المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (وفديناه بذبح عظيم)


سيما77
2012-10-19, 07:47
http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/at468451.gif

http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/U4B72575.gif


(وفديناه بذبح عظيم)
الأنبياء والرسل هم صفوة الخلق ، اصطفاهم ربنا جل وعلا وجعلهم في موضع الأسوة والقدوة ، ومن الأنبياء الذين تكرر ذكرهم في القرآن نبي الله إبراهيم عليه السلام ، فهو أبو الأنبياء ، وإمام الحنفاء ، وخليل الرحمن ، وقد ذكر الله لنا أحواله ومواقفه في كتابه ، من دعوته إلى التوحيد والحنيفية ، ومواجهة قومه ، وملاقاته في سبيل ذلك صنوف الأذى والإعراض ، وإعلان براءته من الشرك وأهله ولو كان أقرب الأقربين ، حتى وصفه ربه جلَّ وعلا بقوله : {وإبراهيم الذي وفى }( النجم 37) ، وبقوله : {إن إبراهيم كان أمة }( النحل 120) .


وكثيرة هي الأحداث في حياة نبي الله إبراهيم ، والتي هي محل للعظة والاقتداء ، ولنا وقفة مع حدث من هذه الأحداث ، يتمثل في ثباته في الابتلاء ، وكمال تسليمه وانقياده لأوامر الله جل وعلا . فما أن انتهى أمره مع أبيه وقومه ، بعد أن ألقوه في الجحيم ، ونجاه الله من كيدهم ، حتى استقبل مرحلة أخرى ، وفتح صفحة جديدة من صفحات الابتلاء ، فخرج مهاجراً إلى ربه تاركاً وراءه كل شيء من ماضي حياته ، أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه ، فأسلم وجهه لربه ، وهو على يقين بأنه سيهديه ويسدد خطاه{وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين }(الصافات99) .

وكان إبراهيم وحيداً لا ذرية له ، فتوجه إلى ربه يسأله الذرية المؤمنة والخلف الصالح : {رب هب لي من الصالحين }( الصافات 100) ، فاستجاب الله دعاء عبده وخليله ، وبشره بغلام حليم هو إسماعيل عليه السلام . ولنا أن نتصور هذا الشيخ الكبير الوحيد المهاجر ، الذي ترك أهله وعشيرته ، كيف ستكون فرحته بهذا الولد ؟ وقد جاءه على كبر سنه ، وانقطاعه عن الأهل والعشيرة . ولم يلبث الولد أن شبَّ وكبر ، وفي كل يوم يزداد تعلق قلب الوالد به ، حتى بلغ معه السعي فصار يرافقه في شؤونه ، ويعينه على مصالح الحياة ، ولم يكد يأنس به ، ويؤمل فيه ، حتى رأى الوالد في منامه أنه يذبح ولده ، وهنا جاء الامتحان والابتلاء ( المبين ) الواضح كما سماه الله . فما أعظمه من أمر ، وما أشقه على نفس الوالد ، فهو لم يُطلَب منه أن يرسل بابنه الوحيد إلى ساحات القتال ، ولم يُطْلب منه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته ، إنما طُلِب منه أن يتولى هو ذبحه بيده ، ومع ذلك لم يتردد ولم يتروَّ في الأمر ، بل تلقاه بكل رضى وتسليم ، ولبى من غير تردد ، واستسلم من غير جزع ولا اضطراب .

وأقبل على ولده يعرض عليه هذا الأمر العظيم ، ليكون أهون عليه ، وليختبر صبره وجلده ، وليستجيب طاعةً لله ، واستسلاماً لأمره ، فينال الأجر والمثوبة ، فما كان من أمر الغلام إلا أن قال : { يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } ( الصافات 102) . فدنت ساعة التنفيذ ، ومضى إبراهيم ليكب ابنه على جبينه استعداداً ، والغلام مستسلم لا يتحرك امتثالاً للأمر ، وأسلما جميعاً أمرهما لله بكل ثقة وطمأنينة ورضى وتسليم {فلما أسلما وتله للجبين } ( الصافات 103) ، ولم يبق إلا أن يُذبح إسماعيل ، ويسيل دمه . وهنا كان الوالد والولد قد أديا الأمر ، وحققا التكليف ، والله لا يريد أن يعذب عباده بابتلائهم ، وإنما يريد أن يختبر صبرهم وإيمانهم ويقينهم ، ولما كان الابتلاء قد تم ، ونتائجه قد ظهرت ، وغاياته قد تحققت ، وحصل مقصود الرؤيا ، جاء النداء الرباني: {أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين } (الصافات 104- 106 ) .

ولأن إبراهيم جاد بأعز شيء لله عز وجل ، فقد عوضه الله فداء عظيماً لابنه ، وأبقى ذكره في العالمين ، وبشره بإسحاق نبياً من الصالحين ، { وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الآخرين }(الصافات 107- 108) . ومضت بذلك الأضحية ، سنة باقية في العالمين ، يقتدى فيها بالخليل إلى يوم الدين ، وخلَّد الله ذكرى هذه الحادثة العظيمة في كتابه ، لبيان حقيقة الإيمان ، وأثر الطاعة ، وكمال التسليم ، ولتعرف الأمة حقيقة أبيها إبراهيم الذي تتبع ملته ، وترث نسبه وعقيدته ، ولتعلم أن الإسلام هو دين الرسل جميعاً ، وأن حقيقته إنما هي الاستسلام لأوامر الله ، بدون تردد أو تلكؤ ، ولو كانت على خلاف مراد النفس وأهوائها . وليوقن العبد أن الله لا يريد أن يعذبه بالابتلاء ، ولا أن يؤذيه بالبلاء ، وإنما يريد منه أن يأتيه طائعاً ملبياً ، لا يتألى عليه ، ولا يقدم بين يديه ، فإذا عرف منه الصدق ، أعفاه من الآلام والتضحيات ، واحتسبها كما لو أداها ، وأكرمه كما أكرم أباه إبراهيم من قبل .



http://www.islamweb.net/articlespictures/A_703/136641.jpg



(ولكن يناله التقوى منكم)


مشروعية الأضحية ثابتة بالكتاب الكريم ، والسنة الشريفة ، وإجماع أهل العلم ، وهي من أعظم القربات التي يتقرب بها العباد إلى ربهم ، شرعها سبحانه لحكم جليلة ومقاصد عديدة ، وفعلها رسوله - صلى الله عليه وسلم - امتثالاً لأمر ربه ، وتشريعاً للأمة من بعده ، قال سبحانه : {فصل لربك وانحر } ( الكوثر2) ، وقد ضحى - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين . وفي هذه العجالة نحاول أن نتلمَّس أهم المقاصد التي شُرعت لأجلها الأضحية ، إيماناً منَّا بأن لله في كل حكم من أحكامه حكمة وغاية ، عَلِمَها من عَلِمَها ، وجَهِلَها من جَهِلَها .

فمن المقاصد التي شُرعت لها الأضحية أن الله جعل لأهل الأمصار ما يشاركون به أهل الموسم ، فأهل الموسم لهم الحج والهدي ، وأهل الأمصار لهم الأضحية ، فجعل لهم نصيباً مما لأهل المناسك ، ولذلك نهاهم عن الأخذ من الشعر والظفر في أيام العشر من أجل أن يشاركوا المحرمين بالتعبد لله تعالى بترك الأخذ من هذه الأشياء ، والتقرب إليه بذبح الأضاحي .

ومن أهم مقاصد الأضحية كذلك توحيد الله سبحانه وتعالى ، وإخلاص العبادة له وحده ، وذلك بذكره وتكبيره عند الذبح ، قال تعالى عن الأضاحي : {كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم } ( الحج 37) ، وقال : { فاذكروا اسم الله عليها صواف } (الحج 36) ، ولذلك كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذبح الأضحية التسمية والتكبير ، امتثالاً لأمر الله تعالى ، فإن الذبح عبادة من أعظم العبادات التي أمر الله بإخلاصها له سبحانه ، وذكر اسمه عليها دون ما سواه ، قال تعالى آمراً نبيه بذلك : {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } ( الأنعام 162) ، والنسك هو الذبح ، ولذلك كان الذبح لغير الله تعالى مخرجاً صاحبه من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر ، لأنها عبادة لا تصرف إلا لله وحده لا شريك له ، فمن صرفها لغيره فقد أشرك ، وحرَّم الله على عباده ما ذبح لغيره فقال : {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به } ( المائدة 3) ، و لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذبح لغير الله .

ومن مقاصد الأضحية أيضاً ، شكر الله على نِعَمِه ، وإحسانه إلى خلقه ، قال تعالى : {كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون } ( الحج 36) ، وفي تضحية العبد بشيء مما أفاء الله به عليه ، شكرٌ لصاحب النعمة ومُسديها ، وحقيقة الشكر إنما هي الطاعة بامتثال الأمر كما قال جل وعلا : { اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور } ( سـبأ 13) .


ومن المقاصد العظيمة بيان أن العبرة في الحقيقة إنما هي بالقلوب والأعمال ، لا بالصور والأشكال ، ولذلك قال تعالى :{لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم } ( الحج 37 ) ، وفي الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) ، فالمقصود من الأضاحي إنما هو تحقيق تقوى القلوب ، وتعظيم علام الغيوب ، وربنا جل وعلا هو الغني عن العالمين ، لا ينتفع بشيء من هذه الأضاحي ولا يناله شيء منها ، ولا يريد من عباده إلا أن يتقوه ويوحدوه ويعبدوه حق عبادته ، لتصلح دنياهم ويكرمهم في أخراهم ، وهو غني عنهم وعن ذبائحهم وأضاحيهم . وقد كان أهل الجاهلية إذا ذبحوا ذبائحهم وضعوا على آلهتهم من لحومها ، ونضحوا عليها من دمائها ، مع مخالفتهم لأمر الله وإشراكهم به ، فأبطل سبحانه فعلهم ، وبين أن المقصود من هذه الضحايا ، إنما هو طاعته سبحانه بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه .

ومن مقاصد الأضحية، التذكير بقصة الذبيح إسماعيل عليه السلام، وما في قصته مع أبيه من العبر والعظات، والدلائل والمعجزات، مما يزيد المؤمن ثقة وثباتاً، خصوصاً في وقت الشدائد والمحن والابتلاءات .

ومن مقاصد مشروعية الأضحية - إضافة لما تقدم - التوسعة على الناس في يوم العيد ، ففي ذبح المسلم للأضحية توسعة على نفسه وأهل بيته ، وفي الإهداء منها توسعة أيضاً على الأصدقاء والأقارب والجيران ، وفي التصدق بالبعض الآخر توسعة على الفقراء والمحاويج ، وإغناء لهم عن السؤال في هذا اليوم .
فعلى المسلم أن يَلْحَظَ هذه المقاصد التي شُرعت الأضحية لأجلها ، وليحرص على أن يستنَّ بهذه السنة التي سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وليعلم أن الخيرَ كلَّه في هدي خاتم النبيين ، وإمام المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .



http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/lAa72575.gif





المصدر:

اسلام ويب/نسك/مقالات الحج.

* نور القرآن *
2012-10-19, 09:54
http://img68.imageshack.us/img68/3182/13ds3.gif

سيما77
2012-10-19, 09:57
جزاك الله خيرا غاليتي وبارك الله فيك.

kacemme
2012-10-19, 14:16
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ .صدق الله العظيم .

سيما77
2012-10-19, 14:24
جزيت خيرا.

mahmoudb69
2012-10-22, 08:25
جزاك الله خيرا

سالي سري
2012-10-22, 11:44
سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله أكبر

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

سيما77
2012-10-22, 12:23
سلمتم ودمتم بخير جزيتم خيرا جميعا

amed_s
2012-10-22, 20:17
بارك الله قيك

سيما77
2012-10-22, 22:45
شكرا لك بارك الله فيك.