miramer
2012-07-25, 19:51
متى يكون الصيام محققاً للتقوى
خطبة جمعة بتاريخ 1/9/1433هـ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه -جلَّ في علاه - مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه .
ثم أما بعد أيها المؤمنون : هنيئاً لكم وهنيئاً لأمة الإسلام أجمع بحلول شهر الخيرات وبلوغ شهر البركات ؛ شهر رمضان المبارك الذي قال الله عنه : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }[البقرة:185] ، إنه شهرٌ ما أعظمه وموسمٌ ما أكرمه ، منَّ الله عز وجل علينا أجمعين ببلوغه وها نحن في يومه الأول ، بلَّغنا الله خيراته وغنَّمنا بركاته وأعاننا فيه جلَّ وعلا على طاعته وما يقرِّب إليه .
أيها المؤمنون : إنه شهرٌ أظلَّنا بخيراته العظام وبركاته الجسام ؛ روى الترمذي في جامعه وابن ماجة في سننه وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ)) . إنها خيراتٌ عظيمة وبركاتٌ جسيمة نرجو الله تبارك وتعالى أن يوفقنا أجمعين لحُسن اغتنامها .
أيها المؤمنون عباد الله : إن فريضة الصيام فريضةٌ عظيمة كتبها الله جل وعلا على أهل الإيمان لحكمةٍ عظيمة ومقصدٍ جليل وهدفٍ عظيمٍ نبيل ألا وهو : تحقيق تقوى الله جل وعلا ؛ قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183] . نعم - عباد الله - إن الحكمة من مشروعية الصيام تحقيق تقوى الله جل وعلا . وهاهنا - عباد الله - سؤالٌ كبير جديرٌ بنا أجمع أن نتفقَّه فيه وأن نتأمَّل في معانيه ألا وهو عباد الله : هل كل صائمٍ يحقق بصيامه التقوى ؟ وهل كل صيام يثمر التقوى ؟ أم أنَّ من الصائمين من لا ينال ذلك ولا يحققه ؟
إذا تأملنا - عباد الله - في هذا المقام العظيم ما خرَّجه الإمام أحمد في مسنده وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ)) [ وجدنا أنَّ من الصائمين مَنْ لا يتحقق لهم بصيامه ذلك] ؛ وهذا عباد الله يدعو إلى طرح سؤالٍ عريضٍ مهم : لِمَ هؤلاء لم يكن لهم حظٌّ من صيامهم إلا الجوع ، ولم يكن لهم حظ من قيامهم إلا السهر ، ما سبب ذلك ؟! لاشك - عباد الله- أنَّ المسلم الناصح لنفسه مطالَبٌ بمعرفة سبب ذلك ليتقيَه وليجتنبه وليتحقق له في صيامه تقوى الله جل وعلا .
عباد الله : وإذا قال قائل : " ما الذي إذا فعلته تحقق لي بصيامي تقوى الله جلا وعلا وفُزتُ بخيرات الصيام وبركاته وثمراته وأجوره " ؟ ؛ فجواب ذلك عباد الله يتلخص في أمرين عظيمين ومطلبين جليلين من حققهما فاز بذلك فوزاً عظيما :
§ أما الأول عباد الله : فهو أن يعمل الصائم على تحقيق صيامه وتتميمه وتكميله بأن يقع منه خالصاً لله تبارك وتعالى لا رياءً ولا سمعة ، معتقداً ومصدِّقاً بفرضيَّته ، ومصدِّقاً بعظيم ثوابه وجزيل موعوده ، وراجياً بصيامه ومحتسباً ما عند الله . روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ؛ قيَّد نيل الثواب وتحصيل الأجر بأن يقع الصيام إيماناً واحتسابا . ومعنى "إيمانا" : أي بالله عز وجل وتصديقاً بفرضيَّة الصيام وتصديقاً بعظيم أجوره عند الله . ومعنى "احتساباً" : أي مخلصاً بعمله لله راجيا به ثواب الله طامعاً بأدائه الفوز برضا الله ، لا يبغي بذلك شيئاً آخر وإنما يصوم يرجو رحمة الله والفوز بعظيم ثوابه .
§ أما الأمر الثاني عباد الله : فهو أن يعمل الصائم على صيانة صيامه وحفظه ؛ فإن ثمة أموراً عديدات تخدش الصيام وتُنقِص أجره وتفسد ثوابه وتجني على فاعله جناياتٍ عظام ، فالصائم - عباد الله - مطلوبٌ منه أن يعمل على صيانة صيامه وحفظه رعايةً له من النواقص والمفسدات والمبطلات ، وقد جاء في ذلكم عن نبينا صلى الله عليه وسلم أحاديث تقرر هذا المعنى وتدل عليه ، ومن ذلكم : ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) ، وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)) ؛ وإذا كان الصائم -عباد الله - إذا سابَّه أحد أو قاتله لا يجازيه بالمثل وإنما يكفُّ عن ذلك مستشعراً مكانة الصيام وفريضة الصيام فكيف بمن يبتدئ الناس وهو صائم سبًّا ومقاتلة ؟! .
أيها المؤمنون عباد الله : وإذا كان الصيام الذي افترضه الله علينا في نهار رمضان صيامٌ عن الطعام والشراب والوِقاع فإنَّ ثمة صيام مطلوبٌ من العبد المسلم في كل وقت وحين لا يختص بشهر رمضان ولا يختص بليلٍ أو نهار ولا يختص بشهر من الشهور بل هو مطلوب من المسلم في كل أحايينه وجميع أوقاته ؛ ألا وهو عباد الله : الصيام عن الحرام . نعم أيها المؤمنون صيام المسلم عن الحرام ؛ بأن تصوم عينه عن النظر إلى الحرام ، وأن تصوم أذنه عن سماع الحرام ، وأن يصوم لسانه عن قول الحرام ، وأن تصوم يده عن أن تمتد إلى الحرام ، وأن تصوم قدمه عن أن تمشي إلى الحرام ، فهذا صيام عباد الله مطلوبٌ من المسلم في كل وقتٍ وحين ؛ وشهر رمضان فرصة عظيمة ووقتٌ ثمين مبارك لتحقيق ذلك وتمرين النفس وزمِّها بزمام الحق والهدى وأطْرِها على آداب الشريعة العظام وقيودها المباركات التي تحفظ للمسلم حياةً كريمة عامرة بطاعة الله بعيدةً عن الآثام والحرام ، وكل ذلكم - عباد الله - هو معنى قول الله تبارك وتعالى : {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
خطبة جمعة بتاريخ 1/9/1433هـ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد أيها المؤمنون عباد الله : اتقوا الله تعالى وراقبوه -جلَّ في علاه - مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه .
ثم أما بعد أيها المؤمنون : هنيئاً لكم وهنيئاً لأمة الإسلام أجمع بحلول شهر الخيرات وبلوغ شهر البركات ؛ شهر رمضان المبارك الذي قال الله عنه : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }[البقرة:185] ، إنه شهرٌ ما أعظمه وموسمٌ ما أكرمه ، منَّ الله عز وجل علينا أجمعين ببلوغه وها نحن في يومه الأول ، بلَّغنا الله خيراته وغنَّمنا بركاته وأعاننا فيه جلَّ وعلا على طاعته وما يقرِّب إليه .
أيها المؤمنون : إنه شهرٌ أظلَّنا بخيراته العظام وبركاته الجسام ؛ روى الترمذي في جامعه وابن ماجة في سننه وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ)) . إنها خيراتٌ عظيمة وبركاتٌ جسيمة نرجو الله تبارك وتعالى أن يوفقنا أجمعين لحُسن اغتنامها .
أيها المؤمنون عباد الله : إن فريضة الصيام فريضةٌ عظيمة كتبها الله جل وعلا على أهل الإيمان لحكمةٍ عظيمة ومقصدٍ جليل وهدفٍ عظيمٍ نبيل ألا وهو : تحقيق تقوى الله جل وعلا ؛ قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183] . نعم - عباد الله - إن الحكمة من مشروعية الصيام تحقيق تقوى الله جل وعلا . وهاهنا - عباد الله - سؤالٌ كبير جديرٌ بنا أجمع أن نتفقَّه فيه وأن نتأمَّل في معانيه ألا وهو عباد الله : هل كل صائمٍ يحقق بصيامه التقوى ؟ وهل كل صيام يثمر التقوى ؟ أم أنَّ من الصائمين من لا ينال ذلك ولا يحققه ؟
إذا تأملنا - عباد الله - في هذا المقام العظيم ما خرَّجه الإمام أحمد في مسنده وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ ، وَكَمْ مِنْ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ)) [ وجدنا أنَّ من الصائمين مَنْ لا يتحقق لهم بصيامه ذلك] ؛ وهذا عباد الله يدعو إلى طرح سؤالٍ عريضٍ مهم : لِمَ هؤلاء لم يكن لهم حظٌّ من صيامهم إلا الجوع ، ولم يكن لهم حظ من قيامهم إلا السهر ، ما سبب ذلك ؟! لاشك - عباد الله- أنَّ المسلم الناصح لنفسه مطالَبٌ بمعرفة سبب ذلك ليتقيَه وليجتنبه وليتحقق له في صيامه تقوى الله جل وعلا .
عباد الله : وإذا قال قائل : " ما الذي إذا فعلته تحقق لي بصيامي تقوى الله جلا وعلا وفُزتُ بخيرات الصيام وبركاته وثمراته وأجوره " ؟ ؛ فجواب ذلك عباد الله يتلخص في أمرين عظيمين ومطلبين جليلين من حققهما فاز بذلك فوزاً عظيما :
§ أما الأول عباد الله : فهو أن يعمل الصائم على تحقيق صيامه وتتميمه وتكميله بأن يقع منه خالصاً لله تبارك وتعالى لا رياءً ولا سمعة ، معتقداً ومصدِّقاً بفرضيَّته ، ومصدِّقاً بعظيم ثوابه وجزيل موعوده ، وراجياً بصيامه ومحتسباً ما عند الله . روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ؛ قيَّد نيل الثواب وتحصيل الأجر بأن يقع الصيام إيماناً واحتسابا . ومعنى "إيمانا" : أي بالله عز وجل وتصديقاً بفرضيَّة الصيام وتصديقاً بعظيم أجوره عند الله . ومعنى "احتساباً" : أي مخلصاً بعمله لله راجيا به ثواب الله طامعاً بأدائه الفوز برضا الله ، لا يبغي بذلك شيئاً آخر وإنما يصوم يرجو رحمة الله والفوز بعظيم ثوابه .
§ أما الأمر الثاني عباد الله : فهو أن يعمل الصائم على صيانة صيامه وحفظه ؛ فإن ثمة أموراً عديدات تخدش الصيام وتُنقِص أجره وتفسد ثوابه وتجني على فاعله جناياتٍ عظام ، فالصائم - عباد الله - مطلوبٌ منه أن يعمل على صيانة صيامه وحفظه رعايةً له من النواقص والمفسدات والمبطلات ، وقد جاء في ذلكم عن نبينا صلى الله عليه وسلم أحاديث تقرر هذا المعنى وتدل عليه ، ومن ذلكم : ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) ، وروى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)) ؛ وإذا كان الصائم -عباد الله - إذا سابَّه أحد أو قاتله لا يجازيه بالمثل وإنما يكفُّ عن ذلك مستشعراً مكانة الصيام وفريضة الصيام فكيف بمن يبتدئ الناس وهو صائم سبًّا ومقاتلة ؟! .
أيها المؤمنون عباد الله : وإذا كان الصيام الذي افترضه الله علينا في نهار رمضان صيامٌ عن الطعام والشراب والوِقاع فإنَّ ثمة صيام مطلوبٌ من العبد المسلم في كل وقت وحين لا يختص بشهر رمضان ولا يختص بليلٍ أو نهار ولا يختص بشهر من الشهور بل هو مطلوب من المسلم في كل أحايينه وجميع أوقاته ؛ ألا وهو عباد الله : الصيام عن الحرام . نعم أيها المؤمنون صيام المسلم عن الحرام ؛ بأن تصوم عينه عن النظر إلى الحرام ، وأن تصوم أذنه عن سماع الحرام ، وأن يصوم لسانه عن قول الحرام ، وأن تصوم يده عن أن تمتد إلى الحرام ، وأن تصوم قدمه عن أن تمشي إلى الحرام ، فهذا صيام عباد الله مطلوبٌ من المسلم في كل وقتٍ وحين ؛ وشهر رمضان فرصة عظيمة ووقتٌ ثمين مبارك لتحقيق ذلك وتمرين النفس وزمِّها بزمام الحق والهدى وأطْرِها على آداب الشريعة العظام وقيودها المباركات التي تحفظ للمسلم حياةً كريمة عامرة بطاعة الله بعيدةً عن الآثام والحرام ، وكل ذلكم - عباد الله - هو معنى قول الله تبارك وتعالى : {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .