر : بعد أن عرفت الواسطة- وهو ثقة- ؛ فلا ضير في ذلك».
أما ضعف علي بن أبي طلحة؛ فكلُّ صدوق فيه ضعف ولا بد، وإلا؛ فَلِمَ ينزل عن مرتبة الثقة؟ وهذا معروف لا يحتاج لبيان، وقد فصلت -بعض الشيء - في هذا فيما تقدم؛ فلا أعيد.
أما الكلام الذي في عبد الله بن صالح شيخ البخاري؛ فهو كثير طويل لكن لشيخ الإسلام وأمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجر- رحمه الله - كلمات رائعات تجمل الكلام فيه ؛ فقال في «هدي الساري» (ص414)- بعد ذكر الكلام فيه- : «ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيماً ثم طرأ عليه فيه تخليط؛ فمقتضى ذلك: أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كـ( يحيى بن معين، والبخاري، وأبي زرعة ، وأبي حاتم) ؛ فهو من صحيح حديثه، وما يجيء من رواية الشيوخ عنه؛ فيتوقف فيه» أ.هـ.
قلت : وهذا منها ؛ فإن من الرواة المشار إليهم في كلام الحافظ أبا حاتم الرازي، وقد رواه هنا عن عبد الله بن صالح ، وروايته عند ابنه في «التفسير»؛ فثبت الأثر وبطل النظر، ولله الحمد والمنّة على الإسلام والسنّة.
وَهَب -جدلاً- أن هذه الطريق أُعلت بالانقطاع؛ لكن لا بأس بها في المتابعات والشواهد ؛ كما لا يخفى ، ولكن(الهدام) لا يعترف بقاعدة تقوية الحديث بمجموع طرقه وإن كان فيها ضعفاً ؛ فهو مكابر ماكر!
فهذا شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/114) مع إعلاله بالانقطاع -فيما اجتهد به- لم يسكت، بل قال: «لكنّه جيّد في الشواهد».
فانظر البون الشاسع بين كلام العلماء المخلصين الصادقين، وبين الناشئة الجهلة المتعالين الكاذبين!!
وبالجملة ؛ فمقولة عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-: «كفر دون كفر» ثابتة -رواية ودراية-؛ وإذا لم تصح؛ فلا يصح شيء!
وأختم هذا الباب بنصائح علمية؛ لتكون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
قال الحافظ الذهبي -رحمه الله- في «المقدمة الموقظة» (ص320-بشرحي): «والكلام في الرّواة يحتاج إلى ورع تامّ، وبراءة من الهوى والميل، وخبرة كاملة بالحديث، وعلله، ورجاله.
ثم نحن نفتقر إلى تحرير عبارات التعديل والجرح، وما بين ذلك من العبارات المتجاذبة.
ثم أهمّ من ذلك أن نعلم بالاستقراء التّامّ: عرف ذلك الإمام الجهبذ، واصطلاحه، ومقاصده بعباراته الكثيرة».
وقال -أيضاً- في «تذكرة الحفاظ» (1/4): «ولا سبيل إلى أن يصير العارف يزكي نقلة الأخبار ويحرجهم جهبذاً إلا بإدمان الطلب، والفحص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم، مع التقوى والدين المتين، والإنصاف، والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري والإتقان. وإلا تفعل:
فدع عنك الكتابة لست منها


ولو سودت وجهك بالمداد


قال الله تعالى: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
فإن آنست يا هذا من نفسك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً، وإلاّ فلا تتعنَّ.
وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب.
وإن عرفت أنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك، فبعد قليل ينكشف البهرج، وينكب الزغل، ولا يحيق المكر السَّيِّء إلا بأهله، فقد نصحتك.
فعلم الحديث صلف، فأين علم الحديث؟ وأين أهله؟ كدت لا أراهم إلا في كتاب، أو تحت التراب».
وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «نزهة النظر» (ص73): «وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل؛ فإنه إن عدّل أحداً بغير تثبُّت، كان كالمثبت حكماً ليس بثابت؛ فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب.
وإن جرّح بغير تحرُّز أقدم على الطعن من مسلم بريء من ذلك، ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً».

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:22
الآثار السلفية الموافقة لتفسير عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-

وفيه فصلان:
الأول: عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-.
الثاني: طاووس اليماني -رحمه الله-.






الفصل الأول
عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-

وقد صحّ هذا الأثر عن جمع من جِلَّة التابعين، ممن تلقوا العلم عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-، مما يدلُّك على أنهم للصحابة في فهم الكتاب والسنة مقتفون، وأنهم على آثارهم ماضون.
قال عطاء: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق»
أخرجه الإمام أحمد في «الإيمان» (4/159-160/1417و161/1422) وفي «مسائل أبي داود» (ص209)، والطبري في «جامع البيان» (6/165و166)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدرالصلاة» (2/522/575)، وابن بطة في «الإبانة» (2/735/1007و736-737/1011)، وابن أبي حاتم في «تفسيره»(4/1149/6464)، والقاضي وكيع في «أخبار القضاة» (1/43) من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء به.
قلت: وهذا سند صحيح رجاله ثقات، وصححه شيخنا الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/114).
أما ذاك (الهدام) ؛ فلم يرفع رأساً لهذا الأثر، ولم يأبه به؛ بل ضعَّفه بجهل بالغ وكذب سابغ؛ مُعِلاً إياه بعلل باردة مثله، وبشبهات خبيثة لا تصدر إلا من شاكلته.
فقال (ص29): «وهذا الإسناد رجاله ثقات؛ إلا ما يخشى من تدليس ابن جريج عن عطاء ؛ ولم يصرح بالسماع .
ومسألة رواية ابن جريج عن عطاء: هل هي محمولة على السماع أم لا؟ موضع نزاع!!».
أقول: ابن جريج معروف بالتدليس مع جلالته وثقته، لكن استثنى أهل العلم روايته عن عطاء بخاصة ؛ فقد روى ابن أبي خثيمة بسند صحيح عن ابن جريج أنه قال: «إذا قلت: قال عطاء؛ فأنا سمعته منه، وإن لم أقل: سمعت»([32]).
قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني - رحمه الله - في «إرواء الغليل» (4/244): «وهذه فائدة هامّة جدّاً، تدلنا على أن عنعنة ابن جريج عن عطاء في حكم السماع».
وقال - أيضاً- (5/202): «وهذه فائدة عزيزة ؛فاحفظها ؛ فإني كنت في غفلة منها زمناً طويلاً ، ثم تنبهت لها ؛ فالحمد لله على توفيقه».
وقال في «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم»: «مدلس، ولكن قد صحَّ عنه أنه قال: (وذكر ما تقدم). فإذا قيل في قوله: (عن عطاء ) أنه كقوله: (قال عطاء) ؛ فلا يضرّ عدم تصريحه بالسماع؛ كما هو ظاهر، ولعل هذا من الأعذار في إخراج الشيخين لحديثه المعنعن عن عطاء».
وقال في «الصحيحة» (1/86) : «فهذه فائدة هامة، وهل قوله: (عن عطاء) حكمها واحد أم يختلف؟ الظاهر- عندي- الأول، والله أعلم».
ثم ذكر (المأفون) (ص30) أن الإمام أحمد قال: «كلّ شيء قال ابن جريج: قال عطاء أو عن عطاء؛ فإنه لم يسمعه من عطاء.
أقول: ذكر هذا النقل عن الإمام أحمد ابنُ عبد الهادي في «بحر الدم» (ص278) من رواية ابن إبراهيم، ففي الاستدلال بهذا النقل عن الإمام أحمد نظر من وجوه:
الأول: لم يعيُّن الإمام أحمد من هو عطاء! هل هو ابن أبي رباح أو ابن أبي مسلم الخراساني؟
وعندي- والله أعلم- أنه الثاني ؛ فهو الذي قيل فيه: إن ابن جريج لم يسمع منه، بخلاف ابن أبي رباح؛ فإن الإمام أحمد أثبت رواية ابن جريج عنه، وأنه لازمه سنين، وأنه من أثبت الناس في ابن أبي رباح.
قال علي بن المديني:« سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني؛ فقال : ضعيف، قلت ليحيى : إنه يقول: أخبرني ، قال: لا شيء ، كله ضعيف؛ إنما هو كتاب دفعه إليه» ذكره الحافظ في «التهذيب» (6/406)وغيره.
فهذا نص صريح أن في سماع ابن جريج من الخراساني نظراً؛ لأنه روى عنه من كتاب دفعه إليه.
الثاني: أن ابن جريج أخبر عن نفسه أنه إذا روى عن عطاء خبراً ما؛ فإنه سمعه منه، وإن لم يصرح بالسماع، كيف لا وقد لازمه أكثر من خمس عشرة سنة، والرجل أدرى بحاله و بنفسه من غيره؛ فلا يلغي كلام أحمد- إن سلمنا أنه أراد: ابن أبي رباح- كلام ابن جريج؛ لأن ابن جريج أدرى بنفسه وبحاله من الإمام أحمد بلا ريب.
الثالث: أن كلام ابن جريج مثبت للسماع، وكلام أحمد ناف، والمثبت مقدم على النافي؛ كما هو معلوم، وبخاصة أن لابن جريج أحاديث في «الصحيحين» عن عطاء بن أبي رباح، ولم يصرح بالسماع فيها.
ثم قال (المأفون): «لعل ما ذكر عن أحمد أقرب إلى الصواب لأمرين:
الأول: ما علم من أن ابن جريج ترك عطاء بن أبي رباح في آخر عمره؛ كما ذكر علي بن المديني، وهذا يستدعي أن يروي أشياء عن عطاء من أصحابه أو...!».
قلت: هكذا يلقي الكلام على عواهنه ، ويحمّل كلام أهل العلم ما لا يحتمل، ويستنبط من كلامهم فهماً باطلاً عاطلاً لم يقله أحد قبله بل قالوا خلافه، وإنما يفعل ذلك للتشكيك؛ وهذا مما لا يعجز عنه أجهل الناس وأخبث الناس، وحكاية كلامه هذا يغنينا عن الرد عليه؛ لوضوح تفاهته وسقوطه، لكني- مع ذلك- أضع بين أيدي القراء تفسير أهل العلم لكلام ابن المديني؛ ليرى القارىء الكريم الفرق بين كلام أهل العلم من الفحول وبين كلام الأغمار أمثال هذا الجهول.
قال الإمام الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (5/86-87) ، و«تاريخ الإسلام» (7/423-ط دار الكتاب العربي) : «قال علي بن المديني: كان عطاء اختلط بأخره، تركه ابن جريج وقيس بن سعد . قلت: لم يعن علي بقوله تركه هذان الترك العرفي، ولكنه كبر وضعفت حواسه، وكان قد تكفيا منه وتفقها وأكثرا عنه؛ فَبَطّلا؛ فهذا مراده بقوله: تركاه».
وقال في «ميزان الاعتدال» (3/70): «لم يعن الترك الاصطلاحي، بل عنى أنهما بَطّلا الكتابة عنه، وإلا؛ فعطاء ثَبْتٌ رِضَىً».
وعليه؛ فابن جريج حدث بهذا الحديث ورواه عن عطاء قبل اختلاطه؛ لأن ابن جريج لم يكتب عنه في اختلاطه -بنص كلام الإمام الذهبي- فأين العلة، وأين الوهم والخطأ؟ وإنما هو العفن استفحل في رؤوس القوم وأفهامهم.
ثم قال (المأفون): «الثاني: منازعة راو مجهول له في الرواية» ثم ذكر ما أخرجه الطبري والقاضي وكيع من طريق حماد بن سلمة عن أيوب بن أبي سهلة ! عن عطاء به ، قال: « وأيوب بن أبي سهلة؛ هذا مجهول ، لا يعرف له غير هذا الخبر...».
قلت: وهذا من أسلوبه الخبيث في هدم السنة؛ فإنه يقدم رواية المجهول الضعيف- بزعمه- على رواية الثقة الثبت خلافاً لقاعدة علماء المصطلح؛ بل العقلاء جميعاً.
على أنه لا تعارض بينهما (ولا منازعة)، بل هي متابعة لابن جريج منه، وهذا مما كتمه (الهدام) عن البقية الباقية من قرائه!؛ ليحملهم على تقليد جهله، ويصرفهم عن اتباع أهل العلم والبصيرة من علمائهم الذين صححوا هذا الأثر، وأصلوا به -وأمثاله- عقائدهم.
فأين المخالفة؟
ومن خالف من؟
لكن هذه التعابير اللولبية والإنشاءات الحلزونية التي يحدثها هذا الهدام الجهول: هي من باب التكلف والتنطع المنهي عنه؛ كما في الحديث الصحيح: «هلك المتنطعون».
وإلا ؛ فلماذا أعرض عن الاصطلاح العام المعروف عند علماء الإسلام أن رواية الثقة تقدم- بلا خلاف- على رواية المجهول؟!
لا لشيء سوى حبّ المشاكسة والمخالفة الذي حاد به عن سبيلهم -غاية وأسلوباً-، لكنه ينطلق في كل ما يكتب من تلك القاعدة اليهودية الدخيلة: (الغاية تسوغ الوسيلة)؛ ولذلك لا بدّ من الوصول إلى (مآربه) بكل(مكر ودهاء وحيلة).

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:24
مسرد العلماء الأعلام الذين صرحوا بصحة
تفسير عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- أو احتجوا به

يكفي القارىء الكريم أن يعلم: أنّ أهل السنّة والجماعة من أصحاب الحديث والأثر أتباع السلف الصالح متفقون على تلقي هذا الأثر عن حبر الأمة ابن عباس- رضي الله عنهما- بالقبول، ومجمعون على صحته؛ فهم عاملون به، داعون إليه:
1- قال الحاكم - رحمه الله - في «المستدرك» (2/393) :«هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
2- ونقل الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في «تفسير القرآن العظيم» (2/64) عنه قوله: «صحيح على شرط الشيخين»، واحتج به([35]).
3- وقال شيخ المفسرين الطبري -رحمه الله- في«جامع البيان» (6/166-167): «وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراً عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عمّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصاً؟!
قيل: إن الله -تعالى- عمّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس».
4- قال الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي - رحمه الله -في «تعظيم قدر الصلاة» (2/520): «...ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً دون أصله، لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعاً للأصل لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس في قوله: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».
5- وقال الإمام أبو المظفر السمعاني -رحمه الله- في «تفسير القرآن» (2/42): «قال ابن عباس: الآية في المسلمين وأراد به كفر دون كفر، واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية ، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.
وللآية تأويلان:
أحدهما معناه: ومن لم يحكم بما أنزل الله رداً وجحداً فأولئك هم الكافرون.
والثاني معناه: ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم».
6- وذكره الإمام البغوي -رحمه الله- في «معالم التنزيل» (3/61) وثبته -جازماً به- بقوله: «وقال ابن عباس وطاووس: ليس بكفر ينقل من الملة، بل إذا فعله؛ فهو به كافر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر».
7- وقال أبو بكر بن العربي - رحمه الله- في «أحكام القرآن» (2/624-625): «اختلف فيه المفسرون؛ فمنهم من قال: الكافرون والظالمون والفاسقون كلّه لليهود، ومنهم من قال: الكافرون للمشركين، والظالمون لليهود، والفاسقون للنصارى، وبه أقول ؛ لأنه ظاهر الآيات ، وهو اختيار ابن عباس، وجابر بن زيد ، وابن أبي زائدة، وابن شبرمة.
قال طاووس وغيره: ليس بكفر ينقل من الملَّة، ولكنه كفر دون كفر، هذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله؛ فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية؛ فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين».
8- وقال القرطبي -رحمه الله- في «الجامع لأحكام القرآن»(6/190): «..فأما المسلم فلا يكفر، وإن ارتكب كبيرة . وقيل : فيه إضمار ؛ أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردّاً للقرآن ، وجحداً لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ فهو كافر ؛ قاله ابن عباس ومجاهد...».
9- وقال البقاعي- رحمه الله- في «نظم الدرر» (2/460) « ولما نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إما لاستهانة أو لخوف أو رجاء أو شهوة، رتب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسق، قال ابن عباس - رضي الله عنهما- من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرّ؛ فهو ظالم فاسق».
10- وذكره الواحدي في «الوسيط» (2/191) :« وقال طاووس: قلت لابن عباس: ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر؟ قال هو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله».
11- وقال صديق حسن خان - رحمه الله- في «نيل المرام من تفسير آيات الأحكام»(2/472): « وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم- وصححه- والبيهقي في «سننه» عن ابن عباس في قوله -تعالى- هذا؛ قال: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، وإنه ليس كفراً ينقل من الملة بل كفر دون كفر».
12- وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- في «أضواء البيان» (2/101): «...وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال : ليس الكفر الذي تذهبون إليه، رواه عنه ابن أبي حاتم،والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ قاله ابن كثير»
13- وقال أبو عبيد القاسم بن سلام- رحمه الله- في «الإيمان» (ص45): «وأما الفرقان الشاهد عليه في التنزيل: فقول الله -عز وجل-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة:44]، وقال ابن عباس: «ليس بكفر ينقل من الملة»، وقال عطاء بن أبي رباح: «كفر دون كفر» .
فقد تبيَّن لنا إذا كان ليس بناقل عن ملّة الإسلام أن الدين باق على حاله، وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا أخلاق الكفار وسنتهم.. لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله.
ألا تسمع قوله:{أفحكم الجاهلية يبغون} [ المائدة:50]، تأويله عند أهل التفسير: أن من حكم بغير ما أنزل الله، وهو على ملّة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية، إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون».
14- وقال أبو حيان- رحمه الله- في «البحر المحيط» (3/492) «{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ظاهر هذا العموم، فيشمل هذه الأمة، وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظاهر: أنه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنه عامة في اليهود وغيرهم، ذهب ابن مسعود وإبراهيم وعطاء وجماعة ، ولكن كفر دون كفر، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق، يعني: أن كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملة، قاله ابن عباس وطاووس».
15- وأورد أبو عبد الله بن بطة في «الإبانة» (2/723) باباً فيه ذكر الذنوب التي يصير صاحبها إلى كفر غير خارج به من الملة.
ثم ذكر (2/733-737) الحكم بغير ما أنزل الله، وساق الآثار عن ابن عباس وابن مسعود ، والتابعين الدالة على أنه كفر أصغر غير ناقل عن الملّة.
16- وقال ابن عبد البر- رحمه الله- في «التمهيد» (4/237): «وقد جاء عن ابن عباس -وهو أحد الذين روي عنهم تكفير تارك الصلاة-، أنه قال في حكم الحاكم الجائر: كفر دون كفر. ثم ساقه بإسناده».
17- وقال الخازن في «تفسيره» (1/310-مختصره):«فقال جماعة من المفسرين:«إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غيّر حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال: إنه كافر، وهذا قول ابن عباس، وقتادة والضحاك، ويدل على صحة هذا القول ما روي عن البراء بن عازب...».
18- وقال جمال الدين القاسمي - رحمه الله- في «محاسن التأويل» (6/1998): «كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون وأثروه عن عكرمة وابن عباس».
19- وقال الشيخ السعدي- رحمه الله- في «تيسير الكريم الرحمن» (2/296-297): «فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفراً ينقل عن الملّة، وذلك إذا اعتقد حلّه وجوازه، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد...{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. قال ابن عباس: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»؛ فهو ظلم أكبر عند استحلاله، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له».
20- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (7/312): «وإذا كان من قول السلف: إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة؛ كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملّة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة».
وقال في (7/522): «وقال ابن عباس وغير واحد من السلف في قوله- تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} {فأولئك هم الفاسقون}{فأولئك هم الظالمون} كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما».
وقال (7/350-351): «وقد يكون مسلماً، وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الإسلام بالكلية؛ كما قال الصحابة - ابن عباس وغيره: كفر دون كفر، وهذا قول عامة السلف، وهو الذي نص عليه أحمد وغيره... وهذا -أيضاً- مما استشهد به البخاري في «صحيحه»»([36]).
وقال (7/67): « قال ابن عباس وأصحابه:كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكذلك قال أهل السنة؛ كأحمد بن حنبل وغيره».
وقال (11/140): «وقال غير واحد من السلف: كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق ، وشرك دون شرك».
21- وقال ابن قيم الجوزية - رحمه الله- في «مدارج السالكين»(1/335-336): « فأما الكفر ؛ فنوعان: كفر أكبر ، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار.
والأصغر : موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود... وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ قال ابن عباس:«ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله، فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر» .
وكذلك قال طاووس.
وقال عطاء: «هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق».
ثم فصل -رحمه الله- حكم الذي لا يحكم بما أنزل الله بكلام رائع رائق سيأتي بتمامه - إن شاء الله-([37]).
22- وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/109-116): «وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: «كفر دون كفر»، صحّ ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه-، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم.
ولا بد من ذكر ما تيسر لي عنهم؛ لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ، ونحا نحو الخوارج الذين يكفّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي- وإن كانوا يصلّون ويصومون-» .
ثم ساق -رحمه الله- بعض الآثار المتقدمة ، وخرجها ، وبين صحتها.
23-قال أستاذنا الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- في تعليقه على كتاب «التحذير من فتنة التكفير»(ص68-69) :« لكن لما كان هذا [ الأثر ] لا يرضي هؤلاء المفتونين بالتكفير؛ صاروا يقولون : هذا الأثر غير مقبول! ولا يصحّ عن ابن عباس! فيقال لهم : كيف لا يصحّ؛ وقد تلقاه من هو أكبر منكم، وأفضل ، وأعلم بالحديث؟! وتقولون: لا نقبل .
ثم هب أن الأمر كما قلتم : إنه لا يصح عن ابن عباس؛ فلدينا نصوص أخرى تدلّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج عن الملّة ؛ كما في الآية المذكورة ، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم:« اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت».
وهذه لا تُخرج من الملّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلّة البضاعة من العلم، وقلّة فهم القواعد الشرعية العامة : هي التي توجب هذا الضلال.
ثم شيء آخر نضيفه إلى ذلك ، وهو: سوء الإرادة التي تستلزم سوء الفهم؛ لأن الإنسان إذا كان يريد شيئاً؛ لزم من ذلك أن ينتقل فهمه إلى ما يريد، ثم يحرِّف النصوص على ذلك.
وكان من القواعد المعروفة عند العلماء أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد لا تعتقد ثم تستدل؛ فتضل.
فالأسباب ثلاثة، هي :
الأول: قلّة البضاعة من العلم الشرعي.
الثاني: قلّة فقه القواعد الشرعية.
والثالث: سوء الفهم المبني على سوء الإرادة.
وأما بالنسبة لأثر ابن عباس؛ فيكفينا أن علماء جهابذة ؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم- وغيرهما- كلهم تلقوه بالقبول ويتكلمون به، وينقلونه ؛ فالأثر صحيح».
فيا أيها القراء الكرام! هل يدخل في عقل مسلم أن هؤلاء العلماء الأجلاء كلّهم متساهلون، أو مقلّدون ، أو على الأقل مخطئون، وذاك (الهدام الفسل) و(شيخه المفتون به) هما الإمامان المجتهدان المصيبان؟!! وهما- والله- لا يصلحان أن يكونا تلميذين لأحد تلاميذهم... ووالله -وتالله-: إننا لفي زمان تكلّم (الرويبضة)؛ كما أخبر الصادق المصدوق، فماذا يقال عمن يفعل هذا؟!
وأقول هنا نصيحة لهذا الغمر الجاهل وشيخه المفتون به: ما قاله عبيد الله بن الحسن العنبري- رحمه الله- :«لأن أكون ذنباً في الحقّ أحبّ إليّ من أن أكون رأساً في الباطل»([38]).
وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- : «إنا نقتدي ولا نبتدي ، ونتَّبع ولا نبتدع ؛ ولن نضلّ ما تمسكنا بالأثر»([39]).
وأقول ما قاله الإمام الأوزاعي - رحمه الله- ناصحاً منبهاً:« اصبر نفسك على السنة ،وقف حيث وقف القوم، وقل فيما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم»([40]).

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:31
الهامش:

([12])انظر :«الجرح والتعديل» (9/53-54) ، و«تاريخ الثقات» للعجلي (457/1729)، و«الثقات» لابن شاهين(250/1536) ، و«طبقات ابن سعد» (5/484)، و«الثقات» لابن حبان(7/567)، و«تهذيب الكمال» (30/179-181)، و«الكاشف» (2/335/5958) و«تهذيب التهذيب» (11/33)، و«التقريب» (2/317).
([13]) «القول المبين في تضعيف مقولة ابن عباس« كفر دون كفر» على آية {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}» قدّم لها : محمد إبراهيم شقرة (!)
([14]) ولمعرفة قَدْرِ هذا المتعالم الهدام المتطفل على علم الحديث؛ انظر -غير مأمور- كتاب شيخنا محدث العصر الألباني- رحمه الله- الموسوم بـ «النصيحة بالتحذير من تخريب (ابن عبد المنان) لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة».
([15]) انظر: «النصيحة» (ص6-7).
([16]) انظر: «الصحيحة» (1/906-907).
([17]) «النصيحة» (ص175).
([18]) كما هو واقع في حديثنا هذا.
([19]) «النصيحة» (ص126).
([20]) وهذا الأمر نعرفه عنه قديماً؛ فمرة -قبل نحو عشرين سنة، ولم يكن حاله مكشوفاً كالآن- سأل شيخنا -باستغراب واستنكار- عن هذه القاعدة؛ فأجابه شيخنا - رحمه الله-: ألم تقرأ قوله -تعالى- {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهماالأخرى} [البقرة: 282]؛ فبهت، وفَغَرَ فاه.
وبهذه المناسبة أذكر أن هذا الهدام كتب -وهو في بواكير الصبا- رسالة في هدم النَّحو والصرف سماها: «الإعراب في هدم الإعراب وبيان ما فيه من خراب، ومباحث أخرى في الباب».
([21]) «الصحيحة» (1/940-941).
([22]) «النصيحة» (ص71).
([23]) «الصحيحة« (1/940-941).
([24]) «الصحيحة» (1/941) بتصرف.
([25]) انظر مقدمة محمد شقرة لرسالته: « القول المبين» (ص6).
([26]) «النصيحة» (ص40).
([27]) انظر: «تهذيب التهذيب» (10/245)، «هدي الساري» (ص571-572).
([28]) ومن أجل تضعيفه لحديث غيلان -هذا- يهمس لبعض من يلوذ به بجواز تزوّج الرجل المسلم أكثر من أربع نساء!! ...إنها آثار التشيُّع.
([29]) انظر -لزاماً- «هدي الساري» (ص571-572- دار المنار).
([30]) وقد ذكره الهدام في «رسالته» (ص27)، وعزاه له (برقم 273) وقد قال شيخنا -رحمه الله- في صنيع له -مثله- في «النصيحة» (ص14): «الأمر الذي يشعرك أنه لا يحسن النقل فضلاً عن البحث والتخريج، وهو في هذا كله يتظاهر أن ذلك من كدِّ يمينه وعرق جبينه! وإنما هو -حقيقة- ممن تقدمه من المخرِّجين السابقين أو اللاحقين، وقد يضيف- أحياناً- مصدراً جديداً أو رقماً؛ ستراً لسرقته، ولكن الأمر كما قيل:« من أسر سريرة ألبسه الله رداءها» ، وكما قال الشاعر:
ومهما تكن عند إمرىء من خليقة


وإن خالها تخفى على الناس تعلم»



([31]) انظر -غير مأمور-: «فتح الباري» (8/438-439).
([32]) ذكره الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (6/406).
([33]) تقدم تخريجه (ص 60).
([34]) «النصيحة» (ص7-8) بتصرف.
([35]) وجدت بالتتبع والاستقراء أن نقل ابن كثير -رحمه الله- لأقوال الحاكم وعدم مخالفته إيّاها موافقة له، لأنه إذا خالف بيَّن وإذا وافق ذكر القول، ومن كان عنده زيادة علم؛ فليدلنا عليه.
وهذا كلّه يهدم اعتراض (الهدام) (ص43-44) حيث زعم أن ابن كثير لم يوافق الحاكم؛ لأن الساكت لا ينسب إليه قول!
([36]) مراده - رحمه الله- تبويب الإمام البخاري في «صحيحه»: ( باب كفران العشير، وكفر دون كفر).
قال القاضي ابن العربي المالكي؛ كما في «فتح الباري» (1/83): «مراد المصنف؛ يعني: البخاري: أن يبين أن الطاعات؛ كما تسمى إيماناً؛ كذلك المعاصي تسمى كفراً ؛ لكن حيث يطلق عليها الكفر: لا يراد الكفر المخرج من الملة».
([37]) (ص 116).
([38]) انظر:«الإبانة»(2/882) و«تاريخ بغداد» (10/308).
قلت: ولكن عجبي لا ينقضي من شيخه المفتون به؛ فلقد كان رأساً في الحقّ؛ فَلِمَ رضي أن يكون ذنباً في الباطل؟! نسأل الله لنا ولهما الهداية.
([39]) «حلية الأولياء» (1/80).
([40]) انظر: «الإبانة» (2/882) ، و«الشريعة» (ص58)، و«السنة» للخلال (3/568)، و« سير أعلام النبلاء» (8/543).

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:32
قرة العيون
في تصحيح تفسير عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- لقوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} روايةً ودرايةً ورعايةً»

لفضيلة الشيخ سليم الهلالي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن محاسن دين الله وفضائل تطبيقه وثمار الحكم به والتحاكم إليه؛ تثير ساكن شوق المؤمنين به، ويشعل حبُّها لهيب حرصهم عليه؛ فلذلك شُغفت قلوبهم توقاً إلى إقامة حكم الله في أرض الله، واستئناف حياة إسلامية راشدة على منهاج النبوة ؛ لأن وجوب إقامة شرع الله وتطبيق أحكامه في كلّ زمان ومكان لا يختلف فيه اثنان من المسلمين؛ لأنه محل إجماعهم -من جهة- ومرتبط بالتوحيد -من جهة أخرى-
وبينما هم يطلبون ذلك يعلمون يقيناً: أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها؛ فعضوا على كتاب الله وصحيح سنة رسوله، بفهم السلف الصالح بالنواجذ.
لأن فهم الوحيين بفهم السلف ليس نافلة أو منّة، بل هو فرض واجب وحتم لازم؛ فهو حرز من مضلات الهوى، وعصمة من فتنة الشهوات والشبهات.
ومن أهمِّ ذلك فهم السلف الصالح لقوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة: 44]، وقوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة:45]، وقوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}[ المائدة: 47].
ولقد سقط أتباع السلف دعاة منهجهم في تأويل هذه الآيات الكريمة على المقولة الذهبية المنقولة عن الخبير الخرّيت؛ الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين والعلم في التأويل ؛ فكان حبر الأمة وترجمان القرآن؛ فهدؤوا إلى قوله، واطمأنوا إلى تفسيره؛ لما فيه من سعة إحاطة، ودقّة نظر، وحسن تأويل؛ يجلّي مراد الله في كتابه، ويوضح مقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، ويصرخ الواحد منهم -مطمئناً- بأعلى صوته: هذا هو فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليس بينهم اختلاف أو تفاوت.
ولذلك لم يزل أهل العلم الأكابر على ذلك؛ لأن الحق سلسلة ذهبية مترابطة الحلقات، متراصة الصفوف، منضبطة الأحكام، دقيقة الإحكام، لا يعتريها زيغ، ولا يفسدها تردّد، ولا يقطعها انحراف، بل الثبات نورها، والهدى سبيلها، والصواب واسطة عقدها.
وتناقل أخيار الخلف هذا الفهم عن أئمة السلف، وورثوه كابراً عن كابر، وتسليم كفٍّ بكف!
...حتى كنا بأخرة ؛ فنبتت نابته سوء يتصل سَمْتُهم بسلفهم الطالح من شاكلة ذي الخويصرة التميمي ونسله؛ ممن نبغت على أيديهم فتنة التكفير في صدر هذه الأمة، وظنت هذه الشرذمة أنها على شيء من العلم والتحقيق، ولكنها وأيم الله -ووالله وتالله- لا تحسن إلا تسويد الصفحات بكلام مزوّر مزوّق، وتكرار القول بباطل منمّق، وصنع المتاهات ووضع العقبات؛ ليتردى فيها كلّ معوّق، فأداها غرورها إلى الطعن في ثوابت العقيدة والمنهج تحت دعاية براقة من التجديد وباسم صياغة العقل السلفي!
ومن ذلك طعنهم -أو تشكيكهم- في هذه المقولة الذهبية -رواية أو دراية- التي أجمع عليها علماء السنة والجماعة، واتفقوا على تلقيها بالقبول؛ لأنها من ميراث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما كان الردّ على أهل البدع، وبيان باطلهم، وكشف زخرفهم؛ استمراراً لمعركة التأويل التي قادها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث وضعوا أسيافهم على عواتقهم، فأبادوا خضراء الخوارج يوم النهروان: وضعت هذا الكتاب الموسوم بـ«قرة العيون في تصحيح تفسير عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما- لقوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} روايةً ودرايةً ورعايةً»؛ راجياً الله -عزّ وجلّ- أن يجعله قرة أعين إخواننا السلفيين؛ أهل الحديث والأثر، وشجى في حلوق الخوارج التكفيريين، وأفراخهم من الحزبيين والحركيين، وهداية للمسترشدين ، ونصحاً لعامة المسلمين وأئمتهم المرضيِّين، وصيانةً لكتاب الله من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ إنه -سبحانه- ولي ذلك والقادر عليه.
وقد جعلت كتابي هذا سبعة أبواب.
الباب الأول: طلائع الكتاب:
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: حماية الثوابت من تحريف النوابت.
الفصل الثاني: معركة التأويل.
الفصل الثالث: منار السبيل في بيان منزلة عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- في التأويل.
الباب الثاني: تفسير عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- لآيات الحكم رواية:
وفيه فصلان:
الفصل الأول: طريق طاووس عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-، وتفصيل الطرق عنه.
الفصل الثاني: طريق علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-.
الباب الثالث: الآثار السلفية الموافقة لتفسير عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-.
وفيه فصلان:
الأول: عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-.
الثاني: طاووس اليماني -رحمه الله-.
الباب الرابع: مسرد العلماء الذين صرّحوا بصحة تفسير عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- أو احتجوا به.
الباب الخامس: تفسير عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما - لآيات الحكم دراية:
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول : كفر دون كفر.
الفصل الثاني: هل الحكم بغير ما أنزل الله -مطلقاً من غير تفصيل- كفر ينقل عن الملة؟
الفصل الثالث: تناقضات الحركيين الجدد.
الباب السادس: آيات سورة المائدة في الحكم بغير ما أنزل الله.
الفصل الأول: تحرير النقول في أسباب النزول.
الفصل الثاني: من المقصود بهذه الآيات؟
الفصل الثالث: المناقشة والترجيح.
الباب السابع: كشف الشبهات وردُّ الاعتراضات.
الباب الثامن: تفسير عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- لآيات الحكم رعاية.


حمل الكتاب
http://www.spaadyshare.com/21evbr122it5/qorrat%20al%203oun.rar

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:33
الباب الخامس
تفسير عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- لآيات الحكم دراية



وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: كفر دون كفر.
الفصل الثاني: هل الحكم بغير ما أنزل الله -مطلقاً، من غير تفصيل- كفر ينقل عن الملة؟
الفصل الثالث: تناقضات الحركيين الجدد.




الفصل الأول
كفر دون كفر

اعلم أيها المحبّ- لا زلت موصولاً بما تحبّ- أن تفسير عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- لو لم يصحّ رواية؛ فهو صحيح دراية([41])؛ فإن آيات القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين تؤصله، وتشهد له، وتؤكده.
فمن المتفق عليه عند أهل السنة والجماعة: أن الكفر مراتب أو كفر دون كفر، وهذا ما يقتضيه استقراء الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذه المسألة المهمة الأصيلة والجمع بينهما في ذلك، وهاك البيان:
أولاً- سمى رسول اللهصلى الله عليه وسلم بعض الذنوب كفراً؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»([42]).
وقوله : « لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»([43]).
وجعل الله مرتكب هذا الذنب من المؤمنين ، قال -تعالى-: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} [البقرة:178].
وبالجمع بين الآية والأحاديث يتبين: أن المراد كفر دون كفر؛ يدّلك على ذلك أمور:
1-«فلم يُخْرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخاً لولي القصاص، والمراد: أخوّة الدين بلا ريب»([44]).
2-ذكر التخفيف بعد عفو ولي المقتول، ولو كان كفراً ينقل من الملّة لما خفف حكمه -قولاً واحداً-.
3-ذكر الرحمة بعد التخفيف، والمغفرة من آثارها، والله لا يغفر أن يشرك به شيئاً، وإنما يغفر ما دون ذلك، فتبين أن هذا الذنب دون الشرك؛ فهو كفر لا ينقل من الملة.
وقال -تعالى-: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون} [ الحجرات: 9و10].
فبالجمع بين هذه الآية والأحاديث السابقة يتبين: أن المراد كفر دون كفر؛ يدل على ذلك أمور:
1-أنه جعل المتقاتلين من المؤمنين.
2-أنه وصفهم بأنهم إخوة ، والمراد: أخوة الدين بلا ريب.
3-أنه جعلهم أخوة المصلحين بين الفئتين ، ولا شك أنها أخوة الإيمان التي جمعتهم.
4-أنه وصف الفئة المعتدية بالطائفة الباغية؛ وهي تقاتل حتى تفيء إلى أمر الله، وهو الصلح، ولو كانت كافرة بفعلها كفراً ينقل عن الملّة لوجب قتالها حتى تؤمن بالله.
5-وقد ثبت في حكم الفئة الباغية ، أنها لا تسبى نساؤها، ولا يقسم فيؤها، ولا يتبع هاربها، ولا يقضى على جريحها ، ولو كانت كافرة؛ فحكمها غير ذلك، كما هو معلومٌ بالضرورة من فقه غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك جاءت أحاديث صحيحة صريحة في اعتبار أن المتقاتلين من المسلمين؛ كقولهصلى الله عليه وسلم في سبطه الحسن بن علي -رضي الله عنهما-:« ابني هذا سيد؛ ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين».([45]).
وقد أصلح الله به بين فرقتين من المسلمين عندما تنازل الحسن بن علي - رضي الله عنهما- عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما- سنة(40هـ) المسمى عام الجماعة؛ لأن كلمة المسلمين اجتمعت وتوحدت بعد افتراق.
ولو صح أن ذنب الاقتتال كفر مخرج من الملة للزم تكفير الصحابة - رضي الله عنهم- وهذا باطل! ولهذا عندما زلق قدم الخوارج في هوة التكفير حكموا على بعض الصحابة بذلك، نعوذ بالله من الخذلان وعدم التوفيق والحرمان.
ثانياً- نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن مرتكبي بعض المعاصي مثل الزنى والسرقة وشرب الخمر؛ فقال-: «لا يزني الزاني حين يزني؛ وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها؛ وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق؛ وهو مؤمن»([46])
«إذ لو كان كفراً ينقل عن الملّة؛ لكان مرتداً يقتل على كل حال، ولا تجري الحدود في الزنى والسرقة وشرب الخمر، وهذا معلوم بطلانه وفساده من دين الإسلام...ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل، بل يقام عليه الحدّ، فدلّ على أنه ليس بمرتدٍّ»([47]).
وقال الإمام أبو عبيد -رحمه الله- في «الإيمان» (ص88-89) في ردِّه على مكفري المسلم بالمعصية:
«ثم قد وجدنا الله -تبارك وتعالى- يكذّب مقالتهم، وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد، وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه؛ ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من بدّل دينه فاقتلوه»([48]).
أفلا ترى أنهم لو كانوا كفّاراً؛ لما كانت عقوباتهم القطع والجلد؟
وكذلك قول الله فيمن قتل مظلوماً: { فقد جعلنا لوليه سلطاناً} الآية [الإسراء:33]، فلو كان القتل كفراً؛ ما كان للولي عفو، ولا أخذ دية، ولزمه القتل».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في «مجموع الفتاوى»(7/287-288):



«وكذلك كل مسلم يعلم أن شارب الخمر والزاني والقاذف والسارق لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يجعلهم مرتدين يجب قتلهم ، بل القرآن والنقل المتواتر يبين أن لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام؛ كما ذكر الله في القرآن جلد القاذف والزاني، وقطع يد السارق، وهذا متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانوا مرتدين لقتلهم، فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم».
قلت : فإذا كانت المعاصي لا تزيل إيماناً ولا توجب كفراً مخرجاً من الملة فالمراد بنفي الإيمان الوارد في هذه الأحاديث؛ هو نفي كمال الإيمان الواجب لا أصل الإيمان، يدلك على ذلك دليل وشاهد:
أما الدليل؛ فهو قوله صلى الله عليه وسلم : «إذا زنى العبد خرج منه الإيمان؛ وكان كالظلة؛ فإذا انقلع منه رجع إليه الإيمان»([49]).
وأما الشاهد؛ فهو مناظرة جرت بيني وبين أحد رؤوس التكفير -قديماً- حول هذه الأحاديث، حيث استدل بها على تكفير الزاني وشارب الخمر والسارق..الخ.
فانتصرت لمذهب أهل السنة والجماعة باللغة.
قلت له: هذه الأحاديث لا تدل على مرادك من الناحية اللغوية؛ فضلاً عن الآثار السلفية الواردة عن الصحابة والتابعين.
فقال: كيف ذلك؟
قلت: لأن من المقرر عند أهل اللغة أن الجمل بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال.
فهذه الجملة بيّنت حال الزاني والسارق وشارب الخمر وهو يقارف الإثم والفحشاء، فإذا انخلع من معصيته عاد إليه إيمانه؛ فبهت ولم يَحْرِ جواباً.
قال الإمام أبو عبيد- رحمه الله- في «الإيمان»(ص90-91)
«فإن قال [قائل]: كيف يجوز أن يقال: ليس بمؤمن ، واسم الإيمان غير زائل عنه؟
قيل: هذا كلام العرب المستفيض عندنا غير المستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا كان عمله على غير حقيقته، ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله: ما صنعت شيئاً، ولا عملت عملاً، وإنما وقع معناهم ههنا على نفي التجويد، لا على الصنعة نفسها، فهو عندهم عامل بالاسم وغير عامل في الإتقان، حتى تكلَّموا به فيما هو أكثر من هذا ،وذلك كرجل يعقّ أباه ويبلغ منه الأذى؛ فيقال: ما هو بولده، وهم يعلمون أنه ابن صلبه، ثم يقال مثله في الأخ والزوجة والمملوك، وإنما مذهبهم في هذه المزايلة من الأعمال الواجبة عليهم من الطاعة والبّر.
وأما النّكاح والرّقّ والأنساب، فعلى ما كانت عليه أماكنها وأسماؤها، فكذلك هذه الذنوب التي يُنفى بها الإيمان ، إنما أحبطت الحقائق منه الشرائع التي هي من صفاته، فأما الأسماء فعلى ما كانت قبل ذلك، ولا يقال لهم إلا مؤمنون، وبه الحكم عليهم.
وقد وجدنا مع هذا شواهد لقولنا من التنزيل والسنَّة»([50]).
وقد بسط هذه المعاني بسطاً وافياً، وأصَّل هذه القاعدة تأصيلاً كافياً، وبينَّها بياناً شافياً الإمام ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في «الصلاة وحكم تاركها» (ص72-78) : فقال:« وههنا أصل آخر، وهو: أن الكفر نوعان:
كفر عمل.
وكفر جحود وعناد([51]).
فكفر الجحود: أن يكفر بما علم أن الرسول جاء به من عند الله جحوداً وعناداً ؛ من أسماء الرب، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه.
وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه.
وأما كفر العمل: فينقسم إلى ما يضاد الإيمان([52])، وإلى ما لا يضاده:
فالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النَّبيِّ، وسبه؛ يضاد الإيمان. وأما الحكم بغير ما أنزل الله ، وترك الصلاة ؛ فهو من الكفر العملي قطعاً ([53])، ولا يمكن أن ينفى عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه.
فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر، وتارك الصلاة كافر -بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم-، ولكن هو كفر عمل، لا كفر اعتقاد، ومن الممتنع أن يسمي الله -سبحانه- الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً، ويسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم تارك الصلاة كافراً ، ولا يطلق عليها اسم الكفر ، وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن الزاني، والسارق ، وشارب الخمر، وعمن لا يأمن جاره بوائقه، وإذا نفي عنه اسم الإيمان؛ فهو كافر من جهة العمل، وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد.
وكذلك قوله: « لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض([54])» فهذا كفر عمل.
وكذلك قوله: « من أتى كاهنا فصدقه، أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد»([55]).
وقوله:« إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر؛ فقد باء بها أحدهما»([56]).
وقد سمى الله -سبحانه وتعالى- من عمل ببعض كتابه وترك العمل ببعضه مؤمناً بما عمل به، وكافراً بما ترك العمل به؛ فقال -تعالى-: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسرى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 84و85]؛ فأخبر -سبحانه- أنهم أقروا بميثاقه الذي أمرهم به، والتزموه ، وهذا يدل على تصديقهم به، أنهم لا يقتل بعضهم بعضاً، ولا يخرج بعضهم بعضاً من ديارهم، ثم أخبر أنهم عصوا أمره، وقتل فريق منهم فريقاً ، وأخرجوهم من ديارهم. فهذا كفرهم بما أخذ عليهم في الكتاب ، ثم أخبر أنهم يفدون من أسر من ذلك الفريق، وهذا إيمان منهم بما أُخذ عليهم في الكتاب ، فكانوا مؤمنين بما عملوا به من الميثاق ، كافرين بما تركوه منه. فالإيمان العملي يضاده الكفر العملي، والإيمان الاعتقادي يضاده الكفر الاعتقادي.
وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بما قلناه في قوله في الحديث الصحيح: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»([57])؛ ففرّق بين قتاله وسبابه، وجعل أحدهما فسوقاً لا يكفر به والآخر كفراً، ومعلوم أنه إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي ، وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية، كما لا يخرج الزاني والسارق والشارب من الملة ، وإن زال عنه اسم الإيمان.
وهذا التفصيل؛ هو: قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله ، وبالإسلام والكفر ولوازمهما، فلا تتلقى هذه المسائل إلا عنهم، فإن المتأخرين لم يفهموا مرادهم؛ فانقسموا فرقين:
فريقاً أخرجوا من الملة بالكبائر، وقضوا على أصحابها بالخلود في النار([58]).
وفريقاً جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان([59]).
فهؤلاء غَلَوْا .
وهؤلاء جَفَوْا .
وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى، والقول الوسط الذي هو في المذاهب كالإسلام في الملل، فها هنا كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك، وفسوق دون فسوق، وظلم دون ظلم.
قال سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44]: «ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه».
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «هو بهم كفر، وليس كمن كفر بالله، وملائكته، وكتبه ، ورسله».
وقال في رواية أخرى عنه: «كفر لا ينقل عن الملة».
وقال طاووس: «ليس بكفر ينقل عن الملة».
وقال وكيع: عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، فسق دون فسق».
وهذا الذي قاله عطاء بَيِّنٌ في القرآن، لمن فهمه، فإن الله- سبحانه- سمّى الحاكم بغير ما أنزله كافراً ، وسمّى جاحد ما أنزله على رسوله كافراً، وليس الكافران على حدّ سواء([60]).
وسمّى الكافر ظالماً؛ كما في قوله -تعالى-: {والكافرون هم الظالمون} [البقرة: 254]، وسمّى متعدي حدوده في النكاح، والطلاق، والرجعة، والخلع؛ ظالماً، فقال: {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} [ الطلاق: 1] وقال نبيّه يونس: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [ الأنبياء: 87]، وقال صفيُّه آدم: {ربنا ظلمنا أنفسنا} [الأعراف: :23] وقال كليمه موسى: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [ القصص: 16]. وليس هذا الظلم مثل ذلك الظلم([61]).
ويسمى الكافر فاسقاً؛ كما في قوله:{ وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} [ البقرة :26و27] الآية، وقوله: { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون}[ البقرة: 99]، وهذا كثير في القرآن.
ويسمى المؤمن فاسقاً؛ كما في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات:6] نزلت في الحكم بن أبي العاص، وليس الفاسق كالفاسق، وقال -تعالى-: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون} [ النور: 4]، وقال عن إبليس :{ففسق عن أمر ربه} [ الكهف: 50]، وقال : { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق}[ البقرة: 197]، وليس الفسوق كالفسوق.
والكفر كفران، والظلم ظلمان، والفسق فسقان، وكذا الجهل جهلان:
جهل كفر؛ كما في قوله -تعالى-: { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199].
وجهل غير كفر ؛ كقوله -تعالى-: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب} [النساء: 17].
كذلك الشرك شركان:
شرك ينقل عن الملة، وهو الشرك الأكبر.
وشرك لا ينقل عن الملة، وهو الشرك الأصغر، وهو شرك العمل؛ كالرياء.
وقال -تعالى- في الشرك الأكبر:{إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار} [ المائدة:72]، وقال : { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق} [ الحج : 31].
وفي شرك الرياء:{ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً } [الكهف:110]
ومن هذا الشرك الأصغر قوله صلى الله عليه وسلم: « من حلف بغير الله؛ فقد أشرك»([62]).
ومعلوم أن حَلِفَه بغير الله لا يخرجه عن الملة ، ولا يوجب له حكم الكفار.
ومِن هذا قوله صلى الله عليه وسلم :«الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل»([63]).
فانظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة ، وإلى ما لا ينقل عنها.
وكذا النفاق نفاقان:
نفاق اعتقاد ، ونفاق عمل.
فنفاق الاعتقاد: هو الذي أنكره الله على المنافقين في القرآن، وأوجب لهم الدرك الأسفل من النار.
ونفاق العمل؛ كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أئتمن خان»([64]).
وفي «الصحيح» -أيضاً- : «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا ائتمن خان»([65])
فهذا نفاق عمل قد يجتمع مع أصل الإيمان، ولكن إذا استحكم وكَمَلَ؛ فقد ينسلخ صاحبه عن الإسلام بالكلية ، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ، فإن الإيمان ينهى المؤمن عن هذه الخلال، فإذا كَمَلَت في العبد ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها ، فهذا لا يكون إلا منافقاً خالصاً.
وكلام الإمام أحمد يدل على هذا ، فإن إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد بن حنبل عن المصرِّ على الكبائر، يطلبها بجهده، إلا أنه لم يترك الصلاة والزكاة والصوم، وهل يكون مصرّاً من كانت هذه حاله؟قال: هو مصر، مثل قوله «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» ، يخرج من الإيمان ويقع في الإسلام، ونحو قوله: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن»([66])، ونحو قول ابن عباس في قوله - تعالى-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة :44]. قال إسماعيل؛ فقلت له: ما هذا الكفر؟
قال: كفر لا ينقل من الملة، مثل الإيمان بعضه دون بعض؛ فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه»([67]).

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:34
الفصل الثاني
هل الحكم بغير ما أنزل الله -مطلقاً، من غير تفصيل- كفر ينقل عن الملة؟

اعلم يا عبد الله أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل من الملة، وقد يكون كفراً دون كفر، وقد بسط أئمة السلف قديماً وحديثاً هذه المسألة على هذا التفصيل في كتب العقيدة والتفسير والحديث والفقه:
أولاً: كتب العقيدة:
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - (3/267-268) في « مجموع الفتاوى» :
«والإنسان متى حلَّل الحرام- المجمع عليه- أو حرّم الحلال- المجمع عليه- أو بدّل الشرع- المجمع عليه- كان كافراً مرتدّاً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44]؛ أي: المستحل للحكم بغير ما أنزل الله».
وقال في «منهاج السنة النبوية» (5/130): «لا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله؛ فهو كافر؛ فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله؛ فهو كافر؛ فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم ، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله؛ كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنّة، وهذا هو الكفر؛ فإن كثيراً من الناس أسلموا ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم، التي يأمر بها المطاعون؛ فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله، فلم يلتزموا ذلك؛ بل استحلّوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله؛ فهم كفار ، (وإلا كانوا جهالاً)([68])».
وقال -رحمه الله- أيضاً- في «منهاج السنة النبوية»(5/130-131): «وقد أمر الله المسلمين كلهم إذا تنازعوا في شيء أن يردوه إلى الله والرسول ؛ فقال -تعالى-: {يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} [النساء:59].
وقال -تعالى-: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} [النساء:65].
فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم ؛ فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه ؛ فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة.
وهذه الآية مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله.
وقد تكلّم الناس بما يطول ذكره هنا، وما ذكرته يدّل عليه سياق الآية».
2- وقال ابن قيّم الجوزية - رحمه الله- في «مدارج السالكين» (1/335-337):
«فأما الكفر؛ فنوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النار.
والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود.
كما في قوله -تعالى- وكان مما يُتلى فَنُسخ لفظه-: «لا ترغبوا عن آبائكم؛ فإنه كفر بكم»([69]).
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «اثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة»([70]).
وقوله في «السنن» : «من أتى امرأة في دبرها؛ فقد كفر بما أنزل على محمد».([71])
وفي الحديث الآخر(3): «من أتى كاهناً أو عرافاً؛ فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل الله على محمد».([72])
وقوله:« لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»([73]).
وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله - تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة: 44].
قال ابن عباس: « ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله؛ فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر».
وكذلك قال طاووس.
وقال عطاء: «هو كفر دون كفر، وظلمٌ دون ظلم، وفسق دون فسق».
ومنهم: من تأول الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحداً له.
وهو قول عكرمة ، وهو تأويل مرجوح ؛ فإن نفس جحوده كفر، سواء حكم أو لم يحكم.
ومنهم: من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله.
قال : ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام.
وهذا تأويل عبد العزيز الكناني، وهو -أيضاً- بعيد؛ إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل، وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه.
ومنهم: من تأولها على الحكم بمخالفة النص، تعمداً من غير جهل به ولا خطأ في التأويل، حكاه البغوي عن العلماء عموماً.
ومنهم: من تأولها على أهل الكتاب، وهو قول قتادة والضحاك وغيرهما وهو بعيد ، وهو خلاف ظاهر اللفظ؛ فلا يصار إليه.
ومنهم: من جعله كفراً ينقل عن الملة.
والصحيح: أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين: الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة؛ فهذا كفر أصغر.
وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مُخَيَّر فيه، مع تيقُّنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر.
إن جهله وأخطأه، فهذا مخطىء ، له حكم المخطئين.
والقصد: أن المعاصي كلها من نوع الكفر الأصغر؛ فإنها ضد الشكر، الذي هو العمل بالطاعة، فالسعي: إما شكر، وإما كفر، وإما ثالث: لا من هذا ولا من هذا ، والله أعلم» ([74]).
3- وقال ابن أبي العز الحنفي- رحمه الله- في «شرح العقيدة الطحاوية» (ص323-324):
«وهنا أمر يجب أن يُتَفَطَّن له، وهو : أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية : كبيرة أو صغيرة ، ويكون كفراً: إما مجازاً؛ وإما كفراً أصغر، على القولين المذكورين.
وذلك بحسب حال الحاكم:
فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخيَّر فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله؛ فهذا كفر أكبر.
وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعلمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ؛ فهذا عاص، ويسمّى كافراً كفراً مجازياً ، أو كفراً أصغر.
وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه؛ فهذا مخطىء، له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور».
4- وقد ذكر الإمام أبو عبد الله ابن بطة في كتاب «الإبانة» (2/723): «باب ذكر الذنوب التي تصير بصاحبها إلى كفر غير خارج به من الملّة»، وذكر ضمن هذا الباب (2/733-737): الحكم بغير ما أنزل الله، وأورد آثار الصحابة والتابعين الدالة على أنه كفر أصغر غير ناقل عن الملة.
5- وقال العلامة صديق حسن خان -رحمه الله- في «الدين الخالص» (3/305): «الحكام ملزمون بأن يحكموا بالكتاب والسنة، وأما الحكام من أهل الرياسة والدولة، فحكمهم- أيضاً- حكم هؤلاء في إمضاء الأوامر والنواهي بما أنزل الله، وهو الكتاب المنزل من السماء على الرسول صلى الله عليه وسلم والحديث المنزل من قلب الرسول ولسانه على الأمة .
ولكن فسد الزمان فساداً بالغاً ، وظهر الشر في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ فلا يوجد واحد في ألف من الولاة والقضاة وأهل الفتوى يحكم بذلك أو يعرفه أو يعلمه بل أكثر الرؤساء تابعون للفرق الضالة، لا يجدون بداً من طاعتهم في الحكم الطاغوتي، والقضاء الجبتي وإن كان بعضهم عالماً بما أنزل الله والآية الشريفة تنادي عليهم بالكفر، وتتناول كل من لم يحكم بما أنزل الله، اللهم إلا أن يكون الإكراه لهم عذراً في ذلك، أو يعتبر الاستخفاف أو الاستحلال ؛ لأن هذه القيود إذا لم تعتبر فيهم، لا يكون أحد منهم ناجياً من الكفر والنار أبداً».
وقال- أيضاً-( 3/309): «حكم الولاة والحكام المكرهين على الحكم بالقوانين الوضعية وأما من لا يقدر على ذلك وهو مكره من جهة المالك، ومقهور في مجاري أمور الممالك، ولا يجد بداً لنفسه ولأتباعه لمصالح هناك ومفاسد في مخالفة ذلك، ولا يستخف ، ولا يستحل شيئاً مما أنزله الله، وجاء به رسول الله ، فالله أرحم الراحمين ، وسيد الغافرين».
6- قال الشيخ العلامة عبداللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ -رحمه الله- في «منهاج التأسيس» (ص 71): «وإنما يَحْرُمُ إذا كان المستند إلى شريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهواؤهم، وكذلك البادية وعاداتهم الجارية...
فمن استحلَّ الحكم بهذا في الدماء أو غيرها؛ فهو كافر، قال -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون}...
وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر؛ لأنهم فهموا أنها تتناول من حكم بغير ما أنزل الله، وهو غير مستحل لذلك، لكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة».
ثانياً: كتب التفسير:
1- روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال :« من جحد ما أنزل الله، فقد كفر، ومن أقرّ به، لم يحكم به فهو ظالم فاسق»([75]).
2- وقال طاووس عن ابن عباس- أيضاً- في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ قال: «ليس بالكفر الذي يذهبون إليه».
وفي لفظ : « كفر لا ينقل عن الملة».
ولفظ آخر : «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق».
ولفظ ثالث: « هو به كفره، وليس كمن كفر بالله، وملائكته ، وكتبه ورسله»([76]).
3- وقال طاووس: «ليس بكفر ينقل عن الملة»([77]) .
4- وقال ابن طاووس: «ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله»([78]).
5- وقال عطاء :«كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»([79]).
6- وقال علي بن الحسين: «كفر ليس ككفر الشرك، وفسق ليس كفسق الشرك، وظلم ليس كظلم الشرك»([80]).
7- وقال إسماعيل بن سعيد: «سألت أحمد: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، قلت: فما هذا الكفر؟
قال :«كفر لا يخرج من الملة»([81]).
ولما سأله أبو داود السجستاني([82]) عن قول الله - تعالى- : {ومن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ أجابه بقول طاووس وعطاء المتقدمين.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (7/254)، وتلميذه البار ابن قيم الجوزية في «حكم تارك الصلاة» (ص59-60): أن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- سئل عن الكفر المذكور في آية الحكم؛ فقال: «كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه».
8- وقال مجاهد في هذه الآيات الثلاث: «من ترك الحكم بما أنزل الله رداً لكتاب الله؛ فهو كافر ظالم فاسق»([83]).

9- وقال عكرمة: « ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، فقد كفر، ومن أقرَّ به، ولم يحكم به؛ فهو ظالم فاسق»([84]).
10- قال الخازن -رحمه الله- في«تفسيره» (1/310-مختصره) «وهذا قول ابن عباس أيضاً، وهو اختيار الزَّجّاج».
11- وقال شيخ المفسرين الإمام محمد بن جرير الطبري -رحمه الله- في «جامع البيان» (6/166-167): «وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيّون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم فكونها خبراً عنهم أولى.
فإن قال القائل: فإن الله- تعالى ذكره- قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله فكيف جعلته خاصاً؟
قيل: إن الله- تعالى- عمّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبرهم عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه، كافرون، وكذلك القول في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس؛ لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي».
12- وقال السمعاني -رحمه الله- في «تفسير القرآن» (2/42):{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قال البراء بن عازب - وهو قول الحسن- : الآية في المشركين. قال ابن عباس: الآية في المسلمين، وأراد به كفر دون كفر، واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:36
وللآية تأويلان:
أحدهما: معناه؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله ردّاً وجحداً ، فأولئك هم الكافرون.
والثاني: معناه؛ ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم».
13- وقال ابن الجوزي -رحمه الله- في «زاد المسير» (2/366-367):
«والمراد بالكفر المذكور في الآية قولان:
أحدهما : أنه الكفر بالله -تعالى-.
الثاني: أنه الكفر بذلك الحكم، وليس بكفر ينقل عن الملة.
وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً له، وهو يعلم أن الله أنزله؛ كما فعلت اليهود؛ فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلاً إلى الهوى من غير جحود؛ فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ؛ أنه قال: من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقرّ به؛ ولم يحكم به؛ فهو ظالم فاسق»أ.هـ.
14- وقال البغوي- رحمه الله- في «معالم التنزيل» (2/41):
« وقال العلماء: هذا إذا رد نص حكم الله عياناً عمداً، فأما من خفي عليه أو أخطأ في تأويل؛ فلا».
15- وقال أبو بكر الجصاص -رحمه الله- في «أحكام القرآن» (2/439) : «وقوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} لا يخلو من أن يكون مراده كفر الشرك والجحود، أو كفر النعمة من غير جحود، فإن كان المراد جحود حكم الله أو الحكم بغيره مع الإخبار بأنه حكم الله؛ فهذا كفر يخرج عن الملة، وفاعله مرتد إن كان قبل ذلك مسلماً.
وعلى هذا تأوله من قال: إنها نزلت في بني إسرائيل وجرت فينا ، يعنون: أن من جحد حكم الله، أو حكم بغير حكم الله ثم قال: إن هذا حكم الله؛ فهو كافر؛ كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك.
وإن كان المراد به: كفر النعمة، فإن كفران النعمة قد يكون بترك الشكر عليها من غير جحود ، فلا يكون فاعله خارجاً من الملة.
والأظهر: هو المعنى الأول لإطلاقه اسم الكفر على من لم يحكم بما أنزل الله».
16- وقال البيضاوي -رحمه الله- في «تفسيره» (1/468): { ومن لم يحكم بما أنزل الله} مستهيناً به منكراً له{فأولئك هم الكافرون} لاستهانتهم به، وتمردهم بأن حَكَموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله:{الكافرون} و{ الظالمون} و{ الفاسقون} ، فكفَّرهم لإنكاره ، وظلَّمهم بالحكم على خلافه، وفسقَّهم بالخروج عنه».
17- وقال أبو السعود -رحمه الله- في «تفسيره»: (2/64) «أي : من لم يحكم بذلك مستهيناً منكراً{ فأولئك هم الكافرون} لاستهانتهم به».
18- وقال النسفي -رحمه الله- في «تفسيره» (1/285): «{ ومن لم يحكم بما أنزل الله} مستهيناً به { فأولئك هم الكافرون}.
وقال الشيخ أبو منصور: يجوز أن يحمل على الجحود في الثلاث؛ فيكون كافراً ظالماً فاسقاً؛ لأن الفاسق المطلق والظالم المطلق هو الكافر».
19- وقال الواحدي -رحمه الله- في «الوسيط» (2/190): «قال جماعة : أن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غيرّ حكم الله من اليهود، وليس في أهل الإسلام منها شيء، لأن المسلم- وإن ارتكب كبيرة- لا يقال له: كافر».
20- وقال ابن عطية -رحمه الله- في «المحرر الوجيز» (4/456):« وقالت جماعة عظيمة من أهل العلم: الآية متناولة كل من لم يحكم بما أنزل الله، ولكنه في أمراء هذه الأمة كفر معصية لا يخرجهم عن الإيمان».
21- وقال ابن العربي -رحمه الله- في«أحكام القرآن»(2/624): «وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين».
22- وقال الفخر الرازي -رحمه الله- في «التفسير الكبير»(6/6): «وقال عكرمة: «قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله...} إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه»، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله وأقر بلسانه حكم الله ، إلا أنه أتى بما يضاده ؛ فهو حاكم بما أنزل الله -تعالى-، ولكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح، والله أعلم».
23- وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في «تفسير القرآن العظيم» (2/61): {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} لأنهم جحدوا حكم الله قصداً منهم وعناداً وعمداً، وقال ههنا: {فأولئك هم الظالمون} لأنهم لم ينصفوا المظلوم من الظالم في الأمر الذي أمر الله بالعدل والتسوية بين الجميع فيه، فخالفوا وظلموا وتعدوا».
24- وقال علامة الشام الشيخ جمال القاسمي -رحمه الله- في «محاسن التأويل» (6/1998) :« كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له، هو الذي نحاه كثيرون وأثروه عن عكرمة وابن عباس».
25- وقال ابن جُزَيٍّ -رحمه الله- في «تفسيره» (ص155): « وقال جماعة: هي عامّة في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله من اليهود والمسلمين وغيرهم، إلا أن الكفر في حقّ المسلمين كفر معصية لا يخرجهم عن الإيمان».
26- وقال أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله- في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190-191): «...فأما المسلم؛ فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة ، وقيل: فيه إضمار؛ أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردّاً للقرآن، وجحداً لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ فهو كافر؛ قاله ابن عباس ومجاهد؛ فالآية عامّة على هذا.
قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار.
أي: معتقداً ذلك ومستحلاً له؛ فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكبُ محرمٍ؛ فهو من فساق المسلمين، وأمره إلى الله- تعالى- إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له.
وقال ابن عباس في رواية: ومن لم يحكم بما أنزل الله، فقد فعل فعلاً يضاهي أفعال الكفار.
وقيل: أي: ومن لم يحكم بجميع ما أنزل الله، فهو كافر، فأما من حكم بالتوحيد ولم يحكم ببعض الشرائع؛ فلا يدخل في هذه الآية.
والصحيح الأول.
وهذا يختلف: إنْ حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية؛ فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين.
قال القشيري: ومذهب الخوارج: أن من ارتشى وحكم بغير حكم الله، فهو كافر، وعزا هذا إلى الحسن والسدي» .
27- وقال الآلوسي -رحمه الله- في «روح المعاني» (3/146) : «عن الشعبي أنه قال: «الثلاث الآيات التي في المائدة : أولها في هذه الأمة ، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى.
ويلزم على هذا أن يكون المؤمنون أسوأ حالاً من اليهود والنصارى إلا أنه قيل: إن الكفر إذا نسب إلى المؤمنين حمل على التشديد والتغليظ، والكافر إذا وصف بالفسق والظلم؛ أشعر بعتوِّه وتمُّرده فيه»أ. هـ.
28- وقال الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله- في «تفسير المنار» (6/405-406): «وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا- بالحكم بها- بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام ، من غير تأويل يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما قاله الله في الآيات الثلاث أو في بعضها، كلّ بحسب حاله:
فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة ، أو القذف، أو الزنا، غير مذعن له لاستقباحه إياه، وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه؛ فهو كافر قطعاً.
ومن لم يحكم به لعلة أخرى؛ فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا؛ فهو فاسق فقط...
وإننا نرى كثيرين من المسلمين المتدينين يعتقدون أن قضاة المحاكم الأهلية الذين يحكمون بالقانون كفاراً أخذاً بظاهر قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ، ويستلزم الحكم بتكفير القاضي الحاكم بالقانون تكفير الأمراء والسلاطين الواضعين للقوانين، فإنهم وإن لم يكونوا ألفوها بمعارفهم، فإنها وضعت بإذنهم ، وهم الذين يولون الحكام ليحكموا بها...أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لم يقل به أحد قط»!
29- وقال الشيخ العلامة الشنقيطي -رحمه الله- في «أضواء البيان» (2/104): «واعلم: أن تحرير المقام في هذا البحث: أن الكفر والظلم والفسق، كل واحد منها أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة ، والكفر المخرج من الملة أخرى:
{ ومن لم يحكم بما أنزل الله} معارضة للرسل، وإبطالاً لأحكام الله؛ فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرج عن الملة.
{ ومن لم يحكم بما أنزل الله} معتقداً أنه مرتكب حراماً ، فاعل قبيحاً ، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملة».
ثالثاً: كتب الحديث والفقه:
1- قال الإمام محمد بن نصر المروزي-رحمه الله-في«تعظيم قدر الصلاة»(2/517-518): « إن الكفر كفران:
كفر هو جحد بالله وبما قال ؛ فذلك ضده الإقرار بالله، والتصديق به وبما قال.
وكفر هو عمل ضد الإيمان الذي هو عمل، ألا ترى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه»، قالوا: فإذا لم يؤمن؛ فقد كفر، ولا يجوز غير ذلك إلا أنه كفر من جهة العمل؛ إذ لم يؤمن من جهة العمل؛ لأنه لا يضيع المفترض عليه...».
وقال (2/520): «ولنا في هذا قدوة بمن روي عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً دون أصله لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعاً للأصل، لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس في قوله: «{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».
ثم روى بالأسانيد الصحيحة عن ابن عباس وطاووس وعطاء وغيرهم التفسير السلفي السابق الذي ذكرنا سابقاً.
وقال(2/523)- معقباً على أثر عطاء:«كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»-: وقد صدق عطاء؛ قد يسمى الكافر ظالماً ، ويسمى العاصي من المسلمين ظالماً، فظلم ينقل عن ملة الإسلام وظلم لا ينقل .
قال الله: { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82 ]، وقال: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: 13].
وقال(2/526-528): «وكذلك الفسق فسقان: فسق ينقل عن الملّة، وفسق لا ينقل عن الملّة، فيسمى الكافر فاسقاً، والفاسق من المسلمين فاسقاً، ذكر الله إبليس ؛ فقال:{ففسق عن أمر ربّه} [الكهف:50 ] وكان ذلك الفسق منه كفراً.
وقال -تعالى-: { وأما الذين فسقوا فمأواهم النار}؛ يريد: الكفار، دل على ذلك قوله: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون} [السجدة:20 ]
وسمى القاذف من المسلمين فاسقاً، ولم يخرجه من الإسلام، قال الله: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون} [ النور:4].
وقال الله: { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة:197].
فقال العلماء في تفسير الفسوق ههنا: هي المعاصي.
قالوا: فكما أن الظلم ظلمان، والفسق فسقان، كذلك الكفر كفران:
أحدهما: ينقل عن الملة.
والآخر لا ينقل عنها.
فكذلك الشرك شركان:
شرك في التوحيد ينقل عن الملة.
وشرك في العمل لا ينقل عن الملة، وهو: الرياء.
قال الله-عز وجل-: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً} [ الكهف:110].
يريد بذلك: المراءاة بالأعمال الصالحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :«الطيرة شرك»([85]).
وقال المروزي: فهذان مذهبان هما -في الجملة- محكيان عن أحمد بن حنبل في موافقيه من أصحاب الحديث.
حكى الشالنجي إسماعيل بن سعيد: أنه سأل أحمد بن حنبل عن قول ابن عباس في قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ فقلت له: ما هذا الكفر؟
قال : كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض؛ فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه».
2- وقال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله- في «التمهيد» (5/74-75): «وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمد ذلك عالماً به ، رويت في ذلك آثار شديدة عن السلف ، وقال الله - عز وجل- : {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} و{الظالمون}، و{الفاسقون} نزلت في أهل الكتاب .
قال حذيفة وابن عباس: وهي عامة فينا. قالوا : ليس بكفر ينقل عن الملة إذا فعل ذلك رجل من أهل هذه الأمة حتى يكفر بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر.
روي هذا المعنى عن جماعة من العلماء بتأويل القرآن ، منهم: ابن عباس وطاووس، وعطاء».
3- وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله- في «المفهم» (5/117-118): «وقوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} يحتج بظاهره من يكفر بالذنوب، وهم الخوارج!، ولا حجة لهم فيه؛ لأن هذه الآيات نزلت في اليهود المحرفين كلام الله -تعالى-، كما جاء في الحديث، وهم كفار، فيشاركهم في حكمها من يشاركهم في سبب نزولها.


وبيان هذا: أن المسلم إذا علم حكم الله -تعالى- في قضية -قطعاً- ثم لم يحكم به، فإن كان عن جحد كان كافراً، لا يختلف في هذا، وإن كان لا عن جحد كان عاصياً مرتكبَ كبيرةٍ، لأنه مصدق بأصل ذلك الحكم، وعالم بوجوب تنفيذه عليه، لكنه عصى بترك العمل به، وهكذا في كل ما يُعلم من ضرورة الشرع حكمه؛ كالصلاة وغيرها من القواعد المعلومة، وهذا مذهب أهل السنة.
وقد تقدم ذلك في كتاب الإيمان([86]) ؛ حيث بينا: أن الكفر هو الجحد و التكذيب بأمر معلوم ضروري من الشرع فما لم يكن كذلك؛ فليس بكفر([87]).
ومقصود هذا البحث : أن هذه الآيات المراد بها : أهل الكفر والعناد، وأنها [وإن] كانت ألفاظها عامة؛ فقد خرج منها المسلمون؛ لأن ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك، وقد قال -تعالى-: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [ النساء:48]، وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يغفر ، والكفر لا يغفر؛ فلا يكون ترك العمل بالحكم كفراً».
4- وقال العيني -رحمه الله- في «عمدة القاري» (20/129-130): «هذه الآية والآيتان بعدها نزلت في الكفار، ومن غيّر حكم الله من اليهود ، وليس في أهل الإسلام منها شيء ؛ لأن المسلم- وإن ارتكب كبيرة- لا يقال له: كافر».
5- وقال الشاطبي -رحمه الله- في «الموافقات» (4/39): «هذه الآية مع أنها نزلت في اليهود ، والسياق يدل على ذلك، فإن العلماء عموا بها غير الكفار، وقالوا: كفر دون كفر».
6- وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في «فتح الباري» (13/120): «إن الآيات، وإن كان سببها أهل الكتاب، لكن عمومها يتناول غيرهم، لكن لما تقرر من قواعد الشريعة: أن مرتكب المعصية لا يسمى: كافراً، ولا يسمى -أيضاً- ظالماً؛ لأن الظلم قد فُسِّر بالشرك، بقيت الصفة الثالثة» ؛ يعني : الفسق.
7- وقال إسماعيل القاضي -رحمه الله- في «أحكام القرآن»؛ كما في «فتح الباري» (13/120)- بعد أن حكى الخلاف في تفسير الآية-:«ظاهر الآيات يدل على أن من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكماً يخالف به حكم الله وجعله ديناً يعمل به؛ فقد لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكماً كان أو غيره»أ.هـ.
رابعاً: من المعاصرين:
1- قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ- رحمه الله-في« تحكيم القوانين» (ص 15-25): قال -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة: 44]، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [ المائدة:45] ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [ المائدة: 47].
فانظر كيف سجّل -تعالى- على الحاكمين بغير ما أنزل الله الكفر والظلم والفسوق، ومن الممتنع أن يسمي الله -سبحانه- الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً ولا يكون كافراً ، بل هو كافر -مطلقاً-: إما كفر عمل، وإما كفر اعتقاد([88])؟
وما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية من رواية طاووس وغيره يدل على أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر([89]): إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة:

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:37
أما الأول: وهو كفر الاعتقاد:
فهو أنواع:
أحدهما: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقِّيَّة حكم الله ورسوله.
وهو معنى ما روي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير: أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم([90])؛ فإن الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم: أن من جحد أصلاً من أصول الدين أو فرعاً مجمعاً عليه، أو أنكر حرفاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قطعياً؛ فإنه كافر الكفر الناقل من الملة.
الثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقاً ، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه، وأتم واشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقاً أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضاً لا ريب أنه كفر؛ لتفضيله أحكام المخلوقين التي هي محض زبالة الأذهان، وصرف حثالة الأفكار، على حكم الحكيم الحميد.
وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان ، وتطور الأحوال، وتجدد الحوادث؛ فإنه ما من قضية -كائنة ما كانت- إلا وحكمها في كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصاً أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله.
وليس معنى ما ذكره العلماء من تغير الفتوى بتغير الأحوال، ما ظنّه من قل نصيبهم؛ أو عدم -من معرفة مدارك الأحكام وعللها-؛ حيث ظنوا: أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية، وتصوراتهم الخاطئة الوبيّة؛ ولهذا تجدهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم؛ فيحرفون لذلك الكلم عن مواضعه.
وحينئذ معنى تغيّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان، مراد العلماء منه: ما كان مستصحبة فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية، والمصالح التي جنسها مراد الله -تعالى- ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم: أن أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلا على ما يلائم مراداتهم، كائنة ما كانت ، والواقع أصدق شاهد.
الثالث: لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله ، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين اللذين قبله، في كونه كافراً الكفر الناقل عن الملة ، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق، والمناقضة والمعاندة؛ لقوله -عز وجل-: {ليس كمثله شيء} [ الشورى: 11] ونحوها من الآيات الكريمة، الدالة على تفرد الرب بالكمال ، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين في الذات والصفات والأفعال، والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.
الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أن يعتقد كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدق عليه ما يصدق عليه؛ لاعتقاده جواز ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها؛ معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً، وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً، ومراجعَ ومستنداتٍ.
فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات ، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فلهذه المحاكم مراجع، هي: القانون الملفّق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة؛ كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرهما من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة ، مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به، وتقرّهم عليه، وتحتمه عليهم.
فأي كفر فوق هذا الكفر ، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة؟!
وذكر أدلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة، لا يحتمل ذكرها هذا الموضع([91]).
فيا معشر العقلاء! ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى: كيف ترضون أن تجري عليكم أحكام أمثالكم، وأفكار أشباهكم، أو مَن هم دونكم ، ممن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثر من صوابهم بكثير ، بل لا صواب في حكمهم إلا ما هو مستمدّ من حكم الله ورسوله، نصاً أو استنباطاً، تدعونهم يحكمون في أنفسكم، ودمائكم ، وأبشاركم ، وأعراضكم، وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم ، ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله، الذي لا يتطرق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وخضوع الناس ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم من خلقهم- تعالى- ليعبدوه، فكما لا يسجد الخلق إلا لله، ولا يعبدون إلا إياه، ولا يعبدون المخلوق؛ فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلا لحكم الحكيم العليم الحميد، الرؤوف الرحيم، دون حكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوك والشهوات والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات.
فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه؛ لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكُّم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفراً بنص قوله-تعالى- : {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[المائدة:44].
السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها«سلُّومهم»([92])، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ، ويحصلون على التحاكم إليه عند النزاع بقاءاً على أحكام الجاهلية، وإعراضاً، ورغبة عن حكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله، وهو الذي لا يخرج من الملة:
فقد تقدم أن تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما- لقول الله -عز وجل-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [ المائدة: 44].
وقد شمل ذلك القسم ، وذلك في قوله - رضي الله عنه- في الآية:«كفر دون كفر» وقوله -أيضاً-: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».
وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ، ومجانبة الهدى.
وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة؛ فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر، كالزنى، وشرب الخمر، والسرقة ، واليمين الغموس، وغيرها؛ فإن معصية سماها الله في كتابه: كفراً، أعظم من معصية لم يسمها كفراً.
نسأل الله: أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، ، انقياداً ورضاءاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه»([93]).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- أيضاً- في«مجموع الفتاوى» (1/80) -له-: «وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله: من تحكيم شريعته، والتقيد بها، ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها [يعني: القوانين الوضعية] أو حاكم إليها؛ معتقداً صحة ذلك وجوازه ، فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة»([94]).
2- وقال الشيخ أبو هبة الله إسماعيل بن إبراهيم الإسْعَرْدي -رحمه الله- في «تحذير أهل الإيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن»(ص 141) :«ومن لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله، واستحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله؛ فهو كافر...فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله، فلم يلتزموا ذلك، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله؛ فهم كفار ، وإلا كانوا جهالاً ضلالاً لا يعلمون»([95]).
3- وقال شيخنا العلامة المحدث الفقيه المجدد إمام أهل السنة محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى بمنة وكرمه-؛ كما في «التحذير من فتنة التكفير» (ص56-72) ما نصه:«...ومن هؤلاء المنحرفين : الخوارج؛ قدماء وَمَحدثين؛ فإن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان - بل منذ أزمان- هو آية يدندنون دائماً حولها؛ ألا وهي قوله -تعالى-: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة.
ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت ، وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة، هي: {... فأولئك هم الكافرون} و{... فأولئك هم الظالمون} و{... فأولئك هم الفاسقون}؛ فمن تمام جهل الذين يحتجون من هذه الآية باللفظ الأول منها فقط -{...فأولئك هم الكافرون}- أنهم لم يُلِمّوا على الأقل ببعض النصوص الشرعية -قرآناً أم سنة- التي جاء فيها ذكر لفظة (الكفر)؛ فأخذوها- بغير نظر- على أنها تعني: الخروج من الدين ! وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام!
بينما لفظة(الكفر) في لغة الكتاب والسنة لا تعني - دائماً- هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطىء المغلوط عليه!
فشأن لفظة: { الكافرون} - من حيث إنها لا تدل على معنى واحد- هو ذاته شأن اللفظين الآخرين: { الظالمون} و{ الفاسقون} ؛ فكما أن من وصف بأنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه ، فكذلك من وصف بأنه كافر، سواء بسواء.
وهذا التنوّع -في معنى اللفظ الواحد- هو الذي تدًّل عليه اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب- لغة القرآن الكريم-.
فمن أجل ذلك كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين - سواء أكانوا حكاماً أم محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة، وعلى ضوء منهج السلف الصالح.
والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما - وكذلك ما تفرّع عنهما- إلا بطرق معرفة اللغة العربية وآدابها معرفة خاصة دقيقة.
فإن كان لدى طالب العلم نقص في معرفة اللغة العربية: فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية.
ولنرجع إلى آية : {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ؛ فما المراد بالكفر فيها؟ هل هو الخروج عن الملة؟ أو أنه غير ذلك؟
فأقول : لا بد من الدّقة في فهم هذه الآية؛ فإنها قد تعني الكفر العملي؛ وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام.
ويساعدنا في هذا الفهم حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، الذي أجمع المسلمون جميعاً- إلا من كان من الفرق الضالة- على أنه إمام فريد في التفسير.
فكأنه طرق سمعه -يومئذ- ما نسمعه اليوم تماماً من أن هناك أناساً يفهمون هذه الآية فهماً سطحياً، من غير تفصيل، فقال - رضي الله عنه- :«ليس الكفر الذي تذهبون إليه»،و :«إنه ليس كفراً ينقل عن الملة» ، و: «هو كفر دون كفر» ، ولعله يعني: بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين، فقال: ليس الأمر كما قالوا! أو كما ظنوا! إنما هو: كفر دون كفر.
فهذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية؛ هو الحكم الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل.
ثم إن كلمة (الكفر) ذكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تحمل فيها -جميعاً- على أنها تساوي الخروج من الملة!! من ذلك-مثلاً- الحديث المعروف في «الصحيحين» عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»؛ فالكفر هنا هو المعصية، التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام- وهو أفصح الناس بياناً- بالغ في الزجر قائلاً:«... وقتاله كفر».
ومن ناحية أخرى ؛ هل يمكن لنا أن نَحمِلَ الفقرة الأولى من هذا الحديث -«سباب المسلم فسوق»- على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}؟!
والجواب: أن هذا قد يكون فسقاً مرادفاً للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة، وقد يكون الفسق مرادفاً للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة؛ وإنما يعني: ما قاله ترجمان القرآن: إنه كفر دون كفر.
وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى؛ وذلك لأن الله -عز وجل- قال : {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات:9]؛ إذ قد ذكر ربنا -عز وجل- هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول:«...وقتاله كفر»!
إذاً ؛ فقتاله كفر دون كفر؛ كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تماماً.
فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء، وفسق وكفر، ولكن هذا يعني: أن الكفر قد يكون كفراً عملياً، وقد يكون كفراً اعتقادياً.
ومن هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام- بحق- شيخ الإسلام ابن تيمية -يرحمه الله- ، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية ، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة ؛ فابن تيمية- يرحمه الله- وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائماً حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج على جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديماً، وبعض أذنابهم حديثاً.
وخلاصة القول: إن قوله صلى الله عليه وسلم :«...وقتاله كفر» لا يعني- مطلقاً- الخروج عن الملة، والأحاديث في هذا كثيرة جداً؛ فهي- جميعاً- حجة دامغة على أولئك الذي يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي.
فحسبنا -الآن- هذا الحديث؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي، وليس هو الكفر الاعتقادي!
فإذا عدنا إلى (جماعة التكفير)- أو من تفرّع عنهم!- وإطلاقهم على الحكام- وعلى من يعيشون تحت رايتهم، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم - الكفر والردة! فإن ذلك منهم مبني على وجهة نظرهم الفاسدة؛ القائمة على أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي؛ فكفروا بذلك!!
ومن جملة الأمور التي يفيد ذكرها وحكايتها : أنني التقيت مع بعض أولئك الذين كانوا من جماعة التكفير، ثم هداهم الله -عز وجل- ، فقلت لهم: ها أنتم كفّرتم بعض الحكام، فما بالكم- مثلاً- تكفّرون أئمة المساجد، وخطباء المساجد، ومؤذني المساجد، وخدمة المساجد؟! وما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس وغيرها؟!
قالوا: لأن هؤلاء رضوا بحكم الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله!!فأقول: إذا كان هذا الرضى قلبياً بالحكم بغير ما أنزل الله؛ فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي! فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى ويعتقد أن هذا الحكم هو الحكم اللائق تبنّيه في هذا العصر! وأنه لا يليق به تبنّيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة! فلا شك أن هذا الحاكم يكون كفره كفراً اعتقادياً، و ليس كفراً عملياً فقط!! ومن رضي ارتضاءه واعتقاده: فإنه يلحق به!!
ثم قلت لهم: فأنتم - أولاً- لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم بالقوانين الغربية الكافرة- أو بكثير منها- أنه لو سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله!! لأجاب : بأن الحكم بهذه القوانين هو الحق والصالح في هذا العصر! وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام !! لأنهم لو قالوا ذلك: لصاروا كفاراً -حقاً- دون شك ولا ريب !
فإذا انتقلنا إلى المحكومين- وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم- فكيف تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم؛ كما يشملكم أنتم تماماً! ولكنكم تعلنون أن هؤلاء كفار مرتدون، والحكم بما أنزل الله هو الواجب! ثم تقولون معتذرين لأنفسكم: إن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل لا يستلزم الحكم على هذا العامل بـأنه مرتد عن دينه؟!
وهذا عين ما يقوله غيركم ، سوى أنكم تزيدون عليهم - بغير حق- الحكم بالتكفير والردة!
ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وتكشف ضلالهم: أن يقال لهم: متى يُحْكَم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- وقد يكون يصلي- بأنه ارتد عن دينه؟ أيكفي مرة واحدة؟ أم أنه يجب أن يعلن أنه مرتدّ عن الدين؟
إنهم لن يعرفوا جواباً! ولن يهتدوا صواباً!! ، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثل التالي؛ فنقول:
قاض يحكم بالشرع؛ هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومة واحدة زلت به القدم؛ فحكم بخلاف الشرع؛ أي: أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم، فهذا -قطعاً- حكم بغير ما أنزل الله! فهل تقولون بأنه: كَفَرَ كُفْرَ ردّة؟
سيقولون: لا ؛ لأن هذا صدر منه مرة واحدة.
فنقول : إن صدر منه نفس الحكم مرة ثانية، أو حكم آخر، وخالف الشرع أيضاً، فهل يكفر؟
ثم نكرر عليهم: ثلاث مرات! أربع مرات... متى تقولون : إنه كفر؟! لن يستطيعوا وضع حدٍّ بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع، ثم لا يكّفرونه بها‍‍‍‍([96])! في حين يستطيعون عكس ذلك تماماً إذا عُلم منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله- مستحلاً له- واستقبح الحكم الشرعي، فساعتئذ يكون الحكم عليه بالردة صحيحاً ، ومن المرة الأولى!
وعلى العكس من ذلك: لو رأينا منه عشرات الحكومات في قضايا متعددة خالف فيها الشرع، وإذا سألناه : لماذا حكمت بغير ما انزل الله -عز وجل-؟ فرد قائلاً: خفت وخشيت على نفسي! أو : ارتشيت! مثلاً، فهذا أسوأ من الأول بكثير، ومع ذلك، فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره حتى يعرب عما في قلبه: بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله -عز وجل-، فحينئذٍ -فقط- نستطيع أن نقول: إنه كافر كفر ردة.
وخلاصة الكلام: لا بد من معرفة أن الكفر- كالفسق والظلم- ، ينقسم إلى قسمين:
كفر وفسق وظلم يخرج من الملة، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-13, 17:41
1الأئمة المذكرين سلفيين وهم لم يخلطوا بين الراوي وبين الأثر كما تفعلون
-قولك أن الحديث موقوف فيه خلط بين أثر طاووس وبين أثر ابن عباس عن طاووس وهذا من تدليس الحزبيين والحركيين
2-يقول الشيخ سليم الهلالي"وأما تضعيف الإمام يحيى القطان له؛ فلم يبيِّن سببه؛ فإنه قال: «اضرب على حديثه»؛ فلا يلغي هذا الإجمال توثيق من وثقه.
وهب أنه ضَعّفه- وهو مُتَشَدِّد في الرجال- فهناك كثير من أهل العلم وثَّقوه وقبلوا حديثه، فهو إذن من الرواة المختلف فيهم؛ فبعضهم ضعَّفه والكثير منهم وثَّقه، فماذا نصنع ؟هل نلغي هذا التوثيق من أولئك الأئمة ونقدِّم الجرح؟ أم نوفِّق بينهما؟ وهذا مما لم يُقِم له هذا(الهدّام) وزناً، فإلى الله المشتكى من تعدي هذا (الغمر) على هذا العلم."
ارجوا أن تنير شمس الادلة والحجج قلبك يا شمس.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 13:00
http://www.youtube.com/watch?v=-itkJhdLYjQ&feature=relmfu

شمس الدين
2012-11-14, 14:39
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1776573

شمس الدين
2012-11-14, 14:42
الإجابة للشيخ أبي محمد المقدسي – فك الله أسره- في كتابه (إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر) بتصرف يسير



اعلم أن القوم - أعني مرجئة العصر - إنما موّّهوا في هذا الباطل كله، وخلطوا ولبسوا.. ليرقعوا لطغاة العصر من الحكام المشرعين مع الله ما لم يأذن به الله.. وليهونوا من جريمتهم النكراء هذه فيجعلونها من باب الذنوب والأعمال التي لا تناقض الإيمان ولا تهدمه، فيحكمون لهم بالإسلام وكلم ما يترتب على ذلك من موالاة وولاية وتولٍ، وما يتفرع عن ذلك من تحريم لأموالهم ودمائهم وأعراضهم ونصرة وتأييد ومظاهرة.. وبالتالي تسمية من كفرهم ودعى لمنازعتهم ومنابذتهم والبراءة منهم ومن جندهم وأنصارهم وأشياعهم.. بالخوارج، ويستشهدون لهم بما ينسب لابن عباس في رده على الخوارج: ”إنه ليس الكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفراًً ينقل عن الملة: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] كفر دون كفر“. ولا مانع ما دمنا في صدد إبطال شبهاتهم أن أسوق ها هنا خلاصة القول في هذا الأثر من الناحية الحديثية ثم أتبع ذلك بخلاصة القول فيه من الناحية الفقهية بياناً للحق وكشفاً للتلبيس.




بيان حال هذه اللفظة عن ابن عباس من جهة الإسناد :


”هذا الأثر يُروى من طريق سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس أنه قال: " إنه ليس الكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] كفر دون كفر“ - رواه الحاكم وغيره من طريق هشام بن حجير المكي.


وهشام بن حجير ضعفه الأئمة الثقاة ولم يتابعه على هذه الرواية أحد.


قال أحمد بن حنبل في (هشام): ”ليس بالقوي“، وقال: ”مكي ضعيف الحديث“ وهذا طعن من جهة الرواية.


وضعفه يحيى بن سعيد القطان وضرب على حديثه، وضعفه علي بن المديني وذكره العقيلي في الضعفاء، وكذا ابن عدي.


وهشام صالح في دينه، لذا قال ابن شبرمة: ”ليس بمكة مثله“.


وقال ابن معين: ”صالح“ [1].. فهذا في الدين أو العبادة، بدليل أن ابن معين نفسه قد قال فيه: ”ضعيف جداً“.


وقال الحافظ ابن حجر: ”صدوق له أوهام“.


قلت: فلعل هذا من أوهامه. لأن مثل هذا القول مرويّ ثابت عن ابن طاووس فلعله وَهَمَََ فنسبه إلى ابن عباس.


وقال علي بن المديني: ”زعم سفيان قال كان هشام ابن حجير كتب كتبه على غير ما يكتب الناس أي اقتداراً عليه، فاضطربت عليه“ ا.هـ من معرفة الرجال (203/2).


وهشام من أهل مكة وسفيان كان عالماً عارفاً بأهل مكة، ”روى العقيلي بإسناده عن ابن عيينة أنه قال: لم نأخذ منه إلا ما لم نجده عند غيره“ اهـ.


فصح أن هذا الأثر مما تفرد به هشام لأنه من رواية ابن عيينة عنه.


وقال أبو حاتم: ”يُكتب حديثه“ وهذه أيضاً من صيغ التمريض والتضعيف، لأن هذا يعني أن حديثه لا يُقبل استقلالاً وإنما يؤخذ به في المتابعات فقط.


ولذلك لم يرو له البخاري ومسلم إلا متابعة أو مقروناً مع غيره وكانت أحاديثه من الأحاديث المنتقدة على الصحيحين.


أما البخاري فلم يرو له إلا حديثاً واحداً هو حديث (سليمان بن داود عليهما السلام): ”لأطوفن الليلة على تسعين امرأة... الحديث“. أورده في كفارة الأيمان من طريق هشام وتابعه في كتاب النكاح برواية عبد الله بن طاووس. ومن المعلوم أن الحافظ ابن حجر من عادته في مقدمة فتح الباري أن يذب عمن تكلم فيهم بغير حق ويدافع بكل ما أوتي من علم، أما من ظهر له ضعفهم وأن البخاري لم يعتمد عليهم وحدهم وإنما أوردهم في المتابعات أو مقرونين.. فمثل هؤلاء لا يكلف نفسه عناء الرد عنهم بل يذكر المتابعات الواردة لهم في الصحيح وكفى.. وكذلك فعل مع هشام بن حجير (راجع المقدمة).


أما مسلم فكذلك ليس له عنده إلا حديثان ولم يرو له إلا مقروناً.. وراجع في هذا ما قاله الشيخ الهروي في كتابه: ”خلاصة القول المفهم على تراجم رجال الإمام مسلم“.


والخلاصة أنه عرف مما سبق أنه لا حجة لمن حاول تقوية هشام بالاحتجاج برواية البخاري ومسلم له.. لأنهما لم يرويا له استقلالاً ولكن متابعة.. وهذا من الأدلة على تضعيفه إذا انفرد.


ومن أجل هذا كله لم يوثق هشام بن حجير إلا المتساهلون كابن حبان فإنه مشهور بالتساهل في التوثيق. ومثله العجلي، قال المعلم اليماني: ”توثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان تماماً أو أوسع“. الأنوار الكاشفة ص: (68).


وقال الألباني: ”فالعجلي معروف بالتساهل في التوثيق كابن حبان تماماً فتوثيقه مردود إذا خالف أقوال الأئمة الموثوق بنقدهم وجرحهم“. انظر السلسلة الصحيحة ص(633/7).


وكذا توثيق ابن سعد فإن أغلب مادته من الواقدي المتروك كما ذكر ابن حجر في مقدمة الفتح عند ترجمة عبد الرحمن بن شريح.


فإذا كان هذا حال من وثقوه فإن رواياته لا تقوم بها حجة بتوثيقهم هذا.


فكيف وقد عارضهم وقال بتضعيفه الأئمة الجبال الرواسي كأحمد وابن معين ويحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني وغيرهم.


فخلاصة القول: أن هشام بن حجير ضعيف لا تقوم به حجة استقلالاً وحده. نعم هو يصلح في المتابعات كما عرفت، والمحتجون به لم يوردوا له على رواية ابن عباس هذه متابع، فيترجح ضعفها وعدم صحّة الجزم بنسبتها إلى ابن عباس.


بل قد روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس بإسناد صحيح في تفسير هذه الآية غير ذلك فقال: ثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44]. قال: هي به كفر. قال ابن طاووس: ”وليس كمن كفر بالله وملائكته ورسله“[2] اهـ[3].




بيان مناط تلك المقولة وأمثالها :


هذا من جهة الرواية، أما من جهة الدراية، فنقول: أن قول ابن عباس هذا إن صح - إذ قد صح قريب من معناه عن غيره - فهو رد على الخوارج الذين أرادوا تكفير الحكمين، وعلي ومعاوية ومن معهما من المسلمين لأجل الخصومة والحكومة التي جرت بينهم في شأن الخلافة والصلح وما جرى بين الحكمين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري.. إذ تلك الحادثة كانت أول مخرجهم - كما هو معلوم - فقالوا: ”حكّمتم الرجال“ : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] [4] ولا شك أنهم مخطئون في ذلك ضالون.. إذ ذلك الذي وقع بين الصحابة ولو جار بعضهم فيه على بعض ليس بالكفر الذي ينقل عن الملة بحال، وقد بعث علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس إلى الخوارج يناظرهم في ذلك، فخرج إليهم فأقبلوا يكلمونه، فقال: نقمتم من الحكمين وقد قال الله عز وجل: (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا) [النساء: 35] الآية. فكيف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم.


قالوا له: ما جعل الله حكمه إلى الناس وأمرهم بالنظر فيه فهو إليهم وما حكم فأمضى فليس للعباد أن ينظروا في هذا.


فقال ابن عباس: فإن الله تعالى يقول: (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [المائدة: 95].


قالوا: تجعل الحكم في الصيد والحرث، وبين المرأة وزوجها كالحكم في دماء المسلمين؟ وقالوا له: ”أعدل عندك عمرو بن العاص وهو بالأمس يقاتلنا؟ فإن كان عدلاً، فلسنا بعدول، وقد حكّمتم في أمر الله الرجال“.


والشاهد.. أنه بعد هذه المناظرة رجع منهم إلى الحق خلق.. وأصر آخرون على ضلالهم وانشقوا عن جيش علي بعد حادثة الحكمين هذه، وهم أصل الخوارج.


فعمد مرجئة العصر إلى تلك المقولة المنسوبة لابن عباس وما شابهها من أقوال أخرى لبعض التابعين.. كطاووس وابنه وأبي مجلز والتي كانت كلها في شأن الخوارج.. وطاروا بها كل مطير، لينزلوها زوراً وبهتاناً في محل غير محلها وواقع غير واقعها ومقام غير مقامها. بدليل أن هذه اللفظة التي يحتج بها هؤلاء، فيها قول ابن عباس مخاطباً أناساً بعينهم، عن واقعة بعينها: ”إنه ليس الكفر الذي تذهبون إليه“، فلفظة ”الذي تذهبون“ خطاب للخوارج ومن تبعهم في زمانه، في واقعة معلومة معروفة.. فقوله إذاً ليس في تفسير الآية، وإنما في المناط الخطأ الذي علّقها الخوارج خطأ فيه، بدليل أن الآية أصلاً تتكلم عن الكفار المبدّلين لشرع الله يهوداً كانوا أو غيرهم وسيأتي تفصيل هذا.. فهل يُعقل أن يقول ابن عباس أو غيره من أهل الإسلام في تبديل اليهود أو غيرهم لحكم أو حد من حدود الله - كالدية أو حد الزنا - انه كفر دون كفر؟؟ فمقولته هذه إذن - على تقدير صحتها - هي في المناط الباطل الذي أراد الخوارج إنزالها فيه وليست في بيان الآية وتفسيرها نفسها.. فتنبه، ولا تنخدع بتلبيسات الضالين..


يقول العلامة السلفي أحمد محمد شاكر في تعليقاته على (عمدة التفسير) عن هذه الآثار: ”وهذه الآثار - عن ابن عباس وغيره - مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا، من المنتسبين للعلم، ومن غيرهم من الجرءاء على الدين: يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة، التي ضربت على بلاد الإسلام“ اهـ (4/156).


وينقل رحمه الله تعالى في الموضع نفسه تعليق أخيه محمود شاكر على آثار مشابهة، يناقش فيها أبو مجلز وهو أحد التابعين بعض الخوارج في زمانه، أوردها الطبري في تفسيره (10/348)، قال: ”اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة، وبعد، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا، قد تلمّس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله، وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام. فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأياً يرى به صواب القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير ما أنزل الله، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها، والعامل عليها..“.


وساق مناسبة تلك الآثار وأنها كانت مناظرة مع الخوارج الذين أرادوا تكفير ولاة زمانهم بالمعاصي التي لا تصل إلى الكفر.. ثم قال: ”وإذن فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا، من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه.“ اهـ.


فإذا عرف المنصف الذي وُفق لطلب الحق، هذا كله، وفهم مناط تلك الأقوال المنسوبة لابن عباس وغيره من السلف[5]. والواقع الذي قيلت فيه وصفة القوم الذين قيلت لهم وصفة مقالاتهم.


ثم نظر بعين البصيرة فيما نحن فيه اليوم من تشريع مع الله ما لم يأذن به الله، واستبدال الذي هو أدنى من زبالات القوانين الوضعية وأهواء البشر، بأحكام الله وتشريعاته وحدوده المطهرة.


عرف فداحة ذلك التلبيس العظيم والتضليل المبين الذي يقوم به مرجئة العصر بإنزال تلك النصوص على واقع مغاير كل المغايرة لواقعها الذي قيلت فيه، ترقيعاً لجريمة العصر هذه ومجرميها..


فهل كان علي ومعاوية ومن معهم من الصحابة يوم أن واجههم الخوارج بحججهم تلك، يدّعون لأنفسهم حق التشريع مع الله؟ أو اخترعوا قوانين ودساتير كفرية تنص على أن [السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور] [6] - كما هو الحال في الدول التي تسمى إسلامية اليوم!!؟؟


حاشاهم، وألف حاشاهم، بل وحاشى مرجئة زمانهم من هذا الكفر البواح.


وبالتالي هل شرّع الصحابة قوانين وضعية وفقاً لحكم الشعب ورغبته أو تبعاً لهوى الأغلبية واستبدلوها بحدود الله تعالى المرفوعة المطهرة..؟؟


حاشا الصحابة.. بل وحاشى السفهاء والمجانين والرعاع والعوام في ذلك الزمان عن مثل هذا الكفر البواح.. أنّى يتصور فيهم مثل هذا، وهم الذين خضّبوا الغبراء بدمائهم الزكية من أجل رفعة شريعة دين الله وعزتها.. وإنما نقول، لو أن أحداً فعل يومئذ مثل ذلك، لما استشهد عليه الخوارج بتلك النصوص غير الصريحة في باب التشريع كقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44]، ولما تركوا نصوصاً أخرى صريحة وقطعية الدلالة[7] على كفر المشرعين وكونهم طواغيت وأرباباً تعبد من دون الله، كقوله تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121]، وقوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه) [الشورى: 21]، وقوله تعالى: (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) [الكهف: 26]، ونحوها مما لم يكن ليخفى على من كان يحقر الصحابة قراءتهم للقرآن إلى قراءته، أو قوله تعالى: (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) [آل عمران: 64]، وقوله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ..) [التوبة: 31] ونحوها.. ولكنهم لم يذكروا شيئاً من ذلك، لأنه لم يكن شيئاً منه ليتنزل على واقعتهم تلك.. وما كان مثل هذا ليخفى على ابن عباس أصلاً لو أن واقعتهم كانت حولة - كيف وهو حبر القرآن - وراوي سبب نزول قوله تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121].


فقد روى الحاكم بإسناد صحيح عنه رضي الله عنه أنه قال: [إن ناساً من المشركين كانوا يجادلون المسلمين في مسألة الذبح وتحريم الميتة فيقولون: ”تأكلون مما قتلتم ولا تأكلون مما قتل الله؟“ فقال تعالى: (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121]. فدل على أن المشرع أو متبع تشريع غير الله ولو في مسألة واحدة أنه مشرك كافر بالله، بخلاف الحاكم أو القاضي الجائر الذي لم يتخذ شرعاً ولا ديناً غير دين الله[8] ولا جعل لنفسه أو لغيره حق التشريع مع الله. فيحكم بغير ما أنزل الله بمعنى الظلم والجور والهوى لا بمعنى التشريع والاستبدال فهذا لا يعدو كونه حاكماً ظالماً جائراً ولا يكفر ولو حكم بمثل هذه الصورة مئات المرات ما لم يستحله..].


فلو كانت قضيتهم مثل طامتنا لما كان رضي الله عنه ليتردد - لا هو ولا غيره من الصحابة طرفة عين، في تكفير من فعله، إذ أنهم يعرفون جيداً أن التشريع ولو في قضية أو مسألة واحدة فيما لا يجوز إلا لله شرك بالله أكبر وكفر فوق كفر وظلم فوق ظلم وفسق فوق فسق، بل إن مجرد صرف حق التشريع أو ادعائه لأحد من الخلق (الأمير أو الرئيس أو الملك أو الشعب أو مجلسه) شرك وكفر أكبر سواء شرّع أم لم يشرّع، وسواء تابع صارف ذلك تشريعهم أم لم يتابعه.. فظهر أن واقعتهم كانت غير واقعتنا وفتنتهم كانت غير فتنتنا.. فافهم التفريق بين الواقعتين والقضيتين، وإياك والخلط والتلبيس المفضي إلى مرضاة الطواغيت وإبليس..




حجية قول الصحابي :


ثم هب يا أخا التوحيد أن ابن عباس، وهو بشر غير معصوم يصيب ويخطئ، أراد بذلك القول المنسوب إليه واقعتنا هذه - وهو محال كما عرفت إذ لم يكن لها مثيلٌ ساعتئذ - فهل نصادم بقول ابن عباس قول الله وقول الرسول وفي مسألة من مسائل التوحيد الذي بعثت بها الرسل كافة وهي الكفر بالطاغوت، شطر كلمة التوحيد؟؟


لا شك أن الإجابة على هذا يفهمها صغار الطلبة فضلاً عمن ينتسب إلى العلم والدعوة والدعاة، إذ لا حجة بشيء في ديننا إلا بقول الله وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم.


أوليس ابن عباس نفسه هو القائل رداً على من احتج عليه في شأن متعة الحج بفعل أبي بكر وعمر، وهما هما - رضي الله عنهما -: ”توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وقال عمر“.


ونقول تكراراً حاشا ابن عباس أن يخلط أو يخبط أو يخالف في أصل من أصول الدين كهذا، وهو ترجمان القرآن.. ولكن المقصود التذكير بأن قول الصحابي ليس بدين ولا هو بحجة في دين الله عند النزاع[9]، فكيف إذا افترض أنه معارض لقول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم..


وإنما اضطرنا إلى التذكير بهذه البدهيات ما نسمعه مراراً وتكراراً من مرجئة زماننا المجادلين عن الطواغيت، من التقديم بين يدي الله ومعارضة كلامه الواضح البيّن في شرك اتخاذ الخلق أرباباً بالتشريع والتحليل والتحريم، بتلك المقولة المنسوبة لابن عباس (كفر دون كفر)..



--------------------------------------------------------------------------------


[1] قد يكون مقصود ابن معين، صلاح الدين وقد تكون هذه صيغة من صيغ التضعيف والتمريض فإنه والإمام أحمد يفعلان ذلك. قال ابن حبان في ترجمة عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري: ”كان يخطىء ويهم كثيراً، مرََّّض القول فيه أحمد ويحيى وقالا: صالح“ ا.هـ انظر مقدمة الفتح لابن حجر، وانظر المجروحين لابن حبان.


[2] قلت: وكذا رواه مسلم بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة ص(570)، وفي هذه الطريق الصحيحة التصريح بأن قوله: ”وليس كمن كفر بالله...“ الخ، مدرج من قول ابن طاووس، وليس هو من قول ابن عباس كما قد يفهم من ظاهر رواية (سفيان عن معمر) المجملة عند الطبري، فهذه الرواية مبينة لها، هذا على فرض صحة تلك الرواية، إذ قد ضعفها بعض أهل الحديث لعنعنة سفيان إذ هو متهم بالتدليس.


[3] وهو مستفاد ومختصر من رد الشيخ أبي أيوب بن نور البرقوي على من صحح هذه اللفظة، أحببت إيراده هاهنا، كزيادة في الفائدة لطالب الحق، ولم أعوّل في الاعتماد على تضعيف الأثر كثيراً، إذ معلوم لديّ أن معناه ثابت عن بعض السلف، وإنما تعويلي على ما يأتي بعد هذا..


[4] لما قرىء كتاب التحكيم على الناس وسمعه عروة بن حدير أخو أبي بلال قال: أتحكّمون في دين الله الرجال (لا حكم إلا لله) وشد بسيفه، فضرب دابة من قرأ الكتاب، وكان ذلك أول ما ظهر الخوارج. انظر الفرق بين الفرق في (ذكر المحكمة الأولى) والبداية والنهاية (7/278) وغيرها..


[5] إذ أن كثيراً من السلف كالإمام أحمد، عند كلامه على قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44] ينقلون ما اشتهر حول هذه الآية من مقالات الصحابة والتابعين، ويفسرونها بتلك الأقوال لأنهم يعرفون مناطها الذي قيلت فيه فيقرون تلك الأقوال ويستشهدون بها في مناطها أو نظائره، فلا يحل نقل أقوالهم واستشهادهم إلى غير مناطها.. إذ ذلك كذب عليهم وتقويل لهم ما لم يقولوه.. إلا بدليل من كلامهم يدل على أنهم أنزلوها في أمثال واقعنا اليوم، وحاشاهم عن أمثال هذه الأفهام السقيمة.. ومع ذلك فلا معصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن حصل مثل ذلك من أحد منهم، فسوف نقول: ”كل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم“.


[6] هذه المادة هي المادة (51) من الدستور الكويتي، وأختها غير الشرعية في الدستور المصري برقم (86) وبلفظ: ”يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع“ وأختها في الدستور الأردني برقم (25) وبلفظ: ”تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك..“ هذا مما كان تحت يدي الساعة من دساتيرهم ومن أراد المزيد فليراجعها.


[7] النص القطعي الدلالة: هو ما دل على معنى متعين فهمه منه ولا يحتمل تأويلاً ولا مجال لفهم معنى غيره منه. والظني الدلالة: هو ما دل على معنى ولكن يحتمل أن يؤول ويصرف عن هذا المعنى ويراد منه معنى غيره.


[8] ولمثل هذا المعنى أشار أبو مجلز في قوله عن شرع الله: ”هو دينهم الذي يدينون به“ في مناظرته مع الخوارج مشيراً إلى ولاة زمانه الذين لم يشرعوا ديناً غير دين الله ولا استبدلوا ولا قننوا، وإنما صدرت منهم بعض الهفوات التي أراد الخوارج تكفيرهم بها.. وراجع الآثار في ذلك في تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) [المائدة: 44] من تفسير الطبري وتعليقات محمود شاكر عليها..


[9] يستثنى قول الصحابي في ”سبب النزول“ إذ حكمه حكم الرفع. ومثله كل ما لا يقال من قبل الرأي كما هو معلوم، لكن بشرط أن لا يكون الصحابي من المكثرين من الرواية عن بني إسرائيل.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 15:03
مقدمة الشيخ صالح الفوزان



الحمد لله على عظيم فضله وسابغ إحسانه ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين .

أما بعد:

فإن كتاب " تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد " رد على الكواشف الجلية لأبي محمد المقدسي ، وهذا الرد للشيخ : عبدالعزيز بن ريس الريس قد تأملته فوجدته رداً شافياً ولله الحمد يلجم هذا الحاقد بحجر ، ويرد كيده في النحر فجزاه الله خيراً على ما أبدى من الحق ودحر من الباطل . ونفع بعلمه وعمله .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

كتبه
صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء
في
12 / 10 / 1425هـ


تبديد كواشف العنيد

في

تكفيره لدولة التوحيد

رد على كتاب الكواشف الجلية

في تكفير الدولة السعودية

( لأبي محمد المقدسي )

ويليه رد على كتاب ملة إبراهيم



- عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " رواه مسلم
- لما حبس ابن سيرين- التابعي المعروف- في السجن ، قال له السجان: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك ، فإذا أصبحت فتعال . فقال ابن سيرين: لا والله ، لا أعينك على خيانة السلطان . ( تاريخ بغداد ( 5/334) )
- قال الشيخ عبدالعزيز ابن باز – رحمه الله --: فالعداء لهذه الدولة عداء للحق عداء للتوحيد .

تقديم

الشيخ العلامة / صالح الفوزان الشيخ/ عبد المحسن العبيكان الشيخ/ عبدالله العبيلان الشيخ /سعد الحصين


إعداد

عبدالعزيز بن ريس الريس

شعبان 1424هـ


الطبعة الثانية

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 15:05
مقدمة الشيخ عبدالمحسن العبيكان

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي جعله رحمة للعالمين وقدوة للمهتدين صلى الله عليه وعلى آله وصحابته الغر الميامين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد اطلعت على كتاب " تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد " الذي قام بتأليفه صاحب الفضيلة الأخ الشيخ عبدالعزيز بن ريس الريس فوجدته كتاباً قيماً ونافعاً يرد فيه المؤلف على أصحاب المنهج التكفيري ويفند مزاعمهم ، فنسأل اللهالكريم لنا وله التوفيق والسداد والإعانة من رب العباد والسير على نهج خير هادٍ صلى الله عليه وسلم ، ونسأله الإخلاص في القول والعمل والله من وراء القصد وهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

كتبه الفقير إلى عفو ربه
عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان
25 / 10 / 1425هـ
مقدمة الشيخ عبدالله العبيلان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
وبعد:
فإن حكمة الله بحفظ الدين اقتضت اجتماع المسلمين في هذه البلاد المباركة على كتاب الله وسنة رسوله ، وقامت المملكة العربية السعودية في وقت كان العالم منشغلاً فيه بالحروب العظيمة في أوربا وآسيا وهو ما يُعرف بالحرب العالمية الثانية ، والتي حصدت ما يزيد على عشرين مليون إنساناً ، وكانت الدول العربية والإسلامية تحت الاستعمار الأوروبي بعد سقوط الدولة العثمانية ، وبلادنا في ذلك الوقت لم تعرف ما يسمى بالحضارة : كالطائرات والكهرباء والسيارات وغيرها ، فكان أهلها كما سمى الله المؤمنين بالأميين ، فلم تتلوث قلوبهم وعقولهم بثقافة المستعمر كما حدث لغيرهم ، فترتب على هذا ظهور الدين ، عقيدة وشريعة ، وانتشار أنوار النبوة ، بعدما اقشعرت الأرض ، وأظلمت السماء ، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة وذهبت البركات ، وقلت الخيرات ، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من تفشي الشرك بجميع مظاهره ، وكثرة الفواحش وغلبة المنكرات . ولم يقتصر النور على أهل هذه البلاد ، بل امتد ليصل إلى كثير من الخلق ، المجاور والبعيد ، وكان الأمر كما قال عبدالله بن المبارك – رحمه الله -:
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
فأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وأمن الحاج على نفسه وماله بعد أن كان يتعرض للنهب والسلب ، وصار الناس يفدون إلى هذه البلاد ، وغدت مأوى للمضطهدين في دينهم وطالبي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إن الله فتح على

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 15:07
أهلها كنوز الأرض فصار الناس يفدون إليها طلباً للرزق . وكان من الحكمة الموافقة لسنة الله في مدافعة الخلق بعضهم ببعض أن تبرم العقود لحماية جماعة المسلمين ومصالحهم من شر بعض القوى المتنفذة في ذلك الوقت قال تعالى )وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً(
ومن هنا نعلم أن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كان سابقاً لعصره في عقد هذه المعاهدات ، وإلا فإن الجميع كان يطمع في خيرات هذه البلاد ، البعيد والقريب ، وهذا لا يضر في الدين طالما أن المقصود منه تبادل المصالح الدنيوية ، قال تعالى عن لوط – عليه السلام – )لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ( وقد أقره على ذلك علماء عصره.
أما ما يتعلق بأمر الحكم بغير ما أنزل الله كما هو الواقع في أكثر بلاد المسلمين فإن المخالف إذا لم يسلم بما نُقل عن السلف من التفريق بين المقرّ بحكم الله لكن خالفه ، وبين المبدل من تلقاء نفسه ، وقول المخالف أن ما يجري في هذا العصر من الحكم بغير ما أنزل الله أمرٌ حادث لم يكن عند الأوليين ، فيقال له: فإنه حادث بكل أبعاده ، فإن نظام الحكم اليوم في أغلب الأقطار الذي يشرع فيه: مجلس الشعب أو ما يعرف بالبرلمان وقد اختارهم الشعب عن طريق الانتخاب ، والرئيس أو الحاكم صلاحياته معروفة ، تتعلق غالباً برسم سياسات الدولة العامة مثل العلاقات مع الدول الأخرى وغيرها ، فإن لم نأخذ بالنقول عن السلف ، فإن التكفير سيشمل المجتمع كله مع ظهور شعائر الإسلام فيه ولا أظن عاقلاً فضلاً عن العالم يقرّ هذا ، إلا من قَصَر مفهومَ الإسلام على الحدود، وما يتعلق بواجبات الحاكم وهذا لا يقوله إلا من فنى في الحاكمية ولم ير من شُعب الإيمان سواها .
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إفلاس أهل هذا الفكر من العلم بالمنهج النبوي في هداية الناس و عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا أوصياء على الخلق ، بل كما قال تعالى )إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ ( وقال تعالى )قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ( وقال تعالى )وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ( قرأت كتاب أخينا الكريم الشيخ عبدالعزيز بن ريس الريس " تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد "، فإذا هو قد كشف شبهات ذاك الدّعي للعلم ، ونصح في الدفاع عن المملكة العربية السعودية وما قامت عليه من عقيدة وشريعة وبرّأ أهلها أن يكونوا اجتمعوا على الكفر وتحاكموا إليه ، وأقام الحجج السلفية العليّة ، وقمع أفكار الخوارج الدنيّة ، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ، وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم .
كتبه ليلة الاثنين
22 / 11 / 1425هـ
عبدالله بن صالح العبيلان

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 15:08
( تبديد كواشف العنيد في تكفيره لدولة التوحيد ) - شبكة الإسلام العتيق (http://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=%22%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D8%AF+%D9%83%D9%88%D 8%A7%D8%B4%D9%81+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%8A%D8 %AF%22+%D9%84%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE+%D8%B9%D8%A8 %D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2+%D8%A7 %D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%B3+%D9%88%D9%87%D9%88+%D8%B1 %D8%AF+%D8%B9%D9%84%D9%89+%D8%A3%D8%A8%D9%8A+%D9%8 5%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AF %D8%B3%D9%8A.&source=web&cd=1&ved=0CCUQFjAA&url=http%3A%2F%2Fislamancient.com%2Fressources%2Fd ocs%2F134.doc&ei=ZaOjUIz3D8_U4QTypoDIBA&usg=AFQjCNFSB3X-DZylcXZiDcy7pcbxeleE3g)


التبصير ببعد السلفية عن التكفير


ليس الشأن أن يُطلق المرء الكلام على عواهنه متهما غيره بغير حجة ولا برهان، ولكن الشأن أن يقرن المرء الدعاوى بأدلتها وبراهينها، إذ"لو يُعطي الناس بدعواهم، لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعيواليمين على من أنكر"[1] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_edn1)
ولقد اتهم فئام من الناس الدعوة السلفية بالتكفير ولم يقدموا على هذه الدعوى من الحجج ما تقوم به، فهي مجرد دعوى لا تعدو ذلك.

والدعاوى ما لم تقيموا عليــ *** ها بينات أبناؤها أدعياء

فالدعوة السلفية كانت وستضل دوما بمنأى عن أي فكر منحرف، سواء التكفير أو غيره ولقد شهد العدو قبل الصديق للدعوة السلفية بالأيادي البيضاء في مواجهة فكر التكفير والغلو والتطرف وهذه تسعة أدلة على بعد السلفية عن التكفير:
1-الدعوة السلفية دعوة علمية تقوم على التأصيل الشرعي فهي تربط الناس بالقرآن الكريم وكتب التفسير السلفي وكتب السنة النبوية وشروحها وقواعد الاستدلال والاستنباط وهي في ذلك كله تدعو لاتباع السلف ولها من العناية بهذا الأمر ما ليس لغيرها... فدعوة هذا حالها، كيف تجد الأفكار التكفيرية الخارجية وسط أتباعها مرتعا؟؟ فإن التكفير قرين للجهل لا ينفك عنه ولا يفارقه، ومن خبر أحوال الخوارج منذ نشأتهم إلى هذا اليوم علم صدق هذا الأمر.
2- لقد تولى السلفيون نشر كلام كبار العلماء المحذر من التساهل في التكفير، وقد كان لذلك عظيم الأثر في إحجام كثير من الشباب عن سلوك هذا المسلك الخطير ومن هذه الأقوال قول العلامة أبي العباس القرطبي:"وباب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا، وتوقف فيه الفحول فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا."[2] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_edn2)
وقول شيخ الإسلام:"وليس لأحد أن يُكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتُبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل عنه بالشك..."[3] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_edn3)
3- اعتماد عقيدة السلف في تحريم تكفير أصحاب الكبائر، فـ"عُصاة المسلمين، حاكمهم ومحكومهم فهم عند السلفيين ليسوا بكفار،بل مسلمين، يُصلى خلفهم ويُصلى على موتاهم، ويُحضر في مناسباتهم،ويعاملون بكل أنواع التعامل التي جاء بها الإسلام، فالزاني والسارق والقاتل والسكير الغير المبيح لذلك، والذي يعترف بأن هذه ذنوب ومعاصي؛ فهو ليس بكافر بإجماع أهل السنة"[4] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_edn4)
وحتى لو تلبس المرء بما يستلزم كفره فإن إسقاط حكم التكفير عليه كمعين ليس للأهواء والأمزجة، وإنما التكفير حكم شرعي مرده لتحقق شروط وانتفاء موانع... وموانع التكفير أربعة، وهي الجهل والتأويل والإكراه والخطأ.
4- إن الذي يرمي السلفية بالتكفير أحد رجلين:
إما أن يكون رجلا يدري أن ما يقوله محض افتراء، ويدرك أن ادعاءه بهتان... وهذا مُغرض لا نملك إلا أن ندعو الله أن يكفيناه بما شاء وكيف شاء.
وإما رجل جاهل اشتبهت عليه الأمور فظن السلفيين تكفيريين، ومِن هؤلاء مَن إذا ركب سفينة قد هاج بها البحر وماج، ورأى رجلا يستغيث بالمقبورين كالبدوي والجيلاني وابن مشيش غيرهم فحذره سلفي قائلا:"لا تستغث بغير الله فإن الاستغاثة بغيره كفر" فيقول المسكين:" أرأيتم؟ إن السلفيين يكفرون"
و لمثل هذا نقول: إن السلفي المحذر لهذا المستغيث بغير الله من فعله لم يُكفره وإنما حذره من الوقوع في الكفر ولا يلزم من ذلك الحكم عليه بالكفر"فالجاهل والمخطئ من هذه الأمة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا أو كافرا فإنه يُعذر بالجهل والخطأ،حتى يتبين له الحجة التي يكفر تاركها بيانا واضحا ما يلتبس على مثله"[5] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_edn5)
5-جهود السلفيين في بيان قواعد التكفير، والتحذير من الانزلاق وراء كلام خوارج العصر، وهي كثيرة جدا وقد أثمرت بحمد الله الأثر الطيب، سواء من جهة وقاية الشباب من الارتماء في أحضان هذا الفكر المنحرف، وتحصينهم منه، أومن جهة انقاد من أُشربوا في قلوبهم شُبه أرباب هذا الفكر وتلبيساتهم، ومن هذه المؤلفات:
*-"الحكم بغير ما أنزل وأصول التكفير" للشيخ خالد العنبري.
*-" التحذير من فتنة الغلو في التكفير" وقد تضمن كلام الشيخ الألباني و تعليقي الشيخين ابن باز والعثيمين رحم الله الجميع وهو من إعداد الشيخ علي الحلبي.
*- "التبصير بقواعد التكفير" و"صيحة نذير بخطر التكفير" كلاهما للشيخ علي الحلبي.
*- المدارج في كشف شبهات الخوارج" للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
*-" التكفير وضوابطه" للشيخ إبراهيم الرحيلي.
*- "تخليص العباد" للشيخ عبد المالك الرمضاني وهو نقد لفكر أبي قتادة الفلسطيني.
*- "تبديد كواشف العنيد" للشيخ عبد العزيز الريس وهو رد على أبي محمد المقدسي.
6- لقد عُرف عن التكفيريين وصفهم للسلفيين بالعمالة والإرجاء، مما يدل على بعد منهج هؤلاء عن منهج أولئك، وقد ألفوا مؤلفات كثيرة في هذا الباب منها:
*-"عملاء لا علماء" لمحمد الفيزازي
*-" كشف الشبهات: عقيدة السلفيين في ميزان أهل السنة والجماعة" لمحمد بوالنيت.
*-"إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر" لأبي محمد المقدسي.
*-"تبصيرالعقلاء بتلبيسات أهل التجهم والإرجاء (http://tawhed.ws/dl?i=2mianrha)" للمقدسي أيضا.
*-"بيان حقيقة الإيمانوالرد على مرجئة العصر فيما خالفوا فيه محكم القرآن (http://tawhed.ws/dl?i=gi6kwewx)" لحامد العلي
وغيرها من البحوث التي جاوزت المائة والتي بينت بجلاء أن التكفيريين علموا أن أكبر من يشكل خطرا عليهم ويهدد انتشار فكرهم هم السلفيون... فهل بعد هذا كله يقال إن السلفية تتبنى التكفير؟؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
7- لقد استطاع السلفيون أن يحققوا في مجال دحر الفكر التكفيري ما عجزت عنه الجهات الرسمية العلمية والأمنية، ففي المغرب مثلا ينذر أن تجد داعية سلفيا أو طالب علم إلا وقد رجع على يده الكثير من التكفيريين، واستبصر كثير من الشباب الذين يجدون في الفكر الخارجي مجالا للتعبير عن حماستهم الفارغة وعواطفهم الجياشة غير المنضبطة بعلم ولا بقواعد.
8- إن الثمرة المباشرة لمنهج التكفير هي الدعوة للخروج على ولاة أمر المسلمين ومنابذتهم، وشق عصا الطاعة وتأليب الناس عليهم، وهذا أمر معروفٌ بُعدهُ عن أدبيات السلفيين –كما يُقال- بل إنهم حذروا منه بنفس القوة التي حذروا بها من فتنة الغلو في التكفير ومن أمثلة ما كتبوا في الباب:
*- المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم: و المحكوم للشيخ ابن باز رحمه الله.
*-معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة: للشيخ الراحل عبد السلام بن برجس تغمده الله بواسع رحمته.
*-السنة فيما يتعلق بولي الأمة: للشيخ أحمد بن عمر بازمول.
9- كما أن من ثمار التكفير الملازمة له ما انتشر اليوم في أرجاء الدنيا من العمليات التخريبية والتفجيرات، التي يتبناها ويدعو إليها من تشرب فكر الخوارج، و لا شك أن هذا مناقض لما يدعو إليه السلفيون من حرمة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين، ولقد اجتهدوا في بيان هذا الأمر وتقريره بالأدلة الشرعية في عشرات المؤلفات منها:
*- "بأي عقل ودين يكون التفجير والتدمير جهادا ؟!.. ويحكم..أفيقوا يا شباب!!":للشيخ عبد المحسن العباد.
*- "الأدلة القطعية على تحريم التفجيرات التخريبية": للشيخ حماد القباج المراكشي.
إن دعاة منهج السلف إذ يتبنون هذا المنهج في هذه القضية الحساسة، فإنهم لا يقومون بذلك تقربا لجهة ولا إرضاء لمؤسسة، ولا تزلفا لأحد، وإنما هو منهج نبوي وعقيدة سلفية، دلت عليها نصوص القرآن والسنة وآثار سلف الأمة، وإن كثيرا ممن يطيب لهم اليوم العزف على وتر محاربة التكفير والتطرف، من أصحاب المناصب ممن عُرفوا بمناوئة منهج السلف، لا يفعلون ذلك إلا حفاظا على رواتبهم وكراسيهم، وإن الذين يراهنون على أمثالهم في حربهم على الفكر الخارجي، كمن يرجو الورود من السراب، والشرب من الضباب، والبناء على الخراب... فشتان بين من رائده في كلامه القرآن والسنة وابتغاء وجه الله عز وجل وبين من يدعو لدريهمات يأخذها وتعويضات ينالها... وهذا مكمن الفرق في النتيجة والثمرة بين السلفيين وغيرهم وقديما قالوا: ليست الثكلى كالنائحة المستأجرة فمتى يأخذ القوم العبرة ؟؟

[1] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ednref1) - رواه مسلم

- [2]المفهم لما أشكل من صحيح مسلم 3/111

[3] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ednref3) - مجموع الفتاوى 12/468

[4] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ednref4) - دعوة سلف الأمة إحياء الكتاب و السنة 222

[5] (http://www.albaidha.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=27#_ednref5) - من كلام ابن العربي المالكي نقلا عن محاسن التأويل للقاسمي 5/1307-1308

قطــــوف الجنــــة
2012-11-14, 15:10
كلام العلماء الأعلام في الخوارج وأصحاب التفجيرات:




قال الشيخ ابن عثيمين ــ رحمه الله ــ في أصحاب تفجير العُلَيَّا والخُبَر: (الواجبُ على طلاب ِ العلمِ أنْ يُبَيِّنوا أنَّ هذا المنهجَ منهجٌ خبيث, منهجُ الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفُّوا عن دماء المشركين).
ولمَّا سُئل الشيخ الفوزان ــ حفظه الله ــ عمَّن يُجيزون قتل رجال الأمن, وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتوى منسوبة لأحدِ طلاب العلم,ويحكمون على رجالِ الأمن بالردة, أجاب ــ حفظه الله ــ بقوله هذا مذهب الخوارج, فالخوارج قتلوا عليَّ ابنَ أبي طالب  أفضل الصحابة بعد أبي بكرٍ وعمرَ وعثمان, فالذي قتل عليَّ بنَ أبي طالبٍ  ألا يقتل رجال الأمن, هذا مذهب الخوارج, والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم).
ولمَّا سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز ــ غفر الله له ــ عمَّن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية, أجاب ــ غفر الله له ــ بقوله: (هذا دين الخوارج والمعتزلة الخروج على ولاة الأمور, وعدم السمع والطاعة لهم إذا وُجدت معصية, ولا يجوز لأحدْ أنْ يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور, أو يدعو إلى ذلك, لأنَّ هذا من أعظم المنكرات, ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء, والذي يدعو إلى ذلك هذا هو دين الخوارج, يستحق أنْ يُقتل, لأنَّه يُفرق الجماعة فيسُقَ العصا, والواجب الحذر من هذا غاية الحذر, والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مَنْ يدعو إلى هذا أنْ يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنةٌ بين المسلمين).
ولمَّا قيل للشيخ الفوزان: وهل يوجد في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج, أجاب ــ أعزه الله ــ بقوله: (يا سبحان الله!!! وهذا الموجود أليس هو فعلَ الخوارج؟؟؟ وتكفير المسلمين؟؟؟ وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم, هذا مذهب الخوارج, وهو يتكون من ثلاثة أشياء:
أولاً// تكفير المسلمين.
ثانياً// الخروج عن طاعة وليِّ الأمر.
ثالثاً// استباحة دماء المسلمين.
هذه من مذهب الخوارج, حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً, صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه).
وسُئل ــ حفظه الله ــ أيضاً عمَّن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد, ويقول: لا يُشترط للجهاد إمامٌ ولا راية, فأجاب ــ أحسن الله إليه ــ بقوله: (هذا رأي الخوارج, أما أهل السنة فيقولون: لا بُدَّ من رايةٍ, ولا بُدَّ من إمام, هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله , فالذي يُفتي بأنَّه لا إمام ولا راية وكلٌ يتبع هواه, هذا رأي الخوارج).
الله أكبر ما أجمل الدعوة السلفية وما أحكم علمائها وما أخزى المتلبسين بها ليشوهوها لأغراضهم الحزبية الدنيئة ولكن لقد حفظنا الله تعالى بفتاوى علمائنا الراسخون في العلم قد عملنا بقول الله تعالى(فاسألو أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون).


لماذا إذن يتسمون بالسلفية ؟؟!!



قال الشيخ سلطان العيد : ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحوذلك من الألقاب ، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية . ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم.

ماهو السبب في الإرهاب؟؟!!

-- هل السبب في العلماء : هل السبب ابن باز وابن عثيمين والألباني وهيئة كبار العلماء ؟ لا أظن أن عاقلاً يحترم نفسه يقول ذلك ، ومن تفوه به فاكتبوه في سجل الأفاكين ، واحذروه فانه رجل سوء ولو كان فيه خير لشكر واعترف بفضل من علمه وفقهه، الله أكبر: سلم منك اليهود والنصارى ولم يسلم منك علماء السنة والتوحيد ، نعوذ بالله من الخذلان . ثم إن كان عندك رأي فاذهب إلى العلماء ليبينوا لك ويعلموك، أما أن تجرم علمائنا أمام العامة فهذا والله جناية على الشريعة وعلى العوام لأنهم إذا فقدوا الثقة بعلمائنا الربانيين فإلى أين يتجهون ومن يستفتون بعد ذلك وهل يرضى أولئك أن يتكلم في فقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ بهذه الطريقة أمام العامة مع ما فيها من تهكم واستعداء ومحاولة إسقاط لا أظنهم يرضون . وهل السبب كتب ابن تيمية لا والله فهو شيخ الاسلام حقاً والمجدد للدعوة السلفية وكتبه تعلن براءته من خوارج العصر الذين يتمسحون به ويحرفون كلامه ليوافق أهوائهم.
--وهل السبب في الدعوة السلفية المباركة، التي وصلت إلى الدنيا كلها، دعوة على منهاج النبوة وماكان عليه السلف الصالح . كلا والله ليست هي السبب لأنها تحذر من فكر هؤلاء الخوارج وتعلن البراءة منهم ويدل على ذلك عداء أصحاب هذا الفكر المتطرف للدعوة السلفية ومشايخها ، ووصفهم بالأوصاف المختلف للتنفير والتشويه: بازية ، عثيمينية، ألبانية، مرجفون في المدينة، إلى غير ذلك مما يطلقه الثوار على الدعوة السلفية. ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحوذلك من الألقاب ، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية . ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم
السبب الحقيقي:
نقولُ السببُ: السببُ هذا الفكرُ المنحرفُ وهذا التطرف, سببُ هذا الفكرِ المنحرفِ وهذا التطرف والتكفير, السببُ في سفك هذه الدماء باسم الدِّين: هم أولئك الذين شحنوا الشبابَ وهيجوهم عَبْرَ محاضراتهم الصاخبة, وأشرطتهم الملهبة, وإليكم بعض مقولات مَنْ يَدّعون الإصلاحَ الخوارَ والدعوةَ وقيادةَ الصحوة, هذه مقولاتُ مَنْ يُبررون الإرهاب ويضللون الرأيَ العام, ويُثيرون البلبلة بين صفوف أهل الإسلام وجنوده, إنَّهم يًُبررون تلك الأفعالَ المشينةَ لمآربَ أخرى.
ها هو أحدكم يقول ــ مهيجاً شبابَنا على بلادِنا ــ يقول: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا, وفشى المنكرُ في نوادينا, ودُعِيَ إلى الزنا في إذاعتنا وتلفزيوننا واستبحنا الربا....] إلى آخر كلامه.
فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا؟! أمّا أكلةُ الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرةً وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنَظِّر, وأما قوله: [ لقد ظهرَ الكفرُ والإلحادُ في صحفِنا], فأترك التعليق عليه لكم.
وقال غيرُه في شريطٍ لـه ــ وهو يتحدث عن مجتمعنا ــ: [ إنَّ كثيراً مِنْ مجتمعنا استحلوا الربا ــ ثمَّ حذَّر من انتشار المعاصي ــ وقال: إنَّ الكثيرَ قد استحلوا هذه الكبائر].
فهل منكم أحدٌ استحلَ كبائرَ الذنوب؟؟ يا معشر العقلاء, إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر, فهو مجتمعٌ كافرٌ كما فهم أولئك الشباب, وعليه حملوا السلاحَ ضدَّ مَنْ اعتقدوا كفرهم.
وهذا ثالثٌ يُحَرِّضُ على المظاهراتِ الغوغائيةِ فيقول: [ والذي نفسي بيده لقد خرجَ في إحدى الدولِ في يومٍ واحدٍ سبعمائةِ ألفِ امرأةٍ مسلمةٍ متحجبةٍ يُطالبنَ بتحكيم شرع الله].
يا لها مِنْ مصيبة, شيخُ الصحوةِ يُطالبُ النساءَ بالخروجِ في المظاهرات, ومواجهة رجالِ الأمن بصدرهم, فرفقاً رفقاً رفقاً بالقَوارير, ولك أنْ تتصورَ أثرَ هذا التهييجِ على شبابِنا وبناتِنا.
واستمعْ لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم ــ كلهم دون استثناء ــ يقول: [إنَّ الرقعةَ الإسلاميةَ أصبحتْ نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغيرِ سلاح, ولا بكاءَ ولا دموعَ على هذه الأرضِ الإسلامية, التي أصبحتْ تُحْكَمُ بالمنافقين]. ثمَّ قال: [وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طولِ بلادِ الإسلامِ وعرضها, طالما رفعض هؤلاء شعارَ الدينِ والحكمِ بالإسلامِ وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عنها قيدَ أُنملة, فإذا هم يُحكمون القبضةَ مِنْ خلالِ هذا الكلام].
الله أكبر!!! هذا كلامُ مَنْ يُسمُّون بالدعاة من بني جلدتِنا, لكنهم شذوا عن دعوتِنا السلفية المباركة, وأنتم تروْنآثارَ كلامهم وأشرطتهم, قولوا بربِّكم ما أثرُ هذا الكلام على شبابِنا؟؟ وهل العنفُ والتكفيرُ مستوردٌ بعد هذا؟؟
ها هو أحد المبررين للإرهاب يقولُ بعد فتوى ابن بازٍ وابنِ عثيمينَ وهيئةِ كبارِ العلماءِ في جواز الإستعانة بالقوات لحمايةِ بلادِ الحرمين, هذا الذي هو مِنْ جلدتِنا ويتكلمُ بلسانِنا, يقول عن تلك الأحداث: [ لقد كشفتْ عن عدم وجود مرجعيةٍ صحيحةٍ موثوقةٍ للمسلمين].
فإذا كان ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ غيرَ موثوقٍ بهم فمن يُوثَقُ به, وهل سيقبلُ الشباب بمحاورةِ هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم, تُسقِطُهم ثمَّ تُطالبُ مِنَ الشبابِ أن يحاوروهم, إنَّ هذه الأحداث يستدعي منا النظر في واقعِ ما يُسمى بالصحوة مع التحفظ على هذا المصطلح, وتستدعي النظرَ في بعضِ الرموزِ التي تُغذي هذا الفكر ـــــ؟؟ـــــ(*) الإسلامية نصحاً لأمةِ محمد صلى الله عليه وسلم.

.
إعترافات زعيم الإرهاب في الجزائر:

قال الشيخ مالك رمضاني حفظه الله في كتابه مدارك النظر وهو يتكلم عن زعيم الإرهاب في الجزائر علي بلحاج ما نصه :
وقد بدا لي من خلال معرفتي به الطويلة أن السجن الأول ـ قبل فتنة الأحزاب هذه ـ أثَّر فيه أثراً بالغا، وذلك من ناحيتين
الأولى: أنه أخبرني-يعني علي بقراج- هو أنه عكف على كتب الإخوان المسلمين وفَلاَها فَلْياً، بغرض انتقادها ـ كما زعم ـ وسمى لي منها كتب محمد الغزالي والقرضاوي وسيد قطب، لكنه لم يلبث أن تأثر بها؛ يدلُّ عليه انقباضه من العلماء بعد خروجه من السجن الأول، ومن العلماء السلفيين خاصة!
ولئن قلتَ كيف يستقيم هذا ونحن نسمع أنه سلفيّ؟
قلت: إن الذي لم يقنع بما عليه السلفيون منذ عهدهم الأول حتى يبتدع سلفية حركية، لن يجيء ـ مهما طوَّر الأسلوب وحوَّر في العبارات ـ إلا ببنت الإخوانية! ولو قرأتَ لهذا الرجل ما كتب لما استغربت،كيف وجلّ نقولاته عن الإخوان، من سيد قطب وأخيه محمد وعبدالقادر عودة وصلاح الخالدي وحسن البنا وحتى من محمد عبدالقادر أبي فارس وغيرهم ممن تقرأ أسماءهم في كتبه مثل كتاب » فصل الكلام في «، ولئن أخذ ومضة من كتب ابن تيمية في حكم مواجهة الحكام فمن باب قوله تعالى: {وإنْ يَكُن لَهُمُ الحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِين}، مع ذلك فيُفصِّل كلامه على قدّه ببتر نصوصه، واقرأ إن شئت ما كتبه في حكم الإضراب، ينكشف لك ما قلته بلا ارتياب.
وهذه عاقبة من لم يسعْه ما وسع السلف، وشبَّهتُ حاله في تأثّره بالإخوان ـ وهو يريد انتقادهم فيما زعم ـ بحال الغزالي الذي قال فيه أبو بكر بن العربي: " شيخُنا أبو حامد: بلع الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع! "( ).
ولا يخفى على من جرَّب الجماعات المعاصرة ما في منهج ( الإخوان ) من الازدراء بأهل العلم، وإلا فخبِّروني من أول من نبزهم بعلماء الحيض والنفاس؟! وبعلماء القشور؟! وبعلماء البلاط؟! وبالذين يعيشون القرون الوسطى؟! وبعلماء الكتب الصفراء؟! وبعلماء البدو؟!.
إذن هو تربى على الكتب التي تقدسونها وليس كتب السلفية أليس كذلك؟؟؟؟؟؟؟
ولكي لا يكون بينكم وبين حزبه وجماعته إلحاق إدعيتم أنه خريج السلفية والأثر ولكن الحق أن » الولد للفراش وللعاهِر الحَجَر «، وقد شهد العدول يوم كان يُلقَم بأيديهم ثدي التكفير من صحف سيد قطب، كما قيل:
فإن لم تكُنْهُ أو يكُنْها فإنّه أخوها غَذَتْهُ أمُه بلبانها
وأنتم جميعا وإن كنتم لا تَرضَون بحسن البنّا بديلاً، فلا تقبلون في سيد قطب جرحاً ولا تعديلاً. أما تفرقكم فنتيجة حتمية لمن غاب عنده أصل
( التصفية والتربية ).

إجتماع علي بلحاج مع العلامة الألباني:


اجتمع الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بعلي بن حاج القائد الروحي
ـ كما يقولون ـ للحزب الجزائري: الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكان الشيخ على دراية دقيقة بحوادثهم، وبلغه أن مؤيِّديهم يُعَدُّون بالملايين، فكان مما سأله عنه ما أُثبتُه هنا اختصارا أن قال له الشيخ: " أَكُلُّ الذين معك يعرفون أن الله مستوٍ على عرشه؟ " وبعد أخذ وردّ، وتهرّب وصدّ، قال المسئول: نرجو ذلك! قال له الشيخ: " دَعْك من الجواب السياسي! "، فأجابه بالنفي، فقال الشيخ: " يكفيني منك هذا!
تنبيه:
أرسل علي بن حاج رسالة سرية بتاريخ: (20صفر 1415هـ ) إلى الجماعات المسلحة يقول في ق (2) منها: " ولذلك رأينا في تاريخ علماء المسلمين أنه يكون بينهم خلاف حتى في بعض المسائل العقائدية فضلا عن الفرعية، ولكن يَخرجون في الجهاد صفاً واحداً أمام العدو الكافر، فكان الجيش يَضمّ في جنباته من شتى المذاهب الفرعية ومجاهدين من الفِرق الإسلامية! ... ".
بل قعّد بعدها قاعدة غريبة ادّعى فيها الاتفاق، وهي قوله: " إن المسائل المختلفة لا إنكار فيها!! "( ).
قلت: أولا: لا ريب أن المسلمين ـ بعد الرعيل الأول ـ قد اختلفوا في أعظم ما في هذا الدين، ألا وهو اختلافهم في ربهم: في أسمائه وصفاته، فيكون حينئذ إنكار السلف على المخالفين في ذلك جهداً ضائعاً عند هذا؛ لأنه خلاف الاتفاق المدَّعَى!
ثانيا: ليس غريباً أن يخالف ابنُ حاج العلامةَ الألباني في عدم اشتراط المعتقد الصحيح للنهوض بالأمة؛ للفوارق العلمية والمنهجية التي بينهما، ولكن الغريب ألا يصدع ابن حاج برأيه عند الشيخ! وأن يكتم عنه ( كلمة الحق هذه! ) ويُظهر الوفاق له تمويهاً على السلفيين! ثم يَكتبها في الظلام!! {واللهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُحِيطٌ}.

جهود سلفية في محاربة الإرهاب في العالم :


1-كتاب مدارك النظر الملف الأول حول الجزائر
2-فتاوى العلماء الأكابر يحتوي على الكثير من الفتاوى المتعلقة بأحداث الجزائر
3-مكالمة هاتفية للشيخ ربيع مع أحد الثوار الجزائريين على رؤوس الجبال
4-نصيحة الشيخ ربيع للجزائر حكومة وشعبا
5-كتاب فتنة التكفير للشيخ علي الحلبي
6-كتاب الإرهاب لزيد المدخلي
7-مقالات وأشرطة الشيخ سلطان العيد
8-شريط أسباب الإرهاب للشيخ سليمان الرحيلي
فأين جهودكم؟؟؟ لم نرى في كتبكم إلا التكفير والتهييج كما بينت آنفا.

نصيحة من القلب إلى الشباب التائه :

.. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، إلا واحدة فقط جعلنا الله منها ، وهؤلاء هم أهل السنة السلفيون ، المتمسكون بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار .
فاحذروا دعاة الحزبية والفتنة ، الذين يصرفون الشباب عن العلم والعلماء إلى طريقة الحرورية السفهاء : باسم الفكر الإسلامي والدعوة والجهاد وإنكار المنكر ، فإلى متى إلى متى يا أخي ؟؟
إن الله جل وعلا ، باعثك ، وسائلك عن شبابك وعمرك فيم أفنيته ، وإن من خير ما تأتي به يوم القيامة التمسك بالسنة في زمن كثرت فيه الأهواء والفتن وعظمت فيه غربة المنهج السلفي ، قال رسول الله عليه وسلم : "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء " والغرباء حقاً : هم أهل السنة ، الذين يصلحون إ ذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس من السنة .
فلا تغتر بهذه الدعوات المضللة ، ولو كثر أتباعها ، والزم أهل السنة وعلمائهم ، وتفقه في منهج السلف واعرف طرق الحزبيين الضلال حتى لا تقع في حفرهم وتهلك كما هلك أولئك . الحلم الحلم يا شباب الإسلام ، والعقل العقل ، عليكم بالعلم فإن الله يرفع به العبد وينجيه به من الفتن ، فخذوا العلم ممن عرف بسلامة المعتقد وصحة المنهج والبعد عن طرق المفتونين , وخذوا بقول العبد الصالح محمد بن سيرين : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
كم من شاب غرته فتاوى الظلام والعنف والتكفير فترك علماء المسلمين وجماعتهم إلى من لا يعرف ما علمه ولا يدري من هو ، واذا وقعت الواقعة قال إنه بريء منهم ، فعليكم بتصحيح المنهج والرجوع إلى العلماء والالتفاف حول ولاة الأمر وأهل العلم لأن هذه هي طريقة شباب السنة السلفيين الأخيار وشيبهم . وأما أسباب هذه التفجيرات وغيرها من عمليات الإرهاب فقد ألمحت إليها ، ولها وقفة أخرى اسأل الله أن ييسرها وينفع بها.إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب . ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فعليه بكتاب " الإرهاب " للشيخ : زيد المدخلي ، حفظه الله ورعاه ، فإنه من خير ما ألف في هذا الباب.


جمعه اخ في الله جمال البليدي بارك الله فيك .

وقت
2012-11-14, 20:10
http://upload.traidnt.net/upfiles/NRT55991.jpg

شمس الدين
2012-11-15, 00:15
لم أفهم شيئا أنا وضعت تخريج للحديث ومدى صحته وأنت وضعت أقوال علمائك عن الشيخ المقدسي
حسنا المقدسي تكفيري
لماذا لم تردي على تخريج الحديث في ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1776573
أم كل من يضعف الحديث تكفيري ؟
أقول لك لم تجدي بما تردي على تخريج المقدسي للحديث
أحضرتي أقول علمائك في المقدسي
يا أخت نحن نتبع الادلة لا الشيوخ
إن أتوني شيوخك بالأدلة فمرحبا وإلا كما يقال إضرب على حديثه

قطــــوف الجنــــة
2012-11-15, 09:15
لم أفهم شيئا أنا وضعت تخريج للحديث ومدى صحته وأنت وضعت أقوال علمائك عن الشيخ المقدسي
حسنا المقدسي تكفيري
لماذا لم تردي على تخريج الحديث في ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1776573
أم كل من يضعف الحديث تكفيري ؟
أقول لك لم تجدي بما تردي على تخريج المقدسي للحديث
أحضرتي أقول علمائك في المقدسي
يا أخت نحن نتبع الادلة لا الشيوخ
إن أتوني شيوخك بالأدلة فمرحبا وإلا كما يقال إضرب على حديثه


عفوا لم أكن أعلم ان إبن معين وعبد الرزاق والإمام أحمد ....أنهم أنهم كانو تكفريين من أنصار المقدسي أو حزبيين أو حركيين ....والأئمة الذي ذكرهم السلفيون هم لم يخلطو بين الراوي والأثر كما تفعلون ...؟أين المشكل هو في صحة الأثر أو ضعفه في شرحه أم أمر آخر ..
هذه المشكلة في الخوارج ....ثم حتى لو إفترضنا ضعفه فهناك فرق بين الكفر الاعتقادي والعملي الذي مخرج من الملة يا اخي ...أبي محمد المقدسي , ورأيت الكثيرين ممن كتبوا هناك يصفونه بأنه ممن يتبنى عقيدة .قرأت مؤلفاته فوالله ما وجدت فيها شئ من الغلو كأنني أقرأ لشيخ محمد عبد الوهاب سلفية نقية وعقيدة راسخة .بعدها عرفت طامات عنه .لم ارى مثله في الغلو والتكفير..قوله عن الشيخ ابن باز – وهو من خصومه – " أعمى البصر والبصيرة " !! وقوله عن أبي بكر الجزائري : " منافق " !! <وفي مقالة له بعد إعدام الأربعة في الرياض الذين فجروا وقتلوا بعض المسلمين ، قال : (( لذلك يدفع آل سعود عن هؤلاء العلماء (العملاء) كما يدفعون عن أنفسهم وحكوماتهم، لأنهم من أعظم أركان تثبيت عروشهم. وتأمل تركيزهم في كلامهم على الإخوة الأربعة بأنهم كانوا يُكفّرون الدولة والعلماء الذين يؤيدونها. )) (( فليبكِ عليهمُ الباكون... ولينتحب المنتحبون... وليلطموا وجوههم، وليشقّوا جيوبهم، وليُولْوِلوا كما تُولول النساء، وليصدروا فتاواهم الساقطة المتهافتة.أمّا إخواننا الموحِّدون في الجزيرة فلا بواكيَ لهم. بل على العكس لقد شنَّ علماء السوء ورهبان الحكومات عليهم غارتهم، وتناوشوا أعراضهم ودينهم، مثل الكلاب تدور باللّحمان. ووالله ما فعلوه غضبةً لدين الله، ولكن غضبةً لأولياء نعمتهم من آل سعود، فدين الله تُنتهك محارمه ليل نهار ولا من يحرك ساكناً منهم.. وأوّل المنتهكين له أربابهم من آل سعود. لعنة الله عليهم وعلى من شايعهم وناصرهم وظاهرهم وسوّغ الدخول في دينهم الكفري. فوالله الذي لا إله إلا هو لقد أفسدوا الدين، وثلموا أركانه، وذبحوه باسم الشريعة والدين. )) وقال : (( ووالله ما نال آل سعود من دين الله، ولا فعلوا فيه من التلبيس والتدليس والإضلال عشر معشار ما فعله هؤلاء الكهنة والرهبان والحاخامات، إذ لبّسوا الحق بالباطل، ورقّعوا لأربابهم من أئمة الكفر. فجعلوهم أولاً، ولاة أمور المسلمين وأئمة الدين ، ثمّ صيّروا الخارج عليهم الكافر بشركهم من "الخوارج والتكفيريين".)) وقال في مقابلة مع مجلة نداء الإسلام : (( فيجب تحذير الشباب من رؤوس الضلالة سواء كانوا من علماء الحكومات أو من أدعياء السلفيّة الذين أفنوا أعمارهم في الجدال عن الطواغيت وأنصارهم والصدّ عن جهادهم، وشنّ الغارة على من كفّرهم أو سعى إلى جهادهم من الموحّدين.. فالواجب بيان تلبيسات هؤلاء وكشف شبهاتهم.. مع الاشتغال بدعوة التوحيد وعدم التضرّر بإرجافات القوم وتخذيلهم.. والثبات على سبيل المؤمنين ودعوة المرسلين وملّة إبراهيم، وعدم الاستيحاش لقلّة السالكين أو الاغترار بكثرة المنحرفين والهالكين.. )) يا ترى من تظنه يدخل في قوله " أدعياء السلفية " ؟ وذكر في كتاب له " الرد على محمد سرور " وسماه " الرد الميسور " أنه لا يصلي وراء السديس والحذيفي !!! وسماهم بالاسم !! وكان عندما يزور الشيخ احسان العتيبي لم يكن يصلي خلف احد من الائمة وهو لايعرف اخدا منهم... ويبقى طول الوقت في الحمامات هو واصحابه !!!! ( من كلام الشيخ احسان ) وقال في كتابة الفاجر ( الكواشف الجلية على كفر الدولة السعودية ) الكلام التالي : < و أخيرا فأنا أذكر الموحد و أنبهه إلى عدم الإغتراربعلماء الحكومات هؤلاء الذين يتجاهلون ما يدور حولهم من كفريات و فضائح آل سعود و حكومتهم .......ثم قال: .... و قد عرف هؤلاء الطغاة كيف يسخرون شعوبهم و يقودونهم و يجعلون منهم شياه و أنعام أليفة مطيعة بهذا الستار الكثيف الذي اتخذوه من هؤلاء الأحبــــــــــــــــــــــــــــــار و الرهبــــــــــــــــــــــــــــــــان ليجعلوا من بلدهم بلد التوحيد و بلد العلم و العلماء ، تأملوا المشايخ في كل مكان هذا الشيخ ابن بـــــــــــــــــــــــاز و ذاك ابن عثيمــــــــــــــــــــــــــين و هناك غيره كلهم مع الدولة .................. ثم قال : بقي أن يعرف الموحد الموقف من هؤلاء العلماء الضالين المضلين المجادلين عن الحكومات النائمين في أحضانها و الراضعين من ألبانها ............. )) .راجي عفو ربه ابي محمد المقدسي...أهذا كل ما يضعف الحديث تكفيري على من تسخر ...
ياليتهم كان تركيزهم على العلم والمسائل لهان الامر يا أخ بل تحول لفعل وأيديهم إمتلئت بدماء المسلمين في كل الارجاء الامة من بينها بلدنا الجزائر وما خلفوه لنا من ويلات من جراء فهم وتأويل والخروج عن اقوال العلماء المعروفون بالعلم الراسخ ....

قطــــوف الجنــــة
2012-11-15, 09:21
عن عبد الله بن طاووس عن أبيه قال : سئل ابن عباس عن قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ﴾ قال : "هي كفر قال: «ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله»-الإمام ابن معين ضعفه في رواية ولكنه عدله في رواية أخرى وهذا الضعف يزول بتوثيق أهل العلم الآخرين ويتقوى بالطريق الأخرى أيضا وكذا إجماع أهل العلم أما العقيلي وابن المديني وعبد الرزاق فلم يضعفاه ألبة بل هذا كذب منك

2-الإمام أحمد لا يضعِّفه الضعف المطلق الذي ظنه (هدام السنة) ، وإنما هو ممن لا يُصَحَّح حديثه بل يحسن، وهذا يلتقي تماماً مع ما أصّله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-حيث قال"«وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: «هو ضعيف ليس بالقوي» لكن هذه العبارة يقصد بها: أنه ممن ليس يصح حديثه، بل هو ممن يحسن حديثه. وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفاً، ويحتجون به؛ لأنه حسن، إذ لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوماً إلا إلى صحيح وضعيف.
وفي مثله يقول الإمام أحمد: الحديث الضعيف خير من القياس؛ يعني: الذي لم يَقْوَ قوة الصحيح مع أن مخرجه حسن».
فخذها فائدة عزيزة من شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً-.
وقال الإمام الحافظ الذهبي في «المقدمة الموقظة» (ص319-بشرحي): «وقد قيل في جماعات: ليس بالقوي، واحتج به.
وهذا النسائي قد قال في عدة: «ليس بالقوي» ويخرِّج لهم في «كتابه»، وقال: قولنا: «ليس بالقوي» ليس بجرح مفسد».وأما تضعيف الإمام يحيى ابن سعيد؛ فلم يبيِّن سببه؛ فإنه قال: «اضرب على حديثه»؛ فلا يلغي هذا الإجمال توثيق من وثقه.
وهب أنه ضَعّفه- وهو مُتَشَدِّد في الرجال- فهناك كثير من أهل العلم وثَّقوه وقبلوا حديثه، فهو إذن من الرواة المختلف فيهم؛ فبعضهم ضعَّفه والكثير منهم وثَّقه، فماذا نصنع ؟هل نلغي هذا التوثيق من أولئك الأئمة ونقدِّم الجرح؟ أم نوفِّق بينهما؟ وهذا مما لم يُقِم له هذا(الهدّام) وزناً، فإلى الله المشتكى من تعدي هذا (الغمر) على هذا العلم. لم يتفرد به هشام وحده بل رواه أيضا علي بن أبي طلحة عن ابن عباس تابعه علي بن أبي طلحة عنه بلفظ :« من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم ؛ فهو ظالم فاسق».
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (6/166)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1142/6426و1146/6450) عن المثنى بن إبراهيم الآملي وأبي حاتم الرازي كلاهما عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة به.

كل الصحابة مجمعون على أن هناك كفر علمي واعتقادي لا يخرج من الملة وكذلك أئئمة الهدى

قطــــوف الجنــــة
2012-11-15, 09:27
-الإمام أحمد لا يضعِّفه الضعف المطلق الذي ظنه .............، وإنما هو ممن لا يُصَحَّح حديثه بل يحسن، وهذا يلتقي تماماً مع ما أصّله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-حيث قال"«وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: «هو ضعيف ليس بالقوي» لكن هذه العبارة يقصد بها: أنه ممن ليس يصح حديثه، بل هو ممن يحسن حديثه. وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفاً، ويحتجون به؛ لأنه حسن، إذ لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوماً إلا إلى صحيح وضعيف.
وفي مثله يقول الإمام أحمد: الحديث الضعيف خير من القياس؛ يعني: الذي لم يَقْوَ قوة الصحيح مع أن مخرجه حسن».
فخذها فائدة عزيزة من شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً-.
وقال الإمام الحافظ الذهبي في «المقدمة الموقظة» (ص319-بشرحي): «وقد قيل في جماعات: ليس بالقوي، واحتج به.
وهذا النسائي قد قال في عدة: «ليس بالقوي» ويخرِّج لهم في «كتابه»، وقال: قولنا: «ليس بالقوي» ليس بجرح مفسد». هذا محمول على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-أما تضعيف الإمام يحيى ابن سعيد؛ فلم يبيِّن سببه؛ فإنه قال: «اضرب على حديثه»؛ فلا يلغي هذا الإجمال توثيق من وثقه.
وهب أنه ضَعّفه- وهو مُتَشَدِّد في الرجال- فهناك كثير من أهل العلم وثَّقوه وقبلوا حديثه، فهو إذن من الرواة المختلف فيهم؛ فبعضهم ضعَّفه والكثير منهم وثَّقه، فماذا نصنع ؟هل نلغي هذا التوثيق من أولئك الأئمة ونقدِّم الجرح؟ أم نوفِّق بينهما؟ وهذا مما لم يُقِم له هذا(الهدّام) وزناً، فإلى الله المشتكى من تعدي هذا (الغمر) على هذا العلم.أليس هذا تعديل يصل إلى مرتبة الحسن ناهيك على التعديلات التي أخفيتها ولا ترفع بها رأسا
رتبته عند ابن حجر :
صدوق له أوهام

رتبته عند الذهبي :
ثقة ، قال أحمد : ليس بالقوى

شيوخه :
قال المزي في تهذيب الكمال : روى عن

الحسن البصرى
طاووس بن كيسان
مالك بن أبى عامر الأصبحى .

هل تعرف من هو الحسن البصري؟؟؟
هل الحسن البصري يروي عن الضعفاء -كذبت وزعمت-مَن وضع هذه القاعدة التي ذكرتها؟ وأين هي؟ فالأخذ عن بعض الرواة لعدم وجود الحديث عند غيره ليس بلازم منه ضعف هذا الراوي؛ فتنبه!شيخنا الإمام الألباني -رحمه الله- رداً على صنيع له -مثله-:
«إن هذا التعليل المذكور ليس على إطلاقه ، فكثيراً ما رأينا الحفاظ النقاد من المتأخرين يوثِّقون من تفرَّد بتوثيقه ابن حبان؛ كالإمام الذهبي، والحافظ العسقلاني، وما أظن أن الغرور وصل بك إلى أنّ تدعي: أنك أعلم منهم! أو أن تحشرهم في زمرة المتساهلين»([22]).
فكيف إذا ضُمّ إليه العجلي وابن سعد وابن شاهين والساجي؟!
وأيضاً؛ توثيق ابن حبان والعجلي وابن شاهين مقبول إذا وافقهم أحد من الحفاظ النقاد الموثوق بتوثيقهم؛ كالذهبي، والعسقلاني وأمثالهم، وهذا قد وثقه الذهبي في «الكاشف» ؛ فقال: «هشام بن حجير ثقة»، وهو مما كتمه (الهدّام) ولم يذكر لقرائه تعمية لهم عن كلام الذهبي فيه، وأيضاً؛ لم يذكر كلام الحافظ فيه في «التقريب»:«صدوق له أوهام».خلاصة القول:فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع

إذن ابن طاووس يعتبره كفر أصغر مثل ابن عباس رضي الله عنه وسائر العلماء المسلمين على مر العصور

وقت
2012-11-15, 11:48
http://upload.traidnt.net/upfiles/NRT55991.jpg

قطــــوف الجنــــة
2012-11-15, 11:59
[]



http://sphotos-d.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/396606_207040442764432_1347251774_n.jpg

lespilo
2012-11-16, 15:35
بارك الله فيك اخي الكريم.

نسيـم البـرج
2012-11-18, 20:27
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
العجيب في الأمر أنّكم تخرجون من دعواكم المتمثّلة كذبا في قال الله قال رسوله إلى قال فلان وقال علّان.والأمر مشتهر في قوله تعالى: "لا ينهاكم." الآية وحديث قتل اليهودي كعب بن الأشرف.

نسيـم البـرج
2012-11-18, 20:28
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
العجيب في الأمر أنّكم تخرجون من دعواكم المتمثّلة كذبا في قال الله قال رسوله إلى قال فلان وقال علّان.والأمر مشتهر في قوله تعالى: "لا ينهاكم." الآية وحديث قتل اليهودي كعب بن الأشرف لعنه الله.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-19, 08:52
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
العجيب في الأمر أنّكم تخرجون من دعواكم المتمثّلة كذبا في قال الله قال رسوله إلى قال فلان وقال علّان.والأمر مشتهر في قوله تعالى: "لا ينهاكم." الآية وحديث قتل اليهودي كعب بن الأشرف.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أكمل الآية
يقول عزوجل
( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&ID=4954#docu)إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&ID=4954#docu) )


وقال النووي رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: "وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم" المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمّنه به أحد المسلمين حرُم على غيره التعرُّض له ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة".

اتَّقوا الله أيُّها الشباب في أنفسكم، لا تكونوا فريسةً للشيطان، يجمع لكم بين خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واتَّقوا الله في المسلمين من الشيوخ والكهول والشباب، واتَّقوا الله في المسلمات من الأمَّهات والبنات والأخوات والعمَّات والخالات، واتَّقوا الله في الشيوخ الرُّكَّع والأطفال الرُّضَّع، واتَّقوا الله في الدماء المعصومة والأموال المحترمة، ((فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ))، ((وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)), ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)), ((يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ.وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ.لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)), أفيقوا من سُباتكم وانتبهوا من غفلتكم، ولا تكونوا مطيَّة للشيطان للإفساد في الأرض".

وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟

فأجاب رحمه الله بقوله: "هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحا أو عمالا؛ لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان، فلا يجوز الاعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور؛ لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر. أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب، وتعمه الأدلة الشرعية، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه". [مجموع الفتاوى 89]

وقد ترد عند البعض شبهة مفادها: أن حاكم المسلمين لا يصح عهده للكافرين ولا أمانه لهم إلا إذا كان يحكم بكل الشريعة. فإن ترك الحكم ببعض الشريعة وحكم بغير ما أنزل الله فلا يصح عهده ولا أمانه؛ لأنه كافر فلا تعصم بعهده ولا بأمانة دماء الكافرين.

وهذه الشبهة هي عمدة شبههم التي يدندنون حولها. وهي تدل على جهل واضح بالكتاب والسنة ونصوص الأئمة. وإليك الرد على هذه الشبهة من عشرة أوجه:

(الوجه الأول): أنّ العلماء الثقات في هذا العصر اختلفوا في تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله فمنهم من قال بأنه لا يكفر إلا إذا استحل ذلك، كما نص على ذلك الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حيث قال: "أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها، فإذا سن قانوناً يتضمن أنه لا حد على الزاني أو حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر، فهذا قانون باطل، وإذا استحله الوالي كفر لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع، وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك"، وقال في رسالة "حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها": [القسم الثاني: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها، أو ليعين غيره على ذلك، مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك، فأصحاب هذا القسم لا شك فساق وفيهم كفر وظلم وفسق لكنه كفر أصغر وظلم أصغر فسق أصغر لا يخرجون به من دائرة الإسلام، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم وهو قول ابن عباس وطاووس وعطاء ومجاهد وجمع من السلف والخلف كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب "الصلاة" وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة " الرسائل ". واختار بعضهم كفره ولو لم يستحل ذلك. (انظر رسالة الشيخ عبدالرحمن المحمود: الحكم بغير ما أنزل الله)]. وعلى هذا فإننا لو تنزلنا وقلنا بترجيح قول من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله من غير استحلال، فإن المسألة تبقى مسألة خلاف بين أهل العلم، كما اختلفوا في تارك الزكاة والصيام والحج. والقاعدة النبوية التي أصلها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تقرر بأن مسائل الخروج وما يترتب عليها من إبطال العهود والمواثيق لا تكون إلا على كفر لا يختلف فيه المسلمون، وهو الذي وصفه بقوله : "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان" أي حجة واضحة بينة لا يختلف فيها عالم. أما أن نلزم الناس بالأحكام المترتبة على كفر الحاكم بناء على ترجيحنا للقول بكفره، فهذا من الضلال المبين. والحكم على الحكام والأئمة في مسائل الكفر والإيمان المختلف فيها يختلف عن الحكم بها على آحاد الرعية.

(الوجه الثاني): أن يقال لا أقل من أن ينزل من حكم بغير ما أنزل الله من الحكام منزلة الخوارج، من حيث اختلاف العلماء في كفرهم، وظاهر الأحاديث يدل على كفر الخوارج، ومع ذلك أمضى العلماء عهود الخوارج وأمانهم وأجازوا دفع الزكاة إليهم إذا غلبوا. قال ابن عمر –رضي الله عنهما-: "تدفع ـ أي الزكاة ـ لمن غلب"، ونص على ذلك الإمام أحمد -رحمه الله-، بل إن العلماء نصوا صراحة على صحة صلحهم للكفار وعهدهم. فقال سحنون -رحمه الله-: "وأمان الخوارج لأهل الحرب جائز"، وقال محمد بن الحسن-رحمه الله-: " وأمان الخوارج لأهل الحرب جائز كأمان أهل العدل "، وهذا في حق الأمان الذي يكون من آحاد الرعية، فكيف بالعهد العام للكفار الذي لا يكون إلا من الحاكم؟! ولا أعلم أحداً من العلماء أبطل صلح الخوارج لأهل الحرب، بل ولا صلح من لم يختلف في كفرهم كالعبيديين وكثير من دول الرافضة المارقة كالسامانيين والبويهيين. ذلك لأن صلح الكافر للكافر جائز.
هؤلاء هم علماء الثقات علماء الامة والسنة
لم يلطخوا أيديهم بدماء المسلمين
وأفنو ا عمرهم في العلم وطلبه والرجوع لهم واجب مدام الحق وكل الحق والادلة لجانبهم
..

نسيـم البـرج
2012-11-19, 09:24
وعليكم السّلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
لقد علمت وعلم من تستدلّين بهم قبلي أنّ سيّدنا عليّا عليه السّلام قد أطلق الحكم في إسلامهم وصلّى عليهم وأورثهم وهم الخوارج، وكلامه مشهور معروف ودليلك ضدّك.
أمّا من يسمّّي المجاهدين بالخوارج -علماء العائلة الهالكة وأتباعهم وأشياعهم- فالأمر مشكلة في العقيدة يجب أوّلا الاستبراء منهاومراجعة الولاء والبراء لديهم. فإذا استبرأنا ناقشناوقلنا إنّ الأمر اشتهر على أن لا ذمّة لمشرك أبدا بعد سورة براءة وأن لا ذمّة لكتابيّ حتّى يدخل في حكم الإسلام ويرضى به ولا ذمّة لمقاتل أو مناصر له ووجوب الخروج على الطّغاة والمعطّلين ومن والاهم وهي سنّة عمل بها الصّحابة من قبل واتّبعهم بعدها العلماء من أمثال بن تيميّة والعزّ بن عبد السّلام والأمر باق على ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا يضرّهم من عاداهم.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-19, 10:14
لقد علمت وعلم من تستدلّين بهم قبلي أنّ سيّدنا عليّا عليه السّلام قد أطلق الحكم في إسلامهم وصلّى عليهم وأورثهم وهم الخوارج، وكلامه مشهور معروف ودليلك ضدّك.
أمّا من يسمّّي المجاهدين بالخوارج -علماء العائلة الهالكة وأتباعهم وأشياعهم- فالأمر مشكلة في العقيدة يجب أوّلا الاستبراء منهاومراجعة الولاء والبراء لديهم. فإذا استبرأنا ناقشناوقلنا إنّ الأمر اشتهر على أن لا ذمّة لمشرك أبدا بعد سورة براءة وأن لا ذمّة لكتابيّ حتّى يدخل في حكم الإسلام ويرضى به ولا ذمّة لمقاتل أو مناصر له ووجوب الخروج على الطّغاة والمعطّلين ومن والاهم وهي سنّة عمل بها الصّحابة من قبل واتّبعهم بعدها العلماء من أمثال بن تيميّة والعزّ بن عبد السّلام والأمر باق على ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا يضرّهم من عاداهم.
اليوم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لقد قالها غيرك كثيرا علماء العائلة الهالكة او السلطان او علماء النفاس وغيرهم من الالفاظ وعلملاءووو
إنما هو كلام مجمل لذر الرماد في العيون, وطريقتكم في أهل السنة أن يأتوا بالألفاظ المجملة ليروجوا نقدهم وقدحهم، فهل رأيتموهم أطاعوا الحكام والأمراء فيما حرم الله ؟؟؟؟




فإذا أمروا بمعصيةٍ فلا يُطاعون في المعصية ؛ لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها . . . » انتهى .
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله - ( شرحرياض الصالحين 3/333 ، ط الوطن ) :
« ليس معنى ذلك أنه إذا أمر بمعصية تسقط طاعته مطلقاً !
لا . إنما تسقط طاعته في هذا الأمر المُعيّن الذي هو معصية لله , أما ما سوى ذلك فإنه تجب طاعته » انتهى .
أخرجالبخاري في(( صحيحه )) – كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية – ومسلم في (( صحيحه)) كتاب الإمارة (119)، عن عبد الله بن عمر عن النبي (، أنه قال :
(( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة))
فقوله http://almenhaj.net/images/sallahaliah.jpg (http://almenhaj.net/makal.php?linkid=10028) (( فيما أحب وكره )) أي فيما وافق غرضه أو خالفه.

<b> قد أبانت الأيام والأحداث المتتالية من هو عالم سلطان ويفتي للسلطان بما يريده ويهواه
أليس عالم السلطان هو:
من أفتى بالديمقراطية للسلطان وأنها منالدين وأنها شورى !!
من أفتى للسلطان بالحزبية والتعددية وأنها جائزة في شرعنا!!
من أفتى للسلطان بجواز الانتخابات والبرلمانات !!
من أفتى للسلطان بجواز خروج المراة للعمل والاختلاط في المدارس والجامعات وتجنيد المراة !!
من أفتى للسلطان بجواز المظاهرات والاعتصامات والإضرابات!!
من أفتى للسلطان بالبنوك الربوية!!
من أفتى للسلطان بجواز الوقوف للنشيد الوطني !!
من أفتى للسلطان بكثير من المحرمات!!


<h3>من الذي سجنالامام احمد أليس حاكم زمانه رغم أن الامام احمد كان يقول بطاعته وعدم الخروج عليه.
من الذي سجن الإمام ابن سرين أليس حاكم زمانه ومع هذا لما قال له السجان: إذا كان الليل فاذهب إلى أهلك ، فإذا أصبحت فتعال . فقالابن سرين لا والله ، لا أعينك على خيانة السلطان . ( تاريخ بغداد ( 5/334) ) .
من الذي سجن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أليس حاكم زمانه ومع هذا لا تجد في كتبه إلا إيجاب السمع والطاعة-في المعروف- لهؤلاء الحكام؟
ومن الذي سجن الإمام الالباني رحمه الله أليس حاكم سوريا؟.
هل خرجواا على الحكام وان جاروا وكفروا وعطلوا هل نادوا بالخروج ..حتى تستدل بهم ..............
يا اخي


كون الحكام يرضون بشيء منالسلفية لما فيها من تطبيق الشرع في مسألة طاعة الحكام وعدم الخروج عليهم فهل هذا منقصة للسلفية؟ لا والله فالسلفيون لم يقولوا بطاعة الحكام _في غير المعصية_ تزلفا لهم بل طاعة لله تعالى ورسوله http://almenhaj.net/images/sallahaliah.jpg (http://almenhaj.net/makal.php?linkid=10028)
فلا يلامون إن استغل بعض الحكام فتاويهم لأن:
إرضاء الحاكم بل حتى الكافر-في الظاهر- لمصلحة تعود للمسلمين إنما هي سنة نبوية شريفة فنبينا http://almenhaj.net/images/sallahaliah.jpg (http://almenhaj.net/makal.php?linkid=10028) قد رضي بشروط الكفار يوم صلح الحديبية رغم ما في ظاهرها من ظلم حتى قال عمر بن الخطاب يارسول الله ألسنا على الحق وعدونا علىالباطل ؟ قال: بلى قال: فلم نعطى الدنية فى ديننا فظن أن هذا خذلان ولكنالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ما فى شك أنه أفقه من عمر وأن الله تعالى أذن له فى ذلك وقال: «إنىرسول الله ولست أعصيه وهو ناصري» رواهالبخاري . فأين أنتم من هذاالسيرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم هل ستقولون أن هذا العهد الذي كان بين محمد http://almenhaj.net/images/sallahaliah.jpg (http://almenhaj.net/makal.php?linkid=10028) وبين الكافر إنبطاحا وخذلانا و أن الكفار يرضون به؟!!!!.

هل كونت ارضا صلبة ودولة اسلامية تحكم بالشرع حتى تطبق فيه على الذمي ان كان مقاتل او لا ..اصلا الخروج غير شرعي ..

فالتكن منصفا ......


</b></h3>

عبد الرزاق الوهيبي
2012-11-20, 07:09
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم في العالمين
إنك حميد مجيد.

cimoo
2012-11-20, 15:19
ياسبحان الله
حجاج بيت الله ولم يسلموا من التكفير والفتنة والظلم والفجور الوهابي
فهل بقي اختطاف اجانب نتكلم عليه

التكفير أساس الغزو

الحروب الوهابية على الحجاز

خالد شبكشي

كان جون فيلبي مستشاراً بريطانياً خاصاً لإبن سعود، الذي طالما أطلعه على أسراره الخاصة، وأدخله قصره، وتبادل معه أحاديث بالغة الحساسية. وقد دوّن فيلبي بعضاً منها في مذكّراته، ومنها ما دار بينهما حول موقفه الديني من النصارى وسكّان الحجاز. فقد سأل فيلبي عبد العزيز عن موقفه من النصارى. فردّ عليه (إذا قدّمت أنت الإنجليزي إبنتك لي كزوجة، سأتزوجها..ولكني لا أتزوج إبنة الشريف، ولا بنات أهل مكّة ولا غيرهم من المسلمين الذين نعتبرهم مشركين)1.
وشأن مواقف عديدة تبناها عبد العزيز مستمدة من تراث آبائه وأجداده، فإن موقفه من سكّان الحجاز ليس سوى إستدعاءً لما درج عليه الأوائل من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، في سياق التحضير لغزو الحجاز، وارتكاب أبشع الجرائم بحق الأهالي الأبرياء، وتكرارها بعد نحو قرن ونصف على يد جيش الإخوان بقيادة إبن سعود، والتي قد يقيّض الله سبحانه وتعالى لذوي الضحايا من يدوّن مظلوميتهم، ولينتصر لهم ممن ظلمهم.
وإذ لا يمكن غزو الحجاز دونما مبرر شرعي، فقد كان (تكفير) أهله مسوّغاً للقوات السعودية الوهابية بأن ترتكب مجازر متنقّلة في منطقة الحجاز، وتسلب الممتلكات، وتسبي النساء، وتقتل الأطفال، وتخرّب الحقول والآبار..
فالحرب السعودية ـ الوهابية على منطقة الحجاز جاءت على خلفية دينية، وبلغت جداً مرعباً، بهدف إحتلال الحجاز وإجبار سكانه على إعتناق المذهب الوهابي، رغم أن المعارك التي نشبت بين سعود الكبير والشريف غالب في مطلع القرن الثالث عشر الهجري، إنتهى في مرحلة لاحقة الى خلاف بين عبد العزيز والشريف حسين دون أن يحقق نتائج تذكر على صعيد التحوّل المذهبي في الحجاز، رغم مساعي الوهابيين في إجبار السكان بالإكراه على فعل ذلك، ورغم ما أثارته الغارات الوهابية ـ السعودية من هلع بين سكّان الحجاز، بحيث باتوا يمقتون الوهابيين وأفعالهم، وهو مايشرحه المبعوث الفرنسي دمنغو باديا إي بينج (إن السكان والحجاج لا يستطيعون سماع مجرد إسمهم دون أن تتملك قلوبهم الرجفة بل إنهم لا يتلفظون بإسمهم إلا همساً).
وكان قاضي مكة أصدر حكماً ضد معتقدات الوهابيين عقب محاججتهم، وصدّهم عن إحداث إضطرابات في المدينتين المقدّستين، غير أنهم بدأوا بعمليات تسلل منتظمة منذ شهر أبريل 1803، وذلك بعد إبرام إتفاقية ترسيم الحدود سنة 1797، والتي شكّلت غطاءً لدخول الوهابيين لمنطقة الحجاز بعنوان أداء مناسك الحج.
وكانت أولى الحملات العسكرية الوهابية على منطقة الحجاز وقعت في شهر ذي القعدة سنة 1217هـ/1804 على مدينة الطائف. ويصف السيد أحمد بن السيد زيني دحلان ماقام به الوهابيون في هذه المدينة بالقول:
(ولما دخلوا الطائف قتلوا الناس قتلاً عاماً واستوعبوا الكبير والصغير، والمأمور والأمير، والشريف والوضيع، وصاروا يذبحون على صدر الأم الطفل الرضيع، وصاروا يصعدون البيوت يخرجون من توارى فيها، فيقتلونهم. فوجدوا جماعة يتدارسون القرآن فقتلوهم عن آخرهم حتى آبادوا من في البيوت جميعاً. ثم خرجوا الى الحوانيت والمساجد وقتلوا من فيها، ويقتلون الرجل في المسجد وهو راكع أو ساجد، حتى أفنوا هؤلاء المخلوقات..)2.
ويقول السيد إبراهيم الراوي الرفاعي أن عدداً من العلماء قتل في غارات الوهابيين على الحجاز من بينهم السيد عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة المكرمة، والشيخ عبد الله أبو الخير قاضي مكة، والشيخ سليمان بن مراد قاضي الطائف، والسيد يوسف الزواوي الذي ناهز الثمانين من العمر والشيخ حسن الشيبي والشيخ جعفر الشيبي وغيرهم3.
وأحدثت القوات الوهابية السعودية مجازر جماعية في دقاق اللوز ووادي وج ونهبوا النقود والعروض والأساس والفراش أما الكتب (فإنهم نشروها في تلك البطاح وفي الأزقة والأسواق تعصف بها الرياح. وكان فيها من المصاحف والرباع ألوفاً مؤلّفة ومن نسخ البخاري ومسلم وبقية كتب الحديث والفقه والنحو، وغير ذلك من بقية العلوم شيء كثير. ومكثت أياماً يطؤونها بأرجلهم لا يستطيع أحد أن يرفع منها ورقة)4.
وصلت أنباء المجزرة الوهابية في الطائف إلى أسماع أهالي مكة المكرمة، فالتمسوا من علمائها الذهاب الى سعود للحيولة دون إستمرار مسلسل الدم في مناطق الحجاز، فاستجاب عدد من العلماء منهم الشيخ محمد طاهر سنبل، والشيخ عبد الحفيظ العجيمي والسيد محمد بن محسن العطاس والسيد محمد ميرغني، والد السيد عبد الله ميرغني مفتي مكة، وتوجّهوا إلى سعود، فقابلوه في وادي السيل، وطلبوا منه الأمان فكتب لهم أماناً هذا نصه:(بسم الله الرحمن الرحيم، من سعود بن عبد العزيز إلى كافة أهل مكة والعلماء والآغاوات وقاضي السلطان. السلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فأنتم جيران الله وسكّان حرمه آمنون بأمنه، إنما ندعوكم لدين الله ورسوله (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتّخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا فقولوا: إشهدوا بأن مسلمون)، فأنتم في وجه الله ووجه أمين المسلمين سعود بن عبد العزيز وأميركم عبد المعين بن مساعد، فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع الله والسلام).
وعلّق السيد أحمد دحلان على كتاب سعود بالقول: (كان وصول هذا الكتاب الذي جعل أهل مكة فيه مثل اليهود يوم الجمعة سابع شهر محرم الحرام عام ثمانية عشر بعد المائتين والألف، فصعد به المنبر السيد حسين مفتي المالكية بعد صلاة الجمعة والناس مجتمعة وقرأ هذا الكتاب على رؤوس الأشهاد، فقالوا: حباً وكرامة وحمد الله تعالى على حصول السلامة)5.
وفي اليوم الثامن من محرم من نفس العام، دخل سعود مكة وطلب من الناس الإجتماع بعد صلاة العصر بالمسجد الحرام بين الركن والمقام لأخذ البيعة والتبشير بالدعوة الوهابية: (فلما كان العصر إجتمعوا فجاء وصعد المقام الذي على ظهر زمزم والمفاتي معهم، ففهمهم وبلّغهم وتشدّق وتكلم والناس تحته ملأوا الحرم. وصار يعلمهم دين رعاة الغنم، وأجهل أهل مكة من أكبرهم أعلم. ثم وقف يخاطب الملك عبد الملك ويعلمه الدين، لا يتوقف في قوله ولا يرتبك كلما علّمه مسألة يقول له: علموا الناس حتى يعرفها الجهلة. فكان أول ما علمه من كلام لغة هو قوله إعلموا أيها الناس إن الأمير سعوداً يقول لكم: إن الخمر حرام، والزنا حرام إلى آخر الكلام الذي يعلمه البهائم والأنعام)6.
وفي اليوم الرابع عشر من المحرم، أي اليوم السادس من دخول سعود مكة، أبطل الوهابيون صلاة الجماعة في المسجد الحرام بالطريقة التي كانت جارية وبقيت صلاة الجمعة فقط، بعد أن (كان يصلي الصبح الشافعي والظهر المالكي والعصر الحنبلي والمغرب الحنفي والعشاء يصليه كل راكع وساجد، وأمر أن يصلي بالناس الجمعة المفتي عبد الملك القلعي)7. وأمر سعود علماء مكة بدراسة المذهب الوهابي، ولاسيما كتاب (كشف الشبهات) للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وشهدت الأوضاع الإقتصادية تدهوراً خطيراً سنة 1219هـ، بجانب التدهور السياسي، الأمر الذي أدى الى نقص حاد في المواد الغذائية، فساءت الأحوال المعيشية لأهالي مكة ما اضطرهم الى إرسال مكاتيب لسعود والإلتماس منه في الحصول على الغذاء درءً لكارثة إقتصادية وإجتماعية. واستغل سعود تدهور الأوضاع المعيشية لتنفيذ خطة تدميرية متسلسلة. كتب أحمد أمين (فلما دخلوا مكة، هدموا كثيراً من القباب الأثرية كقبة السيدة خديجة، وقبة مولد النبي (ص) ومولد أبي بكر وعلي)8. وكتب إليكسي فاسيلييف (بعد أداء مراسيم الحج أخذوا يدمّرون كل الأضرحة والمزارات ذات القباب والتي أنشئت تكريماً لأبطال فجر الإسلام، ومسحوا من وجه الأرض كل المباني التي لا تناسب معتقداتهم)9. أما السيد دحلان فيقول (بادر الوهابيون ومعهم كثير من الناس لهدم المساجد ومآثر الصالحين فهدموا أولاً مافي المعلى من القبب فكانت كثيرة، ثم هدموا قبة مولد النبي (ص) ومولد أبي بكر ومولد سيدنا علي وقبة السيد خديجة وتتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين وهم عند الهدم يرتجزون ويضربون الطبل ويغنون. وبالغوا في شتم القبور التي هدموها وقالوا إن هي إلا أسماء سميتموها، حتى قيل بأن بعض الناس بال على قبر السيد المحجوب)10.
وبعد ثلاثة أيام من عمليات التدمير المنظّمة، محيت آثار إسلامية في مكة المكرمة، ثم سار سعود بجيشه الى المدينة بعد أن أحكم سيطرته على مكة المكرمة، وبعث خبره إلى أهالي المدينة طالباً منهم تقديم البيعة له، فامتنعوا عن ذلك، فاقتحم المدينة وخاض قتالاً شرساً مع أهلها طالت نحو شهر، سقط خلاله عدد من أبنائها، ثم استباحتها قواته، فيما توجّه سعود إلى الحجرة النبوية. يقول حسن الركي مؤلف كتاب (لمع الشهاب): (فطلب ـ أي سعود ـ الخدم السودان الذين يخدمون حرم النبي، فقال: أريد منكم الدلالة على خزائن النبي، فقالوا بأجمعهم..نحن لا نوليك عليها، ولا نسلطك، فأمر بضربهم وحبسهم، حتى اضطروا إلى الإجابة، فدلوه على بعض من ذلك، فأخذ كل ما فيها، وكان فيها من النقود ما لا يحصى، وفيها تاج كسرى أنوشروان، الذي حصل عند المسلمين، لما فتحت المدائن، وفيها سيف هارون الرشيد وعقد كانت لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند بحضرته (ص)، تزيناً لقبّته (ص). وأخذ قناديل الذهب وجواهر عديدة..)11.
ويضيف السيد دحلان (أخذ الوهابي كل ماكان في الحجرة النبوية من الأموال والجواهر وطرد قاضي مكة وقاضي المدينة الواصلين لمباشرة القضاء سنة إحدى وعشرين، وأقاموا الشيخ عبد الحفيظ العجيمي من علماء مكة لمباشرة بمكة وأقاموا لقضاء المدينة بعض علماء المدينة ومنعوا الناس من زيارة النبي (ص)12.
وقد أثارت أعمال الوهابيين غضب كثير من الناس وجرحت عواطفهم، (فمنهم من حزن على ضياع معالم التاريخ، ومنهم من حزن على الفن الإسلامي، ومنهم من حزن لأن مقبرة الرسول (ص)، وفخامتها مظهر للعاطفة الإسلامية وقوة الدولة، وهكذا اختلفت الإسباب واشتركوا في الغضب)13.
منع الحجيج عن بيت الله الحرام

أعطى عدد من الباحثين، بمن فيهم المقرّبين من آل سعود والوهابيين، تفسيرات متباينة لقرار منع المسلمين من القدوم الى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، حيث قدّم بعضهم تبريراً سياسياً لقرار المنع،على قاعدة النزاع بين الأشراف والوهابيين، فيما اعتبر المقرّبون من الوهابيين قرار المنع بداية مرحلة التصحيح الوهابي للمعتقدات الدينية لدى المسلمين. في المقابل، رفض علماء الحجاز مثل هذا التفسير، في ضوء ما كشفت عنه الممارسات الوهابية ـ السعودية من نهب وسلب وقتل بالجملة، إضافة الى نمط السياسة الوهابية القائمة على أساس فرض الوصاية الدينية على المسلمين والتعامل معهم كمشركين.
مهما يكن التفسير، فإن قرار منع الحجيج من القدوم إلى مكة المكرمة الصادر سنة 1221هـ، قد سبقه إنقطاع الحج العراقي بعد مجزرة كربلاء، وأعقبه الحج الشامي في العام التالي، حيث (كان أمير الحاج الشامي عبد الله باشا، فلما وصل هديه، جاءته مكاتيب بن سعود: لا تأت إلاّ على الشرط الذي شرطناه عليك في العام الماضي. فلما قرأوا تلك المكاتيب رجعوا من هديه من غير حج)14. وكان عبد الله باشا قد وصل الى حدود المدينة المنورة. ويعود سبب المنع الى اشتراط سعود على أمير الحج الشامي اعتناق المعتقدات الوهابية، وكان بين الحجاج الشاميين بعض الدعاة الوهابيين والذين اعتنقوا المذهب الوهابي بعد غزو سعود لمنطقة الشام.
أما موكب الحج المصري، فإن سعود أمر بإحراقه فور وصوله (وأمر بعد الحج أن ينادى ألاّ يأتي إلى الحرمين بعد هذا العام من يكون حليق الذقن. وتلا المنادي في المناداة (يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربون المسجد الحرام بعد عامهم هذا).15.
وعلى إثر قرار الحظر:(إنقطع وصول قوافل الحج من مصر والشام والعراق واستانبول، لأن السعوديين كانوا يرون فيما يصاحب هذه القوافل من المظاهر، ما يخالف قواعد الدين، ولا يتّفق مع مبادىء الدعوة السلفية، بالإضافة إلى أن هذه المحامل كان يصحبها قوة عسكرية خشي منها آل سعود، ولذلك لم يسمح السعوديون لهذه القوافل بأن تصل الى الأماكن المقدسة)16.
ثم بدأ سعود بتصفية حساباته السياسية مع العثمانيين، فقدم إلى مكة المكرمة، وأصدر أوامره بإخراج الجنود الأتراك من مكة لتكون له السيادة الكاملة عليها، وفعل الشيء ذاته في المدينة، حيث تم استبدال الحاميات التركية بحاميات سعودية ـ وهابية، وقرر بأن يلزم كل مسلم ينوي الحج التخلي عن محمله، بعد أن يخضع لفحص عقدي من قبل الوهابيين.
يسجّل السيد أحمد زيني دحلان تفاصيل دقيقة عن هذه المرحلة بما نصه: (وفي سنة سبع عشرة بعد المائتين والألف ساروا ـ أي الوهابيين ـ بجيوش كثيرة حتى نازلوا الطائف وحاصروا أهله في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة، ثم تملّكوه وقتلوا أهله رجالاً ونساءً وأطفالاً ولا نجا منهم إلا القليل، ونهبوا جميع أموالهم ثم أرادوا المسير إلى مكة فعلموا أن مكة في ذلك الوقت فيها كثير من الحجاج ويقدم إليها الحاج الشامي والمصري فخرج الجميع لقتالهم فمكثوا في الطائف إلى أن انقضى شهر الحج وتوجه الحجاج إلى بلادهم وساروا بجيوشهم يريدون مكة ولم يكن للشريف غالب قدرة على قتال جيوشهم فنزل إلى جدة فخاف أهل مكة أن يفعل الوهابية معهم مثل ما فعلوا مع أهل الطائف فأرسلوا إليهم وطلبوا منهم الأمان لأهل مكة فأعطوهم الأمان ودخلوا مكة ثامن محرم من السنة الثامنة عشرة بعد المائتين والألف ومكثوا أربعة عشر يوما يستتيبون الناس ويجددون لهم الإسلام على زعمهم ويمنعونهم من فعل ما يعتقدون أنه شرك كالتوسل وزيارة القبور، ثم ساروا بجيوشهم إلى جدة لقتال الشريف غالب فلما أحاطوا بجدة رمى عليهم بالمدافع والقلل فقتل كثيراً منهم ولم يقدروا على تملّك جدة فارتحلوا بعد ثمانية أيام ورجعوا إلى بلادهم وجعلوا لهم عسكراً بمكة وأقاموا لهم أميراً فيها وهو الشريف عبد المعين أخو الشريف غالب وإنما قبل أمرهم ليرفق بأهل مكة ويدفع ضرر أولئك الأشرار عنهم، وفي شهر ربيع الأول من السنة المذكورة سار الشريف غالب من جدة ومعه والي جدة من طرف السلطنة العلية وهو شريف باشا ومعهما العساكر فوصلوا إلى مكة وأخرجوا من كان بها من عساكر الوهابية ورجعت إمارة مكة للشريف غالب ثم بعد ذلك تركوا مكة واشتغلوا بقتال كثير من القبائل وصار الطائف بأيديهم وجعلوا عليه أميراً (عثمان المضيافي) فصار هو وبعض جنودهم يقاتلون القبائل التي في أطراف مكة والمدينة ويدخلونهم في طاعتهم حتى استولوا عليهم وعلى جميع الممالك التي كانت تحت طاعة أمير مكة فتوجه قصدهم بعد ذلك للإستيلاء على مكة فساروا بجيوشهم سنة عشرين وحاصروا مكة وأحاطوا بها من جميع الجهات وشددوا الحصار عليها وقطعوا الطرق ومنعوا الميرة عن مكة فاشتد الحصار على أهل مكة حتى أكلوا الكلاب لشدة الغلاء وعدم وجود القوت فاضطر الشريف غالب إلى الصلح معهم وتأمين أهل مكة فوسط أناساً بينه وبينهم فعقدوا الصلح على شروط فيها رفق بأهل مكة فمن تلك الشروط أن إمارة مكة تكون له فتمّ الصلح ودخلوا مكة في أواخر ذي القعدة سنة عشرين وتملّكوا المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وانتهبوا الحجرة وأخذوا ما فيها من الأموال، وفعلوا أفعالا شنيعة، وجعلوا على المدينة أميراً منهم (مبارك بن مضيان)، واستمر حكمهم في الحرمين سبع سنين ومنعوا دخول الحج الشامي والمصري مع المحامل مكة، وصاروا يصنعون للكعبة المعظّمة ثوباً من العباء القيلان الأسود، وأكرهوا الناس على الدخول في دينهم ومنعوهم من شرب التنباك ومن فعل ذلك وأطلعوا عليه عزروه بأقبح التعزير، وهدموا القبب التي على قبور الأولياء. وكانت الدولة العثمانية في تلك السنين في ارتباك كثير وشدة قتال مع النصارى وفي اختلاف في خلع السلاطين وقتلهم..ثم صدر الأمر السلطاني (من خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلطان محمود خان ثاني بن عبد الحميد خان أول سلطان أحمد) لصاحب مصر محمد علي باشا بالتجهيز لقتال الوهابية وكان ذلك في سنة 1226 فجهّز محمد علي باشا جيشا فيه عساكر كثيرة جعل عليهم بفرمان سلطان ولده طوسون باشا فخرجوا من مصر في رمضان من السنة المذكورة ولم يزالوا سائرين براً وبحراً حتى وصلوا إلى ينبع فملكوه من الوهابية، ثم لما وصلت العساكر إلى الصفرا والحديدة وقع بينهم وبين العرب الذين في الحربية قتال شديد بين الصفرا والحديدة وكانت تلك القبائل كلها في طاعة الوهابي وانضم إليها قبائل كثيرة فهزموا ذلك الجيش وقتلوا كثيرا منهم وانتهبوا جميع ما كان معهم وكان ذلك في شهر ذي الحجة سنة 1226 ولم يرجع من ذلك الجيش إلى مصر إلا القليل فجهّز جيشاً غيره سنة سبع وعشرين وعزم محمد علي باشا على التوجه إلى الحجاز بنفسه وتوجهت العساكر قبله في شعبان في غاية القوة والإستعداد وكان معهم من المدافع ثمانية عشر مدفعا وثلاثة قنابل فاستولت العساكر على ما كان بيد الوهابية وملكوا الصفراء والحديدة وغيرهما في رمضان بلا قتال بل بالمخادعة ومصانعة العرب بإعطاء الدراهم الكثيرة حتى أنهم أعطوا شيخ مشايخ حرب مائة ألف ريال وأعطوا شيخا من صغار مشايخ حرب أيضا ثمانية عشر ألف ريال ورتبوا لهم علائف تصرف لهم كل شهر، وكان ذلك كله بتدبير شريف مكة الشريف غالب وهو في الظاهر تحت طاعة الوهابي، وأما المرة الأولى التي هزموا فيها فلم يكونوا كاتبوا الشريف غالب في ذلك حتى يكون الأمر بتدبيره ودخلت العساكر المدينة المنورة في أواخر ذي القعدة)17.
وقد ضمّت الحملة المصرية عدداً من علماء الدين لمقاومة الفكر الوهابي، وإضفاء شرعية على الحملة، التي نجحت في استقطاب زخم شعبي واسع، كما حظيت بدعم المسلمين عامة.
احتدمت المعارك بين القوات الوهابية والجيش المصري بقيادة طوسون بن محمد علي باشا ودامت سبع سنوات (1811 ـ 1818)، ووقف الأشراف إلى جانب الحملة المصرية. وكان خروج المدينة المنورة من سيطرة الوهابيين عاملاً أساسياً في استقطاب الشريف غالب الذي كان يحتفظ بميناء جدة، ومال إلى جبهة المصريين والأتراك وسلّم الميناء إليهم بهدف الإفادة منه في إسقاط سلطة الوهابيين في مكة المكرمة، ونتج عن ذلك دخول القوات المصرية إليها بدون قتال، بعد استمالة قبائل البدو، وحاكم الحجاز. وحاول عبد الله بن سعود إستعادة بعض المواقع التي خسرها، فغزا ينبع لقتال بعض القبائل المتحالفة مع القوات المصرية، ولجأ إلى أساليب إنتقامية ضد هذه القبائل، مثل القتل الجماعي، والسبي والنهب وهدم البيوت وإحراق المزروعات، إلا أن القبائل حافظت على ولائها للقوات المصرية.
حظيت القوات المصرية بتأييد داخلي، سيما من أهالي الحجاز، وبتأييد خارجي، وخصوصاً من في مصر والعراق وتركيا وبلاد الشام. وبعد تصفية الوجود الوهابي في الحجاز، إستقر طوسون باشا في مكة المكرمة فيما سار أحد قادة الحملة المصرية الى الطائف، فدخلها وكان معه بعض أقارب الشريف غالب، وطالبوا الأهالي تجديد البيعة لهم.
لم يقبل الوهابيون الهزيمة، وأبقوا على التعبئة العسكرية في صفوفهم، ونظّموا حملة عسكرية سنة 1228هـ، على منطقة الحناكية بالقرب من المدينة المنورة، ولما علم البدو بخبر الحملة هربوا مصطحبين معهم بعض متاعهم. وإقتحم الوهابيون المنازل ونهبوها، ويقول إبن بشر (فدهم المسلمون ـ أي الوهابيين ـ وأخذوا ما وجدوا فيها من الآثاث والأمتاع..)18. ثم قام سعود بعمليات مداهمة واسعة للمناطق لضرب القبائل التي كانت مستوطنة في منطقة الحناكية. إلا أن إنهياراً دراماتيكياً أصاب القوات الوهابية السعودية إثر موت أمير الدرعية سعود سنة 1229هـ، إيذاناً بنهاية فصل من تاريخ الوهابية السعودية كان حافلاً بالمعارك والغارات، كما تهاوت عقدة الوهابية وسط القبائل، الأمر الذي إضطر عبد الله بن سعود الى ترجيح خيار المصالحة على قائد القوات المصرية طوسون باشا، الذي عاد الى مصر كيما يعرض شروط الصلح على أبيه، فاستغل عبد الله بن سعود فرصة غياب طوسون عن الجزيرة العربية، فسار بجيوشه عام 1231هـ ناحية القصيم. يقول ابن بشر: (ونزل على بلد الخبرا وهدم سورها وسور البكيرية عقوبة لهم عن ما قدم منهم من إستدعائهم الترك ـ بما في ذلك المصريين ـ وإدخالهم، وخوفاً أن يحدثوا مثلها فيما بعد..فأقام عبد الله على الخبرا أياماً وقتل شاعراً من الخبرا إسمه عميان، قتله عبد الله بن حجيلان، ثم رحل منها وسار في وادي الرمه مسنداً إلى جهة الحجاز، وقد ذكر له عربان من حرب ومطير في أمواه الحجاز فأنذروا عنه وانهزموا)19.
دفعت شراسة الإنتقام الوهابيين من قبائل القصيم ونجد، إلى طلب النجدة من حاكم مصر، الذي تلقى رسائل منهم تحرّضه على الحرب ضد السعوديين. وبالفعل فشل الصلح، وكان التحريض حافزاً إضافياً للعثمانيين من أجل القضاء على الوجود السعودي الوهابي. وسلّم محمد علي باشا زمام القيادة لإبنه إبراهيم باشا، بعد موت طوسون، ونزل بقوات عسكرية إضافية في ينبع في سبتمبر 1816هـ/ذي القعدة 1233هـ، وتوجّه إلى المدينة المنورة، ودعا الى التعبئة العامة، وأكمل استعدادته العسكرية ثم خاض معركة واسعة النطاق للقضاء التام على الوهابيين، فيما التحقت أعداد غفيرة من القبائل بصفوف القوات المصرية إستعداداً للهجوم ضد معقل السعوديين في الدرعية. وأنزلت القوات المصرية والقبائل المتحالفة معها هزيمة ساحقة بالقوات السعودية الوهابية، فكانت تسقط المناطق الواحدة تلو الأخرى، وفور وصولها إلى الدرعية ضربت طوقاً محكماً حولها دام قرابة سبعة أشهر، أدى الى تدهور الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، واضطر الأهالي إلى الهروب خارج الدرعية بعد أن أفشوا معلومات هامة لإبراهيم باشا حول منافذ الدرعية ومواقعها الإستراتيجية، ما مهّد الطريق أمام إبراهيم باشا لشن هجوم شامل عليها، فسقطت عسكرياً، ووقع عبد الله بن سعود في الأسر، وأرسله إبراهيم باشا إلى مصر في نوفمير سنة 1818 ـ محرم 1234هـ، وتم إحضاره أمام محمد علي باشا، فقدّم عبد الله بن سعود ما سرقه أبوه من الحجرة النبوية، وبعد يومين رحّله إلى الآستانة لمقابلة السلطان العثماني كي ينظر في أمره، فنفّذ الأتراك فيه حكماً بالإعدام، فيما تم نفي أفراد أسرته الى مصر.
وفيما كانت نجد والمنطقة الشرقية من الجزيرة العربية مسرحاً لمناوشات عسكرية بين القبائل المتصارعة من جهة وبين الوهابيين ـ السعوديين والأتراك والمصريين من جهة ثانية، استغرقت مجمل الحقبة السعودية الثانية، كانت الحجاز حينذاك تعيش وضعاً سياسياً مستقراً تحت حكم الأشراف والإدارة العثمانية.
وبعد ظهور عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على المسرح السياسي بعد إحتلاله الرياض سنة 1902، بدأت حقبة جديدة بلغت ذورتها بتشكيل دولة لآل سعود بدعم من علماء الدين من المذهب الوهابي. فبعد أن وطّد عبد العزيز أركان إمارته في منطقة نجد، قاد جيشاً من الأخوان وسار بهم الى الأحساء سنة 1913 في ظل انشغال الدولة العثمانية بمواجهة الاستعمار الإيطالي على ليبيا في نفس العام، حيث استغل عبد العزيز الفرصة وهجم على الأحساء بعد أن أطلع الضابط الإنجليزي ليتشمان على خطته لترتيب أوضاع المنطقة بين الطرفين بعد السيطرة عليها، فدخل ابن سعود الأحساء وثبّت أقدامه فيها.
وكان احتلال الإحساء بمثابة الفاتح لشهية الغزو، بعد أن نجح في الحصول على دعم الإنجليز، أو على الأقل صمتهم من أجل عدم إثارة العثمانيين الذين عقدوا معهم إتفاق جنتلمان في المنطقة. وفيما لم يجرؤ أباؤه على الإقتراب من الحجاز، إبان الدولة السعودية الثانية، فإن عبد العزيز اعتبر دعم الإنجليز له في الأحساء بمثابة ضوء أخضر مفتوح لغزو المناطق الأخرى، وربما أراد أن يثبت جدارته في الحصول على ثقة ودعم الإنجليز ضد خصميه الأتراك والأشراف.
وقد دعا إبن سعود قادة الأخوان وكبار العلماء وشيوخ القبائل وأعيان الحواضر إلى مؤتمر عقد في الرياض في الخامس من يونيو 1924 شرح فيه إبن سعود المسألة الحجازية، ورغبة الإخوان في أداء فريضة الحج، في ضوء قرار الشريف حسين بمنع الإخوان من زيارة العتبات المقدّسة، وكان إبن سعود يهدف من وراء المؤتمر الحصول على فتوى من العلماء بإعلان الحرب ضد الشريف حسين، وتعبئة الإخوان ضمن إستراتيجية عسكرية جديدة وهو ما حصل بالفعل، فاستعد الإخوان لتطبيق فوري للفتوى، فتقدّم أربعة آلاف رجل من الإخوان، وإرتدوا حرام الحج، وحملوا أسلحتهم، وتولى السلطان بن بجاد زعيم الغطغط، وخالد بن نوى قيادة الإخوان، وأغاروا على الطائف وقتلوا حاميتها. وخرج جيش الشريف من المدينة، فدخل الإخوان الطائف وأوقعوا فيها مجازر مرعبة، وأعملوا السيف في رقاب كل من يخالف العقيدة الوهابية، وقتلوا عدداً كبيراً من وجهاء مكة، في مصايفهم ونهبوا ممتلكاتهم، كما قتلوا عدداً من رجال الدين في الحجاز، ونجا الشيخ عبد القادر الشيبي سادن الكعبة بعد أن تظاهر باعتناق الوهابية. ويقول عطار في كتاب (صقر الجزيرة) الذي أملاه عبد العزيز عليه (وفي اليوم التالي، أخرجوا الأهالي نساء وأطفالاً وشيوخاً من المدينة وحبسوا في إحدى الحدائق ثلاثة أيام وكانت النساء سافرات لأول مرة مع الرجال ومكثوا أياماً بدون طعام).
وزحف جيش إبن سعود من الطائف الى مكة المكرمة، بعد أن تخلى الإنجليز عن دعم الشريف حسين، ونقضهم كل الوعود التي أعطوها له بخصوص إقامة إمبراطورية عربية تحت قيادته، بعد أن رفض القبول بدولة يهودية في فلسطين في ضوء وعد بلفور الصادر سنة 1917. ودخل الجيش الوهابي ـ السعودي مكة المكرمة، وهدم ما صادفه من آثار إسلامية وتاريخية، فيما كان أشراف مكة يرددون (إن دعوة ابن سعود مذهبية، لذلك لا تنجح خارج نجد. لا أمن في الجزيرة ولا راحة للعرب ومطامع إبن سعود تزداد يومياً فيوماً..)20.
دخل الإخوان مكة المكرمة والمدينة المنورة كفاتحين، لتطهير المدينتين من البدع، حسب زعمهم، فأزالوا المعالم التاريخية وحطّموا الآثار الدينية وهجموا على المسجد النبوي، الأمر الذي أثار غضب المسلمين في أرجاء العالم. وكتبت جريدة (المصوّر) المصرية في 4 ديسمبر 1925 تقريراً بعنوان (إهتمام العالم الإسلامي بتخريب الآثار المقدّسة) جاء فيه: (إهتم العالم الإسلامي بما تناقلته الصحف عن تخريب الوهابيين بعض الآثار المقدّسة في الحجاز، فأوفدت حكومة إيران لجنة لتحقيق ما حدث برياسة السفير جعفر خان جلال. وقد تكرّم بمقابلة مندوب 'المصوّرب في فندق الكونتيننتال وقال: كان أهم ما خربوه مقابر آل البيت وأخصها قبر السيدة خديجة والسيدة آمنة. قال السلطان ـ أي عبد العزيز ـ بلغني خبر ما حدث، حزنت لتأكدي أن لهذه الآثار حرمة وكرامة عند الكثيرين من المسلمين في أنحاء العالم لذلك سأبذل جهدي في إعادة هذه إلى ما كانت عليه).
وبسقوط الحجاز تحت سيطرة إبن سعود، بقيت عسير آخر معاقل الأتراك، ونتيجة للظروف الإقليمية والدولية نجح إبن سعود في تصفية الوجود التركي فيها، وصولاً الى إقامة الدولة السعودية سنة 1932، التي قامت بمحو منظّم لمعالم الحجاز وهويته التاريخية وتراثه الثقافي.
المصادر

1 جلال كشك، السعوديون والحل الإسلامي، أميركا، 1982، ص 607
2 السيد أحمد بن زيني دحلان، خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام، القاهرة 1305هـ، ص 297
3 السيد إبراهيم الراوي الرفاعي، رسالة الأوراق البغدادية في الحوادث النجدية، تركيا 1976، ص 3
4 السيد دحلان، خلاصة الكلام، مصدر سابق ص 298
5 المصدر السابق ص 301
6 المصدر السابق ص 302
7 المصدر السابق ص 303
8 أحمد أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث، ص 20
9 اليكسي فاسيليف، تاريخ العربية السعودية، ص 120
10 السيد دحلان، أمراء البلد الحرام، ص 302 ـ 303
11 حسن الركي، لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، ص 108
12 السيد دحلان، أمراء البلد الحرام، ص 326
13 أحمد أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث، ص 20
14 السيد دحلان، أمراء البلد الحرام، ص 326
15 المصدر السابق ص 326
16 عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، الدولة السعودية الأولى، ص 139
17 السيد أحمد زيني دحلان، فتنة الوهابية، ص ص 11 ـ 15
18 ابن بشر، عنوان المجد في تاريخ نجد، ص 163
19 المصدر السابق ص 185
20 أمين الريحاني، ملوك العرب، ص 507

cimoo
2012-11-20, 15:22
التاريخ يعيد نفسه مع حجاج نيجيريا

خفايا الإذلال السعودي للحجاج النيجيريين

ناصر عنقاوي

في كل موسم حج تقريباً هناك قضية ما مرتبطة بالحجاج النيجريين، تارة تحت عنوان أمراض معدية يخشى انتقالها الى بقية الحجاج، أو فايروس خطير قد ينتشر في الديار المقدسة، أو أسباب أخرى تبرر إجراءات صارمة تتخذها الحكومة السعودية ضد الحجاج النيجريين.
بطبيعة الحال، ليس الحجاج النيجيريون وحدهم من يطالهم مثل هذه العقوبات، فهناك الكثير من الحملات العربية والاسلامية تتعرض لتدابير وشروط صارمة ومضايقات غير مبررة.. فقد عانى مئات الحجاج المصريين والعراقيين والشاميين من اجراءات السفر في مطار الملك عبد العزيز بجدة، ووقعت عشرات حالات الاغماء في صفوف الحجاج بسبب إبقاء الحجاج والمعتمرين في أماكن تفتقر الى وسائل التهوية والراحة. يضاف الى ذلك، إجراء قديم جديد بمنع مواطنين من دولة مسلمة من القدوم الى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج، بسبب خلاف الحكومة السعودية مع حكومة بلادهم، كما حصل مع الحجاج السوريين هذا العام، وكما حصل مع حجاج قطاع غزة طيلة السنوات الماضية.
في قضية الحجاج النيجيريين ثمة فصل آخر..



فقد كان 171 حاجة من ولايات كاتسينا وتارابا النيجيرية قد تعرّضن للإهانة بعد وصولهن للديار المقدسة لأداء مناسك الحج على يد قوات الأمن السعودية، وتم ترحيلهن بعد احتجاز دام ثلاثة أيام دونما طعام وتمت إعادتهن الى بلادهن قبل أن يؤدين مناسك الحج عبر مطار المدينة المنورة. عدم التواجد في المطار مع أولياء أمورهم (الأزواج أو الشركاء الذكور) أي المحرم، كان الجريمة الوحيدة التي ارتكبوها.
وتم اعتقال 1000 إمرأة نيجيرية في السعودية لعدم اصطحابهن محرماً. وتروي عائشة تو اسماعيل من ولاية تارابا للصحافيين بعد وصولها الى بلادها تجربتها مع الأمن السعودي (لقد رأينا الجحيم لأن رجال الأمن في المدينة المنورة إحتجزونا مدة ثلاثة أيام دون طعام أو رعاية). وقالت السيدة اسماعيل بأن (السلطات السعودية وضعتنا في قفص على مسافة واحدة مفتوحة دون السماح لنا بالتحرك شبراً وحداً، ولم تقدّم لنا أي طعام، ولم يسمح لنا شراء الطعام من أموالنا. وكما ترون الآن قضينا ثلاثة أيام دون طعام في مطار المدينة المنورة).
وعبّرت السيدة اسماعيل عن أسفها حيال اعتقالهن (لم يأت أي مسؤول في الحكومة الاتحادية أو الدولة لإنقاذنا؟ حضر إلينا شخص في المدينة المنورة وحملت المسؤولين الامنيين المسؤولية عن وضعهم في قفص ولم يسمحوا لهم بالتواصل مع اقربائهم..) وتضيف (كان اذلالاً مريعاً من قبل السلطات السعودية لنا) وكانت تأمل السيدة اسماعيل بأن تسوّى القضية بين حكومتي البلدين كيما يعدن لتأدية مناسك الحج ولكن المعاناة استمرت..
فبصرف النظر عن الدين والعقيدة، فإن الاحراج الواقع على مئات من النساء النيجيرات من حجاج بيت الله الحرام لهذا العام، ليس خرقاً دبلوماسياً فحسب، ولكن تحد لنزاهة نيجيريا بكونها دولة ذات سيادة بالنسبة لهم..
فلم تعد القضية مجرد أنباء عادية عن قضية صحية، حتى أن الهيئة الوطنية للحج في نيجيريا تقف في الدفاع وتسحب موقفها الذي ترك آثره على الحجاج كافة، والذين جرى حشدهم في معسكرات تشبه السجون في مطارات المملكة قبل ترحيلهم، رغم أنهم حصلوا على تأشيرات سفر من القنصلية السعودية في نيجيريا قبل الشروع في رحلة الحج، فالسلطات السعودية أنكرت حق الحجاج، خصوصاً أولئك الذين في عمر الشباب، دخولهم الى الديار المقدسة.
إن سن المرأة التي تنوي الحج لابد أن تكون مصطحبة من قبل محرم بناء على الحكم الديني، والذي تم اقراره سلفاً من قبل السعوديين أنفسهم. فماذا كان يتم ملاحظته خلال الحج دائماً لأن العدد الأكبر من الحجاج خصوصاً من قبل الدول الغنية بالنفط مثل نيجيريا، كان بأن مسؤولي الحج الاصليين المدرّبين يحرسون ويرشدون عدداً من الحجاج النساء خلال رحلة الحج ضمن الفترة المحددة التي تغطي موسم الحج.
كل تلك، ولأسباب غير معروفة لملايين من النيجيريين وأصدقائهم في المجتمع الدولي، لم تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل السلطات السعودية التي وبدون سابق إخطار، نكثت وأخضعت النساء النيجيريات غير المتهمات لسلسة من التوترات الصادمة والاضطراب النفسي وأسوأ شكل من الاذلال الذي نادراً ما يمكن أن نلحظه في القرن الحادي والعشرين. تقارير تفيد بأن بعض من خضع لتلك الاجرءات القمعية مازال يعيش الكوابيس، فيما فقد البعض شهية الأكل بسبب التغذية السيئة ونقص مرافق المياه، ما جعل الأطباء مشغولين في مطار كانو ومطارات أخرى حيث وصل الحجاج النيجيريات.
جهود دبلوماسية مكثّفة من قبل السفير النيجيري في السعودية، الحاج ابو بكر شيهو بونو وفريقه، لم ترقق قلب السلطات السعودية. فقد راقب الفريق الدبلوماسي النيجيري النساء اللاتي كن بلا حول ولا قوة وهن يحشرن لإعادتهن الى نيجيريا، فيما تم السماح للنساء المسنّات بالبقاء لاداء مناسك الحج بعد اخضاعهن لفحص وتفتيش دقيق. والمحزن، حنى الزوجين الذين لم يظهر إسماهما مسجّلين قد تم إرجاعهما دونما مراعاة لدلالة هذا الفعل.
الآن، السؤال هو: مالذي دفع السعوديين لاتخاد مثل هذا القرار القاسي ضد نيجيريا بالرغم من العلاقات الحميمية التي تعود لعقود عديدة؟ فبالعودة الى التاريخ، فإن البلدين، خصوصاً في الستينيات من القرن الماضي، كانا أفضل صديقين، حيث يعتمد كل منهما على الآخر بطرق مختلفة.
علاقات المصالح المشتركة بين رئيس شمال نيجيريا، السير أحمدو بيلو ساردونا والملك السعودي، أفضى الى تدفق كثير من النيجريين الى المملكة حيث وفّروا عمالة رخيصة وانخرطوا في الاعمال البدائية. مع الوقت وكعائلة، مئات من أصول نيجيرية ولدوا في المملكة، وفي أغلب الاحيان من أبوين مختلطين.
الجريمة ميزة عالمية في كل المجتمعات الانسانية، ولكن بسبب أفضلية كونها تمارس من قبل نيجيريين في الديار المقدسة، فإن السود الآخرين الذين يجدون طريقهم الى الجزيرة العربية يدعون بأنهم نيجريون في وقت لاحق، فإن التناقضات المحلية للحياة والصعوبة المتّصلة بالفقر في بعض البلدان الأفريقية قادت الى نزوعات إجرامية ومثل هؤلاء الأفريقيين، بوعي أو خلافه، استوردوا هذه التصرفات السلبية الى السعودية. وما يبعث على الحزن، فإن كل شيء سيء أصبح ظاهرة نيجيرية في السعودية، ربما بسبب قوة نيجيريا، السكان وامكانيات القوة العظمى لديها، والتي تثير حسد البلدان الأخرى.
في 14 مارس 2003 أو نحو هذا التاريخ، قررت السلطات السعودية ترحيل ما يربو عن 3 آلاف نيجيري من الذي أقاموا في المملكة بعد المدة المسموح بها بعد أداء العمرة. وقد أعلن حينذاك بأن المرحّلين، الذين يضمون 500 إمرأة و255 طفلاً، قد تم احتجازهم في مكة. سلطات الهجرة فرضت أيضاً غرامات على الشركات التي جلبت الحجاج بواقع 3 آلاف ريال لكل شخص بسبب عدم إبلاغ السلطات حول اختفائهم.
خلال شهر رمضان المبارك اعتقلت الشرطة السعودية في الفترة ما بين بداية نوفمير وديسمبر نحو 20400 أجنبياً على خلفية الاقامة غير القانونية في المملكة. وبحسب مسؤولين في وزارة الداخلية فإن السعودية تقوم بترحيل ما يربو عن 700 ألف مهاجر غير قانوني كل عام. المهاجرون غير القانونيين يتم ترحيلهم فيما يواجه ملاّك المساكن التي يتم تأجيرها لهم السجن والغرامات.
بالرغم من القيود الصارمة المفروضة على حركة أولئك الحجاج غير القانونيين في أغلب الأوقات تتخفف خلال موسم الحج، فإن صحيفة (ساترداي تريبيون) النيجيرية نقلت بأن النساء لم يتم توفيرهن حيث كان من المألوف أن ترى الشرطة السعودية في ملاحقة حامية لاعتقال النساء السود، من المحزن، أن بعضهن ولدن وتربين في الديار المقدسة وحين تم ترحيليهن، وجدوا من الصعوبة بمكان إعادة الاندماج في المجتمع النيجيري وسوف ينغمسون لاحقاً في أي شيء ولم يكن من الناحية الانسانية ممكناً إرجاعهم الى المملكة. وبحسب الشيخ غمي في مقابلة من مكة المكرمة، فإن هؤلاء النيجيريين أو السود يدعون بالتكرونيين وليسوا جاهزين للعودة الى بلدانهم لأن الحياة جيدة في المملكة. الغذاء بأنواعه من السهولة توفيره والحصول عليه.
ليس من غير المألوف بأن تكون مثل هؤلاء النساء دائماً يتحركن بكل أمتعتهم ومتعلقاتهم الثمينة مثل الذهب والأشياء الثمينة الأخرى. وهذا لأنهم اذا كانوا سوف يتعرضون للاعتقال في نهاية المطاف ثم سوف يتم ترحيلهم، فإن فرصة لملمة أمتعتهم، التي جمعوها وحفظوها على مدى سنين طويلة، تكاد تكون صفراً. يكاد يساق هؤلاء النسوة الحجاج الى المحاكم، وفور انتشار أخبار عن اعتقالهم، بدا وكأنهم عصابة من الصبية السود يطلق عليهم أنغولا، التي قامت، بحسب المزاعم، بالسطو على ذلك العقار المحظور. بالنسبة لهؤلاء النسوة ذوات السترة الرياضية، اللاتي نجين من الاعتقال، فإنهن في الغالب يهربن الى الجبال ويلتحقن بسود آخرين كثرحيث يشكلون مستعمرة.
من شارع المنصور، حيث يقطن نحو 69 بالمئة من جنسيات أفريقية نيجيرية وأثيوبية، وبإمكان المرء أن يقوم بجولة في مستعمرة المهاجرين غير القانونيين في المملكة حيث تباع الملابس المستخدمة وأشياء أخرى. في الحقيقة، الحياة في هذه المنطقة كما الحياة في العاصمة كانو وأن الكثير من الحجاج من غرب أفريقيا غالباً ما يقومون بزيارة هذه المنطقة لوجود أنواع مختلفة من الأكلات الأفريقية، بما في ذلك اكلة اليام واللحم المجفف. وفي المساء، يختفي السود الواحد بعد الآخر ويمكن العثور عليهم فحسب في الجبال حيث تكون الأماكن الرئيسية التي يشكلون فيها أنفسهم كقادة للمستعمرة ويجب تقديم الطاعة لهم.
وبحسب ابراهيم تيكاري، الذي يقول بأنه ولد في السعودية، فإن العساكر ليسوا متسلقين جيدين للجبال ويخافون العقارب والزواحف الاخرى. ولذلك، فإن السود يفيدون من ذلك للجوء الى الجبال. يمكن العثور على كل شيء يحتاجه المرء في هذه المستعمرة وحتى احتفالات الزواج يمكن أن تتم هناك.
الرئيس النيجيري الدكتور جودلك جوناثان كان بعيداً في الولايات المتحدة حين تقطعت الرابطة الدبلوماسية الحالية، ولكن البلاد أعلنت منذاك بأن المتحدث بإسم البرلمان أمينو وزيري تامبوال سوف يغادر الى السعودية للقاء المسؤولين السعوديين بخصوص القضية الخلافية. وقد التقى المتحدث بالسفير السعودي في نيجيريا، خالد عبد ربه، في أبوجا حيث تم التأكيد على حسم سريع للقضية.
سلطان سوكوتو وأمير الحج، الحاج محمدو سعد شجب التصرف السعودي، الذي وصفه بأنه بمثابة إهانة لنيجيريا ولملايين المسلمين في البلاد. وقال بأن الفعل السعودي كان بمثابة صدمة لسلطات الحج النيجيرية لأنه خلال الاجتماعات العديدة التي انعقدت بين المسؤولين النيجريين والسعوديين للتحضير لحج هذا العام، فإن موضوع المحرم بالنسبة للحجاج النساء لم يكن مطروحاً.
وبحسب الأمير (لم يثر هؤلاء الموضوع ولم يطلبوا بتاتاً بأن لابد للحجاج النساء من محرم. لم يجعل هؤلاء ذلك ضمن متطلبات استصدار التأشيرات. فقد كانوا يصدرون التأشيرات لكل هؤلاء الحجاج، فقط لإحراج، لاعتقال، وللتهديد بترحيلهم حين وصلوا الى الديار المقدسة. فكيف بإمكانهم فعل ذلك؟ فقد طمأن رئيس هيئة الحج الوطنية بأن السعوديين لم يطلبوا قط ذلك خلال الاجتماعات التي كانوا يعقدونها. وهذا لسوء الحظ. لقد قمنا بعمل كبير خلال السنوات الماضية لتحسين عمل الحج ولا نستحق هذه الإهانة).

cimoo
2012-11-20, 15:25
ياوهابية اقفزوا الى اي مكان شئتم تروحو لعطار لزهرة للمريخ
راح دائما نرجعكم لبدايتكم واساسكم الفاسد الذي بنيتم عليه سلطانكم الهالك باذن الله
فلا تتعبوا انفسكم فاساسكم كابوس راح يبقى دائما يطاردكم

قطــــوف الجنــــة
2012-11-20, 15:50
لاحول ولا قوة الا بالله لا تتغير أبدا يا بني آدم
وكأنه حقد شخصي وليس غضبة للحق نحن إن جأنا بزلات أو أخطاء الآخرين ليس عداوتنا لهم شخصية
مبنية على حقد أعمى http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/602342_434031039991399_1293362515_n.jpg

نسيـم البـرج
2012-11-23, 12:31
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الغريب في الأمر أنّ المنهج الّذي تدعون إليه أنتم أوّل من يخالفه. فعمل الصّحابي رضي الله عنه جاء واضحا، وإن كان يخرجنا عن الموضوع، ولكنّك أشرت أنّه ما دام أنّه لا توجد أرض شريعة إسلاميّة فلا يوجد أهل ذمّة، فالكلّ يعدّ محاربا. والعمل هو من إقرار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعمل الصّحابيّ أبو بصير عتبة بن أسيد الثقفي رضي الله عنه بعد صلح الحديبيّة. بل إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم حرّض المسلمين على اللحاق بأبي بصير بقوله: { ويل أمّه مسعّر حرب لو كان له أحد } وفي الرواية الأخرى: {لو كان له رجال } فزاد على إقراره تحريض غيره للّحاق به.

قطــــوف الجنــــة
2012-11-23, 14:08
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الغريب في الأمر أنّ المنهج الّذي تدعون إليه أنتم أوّل من يخالفه. فعمل الصّحابي رضي الله عنه جاء واضحا، وإن كان يخرجنا عن الموضوع، ولكنّك أشرت أنّه ما دام أنّه لا توجد أرض شريعة إسلاميّة فلا يوجد أهل ذمّة، فالكلّ يعدّ محاربا. والعمل هو من إقرار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعمل الصّحابيّ أبو بصير عتبة بن أسيد الثقفي رضي الله عنه بعد صلح الحديبيّة. بل إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم حرّض المسلمين على اللحاق بأبي بصير بقوله: { ويل أمّه مسعّر حرب لو كان له أحد } وفي الرواية الأخرى: {لو كان له رجال } فزاد على إقراره تحريض غيره للّحاق به.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الغريب في الامر ان المنهج الذي نتبعه نتبعه كاملا كما جاء لا نأخذ منه فقط ما يوافق هوانا وتعصبنا وغلونا
يقول ابن الباز رحمه الله
متى يجوز الخروج على الحاكم والتي ضبطها الشرع الكريم بوجود الرعية من الحكام كفرا بواحا عندهم الخارجين من الله فيه برهان مع القدرة والاستطاعة على التغيير ، فإن عدموا القدرة لعجزهم فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم فيه فساد للأمة ويضر الناس ويوجب الفتنة وهو ما يتعارض ودوافع الخروج الشرعي وهو الإصلاح ومنفعة الناس والأمة .
وأوضح رحمه الله أنه في هذه الحالة تكتفي الرعية ببذل النصح والكلام بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا تبرأ الذمة أهمية الطاعة وملازمة الجماعة وعظم الوعيد من الله ورسوله لمن أراد شق عصا الطاعة وفرق المسلمين بغير حق- كما أوضح سماحته أن القوانين إذا كانت توافق الشرع فلا بأس بها مثل قوانين الطرق وغيرها من الأشياء التي فيها نفع للناس وليس فيها مخالفة للشرع- أما القوانين التي فيها مخالفة صريحة للشرع فلا- ومن استحلها- أي القوانين المخالفة للشرع مخالفة لما أجمع عليه العلماء فقد كفر . ا ((على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة)) ويقول عليه الصلاة والسلام : ((من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية)) وقال عليه الصلاة والسلام : ((من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان)) والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء- وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة . أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق- ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .انتهى


كلامه واضح وعين الحق

قطــــوف الجنــــة
2012-11-23, 14:41
][b]بعد صلح الحديبية ظهـرت حالةٌ جديدة في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة المنورة ، فقد اشترطت قريشٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضمن ما اشترطت أن يُرجع أبناءهم الذين أسلموا إذا هربوا من حبسهم إليه صلى الله عليه وسلم . وقد وافق الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الشرط .
وصورة هذه الحالة : نـشوء مجموعةٍ من المسلمين لا تخضع أعمالُهـا للـقيادة في المدينة ، ومن ثَـمَّ فالقيادة غير مسؤولة قانونياً عن أفعالها . أي إنهم وإن كانوا مسلمين لكنهم ليسوا جزءاً من الأمة الإسلامية من ناحية قانونية واجتماعية ، فقانونياً لم يكونوا ملزمين ببنود صلح الحديبية ، واجتماعياً لم يكن المجتمع المسلم في المدينة قادراً ـ بحكم بنود الصلح ـ أن يمارس معهم قواعد التكافل الإسلامي بين المسلمين ، فلم يكن يصح أن يقدم أحد المسلمين لهم حتى كسرة خبز ! ـ
ـ

كان هناك شاب مستضعف في مكة لإسلامه ، اسمه : عتبة بن أسيد بن جارية ، حليف بني زهرة ، كنيته وشهرته التي لن يعرفه الناس إلا بها : أبو بصير....
بعد صلح الحديبية فرَّ أبو بصير من مكة ، وقطع الصحراء على قدميه إلى المدينة وما إن وصلها ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد حتى دخل بعده رجلان من قريش تبعاه ليرجعاه ، وما إن دخلا حتى ذكَّروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعهد ، فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن سلم لهما أبا بصيـر رضي الله عنـه ، فـذهب معهما ، " وجعل المسلمون يُسرون إلى أبي بصير : يا أبا بصير أبشر فإن الله جاعل لك مخرجاً ، والرجل يكون خيراً من ألف رجل ، فافعل وافعل ، يأمرونه باللذين معه ..." وفي الطريق تمكن من قتل أحد الرجلين ، وهرب الآخر راجعاً إلى المدينة لائذاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلحقه أبو بصير ومعه ما سلبه من الرجلين . عرض أبو بصير خُمْسَ السلب على الرسول صلى الله عليه وسلم فرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : " إني إذا خمَّسته رأوني لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه ، ولكن شأنك بسلب صاحبك " .ـ

فقال أبو بصير رضي الله عنه ونفسه تتقطع أسى : يا نبي الله قد أوفى الله ذمتك ... قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم ... وقد امتنعت بنفسي ... فضمني إليكم .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا " .. فصاح أبو بصير بأعلى صوته : يا رسول الله : أعطني رجالاً أفتح لك مكة .. ـ

فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال : " ويل أمِّه ، مسعر حرب لو كان له رجال "
ثم أمره بالخروج من المدينة وقال : " إذهب حيث شئت "
... فذهب ونزل بالعيص ، وكان طريقَ أهل مكة إلى الشام " وبلغ المسلمين الذين قد حُـبسوا بمكة ، وأرادوا أن يلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني فلم يستطيعوا ـ قولُ النبي صلى الله عيه وسلم لأبي بصير رضي الله عنه : " ويل أمه مسعر حرب لو كان له رجال " . فجعلوا يتسللون إلى أبي بصير ....
" وكان الذي كتب بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلما جاءهم كتاب عمر فأخبرهم أنه بالساحل على طريق عير قريش " ... ـ

فالتحقوا به رضي الله عنهم وجعلوا يقطعون الطريق على قوافل قريش ، فيسلبون ويقتـلون ... قال الراوي : " حتى أحرقوا قريشاً " .ـ

فأرسلت قريشٌ للرسول عليه الصلاة والسلام يناشدونه الرحم أن : ضُمَّ إليك هؤلاء ولا حرج عليك !!
... وكان سهيلُ بن عمرو قد قال عندما بلغه قتـل أبي بصير لأحد الرجلين الـذين وُكِّلا بإرجاعه : والله ما صالحنا محمداً على هذا "
فردت عليه قريش : قد بريء محمدٌ منه ، قد أمكن صاحبكم فقتله بالطريق ... فما على محمد في هذا " .
.. وكان ممن لحق بأبي بصير أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنهما في قصة رائعة لا داعي لسردها ... المهم أنَّ هذين الرجلين أذاقا قريشاً الويل ، فكانا بحق أول حركة مقاومة في الإسلام رضي الله عنهما ، وصلى الله على رسول المقاومة ، البارع في إدارة الصراع آناء الحرب ، وآناء السلم ، وآناء المعاهدات ...ـ


. ـمن أكبر الخطأ أن يتحول من يدعون الجهاد من رفع جهاد الى إلى الحكومة ودولة نفسها ، أو أن تنتقل إلى طاولة المفاوضات قبل أن تحقق أهدافها .. إنها حينئذ تحكم على نفسها بالموت ، وتـقيد نفسها بيديها لأنها ستـنتـقـل من متحكِم إلى متحكم به ، ومن قوة مستـقلة إلى أداة في يد قوى اقليمية لا مصداقية لها محكومة بالمصالح لا بالمباديء .
وهي أيضاً تفقد القاعدة الشعبية التي تدعمها ، وتشكل لها العمق في مقاومتها..ومصداقيتها اكثر من حيث الشرع والعواطف ...

لاحظ كيف تعاطفت الأمة في المدينة مع أبي بصير ، وكيف حثته وقـوَّت من أزره " وجعل المسلمون يُسـرُّون إلى أبي بصير : يا أبا بصير أبشر فإنَّ الله جاعل ٌلك مخرجاً ، والرجل يكون خيراً من ألف رجل ، فافعل وافعل ، يأمرونه باللذين معه ..." يأمرونه بمن معه .. يعني أن يقتل الحارسين اللذين جاءا لإرجاعه إلى مكة .. ـ

:
ولم يحاول أن يتوسط لقريش لإيقاف أبي بصير ومن معه ، ولم يقم برفض حركة أبي بصير أو التشنيع عليها ، ووصفها بصفات السوء ... بل ترك الأمر بين حركة أبي بصير وبين قريش ، فقريش حاربت هؤلاء المستضعفين وهم يقومون بحقهم في الرد عليها ، وأنا لا علاقة لي بذلك ، فأنا محايد ، لكن حيادي لا يعني أن أعترض على من يطالب بحقه ، فهذا ليس من بنود الصلح ...

نسيـم البـرج
2012-12-18, 10:36
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
استدلال واضح وفهم عقيم.

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 18:49
http://www.france24.com/ar/files/imagecache/france24_169_large/article/image/aqmi-woman-hostage_0.jpg

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا أحبس البرد" -أي الرسل-. (رواه أبو داود، برقم: 3 / 110، وصحّحه الألباني). وهناك كذلك قول ابن مسعود: "مضت السنّة أن الرسل لا تقتل" (رواه البيهقي برقم: 9/212


المستأمَنون أو المقيمون في دول أخرى بينها وبين المسلمين معاهدات سلميّة؛ فلا يجوز التعرّض لهم بالخطف أو الاحتجاز أو القتل؛ لأنّه خيانة، والله لا يحبّ الخائنين، وهو نوع من الغدر. وقد ثبت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الغدر.
- وطالما أنّ الخطف والاحتجاز في حالة الحرب يعتبر من الأعمال الحربيّة؛ فهو لا يجوز توجيهه لمن لا يجوز توجيه الأعمال الحربيّة ضدّهم، وهم غير المقاتلين من النساء والأطفال والشيوخ العاجزين الذين لا رأي لهم في القتال والرهبان، وإذا حصل مثل هذا الأمر فالواجب الشرعي يفرض إطلاق سراح هؤلاء وأمثالهم فوراً.

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 18:51
الخطف هو اعتداء على الغير، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، وهو نوعٌ من أنواع البَغْي الذي نهى الله عنه وحَّرمه بقوله: (إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) [النحل: 90]، ومن المعلوم أنّ الأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ليس محصوراً في المسلمين، فيكون النهي عن البغي أيضاً عاماً لجميع الخلق.

وإذا كانت فطرة الإنسان تدعوه إلى ردّ العدوان حين يقع عليه، إلاّ أنّ الله تعالى أباح ردّ الاعتداء بمثله فقط: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا لله، واعلموا أنّ الله مع المتّقين) [البقرة: 194]، (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) [البقرة:190] وأكّد الله تعالى أنّ مجرّد الاختلاف الديني حتى لو دخل مرحلة الصراع لا يسوِّغ الاعتداء على الآخرين. قال تعالى: (..ولا يجرمنّكم (أي لا يحملنكم) شَنَآنُ (أي بغض) قوم أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا..) [المائدة: 2].

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 18:52
الخطف يعتبر من الأعمال الحربية. فهو إذا جاز استثناءً أثناء قيام حرب فعليّة، فإنه لا يجوز إطلاقاً خارج نطاق الحرب. 1- روى الطبري في تفسيره (26/59) عن مجاهد قال: “أقبل معتمراً نبي الله صلى الله عليه وآله وسلّم فأخذ أصحابه ناساً من أهل الحرم غافلين، فأرسلهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم” وذلك لأنه خرج معتمراً فلم يعتبر نفسه في حالة حرب مع المشركين.



2- كما لم يقرّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم اختطاف سلمة بن الأكوع لأربعة من المشركين بعد صلح الحديبية ظناً منه أنّ المشركين نقضوا الصلح، وقال صلوات الله وسلامه عليه: “دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثُنَاه” [صحيح مسلم].
فالابتداء بالفجور من أخلاق المشركين وليس من أخلاق المسلمين، وإذا أبيح للمسلم الردّ على الفجور بمثله، فليس ذلك لمجرّد الرغبة في الانتقام، وإنما هي محاولة لمنع تكرار الفجور، ولإزالته من ميدان العلاقات الإنسانية، وقد أرشدنا القرآن إلى وسيلة أمثل لمنع تكرار الفجور، وبيّن لنا أنّ العفو والصفح هو الذي يدرأ السيئة أي يمنع تكرارها: (..اِدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم..) [فصّلت:34]، (واِدفع بالتي هي أحسن السيئة) [المؤمنون:96] ووصف المسلمين بأنهم: (يدرأون بالحسنة السيئة) [الرعد: 22] و[القصص: 54].


بناءً على ذلك نقول: إنه لا يجوز خطف أي إنسان في غير حالة الحرب الفعلية، وهو عندئذ يكون أسير حرب لا يجوز قتله بل مصيره إلى إطلاق سراحه قطعاً: (فإما منّاً بعد وإما فداءً) [محمد:4]. ومن باب أولى لا يجوز خطف أشخاص إذا كانوا معارضِينَ لمحاربتنا ومتعاطفين معنا كالصحفيين الفرنسيين. ونستنكر جميع حوادث الاختطاف التي تطال أناساً لا علاقة لهم بالمحتلين،

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 18:54
المدنيون في نظر الإسلام هم، غير المقاتلين من النساء والأطفال والشيوخ العاجزين الذين لا رأي لهم في القتال وكذلك الرهبان. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عن قتل النساء والصبيان [متّفق عليه]، وقال: “لا تقتلوا وليداً” [رواه أبو داود] وأمر خالد بن الوليد فقال له: “لا تقتلنّ ذرية ولا عسيفاً” [صحيح سنن ابن ماجه]. والعسيف هو الأجير. وهو يشمل كلّ من يستأجر لأداء خدمات لا تتّصل بالقتال كالعمّال في المصانع، والأطباء والعاملين في المستشفيات، وأمثالهم. كما نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن قتل الشيخ الفاني [سنن أبي داود] وعن قتل الرهبان وأصحاب الصوامع الذين يحبسون أنفسهم لله [المدونة لمالك] و[جامع الأصول] و[مصنّف ابن أبي شيبة]. وثبت منع قتل الرهبان عن أبي بكر، وذكر جابر بن عبد الله في مصنّف ابن أبي شيبة أنهم “كانوا لا يقتلون تجّار المشركين”. وقد قاس جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة على هذه النصوص أنواعاً أخرى من غير المقاتلين كالمقعد والأعمى والمعتوه وقوم في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب [بدائع الصنائع للكاساني] [المغني لابن قدامة] والأُجَرَاءِ والحراثين وأرباب الصنائع [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير]. ووضع الإمام الشوكاني ضابطاً واضحاً للقياس على النصوص في هذه المسألة وهو عدم جواز قتل من لا يرجى نفعه للعدو، ولا ضرره على المسلمين” [نيل الأوطار للشوكاني]
بناءً على ذلك لا يجوز ا لاحتجاز الأطفال في مدرسة أوسيتيا، وتعريضهم لتلك المجزرة البشعة رغم اعتقادنا بعدالة القضية الشيشانية، وحقّ الشعب الشيشاني في تقرير مصيره. كما لايجوزلاختطاف امرأتين إيطاليتين تعملان لحساب منظمة إنسانية رغم إدانتنا لموقف الحكومة الإيطالية المتحالف مع القوات الأمريكية المعتدية. فكلّ ذلك وأمثاله لا يجوز أصلاً من الناحية الشرعية، فضلاً عن أنّه ليس من مصلحة المقاومة.
ويجب أن نتذكّر أنّ خيانة يهود بني قريظة يوم الأحزاب لعهدهم مع المسلمين، على الرغم من كلّ ما فيها من فظاعة، لم تدفع المسلمين إلى قتل الأطفال أو النساء أو تعريضهم لأي أذى.

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 18:56
من الواجبات الشرعية، الرفق بالأسرى، والإحسان إليهم، وإكرامهم، وتوفير الطعام والكساء لهم، وعدم تعذيبهم. قال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) [الإنسان:8]، وقال صلى الله عليه وآله وسلّم: “استوصوا بالأسارى خيراً” [رواه الطبراني وإسناده حسن]. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “أحسنوا إلى أسراكم وقيِّلوهم واسقوهم” [إمتاع الأسماع للمقريزي]؛ وقوله “لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح” [فتح الباري]. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى “فكانوا يقدّمونهم على انفسهم عند الغداء” [تفسير ابن كثير].


ج- مصير الأسرى في الإسلام إطلاق سراحهم، إما منّاً عليهم دون مقابل، أو بمقابل فدية يقدمونها للمسلمين. والفدية قد تكون مالاً، وقد تكون مبادلة مع أسرى المسلمين، وقد تكون خدمة يقدمونها للمسلمين، كما طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من بعض أسرى بدر تعليم جماعة من المسلمين الكتابة مقابل إطلاق سراحهم “زاد المعاد لابن قيم الجوزية”. لقول الله تعالى: (.. فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق، فإما منّا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها..) [محمّد:4] وقد عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بهذه الآية إلى أن قبضه الله إليه.


وكثير من العلماء يقولون بعدم جواز قتل الأسير أصلاً. قال ابن رشد في بداية المجتهد: “وقال قوم: لا يجوز قتل الأسير. وحكى الحسن بن محمّد التميمي أنه إجماع الصحابة”. وقال ابن كثير في تفسيره: “وقال بعضهم: إنما الإمام مخيّر بين المنّ على الأسير أو مفاداته فقط، ولا يجوز قتله”. وقال الآلوسي: “وظاهر الآية: امتناع القتل بعد الأسر وبه قال الحسن”.

عبيد الله المالي
2013-01-19, 21:21
عجبا كيف فاتكم جحافل الكفر تمر فوق رؤوسكم لقصف من تلمزونهم بالارهابيين علي سنة امكم امريكا كيف فاتكم تعاون طواغيتنا مع الكفرة ضد الطوارق المسلمين كيف فاتكم الشريعة المعطلة والدين المهان في الجزائر و الاخلاق المتدنية والثقافة الغربية التي تغزونا وقبلات ولي امركم على اكف عاهرة فرنسا ولم تجدو الا المجاهدين في سبيله هدفا لسهامكم والله ماهم بخوارج بل هم مجاهدون ونحن القواعد والمخلفون والمثبطون:confused::confused::confused::confused:: confused::confused:

عبيد الله المالي
2013-01-19, 21:33
عجبا كيف فاتكم جحافل الكفر تمر فوق رؤوسكم لقصف من تلمزونهم بالارهابيين علي سنة امكم امريكا كيف فاتكم تعاون طواغيتنا مع الكفرة ضد الطوارق المسلمين كيف فاتكم الشريعة المعطلة والدين المهان في الجزائر و الاخلاق المتدنية والثقافة الغربية التي تغزونا وقبلات ولي امركم على اكف عاهرة فرنسا ولم تجدو الا المجاهدين في سبيله هدفا لسهامكم والله ماهم بخوارج بل هم مجاهدون ونحن القواعد والمخلفون والمثبطون:confused::confused::confused::confused:: confused::confused:

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 22:48
عجبا كيف فاتكم جحافل الكفر تمر فوق رؤوسكم لقصف من تلمزونهم بالارهابيين علي سنة امكم امريكا



كيف فاتكم تعاون طواغيتنا مع الكفرة ضد الطوارق المسلمين كيف فاتكم الشريعة المعطلة والدين المهان في الجزائر و الاخلاق المتدنية والثقافة الغربية التي تغزونا وقبلات ولي امركم على اكف عاهرة فرنسا ولم تجدو الا المجاهدين في سبيله هدفا لسهامكم والله ماهم بخوارج بل هم مجاهدون ونحن القواعد والمخلفون والمثبطون:confused::confused::confused::confused:: confused::confused:
.إهدأ أعصابك ..الذي يعتقد الطريق الذي يمشي عليه حق ..لا ينفعل ويتعصب بل يكون مقتنعا بها هو عليه ولكن طريقة ردك لا تدل على هذا تدل على حقد وكره وثأر وقصاص ليس منبعه الاسلام بشرعه وحقيته بل منبعه الثارات الجاهلية ونعرات القبائل ..اولا لم يفتنا الحدث ونعلم به ..وعجبا لكم كيف جاءوا هؤلاء الجحافل الكفر هل جاءوا من تلقاء أنفسهم أم من جراء أعمالكم ياراجل كيف تذهبون تدغدغون الافعى في جحرها وأنتم لا تعرفون ردة فعلها. إتقي الله في نفسك وفي خلق الله وتعلم العلم الشرعي ونصوصه وحتى ضوابط الجهاد ولا تتخبط وتصول دون دارية..يا عبد الله إنها جنة وإنها نار ويومها لا ينفعك هؤلاء الشيوخ الدمويين ...ماذا عن اختطاف الاجانب والمحافظ الايليزي والتفجيرات في صفوف الجيش والامن ام هؤلاء كفار عندك كما هؤلاء ألا يحقوا لهم بما أنك كفرتهم وأحللت دمهم وعرضهم ألا يحق لهم ان يدافعوا عن أنفسهم ..نحن لا نبرر تصرف ولي أمرنا ولا نرضاه أبدا وحز في نفوسنا خبر اختراق الطائرات اجواء بلدنا لكن النفس ليست أغلا من شرع الله كتاب الله وسنة رسوله .في معاملة الحكام ان كانوا على صح او غلط .تلمونهم.قلبكم عليهم والله .و تدغدغون الغرب وتتحدونهم بأسلوب دنيئ غير إنساني حتى لا أقول هو من الاسلام .إن كانوا كفار هم ارحم منكم على بني جنسهم كما مصالحهم هبوا لنحمايتها وازدهار بلدهم وانتم ماذا ؟ لا تقلي تطبيق الشريعة في ارض بور لا تصفية ولا تربية تبدأ منكم انتم اولا.. لكنكم لم ترحموا أبناء بلدكم فكيف ترحمون هؤلاء

لا حول ولا قوة إلا بالله
كل هذه الجرائم الفكرية والحسية ثم يقولون "الجهاد" تبا لجهادهم المزعوم .فأبو قتادة الفلسطيني هل تعرف هذا الضال المضل احد مراجعكم العلمية، وابو قتادة هذا هو الذي افسد الجزائر وافتى بقتل النساء والصبيان كما في مجلة الانصار العدد (90) تاريخ 29 شوال 1415 هـ، والان يجر هؤلاء الشباب الشر والفتنة لجزيرة العرب باتباع هذا المشبوه الذي ربما لا يعرفون حقيقته.
الأولى لهم ولأفراخهم القطبيون المرجئة أن يخجلوا من تلفظ كلمة "جهاد" فهي كبيرة عليهم و هم نجس, عليهم أن يتطهورا حتى يتلفظوا بهذه الكلمة المباركة.ابو قتادة الفلسطيني يقيم في بريطانيا مع زوجته ويجول معها في شوراع لندن يتمتع بمنظر الخلاب هناك والمتعة ويشتري بيبسي وكوكا كولا الامريكية وهو يحرض عليها امثال المغسولين الادمغة ألم ترى السيارة الفخمة الذي يركبها مع زوجته وأولاده كم إستفاد من جهادكم مغفلين..مغفلـــــــــــــــين«بلاد الكفر طبعا» لكن اين كان يقيم؟! وماذا يعمل في بلاد «الكفر»، اتراه هذا الجواب لصحيفة «القبس - العدد 10549 بتاريخ 21 شعبان 1423 هـ الموافق 27 اكتوبر 2002، حيث جاء فيه «وصباح امس اعلن ناطق باسم حزب المحافظين المعارضين نيته توجيه سؤال الى وزير الداخلية دايفيد بلانكيت كي يشرح لمجلس العموم كيف سمحت الاجهزة لابي قتادة بان يختفي اكثر من عشرة اشهر (منذ بداية ديسمبر) ويعيش على بعد ميل من اسكوتلانديارد ومجلس العموم ووزارة الداخلية وفي الجهة نفسها القريبة من مقر جهاز الاستخبارات الخارجية (ام - اي - 6) في نوكهول، ويتساءل حزب المحافظين عن كيفية تمتع ابي قتادة وعائلته باعانات شهرية دورية وبسكن رغم ان الشرطة كانت تبحث عنه وتلاحقه كل هذه الفترة! وماهية علاقاته مع اجهزة الاستخبارات البريطانية كما تدعي اطراف استخباراتية فرنسية واسبانية، وطبيعة الخدمات التي قدمها للاستخبارات البريطانية بالذات».

وفوق هذا كله نشرت مجلة التايم اللندنية بتاريخ 7/7/2002 مقالا لـ «بروس كروملي من باريس جاء فيه مايلي: «ابو قتادة نقل الى منزل آمن في شمال انكلترا، حيث توفر بريطانيا له ولزوجته الطعام والسكن والحماية، وان هذه الصفقة مقابل ان يبتعد ابو قتادة عن الاتصال بالمتطرفين مقابل عدم سجنه او ترحيله».

وهذا الاحتضان من بريطانيا لهذا الرجل يثير عدة تساؤلات، لا سيما ان بريطانيا استحدثت قانونا جديدا لمكافحة الارهاب يقضي بسجن أي شخص مدة ستة اشهر، على الاقل دون محاكمة أو تحقيق، وعلى كل حال، يمكن ان تكون استفادت منه بريطانيا لغرض ما، ولربما تكون نهايته في المستقبل ان يسلم الى الاردن بعد ان تنتهي صلاحيته، او يحال الى محكمة دولية.

نظيم القاعدة يدعي الحرب على الغرب لكنه لم يقتل منهم سوى الابرياء
ماذا استفادوا من قتل الناس في البرجين سوى زيادة الكره لنا
ماذا قدم للقضية الفلسطينية ماذا قدمتم للامة العربية سوى مزيدا من قتلهم الاجيال التي ولدت من أباء كانوا مقهورين من طرف الاستدمار الفرسي او الانجليزي وعانو ا كثيرا كي اخرجوهم انتم جأتم بهم بافعالكم زدتم انتم وكملتم علي اجيالهم بجهلكم المركب القاعدة صناعة امريكي
أمريكا أضحكتني والله من هي صناعة أمريكا من كانت تمولها وتوجهها ضد الحرب السوفيات..ة و القاعدة ضد العرب و هدفها تشويه الإسلام عند الغرب و ضرب المرافق الحيوية عند الدول الإسلامية بحجة الجهاد
وهم فقط استعملو الدين للوصول الى السلطة لا أكثر..ماذا تختلفون عن هؤلاء الغرب ...أسلوبكم واحد ونفر منه الجميع ..

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 23:09
لماذا
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كل مرة يذهب التكفيريين الى بلد مسلم يجاهدون فيه حسب فتاوى تخرج من مواقع في شبكة الأنترنات وهم من يحددون لهم اين يذهبون و لا يعرفون حتى من يقف وراء هذه المواقع ؟؟؟؟؟

هل يا ترى من يقف وراء تلك المواقع المشبوهة التي تدعو الى قتل المسلمين ..؟؟؟؟

والمشكلة ان الشباب المتحمس يأخذ بتلك الفتاوى ويطبقها وهو مغمض العينين بدون ان يرجع الى كبار العلماء والسلف في تفصيل تلك المسائل...

لماذا مشائخ التكفيريين مثل ابو قتادة وهاني السباعي وابو حمزة المصري موجودون في بريطانيا ؟؟؟؟

هذه الأحداث جميعها شبيهة بمسلل هوليودي ماسوني والضحية هم هؤولاء الشباب المسكين المتحمس لدينه والذي يبايع مشائخ لا يرونهم الى في الصور ...
http://sphotos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-prn1/19230_401598146595910_752931926_n.jpg

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 23:18
من شجرة واحدة يمكنك أن تصنع مليون عود كبريت..ويمكن لعود كبريت واحد أن يحرق مليون شجرة..

كفقاعة الصابون ،،
يقتلها الهواء إن تركتها و إن لمستها قتلتها ،،!

saqrarab
2013-01-19, 23:34
عجبا كيف فاتكم جحافل الكفر تمر فوق رؤوسكم لقصف من تلمزونهم بالارهابيين علي سنة امكم امريكا كيف فاتكم تعاون طواغيتنا مع الكفرة ضد الطوارق المسلمين كيف فاتكم الشريعة المعطلة والدين المهان في الجزائر و الاخلاق المتدنية والثقافة الغربية التي تغزونا وقبلات ولي امركم على اكف عاهرة فرنسا ولم تجدو الا المجاهدين في سبيله هدفا لسهامكم والله ماهم بخوارج بل هم مجاهدون ونحن القواعد والمخلفون والمثبطون:confused::confused::confused::confused:: confused::confused:

مجاهدين في سبيله عجب لكم
عجبا لكم متى كان مهرب المخدرات مستر مارلبوروا مجاهدا
متى كان من يروع الامنين مجاهدا
متى كانت مجموعة من الارهابيين المجرمين مجاهدين
ان كنت تدافع عنهم فاذهب لتجاهد معم واعدك ان ابطال جيشنا الباسل سيلبون رغبتك بالموت
كما لبو رغبة اخوانك

saqrarab
2013-01-19, 23:38
يا اخت قطوف دعكي من المدعو عبد الله المالي
المجرمين والارهابيون مروعي الامنيين ومن يدافع عنهم لاحل له الا صواريخ مروحيات المي 24 لتحرقه وتلحقه باصحابه
لا تفاوض مع المجرمين
نحن لا نفاوض ولا نناقش من يهدد حياة الجزائريين او ضيوفهم
نحن فقط نلبي رغبتهم في الموت السريع بصواريخ جيشنا

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 23:53
كلام كافي للشيخ بن عثيمين رحمه الله في الجهاد
لا يفوتك..
..
..
..
..
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ : " ... ولهذا قال العلماء يجب القتال ويكون فرض عين فى امور اربعة :

الاول : اذا حضر الصف : لقوله الله تعالى ( ياايها الذين ءامنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يوليهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال او متحيزا الى فئة فقد بآء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) ـ الانفال 15 ـ .
وجعل النبى صلى الله عليه وسلم التولى يوم الزحف من كبائر الذنوب من الموبقات , الا ان الله تعالى خفف عن عباده , واذن للمسلمين اذا كان العدو اكثر من مثيلهم ان يفروا لقول الله تعالى : (آلان خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وان يكن منكم الف يغلبوا الفين ) ـ الانفال 66 - ولهذا اجاز العلماء الفرار من العدو اذا كان اكثر من الضعف .

الثانى : اذا استنفره الامام , يعنى اذا قال الامام : "اخرج وقاتل " , فانه يجب على المسلمين ان يخرجوا ويقاتلوا لقول الله تبارك وتعالى :( ياايها الذين ءامنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم الى الارض ) ـ التوبة 38 ـ يعنى ملتم اليها بثقل , ومعلوم ان الذى يختار الارض على السماء انه ضائع (ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الاخرة الا قليل ) ـالتوبة 38 ـ .

الثالث : اذا حصر العدو بلده , وهذا هو الشاهد لما قلناه قبل قليل , اذا حصر بلده صار الجهاد واجبا لانه جهاد دفاع , لان العدو اذا حصر البلد معناه أن أهلها يكونون عرضة للهلاك , لاسيما فى مثل وقتنا الحاضر اذا حصر العدو البلد , و قطع الكهرباء و المياه , وقطع مصادر الغاز , وما أشبه ذلك , معناه أن الامة سوف تهلك , فيجب الدفاع مادام عندهم ما يمكن أن يدافعوا به يجب أن يدفعوا .

الرابع : اذا كان محتاجا اليه : يعنى اذا احتيج الى هذا الرجل بعينه وجب أن يقاتل .

فهذه أربعة مواضع ذكر العلماء رحمهم الله أن الجهاد فيها يكون فرض عين , وما عدا ذلك يكون فرض كفاية لأمر الله تعالى به فى آيات كثيرة من القرآن , وأخبرالنبى صلى الله عليه وسلم أن :
( الجهاد ذروة سنام الاسلام ) , يعنى أن المجاهدين يعلون على اعدائهم , ولهذا شبهه النبى صلى الله عليه وسلم بذروة السنام ,لانه اعلى ما فى البعير ,فالجهاد فرض كفاية اذا قام به من يكفى سقط عن الباقى ,وان لم يقم به من يكفى تعين عليه .
ولكن اعلموا ان كل واجب لا بد فيه من شرط القدرة , والدليل على ذلك النصوص من القرآن والسنة ومن الواقع ايضا ,اما القرآن فقد قال تعالى : (( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )) ـ البقرة 286 وقال تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ـالتغابن 16 ـ وقال تعالى : (( وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتابكم وما جعل عليكم فى الدين من حرج )) ـ الحج 78 ـ يعنى حتى لو امرتم بالجهاد مافيه حرج ان قدرتم عليه فهو سهل , وان لم تقدروا عليه فهو حرج مرفوع , اذالا بد من القدرة و الاستطاعة ,هذا من القرآن . ومن السنة قال النبى صلى الله عليه وسلم :" اذا امرتكم بامر فأتوا منه ما استطعتم " وهذا عام فى كل امر لان قوله :[ بأمر] نكرة فى سياق الشرط فيكون للعموم , سواء أمر العبادات أو الجهاد او غيره .

واما الواقع فقد كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى مكة يدعو الناس الى توحيد الله , وبقى على هذا ثلاثة عشرة سنة لم يؤمر بالجهاد مع شدة الايذاء له ولمتبعيه عليه الصلاة والسلام ,وقلة التكاليف ؛فاكثر اركان الاسلام ما وجبت الا فى المدينة , ولكن هل أمروا بالقتال ؟ الجواب : لا . لماذا ؟ لانهم لا يستطيعون ,وهم خائفون على انفسهم .
ان النبى صلى الله عليه وآله وسلم خرج من مكة خائفا على نفسه ـ وهذا معروف ـ ولذلك لم يوجب الله عز وجل القتال الا بعد ان صار للامة الاسلامية دولة وقوة (( اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير )) ـ الحج 39 ـ .

وقال : ـ رحمه الله ـ عن شرط القوة فى الجهاد :

* لا بد فيه من شرط : وهو ان يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال ,فان لم يكن لديهم قدرة فان اقحام انفسهم فى القتال القاء بانفسهم الى التهلكة ,ولهذا لم يوجب الله سبحانه وتعالى على المسلمين القتال وهم فى مكة , لانهم عاجزون ضعفاء , فلما هاجروا الى المدينة وكونوا الدولة الاسلامية , وصار لهم شوكة امروا بالقتال , وعلى هذا فلا بد من هذا الشرط , والا سقط عنهم كسائر الواجبات , لان جميع الواجبات يشترط فيها القدرة لقوله تعالى :((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا )) ـ التغابن 16 ـ وقوله (( لا يكلف الله نفسا الا وسعها )) البقرة 286 .
http://sphotos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/c41.0.403.403/p403x403/6107_588424507841794_1041391522_n.png

قطــــوف الجنــــة
2013-01-19, 23:56
إننا بريئون من مذهب المرجئة ومن مذهب الخوارج والمعتزلة فمن كفره الله ورسوله فإننا نكفره ولو كرهت المرجئة،ومن لم يكفره الله ولا رسوله فإننا لانكفره ولو كرهت الخوارج والمعتزلة هذه عقيدتنا التي لا نتنازل عنها ولانساوم عليها إن شاء الله تعالى ولانقبل الأفكار الوافدة إلينا.
الشيخ الفوزان حفظه الله

قطــــوف الجنــــة
2013-01-20, 00:15
يا اخت قطوف دعكي من المدعو عبد الله المالي
المجرمين والارهابيون مروعي الامنيين ومن يدافع عنهم لاحل له الا صواريخ مروحيات المي 24 لتحرقه وتلحقه باصحابه
لا تفاوض مع المجرمين
نحن لا نفاوض ولا نناقش من يهدد حياة الجزائريين او ضيوفهم
نحن فقط نلبي رغبتهم في الموت السريع بصواريخ جيشنا


أيها الاخ الكريم
هذا لا يعني الا اننا نرجوا الخير ولو القليل منهم إن شدننا عليهم يكون والله من جانب الشرع ..لكن نتمنى ان يفطن شباب المغرر بهم ..
نتمنى أن يفيقوا والله هذه الجماعة أحدثت أثرا عميقا في صفوف المسلمين ...لقد تأثر الشباب بهم .. .
وإنبهر بلباسهم وسيوفهم وأسلحتهم وكلامهم العسل الممزوج بالسم ..لقد جن الشباب بهم تراهم كل أمنيتهم أن يموتوا في سبيل الله اي في سبيل هذه الجماعة ومشايخها .. كيف بشاب لديه والدين ويدرسانه ويكبرانه ويحسنان اليه ويحلما بهذاا الابن البار ان يعيلهم ويحن ويعطف عليهم ................
ويجدوه عند الحاجة والكبر ..لكن يظهر عكس ذلك يذهب لدولة لدول ما ..كي يجاهد دون اعلام والديه ..فرح منتعش متلذذ يصطدم بغسل مخ بالكامل لا ينعم حتى بتنفس هواء تلك البلد يضعون حزاما ناسفا ويوجهونه لتفجير نفسه ..لقتل عدد قليل مع نفسه طبعا ويحرق قلب والديه حدث عندنا عدة شباب من خيرة الشباب الملتزم سافروا للعراق لكي يبعثوهم خلال ذهابهم بمدة يسيرة للاسواق وتفجير انفسهم وبقي آبائهم في حسرة وحزن ...
http://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/548828_443921399001898_1340646308_n.jpg

توفيق43
2013-01-20, 00:16
سؤال محير ......????????????

لماذا الإنتحاري عندما يقدم على عملية ارهابية يضع كاميرا أمامه للتصوير و يضع كلاشينكوف بجنبه ويضع عبوة ناسفة في بطنه .....ثم يخطب ويقول الموت لامريكا وبني صهيون والعزة للمسلمين ??????????

ثم يذهب ويفجر عناصر من الشرطة أو الجيش المسلمين .....

من يجيبني لماذا يا ترى ??????????ربما عباقرة المنتدى الذي عهدناهم يعطيوني جواب لسؤالي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
http://sphotos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/384680_337979936291065_6173661_n.jpg




لقد أجبتِ أنت على سؤالك في المشاركة رقم 5

إختلط عليهم الأمر:
في صغرهم سمعوا أن الإسلام عدل
فلما كبرواوجدوا من تسمي دولة التوحيد و لظلم طاغ
في صغرهم سمعوا أن علماءالسلف يقفون ضد ظلم الحكام
فلما كبرواوجدوا وجدوا العلماء يدافعون عن الطغاة باسم السلف

في صغرهم سمعوا الحاكم تختاره الأمة
فلما كبروا وجدوا الحاكم الفاسد يورثها لإبنه الفاسد بمباركة من العلماء بل هؤلاء العلماء يعتبرون إختيارالأمة لحاكمها كفر و طريقة طاغوتية وبسم السلف

في صغرهم سمعوا عن عزة الحاكم المسلم أمام الحاكم الكافر و ذلته أمام رعيته.
فلما كبروا رأوا ذلة الحاكم المسلم أمام الكافر حتى و لم يكن حاكما و بطش الحاكم المسلم بالرعية و لو كان عالما و كل هذا بمباركة العلماء و بسم السلف..


كل هذا أدى بهم إخل ختلال الموازين عندهم

الحل هو العدل:


عدل الحاكم هو أقوى سلاح ضد الإرهاب و التكفير و التشيع

قطــــوف الجنــــة
2013-01-20, 00:27
إليك طرفاً من محنة إمام أهل السنة والجماعة في عصره الإمام المبجل، والخليل المفخم، أحمد بن حنبل رحمه الله، كما رواها أحد تلاميذه وهو سليمان بن عبد الله السجزي، وحكاها عنه القاضي أبو يعلى في طبقات الحنابلة .1

قال السجزي رحمه الله: (أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلت الدار، فرأيت بساطاً مبسوطاً وكرسياً مطروحاً، فوقفت بإزاء الكرسي، فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلاً على رجل، ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل؛ فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه،

قال له: يا أحمد تكلم ولا تخف؛
فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع؛
فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟
فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله"؛
فقال له: عندك حجة غير هذا؟
فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين، قول الله عز وجل: "يس والقرآن الحكيم"، ولم يقل: يس والقرآن المخلوق؛
فقال المعتصم: احبسوه؛ فحبس وتفرق الناس، فلما أصبحتُ قصدتُ الباب، فأدخل الناس فأدخلت معهم، فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه،
فقال: هاتوا أحمد بن حنبل؛ فجيء به، فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم: كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟
فقال: بخير والحمد لله، إلا أني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمراً عجباً؛
قال له: وما رأيت؟ قال: قمتُ في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين، فقرأت في ركعة "الحمد لله"، و"قل أعوذ برب الناس"، وفي الثانية "الحمد لله" و"قل أعوذ برب الفلق"، ثم جلست وتشهدت وسلمت، ثم قمت فكبرت وقرأت "الحمد لله" وأردت أن أقرأ "قل هو الله أحد"، فلم أقدر، ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر، فمددت عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مسجَّى ميتاً، فغسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته؛
فقال له: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟
فقال له أحمد: فأنت كذا تقول إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت؛
فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد؛
فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي: اقتله، حتى نستريح منه؛
فقال: إني قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف؛
فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط؛
فقال: نعم؛
ثم قال: أحضروا الجلادين؛ فأحضروا،
فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟
فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين؛
فقال: خذه إليك؛
قال سليمان السجزي: فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه، وائتزر بمئزر من الصوف، وشدَّ في يديه حبلان جديداً، وأخذ السوط في يده،
وقال: أضربه يا أمير المؤمنين؟
فقال المعصتم: اضرب؛ فضربه سوطاً،
فقال أحمد: الحمد لله؛ وضربه ثانياً،
فقال: ما شاء الله كان؛ فضربه ثالثاً:
فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ فلما أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت إلى المئزر من وسطه قد انحل، ويريد أن يسقط، فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه، وإذا الأرض قد انشقت، وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل، فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك
قال: خلوه؛ فتقدم إليه ابن أبي دؤاد
وقال له: يا أحمد، قل في أذني إن القرآن مخلوق حتى أخلصك من يد الخليفة؛
فقال له أحمد: يا ابن أبي دؤاد، قل في أذني إن القرآن كلام الله غير مخلوق، حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل).
http://sphotos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/c43.0.403.403/p403x403/397750_185986864877855_1226459775_n.jpg

saqrarab
2013-01-20, 01:36
أيها الاخ الكريم
هذا لا يعني الا اننا نرجوا الخير ولو القليل منهم إن شدننا عليهم يكون والله من جانب الشرع ..لكن نتمنى ان يفطن شباب المغرر بهم ..
نتمنى أن يفيقوا والله هذه الجماعة أحدثت أثرا عميقا في صفوف المسلمين ...لقد تأثر الشباب بهم .. .
وإنبهر بلباسهم وسيوفهم وأسلحتهم وكلامهم العسل الممزوج بالسم ..لقد جن الشباب بهم تراهم كل أمنيتهم أن يموتوا في سبيل الله اي في سبيل هذه الجماعة ومشايخها .. كيف بشاب لديه والدين ويدرسانه ويكبرانه ويحسنان اليه ويحلما بهذاا الابن البار ان يعيلهم ويحن ويعطف عليهم ................
ويجدوه عند الحاجة والكبر ..لكن يظهر عكس ذلك يذهب لدولة لدول ما ..كي يجاهد دون اعلام والديه ..فرح منتعش متلذذ يصطدم بغسل مخ بالكامل لا ينعم حتى بتنفس هواء تلك البلد يضعون حزاما ناسفا ويوجهونه لتفجير نفسه ..لقتل عدد قليل مع نفسه طبعا ويحرق قلب والديه حدث عندنا عدة شباب من خيرة الشباب الملتزم سافروا للعراق لكي يبعثوهم خلال ذهابهم بمدة يسيرة للاسواق وتفجير انفسهم وبقي آبائهم في حسرة وحزن ...
http://sphotos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/548828_443921399001898_1340646308_n.jpg

واي خير يرجى من هؤلاء يا اختنا الكريمة
انت طيبة والطيبة يراها هؤلاء ضعفا هؤلاء لا ينفع معهم الا البتر لتخليص المجتمع من شرهم
اي خير في من يرى دمي حلالا ومالي غنيمة واختي سبية له
هذا لا خير يرجى منه ووجب استئصاله من المجتمع

قطــــوف الجنــــة
2013-01-20, 17:21
من غير الجائز أن الحكم على مقاصد الناس ونياتهم كما تفعل القاعدة في تكفيرها للمسلمين وقتلهم على ذلك دون التثبت والاستدلال ولكن الجهاد كفرض له مقصد وهدف وله أسباب وله شروط وله موانع، بمعنى أن هناك قواعد دقيقة تحكم الأمر لينضبط تحت مسمى الجهاد المشروع والجهاد الذي تقوم به القاعدة وتنسبه لنفسها كثير منه مخالف للهدي النبوي الصحيح في الجهاد وللشريعة الاسلامية ومن ذلك استهداف البلاد التي يسكنها المسلمون بالتفجيرات العشوائية التي تقتل المسلم وغير المسلم بغير حق او ذنب ودن ان يكون ممن يحمل السلاح فهذا من غير الجائز في الاسلام . وقتل غير المنتصبين للقتال من النساء والأطفال من غير المحاربين أمر لا يجوز في الاسلام وإعلان الحرب على كل الذميين دون تمييز بين المحارب وغير خطبة الجمعة بتاريخ 25 محرم 1424



لسماحة المفتي العام الشيخ العلامة عبد العزيز آل شيخ حفظه الله



الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الدجى , أما بعد :

فهذا تفريغ لخطبة سماحة المفتي العام عبد العزيز آل شيخ- حفظه الله-,التي ألقاها يوم الجمعة 25/01/1424 , وكانت تحت عنوان الحضارة الغائبة والحضارة الكاذبة , وقد تناول فيها سمحاته مجموعة من النقط نلخصها في يلي :
1- النعمة العظمى. 2- محاسن الإسلام. 3- العرب قبل الإسلام. 4- العرب في الإسلام. 5- كذب الحضارة الغربية. 6- عدل الإسلام ورحمته في السلم والحرب. 7- أوضاع المسلمين المزرية. 8- جواب من يسألون عن الجهاد.

والآن مع النص الكامل للخطبة :




الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين , أما بعد :

فيا أيّها النّاس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

عبادَ الله، أعظمُ نعمةٍ منَّ الله بها على عبادِه هدايتُهم للإسلام، فالإسلامُ أعظمُ النّعم وأجلّها وأكبرُها قدرًا،<< الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً>> [المائدة:3]،<< لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين>>[آل عمران:164].

دينُ عقيدةٍ وعمل،<< وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ>> [البينة:5]. دينُ دعوة وعلمٍ وهدى،<< قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ>> [يوسف:108]. دينُ العدلِ والإحسان، <<إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ>>[النحل:90]. دينٌ جاء ليبقَى، فقد كُتِب له الخلود والبقاء،<<هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً>> [الفتح:28]. دينٌ محفوظ بحِفظ الله له من أن تتطرَّقَ له أيدي العابثين زيادةً أو نقصاناً، تحريفاً أو تغييراً، إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر:9]. دينٌ ضمِن الله لأهلِه أن يكونَ في الأرض من يقيم حجَّةَ الله إلى أن يرِث الله الأرضَ ومن عليها، وفي الحديث الصحيح: ((ولا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ الله))(1). دينٌ شرعَه الله جلّ وعلا، وبعث بِه عبدَه ورسولَه محمّدًا ، ليس هذا الدين نتيجةً أفرزتها عقولُ البشَر ولا تجاربُها، وليست حضارةً مرّت فعبرت وانقطع ذكرُها، وليس هذا الدينُ فقرةً ثقافيّة أملاها التِقاء العقولِ والثقافات، ليست طفرةً فكرية أنشأها التقاءُ العقول والثقافات، ولكنّه التشريع من الحكيم الحميد.

أيّها المسلمون، كان العربُ قبلَ الإسلام يعيشون جاهليّة جهلاء وضلالةً عمياء، لا يعرِفون حقًّا من باطل ولا هدًى من ضلال، ولا يميِّزون بين معروفٍ ومنكر، غارقين في الوثنيّة، في جهالة وضلالةٍ وعمى، << وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ >>[الأنفال:26],<< وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا>>[آل عمران:103]. لم تستطِع لغتُهم يوماً من الأيّام أن توحِّد صفوفَهم، لم تستطِع أن تجمعَ شتاتَهم، فالحروب الطّاحنة بين العرب قائِمة، لم تستطِع عاداتُهم وأخلاقهم أن [تجمعَهم] تحت لواءٍ واحِد، عصبيّةٌ وحميّة جاهليّة، فلمّا جاء الله بالإسلام هداهم به من الضّلال، وجمعَهم به بعدَ الفُرقة، وأعزَّهم به بعدَ الذلّة، وهداهم به من الغوايَة، فكانوا ملوكَ الأرض بهذا الدّين وحدَه لا بسِواه، قال قتادة رحمه الله: كان هذا الحيّ من العرَب أذلَّ الناس ذلاّ، وأعراهم جلوداً، وأجوعَهم بطوناً، وأبينَهم ضلالة، قومٌ يُظلَمون ولا يَظلِمون، وقومٌ بين فارسَ والروم لا وزنَ ولا قيمةَ لهم، فجاءَ الله بالإسلامِ، فأعطى بِه ما رأيتُم، فاشكروا الله على نعمة الإسلام
(2) .

كان العربُ قبلَ الإسلام ما بين خاضع وذالّ للحكم الفارسي، وما بين من هو خاضعٌ للحكم الرومانيّ، وكلّهم في ذلّ وهوان وفاقة، فلمّا جاء الإسلام واعتنقوا الإسلامَ وآمنوا به كانوا خيارَ الناس بهذا الدين وحدّه، فالحمد لله على نعمة الإسلام. فالعرب لا عزَّ لهم ولا مجدَ لهم ولا قوةَ لهم إلاَّ إذا تمسَّكوا بهذا الدّين علماً وعمَلاً، وحكَّموا شرعَ الله في كلّ أحوالهم، فالعزّ والتمكين كائنٌ لهم بتوفيقٍ من الله وفضل.

أمّة الإسلام، قبلَ الإسلام حضاراتٌ قامت على الظلم والجور والعدوان، فلمّا جاء الله بالإسلام أزال به تلك المظالمَ، وهدَم ذلك البنيانَ القائم على غير هدى، وأقام دولةَ الإسلام، دولةَ العدلِ والرحمة والإنصاف، دولةَ الخيرِ والهدى، <<وَمَا أَرْسَلناكَ إِلاَّ رَحْمَةً للّعالَمِينَ>> [الأنبياء:107].

أيّها المسلمون، يعيش العالمُ اليوم في معظَم أحوالِه حضارةً غربيّة ماديّة جوفاء، ترفع شعاراتٍ هي أبعدُ الناس، هي أبعد الناس عن تلكمُ الشعارات التي ترفعُها وتنادِي بها، نَعَم إنّهم خدعوا الناسَ بشعاراتِهم الزّائفة التي يزعمون أنّهم يحقِّقون بها للبشريّة العدالةَ والإنصاف، ولكنّهم أولُ النّاس مناقضةً لها عندما لا تتّفق مع مصالحهم الماديّة. قالوا: نحن نرعَى حقوقَ الإنسان، ونهتمّ بحقوق الإنسان، ونقومُ بحقوق الإنسان، وقد كذَبوا والله، فما أعطوا الإنسانيّةَ حقَّها، بل ظلموا الإنسانَ في كلّ أحوالهم. قالوا: نحن نَرعى حقَّ المرأة، وننصِفها في مجتمعها، والله يعلم إنّهم لكاذبون، فالمرأة تئِنُّ من ظلمِهم وعدوانهم. قالوا: نحن نحترم المواثيقّ والعهود في الحرب والسلم، وقد فضحهمُ الله، فكشَف أستارَهم، وبيَّن تناقضَهم، أين الالتزام بالمواعيد والعهود في الحرب؟ أين الالتزام بها، والأبرياءُ والعُزَّل من المسنِّين والنّساء والأطفال يصَبّ عليهم أنواعُ العذاب بلا بتميز؟! أين الوفاءُ بالعهود في استعمال أسلحةِ الدّمار التي أهلكتِ الحرثَ والنسل، لوّثتِ المياهَ وأحدثت الفساد؟! أين المعاهداتُ في استعمال أسلحة تبقَى آثارُها السيئة، تعقِم الرجالَ، تشوِّه الأجنّة، تفعَل كلَّ الأفاعيل السيّئة، بل يستمرّ ضررُها عشراتِ السنين؟! أين المواثيقُ من دفنِ النفاياتِ الضارّة السامّة التي تترك أثرَها في الأرض سنينَ عديدة؟! إنَّ المواثيق والعهودَ في الحرب لم يطبِّقها أحدٌ منهم، هي فقط مجرَّدُ شعارات لا أرضَ لها في الواقع، إنَّه الظلمُ والعدوان والتسلّط على البشريّة بكلِّ ما يسمَّى من تسلّطٍ وظلم وعدوان.

أيّها المسلمون، إنَّ دينَ الإسلام هو دين الرحمةِ في الأحوال كلِّها، ففي السِّلم دينُ عدلٍ وإنصاف واحترام للمواثيق والتزامٍ للعهود وإعطاءِ المستأمَنين أمانَهم والوفاءِ لهم بحقوقِهم، وفي حالِ الحرب عدلُ الإسلام، لا يقتَل طفل ولا امرأةٌ ولا مسنّ ولا راهبٌ في صومَعَته، ولا يفرِض على النّاس أمورًا لا يريدونها، الإسلامُ لم يكن متطلِّعًا لسفكِ الدّماء، ولكنَّ الرحمة والإحسانَ هو الذي جاء به الإسلام، [جاء] بالرّحمة والعدلِ والقيام بالواجب،<< لا إِكْرَاهَ فِى الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ>> [البقرة:256].

أمّة الإسلام، لقد أصبحَت أجسادُ المسلمين حقولا لتجارُب الأسلِحة الفتّاكة التي يريد تجريبُها واستعمالها، فأجسادُ المسلمين وبلادُهم حقولُ التّجاربِ لهذه الأسلِحة الفتّاكة المجرِمة، وذاك بأسبَاب ذنوبِ العباد، <<وَمَا رَبُّكَ بِظلامٍ لّلْعَبِيدِ>> [فصلت:46].

فعلى المسلمِين تقوى الله في أنفسِهم، والاستقامة على دينِهم، والرجوع إلى الله، والإنابة إليه، والالتجاء إليه، آناء الليل وأطراف النهار.

إنَّ هذه الأحداث الجسام لا يعالِجها مجرّد قيلٍ وقال، ولكنّها الحكمة والبصيرة والتأنّي في الأمور في علاج هذه المشكلاتِ والنازلةِ الجسيمة، فنسأل الله أن يوفّقَ ولاة أمر المسلمين لما فيه خيرُ الإسلام في الحاضر والمستقبل، وعلاج هذه النوازل بما يدرَأ عن الأمّة شرَّها وضرَرَها، إنّه على كل شيء قدير.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:<< وَمَا أَصابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ >>[الشورى:30].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.

عبادَ الله، يتساءل كثيرٌ من شبابِنا، يتساءلون فيقولون: متَى يكون الجهادُ متعيِّناً على الفردِ المسلم؟ وهل هنا وقتٌ صار الجهاد فيه متعيِّناً؟ نقول: يا أخي المسلم، الجهادُ بلا شكّ خلقٌ عظيم، وفضلُه كبير، ولا يشكّ في فضلِه مسلم، فقد دلَّ الكتاب والسنةُ على فضلِه وشرفِه، لكن يا أخي المسلم، اعرِف أمورًا مهمّة:

أوّلاً: الجهادُ لا يكون جهاداً حقًّا إلا إذا قصَد به المجاهدُ إعلاءَ كلمة الله، ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)).(3)
ثانياً: استرضاءُ الأبوين عند جهادِ التطوّع، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم قال لمن استأذنه في الجهاد: ((أحيٌّ والداك؟))، قال: نعم، قال: ((ارجع، ففيهما فجاهد)). (4)
أمرٌ آخر: تفكَّر أيّ رايةٍ تقاتل تحتها؟ ومع من تقاتِل؟ ولغاية من تقاتل؟ لا بدّ من تدبّر هذه الأمور لتعلمَ أنَّ الحكمةَ لا بدَّ من استعمالها، فليس الهدفُ أن تخرجَ من بلادك، وتزجَّ بنفسِك في أمورٍ أنت لا تحسِن تدبيرها، ولا تدرِك نتائجَها، ولكن تقع في شرَك من البلاء لا يعلمُه إلا الله.

فوصيّتي لك تقوى الله، وأن تستقيمَ على الهدى، وتسألَ الله للإسلام والمسلمين العزَّ والتمكين، ولمن أرادَهم بسوء الذلَّ والهوان. وأمّا أن تزجَّ بنفسك في أمرٍ لا تحسن أمرَه، ولا تدري عن غاياتِه، ومع من تقاتِل؟ وتنصُر مَن؟ إلى آخر ذلك، فتدبَّر الأمرَ تدبّراً صحيحًا لتكونَ على بصيرةٍ في أمورك كلِّها.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنَّ أحسنَ الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

وصلوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمّد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى:<< إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً >>[الأحزاب:56].

اللهم صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين...


آنتهى
--------------------------------------------------------------------------------
1) أخرجه مسلم في الإمارة =1920= من حديث ثوبان رضي الله عنه بنحوه. .
2) أخرجه الطبري في تفسيره =4/37، 9/220= بنحوه. .
3) أخرجه مسلم في الإمارة *1920* من حديث ثوبان رضي الله عنه بنحوه. .
4) أخرجه الطبري في تفسيره *4/37، 9/220* بنحوه. .

---------المحارب لم يجزه الاسلام .