حسام الدين محمد
2007-08-01, 15:05
كان الخليفة أبي جعفر المنصور يحفظ الشعر من أول مرة ، وله مملوك يحفظه من مرتين ، وكان له جارية تحفظه من ثلاث مرات ، وكان المنصور بخيلاً جداً
فكان إذا جاء شاعر بقصيدة قال له: إن كانت مطوقة: أي إذا أتى بها أحد قبلك ، فلا نعطيك لها جائزة، وإن لم يكن أحد يحفظها نعطيك زنة ما هي مكتوبة فيه ، فيقرأ الشاعر القصيدة فيحفظها الخليفة من أول مرة، ولو كانت ألف بيت
ويقول للشاعر اسمعها مني وينشدها بكاملها، ثم يقول له: هذا المملوك يحفظها، وقد سمعها المملوك مرتين مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيقرؤها، ثم يقول الخليفة: وهذه الجارية التي خلف الستارة تحفظها أيضاً وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات فتقرؤها بحروفها فيذهب الشاعر بغير شيء وكان الأصمعي من جلساء الخليفة المنصور وندمائه فنظم أبياتاً صعبة وكتبها على قطعة عمود من رخام ولفها في عباءة وجعلها على ظهر بعير وغير حليته في صفة أعرابي غريب وضرب له لثاماً ولم يبين منه غير عينيه
وجاء إلى الخليفة وقال: إني امتدحت أمير المؤمنين بقصيدة
فقال الخليفة: يا أخا العرب إن كانت لغيرك لا نعطيك عليها جائزة وإلا نعطيك زنة ما هي مكتوبة عليه
فأنشد الأصمعي هذه القصيدة
صَـوْتُ صَفِـيْـــــــرِ البُلْـبُــلِ
هَـيَّـــــــجَ قَلْبِـيَ الثَــمِــلِ
الـمَاءُ وَ الـــــزَّهْــرُ مَـعَــاً
مَعَ زَهـرِ لَحْــــــظِ ا لـمُقَــلِ
وَأَنْـتَ يَـا سَــــــيِّـــــدَ لِـي
وَسَيِّــــــدِي وَمَــوْلَـى لِـي
فَكَـمْ فَكَـــمْ تَـيَّــــمَـــنِــي
غُـــزَيِّـلٌ عَـقَـيْـقَــــــلــــي
قَطَّـــفْـتُ مِـنْ وَجْـنَــــــتِـهِ
مِـنْ لَــثْــــمِ وَرْدِ الـخَـــجَـلِ
فَقَـالَ بَــسْ بَسْــبَسْـــتَـنِـي
فَـــــلَـمْ يَجّــــدُ بـا لـقُـــبَـلِ
فَـــــــقَـــالَ لاَ لاَ لاَ لاَ لاَ
وَقَــــدْ غَــــــدَا مُــهَـــرْولِ
وَالـخُـــــودُ مَا لَـــتْ طَــرَبَـاً
مِـنْ فِــعْـلِ هَـــــذَا الــرَّجُـلِ
فَـوَلْـوَلَــــتْ وَ وَلْــــوَلَــــتُ
وَلـــي وَلـي يَاوَيْــــــلَ لِـي
فَقُــــلْـتُ لا تُـــــــوَلْــــوِلِـي
وَبَـيِّـــــتــــنِـي اللُــــؤْلُـؤَلَـي
لَـمَّـا رَأَتْـــــــــهُ أَشْـــــمَـطَـا
يُـرِيــــــــتدُ غَـيْــــرَ القُــــبَـلِ
وَبَـعْـــــــــدَهُ لاَيَـكْــــــتَـفِـي
إلاَّ بِطِــــــــيْــبِ الوَصْــلَ لِـي
قَــــــــالَـتْ لَـهُ حِيْـــنَ كَـذَا
انْهَــضْ وَجِــــــدْ بِـا لنَّـقَــلِ
وَفِــتْـيَـــةٍ سَـــــقَـوْنَـــنِـي
قَـهْـوَةً كَالـعَـــــسَــــلَ لِـي
شَمَـــمْـــتُــــهَا بِـأَ نْـــفِـي
أَزْكَــــى مِـنَ القَـــرَنْــفُـلِ
فِي وَسْـطِ بُسْتَـانٍ حُـــلِـي
بالـزَّهْـرِ وَالسُـــــرُورُ لِـي
وَالـعُـودُ دَنْ دَ نْــــدَنَ لِـي
وَالطَّبْـلُ طَـــبْ طَبَّــــلَ لِـي
وَالسَّــقْـفُ قَدْ سقْــسَـقَ لِـي
وَالرَّقْـصُ قَــدْ طَبْــطَـبَ لِـي
شَـوَى شَـوَى وَشَــاهِــشُ
عَلَــــى وَرَقْ سِـــــفَـرجَـلِ
وَغَـــــرَّدَ القِمْــرِ يَــــصِيـحُ
مِــــنْ مَـلَـلٍ فِــــي مَـــلَـلِ
فَـلَـوْ تَـــــــرَانِـي رَاكِــبـاً
عَـلَـى حِـمَــــــارٍ أَهْـــزَلِ
يَـمْــــــشِـي عَلَـى ثَلاثَــةٍ
كَـمَـتشْيَـةِ الـعَـرَ نـــــجِـلِ
وَالـنَّـاسُ تَرْجِــــمْ جَمَــــلِـي
فِـي السُـوقِ بالـقُـلْـــقـلَـلِ
وَالكُـلُّ كَعْـكَـعْ كَعِــــكَـعْ
خَلْـفِـي وَمِـنْ حُوَيْــــلَـلِـي
لكِـنْ مَـشَــــيـتُ هَـــارِبـا
مِـنْ خَشْيَـةِ العقـنْـــتقِــلِي
إِلَـى لِـقَــــاءِ مَـــــــــلِـكٍ
مُـعَـــــظَّـمٍ مُـبَـــــــجَّـــلِ
يَأْمُــــــرُلِـي بِـخَـــــلْـعَـةٍ
حَـمْـرَاءْ كَالـــــدَّمْ دَمَــلِـي
أَجُـــــرُّ فِيـهَـا مَـاشِــــيـاً
مُـبَـــــغْـدِدَاً لـلـــذِّ يَّــــــلِ
أَنَا الأَدِيْــــبُ الأَ لْـمَـــعِـي
مِنْ حَـــيِّ أَرْضِ المُــوْصِـلِ
نَظِــمْتُ قِطُعـاً زُخْــــرِفَـتْ
يَعْجِــــزُ عَنْـهَا الأَدْبُ لِـــي
أَقُــوْلُ فِــــي مَطْــلَعِهَــا
صَـــوْتُ صَفيــــــرِ البُلْبُــلِ
فلم يحفظها المنصور لصعوبتها ، ونظر إلى المملوك وإلى الجارية فلم يحفظها أحد منهما فقال: يا أخا العرب هات الذي هي مكتوبة فيه نعطك زنته فقال: يا مولاي إني لم أجد ورقاً أكتب فيه وكان عندي قطعة عمود رخام من عهد أبي وهي ملقاةٌ ليس لي بها حاجة ، فنقشتها فيها، فلم يسع الخليفة إلا أنه أعطاه وزنها ذهباً فنفد ما في خزينته من المال ، فأخذه وانصرف فلما ولى قال الخليفة: يغلب على ظني أن هذا الأصمعي، فأحضره وكشف عن وجهه فإذا هو الأصمعي فتعجب منه ومن صنيعه وأجازه على عادته فقال الأصمعي: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء فقراء وأصحاب عيال وأنت تمنعهم العطاء بشدة حفظك وحفظ هذا المملوك وهذه الجارية، فإذا أعطيتهم ما تيسر ليستعينوا به على عيالهم لم يضرك شيئا
فكان إذا جاء شاعر بقصيدة قال له: إن كانت مطوقة: أي إذا أتى بها أحد قبلك ، فلا نعطيك لها جائزة، وإن لم يكن أحد يحفظها نعطيك زنة ما هي مكتوبة فيه ، فيقرأ الشاعر القصيدة فيحفظها الخليفة من أول مرة، ولو كانت ألف بيت
ويقول للشاعر اسمعها مني وينشدها بكاملها، ثم يقول له: هذا المملوك يحفظها، وقد سمعها المملوك مرتين مرة من الشاعر ومرة من الخليفة فيقرؤها، ثم يقول الخليفة: وهذه الجارية التي خلف الستارة تحفظها أيضاً وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات فتقرؤها بحروفها فيذهب الشاعر بغير شيء وكان الأصمعي من جلساء الخليفة المنصور وندمائه فنظم أبياتاً صعبة وكتبها على قطعة عمود من رخام ولفها في عباءة وجعلها على ظهر بعير وغير حليته في صفة أعرابي غريب وضرب له لثاماً ولم يبين منه غير عينيه
وجاء إلى الخليفة وقال: إني امتدحت أمير المؤمنين بقصيدة
فقال الخليفة: يا أخا العرب إن كانت لغيرك لا نعطيك عليها جائزة وإلا نعطيك زنة ما هي مكتوبة عليه
فأنشد الأصمعي هذه القصيدة
صَـوْتُ صَفِـيْـــــــرِ البُلْـبُــلِ
هَـيَّـــــــجَ قَلْبِـيَ الثَــمِــلِ
الـمَاءُ وَ الـــــزَّهْــرُ مَـعَــاً
مَعَ زَهـرِ لَحْــــــظِ ا لـمُقَــلِ
وَأَنْـتَ يَـا سَــــــيِّـــــدَ لِـي
وَسَيِّــــــدِي وَمَــوْلَـى لِـي
فَكَـمْ فَكَـــمْ تَـيَّــــمَـــنِــي
غُـــزَيِّـلٌ عَـقَـيْـقَــــــلــــي
قَطَّـــفْـتُ مِـنْ وَجْـنَــــــتِـهِ
مِـنْ لَــثْــــمِ وَرْدِ الـخَـــجَـلِ
فَقَـالَ بَــسْ بَسْــبَسْـــتَـنِـي
فَـــــلَـمْ يَجّــــدُ بـا لـقُـــبَـلِ
فَـــــــقَـــالَ لاَ لاَ لاَ لاَ لاَ
وَقَــــدْ غَــــــدَا مُــهَـــرْولِ
وَالـخُـــــودُ مَا لَـــتْ طَــرَبَـاً
مِـنْ فِــعْـلِ هَـــــذَا الــرَّجُـلِ
فَـوَلْـوَلَــــتْ وَ وَلْــــوَلَــــتُ
وَلـــي وَلـي يَاوَيْــــــلَ لِـي
فَقُــــلْـتُ لا تُـــــــوَلْــــوِلِـي
وَبَـيِّـــــتــــنِـي اللُــــؤْلُـؤَلَـي
لَـمَّـا رَأَتْـــــــــهُ أَشْـــــمَـطَـا
يُـرِيــــــــتدُ غَـيْــــرَ القُــــبَـلِ
وَبَـعْـــــــــدَهُ لاَيَـكْــــــتَـفِـي
إلاَّ بِطِــــــــيْــبِ الوَصْــلَ لِـي
قَــــــــالَـتْ لَـهُ حِيْـــنَ كَـذَا
انْهَــضْ وَجِــــــدْ بِـا لنَّـقَــلِ
وَفِــتْـيَـــةٍ سَـــــقَـوْنَـــنِـي
قَـهْـوَةً كَالـعَـــــسَــــلَ لِـي
شَمَـــمْـــتُــــهَا بِـأَ نْـــفِـي
أَزْكَــــى مِـنَ القَـــرَنْــفُـلِ
فِي وَسْـطِ بُسْتَـانٍ حُـــلِـي
بالـزَّهْـرِ وَالسُـــــرُورُ لِـي
وَالـعُـودُ دَنْ دَ نْــــدَنَ لِـي
وَالطَّبْـلُ طَـــبْ طَبَّــــلَ لِـي
وَالسَّــقْـفُ قَدْ سقْــسَـقَ لِـي
وَالرَّقْـصُ قَــدْ طَبْــطَـبَ لِـي
شَـوَى شَـوَى وَشَــاهِــشُ
عَلَــــى وَرَقْ سِـــــفَـرجَـلِ
وَغَـــــرَّدَ القِمْــرِ يَــــصِيـحُ
مِــــنْ مَـلَـلٍ فِــــي مَـــلَـلِ
فَـلَـوْ تَـــــــرَانِـي رَاكِــبـاً
عَـلَـى حِـمَــــــارٍ أَهْـــزَلِ
يَـمْــــــشِـي عَلَـى ثَلاثَــةٍ
كَـمَـتشْيَـةِ الـعَـرَ نـــــجِـلِ
وَالـنَّـاسُ تَرْجِــــمْ جَمَــــلِـي
فِـي السُـوقِ بالـقُـلْـــقـلَـلِ
وَالكُـلُّ كَعْـكَـعْ كَعِــــكَـعْ
خَلْـفِـي وَمِـنْ حُوَيْــــلَـلِـي
لكِـنْ مَـشَــــيـتُ هَـــارِبـا
مِـنْ خَشْيَـةِ العقـنْـــتقِــلِي
إِلَـى لِـقَــــاءِ مَـــــــــلِـكٍ
مُـعَـــــظَّـمٍ مُـبَـــــــجَّـــلِ
يَأْمُــــــرُلِـي بِـخَـــــلْـعَـةٍ
حَـمْـرَاءْ كَالـــــدَّمْ دَمَــلِـي
أَجُـــــرُّ فِيـهَـا مَـاشِــــيـاً
مُـبَـــــغْـدِدَاً لـلـــذِّ يَّــــــلِ
أَنَا الأَدِيْــــبُ الأَ لْـمَـــعِـي
مِنْ حَـــيِّ أَرْضِ المُــوْصِـلِ
نَظِــمْتُ قِطُعـاً زُخْــــرِفَـتْ
يَعْجِــــزُ عَنْـهَا الأَدْبُ لِـــي
أَقُــوْلُ فِــــي مَطْــلَعِهَــا
صَـــوْتُ صَفيــــــرِ البُلْبُــلِ
فلم يحفظها المنصور لصعوبتها ، ونظر إلى المملوك وإلى الجارية فلم يحفظها أحد منهما فقال: يا أخا العرب هات الذي هي مكتوبة فيه نعطك زنته فقال: يا مولاي إني لم أجد ورقاً أكتب فيه وكان عندي قطعة عمود رخام من عهد أبي وهي ملقاةٌ ليس لي بها حاجة ، فنقشتها فيها، فلم يسع الخليفة إلا أنه أعطاه وزنها ذهباً فنفد ما في خزينته من المال ، فأخذه وانصرف فلما ولى قال الخليفة: يغلب على ظني أن هذا الأصمعي، فأحضره وكشف عن وجهه فإذا هو الأصمعي فتعجب منه ومن صنيعه وأجازه على عادته فقال الأصمعي: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء فقراء وأصحاب عيال وأنت تمنعهم العطاء بشدة حفظك وحفظ هذا المملوك وهذه الجارية، فإذا أعطيتهم ما تيسر ليستعينوا به على عيالهم لم يضرك شيئا