تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبد الحميد بن باديس : رائد النهظة الجزائرية


الأمير
2007-04-02, 23:59
مقدمة

حريًّ بنا أن نتذكر الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس سائر أيام السنة، و لا يكفي أن نتذكّره فقط كلما أظلنا يوم 16 أفريل، فلقد كان رحمه الله أمّة وحده، عاملاً على نشر العربية والإسلام وجميع مقومات الشخصية الجزائرية، ولقي في سبيل ذلك جفاء الأقربين، وحرب الأبعدين، فما كلَّ ولا ملَّ ولا استسلم حتى فارق الحياة.

لذلك نرى من واجب الوفاء تقديم لمحات من حياته للجيل الصاعد المعتز بالعروبة والإسلام عساه أن يتخذ من حياة هذا الرجل العظيم مثال احتذاء ومنار اقتداء.

كانت الجزائر أول أقطار العالم العربي وقوعًا تحت براثن الاحتلال، وقُدّر أن يكون مغتصبها الفرنسي من أقسى المحتلين سلوكًا واتجاهًا، حيث استهدف طمس هوية الجزائر ودمجها باعتبارها جزءًا من فرنسا، ولم يترك وسيلة تمكنه من تحقيق هذا الغرض إلا اتبعها، فتعددت وسائلة، وإن جمعها هدف واحد، هو هدم عقيدة الأمة، وإماتة روح الجهاد فيها، وإفساد أخلاقها، وإقامة فواصل بينها وبين هويتها وثقافتها وتراثها، بمحاربة اللغة العربية وإحلال الفرنسية محلها، لتكون لغة التعليم والثقافة والتعامل بين الناس.

غير أن الأمة لم تستسلم لهذه المخططات، فقاومت بكل ما تملك، ودافعت بما توفر لديها من إمكانات، وكانت معركة الدفاع عن الهوية واللسان العربي أشد قوة وأعظم تحديًا من معارك الحرب والقتال، وقد عبّر ابن باديس، عن إصرار أمته وتحديها لمحاولات فرنسا بقوله: "إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا لو أرادت، بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد، في لغتها، وفي أخلاقها وعنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج، ولها وطن محدد معين هو الوطن الجزائري".

المولد والنشأة

http://www.djelfa.org/benbadis/portra1.gif
صورة الشيخ عبد الحميد بن باديس

ولد "عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس" المعروف بعبد الحميد بن باديس في (11 من ربيع الآخِر 1307 هـ= 5 من ديسمبر 1889م) بمدينة قسنطينة، ونشأ في أسرة كريمة ذات عراقة وثراء، ومشهورة بالعلم والأدب، فعنيت بتعليم ابنها وتهذيبه، فحفظ القرآن وهو في الثالثة عشرة من عمره، وتعلّم مبادئ العربية والعلوم الإسلامية على يد الشيخ "أحمد أبو حمدان الونيسي" بجامع سيدي محمد النجار، ثم سافر إلى تونس في سنة (1326هـ= 1908م) وانتسب إلى جامع الزيتونة، وتلقى العلوم الإسلامية على جماعة من أكابر علمائه، أمثال العلّامة محمد النخلي القيرواني المتوفى سنة (1342هـ= 1924م)، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الذي كان له تأثير كبير في التكوين اللغوي لعبد الحميد بن باديس، والشغف بالأدب العربي، والشيخ محمد الخضر الحسين، الذي هاجر إلى مصر وتولى مشيخة الأزهر.
وبعد أربع سنوات قضاها ابن باديس في تحصيل العلم بكل جدّ ونشاط، تخرج في سنة (1330هـ= 1912م) حاملاً شهادة "التطويع" ثم رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وهناك التقى بشيخه "حمدان الونيسي" الذي هاجر إلى المدينة المنورة، متبرّمًا من الاستعمار الفرنسي وسلطته، واشتغل هناك بتدريس الحديث، كما اتصل بعدد من علماء مصر والشام، وتتلمذ على الشيخ حسين أحمد الهندي الذي نصحه بالعودة إلى الجزائر، واستثمار علمه في الإصلاح، إذ لا خير في علم ليس بعده عمل، فعاد إلى الجزائر، وفي طريق العودة مرّ بالشام ومصر واتصل بعلمائهما، واطّلع على الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية لهما.

ابن باديس معلمًا ومربيًا

آمن ابن باديس بأن العمل الأول لمقاومة الاحتلال الفرنسي هو التعليم، وهي الدعوة التي حمل لواءها الشيخ محمد عبده، في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وأذاعها في تونس والجزائر خلال زيارته لهما سنة (1321هـ= 1903م)، فعمل ابن باديس على نشر التعليم، والعودة بالإسلام إلى منابعه الأولى، ومقاومة الزيف والخرافات، ومحاربة الفرق الصوفية الضالة التي عاونت المستعمر.

وقد بدأ ابن باديس جهوده الإصلاحية بعد عودته من الحج، بإلقاء دروس في تفسير القرآن بالجامع الأخضر بقسطنطينة، فاستمع إليه المئات، وجذبهم حديثة العذب، وفكره الجديد، ودعوته إلى تطهير العقائد من الأوهام والأباطيل التي علقت بها، وظل ابن باديس يلقي دروسه في تفسير القرآن حتى انتهى منه بعد خمسة وعشرين عامًا، فاحتفلت الجزائر بختمه في (13 من ربيع الآخر 1357هـ= 12 من يونيو 1938م).

http://www.djelfa.org/benbadis/benbadis_tayeb_okbi.JPG
صورة الشيخ الطيب العقبي رفقة الشيخ عبد الحميد بن باديس

ويُعدّ الجانب التعليمي والتربوي من أبرز مساهمات ابن باديس التي لم تقتصر على الكبار، بل شملت الصغار أيضًا، وتطرقت إلى إصلاح التعليم تطوير ومناهجه، وكانت المساجد هي الميادين التي يلقي فيها دروسه، مثل الجامع الأخضر، ومسجد سيدي قموش، والجامع الكبير بقسطنطينة، وكان التعليم في هذه المساجد لا يشمل إلا الكبار، في حين اقتصرت الكتاتيب على تحفيظ القرآن للصغار، فعمد ابن باديس إلى تعليم هؤلاء الصغار بعد خروجهم من كتاتيبهم.

ثم بعد بضع سنوات أسس جماعة من أصحابه مكتبًا للتعليم الابتدائي في مسجد سيد بومعزة، ثم انتقل إلى مبنى الجمعية الخيرية الإسلامية التي تأسست سنة (1336هـ= 1917م)، ثم تطوّر المكتب إلى مدرسة جمعية التربية والتعليم الإسلامية التي أنشئت في (رمضان 1349 هـ= 1931م) وتكونت هذه الجمعية من عشرة أعضاء برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس.

وقد هدفت الجمعية إلى نشر الأخلاق الفاضلة، والمعارف الدينية والعربية، والصنائع اليدوية بين أبناء المسلمين وبناتهم، ويجدر بالذكر أن قانون الجمعية نصّ على أن يدفع القادرون من البنين مصروفات التعليم، في حين يتعلم البنات كلهن مجانًا.

وكوّن ابن باديس لجنة للطلبة من أعضاء جمعية التربية والتعليم الإسلامية، للعناية بالطلبة ومراقبة سيرهم، والإشراف على الصندوق المالي المخصص لإعانتهم، ودعا المسلمين الجزائريين إلى تأسيس مثل هذه الجمعية، أو تأسيس فروع لها في أنحاء الجزائر، لأنه لا بقاء لهم إلا بالإسلام، ولا بقاء للإسلام إلا بالتربية والتعليم.

وحثّ ابن باديس الجزائريين على تعليم المرأة، وإنقاذها مما هي فيه من الجهل، وتكوينها على أساسٍ من العفة وحسن التدبير، والشفقة على الأولاد، وحمّل مسئولية جهل المرأة الجزائرية أولياءها، والعلماء الذين يجب عليهم أن يعلّموا الأمة، رجالها ونساءها، وقرر أنهم آثمون إثمًا كبيرًا إذا فرطوا في هذا الواجب.

وشارك ابن باديس في محاولة إصلاح التعليم في جامع الزيتونة بتونس، وبعث بمقترحاته إلى لجنة وضع مناهج الإصلاح التي شكّلها حاكم تونس سنة (1350 هـ=1931م)، وتضمن اقتراحه خلاصة آرائه في التربية والتعليم، فشمل المواد التي يجب أن يدرسها الملتحق بالجامع، من اللغة والأدب، والعقيدة، والفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والأخلاق، والتاريخ، والجغرافيا، ومبادئ الطبيعة والفلك، والهندسة، وجعل الدراسة في الزيتونة تتم على مرحلتين: الأولى تسمى قسم المشاركة، وتستغرق الدراسة فيه ثماني سنوات، وقسم التخصص ومدته سنتان، ويضم ثلاثة أفرع: فرع للقضاء والفتوى، وفرع للخطاب والوعظ، وفرع لتخريج الأساتذة.

ابن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين

احتفلت فرنسا بالعيد المئوي لاحتلال الجزائر في سنة (1349هـ= 1930م) فشحذ هذا الاحتفال البغيض همّة علماء المسلمين في الجزائر وحماسهم وغيرتهم على دينهم ووطنهم، فتنادوا إلى إنشاء جمعية تناهض أهداف المستعمر الفرنسي، وجعلوا لها شعارًا يعبر عن اتجاههم ومقاصدهم هو: "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخبوا ابن باديس رئيسًا لها.

http://www.djelfa.org/benbadis/nadi_teraki.JPG
صور شيوخ جمعية العلماء بنادي الترقي

وقد نجحت الجمعية في توحيد الصفوف لمحاربة المستعمر الفرنسي وحشد الأمة الجزائرية ضدها، وبعث الروح الإسلامية في النفوس، ونشر العلم بين الناس، وكان إنشاء المدارس في المساجد هو أهم وسائلها في تحقيق أهدافها، بالإضافة إلى الوعّاظ الذين كانوا يجوبون المدن والقرى، لتعبئة الناس ضد المستعمر، ونشر الوعي بينهم.

وانتبهت فرنسا إلى خطر هذه التعبئة، وخشيت من انتشار الوعي الإسلامي؛ فعطّلت المدارس، وزجّت بالمدرسين في السجون، وأصدر المسئول الفرنسي عن الأمن في الجزائر، في عام (1352هـ= 1933م) تعليمات مشددة بمراقبة العلماء مراقبة دقيقة، وحرّم على غير المصرح لهم من قبل الإدارة الفرنسية باعتلاء منابر المساجد، ولكي يشرف على تنفيذ هذه الأوامر، عيّن نفسه رئيسًا للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

http://www.djelfa.org/benbadis/oulema1.JPG
بعض شيوخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين


ولكي ندرك أهمية ما قام به ابن باديس ورفاقه من العلماء الغيورين، يجب أن نعلم أن فرنسا منذ أن وطأت قدماها الجزائر سنة (1246 هـ= 1830م) عملت على القضاء على منابع الثقافة الإسلامية بها، فأغلقت نحوا من ألف مدرسة ابتدائية وثانوية وعالية، كانت تضم مائة وخمسين ألف طالب أو يزيدون، ووضعت قيودًا مهنية على فتح المدارس، التي قصرتها على حفظ القرآن لا غير، مع عدم التعرض لتفسير آيات القرآن، وبخاصة الآيات التي تدعو إلى التحرر، وتنادي بمقاومة الظلم والاستبداد، وعدم دراسة تاريخ الجزائر، والتاريخ العربي الإسلامي، والأدب العربي، وتحريم دراسة المواد العلمية والرياضية.

إسهامات ابن باديس السياسية

لم يكن ابن باديس مصلحًا فحسب، بل كان مجاهدًا سياسيًا، مجاهرًا بعدم شرعية الاحتلال الفرنسي، وأنه حكم استبدادي غير إنساني، يتناقض مع ما تزعمه من أن الجزائر فرنسية، وأحيا فكرة الوطن الجزائري بعد أن ظنّ كثيرون أن فرنسا نجحت في جعل الجزائر مقاطعة فرنسية، ودخل في معركة مع الحاكم الفرنسي سنة (1352هـ= 1933م) واتهمه بالتدخل في الشئون الدينية للجزائر على نحو مخالف للدين والقانون الفرنسي، وأفشل فكرة اندماج الجزائر في فرنسا التي خُدع بها كثير من الجزائريين سنة (1353 هـ= 1936م).

ودعا نواب الأمة الجزائريين إلى قطع حبال الأمل في الاتفاق مع الاستعمار، وضرورة الثقة بالنفس، وخاطبهم بقوله: "حرام على عزتنا القومية وشرفنا الإسلامي أن نبقى نترامى على أبواب أمة ترى –أو ترى أكثريتها- ذلك كثيرا علينا…! ويسمعنا كثير منها في شخصيتنا الإسلامية ما يمس كرامتنا"، وأعلن رفضه مساعدة فرنسا في الحرب العالمية الثانية.

http://www.djelfa.org/benbadis/oulema2.JPG
بعض شيوخ و علماء الجزائر

وكانت الصحف التي يصدرها أو يشارك في الكتابة بها من أهم وسائله في نشر أفكاره الإصلاحية، فأصدر جريدة "المنتقد" سنة (1345 هـ= 1926م) وتولى رئاستها بنفسه، لكن المحتل عطّلها؛ فأصدر جريدة "الشهاب" واستمرت في الصدور حتى سنة (1358هـ= 1939م) واشترك في تحرير الصحف التي كانت تصدرها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، مثل "السنة" و"الصراط" و"البصائر".

وظل هذا المصلح -رغم مشاركته في السياسة- يواصل رسالته الأولى التي لم تشغله عنها صوارف الحياة، أو مكائد خصومه من بعض الصوفية أذيال المستعمر، أو مؤامرات فرنسا وحربها لرسالته، وبقي تعليم الأمة هو غايته الحقيقية، وإحياء الروح الإسلامية هو هدفه السامق، وبث الأخلاق الإسلامية هو شغله الشاغل، وقد أتت دعوته ثمارها، فتحررت الجزائر من براثن الاحتلال الفرنسي، وإن ظلت تعاني من آثاره.

وتوفي ابن باديس في (8 من ربيع الأول 1359 هـ= 16 من إبريل 1940م)(**).

الكاتب : سمير حلبي

من مصادر الدراسة:

•عمار الطالبي ـ ابن باديس حياته وآثاره- أربعة مجلدات، الجزائر ـ 1388 هـ= 1968م.
•محمود قاسم ـ الإمام عبد الحميد بن باديس: الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ 1979م.
•محمد فتحي عثمان ـ عبد الحميد بن باديس: رائد الحركة الإسلامية في الجزائر المعاصرة ـ دار القلم ـ الكويت ـ 1407هـ= 1987م.
•أنور الجندي ـ الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا ـ الدار القومية للطباعة والنشر ـ القاهرة ـ 1385هـ= 1965م.

** يعتبر يوم 16 أفريل من كل عام، مناسبة وطنية رسمية بالجزائر سميت بـ "يوم العلم"

محمد
2007-04-03, 10:34
مشكور اميرنا على المعلومات القيمة

nadire_b_dz
2007-04-03, 11:26
الف شكر على هذا الموضوع القيم اخي الامير

SETTA
2007-04-03, 15:00
الف شكر اخي الامير على هذا الموضوع القيم ولكن في هذا الجيل الإمام عبد الحميد بن باديس
يتفكروه يوم 16 افريل

النيلية
2007-04-03, 19:34
السلام عليكم


موضوع قيم ....................بارك الله فيك

سعدالله عبد العزيز
2007-04-05, 18:45
أبحث عن تعريف على بلدية تاقدمت التاريخية والتي تقع بولاية تيارت بالتفصيل وشكرا

اوسكار الجزائري
2007-04-18, 02:01
http://www.9m.com/upload/30-01-2007/0.28651011188154.gif

noumidi
2007-04-23, 16:00
بارك الله فيك

السيف العامري
2007-04-23, 19:09
رحم الله الشيخ رحمة واسعة واسكنة فسيح جناته

وشكر الله للأمير ... امين امين

عبد الغني
2007-07-12, 00:47
والله يا أمـير شوقتنا لنجـم فـقدته الساحة الإسلامية والوطنية وصـار السذج يتقاذفون سيرته بما لا يليـق ؛ أمير أنت في بحـثك وتفصـيلك للموضوع ؛ جازاك الله خـيرا عن هذه الأمـة ؛ ولكـن وا أسـفاه أتحـتفـل الناس بأيام الوفاة ، ألا ترى أخي كم نحـن في ظلالة نحـي عظـمة الرجـل ونربطهـا بيـوم العـلم في يـوم وفـاتـه كـأنها هي العـيد لرجـل وهـب حـياته للدفاع عن قيم الأمة وثوابتها وحـقوقهـا وهـو الذي أعطـى للمـرأة حـق التعليم في الجـزائر لكنها اليوم تسبـه بالعلن و أمام الفضـائيات عـجـبا من زمـن تحـترق الشموع لتضيئه وتأتي أقدام تدنسـه . شكرا جزيلا يا أمير فلقـد فجـرت فيـنا مكامن أخـفاها الزمـن .<< مـوت العـالم يحـدث ثـلة عظيمـة في الإسـلام >> .

amouna91
2007-07-22, 08:59
مشكور حياة رائعة

سلسبيل
2007-07-22, 09:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخى على هذا الموضوع
رحم الله شيخنا الفاضل وجزاه الله عنا كل الجزاء
والله ان في وقتنا الحالي أصبحنا نحتفل بعيد موته وليس تذكرا في عمله
الدؤب للاسلام وللمسلمين نحن نتأسف عن هذا الحال نحتفل في المدارس ونحي سهرات
ومسرحيات أهذا إحتفال بعلمائنا ام هذه درجة تقديرهم او هذا هوا الذي هوا مفقود عندنا
والله مهم نقدم ومهم نكتب من أصطر فلا تكفي ولا تغنى عن تعريف
هذا العلم من علمائنا الربانين فرحم الله شيخنا العالم الربانى
[الشيخ عبد الحميد بن باديس
ولي هذه الإضافة ولو اناها فيها بعض التكرار لبعض المعلومات ولكن لا بأس
عبد الحميد بن باديس(4 1889م: 1940م)

(سيرة عالم شُغل ببناء الإنسان عن تأليف الكتب)



تمهيد

إن رجلا يقول عن أمته "إن الأمة الجزائرية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا لو أرادت، بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد...، في لغتها، وفي أخلاقها، وعنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج ولها وطن معين هو الوطن الجزائري"...لهو رجل يقظ عقله نقية سريرته... بسيرته تنهض الأمة...فمن يا ترى يكون عبد الحميد بن باديس؟



قبس من نشأته

هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس ولد فى مدينة قسطنطينة في (11من ربيع الآخر 1307هـ = 4 من ديسمبر 1889م)، ونشأ في أسرة كريمة ذات عراقة وثراء ودين، فأبوه كان حافظًا للقرآن، ويُعد من أعيان المدينة، وعُرف بدفاعه عن حقوق المسلمين في الجزائر، وينتمي إلى أسرة مشهورة في الشمال الإفريقي اشتهر من رجالها "المعز بن باديس" (398-454هـ = 1008- 1062م)، الذي انفصل بالدولة الصنهاجية عن الدولة الفاطمية، وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة.



حفظ القرآن وهو في الثالثة عشرة من عمره، ثم انتقل إلى العالم الكبير "حمدان الونيسي" بجامع سيدي محمد النجار، وتلقى منه العلوم العربية والإسلامية، وكان لهذا العالم أثر ايجابي فى نفس صاحبنا...ودلالة ذلك أن أراد ابن باديس الهجرة إلى المدينة المنورة ليلحق بشيخه هناك لكن والده منعه من ذلك لصغر سنه، وبعث به إلى تونس لاستكمال دراسته في جامع الزيتونة، وكانت منارة العلم في الشمال الإفريقي، وتلقى العلم في الزيتونة على جماعة من كبار العلماء البارزين، فلازم العلامة محمد الطاهر بن عاشور، وأخذ عنه الأدب، وكان له تأثير كبير عليه عبر عنه ابن باديس بقوله: "بث فيّ روحًا جديدة في فهم المنظوم والمنثور، وأحيت مني الشعور بعز العروبة والاعتزاز بها، كما أعتز بالإسلام".



أساتذته

تأثر ابن باديس بمجموعة من العلماء كان منهم

* حمدان الونيسى حيث تلقى منه العلوم الإسلامية كما مر بنا.

* محمد الطاهر بن عاشور حيث تلقى منه علوم اللغة والأدب.

* محمد النخلي القيرواني حيث تلقى منه دروسا فى ما يحيى القلوب من رقائق.

* البشير صعز"، حيث تلقى منه دروسا فى التاريخ.

* حسين أحمد المدني" عالم الهند الكبير الذى نصحه بخدمة الإسلام فى الجزائر لأنه فى حاجة إلى أمثاله.

* البشير الإبراهيمي" وهو رفيق دربه في الذَّود عن الإسلام واللغة العربية في الجزائر.

* محمد نجيب المطيعي حيث التقاه ونهل منه بعض الحكمة.

*والشيخ أبو الفضل الجيزاوي التقاه.



من بعض جهوده

* حين عاد إلى الجزائر عزم على بعث نهضة علمية جديدة، فألقى دروسه في الجامع الكبير بقسطنطينة وفي الجامع الأخضر، وعاد بالناس المحرومين إلى رياض القرآن الوارفة الظلال

حيث ألقى دروسه في تفسير القرآن بالجامع الأخضر، فاستمع إليه المئات، وجذبهم حديثه العذب، ونظراته الدقيقة، وفكره المتّقد، واتخذ ابن باديس من هذا المسجد مدرسةً لتكوين القادة وإعداد النخبة التي حملت مشعل الإصلاح، وأخذت بيد الأمة إلى الطريق المستقيم، وكان يبدأ دروسه بعد صلاة الفجر، ويقضي نهاره معلمًا الأطفال الدينَ وعلوم العربية حتى بعد صلاة العشاء، ثم يستأنف دروسَه في تفسير القرآن الكريم من التاسعة مساءً حتَّى منتصف الليل للكبار، وداعيًا إياهم إلى الالتزام بالدين وتغيير ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم.



* قاوم ابن باديس بعض أصحاب الطرق الصوفية في الجزائر الذين اتخذهم الاستعمار الفرنسي وسيلةً للسيطرة على عقول الشعب الجزائري، ووصفهم بأنهم ابتدعوا أعمالاً وعقائد من عند أنفسهم، معتقدين أنهم يتقربون بها إلى الله.



* أتم تفسير القران فى دروسه على حلقات متصلة استمرت خمس وعشرين سنة، واحتفلت الجزائر بختمه احتفالاً قوميًا في قسطنطينة في (13 من ربيع الآخر 1357هـ = 12 من يونيو 1938م).



* أنشأ مكتب كان نواةً للتعليم الابتدائي فوق مسجد سيدي بومعزة، ثم انتقل إلى مبنى الجمعية الخيرية الإسلامية التي تأسست سنة (1336هـ = 1917م)، ثم تطوَّر هذا المكتب إلى مدرسةٍ عصريةٍ كبيرةٍ تتسع لأعداد كبيرة من الأطفال.



* أسس جمعية التربية والتعليم الإسلامية في سنة (1349هـ =1931م ؛ بهدف نشر الأخلاق الفاضلة والمعارف الدينية والعربية، والصنائع والحرف اليدوية، واستعان في سبيل تحقيق ذلك بإنشاء:

** مدرسة للتعليم.

** وملجأٍ للأيتام.

** ونادٍ للمحاضرات.

** ومصنع لتعليم الحرف.



و قد انشأ عبد الحميد بمساعي الجمعية تلك 170 مدرسة بالإضافة إلى كتاتيب انتشرت في كل مكان و التي اخذ الفرنسيون بمحاربتها من كل اتجاه، وكانت الجمعية ترسل النابغين من طلابها الذين واصلوا التعليم لاستكمال دراستهم في بعض جامعات الدول الإسلامية، كما كانت الجمعية تُعفى البنات من مصروفات التعليم، ويتعلَّمن بالمجَّان، تشجيعا لهن على التعليم. أما البَنون فلا يُعفى منهم إلا غير القادرين.



* أنشأ لجنةً من أعضاء جمعية التربية والتعليم تُعنى بالطلبة، وتساعد المحتاجين منهم من الصندوق المالي المخصص لهذه المهمة، وكان يموَّل من تبرعات الأسخياء والمحسنين الذين شجعتهم أعمال الشيخ وجهوده التعليمية على التبرع لرعاية الطلاب.



* أصدر جريدة المنتقد سنة (1345هـ = 1925م) ورأس تحريرها، لكن المحتل عطلها، فأصدر جريدة الشهاب في السنة نفسها، وعمد "ابن باديس" إلى استغلالها في توسيع دائرة نشاطه التعليمي، ليشمل أكبر عدد ممكن من الناس، فخصص افتتاحياتها لنشر مختارات من دروسه في التفسير والحديث، تحت عنوان: "مجالس التذكير"، واستمرت الشهاب في الصدور حتى سنة (1358هـ = 1939م).



* ودعا إلى عقد مؤتمر إسلامي في الجزائر سنة (1355هـ = 1936م)؛ للحيلولة دون تنفيذ مؤامرة إدماج الشعب الجزائري المسلم في الأمة الفرنسية المسيحية، التي كان ينادي بها بعض نواب الأمة الجزائريين، ورجال السياسة الموالين لفرنسا، ونجح "ابن باديس" ورفاقه في القضاء على هذه الفكرة الخبيثة، وإفشال فكرة الاندماج مع فرنسا التي خُدع بها بعض الجزائريين.



ابن باديس مجاهدا الاستعمار

أثمرت جهود ابن باديس فى إنشاء جمعية العلماء المسلمين في سنة (1350هـ = 1931م)، وجعلت شعارها "الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا"، وانتخب العلماء الشيخ "عبد الحميد بن باديس" رئيسًا للجمعية، وأدركت الجمعية أهمية التربية والتعليم في تحقيق أهدافها والمحافظة على كيان الأمة في مواجهة جهود مستميتة من المستعمر الفرنسي للقضاء على الهوية الإسلامية؛ ولهذا اهتمت بإنشاء المدارس التي تُعنى بالمناهج العربية الإسلامية، وحثت الأمة على إرسال أبنائها إلى مدارسها؛ بهدف تعليم أكبر عدد ممكن من أبناء الأمة تعليمًا صحيحًا.



ووجهت عنايتها إلى التعليم في المساجد، فكما لا مسجد دون صلاة، فكذلك لا مسجد دون تعليم؛ ولذا وضعت الجمعية برامج واسعةً لنشر التعليم الديني والثقافة العربية للصغار والمبتدئين، واستكمال ثقافة من درسوا باللسان الفرنسي، كما عنيت بإرسال الوعاظ إلى القرى لنشر الوعي الإسلامي بينهم...وقد نجحت جهودهم أيما نجاح رغم أن الاستعمار الفرنسى قد أغلق نحوًا من ألف مدرسة ابتدائية وثانوية وعالية، كانت تضم نحو مائة وخمسين ألف طالب، ووضعت قيودًا على فتح المدارس.





من مواقفه مع الاستعمار الفرنسي



* عندما سافر وفد يمثل المؤتمر الإسلامي الجزائري إلى باريس قابلهم ولادييه مدير الشؤون الجزائرية في الحكومة الفرنسية و الذي هدد أعضاء الوفد بقوله : "أن لدى فرنسا مدافع طويل فى 18 يونيو 1936م " فتصدى له بن باديس بكل شجاعة و قوة و قال: " أن لدينا مدافع أطول" !



* صادف 1937 عام احتفالهم بمرور قرن على احتلالهم قسطنطينة و أرادوا إشراك الأهالي به لكن بن باديس أصدر منشور 28 ديسمبر باسمه يطلب فيه من الأهالي مقاطعة هذا الاحتفال فاستجاب له الشعب و خاب أمل الفرنسيين.





من أقواله



كان ينشد الشعر إلى شعبه ليغرس بهم بذرة الوطنية و العروبة فيقول :

شعـــــــب الجزائر مسلم و إلى العــــــروبة ينتسب

من قال حاد عن أصله أو قال مــــات فقد كذب

يا نشـــــــئ أنت رجاؤنا و بك الصـباح قد اقترب





آثار ابن باديس



انشغل ابن باديس ببناء الإنسان وإنقاذ الأجيال التي ولدت في أحضان الاستعمار عن تأليف الكتب، ومعظم إنتاجه الفكري مقالات ودروس ألقاها في المساجد والمدارس، سلُم لنا بعضها وفُقد معظمها الآخر، وقد جُمع كثير من آثاره بعد وفاته، منها:



- تفسير ابن باديس.

- مجالس التذكير من حديث البشير النذير، طبعته وزارة الشئون الدينية بالجزائر (1403هـ= 1983م).

- العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

- رجال السلف ونساؤه، وهي مجموعة من المقالات ترجم فيها "ابن باديس" لبعض الصحابة.

-وقد جمع "عمار الطالبي" معظم آثار "ابن باديس" ونشرها في الجزائر في أربعة مجلدات سنة (1388هـ = 1968م).





وفاة ابن باديس



في أيامه الأخيرة مرض مرضًا شديدًا فوافته المنية، في (8 من ربيع الأول 1359هـ = 1940م) عن واحد وخمسين عامًا.





فى النهاية



كانت هذى سيرة رجل انشغل ببناء أفراد يخدمون قضية الحق والخير ولربما طواه النسيان قليلا ولكن...أبدا لن يمحى من ذاكرة الأمة ففى بنيها من يحيون دراسة تلك القمم بفهم وعلم وبصيرة راشدة عساهم يفيدون الإسلام والمسلمين.

عاشور
2007-07-22, 09:57
رحمه الله رحمة واسعة

فاتن المعاضيدي
2008-03-18, 13:49
شكرا جزيلا على هذا الموضوع الذي يذكرنا كيف كان قادة الامة الاسلامية

شمعة ضياء
2008-03-19, 13:19
http://www.21za.com/pic/thankyou004_files/34.gif

الحمامة البيضاء
2008-03-22, 08:55
شكرا لك أخي بتذكيرك لنا لحياة رائد النهضة الجزائرية

nagium2011
2008-03-23, 08:57
merci Boucoup Pour Ce Sujet J Ai Vraiment Apprecier Allah Yahfadkom

اميرة اليالي البيضاء
2008-03-29, 15:55
شكرا لكم جميعا

شريط 1975
2008-04-12, 23:01
رحمة الله علي العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس

بنت الغزلان
2008-04-16, 18:48
بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير

عمي صالح
2009-04-11, 12:37
بـــــــــــــــــــــــــــسم الله الرحـــــــــــــــــــــــــمن الـــــــــــــــــــــــــــــرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
الـــــــــــــــــــــسلام عــــــــــــــــليكم ورحــــــــــــــمة الله وبـــــــــــــــــركاته
جزأك الله خيرا. على الموضوع القيم. و بارك الله فيك
والـــــــــــــــــــــسلام عــــــــــــــــليكم ورحــــــــــــــمة الله وبـــــــــــــــــركاته

gyoucef2
2009-04-11, 15:07
http://farm3.static.flickr.com/2401/2459561022_6834fa9daf_o.gif

الصديق عثمان
2009-04-11, 20:09
بارك الله فيك أميرنا على المعلومات القيمة والالتفاتة الطيبة

salah_ed
2009-04-21, 08:34
يعطيك العافية موضوع قيم فعلا وخصوصا ونحن في شهر العلم

اميرة 022
2011-04-28, 20:24
شكرا لك......

المستعينة بالله
2011-05-03, 16:01
بارك الله فيك أميرنا

شعار جمعية العلماء المسلمين "الاسلام ديننا و العربية لغتنا و الجزائر وطننا" نفص شعار الكشافة الاسلامية التي كانت بقيادة المناضل محمد بوراس

عبد الحميد بن باديس فخر الجزائر و اعتزازها