تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأجوبة المسكتة


حسام الدين محمد
2012-10-07, 22:54
الأجوبة المسكتة
أتمنى لكم قضاء وقت ممتع مع هذه الأجوبة المسكتة المفحمة ، والتي تبرز لنا مدى جمال وروعة اللغة العربية .

سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الأهثم عن الزبرقان . فقال : إنه من أكابر سادات بني تميم وشعرائهم وخطبائهم في الجاهلية والإسلام فقام الزبرقان وقال : والله يا رسول الله لقد علم عني خيرا مما وصف ولكن حسدني . فقام عمرو بن الأهثم وقال : أنا أحسدك فوالله يا رسول الله إنه للئيم الخال ، حديث المال ، أحمق الوالد ، مضيع في العشيرة . فقيل له : يا عمرو أتمدحه وتذمه في وقت واحد فقال عمرو بن الأهثم : والله يا رسول الله لقد صدقت في الأولى ، وما كذبت في الثانية ، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت ، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من البيان لسحرا . " صحيح البخاري "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سأل رجل العباس رضي الله عنه :أأنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأجاب العباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر ، وأنا وُلدت قبله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال رجل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه : " والله لأشتمنك شتما يدخل معك قبرك " . قال : " معك يدخل والله لا معي " .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحذيفة بن اليمان : كيف أصبحت يا حذيفة ؟ فقال حذيفة : أصبحت أحب الفتنة ، وأكره الحق ، وأصلي بغير وضوء ، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء . فغضب عمر ، ودخل عليه علي كرّم الله وجهه وقال له : على وجهك أثر الغضب يا أمير المؤمنين ، فقص عليه ما أغضبه من حذيفة ، فقال علي : لقد صدق حذيفة ، أما حبه للفتنة فهو يعني المال والبنين ؛ لأن الله تعالى يقول : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) سورة التغابن . وأما أنه يكره الحق فهو يكره الموت ، وأما صلاته بغير وضوء فيعني بها صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما ما له في الأرض ما ليس لله في السماء ، فهو يعني أن له زوجة وولدا وليس لله زوجة ولا ولد . فقال عمر : والله لقد أقنعتني وأرحتني .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

سأل رجل عليا كرّم الله وجهه وهو يعدو على بغلة له في ساحة الحرب : حبذا لو اتخذ أمير المؤمنين الخيل مطية له ، فإنها أقرب إلى النجدة وأوسع في الخطوة ، فقال أمير المؤمنين : يا رجل أنا لا أفر ممن كرّ ، ولا أكرّ على من فرّ ، فالبغلة تكفيني .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

قال أبو عبيدة : تخاصم أبو الأسود الدؤلي وامراته في ولد لهما وكلاهما يدعي بحقه فيه وتحاكما إلى زياد والي البصرة . فقال زياد : ما خطبكما ؟ قالت المرأة : خصمان اختصما في ولدهما . فقال زياد : فلتُدل المرأة أولا بحجتها . قالت المرأة : أصلح الله الأمير هذا ابني كان بطني وعاءه ، وحجري فناءه ، وثديي سقاءه ، أكلؤه إذا نام ، وأحفظه إذا قام ؛ فلم أزل كذلك سبعة أعوام ؟ فحين أمّلت نفعه ، ورجوت رفعه حاول غصبه من قهرا . فقال الأمير : وأنت يا أبا الأسود ما هي حجتك ، وما هو جوابك المقنع أمام هذا المنطق ؟ فقال أبو الأسود : أصلحك الله أيها الأمير ، فأنا حملته قبل أن تحمله ووضعته قبل أن تضعه . فقالت المرأة : لقد صدق أيها الأمير ، ولكن حمله خِفا وحملته ثِقلا ، ووضعه شهوة ووضعته كرها . فقال زياد : والله وازنت بين الحجتين وقارنت الدليل بالدليل ، فما وجدت لك عليها من سبيل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

لما جيء بسعيد بن جبير بن هشام بين يدي الحجاج ، سأله الحجاج : ما اسمك ؟ فقال سعيد بن جبير : أنا سعيد بن جبير بن هشام الأسدي . قال الحجاج : بل أنت شقي بن كسير . فقال سعيد بن جبير : بل كانت أمي أعلم باسمي منك . قال الحجاج : شقيت أمك وشقيت أنت . فقال سعيد بن جبير : الغيب يعلمه غيرك . قال الحجاج : والله لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى . فقال سعيد بن جبير : والله لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها . قال الحجاج : فما قولك في محمد ؟ فقال سعيد بن جبير : نبي الرحمة وإمام الهدى . قال الحجاج : فماذا تقول في علي أهو في الجنة أم هو في النار ؟ فقال سعيد بن جبير : لو دخلتها وعرفت من فيها عرفت أهلها . قال الحجاج : فما قولك في الخلفاء الراشدين . فقال سعيد : لست عليهم بوكيل . قال الحجاج : فأيهم أرضى للخالق .فقال سعيد : علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم . فقال الحجاج : أحب أن تصدقني . فقال سعيد : إن لم أحبك لم أكذبك . قال الحجاج : اختر لك يا سعيد قتلة . فقال سعيد : اختر لنفسك ، فوالله لا تقتلني قتله إلا قتلك الله مثلها يوم القيامة . قال الحجاج : أتريد أن أعفو عنك . فقال سعيد : إن كان العفو فمن الله ، وأما أنت فلا براءة لك ولا عذر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

جلس أبو جعفر المنصور فتساقط عليه الذباب ، وكان كلما طارده ألح عليه حتى ضجر ؛ فدخل عليه أبو الحسن مقاتل بن سليمان ، وله شهرة واسعة في التفسير . فقال له أبو جعفر المنصور : يا أبا الحسن أتعلم لماذا خلق الله تعالى الذباب ؟ فقال أبو الحسن : نعم يا أمير المؤمنين ليذل الله عز وجل به الجبابرة ، فسكت .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

زار الخليفة المعتصم خاقان في مرضه فبدا للخليفة أن يمتحن بديهة ولده الفتح ويختبر ذكاءه وتأثير سنه على عقله ، فقال له : يا فتح ، داري أحسن أم دار أبيك ؟ فأجاب الفتح : ما دام أمير المؤمنين في دار أبي فهي أحسن . فقال الخليفة : نعم الجواب الحاضر جوابك يا فتح .

محبة الادب العربي
2012-10-08, 11:26
جـــــــــــــــــــــــــــــــــزاك الله خيرا.

فاطمة بنت الأحمدي
2012-10-08, 15:51
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


الأخ الكريم بارك الله فيكم .


ـ في القصة (4 ) الواردة عن عمر(رضي الله عنه) ( إن سلمنا بصحتها فرضا )


ـ هل يُعقل أن لا يعي عمر ما كان يقصده حذيفة ! وهو العربي الذي يعرف أساليب العرب وتذوّق بيان القرآن الكريم.


ـ هل هذا الكلام لحذيفة (رضي الله عنه) يُعتبر بليغا مع ما فيه من الإلغاز الذي يجر إلى متضادين أوّلهما قربا إلى الذهن الباطلُ منهما؟

حسام الدين محمد
2012-10-09, 20:06
اعلمي -حفظك الله - أن القصد ليس هو ذاك الذي ذهبت اليه . وهو أن عمر -رضي الله عنه - لا يعي ما كان يقصده حذيفة .
فعمر -رضي الله عنه - أبلغ مما أتصور أنا أو أنت . لكنه هنا أخذ الكلام على ظاهره . ولم يستحضر معانيه كما وردت في القرآن الكريم . و مثلما استحضرها حذيفة . وعلي -رضي الله عنه -
وهنا يمكن أن ندرك أن القصد هو إفادتنا بأن اللغة العربية لغة ثرية غنية بالتضاد و الاشتقاق و الترادف و النحت . والتورية .....
وهذه الأمثلة في ا لبلاغة العربية هي ضرب من التورية . و المقصود بها لفظ أريد به معنى غير الذي وضع له في الأصل .
ومن هنا نوصي اخواننا بدراسة علم البلاغة . ليتمكنوا من فهم القرآن الكريم و الحديث الشريف و كلام العرب .

فاطمة بنت الأحمدي
2012-10-11, 21:54
ـ كذلك انتقاء الأمثلة من البلاغة ، وفي الحقيقة هذا المثال قيل فيه كلام وفتوى ، وتصفّح إن شئت الشبكة العنكبية يظهر لك ما قصدتُ إليه.


ـ واستسمحك سيدي الفاضل في إضافة هذا المثال في التورية ، فمن أحسن ما قيل فيها : إجابةُ أبي بكر الصّديق ( رضي الله عنه ) والتي تحرّى فيها الصدق مع عدم البوح بالسّر خوفًا من العدو ـ حين كان بصحبة النّبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهما مهاجران إلى المدينة ـ لمن سأله عن صاحبه وذلك بقوله : رجلٌ يهديني السبيل. فصدق الصّديق في إجابته وحفظ سرّه.


بارك الله فيك ، حقيقة حفزتني لدراسة البلاغة وربما تكون الانطلاقة من هذا الموضوع ، بإذن الله.