المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأضرب لهم مثل رجل ومال ووطن


سليمان البيطامي
2012-08-10, 23:11
واضرب لهم مثل رجل اكتسب من المال ما قيمته ألفي ألف وثلاثمائة دينار، وقد كان مسكينا معدما، فجلعها في خرقة ذات ألوان تخيرها من تلقاء نفسه فمجّدها، ثم منّ على من هو تحته من الذراري والنساء، ويقول:" هذا فخري، وهذا نصري، وهذا ما أحب !!"، نعم يجوز لنا أن نحب مالنا، وان نحب أولادنا ونساءنا، وأملاكنا، محبة تأتي من تلقاء نفسها، فلا نحتاج إلى أن نجتر كلامنا حولها ونقول :" أنا أحب مالي، أنا أحب أولادي "، فكلنا يعلم ذلك وما من رجل إلا ويحب ماله وأولاده ونساءه، عربي كان أو أعجمي، مسلم كان أم كافرا، فهذا مما فطر الله عليه بني آدم، فان حاول غادر آن يحتال لسلبها، فهو مغتصب يقاتل دون ذلك حتى يموت شهيدا،، كذلك الشأن بالنسبة إلى الوطن، فالوطن ما هو إلا سماء وأرض، فيها تضاريس ومعالم، تماما كالمال ما هو إلا معادن وأوراق، وحبه فطرة يفطر الإنسان السوي عليها بالسجية والطبع، لكن قد يكون ترك المال في سبيل الله أمرا واجبا، إذا خيف أن يصد عن الله وعن سبيله، ومثله الولد إذا كان كافرا فاسقا وجبت البراءة منه، كذلك الوطن إذا كان سببا في الصد عن سبيل الله وجبت الهجرة منه، لقوله عز وجل:" ومن يهاجر في سبيل الله يجعل له مراغما كثيرة وسعة" فكما أن المال يترك في طاعة لله، فكذلك الوطن يترك طاعة لله، ولذلك هاجر النبي من مكة وهو يعلم انها أحبي أرض الله لله، فحبه لمكة كان بسبب ان الله يحب مكة، ولهذا فحب مكة واجب على كل مسلم آمن بالله ورسوله، ولا يخص رسول الله فقط، ومن زعم آن في ذلك دلالة على أن النبي يحب مكة لذاتها فنقول له : ولما لم يقم بها بعد الفتح؟ فلا نحمل الكلمة أكثر مما تحتمل، ولنكن عاقلين من أولي الألباب، ونعرف أن ثناءنا على التضاريس والمعالم تمجدا وتعظيما، قد وصل حد الغلو، فقد قالت قينتهم يسوما " بغداد يا كعبة المجد والخلود !"