ahmedsayah
2012-10-17, 19:55
كانت أمي وأنا صغيرة، من متتبعات النشرة الإخبارية، وكانت تسأل كلّما بدأ الحديث عن صندوق النقد الدولي"الأفامي"، ماهذا "لافامي"؟ وأنا اسمعها كان يُخَيَّل لي، أنها تقول كلمة "عائلة" باللغة الفرنسية "لافامي".. ووقتها كنت اضحك كثيرا، لكن أمي التي تعرف السياسة أكثر حتى من بعض سياسيينا لم تكن مخطئة، بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور مع "عائلة لافامي"، فإقدام السلطة الجزائرية على تقديم قرض لهذا الصندوق، الأكيد انه بسبب روابط عائلية وطيدة جدا، وإلا كيف يمكن أن نترك أبناءنا يموتون قهرا وهربا في البحر والبر وننقد "لافامي". تصوّروا لو أقرضنا كل شاب جزائري، فقط 5 مليون دينار جزائري، ما يكفي لإقامة مشروع صغير أو شراء بيت صغير، أو منحة لإتمام الدراسة خارج الوطن، أو التكفل بتكوينه.. فإننا سنقتطع تقريبا ما يعادل المبلغ الذي أقرضناه لـ"الافامي" أو أقل، دون المساس أو الإخلال باحتياطي الصرف عندنا، تصوّروا فقط لو قسموا علينا مليارات "لافامي".
لكن يبدو أن الحنان الجزائري الذي تجاوز الحدود إلى "لافامي" خارج الوطن، مسّ بعض المحظوظين داخله، فكم كان موقف رئيس الجمهورية رائعا ومؤثرا، وفخامته يستجيب لنداء تلك العجوز التي بعثها من ماله الخاص جدا، لأداء فريضة الحج، نعم لقد قرأ قصّتها عبر الجريدة وسمع نداءها، لأن الرئيس يقرأ كل يوم الجريدة، ويرى استغاثات الرعايا من فوق البحر وتحت البحر ومن الصحراء إلى التل من قرى باتنة إلى مداشر تيزي وزو، ومن "دواوير" بوسعادة وبلعباس إلى أقصى الحدود في مغنية أو الطارف.. لا يطالبون بأخذ مالكم الخاص، أو التبرع به سيدي الرّئيس، لكن فقط كل ما يطلبون من سيادتكم، هو قليل من الحزم والوقوف على أمر الجزائريين، وزجر كل متلاعب بمصيرهم وقوتهم وآمالهم ومستقبل أبناءهم.. الأكيد أن فخامة الرئيس يقرأ الجريدة، لكن هل يسمع استغاثة الجزائريين؟ سؤال تبق الإجابة عنه معلّقة، وهنا الفرق بين البصر والبصيرة.
اللّهم بصّرنا وبصّر أولى أمورنا، كما بصّرت المرحوم الشاذلي بن جديد يوما، فخرج على الشعب الجزائري بعد أحداث 5 أكتوبر 1988، في خطاب مؤثر جدا، والدموع في عينيه، ليعتذر عن الانحراف وعن الفشل، فخرج الشعب الحنون جدا، بعدها متأثرا بدوره وهاتفا بحياة الرئيس. وبعد 20 سنة من استقالته وغيابه التام عن الساحة، تنفجر القنوات الوطنية وتلك خارج الوطن بـ"حنانها غير الطبيعي"، ناقلة أحاسيس الجزائريين الحنونين جدا والمفجوعين بفقدان رئيسهم السابق، الذي تحول بقدرة قادر إلى منقذ الأمة والرمز والرجل الواعي ووو.. لا يمكن تأكيد أو جزم هذا، فالتاريخ وحده ومن عاشروه يستطيعون الحكم عليه. لكن الكل يتذكر انه في نهاية الثمانينات، كان ينسب كل فشل أو تسيّب أو انحراف للشاذلي، حتى انقطاع الماء في الحنفية وتأخر وصول باخرة الموز (البانان) الذي لم يتذوقه الجزائريون إلا في زمن الشاذلي، أو تأجيل بث حلقة من مسلسل "دالاس" الذي أهدته أمريكا للجزائر في زمن الشاذلي.. فالشاذلي سبب كل المصائب.. أصبح اليوم الرجل بالنسبة لكل من كان في السلطة أو خارجا أو يتربى طفلا فيها، رجل استثنائي وعظيم..
أكيد أن كل من له عقل، يتساءل كيف وصلت الجزائر بعد 30 سنة إلى الهاوية ومن أوصلها؟ فلا بومدين كان السبب ولا الشاذلي أيضا.. كل ما نطالب به أن يخبرونا من كان السبب في انهيارنا، لنشفي غليلنا على طريقتنا، الشعب بحاجة لإفراغ هذه الشحنة فلا تتركوه يموت بغيظه وتوقفوا عن توزيع الحنان، داخلا وخارجا.
بقلم // مسعودة بوطلعة
لكن يبدو أن الحنان الجزائري الذي تجاوز الحدود إلى "لافامي" خارج الوطن، مسّ بعض المحظوظين داخله، فكم كان موقف رئيس الجمهورية رائعا ومؤثرا، وفخامته يستجيب لنداء تلك العجوز التي بعثها من ماله الخاص جدا، لأداء فريضة الحج، نعم لقد قرأ قصّتها عبر الجريدة وسمع نداءها، لأن الرئيس يقرأ كل يوم الجريدة، ويرى استغاثات الرعايا من فوق البحر وتحت البحر ومن الصحراء إلى التل من قرى باتنة إلى مداشر تيزي وزو، ومن "دواوير" بوسعادة وبلعباس إلى أقصى الحدود في مغنية أو الطارف.. لا يطالبون بأخذ مالكم الخاص، أو التبرع به سيدي الرّئيس، لكن فقط كل ما يطلبون من سيادتكم، هو قليل من الحزم والوقوف على أمر الجزائريين، وزجر كل متلاعب بمصيرهم وقوتهم وآمالهم ومستقبل أبناءهم.. الأكيد أن فخامة الرئيس يقرأ الجريدة، لكن هل يسمع استغاثة الجزائريين؟ سؤال تبق الإجابة عنه معلّقة، وهنا الفرق بين البصر والبصيرة.
اللّهم بصّرنا وبصّر أولى أمورنا، كما بصّرت المرحوم الشاذلي بن جديد يوما، فخرج على الشعب الجزائري بعد أحداث 5 أكتوبر 1988، في خطاب مؤثر جدا، والدموع في عينيه، ليعتذر عن الانحراف وعن الفشل، فخرج الشعب الحنون جدا، بعدها متأثرا بدوره وهاتفا بحياة الرئيس. وبعد 20 سنة من استقالته وغيابه التام عن الساحة، تنفجر القنوات الوطنية وتلك خارج الوطن بـ"حنانها غير الطبيعي"، ناقلة أحاسيس الجزائريين الحنونين جدا والمفجوعين بفقدان رئيسهم السابق، الذي تحول بقدرة قادر إلى منقذ الأمة والرمز والرجل الواعي ووو.. لا يمكن تأكيد أو جزم هذا، فالتاريخ وحده ومن عاشروه يستطيعون الحكم عليه. لكن الكل يتذكر انه في نهاية الثمانينات، كان ينسب كل فشل أو تسيّب أو انحراف للشاذلي، حتى انقطاع الماء في الحنفية وتأخر وصول باخرة الموز (البانان) الذي لم يتذوقه الجزائريون إلا في زمن الشاذلي، أو تأجيل بث حلقة من مسلسل "دالاس" الذي أهدته أمريكا للجزائر في زمن الشاذلي.. فالشاذلي سبب كل المصائب.. أصبح اليوم الرجل بالنسبة لكل من كان في السلطة أو خارجا أو يتربى طفلا فيها، رجل استثنائي وعظيم..
أكيد أن كل من له عقل، يتساءل كيف وصلت الجزائر بعد 30 سنة إلى الهاوية ومن أوصلها؟ فلا بومدين كان السبب ولا الشاذلي أيضا.. كل ما نطالب به أن يخبرونا من كان السبب في انهيارنا، لنشفي غليلنا على طريقتنا، الشعب بحاجة لإفراغ هذه الشحنة فلا تتركوه يموت بغيظه وتوقفوا عن توزيع الحنان، داخلا وخارجا.
بقلم // مسعودة بوطلعة