الشاعر17
2009-02-11, 22:04
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله صادق الوعد الأمين
ان طلب العلم ، لا بد له من همة عالية ، ونفس تواقة مشتاقة ، فمن أحب شيئا ، تولّع به ، وجدّ في طلبه ، فشمّر ، وتدبر ، وقدر وفكر
حتى ينال ما يصبو اليه ،
وما أكثر ما يسلك الشباب المسلم ، طريق تحصيل العلم
فلا يلبث ان يُلمّ به ذلك الفتور ، فتتقاعس نفسه ، فيرجع من حيث بدا ، بخفي حنين ، ثم يجد نفسه وقد ركن الى الخمول ، لا يقدر على شيئ مما كان عقد
العزم على تحصيله .
ولا زلت أذكر يوم كنا صغارا
كيف كنا نتنافس على حفظ المتون والفنون ونجد في ذلك لذة لا توصف ،
وقد تدبرت أحوال كثير من الشباب ، ممن بدأ هذا المشوار ، ثم فترت نفسه ، وشدته اليها ، فارتضى من زاده بالقليل ، وآوى الى كهف الخمول فلم يظفر بمراده : فانقدح في نفسي أن الأمر لا يخلو من خلل
إما في التحصيل أو في المادة نفسها ، أو في طريقة عرضها
** ـــــــــــــــــ **
فارتأيت أن أكتب هذه الأسطر المتواضعة مستعينا بالله لعل بعض الإخوان من طلبة العلم يجدون فيها مبتغاهم من حيث الكيفية .. والمنهج .
ولكن قبل ذلك لابد من هذا الفصل الذي لحصناه بتصرف يسير وشرح قليل لا يُخلّ بالمعنى من كتاب العلامة
أبي الفضل محمد بن محمد الفارسي المعروف بفصيح الهروي والمتوفي سنة 837 ه
يقول الشيخ رحمة الله عليه في باب الشرائط المذكورة
ويقصد بها شروط تحصيل العلم إجمالا وان كان مقصوده بعنوان الباب تحصيل الحديث وسماعه ،
ومن شروطه
الشرط الاول
النية في نشر العلم بذلك ، لا التكاثر والتفاخر
، قال يونس بن عبدان :
إن للحديث فتنة فاتقوا فتنة الحديث ، وقال سفيان الثوري رحمة الله عليه : فتنة الحديث أشد من فتنة الذهب والفضة .وفي كتاب بن الصلاح عن حمزة الكناني أنه خرّج حديثا واحدا من نحو مئتي طريق فأعجبه ذلك ، فرأى يحي بن معين في منامه فذكر له ذلك ، فقال له :
أخشى ان يدخل هذا تحت { أَلْهكم التكاثُر}
قلت ، وهذا أمر ملاحظ بالتجربة فقد تجد الشاب يتقلب من حال إلى حال وغايته الجمع دون الالتفات إلى التثبت والترو في التحصيل حتى يثبت ذلك في خاطره حفظا ومعنى ، ولعله أن يداخله شيء من التفاخر فيهلك ، ولو اكتفى بالقليل في زمن معين لكفاه ، وما ضره ذلك أبدا بل ربما نفعه في دنياه أخراه
الشرط الثاني
كثرة المراجعة والتكرار
، وقد لا يحتاج هذا إلى كثير بيان بل هو بالمشاهدة ، أمر جلي لا يخفى على احد ،
وقد سالت مرة احدهم هل يمكن أن يأتي عليك يوم تنسى فيها سورة الفاتحة ، ؟
الجواب بالتأكيد لا
فمن كثرة تكرارها تثبت في الخاطر فلا تنسى
فلو أن طالبا مثلا عمد إلى حديث بسنده وحفظه ، وكرره
في كل يوم خمس مرات لمدة ستته أشهر هل يمكن أن ينساه بعد ذلك
فما يلبث أن يجد نفسه وقد حفظ حديثين بسندهما في العام
فلو أطال الله في عمره فبكم حديث سيلقى الله ..؟
ولا ينبغي له أن يستقل ما حصل من علم فليست العبرة بكثرة حفظ
ما دام قد عقد العزم وتجرد لله أن يكون طلبه خالصا لله وحده يبتغي به رضوانه ورحمته .
قال عمرو بن أبي سلمه : قلت للاوزاعي : يا أبا عمرو، إني ألْزَمُك
منذ أربعة أيام ، ولم أسمع منك إلا ثلاثين حديثا ، قال :
وتَسْتَقِلُّ ثلاثين حديثا في أربعة أيام ؟
لقد سار جابر بن عبد الله غالى مصر واشترى راحلة ، فركبها حتّى سأل عقبة بن عامر عن حديث واحد ، وانصرف إلى المدينة ،
وأنت تَسْتَقِلُ ثلاثين حديثا في أربعة أيام ؟
وفي حلية الأولياء عن سفيان الثوري أنه كان ربّما حدّث الرجل
حديثا ، فيقول له :
{ هذا خير لك من ولاية الرّي }
وقال سعيد بن المسيّب : إنْ كنت لأسافر مسيرة الأيّام والليالي في الحديث الواحد
الشرط الثالث
ان لا يمنعه الحياء ولا الاستكبار من المذاكرة وكثرة المراجعة والتفتيش
وفي صحيح البخاري
{ لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر }
الشرط الرابع
أن لا يطعن على احد في المذاكرة تعصّبا
فقد حكي عن أبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي أنه كان يقرأ في الجرح والتعديل على الناس فحدّث عن يحي بن معين انه قال :
إنّا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطّوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مئتي سنة ، فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده ..
وهذا الذي تيسر لنا نقله من جواهر الأصول لفصيح الهوري ،
في شرائط طلب الحديث والعلم إجمالا .
***
ونخلص هنا من واقع التجربة إلى بيان بعض المدارج في تحصيل العلم الشرعي إن شاء الله
فنقول وبالله التوفيق
إن هناك شيء يغفله البعض ، وهو وجوب الإلمام بعلوم الآلة ابتداء ولعل من أهمها على الإطلاق علم اللغة العربية وفنونها
فلا بد لطالب العلم أن يدأب على دراسة علوم اللغة دراسة وافية بل ينبغي أن تستحوذ على حصة الأسد في تحصيله
ومن غير اللغة لا يمكن أن يستوعب الطالب كتب أهل العلم مهما بذل الجهد وادعى نسبته إلى ذلك
فلا بد من دراسة النحو والصرف وعلوم اللغة والاشتقاق والعروض
وقديما قيل
النحو زين للفتى
يكرمه حيث أتى
من لم يكن يعرفه
فحقه أن يسكت
ولا يكتفي بهذا بل يشمر على ساعد الجد فيحفظ من أشعار العرب
ما شاء الله فيختار عيونها وفرائدها
كالاصمعيات مثلا والمعلقات والمختارت
كالعقد الفريد لابن عبد ربّه الاندلسي والاغاني
والامالي لأبي العالي القالي
ولا يفوته أن ينظر طويلا في بعض الدواويين
كديوان المتنبي بشرح العلامة الواحدي وهذا انصح به كثيرا
وديوان كثيّر بن عبد الرحمن الملقب بكثير عزة
وديوان جرير بن عطية الخطفي
ويحاول أن يحفظ البيت والبيتين
والقصيدة والقصيدتين
أما التدرج في النحو
فاعتقد لو انه اختار ابتداء في مراحله الأولى
الكتاب المدرسي القديم الذي كان يتم تحت اشراف الشيخ عبد الرحمن شيبان للمراحل المتوسطة
يكون بذلك قد وضع يده على الزناد
ثم لا يفوته أن ينظر في متن الاجرومية مع حاشية العلامة ابن الحاج
وهوامش الإمام الشهيد خالد الأزهري
فقد وجدته كثير الفوائد عميم النفع
فإن استطاع أن يقطع شوطا في هذا
انتقل بعون الله إلى دراسة قطر الندى وبلّ الصدى لابن هشام الأنصاري
ثم إلى شرح الاشموني على الألفية
ولا يستغني في كل ذلك عن ملحة الإعراب للحريري
وقد يتأتى له هذا خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات ما لم تفتر نفسه .
وكما يقال فأصعب كل شيء مبتداه
وأكاد اجزم أن طالب العلم لو استطاع أن يسلك هذا المسلك في تحصيل اللغة وعلومها لتفتحت قريحته عن كل علم بعده
وخلال هذه المدة يستحسن أن ينظر الطالب في تلك الروايات والقصص التي تخلو من مجون اللفظ والمعنى ، فلو انه نظر في كتب الرافعي إجمالا فقد أحسن الاختيار ، لأنها تعتبر التطبيق الفعلي للنحو والبلاغة
فمتى ما قطع هذا الشوط والذي لا انصح أي شاب أن ينتقل إلى تحصيل أي علم آخر خلال تلك الفترة يكون قد وضع رجله على أول الطريق في تحصيل العلم الشرعي
فينظر أول أمره في كتب الأصول وليبدأ بكتاب
الوجيز في أصول الفقه للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي
ثم يلتفت إلى
مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد الأمين الشنقيطي
ولا بد له من مقدمة بسيطة في علم مصطلح الحديث
فليحاول أن يبدأ بكتاب
تيسير مصطلح الحديث بقلم الدكتور محمود الطحان
فقد نظرت فيه فوجدته وضعه بطريقة بسيطة تصلح للمبتدئين ولا يستغني عنها المتقدمين في هذا الفن
أو يحاول أن ينظر في كتاب الشيخ الجليل سعدي ياسين رحمة الله عليه
الإيضاح في تاريخ الحديث وعلم الاصطلاح
***
هذه مقدمة لا بد منها لطالب العلم بحكم التجربة وقد تكون هناك كتب أيسر أو أشهر
فأنت ترى أني لم أركز كثيرا على وصف الكتب في التحصيل مقصدي من ذلك أن يشكل الطالب فكرة عن فنون تحصيل العلم الشرعي، لك أن تصفها بالمفاتيح التي تفتح لك مغاليق كل علم
وقد ركزت على اللغة العربية تحديدا فليتفرغ لها الطالب في أول أمره فإن استطاع أن يجيد هذا الفن ، يكون قد بدا الرحلة بقلب وعزم صحيحين إن شاء الله
وليبتعد أثناء ذلك عن تلك الردود والمشاحنات بين العلماء
ويكفيه من كل شيء غير هذا الذي ذكرنا اليسير منه مما تستقيم به صلته بربه كالصلاة والصيام والتقرب الى الله وليحاول أن يكون تحصيله في أوقات الفراغ النفسي وصفاء الروح ، وذلك قبيل الفجر في أيام العطل سواء بالمنسبة للعمال أو طلبة العلوم الأخرى ،
أو بعيد العصر ، ولا يستكثر فقليل من كل شيء مع المثابرة يكفي
والعبرة بالنية والتجرد لله لا بالكم والكثرة
واعتبر تحصيلك هذا رحلة لا تعلم متى ستنتهي ولا إلى أين تصل بك
ولاتُسْأَلُ إلا على ما بلغت من أشواطها
بهذا الشكل ترتاح ويحصل لك شيء من الرضي عجيب تقر به عينك وتسعد به في دنياك وآخرتك
قد قلنا الذي جربناه
والله أعلم
كتبه في مجلس واحد الشاعر 17
الجلفة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله صادق الوعد الأمين
ان طلب العلم ، لا بد له من همة عالية ، ونفس تواقة مشتاقة ، فمن أحب شيئا ، تولّع به ، وجدّ في طلبه ، فشمّر ، وتدبر ، وقدر وفكر
حتى ينال ما يصبو اليه ،
وما أكثر ما يسلك الشباب المسلم ، طريق تحصيل العلم
فلا يلبث ان يُلمّ به ذلك الفتور ، فتتقاعس نفسه ، فيرجع من حيث بدا ، بخفي حنين ، ثم يجد نفسه وقد ركن الى الخمول ، لا يقدر على شيئ مما كان عقد
العزم على تحصيله .
ولا زلت أذكر يوم كنا صغارا
كيف كنا نتنافس على حفظ المتون والفنون ونجد في ذلك لذة لا توصف ،
وقد تدبرت أحوال كثير من الشباب ، ممن بدأ هذا المشوار ، ثم فترت نفسه ، وشدته اليها ، فارتضى من زاده بالقليل ، وآوى الى كهف الخمول فلم يظفر بمراده : فانقدح في نفسي أن الأمر لا يخلو من خلل
إما في التحصيل أو في المادة نفسها ، أو في طريقة عرضها
** ـــــــــــــــــ **
فارتأيت أن أكتب هذه الأسطر المتواضعة مستعينا بالله لعل بعض الإخوان من طلبة العلم يجدون فيها مبتغاهم من حيث الكيفية .. والمنهج .
ولكن قبل ذلك لابد من هذا الفصل الذي لحصناه بتصرف يسير وشرح قليل لا يُخلّ بالمعنى من كتاب العلامة
أبي الفضل محمد بن محمد الفارسي المعروف بفصيح الهروي والمتوفي سنة 837 ه
يقول الشيخ رحمة الله عليه في باب الشرائط المذكورة
ويقصد بها شروط تحصيل العلم إجمالا وان كان مقصوده بعنوان الباب تحصيل الحديث وسماعه ،
ومن شروطه
الشرط الاول
النية في نشر العلم بذلك ، لا التكاثر والتفاخر
، قال يونس بن عبدان :
إن للحديث فتنة فاتقوا فتنة الحديث ، وقال سفيان الثوري رحمة الله عليه : فتنة الحديث أشد من فتنة الذهب والفضة .وفي كتاب بن الصلاح عن حمزة الكناني أنه خرّج حديثا واحدا من نحو مئتي طريق فأعجبه ذلك ، فرأى يحي بن معين في منامه فذكر له ذلك ، فقال له :
أخشى ان يدخل هذا تحت { أَلْهكم التكاثُر}
قلت ، وهذا أمر ملاحظ بالتجربة فقد تجد الشاب يتقلب من حال إلى حال وغايته الجمع دون الالتفات إلى التثبت والترو في التحصيل حتى يثبت ذلك في خاطره حفظا ومعنى ، ولعله أن يداخله شيء من التفاخر فيهلك ، ولو اكتفى بالقليل في زمن معين لكفاه ، وما ضره ذلك أبدا بل ربما نفعه في دنياه أخراه
الشرط الثاني
كثرة المراجعة والتكرار
، وقد لا يحتاج هذا إلى كثير بيان بل هو بالمشاهدة ، أمر جلي لا يخفى على احد ،
وقد سالت مرة احدهم هل يمكن أن يأتي عليك يوم تنسى فيها سورة الفاتحة ، ؟
الجواب بالتأكيد لا
فمن كثرة تكرارها تثبت في الخاطر فلا تنسى
فلو أن طالبا مثلا عمد إلى حديث بسنده وحفظه ، وكرره
في كل يوم خمس مرات لمدة ستته أشهر هل يمكن أن ينساه بعد ذلك
فما يلبث أن يجد نفسه وقد حفظ حديثين بسندهما في العام
فلو أطال الله في عمره فبكم حديث سيلقى الله ..؟
ولا ينبغي له أن يستقل ما حصل من علم فليست العبرة بكثرة حفظ
ما دام قد عقد العزم وتجرد لله أن يكون طلبه خالصا لله وحده يبتغي به رضوانه ورحمته .
قال عمرو بن أبي سلمه : قلت للاوزاعي : يا أبا عمرو، إني ألْزَمُك
منذ أربعة أيام ، ولم أسمع منك إلا ثلاثين حديثا ، قال :
وتَسْتَقِلُّ ثلاثين حديثا في أربعة أيام ؟
لقد سار جابر بن عبد الله غالى مصر واشترى راحلة ، فركبها حتّى سأل عقبة بن عامر عن حديث واحد ، وانصرف إلى المدينة ،
وأنت تَسْتَقِلُ ثلاثين حديثا في أربعة أيام ؟
وفي حلية الأولياء عن سفيان الثوري أنه كان ربّما حدّث الرجل
حديثا ، فيقول له :
{ هذا خير لك من ولاية الرّي }
وقال سعيد بن المسيّب : إنْ كنت لأسافر مسيرة الأيّام والليالي في الحديث الواحد
الشرط الثالث
ان لا يمنعه الحياء ولا الاستكبار من المذاكرة وكثرة المراجعة والتفتيش
وفي صحيح البخاري
{ لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر }
الشرط الرابع
أن لا يطعن على احد في المذاكرة تعصّبا
فقد حكي عن أبي محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي أنه كان يقرأ في الجرح والتعديل على الناس فحدّث عن يحي بن معين انه قال :
إنّا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطّوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مئتي سنة ، فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده ..
وهذا الذي تيسر لنا نقله من جواهر الأصول لفصيح الهوري ،
في شرائط طلب الحديث والعلم إجمالا .
***
ونخلص هنا من واقع التجربة إلى بيان بعض المدارج في تحصيل العلم الشرعي إن شاء الله
فنقول وبالله التوفيق
إن هناك شيء يغفله البعض ، وهو وجوب الإلمام بعلوم الآلة ابتداء ولعل من أهمها على الإطلاق علم اللغة العربية وفنونها
فلا بد لطالب العلم أن يدأب على دراسة علوم اللغة دراسة وافية بل ينبغي أن تستحوذ على حصة الأسد في تحصيله
ومن غير اللغة لا يمكن أن يستوعب الطالب كتب أهل العلم مهما بذل الجهد وادعى نسبته إلى ذلك
فلا بد من دراسة النحو والصرف وعلوم اللغة والاشتقاق والعروض
وقديما قيل
النحو زين للفتى
يكرمه حيث أتى
من لم يكن يعرفه
فحقه أن يسكت
ولا يكتفي بهذا بل يشمر على ساعد الجد فيحفظ من أشعار العرب
ما شاء الله فيختار عيونها وفرائدها
كالاصمعيات مثلا والمعلقات والمختارت
كالعقد الفريد لابن عبد ربّه الاندلسي والاغاني
والامالي لأبي العالي القالي
ولا يفوته أن ينظر طويلا في بعض الدواويين
كديوان المتنبي بشرح العلامة الواحدي وهذا انصح به كثيرا
وديوان كثيّر بن عبد الرحمن الملقب بكثير عزة
وديوان جرير بن عطية الخطفي
ويحاول أن يحفظ البيت والبيتين
والقصيدة والقصيدتين
أما التدرج في النحو
فاعتقد لو انه اختار ابتداء في مراحله الأولى
الكتاب المدرسي القديم الذي كان يتم تحت اشراف الشيخ عبد الرحمن شيبان للمراحل المتوسطة
يكون بذلك قد وضع يده على الزناد
ثم لا يفوته أن ينظر في متن الاجرومية مع حاشية العلامة ابن الحاج
وهوامش الإمام الشهيد خالد الأزهري
فقد وجدته كثير الفوائد عميم النفع
فإن استطاع أن يقطع شوطا في هذا
انتقل بعون الله إلى دراسة قطر الندى وبلّ الصدى لابن هشام الأنصاري
ثم إلى شرح الاشموني على الألفية
ولا يستغني في كل ذلك عن ملحة الإعراب للحريري
وقد يتأتى له هذا خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات ما لم تفتر نفسه .
وكما يقال فأصعب كل شيء مبتداه
وأكاد اجزم أن طالب العلم لو استطاع أن يسلك هذا المسلك في تحصيل اللغة وعلومها لتفتحت قريحته عن كل علم بعده
وخلال هذه المدة يستحسن أن ينظر الطالب في تلك الروايات والقصص التي تخلو من مجون اللفظ والمعنى ، فلو انه نظر في كتب الرافعي إجمالا فقد أحسن الاختيار ، لأنها تعتبر التطبيق الفعلي للنحو والبلاغة
فمتى ما قطع هذا الشوط والذي لا انصح أي شاب أن ينتقل إلى تحصيل أي علم آخر خلال تلك الفترة يكون قد وضع رجله على أول الطريق في تحصيل العلم الشرعي
فينظر أول أمره في كتب الأصول وليبدأ بكتاب
الوجيز في أصول الفقه للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي
ثم يلتفت إلى
مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد الأمين الشنقيطي
ولا بد له من مقدمة بسيطة في علم مصطلح الحديث
فليحاول أن يبدأ بكتاب
تيسير مصطلح الحديث بقلم الدكتور محمود الطحان
فقد نظرت فيه فوجدته وضعه بطريقة بسيطة تصلح للمبتدئين ولا يستغني عنها المتقدمين في هذا الفن
أو يحاول أن ينظر في كتاب الشيخ الجليل سعدي ياسين رحمة الله عليه
الإيضاح في تاريخ الحديث وعلم الاصطلاح
***
هذه مقدمة لا بد منها لطالب العلم بحكم التجربة وقد تكون هناك كتب أيسر أو أشهر
فأنت ترى أني لم أركز كثيرا على وصف الكتب في التحصيل مقصدي من ذلك أن يشكل الطالب فكرة عن فنون تحصيل العلم الشرعي، لك أن تصفها بالمفاتيح التي تفتح لك مغاليق كل علم
وقد ركزت على اللغة العربية تحديدا فليتفرغ لها الطالب في أول أمره فإن استطاع أن يجيد هذا الفن ، يكون قد بدا الرحلة بقلب وعزم صحيحين إن شاء الله
وليبتعد أثناء ذلك عن تلك الردود والمشاحنات بين العلماء
ويكفيه من كل شيء غير هذا الذي ذكرنا اليسير منه مما تستقيم به صلته بربه كالصلاة والصيام والتقرب الى الله وليحاول أن يكون تحصيله في أوقات الفراغ النفسي وصفاء الروح ، وذلك قبيل الفجر في أيام العطل سواء بالمنسبة للعمال أو طلبة العلوم الأخرى ،
أو بعيد العصر ، ولا يستكثر فقليل من كل شيء مع المثابرة يكفي
والعبرة بالنية والتجرد لله لا بالكم والكثرة
واعتبر تحصيلك هذا رحلة لا تعلم متى ستنتهي ولا إلى أين تصل بك
ولاتُسْأَلُ إلا على ما بلغت من أشواطها
بهذا الشكل ترتاح ويحصل لك شيء من الرضي عجيب تقر به عينك وتسعد به في دنياك وآخرتك
قد قلنا الذي جربناه
والله أعلم
كتبه في مجلس واحد الشاعر 17
الجلفة