أسماء 2
2012-07-16, 23:34
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الإســـتعداد لشهـــر رمضـــان
ومضى معظم شهر شعبان ، وقارب على الرحيل ، ولم تبق منه إلا أيام معدودات ويظلنا شهر رمضان المبارك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدم رمضان فيقول :
" قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فقَدْ حُرِمَ." ( )
بشرى للمؤمنين بفتح أبواب الجنان ، وبشرى أيضا للمذنبين بتغليق أبواب النيران ، بشرى لكل العقلاء بزمان يُغَلُُّ فيه الشيطان . فمن ذا الذى لايشتاق إلى بلوغ هذا الزمان ، الكل .. كلُُُُّ العقلاء يشتاقون لبلوغ شهر رمضان ، ويدعون الله أن يبلغهم شهر رمضان ، فيامن تشتاق إلى بلوغ رمضان ، حذار أن تغفلَ عن شوقك فيتحول قلبُك عن مُرادِك ؛ فقلبك ليس فى يدك ، إنه بين يدى ربك ، يقول سبحانه وتعالي : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ... " ( )
وفى الحديث الشريف أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ." ولهذا كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ." ( )
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وتدعو ربك أن يبلغك رمضان ، لاتقتصر على هذا الدعاء ، بل أضف إليه أن يبلغك ربُّك رمضان وأن يعينك على القيام بواجبات رمضان ، متمثلا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ." ( )
والشاهد من الحديث قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ." تجعل ذلك نُصب عينيك خوفا من أن يبلغك ربُّك رمضان ثم تقصِّر عن القيام بواجبات رمضان ؛ فقد ورد فى الحديث : " بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له." ( ) نسأل الله سبحانه وتعالي أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
لماذا ندعو الله أن يبلغنا رمضان ؟ ذلك لأنه شهر لا يمكن الإحاطة بما فيه من الخيرات ، فلو لم يكن فيه إلا الصيام لكان هذا كافيا لأن نعَضَّ عليه بالنواجذ ، جاء في فضل الصوم الحديث القدسى الذى رواه البخارى عن أَبَى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إَِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وََلا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ." ( )
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ حَسَنَةٍ عَمِلَهَا ابْنُ آدَمَ إِلا كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ . قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالي : إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" ( )
قال الحافظ في الفتح قد اختلف العلماء في المراد بقوله سبحانه وتعالي : " إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مع أن الأعمالَ كلَّها لله ، وهو الذي يَجزى بها ، فذكر الحافظ عشرة أقوال : منها أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، وإن كان قد يدخله الرياء بالقول كمن يصوم ثم يخبر بأنه صائم فقد يدخله الرياء من هذه الحيثية ، فدخول الرياء في الصوم إنما يقع في جهة الاخبار بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها.
وقال أبو عبيد في غريبه : قد علمنا أن أعمال البر كلِّها لله ، وهو الذي يجزي بها ، فترى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله ، وإنما هو شيء في القلب ، وذلك لأن الأعمال لا تكون إلا بالحركات ، إلا الصوم فإنما هو بالنية التي تخفى عن الناس .
وذكر الحافظ رأيا ثانيا فى المراد بقوله سبحانه وتعالي : " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته ، وأما غيره من العبادات فقد يتحقق ويتعرف عليها بعض الناس .
وقال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تُضاعف من عشرة إلى سبع مائة إلى ما شاء الله ، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير، ويشهد لهذا السياق الرواية الأخرى حيث قال صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ . قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالي : إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ... " ( ) أي أُجازي عليه جزاء كثيرا دون تعيين لمقداره وهذا كقوله سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..." ( ) والصابرون هم الصائمون في أكثر الأقوال . انتهى ما في الفتح . ( ) ففى الكلام كناية عن تعظيم جزاء الصوم ، وأنه لا حد له ، وهذا هو الموافق لقوله سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..."
وعلى هذا يمكن أن يقال إن معنى قوله سبحانه وتعالي : " فَإِنَّهُ لِي" أى أنا المنفرد بعلم ثوابه وتضعيفه ، فكل عمل ابن آدم له باعتبار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا ؛ لما بيَّن الله سبحانه وتعالي فيه إلا الصوم فإنه الصبر الذي ما حدَّ لجزائه حدًا بل قال سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..."
ويحتمل أن يقال معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إَِلا الصِّيَامَ ... إلخ " جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية تعد له بالمناسبة لحاله ، بخلاف الصبر فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك ، فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب سبحانه وتعالي ولله المثل الأعلى ، وعلى هذا المعنى يقال : كل عمل ابن آدم جزاؤه محدود ؛ لأنه له أي على قدره ، إلا الصوم فإنه لي ، فجزاؤه غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري .
و مما جاء أيضا في فضل الصوم ما رواه البخارى من أن : " ... فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ" ( ) وفي رواية الترمذى : " ... فَمَنْ كَانَ مِنْ الصَّائِمِينَ دَخَلَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا " ( ) فقوله صلى الله عليه وسلم في الجنة باب يسمى الريان ، من الري اسم علم ، باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه ، وهو مما وقعت المناسبة بين لفظه ومعناه ؛ لأنه مشتق من الري ، فهُو من الرَّواء وهو الماء الذي يَرْوي يقال رَوِي يَرْوَي فهو رَيّان ، فالرّيان فَعْلان من الرَّيّ ، والألفُ والنونُ زائدتَان مثلهما في عَطْشان ، والمعنى أن الصُّيَّام بتعْطِشِهم أنْفُسَهم في الدُّنيا يدخُلون من باب الريان ليَأَمنوا من العَطَش قبل تَمكّنهم في الجنة ( ) وهوأيضا مناسب لحال الصائمين ، فاكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه ، أو لأنه أشق على الصائم من الجوع . ( )
وفي الحديث من فضل الصوم أيضا قولََهُ صلى الله عليه وسلم : " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ " .
فرحةٌ حين يفطر، بمعي الفرحة بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر وهذا الفرح طَبْعِيّ وهو السابق للفهم ، أي يفرح حينئذ طبعا وإن لم يأكل لما في طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقتير ، فهذه هي فرحة النفس بالأكل والشرب ، وقيل إن فَرَحَهُ بفطره إنما هو من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه. ( )
أما الفرحة الثانية فعند لقاء ربه ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ " قيل الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه على الصوم ، فيفرح حينئذ بقبول صومه وتَرَتُّبِ الجزاء الوافرعليه .
وفي الحديث في فضل الصوم أيضا قولََهُ صلى الله عليه وسلم : " وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " أي تغير رائحة فم الصائم أطيب من رائحة المسك ، وفى هذا كناية عن أن صاحبه عند الله أطيبُ ، وأكثرُ قبولا ووجاهة ، وأزيدُ قربا من الله من صاحب المسك عندكم بسبب ريحه ، كما أنه تعالى أكثرُ إقبالا على الصائم بسبب خلوف فيه ، من إقبالكم على بائع المسك عندكم .
*** *** ***
هذا قليل من كثير من فضل صوم رمضان ؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يبشر الصحابة بمقدمه حتى يُعِدّون له العدة ؛ لأن رمضان سِـباق ، فاز وربح فيه من ربح ، وخاب وخسر فيه من خسر ، وقد سمعنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : " بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له." ( ) فالكيس الفطن من أعد للسباق عدته ، قال سبحانه وتعالي : " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ... " ( ) فجعل الله الإعداد للعمل علامة على التوفيق فى هذا العمل .
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، ماذا أعددت له فى شعبان ؟ يقول ابن رجب فى كتابه " لطائف المعارف " العبادة فى شعبان تمرين على العبادة فى رمضان ، فيحصِّل العبد حلاوة الطاعة ولذتها ، ليدخل فى رمضان على العبادة بقوة ونشاط بعد أن ذاق حلاوتها وأحس لذتها ، فالنوافل قبل الفرائض كالتمرين قبل المباراة ، فتكون بمثابة إعدادِ النفس للدخول فى الفريضة على الوجه الأكمل والصورة الأتم.
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان عليك بالإكثار من النوافل فيما بقى من شعبان ، مع تبصير النفس وتذكيرها بفضائل تلك الطاعات , ومجاهدتها على ترك المألوف عندها من المكروهات .
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وأن تكون من المعتوقين من النار:
ينبغي عليك - شكرا لنعمة الله عليك - اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة بالأعمال الصالحة مخلصا لله تبارك وتعالى ، وأن تضع في ميزان أعمالك اليوم ما يسرك أن تراه غدا. وخاصة في هذا الزمان الذي نعيشه ، زمان الفتن والعياذ بالله ، حيث انقلبت الموازين ، وتبدلت المعايير ، وأسند الأمر إلى غير أهله ، وضاعت المثل العليا والأخلاق الكريمة ، وقطعت الأرحام ، وعُقَّ الوالدان ، وانغمس الناس في الشهوات ، وتسابقوا إلى أحضان المادة ، واستأسدت النساء على الرجال ، واختلطت الأمور ، وتشعبت الأهواء ، واختلط الحق بالباطل ، واختلط المنكر بالمعروف ، وغير ذلك كثير مما لا يخفى على أحد ، إنه زمان الفتن التي حذرنا منها النبى صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا" ( )
يا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وأن تكون من المعتوقين من النار:
ساعد النفسَ على ذلك ، بمصاحبةُ ذوى الهمم العالية من الأصدقاء ، وذوي العزائم الصادقة من الأخلاء ، يقول الله سبحانه وتعالي : " وََلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ..." ( ) وأيضا يقول الله سبحانه وتعالي : " وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ..." ( ) كل ذلك ليكونوا لك عونا على نفسك وهواك والشيطان .
يا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وعتق رقبتك من النار:
عليك فى نفس الوقت بنبذ الغافلين واللاّهين من الصِّحاب ، فلن تجنى من ورائهم غيرَ الندامة والخذلان ، يقول الله سبحانه وتعالي : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا "( )
جزا الله خيرا صاحب هذا المقال
الإســـتعداد لشهـــر رمضـــان
ومضى معظم شهر شعبان ، وقارب على الرحيل ، ولم تبق منه إلا أيام معدودات ويظلنا شهر رمضان المبارك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدم رمضان فيقول :
" قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فقَدْ حُرِمَ." ( )
بشرى للمؤمنين بفتح أبواب الجنان ، وبشرى أيضا للمذنبين بتغليق أبواب النيران ، بشرى لكل العقلاء بزمان يُغَلُُّ فيه الشيطان . فمن ذا الذى لايشتاق إلى بلوغ هذا الزمان ، الكل .. كلُُُُّ العقلاء يشتاقون لبلوغ شهر رمضان ، ويدعون الله أن يبلغهم شهر رمضان ، فيامن تشتاق إلى بلوغ رمضان ، حذار أن تغفلَ عن شوقك فيتحول قلبُك عن مُرادِك ؛ فقلبك ليس فى يدك ، إنه بين يدى ربك ، يقول سبحانه وتعالي : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ... " ( )
وفى الحديث الشريف أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ." ولهذا كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ." ( )
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وتدعو ربك أن يبلغك رمضان ، لاتقتصر على هذا الدعاء ، بل أضف إليه أن يبلغك ربُّك رمضان وأن يعينك على القيام بواجبات رمضان ، متمثلا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ." ( )
والشاهد من الحديث قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ." تجعل ذلك نُصب عينيك خوفا من أن يبلغك ربُّك رمضان ثم تقصِّر عن القيام بواجبات رمضان ؛ فقد ورد فى الحديث : " بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له." ( ) نسأل الله سبحانه وتعالي أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
لماذا ندعو الله أن يبلغنا رمضان ؟ ذلك لأنه شهر لا يمكن الإحاطة بما فيه من الخيرات ، فلو لم يكن فيه إلا الصيام لكان هذا كافيا لأن نعَضَّ عليه بالنواجذ ، جاء في فضل الصوم الحديث القدسى الذى رواه البخارى عن أَبَى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إَِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وََلا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ." ( )
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ حَسَنَةٍ عَمِلَهَا ابْنُ آدَمَ إِلا كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ . قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالي : إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" ( )
قال الحافظ في الفتح قد اختلف العلماء في المراد بقوله سبحانه وتعالي : " إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " مع أن الأعمالَ كلَّها لله ، وهو الذي يَجزى بها ، فذكر الحافظ عشرة أقوال : منها أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، وإن كان قد يدخله الرياء بالقول كمن يصوم ثم يخبر بأنه صائم فقد يدخله الرياء من هذه الحيثية ، فدخول الرياء في الصوم إنما يقع في جهة الاخبار بخلاف بقية الأعمال فإن الرياء قد يدخلها بمجرد فعلها.
وقال أبو عبيد في غريبه : قد علمنا أن أعمال البر كلِّها لله ، وهو الذي يجزي بها ، فترى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله ، وإنما هو شيء في القلب ، وذلك لأن الأعمال لا تكون إلا بالحركات ، إلا الصوم فإنما هو بالنية التي تخفى عن الناس .
وذكر الحافظ رأيا ثانيا فى المراد بقوله سبحانه وتعالي : " وَأَنَا أَجْزِي بِهِ " أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته ، وأما غيره من العبادات فقد يتحقق ويتعرف عليها بعض الناس .
وقال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تُضاعف من عشرة إلى سبع مائة إلى ما شاء الله ، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير، ويشهد لهذا السياق الرواية الأخرى حيث قال صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ . قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالي : إِّلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ... " ( ) أي أُجازي عليه جزاء كثيرا دون تعيين لمقداره وهذا كقوله سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..." ( ) والصابرون هم الصائمون في أكثر الأقوال . انتهى ما في الفتح . ( ) ففى الكلام كناية عن تعظيم جزاء الصوم ، وأنه لا حد له ، وهذا هو الموافق لقوله سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..."
وعلى هذا يمكن أن يقال إن معنى قوله سبحانه وتعالي : " فَإِنَّهُ لِي" أى أنا المنفرد بعلم ثوابه وتضعيفه ، فكل عمل ابن آدم له باعتبار أنه عالم بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالا ؛ لما بيَّن الله سبحانه وتعالي فيه إلا الصوم فإنه الصبر الذي ما حدَّ لجزائه حدًا بل قال سبحانه وتعالي : " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ..."
ويحتمل أن يقال معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إَِلا الصِّيَامَ ... إلخ " جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية تعد له بالمناسبة لحاله ، بخلاف الصبر فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك ، فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب سبحانه وتعالي ولله المثل الأعلى ، وعلى هذا المعنى يقال : كل عمل ابن آدم جزاؤه محدود ؛ لأنه له أي على قدره ، إلا الصوم فإنه لي ، فجزاؤه غير محصور بل أنا المتولي لجزائه على قدري .
و مما جاء أيضا في فضل الصوم ما رواه البخارى من أن : " ... فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لا يَدْخُلُهُ إِلا الصَّائِمُونَ" ( ) وفي رواية الترمذى : " ... فَمَنْ كَانَ مِنْ الصَّائِمِينَ دَخَلَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا " ( ) فقوله صلى الله عليه وسلم في الجنة باب يسمى الريان ، من الري اسم علم ، باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه ، وهو مما وقعت المناسبة بين لفظه ومعناه ؛ لأنه مشتق من الري ، فهُو من الرَّواء وهو الماء الذي يَرْوي يقال رَوِي يَرْوَي فهو رَيّان ، فالرّيان فَعْلان من الرَّيّ ، والألفُ والنونُ زائدتَان مثلهما في عَطْشان ، والمعنى أن الصُّيَّام بتعْطِشِهم أنْفُسَهم في الدُّنيا يدخُلون من باب الريان ليَأَمنوا من العَطَش قبل تَمكّنهم في الجنة ( ) وهوأيضا مناسب لحال الصائمين ، فاكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه ، أو لأنه أشق على الصائم من الجوع . ( )
وفي الحديث من فضل الصوم أيضا قولََهُ صلى الله عليه وسلم : " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ " .
فرحةٌ حين يفطر، بمعي الفرحة بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر وهذا الفرح طَبْعِيّ وهو السابق للفهم ، أي يفرح حينئذ طبعا وإن لم يأكل لما في طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقتير ، فهذه هي فرحة النفس بالأكل والشرب ، وقيل إن فَرَحَهُ بفطره إنما هو من حيث أنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه. ( )
أما الفرحة الثانية فعند لقاء ربه ، فقوله صلى الله عليه وسلم : " وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ " قيل الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه على الصوم ، فيفرح حينئذ بقبول صومه وتَرَتُّبِ الجزاء الوافرعليه .
وفي الحديث في فضل الصوم أيضا قولََهُ صلى الله عليه وسلم : " وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " أي تغير رائحة فم الصائم أطيب من رائحة المسك ، وفى هذا كناية عن أن صاحبه عند الله أطيبُ ، وأكثرُ قبولا ووجاهة ، وأزيدُ قربا من الله من صاحب المسك عندكم بسبب ريحه ، كما أنه تعالى أكثرُ إقبالا على الصائم بسبب خلوف فيه ، من إقبالكم على بائع المسك عندكم .
*** *** ***
هذا قليل من كثير من فضل صوم رمضان ؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يبشر الصحابة بمقدمه حتى يُعِدّون له العدة ؛ لأن رمضان سِـباق ، فاز وربح فيه من ربح ، وخاب وخسر فيه من خسر ، وقد سمعنا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : " بَعُدَ من أدرك رمضان فلم يُغفر له." ( ) فالكيس الفطن من أعد للسباق عدته ، قال سبحانه وتعالي : " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ... " ( ) فجعل الله الإعداد للعمل علامة على التوفيق فى هذا العمل .
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، ماذا أعددت له فى شعبان ؟ يقول ابن رجب فى كتابه " لطائف المعارف " العبادة فى شعبان تمرين على العبادة فى رمضان ، فيحصِّل العبد حلاوة الطاعة ولذتها ، ليدخل فى رمضان على العبادة بقوة ونشاط بعد أن ذاق حلاوتها وأحس لذتها ، فالنوافل قبل الفرائض كالتمرين قبل المباراة ، فتكون بمثابة إعدادِ النفس للدخول فى الفريضة على الوجه الأكمل والصورة الأتم.
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان عليك بالإكثار من النوافل فيما بقى من شعبان ، مع تبصير النفس وتذكيرها بفضائل تلك الطاعات , ومجاهدتها على ترك المألوف عندها من المكروهات .
فيا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وأن تكون من المعتوقين من النار:
ينبغي عليك - شكرا لنعمة الله عليك - اغتنام تلك الأيام الفاضلة والأوقات الشريفة بالأعمال الصالحة مخلصا لله تبارك وتعالى ، وأن تضع في ميزان أعمالك اليوم ما يسرك أن تراه غدا. وخاصة في هذا الزمان الذي نعيشه ، زمان الفتن والعياذ بالله ، حيث انقلبت الموازين ، وتبدلت المعايير ، وأسند الأمر إلى غير أهله ، وضاعت المثل العليا والأخلاق الكريمة ، وقطعت الأرحام ، وعُقَّ الوالدان ، وانغمس الناس في الشهوات ، وتسابقوا إلى أحضان المادة ، واستأسدت النساء على الرجال ، واختلطت الأمور ، وتشعبت الأهواء ، واختلط الحق بالباطل ، واختلط المنكر بالمعروف ، وغير ذلك كثير مما لا يخفى على أحد ، إنه زمان الفتن التي حذرنا منها النبى صلى الله عليه وسلم حيث يقول : " بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا" ( )
يا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وأن تكون من المعتوقين من النار:
ساعد النفسَ على ذلك ، بمصاحبةُ ذوى الهمم العالية من الأصدقاء ، وذوي العزائم الصادقة من الأخلاء ، يقول الله سبحانه وتعالي : " وََلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ..." ( ) وأيضا يقول الله سبحانه وتعالي : " وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ..." ( ) كل ذلك ليكونوا لك عونا على نفسك وهواك والشيطان .
يا من تشتاق إلى بلوغ رمضان ، وعتق رقبتك من النار:
عليك فى نفس الوقت بنبذ الغافلين واللاّهين من الصِّحاب ، فلن تجنى من ورائهم غيرَ الندامة والخذلان ، يقول الله سبحانه وتعالي : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا "( )
جزا الله خيرا صاحب هذا المقال