demi3233
2012-08-18, 00:51
السلام عليكم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه ؛ نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن كتاب الله فيه الهدى والنور ، وهو حبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وهو ذكره الحكيم ؛ من تمسك به نجا ، ومن حاد عنه هلك ، يقول الله - عز وجل - في هذا الكتاب العظيم : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً[1].
هذا كتاب الله يهدي للتي هي أقوم ؛ يعني : للطريقة التي هي أقوم ، والمسلك الذي هو أقوم ، الذي هو خير الطرق وأقومها وأهداها ، فهو يهدي إليه ، يعني : يرشد إليه ، ويدل عليه ويدعو إليه ؛ وهو توحيد الله وطاعته ، وترك معصيته ، والوقوف عند حدوده ، هذا هو الطريق الأقوم ، وهو المسلك الذي به النجاة .
أنزله الله جل وعلا تبياناً لكل شيء ، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، كما قال - سبحانه - في سورة النحل : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[2] .
فهو تبيان لكل شيء ، وهدى إلى طريق السعادة ، ورحمة وبشرى ، ويقول - جل وعلا - : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ[3] ؛ هدىً لقلوبهم للحق ، وشفاء لقلوبهم من أمراض الشرك والمعاصي والبدع والانحرافات عن الحق ، وشفاء للأبدان من كثير من الأمراض .
وهو بشرى للإنس والجن ، لكنه - سبحانه - ذكر المؤمنين ؛ لأنهم هم الذين اهتدوا به وانتفعوا به ، وإلا فهو شفاء للجميع ، كما قال - جل وعلا - : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً[4] .
فالقرآن شفاء ودواء للقلوب من جميع الأدواء المتنوعة ؛ أدواء الشرك والمعاصي ، والبدع والمخالفات ، وهو شفاء لأمراض الأبدان أيضاً ، وأمراض المجتمعات ؛ شفاء لأمراض المجتمع وأمراض البدن ، لمن صلحت نيته وأراد الله شفاءه ، يقول - جل وعلا - : الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ[5] .
فهو كتاب يخرج الله به الناس من الظلمات ؛ من ظلمات الشرك والمعاصي ، والفرقة والاختلاف ، إلى نور الحق والهدى ، والاجتماع على الخير ، والتعاون على البر والتقوى، وهذا هو صراط الله المستقيم ، وهو توحيد الله ، وأداء فرائضه وترك محارمه ، والتواصي بحقه والحذر من معاصيه ومن مخالفة أمره ، هذا هو صراط الله المستقيم ، وهذا هو النور والهدى ، وهذا هو الطريق الأقوم ، وقال - سبحانه - في سورة الأنبياء : وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ[6] ، وقال - سبحانه - في سورة يس : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ[7] .
والمقصود : أن الله - جل وعلا - جعل كتابه ذكراً ، وجعله نذارة ، وجعله شفاءً ، وجعله هدى ؛ فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس أن يهتدوا به ، وأن يستقيموا عليه ، وأن يحذروا مخالفته ، قال - جل وعلا - : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[8] ، وقال - سبحانه - : وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [9] ، وقال - جل وعلا - : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[10].
وسئلت عائشة - رضي الله عنها – فقيل لها : يا أم المؤمنين : ماذا كان خُلُق النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : (( كان خلقه القرآن )) ، قال - تعالى - : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [11] .
والمعنى : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتدبر القرآن ، ويكثر من تلاوته ، ويعمل بما فيه ؛ فكان خلقه القرآن ؛ تلاوة وتدبراً ، وعملاً بأوامره وتركاً لنواهيه ، وترغيباً في طاعة الله ورسوله ، ودعوة إلى الخير ، ونصيحة لله ولعباده ، إلى غير ذلك من وجوه الخير .
وقال - تعالى - : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ[12] . فالقرآن هو أحسن القصص ، وهو خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -
هكذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان ؛ متعاونين على البر والتقوى ، متناصحين ، متواصين بالحق والصبر عليه ، دعاة للخير ، محذرين من الشر، صُبر في جميع الأحوال . وعليكم أن تكونوا كذلك مع أهلكم ، ومع أولادكم ، ومع جيرانكم ، ومع جلسائكم ، ومع جميع المسلمين أينما كانوا ؛ في الباخرة ، وفي الطائرة ، وفي السيارة ، وفي البر ، وفي البحر ، وفي أي مكان ، فعليكم أيها الإخوة – أن تكونوا متواصين بالحق متناصحين ، متعاونين على البر والتقوى ، دعاة للخير ، محذرين من الشر ، معتنين بكتاب الله تلاوة وتدبراً وتعقلاً وعملاً .
والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أن يوفقنا وإياكم للفقه في دينه ، والثبات عليه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، وأن يوفقنا للعناية بكتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والاهتداء بها ، والعمل بما فيها.
وأن يكون كتاب الله - سبحانه - خُلُقاً لنا كما كان خلقاً لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ، ومن نزغات الشيطان ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه ، والدعاة إليه على بصيرة ؛ إنه سميع قريب . وصلى الله وسلم على عبده ونبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
[1] سورة الإسراء ، الآيتان 9 ، 10 .
[2] سورة النحل ، الآية 89 .
[3] سورة فصلت ، الآية 44 .
[4] سورة الإسراء ، الآية 9 .
[5] سورة إبراهيم ، الآية 1 .
[6] سورة الأنبياء ، الآية 50 .
[7] سورة يس ، الآيتان 69 ، 70 .
[8] سورة ص ، الآية 29 .
[9] سورة الأنعام ، الآية 155 .
10]] سورة محمد ، الآية 24 .
[11] سورة القلم ، الآية 4 .
[12] سورة يوسف ، الآية 3 .
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه ؛ نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فإن كتاب الله فيه الهدى والنور ، وهو حبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وهو ذكره الحكيم ؛ من تمسك به نجا ، ومن حاد عنه هلك ، يقول الله - عز وجل - في هذا الكتاب العظيم : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً[1].
هذا كتاب الله يهدي للتي هي أقوم ؛ يعني : للطريقة التي هي أقوم ، والمسلك الذي هو أقوم ، الذي هو خير الطرق وأقومها وأهداها ، فهو يهدي إليه ، يعني : يرشد إليه ، ويدل عليه ويدعو إليه ؛ وهو توحيد الله وطاعته ، وترك معصيته ، والوقوف عند حدوده ، هذا هو الطريق الأقوم ، وهو المسلك الذي به النجاة .
أنزله الله جل وعلا تبياناً لكل شيء ، وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، كما قال - سبحانه - في سورة النحل : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[2] .
فهو تبيان لكل شيء ، وهدى إلى طريق السعادة ، ورحمة وبشرى ، ويقول - جل وعلا - : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ[3] ؛ هدىً لقلوبهم للحق ، وشفاء لقلوبهم من أمراض الشرك والمعاصي والبدع والانحرافات عن الحق ، وشفاء للأبدان من كثير من الأمراض .
وهو بشرى للإنس والجن ، لكنه - سبحانه - ذكر المؤمنين ؛ لأنهم هم الذين اهتدوا به وانتفعوا به ، وإلا فهو شفاء للجميع ، كما قال - جل وعلا - : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً[4] .
فالقرآن شفاء ودواء للقلوب من جميع الأدواء المتنوعة ؛ أدواء الشرك والمعاصي ، والبدع والمخالفات ، وهو شفاء لأمراض الأبدان أيضاً ، وأمراض المجتمعات ؛ شفاء لأمراض المجتمع وأمراض البدن ، لمن صلحت نيته وأراد الله شفاءه ، يقول - جل وعلا - : الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ[5] .
فهو كتاب يخرج الله به الناس من الظلمات ؛ من ظلمات الشرك والمعاصي ، والفرقة والاختلاف ، إلى نور الحق والهدى ، والاجتماع على الخير ، والتعاون على البر والتقوى، وهذا هو صراط الله المستقيم ، وهو توحيد الله ، وأداء فرائضه وترك محارمه ، والتواصي بحقه والحذر من معاصيه ومن مخالفة أمره ، هذا هو صراط الله المستقيم ، وهذا هو النور والهدى ، وهذا هو الطريق الأقوم ، وقال - سبحانه - في سورة الأنبياء : وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ[6] ، وقال - سبحانه - في سورة يس : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ[7] .
والمقصود : أن الله - جل وعلا - جعل كتابه ذكراً ، وجعله نذارة ، وجعله شفاءً ، وجعله هدى ؛ فالواجب على جميع المكلفين من الجن والإنس أن يهتدوا به ، وأن يستقيموا عليه ، وأن يحذروا مخالفته ، قال - جل وعلا - : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[8] ، وقال - سبحانه - : وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [9] ، وقال - جل وعلا - : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[10].
وسئلت عائشة - رضي الله عنها – فقيل لها : يا أم المؤمنين : ماذا كان خُلُق النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : (( كان خلقه القرآن )) ، قال - تعالى - : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [11] .
والمعنى : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتدبر القرآن ، ويكثر من تلاوته ، ويعمل بما فيه ؛ فكان خلقه القرآن ؛ تلاوة وتدبراً ، وعملاً بأوامره وتركاً لنواهيه ، وترغيباً في طاعة الله ورسوله ، ودعوة إلى الخير ، ونصيحة لله ولعباده ، إلى غير ذلك من وجوه الخير .
وقال - تعالى - : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ[12] . فالقرآن هو أحسن القصص ، وهو خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -
هكذا كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان ؛ متعاونين على البر والتقوى ، متناصحين ، متواصين بالحق والصبر عليه ، دعاة للخير ، محذرين من الشر، صُبر في جميع الأحوال . وعليكم أن تكونوا كذلك مع أهلكم ، ومع أولادكم ، ومع جيرانكم ، ومع جلسائكم ، ومع جميع المسلمين أينما كانوا ؛ في الباخرة ، وفي الطائرة ، وفي السيارة ، وفي البر ، وفي البحر ، وفي أي مكان ، فعليكم أيها الإخوة – أن تكونوا متواصين بالحق متناصحين ، متعاونين على البر والتقوى ، دعاة للخير ، محذرين من الشر ، معتنين بكتاب الله تلاوة وتدبراً وتعقلاً وعملاً .
والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أن يوفقنا وإياكم للفقه في دينه ، والثبات عليه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، وأن يوفقنا للعناية بكتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والاهتداء بها ، والعمل بما فيها.
وأن يكون كتاب الله - سبحانه - خُلُقاً لنا كما كان خلقاً لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن ، ومن نزغات الشيطان ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه ، والدعاة إليه على بصيرة ؛ إنه سميع قريب . وصلى الله وسلم على عبده ونبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
[1] سورة الإسراء ، الآيتان 9 ، 10 .
[2] سورة النحل ، الآية 89 .
[3] سورة فصلت ، الآية 44 .
[4] سورة الإسراء ، الآية 9 .
[5] سورة إبراهيم ، الآية 1 .
[6] سورة الأنبياء ، الآية 50 .
[7] سورة يس ، الآيتان 69 ، 70 .
[8] سورة ص ، الآية 29 .
[9] سورة الأنعام ، الآية 155 .
10]] سورة محمد ، الآية 24 .
[11] سورة القلم ، الآية 4 .
[12] سورة يوسف ، الآية 3 .