تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حلقات "حسين" في محراب القرآن والضاد.


علي قسورة الإبراهيمي
2012-10-22, 02:44
بسم الله الرحمن الرحيم
طابت أَوقاتكم آل "الجلفة " بما تهوى الأنفس.
كأني بزهر قد أنضر برَوْح النسيم، ديباجة وجهه الوسيم، حين ازهي صحيفة انتظمت سطورها في طروسها كالدر النظيم.
ولسان الحال يقول:
ولمّا نــــأيتم فلم أقتدر** أسير لحضرتكم بالقدمِ
وصلتُ إليكم بقلبٍ شجيٍّ ** وخاطبتكم بلسان القلمِ.
هذه حلقات وجلسات درس
وأمشاج نبض صادق يندلق على جدد روح ذات يبس
سقاها الله من أيام ما أجملها، وما ابهاها! رغم ما فيها من حفظٍ لكل ما يُقرأ ويُقال.
جلسات دروس حسين ــ رحمه الله ــ وما للضاد ومدارسة القرآن الكريم من الأثر الجميل.
فكانت حرث يباسٍ، ومع ذلك
فـقد اخضلّ، ثم أخضرّ واستوي على سوقه ليعجبَ الباحثين بنهمٍ عن العلم، ويسرّ الطالبين لذلك العلم.
ذروني أن أعيدَ على اذهانكم حلقات تلك الدروس.
فأجد نفسي أرفع على مسامعكم حلقات بيّنات، وما وقع لي ما ذلك " الحسين "
لعلني أعيد لكم تجاويد وأشياء قد تشتهيها أنفسكم إن أراد الله، وشاء.
سأرحل وإياكم مع كل إشراقة مداخلة إلى مكنون الضاد، وما تمّ تأويله وتفسيره من القرآن.
ناهيكم أن الأرواح لواقح لو تعلمون
فـاتخذوا على جوانب صفحتي مقاعد
إن كنتم إِيّاها ترقبون.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي

علي قسورة الإبراهيمي
2012-10-22, 02:48
يا أهل المنتدى، فأنتم بحق مثال عمل الصدى.
فهذه بكورة ما أنا اريد تقديمه.
وكما يقال: فإن الخير والنجاح في التبكير.
وإليكم .. فهاؤمُ .. اقرؤوا ..
.....
قال لي حسين ــ عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران :
ما الفرق بين " ما أشوقني له " و" ما أشوقني إليه "
وكذلك ما الفرق بين " ما أحب قسورة لسعيدٍ" و " ما أحب قسورةَ الى سعيدٍ".
فقدحت زناد افكاري، وصرتُ أبحثُ في ذهني وأُداري.. ولكن الجوابَ كان صمتًا.
فرمقني بنظرة عتاب مغلفة بغيظٍ ثم قال:
. فـ " ما أشوقني له " معناه أنني في شوق له و لكن " ما أشوقني إليه " معناه هو الذي في شوق إليّ.
وكذلك " " ما أحب قسورة لسعيدٍ "إذا كان قسورة يحب سعيدًا
و" ما أحب قسورةَ الى سعيدٍ " إذا كان سعيدٌ يحب قسورة.
ثم قال لي:
نستنتج من ذلك أننا نأتي باللام " لِـ " إذا كان المتعجب منه فاعلاً، ونأتي بـ " إلى " إذا كان المتعجب منه مفعولاً.
وعلى هذا المنوال كانت تلك الحلقات وتلك الدروس مع ذلك الذي يدعى "حسين "
والويل ثم الويل .. إن أنا لم استوعب أو لم احفظ ما يُتلى عليّ.
ومع " عذاب "آخر من حلقات حسين إن شاء الله
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2012-10-22, 11:01
كم اتذكره، ولا أنا عن ذكراه من الساهين
مرة قرأ عليّ قوله تعالى:
(( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير))
ثم طلب مني كتابتها.
وقال ما قولك في " أن يعفون " ؟ وماذا ترى؟
نظرتُ مليًّا وجليًّا
فكانتِ الغرابة مني بمكانٍ .. حين نظرت، وظننتُ أن " أن يعفون " وقد تعلمتُ سابقا أن :
أن : حرف نصب يبنى على السكون، ينصب الفعل المضارع.
وإن كان الفعل " يعفون " من الافعال الخمسة، فلابد أن تكون علامة نصبه حذف النون من آخره.
فبادرني حسين. ألا َترى أنّ النون لا تزال باقية. فكيف تبقى النون في الفعل المضارع المنصوب "يعفون "؟
فعجزتُ عن الرد، ولم أعرف من الآية الكريمة القصد.
عندها قال لي:
ليتك تقول لي عمن تتكلم عنه الآية الكريمة؟
فقلت : لا شك أنها تتكلم عن النساء وطلاقهن .
فقال حسين:
إذن قد فض الاشكال.
فالنون هنا هي نون النسوة
لهذا فإن الفعل " يعفون " ما هو إلاّ فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بأن المصدرية الناصبة.
إذن فالنون : نون النسوة، ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
ونستنتج من ذلك أن هناك فرق بين نون الثبوت، والنون النسوة.
والواو ليست واو الجماعة ، إنما هي واو الفعل.
وتقدير ما جاء الآية .. تعفو النساء وتسامح.
وبهذا فض الاشكال ، وعُرف معنى ما جاء في القرآن.
ولي عودة إن شاء الله.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2012-10-22, 17:08
سألني حسين ــ رحمه الله ــ مرة. ما حكم المعطوف على اسم الحرف المشبه بالفعل؟
فتشجعتُ وكأنني على ثقة كبيرة من نفسي، وأجبتُ:
حكم المعطوف على اسم الحرف المشبه بالفعل هو النصب سواء أ كان العطف قبل مجيء الخبر نحو:
إنّ الشتمَ والسبّ محرّمان، أم بعده نحو: إنّ الشتمَ محرمٌ والسبَّ.
فتبسم ــ رحمه الله ــ لثقتي بنفسي. ثم قال لي: صدقت، فيما قلتَ. ولكنه يجوز مع النصب وجهٌ آخر وهو الرفع.
فقطبتُ جبيني، وقلتُ له أنّى يكون ذلك؟!
فأجاب بنوعٍ من الثقة التامة، وقال: يكون الرفع بشرطين:
أحدهما: عند استكمال الخبر.
والثاني: أن يكونَ الحرف المشبه بالفعل ( إنّ، أو إنّ، أو لكنّ) مثل:
ــ إنّ التقاعسَ ممنوعٌ والتكاسلُ
ــ أعجبني أن سعيدًا حاضرٌ ونبيلٌ والعمال مشتغلون لكنّ ربَّ العمل غائب ومراقبُ العمال.
وحتى أبرهنُ لك على ذلك فالشاعر العربي يقول:
فمن يكُ لم يُنجب أبوه وأمّه ** فإنّ لنا الأم النجيبةَ والأبُ.
وإذا لم تقتنع فهاك هذا البيت من الشعر قاله شاعر من العرب الأقحاح:
وما قصّرتُ بي في التسامي خؤولة ** ولكن عمي الطيب الاصل والخالُ
وبدأ في شرح ذلك معلّلاً حين قال:
إنّ المرفوعَ بعد العاطف في مثل هذه الحالات، إن هو إلاّ مبتدأ حُذف خبره. أو هو معطوف على ضمير الرفع المستتر في الخبر، وذلك إن كان بين الخبر والمعطوف فاصل. وهذان الإعرابان جائزان في الشاهدين الأخيرين لأن المرفوع بعد حرف العطف مفصول بينه وبين الخبر.
وعلى الاعراب الأول يكون تقدير الخبر المحذوف في الشاهد الأول: لنا، وجملة ( لنا الاب) معطوفة على جملة ( لنا الأم النجيبة).
كما يكون تقديره في الشاهد الثاني: "الطيب الاصل"، وجملة (الخال الطيب الاصل) معطوفة على جملة ( لكن عمي الطيب الاصل)
وعلى الإعراب الثاني يكون العطف عطف مفرد على مفرد.
وعليه يقودنا الكلام الى تأمل ما جاء في قوله تعالى، والحكم عليه. يقول جلّ من قائلٍ:
(( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون))
وكَدليلٍ وبرهانٍ على أن العرب يقولون بذلك .. أسوق ما قاله ضابئ بن الحارث البرجمي، حيث يقول:
ومن يكُ أمسى بالمدينة رحلهُ ** فإني وقيار بها لغريبُ
وعليه فإنّ الاسمَ المرفوعَ في هذه الشواهد إمّا هو مبتدأ حُذف خبره، فهو مع خبره جملة معترضة بين اسم الحرف المشبه بالفعل وخبره، وإمّا مبتدأ خبره المذكور بعده، فيكون خبر الحرف المشبه بالفعل هو المحذوف وتكون جملة المبتدأ وخبره معطوفة على جملة الحرف المشبه بالفعل واسمه وخبره.
وعليه فإن ما جاء في الآية الكريمة.. أن التقدير فيها: " والصابئون كذلك "
وكذلك قول الشاعر البرجمي ، فالتقدير فيه : " وقيار غريب "
كما يقودنا الكلام للبرهنة على أن ما جاء بين طيات الآية الكريمة ألا تعارض فيه مع ما جاء في كلام العرب الاقحاح.
وهذا ردٌّ بليغ على الذين في قلوبهم زيغ، والذين لا هم سوى تخطئة القرآن الكريم.
فتعالى الله عما يقولون علوًّا كبير.
ثم أنتهى الدرس. ولكم أن تحكموا
تحياتي.

الجليس الصلح
2012-10-23, 07:10
شكرا على العرض

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-13, 14:25
شكرا على العرض





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجليس الصالح/ أيها الأخ الفاضل.

بادئ ذي بدءٍ
أعتذر إليك عن كل هذه المدة ولم أرد على تعليقك القيم.
وأقول للرجل الفاضل.
لا شكر على واجب
وإن شاء الله
أكمل ما بدأته
تحياتي يا فاضل

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-13, 14:29
يا أصحاب المنتدى، ليتكم تمدّون لي يدا.
وقبل أن أواصل خواطري .. ذروني أحييكم بتحية الاسلام.. فأقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرة أخرى، ومرات تترى
في يوم ما طلب مني حسين ــ رحمه الله ــ أن اقرأ على سمعه سورة الأنفال .. فقلتُ في نفسي ماذا يريد بذلك؟
وبدأتُ في السرد وأنا وجلٌ خشية أن ألحنَ في بعض كلمات السورة .
وما إن وصلت إلى هذه الآية الكريمة:
((وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير))
فإذا به يقول لي حسبك!.. ليتك تكتب الآية التي توقفتَ عندها.
ثم ليتك تؤشر بالاحمر على كلٍّ من :
1 ــ تكون فتنة
2 ــ يكون الدين كله لله.
ثم أخبرني عن عمل" كان" وأخواتها.
فقلت:
إن " كان " وأخواتها هي أفعال ناقصة تدخل على المبتدأ والخبر، فترفع الأول ويسمى اسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها.
فتبسم قائلا أحسنت يا فتى.. ولكن أخبرني
فهل " فتنة " اسم " تكون " ؟ وإن كانت كذلك أين الخبر؟
عندها كانت الطامة .. ولم أدرِ ما اقول، وتعلثم لساني، وانقبض جناني.
ثم أن في هذه الأمور فمن الاحسن هو الصمت، حتى لا يضيع الوقت.
عندها قال لي رحمه الله :
ليتك تتأمل جيدًا أن في هذه الحالة فـ " تكون" ليست من الأفعال الناقصة، بل هي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد حتى ، وعلامة نصبه الفتحة، وهو هنا بمعنى " تحدث " إذًا هو فعل تام
و " فتنةٌ " هنا : فاعل مرفوع للفعل التام " تكون " وعلامة رفعه تنوين الضم.
وتقدير كلام الآية الكريمة : " حتى لا تحدث فتنةٌ "
لأن هناك قاعدة تقول : ( تأتي "كان" تامة، إذا كانت بمعنى : " حدث، أو وجد، أو ثبت ..." )
وهي هنا في هذه الآية كذلك.
ثم سألني .. وهل في " يكون الدين كله لله"؟
ينطبق ما تكلمناه سابقًا، على " يكون" هذه؟
ولو كان كذلك ما إعرابُ، أو ما موقع الإعراب للجار والمجرور " للهِ"؟
وكالعادة أحتار جناني، وخرس لساني.
عندها قال حسين:
إذا قلنا: " يكون الدين " وسكتنا فلا محالة أن المعنى لا يتم هنا، لأن هناك بعض النقص، وهناك حاجة ماسة للإخبار: إذًا أن "يكون " فعل ناقص.
وعليه أن:
يكون: فعل مضارع ناقص وهو معطوف على ما قبله منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الدين: اسم " يكون " مرفوع وعلامة رفعه الضمة
لله : جار ومجرور متعلقان بخبر " يكون " المحذوف
وهنا لم ادرِ ما اقول.
وسكتُ ..والسكوت في مثل هذه المواقف نعمة.
ولي معكم عودة .. مع تلك الجلسات.
إذا أراد الله
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-13, 14:41
يا رواد " منتدى الجلفة " الكريمات وكذلك الكرام، أ لم أقل إن النفسَ تُحنُّ لكم وإلى مجالستكم بالادب على الدوام
وهاأنذ أتيتُ. فاسمعوا مني علا شأنكم، وسما شأوكم.
قال لي حسين ــ رحمه الله ــ مرّةً : هل تتذوق الشعرَ وتدرك معناه؟
فأجبته : اتذوق من الاشعار التي تسلب اللب، وتدخل القلب.
فبادرني قائلاً:
إذًا إليك ما أريدُ أن أشنّفَ به سمعك..وليتك تكتب ما أمليه، وتؤشر على بعض المفردات.. ليسهل لنا تدارسها.
ثم سكتَ هنينة وكأنه يتذكر شيئا وانشدني:
ففي بطنِ العجوزِ أقام كلبٌ ** فدامت وهي تحمله سنينا
وكم متعففٍ يُجفَى ويُهجى ** وكم متجمِّلٍ قد عُدّ شينا
وصومٍ إن تخلّل مَن نواهُ ** نهارًا لم يكن في الصائمينا.
فهمهمت.. هذه مصيبة أخرى.
وهالني ما سمعت، واستبدت بي الحيرة والهول، ولم أدرِ ما أقول.
قال حسين دعنا نتأمل مليًّا في المفردات المؤشر عليها بالأحمر لنعرف معناها، ومغزاها.
فما رأيك في الكلمتين من البيت الاول : ( العجوز، وكلب )
قلتُ سأرفع رايتي، وأعلن عدم معرفتي.
عندها بدأ في البيان والشرح، وقال:
فـ " العجوز" هنا هي ما يطلق عليها قبيعة السيف، أي ما يوجد على طرف مقبض السيف، سواء كان من فضةٍ أو معدن آخر.
أما " الكلب " فهو المسمار الذي يوجد في ذلك المقبض.
وإن شئت اقرأ قول أحد الشعراء:
وعجوزٍ رأيتُ في فم كلبٍ ** جُعل الكلب للأمير جَمالا
أما ما جاء في البيت الثاني إذا نظرنا إلى كلٍّ من: ( متعفف، ومتجمل)
فـ " متعفف": فالقصد منه الذي يشرب العُفافة وهي ما بقي في الضرع من اللبن.
و" متجمّل": هو الذي يأكل الجميل، أي يأكل الشحم المُذاب.
وهنا وكأن البيت يصفهما بالبخل أو الشره.
أما البيت الثالث:
فإن الذي يدعو الى الحيرة فهي كلمة ( تخلّل) ففيها الاستغراب، ومع شرح ذلك يكون فصل الخطاب..
ولكن إذا عرف المعنى والسبب، فلا محالة سيبطل العجب.
و" تخلّل ": هنا فالقصد منها أكل أو شرب الخل.. فبطبيعة الحال من أكل أو شرب الخل نهارًا في رمضان لم يكن من الصائمين.
ثم سكت حسين وسكتُ، ولكن فغرتُ فمي ما سمعتُ.
وهكذا الحال.
والى اللقاء في جلسة أخرى.. إن أذن الله.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-14, 10:02
أحبّتي، وخلاّني.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومع تلك الحلقات.
يولد الحنين حكايا قد أزهرت بين حنايا الفؤاد، فيشتعل فتيل العتاب واللوم أنني كنتُ عن تلك الدروس حانقًا.
وحين أغفو أشعر بوجعٍ وكأنه سمردي لما فرطتُ فيما كان يفعله حسين معي.
فأقول:
ليتني .. ليتني اجتهدت فيما يُلقى عليّ من شهد الضاد..
يؤنبني الحاضر قائلاً بلسان الحال:
هيهات ! هيهات فإنّ الذي قد ولّى فلن يعودَ.
مرة طلب مني حسين ــ عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران ــ أن أكتبَ من القرآن الكريم ما يلي:
((وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور))
ثم أتبع ذلك بهذه الآية إملاءً:
((ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون))
ثم سألني:
ما رأيك في كلمتي: (( لِيقضي)) و ((ليقض))؟
وما سبب اختلاف كتابتهما؟
وكالعادة كان الجواب صمتًا.
فما كان من حسين أنه عاتبني.. أنني لم أنتبه لما يلقيه عليّ من دروسٍ.
ثم قال:
لو نتأمل إلى سياق الآتين الكريمتين نجد أن مابين الكلمتين لفرقٌ شاسعٌ، وبونٌ واسعٌ.
فـ " ليقضي"
نجد أن الفعل " يقضي " إن هو إلا فعلٌ مضارع منصوبٌ بأن مضمرة جوازًا بعد لام التعليل، وبعض أهل العلم يسمونه " لام كي كذلك. "
بينما " يقض".
نجد أن الفعل " يقض" إنْ هو إلاّ فعل مضارعٌ مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف حرف العلّة.
وهنا لام الأمر في هذه الآية الكريمة يفيد الدعاء.
ولكي نفرق بين لام التعليل ولام الأمر.
فلام التعليل ينصب الفعل المضارع، ولام الامر يجزم الفعل المضارع.
وكذلك فالفرق بينهما.. نقول: إذا كانت اللام للتعليل فهي لام كي، لا تسمى أمرا، وإذا كانت لغير التعليل وأفادت الطلب فهي لام الأمر.
وكذلك ما يفرّق بينهماأكثر. فهناك الفرق اللفظي بينهما : فإن وقعت اللام ساكنة بعد ثم، والواو، والفاء، فهي لام الأمر.
مثل :
((لِينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلْينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا)).
وها هي بعض آيات من الذكر الحكيم نجد فيها لام التعليل:
((وأنزلنا إليك الذكر لِتبينَ للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون))
(( قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لِنسلمَ لرب العالمين ))
((وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال))
(( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين))
وها هي كذلك بعض آيات القرآن الكريم تشير إلى لام الامر:
((قل من كان في الضلالة فلْيمددْ له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ))
((فلْيضحكوا قليلا ولْيبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ))
((وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولْنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ))
(( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلْيفرحوا هو خير مما يجمعون))
(( من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فلْيمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلْينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ))
والمتأمل في الآيات البينات من الذكر الحكيم، يكتشف الفرق بين لام التعليل،ولام الأمر، ومدى مدلول كلٍّ منهما.
وهنا لم أجد بما أردّ به على حسين ذلك.
نلتقي معه في حلقة أخرى إذا أذن الله.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-22, 21:16
سلام من الله يغشاكم.
كم اتذكرك.. وأنّى لي الذكرى.
أناديك في كل نص أدبي جميل. فينبلج ضياء بيان الضاد، من بعد ما مسها من رطنات العجمةَ، وعامية اللهجات وقد ادمن عليها بنو يعرب
أولئك الذين استبدلوا ما هو خير بما هو أدنى، وكذلك يفعلون.
وحين يصدح الفصيح بهجة بألحان الحبور.. أن حيّ على لغة العرب. أناديك في بلاغة سحبان، وقريض المتنبي سحر قس بن سعادة.
ومع ذلك لا شيء هناك من مجيب، ولا حتى رجع الصدى.. فأعود القهقرى بذاكرتي وذلك خوفً من النسيان.
وبعد تنهيدة .. أقول:
سقاها الله من أيام! ما أجملها!.. رغم ما مسني فيها من لغوب نتيجة تلك الحلقات.
في إحدى الأيام قال لي حسين ــ رحمه الله ..
هناك اسم من اسماء الاستفهام كنّا قد درسناه هو " أنّى "
فقد ورد في القرآن الكريم ذلك الاسم على عدة معانٍ.
ولك أن تقرأ ما يلي :
(( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون))
ولو تألمنا في كلمة " أنّى " نجدها هنا جاءت بمعنى " كيف " فهي على الحالية في محل نصب .. أي بمعنى .. أخزاهم الله كيف ينصرفون عن الحق بعد وضوح الدلالة على وحدانية الله عز وجل.
أما إذا تأملنا في هذه الآية الكريمة :
((فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يامريم أنّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب))
والمتأمل الى كلمة " أنى" في هذه الآية يجدها أنها أتت بمعنى " من أين لك " جعلت هنا ظرفًا مكانيًّا. إذا أن " أنّى " هنا اسم استفهام مبني على السكون على الظرفية المكانية.
ولو مررنا الى هذه الآية الكريمة:
((أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ))
ففي هذه الحالة نجد أنّ " أنّى " جاءت بمعنى " متى " وهي ظرف زمان.
أي متى يحييها.. وتحتمل أن تكون بمعنى كيف.
لأجل ذلك لو نتأمل هذه الآية:
(( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ))
لوجدنا أن كل معاني " أنى " المذكورة سابقا قد جاءت في سياق الآية وهي : ( كيف، ومتى، ومن أين)
بمعنى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم ( كيف، ومن أين، ومتى ) شئتم .. بشرط أن يكون مكان الحرث الذي يزرع فيه وينبتُ منه.
وحتى نكون على بينة من ذلك .. أن العرب يعرفون معاني الحرث والزرع في هذا الشأن..
يقودنا هذا أنه.. فتشبيه النساء بالحرثِ هو تشبيهُ لطيفُ.. كما أن تشبيه النسل بالزرع هو غاية في الحسن والجمال .. حيث نجد ذلك في قول أبي طالب وهو يخطب السيدة خديجة ــ رضي الله عنها ــ من عمها لابن أخيه النبي محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ إذ جاء في كلامه:
"الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل.. "
كما أن الشاعر العربي قال موضحًا ذلك ما يلي:
إنما الأرحام أر ضون لنا محترثات ** فعلينا الزرع فيها وعلى الله النبات.
لأجل ذلك نجد " أنّى " في هذه الآية هي أعم واشمل من ( كيف، ومن أين، ومتى).
وكالعادة احترتُ ماذا اقول.
وإلى اللقاء، إن كان لنا في هذه الدنيا بقاء.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-28, 21:33
إلى ذلك العَلم الذي لم ينطق فمه إلاّ بالعلم قبيل اغمضة جفن.
حين أنار بعلمه أضواء الأروقة المعتمة ونحن في تلك الهجرة السرمدية.
دروس تسلقت شفاهه ثم نقشت على مكنون أعماقنا.
بلغنا شوطًا كبيرًا بإتقان عربيّتِنا، وحافظنا على أصالتنا.
رغم شقوة السنين.
بحيث كنا للضاد من المقربين، وإلى نطقها من المبتغين.
ولم نبغِ عنها حولا.
فإلى ذلك الشامخ أقول .. رحمة الله عليك يا حسين.
اتذكره يومًا أنه ناولني ورقة قد كُتِب عليها ما يلي شعرًا:
1ـــ وزوجٍ في الثرى يُلهي بهيج ** وزوجٍ قد علا للظاعنينا
2ـــ وجبارٍ بمدحِ نبيّنا قد ** علا وتراه يحيي الكافرينا
ولكن الذي استغربه لحد الساعة من أين يأتي بتلك الاشعار؟!
ولكن لا علينا.
طلب مني معرفة وشرح بعض مفردات البيتين بعد أن أشّر على ما يودّ شرحه.
وكالعادة لم أنبس ببنت شفة، وأنّى لي أن أشرحَ له ما صعُب عليّ فهمه.
عندها رمقني بنظرة فيها من العتاب ما فيها.. وقال لي:
فلو نتمعن في البيت الاول مليًّا وجليًّا .. فإننا نلمح الذي صعب علينا فهمه، هما مفردتا ( الزوج)
فالزوج الأول : من قوله عز وجلّ (( وأنبتنا من كل زوجٍ بهيج))
أما الزوج الثاني : فهو ثوب من الصوف يطرحُ على الهودج.
قال لبيدٌ:
شاقتك ظعنُ الحيّ يوم تحمّلوا ** فتكنّسوا قطنًا تصرّ خيامُها
من كل محفوفٍ يظلّ عصيّهُ ** زوجٌ عليه كلّةٌ وقرامُها
أما البيت الثاني فلو نظرنا مليّا نجد أن كلمة ( جبار) فإنّ أرباب اللغة والبيان قالوا:
أن معناه النخل الطويل، وقد مدح رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ حين قال:
(( نعم المال النخل الراسخاتُ في الوحل المطعمات في المحل)).
أما كلمة ( الكافرين) فإن أرباب وأصحاب ذلك " الجبار" فإنهم يعيشون مما يجنونه من ذلك النخل، وقد قال جلّ في علاه: (( كمثل غيثٍ أعجب الكفّار نباته)) وهم زرّاع النبات . وقد سموا (كفّارًا)؛ لأنهم يسترون البذور تحت التراب.
و(الكفر) لغويّا معناه الستر.
فالشاعر العربي قال:
هل تعرف الدار بأعلى ذي الفور ** قد درست غير رماد مكفور
أي مستور. ورجلٌ كافرٌ: معناه رجلٌ جاحدٌ لنعمة الله، وذلك مشتق من الستر، وقد ذهب فقهاء اللغة : أنه سميّ بذلك لأَنه مغطًّى على قلبه، وما فيه.
وكم اتمنى أن يكون فهمك قد استوعب ما جاء به الشعر.
وما قال بنو يعرب.
فكان السكوت أحسن.

صَمْـتْــــ~
2019-04-28, 21:54
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الفاضل، علي قسّورة الإبراهيمي



سعيدة بإحيائك لنبض هذه الصّفحة القيِّمة بمحتواها..
في المتابعة إن شاء الله

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-29, 18:51
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الفاضل، علي قسّورة الإبراهيمي



سعيدة بإحيائك لنبض هذه الصّفحة القيِّمة بمحتواها..
في المتابعة إن شاء الله




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الفاضلة صمتـ. / مسؤولة الإعلام والتنظيم بمنتدانا الموقر.
أشكر لكِ مروركِ على متصفحي، وكذلك سرّني تعليقكِ القيّم، وأتمنى أن أكون عند حسن الظن.
تحياتي يا فاضلة

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-29, 18:56
روّاد منتدى الجلفة، يا كرام
أحبتي وخلاّني.
أواصل معكم الكلام.
في يومٍ من الأيام وأنا عائدٌ من الجامعة.
وكالعادة لابد أن أمرّ على حسين رحمه الله ..
وذلك لأخذ الدرس.
وأنا في الطريق هتف في ذهني هاتف
وقلت : سأكون أنا من يسأل ويستفسر. فربما يغضب حسين ويعتقني .. عندما يعجز عن الإجابة لأنه لم يكن محضرًا لها.
ودخلني الزهو والخيلاء.. وأنا أتخيّل حسيناً يتعلثم في الكلام.
وبعد التحية
بادرته:
هناك ما يحيّرني في فهم آية قرآنية.
فنظر إليّ مليّا وقال لي:
هات! ما عندك.. بشرط أن تقرأها عفو الساعة ولا تنظر في المصحف.
فتشجعتُ، وفي ذهني كأنني سوف أكون منتصرًا، ثم قرأت على سمعه:
(( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا))
فما كان من حسين أن قال لي:
وأية غرابة في الآية؟
فقلتُ على رسلك، ليتك تنظر إلى ما يلي:
((وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه))
وخصوصا ((روح منه ))رمقني بنظرة وهو
يدوّر برأسه دورات ودورات..كأنه يريد أن يقول:
أ تريد تعجيزي يا ولد؟
ثم تبسم إبتسامة ُ لم اعرف سببها ثم قال:
عرفتُ قصدك، والذي تريد أن توقعني به هي كلمة " منه " أ ليس كذلك؟
فقلتُ : ذلك الذي أريد.
فقال لي لو فهمت ووعيت ما ألقيتُ عليك من دروس لما أتيت بهذا تريد تعجيزي.
اسمع .. كنا قد قرأنا حرف الجر " من " وقلنا قد تأتي " من " لابتداء الغاية . وتأتي كذلك للتبعيض إن صحّ حذفها واستُعمل " بعض" مكانها .
لأجل ذلك أن بعض نصارى المشرق يريد أن يوهموا الناس ويغالطون حين يقولون بأن:
(( عيسى بعض أو جزء من الله ))
والذي أريد أن أقوله لك أن " من " تستعمل حقّا للتبعيض ولكن ليس في هذا الموقف، أو هذه الآية الكريمة.
فسبحان الله، ومعاذ الله أن يكون له ولد!
وحتى يأتيك البرهان ساطعًا وتتعرف أكثر على بعض معاني " من "
اقرأ معي قوله تعالي دعاء إبراهيم عليه السلام :
(( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون))
فهذه " من " للتبعيض، ولكن بمعنى آخر
فكانت بعض القلوب تحبهم.
وقد قيل : أنه لو دعا اللهَ بدون " من " لجعل جميع الناس يحبون أهل مكة.
والآن اسمع جيدًا.
نقول :
أكلتُ من الطعام. أي جزءًا منه، أو بعضًا منه، لأن " من " للتبعيض ".
لكن لو نقول: سرتُ من الجامعة إلى المنزل.
فهل " من" هنا للتبعيض ؟
فقلتُ: طبعًا لا.
فقال لي ما معناها إذًا؟
فقلت هي لابتداء الغالية.. يعني أن السير كان من الجامعة إلى المنزل.
فقال لي:
وعليه، فإن " وروحٌ منه "
من هنا لابتداء الغاية.
أي أن عيسى عليه السلام ذو روح مبتدأة أو آتية من الله، إثر نفحة ونفخة جبريل في صدر مريم عليها السلام.
والإضافة هنا الى الله؛ إنما هو كتشريف وتكريمٍ ،وليس هو بعض أو جزء من الله كما يقول به النصارى.
وإذا لم تقتنع بأن ذلك لابتداء الغاية.
أحيلك الى قوله تعالى:
(( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير))
من هنا : لابتداء الغاية، أي مبتدأة من المسجد الحرام.. وليس جزء أو بعض المسجد الحرام.
فهل فهمتَ ووعيتَ .. أو تريد منى أزيد.
فما كان مني نهضتُ أجرّ اذيال الخيبة على ما أصابني.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-04-30, 09:15
أتذكر حسين ــ رحمه الله ــ مرة.
وأنّى لي سوى الذكرى؟
أنه حاورني عن الجملة في سياق الكلام، وما يكون فيها من التقديم والتأخير في أجزائها.
وبدأ في الكلام بالشرح.. ثم كشف لي ما كتبه من الأمثلة بعد أن كتبه بخطه المغربي الاندلسي.. وقال لي: تأمل ما هو مكتوب .. وما رأيك فيه؟.. وإليك الامثلة:

1ـ أعطى عليُّ سعيدًا نقودًا
2ـ عليٌّ أعطى سعيدًا نقودًا.
3ـ سعيدًا أعطى عليٌّ نقودًا
4ـ نقودًا أعطى عليٌّ سعيدًا.
5ـ سعيدًا نقودًا أعطى عليٌّ
6ـ عليّ سعيدًا أعطى نقودًا
7ـ عليٌّ نقودًا أعطىَ سعيدًا
8ـ عليٌّ سعيدًا نقودًا أعطى
9ـ أعطى سعيدًا نقودًا عليٌّ
10ـ أعطى نقودًاعليٌّ سعيدًا.
وأي الجمل أصح .. أو فيها من بليغ الكلام وفصحيه؟
أحتار عقلي .. بعدما قرأت .. فكان كل ما قرأت وكأنه طلاسم.
عندها نهرني وقال لي:
كل الجمل صحيحة وبالبليغ فصيحة.
وإليك الشرح بإسهاب:

1ـ أعطى عليُّ سعيدًا نقودًا.
هذا تعبيرٌ لكلامٍ ابتدائيٍّ يقال والمخاطب خالي الذهن وكل جزئياته مجهولة للمخاطب فكأنه إجابةٌ لمن سأل:
ماذا حدث؟
2ـ عليٌّ أعطى سعيدًا نقودًا.
تُقال هذهِ الجملة إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ شخصًا ما أعطى سعيدًا نقودًا. ولكن لا يعلمه، أو كان يظنّ أنه غير عليّ. فيصحح له هذا الوهم، فكأنه جوابٌ عن سؤالٍ: من أعطى سعيدًا نقودًا. ؟
3ـ سعيدًا أعطى عليٌّ نقودًا
كما يقال هذا السياق التعبيري إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ عليّا أعطى شخصًا ما ولكنه لا يعلم هذا الشخص الذي أعطاه عليّ، أو كان يظن أنه غير سعيدٍ، فيقال له هذا التعبير. فكأنه جوابٌ عن سؤالٍ:
من أعطى عليٌّ نقودًا ؟ أو بتعبيرٍ آخر: منِ الذي أعطاه عليٌّ نقودًا؟
4ـ نقودًا أعطى عليٌّ سعيدًا.
وهذه الجملة تُقال إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ عليًّا أعطى سعيدًا شيئًا ما ولكنه لا يعلم هذا الشيء أو كان يظنه أكلاً أو شيئًا آخرمثلاً، فيصحح له هذا الوهم. وكأنه جوابٌ عن سؤالٍ:
ماذا أعطى عليٌّ سعيدًا ؟
5ـ سعيدًا نقودًا أعطى عليٌّ
أما هذا التعبير يقال إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ عليًّا أعطى شخصًا ما شيئًا ما ولكنه يجهل الشخص وما أعطاه، فيقال له هذا التعبير لإيضاح وبيان ما يجهله. وكأن هذا التعبير جواب عن سؤالٍ:
من أعطى عليٌّ؟ وماذا أعطاه؟
أو بتعبيرٍ آخر:
منِ الذي أعطاه عليّ، وماذا أعطاه؟
6ـ عليّ سعيدًا أعطى نقودًا
وكذلك يقال هذا التعبير إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ شخصًا ما أعطى آخر نقودًا، ولكن لا يعلم المعطِي ولا المعطَى له، فكأنه جوابٌ عن سؤال:
من الذي أعطى نقودًا، ومنِ المعطى له؟
7ـ عليٌّ نقودًا أعطىَ سعيدًا
وهذا التعبير يقال إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ شخصًا ما أعطى سعيدًا شيئًا ما، ولكن لا يعلم المعطِي ولا ماذا أعطى، فكأنه جوابٌ عن سؤال:
من أعطى سعيدًا؟ وماذا أعطاه؟
8ـ عليٌّ سعيدًا نقودًا أعطى
يقال هذا التعبير إذا كان المخاطبَ يعلمُ أنّ شخصًا ما أعطى َ آخر شيئًا ما، ولكنه لا يعلم المعطِي ولا المعطَى له، ولا ماذا أعطاه، فكأنه جوابٌ عن سؤال:
منِ المعطِي، ومن المعطَى له؟ وماذا أعطاه؟
9ـ أعطى سعيدًا نقودًا عليٌّ
هنا قُدّم المفعولان (سعيدًا ونقودًا) على الفاعل ( عليّ) لأهميتهما، ذلك أنّ الفاعل عليّ من شأنه أن يعطي فلا غرابة في الإخبار عن ذلك. ولكن الغريب أن يعطي سعيد نقودًا، فالغرابة في الشخص الذي أعطاه، وفي الشيء الذي أعطى أياه. فإنّ عليًّا لا يعطي زيدًا من جهة ولا يعطي نقودًا من جهة أخرى، ولكن هذه المرة أعطى سعيدًا، واعطاه نقودًا. فقدّم الهذين الشيئين لأهميتهما.
10ـ أعطى نقودًاعليٌّ سعيدًا.
يقال هذا التعبير إذا كان من شأن علي أن يعطي سعيدًا ولكن الاهتمام وقع على ذكر النقود، لأن من شأن عليّ ألاّ يعطي سعيدًا نقودًا فإن سعيدًا ليست به حاجة إلى النقود، ولكن هذه المرة أعطاه نقودًا.
وهكذا تترتب الأهمية في الفهم والتعبير، حسب التقديم والتأخير.
فكنت ـ كالعادة ـ أحتار ما أقول.
وهكذا كنت أعاني الذي أعاني مع ذلك الحسين.
والى اللقاء مع " عذابٍ " أخر نتيجة تلك الدروس.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-05-01, 10:44
أيها الاحبة والخلان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن إتياني ببعض الآيات القرآنية والاستشهاد بها.
لا تظنوه تفسيرًا أو تأويلاً لكتاب الله. وإنما هو استشهاد بآيات على نقاء الضاد لأنها لغة القرآن، وبها نزل " نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين".
فلا داعي أن ندخل في أمور نعجز من أن نتكلم فيها.. فالتفسير والتأويل لأصحابه وأهل العلم في ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
كتب حسين ـ رحمه الله ـ ما يلي:
"هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين. إذ دخلوا عليه فقالوا: سلامًا، قال: سلامٌ قوم منكرون".
ثم قال لي: ما رأيك في " سلامًا و" سلام " ولماذا اختلفا؟
فقلتُ مازحًا: منك نتعلم يا جده. يا علم العربية وعالمها.
فلم يحرك مدحي له فيه ساكنًا.
صمت قليلا، ثم نظر إليّ وقال:
لو نتمعن مليا وجليا في التحيتين . فلا محالة أنه تأخذنا الحيرة في كلمتي (سلامًا ) و ( سلام).
ونحتار اكثر ونحن نشاهد ان كلاً من الكلمتين مسبوقة بفعل ( قال ) . ومع ذلك أن واحدة أتت منصوبة والأخرى مرفوعة ( سلامًا / سلامٌ )
ترى ما سبب ذلك؟
إن السبب .. هو أن السياق القرآني أظهر لنا الفرق بين التحيتين.
فنصب الأول ورفع الثاني ولم يسوّ بين السلامين.
وذلك أن قوله عز وجلّ على لسان الملائكة ( ضيف إبراهيم ) : سلامًا بالنصب .. فتقدير ذلك: نسلّم سلامًا .. ويقودنا هذا أن ذلك ما هي سوى جملة فعلية.
أما قوله عز وجلّ على لسان ابراهيم ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأحسن السلام ـ سلامٌ
بالرفع ، فتقدير ذلك : سلامٌ عليكم . وهذا يدل أنه أتى بجملة أسمية .
والجملة الاسمية تفيد الدوام والثبوت، بينما الجملة الفعلية تفيد التجدد والحدوث.
وهذا يقودنا الى القول ، أن الاسم أثبت و أقوى من الفعل.
وبمعنى آخر أن سيدنا إبرهيم ـ عليه السلام ـ حيا الملائكة خير وأحسن من تحيتهم. كما ذهب أهل العلم في ذلك.
وذلك كما جاء في الذكر الحكيم " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها، إنّ الله كان على كل شيءٍ حسيبا"
فنستنتج ان ابراهيم رد تحية الملائكة بخير واحسن منها.
وهذا هو الفرق بين " سلامًا" و"سلامٌ " في الآية.
وسكت وسكتُ، ولم أدرِ ما أقول.
نلتقي في خاطرة آخرى.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-05-07, 09:33
بسم الله الرحمن الرحيم.
وبعد السلام.
يا روّاد المنتدى، فَمَعكُم المقام في دراية وهدى فمدوا لي يدا.
وذروني
نتعمّق قليلاً في الضاد، بعد أن سطت الرطانة على ألسنة العباد.
قال لي حسين ـ عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران ـ مرة :
أن بعض الناس يقولون في تعابيرهم ما يلي :
1ـ كَبُرَ الطفل، وتكْبُرُ البنت ( فيجعلون فوق الباء ضمة في كلٍّ من الفعل الماضي والفعل المضارع).
ويقولون كذلك في محاوراتهم:
2ـ نقِمتُ عليه في حديثه وتصرفاته ـ أي عبته وكرهتهُ في حديثه وتصرفاته ـ ( فيجعلون تحت حرف القاف كسرة في الفعل الماضي).
فتشجعتُ وقلتُ له: وما العيب أو الخطأ في ذلك؟
نظر إليّ في لومٍ وعتاب وقال لي: إذا كنتَ تقرأ القرآن الكريم ولا تتدبره وتطبقه في تعابيرك فمن الاحسن ألاّ تقرأه.
ثم قال ليتنا نعود إلى المثالين السابقين.
1ـ كَبُرَ الطفل، وتكْبُرُ البنت. إن الصواب هو الكسر في الماضي والفتح في المضارع مع حرف الباء. ( كبِرَ، يكبَرُ). إذا كنّا نقصد بحديثنا السن والعمر. نقول إذن( كبِرَ الطفل) و(تكبَرُ البنتُ).
وإن شئتَ اقرأ قوله تعالى وهو يتكلم عن أموال اليتامى:
" وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يَكبَروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا"
أما ( كبُرَ ) و( تكبُر) بالضمّ في الماضي والمضارع.
فإن ذلك إذا لم نقصد بذلك السن أو العمر، بل نقصد بذلك معنى ( عظُم) ولك أن تقرأ قوله تعالى:
"الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كَبُر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار"
أو قوله جل جلاله:
" قل كونوا حجارة أو حديدا، أو خلقا مما يكبُر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا".
ثم دعني أمرُّ بك الى المثال الثاني:
2ـ نَقِمتُ عليه في حديثه وتصرفاته.
كما قلتُ لك سابقًا يكسرون حرف القاف في الماضي ويفتحون ذلك مع الفعل المضارع.
بينما الافصح أننا ننصب القاف في الفعل الماضي، ونكسرها في الفعل المضارع.
ولك فيما جاء به الذكر الحكيم لخير دليل، يقول عزّ من قائل:
" يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقَموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير"
ويقول كذلك:
" وما نقَموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد".
وقال جلت قدرته:
" قل يا أهل الكتاب هل تنقِمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون"
ثم قال لي: ما رأيك؟
فقلت: لا رأي لي بعد كلام الله.
والذي كنتُ أحتار له أنه كان يتكلم بكل ذلك عفو الساعة.
إلى اللقاء في حلقة أخرى إن لم تضجروا.
تحياتي.

سهام متولى
2019-05-12, 16:00
طابت اوقاتكم اخوتى فى الله

علي قسورة الإبراهيمي
2019-05-13, 10:58
طابت اوقاتكم اخوتى فى الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وطاب وقتكِ يا أخت العرب.
تحياتي

علي قسورة الإبراهيمي
2019-05-16, 21:53
أحبّتي وخلاّني.
لكم من السلام أجمله، ومن التحيّة أزكاها.
طلب مني ذلك الحسين ـ أسكنه الله في جنة الخلد ـ أن اكتب مايلي:
1ـ"وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطيرُ الأولين"
2ـ "وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا.
ثم قال لي: لو نتأمل في كلّ من الآيتين نجد أن صيغة السؤال في كل من الآيتين هي ( ماذا أنزل ربكم ؟).
ولكن تأخذنا الدهشة والاستغراب، أنّ الجوابَ جاء في الآية الأولى برفع ( أساطيرُ) ، بينما في الآية الثانية بنصب ( خيرًا).
ترى فما هو السبب في ذلك؟
فقلتُ له وهذه بالنسبة لي ما هي سوى قارعة ما لها راقعة، بل صدقني ليتني كنتُ اعرف.
فقال لي هوّن على نفسك، وتابع ما سوف أقول.
لقد ذهب فقهاء اللغة وكذلك أهل العلم. أن في الآية
1ـ " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطيرُ الأولين" .. أتت كلمة ( أساطير) مرفوعة لأنها خبر لمبتدأ محذوف، تقديره " هو " وكأنهم قالوا: "هو أساطيرُ الاولين" .
أما الآية
2ـ "وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا"
أتت كلمة ( خيرا) منصوبة ....
لأنها مفعول به لفعل محذوف، تقديره "أنزل" .. وكأنهم أجابوا بـ : ( أنزل ربنا خيرًا).
ودعني أن أتوسع معك في هاتين الآيتين.
فقد ذهب أهل العلم إلى بعض التوضيح ، حين قالوا:. لماذا قُدّر في الآية الاولى ( هو) ولم يقدّر ( أنزل)؟
عندها ذهب بعضهم معللاً أن آية الإخبار عن الكافرين، لأجل ذلك استنتجوا أن الكافرَ جاحدٌ لإنزال القرآن، وهو بالنسبة له إنما كل ما جاء في القرآن هو كذب وأساطير، كما صوّر لنا القرآن الكريم ذلك في آية أخرى حيث جاء على لسان الكافرين ما يلي:
" وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا".
بينما قدّر في الآية الثانية (أنزل) لأن ذلك جواب من جواب المؤمنين بأن القرآن إنما هو منزل من لدن حكيم عليم.
بل أن بعض أهل التفسير استنبطوا أمورًا حين قيل البعض، لماذا رفع في الآية الأول ونصب في الآية الثانية؟ .. قالوا: إنما ذلك هو الفصل والفرق بين جواب المقّر بالإيمان، وجواب الجاحد الكافر. وبدليل آخر .. أن المؤمنين لما سئلوا لم يتعلثموا، وأجابوا بجوابٍ بيّنٍ مكشوفٍ مفعولٍ لإنزال فقالوا خيرًا: أي أنزل خيرًا. بينما أهل الكفر راوَغوا بالجواب عن السؤال، فقالوا: هو أساطيرُ الاولين، وليس من الانزال في شيء.
وأحسن ما أختمَ به معك.
نستنتج من هذا، أن اظهر لك أن علامة الإعراب هي التي تحدد لنا الدلالة والفصل بين المعاني.. وهذا من عظمة وقوّة الضاد التي بها القرآن الكريم أُنزِل، وسيبقى بها يُتلى إلى يوم الدين.
عندها لعمري لم أدري ما أقول.. فآثرت السكوت.
والى اللقاء مع حلقات حسين.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-05-18, 09:20
يا أهل النهى والعقول، ذروني أكتب ما اختزن في ذهني وأقول.
وبعد السلام عليكم، أريد أن احكي لكم.
كتب حسين ـ رحمه الله ـ مرة
12 رجلاً .
12 امرأةً.
وطلب مني أعادة كتابة ذلك بالحروف. فما كان مني أن كتبتها هكذا:
اثنا عشرَ رجلاً.
اثنتا عشرةَ امرأة.
فقال متبسمًا: جميلٌ وجدًّا، وأحسنتَ.
ثم نظر إليّ مليًّا، وقال:
إن العدد وافق وطابق المعدود في التذكير والتأنيث أليس كذلك؟
قلتُ: ما يبدو لي.
عندها قرأ عليّ ، بداية آية وطلب مني تكميلتها وكتابتها:
"وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطًا أممًا وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينًا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"
وقال لي: لو نظرنا إلى ( اثنتي عشرة أسباطًا ) و ( اثنتا عشرة عينًا )
نلاحظ أن كُلاًّ من ( أسباطًا ) و (عينًا ) هما المعدودان، أليس كذلك ؟
فقلت : أجل.
عندها قال لي: إن ( عينًا) مؤنث فوافقت عددها، ولكن ( أسباطًا) هي جمع لسبطٍ، والسبط مذكر، فلماذا لم يقل رب العزة ( اثنا عشرَ أسباطًا )؟.
فكنتُ كعادتي يتعلثم لساني وأحتار بما أرد أو أجيب.
وعندما رأى عجزي وحيرتي.
قال لي: هوّن عليك، وإن الأمرَ ما هو سوى أن السياق القرآني قصد بالأسباط الجماعات والقبائل يعني ( إثنتا عشرة قبيلة ) أو (إثنتا عشرة فرقة ).
والقبيلة مؤنثة وكذلك الجماعة أو الفرقة مؤنثة.
وهذا يُقال عنه التضمين. وأنّ التضمينَ البيانيَّ والبلاغيَّ موجودٌ حتى في أشعار العرب.
وإن شئت فاقرأ معي شعر ذلك الاعرابي ــ وأظن أنه " نواح الكلابي "ــ وهو يقول:
وإنّ كلابًا هذه عشرُ أبطنٍ ** وأنت بريء من قبائلها العشر.
فأنّث (أبطن) لأنه حمله وعني به القبيلة من بطون وأفخاذ.
ثم أبحر مع ما أنشده الشاعر العربي الآخر وهو عمر بن أبي ربيعة أشهر شعراء قريش ــ حامية الضاد ــ حين قال:
فكأن مجنّي دون من كنتُ أتّقي ** ثلاث شخوصٍ كاعبان ومعصر.
فرغم أن (شخوص) جمع شخص، ولكن الشاعر قصد بها النساء فأنث ( ثلاث ) على المعنى عند قوله: ( كاعبان ومعصر)
فالكاعب، هي التي كبر وأستدار ثديها. والمعصر، هي التي بلغت وأدركت عصر شبابها.
عندها قال لي: أقتنعتَ، أم أزيد؟
فهمهمت: رحماك ربي! .. ثم قلت: أقتنعت، أريد أن استريح من عذابك ـ قلتها في نفسي ــ هذا يا جدي.
وانصرفت.
تحياتي

طاهر القلب
2019-06-06, 09:50
السلام عليكم
الأخ القدير علي ...
جميلة وقيّمة جولاتك الأدبية
في هذه الصفحة الطيبة الصيبة
في المتابعة إن شاء الله

علي قسورة الإبراهيمي
2019-06-10, 17:40
السلام عليكم
الأخ القدير علي ...
جميلة وقيّمة جولاتك الأدبية
في هذه الصفحة الطيبة الصيبة
في المتابعة إن شاء الله


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بالرجل الفاضل والمراقب المبجل/ طاهر القلب.
وما القيّم الجمالية لمحاولاتي سوى أنها أزدانت بملاحظاتك يا فاضل.
وإنه لشرفني أن يتابع ما أخطه رجل فاضل، ومراقب أديب مثلك.
فلك من الشكر كلمات تترى.
كما أشكرك لتثبيتك لمحاولتي هذه المتواضعة
تحياتي

علي قسورة الإبراهيمي
2019-06-10, 17:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبما تلقيته عن ذلك الحسين ـ عليه من الله شآبيب الغفران.
أواصل به معكم.
كتب مرة ما يلي من الذكر الحكيم من سورة الفجر:
"يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربكِ راضيةً مرضيةً، فادخلي في عبادي، وادخلي جنتي"
وطلب مني تأملها جيّدًا.
ثم قال لي:
ألا ترى أن الفعل "ادخلي" تعدّى أولا بفي، وثانيًّا بدونها.
فما السبب في ذلك؟
فتشجعت وحاولت مدحه حين قلتُ:
معضلة وأبو رابح هو لها.
ومع ذلك صدقاً، لعمري لم يظهر عليه ولا حتى التفاتة فخرٍ أو زهو.
ثم قال لي:
عندما يكون المدخول فيه غير ظرفٍ حقيقيٍّ، تعدّى الفعل "دخل" بفي. مثل:
دخلتُ في عراكٍ مع أقراني.
دخلتُ في جدال مع معلمي.
ومنه (فادخلي في عبادي).
ولنا أن نقرأ فيما قال جلّ شأنه : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ).
وقال جل في علاه: (فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما).
أمّا إذا كان المدخول فيه ظرفًا أو مكانًا حقيقيًّا أو محسوسًا تعدّى إليه الفعل " دخل "في الغالب بغير حرف الجر، ومنه (وادخلي جنتي) نقول:
دخلتُ البيتَ.
دخلنا المدرسة.
ولنا أن نقرأ كذلك ما جاء في القرآن الكريم. يقول الله تعالى:
(لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريبا)
وقال سبحانه وتعالى:
(يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين)
وقال جلّ شأنه:
(ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين).
وبناء على ما تقدم عرفنا الفرق بين ( فأدخلي في عبادي ) وبين (وأدخلي جنتي).
ولك أن تقارن فيما قلتُ.
فقلتُ له:
وهل هناك من قولٍ لي؟
واسرعتُ بالانصراف.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-06-22, 21:09
أنتم، ياأصحاب وروّاد المنتدى، يا من بلغوا في الفضل المدى.
أحبتي وخلاني.
وأواصل معكم رحلتي، وتلك هي فرحتي وسعادتي.
أيها الأخيار، ويا عقيلات الاطهار، في الجزائر بلد ومعقل الثوار
قال لي أبو رابح، مرة:
جاء في كتب السنة المطهرة، أنّ رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم قال لأحد أراد أن يتزوج بامرأة كانت قد أهدت نفسها.
( التمس ولو خاتمًا من حديدٍ)
ولكن الذي يجب الانتباه له، ما شأن أن كلمة (خاتمًا) جاءت منصوبة ؟
وما سبب نصبها؟ .. ونحن نعلم أنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه قد أتاه الله جوامع الكلم.
فقلت يا جدي صدقني لا أدري، ومنك أتعلم.. فلماذا يا ترى؟
فرأيت في عينيه أنه رقّ لحالي، إذ قال لي:
إن الحبيب المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ أمر ذلك الرجل أن يقوم بالالتماس أمرًا مطلقًا، أن يأتي بشيء ولو زهيدٍ يقدمه لمن يتزوجها.
أكد كلامه ــ صلى الله عليه وسلم ــ فأتي بنصب ( خاتمًا) وقال بإضمار فعلٍ دل عليه ما تقدم، وهذا الفعل هو ( كان )
وتقدير ذلك: ( التمس ولو ــ كان الملتَمَس ــ خاتمًا من حديد)
وأن إضمار كان المحذوفة مع اسهما وإتيان اسمًا منصوبًا بعد " لو " أو" إن" فإن هذا التعبير موجود في نثر وأشعار العرب.
ولك أن تقرأ ما قاله أحد الشعراء العرب الاقحاح:
قد قيل ما قيل إن صدقًا وإن كذبًا** فما اعتذارك من قول إذا قيل
وتقديره: إن كان المقولُ صدقًا.
كما أن أحد الشعراء قال:
لا يأمنِ الدهر ذو بغيٍّ ولو ملكًا** جنوده ضاق عنها السهلُ والجبل.
تقديره: ولو كان ذو البغي ملكاً.
ولك أن تقارن وتميز بما أدليت به إليك.
وهكذا كانت أيّامي مع ذلك الحسين.
وإلى اللقاء في حلقة أخرى من حلقات دروسه.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-07, 20:39
بسم الله الرحمن الرحيم.
" الجلفة " يا مضارب الإخوة والخلان، ويا ربع بليغ الضاد والبيان.
لكم من السلام يعبق بأريج الزهر وإيراقه، ولكم من التحية كتبلج ضوء الصباح وإشراقه.
قال لي حسين ــ رحمه الله ــ يومًا ألا تعلم أن بعض الكلمات يتغيّر معناها حسب موقعها في الجملة وفي سياق الكلام.
وكذلك أن بعض الأفعال يتغيّر مفهومها حسب لزومها أو تعديها. كما أن تعدية الفعل يتغيّر معناه حسب الحروف التي تأتي بعده.
فقلتُ له: وكيف ذلك يا جهبذ زمانكِ؟
ثم واصلت كلامي قائلاً:
فهل مثلاً عندما أقول: نام الطفل في حضن أمه..
معنى هذا أن " نام " لا تعني النوم؟
فقال: ليس ذلك ما أعنيه.. ومع ذلك ليتك تكتب ما أمليه عليك وتؤشر على الكلمات المقصودة بالاحمر.
1ـ " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب"
2ـ " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما"
3ـ " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرًا مقدورا"
4ـ "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين"
وتأمل معي إلى كلّ من " فرض فيهن" و " فريضة من" و " فرض الله له" و " فرض عليك"
فهل كلمة " فرض " التي تكررت الآيات الأربع تؤدي نفس المعنى؟
فقلت: حقّا، إن المعنى فيها يختلف حسب موقعها من الجملة
عندها قال لي : لنرى ما معناها أو ما تأويلها، وما تضمين ذلك في كلّ من الآيات على حدى.
ففي الآية رقم :
1ـ (فرض فيهن).. نجد أن فعل " فرض " قد تعدى بفي .. وهذا يقودنا أن نقول أن تقدير ذلك: ( أوجب) أو(ألزم) فيهن.
ثم نأتي الآية رقم:
2ـ (فريضة من).. من أول وهلة نستنتج أن التعدي بمن.. وتقدير ذلك: (نصيب) و(قسمة) من الله.
ثم نمر إلى الآية رقم:
3ـ (فرض الله له)..فنجد هنا أن الفعل (فرض) قد تعدى باللام ، وتقدير ذلك : (أحلّ) أو( قدّر) الله له.
ثم ننتقل إلى الآية رقم:
4ـ (فرض عليك) .. نجد أن الفعل(فرض) قد تعدى بعلى، وتقدير ذلك: (انزل) عليك القرآن.
إذًا أن كلمة (فرض) قد تغيّر معناها حسب موقعها في الجملة وذلك في السياق القرآني .. والذي قال فيه رب العزة .. " نزل به الروح الأمين،على قلبك لتكونَ من المنذرين، بلسان عربي مبين، وإنه لفي زبر الأولين".
ولنا إما أن نتعلم العربية هكذا أو نترك عنا مشقة الكلام و الدروس في ذلك.. فهي التي أن القرآن الكريم يُتلى وسيبقى يُتلى إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.
فسكتُ ولم أتفوه بكلمة.
وإلى اللقاء، إن كان لنا بقاء.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-09, 09:55
أحبّتي وخلاّني.
سلامٌ تحاكيه رياض أزاهر** وشوق نمت به عيون سواهر.
تحية من شطت به عنكم داره ** ولكنه للودّ والعهد ذاكر.
وإن كان بُعد الديار قد حال بيننا ** فأنتم له قلب وسمع وناظر.
طلب مني حسين ــ أسكنه الله في أعالي الجنان ــ أن أكتب هذه الآية:
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلمِ الله الذين جاهدوا منكم ويعلمَ الصابرين".
ثم قال لي في جملة " ويعلمَ الصابرين " وما سبب نصب " يعلمَ" ؟
ولو تتأمل الذي سبقها سوف تجد جملة " ولمّا يعلمِ الله الذي جاهدوامنكم ". وهنا الفعل " يعلمِ " هو مجزوم بِلمّا، ولكنه كُسر للاتقاء الساكنين.
فأحترتُ كالعادة، وخصوصا أن جملة " يعلمَ الصابرين " قد سبقت بحرف الواو.
وكما تعلمتُ أن الربط هنا بين الجملتين هو حرف الواو والذي أظنه حرف عطف.
ولكن حسين أظهر لي ما لم يكن في الحسبان.
حين قال لي:
أن هذا الواو ليس حرف عطف.
وأتمنى أن تصغي إليّ جيدًا.
إن الله جل في علاه أردف قوله " ويعلمَ الصابرين " بعد نفي واستفهام.
وأتى بواو المعية وليس واو العطف على تقدير معنى مفعول معه، لأجل ذلك نصب " يعلمَ " بعد واو المعية.
إذًا أن " يعلمَ " إن هو إلاّ فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد واو المعية الواقعة بعد نفي واستفهام.
فيصير المعنى : لا تدخلوا الجنة إلاّ أن يعلمَ الله المجاهدين منكم مع الصابرين على الشدائد.
وبعبارة أخرى : أتحسبون أن تدخلوا الجنة في حال انتفاء علم الله بجهادكم مع انتفاء علمه بصبركم.. وكأننا نفهم سياق الآية بما يلي:
أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يجتمع العلمان.
فالجهاد لابد من الصبر لمن أراد أن يقوم به.
كما أن الصبر على المحن وعلى أهوال الشدائد هو سبب النجاح في الجهاد، ومتى كان ذلك فإنه يجلب النصر والانتصار، أو الشهادة والفوز بالجنة... وهي شجاعة لا بعدها شجاعة.
سئل علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه، وكرم الله وجهه ــ عن الشجاعة، فقال : صبر ساعة.
والله أعلم.
وكالعادة خيم الصمت والسكون.
وخرجت وأنا لا أدري ما أقول.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-11, 09:55
بسم الله الرحمن الرحيم.
آل "الجلفة"، يا مضارب العلم والأدب
السلام عليكم ورحمة الله بركاته
وأنا أدبج هذه الحلقات التي تتكلم عن الضاد بكل علومها. وقد جمع بعضها أحدهم في البيتين التاليين:
نحو و صرف عروض ثم قافية ** و بعدها لغة قرض و إنشاء
خط بيان معانٍ مع محاضرة ** والاشتقاق لها الآداب أسماء.
يظن البعض أنها مضيعة للوقتِ ودراسة لا طائل من ورائها.
ومع ذلك عندما رجعتُ إلى ما تكلم به القدماء في هذا الأمر.
وجدت ما يشفي الغليل.
لستُ هنا لأتكلم عن الفراهيدي، وسيبويه، والكسائي، والفراء، والمبرد، وثعلب، والزجاج، وابن حيان، وابن جني .. وغيرهم فهم أعلام العربية وجهابذتها.. ولا أتكلم عن مدرسة البصرة ولا مدرسة الكوفة .. وما دار بين أعلامهما من فهم للضاد.
وإنما الذي أريد الكلام فيه، ما جاء على ألسنة أهل الفقه والحديث والتفسير وما قالوه عن علوم العربية.
يقول ابو بكر الشرتيني وهو من علماء القرن السادس: " ولقد رأيتُ جماعة من الفقهاء المتقدمين الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد قد تكلموا في مسائل من الفقه فأخطأوا فيها، وليس ذلك لقصور أفهامهم، ولا لقلّة محفوظاتهم، ولكن لضعفهم في هذا العلم ــ يعني علم النحو ــ وعدم استقلالهم به"
ولمن لا يصدقني فعليه بالعودة إلى كتاب تنبيه الألباب على فضائل الإعراب صفحة 63
بل أنّ أبا عمر الجرمي قال: " أنا مذ ثلاثون سنة أفتي الناس في الفقه من كتاب سيبويه".
وقد روي الزجاجي قصة تؤكد هذا الخبر، قال: " وكان أبو عمر الجرمي يومًا في مجلسه، وبحضرته جماعة من الفقهاء، فقال لهم: سلوني عما شئتم من الفقه فإني أجيبكم على قياس النحو، فقالوا له: ما تقول في رجلٍ سها في الصلاة فسجد سجدتي السهو فسها؟ فقال: لا شيء عليه، قالوا له: من أين قلت ذلك؟ قال: أخذته من باب الترخيم، لأن المرخّم لا يُرخّم"
وفي رواية أخرى هناك قصة شبيهة بالسابقة ، حيث قال: " أخذته من كتاب التصغير، لأن الإسم إذا صُغّر لا يصغّر مرة أخرى"
ومن يشكك في قولي فليرجع إلى ( مجالس العلماء للزجاجي) صفحة 251، 252
كما أورد لكم بعض الكلام... ومما يجب الانتباه له أن بعض علماء الفقه كانوا يلجأون إلى بعض علماء النحو ليضبطوا لهم بعض مسائلهم الفقهية، ومن ذلك ما أتى به السرخسي صاحب كتاب المبسوط، عند شرحه لكتاب السير الكبير للشيباني .. الشيباني صاحب ومعاصر الإمام أبي حنيفة، قال: " أعلم بأنّ أدق مسائل هذا الكتاب وألطفها في أبواب الأمان، قد جمع بين دقائق علم النحو ودقائق أصول الفقه، وكان ــ أي الشيباني ــ يشاور فيها علي بن حمزة الكسائي رحمه الله تعالي، فإنه كان ابن خالته، وكان مقدمًا في علم النحو"
ولعمري .. فقد سمعت وقرأت لبعض الناس، يخلطون خلطًا عجيبًا باستشهادهم ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وهو يجهل معناها.
بل أنه طرق سمعي وأنا استمع الى بعض الفضائيات أنّ بعض الذين يدعون بالدعاة يلحنون في كلامهم على مرأى ومسمع من الناس، ترى بهؤلاء كيف يفهمون القرآن؟ إذا كانوا هم أجهل بلغة القرآن.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-21, 07:35
ما هي إلا استراحة من حلقات ذلك الحسين ـــ رحمه الله ـــ مع ما كتبتُ ونشرتُ يومًا، وكأنه تطبيق لتلك الدروس.
والقول لكم.. ورحم الله من أصلح عيبًا، أو غض الطرف عن زلل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
أحبتي، وخلاّني
سلامٌ يتنفس بالأقاحي وإيراقه، فيتبسّم به نور الصباح وإشراقه ...
أتشرف أن أتدارسَمع أحبة وحُماة الضاد، هم زينة الشروق في كلّ النوادي، وهم كذلك بشاشة النجد والوادي، لأنهم منارة للمعرفة وهادي .
هذه" مقامة " نشرتها في غير أوانها، وفي غير مكانها.
أعيدها هنا في المكان المناسب لها، وما أشرفه من مكان. تحكي ما أصاب العرب، من شر قد اقترب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقامة الباريسية
حدّثنا قسورة قال:
بينما كنت أطرحُ عن نفسي الكسل، وأنا غارقٌ في الأمل، أشعر بالملل لكثرة العلل.
وبما قد لاح، مع تجاعيد الصباح، وما تعودنا من روتين، وابتعادنا عن الدين.
بينما أنا على تلك الحال، مع ذلك المنوال، إذ اقترب مني أستاذ، بالنسبة لي ملاذ، وعن عصرنا شاذ.
يحفظ كثيرًا من القريض، وينهل بغزارةٍ من العريض. ولي معه صحبتي وقراري، لأني لا أراه يداري، والحاذق في بحره لا يجاري، يبعث دومًا إصراري، ويقتفي آثاري، فكأنما يسير في فلكي و مداري، وأمامه لا أكتم أسراري، وأُريده في جواري.
وكالعادة ــ أيتها السيدات والسادة ــ بما يبعث على السعادة، بادرني بمعسول النحو، ورونق الشدو، فنبع علمه لا يعكره دلو، وأدبه ولا يضيق به بهو.
بالشعر حيّاني، ونفض الغبار عن آذاني، آهٍ ! فقد أيقظ أشجاني، وإلى المتنبي رماني، وألحقني بالحريري والهمذاني، فاندفعت ألملـم أوراق زماني.
فكفكف مدامعي، والتقط مجامعي، حين ردّد على مسامعي:
حيتك عزة بعد الهجرِ وانصرفـت ** فحيّ ويحك من حياك يا جملُ.
حدث هذا ونحن في موطن الفرنسيس بمدينة "باريس " التي قيل عنها ما قيل أنها " بلد الجن و الملائكة ". وكلها تخر صات وأقاويل. هذا، وكنت قد علقت منذ أمد أوتاري. وألجمت أفكاري، وغيبت جواري، وكنت قد طويت مداري، واعتكفت ــ إلاّ عن العمل ــ بداري.
بعد أن جفاني الزمان، وتبدّل الخلان، وتداخلت الألوان والغشاوة عمت المكان، فلا أفق ولا أمان، والرداءة أصبحت العنوان، ونكست الرؤوس عن الأبدان، واستبيحت الأوزان، وقول " الحق " أصبح من الشيطان، والعبث طال الأرصفة والجدران. لأنّ بهذا الزمن اختزلت الأشياء، وفي الوطن العربي تناطحت الأهواء، واستفحل الداء، وعظم البلاء، وتحزبت الغوغاء، واسترجلت حواء، والرجل قد غاب عن الأضواء.
نعم حدث عند العرب الكثير، والأمر هامٌّ وخطير، فلا كبير ولا صغير، وكل من هب ودب له ما يدير، ولو المتاجرة ببيع الخمر ولحوم الخنزير، ورغم الأذى والنفير، وما بالعراق يصير. كأني بالرهط في تخدير، وبلا ألباب تسير، ومنهم من لا يعتبر رغم الذي ننتظر من هذا المحيط القذر. والمصيبة أن الكل يعلم بأن لا أحد سيسلم، ولو ارتقى بسلّم مصاف الأمم، فلا محالة أنّ من نصيبه الألم، والموت القادم الذي لا يرحم، فالطالع ندم، والحاضر سقم.
كأن الشاعر يعنينا، بقولهِ فينا :
أرى حمـرًا فوق الصواهل جمة ** فأبكي بعيني ذل تلك الصواهل.
أعادني صاحبي إلى الوراء، أجول بخاطري في تلك الأجواء، حيث الحال غير الحال والأمل لا يسعه المجال، بل تمتد الآمال في أفق الخيال، إن للخطاب فصله، وللوزن نظمه، و للجمهور نجمه، لا يعتريه قصور، وفي تحديه جسور، و عن ذوقه غيور. متجذر في أصوله، مترفع في ميوله، ينأى عمّا يضنيه إلى ما يغنيه، الوفاء منتهاه، والعتق هواه .والأذن تحنّ للكريم، والذوق السليم، وتطرب بعبد الحليم، وتنفطر القلوب وتحوم، مع قصيد أم كلثوم، ولا نفيق من الألبوم وعبث الروم، والصدى المعدوم.
ناهيك عن الصخب المبهم، واللحن الافرم، وسفور عجرم و هي تداعب الزجاجة، إشهار وحاجة، لتسويق دجاجة.
ورددت قول الشاعر:
جيفة أنتنت فطــار إليها ** من بني دهرها فراخ الذباب.
قلت لصاحبي:
كان للتربية مهد، وللعربي عهد، و للبيد فهد، وللجار حرمة، لا تصادم ولا أزمة، ولا يصنعها مال، بل إخلاص الرجال، فالعزم والتضحية نضال.
فالكل يساير دهره، ويدرك قدره، ولا يكشف ظهره.
قاطعني داحضًا، ولامني معارضًا:
صيرورة الزمان وشروط المكان، فكلامك مدان. فعالمنا اليوم واحة كله فسحة وساحة، والناس في راحة. فضاء إليك، وأنس بين يديك، فخذ مما يليك. وانشد قائلاً:
تحلو الحياة لكل ثغر باسـم ** و رشّ عطرها في الفؤاد الحالم.
فامرح وخذ مما يليك فكلها ** وردٌ تفتــح بالأريج الدائــــم
شعرتُ بانقباض وقلتُ في امتعاض:
ترتيبنا الذيل، وبنا طفح الكيل، علوج في بلادنا تصول، ويقعدنا الذهول، والأذى يلحق بالرسول ــ صلى الله عليه و سلم ــ ولا أمل بادي، ولا حياة لمن تنادي، ومناّ من يرى الأمر عادي.
كل هذا المجون، والكفر المجنون، وما يهدد البطون. فالخلق أصابها الارق، وقد قتلها القلق، والصدر ضاق و فاض، وتهددت الحياض ...
حاول صاحبي كي يجامل، ثم عض الأنامل، وناء كالبعير في تحسر كبير.. صال وجال، واستدار وقال:
إلى متى السكوت واليوم منا يفوت؟
ثم انكمش في دثاره متسائلاً في قراره، متحاملاً على جواره. والقدم منه جف، والوجه قد خسف، والفصل انكشف، والوضع انتصف، فالضر يحوم جراد محموم، القصد معلوم، والدرس مفهوم.
ومن وحي الفراسة، قال ما بال الساسة، وتجار السياسة؟
أحزاب وحكام الكل نيام، يتيهون على الدوام، كأسراب الهوام ، ألا يعتبرون بصدام؟..
تأوهَ صاحبي وتأوهتُ، ومن الأسى مهمهَ ومهمهتُ، انكسر الحلم، وانشطر الظلم. وانحصر الأمام، وغاب الإمام، فتلعثم الكلام، وجفت الأقلام.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-29, 20:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحبتي وخلاّني.
أواصل معكم تلك الحلقات.
طلب من ذلك الجد ــ رحمه الله ــ مرة أن أكتب ما يلي:
"فكلي واشربي وقري عينًا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا"
ثم قال: أظن المقصود هنا بالعين، أنها العين الباصرة.
ثم أمرني أن أكتب ما يلي:
"وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين"
وقال لي:أنّ العين هنا فلا محالة أنها عين الماء.
ترى فما هو جمع " عين "؟
فقلتُ تجمع " عين " على "عيون" و"أعين"
نظر إليّ باسمًا وقال لي:
ومادام الحال كذلك فتعال نستخرج من القرآن الكريم الآيات التي تحتوي على " عيون"
1ــ "إن المتقين في جنات وعيون"
2ــ " فأخرجناهم من جنات وعيون"
3ــ " أمدّكم بأنعامٍ وبنين، وجناتٍ وعيون"
4ــ " أتتركون في ما ها هنا آمنين، في جناتٍ وعيون"
5ــ " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون "
6ــ " كم تركوا من جناتٍ وعيون"
7ــ " إن المتقين في مقام أمين، في جنات وعيون"
8ــ " إن المتقين في جنات وعيون"
9ــ " وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر"
10ــ " إن المتقين في ظلال وعيون"
ثم الآن تعال نستخرج الآيات التي فيها " أعين "
1 ــ "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين"
2 ــ "قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم"
3 ــ "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالإنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون"
4 ــ "ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون"
5 ــ "وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرًا كان مفعولا والى الله ترجع الأمور"
6 ــ "ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون"
7 ــ "ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين"
8 ــ "واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون"
9 ــ "الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا"
10 ــ "قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون"
11 ــ "فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون"
12 ــ "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما"
13 ــ "فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون"
14ــ "أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا"
15 ــ "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما"
16 ــ "ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون"
17 ــ "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"
18 ــ "يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون"
19 ــ "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم"
20 ــ "تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر"
21 ــ "ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر"
فلو نتأمل جيّدًا وبتمعنٍّ في كل من " عيون" و" أعين" وموقع كل مفردة في سياق الآيات القرآنية في المجوعتين السابقتين نجد ما يلي:
أن القرآن الكريم قد استعمل " العيون " و" الأعين"
فعندما تكلم وجمع " العين " على العيون قصد بها عيون الماء.
وعندما جمع " العين " على الأعين قصد بها الأعين الباصرة.
ولك أن تبحثَ في القرآن الكريم، ثم تأكد بنفسك.
فقلت: كيف أبحث وقد أتيتَ بكل الآيات التي تقول بذلك.
وكالعادة انصرفتُ وأنا في ذهول.
وإلى اللقاء مع حلقة أخرى

صَمْـتْــــ~
2019-07-29, 22:12
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحبتي وخلاّني.
أواصل معكم تلك الحلقات.
طلب من ذلك الجد ــ رحمه الله ــ مرة أن أكتب ما يلي:
"فكلي واشربي وقري عينًا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا"
ثم قال: أظن المقصود هنا بالعين، أنها العين الباصرة.
ثم أمرني أن أكتب ما يلي:
"وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين"
وقال لي:أنّ العين هنا فلا محالة أنها عين الماء.
ترى فما هو جمع " عين "؟
فقلتُ تجمع " عين " على "عيون" و"أعين"
نظر إليّ باسمًا وقال لي:
ومادام الحال كذلك فتعال نستخرج من القرآن الكريم الآيات التي تحتوي على " عيون"
1ــ "إن المتقين في جنات وعيون"
2ــ " فأخرجناهم من جنات وعيون"
3ــ " أمدّكم بأنعامٍ وبنين، وجناتٍ وعيون"
4ــ " أتتركون في ما ها هنا آمنين، في جناتٍ وعيون"
5ــ " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون "
6ــ " كم تركوا من جناتٍ وعيون"
7ــ " إن المتقين في مقام أمين، في جنات وعيون"
8ــ " إن المتقين في جنات وعيون"
9ــ " وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر"
10ــ " إن المتقين في ظلال وعيون"

ثم الآن تعال نستخرج الآيات التي فيها " أعين "
1 ــ "وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين"
2 ــ "قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم"
3 ــ "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالإنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون"
4 ــ "ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون"
5 ــ "وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرًا كان مفعولا والى الله ترجع الأمور"
6 ــ "ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون"
7 ــ "ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين"
8 ــ "واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون"
9 ــ "الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا"
10 ــ "قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون"
11 ــ "فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون"
12 ــ "والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما"
13 ــ "فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون"
14ــ "أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا"
15 ــ "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما"
16 ــ "ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون"
17 ــ "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"
18 ــ "يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون"
19 ــ "واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم"
20 ــ "تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر"
21 ــ "ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر"
فلو نتأمل جيّدًا وبتمعنٍّ في كل من " عيون" و" أعين" وموقع كل مفردة في سياق الآيات القرآنية في المجوعتين السابقتين نجد ما يلي:
أن القرآن الكريم قد استعمل " العيون " و" الأعين"
فعندما تكلم وجمع " العين " على العيون قصد بها عيون الماء.
وعندما جمع " العين " على الأعين قصد بها الأعين الباصرة.
ولك أن تبحثَ في القرآن الكريم، ثم تأكد بنفسك.
فقلت: كيف أبحث وقد أتيتَ بكل الآيات التي تقول بذلك.
وكالعادة انصرفتُ وأنا في ذهول.
وإلى اللقاء مع حلقة أخرى







السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيك الفاضل علي قسورة على طيبِ الإثراء
فمثل هذه المعلومات تزيدنا نفعا، وشخصيّا لم أكن على علمٍ بأنّ لفظة عيون لا تخصّ عضو الإبصار
مع أني غالبا أوظّف لفظة الأعين في الجمع من باب استحسانها ..
علما أنه ورد في معجم مختار الصحّاح:
ع ي ن : العَيْنُ حاسة الرُؤية وهي مُؤنثة وجمعها أعْيُنٌ و عُيُونٌ و أعْيَانٌ..


لكن يبقى كتاب الله المُحكم أوثق مصدر للتعلّم.

نحمده سبحانه أن أكرم به أمّة الإسلام.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-29, 22:57
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيك الفاضل علي قسورة على طيبِ الإثراء
فمثل هذه المعلومات تزيدنا نفعا، وشخصيّا لم أكن على علمٍ بأنّ لفظة عيون لا تخصّ عضو الإبصار
مع أني غالبا أوظّف لفظة الأعين في الجمع من باب استحسانها ..
علما أنه ورد في معجم مختار الصحّاح:
ع ي ن : العَيْنُ حاسة الرُؤية وهي مُؤنثة وجمعها أعْيُنٌ و عُيُونٌ و أعْيَانٌ..


لكن يبقى كتاب الله المُحكم أوثق مصدر للتعلّم.

نحمده سبحانه أن أكرم به أمّة الإسلام.




وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الفاضلة والكبيرة قدرا / مسؤولة الاعلام والتنظيم في صفحتي.
أنه لشرف كبير لي بذلك.
ويزيدني شرفا أن اتحاور مع من هي للثقافة العربية لها الباع الطويل.
هو فعلا ما قالت بها بعض قواميس اللغة العربية في جمع عين على: عيون ، وأعين، وأعيان.
ولكن ــ وكما تفضلتِ حين كتبتِ ــ يبقى كتاب الله هو المرجع والمصدر، يقول جلّ في علاه:
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين "
وجدي رحمه الله، هكذا ظهر له بعد اتيانه بالآيات التي توظف " العيون " والآيات التي تأتي " بالأعين"
سرني مروركِ وجميل تعليقكِ يا فاضلة.
بارك الله فيكِ
تحياتي

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-30, 05:45
يا رفيقي.
إذا كنتَ ذلك الذي يسامر بالفصيح في السّحَر ، وينادم بالبليغ مع السمر، وليبوح بتباريح الشوقِ للضاد، ثم يبث من الحنين لها و الوداد.
فلِمَ لا تعرني من بلاغتك لأعبّرّ بما في الضمير؟ وأحكي للضاد مع ما لي من سِمة التقصير
أحبتي وخلاني.
قرأ حسين ــ رحمه الله ــ مرة على مسامعي:
" ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري، قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يرجعَ إلينا موسى"
ثم طلب مني كتابة ذلك. وقال ليتك ترنو جيدًا إلى" لن نبرحَ ".
ثم استفسرني قائلا :
ترى ماذا يعمل هذا الفعل؟
فتشجعتُ وقلتُ:
إن ماضي هذا الفعل هو " برح"، وهو من النواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر، فترفع الأول ويسمى اسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها.
ونقول عنها كذلك الأفعال الناقصة.
كما أن " برح " يدلّ ويفيد ديمومة واستمرار الحدث.
وهي مثل: (زال، وفتئ، وأنفك.....). بشرط أن يسبقها نفي، أو نهي، أو دعاء.
فتبسم كعادته وقال لي: جميل جدّا.
وأما الآن ليتك تكتب ما يلي وتخبرني عن موقع " برح " في هذه الآية الكريمة:
" فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًّا قال كبيرهم ألم تعلموا أنّ أباكم قد أخذ عليكم موثقًا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرحَ الأرضَ حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين"
ثم ستطرد قائلا:
فهل نحكم على أن " لن أبرح" هنا هي من الأفعال الناقصة؟ وإذا كانت كذلك فأين اسمها وخبرها؟
فتعلثم لساني واحترت في الذي أقوله.
وعندما رأى عجزي وحيرتي.
قال لي:
لا عليك..
فقد تكلم فقهاء اللغة وقالوا:
أن "برح" تكون تامة إذا كانت بمعنى "غادر" أو "فارق" أو "ظهر منه"
لأننا قد نقول: برح الخفاء، أي ظهر.
ولو نعود إلى سياق الآية الكريمة نجد أن كبير إخوة يوسف يقول: " فلن أبرحَ الأرضَ" أي لن أغادر أو لن أفارق الأرض .. حتى يأذن لي أبي.. إلخ.
إذًا أن " برح " هنا هي فعل تام ..
ومادامت " برح" هنا تامة فمن اللازم أنها تتعدى إلى مفعول به
ولو ننظر إلى "الارض" نجدها تعرب مفعول به منصوب
هنا نستطيع القول أن " برح " ليست ناقصة لأنها تعدت الى مفعول به.
فما كان مني سوى الصمت.
تحياتي.

صَمْـتْــــ~
2019-07-31, 10:41
فتشجعتُ وقلتُ:
إن ماضي هذا الفعل هو " برح"، وهو من النواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر، فترفع الأول ويسمى اسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها.
ونقول عنها كذلك الأفعال الناقصة.
كما أن " برح " يدلّ ويفيد ديمومة واستمرار الحدث.
وهي مثل: (زال، وفتئ، وأنفك.....). بشرط أن يسبقها نفي، أو نهي، أو دعاء.




السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيك الفاضل عليّ،
وللتعمّق أكثر أودّ القول أننا نفهم ممّ ورد بجوابك على الجدّ حسين رحمه الله أنّ الأفعال الماضية:
[فتِئ، برحَ، زالَ، انفكَّ] لا يمكن أن تعمل عمل كانَ النّاسخة إلاّ في حال اقترانها بالنّفي أو النّهي أو الدّعاء
لتُصبح على سبيلِ الذّكر [ما برَحَ، ما انفكَّ، لا زالَ (التي تفيد الدّعاء: وأعتقد أنه التمنّي بعدم زوال الشّيء..)]
حتى نجد فرصة لطرح السّؤال:


ما الفرق بين: ما زالَ و لا زالَ؟

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-31, 12:32
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بارك الله فيك الفاضل عليّ،
وللتعمّق أكثر أودّ القول أننا نفهم ممّ ورد بجوابك على الجدّ حسين رحمه الله أنّ الأفعال الماضية:
[فتِئ، برحَ، زالَ، انفكَّ] لا يمكن أن تعمل عمل كانَ النّاسخة إلاّ في حال اقترانها بالنّفي أو النّهي أو الدّعاء
لتُصبح على سبيلِ الذّكر [ما برَحَ، ما انفكَّ، لا زالَ (التي تفيد الدّعاء: وأعتقد أنه التمنّي بعدم زوال الشّيء..)]
حتى نجد فرصة لطرح السّؤال:


ما الفرق بين: ما زالَ و لا زالَ؟






وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبا بالفاضلة/ مسؤولة الاعلام والتنظيم في صرحِنا العامر بإدارتهِ ومشرفيهِ وكل روّادهِ الكرام.
صَمْت/ أيتها الكبيرة قدرًا.
يعلم الله هذا الذي أبتغيه أن يكون بين المتحاورين. وهو مدارسة ومجادلة في العلم.
تسألني الفاضلة عن "الفرق بين: ما زالَ ولا زالَ". أقول:
إن فقهاء اللغة قالوا: أنّ (لا) إذا دخلت على الفعل الماضي ولم تتكرر في أغلبها تفيدُ الدعاء.
فمثلا نقول: " لا فضّ فوك"،"لا شلت يمينك"، " أو كما قال الصحابي الجليل خالد بن الوليد ـــ رضي الله عنه ـــ في بعض الرويات: "لا نامت أعين الجبناء" وهذه كل التراكيب تفيد الدعاء، ثم لترنو معي الفاضلة/ صَمْت إلى هذا البيت من الشعر الذي جاءت فيه "لا زالَ"
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البِلى** ولا زال منهلاً بجرعائِكِ القطرُ
فالشاعر هنا يدعو لدار محبوبته بدوام المطر.
وإذا أريد للام الداخلة على الماضي أن تكون للنفي كررت، كما في قوله تعالى في الآية 31 من سورة القيامة حيث يقول جلّ في علاه:
" فلا صدَّق ولا صلَّى".
وعليه فالفرق أن " لا زال " تفيد ــ ما لم تتكرر ــ الدعاء، أما "ما زال" فإنها تفيد الاثبات في النفي أو النهي.
وخلاصة القول: أن "ما زال" تدخل على جملة اسمية خبرية تحتمل الصدق والكذب، بينما "لا زال" ــ ما لم تكرر ـــ تدخل على جملة فعلية إنشائية تفيد الدعاء ولا تحتمل لا صدقا ولا كذبا.
وهناك من يخطئ في ذلك حتى من بعد الكتاب.
أرجو أن أكونَ قد وُفقتُ لذلك.
سرتني مداخلتكِ هذه يا فاضلة.
تحياتي

علي قسورة الإبراهيمي
2019-07-31, 18:19
إيهٍ ! يا ضاد.
فولا النفائس ما حفل الأنامُ بالأدراج ، ولولا الكواكب ما حفظ الناس أسماء الأبراج.
وأنت نفيسة بين المجوهرات، وكوكب علا وتسامى بين المجرات.
ولكن فهل هناك أبناء، ليكونوا أكفاء؟ .. وعرائس كلماتكِ أصبحنَ نسيًا منسيّا.
قال لي ـــ رحمه الله ـــ مرة:
وحتي لا ندخل في جدالٍ قد يكون عقيما، ونخوض في نقاشٍ لا فائدة تُجنى إن كان الاستمرار فيه.
عندما نقول: هل ما يأتي سرده، أ هو حديثٌ أم قول مأثور؟
ولفض الإشكال دعني أقول لك: لقد جاء في الأثر، ومصادر الرواية والخبر، أنه قيل:
إنّ من الشعر لَحكَمًا، وإنّ من البيان لَسِحرا.
فما رأيك لو نتدارس اليوم ما قيل من الأشعار، ثم نحاول فهمها، وشرح ما تعذر علينا فهمه.
قلت: لك ذلك.
سكت برهةً كأنه يتذكر شيئًا.. ثم قال لي: أكتب ما يلي، وليتك تؤشّر بالأحمر على المفردات التى صعُب علينا فهمها:
1ـــ ولمّا خاف نملةً اعترتهُ ** تمنّى نِقرسًا كي لا يَحينَا.
2ـــ لهُ في شدّةِ الظُّلماتِ نورٌ ** يلذُّ حديثُه ويقرُّ عيْنَا
3ـــ ويركب وَهْمَهُ في كل هَجْرٍ ** لِيُوردَه عقيب المُصدرينا
هنا جنّ جنوني وقلتُ: لماذا لا تنشدني الشعر الذي يعرفه الناس؟
نظر إليّ وقال: وهل هذا ليس من الشعر؟
وليتك تنتبه إلى ما أشكل عليك فهمه، فمع الأخذ والرد، فلا محالة سنصل إلى غايتنا.
والنملة في البيت الأول: عبارةٌ عن قُرحةٍ تخرج في الجنب، تكون في بداية الأمر بثرًا صغارًا مع ورم بسيطٍ، ثم تتقرّح وتتسع.
قال بعض الشعراء:
ولا عيبَ فينا غير أنّا لِمَعشَرٍ ** كرامٍ وأنّا لا نخطُّ على النملِ.
كما أن النملة في غير هذا المعنى، هي شقٌّ في حافر الفرس، ويُعدّ من العيوب في الخيل.
والنقرس في البيت .. قصد الشاعر به الطبيب الحاذق، ويقال له النقريس أيضًا.
قال الشاعر رؤبة:
وقد أكونُ مـرةً نِـطِّـيسًـا ** بخبءِ أدواءِ الصِّبى نِقريسا.
والنّقرس كذلك: داءٌ معروفٌ.. كما أن النّقرس عبارة عن الداهية الفطن.
كما أن النقرس أشياء تتخذ النساء للزينة.. ولك في الحديث: " وعليه نقارس الزَّبرجد والحلي"
النور في البيت الثاني جمع نوارٍ، والمفردة قد تكون المرأة التي تنفر من الريبة. ثم أن أهل اللغة يقولون: نارت المرأة تنور نَوْرًا ونِوارًا.
والنَّوْر: نَور الشجر. وكذلك أن النوار من الخيل هي التي استوقدت وأرادت الفحل.
وكلٌّ من المرأة النفور من الريبة، ونور الشجر ونضارته، والخيل وجمالها. فكل ذلك ما يلذّ ويستمتع به الحديث، كما تقر به الأعين.
أما في البيت الثالث.. فنجد أن مفردة وَهْمه، أي: جمله، لأن الوهم تعني الجمل الكبير والعظيم.
والهجر: هنا الشاعر يقصد نصف النهار مع القيظ، أي الهاجرة
ولتقريب المعنى لكل من الوهم والهجر .. تعال نعود إلى ذي الرمة وهو يقول:
إليك ابتذلنا كل وهْمٍ كأنه ** هلال بدا في رمضةٍ يتقلَّبُ.
وكالعادة لم انبس ببنت شفة.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-04, 13:26
يا من بها القرآن يُتلى إلى يوم الدين.
أ يا لهفي عليكِ يا ضاد .
لَعمري ، إن الخلائق صمموا على هجركِ
و قد عجز بعض الأنام أن يصلوا أصدافكِ، فنرى القوم قد هجروكِ و منهم من عاقكِ .
يا ضاد فقد كنتِ عقيلة حرة، فأصبح لكِ من اللغات واللهجات ضرّة ومضرة
ترى هل هناك من هو عنكِ منافح، ولكن يظهر أن هناك من بعض العُرب لكِ قادح ..
وذلك الأمر من الأعاجيب، من يدّعى بالعُرب وما هم سوى أعاريب.
هيهات ! هيهات ومع ذلك أقول:
إن من لاموا وعاتبوا العربية ، فما هم سوى بغاث غوغاء .
و قد قيل : إنَّ البغاثَ بأرضنا يستنسِرُ
وهم هم ليسوا بذي بال، فهم لا يحركون ساكنًا إذا مال، ويلفظهم اللسان إذا قال.
وصدق من قال:
لا أمدح إلا ممدوحاً، ولا أقدح إلا مقدوحاً. ولا يستفزني رعد كل سحابة، ولا يخيفني طنين كل ذبابة.
والكلام لا يزال.
قال حسين ــ رحمه الله ــ يومًا:
لك هذا مني ..
هناك قاعدة نحوية تقول :
كل ما جاز أن يكون عطف بيانٍ ،جاز أن يكونَ بدل الكل من الكل .
إلاّ في حالتين إثنتين فقط
فما هما ؟
مع العلم أننا تعلمنا عطف البيان، كما درسنا البدل.
كالعادة كان الجواب مني تعلثماً ثم صار صمتًا.
عندها خاض في الكلام بالحجة وقال، واتبع شرحه على ذلك المنوال قائلا:
إن الحالتين هما:
1ــ عندما لا نستطيع الاستغناء عن التابع.. مثل:
"آمال جاء قسورة أخوها"
فـ"أخوها"هنا هو التابع، ولا يمكن الاستغناء عنه ، إذًا هو عطف بيان ولا يجوز أن يكون بدلاً.
لأننا لو استغنينا عن كلمة ( أخوها) لاصبحت الجملة هكذا:
"آمال جاء قسورة" .
فالكلام هنا غيرُ مفيدٍ بل هو مبهمٌ، ولا يؤدي إلى الغرض.
2 ــ أن يكون المتبوع غير مستغنى عنه، أو يكون الكلام غير صالحٍ لو حُذف المتبوع.
فلو قلنا مثلاً:
يا قسورة الإبراهيمي
و كانت كلمة " الإبراهيمي "تسمية يُعرف بها"قسورة" دون غيره، أي أصبحت اسم علم لهُ..
فلو استغنينا عن كلمة " قسورة" فإننا لا نستطيع أدخال حرف النداء "يا" على الاسم المعرف بأل التعريف.
إلاّ لفظ الجلالة ( الله ) لنا أن نقول:
"يا الله"..
وبمعنى أكثر إذا قلنا: "يا الإبراهيمي" ليس في العربية بشيء..
ولنا أن نقول: "يا إبراهيمي" عندها نكون قد حذفنا "ال" التعريف.
وما رأيك فيما قلت؟..
فما كان مني أنني رددتُ: وهل بعد كلامك ما أقول؟!.
فأذِن لي بالانصراف.
تحياتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-12, 17:51
لهف نفسي، ويا خيبتي ووكسي .
أرى القومَ قد ضربوا على الضاد سكوتًا و صمتا، ولم يعطوها أمّةً ووقتا.
وكأن لا يُسمع لهم لتدارسها ركزا، بل أن القومَ يهربون منها كأن الشياطين تأزهم أزّا
فَلكِ الله أيتها الضاد، من هؤلاء العباد.
و مع ذلك أقول لكِ:
لكِ يا منازل في القلوب منازل...
فالقوم عنكِ في غفلةٍ.
وسيندمون، ولات ساعةَ مندم.
ومع حلقات ذلك الحسين يستمر اللقاء.
قال لي مرة:
هذه المرة لاأريد أن أشقّ عليك.
ولكني أطلب منك أن تتأمل الفعل " أتى" وكيف جاءت معانيه في بعض آيات القرآن الكريم .
وبحول الله سوف أقرّب لك معناه وما المقصود منها.
يقول رب العزة :
" يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ"
فتأمل معي أن الفعل " يأتيه " فإن تقدير الكلام في ذلك .. (يستقبله ) وكأنه يحيط به من كل جانب.
ثم لك أن تنظر معي إلى هذه الآية:
" أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون"
ألستَ معي أن الفعل " أتى " فالمقصود به ( اقترب ) و (دنا)؟
ثم أبحر معي في هذه الآية:
" أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون "
لعلك توافقني إن قلتُ لك: هنا المقصود بالفعل " يأتيهم " .. ( يباغتهم ) و(يفاجئهم)
ثم نبحر أكثر مع قوله تعالى:
" وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين "
فهل تشك في أن الفعل " يأتي " المعنى منه أنه ( يظهر ) و(يخرج) من بعدي رسول أسمه أحمد.. إلخ؟
وسنبقى نبحر مع كلامه جل في علاه:
" يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون"
ألا توافقني الرأي أن الفعل " تأتوا " هنا بمعنى ( تدخلوا) البيوت ....؟
وما أجمله من إبحار لو نعرج إلى قوله تعالى:
"قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير"
فالفعل " تؤتي" هنا تقديره .. ( تمنح) و( تعطي) الملك من تشاء.
ولنعرج على قوله عز وجل:
" قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون"
وارنو معي إلى الفعل " فأتى " فتوافقني أن المعنى منه .. أى (فهدّم ) الله بنيانهم من القواعد..
وكذلك الفعل " أتاهم " تقديره .. ( جاءهم ) العذاب من حيث لا يشعرون..
وتعالى معي لنمرَّ على قوله تعالى:
" وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون"
فالفعل "لا يأتون " فمعناه ( لا يؤدون ) الصلاة إلاّ وهم كسالى..
ثم لنرسو من الإبحار على هاتين الآتيتن:
" ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين "
و
" أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين"
ففي الآية الاولى فالفعل " أتأتون؟" و تقديره .. ( أتمارسون) الفاحشة ؟
أما الآية الثانية فالفعل " " لتأتون " فمعناه (لتلوطون) الرجال..
أما الفعل " وتأتون " فتقدير ذلك .. ( وتمارسون) في ناديكم المنكر..
والله أعلم...
ترى أقربتُ لك المعنى، أم لا.
فقلتُ : كيف لا يا جدي .. فالدرس مفهوم، والكلام معلوم.
أراك لم تترك آية.
عندها سمح لي بالذهاب لحال سبيلي

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-15, 07:47
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ.
إلى أربابِ وربّات القَلَمِ، الذين أوحوا لي أنهم نذروا للأدبِ حـبًّا، وللضاد حبرًا عذبًا.
فبكم يشتدّ ساعد الحظِّ، ويمتدّ وارِف اللفظِ.
ما لي أراكم
تمرّون الدّيارَ ولا تعوجوا.
كأنّكم عن هذه الحلقات في حداد، وقد ألبستموها بالبعدِ السّواد.
أوَ ما قلنا إنّ الأدبَ غذاء الرّوح، ومرور الكرامِ عطر يفوح ؟!
فلِمَ الهجر منكم هكذا يطول؟!
اِعلموا.
أنني لستُ أعاني من عسرة، ولا ينتابني بالبعدِ حسرة، كما أنني لا أشعر بقترة ولا فترة
إِنما هو عتاب محِبٍّ يطمع في مدِّ حبالِ وصلِكم، وتذكِيرُ موِدٍّ ينوِي إِنهاءِ هجركم .
أمّا وإِن كنتم قد مللتم فلا عزاء لي بعدكم . .
وقد تنفعُ الذّكرى إِن كان هجركم دَلالاً، فلا نفعًا إن كان هذا البعد ملالاً.
عجباً!
لكِ الله أيتها الضاد!.. حتى الذين يدّعون أنهم " حُماتكِ " يمرّون المضارب " كراماً "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنَ الأحسن أن نكتب في غسل الصحون والطبيخ، أو ننشر مواضيع في سب طائفة، وشتم فرقة أخرى، أو حاكمي أحسن الحكّام، وبلدي زينة البلدان، ــ وإلاّ أنت "خائن" " مسبّ العرض" و"كافرٌ ملعونٌ " في السماء والإرض، أو الكلام في الفسيخ.
فذلك " أجدى" و" أنفع "

sousou 5
2019-08-15, 19:34
حقيقة عجز لساني عن شكرك أ الثناء عليك لهذا الموضوع المميز رحم الله الشيخ الحسين و بارك الله فبك على هذا المووضوع الققيم و النافع

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-15, 21:54
حقيقة عجز لساني عن شكرك أ الثناء عليك لهذا الموضوع المميز رحم الله الشيخ الحسين و بارك الله فبك على هذا المووضوع الققيم و النافع


sousou 5/ أيتها الاخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ها هو متصفحي قد أزدان بمقدمكِ له، وتشرّف بمروركِ عليه.
إنه لمن البهجة والسرور أن يروق لأخت مثلكِ ما تدارسته مع ذلك الجد العالم بحق.
واشكر لكِ دعائكِ لجدي رحمه الله.
بارك الله فيكِ، واجزل نعمه عليكِ.
وتحياتي بكِ تليق.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-17, 06:26
أنتم.. وأين ما كنتم.
أحبتي، وخلانيّ
إن في لغتِنا من ألقِ البيان ما يفيض على جنباتها، ليحوّل رونق الحسن على صفحاتها.
وما أفصحه من أعرابي وهو يقول للحسن البصري :
" علّمني دينًا وسوطا، لا ساقطًا سقوطا، ولا ذاهبًا فروطا
ففهمها البصري حين قال له:
" أحسنتَ خير الأمور أوسطها"
ولكن ما لنا أصبحنا الآن تطالعنا جرائد سيارة، وصحف منشّرة.
مضطربة الألفاظ مفككة الأبعاض، منتشرة الأوضاع متباينة الأغراض.
وناهيكَ عن التلفاز، وما يأتي به سوى فهاهة أرجاز .
كلامٌ تنبو عن الإصغاء إليه الطباع، وتمج عن استماعه الأسماع
فسلامٌ على الضاد إن كان هذا كلام، الذي لا يبلغ المرام .
كلامٌ فيه تعسف وتحريف، ولغة كلها هفواتٌ وتخريف.
فويل للعرب، فالهول على لغتهم قد اقترب .
فإذا ضاعت لغتهم فبِمَ يفتخرون؟! فالأحسن لهم أن ينتحرون .
فواعجبًا لأمةٍ أفرادها كلامهم يتسلى به الأخرس عن كلمهِ، ويفرح الأصم بصممه.
ناهيك عن الحكّام فما لبعضٍ منهم بحماة البلاد، ولا هم بحرّاس لغة الضاد .
ومن كان في شكٍّ من قولنا، فدونه و الميدان، إن أراد أن يكون فرس رهان.
فقد قيل :
عند الامتحان، يكرم المرءُ أو يُهان .
ومع ذلك فإنّ الشمس قد تشرق في غير وقتها إذا كان الجوّ ربيعا، والنسيم رائعًا وبديعا.
وإلى حلقات حسين ــ رحمه الله ــ يتواصل الكلام.
طلب منى أن أكتب ما يلي:
"فقال لهم رسول الله ناقةَ الله وسقياها"
وقال لي:
لماذا أتت " ناقة" منصوبة؟ وما وجه نصبها؟
فقلتُ مازحًا: ومن علمكَ أستفيد يا علامة زمانك..
نظر إليّ ــ وكالعادة ذلك المدح لم يحرك فيه ساكناً ــ وقال:
لا أظنك قد نسيتَ ما قرأناه عن اسلوب الإغراء والتحذير؟
ولو كنتَ صاحب حفظٍ ودراية لعرفتَ ذلك.
ولكن لا علينا.
فإن " ناقة" هنا .. ما هي سوى مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره .. أحذروا ..
وكأنّ نبي الله صالح ــ على رسولنا وعليه الصلاة والسلام ــ يقول لقومه : احذروا ناقةَ الله ولا تقتلوها.
إذًا هذا الاسلوب إنما هو أسلوب تحذير.
فكلمة "ناقة" جاءت منفردةً، قائمةً بنفسها، منصوبة بغير ناصب يُرى. فتأول السياق القرآني على أنه هناك فعلٌ محذوف الذي هو " أحذروا" أو ما شابه ذلك من أفعال التحذير.
وكما تكلم أهل العلم عن التحذير فقالوا :
إن التحذير هو أسلوب تنبيه المخاطب على أمرٍ مكروهٍ ليتجنّبه.
وللتحذير هناك عدة صورٌ.
منها أن يذكر المحذَّر منه ظاهرًا دون تكراره أو عطفه على مثيله، ويحذف الفعل جوازًا ــ مثل سياقة الآية التي بين أيدينا.
ما رأيك في الذي قلته.
فضحكتُ وقلتُ : هل لي ما أقول يانابغة زمانك.
فقال لي: أغرب عن وجهي.
ولكني شعرتُ أن في اعماقه بعض الزهو .. يكاد يخفيه.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-08-25, 22:13
يا رفيقي
دعني أعود بك إى تلك الحلقات.
حلقاتٌ قد تأخذك إلى مفرادات وكلمات مؤتلفة، ولكنها بعد التدارس تجد معانيها مغايرة ومختلفة.
وكذلك الحال مع الضاد وعرائسها.
يجد المرء فيها وكأنها تتلون زهوًّا في أثوابها، ولا يستريح العربي إلاّ عندما يتفنن في مخارج أبوابها.
إنها اللسان!
وصدق الصادق المصدوق ــ صلوات ربي وسلامه عليه ــ حين قال:
" أيها الناس، إنّ الربّ واحدٌ والأبَ أبّ واحد، وليست العربيةُ بأحدكم من أبٍ ولا أمٍّ، وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي"
وبعد هذا ذروني أن أتدارس وإياكم كلام ذلك الحسين ــ عليه من الله شآبيب الرحمة والغفران ــ فإن أعجكم فأجزلوا الدعاء.
وكالعادة، أنشدني شعرًا، ولا أدرى أن ما يأتي به من أشعار، هل هو ذو جدوى، وهل هو في كتب الأوائل ليُروى؟
المهم لستُ أدرى.
أنشدني قائلاً:
1ـــ فتىً كان في وطئ الحلال مساتراً ** فأعلن في وطئ الحرام جِهارا
2ـــ ولا هو يأتي في الصلاة جماعةً ** ويأكلُ في شهر الصيام نَهارا
3ـــ وليس بذي عـذرٍ ولا بمـسافرٍ** ولكن أتى هذا الفعال مِـرارا
4ـــ ليـبلـغَ رضـوانَ الإلـه بفعلهِ ** ويصرفَ عنه في القيامة نارا.
ثم قال تعالى لنتدارسها ونخرج منها ما قد أشكلَ على فهمنا.
فتمتمتُ .. يظهر أن جدي به بعض المس.
قد لا تصدقون أنه في بداية الامر قد رابني منه شيئًا.. وقلتُ له:
هذه زندقة، وشعرٌ كهذا هو أقرب إلى الكفر..
فتبسم وقال:
عندما نتدارسه سوف نعرف ما أستعجم وما صعُب على فهمنا.
ويظهر أن الذي يصعب فهمه هو ما جاء في البيتين الأولين، أليس كذلك؟
فقلتُ: بلى.
فقال: إذن لابد لنا أن نتعمق في فهمهما.
ولنا أن نبدأ بالبيت الاول .. فالذي قصده الشاعر بـ " وطئ الحلال مساتراً " إنما ذلك أرض الحلّ. أي أن الإنسان ليس ملزمًا برفعِ الصوت بالتلبية.. بينما في " وطئ الحرام " الذي هو أرض الحرم، فعليه برفع الصوت جهرًا في التلبية والتكبير.
كما يفعل الحجيج في مكة ــ شرّفها الله ــ وهم يطوفون بالتهليل والتكبير(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك).
أم البيت الثاني فالمقصود بـ " الصلاة " هو الدعاء.
لأن كلمة الصلاة لها عدة مدلولات ومن تلك المدلولات الدعاء.
ولك أن تقرأ قوله تعالى: " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"
وحتى لا نذهب بعيدًا، حتى في كلام واشعار العرب يؤكد أن الصلاة تأتي في بعض الأحيان بمعنى الدعاء.
أنشد بعض العرب الاقحاح:
تقول بِنتي وقد قرَّبتُ مرتحلاً: ** يا رب جنِّبْ أبي الأوصاب والوجعَا
عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغتمضي ** نوماً فإن لجنب المرء مضطجعَا
أي : عليكِ مثل الذي دعوتِ.
أما ما جاء في عجز البيت الثاني:" ويأكلُ في شهر الصيام نَهارا"
فكلمة "نهارا " فالمقصود منها، أن " النهار " هو اسم طائرٍ يدعى " الحبارى " أو فرخ الحبارى.
أي أن الإنسان له أن يأكل هذا الطائر، لأنه من الصيد، والصيد من أحل ما يأكل الإنسان.
في رمضان بعد إفطاره.
أما البيتان الأخيران فليس فيهما ما يصعب فهمه بل فيهما من السهولة الشيء الكثير وما هما إلاّ لتقوية ما سبقهما فقط.
عندها تشجعتُ وقلتُ له: لماذا تأتي دائمًا بهذه الاشعار العويصة لترهقني بها؟
نظر إليّ مليًّا وجليًّا وقال لي:
كأني بك أن تريد من الاشعار التي قال أحد أصحابها:
ربابة ربة البيت ** تصب الخل في الزيتِ
لها عشرُ دجاجات ** وديكٌ حسن الصوتِ.
فقلتُ ذلك ما أريد.. ثم قلتُ له مداعبًا: هل كان "رابحًا" مجتهدًا ومواظبًا على " حلقاتك "؟
فعرف ما أرمي إليه.. فقال: انصرف عنى، وليتك تسأله هو.
فانصرفت .. ومع ذلك احسستُ بزهوٍ فيه، ولكن دائمًا عنا يخفيه.
وهكذا حاله.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-09-22, 14:16
إنها نفحات "جلفاوية" لتدراس الضاد.
فبما أبدأُ؟ وماذا أقول؟
والقول كثير.
فلكم مني سلامٌ أحلى من رحيق الأفواه لدى الصباح، وتحية أجلى من عقيق الشفاه من الصباح، بل هي أعبق من عبير ورد الخدود الفواح، وانشق من أريج شقيقها وقد فاح، وانسق من لؤلؤ المزن في ثغور الآقاح.
ودعوني أقول.. إنها أزهى من زهر الرُبى، وأرقّ من نسيم الصبا.
وذروني أعيد القولَ لأذكركم أن ما أخطه هنا
حلقاتٌ إن هي إلاّ فوائدٌ للطالبِ، وتدارس كتدريب للراغبِ
فتعالوا نغوص في أعماق الضاد بالابحار، أو نرنو إلى العربية فبريقها يتلألأ كالشمس في وسط النهار.
فالبدار! البدار!.
طلب منى حسيننا ــ رحمه الله ــ أن أكتبَ ما يلي:
"وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد"
ثم قال لي:
مَن الذي جعل الفعل " تحيد " يتعدى بـ " من " بينما المتعارف عليه أنه يتعدى بـ " عن " في كثير من التعبير؟
فقلتُ له: هات لنا بما عندك يا جهبذ زمانك، ويا أيها الغريب عن أهلك وأوطانك، والموجود في غير آوانك.
فقال لي: أراك قد اصبحت طليق اللسان، ولكن مازلت بعيدًا من الإتيان ببليغ الكلام مع البيان.
ولنعودَ إلى ما نحن نتكلّم فيه.
لأقولَ لك: أنّ "تحيد" .. فعلٌ مضارع، وماضيه " حاد".
إذن قد نقول:
فلانٌ حاد عَنِ الطَّريقِ الْمُسْتَقيمِ .. أي عدل عنه.
كما نقول:
كادَتِ السيارةُ أن تحيدَ عنِ الطَّريقِ.. أي. كادت أن تميل جانبًا.
كما نقول في تعابيرنا: ما حاد عنه قيد شعرة..اي ما مال عنه، أو ما جنح عنه، أو ما عدل عنه.
ولنا في أشعار العرب ما يؤكد ذلك، فالنابغة الذبياني يقول:
تحيد عن أستن سود أسافله ** مشي الإماء الغوادي تحمل الحزما.
لكن في الآية الكريمة
نجد فعل (تحيد) قد تعدّى بحرف " من ".
السبب في ذلك؟
أنه تعدى بـ"من" لا لشيء سوى أنه تضمن معنى:
" فرَّ" أو "هرب "
إذًا نفهم من السياق القرآني كما يلى:
"وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه ( تفرّ، أو تهرب) "
ثم قال لي:
ما رأيك؟
أقتنعتَ بذلك، أم نعيد التدارس من جديد؟
فضحكت ومزحته حين قلت:
وكيف لا أقتنعُ وحسين هو شارحها؟!
وانصرفت كعادتي.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-10-17, 17:06
بسم الله الرحمن الرحيم.
"إنّ هذا القرآن مأدبةُ اللِه فاقبلوا مأدبتَه ما استطعتم. إنّ هذا القرآن حبل الله والنورُ المبين والشفاء النافع. عصمة ٌ لمن تمسّك به ونجاةٌ لمن اتّبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوّج فيقوّم، ولا تنقضي عجائبهُ ولا يَخلقُ من كثرة الردّ، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كلَّ حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف"
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقول عليه صلاة ربي وسلامه عليه:
"أيها الناس، إنّ الربّ واحدٌ والأب أبّ واحد، وليست العربية بأحدكم من أبٍ ولا أمٍّ وإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي".
أحبتي وخلاني
ذروني أواصل معكم هذه الحلقات..
وأتخلص من حين لآخر من ذكر ذلك الحسين ــ رحمه الله ــ حتى لا تضجروا، وأكتفي بما قاله فقط.
عندها أقول لنرنو إلى هذه الآية الكريمة:
" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خيرٍ يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون"
ثم نتأمل في ما جاء في سياقها، حيث نجد هذا ما يلي:
1ــ" وما تنفقوا من خير فلأنفسكم"
2ــ " وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله"
3ــ " وما تنفقوا من خير يوف إليكم".
تُرى لماذا في الجملة الأولى والجملة الثالثة أن الفعل ( تنفقوا ) جاء بحذف النون، بينما الجملة الثانية جاء الفعل فيها ( تنفقون ) بثبوت النون؟
مع أن كل الأفعال مسبوقة بـ ( ما ).
وعند نعود إلى ما قاله أهل العلم يظهر لنا السبب.
ولوضع الصورة في إطارها والفكرة في مسارها.
نجد أن كلاّ من الجملة الاولى والجملة الثالثة أن ( ما ) أداة شرط تدخل على الفعل المضارع فتجزمه. بينما (ما) في الجملة الثانية نافية فالفعل المضارع بعدها مرفوع بثبوت النون.
وحتى نتوسع أكثر.
يدلنا على ذلك مجيء الفاء بعد الفعل في الجملة الأولى، وجزم الفعل " يوفّ" الذي هو جواب الشرط في الجملة الثالثة.
بينما جاء الإيجاب بـ (إلاّ) بعد الجملة الثانية.
وإن قال قائلٌ، فما الواوان في الجملة الثانية والجملة الثالثة؟
فأقول:
فأما الواو التي في الجملة الثالثة فهي واو العطف، وأما الواو التي في الجملة الثانية فهي واو الحال على أرجح الاقوال.
ليكون ذلك مفيدًا لثبوتِ، إنفاق الخير لأنفسهم..
ويكون المعنى : وما تنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم، في حالة كونه لا يراد به إلاّ وجه الله.
والله أعلم.
ومازال غيث الضاد منهمرًا.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-11-26, 11:14
يا رواد "الجلفة" ويا أعضاء، بارك الله في هذا اللقاء
ثمّ
إنّ السلامَ وإن أهداهُ مرسلهُ ** وزاده رونقا منهُ وتحسينا.
لم يبلغ العشرَ من لفظٍ تبلغه ** أذن الأحبةِ أفواه المحبينا.
فسلامٌ عليكم .. طبتم.
إن الحبيب المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال:
" إنَّ منَ الشعر حكمةً، وإنَّ من البيانِ سحرا"
ولنرى ما نظمه الأوائل، وما قالوه شعرا.
قال أحدهم يتغني بالقريض:
1 ــ أتعرفُ أطلالاً شجونك بالخالِ ** وعيشَ زمانٍ كان في العصًرِ الخالي.
2 ــ لياليَ ريعانُ الشبابِ مسلّطٌ ** عليّ بعصيان الإمارةِ والخالِ
3 ــ وإذ أنا خدنٌ للغوِيِّ أخي الصِّبا ** وللغزِلِ المِرّيحِ ذي اللهوِ والخالِ
4 ــ ولِلخَودِ تصطاد الرجال بفاحمٍ ** وخدٍّ أسيلٍ كالوذيلة ذي خالِ
5 ــ إذا رئِمتْ رَبعًا رئمتُ ربِاعها ** كما رئِمَ الميْثاءَ ذو الرِّيبة والخالي.
6 ــ ويقتادني منها رخيمٌ دَلالهُ ** كما اقتاد مُهرًا حين يألَفُه الخالي
وحتى لا نذهب بعيدًا في ديباجة الشعر، علينا أن نتوقّف عند بعض المفردات قد نراها صَعُب علينا معناها، وخصوصًا مفردة (الخال ).
ففي البيت رقم:
1 ــ نجد أن الشاعر قصد بـ " الخال " بموضعٍ ومكانٍ ما. أما " العصرِ الخالي" فمعناه الأيام والاعوام الماضية. ودليلنا في ذلك فامرؤ القيس انشد قائلا:
ألاَ عم صباحًا أيها الطلل البالي ** وهل يعمنْ من كان في العُصُر الخالي.
أما في البيت رقم:
2 ــ فشاعرنا يقصد بـ " الخال " إنما هي الراية .
ثم ننتقل إلى البيت رقم:
3 ــ فنجد أن "الخال" هنا، إنما ذلك من الخيلاء والكِبر.
وعلينا أن نتابع الكلام في البيت رقم:
4 ــ فنعرف أن الشاعر هنا قصد بـ " الخال " الشامة التي تأتي في الوجه.. ثم تابع بـ " الوذيلة " فإنما هي المرأة .
ويتابع شاعرنا في البيت رقم:
5 ــ يقول: أحب ما تحبُ تلك التي ذات خدٍّ أسيلٍ، فإذا أحبت ربعًا أحببتُه... و" رئمت" هنا .. يقال: رئمت الناقة رئمانًا: إذا حنّت على حُوارها أو فَصيلها وأحبته.. ولنا في قول شاعر آخر ما يلي:
أم كيف ينفع ما تُعطي العَلوق به ** رئمانُ أنفٍ إذا ما ضُنّ باللبنِ.
أما " الميثاء " فمعناها الارض السهلة.. وكأن الشاعر قصد بذلك هنا امرأة ليّنة الملمس والخَلق.
أما " الخالي " هنا إنما هو العزبُ.
وينتقل بنا الشاعر إلى البيت رقم:
6 ــ فـ " الخالي " هنا وكأن الشاعر يقول لنا : يُخليه، أي: يُلقي اللجام في فمه، مادام ذكر المُهر.
أحبتي وخلاني.
ما رأيكم، علا شأنكم؟
فلا تضجروا.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-11-29, 09:20
أحبّتي وخلاني
قال من سبقنا: فإذا طُلب منك تعريف شيءٍ فاشرح، وإذا سُئلتِ عن علمٍ فاوضح.
وإنما الكلام أربعة: سؤالك الشيء، وسؤالك عن الشيء، وأمرك بالشيء، وخبرك عن الشيء.
وأن أهل العلم قالوا: أنّ لكل مقامٍ مقال، والبلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
وهل هناك أبلغ وأفصح من كتاب الله؟!
"ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين"
فعلينا أن نسمو به، ونسبر غوره، ونغوص في أعماقه.
ففي اعماق توجد لآلئ وجواهر.
فالبدار! البدار.
ذهب أهل العلم بالقول.. أن القرآنَ الكريمَ جاءت فيه ألفاظٌ وكلماتٌ تحمل مدلولاً مترادفًا.
ولكن في سياق الكلام تعطي مدلولا مضادًا.
وعلينا أن نرنو لفظ " الغيث" في هذه الآيات:
1ــ" إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير"
2ــ" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد"
3ــ " علموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"
فـ " الغيث " هنا إنما هو ذلك الماء المنسكب من السماء رحمة للعباد، وهو سبب الخير والنماء والزرع وهو متاعٌ للناس والانعام والخلائق الأخرى.
أما إذا نظرنا الى لفظ " المطر " في ما تيسر من هذه الآيات المحكمات:
1ـ " وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"
2ــ " وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم"
3ــ " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود"
4ــ " فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل"
5ــ " ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا"
6ــ " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم"
فـ " المطر " هنا إنما هو نقمة الله على الكافرين المعرضين عن عبادة الله.
ونستدل على ذلك، ونستنتج من السياق القرآني أنه فرّق بين " المطر " و"الغيث" فكان المطر عذابًا وشرًّا ونذرًا بالويل والثبور، بينما الغيث إنما هورحمةٌ وخيرٌ ونعيم.
ومن له ريبٌ أو شكٌّ في ذلك فعليه بالعودة إلى آيات القرآن فليقرأ ذلك بتمعن وتدبر.
وإنني بالانتظار .
يا آل المنتدى.
والحديث ما زال، وبإذن الله سوف يطول.

علي قسورة الإبراهيمي
2019-12-18, 10:37
بسم الله الرحمن الرحيم.
يا آل مضارب "الجلفة"
سلامٌ يغادي نسيم الصبا ويراوحه، ويصابح زهر الربى وينافحه.
وتحيات تعانق أغصان البيان ببديع براعته، وتتراسل ساجعات البليغ بألفاظ بلاغته.
القرآن! القرآن!
إنه الذكر الحكيم.
فمن فهمه فاز، ومن تدبره؛ فعلى فهم العربية حاز. اللهم اجعـل القرآن العظـيم ربـيع قلوبنا، وجلاء هـمومنا وغمومنا ونـور أبصارنا
وهدايـتـنا في الدنـيا والآخرة.
اللهم ذكرنا منه ما نَسيـنا وعلمنا منه ما جهـلنا، وعلمنا فهمه وتدبر معانيه.
ثم ارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا
آناء الليل وأطراف النهار.
آمين.
أحبتي وخلاني.
يأتي الفعل في القرآن إما أن يكون لازمًا، أو متعديًّا.
وقد يتعدى الفعل بنفسه، أو يحتاج إلى حرف لتعديه.
ولكن يختلف السياق والمعنى بالنسبة لكل حرفٍ.
ولنا أن نأخذ على سبيل المثال الفعل " قضى " لنرى ما تضمنه من معنى مع الحروف التي يتعدى بها .
يقول جلّ في علاه:
1 ــ " ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"
في هذه الآية نجد أن الفعل " يقضي " تعدى بـ (في ) فنفهم من ذلك أنه تضمن معنى " يفصل " بينهم.
وإذا انتقلنا إلى هذه الآية:
2ــ " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا"
نجد أن الفعل " قضى " قد تعدى بـ (من).. فمعناه بلغ منها مأربه، ونال منها حاجته.
ثم نواصل الكلام مع هذه الآية:
3ــ " فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما"
نجد هنا أن الفعل " يقضى " تعدى بـ (إلى) لنعلم أنه جاء بمعنى " يتِمّ ".
وإذا نظرنا إلى هذه الآية:
4ــ " ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين"
فنرى أن الفعل " قضى" قد تعدى بـ ( على ) فنجده أنه تضمن معنى: أجهز عليه.
ونواصل النظر ولنا في هذه الآية:
5ــ " إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم"
فنجد أن الفعل " يقضي " قد تعدى بـ " الباء " فلا محالة أن المعنى تضمن معنى: يحكم بينهم.
ونستخلص من ذلك أن الفعل " قضى " يتضمن معانٍ حسب الحرف الذي تعدى بواسطته.
وهذه أعجاز رباني أوجد في كتابه المنزل على حبيبه ــ صلى الله عليه وسلم ــ المرسل.
الذي تحدى به فطاحل اللغة بفصاحته.
وإلى اللقاء في حلقة أخرى.

ahmedselim
2020-01-10, 15:45
بارك الله فيكم

الزمزوم
2024-09-26, 07:20
بارك الله فيك