تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التشبيه التمثيلي و التشبيه الضمني


maymay
2009-03-16, 15:27
تشبيه تمثيلي :
هو تشبيهصورة بصورة ووجه الشبه فيه صورة منتزعة من أشياء متعددة .
ôمثل : قول اللهتعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَيُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَسَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ )(البقرة: من الآية261) .

شبه الله سبحانه وتعالىهيئة الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ابتغاء مرضاته ويعطفون على الفقراء والمساكين بهيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ، والله سبحانهوتعالى يضاعف لمن يشاء .

ôو كقول عليالجارم في العروبة :
توحّد حتىصار قلباً تحوطه قلوب من العُرْب الكرام وأضلع
حيث شبه هيئة الشرق المتحد في الجامعة العربية يحيط به حبالعرب وتأييدهم بهيئة القلب الذي تحيط به الضلوع .

ôقال تعالى فيشأنِ اليهود :
(مَثَلُ الَّذِينَحُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُأَسْفَاراً ...) (الجمعة:5).
حيثشبهت الآية حالة وهيئة اليهود الذين حُمَّلوا بالتوراة ثم لم يقوموا بها ولم يعملوابما فيها بحالة الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفاراً (كتباً)، فهي بالنسبة إليه لاتعدو(لا تتجاوز) كونها ثقلاً يحمله .

2 – تشبيه ضمني :
وهو تشبيه خفي لا يأتي علىالصورة المعهودة ولايُصَرح فيه بالمشبه و المشبه به ، بل يُفْهم ويُلْمح فيهالتشبيه من مضمون الكلام ، ولذلك سُمّي بالتشبيه الضمني ، وغالباً ما يكون المشبهقضية أو ادعاء يحتاج للدليل أو البرهان ، ويكون المشبه به هو الدليل أو البرهان علىصحة المعنى .
باختصار التشبيهالضمني قضية وهي (المشبه)، والدليل على صحتها (المشبه به).

ôمثل : قال المتنبي في الحكمة :
من يهُن يسهُل الهوان عليه مـا لجُـرحٍ بميّتإيـلامُ
ما سبق نلمح فيه التشبيهولكنه تشبيه على غير المتعارف ، فهو يشبه الشخص الذي يقبل الذل دائماً ، وتهون عليهكرامته ، ولا يتألم لما يمسها ، بمثل حال الميت فلو جئت بسكين ورحت تجرحه به فلن يحس بذلك.

isawts
2009-03-20, 13:25
السلام عليكم

تحية عطرة الي اخواني واخواتي المقبلين على شهادة البكالوريا عندي لكم سؤال ارجوا الاجابة عليه
هل التشبيه المجمل المؤكد هو التشبيه البليغ

امير الجود
2009-04-20, 23:48
شكرا لك بارك الله فيك

بوصاع نورالدين
2009-04-21, 19:56
بلاغة التشبيه

التشبيه. وهو الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى من المعاني بإحدى أدوات التشبيه الملفوظة أو المقدّرة. مثل: خالد كمحمد في الشجاعة. والتشبيه له أربعة أركان هي: المشبَّه، والمشبَّه به، ووجه الشبه، وأداة التشبيه. وينقسم التشبيه بحسب هذه الأركان إلى أقسام كثيرة، فمن ذلك أن التشبيه الذي يُصرَّح فيه بالأداة يسمى تشبيهًا مرسلاً. والتشبيه الذي تحذف منه الأداة يسمى تشبيهًا مؤكداً. والتشبيه الذي يُصرَّح فيه بوجه الشَّبَه يسمى تشبيهًا مفصّلاً، والتشبيه الذي يُحذف منه وجه الشبه يسمى تشبيهًا مُجْمَلاً. والتشبيه الذي تحذف منه الأداة ووجه الشبه يسمى تشبيهًا بليغًا : وقد قيل: إن من شرط بلاغة التشبيه أن يشبه الشيء بما هو أكبر منه وأعظم، ومن ها هنا غلط بعض كتاب أهل مصر في ذكر حصن من حصون الجبال مشبها له: هامة عليها من الغمامة عمامة، وأنملة خضبها الأصيل وكأن الهلال لها قلامة.
ثم إنه أخذ يعيب هذا ويقول: أي مقدار للأنملة أن تشبه الحصن وأطال باعتراض وجواب.
أقول: إن ابن أبي الحديد ناقشه في ذلك، وقد بقي شيء من مؤاخذته على هذا. وهو أن الذي ادعى أن من بلاغة التشبيه أن يشبه الشيء بما هو أكبر منه وأعظم، أبحث معه وأقول: فعلى هذا تبطل غلبة الفرع على الأصل في التشبيه.
والقول السديد في بلاغة التشبيه هو ما ذكرناه ، وهو: أن يشبه الأصغر بالأكبر غير سديد، فإن هذا قول غير حاصرٍ للغرض المقصود، لأن التشبيه يأتي تارة في معرض المدح وتارة في معرض الذم، وتارة في غير معرض مدح ولا ذم، وإنما يأتي قصداً للإبانة والإيضاح ولا يكون تشبيه أصغر بأكبر، كما ذهب إليه من ذهب، بل القول الجامع في ذلك أن يقال: إن التشبيه لا يعمد إليه إلا لضرب من المبالغة:
فإما أن يكون مدحاً أو ذماً، أو بياناً وإيضاحاً، ولا يخرج عن هذه المعاني الثلاثة، وإذا كان
الأمر كذلك فلا بد فيه من تقدير لفظة أفعل، فإن لم تقدر لفظة أفعل فليس بتشبيه بليغ، ألا
ترى أنا نقول في التشبيه المضمر الأداة: زيد أسد، فقد شبهنا زيداً بأسد الذي هو أشجع
منه، فإن لم يكن المشبه به في هذا المقام أشجع من زيد الذي هو المشبه، وإلا كان التشبيه
ناقصاً إذ لا مبالغة فيه.
وأما التشبيه المظهر الأداة فكقوله تعالى :"وله الجوار المنشئات في البحر كالأعلام" وهذا تشبيه كبير بما هو أكبر منه، لأن خلق السفن البحرية كبير وخلق الجبال أكبر منه وكذلك
إذا شبه شيء حسن بشيء حسن، فإنه إذا لم يشبه بما هو أحسن منه فليس بوارد على
طريق البلاغة، وإن شبه قبيح بقبيح، وهكذا ينبغي أن يكون المشبه به أقبح، وإن قصد
البيان والإيضاح فينبغي أن يكون المشبه به أبين وأوضح، فتقدير لفظة أفعل لا بد منه فيما
يقصد به بلاغة التشبيه، وإلا كان التشبيه ناقصاً، فاعلم ذلك وقس عليه.
واعلم أنه لا يخلو تشبيه الشيئين: أحدهما بالآخر من أربعة أقسام: إما تشبيه معنى
بمعنى، كالذي تقدم ذكره من قولنا:زيد كالأسد، وإما تشبيه صورة بصورة، كقوله تعالى
"وعندهم قاصرات الطرف عينٌ كأنهن بيضٌ مكنونٌ" وإما تشبيه معنى بصورة، كقوله
تعالى "والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعةٍ" وهذا القسم أبلغ الأقسام الأربعة لتمثيله المعاني الموهومة بالصور المشاهدة، وإما تشبيه صورة بمعنى، كقول أبي تمام:
وفتكت بالمال الجزيل وبالعدا فتك الصبابة بالمحب المغرم
فشبه فتكه بالمال وبالعدا وذلك صورة مرئية بفتك الصبابة وهو فتك معنوي، وهذا القسم
ألطف الأقسام الأربعة لأنه نقل صورة إلى غير صورة.
وكل واحد من هذه الأقسام الأربعة المشار إليها لا يخلو التشبيه فيه من أربعة أقسام
أيضاً: إما تشبيه مفرد بمفرد، وإما تشبيه مركب بمركب، وإما تشبيه مفرد بمركب، وإما
تشبيه مركب بمفرد.
والمراد بقولنا مفرد ومركب: أن المفرد يكون تشبيه شيء واحد بشيء واحد والمركب
تشبيه شيئين اثنين، وكذلك المفرد بالمركب، والمركب بالمفرد، فإن أحدهما يكون تشبيه شيء واحد بشيئين، والآخر: يكون تشبيه شيئين بشيء واحد، ولست أعني بقولي:
"تشبيه شيئين بشيئين" أن لا يكون إلا كذلك بل أردت تشبيه شيئين بشيئين فما فوقهما
كقول بعضهم في الخمر
وكأنها وكأن حامل كأسها إذ قام يجلوها على الندماء
شمس الضحى رقصت فنقط وجهها بدر الدجى بكواكب الجوزاء
فشبه ثلاثة أشياء بثلاثة أشياء، فإنه شبه الساقي بالبدر، وشبه الخمر بالشمس، وشبه
الحبب الذي فوقها بالكواكب.
وإذا بينت أن التشبيه ينقسم إلى تلك الأقسام الأربعة فإني أقول: إن التشبيه المضمر الأداة
قد قدمت القول في أنه ينقسم إلى خمسة أقسام، فالقسم الأول: لا يرد إلا في تشبيه مفرد بمفرد، والقسم الثاني لا يرد إلا في تشبيه مفرد بمركب، والقسم الثالث: لا يرد إلا في تشبيه
مركب بمركب، والقسم الرابع والخامس:لا يردان إلا في تشبيه مركب بمركب، ألا ترى أنا إذا قلنا في القسم الأول: زيد أسد، كان ذلك تشبيه مفرد بمفرد، وإذا قلنا في القسم الثاني: ما
مثلناه به من الخبر النبوي وهو "الكمأة جدري الأرض" كان ذلك تشبيه مفرد بمركب،
وكذلك بيت البحتري، وبيت أبي تمام المشار إليهما فيما تقدم، وإذا قلنا في القسم الثالث
ما أشرنا إليه من الخبر النبوي أيضاً الذي هو "وهل يكب الناس على مناخرهم في نار
جهنم إلا حصائد ألسنتهم" كان ذلك تشبيه مركب بمركب، وإذا قلنا في القسم الرابع والخامس: ما مثلنا به من بيتي الفرزدق والبحتري كان ذلك تشبيه مركب بمركب، وإذا كان
الأمر كذلك وجاءك شيء من التشبيه المضمر الأداة وهو من القسم الأول فاعلم أنه تشبيه مفرد بمفرد بمركب، وإذا جاءك شيء من القسم الثالث فاعلم أنه تشبيه مركب بمركب، وكذلك إذا جاءك شيء من القسم الرابع والقسم الخامس فإنهما من باب تشبيه المركب بالمركب.
ولنرجع إلى ذكر ما أشرنا إليه أولاً في تقسيم التشبيه إلى الأربعة أقسام الأخرى التي هي:
تشبيه مفرد بمفرد، وتشبيه مركب بمركب، وتشبيه مفرد بمركب، وتشبيه مركب بمفرد.
فالقسم الأول منها: كقوله تعالى في المضمر الأداة "وجعلنا الليل لباساً" فشبه الليل باللباس،
وذاك أنه يستر الناس بعضهم عن بعض لمن أراد هرباً من عدو أو ثباتاً لعدو أو إخفاء ما
لا يحب الإطلاع عليه من أمره، وهذا من التشبيهات التي لم يأته بها إلا القرآن الكريم فإن
تشبيه الليل باللباس مما اختص به دون غيره من الكلام المنظوم والمنثور.

تمارين
تأمل الأبيات التالية و حدد التشبيه و أركانه و أنواعه :
1. و قال المعري:
- أنتَ كالشمسِ في الضّياء وإن جا وَزْتَ كَيْوَانَ في عُلُوّ المَكانِ
- رُبّ ليلٍ كأنّه الصّبحُ في الحُسْ نِ وإن كانَ أسْودَ الطّيلَسانِ
2. و قال المتنبي:
- إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالمالُ هَيِّنٌ وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابُ
- فَعَلَت بِنا فِعلَ السَماءِ بِأَرضِهِ خِلَعُ الأَميرِ وَحَقَّهُ لَم نَقضِهِ
3. أبو فراس الحمداني
- وَالماءُ يَفصِلُ بَينَ زَه رِ الرَوضِ في الشَطَّينِ فَصلا
- كَبِساطِ وَشيٍ جَرَّدَت أَيدي القُيونِ عَلَيهِ نَصلا
4. قال البحتري
- وَتَراهُ في ظُلَمِ الوَغى فَتَخالُهُ قَمَراً يَكُرُّ عَلى الرِجالِ بِكَوكِبِ
5. و قال أبو تمام
- لا تُنكِري عَطَلَ الكَريمِ مِنَ الغِنى فَالسَيلُ حَربٌ لِلمَكانِ العالي
6. و قال ابن الرومي
- قد يشيبُ الفتى وليس عجيباً أن يُرى النورُ في القضيب الرطيبِ
7. و قال ابن التعاوذي
- إِذا ما الرَعدُ زَمجَرَ خِلتَ أُسداً غِضاباً في السَحابِ لَها زَئيرُ
8. و قال ابن وكيع التنبسي
- سَلَّ سَيفُ الفَجرِ مِن غِمدِ الدُجى وَتَعَرّى الصُبحُ مِن قُمصِ الغَلَسْ

بوصاع نورالدين
2009-04-21, 20:03
الكنايـــــــــة

الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ كقولك: فلان طويل النجاد. أي طويل القامة، وفلانة نؤوم الضحى. أي مرفهة مخدومة غير محتاجة إلى السعي بنفسها في
إصلاح المهمات، وذلك أن وقت الضحى وقت سعي نساء العرب في أمر المعاش وكفاية
أسبابه وتحصيل ما يحتاج إليه في تهيئة المتناولات وتدبير إصلاحها فلا تنام فيه من نسائهم
إلا من تكون لها خدم ينوبون عنها في السعي لذلك ولا يمتنع أن يراد مع ذلك طول النجاد
والنوم في الضحى من غير تأويل فالفرق بينهما وبين المجاز من هذا الوجه أي من جهة إرادة المعنى مع إرادة لازمة، فإن المجاز ينافي ذلك فلا يصح في نحو قولك: في الحمام أسد، أن تريد معنى الأسد من غير تأول لأن المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة كما عرفت وملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشيء.
وفرق السكاكي وغيره بينهما بوجه آخر أيضاً وهو أن مبنى الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم ومبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم وفيه نظر، لأن اللازم ما لم
يكن ملزوماً يمتنع أن ينتقل منه إلى الملزوم فيكون الانتقال حينئذ من الملزوم إلى اللازم، ولو
قيل اللزوم من الطرفين من خواص الكناية دون المجاز أو شرط لها دونه اندفع هذا
الاعتراض لكن اتجه منع الاختصاص والاشتراط.
ثم الكناية ثلاثة أقسام لأن المطلوب بها إما غير صفة ولا نسبة أو صفة أو نسبة والمراد
الصفة المعنوية كالجود والكرم والشجاعة وأمثالها لا النعت الأولى المطلوب بها غير صفة
ولا نسبة فمنها ما هو معنى واحد كقولنا المضياف، كناية عن زيد. ومنه قوله كناية عن
القلب
الضاربين بكل أبيض مخذم والطاعنين مجامع الأضغان
ونحوه قول البحتري في قصيدته التي يذكر فيها قتله الذئب:
فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها بحيث يكون اللب والرعب والحقد
فقوله بحيث يكون اللب والرعب والحقد ثلاث كنايات لا كناية واحدة لاستقلال كل واحد
منها فإفادة المقصود ومنها ما هو مجموع معان كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوي القامة
عريض الأظفار وشرط كل واحد منهما أن تكون مختصة بالمكنى عنه لا تتعداه ليحصل
الانتقال منها إليه، وجعل السكاكي الأولى قريبة والثانية بعيدة وفيه نظر.
الثانية المطلوب بها صفة وهي ضربان قريبة وبعيدة، القريبة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها
لا بواسطة وهي إما واضحة كقولهم كناية عن طويل القامة طويل نجاده وطويل النجاد
والفرق بينهما أن الأول كناية ساذجة والثاني كناية مشتملة على تصريح ما لتضمن الصفة فيه ضمير الموصوف بخلاف الأول. ومنها قول الحماسي:
أبت الروادف والثدي لقمصها مس البطون وأن تمس ظهورا
وأما خفية كقولهم كناية عن الأبله عريض القفا فإن عرض القفا وعظم الرأس إذا أفرط
فيما يقال دليل الغباوة ألا ترى قول طرفة بن العبد:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
والبعيدة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها بواسطة كقولهم كناية عن الأبله عريض الوسادة فإنه
ينتقل من عرض الوسادة إلى عرض القفا ومنه إلى المقصود، وقد جعله السكاكي من القرينة
على أنه كناية عن عرض القفا وفيه نظر، وكقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور، ومنها إلى كثرة الطبائخ، ومنها إلى كثرة الآكلة، ومنها إلى كثرة الضيفان، ومنها المقصود إلى كقوله:
وما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل
فإنه ينتقل من جبن الكلب عن الهرير في وجه من يدنو من دار من هو بمرصد لأن يعس
دونها مع كون الهرير في وجه من لا يعرفه طبيعياً له إلى استمرار تأديبه لأن الأمور الطبيعية لا تتغير بموجب لا يقوى ومن ذلك إلى استمرار موجب نباحه وهو اتصال مشاهدته وجوهاً إثر وجوه، ومن ذلك إلى كونه مقصد أدان وأقاص، ومن ذلك إلى أنه مشهور بحسن قرى الأضياف، وكذلك ينتقل من هزل الفصيل إلى فقد الأم ومنه إلى قوة الداعي إلى نحرها لكمال عناية العرب بالنوق لا سيما المتليات، ومنها إلى صرفها إلى الطبائخ، ومنها إلى أنه مضياف، ومن هذا النوع قول نصيب: لعبد العزيز على قومه وغيرهم منن ظاهره
فبابك أسهل أبوابهم ودارك مأهولة عامرة
وكلبك آنس بالزائرين من الأم بالابنة الزائرة
فإنه ينتقل من وصف كلبه بما يذكر أن الزائرين معارف عنده، ومن ذلك إلى اتصال
مشاهدته إياهم ليلاً ونهاراً، ومنه إلى لزومهم سدته، ومنه إلى تسني مباغيهم لديه من غير
انقطاع، ومنه إلى وفور إحسانه إلا الخاص والعام وهو المقصود، ونظيره مع زيادة لطف قول الآخر:
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً يكلمه من حبه وهو أعجم
ومنه قوله: لا أمتع العوذ بالفصال ولا أبتاع إلا قريبة الأجل
فإنه ينتقل من عدم أمتعها إلى أنه لا يبقى لها فصالها لتأنس بها ويحصل لها الفرح الطبيعي
بالنظر إليها، ومن ذلك إلى نحرها، أو لا يبقى العوذ إبقاء على فصالها وكذا قرب الأجل
ينتقل منه إلى نحرها ومن نحرها إلى أنه مضياف ومن لطيف هذا القسم قوله تعالى " ولما
سقط في أيديهم " أي ولما اشتد ندمهم وحسرتهم على عبادة العجل لأن من شأن من
اشتد ندمه وحسرته أن يعض يده غماً فتصير يده مسقوطاً فيها لأن فاه قد وقع فيها، وكذا
قول أبي الطيب كناية عن الكذب:
تشتكي ما اشتكيت من ألم الشو ق إليها والشوق حيث النحول
وكذا قوله:
إلى كم ترد الرسل عما أتوا له كأنهم فيما وهبت ملام
فإن أوله كناية عن الشجاعة وآخره كناية عن السماحة، وكذا قول أبي تمام:
فإن أنا لم يحمدك عني صاغراً عدوك فاعلم أنني غير حامد
يردي بحمده عنه حفظه مدحه فيه وإنشاده، أي إن لم أكن أجيد القول في مدحك حتى
يدعو حسنه عدوك إلى أن يحفظه ويلهج به صاغراً فلا تعدني حامداً لك بما أقول فيك،
ووصفه بالصغار لأن من يحفظ مديح عدوه وينشده فقد أذل نفسه، فكنى بحفظ عدو
الممدوح مدحه ما عن إجادته القول في مدحه، وكذا قول من يصف راعي إبل أو غنم:
ضعيف العصا بادي العروق ترى له عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا
وقول الآخر: صلب العصا بالضرب قد دماها أي جعلها كالدم في الحسن، والغرض من قول الأول ضعيف العصا وول الثاني صلب العصا وهما وإن كانا في الظاهر متضادين فإنهما كنايتان عن شيء واحد وهو حسن الرعية والعمل بما يصلحها ويحسن أثره عليها فأراد الأول بأنه رفيق مشفق عليها لا يقصد من حمل العصا أن يوجعها بالضرب من غير فائدة فهو يتخير ما لان من العصا وأراد الثاني أنه جيد الضبط لها عارف بسياستها في الرعي يزجرها عن المراعي التي لا تحمد ويتوخى بها ما تسمن عليه، ويتضمن أيضاً أنه يمنعها عن التشرد والتبدد وأنها لما عرفت من شدة شكيمته وقوة عزيمته تنساق في الجهة التي يريدها، وقوله بالضرب قد دماها تورية حسنة، ويؤكد أمرها قول صلب العصا. الثالثة المطلوب بها نسبة كقول زياد الأعجم:
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج
فإنه حين أراد أن لا يصرح بإثبات هذه الصفات لابن الحشرج جمعها في قبة تنبيهاً بذلك
على أن محلها ذو قبة، وجعلها مضروبة عليه لوجود ذوي قباب في الدنيا كثيرين فأفاد
إثبات الصفات المذكورة له بطريق الكناية، ونظيره قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه.
قال السكاكي وقد يظن هذا من قسم زيد طويل نجاده وليس بذاك فطويل نجاده بإسناد
الطويل إلى النجاد تصريح بإثبات الطول للنجاد، وطول النجاد كما تعرف قائم مقام طول
القامة، فإذا صرح من بعد بإثبات النجاد لزيد بالإضافة كان ذلك تصريحاً بإثبات الطول لزيد
فتأمل، وقول الآخر:
والمجد يدعو أن يدوم لجيده عقد مساعي ابن العميد نظامه
فإنه شبه المجد بإنسان بديع الجمال في ميل النفوس إليه وأثبت له جيداً على سبيل
الاستعارة التخييلية ثم اثبت لجيده عقداً ترشيحاً للاستعارة ثم خص مساعي ابن العميد
بأنها نظامه فنبه بذلك على اعتنائه خاصة بتزيينه وبذلك على محبته وحده له وبها على
اختصاصه به ونبه بدعاء المجد أن يدوم لجيده ذلك العقد على طلبه دوام بقاء ابن العميد،
وبذلك على اختصاصه به، وكقول أبي نواس:
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يصير الجود حيث يصير
فإنه كنى عن جميع الجود بأن نكره، ونفى أن يجوز ممدوحه ويحل دونه، فيكون متوزعاً يقوم منه شيء بهذا وشيء بهذا، وعن إثباته له بتخصيصه بجهته بعد تعريفه باللام التي تفيد العموم، ونظيره قولهم مجلس فلان مظنة الجود والكرم. هذا قول السكاكي، وقيل كنى
بالشطر الأولى عن اتصافه بالجود وبالثاني عن لزوم الجود له، ويحتمل وجهاً آخر وهو أن
يكون كل منهما كناية عن اختصاصه به وعدم الاقتصار على أحدهما للتأكيد والتقرير
وذكرهما على الترتيب المذكور لأن الأولى بواسطة بخلاف الثانية، وكقولهم مثلك لا يبخل
قال الزمخشري نفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته، قصدوا المبالغة في ذلك
فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أوصافه
فقد نفوه عنه، ونظيره قولك للعربي العرب لا تخفر الذمم، فإنه أبلغ من قولك أنت لا تخفر،
ومنه قولهم أيفعت لداته وبلغت أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، وعليه قوله تعالى: " ليس
كمثله شيء " على أحد الوجهين وهو أنه لا تجعل الكاف زائدة، قيل وهذا غاية لنفي التشبيه، إذ لو كان له مثل لكان لمثله شيء يماثله وهو ذاته تعالى فلما قال ليس كمثله دل على أنه ليس له مثل، وأورد أنه يلزم منه نفيه تعالى لأنه مثل مثله ورد بمنع أنه تعالى مثل مثله لأن صدق ذلك، موقوف على ثبوت مثله تعالى عن ذلك. وكقول الشنفري الأزدي في وصف امرأة بالعفة:
يبيت بمنجاة من اللوم بيتها إذ ما بيوت بالملامة حلت
فإنه نبه بنفي اللوم عن بيتها على انتفاء أنواع الفجور عنه، وبه على براءتها منها، وقال
يبيت دون يظل لمزيد اختصاص الليل بالفواحش، هذا على ما رواه الشيخ عبد القاهر
والسكاكي. وفي الأغاني الكبير يحصل بمنجاة وقد يظن أن هنا قسماً رابعاً وهو أن يكون
المطلوب بالكناية الوصف والنسبة معاً كما يقال يكثر الرماد في ساحة عمرو في الكناية عن أن عمراً مضياف وليس بذاك، إذ ليس ما ذكر بكناية واحدة بل هو كنايتان إحداهما عن
المضيافية والثانية عن إثباتها لعمرو وقد ظهر بهذا أن طرف النسبة المثبتة بطريق الكناية
يجوز أن يكون مكنياً عنه أيضاً كما في هذا المثال، ونحوه بيت الشفري المتقدم فإن حلول
البيت بمنجاة من اللوم كناية عن نسبة العفة إلى صاحبه، والمنجاة من اللوم كناية عن العفة،
واعلم أن الموصوف في القسم الثاني والثالث قد يكون مذكوراً كما مر وقد يكون غير
مذكور كما تقول في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أي
ليس المؤذي مسلماً. وعليه قوله تعالى في عرض المنافقين " هدى للمتقين، الذين يؤمنون
بالغيب " إذ فسر الغيب بالغيبة أي يؤمنون مع الغيبة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم
أو أصحابه رضي الله عنهم، أي هدى للمؤمنين عن إخلاص لا للمؤمنين عن نفاق. وقال السكاكي الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة فإن كانت عرضية
فالمناسب أن تسمى تعريضاً وإلا فإن كان بينها وبين المكنى عنه مسافة متباعدة لكثرة
الوسائط كما في كثرة الرماد وأشباهه فالمناسب أن تسمى تلويحاً، لأن التلويح هو أن يشير
إلى غيك عن بعد وإلا فإن كان فيها نوع خفاء فالمناسب أن تسمى رمزاً لأن الرمز هو أن
تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية، قال:
رمزت إلي مخافة من بعلها من غير أن تبدي هناك كلاما
وإلا فالمناسب أن تسمى إيماء وإشارة كقول أبي تمام يصف إبلاً:
أبين فيما يزرن سوى كريم وحسبك أن يزرن أبا سعيد
فإنه في إفادة أن أبا سعيد كريم غير خاف وكقول البحتري: أوما رأيت المجد ألقى رحله في آل طلحة ثم لم يتحول فإنه في إفادة أن آل طلحة أماجد ظاهر. وكقول الآخر:
إذا الله لم يسق إلا الكرام فسقى وجوه بني حنبل
وسقى ديارهم باكراً من الغيث في الزمن الممحل
وكقول الآخر:
متى تخلو تميم من كريم مسلمة بن عمرو من تميم
ثم قال والتعريض كما يكون كناية قد يكون مجازاً كقولك: آذيتني فستعرف وأنت لا تريد
المخاطب بل تريد إنساناً معه وإن أردتهما جميعاً كان كناية.
بلاغة الكناية
اطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وأن الاستعارة ابلغ من التصريح بالتشبيه،
وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة، وأن الكناية
أبلغ من الإفصاح بالذكر، قال الشيخ عبد القاهر ليس ذلك لأن الواحد من هذه الأمور يفيد
زيادة في المعنى لا يفيده خلافه، فليست فضيلة قولنا رأيت أسداً على قولنا رأيت رجلاً،
هو والأسد سواء في الشجاعة، أن الأول أفاد زيادة في مساواته للأسد في الشجاعة لم يفده
الثاني بل هي أن الأول أفاد تأكيداً إثبات تلك المساواة لم يفده الثاني، وليست فضيلة قولنا
كثير الرماد على قولنا كثير القرى أن الأول أفاد زيادة لقراه لم يفدها الثاني، بل هي أن الأول الفصاحة إلى معنوية ولفظية، وفسر المعنوية بخلوص المعنى عن التعقيد وعنى بالتعقيد
اللفظي على ما سبق تفسيره، وفسر اللفظية بأن تكون الكلمة عربية أصيلة، وقال: وعلامة
ذلك أن تكون على ألسنة الفصحاء من العرب الموثوق بعربيتهم أدور واستعمالهم لها أكثر
لا مما أحدثه المولدون ولا مما أخطأت فيه العامة وأن تكون أجرى على قوانين اللغة وأن
تكون سليمة التنافر، فجعل الفصاحة غير لازمة للبلاغة وحصر مرجع البلاغة في الفنين ولم
يجعل الفصاحة مرجعاً لشيء منهما، ثم قال: وإذ قد وقفت على البلاغة والفصاحة
المعنوية واللفظية فأنا أذكر على سبيل الأنموذج آية أكشف لك فيها عن وجوه البلاغة
والفصاحتين ما عسى يسترها عنك، وذكر ما أورده الزمخشري في تفسير قوله تعالى: "
وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين " وزاد عليه نكتاً لا بأس بها فرأيت أن أورد تلخيص ما ذكره جارياً على اصطلاحه في معنى البلاغة والفصاحة، قال أما النظر فيها من جهة علم البيان فهو أنه تعالى لما أراد أن يبين معنى أردنا أن نرد ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتد، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع، وأن يغيض الماء النازل من السماء فغاض، وأن يقضي أمر نوح وهو إنجاز ما كنا وعدناه من إغراق قومه فقضى، وأن نسوي السفينة على الجودي فاستوت وأبقينا الظلمة غرقى بني الكلام على تشبيه المراد منه بالمأمور الذي لا يتأتى منه لكمال هيبته العصيان وتشبيه تكوين المراد بالأمر الجزم النافذ في تكوين المقصود تصويراً لاقتداره تعالى وأن السموات والأرض وهذه الأجرام العظام تابعة لإرادته كأنها عقلاء مميزون قد عرفوه حق معرفته وأحاطوا علماً بوجوب الانقياد لأمره وتحتم بذل المجهود عليهم في تحصيل مراده ثم بنى على تشبيهه هذا نظم الكلام فقال تعالى قيل على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل وجعل قرينة المجاز خطاب الجماد وهو يا أرض ويا سماء ثم قال: يا أرض ويا سماء مخاطباً لهما على سبيل الاستعارة للشبه المذكور ثم استعار لغور الماء في الأرض البلع الذي هو إعمال الجاذبية في المطعوم بجامع الذهاب إلى مقر خفي واستتبع ذلك تشبيه الماء بالغذاء على طريق الاستعارة بالكناية لتقوي الأرض بالماء في الإثبات للزرع والأشجار، وجعل قرينة الاستعارة لفظ ابلعي لكونه موضوعاً للاستعمال في الغذاء دون الماء، ثم أمر على سبيل الاستعارة للشبه المقدم ذكره ثم قال ماءك بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز، تشبيهاً لاتصال الماء بالأرض باتصال الملك بالمالك، واستعار لحبس المطر الإقلاع الذي هو ترك الفاعل الفعل للشبه بينهما في عدم ما كان، وخاطب في الأمرين ترشيحاً لاستعارة ثم قال " وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين " فلم يصرح بالغائض والقاضي والمسوي والقائل، كما لم يصرح بقائل يا ارض ويا سماء سلوكاً في كل واحد من ذلك سبيل الكناية أن تلك الأمور العظام لا تتأتى إلا من ذي قدرة لا تكتنه قهار لا يغالب، فلا مجال لذهاب الوهم إلى أن يكون الفاعل لشيء من ذلك غيره، ثم ختم الكلام بالتعريض لسالكي مسلكهم في تكذيب الرسل ظلماً لأنفسهم ختم إظهار لمكان السخط ولوجه استحقاقهم إياه، وأما النظر فيها من حيث علم المعاني وهو النظر في فائدة كل كلمة فيها وجهة كل تقديم وتأخير بين جملتها فذلك أنه اختير يا دون سائر أخواتها لكونها أكثر استعمالاً، ولدلالتها على بعد المنادى الذي يستدعيه مقام إظهار العظمة ويؤذن بالتهاون به ولم يقل يا أرض بالكسر تجنباً لإضافة التشريف، تأكيداً للتهاون ولم يقل يا أيتها الأرض للاختصار مع الاحتراز عما في أيتها من تكلف التنبيه غير المناسب للمقام، لكون المخاطب غير صالح للتنبيه على الحقيقة، واختير لفظ الأرض دون سائر أسمائها لكونه أخف وأدور، واختير لفظ السماء لمثل ذلك مع قصد المطابقة، واختير ابلعي على ابتلعي لكونه أخصر ولمجيء حظ التجانس بينه وبين أقلعي أوفر، وقيل ماءك بالإفراد دون الجمع لدلالة الجمع على الاستكثار الذي يأباه مقام إظهار الكبرياء وهو الوجه في إفراد الأرض والسماء، ولم يحذف مفعول ابلعي لئلا يفهم ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال والبحار وغيرها، نظراً إلى مقام ورود الأمر الذي هو مقام عظمة وكبرياء، ثم إذ بين المراد اختصر الكلام على أقلعي فلم يقل أقلعي عن إرسال الماء احترازاً عن الحشو المستغنى عنه من حيث الظاهر وهو الوجه في أنه لم يقل يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا سماء أقلعي فأقلعت، واختير غيض الماء على غيض المشددة لكونه أخصر وأخف وأوفق لقيل وقيل الماء دون أن يقال ماء طوفان السماء، وكذا الأمر دون أن يقال أمر نوح للاختصار، ولم يقل سويت على الجودي، بمعنى أقرت على نحو قيل وغيض وقضي في البناء للمفعول، اعتباراً لبناء الفعل للفاعل مع السفينة في قوله وهي تجري بهم مع قصد الاختصار ثم قيل بعداً للقوم دون أن يقال ليبعد القوم طلباً للتوكيد مع الاختصار، ثم وهو نزول بعداً منزلة ليبعدوا بعداً مع إفادة أخرى وهي استعمال اللام مع بعداً الدال على معنى أن البعد حق لهم، ثم أطلق النظم ليتناول كل نوع حتى يدخل فيه ظلمهم لأنفسهم بتكذيب الرسل.

تمارين
بين فيما يأتي الكناية و نوعها .

قال الله تعالى : {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }آل عمران106
قالت الخنساء :
طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا
و قال المتنبي :
فَمَسّاهُم وَبُسطُهُمُ حَريرٌ وَصَبَّحَهُم وَبُسطُهُمُ تُرابُ
وَمَن في كَفِّهِ مِنهُم قَناةٌ كَمَن في كَفِّهِ مِنهُم خِضابُ
و قال :
إِنَّ في ثَوبِكَ الَّذي المَجدُ فيهِ لَضِياءً يُزري بِكُلِّ ضِياءِ
و قال البحتري :
قَومٌ تَرى أَرماحَهُم يَومَ الوَغى مَشغوفَةً بِمَواطِنِ الكِتمانِ
و قال المعري :
سَليلُ النارِ دَقّ وَرَقّ حتى كأنّ أباه أوْرَثَهُ السُّلالا
و قال يزيد بن الحكم الثقفي:
أَصبَحَ في قَيدِكَ السَماحَةُ وَال جودُ وَفَضلُ الصَلاحِ وَالحَسبُ

بوصاع نورالدين
2009-04-21, 20:05
الكنايـــــــــة


الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ كقولك: فلان طويل النجاد. أي طويل القامة، وفلانة نؤوم الضحى. أي مرفهة مخدومة غير محتاجة إلى السعي بنفسها في
إصلاح المهمات، وذلك أن وقت الضحى وقت سعي نساء العرب في أمر المعاش وكفاية
أسبابه وتحصيل ما يحتاج إليه في تهيئة المتناولات وتدبير إصلاحها فلا تنام فيه من نسائهم
إلا من تكون لها خدم ينوبون عنها في السعي لذلك ولا يمتنع أن يراد مع ذلك طول النجاد
والنوم في الضحى من غير تأويل فالفرق بينهما وبين المجاز من هذا الوجه أي من جهة إرادة المعنى مع إرادة لازمة، فإن المجاز ينافي ذلك فلا يصح في نحو قولك: في الحمام أسد، أن تريد معنى الأسد من غير تأول لأن المجاز ملزوم قرينة معاندة لإرادة الحقيقة كما عرفت وملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشيء.
وفرق السكاكي وغيره بينهما بوجه آخر أيضاً وهو أن مبنى الكناية على الانتقال من اللازم إلى الملزوم ومبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم وفيه نظر، لأن اللازم ما لم
يكن ملزوماً يمتنع أن ينتقل منه إلى الملزوم فيكون الانتقال حينئذ من الملزوم إلى اللازم، ولو
قيل اللزوم من الطرفين من خواص الكناية دون المجاز أو شرط لها دونه اندفع هذا
الاعتراض لكن اتجه منع الاختصاص والاشتراط.
ثم الكناية ثلاثة أقسام لأن المطلوب بها إما غير صفة ولا نسبة أو صفة أو نسبة والمراد
الصفة المعنوية كالجود والكرم والشجاعة وأمثالها لا النعت الأولى المطلوب بها غير صفة
ولا نسبة فمنها ما هو معنى واحد كقولنا المضياف، كناية عن زيد. ومنه قوله كناية عن
القلب

الضاربين بكل أبيض مخذم والطاعنين مجامع الأضغان

ونحوه قول البحتري في قصيدته التي يذكر فيها قتله الذئب:

فأتبعتها أخرى فأضللت نصلها بحيث يكون اللب والرعب والحقد

فقوله بحيث يكون اللب والرعب والحقد ثلاث كنايات لا كناية واحدة لاستقلال كل واحد
منها فإفادة المقصود ومنها ما هو مجموع معان كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوي القامة
عريض الأظفار وشرط كل واحد منهما أن تكون مختصة بالمكنى عنه لا تتعداه ليحصل
الانتقال منها إليه، وجعل السكاكي الأولى قريبة والثانية بعيدة وفيه نظر.
الثانية المطلوب بها صفة وهي ضربان قريبة وبعيدة، القريبة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها
لا بواسطة وهي إما واضحة كقولهم كناية عن طويل القامة طويل نجاده وطويل النجاد
والفرق بينهما أن الأول كناية ساذجة والثاني كناية مشتملة على تصريح ما لتضمن الصفة فيه ضمير الموصوف بخلاف الأول. ومنها قول الحماسي:

أبت الروادف والثدي لقمصها مس البطون وأن تمس ظهورا

وأما خفية كقولهم كناية عن الأبله عريض القفا فإن عرض القفا وعظم الرأس إذا أفرط
فيما يقال دليل الغباوة ألا ترى قول طرفة بن العبد:

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد

والبعيدة ما ينتقل منها إلى المطلوب بها بواسطة كقولهم كناية عن الأبله عريض الوسادة فإنه
ينتقل من عرض الوسادة إلى عرض القفا ومنه إلى المقصود، وقد جعله السكاكي من القرينة
على أنه كناية عن عرض القفا وفيه نظر، وكقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور، ومنها إلى كثرة الطبائخ، ومنها إلى كثرة الآكلة، ومنها إلى كثرة الضيفان، ومنها المقصود إلى كقوله:

وما يك في من عيب فإني جبان الكلب مهزول الفصيل

فإنه ينتقل من جبن الكلب عن الهرير في وجه من يدنو من دار من هو بمرصد لأن يعس
دونها مع كون الهرير في وجه من لا يعرفه طبيعياً له إلى استمرار تأديبه لأن الأمور الطبيعية لا تتغير بموجب لا يقوى ومن ذلك إلى استمرار موجب نباحه وهو اتصال مشاهدته وجوهاً إثر وجوه، ومن ذلك إلى كونه مقصد أدان وأقاص، ومن ذلك إلى أنه مشهور بحسن قرى الأضياف، وكذلك ينتقل من هزل الفصيل إلى فقد الأم ومنه إلى قوة الداعي إلى نحرها لكمال عناية العرب بالنوق لا سيما المتليات، ومنها إلى صرفها إلى الطبائخ، ومنها إلى أنه مضياف، ومن هذا النوع قول نصيب: لعبد العزيز على قومه وغيرهم منن ظاهره

فبابك أسهل أبوابهم ودارك مأهولة عامرة


وكلبك آنس بالزائرين من الأم بالابنة الزائرة

فإنه ينتقل من وصف كلبه بما يذكر أن الزائرين معارف عنده، ومن ذلك إلى اتصال
مشاهدته إياهم ليلاً ونهاراً، ومنه إلى لزومهم سدته، ومنه إلى تسني مباغيهم لديه من غير
انقطاع، ومنه إلى وفور إحسانه إلا الخاص والعام وهو المقصود، ونظيره مع زيادة لطف قول الآخر:

يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً يكلمه من حبه وهو أعجم


ومنه قوله: لا أمتع العوذ بالفصال ولا أبتاع إلا قريبة الأجل

فإنه ينتقل من عدم أمتعها إلى أنه لا يبقى لها فصالها لتأنس بها ويحصل لها الفرح الطبيعي
بالنظر إليها، ومن ذلك إلى نحرها، أو لا يبقى العوذ إبقاء على فصالها وكذا قرب الأجل
ينتقل منه إلى نحرها ومن نحرها إلى أنه مضياف ومن لطيف هذا القسم قوله تعالى " ولما
سقط في أيديهم " أي ولما اشتد ندمهم وحسرتهم على عبادة العجل لأن من شأن من
اشتد ندمه وحسرته أن يعض يده غماً فتصير يده مسقوطاً فيها لأن فاه قد وقع فيها، وكذا
قول أبي الطيب كناية عن الكذب:

تشتكي ما اشتكيت من ألم الشو ق إليها والشوق حيث النحول

وكذا قوله:

إلى كم ترد الرسل عما أتوا له كأنهم فيما وهبت ملام

فإن أوله كناية عن الشجاعة وآخره كناية عن السماحة، وكذا قول أبي تمام:

فإن أنا لم يحمدك عني صاغراً عدوك فاعلم أنني غير حامد

يردي بحمده عنه حفظه مدحه فيه وإنشاده، أي إن لم أكن أجيد القول في مدحك حتى
يدعو حسنه عدوك إلى أن يحفظه ويلهج به صاغراً فلا تعدني حامداً لك بما أقول فيك،
ووصفه بالصغار لأن من يحفظ مديح عدوه وينشده فقد أذل نفسه، فكنى بحفظ عدو
الممدوح مدحه ما عن إجادته القول في مدحه، وكذا قول من يصف راعي إبل أو غنم:

ضعيف العصا بادي العروق ترى له عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا

وقول الآخر: صلب العصا بالضرب قد دماها أي جعلها كالدم في الحسن، والغرض من قول الأول ضعيف العصا وول الثاني صلب العصا وهما وإن كانا في الظاهر متضادين فإنهما كنايتان عن شيء واحد وهو حسن الرعية والعمل بما يصلحها ويحسن أثره عليها فأراد الأول بأنه رفيق مشفق عليها لا يقصد من حمل العصا أن يوجعها بالضرب من غير فائدة فهو يتخير ما لان من العصا وأراد الثاني أنه جيد الضبط لها عارف بسياستها في الرعي يزجرها عن المراعي التي لا تحمد ويتوخى بها ما تسمن عليه، ويتضمن أيضاً أنه يمنعها عن التشرد والتبدد وأنها لما عرفت من شدة شكيمته وقوة عزيمته تنساق في الجهة التي يريدها، وقوله بالضرب قد دماها تورية حسنة، ويؤكد أمرها قول صلب العصا. الثالثة المطلوب بها نسبة كقول زياد الأعجم:

إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج

فإنه حين أراد أن لا يصرح بإثبات هذه الصفات لابن الحشرج جمعها في قبة تنبيهاً بذلك
على أن محلها ذو قبة، وجعلها مضروبة عليه لوجود ذوي قباب في الدنيا كثيرين فأفاد
إثبات الصفات المذكورة له بطريق الكناية، ونظيره قولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه.
قال السكاكي وقد يظن هذا من قسم زيد طويل نجاده وليس بذاك فطويل نجاده بإسناد
الطويل إلى النجاد تصريح بإثبات الطول للنجاد، وطول النجاد كما تعرف قائم مقام طول
القامة، فإذا صرح من بعد بإثبات النجاد لزيد بالإضافة كان ذلك تصريحاً بإثبات الطول لزيد
فتأمل، وقول الآخر:

والمجد يدعو أن يدوم لجيده عقد مساعي ابن العميد نظامه

فإنه شبه المجد بإنسان بديع الجمال في ميل النفوس إليه وأثبت له جيداً على سبيل
الاستعارة التخييلية ثم اثبت لجيده عقداً ترشيحاً للاستعارة ثم خص مساعي ابن العميد
بأنها نظامه فنبه بذلك على اعتنائه خاصة بتزيينه وبذلك على محبته وحده له وبها على
اختصاصه به ونبه بدعاء المجد أن يدوم لجيده ذلك العقد على طلبه دوام بقاء ابن العميد،
وبذلك على اختصاصه به، وكقول أبي نواس:

فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يصير الجود حيث يصير

فإنه كنى عن جميع الجود بأن نكره، ونفى أن يجوز ممدوحه ويحل دونه، فيكون متوزعاً يقوم منه شيء بهذا وشيء بهذا، وعن إثباته له بتخصيصه بجهته بعد تعريفه باللام التي تفيد العموم، ونظيره قولهم مجلس فلان مظنة الجود والكرم. هذا قول السكاكي، وقيل كنى
بالشطر الأولى عن اتصافه بالجود وبالثاني عن لزوم الجود له، ويحتمل وجهاً آخر وهو أن
يكون كل منهما كناية عن اختصاصه به وعدم الاقتصار على أحدهما للتأكيد والتقرير
وذكرهما على الترتيب المذكور لأن الأولى بواسطة بخلاف الثانية، وكقولهم مثلك لا يبخل
قال الزمخشري نفوا البخل عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته، قصدوا المبالغة في ذلك
فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أوصافه
فقد نفوه عنه، ونظيره قولك للعربي العرب لا تخفر الذمم، فإنه أبلغ من قولك أنت لا تخفر،
ومنه قولهم أيفعت لداته وبلغت أترابه، يريدون إيفاعه وبلوغه، وعليه قوله تعالى: " ليس
كمثله شيء " على أحد الوجهين وهو أنه لا تجعل الكاف زائدة، قيل وهذا غاية لنفي التشبيه، إذ لو كان له مثل لكان لمثله شيء يماثله وهو ذاته تعالى فلما قال ليس كمثله دل على أنه ليس له مثل، وأورد أنه يلزم منه نفيه تعالى لأنه مثل مثله ورد بمنع أنه تعالى مثل مثله لأن صدق ذلك، موقوف على ثبوت مثله تعالى عن ذلك. وكقول الشنفري الأزدي في وصف امرأة بالعفة:

يبيت بمنجاة من اللوم بيتها إذ ما بيوت بالملامة حلت

فإنه نبه بنفي اللوم عن بيتها على انتفاء أنواع الفجور عنه، وبه على براءتها منها، وقال
يبيت دون يظل لمزيد اختصاص الليل بالفواحش، هذا على ما رواه الشيخ عبد القاهر
والسكاكي. وفي الأغاني الكبير يحصل بمنجاة وقد يظن أن هنا قسماً رابعاً وهو أن يكون
المطلوب بالكناية الوصف والنسبة معاً كما يقال يكثر الرماد في ساحة عمرو في الكناية عن أن عمراً مضياف وليس بذاك، إذ ليس ما ذكر بكناية واحدة بل هو كنايتان إحداهما عن
المضيافية والثانية عن إثباتها لعمرو وقد ظهر بهذا أن طرف النسبة المثبتة بطريق الكناية
يجوز أن يكون مكنياً عنه أيضاً كما في هذا المثال، ونحوه بيت الشفري المتقدم فإن حلول
البيت بمنجاة من اللوم كناية عن نسبة العفة إلى صاحبه، والمنجاة من اللوم كناية عن العفة،
واعلم أن الموصوف في القسم الثاني والثالث قد يكون مذكوراً كما مر وقد يكون غير
مذكور كما تقول في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أي
ليس المؤذي مسلماً. وعليه قوله تعالى في عرض المنافقين " هدى للمتقين، الذين يؤمنون
بالغيب " إذ فسر الغيب بالغيبة أي يؤمنون مع الغيبة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم
أو أصحابه رضي الله عنهم، أي هدى للمؤمنين عن إخلاص لا للمؤمنين عن نفاق. وقال السكاكي الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة فإن كانت عرضية
فالمناسب أن تسمى تعريضاً وإلا فإن كان بينها وبين المكنى عنه مسافة متباعدة لكثرة
الوسائط كما في كثرة الرماد وأشباهه فالمناسب أن تسمى تلويحاً، لأن التلويح هو أن يشير
إلى غيك عن بعد وإلا فإن كان فيها نوع خفاء فالمناسب أن تسمى رمزاً لأن الرمز هو أن
تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية، قال:

رمزت إلي مخافة من بعلها من غير أن تبدي هناك كلاما


وإلا فالمناسب أن تسمى إيماء وإشارة كقول أبي تمام يصف إبلاً:


أبين فيما يزرن سوى كريم وحسبك أن يزرن أبا سعيد

فإنه في إفادة أن أبا سعيد كريم غير خاف وكقول البحتري: أوما رأيت المجد ألقى رحله في آل طلحة ثم لم يتحول فإنه في إفادة أن آل طلحة أماجد ظاهر. وكقول الآخر:

إذا الله لم يسق إلا الكرام فسقى وجوه بني حنبل


وسقى ديارهم باكراً من الغيث في الزمن الممحل

وكقول الآخر:

متى تخلو تميم من كريم مسلمة بن عمرو من تميم

ثم قال والتعريض كما يكون كناية قد يكون مجازاً كقولك: آذيتني فستعرف وأنت لا تريد
المخاطب بل تريد إنساناً معه وإن أردتهما جميعاً كان كناية.

بلاغة الكناية

اطبق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، وأن الاستعارة ابلغ من التصريح بالتشبيه،
وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة، وأن الكناية
أبلغ من الإفصاح بالذكر، قال الشيخ عبد القاهر ليس ذلك لأن الواحد من هذه الأمور يفيد
زيادة في المعنى لا يفيده خلافه، فليست فضيلة قولنا رأيت أسداً على قولنا رأيت رجلاً،
هو والأسد سواء في الشجاعة، أن الأول أفاد زيادة في مساواته للأسد في الشجاعة لم يفده
الثاني بل هي أن الأول أفاد تأكيداً إثبات تلك المساواة لم يفده الثاني، وليست فضيلة قولنا
كثير الرماد على قولنا كثير القرى أن الأول أفاد زيادة لقراه لم يفدها الثاني، بل هي أن الأول الفصاحة إلى معنوية ولفظية، وفسر المعنوية بخلوص المعنى عن التعقيد وعنى بالتعقيد
اللفظي على ما سبق تفسيره، وفسر اللفظية بأن تكون الكلمة عربية أصيلة، وقال: وعلامة
ذلك أن تكون على ألسنة الفصحاء من العرب الموثوق بعربيتهم أدور واستعمالهم لها أكثر
لا مما أحدثه المولدون ولا مما أخطأت فيه العامة وأن تكون أجرى على قوانين اللغة وأن
تكون سليمة التنافر، فجعل الفصاحة غير لازمة للبلاغة وحصر مرجع البلاغة في الفنين ولم
يجعل الفصاحة مرجعاً لشيء منهما، ثم قال: وإذ قد وقفت على البلاغة والفصاحة
المعنوية واللفظية فأنا أذكر على سبيل الأنموذج آية أكشف لك فيها عن وجوه البلاغة
والفصاحتين ما عسى يسترها عنك، وذكر ما أورده الزمخشري في تفسير قوله تعالى: "
وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين " وزاد عليه نكتاً لا بأس بها فرأيت أن أورد تلخيص ما ذكره جارياً على اصطلاحه في معنى البلاغة والفصاحة، قال أما النظر فيها من جهة علم البيان فهو أنه تعالى لما أراد أن يبين معنى أردنا أن نرد ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتد، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع، وأن يغيض الماء النازل من السماء فغاض، وأن يقضي أمر نوح وهو إنجاز ما كنا وعدناه من إغراق قومه فقضى، وأن نسوي السفينة على الجودي فاستوت وأبقينا الظلمة غرقى بني الكلام على تشبيه المراد منه بالمأمور الذي لا يتأتى منه لكمال هيبته العصيان وتشبيه تكوين المراد بالأمر الجزم النافذ في تكوين المقصود تصويراً لاقتداره تعالى وأن السموات والأرض وهذه الأجرام العظام تابعة لإرادته كأنها عقلاء مميزون قد عرفوه حق معرفته وأحاطوا علماً بوجوب الانقياد لأمره وتحتم بذل المجهود عليهم في تحصيل مراده ثم بنى على تشبيهه هذا نظم الكلام فقال تعالى قيل على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل وجعل قرينة المجاز خطاب الجماد وهو يا أرض ويا سماء ثم قال: يا أرض ويا سماء مخاطباً لهما على سبيل الاستعارة للشبه المذكور ثم استعار لغور الماء في الأرض البلع الذي هو إعمال الجاذبية في المطعوم بجامع الذهاب إلى مقر خفي واستتبع ذلك تشبيه الماء بالغذاء على طريق الاستعارة بالكناية لتقوي الأرض بالماء في الإثبات للزرع والأشجار، وجعل قرينة الاستعارة لفظ ابلعي لكونه موضوعاً للاستعمال في الغذاء دون الماء، ثم أمر على سبيل الاستعارة للشبه المقدم ذكره ثم قال ماءك بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز، تشبيهاً لاتصال الماء بالأرض باتصال الملك بالمالك، واستعار لحبس المطر الإقلاع الذي هو ترك الفاعل الفعل للشبه بينهما في عدم ما كان، وخاطب في الأمرين ترشيحاً لاستعارة ثم قال " وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين " فلم يصرح بالغائض والقاضي والمسوي والقائل، كما لم يصرح بقائل يا ارض ويا سماء سلوكاً في كل واحد من ذلك سبيل الكناية أن تلك الأمور العظام لا تتأتى إلا من ذي قدرة لا تكتنه قهار لا يغالب، فلا مجال لذهاب الوهم إلى أن يكون الفاعل لشيء من ذلك غيره، ثم ختم الكلام بالتعريض لسالكي مسلكهم في تكذيب الرسل ظلماً لأنفسهم ختم إظهار لمكان السخط ولوجه استحقاقهم إياه، وأما النظر فيها من حيث علم المعاني وهو النظر في فائدة كل كلمة فيها وجهة كل تقديم وتأخير بين جملتها فذلك أنه اختير يا دون سائر أخواتها لكونها أكثر استعمالاً، ولدلالتها على بعد المنادى الذي يستدعيه مقام إظهار العظمة ويؤذن بالتهاون به ولم يقل يا أرض بالكسر تجنباً لإضافة التشريف، تأكيداً للتهاون ولم يقل يا أيتها الأرض للاختصار مع الاحتراز عما في أيتها من تكلف التنبيه غير المناسب للمقام، لكون المخاطب غير صالح للتنبيه على الحقيقة، واختير لفظ الأرض دون سائر أسمائها لكونه أخف وأدور، واختير لفظ السماء لمثل ذلك مع قصد المطابقة، واختير ابلعي على ابتلعي لكونه أخصر ولمجيء حظ التجانس بينه وبين أقلعي أوفر، وقيل ماءك بالإفراد دون الجمع لدلالة الجمع على الاستكثار الذي يأباه مقام إظهار الكبرياء وهو الوجه في إفراد الأرض والسماء، ولم يحذف مفعول ابلعي لئلا يفهم ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال والبحار وغيرها، نظراً إلى مقام ورود الأمر الذي هو مقام عظمة وكبرياء، ثم إذ بين المراد اختصر الكلام على أقلعي فلم يقل أقلعي عن إرسال الماء احترازاً عن الحشو المستغنى عنه من حيث الظاهر وهو الوجه في أنه لم يقل يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا سماء أقلعي فأقلعت، واختير غيض الماء على غيض المشددة لكونه أخصر وأخف وأوفق لقيل وقيل الماء دون أن يقال ماء طوفان السماء، وكذا الأمر دون أن يقال أمر نوح للاختصار، ولم يقل سويت على الجودي، بمعنى أقرت على نحو قيل وغيض وقضي في البناء للمفعول، اعتباراً لبناء الفعل للفاعل مع السفينة في قوله وهي تجري بهم مع قصد الاختصار ثم قيل بعداً للقوم دون أن يقال ليبعد القوم طلباً للتوكيد مع الاختصار، ثم وهو نزول بعداً منزلة ليبعدوا بعداً مع إفادة أخرى وهي استعمال اللام مع بعداً الدال على معنى أن البعد حق لهم، ثم أطلق النظم ليتناول كل نوع حتى يدخل فيه ظلمهم لأنفسهم بتكذيب الرسل.


تمارين


بين فيما يأتي الكناية و نوعها .


قال الله تعالى : {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }آل عمران106
قالت الخنساء :

طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا

و قال المتنبي :

فَمَسّاهُم وَبُسطُهُمُ حَريرٌ وَصَبَّحَهُم وَبُسطُهُمُ تُرابُ


وَمَن في كَفِّهِ مِنهُم قَناةٌ كَمَن في كَفِّهِ مِنهُم خِضابُ

و قال :

إِنَّ في ثَوبِكَ الَّذي المَجدُ فيهِ لَضِياءً يُزري بِكُلِّ ضِياءِ

و قال البحتري :

قَومٌ تَرى أَرماحَهُم يَومَ الوَغى مَشغوفَةً بِمَواطِنِ الكِتمانِ

و قال المعري :

سَليلُ النارِ دَقّ وَرَقّ حتى كأنّ أباه أوْرَثَهُ السُّلالا

و قال يزيد بن الحكم الثقفي:

أَصبَحَ في قَيدِكَ السَماحَةُ وَال جودُ وَفَضلُ الصَلاحِ وَالحَسبُ

stayfi_kamikaz
2009-05-14, 10:47
جزاك الله خيرا

ferielle
2009-07-04, 13:09
merci beauqoup

الطالبة نرجس
2010-11-05, 12:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن شاءالله الكل في آتم اصحه والعافيه
.. با ان اوضح ماتبين لي من علم او با اضافة المزيد لما ذكرتي لنا في موضوعك
التشبيه وأنواعه
لدينا المثال التالي:
الرجل كالأسد في الشجاعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نلاحظ أننا في هذا المثال عقدنا مقارنة بين طرفين هما ( الرجل ) و( الأسد) , وهذان الطرفان يشتركان في صفة واحدة هي ( الشجاعة) واستخدمنا لذلك أداة أو حرفا لعقد المقارنة هو ( الكاف).
هذه المقارنة التي قمنا بها تسمى ( التشبيه)
إذاً
التشبيه هو: عقد مقارنة بين طرفين أو شيئين يشتركان في صفة واحدة ويزيد أحدهما على الآخر في هذه الصفة , باستخدام أداة للتشبيه.

ومن هذا التعريف يمكننا التعرف على أركان التشبيه وهي:
حسب المثال السابق :

المشبه: الرجل
المشبه به: الأسد
أداة التشبيه: الكاف
وجه الشبه: الشجاعة

ويمكن لأداة التشبيه أن تكون حرفاً أو اسماً أو فعلاً أو مايشبه ذلك مثل: ( الكاف – مثل – شبيه – يشبه – يماثل .......الخ)
أنواع التشبيه:
بالنظر إلى الأركان الأربعة التي يتألف منها التشبيه يمكن أن يكون لدينا أربعة أنواع للتشبيه:
وحسب المثال السابق:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-الرجل كالأسد في الشجاعة ــــــــــــــ جميع الأركان موجودة ــــــــــــــــ تشبيه تام الأركان
2-الرجل أسد في الشجاعة ـــــــــــــ حذفنا أداة التشبيه ــــــــــــــــــــــــ تشبيه مؤكد
3-الرجل كالأسد ــــــــــــــــــــــــــــــــ حذفنا وجه الشبه ـــــــــــــــــــــــــ تشبيه مجمل
4-الرجل أسد ـــــــــــــــــــــــــــــــ حذفنا أداة التشبيه ووجه الشبه ـــــــــــــــ تشبيه بليغ

مثال : لدينا التشبيه التالي: فرأى فتاة كالصباح جمالا. مانوعه؟؟ وما أركانه؟؟
نلاحظ مايلي:
المشبه : فتاة
المشبه به: الصباح
أداة التشبيه : الكاف
وجه الشبه : جمالا

إذاً: التشبيه تام الأركان

-اجعل التشبيه السابق مؤكداً – مجملاً – بليغاً.
-مؤكد: الفتاة صباح في الجمال
-مجمل: الفتاة كالصباح
-بليغ : الفتاة صباح

التشبيه البليغ :
قلنا هو التشبيه الذي يقتصر على المشبه والمشبه به, ويرد بأشكال مختلفة:

-بشكل جملة اسمية أو فعلية ينعقد فيها التشبيه بين شيئين: العلم نور
-بالشكل الإضافي: المشبه به مضاف والمشبه مضاف إليه : اهتدوا بنور العلم
-بشكل مفعول مطلق مبين للنوع : وثب الطفل وثبة الغزال.

أنواع أخرى للتشبيه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
التشبيه التمثيلي والتشبيه الضمني:
وهنا يأتي طرفا التشبيه صورتين مركبتين , يربط بينهما الشاعر .
- فإذا تم الربط بين الصورتين باستخدام أداة تشبيه , سمي التشبيه: بالتشبيه التمثيلي مثال عليه:
دمّرٌ ماؤها على الدرّ يهوي كمرايا تكسّرت من لجين
كأن وجوه القوم فوق جذوعهم نجوم سماء في الصباح أفول

-وإذا تم الربط بين الصورتين بدون استخدام أداة تشبيه سمي التشبيه بالتشبيه الضمنى ( وهو يلمح من خلال الكلام وليس موضوعا على صورة التشبيه العادي) مثال:
-من يهن يسهل الهوان عليه مالجرح بميتٍ إيلام
-ليس الحجاب بمقصٍ عنك لي أملاً إن السماء ترجّ حين تحتجب
-لاتنكري عطل الكريم من الغنى فالسيل حربٌ للمكان العالي

وهناك أنواع أخرى متعددة للتشبيه , يهمنا في مناهجنا ماقمنا بتوضيحه.

ملاحظة:
نلاحظ أننا كلما حذفنا ركنا من أركان التشبيه تغير نوعه, وفي الحالة الأخيرة بقي المشبه والمشبه به فقط.
فهل نستطيع أن نستمر في الحذف؟؟؟؟
-هل نستطيع حذف المشبه؟؟؟؟
-هل نستطيع حذف المشبه به؟؟؟؟
-وماذا يبقى؟؟؟؟
-وماذا يحصل؟؟؟

maymay
2011-10-08, 11:02
شكرا لكم جميعا على المرور الطيب