miramer
2012-09-15, 19:28
أهكذا تكون النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=3343&d=1347678623 (http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=3343&d=1347678623)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد : فالكل رأى ما حصل على إثر بث الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم ، من مظاهرات واحتجاجات واقتحامات للسفارات، والسؤال هنا : أهكذا تكون النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ جواب هذا السؤال يتطلب منا الوقوف عند عدة نقاط:
النقطة الأولى : علامات المحبة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم:
قالشيخ الإسلام في الرد على الأخنائي (ص227) : "وحينئذ فأعظم أحوال الناس مع الأنبياء وأفضلها وأكملها هو حال الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا سيما أبو بكر وعمر وهو تصديقه في كل ما يخبر به من الغيب وطاعته وامتثال أمره في كل ما يوجبه ويأمر به وأن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وأهله وماله وأن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب اليه مما سواهما وأن يتحرى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد الله بما شرعه وسنه من واجب ومستحب لا يعبده بعبادة نهى عنها وببدعة ما أنزل الله بها من سلطان وإن ظن أن في ذلك تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيما لقدره كما ظنه النصارى في المسيح وكما ظنوه في اتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وكماظن الذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابا فان الأمر بالعكس بل كل عبد صالح من الملائمة والأنبياء فانما يحب ما أحبه الله من عبادته وحده وإخلاص الدين له ويوالي من كان كذلك ويعادي من أشرك ولو كان المشرك معظما له غاليا فيه فان هذا يضره ولا ينفعه لا عند الله ولا عند الذي غلا فيه أشرك فيه واتخذه ندا لله يحبه كحب الله واتخذه شفيعا يظن أنه إذا استشفع به يشفع له بغير إذن أو اتخذه قربانا يظن أنه إذا عبده قربه إلى الله فهذه كلها ظنون المشركين قال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}، وقال تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، وقال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله}، وقال تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى}، إلى قوله: {يفترون}، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} فقال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا سليني من مالي ما شئت وفي الصحيحين أنه قال ألا لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر أو رقاع تخفق يقول يا رسول الله أغثني أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك وهذا باب واسع".
وهذا كلام جليل لا مزيد في معنى الاتباع وحقيقة محبة النبي صلىالله عليه وسلم ، فهل هذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم ينطبق على من يسمي سنته قشوراً أو شكليات ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من يرد أخباره بحجة أنها لا توافق العقل ، ويرد أحكامه بحجة أنها لا تلائم العصر ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من ينفر عن الكتب التي تحوي سنته ويسميها الكتب الصفراء ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من يقول ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) ولو كان الخلاف مبنياً على معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم بقول الفقيه الذي لم يبلغه النص ؟
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيه
النقطة الثانية : مظاهر انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة :
وقد يستغرب هنا القاريء ويقول (وهل ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ من أمته ؟)، فالجواب : مع الأسف نعم ، وذلك وإن كان يقع في معظم الأعيان بدون قصد الانتقاص ، لكن حقيقة الانتقاص متمثلةٌ فيه، وإليك هذه المظاهر:
المظهر الأول : الإحداث في الدين :
قال الشاطبي في الاعتصام :" وإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ مَالِكٍ: من أَحدث في هذه الأَمة شيئا لم يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ"، فكل بدعة استصغرت أو استعظمت لسان حال مبتدعها الاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الرسالة ما اكتملت، قال المناوي في فيض القدير (1/96) :" وقد قال ابن القاسم : لا نجد مبتدعا إلا وهو منتقص للرسول وإن زعم أنه يعظمه بتلك البدعة فإنه يزعم أنها هي السنة إن كان جاهلا مقلدا وإن كان مستبصرا فيها فهو مشاق لله ولرسوله"، انتهى.
وقال الشيخ شمس الأفغاني في جهود علماء الحنفية (2/589) : "قال الإمام محيي الدين البركوي أحد عظماء الحنفية (981) : (فإن الشرك ملزوم للتنقيص " لله تعالى " والتنقيص لازم له ضرورة شاء المشرك أو أبى؛ ولكون الشرك منقصا للربوبية اقتضى حكمته تعالى وكمال ربوبيته أن لا يغفره ويخلد صاحبه في النار؛ ولا تجد مشركا قط إلا وهو منتقص لله تعالى؛ وإن زعم أنه يعظمه؛ كما أنك لا تجد مبتدعا إلا وهو منتقص للرسول صلى الله عليه وسلم وإن زعم أنه معظم بالبدعة)".
المظهر الثاني : الاستهزاء بسنته:
وهذا كثير ، كالاستهزاء بإطلاق اللحية أو تقصير الثوب ، وأخبث من هذا وصف بعض سنته بالقشور والشكليات، قال العز بن عبدالسلام في "فتاويه"، يقول: " لا يجوز التعبير عن الشريعة بأنها قشر؛ من كثرة ما فيها من المنافع والخيور، ولا يكون الأمر بالطاعة والإيمان قشراً؛ لأن العلم الملقب بعلم الحقيقة جزء من أجزاء علم الشريعة، ولا يُطلقِ مثل هذه الألقاب إلا غبي شقي قليل الأدب، ولو قيل لأحدهم: إن كلام شيخك قشور، لأنكر ذلك غاية الإنكار، ويطلق لفظ القشور على الشريعة!".
وصدق العز ، لو قلنا لهذا المسمي لسنة رسول الله قشوراً إن كلامك أو كلام شيخك ( قشور ) لأحفظه ذلك واعتبر ذلك انتقاصاً.
المظهر الثالث : رفع الصوت فوق صوته !
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/51) :" وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببا لحبوط أعمالهم فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياستهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه أليس هذا أولى أن يكون محبطا لأعمالهم".
وهذا ينطبق على من يفتي بالأقوال المخالفة للسنة ، أو يتتبع رخص الفقهاء حتى إذا أخبرته بالسنة قال لك (المسألة فيها خلاف)، وهذا كحال علي جمعة الذي أفتى بجواز بيع الخمر على الكفار ، وقال هذا قول أبي حنيفة.
قال البخاري في صحيحه 2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا.
ومثل ذلك من يرد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال والمسيح وعذاب القبر وزعمه أنها تخالف العقل ، وهذا ليس مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم حقاً .
قال شيخ الإسلام في درء التعارض (5/297 ( :"ومعلوم أن هذا ليس إقرارا بصحة الرسالة فإن الرسول لا يجوز عليه أن يخالف شيئا م نالحق ولا يخبر بما تحيله العقول وتنفيه لكن يخبر بما تعجز العقول عن معرفته فيخبر بمحارات العقول لا بمحالات العقول؛ ولهذا قال الإمام أحمد في رسالته في السنة التي رواها عبدوس ابن مالك العطار قال ليس في السنة قياس ولا يضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول، هذا قوله وقول سائر أئمة المسلمين فإنهم متفقون على أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا تدركه كل الناس بعقولهم ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول ولا يجوز أن يعارض بالأمثال المضروبة له فلا يجوز أن يعارضه الناس بعقولهم ولا يدركونه بعقولهم فمن قال للرسول أنا أصدقك إذا لم تخالف عقلي أو أنت صادق فيما لم تخالف فيه الدليل العقلي فإن كان يجوز على الرسول أن يخالف دليلا عقليا صحيحا لم يكن مؤمنا به بصحيح لم يكن مؤمنا به فامتنع أن يصح الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشرط".
http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=3343&d=1347678623 (http://www.alwaraqat.net/attachment.php?attachmentid=3343&d=1347678623)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد : فالكل رأى ما حصل على إثر بث الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم ، من مظاهرات واحتجاجات واقتحامات للسفارات، والسؤال هنا : أهكذا تكون النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ جواب هذا السؤال يتطلب منا الوقوف عند عدة نقاط:
النقطة الأولى : علامات المحبة الحقيقية للنبي صلى الله عليه وسلم:
قالشيخ الإسلام في الرد على الأخنائي (ص227) : "وحينئذ فأعظم أحوال الناس مع الأنبياء وأفضلها وأكملها هو حال الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا سيما أبو بكر وعمر وهو تصديقه في كل ما يخبر به من الغيب وطاعته وامتثال أمره في كل ما يوجبه ويأمر به وأن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وأهله وماله وأن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب اليه مما سواهما وأن يتحرى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد الله بما شرعه وسنه من واجب ومستحب لا يعبده بعبادة نهى عنها وببدعة ما أنزل الله بها من سلطان وإن ظن أن في ذلك تعظيما للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيما لقدره كما ظنه النصارى في المسيح وكما ظنوه في اتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله وكماظن الذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابا فان الأمر بالعكس بل كل عبد صالح من الملائمة والأنبياء فانما يحب ما أحبه الله من عبادته وحده وإخلاص الدين له ويوالي من كان كذلك ويعادي من أشرك ولو كان المشرك معظما له غاليا فيه فان هذا يضره ولا ينفعه لا عند الله ولا عند الذي غلا فيه أشرك فيه واتخذه ندا لله يحبه كحب الله واتخذه شفيعا يظن أنه إذا استشفع به يشفع له بغير إذن أو اتخذه قربانا يظن أنه إذا عبده قربه إلى الله فهذه كلها ظنون المشركين قال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}، وقال تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}، وقال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله}، وقال تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى}، إلى قوله: {يفترون}، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} فقال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا سليني من مالي ما شئت وفي الصحيحين أنه قال ألا لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر أو رقاع تخفق يقول يا رسول الله أغثني أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك وهذا باب واسع".
وهذا كلام جليل لا مزيد في معنى الاتباع وحقيقة محبة النبي صلىالله عليه وسلم ، فهل هذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم ينطبق على من يسمي سنته قشوراً أو شكليات ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من يرد أخباره بحجة أنها لا توافق العقل ، ويرد أحكامه بحجة أنها لا تلائم العصر ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من ينفر عن الكتب التي تحوي سنته ويسميها الكتب الصفراء ؟
هل هذا الكلام ينطبق على من يقول ( لا إنكار في مسائل الخلاف ) ولو كان الخلاف مبنياً على معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم بقول الفقيه الذي لم يبلغه النص ؟
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيه
النقطة الثانية : مظاهر انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة :
وقد يستغرب هنا القاريء ويقول (وهل ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ من أمته ؟)، فالجواب : مع الأسف نعم ، وذلك وإن كان يقع في معظم الأعيان بدون قصد الانتقاص ، لكن حقيقة الانتقاص متمثلةٌ فيه، وإليك هذه المظاهر:
المظهر الأول : الإحداث في الدين :
قال الشاطبي في الاعتصام :" وإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ مَالِكٍ: من أَحدث في هذه الأَمة شيئا لم يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ"، فكل بدعة استصغرت أو استعظمت لسان حال مبتدعها الاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الرسالة ما اكتملت، قال المناوي في فيض القدير (1/96) :" وقد قال ابن القاسم : لا نجد مبتدعا إلا وهو منتقص للرسول وإن زعم أنه يعظمه بتلك البدعة فإنه يزعم أنها هي السنة إن كان جاهلا مقلدا وإن كان مستبصرا فيها فهو مشاق لله ولرسوله"، انتهى.
وقال الشيخ شمس الأفغاني في جهود علماء الحنفية (2/589) : "قال الإمام محيي الدين البركوي أحد عظماء الحنفية (981) : (فإن الشرك ملزوم للتنقيص " لله تعالى " والتنقيص لازم له ضرورة شاء المشرك أو أبى؛ ولكون الشرك منقصا للربوبية اقتضى حكمته تعالى وكمال ربوبيته أن لا يغفره ويخلد صاحبه في النار؛ ولا تجد مشركا قط إلا وهو منتقص لله تعالى؛ وإن زعم أنه يعظمه؛ كما أنك لا تجد مبتدعا إلا وهو منتقص للرسول صلى الله عليه وسلم وإن زعم أنه معظم بالبدعة)".
المظهر الثاني : الاستهزاء بسنته:
وهذا كثير ، كالاستهزاء بإطلاق اللحية أو تقصير الثوب ، وأخبث من هذا وصف بعض سنته بالقشور والشكليات، قال العز بن عبدالسلام في "فتاويه"، يقول: " لا يجوز التعبير عن الشريعة بأنها قشر؛ من كثرة ما فيها من المنافع والخيور، ولا يكون الأمر بالطاعة والإيمان قشراً؛ لأن العلم الملقب بعلم الحقيقة جزء من أجزاء علم الشريعة، ولا يُطلقِ مثل هذه الألقاب إلا غبي شقي قليل الأدب، ولو قيل لأحدهم: إن كلام شيخك قشور، لأنكر ذلك غاية الإنكار، ويطلق لفظ القشور على الشريعة!".
وصدق العز ، لو قلنا لهذا المسمي لسنة رسول الله قشوراً إن كلامك أو كلام شيخك ( قشور ) لأحفظه ذلك واعتبر ذلك انتقاصاً.
المظهر الثالث : رفع الصوت فوق صوته !
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/51) :" وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببا لحبوط أعمالهم فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياستهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه أليس هذا أولى أن يكون محبطا لأعمالهم".
وهذا ينطبق على من يفتي بالأقوال المخالفة للسنة ، أو يتتبع رخص الفقهاء حتى إذا أخبرته بالسنة قال لك (المسألة فيها خلاف)، وهذا كحال علي جمعة الذي أفتى بجواز بيع الخمر على الكفار ، وقال هذا قول أبي حنيفة.
قال البخاري في صحيحه 2223 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا.
ومثل ذلك من يرد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال والمسيح وعذاب القبر وزعمه أنها تخالف العقل ، وهذا ليس مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم حقاً .
قال شيخ الإسلام في درء التعارض (5/297 ( :"ومعلوم أن هذا ليس إقرارا بصحة الرسالة فإن الرسول لا يجوز عليه أن يخالف شيئا م نالحق ولا يخبر بما تحيله العقول وتنفيه لكن يخبر بما تعجز العقول عن معرفته فيخبر بمحارات العقول لا بمحالات العقول؛ ولهذا قال الإمام أحمد في رسالته في السنة التي رواها عبدوس ابن مالك العطار قال ليس في السنة قياس ولا يضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول، هذا قوله وقول سائر أئمة المسلمين فإنهم متفقون على أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا تدركه كل الناس بعقولهم ولو أدركوه بعقولهم لاستغنوا عن الرسول ولا يجوز أن يعارض بالأمثال المضروبة له فلا يجوز أن يعارضه الناس بعقولهم ولا يدركونه بعقولهم فمن قال للرسول أنا أصدقك إذا لم تخالف عقلي أو أنت صادق فيما لم تخالف فيه الدليل العقلي فإن كان يجوز على الرسول أن يخالف دليلا عقليا صحيحا لم يكن مؤمنا به بصحيح لم يكن مؤمنا به فامتنع أن يصح الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشرط".