Like_An_Angel
2012-09-07, 19:27
لعل أبرز نتائج قمة حركة عدم الانحياز التي انعقدت في طهران مؤخرا هو أن النظام أكد للعالم أنه يعتنق عقيدة التحريف ويضيق بالآخر.
في تاريخ الدبلوماسية الحديث وربما القديم أيضاً، لم تجرؤ أي دولة على تحريف كلمات الرؤساء والوزراء.
وحتى في أميركا وهي «الشيطان الأكبر» يستمع الجمهور هناك لخطب أحمدي نجاد الطويلة جدا دون تحريف ولا تأويل. يلعن الإمبريالية والهيمنة ويكيل لواشنطن ما هي أهل له من بذيء القول.
لكن إيران لم تجد غضاضة في تحريف الكلم عن مواضيعه، فالرئيس المصري الذي وبخ النظام السوري وطالبه بالرحيل بدا للشعب الإيراني ناقما على البحرين ومصرا على حماية الأسد من السقوط!
إنها فضيحة من العيار الثقيل، ورسالة بأن النظام ما زال يعيش في حقب ما قبل ثورة المعلومات ويحتقر وعي العالم.
إن دولة تحرف خطب رؤساء الدول ليست خليقة بأن تستضيف قمة تضم أكبر تجمع على مستوى العالم.
تُعرّي الترجمة المزورة لخطاب الرئيس المصري العديد من ممارسات النظام من جهة، وتعكس من جهة أخرى أن جهوده لتبوء مكانة مرموقة في العالم حكم عليها سلفا بالفشل.
يعني تحريف كلمة الرئيس أن النظام في طهران يلغي الشعب بشكل كامل، فليس من حق الإيرانيين أن يسمعوا أي رأي مغاير لما يراه النظام. وما دام النظام يناصر الرئيس السوري ويناصب العداء للبحرين فعلى الشعب أن لا يطلع على أي وجهة نظر أخرى حتى لو كانت تخص رئيس دولة محورية في الشرق الأوسط. إنه منطق: ما أريكم إلا ما أرى.. ومنتهى الاستخفاف والازدراء.
كذلك، تؤكد الترجمة المحرفة أن إيران تسعى فعلا لزعزعة الاستقرار في العديد من الدول العربية وبالذات مملكة البحرين.
لطالما دعونا لإنصاف إيران وعدم اتهامها بتوتير البحرين والتبشير في المغرب. لكن طهران لا يمكنها أن تدفع ببراءتها بعد اليوم.
أيضا تؤكد الواقعة أن تشكيك العالم في مصداقية طهران له ما يبرره. ومن شأن الترجمة المزورة أن تشلّ مساعي طهران لتفادي العزلة والحصار.
نحن شعوب العالم الثالث نكذب تلقائيا كل ما يصدر عن الغربيين لأنهم في الحقيقة عودونا على الكذب، إلا أن ما تؤكده القوى العالمية من عمل إيران على امتلاك سلاح نووي لم يعد بعد الآن مجرد ذريعة لقتل الطموح الإيراني في إحراز التقدم العلمي.
النظام في طهران يفتقر للمصداقية إذن، فلا يمكن لدولة تحرف كلمة رئيس دولة أخرى أن تكون شفافة وصادقة في الحديث عن برامج التسلح. ومن المؤكد أن الزعماء الذين حضروا القمة سيتعاملون بحذر بالغ مع دبلوماسية طهران في المستقبل.
إن فبركة خطاب الرئيس المصري ستحد من قدرة حكام إيران على تسويق أنفسهم في العالم الثالث كنظام يحارب غطرسة الغرب.
بيد أن الأهم هو أن الرئيس المصري الذي تقدم خطوة نحو التطبيع مع طهران سيتراجع عشرين خطوة إلى الوراء.
لقد بعث مرسي برسائل طمأنة لإيران وعبّر عن عزمه التعاون معها بعد ساعات من انتخابه رئيسا لمصر، لكن تحريف كلامه بما يسيء لخلفيته الثورية ويورطه مع دولة شقيقة هي البحرين كفيل بأن يقنعه بإرجاء الانفتاح على طهران. ربما يحصل تطور في العلاقة بين الجانبين لكنه سيكون محدودا فقد مسّ الضر الرئيس نفسه.
من المستبعد أن يطمئن الرئيس المصري لتعاون استراتيجي مع نظام يجاهر بانتهاك القيم الكونية ويتعمد إهانة الضيوف.
لا تهمني الشماتة بالنظام الإيراني، لكن نتيجة قمة الانحياز يمكن اختصارها في أن طهران خاطبت العالم بالقول: نحن نكذب في العلن كما نكذب في السر.
سيد أحمد الخضر
في تاريخ الدبلوماسية الحديث وربما القديم أيضاً، لم تجرؤ أي دولة على تحريف كلمات الرؤساء والوزراء.
وحتى في أميركا وهي «الشيطان الأكبر» يستمع الجمهور هناك لخطب أحمدي نجاد الطويلة جدا دون تحريف ولا تأويل. يلعن الإمبريالية والهيمنة ويكيل لواشنطن ما هي أهل له من بذيء القول.
لكن إيران لم تجد غضاضة في تحريف الكلم عن مواضيعه، فالرئيس المصري الذي وبخ النظام السوري وطالبه بالرحيل بدا للشعب الإيراني ناقما على البحرين ومصرا على حماية الأسد من السقوط!
إنها فضيحة من العيار الثقيل، ورسالة بأن النظام ما زال يعيش في حقب ما قبل ثورة المعلومات ويحتقر وعي العالم.
إن دولة تحرف خطب رؤساء الدول ليست خليقة بأن تستضيف قمة تضم أكبر تجمع على مستوى العالم.
تُعرّي الترجمة المزورة لخطاب الرئيس المصري العديد من ممارسات النظام من جهة، وتعكس من جهة أخرى أن جهوده لتبوء مكانة مرموقة في العالم حكم عليها سلفا بالفشل.
يعني تحريف كلمة الرئيس أن النظام في طهران يلغي الشعب بشكل كامل، فليس من حق الإيرانيين أن يسمعوا أي رأي مغاير لما يراه النظام. وما دام النظام يناصر الرئيس السوري ويناصب العداء للبحرين فعلى الشعب أن لا يطلع على أي وجهة نظر أخرى حتى لو كانت تخص رئيس دولة محورية في الشرق الأوسط. إنه منطق: ما أريكم إلا ما أرى.. ومنتهى الاستخفاف والازدراء.
كذلك، تؤكد الترجمة المحرفة أن إيران تسعى فعلا لزعزعة الاستقرار في العديد من الدول العربية وبالذات مملكة البحرين.
لطالما دعونا لإنصاف إيران وعدم اتهامها بتوتير البحرين والتبشير في المغرب. لكن طهران لا يمكنها أن تدفع ببراءتها بعد اليوم.
أيضا تؤكد الواقعة أن تشكيك العالم في مصداقية طهران له ما يبرره. ومن شأن الترجمة المزورة أن تشلّ مساعي طهران لتفادي العزلة والحصار.
نحن شعوب العالم الثالث نكذب تلقائيا كل ما يصدر عن الغربيين لأنهم في الحقيقة عودونا على الكذب، إلا أن ما تؤكده القوى العالمية من عمل إيران على امتلاك سلاح نووي لم يعد بعد الآن مجرد ذريعة لقتل الطموح الإيراني في إحراز التقدم العلمي.
النظام في طهران يفتقر للمصداقية إذن، فلا يمكن لدولة تحرف كلمة رئيس دولة أخرى أن تكون شفافة وصادقة في الحديث عن برامج التسلح. ومن المؤكد أن الزعماء الذين حضروا القمة سيتعاملون بحذر بالغ مع دبلوماسية طهران في المستقبل.
إن فبركة خطاب الرئيس المصري ستحد من قدرة حكام إيران على تسويق أنفسهم في العالم الثالث كنظام يحارب غطرسة الغرب.
بيد أن الأهم هو أن الرئيس المصري الذي تقدم خطوة نحو التطبيع مع طهران سيتراجع عشرين خطوة إلى الوراء.
لقد بعث مرسي برسائل طمأنة لإيران وعبّر عن عزمه التعاون معها بعد ساعات من انتخابه رئيسا لمصر، لكن تحريف كلامه بما يسيء لخلفيته الثورية ويورطه مع دولة شقيقة هي البحرين كفيل بأن يقنعه بإرجاء الانفتاح على طهران. ربما يحصل تطور في العلاقة بين الجانبين لكنه سيكون محدودا فقد مسّ الضر الرئيس نفسه.
من المستبعد أن يطمئن الرئيس المصري لتعاون استراتيجي مع نظام يجاهر بانتهاك القيم الكونية ويتعمد إهانة الضيوف.
لا تهمني الشماتة بالنظام الإيراني، لكن نتيجة قمة الانحياز يمكن اختصارها في أن طهران خاطبت العالم بالقول: نحن نكذب في العلن كما نكذب في السر.
سيد أحمد الخضر