تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع الدكتور مصطفى محمود*


عبدو441
2012-11-11, 17:02
*( لقد خلقنا الإنسان في كبد )
------------------------------
مقال جد رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود
الناس سواسية.. فقراء كانوا أم أغنياء
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.
و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و
التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و
السكر و الضغط
و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من
الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.
و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا
يعرف طعم الراحة.
و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة
لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى
الدمار.
و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه
ذليلا لنزواته.
و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.
و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء
الدنيوي متقارب.
فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل
كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال
الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.
إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و
في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.
و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن
الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه
الكذاب لما كذب.
و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و
لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا
متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق
الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل..
يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر
و تباين الدرجات و الهيئات
و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس
تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى
العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس تمضغ شقاءها
و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة
بخالقها المتمردة على أفعاله.
و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء
الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى
الجحيم.
أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة
تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما
تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو
على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا
ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.
أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و
لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا
تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر

العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض
الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر
المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و
تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي
من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك
الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا
تجدي تذكرة.
و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم
أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا
دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة
القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى
أصحاب العقول بمجادلاتهم.
أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة
و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و
أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.
من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته

الجليس الصلح
2012-11-11, 19:07
موضوع شيق وجميل بارك الله فيك

Dj BoBo
2012-11-12, 23:35
http://www7.0zz0.com/2012/08/05/05/179814356.gif

~عبق الجنة ~
2012-11-16, 08:03
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا