أبو مصعب الجزائرى
2009-03-20, 02:40
نموذج للسلفية الأمريكية المزعومة
بسم الله الرحمن الرحيم
تحدث المفكر مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة عن أحد مركبات النقص التي أصابت الحركة الإصلاحية بالجزائر آنـذاك، وهو أن علماء الحركة ودعاتها نزلوا إلي أوحال السياسة والمعارك الانتخابية والتي كان يسميها بمـعارك الأوثان! فوقعوا بالوحل حتي تلطخت ثيابهم البيضاء وصار هدفهم الإصلاحي ملطخاً بالأوحال وساقطاً لا قيمة له!
نحن الآن أمام نموذج جديد من أشكال السقوط لبعض فئات الحركة الإسلامية، بيـد أن هذا السقوط المريع يتميز عن سابقيه بأنه أكثر انحداراً وانصباباً إلي القاع الذي يقبع في أسفل منحدر مستنقع آسن..! والسبب لأن أخطاء الحركات الإسلامية السابقة، لا ترقى ولا تصل إلي ما وصلت إليه الآن، لأن ما يحدث الآن علي يدها هو انسلاخ بالكامل، وتمزيق للهوية، وبيع مبادئ، وتزييف ثوابت شرعية، وتمييع دين !
والحق أقول لكم بأن الخطر الذي نشأ في جسد الأمة من هذه الحركات وسريانه بالمسلمين ربما ينافس خطر الكفار علي الإسلام الحقيقي والمجاهدين الذين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، لأن شر تلك الملل والطوائف واضح للعيان وتمكنهم مواجهته لأنه مكشوف خطره، ظاهرة سوءته، بيد أن مثل تلك الحركات التي تلبس زي الإسلام وتتقمص قميصه، وهي في نفس الوقت تفرّغ الإسلام من محتواه الحقيقي وتصرف الشعوب عن الهدف الأول والحقيقي للإسلام وهو أن (يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) وبذلك تكون هذه الحركات قد نجحت بما عجز عنه الكفار وخدمتهم أيما خدمة فلقد استطاعوا وبحنكة شرعية وبمنهج الاتباع -المزعوم!- أن يخلقوا للمسلمين نموذجاً فريداً للإسلام الأمريكي السلفي! ذلك الإسلام الذي يحصر أسماء الله وصفاته في الإثبات اللغوي، ولكنه يلغيها من قاموس التحاكم ..! ذلك المنهج الذي يفرغ حتي المساجد من دورها الحقيقي الذي يخرج ويعد كتائب الحق الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ، وتحويلها عبر إثبات الوطنية لولي الأمر إلي دور للعبادة لكنها تختلف عن باقي دور العبادة بأنها لا يرفع فيها الصليب ولا تدق فيها الأجراس ..! ذلك المنهج الذي ينحر علي عتبات السلاطين مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..! ذلك المنهج الذي تلوي من خلاله الأدلة الشرعية بما يتلاءم مع المصلحة الشرعية التي ترضي ولي الأمر وتبقي له كرسيه المزوق ..!
وأما آيات الجهاد الصريحة الواضحة البينة القطعية الدلالة .. وأما عن آيات إقامة دولة الله الحقيقية في الأرض.. فليس لها محل عند أرباب هذا المنهج سوي في المد والإدغام والإشمام .. ْوَتَغَنَّوْا بِالْقُرْآنِ فَمَنْ لَمْ يَتـَغـَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنـَّا!
هل تصدقون يا معاشر السادة بأنه قبل ثلاثة أشهر أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في أحدي الدول الخليجية .. قراراً يمنع بموجبه خطباء وأئمة المساجد من الدعاء علي اليهود والنصاري .! لكنما الاستهجان ليس هنا، وإنما بمسارعة إحدي الجماعات التي ترتدي ثوب السلفية بإصدار بيان رسمي موقع منها تتبنى فيه هذه القرار وتتبرع بتحويله إلى فتوى أيضا ..! بحجة أنه يجوز من باب السياسة الشرعية التي يراها ولي أمر المسلمين أنها تحقق مصلحة الإسلام والمسلمين أن يطلب من الدعاة والخطباء التوقف عن الدعاء علي فئات معينة من الكفار لما بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق ومصالح تتعطل بلعنهم ..
الرائق في الأمر حقاًُ أن الرئيس الأمريكي لم يصدر بياناً مماثلاً لخطبائهم ودعاتهم من السدنة والقساوسة، ولكنه تجاوز قضية الدعاء التي ربما تضر بالمصالح الأمريكية مع الدول التي ترتبط معهم بمواثيق وعلاقة وصداقة مزعومة، وتعامل بالمصلحة الشرعية الخاصة به مباشرة، فأصدر تشريعا في الأسبوع الفائت يجبر الإدارة الأمريكية قاطبة علي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..!
فكم هو رائق حقاً أن تراعي تلك الجماعات التي شوهت اسم السلفية مصالح ولاة أمورنا الشرعية المزعومة في الوقت الذي يكون فيه جورج بوش سلفيا في معتقده أكثر منهم ..! ولكن إن كان الحديث يقول إن لم تستح فاصنع ما شئت فإن واقع الحال يقول أيضا .. إذا انسلخت من دينك وزيفت ثوابته فتعر إذن أين ما شئت ..!
والرائق كذلك في الأمر أننا نقرأ الفاتحة أكثر من سبع عشرة مرة في اليوم ونقرأ في آخرها (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ..) ثم نؤمن جميعاً (آمين) لكن الحمد لله أن القرآن لم يسم لنا من هم المغضوب عليهم ولا الضالون في هذه السورة التي وجب الجهر بها يوميا.. وربما لأنه يراعي المصلحة الشرعية لولاة الأمر!.. وعلاقة الصداقة الوثيقة ..!
النموذج السلفي الأمريكي لم يقف عند هنا فحسب ..! بل أن أكبر الجمعيات السلفية بالخليج أصدرت بياناً مقتضباً بعد أحداث سبتمبر التليدة وقالت فيه بالنص إننا نقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب.. !
إذن نحن نجد أنفسنا ملزمين بأن نسمي الأمور بمسمياتها الشرعية، فما نراه هو انسلاخ من الثوابت الشرعية كما أسلفنا وليس مجرد أخطاء يمكننا تجاوزها، ولأن الاختلاف الآن قد صار جذرياً حيث أن المنهج السلفي الحق لا يلتقي مع العبث السلفي الأمريكي اللهم سوي بالثوب واللحية ..! ولكن هل تريدون أوضح من هذا ..!؟ حسناً يقول الله تعالي (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّي يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) هذه الآية القطعية الدلالة يتعامل معها أصحاب المنهج السلفي الحق بوضوح شديد بينما أهل العبث ومهرجو السلفية صاروا يسمون الجهاد كما تسميه أمريكا (بالعنف والإرهاب) ..!
ربما يقفز علينا أحدهم ويصيح .. أتحدثنا عن القتال ونحن لا نملك أسبابه؟ فأقول لست الآن في مناقشة شرعية لمن بذلوا الأسباب فخذلتموهم.. ولكننا لا نطلب منكم سوى أن تبقوا لكم شيئاً من مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..!
لكن العجز والسقوط يا أيها الاخوة لم يقف عند تطويع وتحوير مفهوم الولاء والبراء ليلائم متطلبات المصلحة الشخصية السياسية لولي الأمر المزعوم، لكن هؤلاء العابثين قد ارتقى بهم الحال فوصلوا إلي أحط أنواع الخيانة الشرعية في ديننا الإسلامي، فعلى قدر ما تجد أصحاب المنهج السلفي الحق يبذلون جهدهم ووسعهم في إعلاء راية الله في الأرض ويبذلون حتي أرواحهم وكل غال ونفيس، تجد هؤلاء علي النقيض تماماً فهم يبذلون وسعهم وجهدهم في تأصيل شرعية مذلتنا وضياع كرامتنا أمام الأعداء ..! بل وجعل أي طريق لاسترداد عزتنا بالجهاد هو من الأمور التي تضر بمصلحة ولي الأمر السياسية ..! فعجباً أن يقول الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه في الحديث المتفق ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا .. فيأتي هؤلاء العلامات.. والسماحات وأصحاب الفضيلة.. ليؤصلوا لكل القوم الذين تركوا الجهاد فذلوا بل صاروا قطعاناً من الخراف.. ويؤصلوا لهم مشروعية هذا الذُل ..! وشرعية فقدان الكرامة، ما دامت الكرامة سوف تضر بالمصلحة السياسية لولي الأمر ..!
قبل أيام فقط.. تحدث وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد وقال مخاطباً الشعب الكويتي نحن مهددون بالكيماوي ولا بد أن يصيبنا طشار فنحن في قلب الحدث وغطى تصريحه صدر الصفحات الأولي لكل الصحف الكويتية الخمس، فهبطت البورصة، وعلت بعض الأسعار، وارتج شعبنا المسكين وصار حديثهم وما يزال عما سيفعلونه في حال اقتراب ساعة الصفر للضربة الأمريكية علي العراق .. وفي هذه اللحظات الحرجة تخيلوا معي أن تصدر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عندنا بياناً رسمياً لخطبائها وأئمتها بعدم الخوض في مسألة الضربة الأمريكية للعراق ..!وأشار البيان إلي عدم التطرق إلي أي قضية سياسية من علي المنابر البتة، ومن يخالف ذلك سوف يحال للتحقيق! ولكن ستزال الدهشة إن عرفتم أن الوزير الحالي للوزارة هو أحد السلفيين البرلمانيين والذي يتميز بحس وطني فريد .. فهو يرفع شعار السلفية .. لكن الوطنية فوق كل شيء ..!
هل رأيتم كيف غدت المساجد في ظل السلفية الجديدة ؟ وكيف أنحصر دورها في أداء الصلوات الخمس فقط، ألستم معي في أننا أمام تأصيل جديد للعلمانية ..!؟ إنها العلمانية السلفية ...!ألا ترون أن شيخ الإسلام الخاص لهذه الفئة السلفية المزعومة هو الإمام العلامة أنور السادات..!؟ وهم على آثاره مقتدون ..! فلا سياسة بالدين ولا دين بالسياسة!
معاشر النبـلاء ؛
في السابق قال المفكر مالك بن نبي أن الدعاة بدخولهم إلي المعارك الانتخابية قد دخلوا إلي معارك الأوثان، لكن واقع الحال يقول أن بعض دعاة هذا العصر لم يقتصر تقهقرهم ونكوصهم عن المنهج الحق بدخولهم إلي تلك المعارك الوثنية فحسب ولكنهم تجاوزا القنطرة وشبوا عن الطوق فصاروا هم من دعاة الأوثان وحماة الوثنية ..!
الكاتب : محمد المليفي
بسم الله الرحمن الرحيم
تحدث المفكر مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة عن أحد مركبات النقص التي أصابت الحركة الإصلاحية بالجزائر آنـذاك، وهو أن علماء الحركة ودعاتها نزلوا إلي أوحال السياسة والمعارك الانتخابية والتي كان يسميها بمـعارك الأوثان! فوقعوا بالوحل حتي تلطخت ثيابهم البيضاء وصار هدفهم الإصلاحي ملطخاً بالأوحال وساقطاً لا قيمة له!
نحن الآن أمام نموذج جديد من أشكال السقوط لبعض فئات الحركة الإسلامية، بيـد أن هذا السقوط المريع يتميز عن سابقيه بأنه أكثر انحداراً وانصباباً إلي القاع الذي يقبع في أسفل منحدر مستنقع آسن..! والسبب لأن أخطاء الحركات الإسلامية السابقة، لا ترقى ولا تصل إلي ما وصلت إليه الآن، لأن ما يحدث الآن علي يدها هو انسلاخ بالكامل، وتمزيق للهوية، وبيع مبادئ، وتزييف ثوابت شرعية، وتمييع دين !
والحق أقول لكم بأن الخطر الذي نشأ في جسد الأمة من هذه الحركات وسريانه بالمسلمين ربما ينافس خطر الكفار علي الإسلام الحقيقي والمجاهدين الذين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، لأن شر تلك الملل والطوائف واضح للعيان وتمكنهم مواجهته لأنه مكشوف خطره، ظاهرة سوءته، بيد أن مثل تلك الحركات التي تلبس زي الإسلام وتتقمص قميصه، وهي في نفس الوقت تفرّغ الإسلام من محتواه الحقيقي وتصرف الشعوب عن الهدف الأول والحقيقي للإسلام وهو أن (يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) وبذلك تكون هذه الحركات قد نجحت بما عجز عنه الكفار وخدمتهم أيما خدمة فلقد استطاعوا وبحنكة شرعية وبمنهج الاتباع -المزعوم!- أن يخلقوا للمسلمين نموذجاً فريداً للإسلام الأمريكي السلفي! ذلك الإسلام الذي يحصر أسماء الله وصفاته في الإثبات اللغوي، ولكنه يلغيها من قاموس التحاكم ..! ذلك المنهج الذي يفرغ حتي المساجد من دورها الحقيقي الذي يخرج ويعد كتائب الحق الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ، وتحويلها عبر إثبات الوطنية لولي الأمر إلي دور للعبادة لكنها تختلف عن باقي دور العبادة بأنها لا يرفع فيها الصليب ولا تدق فيها الأجراس ..! ذلك المنهج الذي ينحر علي عتبات السلاطين مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..! ذلك المنهج الذي تلوي من خلاله الأدلة الشرعية بما يتلاءم مع المصلحة الشرعية التي ترضي ولي الأمر وتبقي له كرسيه المزوق ..!
وأما آيات الجهاد الصريحة الواضحة البينة القطعية الدلالة .. وأما عن آيات إقامة دولة الله الحقيقية في الأرض.. فليس لها محل عند أرباب هذا المنهج سوي في المد والإدغام والإشمام .. ْوَتَغَنَّوْا بِالْقُرْآنِ فَمَنْ لَمْ يَتـَغـَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنـَّا!
هل تصدقون يا معاشر السادة بأنه قبل ثلاثة أشهر أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في أحدي الدول الخليجية .. قراراً يمنع بموجبه خطباء وأئمة المساجد من الدعاء علي اليهود والنصاري .! لكنما الاستهجان ليس هنا، وإنما بمسارعة إحدي الجماعات التي ترتدي ثوب السلفية بإصدار بيان رسمي موقع منها تتبنى فيه هذه القرار وتتبرع بتحويله إلى فتوى أيضا ..! بحجة أنه يجوز من باب السياسة الشرعية التي يراها ولي أمر المسلمين أنها تحقق مصلحة الإسلام والمسلمين أن يطلب من الدعاة والخطباء التوقف عن الدعاء علي فئات معينة من الكفار لما بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق ومصالح تتعطل بلعنهم ..
الرائق في الأمر حقاًُ أن الرئيس الأمريكي لم يصدر بياناً مماثلاً لخطبائهم ودعاتهم من السدنة والقساوسة، ولكنه تجاوز قضية الدعاء التي ربما تضر بالمصالح الأمريكية مع الدول التي ترتبط معهم بمواثيق وعلاقة وصداقة مزعومة، وتعامل بالمصلحة الشرعية الخاصة به مباشرة، فأصدر تشريعا في الأسبوع الفائت يجبر الإدارة الأمريكية قاطبة علي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..!
فكم هو رائق حقاً أن تراعي تلك الجماعات التي شوهت اسم السلفية مصالح ولاة أمورنا الشرعية المزعومة في الوقت الذي يكون فيه جورج بوش سلفيا في معتقده أكثر منهم ..! ولكن إن كان الحديث يقول إن لم تستح فاصنع ما شئت فإن واقع الحال يقول أيضا .. إذا انسلخت من دينك وزيفت ثوابته فتعر إذن أين ما شئت ..!
والرائق كذلك في الأمر أننا نقرأ الفاتحة أكثر من سبع عشرة مرة في اليوم ونقرأ في آخرها (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ..) ثم نؤمن جميعاً (آمين) لكن الحمد لله أن القرآن لم يسم لنا من هم المغضوب عليهم ولا الضالون في هذه السورة التي وجب الجهر بها يوميا.. وربما لأنه يراعي المصلحة الشرعية لولاة الأمر!.. وعلاقة الصداقة الوثيقة ..!
النموذج السلفي الأمريكي لم يقف عند هنا فحسب ..! بل أن أكبر الجمعيات السلفية بالخليج أصدرت بياناً مقتضباً بعد أحداث سبتمبر التليدة وقالت فيه بالنص إننا نقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب.. !
إذن نحن نجد أنفسنا ملزمين بأن نسمي الأمور بمسمياتها الشرعية، فما نراه هو انسلاخ من الثوابت الشرعية كما أسلفنا وليس مجرد أخطاء يمكننا تجاوزها، ولأن الاختلاف الآن قد صار جذرياً حيث أن المنهج السلفي الحق لا يلتقي مع العبث السلفي الأمريكي اللهم سوي بالثوب واللحية ..! ولكن هل تريدون أوضح من هذا ..!؟ حسناً يقول الله تعالي (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّي يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) هذه الآية القطعية الدلالة يتعامل معها أصحاب المنهج السلفي الحق بوضوح شديد بينما أهل العبث ومهرجو السلفية صاروا يسمون الجهاد كما تسميه أمريكا (بالعنف والإرهاب) ..!
ربما يقفز علينا أحدهم ويصيح .. أتحدثنا عن القتال ونحن لا نملك أسبابه؟ فأقول لست الآن في مناقشة شرعية لمن بذلوا الأسباب فخذلتموهم.. ولكننا لا نطلب منكم سوى أن تبقوا لكم شيئاً من مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..!
لكن العجز والسقوط يا أيها الاخوة لم يقف عند تطويع وتحوير مفهوم الولاء والبراء ليلائم متطلبات المصلحة الشخصية السياسية لولي الأمر المزعوم، لكن هؤلاء العابثين قد ارتقى بهم الحال فوصلوا إلي أحط أنواع الخيانة الشرعية في ديننا الإسلامي، فعلى قدر ما تجد أصحاب المنهج السلفي الحق يبذلون جهدهم ووسعهم في إعلاء راية الله في الأرض ويبذلون حتي أرواحهم وكل غال ونفيس، تجد هؤلاء علي النقيض تماماً فهم يبذلون وسعهم وجهدهم في تأصيل شرعية مذلتنا وضياع كرامتنا أمام الأعداء ..! بل وجعل أي طريق لاسترداد عزتنا بالجهاد هو من الأمور التي تضر بمصلحة ولي الأمر السياسية ..! فعجباً أن يقول الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه في الحديث المتفق ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا .. فيأتي هؤلاء العلامات.. والسماحات وأصحاب الفضيلة.. ليؤصلوا لكل القوم الذين تركوا الجهاد فذلوا بل صاروا قطعاناً من الخراف.. ويؤصلوا لهم مشروعية هذا الذُل ..! وشرعية فقدان الكرامة، ما دامت الكرامة سوف تضر بالمصلحة السياسية لولي الأمر ..!
قبل أيام فقط.. تحدث وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد وقال مخاطباً الشعب الكويتي نحن مهددون بالكيماوي ولا بد أن يصيبنا طشار فنحن في قلب الحدث وغطى تصريحه صدر الصفحات الأولي لكل الصحف الكويتية الخمس، فهبطت البورصة، وعلت بعض الأسعار، وارتج شعبنا المسكين وصار حديثهم وما يزال عما سيفعلونه في حال اقتراب ساعة الصفر للضربة الأمريكية علي العراق .. وفي هذه اللحظات الحرجة تخيلوا معي أن تصدر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عندنا بياناً رسمياً لخطبائها وأئمتها بعدم الخوض في مسألة الضربة الأمريكية للعراق ..!وأشار البيان إلي عدم التطرق إلي أي قضية سياسية من علي المنابر البتة، ومن يخالف ذلك سوف يحال للتحقيق! ولكن ستزال الدهشة إن عرفتم أن الوزير الحالي للوزارة هو أحد السلفيين البرلمانيين والذي يتميز بحس وطني فريد .. فهو يرفع شعار السلفية .. لكن الوطنية فوق كل شيء ..!
هل رأيتم كيف غدت المساجد في ظل السلفية الجديدة ؟ وكيف أنحصر دورها في أداء الصلوات الخمس فقط، ألستم معي في أننا أمام تأصيل جديد للعلمانية ..!؟ إنها العلمانية السلفية ...!ألا ترون أن شيخ الإسلام الخاص لهذه الفئة السلفية المزعومة هو الإمام العلامة أنور السادات..!؟ وهم على آثاره مقتدون ..! فلا سياسة بالدين ولا دين بالسياسة!
معاشر النبـلاء ؛
في السابق قال المفكر مالك بن نبي أن الدعاة بدخولهم إلي المعارك الانتخابية قد دخلوا إلي معارك الأوثان، لكن واقع الحال يقول أن بعض دعاة هذا العصر لم يقتصر تقهقرهم ونكوصهم عن المنهج الحق بدخولهم إلي تلك المعارك الوثنية فحسب ولكنهم تجاوزا القنطرة وشبوا عن الطوق فصاروا هم من دعاة الأوثان وحماة الوثنية ..!
الكاتب : محمد المليفي