نهج السلف
2012-08-06, 06:21
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه و بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله عزو جل : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
الآية 180 من سورة الأعراف.
تفسير ابن كثير رحمه الله :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله تسعاً وتسعين اسماً مائة إلا واحداً, من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر» أخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عنه, ورواه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي حمزة عن أبي الزناد به, وأخرجه الترمذي في جامعه عن الجوزجاني عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن شعيب فذكر بسنده مثله, وزاد بعد قوله «يحب الوتر: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار, المتكبر الخالق البارىء المصور الغفار, القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط, الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير, الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور, الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم, الرقيب المجيب الواسع الحكيم, الودود المجيد الباعث الشهيد الحق, الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدىء المعيد, المحيي المميت, الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الأحد, الفرد الصمد, القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الاَخر, الظاهر الباطن الوالي المتعالي, البر التواب المنتقم العفو الرؤوف, مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني, المانع الضار النافع, النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور» ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة, ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث, ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق صفوان به.
وقد رواه ابن ماجه في سننه من طريق آخر عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً فسرد الأسماء كنحو مما تقدم بزيادة ونقصان, والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه, وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك, أي أنهم جمعوها من القرآن. كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي, والله أعلم.
ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى غير منحصرة في تسعة وتسعين بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن يزيد بن هارون عن فضيل بن مرزوق عن أبي سلمة الجهني عن القاسم عن عبد الرحمن عن أبيه, عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :«ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن أمتك, ناصيتي بيدك ماض في حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي, إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدل مكانه فرحاً» فقيل يا رسول الله: أفلا نتعلمها ؟ فقال «بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها» وقد أخرجه الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه بمثله, وذكر الفقيه الإمام أبو بكر العربي أحد أئمة المالكية في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم, فالله أعلم.
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال: إلحاد الملحدين أن دعوا اللات في أسماء الله. وقال ابن جريج عن مجاهد {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال اشتقوا اللات من الله, والعزى من العزيز, وقال قتادة يلحدون يشركون في أسمائه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب: وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد, والميل والجور والانحراف, ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.
-----------------
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله هذا السؤال: هل أسماء الله تعالى محصورة؟
فكانت الإجابة: أسماء الله ليست محصورة بعدد معين، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك"، إلى أن قال: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو عملته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يعلم به، وما ليس معلوماً ليس محصوراً.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة"، فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة فقوله: "من أحصاها" تكميل للجملة الأولى وليست استئنافية منفصلة، ونظير هذا قول العرب: "عندي مئة فرس أعددتها للجهاد في سبيل الله" فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المئة، بل هذه المئة معدة لهذا الشيء.
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدها وسردها لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أ.هـ.
وصَدَقَ رحمه الله بدليل الاختلاف الكبير فيها فمن حاول تصحيح هذا الحديث قال: إن هذا أمر عظيم لأنها توصل إلى الجنة فلا يفوت على الصحابة أن يسألوه صلى الله عليه وسلم عن تعيينها فدل هذا على أنها قد عينت من قبله صلى الله عليه وسلم، لكن يُجاب عن ذلك بأنه لا يلزم ولو كان كذلك لكانت هذه الأسماء التسعة والتسعون معلومة أشد من علم الشمس، ولنُقلت في الصحيحين وغيرهما، لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه وتلح بحفظه فكيف لا يأتي إلا عن طريق واهية وعلى صور مختلفة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يبينها لحكمة بالغة وهي أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يتبين الحريص من غير الحريص.
وليس معنى إحصائها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ ولكن معنى ذلك:
أولاً: الإحاطة بها لفظاً.
ثانياً: فهمها معنى.
ثالثاً: التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان:
الوجه الأول: أن تدعو الله بها لقوله تعالى: {فادعوه بها} بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: "يا غفور اغفر لي"، وليس من المناسب أن تقول: "يا شديد العقاب اغفر لي" بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك.
الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله، هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة.
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول.
---------------------
تقبل الله منا و منكم سائر الأعمال آمين
و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه و بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله عزو جل : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " .
الآية 180 من سورة الأعراف.
تفسير ابن كثير رحمه الله :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله تسعاً وتسعين اسماً مائة إلا واحداً, من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر» أخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عنه, ورواه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي حمزة عن أبي الزناد به, وأخرجه الترمذي في جامعه عن الجوزجاني عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن شعيب فذكر بسنده مثله, وزاد بعد قوله «يحب الوتر: هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم, الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار, المتكبر الخالق البارىء المصور الغفار, القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط, الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير, الحكم العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور, الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم, الرقيب المجيب الواسع الحكيم, الودود المجيد الباعث الشهيد الحق, الوكيل القوي المتين الولي الحميد المحصي المبدىء المعيد, المحيي المميت, الحي القيوم الواجد الماجد الواحد الأحد, الفرد الصمد, القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الاَخر, الظاهر الباطن الوالي المتعالي, البر التواب المنتقم العفو الرؤوف, مالك الملك ذو الجلال والإكرام المقسط الجامع الغني المغني, المانع الضار النافع, النور الهادي البديع الباقي الوارث الرشيد الصبور» ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة, ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث, ورواه ابن حبان في صحيحه من طريق صفوان به.
وقد رواه ابن ماجه في سننه من طريق آخر عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً فسرد الأسماء كنحو مما تقدم بزيادة ونقصان, والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه, وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك, أي أنهم جمعوها من القرآن. كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي, والله أعلم.
ثم ليعلم أن الأسماء الحسنى غير منحصرة في تسعة وتسعين بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن يزيد بن هارون عن فضيل بن مرزوق عن أبي سلمة الجهني عن القاسم عن عبد الرحمن عن أبيه, عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :«ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن أمتك, ناصيتي بيدك ماض في حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي, إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدل مكانه فرحاً» فقيل يا رسول الله: أفلا نتعلمها ؟ فقال «بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها» وقد أخرجه الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه بمثله, وذكر الفقيه الإمام أبو بكر العربي أحد أئمة المالكية في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله ألف اسم, فالله أعلم.
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال: إلحاد الملحدين أن دعوا اللات في أسماء الله. وقال ابن جريج عن مجاهد {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال اشتقوا اللات من الله, والعزى من العزيز, وقال قتادة يلحدون يشركون في أسمائه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإلحاد التكذيب: وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد, والميل والجور والانحراف, ومنه اللحد في القبر لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمت الحفر.
-----------------
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله هذا السؤال: هل أسماء الله تعالى محصورة؟
فكانت الإجابة: أسماء الله ليست محصورة بعدد معين، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك"، إلى أن قال: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو عملته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"، وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يعلم به، وما ليس معلوماً ليس محصوراً.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة"، فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة فقوله: "من أحصاها" تكميل للجملة الأولى وليست استئنافية منفصلة، ونظير هذا قول العرب: "عندي مئة فرس أعددتها للجهاد في سبيل الله" فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المئة، بل هذه المئة معدة لهذا الشيء.
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدها وسردها لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أ.هـ.
وصَدَقَ رحمه الله بدليل الاختلاف الكبير فيها فمن حاول تصحيح هذا الحديث قال: إن هذا أمر عظيم لأنها توصل إلى الجنة فلا يفوت على الصحابة أن يسألوه صلى الله عليه وسلم عن تعيينها فدل هذا على أنها قد عينت من قبله صلى الله عليه وسلم، لكن يُجاب عن ذلك بأنه لا يلزم ولو كان كذلك لكانت هذه الأسماء التسعة والتسعون معلومة أشد من علم الشمس، ولنُقلت في الصحيحين وغيرهما، لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه وتلح بحفظه فكيف لا يأتي إلا عن طريق واهية وعلى صور مختلفة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يبينها لحكمة بالغة وهي أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يتبين الحريص من غير الحريص.
وليس معنى إحصائها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ ولكن معنى ذلك:
أولاً: الإحاطة بها لفظاً.
ثانياً: فهمها معنى.
ثالثاً: التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان:
الوجه الأول: أن تدعو الله بها لقوله تعالى: {فادعوه بها} بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: "يا غفور اغفر لي"، وليس من المناسب أن تقول: "يا شديد العقاب اغفر لي" بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك.
الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالباً لرحمة الله، هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمناً لدخول الجنة.
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول.
---------------------
تقبل الله منا و منكم سائر الأعمال آمين
و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم