تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مراجعة جماعية لماجستير حقوق الانسان


sengra
2012-07-13, 11:07
السلام عليكم
اعزائي الكرام من يود مراجعة حقوق الانسان و الحريات العامة و كل ماله علاقة بالقانون الدولي
من حيث المشاركة بالمحاضرات الخاصة بالجامعات المنظمة لذلك و المراجع لأساتذتها و الجانب المنهجي و الشكلي في طرج الاشكالية و رسم الخطة و بناء الاجابة.
وشكرااااااااااااااااا

sengra
2012-07-13, 11:11
محاضرات قيمة و شاملة للقاضي أشرف



محاضرات
في
القانون الدولي الإنساني
وحقوق الإنسان
إعداد وتجميع
القاضي
أشرف رفيق نصر الله
2009


بسم الله الرحمن الرحيم
القانون الدولي الإنساني
تعريفه:

القانون الدولي الإنساني ،ويسمى أيضا قانون النزاعات المسلحة أو قانون الحرب، هو جملة القواعد التي تحمي في زمن الحرب الأشخاص اللذين لايشاركون في الأعمال العدائية،أو اللذين كفوا عن المشاركة فيها . وتتمثل غايته الأساسية في الحد من المعاناة البشرية ودرئها في زمن النزاعات المسلحة.
كذلك عرفه الأستاذ جان بيكته "فرع مهم من فروع القانون الدولي العام يدين بوجوده للإحساس ب إنسانية ويركز على حماية الفرد" .
وهناك تعريف أخر للدكتور عامر الزمالي بان القانون الدولي الإنساني "فرع من فروع القانون الدولي العام تهدف قواعده العرفية ولا مكتوبة إلى حماية الأشخاص المتضريين في حالة نزاع مسلح بما انجر عن ذلك النزاع من الأموال التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية" .
وانطلاقا من هذا التعريف يتبين لنا هدف هذا القانون ونطاق تطبيقه .وإذا قلنا انه فرع من فروع القانون الدولي العام فانه يخضع من حيث الشكل على الأقل للقواعد التي تحكم بقية فروع القانون الدولي ،خاصة مايتعلق بإعداد النص القانوني وصياغته ومناقشته وتوقيعه والمصادقة عليه،أما إذا كانت القاعدة عرفيه فمعنى ذلك أنها تنطوي على العنصرين التقليديين وهما الممارسة الفعلية التي دأبت عليها الدول من جهة ونية قبول تلك الممارسة من جهة أخرى.
1 -المرجع /منشورات اللجنة الدولية للصليب الاحمر
2-الاستاذ جان بيكته/نائب رئيس اللجنة الدوليةللصليب الأحمر،محاضرة بجامعة جنيف
3-الدكتور عامر الزمالي/مستشار شئوون المغرب العربي والشرق الاوسط من اللجنة الدولية والصليب الاحمر.
4-المرجع/مدخل الى القانون الدولي الانساني/د.عامر الزمالي/منشورات المعهد العربي لحقوق الانسان واللجنة الدوليه للصليب الأحمر 1997.




وإذا كان هذا القانون يهدف إلى حماية أشخاص وأموال وأماكن محددة،وهذا نطاقه الموضوعي ،فانه يكون ساري الأحكام زمن الحرب أو بتعبير أخر إثناء نشوز نزاع مسلح وذلك خلافا لقوانين حقوق الإنسان التي تطبق زمن السلم ويمكن تعليق بعضها زمن الحرب .
























نشأة وتطور القانون الدولي الانساني

يعتبر التعبير القانون الدولي الإنساني تعبيرا حديثا جدا ،إذ يرجعه بعضهم لسبعينات من هذا القرن ولكنه بدون شك هو ولادة قواعد قديمة.

ونحن إذ نعتقد بقدم قواعد هذا القانون حيث إن أصولها أقدم بكثير من البلاغ أميركي المشهور حول قواعد الحرب البرية لعام 1863م .

ومن الخطأ الزعم بأن تأسيس الصليب الأحمر في عام 1863 ، أو اعتماد اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864، كانا نقطة البداية في تشييد صرح القانون الدولي الإنساني كما نعرفه اليوم. فكما لا يوجد مجتمع لا تحكمه قواعد، لم توجد قط حرب لا تحكمها قواعد ، أيا كانت درجتها من الوضوح.

إن عادات الحرب لدى الشعوب البدائية تعبر في جملتها، عن أنواع من القواعد الدولية التي تحكم الحرب في الوقت الحاضر، ومن ذلك القواعد التي تميز بين فئات الأعداء، والقواعد التي تحدد ظروف ومراسم بدء الحرب وإنهائها والسلطة التي تملك إعلان الحرب ووقفها، والقواعد التي تحدد الأشخاص الذين يشاركون فيها والأوقات والأماكن التي يجوز شنها فيها، أو التي تفرض قيودا على طرق القتال. بل والقواعد التي تحرم الحرب كلية.

وقد سنت الحضارات الكبرى، قبل التاريخ الميلادي بآلاف من السنين، القوانين الأولى للحرب " إنني أسن هذه القوانين كي أمنع القوي من الجور على الضعيف.
( حامورابي ملك بابل ) .

الدين الإسلامي مثلا لا يقر الحرب إلا كضرورة مفروضة ، وقد وضع لهذه الحرب قواعد صارمة لجعلها أكثر إنسانية. فللمسلم أن يقتل المحاربين أو من يعينون على الحرب فقط . لذلك لا يجوز له قتل المرأة أو الطفل أو الشيخ الفاني أو الأعمى أو القعيد ونحوهم عن بريدة قال "كان رسول الله "ص"عليه وسلم إذا أمر على جيش أو سريه أوصى القائد في خاصته لتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا ثم قال "انطلقوا بسم الله على بركة الله ورسوله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلو "أي لاتخونو"وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين وفي رواية أخرى ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا".ونهى الرسول عن المثلة بقوله "إياكم والمثلة ولو بالكلب المعقور"

وانطلاقا من سنن رسول الله "ًص"عليه وسلم أصدر خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنهم ما يمكن تسميته بالبلاغ العربي الإسلامي الخاص بقواعد الحرب قبل ألف ويزيد من السنين عن البلاغ الأمريكي المشهور .
وروى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد" إن أبو بكر بعث جيوشا إلى الشام فقال ليزيد بن أبي سفيان "انك ستجد قوما زعموا أنهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له واني أوصيت بعشر:لاتقتل امراءة ،ولا صبيا، ولا كبيرا، ولا هرما ، ولا تقطف شجرا مثمرا ، ولا تخربن عامرا ، ولا تعقرن شاه ولا بعيرا إلا لمأكله ، ولا تخربن نخلا ولا تغرقنه ولا تغلل ولا تجبن".

كذلك أمر الإسلام بالرفق أسرى في زمن لم يكن فيه للرفق بالأسرى وجود على الأقل. فقد حرص النبي "ص"على الرفق بالأسير والوصاية به وكان يقول "استوصوا بالأسارى خيرا"، وقال تعالى في وصف المؤمنين "ويطمعون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" ، كما أوصف الرسول "ص" أصحاب يوم بدر أن يكرموا الأسرى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الطعام.
من ذلك يتبين لنا من ان الشريعة الإسلامية أرست نظاما قائما على أخلاق الفضيلة وعلى الإنسانية ويشمل كافة الأحكام والضوابط الخاصة بالقتال وبمعاملة أسرى وجرحى الحرب المدنيين.

إن الشريعة الإسلامية إذ أرست تلك الضوابط وأحكام إنما أكدت على ذلك في وقت لم يكن فيه أي ضابط يحد من سلوك المتحاربين. ولذا فهي بحق وضعت قواعد ونظام سامي ،ويتضح هذا النظام في القيود التالية التي يجب الالتزام بها عند المسلمين في قتالهم مع الأمم الأخرى:-
1-ألا يقاتل غير مقاتل.
2-الا يتلف او يمس من الموال ما ليس له قوة مباشرة في الحرب وفي حدود ضروراتها.
3- وجوب احترام مبادئ الإنسانية والفضيلة أثناء الحرب .
4-ايجازة الامان في ميدان القتال منعا لاستمرار القتال كليا او جزئيا ما ان أمكن
5-حسن معاملة أسرى الحرب وضرورة تسهيل فك أسرهم .
6-احترام المنشات المدنية والدينية.
7-انطباق هذه القواعد والضوابط علة شتى انواع النزاعات المسلحة.

في ضوء ما تقدم ليس مبالغة اذا قررنا ان الإسلام قبل مئات السنين أرسى من القواعد ما لم نتوصل في عالمنا اليوم الى إقرار بعضه إلى بعد جهد جهيد ومساعي استمرت أجيالا بأكملها وهذه حقيقة يجب ان تسجل للتاريخ.

وعندما بدأت قواعد القانون الدولي التقليدي في الظهور في القرن السابع عشر سنة 1648م لم تكن هناك قيود على أساليب القتال بين الدول المتحاربة سوى تلك القيود التي أوردها بعض المحاربين ، وذلك بوقف أعمال السلب والنهب في المدن ومنح النساء وأطفال نوعا من الحماية.

ودون شك فان الكثير من القواعد التي جرى عليها التعامل و أوصت بها الإنسانية أو أمر بها الدين والشرف وحسن الخلق قد اكتسبت فيما بعد صفة إلزام بجريان العرف بها أو النص عليها ضمن معاهدات.الا ان الكثير من تلك القواعد ايضا ظلت في حكم القواعد أخلاقية التي تفتقر الى الجزاء .

على ان العمل الكبير الذي تحقق على مستوى عالمي تمثل في اتفاقية جنيف لعام 1864م لتحسين احوال جرحى الحرب ، وتلاها دستور اتحاد السويسري عام 1874م .

وتعتبر اتفاقية جنيف لعام 1864م ذات مغزى خاص على الرغم من العيب الكبير فيها ، وهوانها لم تتضمن عقوبات محددة لمعاقبة الجرائم الواردة فيها. لكنها أرست اسس القانون الدولي المعاصر وكان من أهم ما اتسمت :-
1 - قواعد مكتوبة ودائمة لحماية ضحايا النزاعات تطبق على نطاق العالم.
2 - أنها معاهدة متعددة الأطراف مفتوحة أمام جميع الدول.
3- وجوب تقديم الرعاية دون تمييز للجرحى والمرضى العسكريين.
4- احترام أفراد الخدمات الطبية ووسائط النقل والمعدات الطبية ووسمها بشارة مميزة (صليب احمر على أرضية بيضاء).

غير ان الفضل يعود في وضع هذه الاتفاقية الى رجل سويسري من أهل جنيف هو هنري دونان والذي شاء له القدر ان يشهد ما تركته حرب سولفرينو في ايطاليا التي اندلعت بين جنود نابليون الثالت وجيوش ماكسيمليان النمساوي عام1859م ، من اثار مدمرة ،وهاله بصورة خاصة رؤية الجرحى الذين يموتون دون عناية وإسعاف من جراء نزف دماهم وهم يستنجدون ولا منجد.

وقد تاثر هذا الرجل فكتب كتابا اسماه "ذكرى سولفرينو" الذي نشر في عام 1862م ، وحصل على اثره على جائزة نوبل للسلام عام 1901م على شخص اخر فرنسي".

كانت دعوة دونان تهدف الى إنشاء جمعيات لإسعاف الجرحى في الحرب وقد ايدها كثيرون ، وعارضها آخرون .

قام هنري بزيارة برلين وبتروغراد وفينا وميونخ وباريس وكانت محصلة جهوده عام 1864م هي موافقة ستة عشر دولة ، وأربعة جمعيات إنسانية على السير في مشروعه الرامي على إنشاء لجنة إنسانية.

وايضا ،كان هناك شخص اخر لعب دور جوهري مع هنري دونان في نشاة القانون الدولي الانساني المعاصر وهو الجنرال هنري دو فور حيث بادر الى تقديم الدعم المعنوي الى دونان.

وقامت فرنسا بالمبادرة الى عقد مؤتمر دولي في بيرن بسويسرا ، وقد عقد المؤتمر في 8 اب 1864م وفي نهايته توصل المؤتمرون بعد جهود مضينة الى عقد اتفاقية بتاريخ 22 اب 1864م سميت باسم اتفاقية لتحسين حالة العسكريين الجرحى ،و بهذه الاتفاقية انتقل القانون الدولي الإنساني من الشراع السماوية والأعراف الى صلب معاهدة دولية .

وخلال السنوات القليلة التي تلت ابرام اتفاقية جنيف لعام 1864م اندلعت عدت حروب شرسة من أبرزها حرب شلزويغ ، وحرب بروسيا ضد النمسا عام 1866م ، وحرب فرنسا ضد بروسيا عام 1870م ، وكانت كلها مناسبات أظهرت محاسن هذه الاتفاقية بقدر ما أظهرت نواقصها .

لكن هذا اصلاح لم يتم الى حين توجت المساعي بعقد معاهدة لاهاي لعام 1899م بشان قوانين و اعراف الحرب البرية وتطويع مبادئ اتفاقية جنيف لعام 1864م لتشمل الحرب البحرية ثم تلتها اتفاقية جنيف لعام 1906م.

وتنص اتفاقية جنيف لعام 1906م على حماية جمعيات المتطوعين المعترف بها والمصرح بها من جانب الحكومات على ان تخضع للقوانين والأنظمة العسكرية ،وعلى تقديم قوائم قتلى الى جانب الأخر ، بواسطة الصليب الأحمر ، وعلى ضرورة حماية حماية الجرحى والقتلى من السلب وسوء المعاملة.

في عام 1929م غقد مؤتمر دبلوماسي في جنيف قام بوضع ثلاث اتفاقيات خاصة بحماية حتى بالحرب من العسكريين وهذه الاتفاقيات هي :
الاتفاقية الأولى : وهي خاصة بتحسن احوال الجرحى والمرضى من القوات المسلحة في الميدان ، وقد جاء تعديلا للاتفاقيات الخاصة بهم من قبل وهي اتفاقية جنيف لعام 1864 و تعديلاتها في عام 1960م.

الاتفاقية الثانية : وهي خاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى من القوات البحرية وقد جاءت تعديلا لاتفاقيتي لاهاي لعام 1899 و 1907م.

الاتفاقية الثالثة : وهي خاصة بعاملة أسرى الحرب وتضمنت نصوص اتفاقيات لاهاي الخاصة بأسرى الحرب لعامي 1899 و 1907 م.

بعد وضع هذه الاتفاقيات الثلاث نشبت الحرب العالمية الثانية ، تقرر إجراء مفاوضات على مستوى عالمي لمراجعة النكبات والحد من ويلات الإجرام الدولي إلى أن تم إبرام أربع اتفاقيات في جنيف عام 1949م وهي تتضمن القسم الأعظم من قوانين الحرب في الوقت الحاضر وهم :_
الاتفاقية الاولى : خاصة بتحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان.
الاتفاقية الثانية : خاصة بتحسين أحوال المرضى والجرحى من أفراد القوات المسلحة البحرية.
الاتفاقية الثالثة : خاصة بمعاملة أسرى الحرب .
الاتفاقية الرابعة : خاصة بحماية المدنين أثناء الحرب .

وفي الوقت الذي وجدت فيه اتفاقيات جنيف الأربع محلا للتطبيق فانها خرقت أحيانا أخرى، كما أن عبقرية الإنسان في القتل والتدمير والتخريب وابتداع وسائلها أثبتت من خلال الحروب التي شهدناها منذ عام 1945 أوجه القصور والنقص في نصوص الاتفاقيات ذاتها ولا سيما ما يتعلق منها بأحكام الحماية الخاصة بضحايا الحرب من المدنيين .

لذلك برزت فكرة تطور قانون جنيف واستكماله بأحكام جديدة مكملة له، وبعد عقد عدة مؤتمرات تم اقرار وثيقتان جديدتان وهما :-

1- البروتوكول الاضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 بشأن حماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية ويقع في 102 مادة .
2- البروتوكول الاضافي الثاني لاتفاقيات جنيف بشأن حماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية ويقع في 28 مادة .

لم تتوقف المساعي لتطوير القانون الدولي الإنساني عند اقرار البروتوكولين الاضافيين عام 1977 بل تواصلت الى حين اقرار ما يسم بنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية في 17 تموز 1998 .
المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. تعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة، فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، فهي بذلك تمثل المآل الأخير. فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/تموز 2002، تاريخ إنشائها، عندما دخل قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.
وهي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة – وهي ثقافة قد يكون فيها تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مئه ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفضائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
بلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 105 دول حتى تشرين الثاني نوفمر 2007، وقد وقعت 41 دولة أخرى على قانون روما لكنها لم تصادق عليه بعد، وقد تعرضت المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند وأمريكا وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة.
تعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظيفين والتمويل، وقد تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما مع بعضهما من الناحية القانونية.
وقد فتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية والجمهورية الأفريقية الوسطى ودارفور. كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشتبه بهما ينتظران المحاكمة.
يقع المقر الرئيس للمحكمة في هولندة، لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها في أي مكان. وقد يخلط البعض ما بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والتي تدعى اختصاراً في بعض الأحيان المحكمة الدولية (وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول)، لذلك لابد من التنويه إلى أنهما نظامان قضائيان منفصلان.













طبيعة القانون الدولي الإنسان
إن عبارة القانون الدولي الإنساني بحد ذاتها مطلقة، ولو أخذت على إطلاقها فإنها تشمل قواعد القانون الخاصة بالإنسان في كل حال.
والقانون الدولي الإنساني تطور في الأزمنة الحديثة بحيث أصبح في بعض الحالات يخاطب الإنسان مباشرة بحقوق وواجبات معينة، مما حمل بعض الكتاب على القول أنه لم يعد قانون الدول والمنظمات الدولية فحسب بل غدا أيضا قانون الفرد، وأن الفرد أصبح في ظله يتمتع بشخصية قانونية رغم ما قد يقال من عدم اكتمالها.
لقد تضمنت الاتفاقيات الإنسانية الدولية الأربعة لعام 1949 لأول مرة تعدادا للجرائم الخطيرة والانتهاكات الجسيمة التي التزمت الدول الموقعة بسن تشريع لمعاقبتها، كما أوجبت على هذه الدول معاقبة اي جريمة أخرى من جرائم القانون الدولي .
والجرائم الخطيرة هذه ثلاث عشر جريمة ورد النص عليها في المادتين 50 و 53 من الاتفاقية الأولى والمادتين 44 و51 من الاتفاقية الثانية، والمادة 130 من الاتفاقية الثالثة ، والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة وقد صنفت هذه الجرائم في الفئات التالية :-
أولا : الجرائم الواردة في الاتفاقيات الأربعة .
1 – القتل العمد.
2- التعذيب .
3 – التجارب البيولوجية .
4 – إحداث ألام كبيرة مقصودة .
5 – إيذاءات خطيرة ضد السلامة الجسدية والصحية.
6 – المعاملة غير الإنسانية .

ثانيا : الجرائم الواردة في الاتفاقيات الثلاث الأولى .
7 – تخريب الأموال وتملكها بصعوبة لا تبررها الضرورات العسكرية والتي تنفذ على مقياس غير مشروع وتعسفي .
ثالثا : جرائم وردت في الاتفاقيتين الثالثة والرابعة .
8- إكراه شخص على الخدمة في القوات المسلحة العسكرية لدولة عدوة لبلاده.
9 – حرمان شخص محمي من حقه في محاكمة قانونية وحيادية حسبما تفرضه الاتفاقيات الدولية.
10 – إقصاء الأشخاص ونقلهم من أماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة.
11 – الاعتقال غير المشروع .
12 – اخذ الرهائن .
رابعا : جريمة وردت في الاتفاقيتين الأولى والثانية.
13 – سوء استعمال علم الصليب الأحمر أو شارته أو الأعلام المماثلة.
وقد ذكرت هذه الجرائم صراحة في الاتفاقيات لخطورتها (اولجسامتها) في نظر أرباب هذه الاتفاقية حين توقيعها في 12 أب 1949 . وقد أثبتت تجارب النزاعات المسلحة التي شهدتها البشرية منذئذ أن جرائم أخرى ارتكبت بحق الإنسان خلال تلك النزاعات بما يجعلها تستحق التصنيف في عداد الجرائم الخطيرة، باعتبار أن ما عدد من هذه الجرائم في الاتفاقيات كان على سبيل التمثيل وليس الحصر.
وقد تولى اللحق الأول الذي أقره المؤتمر الدبلوماسي ي دورته الرابعة مهمة التصنيف هذه في مادتيه 11 و 85 وبموجبها أضحت الانتهاكات التالية جرائم خطيرة تضاف الى الانتهاكات الثلاثة عشر التي أوردتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 وذلك اذا ارتكبت عن عمد وسببت وفاة أو أذى بالغا بالجسد او بالصحة:
1 – جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين هدفا للهجوم .
2 – شن هجوم عشوائي يصيب السكان المدنيين أو الأعيان المدنية .
3 – شن هجوم على الأشغال الهندسية او المنشآت التي تحوى قوى خطرة.
4 – اتخاذ المواقع المجردة من وسائل الدفاع أو المناطق المنزوعة السلاح هدفا للهجوم .
5 – اتخاذ شخص ما هدفا للهجوم عن معرفة بأنه عاجز عن القتال.
كذلك أضيفت الانتهاكات التالية كانتهاكات جسيمة إذا اقترفت عن عمد مخالفة للاتفاقيات أو اللحق :
6 – قيام دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين الى الأراضي التي تحتلها أو ترحيل أو نقل كل أو بعض سكان الأراضي المحتلة داخل نطاق تلك الأراضي، وقد أضيفت هذه الجريمة خاصة لمواجهة تصرفات سلطات الاحتلال الإسرائيلي ( ومع ذلك ضربت سلطات الاحتلال الإسرائيلية ضربت بهذا النص عرض الحائط وما تزال ماضية في طرد سكان الأراضي المحتلة وتهويدها ).
7. كل تأخير لا مبرر له في إعادة أسرى الحرب أو المدنيين إلى أوطانهم.
8. ممارسة التفرقة العنصرية وغيرها من الأساليب المبنية على التمييز العنصري والمنافية للإنسانية والمهينة والتي من شأنها النيل من الكرامة الشخصية.
9. شن الهجمات على الآثار التاريخية وأماكن العبادة والأعمال الفنية التي يمكن التعرف عليها بوضوح والتي تمثل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب.
وهكذا أضاف هذا اللحق تسع جرائم جديدة الى قائمة الجرائم الخطيرة أو المخالفات الجسيمة بحيث تصبح الآن 22 جريمة خطيرة.
على ان أهم ما جاء به هذا اللحق لاتفاقيات جنيف الأربعة هو ما ورد في الفقرة الخامسة من المادة 85 إذ اعتبر الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات ووللحق بمثابة جرائم حرب مع عدم الاخلال بتطبيق هذه المواثيق .
هناك أربع جرائم كبرى لا يحاسب القانون الدولي عليها وحسب بل ويخضع مرتكبوها للاختصاص القضائي الدولي وهذه الجرائم هي :
1- الجنايات ضد السلام .
2- جنايات الحرب .
3- الجنايات ضد الإنسانية.
4- المؤامرة لارتكاب واحدة من الجرائم الثلاث السابقة .
ويرجع أصل تلك الجرائم الى القواعد العرفية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر ثم في اتفاقيات لاهاي لعامي 1899و1907 .

sengra
2012-07-13, 11:16
السلام عليكم
هناك قضية معاصرة دولية و عربية
و هي علاقة حقوق الانسان و حقوق الشعوب بموضوع السيادة الوطنية
هل هناك دراسات او محاضرات او اضافات ؟
وشكرااااااااااااااااا

moimem
2012-07-16, 16:59
من فضلكم يا اخوتي اريد مواضيع تخص حقوق الانسان في الجزائر

hiba tlemcen
2012-07-16, 17:51
السلام عليكم أريد حفيفة المشاركة في هذه المبادرة لتحضير الماجستير لكن يجب وضع من منهجية للمراجعة و ذلك بمعرفة موضوع الماجستير و المقاييس الحاصة بها,

نورسين.داية
2012-07-16, 18:25
.................................................. .................

sengra
2012-07-16, 19:42
هو الصحيح التحضير و المراجعة الجماعية مفيدة ....لكن إذا كنت تحضر من اجل جامعة ورقلة .....صدقني راك غير تعب في روحك .....
هوما أصلا القائمة يعدونها قبل تحضير برنامج الماجستير أصلا .................و ربي يوفقك اخي

الى أسماء
هل عندك دليل او ترمي جزافا اذا كانت المعريفة فجامعاتنا كلها بالمعريفة و اذا عملنا وفق هذا المبدأ الاعوج الواقعي تركنا الساحة فارغة لهم و بالتالي نجحوا في مرادهم و ما حدث في جامعة قسنطينة دليل على رفض ذلك .
وشكرا

nail loutfi
2012-07-16, 19:59
دائما فكروا في المرتبة الاول ذاهبون للحصول عليها وانسوا هذه الاشاعات

إيمان هاجر
2012-07-16, 20:29
السلام عليكم
المهم نحن نتوكل على الله أولا و على أنفسنا ثانياً و الأهم نحن نريد و الله فعّال لما يريد و كل شيء بمكتوب ربي سبحانه إذا كان كاتبلنا ننجحوا ننجحوا بإذن الله حتى و إن كانت المعريفة... و هو الذي يقول للشيء كن فيكون
عن أبي العباس عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" رواه الترمذي

aissa2008
2012-07-16, 21:12
السلام عليكم

الاخت لي قالت انو الكونكور بالمعريفة ما يهمناش فيه هما الا يعرفوا العباد حنا نعرفو ربي ورانا تاكلين عليه وعلى قرايتنا

ونقلك اذا قارنا جامعة ورقلة بجامعة الاغواط مثلا في المعريفة نقلك انوا جامعة ورقلة ارحم من جامعة الاغواط وهذا عن تجربة خاصة مررت بها

انا نقللكم ربي يوفقكم في دراستكم واي استفسار رانا هنا ان شاء الله حول حقوق الانسان ولا القانون الدولي

بالتوفيق

اخوكم علي

نورسين.داية
2012-07-17, 06:52
.........................................

نورسين.داية
2012-07-17, 07:02
[.................................................. ........................

نورسين.داية
2012-07-17, 07:07
.......................................

محمدبن محمد07
2012-07-17, 08:57
الاخوة الكرام كلمة المعريفة اصبحت مرتبطة ارتباط وثيق بحياتنا واقع لا نستطيع الفرار منه مازال الموت اللي بلا معريفة
لكن هذا لا يمنع من المشاركة لانه لوكان تكون كاتبتلك رب اوفقك وسهل عليك ويعمي ابصارهم عليك
لكن الاجتهاد هو الاساس
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : * قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون *

إذا مر بي يوم ولم أستفد هدى ولم أكتسب علما فما ذاك من عمري

ومما ينسب للإمام الشافعي رضي الله عنه :

سأطلب علما أو أموت ببلدة
يقل بها هطل الدموع على قبري وليس اكتساب العلم يا نفس فاعلمي
بميراث آباء كرام ولا صهر ولكن فتى الفتيان من راح واغتدى
ليطلب علما بالتجلد والصبر فإن نال علما عاش في الناس ماجدا
وإن مات قال الناس بالغ في العذر إذا هجع النوام أسبلت عبرتي
وأنشدت بيتا وهو من ألطف الشعر أليس من الخسران أن لياليا
تمر بلا علم وتحسب من عمري

aissa2008
2012-07-17, 12:27
السلام عليكم

وقتاش تحبوا نبداو رانا هنا

اختارونا توقيت مليح لمراحعة حقوق الانسان والقانون الدولي العام وان امكن المسءولية الدولية

ربي يوفقكم

محمد تماسين
2012-07-17, 15:20
أرجو أن نعود الى الجد و نتوكل على الله و نبدأ ،
أولا : إعداد المراجع . و محاضرات الحريات و حقوق الأنسان المبرمجه
ثانيا : وضع خطة عمل

nrdz
2012-07-18, 12:44
سلام عليكم
خلونا من المعريفة يالله نتكلو على ربي ونروحو لورقلة مسلحين وان شاء الله نكونو من الناجحين
ياجماعة مابقاش وقت كيما قال الاخ محمد تماسين
ندبرو في المراجع ح الانسان والحريات ع وممبعد نديريرو خطة عمل
انا اقترح خطة عمل انه نحتاجو
1- مراجع المقياسين
2-نحتاجو واحد يديرلنا كيفاش الاجابة النموذجية
3-كل واحد يقرا وحدو واذا مافهمش حاجة ولا عندو استفسار نتلاقاو هنا
ايااااااااااو نتكلو على ربي
انا نحاول نجيبلكم المراجع انتظروني ...

abdouu789
2012-07-18, 12:48
راني معاكم وقتاش يتم وضع الملف في ورقلة

nrdz
2012-07-18, 13:00
راني معاكم وقتاش يتم وضع الملف في ورقلة

ياخويا الله اعلم في سبتمبر

sengra
2012-07-18, 17:43
سلام عليكم
خلونا من المعريفة يالله نتكلو على ربي ونروحو لورقلة مسلحين وان شاء الله نكونو من الناجحين
ياجماعة مابقاش وقت كيما قال الاخ محمد تماسين
ندبرو في المراجع ح الانسان والحريات ع وممبعد نديريرو خطة عمل
انا اقترح خطة عمل انه نحتاجو
1- مراجع المقياسين
2-نحتاجو واحد يديرلنا كيفاش الاجابة النموذجية
3-كل واحد يقرا وحدو واذا مافهمش حاجة ولا عندو استفسار نتلاقاو هنا
ايااااااااااو نتكلو على ربي
انا نحاول نجيبلكم المراجع انتظروني ...

عندك الحق خويا فقط يكفينا لو أحد الطلبة من و رقلة أو درس الكابا عند بن محمد محمد يوافينا بمحاضراته في حقوق الانسان او القانون الدولي العام وشكراااااااااا

aissa2008
2012-07-18, 21:21
السلام عليكم

لي حاب يشارك في ورقلة هاهي مكونات الملف وتاريخ المسابقة

وربي يوفقكم ان شاء الله

http://www.ouargla-univ.dz/docs/magister2012.pdf

اخوكم علي

طالب هشام
2012-07-18, 22:17
ابداو غدوا على الساعة 22 شكرا

sengra
2012-07-18, 22:51
السلام عليكم

لي حاب يشارك في ورقلة هاهي مكونات الملف وتاريخ المسابقة

وربي يوفقكم ان شاء الله

http://www.ouargla-univ.dz/docs/magister2012.pdf

اخوكم علي
السلام عليكم أخي عيسى
بارك الله فيك على هذا الجهد و نتمنى التواصل معك للاستفادة من حيث المنهجية و المقاييس
وشكرا

aissa2008
2012-07-19, 20:59
السلام عليكم

ما هي المراحع التي اعتمدتم عليها

صراحة المقياس متشعب و المؤلفات تختلف مضامينها من استاذ الى اخر

فما هي المراجع التي اعتمدتموها خاصة في الحريات العامة ؟؟؟

بارك الله فيكم

محمد تماسين
2012-08-05, 11:25
تعريف مفهوم الحرية
لا بد من الإشارة، منذ البداية بأن كلمة «حرية» تخرج عن إطار أي تحديد دقيق وجازم، لكونها على صراع دائم مع كل ما هو مقدّس، ولا شيء يحدّ من عمقها واتساعها سوى المقدسات، أو بالأحرى ما تمنعه الشرائع السماوية التي انزلها الله، عزّ وجلّ، لخير العباد.
فهل نستطيع، والحالة هذه، القول بأن «الحرية هي المقدرة المطلقة للسيطرة على الذات»، وكيف يمكننا فهم ذلك ؟.
إن نقل المناقشة، حول هذا التعبير، من الميدان الفلسفي إلى الميدان السياسي – الاجتماعي يعيدنا إلى موضوعية أكثر مادية وحسّية، ويقودنا إلى الأخذ بمحاولات التعريف المتعددة التي طرحت لها.
ففي قاموسه الضخم والهام «المفردات التقنية والنقدية في الفلسفة» يطرح علينا اندريه لالاند André LALANDE محاولة تعريف للحرية من عدة جوانب:
فبالمعنى البسيط: الإنسان الحر هو ذلك الذي لا يكون عبداً أو سجيناً. والحرية هنا هي تلك الحالة التي يستطيع فيها الإنسان القيام بما يريد، وليس بما يريده له الآخرون، أي أنها تعني عدم وجود أي إرغام خارجي.
وبالمعنى العام: هي حالة الإنسان الذي لا يتحمل أي قسر، والذي يتصرف وفقاً لإرادته وطبيعته.
وبالمعنى الاجتماعي: تعني المقدرة على القيام بكل ما لا يمنعه القانون، وبرفض ما يحرّمه هذا القانون.
وبالمعنى السياسي: تصبح الحرية مجموعة الحقوق المعترف بها للفرد، والتي تحدّ من سلطة الحكومة.
وبالمعنى السيكولوجي والأخلاقي: تكون الحرية حالة ذلك الإنسان الذي لا يقدم على أي عمل، خيراً كان أم شراً، إلا بعد تفكير عميق، وبإدراك كلي للأسباب والدوافع التي جعلته يقوم بهذا التصـرف([1]).
هذا التنوّع في تعريف الحرية، من جوانبها المختلفة، يعكس تباين آراء المفكرين والفلاسفة الذين حاولوا إيجاد تحديد دقيق لمضمون هذا التعبير. فأفلاطون([2]) مثلاً، يعلّق أهمية كبرى على الإرادة الذاتية في الاختيار، ويعتبر بأن «كل إنسان مسؤول عن خياره»، في حين يرى ديكارت([3]) أن « الحرية تتلخص بالمقدرة على القيام أو عدم القيام بشيء معين». أي أننا لا نكون أحراراً، بحسب هذا المفهوم، إلا إذا امتلكنا إمكانية معينة لتقرير مواقفنا. ويبقى السؤال المطروح هنا هو معرفة ما إذا كانت هذه الإمكانية ذاتية، أي متوفرة فطرياً لدى الإنسان، أم أنها خارجية، أي مكتسبة ؟.
أما كانت Kant([4]) فيقول في كتابه «نقد العقل العملي» critique de la raison pratique، بأن «الحرية هي خيار أخلاقي مع أو ضد الخير، مع أو ضد العقل، مع أو ضد الكونية». بينما يعتبر سبينوزا([5]) «إن الحرية الأخلاقية تعني الخضوع للعقل، وإن الإنسان الحر هو ذلك الذي يعيش وفقاً لتوجيهات العقل». ولا يبتعد برغسون([6]) كثيراً عن المفهوم الأفلاطوني أو الكانتي عندما يشدّد على حرية الاختيار لدى الفرد. فالحرية عنده هي واقعة «إن لم تكن أكثر الوقائع الملموسة وضوحاً وجلاءً، ولكن... عبثاً يحاول المرء أن يبرهن على وجود الحرية، فما الحرية بشيء يمكن تحديد وجوده، بل هي في الحقيقة إثبات للشخصية، وتقرير لوجود الإنسان. إنها ليست موضوعاً يعاين، بل هي حياة تعانى».
وهكذا نرى أنه، وبحسب الزاوية التي ننظر منها إلى فكرة الحرية، يمكن القيام بمحاولة لتحديدها انطلاقا من الاعتبارات الفكرية، أو المادية الضاغطة على العقل الذي يقوم بمناقشتها. ومما لا ريب فيه بأن فكرة الحرية عرفت مفاهيم متعددة عبر العصور التي مرت بها الإنسانية، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من قيمة مثالية وفلسفية كبرى.
فما هي أهم المراحل الإنسانية التي عولجت فيها قضية الحرية بشكل مباشر، وما هي المفاهيم التي أضيفت إليها ؟.
لكن وقبل التطرق إلى هذه المسائل، لا بد لنا من التوقف عند نقطتين هامتين: المعنى المطلق والنسبي للحرية، والحرية في مضمونها الاجتماعي، وشكلها البدائي.
ب. الحرية المطلقة والحرية النسبية.
إن من أبسط المرتكزات الفكرية للعقل الإنساني هي الإقرار بشمول مبدأ النسبية في الكون والطبيعة. فكل ما ندركه عن هذا الكون بتعقيداته الطبيعية، وبالقوانين التي تحكمه وتسيّره، هو إدراك نسبي إلى حد بعيد. ونحن لا نستطيع فهم حدود المطلق لأنه يعبّر عن اللامتناهي واللامحدود. والمطلق، كمبدأ كوني شامل بحد ذاته، لا يمكن أن ينجم إلا عن إرادة مطلقة تمتلك بدورها حرية مطلقة، وهذا لا يمكن وجوده إلا في الذات الإلهية. فالله، عزّ وجلّ، خالق ومدبر الكون الأعظم، هو وحده رمز الإرادة المطلقة، والحرية المطلقة، ولا شيء آخر سواه. وهذه الحرية المطلقة عبّرت عنها الديانات السماوية المقدسة بصورة واضحة. ولن ندخل هنا في إطار مناقشتها. ولسوف نشرح مفهوم هذه الديانات فقط من الزاوية الاجتماعية، أي من زاوية علاقة الإنسان بأخيه الإنسان. لأن علاقة الإنسان بخالقه محدّدة عبر خضوع هذا الإنسان للنواميس والشرائع الإلهية التي تفرض عليه التعبير عنها بصيغ اجتماعية، وإنسانية، تتمثل في السلوك المتوجب عليه إتباعه على ضوء الخيار المطروح أمامه بين الخير والشر. ولذلك، فإننا سنقول بأن حركة الإنسان في الطبيعة والمجتمع هي حركة نسبية، وكل ما ينجم عنها هو نسبي أيضا. فهو لا يستطيع، مثلاً، التحرك أمام قانون الفناء أو الموت إلا عبر مرحلة زمنية معينة، ومحدّدة بجملة من العوامل والظروف الخارجية. ومقاومته لقانون الثورات الطبيعية، كالزلازل والفيضانات، هي شبه معدومة. ولذا، فإن حريته تكون نسبية تماماً، فيما يتعلق بوجوده الذاتي، أمام هذه الظواهر أو القوانين. فهو وإن استطاع الابتعاد عن مجاري المياه الكبرى التي تهدده بالفيضان، فإنه لا يستطيع إطلاقاً درء الفيضانات الأخرى التي يمكن أن تسبّبها السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة الخ... أي أن إرادته، وحريته، مقيدتان هنا بعوامل طبيعية تخرج كلياً عن سيطرته وتؤكد مبدأ نسبيتهما.
ج. الحرية في مضمونها الاجتماعي.
أما في الميدان الاجتماعي، فإن حرية الإنسان تتخذ شكلاً مختلفاً كلياً عن ذلك الذي ترتديه أمام الطبيعة. لأن الحرية الإنسانية لا تبرز، بشكل واضح، إلا بمضمونها الاجتماعي. والإنسان، يكتسب صفته الإنسانية أصلاً من خلال واقع اجتماعي معيّن. وبدون هذا الواقع الاجتماعي ليس ثمة وجود لهذا الإنسان. فنحن من خلال معرفتنا لتاريخ التطور البشري لم نستطع التعرف إطلاقاً على إنسان عاش لوحده معزولاً عن غيره من البشر. ولم نكتشف الصفة الإنسانية لهذا الكائن الحي، إلا من خلال صورته الاجتماعية الموسومة بوعي معيّن.
فالمجتمع هو الذي يمنح الصفة الكيانية للفرد، كمخلوق عاقل يتصف بخصائص معيّنة تتحدّد سلباً أو إيجاباً بالمقارنة مع القيم السائدة بين الجماعة. وبدون هذه القيم ليس هناك أي معنى للسلوك الاجتماعي، مهما كانت طبيعته. ولذلك، فان الحرية، كمفهوم، تنبع أساساً عبر وعي المجتمع لها في مرحلة محدّدة من مراحل وجوده.
وفي هذا الإطار يقول الفيلسوف والاقتصادي البريطاني جون ستيوارت ميل([7]): «إن النطاق المناسب للحرية الإنسانية هو حرية فيه.ر بأشمل معانيها، وحرية الفكر والشعور، وحرية الرأي والوجدان المطلقة في كل الموضوعات، سواء أكانت عملية، أم تأملية، أم علمية، أم أخلاقية، أم لاهوتية. وان أي مجتمع لا يكفل لأفراده كل هذه الحريات لا يمكن أن يكون مجتمعاً حراً بمعنى الكلمة أياً كان شكل الحكومة القائمة فيه. والحرية الوحيدة التي تعد جديرة بهذا الاسم إنما هي تلك التي تؤكد بمقتضاها مصلحتنا بالطريقة التي نؤثرها، طالما كنا لا نحاول أن نستلب الآخرين مصالحهم، أو أن نقف حجر عثرة في سبيل حصولهم على تلك المصالح، أو أن نعرقل جهودهم التي يبذلونها ابتغاء تحقيقها»([8]). أي أنه يحوّل العلاقة بين الفرد والمجتمع إلى علاقة جدلية تحدّد مستوى الحرية الذي بلغه هذا المجتمع عبر مسيرة تطوره. وبطريقة مشابهة يرى برونيسلاف مالينوفسكي بأن «الحرية هي تلك الأحوال الاجتماعية التي تتيح للإنسان أن يحدّد غاياته بالفكر، وان يحققها بالفعل وأن ينال حصيلة تحقيقها». أي أن الحرية بالنسبة له هي مفهوم اجتماعي بالدرجة الأولى، وليست شعوراً فردياً خاصاً، منفصلاً عن البيئة التي يعيش فيها هذا الإنسان، والأحوال الاجتماعية التي ترتبط بها حياته أشد الارتباط.
أما هارولد لاسكي، الفيلسوف العمالي البريطاني، فانه يحدّد في كتابه «الحرية في الدولة الحديثة»([9]) «الحرية بأنه تلك الأحوال الاجتماعية التي تنعدم فيها القيود التي تكبّل قدرة الإنسان على تحقيق سعادته». وهو، بالطبع، يجد في النظام الاقتصادي الاشتراكي شرطاً أساسياً من شروط توفر الحرية وضمانها. لأن الاستغلال الاقتصادي يكبح قدرة الإنسان على التحرر، ويمنعه من التفتح والتطور بسبب حالة الغبن، وبالتالي البؤس الذي يمكن أن يرميه فيها هذا الاستغلال.
وهكذا تكون الحرية مفهوماً حياً مرتبطاً بالمجتمع، وعلاقة من العلاقات التي يؤسسها هذا المجتمع، وليست شيئاًُ خارجاً عنه. وكلما تطور المجتمع بعلاقاته الداخلية، كلما تطور بالتالي مفهوم الحرية فيه. وفضلاً عن كونها علاقة اجتماعية، فإنها أيضاً قيمة فردية. ولذا، فإن كل فرد ينظر إلى صورة من الحرية تختلف باختلاف هذا الفرد عن سواه في نفسيته، وتربيته ووضعه الاقتصادي الخ.
وهي أخيراً قيمة مثالية عليا، والإنسان يبقى في نضال مستمر للقيم والمثل التي يؤمن بها. ومعركة الإنسان في وجوده كانت، ولا تزال، من أجل تحقيق قيمه ومثله. ولن تنتهي هذه المعركة حتى ينتهي الإنسان من الوجود.
فكيف تطورت الإنسانية عبر مراحلها الحضارية المختلفة حتى وصلت إلى ما نحن عليه من اعتراف قانوني بحريات الإنسان وحقوقه.
د. الحرية في شكلها البدائي.
قد يكون من الصعب جداً الكلام بدقة عن بداية نشوء المجتمعات الإنسانية، بسبب قلة المعلومات المتوفرة في هذا المجال. إلا أن معظم الباحثين يجمعون على اعتبار العصر الحجري الأول كأول مرحلة في مراحل التجمع البشري.
وبعكس التصور السائد لدى البعض، فإن هذه التجمعات الاجتماعية تعيش في حالة إنفلاشية مطلقة دون قيد أو وازع، بل كانت تخضع في تصرفاتها وعلاقاتها لنوع من القوانين غير المكتوبة التي ولدّتها الأساطير، ونقلها الأجداد، ونوع آخر من القوانين الوضعية أو الأعراف الموجودة في قلب العادات التي تحدّد أسلوب التصرف تجاه كل ظرف، والتي كانت تتغيّر طبقاً للأوضاع المستجدّة. لكن، وفي كل موقف كان الخضوع للعادات والتقاليد شبه إجماعي. ولعل من المفيد الإشارة هنا إلى أن هذا الخضوع كان ناشئاً عن توافق ضمني بين أفراد الجماعة – حيث لم يكن هناك سلطة محددّة تقوم بفرضه بالقوة – الذين قرروا الالتزام به، بكل حرية، للتعبير عن وجودهم. فالمجتمع البدائي كان يعرف نوعاً من الحرية المنظمة التي سمحت له بالتطور. وكان لهذه الحرية وجهاها الإيجابي والسلبي: من الناحية الإيجابية كان بمقدور كل فرد المساهمة باتخاذ القرارات المتعلقة بمصير الجماعة، والتي كانت تتم عادة بالإجماع. ومن الناحية السلبية لم يكن احد يمتلك الحق بانتهاك الاستقلال الذاتي الفردي أو العائلي للآخرين. وإذا ما تصور فرد ما أو عائلة بأن ضغط الجماعة عليه أصبح كبيراً فإنه يستطيع تركها والرحيل إلى مكان آخر. فالفوضى غير مقبولة في إطار الجماعة لأنها مميتة.
وبقول آخر، كان المجتمع البدائي يطبق النظام الديمقراطي من حيث لا يدري. فأثناء توزيع المهام، في مناسبة معينة، مثل الذهاب لصيد الطرائد الكبرى، كان بعض الأفراد يأمر، وبعضهم الآخر يطيع. وكان الذين يطيعون يبررون ذلك بمقدرة أو أهلية أولئك الذين يأمرون. فالمهمة تتطلب التعاون الذي لا يمكن أن يتم إلا بالتشاور.
وتنتهي مدة هذه القيادة، أو الرئاسة، على الجماعة بانتهاء المهمة التي أنشئت من أجلها. فالسلطة ليست موجودة بصورة دائمة، لا على المستوى الفردي ولا على المستوى الجماعي. وكل ما في الأمر أن بعض الأفراد ممن تتوفر لديهم مقدرات الذكاء، والمعرفة، والتجربة، يستطيعون البروز في فترات معينة ليتحملوا مسؤولية القيادة في أمر محدد. إلا أن توفر هذه الميزات لدى شخص معين لا يمنحه أبداً سلطة إرغام الآخرين على القيام بعمل لا يريدونه. فهو ينصحهم، ويحاول إقناعهم بفائدة التصرف بطريقة معينة أثناء تأديتهم لمهمتهم لكنه لا يستطيع إجبارهم. وحتى في حالة قيام أحد أفراد المجموعة بقتل شخص آخر فإن المذنب لا يلمس، بل يترك لغضب الآلهة وعقابها، لأن الجريمة المرتكبة تندرج هنا في سياق الأعمال الخطرة جداً على مصلحة الجماعة، وتتجاوز أية عقوبة إنسانية.
لقد استطاع هذا المجتمع البدائي تنظيم أموره الذاتية بصورة عقلانية جداً أمنّت له حداً أدنى من التماسك، والتطور النسبي والازدهار. فالجماعة كانت تعرف أدق تفاصيل البيئة المحيطة بها مباشرة. وهذه البيئة كانت تكفي كل الحاجات الضرورية للبقاء. أو ليس الازدهار من الناحية الاقتصادية هو تلك العلاقة القائمة بين الحاجات والموارد ؟. على الصعيد الاجتماعي كان هناك نوع من تقسيم العمل.فالرجال يقومون بالأعمال التي تتطلب الحركة والقوة مثل الصيد. والنساء تقوم بالقطاف والاهتمام بالأطفال. إلا أن العائلة لم تكن قد اتخذت بعد، في تلك المرحلة، صيغة متقدمة من التماسك والتلاحم. فالزواج يمكن أن ينهار لأي سبب. وحالة الفراق بين الشريكين، أي الطلاق، كانت قاعدة سائدة. فالرجل يستطيع ترك شريكته نهائياً، والابتعاد عنها متى يشاء، مثلما يستطيع الخروج من الجماعة والرحيل عنها متى رأى أنها لم تعد تؤمن له الميزات، أو الضمانات التي يبحث عنها([10]) .

الحريات العامة وحقوق الإنسان في الحضارات القديمة
أ. التطور الاجتماعي في مصر القديمة.
عرف مجتمع الفراعنة في مصر تطوراً اجتماعيا ملحوظاً بالمقارنة مع ما سبقه من مجتمعات بدائية. فقد استطاع الفراعنة تنظيم مجتمعهم على أسس بسيطة تؤمن فرض سلطة مطلقة من جانب الفرعون على شعبه، مثلما تؤمن نوعاً من العدالة العامة لأفراد المجتمع. وكانت سلطة الفرعون ذات منشأ ديني، أي الهي. فالملكية جاءت بقرار من الآلهة نفسها.واختارت الملك مينس ليعبّر عن وجودها على الأرض. إذن الملك كان آلهاً في حياته وبعد مماته. وحياته تتصف بحياة الآلهة نفسها. ولذا يقوم بتعيين مراتب ودرجات الكهنة الذين يقومون على خدمة الآلهة في المعابد، ويتقبلون من الناس القرابين التي تقدم على مدار أيام السنة باسمه. وإضافة إلى هذه الوظيفة الدينية الأساسية، كان للفرعون وظيفة عسكرية تتلخص بحماية شعبه وبلاده من الأخطار الخارجية.
أما الوظيفة السياسية للملك فكانت ترتكز على مسألتين: استتباب الأمن والنظام في البلاد، وإشاعة العدل بين الرعية. فالفرعون صاحب السلطة المطلقة التي لا حدود لها، باعتباره آلهاً، مسؤول عن تأمين الإدارة المركزية الجيدة التي تتولى شؤون الدولة، وعن تطبيق العدالة بشكل دقيق وصارم.وبما أن الكلمات التي ينطق بها تصدر عن آله، فإن «كل ما يتفوّه به صاحب الجلالة يجب أن يتم، وأن يتحقق فوراً». وهو يتصرف بالشكل الذي يريد ويرغب، وليس هناك من قوة تستطيع إجباره على القيام بما لا يرضى به. وإرادته هي الشعب. القانون. وعلى المواطنين الخضوع لهذه الإرادة مهما كانت قاسية، لأن هذه الإرادة لا يمكن أن تتوخّى سوى سعادة الشعب. فالآلهة لا تتصرف إلا ضمن إطار الحق، ولتكريس هذا الحق، وإعلان شأنه في المجتمع.
ومما لا شك فيه بأن مصر الفرعونية عرفت إلى جانب الأعراف المحلية السائدة، والناجمة عن طبيعة المجتمع الزراعي في دلتا النيل، مجموعة من الشرائع والقوانين التي سنّها النظام الملكي المركزي. ويقال بأن الفرعون «بوخوروس» الذي تولى عرش مصر في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد، أعطى البلاد دستوراً ينظم الحياة التجارية فيها. ومع أن الفرعون كان يسمح للمواطنين برفع شكاواهم ضد الولاة، أو حكام المناطق، مباشرة إليه، وكان يعاقب بقسوة أولئك الولاة الذين يقومون بممارسات تعسفية بحق الشعب، إلا أن هذا الأمر ما كان إلا ليزيد من سلطة الفرعون باعتباره الموجِّه الأول للحياة العامة في البلاد، ومن تكريس الخضوع الشعبي التام للأوامر والتعليمات التي يصدرها. فالفرعون هو ملك ومالك البلاد وما عليها من حجر وبشر.
وبموجب هذه السلطة المطلقة التي يمتلكها كان الفرعون يدير شؤون البلاد بصورة مباشرة، وبمعاونة وزراء يعيّنهم ويقيلهم على هواه.
وليس هناك من مجال لممارسة الحرية الفردية الاجتماعية أو الاقتصادية أمام الفرعون. فهو يحدّد دور الأفراد والفئات في المجتمع. ويعيّن لكل عامل نوعية العمل الذي عليه القيام به، والأجر الذي يجب أن يتقاضاه. وهو يفرض القيام بأعمال السخرة في مراقبة أقنية الري، وإنشاء السدود وغيرها. ومن واجب الطبقات الشعبية إن تتحمّل كل أنواع المشاق في سبيل الفرعون والبلاد.
والفرعون هو صاحب التجارة الخارجية. وليس من حق أحد سواه القيام بالمبادلات مع الخارج. فهو يصدّر ما يفيد من الإنتاج الزراعي، أو بعض المعادن، ويستورد بالمقابل الحاجات والسلع التي يحتاجها. وهو وحده يمتلك الوسائل لممارسة هذه التجارة، من أساطيل بحرية، أو قوات عسكرية تواكب القوافل التي تسافر عبر الصحراء.
المجتمع الفرعوني كان منظماً بشكل جيد ودقيق. فلأسرة ترتكز على المرأة «سيدة عراف وتقاليد تعطي دوراً مرموقاً للمرأة «سيدة البيت». ويبدو أنه كان لدى المصريين في ذلك العهد نوع من عقد الزواج الذي يحدّد مساهمة كل من الزوجين المادية، ويسمح لكل منهما بالاحتفاظ بملكية ما يقدمه. وعندما يتوفى الزوج، وليس هناك من بين أبنائه من بلغ سن الرشد، فإن السلطة العائلية تنتقل إلى الأم التي تدير شؤون الأسرة داخل البيت، وحتى خارجه أي في العلاقة مع السلطة والحكومة.
الاهتمام بالأطفال كان صفة مميّزة من صفات المجتمع الفرعوني. فالأطفال يحاطون بعناية خاصة وعطف كبير. وكان الابن عندما يبلغ سن الرشد يقوم، في حال وفاة والده، بدور ربّ الأسرة تجاه أمه وأخواته. ولعلّ الاهتمام بإنجاب الأولاد كان نابعاً من حرص الإنسان المصري على دوام أسرته، وعلى وجود أبناء يؤمنون لوالدهم دفناً لائقاً، حين وفاته، بما يتناسب والطقوس الدينية.
أما عناصر المجتمع الفرعوني الأخرى فكانت تتمثل بـ:
1ً. العمال: الذين كانوا يعيشون في أوضاع صعبة بسبب قيامهم بأشغال قاسية مثل العمل في المناجم والمقالع. وفقط الحرفيون كانوا في وضع اجتماعي جيد بسبب حاجة البلاط والطبقات الميسورة لخدماتهم.
2ً. الفلاحون: ويعملون لدى الإقطاعيين الذين كانوا يتقاسمون معهم المحاصيل، ويخضعونهم لأعمال السخرة في السدود وأفنية الري.
3ً. الجنود: وينقسمون إلى قسمين: جنود الصف الذين كانوا غالباً من المرتزقة، والذين كان الفرعون يعطيهم بعض الأراضي الصغيرة كإقطاعيات من اجل زراعتها واستثمارها، ويسمح لهم بتوارثها مع أبنائهم، حيث كان الولد يحل محل أبيه في الجندية والزراعة. والضباط الذين ينتسبون إلى الأسر العريقة التي كانت دائماً في خدمة الجيش والإدارة. وهؤلاء كانوا يتمتعون بوضع اجتماعي جيد يستفيدون فيه من الإقطاعيات الكبرى التي كان يمنحها لهم الفرعون، ومن الهدايا والموال التي كان يغدقها عليهم.
4ً. الكهنة: والكاتب في المجتمع الفرعوني يحتل مكانة مرموقة في الدولة والمجتمع، ويأتي غالباً من نفس الأوساط الاجتماعية التي يأتي منها الكهنة، وهو مؤهل لاحتلال أعلى المناصب الإدارية بحسب قربه من البلاط والفرعون على غرار الكهنة.
5ً. الكهنة: وهم أعلى طبقة في المجتمع. ويمارسون تأثيراً شديداً على الفرعون باعتبارهم القيّمين المباشرين على خدمة الآلهة، وعلى الشعب المتمسّك إلى درجة كبرى بعقائده الدينية المقدسة([1]).
ب. حضارة بلاد ما بين النهرين.
إن وجه الشبه بين الحضارتين الفرعونية والأشورية كبيراً. ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى العلاقات التجارية التي كانت قائمة بين المنطقتين، الأمر الذي أدّى إلى تفاعل فكري وثقافي واسع.
فعلى غرار النظام المصري، كان النظام الملكي في بلاد آشور يستند إلى القوة العسكرية وإلى الحق الإلهي. «لقد هبط النظام الملكي من السماء، والملوك هم نواب الإله آشور. والآلهة هي التي تعيّن الملك. فهي تلفظ اسمه، وتنظر إليه بعطف وحنان».
لكن، وفي حين نرى الفرعون المتحدر من صلب الآلهة يرتقي، حين اعتلائه العرش، إلى مصاف الآلهة، ليستمر كذلك حتى بعد وفاته، فإن الملك في بلاد ما بين النهرين هو ممثل الآلهة لدى البشر، ومندوب البشر لدى الآلهة. فحمورابي، مثلاً، عندما أعلن قانونه كان بذلك يريد إرضاء الاله شمش، الإله الشمس، آله العدل، «وان يؤمن الحق في البلاد، ويقضي على فاعل الشر والرذيلة، ويمنع القوي من إلحاق الأذى بالضعيف».
ويتمتع الملك بوظيفتين أساسيتين: دينية وعسكرية.
فمن الناحية الدينية يتبوأ الملك منصب الكاهن الأكبر للإله الوطني. ويسهر شخصياً على خدمته ويقدّم بنفسه طقوس العبادة، ويعيّن الكهنة الذين يتولون تدبير أملاك المعابد والهياكل وأمورها، ويقومون بواجبات الطقوس الدينية اليومية، وممارسات التوجيه.
ومن الناحية العسكرية، يكون الملك دائماً على رأس قيادة جيشه. وهو الذي يحقق النصر في الحرب لهذا الجيش.
وكما في مصر الفرعونية، يقوم الملك بالإشراف على الإدارة، ويجعل من قصره مركزاً لكبار موظفي الدولة الذين يقومون بتسيير الشؤون العامة. وهم في الحقيقة يخدمون الملك لأن ليس هناك تمييز بين أملاك العاهل الشخصية، وبين أملاك الدولة. كما يقوم الملك بتعيين الولاة أو الحكام في المناطق ويعزلهم عندما يشاء.
ويظهر تأثير الملك، بشكل بارز جداً في ميدان القضاء، لأن العدالة تتحد ذاتياً بإرادة الآلهة التي لا يحق للبشر مناقشتها أو الاعتراض عليها. هذا التماثل بين العدالة والإرادة الإلهية سيسمح لحمورابي، وهو الملك المشرع، باستغلال سلطاته القضائية من أجل توحيد وتوطيد سلطته المركزية.
1ً. شريعة حمورابي:
اكتشفت شريعة حمورابي في مدينة سوسة الفارسية، التي كانت مقراً للإمبراطور داريوس، في عام 1902 من قبل بعثة آثار فرنسية. وهي مكتوبة بالنقش المسماري على مسلّة، ذات رأس دائري، من حجر الديوريت الأسود، وبطول مترين وخمسة وعشرين سنتيمتراً. وعليها 3600 سطر يعالج 282 قضية تتعلق بمختلف المسائل القانونية التي تتراوح بين تأمين استمرار الأسرة بواسطة الولد، وتأمين الملكية مهما اتخذت من إشكال، والعقوبات الدقيقة بحق المذنبين بحسب طبقتهم الاجتماعية التي تقسمها هذه الشريعة إلى ثلاث طبقات: الأحرار، والطبقة الوسطى، والعبيد.
‌أ. الأحرار:
وهم الطبقة العليا في المجتمع، أو المواطنون الذين يتمتعون بحقوق كاملة تميّزهم عن طبقتي الوسط والعبيد، ولاسيّما لجهة التعويضات عن الأذى الذي يمكن أن يلحق بهم من جراء عمل معين. فمن يقتل ابن رجل حر يُقتل ابنه. ومن يكسر ذراع رجل حر تُكسر ذراعه. وهنا يطبق قانون العين بالعين والسنّ بالسنّ بدقة بالغة. أما إذا قام رجل بضرب ابنة رجل حر وسبّب لها إجهاضاً فإن عليه أن يدفع لها عشرة مثاقيل من الفضة، ويتدنّى هذا التعويض إلى النصف بالنسبة لابنة رجل من الطبقة الوسطى، وإلى مثقالين فقط إذا كانت ابنة عبد الخ...
ويظهر هذا التفاوت بين الأحرار والطبقات الأخرى في الأجر المستحق لقاء إحدى الخدمات، إذ يقبض الجراح الذي أجرى عملية ما لرجل حر عشرة مثاقيل، وخمسة من رجل وسط، ومثقالين من عبد.
‌ب. الطبقة الوسطى:
وهذه الطبقة ليست واضحة المعالم لجهة تكوينها. وليس هناك ما يدل على أصلها، أو التأكد من أنها حصرت بمهن محددة. ويبدو أن العبيد السابقين، أي أولئك الذين استطاعوا شراء حريتهم أو الحصول عليها بطريقة أو بأخرى، كانوا يؤلفون السواد الأعظم لهذه الطبقة. وامتيازاتها تساوي نصف امتيازات طبقة الأحرار، وأكثر من ضعفي امتيازات طبقة العبيد.
ج. العبيد:
كان العبد في الدولة البابلية يحتل منزلة وسطى بين المعادن الثمينة والحيوانات الأليفة الهامة في الحياة العائلية
. فثمنه، وهو عشرون مثقالاًَ، يساوي ثمن حمار، ويقل بكثير عن ثمن ثور. وهو مثل هذه الكائنات يباع، ويستبدل، ويرهن، ويودع. وتتم هذه الصفقات بموجب عقود مكتوبة.ويكفل البائع حقوق المشتري، إن وجدت عيوب مستورة في العبد، لمدة حدّدها القانون بشهر واحد.
وتتكون طبقة العبيد من أسرى الحرب، أو من عمليات الشراء القانونية لهم التي تتم خارج حدود البلاد. وهم يتوالدون كعبيد حتى فترة إعتاقهم، أو كأحرار أصبحوا عبيداً في حالة قيام رجل حر ببيع أولاده. لأن الرجل الحر، وبسبب قانون حمورابي، يتمتع بسلطة مطلقة على أولاده حتى زواجهم، ويعتبر الأولاد، الذي هم ثمرة زواج رجل حر مع خليلة عبده، عبيداً لا يعتقون إلا عند وفاة والدهم، علماً بأن والدتهم تصبح حرة منذ اليوم الأول لزواجها.
ويستطيع العبد أن ينال الحرية إذا ما قام سيده بوهبه إياها دون مقابل أو مقابل مبلغ ما. كما يمكن أن يحصل العبد على حريته عن طريق شرائها بالمال، الذي يمكن أن يقترضه من الهيكل، أو عن طريق خدمات استثنائية يقدمها لسيده.
2ً. الأسرة في شريعة حمورابي.
يعطي قانون حمورابي المرأة استقلالاً لشخصيتها القانونية، ولاسيّما في موضوع إدارة أملاكها. فللمرأة الحرية الكاملة بالتصرف كما تريد بكل أملاكها من أموال منقولة أو ثابتة.
والعقد هو شرط ضروري وأساسي في الزواج. والمرأة ليست مسؤولة عن ديون زوجها التي سبقت الزواج، ولكن ينفذّ عليها مبدأ التكافل والتضامن للديون التي تعقد بعد الزواج. وإذا كان الزوج جندياً وأستدعي للخدمة فيعود للزوجة آنذاك حق إدارة أملاكه إن لم يكن له ولد بلغ سن الرشد، وتصبح الزوجة في هذه الحالة مالكة لثلث الريع.
الزواج من امرأة واحدة هو القانون السائد. إلا أن عقم الزوجة ومرضها هما من أسباب الطلاق. ويسمح القانون للزوج، إن لم ينجب أولاداً من زوجته أو من خليلته، أن يدخل إلى بيته زوجة ثانية من أجل تأمين ذريته. كما يسمح له بالتبنّي إذا أراد. ويتم التبنّي بموجب عقد، وإذا تنكر المتبنى لأسرته الجديدة فإنه يباع كعبد.
ويمكن للمتبنّي، إن رزق بالأولاد لاحقاً، أن يفسخ العقد، ولكن شرط أن يعطي للمتبنى الذي يرد له ثلث الحصة الإرثية القانونية باستثناء الأملاك الثابتة. وتحدد النصوص القانونية كيفية توزيع الإرث بين الزوجة والأولاد، كما تحدد الهبات التي يقدمها الزوج لأولاده أو حتى للغرباء.
وتبقى قيمة شريعة حمورابي في كونها أول محاولة مكتوبة، تصل إلينا بصورتها الواضحة المباشرة، استطاعت أن تنقل الأعراف المتوارثة عبر العهود التاريخية السابقة لها، كالعهد السومري والأكادي، لتصيغها في قواعد قانونية إلزامية محددة بشكل دقيق.
ومن المدهش، أن هذه التنظيمات القانونية القانونية، ما خلا بعض الاستثناءات، يمكن أن تطبق على القواعد العامة في أي تشريع معاصر([2]).
ج. الشكل الديمقراطي للحرية في بلاد اليونان.
ترتكز الحضارة اليونانية في تطورها التاريخي على المدينة أو البولس Polis التي كانت تشكل وحدة سياسية مستقلة بحد ذاتها، أي دولة تتجمع فيها كافة النشاطات الأساسية من اقتصادية، وسياسية، وفكرية، ويمارس فيها الشعب سلطات الحياة الجماعية.
وكانت الدولة – المدينة تتمتع بسيادة مطلقة على الكائنات والأشياء. وتستمّد سيادتها من النواميس، والشرائع، والعادات التي تسمو، بالاحترام الذي توحيه والنفوذ الذي تفرضه، على كل الإرادات الفردية. وخاصية هذه المدينة اليونانية (أثينا - إسبارطة) هو أنها جمهورية، ترفض الملكية الوراثية، وتجهل معنى الحكم الفردي. فالجماعية في إدارة الشؤون العامة هي السمة السائدة.
وتقوم الدولة – المدينة في وجودها الوطني والسياسي على ثلاث مؤسسات:
1ً. الجمعية أو المؤتمر الشعبي العام:
وهي مفتوحة أمام كل المواطنين الأحرار البالغين سن الرشد. ويتمتع جميع الأعضاء فيها بحقوق متساوية، وخاصة حق إبداء الرأي. وعضوية الجمعية تعني حق الاشتراك.في حياة المدينة السياسية، وهو حق شخصي لا يمكن تفويضه لشخص آخر. ولعلّ سبب غياب النظام الانتخابي أو التمثيلي في الجمعية، يعود بالدرجة الأولى إلى حرص المواطنين على معالجة شؤونهم العامة بأنفسهم، دون أن يكون هناك وسيط بينهم وبين الدولة.



2ً. المجلس الحكومة:
وهو الجهاز السياسي الثاني في دولة المدينة. ودوره، يكون أحياناً، أهم من دور الجمعية. فهو يراقب نشاط القضاة المدنيين، ويؤمن الأعمال الإدارية الجارية، وتنفيذ مقررات الجمعية، ويقوم بتوجيه سياسة المدينة العامة. وهو يمارس صلاحياته لمدة سنة كاملة.
3ً. القضاة المدنيون:
ويختلف عددهم، وطريقة وشروط تعيينهم، وتوزيع الصلاحيات فيما بينهم من مدينة لأخرى. وهم مسؤولون عن أعمالهم أثناء ولايتهم، وبعد انتهائها. وغالباً ما اعتمدت القرعة في تعيين المستشارين والقضاة، باستثناء أولئك الذين تستلزم مهامهم معارف فنية محددة، كالرؤساء والقادة العسكريين مثلا. فالقاضي المدني كان بمقدوره تسلّم بعض المسؤوليات العسكرية.
هذه الممارسة المباشرة للديمقراطية كانت نتاجاً لترسّخ مبدأ أساسي في الفكر اليوناني، هو مبدأ مساواة المواطنين الأصيلين أمام النواميس أو الشرائع. في حين بقيت هذه المساواة بعيدة عن بعض الفئات الاجتماعية الأخرى([3]).
فكيف كان ترتيب المجتمع اليوناني في المدينة.
قد يكون من المفيد القول بأن التقسيم الطبقي أو الاجتماعي لم يكن واحداً في كل المدن اليونانية. ففي حين عرفت إسبارطة، مثلا، ثلاث طبقات ما خلا الأرقاء أو العبيد، فان أثينا عرفت طبقتين فقط. فمجتمع إسبارطة كان يتألف من المواطنين، والطبقة الوسطى، والفلاحين، ومجتمع أثينا كان يتألف من المواطنين والأجانب.
كان المواطنون في إسبارطة يخضعون، منذ بلوغهم سن السابعة وحتى سن الرشد، لنظام خاص من التربية والتدريب العسكريين. ويبقون في خدمة المدينة، كجنود، حتى سن الثلاثين. وبعد هذا العمر وحتى بلوغهم سن الستين كانوا يتحولون إلى فرقة الاحتياط التي تهب لحمل السلاح دفاعاً عن المدينة كلما تهددها خطر خارجي أو داخلي. وتعيش هذه الطبقة من ريع أراضيها التي يقوم العبيد بزراعتها. فهل كان هؤلاء المواطنون أحراراً في تصرفاتهم وحياتهم الخاصة ؟
إن الخضوع لرعاية دولة – المدينة منذ الصغر، وإدخال الأطفال إلى المدارس العسكرية الخاصة، وعدم ممارستهم لأي مهن أو أعمال أخرى كان يحولهم إلى مواطنين من نوع خاص يؤمنون بإطلاقية سلطة الدولة، وسمو إرادتها على أي اعتبار آخر، بما في ذلك الأفراد أنفسهم. فالمدينة أولاً، والفرد ثانياً([4]).
هذه الدولة- المدينة التي كانت تحرم مواطنيها من حريتهم الجسدية والفكرية وهم بعد أطفالاً، كانت تمنحهم من جهة أخرى امتيازات خاصة. فالوظائف الأساسية، التشريعية والسياسية، والاهتمام بالشؤون العامة هو من حقهم لوحدهم دون الطبقات الأخرى.
فالطبقة المتوسطة، التي كانت تنعم بالحرية الكاملة في ميدان النشاط الاقتصادي، لم يكن لها الحق في التعاطي بالشؤون السياسية العامة.
أما طبقة الفلاحين فكانت أقرب في وجودها إلى طبقة العبيد منها إلى طبقة المواطنين العاديين، وكل ما كان يفرّقها في وجودها عن الأرقاء هو اسمها وانتماؤها إلى مواطني المدينة من الناحية الحقوقية([5]).
في أثينا كان الوضع مختلفاً.
فالمواطنون الأصليون كانوا يتمتعون بكامل حقوقهم السياسية والمدنية ابتداء من سن الرشد حيث يسمح لهم بالمساهمة المباشرة في شؤون المدينة. وهم لا يخضعون في تربيتهم لأي توجيه مسبق. وليس هناك تمييز بين فرد وآخر في الحقوق. وجميعهم أعضاء أصليون في المجلس حيث يعبّرون عن آرائهم بحرية ومساواة.
أما الأجانب فيتألفون من الأحرار غير العبيد الذين استطاعوا إيجاد «كفيل» أثيني كي يسمح لهم بالعيش داخل المدينة. ومن لم يكن يتمتع بحماية مواطن أثيني كان يعرّض نفسه للامتلاك من قبل الآخرين، أو للبيع كرقيق. وكان يسمح لهؤلاء الأحرار بممارسة بعض المهن الحرة والتجارة وغيرها.
أثينا الديمقراطية لم تلغ الرق. ومثلها مثل إسبارطة كانت تجد فيه وسيلة لازدهار المجتمع. فالمواطنون الأصليون مهتمّون بالقضايا السياسية التي لا تسمح لهم بتعاطي الأعمال اليدوية. ولذا هم بحاجة للعبيد والأرقاء لتأدية هذه الأعمال. وكان بمقدور هؤلاء العبيد استرداد حريتهم بموجب وصية من أسيادهم، أو عن طريق شراء هذه الحرية، أو بقرار من الدولة لمكافأتهم على خدمات قدموها لها، أو لضمّهم إلى الجيش كجنود. إلا أنهم، وفي كل الأحوال، كان عليهم البقاء مرتبطين بأسيادهم حتى في مرحلة إعتاقهم من العبودية([6]).
د. الحريات في روما القديمة.
عرفت روما أنظمة سياسية متعددة([7]) خلال حقبتين تاريخيتين هامتين: الحقبة القديمة السابقة للميلاد، وتمتد على مدى سبعة قرون ونصف تقريباً، والحقبة المترافقة مع ظهور وانتشار الديانة المسيحية والتي استمرت حتى بداية القرن الخامس.
ويعود هذا التقلب في النظام السياسي إلى طبيعة تطور الدولة الرومانية نفسها التي انطلقت في غزوات محدودة إلى المناطق المجاورة، قبل أن تمتّد في فتوحات كبرى متشعّبة الاتجاهات، ولاسيمّا ناحية المشرق الذي كانت ثرواته في أساس قوتها وعظمتها. ومن الطبيعي أن يترافق هذا التطور السياسي مع تبدّل هام في المفاهيم والأنظمة الاجتماعية السائدة، لاسيمّا وأن روما أدخلت شعوباً متنوعة تحت سيطرتها، مما حتّم عليها مراعاة أوضاع هذه الشعوب، وإيجاد القواسم المشتركة معها.
التطور الذي شهدته روما شمل ميدانين أساسيين: المضمون الديني للسلطة، وتنظيم الأعراف والعادات التي كانت قائمة على التقليد الشفهي في إطار قوانين مكتوبة.
فالسلطة، التي كانت إبان الملكية تتسم بطابع ديني يوكل إلى العاهل مهمة الوسيط بين الشعب والآلهة إلى جانب دوره السياسي، شهدت في عهد الجمهورية فصلاً تاماً بين ما هو سياسي وما هو ديني، ووجهت الدولة باتجاه علماني. وأصبح القنصل، حاكم الجمهورية، يتعاطى فقط بالشؤون المدنية، باعتبار أن الشؤون الدينية لم تعد من اختصاصه.
أما على المستوى القانوني، فإن التقدم الذي شهدته روما في حقل التشريع إنما كان مردّه في الدرجة الأولى إلى الصراعات الطويلة بين طبقة النبلاء أو الأرستقراطيين Patriciens ، وبين طبقة العامة Plébéins. فبالإضافة إلى الرق الذي كان سائداً فيه، على غرار المجتمعات المجاورة، كان مجتمع روما ينقسم بشكل واضح إلى طبقتين: طبقة العائلات القديمة النبيلة التي احتكرت لنفسها السلطة في مجلس الشيوخ ومجلس الشعب، والتي لم تكن تمارس أي عمل آخر خارج إطار هذا الدور السياسي، وطبقة العامة (الشعبية) التي تتألف من المواطنين الأحرار الذين كانوا يقومون بأعباء الإنتاج الاقتصادي في ميادينه المختلفة، وبدور عسكري يتلخص بالدفاع عن الدولة، والمساهمة في حروبها الخارجية.
هذه الطبقة الشعبية ظلّت لفترة طويلة تشتكي من عدم وجود حقوق محدّدة لها، ومن جهلها القواعد القانونية المطبّقة من قبل القضاة الذين يمكن أن يتصرفوا، والحالة هذه، بصورة عشوائية. من هنا برزت ضرورة وجود نصوص واضحة تحدّد هذه الحقوق ويلتزم بها القضاة. إن أبرز مراحل كتابة القانون الروماني تمثّلت بقانون الألواح الاثني عشر في عام 451 ق.م ([8]) وقانون كركلا الصادر في عام 212 ق.م. ففي عام 451 ق.م. تمّت تسمية لجنة من عشرة أشخاص وضعت عشرة ألواح قوانين. ثم قامت لجنة ثانية بإضافة لوحين آخرين في عام 449 ق.م. ونحن لا نعرف، في الواقع، عن هذه الألواح إلا بعض الأمور عن طريق ذكرها، هنا وهناك، من قبل بعض رجال القانون واللغويين. فهي تتضمن قواعد موجزة تنظم بعض نقاط القانون، ولا تشكل قانوناً كاملاً. وتتناول المسائل الإجرائية في الدعاوى: الإجراءات الشكلية، والإثبات، واستدعاء الشهود، والاعتراف، والحكم وتنفيذه الخ. والقضايا العائلية: إجراءات عقد الزواج والطلاق، وقواعد تحدّد شرعية الأولاد، والوصاية عليهم وغيرها، وحقوق فعلية تعالج الملكية العقارية، وانتقالها ومرور الزمن.
ويركز اللوحان الحادي عشر والثاني عشر على ضمان بعض الحقوق الفردية، ولاسيما منع إعدام أي شخص لم يحاكم بصورة صحيحة، كما يقيمان تشريعاً دستورياً يؤكد على أن القانون الجديد يلغي القانون القديم الذي يعالج القضايا نفسها.
وتتمثّل قيمة هذه الألواح في كونها حقّقت علمنة القانون بصورة فعلية. ففي الوقت الذي كانت فيه الأعمال القانونية تستمّ‍د قيمتها من الإيمان، والسحر، والطقوس الدينية، جاء هذا القانون ليؤكد على انطلاق العمل القانوني من نص صريح يحدّد الحق ويعترف به.
أما قانون كركلا (212 ب.م) فقد أضاف حقاً جديداً لم يكن معترفاً به حتى هذه الفترة إلا لسكان روما نفسها، وهو حق المواطنية الكاملة لجميع الأفراد القاطنين على أراضي الإمبراطورية. ولم يبقَ خارج هذا الحق سوى العبيد الذين لن تختلف أوضاعهم عما هو متعارف عليه من اعتبار العبد سلعة يحق للسيد التصرف بها على هواه. ومع أن العبيد، يكونون كذلك بالولادة، أو بالأسر في الحروب، أو بالشراء، فإن سكان روما كانوا يتجاوزون هذه الأساليب المعتادة في الاسترقاق، وينطلقون من احتقارهم لغيرهم من الشعوب ليمارسوا حق الاستعباد عليها. فالمواطن الروماني الحر له الحق باستعباد أي غريب يصادفه في المدينة دون أن يكون ثمة ما يمنعه من ذلك.
ولذا، فإن قانون كركلا سيكون بمثابة دستور حقيقي للإمبراطورية يرسخ فكرة المواطنية على أساس المساواة بين الأعراق التي تتشكل منها. ولعلّ أصله السوري الفينيقي هو الذي دفعه لإصدار هذا القانون – الدستور الذي ترجم هذه المساواة بين سكان روما وبقية أراضي الإمبراطورية على شكل حقوق أساسية معترف بها لكل المواطنين، مثل الحقوق السياسية (الترشيح والانتخاب)، والحقوق العائلية (أي حقوق وواجبات الزوج والزوجة والأولاد)، والحقوق التجارية على مختلف أنواعها، والحقوق القضائية بما تعنيه من حق إقامة الدعاوى، وحق الدفاع أمام المحاكم([9]).





حقوق الإنسان في الفكر الديني والدين
أ. تطور الحريات في روما المسيحية.
لن يؤدي ظهور المسيحية إلى تلاشي الإمبراطورية الرومانية فوراً، بل سيتطلب الأمر ما يزيد على أربعة قرون. والواقع أن الديانة الجديدة لم تكن في جوهرها مختلفة عن اليهودية التي تمثلت بالتوراة، وبالوصايا العشر التي هبطت على النبي موسى (عليه السلام) لتضع أسس بناء المجتمع التوحيدي.
فالعهد القديم أظهر القانون الوارد فيه كتعبير عن إرادة الخالق، عزّ وجلّ، التي تفرض موجبات على اليهود، وتمنحهم حقوقاً. وليس تحريم السرقة والقتل الواردان في الوصايا العشر، سوى الوجه الآخر لاحترام حق الملكية، والحق بالحياة. لكن، وبالرغم من الحماية الممنوحة لكل فرد باعتباره كائناً إنسانياً (اليهود لا يمتلكون حق الحياة والموت على عبيدهم مثلاً)، وبالرغم أيضاً من إعلان مساواة الجميع أمام القانون والعدالة، فإن هذه الأمور لا تحظى باحترام كامل على صعيد التطبيق، نظراً لخاصية التمايز التي مُنحت للشعب المختار، بحسب التوراة، والتي جعلته يمارس، ولا يزال، أقسى وأبشع صنوف الممارسات على كل الشعوب الأخرى التي لا تدين باليهودية، والتي ينظر إليها اليهود بالتالي، نظرة دونية، تصل إلى حد الاحتقار إن لم يكن أكثر([1]).
وعلى أية حال، فإن الديانة المسيحية، ستحمل بذور تطورات اجتماعية هامة ستترك آثاراً بارزة على التحولات الكبرى التي ستشهدها الإمبراطورية في هذه المرحلة.
ومع أن القوانين والعادات بقيت خلال القرنين الميلاديين الأولين على ما كانت عليه سابقاً، ولاسيما لجهة إعادة اكتساب الإمبراطور صفة دينية إلى جانب صفته السياسية، فان المجتمع الروماني سيشهد بروز سلوكين اجتماعيين متضاربين: سلوك الوثنين الرومان المتمسكين بمعتقداتهم وأساطيرهم، وسلوك المسيحيين الجدد الطامحين إلى تغيير الواقع، ومنحه صفة إنسانية تتسم بالمحبة والمساواة.
فبرغم التغييرات الجذرية التي حملها قانون كركلا لجهة المساواة في المواطنية، فإن فئة العبيد، والبرابرة، بقيت محرومة من هذا الحق الطبيعي الذي يجسّد توازناَ ضرورياً في شخصية الفرد، وصقلها، وبلورتها.
وبما أشاعته من أفكار إنسانية، فإن الديانة الجديدة ستخلق حالة من اللاإستقرار السلوكي داخل المجتمع الإمبراطوري، بحيث ستستطيع تحويله، بصورة شبه جذرية، في مرحلة الإمبراطور قسطنطين الذي سيعلن المسيحية ديناً رسمياً للدولة ابتداء من عام 313 م. ومع أن قسطنطين نفسه لن يعتنق الدين الجديد إلا ابتداء من عام 324م، إلا أنه سيساهم بصورة فعّالة في القضاء على الطقوس الوثنية من خلال منعها، ومحاربتها بشدّة.
لقد كانت المبادئ التي رسختها المسيحية ثورة متقدمة في مجتمع يبني علاقاته على القوة والتمايز الطبقي. فهي دعت إلى المحبة والتسامح بأرقى أشكاله الإنسانية (أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. من ضربك على خدك فأعرض له الآخر أيضا) ([2])، وقلّلت من قيمة مُلكية الأشياء، ورفضت النزاعات الناجمة عنها (من أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً) ([3]). ووعدت المضطهدين والمعذبين في الأرض، المؤمنين بقدسية العقيدة، بعالم من نوع آخر غير العالم الذي يعرفونه آنفاً (مملكتي ليست من هذا العالم. طوبا لكم أيها المساكين لأن لكم ملكوت الله) ([4]) كما رسمت حدوداً فاصلة بين ما هو ديني، وما هو دنيوي من أجل تنظيم المجتمع الإنساني على أسس واضحة، وخاصة فيما يتعلق بالروابط بين الفرد والسلطة (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله) ([5]). هذا الإيمان بوجوب خلق مجتمع تسوده العدالة والمساواة بين البشر سيظهر جلياً في سلوك الكنيسة الذي سيترك انعكاسات أخلاقية واضحة.
وعلى المستوى العائلي ستؤيد الكنيسة، وبقوة، التشريعات العائلية (تشجيع الزواج، منع الزنا، تقوية الوحدة العائلية الخ).
وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي ستقيم الكنيسة على أراضيها محترفات مهنية لتشغيل العاطلين عن العمل، والمطرودين من أراضيهم، مثلما ستبني المستشفيات (المصحّات بالأحرى) للمرضى والعاجزين، ودوراً للأيتام والمشردين، كما ستقوم ببذل جهود جبارة لتحرير العبيد وعتقهم. فالكنيسة كانت تجمع المال من الأغنياء لشراء حرية الجنود الذين أسرهم البرابرة واستعبدوهم، كما كنت تشتري حرية السجناء البرابرة من الرومان، لأن العقيدة المسيحية تؤمن بإنسانية الإنسان دون أي اعتبار للونه، أو هويته، أو أصله الاجتماعي.
ولعل ما يميّز سلوك الكنيسة، في مرحلة التبشير هذه هو وقوفها بعنف ضد تعذيب الأرقاء، وضد عقوبة الإعدام. وأيضاً ضد تسلط رأس المال على صغار العمال والفلاحين الذين كانوا ضحية دائمة للفوائد الكبرى التي كان يفرضها عليهم الأغنياء في عمليات الاستقراض. فهي لا ترفض فقط الفائدة المضافة إلى القرض، وإنما تقوم بتقديم مبالغ مالية دون أية فائدة للمحتاجين في سبيل مساعدتهم على حل مشاكلهم([6])، ولذلك ستسعى بكل طاقاتها لوضع تشريعات قانونية تضمن حقوق الأفراد، ولاسيما الفقراء والمستضعفين منهم.
إن النجاح الذي حققته الكنيسة في ميدان التشريعات القانونية كان واضحاً، إذ طلب دستور صادر في عام 382 بإجراء تحقيق حول طاقة تشغيل الفقراء من أجل إيجاد عمل لهم. ووُضع تشريع آخر لحماية الفئات، ولم يعد يُسمح للموظفين العاملين بإهانتهم بأي شكل من الأشكال تحت طائلة العقوبة. كما قام رجال الدين بلعب دور المحامين للدفاع عن الضعفاء وتأمين حقوقهم ضد التعذيب أو سوء المعاملة.
أما التأثير الكبير الذي مارسته الكنيسة مباشرة، فكان تحويل الرأي العام الروماني الوثني تجاه قضية أساسية هي قضية العمل. فالوثنيون كانوا يرفضون القيام بأي عمل ويتركون ذلك لعبيدهم. لأن العمل، برأيهم، ليس من مهام المواطنين الأحرار، وإنما من واجبات العبيد. ومن يقوم بأي عمل ينظر إليه نظرة دونية. من هنا كان دور الكنيسة بأنها أعطت قيمة اجتماعية كبرى للعمل، وعملت على إصدار تشريع يجعل من مسألة العمل بحد ذاتها المدخل الأساسي للارتقاء إلى المناصب الأخرى (ولعل مسألة التراتبية الإدارية التي حلّت محل النبلاء في الدولة جاءت من هنا).
والعمل أصبح مأجوراً. والحوادث الناجمة عنه يجب أن العامل.رب العمل وليس العامل. أي، وبقول آخر، أن مجموعة هذه التشريعات والقواعد التي ترفع من شأن العمال وتحافظ على حقوقهم الأساسية ما كانت لتبصر النور لولا تأثير الكنيسة وضغطها المباشر([7]).
ب. تطور فكرة الحرية في المرحلة البيزنطية.
سيتواصل تأثير المسيحية الواضح على تطور فكرة حقوق الإنسان، منذ بداية الدعوة، وحتى العصور الوسطى، بأشكال وصيغ مختلفة. ففي مراحل التبشير الأولى، حيث لم يكن ممكناً احتواء السلطة القائمة وتحويلها، سيوجّه الرسل اهتمامهم لرسم حدود فاصلة للعلاقة التي يجب أن تقوم بين الفرد والنظام السياسي.
وبما أن الله، عزّ وجلّ، هو مصدر كل شيء في هذا الكون، فإن السلطة موجودة على الأرض تنفيذاً لمشيئة الله في عباده، ومن أجل إشاعة النظام ومنع الفوضى. ولذا فإن الخضوع لهذه السلطة إنما هو خضوع للإرادة الإلهية. وفي رسائله المختلفة سيحثّ بولس الرسول رعيته على الطاعة، وعلى تأدية الواجبات التي تتأتى عن الحياة في المجتمع، بكل إنصاف ومحبة. فالطاعة واجبة، ولذا «أطيعوا أيها العبيد في كل شيء سادتكم»([8]).
كما سيطالب بطرس الرسول رعاياه «بالخضوع لكل ترتيب بشري من اجل الرب. إن كان للملك فكمن هو فوق الكل» والقيام بفعل الخير «كأحرار، وليس كالذين عندهم الحرية سترة للشر»، وكونوا «خاضعين بكل هيبة للسادة، ليس للصالحين المترفقين فقط، بل للضعفاء أيضاً»([9]).
هذا المفهوم للسلطة سيستمرّ قائماً في كتابات المفكرين في تلك المرحلة، وخاصة أيسوب EUSEBE (260 – 337 م) الذي سيعتبر أن ما من سلطة إلا وتصدر عن الله، وأن الإمبراطور هو بالتالي كلمة الله ومحاميه أمام التاريخ الإنساني، وأن الخضوع لإرادته إنما هو خضوع لمشيئة الله.
أما القديس أوغسطين (354 – 430 م) الذي عاصر سقوط الإمبراطورية الرومانية، وبداية قيام الإمبراطورية البيزنطية فإنه يطرح الأمور على نفس المنوال تقريباً. ومع انه يضع المملكة السماوية – أي مملكة الله – فوق المملكة الأرضية، فانه مع ذلك يطالب بالخضوع للقوانين الوضعية حتى وان كانت غير عادية، لأن مصلحة الجماعة تتطلب احترام نوع من النظام([10]) وهو يفسّر ذلك بالقول بأن حُب الذات هو الذي بنى المدينة الأرضية أي المجتمع المدني والسياسي، ومحبة الله هي التي صنعت المدينة السماوية، أي دار الخلود، وبما أن الله هو المبدع لكل شيء، فإنه يستحيل أن يكون قد أراد ترك ممالك الأرض خارج قوانين عنايته التي تفرض علينا الأنظمة السياسية التي نستحقّها، عادلة كانت أم جائزة([11]).
الإمبراطور جوستينيان (527 – 565 م) سيمارس سلطة مقدسة. فهو سيّد ومالك الأشياء والناس، وملك العالم الأوحد، وهو القانون الحي، ولإرادته قيمة مطلقة. والعدالة تنبع من إرادته، وبحسب شرائعه، وتُنطق أحكامها باسمه.
وبما أن الإمبراطور يضع قوانين تعبّر عن العدالة والمساواة لخدمة المصلحة العامة، فإن جوستنيان سيصدر أوامره لتدوين القوانين، بشكل منظم، بعد تحديثها. وسيحرص على أن تكون نابعة من جوهر التعاليم المسيحية. ومن هنا سيحاول إقامة معادلة بين القانون الوضعي وبين العدالة السماوية أو القانون الطبيعي. فهذا الأخير هو القانون الذي كتبه الله في عقل وقلب كل إنسان وله صفة أخلاقية، وهو التعبير المباشر عن الأخلاق المسيحية. ولذا، فإن القانون الوضعي الإمبراطوري سيهدف بالدرجة الأولى إلى تطبيق مضمون القانون الطبيعي: تحقيق المساواة بين البشر لأنهم جميعاً أبناء الله. ضمان حرية وكرامة الإنسان لأن في ذلك تحقيقاً لإنسانيته.
النصوص التي تضمنتها مجموعة جوستينيان تركز على تحسين الأخلاق الاجتماعية عن طريق محاربة القمار والبغاء. أما في ما يختص بالعبودية، فإنها لم تلغِ الرق، ولكنها أدانته. ولم يعد للسيد تلك السلطة المطلقة على عبده. وهي محصورة فقط بالأمور المسلكية. إذ لا يسمح للسيد بممارسة الضرب أو التعذيب على عبده كما كانت الحال عليه سابقاً. عبده كما كانت الحال عليه سابقاً. فالحماية المعنوية والبدنية للعبد أصبحت مضمونة بقوة بموجب القانون الجديد. وهي تلحظ بصورة واضحة، ضرورة الدفاع عن الإنسان ضد قوة السلطة وتعسفها.
العائلة أيضاً مقدّسة لأنها تنجم عن زواج مقدس. والزنا هو انتهاك لهذه القدسية. والزواج أصبح معتبراً كمؤسسة مستقلة تتضمن نظاماً عضوياً وموحداً. وبإيجاز، كان قانون جوستينيان تدويناً لمجمل القوانين الرومانية السابقة. فهو مستوحى من الألواح الإثني عشر، ومتأثر مباشرة بمدرسة القانون المشرقية في بيروت. وهو قانون شامل يتناول تنظيم مختلف شؤون المجتمع بكل ما تحمله من تعقيدات وتشابكات.

ج. الإسلام وتطور مفهوم الحريات.
لم ينشأ الإسلام في ظل نظام سياسي معيّن، وإنما في إطار مجتمع تحكمه العادات والتقاليد القبلية الموروثة. فالحجاز لم يعرف، في الفترة السابقة لظهور الدعوة، بروز زعيم استطاع فرض سلطته على كامل المنطقة وتوحيدها تحت سيطرته، وإقامة نظام ملكي فيها على غرار الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية المجاورتين، بل عاش نوعاً من تعددية سلطة القبائل المنتشرة في الواحات، وبعض القرى والمدن. وكانت مكة المكرمة لجهة موقعها الجغرافي على مفترق الطرق التجارية، من أهم هذه المدن وأكثرها ازدهارا بسبب تمركز بعض الصناعات الخفيفة فيها، كالصياغة، والدباغة، والنسيج، وصهر الحديد الخ. في حين كانت الواحات الكبرى، التي أصبحت مدناً في ما بعد، مثل المدينة المنورة والطائف، تعتمد بصورة أساسية على الزراعة والري.
السمة الأولى لهذا المجتمع كانت المساواة التامة بين أفراده فقراء كانوا أم أغنياء. فالجميع، وعلى اختلاف مستوياتهم، كانوا أحراراً في إطار القبيلة الواحدة ويتمتعون بالحقوق نفسها.
أما السمة الثانية، فكانت تتمثل بشيوع مفهوم الملكية العامة أو الجماعية في مرافق الحياة الرئيسة للمجتمع الزراعي، كالمراعي وآبار المياه، حيث لا يستطيع أحد، مهما كان موقعه متقدماً من الناحية الاجتماعية، إدعاء إنفراده بها أو احتكارها لنفسه. ولسوف يكرّس الإسلام هذه المشاعية في الحديث الشريف حيث ورد بأن «الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار» و«من احتكر فهو خاطئ».
السلطة في القبيلة كانت ديمقراطية تقوم على مبدأ التشاور المباشر، من خلال مجلس القبيلة في كل القضايا والمسائل ذات الطابع الفردي الجماعي. وفي مكة، حيث تتجمع عدة قبائل تعود في جذورها إلى قريش كانت «الندوة»، التي تضم كل الأعضاء الذين بلغوا الأربعين من العمر، تشكل نوعاً من المجلس الأعلى الذي يمتلك باسم «الملأ» كل السلطات ويعالج كافة الشؤون العامة والخاصة([12]).
ولعل مقاومة أهل مكة للرسول، في بداية دعوته، ستنبع من اعتبار جماعة الندوة بأن فكرة الوحدانية التي ينادي بها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، تشكل خروجاً صارخاً على مبدأ التشاور، فضلاً عن كونها تتصدى لآلهة قريش، وتصيب إيمانها هذا في الصميم. الإسلام لم يقضِ على كل الأعراف والعادات التي كانت سائدة، وإنما سيعمل على تطوير قسم هام منها بحيث تتلاءم مع الأوضاع الإنسانية – الاجتماعية الجديدة، وإلغاء البعض الآخر ومنعه نهائياً حفاظاً على حقوق إنسانية طبيعية. ولذا، فإن تركيزه سيكون على عملية نقل هذا المجتمع القبلي من حالة التنازع والتقاتل إلى حالة الإخاء والتعايش في وحدة دينية تتجاوز إطار العداوات القبلية التاريخية. فالإسلام هو عقيدة شاملة غايتها تنظيم الحياة الإنسانية في مختلف نواحيها على أسس العدالة والمساواة. والسلطة التشريعية في الإسلام مصدرها القرآن. وهي سلطة تساوي بين المواطنين من حيث إنسانيتهم أولاً، وإيمانهم ثانياً، كما جاء في الحديث الشريف: « الناس كلهم سواسية كأسنان المشط» و«إنما المؤمنون أخوة» و«كونوا عباد الله إخواناً». وقد ذكّر الرسول، صلى الله عليه وسلم، مرة أخرى بهذه المساواة حين قال في خطبة الوداع (السنة العاشرة للهجرة 632 م) «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى». وكأنه كان يريد بذلك أن يجعل من المساواة، وأيضاً العدل، قاعدة جوهرية في سلوك من سيتولى شؤون المسلمين من بعده. من هنا نرى بأن مواقف الخلفاء الراشدين التزمت بهذه القاعدة في تسيير أمور الرعية وقضاياها.
ففي خطبته بعد البيعة سيقول الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق، رضي الله عنه،: «أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة. والضعيف منكم قوي عندي حتى أريح عليه (أي أرد إليه) حقه إن شاء الله، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله... أيها الناس إنما أنا مثلكم... ف زغت فقوموني...»
وفي كتابه إلى أبي موسى الأشعري، يشدد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه،: «.. آسِ (أي سوِ) بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين الناس، إلا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً. ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك، وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق لا يبطله شيء. واعلم أن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل».
ويكمل الإمام علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، نهج الرسول في «عهد الولاية» الذي حملّه إلى مالك بن الأشتر النخعي، بعد ما ولاّه على مصر، حيث يقول له: «... أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارباً تغتنم أكلهم فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق... أنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم... وليكن أحب الأمور: أوسطها في الحق، وأعمها في العدل» ([13]).
ولا يقف التطور في الحقوق الإنسانية، كما أقرها الإسلام عند مسألة ا بين أفراد الرعية على اختلاف أجناسهم وألوانهم، بل يضم مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ففي الميدان الاجتماعي، ينصّ القرآن الكريم صراحة على قواعد سلوك جديدة تتمسّك بمكارم الأخلاق التي تقوم على التواضع، والزهد، والرحمة، والشفقة، والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مثلما سينص بوضوح على تحريم الموبقات والمفاسد التي تشكل خطراً على ديمومة الروابط الاجتماعية، واستمرارها كالزنا، والبغي، والجور، والتفاخر، والبطر، وشرب الخمر، ولعب الميسر وغيرها من الآفات الاجتماعية التي تتناقض والتعاليم السماوية التي يحملها الإسلام، والرامية إلى حماية حقوق المجتمع وعدم تعريضها للخرق والانتهاك من قبل الأفراد السيئين. (إنما بُعثت لأتممّ مكارم الأخلاق. حديث شريف).
ولكي يبنى المجتمع بناءً سليماً وقوياً، فإن الإسلام حضّ على علاقة إنسانية حميمة بين الآباء والأبناء. فقد أوصى الآباء خيراً بأبنائهم، وأوصى الأولاد براً وإحساناً بوالديهم (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) (سورة الإسراء الآية 23) (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) (سورة الأحقاف الآية 15). كما شدّد على تحريم وأد النبات (وإذا الموؤدة سئلت. بأي ذنب قتلت) (سورة التكوير الآيات 8 و9)، وعلى منع قتل الأولاد بسبب الضيق المادي أو الفقر، وهي عادات كانت شائعة في الجاهلية (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم) (سورة الأنعام الآية 151)، ودافع عن الفقراء والمعوزين، وحرص على معاملة اليتامى والمساكين وأبناء السبيل تلك المعاملة الإنسانية التي تليق بهم كبشر، وكرّس حقوقهم في أكثر من سورة في القرآن الكريم.
وبما أن المرأة هي نصف المجتمع، فقد أولاها الإسلام اهتماما كبيرا. ومع أن القرآن الكريم يعطي أولوية للرجل على المرأة من ناحيتين هامتين هما الإرث والشهادة أمام القضاء، فإنه عمل في الوقت نفسه على تكريس حقوق المرأة كاملة في أموالها وتجارتها دون الوصاية عليها من أحد، كما منحها حرية أساسية في اختيار الزوج. فالشريعة الإسلامية تشترط موافقة المرأة وقبولها الصريح لعقد القران.
كذلك أولى الإسلام متعددة.ا للأرقاء والعبيد. والواقع أن مصادر الرقّ كانت متعددة. فالحروب القبلية مصدر من مصادر الاسترقاق، وأيضاُ الفقر الذي كان يدفع بالبعض إلى الاستدانة، وتراكم نسب مرتفعة من الفوائد عليهم بحيث كان يستحيل عليهم دفعها مما يحولهم إلى عبيد لدى صاحب رأس المال، وأخيراً عملية المتاجرة بالرقيق القادمين من مناطق أخرى مثل بلاد الروم، وفارس، والزنج ([14]).
أسرى القبائل هؤلاء كانوا يتحولون إذن إلى عبيد. ولم يكن يتم تحريرهم إلا بوسيلتين: بحرب مضادة تشنّها القبيلة التي ينتمي إليها الأسرى على القبيلة التي أسرتهم، وإما بتقديم الفدية التي كان معدلها العادي مائة رأس من الإبل أو أكثر من ذلك حسب منزلة الأسير في قومه ([15]).
وبسبب اتساع ظاهرة الرقّ وشيوعها لم يقم الإسلام بمنعها فوراً، بل عمد إلى محاربتها تدريجاً، وسخّر كل الإمكانيات المادية والمعنوية لتحرير الأرقاء، وفرض على المسلمين، في ما يقترفون من أخطاء، تحرير الرقاب ككفارة عن أخطائهم أو أعمالهم.
فكفارة قتل المؤمن تحرير رقبة مؤمنة (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة)(سورة النساء الآية 91).
والحنث باليمين يستوجب تحرير رقبة (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) (سورة المجادلة الآية 3)، وصدقات أموال المسلمين هي أيضاً، بجزء منها، لمساعدة العبيد على استرجاع حرياتهم (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب) (سورة التوبة الآية 6).
كذلك ركزّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، في أحاديثه الشريفة على الأخوة بين البشر وعلى إنسانيتهم (كونوا عباد الله إخواناً) و(الإنسان أخ الإنسان أحب أم كره). وسار الخلفاء الراشدون على نهج النبي في محاربتهم للرق وتنديدهم به. فها هو الخليفة عمر بن الخطاب يصرخ بغضب في وجه من يمتلك رقيقاً قائلاً: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». ويدعو الإمام علي بن أبي طالب الأرقاء إلى الثورة على الحالة التي هم فيها قائلاً «لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً».
وفي الميدان الاقتصادي، كان شعار الإسلام ذلك الحديث الشريف الذي يقول بأن «الدين هو المعاملة»، فالمعاملة الحسنة تقتضي التمسّك بالعهود والعقود واحترام حقوق الآخرين (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (سورة المائدة الآية 1) و(يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم) (سورة هود الآية 85) و(أقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) (سورة الرحمن الآية 9).
كما شدّد الإسلام على المعاملة الحسنة حفاظاً على حقوق الناس بين بعضهم البعض، كذلك أمر بوضوح التعامل، وقيامه على مبدأين أساسيين: عدم الغبن والغشّ في المعاملات، وإنشاء هذه المعاملات على أساس التراضي المتبادل بين الأطراف المتعاقدة (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم) (سورة النساء الآية 28). مثلما أمر بمنع الربا منعاً باتاً، لاسيما وانه كان يؤدي في الماضي ليس فقط إلى إفقار الناس، وإنما أيضاً إلى استعبادهم. وقد ذكرت عدة آيات تحريم الربا بصورة جلية لا تقبل أي نقاش، إذ ورد في (سورة البقرة الآية 275 و276) (وأحلّ الله البيع وحرّم الربا) و(يمحق الله الربا ويربى الصدقات)، وأيضاً في سورة آل عمران (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة) (الآية 130).
والشعب، بالنسبة للفاشية، هو كلٌ متجانس، موحّد، ومن هنا تبرز أهمية الاستعراضات، واللباس وتظاهرات الجماهير.

محمد تماسين
2012-08-05, 11:29
ج. الإسلام وتطور مفهوم الحريات.
لم ينشأ الإسلام في ظل نظام سياسي معيّن، وإنما في إطار مجتمع تحكمه العادات والتقاليد القبلية الموروثة. فالحجاز لم يعرف، في الفترة السابقة لظهور الدعوة، بروز زعيم استطاع فرض سلطته على كامل المنطقة وتوحيدها تحت سيطرته، وإقامة نظام ملكي فيها على غرار الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية المجاورتين، بل عاش نوعاً من تعددية سلطة القبائل المنتشرة في الواحات، وبعض القرى والمدن. وكانت مكة المكرمة لجهة موقعها الجغرافي على مفترق الطرق التجارية، من أهم هذه المدن وأكثرها ازدهارا بسبب تمركز بعض الصناعات الخفيفة فيها، كالصياغة، والدباغة، والنسيج، وصهر الحديد الخ. في حين كانت الواحات الكبرى، التي أصبحت مدناً في ما بعد، مثل المدينة المنورة والطائف، تعتمد بصورة أساسية على الزراعة والري.
السمة الأولى لهذا المجتمع كانت المساواة التامة بين أفراده فقراء كانوا أم أغنياء. فالجميع، وعلى اختلاف مستوياتهم، كانوا أحراراً في إطار القبيلة الواحدة ويتمتعون بالحقوق نفسها.
أما السمة الثانية، فكانت تتمثل بشيوع مفهوم الملكية العامة أو الجماعية في مرافق الحياة الرئيسة للمجتمع الزراعي، كالمراعي وآبار المياه، حيث لا يستطيع أحد، مهما كان موقعه متقدماً من الناحية الاجتماعية، إدعاء إنفراده بها أو احتكارها لنفسه. ولسوف يكرّس الإسلام هذه المشاعية في الحديث الشريف حيث ورد بأن «الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار» و«من احتكر فهو خاطئ».
السلطة في القبيلة كانت ديمقراطية تقوم على مبدأ التشاور المباشر، من خلال مجلس القبيلة في كل القضايا والمسائل ذات الطابع الفردي الجماعي. وفي مكة، حيث تتجمع عدة قبائل تعود في جذورها إلى قريش كانت «الندوة»، التي تضم كل الأعضاء الذين بلغوا الأربعين من العمر، تشكل نوعاً من المجلس الأعلى الذي يمتلك باسم «الملأ» كل السلطات ويعالج كافة الشؤون العامة والخاصة([12]).
ولعل مقاومة أهل مكة للرسول، في بداية دعوته، ستنبع من اعتبار جماعة الندوة بأن فكرة الوحدانية التي ينادي بها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، تشكل خروجاً صارخاً على مبدأ التشاور، فضلاً عن كونها تتصدى لآلهة قريش، وتصيب إيمانها هذا في الصميم. الإسلام لم يقضِ على كل الأعراف والعادات التي كانت سائدة، وإنما سيعمل على تطوير قسم هام منها بحيث تتلاءم مع الأوضاع الإنسانية – الاجتماعية الجديدة، وإلغاء البعض الآخر ومنعه نهائياً حفاظاً على حقوق إنسانية طبيعية. ولذا، فإن تركيزه سيكون على عملية نقل هذا المجتمع القبلي من حالة التنازع والتقاتل إلى حالة الإخاء والتعايش في وحدة دينية تتجاوز إطار العداوات القبلية التاريخية. فالإسلام هو عقيدة شاملة غايتها تنظيم الحياة الإنسانية في مختلف نواحيها على أسس العدالة والمساواة. والسلطة التشريعية في الإسلام مصدرها القرآن. وهي سلطة تساوي بين المواطنين من حيث إنسانيتهم أولاً، وإيمانهم ثانياً، كما جاء في الحديث الشريف: « الناس كلهم سواسية كأسنان المشط» و«إنما المؤمنون أخوة» و«كونوا عباد الله إخواناً». وقد ذكّر الرسول، صلى الله عليه وسلم، مرة أخرى بهذه المساواة حين قال في خطبة الوداع (السنة العاشرة للهجرة 632 م) «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى». وكأنه كان يريد بذلك أن يجعل من المساواة، وأيضاً العدل، قاعدة جوهرية في سلوك من سيتولى شؤون المسلمين من بعده. من هنا نرى بأن مواقف الخلفاء الراشدين التزمت بهذه القاعدة في تسيير أمور الرعية وقضاياها.
ففي خطبته بعد البيعة سيقول الخليفة الراشدي الأول أبو بكر الصديق، رضي الله عنه،: «أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. الصدق أمانة، والكذب خيانة. والضعيف منكم قوي عندي حتى أريح عليه (أي أرد إليه) حقه إن شاء الله، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله... أيها الناس إنما أنا مثلكم... ف زغت فقوموني...»
وفي كتابه إلى أبي موسى الأشعري، يشدد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب، رضي الله عنه،: «.. آسِ (أي سوِ) بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك. البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين الناس، إلا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً. ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك، وهديت لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق لا يبطله شيء. واعلم أن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل».
ويكمل الإمام علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، نهج الرسول في «عهد الولاية» الذي حملّه إلى مالك بن الأشتر النخعي، بعد ما ولاّه على مصر، حيث يقول له: «... أشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارباً تغتنم أكلهم فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، وإما نظير لك في الخلق... أنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك إلا تفعل تظلم... وليكن أحب الأمور: أوسطها في الحق، وأعمها في العدل» ([13]).
ولا يقف التطور في الحقوق الإنسانية، كما أقرها الإسلام عند مسألة ا بين أفراد الرعية على اختلاف أجناسهم وألوانهم، بل يضم مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ففي الميدان الاجتماعي، ينصّ القرآن الكريم صراحة على قواعد سلوك جديدة تتمسّك بمكارم الأخلاق التي تقوم على التواضع، والزهد، والرحمة، والشفقة، والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مثلما سينص بوضوح على تحريم الموبقات والمفاسد التي تشكل خطراً على ديمومة الروابط الاجتماعية، واستمرارها كالزنا، والبغي، والجور، والتفاخر، والبطر، وشرب الخمر، ولعب الميسر وغيرها من الآفات الاجتماعية التي تتناقض والتعاليم السماوية التي يحملها الإسلام، والرامية إلى حماية حقوق المجتمع وعدم تعريضها للخرق والانتهاك من قبل الأفراد السيئين. (إنما بُعثت لأتممّ مكارم الأخلاق. حديث شريف).
ولكي يبنى المجتمع بناءً سليماً وقوياً، فإن الإسلام حضّ على علاقة إنسانية حميمة بين الآباء والأبناء. فقد أوصى الآباء خيراً بأبنائهم، وأوصى الأولاد براً وإحساناً بوالديهم (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) (سورة الإسراء الآية 23) (ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً) (سورة الأحقاف الآية 15). كما شدّد على تحريم وأد النبات (وإذا الموؤدة سئلت. بأي ذنب قتلت) (سورة التكوير الآيات 8 و9)، وعلى منع قتل الأولاد بسبب الضيق المادي أو الفقر، وهي عادات كانت شائعة في الجاهلية (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم) (سورة الأنعام الآية 151)، ودافع عن الفقراء والمعوزين، وحرص على معاملة اليتامى والمساكين وأبناء السبيل تلك المعاملة الإنسانية التي تليق بهم كبشر، وكرّس حقوقهم في أكثر من سورة في القرآن الكريم.
وبما أن المرأة هي نصف المجتمع، فقد أولاها الإسلام اهتماما كبيرا. ومع أن القرآن الكريم يعطي أولوية للرجل على المرأة من ناحيتين هامتين هما الإرث والشهادة أمام القضاء، فإنه عمل في الوقت نفسه على تكريس حقوق المرأة كاملة في أموالها وتجارتها دون الوصاية عليها من أحد، كما منحها حرية أساسية في اختيار الزوج. فالشريعة الإسلامية تشترط موافقة المرأة وقبولها الصريح لعقد القران.
كذلك أولى الإسلام متعددة.ا للأرقاء والعبيد. والواقع أن مصادر الرقّ كانت متعددة. فالحروب القبلية مصدر من مصادر الاسترقاق، وأيضاُ الفقر الذي كان يدفع بالبعض إلى الاستدانة، وتراكم نسب مرتفعة من الفوائد عليهم بحيث كان يستحيل عليهم دفعها مما يحولهم إلى عبيد لدى صاحب رأس المال، وأخيراً عملية المتاجرة بالرقيق القادمين من مناطق أخرى مثل بلاد الروم، وفارس، والزنج ([14]).
أسرى القبائل هؤلاء كانوا يتحولون إذن إلى عبيد. ولم يكن يتم تحريرهم إلا بوسيلتين: بحرب مضادة تشنّها القبيلة التي ينتمي إليها الأسرى على القبيلة التي أسرتهم، وإما بتقديم الفدية التي كان معدلها العادي مائة رأس من الإبل أو أكثر من ذلك حسب منزلة الأسير في قومه ([15]).
وبسبب اتساع ظاهرة الرقّ وشيوعها لم يقم الإسلام بمنعها فوراً، بل عمد إلى محاربتها تدريجاً، وسخّر كل الإمكانيات المادية والمعنوية لتحرير الأرقاء، وفرض على المسلمين، في ما يقترفون من أخطاء، تحرير الرقاب ككفارة عن أخطائهم أو أعمالهم.
فكفارة قتل المؤمن تحرير رقبة مؤمنة (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة)(سورة النساء الآية 91).
والحنث باليمين يستوجب تحرير رقبة (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة) (سورة المجادلة الآية 3)، وصدقات أموال المسلمين هي أيضاً، بجزء منها، لمساعدة العبيد على استرجاع حرياتهم (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب) (سورة التوبة الآية 6).
كذلك ركزّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، في أحاديثه الشريفة على الأخوة بين البشر وعلى إنسانيتهم (كونوا عباد الله إخواناً) و(الإنسان أخ الإنسان أحب أم كره). وسار الخلفاء الراشدون على نهج النبي في محاربتهم للرق وتنديدهم به. فها هو الخليفة عمر بن الخطاب يصرخ بغضب في وجه من يمتلك رقيقاً قائلاً: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». ويدعو الإمام علي بن أبي طالب الأرقاء إلى الثورة على الحالة التي هم فيها قائلاً «لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً».
وفي الميدان الاقتصادي، كان شعار الإسلام ذلك الحديث الشريف الذي يقول بأن «الدين هو المعاملة»، فالمعاملة الحسنة تقتضي التمسّك بالعهود والعقود واحترام حقوق الآخرين (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) (سورة المائدة الآية 1) و(يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم) (سورة هود الآية 85) و(أقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) (سورة الرحمن الآية 9).
كما شدّد الإسلام على المعاملة الحسنة حفاظاً على حقوق الناس بين بعضهم البعض، كذلك أمر بوضوح التعامل، وقيامه على مبدأين أساسيين: عدم الغبن والغشّ في المعاملات، وإنشاء هذه المعاملات على أساس التراضي المتبادل بين الأطراف المتعاقدة (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم) (سورة النساء الآية 28). مثلما أمر بمنع الربا منعاً باتاً، لاسيما وانه كان يؤدي في الماضي ليس فقط إلى إفقار الناس، وإنما أيضاً إلى استعبادهم. وقد ذكرت عدة آيات تحريم الربا بصورة جلية لا تقبل أي نقاش، إذ ورد في (سورة البقرة الآية 275 و276) (وأحلّ الله البيع وحرّم الربا) و(يمحق الله الربا ويربى الصدقات)، وأيضاً في سورة آل عمران (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة) (الآية 130).
وعلى المستوى السياسي استند الإسلام على مبدأ الديمقراطية المباشرة في إدارة شؤون الناس، وجعل الالتزام بها واجباً على الحاكم أو المسؤول، إذ أن الله عزّ وجلّ أمر الرسول بالتشاور مع جماعته وصحبه في أمورهم (وشاورهم في الأمر) (سورة آل عمران الآية 159). كما أمر المؤمنين بالالتزام بهذا المبدأ في كل شؤونهم (وأمرهم شورى بينهم) (سورة الشورى الآية 38). وهذا المبدأ يعني حق المشاركة المباشرة في الشؤون العامة من قبل كل فرد من المسلمين. ويشدّد الحديث الشريف (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) على المساواة في المسؤولية بين الحاكم والرعية. فهذه الأخيرة تخضع للحاكم طالما هو متقيّد بتعاليم الدين، وإلا فإن من واجب المسلمين التصدي للحاكم الجائر الذي يخالف تعاليم الله في كتابه الكريم. وقد جاء في الحديث النبوي الشريف:«إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» و«ومن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، لأن السكوت عن الجور والظلم هو مشاركة به. فالعدل في الرعية هم أساس الحكم والسلطة. وهذا العدل لا يتحقق بصورة سليمة إلا عندما يشارك كل الأفراد بتحمل مسؤولية الحكم إلى جانب الحاكم ومنعه من الانحراف عن طريق الصواب. وهذه المشاركة يجب 10).م على أساس احترام حقوق الآخرين وكرامتهم «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة». (سورة النور الآية 10). وعلى أصحاب السلطة احترام حقوق الآخرين في بيوتهم وحياتهم الخاصة. فحرمة المنزل مصانة في الإسلام ولا يجوز خرقها تحت أي ستار «يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أذكى لكم، والله بما تعملون عليم» (سورة النور الآية 27).
والحياة الخاصة لها حرمة، وهي حق من حقوق الإنسان لا يجب انتهاكه (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) (سورة الحجرات الآية 12)، (وليس البرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها، ولكن البرّ من اتقى واتوا البيوت من أبوابها) (سورة البقرة الآية 189).
وحرية التعبير عن الرأي والمعتقد هي حق أساسي من حقوق الإنسان. فالإسلام ينطلق من عدم الإكراه في الدين، أو إجبار الناس على الإيمان رغماً عنهم، وهو يترك لكل إنسان الحرية الكاملة بالاعتقاد بما يريد (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي) (سورة البقرة الآية 256)، ويأمر على التوجه للآخرين بأحسن الكلام وألطفه، احتراما لآرائهم ومواقفهم ومشاعرهم (وقولوا للناس حسناً) (سورة البقرة الآية 83)، ولاسيما إذا كانوا من أصحاب المبادئ أو العقائد الدينية الأخرى. فهنا الإسلام يفرض احترام عقائد هؤلاء، وحقهم في ما اختاروه لأنفسهم من مبادئ (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) (سورة النحل الآية 125).
وقد قام الخلفاء الراشدون والذين أتوا من بعدهم على رأس الدولة الإسلامية في عهديها الأموي والعباسي، بتطبيق هذه التعاليم أسوة بما قام به الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندما أعطى أهل نجران عهداً «بالأمان على أنفسهم وأموالهم وأرضهم ودينهم، وأنهم في جوار الله وذمة رسوله، لا يغيّر أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته».
وهكذا نرى بأن الإسلام حقّق تطوراً ملحوظاً في ترسيخ المبادئ القائمة على المساواة والعدل بين المواطنين، وحماية حرياتهم وحقوقهم. وهو، مع ما سبقه من سنن وشرائع دينية ودنيوية، سيكون المرتكز الأساسي الذي ستنطلق منه النظريات الفلسفية، والاجتماعية، والسياسية، والحقوقية، التي ستعالج موضوع الحريات الإنسانية في شكلها الفردي والجماعي.

محمد تماسين
2012-08-05, 11:31
نظرية القانون الطبيعي
أ) في مفهوم القانون الطبيعي.
تنطلق نظرية القانون الطبيعي من فكرة بسيطة مؤداها أن ليس هناك نظام بدون قانون، لأن غياب النظام وبالتالي القانون الناجم عنه يعني وقوع الناس في تيه عميق، فلا يعودون يعرفون كيف يتصرفون، أو لماذا يتصرفون بشكل معين دون الآخر.
فالنظام، الذي يخلق بالضرورة علاقات منظمة، هو حاجة ملحّة للحياة الاجتماعية بمختلف أشكالها ومستوياتها. وعلى هذا الأساس يكون لكل مجموعة إنسانية ـ مهما كانت درجة بدائيتها ـ نظمها أو قوانينها الخاصة التي هي في أصل بقائها واستمرارها.
ويعتبر الإنسان البدائي قانونه مقدساً. وهذا القانون الذي لا يجوز لأحد أن ينتهكه أو يتحداه ليس من صنع الزعيم أو المشرع، أو القاضي، وإنما من صنع الأزل[1]. وإذا ما قام هذا الإنسان البدائي بانتهاك القانون، فإنه لا يمكن أن يصل إطلاقاً إلى درجة الشك بشرعيته، لأنه يعتبره قانون حياته، وقانون وجوده، والمعبِّر عما يجول في خاطره.
وتتمثل سمات هذا القانون، الذي هو هبة للإنسان مثل الأرض التي يعيش عليها، في عدة أمور:
1ً- أن ليس له شكل القانون المدوّن أو المكتوب.
2ً- أنه لا يمكن حصر أحكامه في أنماط واضحة.
3ً- أنه يمكن أن يتغيّر عن وسط اجتماعي لآخر.
4ً- أنه في أساس القواعد التي يتضمنها القانون الوضعي[2].
وبما أن هذا القانون الطبيعي يتمتع بحرية تصل إلى حدود القداسة، فإن من المتعارف عليه هو خضوع جميع الناس له حكاماً كانوا أم محكومين، لأنه قانون الجماعة، وليس قانون الحاكم[3].
وباعتبار أن القانون الطبيعي يعلو على الحاكم الذي لا يستطيع تغييره أو الخروج عليه، فإن كل أمر يخالفه يكون باطلاً[4]، لأن القوة التي يتمتّع بها هذا القانون مستمدّة من الله أو من الجماعة، ولها قداستها المطلقة، ولا سلطة للحاكم عليها مهما كان حكمه استبداديا[5].
بيد أن هذه الإطلاقية تخضع للواجبات العامة التي يفرضها النظام الأخلاقي، والتي يمكن الدلالة على بعض مكوِّناتها كما يلي:
1. أن القانون الأخلاقي يرفض رفضاً تاماً أي استخدام تعسفي للحياة، لأن هذه الحياة تعطى لنا من أجل هدف محدّد، ولذا يجب الحفاظ عليها لبلوغ هذا الهدف الذي هو في النهاية الخضوع لمجموع الواجبات.
2. أن الإنسان لا يكون كائناً أخلاقياً ولا يستطيع، بالتالي، تحقيق هدف وجوده إلا بشرط العمل، والعيش بذاته، وأن يكون الصانع الحقيقي والفعلي لأعماله، وعندها يصبح من واجبه الدفاع عن حريته الشخصية مثلما يدافع عن حياته، وأن يقاوم كل إرغام خارجي، وألا يخضع في النهاية إلا لصوت ضميره.
3. أنه لا يمكن وعي الحرية بدون العقل. فالفكر غير الواعي يمكن أن يؤدي إلى الكثير من الشطط والانحراف في سلوكنا. ولذا، فإن علينا محاسبة أنفسنا على المبادئ التي تحكم وتسيّر سلوكنا. فالعقل لم يعطَ لنا بدون سبب، وله غاية سامية كغاية الحياة نفسها.
إن هذه الواجبات البديهية والإجبارية تؤدي إلى حقوق مشتركة بين كل الناس. فواجب المحافظة على الذات، والاستخدام العام لوجودنا يؤدي إلى نتيجة ضرورية هي عدم انتهاك الحياة الإنسانية، وبالتالي إلى حرية التمتع بهذه الحياة كما يحلو لنا بشرط احترام القواعد العامة للنظام، أي للحرية الفردية.
وهذه الأخيرة تتضمن بدورها الحق بالتصرف بالأشياء التي امتلكناها عن طريق العمل بالشكل الذي نراه ملائماً. وهكذا يتكرّس حق الملكية الخاصة بنفس طريقة تكريس الحرية الفردية، واحترام الحياة الإنسانية.
كذلك فإن الواجب الذي يأمرنا بالحفاظ دائماً على حرية خيارنا، أي أن نكون أشخاصاً أخلاقيين لا يعملون إلا بحسب قناعاتهم، يعطينا حرية أساسية هي حرية الضمير.
وعلى حرية الضمير يرتكز وجودنا الأخلاقي الذي هو الشرط العام لكل حقوقنا وواجباتنا، وهي حرية تحمل في طياتها الاحترام لكرامة الآخرين، ومعتقداتهم، وآرائهم.
وأخيراً، فإن حرية التفكير تنبع من الواجب الذي يأمرنا بالبحث عن الحقيقة بكل طاقات ذكائنا. وبما أن التفكير، بحد ذاته، هو حر، وأن ليس هناك من قوة رادعة تمنع الإنسان من أن يفكر على هواه، فإن هذه الحرية مقدسة، مثل الحياة، ولا يمكن التنازل عنها.
هذه الحريات أو الحقوق هي شاملة كالواجبات طبيعياً. عنها، مما يعني بأن كل الناس متساوين أمام القانون الأخلاقي، بالرغم من عدم المساواة في طبيعتهم الجسدية وقواهم. وهي مجتمعة تشكل حقوقاً طبيعية أو قانوناً طبيعياً.
وإذا كان القانون الأخلاقي هو علم واجباتنا، فإن القانون الطبيعي هو علم حقوقنا الشخصية. وفكرة القانون الطبيعي ليست جديدة. فهي قد ظهرت في كتابات فلاسفة اليونان من أمثال أفلاطون، وأرسطو، وأبيقور. وتحدثت عنها مدارسهم الفكرية مثل المدرسة الأبيقورية، والرواقية. وهذه الفكرة تبدو أكثر وضوحاً في كتابات الرواقيين، ولاسيّما المتأخرين منهم من أمثال شيشرون، المفكر والخطيب الروماني المشهور (106 – 143 ق.م). وقد ركّز الرواقيون في أحاديثهم عن القانون الطبيعي على وجود «قانون عام للكون، وهو قانون عقلي مسيطر على الآلهة وعلى الناس جميعاً، وهو أعلى من المواصفات الاجتماعية ومن قوانين المدينة»[6]. واهتموا بالإنسان ورأوا أن أهم ما فيه «هو النفس، وأهم ما في النفس العقل الذي هو مصدر التصوّرات ومصدر الإرادة»[7]، وطالبوا بالحياة وفقاً «للطبيعة العاقلة» التي هي الخير المطلق. وعلى غرار المدرسة الرواقية، يتحدث شيشرون عن القانون الطبيعي الذي يعتبر أن مصدره هو العقل الكوني، ويرى بأن القانون الطبيعي «واحد، مطلق، وعام، وأبدي، وهو بديهي واضح بذاته، ولا يحتاج المرء من أجل إدراكه إلا أن يعمل ذهنه ليلقاه أمامه. والقانون الذي هو بهذه الصفات يعلو على كل تشريع آخر، وليس لأي تشريع آخر أن يعطّل أحكام القانون الطبيعي الأعلى، ولا لأي حاكم أن يناقضه. هذا القانون الطبيعي العام الإلهي يجعل من البشر متساوين في ما بينهم ويجعلهم مواطنين على نفس المستوى الواحد، وخاضعين جميعاً لنفس المثل الأخلاقية»[8].
هذه الأفكار التي طرحها شيشرون، والمدرسة الرواقية من قبله ستؤسس لظهور مدرسة القانون الطبيعي التي ستحتل مكانة كبرى في كتابات المفكرين، والمؤرخين، ورجال القانون، في عصري النهضة والأنوار.
في الواقع، أن البداية الفعلية لقيام مدرسة الحق الطبيعي ستكون مع عصر النهضة الذي سيشكل منعطفاً كبيراً في التاريخ الأوروبي، على عدة صعد.
فمن جهة، ستساعد الحركات الدينية الإصلاحية، وعلى رأسها البروتستانتية، في تكريس وجود الفرد كموضوع مستقل بحد ذاته.
ومن جهة ثانية، سوف يسمح الانفصال بين الكنيسة والدولة للفرد بالدفاع عن نفسه بوجه هيمنة رجال الدين، وتسلط النظام السياسي.
وسيلعب بعض علماء اللاهوت الأسبان كفيتوريا وسواريس دوراً مباشراً وفعالاً في تكريس نظرية الحقوق الذاتية الملازمة للطبيعة البشرية والتي لا يمكن فصلها عنها. كما سيقوم هذان المفكران بوضع المبادئ الأولى للقانون الدولي، ولعقيدة حقوق الإنسان.
ويعتبر فيتوريا (1480-1546) أن العقل هو ميزة الإنسان الأولى، وأن البشر مضطرون للتفاهم حول بعض مبادئ القانون التي يمليها العقل. وبما أن العقل هو الذي يفرض هذه المبادئ أو القواعد، فهذا يعني أنها كونية وغير قابلة للإلغاء.
وبطريقة مماثلة سيقول سواريس SUAREZ (1548 – 1617) أنه إذا كان الحق الطبيعي قد تكون عن طريق القوانين الطبيعية الناجمة عن إرادة الله، فإن هذه القوانين لا يمكن أن تدرك إلا عن طريق العقل الذي وضعه الله في الإنسان، والذي يشكل جزءاً أساسياً من الطبيعة البشرية.
كذلك سيحدث هذان المفكران شرخاً في اللاهوت الكاثوليكي السائد آنذاك، عندما سيعترفان بالمساواة في الحقوق بين المسيحيين وغير المسيحيين، وذلك في مرحلة اكتشاف القارة الأميركية أو العالم الجديد. وسيقوم فيتوريا VITORIA بالدفاع عن الحقوق الطبيعية للهنود بوجه المستعمرين الأسبان، وسيقول أنهم، بَشر، وبالرغم من وثنيتهم، يمتلكون نفس حقوق وكرامة الإنسان. أي أن القول بفكرة جماعة عالمية مؤسسة، ليس فقط على الإيمان، وإنما أيضاً على الانتماء إلى الطبيعة والكرامة الإنسانية، أعطت حقوق الإنسان طابعها الكوني الحقيقي.
إن محاولات التجديد اللاهوتي الإسباني هذه لن تذهب سدى، بل سيكون لها وقع كبير في هولندا، وفي الجامعات الألمانية من خلال مفكرين كبيرين هما غروتيوس وبوفندورف[9].
1. غروتيوس GROTIUS[10].
بدا غروتيوس، ومنذ مؤلفاته الأولى، كبرجوازي هولندي واعٍ لمصالح بلاده التجارية التي كانت قد بدأت تأخذ منذ مطلع القرن السابع عشر، شكلاً «عالمياً» يتميّز بالتطلع نحو أسواق الشرق البعيدة، وخاصة الهند، كمصدر للعديد من السلع الهامة للتجارة الأوروبية. فكي يبرّر للهولنديين، وخاصة لشركة الهند الشرقية تصرفاتها تجاه منافستها البرتغال، التي كانت تمتلك، أيضاً، أسطولاً تجارياً كبيراً، سيقوم غروتيوس،كمحام ورجل قانون، بوضع دراسات قانونية عن حرية الملاحة، والتجارة، وحق المصادرة، وغيرها من الدراسات التي ستلعب دوراً بارزاً في إرساء قواعد القانون الدولي العام.
إلا أن أهم مؤلفاته على الإطلاق يبقى «قانون الحرب والسلم» الذي سيضمّنه نظريته في القانون الطبيعي. وهذا الكتاب هو دراسة مفصّلة في القانون الدولي تتناول القضايا العامة التي كانت تطرحها آنذاك العلاقات المتزايدة، والمتشابكة أكثر فأكثر بين الدول، وذلك انطلاقا من نظريتين: نظرية القانون، ونظرية الدولة.
وتتلخص نظريته في القانون الطبيعي بتقسيم القانون، بشكل عام إلى قسمين: قانون مستقل عن أي إرادة، وتكمن قيمته في ذاته، هو القانون الطبيعي. وقانون آخر، مشتق من إرادة معينة، هو القانون الإرادي أو الوضعي.
ويحدّد لنا غروتيوس القانون الطبيعي بأنه «قرار للعقل الصائب يدلّ على أن فعلاً ما، حسب ملائمته أو عدم ملائمته للطبيعة العاقلة والاجتماعية، يوصف من الناحية الأخلاقية، بالضروري أو بالدنيء، وأن مثل هذا الفعل، بالتالي، هو مما أمر به أو حرّمه الله صانع هذه الطبيعة»[11].
ولكي يخفّف من تعقيد تعريفه هذا، يعدّد لنا غروتيوس بعض مبادئ القانون الطبيعي التي يحاول من خلالها توضيح أفكاره.
- بين هذه المبادئ أو القواعد للقانون الطبيعي يذكر غروتيوس، ومن الناحية الدينية، فضيلة احترام الوعود المقطوعة والبرّ بها، والتعويض عن الضرر الناجم عن خطأ معيّن، كما يذكر فضيلة الامتناع عن الاستيلاء على أملاك الغير، لاسيّما وأن القانون الطبيعي يضمن المُلكية: «إن المُلكية كما هي مستعملة حالياً قد أنشأتها الإرادة الإنسانية، لكن منذ أن أنشئت، فإن القانون الطبيعي يعلمني بأنني أقترف جريمة عندما أستولي على ما هو موضوع ملكيتك ضد مشيئتك»[12].
- القانون الطبيعي، وبعكس ما يقوله المنظّرون الدينيون، ليس هو الإرادة الإلهية، وإنما هو مشتقّ، برأي غروتيوس، بصورة غير مباشرة عن هذه الإرادة، لأن الله خالق الطبيعة لا يقبل بوجود شيء مخالف لقوانين هذه الطبيعة.
- القانون الطبيعي ثابت لا يتبدّل، لأن طبيعة الإنسان في عناصرها التكوينية هي نفسها دائماً في مختلف العهود، وفي كل الدول.
- إن مصدر القانون الطبيعي موجود في الطبيعة الاجتماعية للإنسان التي تجبره على الدخول في علاقة مع أقرانه بصورة ودّية. وهذا الإرغام على الارتباط مع الآخرين يؤدي إلى نتائج هامة تتعلق بالحقوق المتبادلة التي يجب أن يوافق عليها أعضاء المجتمعات المختلفة.
ويعمّم غروتيوس هذه المبادئ على الدول أيضاً. فالدولة تجد فوقها مجموعة من القواعد التي يتوجب عليها احترامها. وإذا ما حكمت الدولة رعاياها، خلافاً لأوامر الله والقانون الطبيعي، فإن هؤلاء الرعايا لا يعودون مجبرين على طاعتها[13].
2. بوفندورف PUFENDORF[14].
درس بوفندورف، منذ مطلع شبابه، وبحماس متناهٍ الفلسفة والقانون الطبيعي، وتأثر بشكل خاص، بغروتيوس الذي يعتبره أستاذاً له. وقد ترك عدة مؤلفات في التاريخ والقانون، من أشهرها كتاب «قانون الطبيعة والناس» الذي يشرح فيه نظريته في القانون الطبيعي.
يقول بوفندورف أن الله خلق الأفكار والعادات التي تحكم أفعال البشر وطباعهم من أجل إدخال النظام والجمال في الحياة الإنسانية، وأن الله ينظّم استخدام حرية الإنسان ويعيّن له الحدود. وأن الإنسان يجد نفسه خاضعاً للعلاقات الواجبات.ة بسبب الأوضاع العامة للمجتمع الإنساني الذي يصبح جزءاً منه بعد ولادته، وكذلك بفعل الشروط الخاصة التي يولد فيها مثل وضع عائلته الاجتماعية، والزواج، والأبوة، وواجبات الأبناء الخ... وهي حالات أخلاقية تنتج بعض الحقوق، وتولّد بعض الواجبات.
هذه الحالة الاجتماعية يسمّيها بوفندورف حالة الطبيعة. وهي تتضمّن حقوقاً وواجبات للناس تجاه بعضهم البعض. ومن نسيان، أو ممارسة هذه الحقوق ومن احترام أو احتقار هذه الحقوق تتولّد حالتان أخلاقيتان متعارضتان في المجتمع: السلم والحرب.
وكما أن العلاقات التي تؤلف القوانين الأخلاقية للكائنات لا توجد إلا بأمر الله، كذلك فإن القوانين التي تحكم الدول لا توجد إلا من خلال تشريعات الأشخاص المعنويين الذين يتمتّعون بهذا الحق، والذين يقع عليهم فرض بعض القواعد، وبعض الموجبات. وأن كل قانون إنما يقوم على أمر من سلطة عليا، سواء أكانت سلطة الله أم سلطة الإنسان.
وبما أن لقوانين الطبيعة سلطة تامة لإلزام الناس، حتى ولو أن الله لم يزدها تأييداً بكلامه المومعين.إن القواعد التي تنجم عنها ترتدي طابعاً أخلاقياً، ويصبح القانون، على هذا الأساس، صفة أخلاقية نحصل من خلالها على سلطة على الأشخاص، أو لامتلاك بعض الأشياء، ويكون لنا بفضلها حق معيّن. كما يتحول الإرغام إلى خاصية أخلاقية نكون بموجبها مجبرين على تلقّي، أو تحمّل، أو القيام بأمر معين.
هذا، ويعتبر بوفندورف المنظّر الحقوقي للقانون الطبيعي أو الحق، منظوراً إليه كحقٍ ضروري وثابت يستنتجه العقل من طبيعة الأشياء.

رواد نظرية العقد الاجتماعي
1. توماس هوبس Thomas HOBBES[1].
عاش توماس هوبس في فترة مليئة بالاضطرابات والفوضى السياسية والأهلية في إنكلترا، حيث كان الصراع على أشدّه بين الملكيين وبين خصومهم الجمهوريين بقيادة كرومويل. وعندما أنتصر هذا الأخير في عام 1640 على الملكية، أضطر هوبس للهرب إلى فرنسا، خوفاً من انتقام الجمهوريين منه، بسبب وقوفه علناً إلى جانب السلطة الملكية. وبعد إقامة استمرت أحد عشرة عاماً في فرنسا، عاد هوبس من جديد إلى إنكلترا، بعد نشر كتابه «لوفايتان» أو «الوحش الأسطوري»، لكن خوفاً هذه المرة من المهاجرين أنصار المَلَكية الذين رأوا في كتابه دعوة للشعب إلى الخضوع للغزاة، أو لمغتصبي السلطة ما داموا قادرين على فرض الأمن، والاستقرار، وحماية أرواح المواطنين.
فما هي الفكرة الأساسية في كتاب «اللوفايتان» أو الوحش الأسطوري.
يرسم لنا هوبس الدولة على هيئة وحش كبير كاسر «تمّ تصوره من أجل حماية الإنسان الطبيعي والدفاع عنه. السيادة هي روح مصطنعة تعطي الحياة والحركة للجسد كله. والثواب والعقاب هي أعصابه. وثروة وأموال جميع المواطنين هي قوته. وسلامة الشعب هي وظيفته والعدالة والقوانين هي عقله وإرادته المصطنعتين. الوفاق هو صحته، والتمرد هو مرضه، والحرب الأهلية هي موته»[2].
وهذا الوحش يمتلك سلطة سيدة فوق سلطة كل الأفراد الذين قبلوا بالتنازل عن كل حرياتهم وحقوقهم، والاتفاق في ما بينهم، بواسطة عقد اجتماعي، على الخضوع لسلطة مطلقة يوكلونها «لشخص ما».
أما الأسباب الداعية لقيام مثل هذا العقد الاجتماعي فهي ضرورة الانتقال من العصر الطبيعي إلى عصر المجتمع المدني المنظم. فما هو العصر الطبيعي في تفكير هوبس ؟
يحتل العصر الطبيعي، أو حالة الطبيعة، مكانة متميّزة في كتابات مفكري العقد الاجتماعي، كمقدمة لدراسة المجتمع المدني الذي تطلعوا إلى تحقيقه. وهو لا يعني الحالة البدائية التي كان الإنسان يعيش فيها في مراحل البشرية الأولى، بقدر ما يعني عدم تطبيق القانون بشدّة من أجل الحفاظ على المجتمع.
فإنسان العصر الطبيعي كان عدوانياً، وأنانياً، تحرّكه فقط غريزة البقاء، أي المحافظة على الذات، ودوافع المصالح الخاصة، دون الاهتمام بأمن الآخرين أو مصالحهم. وبما أن الناس في العصر الطبيعي كانوا يتمتعون بحقوق مطلقة، وحريات كاملة في ظل مساواة تامة في ما بينهم، فإن الصفات التي ذكرناها عن الإنسان أدّت لنشوب صراعات بين الأفراد.
فالعدوانية، والأنانية، وعدم الثقة بالآخرين، وغيرها من الصفات السلبية، لا تستطيع البروز إلا من خلال تحوّل الإنسان إلى ذئب لأخيه الإنسان، أي إلى سيطرة القوة. فالرغبة في القوة، مثلها مثل التطلّعات والانفعالات، غير محدودة.
وبسبب المساواة بين الجميع، وغياب السلطة، تصبح القوة والحيلة هما القضيتان الرئيسيتان في الحرب. وفي هذه الحرب لا توجد مُلكية. ولا يوجد ما هو لك، وما هو لي. بل فقط يكون لكل واحد ما يستطيع أن يأخذ طالما أنه يقدر على المحافظة عليه، لأنه حيث لا يوجد سلطان مشترك لا يوجد قانون، وحيث لا يوجد قانون لا يوجد ظلم[3].
وللخروج من حالة الطبيعة هذه، التي هي حرب الكل ضد الكل، وبدافع الخوف من الموت، وبحافز من العقل، قرّر الأفراد التوافق على التخلّي عن الحق المطلق في كل شيء، وعن حرياتهم الأساسية، وتفويض إدارة شؤونهم إلى شخص آخر. إلا أن هذا الاتفاق يتمّ بمعزل عن صاحب السيادة ولا يلزم أحداً سواهم. فالحاكم ليس طرفاً فيه. والعقد المتفق عليه هو عقد اجتماعي يتنازل بموجبه الأفراد عن كل حقوقهم، وحرياتهم الطبيعية مقابل توفير الأمن لهم.
ويؤدي نشوء هذه السلطة، في مرحلة الانتقال من العصر الطبيعي إلى المجتمع المدني، إلى قيام الدولة. ويجب أن ترتكز هذه الدولة على قاعدة أخلاقية يكون القانون ضمانتها لإشباع غريزة المحافظة على النفس، وحماية الناس من الموت. وكلما ازدادت قوة الدولة، كلما أصبحت أقدر على القيام بمهمتها بشكل صحيح.
هوبس، الذي كان من أنصار السلطة المركزية القوية، أعطى الحاكم سلطة مطلقة بموجب العقد الاجتماعي. فعندما يتمّ إبرام العقد تصبح كل الحقوق والحريات التي فوّضها الناس إلى السلطة المطلقة حقوقاً غير قابلة للنقل، ولا تنفصل عن السيادة. لأن ما يحفظ الدولة ويسمح لها بتأدية مهامها هو السلطة التي يجب أن تكون غير قابلة للقسمة أو التجزئة. ومع الإقرار بأن السلطة المطلقة تسلب الأفراد حقوقهم وحرياتهم، إلا أنها بالمقابل تمنحهم الحياة، والأمن، والاستقرار.
وعلى هذه السلطة واجبات تجاه رعاياها يمكن تلخيصها على الوجه التالي:
1. أن على الحاكم تأمين الأمن لرعاياه، لأن أمان الشعب هو القانون الأسمى. وأمن الشعب يعني المحافظة على حياة المواطنين ضد كل الأخطار، وإفساح المجال أمامهم للتمتع بالمسرّات المشروعة في هذه الحياة.
2. أن على الحاكم ضمان المساواة لرعاياه أمام القانون، وأمام الأعباء العامة.
3. أن الحريات التي يسمح بها الحاكم للأفراد لا تشكل قيوداً على سلطة السيادة، كحرية البيع، والشراء، واختيار المسكن الخ[4].
4. أن على الحاكم مراقبة الأفكار وانتشارها في نشرها.: «فسلطة السيادة تكون حَكَماً يحدّد أي الآراء والمذاهب تعتبر بغيضة، وأيها يؤدي إلى السلام.. وأي الرجال سيراقب الأفكار والمذاهب في كل الكتب قبل نشرها.. إن الحكم الجيّد هو الذي يمتلك سلطة قوية للسيطرة على الآراء».
2. جون لوك John LOCKE[5].
ولد جون لوك قبل ثورة كرومويل بثمانية أعوام، حيث سيقوم والده بالمشاركة في هذه الانتفاضة ضد الملك شارل الأول. وقد درس لوك الطب إلى جانب اهتمامه بالفلسفة والسياسة، وتأثّر كثيراً بفلسفة ديكارت، وبآراء هوبس في العقد الاجتماعي، والتي تبدو واضحة في كثير من جوانب فلسفته السياسية، ولاسيما في كتابه «بحث في الحكم المدني»، حيث سينطلق لوك من نفس افتراضات هوبس، أي من قبول وجود حالة فطرة يليها نشوء عقد اجتماعي، إلا أنه سيصل إلى نتائج مغايرة لتلك التي توصل إليها هوبس.
وهو يعتبر أنه حتى في حالة الفطرة أو الطبيعة، كان الإنسان يمتلك النضج العقلي أو الوعي، وتغمره مشاعر المساواة الطبيعية. وكان كل فرد يستطيع الحفاظ على حريته الشخصية، والتمتع بثمار عمله. ولم يكن ينقص آنذاك سوى وجود السلطة التي تستطيع ضمان مثل هذه الحقوق.
وهكذا، أتفق الأفراد على التنازل عن جزء من حقوقهم وإعطائها للدولة التي أصبحت تمتلك حق الإدانة والعقاب والدفاع عن حقوق الناس. وهذا التنازل عن جزء من الحقوق الفردية تمّ بموجب عقد. إلا أن هؤلاء الذين أصبحوا الآن يمتلكون السلطة العامة لا يستطيعون إساءة استخدامها، لأن هذه السلطة منحت لهم لحماية حقوق الأفراد. وإذا ما قامت الحكومة بإساءة استخدام هذه السلطة عن طريق خرقها لشروط العقد الاجتماعي، فإنه يصبح من حق الشعب عندئذٍ استعادة سلطته الأساسية، أو بالأحرى يصبح من حقّه الشرعي الانتفاض والثورة[6].
والمقاومة، برأي لوك، مشروعة في حالتين. الحالة الأولى، إذا كانت السلطة السياسية غير قانونية، وغير شرعية كما في حالة النظام المطلق الذي لا يجب وجوده في المجتمعات المدنية، أو إذا كانت السلطة تتناقض مع أهداف الحكومة والمجتمع وقانون الطبيعة.
والمقاومة هي حق وواجب على الأفراد الذين يُلزمهم قانون الطبيعة بحماية أنفسهم عن طريق وضع حد لتجاوز السلطة السياسية لصلاحياتها.
وقد رأى لوك بأن حرية الإنسان في المجتمع المدني تتمثّل في عدم خضوعه لأي سلطة تشريعية إلا تلك التي يتمّ اختيارها بالرضي، كما تتمثّل في عدم الخضوع لأي قانون ما لم يكن صادراً عن هذه السلطة.
والسلطة التشريعية تقوم عبر القانون. وهي السلطة العليا في الدولة لأنها تتجه إلى المحافظة على المجتمع، وهي أيضاً روح الهيئة السياسية التي يستمدّ منها أعضاء الدولة جميعاً كل ما هو ضروري لبقائهم وسعادتهم.
أما السلطة التنفيذية فإن دورها يقصر على تطبيق القانون، وتنفيذه، واحترامه.
وتقوم السلطة التامة التي يسمّيها لوك «السلطة الفدرالية» والتي ترتبط بالسلطة التنفيذية، بتولي قضايا العلاقات مع الخارج، والمعاهدات، والسلم والحرب وغيره[7].
وإذا ما كان لوك يصرّ على تقسيم الصلاحيات، ووضعها بين أيدي سلطات ثلاث، فذلك لأنه يرفض كلياً فكرة السلطة المطلقة. إذ لا يمكن، برأيه، إضفاء الشرعية على الطغيان.
إن لوك كان سبّاقاً على غيره، ولاسيّما على مونتسكيو، في موضوع الفصل بين السلطات الثلاث. ولعلّ الفضل يرجع إليه لوحده في هذه الفكرة الأساسية التي سيعمد مونتسكيو إلى شرحها وتفصيلها في كتابه روح الشرائع.
وبالمقارنة مع هوبس نرى بأن لوك أعتبر، على عكس هوبس، بأن الحاكم هو جزء من العقد الاجتماعي. لأن العقد يتمّ بين الأفراد من جهة والسلطة من جهة ثانية. ويبقى حق هؤلاء الأفراد ثابتاً في فسخ العقد عند قيام السلطة بالاعتداء على حقوقهم وحرياتهم. وللأفراد حق إبرام عقد جديد من أجل اختيار حاكم آخر، أو العودة إلى حالتهم الطبيعية الأولى في حالة قيام السلطة بالإخلال بتعهداتها.
3. جان جاك روسو Jean Jacques ROUSSEAU[8].
يعتبر روسو من أهم المفكرين السياسيين الذين تركت نظرياتهم آثاراً ملموسة في المجتمع الفرنسي والأوروبي. ولعلّ هذا التأثير يأتي من كون أن هذه المجتمعات كانت تنتظر آراء كتلك التي أتى بها هذا الفيلسوف. فما هي الخطوط العامة لنظرية روسو السياسية ؟.
يمكن تلخيص الأفكار الأساسية لروسو بما يلي:
- انتقد بقايا التقاليد الإقطاعية السائدة في المجتمع الفرنسي.
- هاجم الفساد وانقسام المجتمع إلى طبقات شديدة التفاوت في الثروة.
- رفض فلسفة الحق الإلهي التي أستند إليها نظام الحكم في فرنسا.
- رفض الإصلاحات المعتدلة التي نادى بها فولتير والاقتصاديون الطبيعيون بإنشاء نظام ملكي مطلق مستنير.
- عارض أفكار مونتسكيو عن النظام ذي السلطات المتوازنة المقتبس عن النظام الإنجليزي.
- نادى بإقرار حريات الإنسان على أن تشمل العمال والفلاحين والطبقة الوسطى.
- طالب بالمساواة وبنظام ديمقراطي مباشر[9].
- ويعالج روسو أفكاره هذه بكثير من التفاصيل في كتبه ومؤلفاته، ولاسيما كتاب «العقد الاجتماعي» وكتاب «أميل أو التربية» وفي «بحث حول اللامساواة بين البشر».
وينطلق في نظريته من اعتبار المجتمع كائناً حيّاً كأي كائن آخر. وبما أن الكائن الحي له إرادة خاصة به، فكذلك المجتمع له أيضاً إرادة خاصة به هي الإرادة العامة أو ضمير الجماعة.
وهذه الإرادة العامة هي التي تصنع المعايير الأخلاقية المناسبة لأعضائها. والقوانين العادلة تنبع منها. وهي السلطة العليا المطلقة والنهائية التي تُلزم كل أفراد المجتمع. وبما أنها الضامنة الوحيدة لحرية المواطنين، فإن على من يريد أن يكون حراً إطاعتها والخضوع لها. والسيادة هي المظهر الوحيد للإرادة العامة. وهذه السيادة لا تقبل التجزئة أو التنازل لأنها إرادة المجموع.
كذلك دافع روسو عن حقوق الفرد في الحياة، والمساواة، والحرية، والتملّك. وقال أن «أول قوانين الإنسان هو قانون المحافظة على الذات»، وهو حق طبيعي للفرد في حالة الحرب، إذ يمنع على المنتصر قتل المهزوم أو استرقاقه.
ولكي يوفّق روسو بين الحق المطلق للأفراد في الحرية، وبين السلطة المطلقة للسيادة كتعبير عن إرادة الشعب العامة، فقد عمد إلى تفسير موسّع لنظرية العقد الاجتماعي. إذ، برأيه، لم ينتقل الإنسان من العصر الطبيعي الذي كان فيه سعيداً إلى المجتمع المنظّم إلا بعد تزايد السكان وتضارب مصالحهم. لذا قام الفرد بإبرام عقد مع أقرانه الآخرين يتمّ بمقتضاه أن يتنازل عن حرياته الطبيعية لقاء التعويض عليه بحريات مدنية كما تنازل عن سلطته إلى الجماعة.
وقد ميّز روسو بين ثلاثة أنواع من الحريات:
- الحرية الطبيعية، وهي سلبية برأيه، لأن أقصى ما تحققه هو عدم خضوع فرد لإرادة فرد آخر في حالة الطبيعة.
- الحرية المدنية، ويحصل عليها الفرد بعد انتقاله إلى المجتمع المنظّم حيث يعيش في ظل قوانين يصوغها بنفسه.
- الحرية الأخلاقية أو الإيجابية، وتعني إلزام الفرد بواجبات المواطن، أي التصرف بمحض إرادته من أجل تحقيق الخير المشترك.
وبما أنه كان متأثراً بتجربة الديمقراطية المباشرة في مدينة جنيف، التي ولد وعاش فيها حتى السادسة عشرة من عمره، فقد وجد أن هذا النوع من الديمقراطية هو أفضل أنواع الحكم.
والديمقراطية المباشرة لا تصلح، كما يعترف، إلا للدول الصغيرة، لأنها تضمن اجتماع المواطنين كلهم، وصدور القوانين عن مجموع الشعب، وتأكيد الإرادة العامة لسلطاتها بشكل يضمن الحقوق والحريات.
أما الديمقراطية غير المباشرة فهي دليل على الفساد السياسي، وسوء استعمال الحكومة لسلطاتها، وتفضيل المصالح الخاصة على المصلحة العامة، وتحوّل النواب إلى سادة للشعب بدل أن يكونوا خدّاماً له. كما تؤدي إلى توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، وهذه كلها اعتبارات تنتقص من الحقوق والحريات العامة.
إن مهمة الدولة الأساسية هي إضفاء الشرعية على العلاقات بين المواطنين عن طريق الالتزام بالامتناع عن تقنين عدم المساواة المبنية على المُلكية، وتدعيم المساواة القائمة على السمة الإنسانية الكامنة في كل البشر. وأن واجب الحكومة هو تطبيق القوانين، والمحافظة على الحريات، وتدبير حاجات الدولة، وحماية الفقراء ضد طغيان الأغنياء، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لمنع عدم المساواة الشديدة في الثروة.
وهذه القوانين يجب أن تعبّر عن الإرادة العامة. فالقانون لا يمكن أن يكون ظالماً لأنه من صنع مجموع الشعب. ودور الحكومة هو في تنفيذ هذه الإرادة الشعبية. فالموكلين «بالسلطة التنفيذية ليسوا أسياداً على الشعب، بل هم مأموروه، وهو يستطيع أن يعيّنهم، وأن يخلعهم حين يشاء»[10].
وأولى روسو اهتماما خاصاً، بالتربية، إذ طالب بنظام تربوي يكفل حق الجميع في التعليم سوياً وبنفس الأسلوب، بحكم أنهم جميعاً متساوون في ظل دستور الدولة.
ولتخفيف فوارق الثروة بين الأفراد، أقترح روسو إقامة قطاع من المُلكية العامة، ومشاركة الناس في المشروعات العامة، وتحقيق المساواة في فرض الضرائب مع مراعاة تناسبها مع المُلكية، وعدم فرضها على ضرورات الحياة، وزيادتها كلما زادت استفادة المواطن من خدمات الدولة.
وهكذا كان روسو يتطلع إلى إعادة بناء الفرد والمجتمع حتى لا يحدث صدام بين مصالحهما، وحتى تكون الغلبة لدوافع الطبيعة لدى الإنسان الذي نفى عنه صفة الشر الفطرية، وأعتبره خيّراً بطبيعته[11]. فالإنسان يولد حراً، ولكن المجتمع هو الذي يكبله بالأغلال. ولذا لا بد من إعادة تأسيس المجتمع القائم الفاسد، على قواعد جديدة. والعقد الاجتماعي، كما يقول، هو الذي يخلق المجتمع السياسي ويحوِّل الفرد إلى مواطن يستفيد من مساواة وحرية أعلى بكثير من المساواة والحرية الطبيعية.

ب. فلاسفة عصر الأنوار:
كان لبداية «الثورة الصناعية»، وما حملته من تطور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تأثير على تطور النقاش الفكري، على المستويين السياسي والفلسفي، بحيث طغى هذا النقاش على مجمل الحياة الفكرية في القارة الأوروبية، وخاصة في فرنسا وإنكلترا. فقد حصل نوع من التفاعل الفكري بين هذين البلدين، وانتشر تبادل الآراء والمواقف انطلاقا من رؤية واحدة تركز على الإنسان ودوره. وتنوّعت مواضيع النقاش لتشمل ميادين مختلفة كالعلوم الإحيائية، والتاريخ الطبيعي، والفضيلة، والمنفعة، والتقدم، والسعادة، والحرية، وغيرها من القضايا التي تدور حول محور واحد هو الفرد باعتباره كائناً اجتماعياً. وكان من أبرز كتّاب عصر الأنوار، مونتسكيو وفولتير اللذان تناولا في مؤلفاتهما العديد من المسائل السياسية والقانونية التي تركّز على أفضل السبل الكفيلة بتطوير المجتمع من أجل تحقيق سعادة الإنسان.
1. مونتسكيو MONTESQUIEU[12].
بدأ مونتسكيو طريقه للشهرة الأدبية في الثانية والثلاثين من عمره، عندما نشر أول مؤلفاته «الرسائل الفارسية Lettres persanes» التي كانت تتناول مسائل إنسانية كالحب، والأخلاق، والسياسة، والدين.
ثم طرح بعد ذلك نظريته السياسية الكبرى في كتابه «روح الشرائع Esprit des lois» الذي تعرّض لانتقاد شديد من فولتير، بسبب افتقاره للترابط والتناسق على حد تعبيره. وسيبرّر مونتسكيو أسلوب كتابه هذا بوجود الرقابة الصارمة التي كان يمكن أن تعرّضه للملاحقة. ويؤكد بأن الفلسفة، عندما تعبّر عن نفسها بوضوح، يمكن أن تهدَّد القواعد الأخلاقية للمجتمع، لأن من واجبها إثارة ومناقشة وتطوير، مسائل صعبة، وأن لطريقته هذه في الكتابة وظيفة تربوية باعتبار أنها تعتمد أسلوب الاتصال غير المباشر.
يبدأ «روح الشرائع» بمناقشة حول القوانين بشكل عام، أو العلاقات الضرورية النابعة من طبيعة الأشياء. «فالقوانين الطبيعية للسلوك الإنساني هي التي تحدّد حاجات الإنسان الملحّة، وهي التي ترسم الحدود والأهداف، وكذلك المعايير الأساسية لوجودنا».
ويختلف النوع الإنساني عما هو الهي أو حيواني. ووجوده متروك لتأثير الذكاء وليس الغريزة. وبطبيعتها لا تستطيع الكائنات الإنسانية، غالباً، التمييز بين أفضل الوسائل للاستجابة لأوامر قوانينها الطبيعية. والقوانين الطبيعية، برأيه، هي نوعية. وعلاقات الإنصاف سابقة على القانون الطبيعي. لأن الإنصاف أو العدالة يسبق المجتمع والذكاء، والإنسانية تفتقر لكليهما. وهناك فردية حادّة في قلب كل إنسان، مملوءة بالقلق، وتفتّش، بيأس، عن السلام والأمن.
ومع أنه يرفض حالة الطبيعة كما يراها هوبس، فإنه يختلف مع روسو، ويتفق من جديد مع هوبس على القول بأن حالة الطبيعة أو الفطرة هي حالة رعب وبؤس.
إن حالة الطبيعة ليست ساكنة، والإنسانية ستدرك سريعاً قيمة الملذّات والامتيازات التي يمكن أن تحصل عليها من الحالة الاجتماعية. إلا أنه، وبكل أسف، ستكون النتيجة الأولى لهذه الحالة الاجتماعية هدّامة، لأنها ستقذف بالإنسانية إلى حالة الحرب. فبعد أن نفقد خشيتنا من الناس الآخرين، فإن حاجاتنا الإنسانية في الأمن والعيش المادي الرغيد، ستميل للسيطرة علينا، وستدفعنا لمحاولة استغلال أقراننا، أو على الأقل، للمحافظة على أنفسنا بوجه استغلالهم.
ولمواجهة مآسي حالة الحرب البدائية، أو الموجودة في حالة الفطرة، فإن العقل يكتشف أهمية بعض قواعد المعاملة بالمثل، الصالحة بشكل عام. وإذا ما طبقت هذه القواعد في القانون الوضعي، فإنها ستثبّت السلام، والأمن، ودرجة مرتفعة من العدالة داخل كل مجتمع مدني، وفي كل الظروف، ما عدا تلك الاستثنائية. لأن قوانين العقل تبرهن لنا بأن الطغيان، أو الحكومة القائمة على الإرهاب هي ضد الطبيعة. بيد أن مشكلة هذه القوانين هو أنها لا تؤكد لنا ما هي الحكومة الصالحة، بطبيعتها، لكل زمان ومكان، وهي لا تعطينا مبدأ شاملاً للشرعية قابلاً للتطبيق مثل العقد الاجتماعي، أو رضا المحكومين. وهذا يعني أن تكون الإنسانية في حالة المجتمع ليست فقط نتاجاً للطبيعة، وإنما أيضاً للبيئات التاريخية والطبيعية المختلفة جداً. لأن «الروح العامة» لكل أمة تعطي لشعبها مجموعة ثانية من الحاجات شبه الطبيعية، أو طريقة وحيدة للتعبير عن الحاجات المشتركة مع بقية البشر. إن ما يقصده مونتسكيو بروح الشرائع هو «تكييف وتعديل أهداف وتعاليم العقل على ضوء الروح العامة لكل أمة»، ولذلك يستمر في رؤية كل ما هو سياسي، وحق، وتشريع كعناصر أساسية في وجود كل مجتمع.
وبعد أن يصنّف شكل الحكومات، يتكلم مونتسكيو عن طبيعتها، أي توزيع السلطة بين المؤسسات، ومن ثم عن مبدئها. ويقول بأن أشكال الحكومات غير الطغيانية القائمة على مبدأ آخر غير الخوف لم تزدهر إلا في أوروبا الغربية تحت شكلين مختلفين: أولهما هو جمهورية المدينة، مثل البولس Polis الأثينية، وبعض الجمهوريات الحديثة كفينيسيا، وثانيهما هو المَلَكية الإقطاعية. وفي حين أن مبدأ الملكية هو الشرف، فإن مبدأ الجمهورية هو الفضيلة. وهي ليست الفضيلة الأخلاقية أو الدينية، بل فضيلة الوطنية المتحمّسة التي حثّت المواطنين على إخضاع طاقاتهم الأنانية لروح الأخوة الزاهدة، والعادلة. ويمتدح مونتسكيو، كثيراً، عظمة هذه الفضيلة، والحرية، والأمن، والمساواة الناجمة عنها.
ويستنتج بأن الدستور الإنكليزي، والنظام التجاري الإنكليزي، هما الوحيدان الصالحان. وأن إنكلترا هي الأمة الأولى والوحيدة في التاريخ المهيأة للحرية. وهي ليست حرية المشاركة في السلطة، بقدر ما هي توفير الأمن لكل مواطن، في حياته الشخصية والعائلية وبحثه عن الأملاك المادية، بمنأى عن كل استغلال أو تهديد. ويعتبر بأن «الروح التجارية» تحمل في طيّاتها الزهد، والاقتصاد، والاعتدال، والعمل، والحكمة، والهدوء، والنظام، وأنها تنتج لدى الناس شعوراً بالعدالة الحق.
ويحاول مونتسكيو من خلال دراسته للدستور الإنكليزي توضيح السياق الدستوري الذي ينتج حداً أقصى من الحرية. وهذه الحرية لا تتحقق إلا عندما يقوم النظام السياسي في الدولة على أساس الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. وإلا إذا ما تجمعت هذه السلطات كلها في إرادة واحدة، فردية أو جماعية، فإن مصير الحرية سيكون إلى التلاشي والزوال[13].
2. فولتير VOLTAIRE[14].
يعتبر فولتير من أهم مفكري عصر الأنوار، ومن أكثرهم شهرة عالمية. وهو يعكس في كتاباته تلك الحركة التحررية التي تميّز بها ذلك العصر، والتي حاولت، أساساً، تحرير العقل الإنساني من التطير، وبشكل خاص من الخرافات الدينية، واستخدام هذا العقل المتحرر في الإصلاحات السياسية والاجتماعية.
يعالج فولتير في كتاباته «الرسائل الفلسفية» و«المعجم الفلسفي» و «تعليقات على روح الشرائع»، مسائل أساسية تتناول الدين، والسلطة، والثروة، والملكية، والإصلاحات الهادفة لصيانة حقوق الإنسان.
وهو، بالنسبة للدين، يهاجم الخرافات والتعصّب. وعداؤه لرجال الدين شديد جداً. إلا أنه لا يصل إلى درجة الإلحاد الواضح. إذ أنه يقر بأنه «يجب أن يكون للمرء دين وأن لا يصدق الكهنة»، ويعترف بأن لديه أرضية دينية أصيلة تنطلق من الإيمان «بالله الذي يحسّ به الفكر لا القلب». ويعتبر فولتير بأن الكفاح الحقيقي هو ذلك الذي يكون من أجل الحسّ العام، إذ «يجب على الإنسان أن يريق دمه من أجل خدمة أصدقائه والانتقام من أعدائه، ومن غير ذلك لا يستحق المرء أن يسمّى إنساناً».
وبما أنه كان يعتبر إنكلترا مرآة للحرية، فإنه رأى بأن «الحرية والملكية هي صرخة الطبيعة»، وامتدح بقوة الدستور الإنكليزي، وطالب بسلطة قوية مركزية من أجل تأسيس الحرية. وأكّد فولتير بأن المظالم التي يتعرض لها الناس ليست من صنع الحكومة، وإنما من صنع الهيئات الحاكمة باسمها مثل القضاة والنبلاء وغيرهم.
وبسبب أصوله الغنية، امتدح فولتير الترف والثروة، وأعتبر أن المساواة هي في الوقت نفسه الأمر الأكثر طبيعية والأكثر وهمية. ولا بد، في رأيه، من وجود طبقات مختلفة، ومن توجيه العلم للبرجوازيين فقط، لأنه «عندما يخوض الرعاع في التفكير، فإن كل شيء مآله للضياع».
لكن هذا كله لم يمنع فولتير من المناداة بالإصلاحات بصوت عال. وهذه الإصلاحات يجب أن تكون إدارية ومدنية. وأن توجه لخدمة حقوق الإنسان، مثل منع التوقيف التعسفي، وإلغاء التعذيب، وعقوبة الإعدام، وضمان حرية الفكر والتعبير، ووحدة التشريع، وتناسب العقوبة مع الجريمة، وتحصيل أفضل للضرائب، وإلغاء بعض الحقوق الإقطاعية وغيرها[15].
إن حقوق الإنسان هي «حرية الإنسان الكاملة في شخصيته وأملاكه، ومخاطبة الأمة بواسطة قلمه، وألا يحاكم إلا من قبل هيئة قضائية مكوّنة من أشخاص مستقلين، وألا يصدر عليه أي حكم إلا بحسب النصوص الدقيقة للقانون، وأن يمارس، بسلام، الدين الذي يشاء».
فولتير الذي يربط بين الفكر والعمل يعتبر بأن مشكلة الحرية ليست فقط نظرية، وإنما هي قبل كل شيء عملية. فأن تكون حراً يعني أن تعرف حقوق الإنسان، وأن تعرف هذه الحقوق يعني أن تدافع عنها. من هنا، فإن حرية الفكر والكتابة، أي وسائل الدفاع عن هذه الحقوق، هي أولى هذه الحريات، وأن أول مرحلة في عملية تحرير الإنسان يجب أن تقتصر على اعتبار هذه الحقوق ثابتة وغير قابلة للتنازل[16].
ج. أنصار الحرية الاقتصادية.
شملت نظرية الحرية الاقتصادية القارتين الأوروبية والأميركية، وكانت بداية لبروز النظام الاقتصادي الليبرالي القائم على حرية المنافسة، والمبادرة الفردية، والخضوع لقوانين السوق المتمثلة في العرض والطلب.
ويمكن تقسيم القائلين بهذه النظرية إلى قسمين: أنصار المدرسة الفيزيوقراطية، وأتباع المدرسة التقليدية.
أولاً: الفيزيوقراطيون Les physiocrates.
يعتبر الفيزيوقراطيون من أوائل الاقتصاديين الذين اقترحوا نظرة شاملة للاقتصاد انطلاقا من إيمانهم بالطبيعة والقوانين الطبيعية. وقد احتل رواد هذه المدرسة من أمثال فرنسوا كيناي Quesnay (1694-1774)، وفيكتور ريكاتي Riquetti، والمركيز دو ميرابو (1715 – 1789) مكاناً متميزاً جعل كثير من الاقتصاديين اللاحقين يعتبرهم بأنهم قد فتحوا الطريق أمام المدرسة التقليدية أو الكلاسيكية في الاقتصاد السياسي، وحتى أمام الماركسية، بفضل تحليلهم للإنتاج والتوزيع في الاقتصاد الرأسمالي، وتوضيحهم لمعنى فائض القيمة. وتحتل الأرض مركزاً أساسياً في تفكيرهم باعتبارها المصدر الوحيد للثروة. وهم ينكرون بأن تكون التجارة والصناعة مصدراً لإنتاج القيم الجديدة، لأن دور هذه القطاعات يقتصر فقط على تحويل القيم المنتجة زراعياً.
والعمل، برأيهم، لا ينتج أية قيمة لوحده. وحتى العمل الزراعي فإنه لا ينتج قيمة إلا بمقدار ما يطبق على الأرض.
ويهتم الفيزيوقراطيون بالحقوق الاقتصادية، وخاصة بحق المُلكية، لأن النظام الأساسي للمجتمعات لا يقوم إلا على الملكية. ولذا يجب أن تكون هذه الملكية حصرية، وإلا فإنها تفقد صفتها.
كذلك، فإن السوق، والفردية هما أساس الحياة الاقتصادية.
والمُلكية العقارية الخاصة، والمطلقة، هي الشكل الصحيح للملكية. وعلى الدولة أن يحكمها الملاكون العقاريون. ويتطلب نظام المُلكية الاقتصادية هذا تحرير الأرض من الضريبة، وكذلك تحرير العمل منها، إذ لا يجب أن تفرض هذه الضريبة إلا على فائض القيمة أو الربح الصافي. لأن كل ضريبة مفرطة على الثروة الزراعية تضعف الاقتصاد بمجموعه.
وبما أنهم يحلمون برأسمالية زراعية، فإن الشرط الأساسي لوجود هذه الرأسمالية هو الحرية. و«الاستبداد القانوني»، أو الحكومة المطلقة هي النموذج المطلوب لتحقيق هذه الرأسمالية على أن تكون حكومة لاتدخلية. وهذه النقطة تميّز الفيزيوقراطيون عن الاقتصاديين السياسيين التقليديين الذين يعتبرون بأن التنمية الاقتصادية، وحماية الملكية الخاصة يتطلبان نظاماً تمثيلياً يعكس ويطور حرية السوق.
وانطلاقا من لاتدخلية الحكومة طرح الفيزيوقراطيون شعارهم المعروف: «Laissez faire, Laissez passer دعه يعمل، دعه يمرّ. أطلقوا حرية العمل، أطلقوا حرية المرور والانتقال»[17].
وقبل اندلاع الثورة الفرنسية الكبرى في عام 1789، سيناضل الفيزيوقراطيون من أجل حرية تجارة الحبوب، وإلغاء القيود على حرية السوق في عام 1760. كما أن عقيدتهم سوف تتطور بين 1770 و1780 إلى دفاع واسع عن الملكية الخاصة، والفردية الاقتصادية، والإصلاحات السياسية.
وقد كان «لهذه المدرسة تأثير كبير في أواخر القرن الثامن عشر، ومن نتائج هذه والنظرية إلغاء الحواجز الجمركية في داخل البلاد، والسماح بنقل الغلال بحرية، وإلغاء الجمعيات الحرفية، والأخذ بمبدأ حرية العمل. هذا، وقد أثّرت فكرة الناتج الصافي على التشريع الضرائبي في عهد الثورة الفرنسية ففرضت نصف أعباء الضريبة على الملكية العقارية»[18].
ثانياً: المدرسة التقليدية L'école classique.
عديدة هي، في الواقع، الأسماء اللامعة في هذه المدرسة الاقتصادية الكبرى التي وجدت أنصاراً لها في مختلف أنحاء القارة الأوروبية. لكن، وبما أن مؤسسيها ينتمون لإنكلترا، فإننا سنقصر دراستنا، هنا، على أفكار رائدين كبيرين من الذين أرسوا دعائمها في عالم التفكير الاقتصادي، وهما آدم سميث، وجون ستيوارت مِل.
1. آدم سميث Adam SMITH[19].
كغيره من أقطاب الفكر الاقتصادي في عصره، دخل سميث إلى هذا الميدان من باب الفلسفة. وقد حقّق له كتابه «نظرية المشاعر الأخلاقية» ما يكفي من الشهرة لكي يصبح أستاذاً للمنطق، ومن ثم للفلسفة في جامعة غلاسكو. إذن، هو قبل كل شيء، فيلسوف يستخدم آراءه الأخلاقية والقانونية لمعالجة مسائل الاقتصاد السياسي. ولذا، سيحاول في كتابه «أبحاث في طبيعة وثروة الأمم» إيجاد نموذج معياري، وتفسيري للسلوك الإنساني في الميادين الاقتصادية انطلاقا من نظام «الحرية الطبيعية، والعدالة التامة، والبرهان على أن المنافسة، والبحث عن المنفعة الشخصية يمكن أن يسمحا بخلق نظام اجتماعي متناسق. فهناك انسجام تام بين مختلف المصالح الفردية وبين المصلحة العامة. ومع أن المنتج، كما يقول، لا ينظر إلا إلى ربحه الخاص، فإن يداً خفية تدفعه دفعاً، ومن حيث لا يعلم، إلى الهدف الأسمى الذي يتلاءم مع المصلحة العامة»[20].
وبرأيه، أن ثروة الأمم تدافع عن حرية التجارة والمنافسة على المستويين الوطني والدولي، وترفض بعنف القيود التجارية، والامتيازات الاقتصادية والاحتكارية.
وبالتعارض مع بعض الطروحات المتطرفة للفردية التي ستنمو لاحقاً، يلحّ سميث على الشروط المؤسساتية الضرورية كي يستطيع كامل المجتمع الاستفادة من التقدم الاقتصادي على مختلف الصعد الأخلاقية، والسياسية، والمادية.
سميث كان قد تأثر بآراء فلاسفة عصر الأنوار، ولاسيما بآراء صديقه دافيد هيوم. وهو، كهذا الأخير، يرفض الفكرة القائلة بأن العقد الاجتماعي يشكل أساس الدولة. فالدولة، بالنسبة له، ترتكز على استعدادات بسيكولوجية، واجتماعية، وخاصة عادة احترام السلطة القائمة، ونوع من حسّ المنفعة لأشكال الحكم الموجودة.
وبما أن سميث «يؤمن بالحرية الاقتصادية، فإنه لا يسمح بتدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، ويعتبر هذا التدخل ضاراً بالمصلحة العامة»[21].
والحرية عند سميث، كما عند هيوم، هي مفهوم قانوني يرتكز على الحق بالأمن الشخصي، وعلى حقوق المُلكية في دولة دستورية، حيث تقتصر العدالة على عدم الإضرار بحقوق الآخرين. ومهمة العاهل هي الدفاع عن المملكة، والعدالة، لأن ضغط المصالح الخاصة هو في أساس الإضرار بمبدأ العدالة. لكن، وبالرغم من حصر مهمة الدولة في تأمين العدالة بشكل صحيح، فإن سميث يعتبر بأن على الحكومة مسؤولية هامة في ما يختص بالتربية، وواجب التدخل في بعض ميادين النشاط الاقتصادي التي لا يمكن تركها للقطاع الخاص.
واهتمام الدولة بالتربية يجب أن يكون كبيراً لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن تقسيم العمل على أساس القدرات العقلية، والاجتماعية، والسياسة للناس. ويقدّر سميث أن على المؤسسات توجيه الطاقات، وفرض احترام المصلحة العامة لأن الطبيعة الإنسانية تنحو إلى الأنانية والسيطرة عندما تسنح لها الفرصة بذلك. من هنا، فإن على القانون مراقبة التصرفات الاجتماعية، وضمان التناغم بين المصالح الخاصة والعامة.
2. جون ستيوارت مِل Jhon Stuart – Mill[22].
يلتقي جون ستيوارت مِل مع آدم سميث في كونه، أيضاً، فيلسوفاً واقتصاديا في الآن نفسه.
ومنذ السادسة عشرة من عمره أقحم مِل نفسه في المناقشات الفلسفية، والسياسية، والاقتصادية، وأخذ في أحيان كثيرة مواقف متطرفة، كمثل توزيعه لمنشور يطالب بتحديد النسل في أحياء لندن العمالية، مما أدّى به إلى دخول السجن لليلة واحدة.
وبسبب خضوعه لنظام تربوي قاسٍ من قبل والده، الذي كان اقتصاديا، وجيرمي بنتام، صديق الوالد، حيث أجبر مِل على دراسة النظريات الاقتصادية والإلمام بقسط وافر من الثقافة العامة التي كانت سائدة في عصره، وهو لم يزل بعد في الثامنة عشرة من العمر، فقد انتقد بشدّة هذا النظام التربوي، وأعتبره بأنه يركز كثيراً على تنمية الفكر التحليلي، دون أخذ المواقف الانفعالية أو العاطفية بعين الاعتبار.
أفكار مِل الفلسفية توزعت في عدة مجالات. فهو، وتحت تأثير الكاتب الفرنسي الكسي دي توكفيل، توصّل للاقتناع بأنه يجب المحافظة على تعارض الأفكار والآراء في المجتمع.
وللحفاظ على حقوق الأقليات، فقد طالب مِل بوجود نظام تمثيل نسبي.
ودافع عن حقوق المرأة الاجتماعية والانتخابية، وأعتبر أن استبعاد النساء من المشاركة في الحياة السياسية هو بلا معنى، لأن كل الناس يجب أن يتمتعوا بحق التصويت من أجل تشجيعهم على المساهمة في الحياة الاجتماعية.
كما دافع عن استقلالية الموظفين في أعمالهم، وطالب بوجود برلمان لا تقتصر وظيفته، فقط، على وضع التشريعات أو تعديلها، بل أن يتضمّن هذا البرلمان لجان متخصصة تكون مهمتها تحضير كل ما هو ضروري من مشاريع القوانين.
ورأى أن الحياة السياسية السليمة تكون بالتوفيق بين أمرين: تحقيق أوسع مشاركة اجتماعية وقيام حكومة تقدمية من جهة، والاحتفاظ للنخبة الثقافية والأخلاقية بتأثير كبير على كامل المجتمع من جهة ثانية.
وفي كتابه «مبادئ الاقتصاد السياسي» رفض مِل الرأسمالية، وبدا مؤيداً للاشتراكية. ففي النظام الرأسمالي، كما يقول، لا يقوم العمال بحكم أنفسهم، فضلاً عن أن الانقسام بين الملاكين والعمال لا يسمح بقيام الديمقراطية السياسية. ولذا، فإنه يطالب بوجود اقتصاد تنافسي تكون فيه المصانع ملكاً للعمال.
وبانتظار تحقيق الاشتراكية، طالب مِل بجعل المُلكية أكثر قبولاً عن طريق إدخال حقوق على الميراث، ومنع الملاكين العقاريين من قطف ثمار جهد عمالهم.
مِل كان مأخوذاً بفكرة الدفاع عن الحرية في مجتمع ديمقراطي. وهو يعتبر الحرية بأنها الشرط الرئيس للسعادة، لأن السعادة تفترض تنمية الشخصية، الأمر الذي لا يمكن أن يتم بدون حرية: لأن الحرية هي وجه من وجوه السعادة، وهي شرط أساسي للبحث عن أشكال أخرى من السعادة.
ودافع مِل «عن مبدأ الحرية الفردية، وأعتبره الدعامة الأولى للنظام الاجتماعي».
كما دافع عن مبدأ المنافسة الحرة، وأخذ بقاعدة عدم التدخل وترك الأمور على سجيتها، ولكنه ترك، مع ذلك، مجالاً لبعض الاستثناءات التي لا بد منها، والتي لا بد من التسليم فيها، في الحالات التالية:
1. التعليم، وجعله إلزامياً على الآباء، دون الأخذ بمبدأ احتكار الدولة للتعليم.
2. حماية الأطفال، والشباب، وكل ما يتعلق بالأخلاق العامة.
3. مد يد المساعدة للضعفاء والفقراء.
4. الاستعمار وهو يتعلق، في نظره، بالحضارة الإنسانية.
5. قيام الدولة مباشرة ببعض المشاريع والأعمال التي يقصّر فيها الأفراد، أو يعرضون عنها إما لعدم ميلهم إليها، أو لعدم تأمينها للربح المادي المطلوب[23].

نور الفجر02
2012-08-05, 11:50
السلام عليكم اين يقام ماجستير حقوق الانسان ممكن تفيدوني بالولاية

شهد حنان
2012-08-05, 18:42
في ولاية ورقلة اختي

maouia
2012-08-05, 18:52
كاش توقعات انتاع اسئلة في مجال حقوق الانسان و الحريات العامة ؟؟؟؟؟؟ظ

maouia
2012-08-05, 19:02
الطريقة اسهلة و الناجعة هي مراجعة عامة و سطحية للمقياس ثم تفضلو على بعضكم ا البعض باسئلة و التوقعات و حل بعضها مع الاعضاء ادا امكن لتعم الفائدة و ربي يوفقكم ان شاءالله و يكونو ناجحين من المنتدي انتاعنا يا رب

محمد تماسين
2012-08-06, 11:00
نظرية الديمقراطية الليبرالية
عرفت الديمقراطية، منذ المحاولات الأولى لتطبيقها في الدول اليونانية، أنماطاً مختلفة من التطور حتى وصلت إلى صيغتها الليبرالية ابتداء من القرن الثامن عشر بفضل مساهمات كبار الكتاب والمفكرين الذين أولوا الفرد ودوره في المجتمع السياسي مكانة خاصة جعلت منه محور الحركة الاجتماعية بشتّى وجوهها.
ولقد أثبتت التجارب السياسية حتى الآن بأن الديمقراطية، كنتاج للعقل الغربي بشكل عام والأوروبي بشكل خاص، هي أرقى الصيغ السياسية – الدستورية لبناء الدول الحديثة على أساس احترام حريات الإنسان وحقوقه.
ومع أن هناك وجهات نظر متعدّدة لفهم الديمقراطية ومحاولات تطبيقها، فإنه يمكن القول بأن معظم هذه الأفكار، باستثناء الديمقراطية الشعبية، يمكن وصفها إجمالاً بالليبرالية.
فما هي الخطوط العامة لهذه الليبرالية، وما هي المفاهيم التي تنطلق منها ؟
تتسم الليبرالية بنوع من الفردية الحادة التي تجعل من وجود الكائن الإنساني محور اهتمامها. وهي تتمسّك بكل ما يضمن وجود حياة فردية متكاملة تسهّل لهذا الكائن التمتع بالحقوق الأساسية التي منحته إياها الطبيعة. وترى بأن واجب الدولة هو العمل باستمرار لتحقيق اتخاذ الحياة الفردية أرقى أشكالها في التطور والتقدم، وأن الأهداف النهائية للحكومة تنحصر بتأمين السلام والازدهار.
وبالرغم من هذا الدور المطلوب من الدولة، فإن الليبرالية ترى بأن الحكومة، وإن كانت ضرورية لتأمين مطالب الفرد، إلا أنها ليست طبيعية، بمعنى أنها غير ناجمة عن القانون الطبيعي الذي لا يستطيع أحد الإدعاء بأنه يحكم باسمه.
وتطالب الليبرالية بالتسامح الديني، وتعتبر بأن حرية المعتقد تفرض مثل هذا التسامح، وإلا فقدت هذه الحرية معناها.
وفي المجال الاقتصادي تؤمن الليبرالية بمبدأ التساهل حتى يستطيع المواطنون استخدام طاقاتهم بصورة مفيدة.
والحرية الاقتصادية، هنا، تنطلق من عدم تدخل الدولة في السوق، ومن ترك المجال واسعاً أمام المبادرة الفردية. وبما أن للحرية الفردية، في شتى مجالاتها، أولوية على السلطة، فإنه يجب وضع مبادئ دستورية وتشريعية تحدّ من التدخل الحكومي، وتضمن حقوق المواطنين بوجه النظام السياسي. فمهمة الحكومة يجب أن تتحدد بحماية الأفراد، وإتباع سياسة دفاعية، وفرض احترام العقود المبرمة.
ويشدّد الليبراليون على حقوق الإنسان، ولاسيّما حق الفرد بحيازة الأشياء والحصول على المُلكية. ويرون بأن الرأسمالية القائمة على مبدأ دعه يعمل Laissez faire هي أحسن نظام اجتماعي ـ اقتصادي يمكن قيامه عن طريق نشاط الأفراد لوحدهم أي بدون تدخل الدولة. لأن معيار الديمقراطية الحقيقي هو أن يكون جميع الناس أحراراً، وأن تتوفر لهم، قبل كل شيء، الحرية أمام تعسّف السيطرة الحكومية، وأن تؤمّن لهم حرية تعاطي أعمالهم، وحرية التنافس مع الآخرين. ولا يطلب من الحكومة أكثر من أن تدع كل فرد وشأنه وشأن مصلحته، وعليها واجب ترك الناس يتابعون مصالحهم بحرية[1].
وقد عبّر جريمي بنتام Jeremy BENTHAM عن هذا الموقف بقوله، أن الطبيعة، لا الحكومة، هي التي تملي القواعد التي يجب أن يطيعها الناس. والطبيعة تأمر الناس بنشدان اللذة وتفادي الألم. وهذا الأمر الطبيعي هو المعيار الوحيد للخير والشر فعلى الحكومة أن تتقيّد بهذا المعيار، وأن تصون توازن الطبيعة بين الخير والشر، وأن تحسب حساب الأعمال التي ترجح، لأقصى حدٍ ممكن، اللذة على الألم، أي الأعمال التي تجلب أكبر سعادة لأكبر عدد من البشر. إذ لا غاية للحكومة سوى تحقيق مثل هذه السعادة[2].
وقد حاول بعض المفكرين المعاصرين، من أمثال كرولي CROLY، وديوي DEWEY، التوفيق بين الحرية الفردية، والاعتراف بنوع من مسؤولية الدولة في تحقيق رفاه المواطنين، وخاصة في ما يتعلق بشروط حياة الفقراء المادية، وبرفع مستوى تعلمهم، لأن المطلوب هو إقامة عالم من الحرية لا يخضع لإرغامات خارجية، ولأن الحرية الإنسانية تعنى بتنمية الشخصية الفردية بصورة فعّالة.

ب. النظرية الماركسية.
برغم التطورات التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية، والتي أدت إلى انهيار الإتحاد السوفيتي السابق، ومعه منظومة الدول الاشتراكية، فإن بإمكاننا القول بأن الماركسية لم تفقد قيمتها بعد كفلسفة تجعل من تحرير الإنسان من نير الاستغلال منطلقها وغايتها. فالمنهج العلمي الذي ترتكز عليه هذه النظرية لا يزال صالحاً لتحليل أواليات التراكم الرأسمالي الناجم عن فائض القيمة، مثلما لا يزال صالحاً ذلك الشعار الذي طرحته والقائل بأنه «لا يكفي فهم وإدراك العالم الذي نعيش فيه، وإنما يجب العمل على تغييره».
ويمكن القول بأن خلاصة النظرية الماركسية توجد في البيان الشيوعي الذي أصدره كارل ماركس وفريدريك انجلز في عام 1848، والذي يشكل نداءً ملحّاً لعمال العالم جميعاً للإتحاد من أجل القيام بالثورة ضد الرأسمالية البرجوازية المستغِّلة. فالعمال الذين لا يملكون سوى قوة عملهم ليس لديهم ما يخسرونه إذا ما فشلت الثورة، في حين أن أمامهم كل شيء ليربحوه في حال نجاح هذه الثورة، ألا وهو تغيير العالم الذي يعيشون فيه.
ويحلّل البيان تاريخ تطور المجتمعات الإنسانية الذي لم يكن، وحتى أيامنا هذه، سوى تاريخ للأشكال التي يتخذها الصراع بين الطبقات المسيطرة والطبقات المستغلَّة، وهو صراع لن ينتهي إلا من خلال ثورة تلغي، وإلى الأبد، استغلال الإنسان للإنسان.
وهذه الثورة ستقوم بها الكتل البروليتارية، المسحوقة من قبل البرجوازية، والتي ستتّحد في ما بينها لرفع هذا الظلم.
وبعد نجاحها، ستكون المرحلة الأولى في الثورة العمالية هي تكوّن البروليتاريا في طبقة مسيطرة، والحصول على الديمقراطية.
وبما أن الدولة البرجوازية هي أداة قمع بيد الطبقة الحاكمة، فإن البروليتاريا ستستخدم تفوّقها السياسي لتنزع، شيئاً فشيئاً، رأس المال من البرجوازية، ولتضع كل وسائل الإنتاج بين أيدي الدولة الجديدة، أي البروليتاريا المنظمة في طبقة حاكمة، ولتزيد بسرعة من كمية القوى المنتجة.
وهذا لا يمكن أن يتمّ، بالطبع، إلا بخرق عنيف لحق الملكية الخاصة، ولنظام الإنتاج البرجوازي، أي بوسائل قادرة على تغيير أسلوب الإنتاج كله.
وفي الدول الأكثر تقدماً يقترح البيان الإجراءات التالية:
1. مصادرة المُلكية العقارية الخاصة، وتحويل الريع العقاري إلى صندوق الدولة.
2. فرض ضريبة تصاعدية.
3. إلغاء الإرث.
4. مصادرة أملاك المهاجرين والثائرين.
5. حصر القروض والاعتمادات بين أيدي الدولة بواسطة مصرف وطني تمتلك الحكومة رأسماله.
6. حصر وسائل النقل كلها بين أيدي الدولة.
7. مضاعفة المصانع الوطنية، ووسائل الإنتاج، واستصلاح الأراضي البور، وتحسين وضع الأراضي المزروعة.
8. إيجاد عمل للجميع، وبصورة إجبارية، ولاسيما في الزراعة، وتنظيم جيوش صناعية.
9. توحيد العمل الصناعي والزراعي بهدف القضاء على التمييز القائم بين الريف والمدنية.
10. فرض التعليم العام والمجّاني لجميع الأولاد، ومنع تشغليهم في المصانع والمناجم، كما هي الحال الآن[3].
وبدل المجتمع البرجوازي القديم بتقسيماته وتناقضاته الطبقية، تقوم مشاركة اجتماعية حقيقية بحيث يكون نموّ الفرد بحرية شرطاً للنموّ الحر للجميع[4].
إن إنجاز البناء الاشتراكي سيؤدي إلى الانتقال التدريجي إلى الشيوعية عن طريق إلغاء مبدأ المُلكية بصورة نهائية، لأن وجود الملكية الخاصة يمنعنا، كما يقول ماركس، من «التمتع بأي شيء إذا لم نكن نمتلكه». وهي تعارض رغباتنا أيضاً من حيث أن اللذة العامة للتمتع بالأشياء ستكون ممكنة في الشيوعية، ويصبح الإنتاج تعاونيا حيث لا يكون هناك أي فرق بين العمل اليدوي والجهد الفكري، وحيث يسود المبدأ القائل «من كل إنسان بحسب طاقاته، ولكل إنسان بحسب حاجاته».

النظرية الفاشية
بعكس ما سبقها من إيديولوجيات، كالليبرالية والماركسية، التي تطورت بوضوح منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، فإن الفاشية هي من نتاج مرحلة تاريخية ضيقة، محدّدة بالعقد الأول من القرن العشرين.
والإيديولوجية الفاشية هي مزيج من قومية متطرفة، واشتراكية مثالية، تستمدّ ديناميتها الثورية، من رفضها لليبرالية، والماركسية، وأيضاً الديمقراطية. فالتركيب الفكري الفاشي يهدف إلى رفض الثقافة السياسية الموروثة من القرن الثامن عشر والثورة الفرنسية، ويسعى لتأسيس حضارة جديدة مضادة للمفاهيم الفردية، ومرتكزة على قيم الجماعة ؛ حضارة قادرة على ضمان استمرارية الجماعة الإنسانية حيث تتكامل، وتندمج كافة شرائح وطبقات المجتمع ببعضها البعض. والأمة هي البنيان الطبيعي لهذه الجماعة العضوية والمتناسقة، وهي أمة ممهورة بأخلاقية كبرى تعجز الليبرالية أو الماركسية عن تقديمها لها.
ويتمثل سياق الفاشية بالتحولات الهامة في الاقتصاد الرأسمالي، والمجتمع البرجوازي، وحياة الطبقة العاملة. ويستبدل جورج سوريل SOREL (أحد كبار منظري الفاشية) القواعد العقلانية للماركسية بعناصر تطوعية، وحيوية، وضد مادية. وتقوم فلسفته على العمل، والإلهام، وتقديس الطاقة، والاندفاع، والنشاط، والبطولة، فمن أجل تعبئة الجماهير يعتبر سوريل أنه لا بد من أساطير، وصور تهزّ المخيلة.
وبما أن العنف البروليتاري الماركسي بدا عاجزاً عن لعب أي دور ثوري لتعبئة الجماهير، فإنه لا بد من خيارات أخرى مثل استبدال البروليتاريا بقوة صاعدة هي الأمة. وهكذا يتمّ التوصل إلى مفهوم الاشتراكية للجميع التي تجسّد فكرة جديدة عن الثورة الوطنية، والأخلاقية، والنفسية، والتي هي نموذج الثورة الوحيد الذي لا يتسم بالصراع الطبقي.
وقد ساهمت الحرب العالمية الأولى بتكريس الإيديولوجية الفاشية، ليس فقط لكونها أثبتت بأن فكرة القومية كانت قادرة على تعبئة الجماهير، وإنما أيضاً لأنها برهنت على قوة الدولة الحديثة. إذ كشفت هذه الحرب عن قدرات التخطيط، وعن توجيه الاقتصاد الوطني، والمُلكية الخاصة لخدمة الدولة، وأكّدت بأن الأممية هي فكرة سطحية، وأن الفرد قادر على التضحية.
كذلك، كشفت الحرب عن أهمية وحدة القيادة، ودور القائد، وتثقيف الجماهير، وعن فعالية الدعاية كأداة بيد السلطة، وبيّنت، من خلال التجربة، بأنه من السهل تعليق الحريات الديمقراطية، وجعل القبول، بنظام شبه ديكتاتوري، ممكناً.
إذن، الجماهير، كما يقول سوريل، بحاجة لأسطورة، وهي لا تطلب سوى الخضوع، أما الديمقراطية فإنها ستارة من دخان[1].
وتعتمد كتابات موسوليني، وجانتيلي، على النظريات القومية والنقابية في مرحلتي ما قبل، وما بعد الحرب العالمية الأولى. وهذه الكتابات ترى بأن الإنسان هو حيوان سياسي. والفرد بمختلف وجوهه، هو أيضاً حيوان سياسي. ولذلك ليس للفرد أي حرية حقيقية خارج التنظيم الاجتماعي، لأن ليس للإنسان من وجود إلا بمقدار ما يكون موجهاً ومدعوماً من قبل الجماعة. وقد طرح موسوليني رأيه بوضوح في مسألة الحرية عندما قال بأنها «حرية الدولة والفرد في الدولة». والحقوق الفردية، بالنسبة له، ليس لها من وجود إلا بمقدار ما تنبع من حقوق الدولة. وهكذا نصل، برأيه، إلى الإنسان الجديد، الإنسان الكلّي في المجتمع الكلّي، بدون نزاعات، ولا خضوع، ولا فوضى.
والشعب، بالنسبة للفاشية، هو كلٌ متجانس، موحّد، ومن هنا تبرز أهمية الاستعراضات، واللباس العسكري، وتظاهرات الجماهير.
أما القائد فهو شخصية شبه مقدّسة، وعبارة القائد الذي يجسد الروح، وإرادة وفضائل الشعب، هي المفتاح الأساسي في الفكر الفاشي[2].
وفي المجال الاقتصادي، تقول الفاشية بأنه يجب تحطيم ديكتاتورية المال للحفاظ على سلامة الأمة، وحل القضايا الاجتماعية. وأنه يجب استبدال الرأسمالية المتوحشة بالأدوات التقليدية للتضامن الوطني: مراقبة الاقتصاد، وإنشاء التعاونيات تحت مظلّة الدولة، وتكوين جهاز تقريري يجسّد انتصار ما هو سياسي على ما هو اقتصادي، بعكس أطروحات الماركسية. فالدولة الفاشية، المولّدة لكل حياة سياسية واجتماعية ولكل القيم الروحية، هي السيد المطلق للاقتصاد وللعلاقات الاجتماعية.
ومن أجل خلق حضارة جديدة، ونموذج جديد من الكائن الإنساني، وأسلوب حياة جديد، فإن الإنسان الفاشي لا يستطيع تصور وجود النشاط الإنساني خارج حقل تدخل الدولة. وقد كتب موسوليني في هذا المضمار قائلاً: «نحن دولة تراقب، نوعاً ما، كل القوى التي تؤثّر في الطبيعة. ونراقب القوى السياسية، والأخلاقية، والاقتصادية، فكل شيء يقوم داخل الدولة، ولا شيء ضد الدولة أو خارجها».
فالدولة الفاشية هي كيان واعٍ ولها إرادة ذاتية. ووجود هذه الدولة يتطلب إخضاع حقوق الفرد لإرادتها، ولها وحدها الحق في تغيير أوضاع الناس حتى في مظهرهم الجسدي. ولا يستطيع الأفراد، والجماعات، الوجود خارجها، كما أن ليس هناك أي قيم إنسانية، أو روحية خارج إطارها.

محمد تماسين
2012-08-06, 11:19
السلام عليكم إخواني إليكم بعض نماذج أسئلة حقوق الإنسان أرجو أن نتعاون في إعداد خطط نموذجية للإجابة و شكرا :
01-تكلم عن اهمية دراسة حقوق الإنسان
2)اشرح مبررات التدخل الدولى لحماية حقوق الانسان؟
3)اشرح بالتفصيل الحقوق والحريات الشخصية؟
04- فى ضوء دراستك لحقوق الانسان تكلم عن حق الانسان فى الحياة مبينا عقوبة الاعدام وموقف المشرع الجزائري منها ثم عالج المقصود بالقتل الرحيم والإجهاض وإبادة الاجناس؟
05- اشرح بالتفصيل الحقوق والحريات المعنوية فى ضوء دراستك لحقوق الانسان؟

محمد تماسين
2012-08-07, 10:40
الامم المتحدة وحرية وحقوق الانسان
تكوّنت الأمم المتحدة بناء على مقترحات دومبارتون أوكس (وهو اسم منطقة بالقرب من واشنطن) التي وضعها خبراء دبلوماسيون من الولايات المتحدة الأميركية، وإنكلترا، والإتحاد السوفياتي، آنذاك، والصين، من أجل إنشاء منظمة دولية تحلّ محل عصبة الأمم السابقة، وتتولى معالجة القضايا الدولية في مختلف الميادين. وقد تمت الموافقة على هذه المقترحات، التي صيغت في ميثاق تأسيسي، في مؤتمر سان فرنسيسكو المنعقد في 25 نيسان 1945.
فماذا تضمن الميثاق لجهة حقوق الإنسان ؟
يتألف ميثاق الأمم المتحدة من تسعة عشر فصلاً تتضمن مائة وإحدى عشرة مادة. وقد جاء في ديباجته أن شعوب الأمم المتحدة آلت على نفسها إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب التي جلبت على الإنسانية، مرتين، أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن هذه الشعوب تؤكد من جديد إيمانها «بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد، وبما للرجال والنساء، والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية».
وحدّدت المادة الأولى من الميثاق مقاصد الأمم المتحدة، ونصت في الفقرة الثالثة منها على:
«تحقيق التعاون الودي على حلّ المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً، والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء».
وأشارت المادة الثالثة عشرة إلى أن الجمعية العامة تنشئ دراسات، وتشير بتوصيات لمقاصد عديدة منها «الإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء».
وفي الفصل التاسع من الميثاق، «في التعاون الدولي الاقتصادي والاجتماعي»، أشارت المادة 55 إلى أن الأمم المتحدة تعمل على «أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء»، «مراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً».
وفي المادة 68 أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي ينشىء لجاناً، منها لجنة «لتعزيز حقوق الإنسان».
وتنصّ المادة 76 على أن من بين الأهداف الأساسية لنظام الوصاية: «التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء والتشجيع على إدراك ما بين شعوب العالم من تقيّد بعضهم ببعضهم الآخر» و«كفالة المساواة في المعاملة في الأمور الاجتماعية والاقتصادية والتجارية لجميع أعضاء الأمم المتحدة وأهاليها والمساواة بين هؤلاء الأهالي أيضاً في ما يتعلق بإجراء القضاء».
وفي الميدان العملي أو التطبيقي، وخارج إطار اللجان المتخصصة بالمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، يمكن القول بأن نشاط الأمم المتحدة، في هذا المجال، يتسم بأربع صفات أساسية هي:
1- نشاط ميداني يتركز على تقديم المعونات الإنسانية المباشرة للفئات التي حرمت من حقوقها الأساسية، مثل اللاجئين، والمشردين داخل ديارهم بسبب الحروب، ورعاية الطفولة، والأمومة، وخاصة في الأقاليم المتخلفة، والمناطق المحرومة من العالم.
2- مساعدة تقنية تتمثل بتنفيذ برامج توعية وتدريب في الدول المحتاجة، أو التي تطلب ذلك. وتتلخص هذه البرامج بإعطاء إرشادات وتوجيهات للأجهزة العسكرية، والأمنية، وأعضاء الجسم القضائي، والأجهزة الاستشارية لمساعدتها على إدخال المعايير الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، في القوانين الداخلية أو الوطنية.
3- نشاط إعلامي يهدف إلى نشر الوعي بحقوق الإنسان من خلال استخدام الوسائل الوسيطة (السمعية والبصرية) كمواد مساعدة لنشر المعرفة بهذه الحقوق، وبلورة برامج خاصة بتدريسها في الجامعات والمدارس.
4- نشاط يهدف إلى حماية حقوق الإنسان وكفالة احترامها عن طريق بلورة آليات خاصة لتلقي الشكاوى وفحصها، وإيفاء لجان تحقيق، والبحث عن حلول معينة للانتهاكات ومتابعتها[1]. وقد تم تقرير إجراءات تقديم الشكاوى في البروتوكول الاختياري المتعلق بالميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وأيضاً في المادة 22 من الاتفاقية المناهضة للتعذيب، وفي المادة 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري.
وتجدر الإشارة هنا إلى المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عقد، تحت إشراف الأمم المتحدة، في العاصمة النمساوية فيينا، في الفترة الممتدة بين 14 و25 تموز 1993، وحضرة ممثلون عن 172 دولة، إضافة إلى مئات المنظمات الوطنية أو غير الحكومية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان.
وقد تمّ «التأكيد في هذا المؤتمر على عالمية حقوق الإنسان الأساسية، وأن هناك حداً أدنى مشتركاً من الحقوق يتعيّن على كل النظم السياسية والقيمية والحضارية أن توفرها للإنسان، وأن الإنسان هو الموضوع الرئيس لحقوق الإنسان، وأنه ينبغي أن يكون المستفيد الرئيس من حماية حقوق الإنسان، وأن يشترك بفعالية في إعمال تلك الحقوق.
كذلك برزت الدعوة في هذا المؤتمر لتأمين تمتّع المرأة بجميع حقوق الإنسان تمتعاً تاماً وعلى قدم المساواة ووجوب إدماج حقوق المرأة في مجمل برامج حقوق الإنسان التي تضطلع بها الأمم المتحدة وكذلك في مجمل برامجها الإنمائية والتركيز على حقوق الطفل وأهمية حمايتها»[2].
هذا، ومن الملاحظ قيام الأمم المتحدة بتكثيف نشاطاتها المتنوعة لحماية حقوق الإنسان، سواء عن طريق إنشاء المحكمة الدولية لمقاضاة مجرمي الحرب، أو الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي في يوغوسلافيا السابقة، أو بعض دول إفريقيا، وسواء عن طريق إنشاء إشراف الأمم المتحدة على الانتخابات في عشرات الدول، في إطار عمليات خاصة بحفظ السلم، وكجزء من التسويات السياسية للأزمات القائمة في هذه الدول، أو بطلب من حكومات الدول نفسها[3].

أم محمد وألاء
2012-08-07, 22:46
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته...............
ان موضوع حقوق الانسان متشعب جدا لذلك أعتقد أنه يجب التركيز على ....مصطلح الحريات العامة .................
واعتقد أن الأسئلة ستكون منبثقة من أحداث الساعة ....أقصد العلاقة بين حقوق الانسان وحرياته وسيادة الدول من جهة أخرى وذلك من خلال التدخل الخارجي للشؤون الداخلية للدول وتغيير الأنضمة باسم حقوق الانسان وضمان الحريات العامة ......
ولا واش رايكم انتم ؟

أم محمد وألاء
2012-08-07, 22:48
ملخص الحريات العامة
مدخل الى الحريات العامة:
1/ تعريفها:
• المعنى العام: هي ضد العبودية.
• تعريف حقوق الإنسان: هي حق الفرد في فعل مايشاء دون اضرار بالآخرين وهي مقيدة بالقانون.
• تعريف رجال القانون: هي حق للجميع( وطني أو أجنبي) دون تمييز باستثناء الحقوق السياسية وسميت بالعامة لأنها امتياز للأفراد في مواجهة السلطة العامة.
2/ علاقة الحريات العامة بالحقوق الفردية:الحريات الفردية في مدلولها مترادفة مع الحريات العامة اول ماظهرت في التاريخه كانت عبارة عن حق ذاتي شخصي لايستطيع الإنسان ممارسته إلا اذا كان حرا.
3/ لمحة تاريخية عن الحريات العامة:
أ- في العصور القديمة:
* عند الإغريق: كانت فكرة فلسفية.
* عند اليونان: تطورت عندهم وكانت متصلة بالحياة الديمقراطية.
* عند الرومان: لهم قانون خاص يتضمن في أحكامه الإيمان بالحقوق الذاتية للإنسان.
ب- في العصور الوسطى:
* في أوربا: ظهرت سيطرة الكنيسة على حرية الإنسان وذلك بالخضوع لها، وظهر في النظام الإقطاعي الذي سيطر فيه السيد سيطرة كاملة.
* في الحضارة الإسلامية: حددها الفقه في الحرية في العمل والحرية في الأمن والعقيدة والحياة واعتبرها كلها حقوق يمارسها الإنسان.
* المذهب الفردي اعتبر الفرد محور النظام الإجتماعي وغايته حماية الفرد.
- نقد المذهب الفردي: أهمل الصالح العام.
ج- العصر الحديث:
* " روسو وبولودابيت" يرون بمحاربة التعصب الديني وسيطرة الكنيسة والمطالبة بالحرية الدينية.
* بولتير: أعطى الإنسان الحرية الكاملة وقيدها بالواجب المترتب عليه في احترام حرية الآخرين.
* تم تشريع حقوق الإنسان والمواطن سنة1789 .
* فرنسا تضمن دستورها الحريات العامة وفي أواخر القرن19 ظهرت الإشتراكية لسلبيات الرأسمالية وظهر نوعان من الحرية منها الحرية النقابية التي نادى بها ماركس.
- وهكذا تطورت الحريات العامة نتيجة تطور الفكر البشري وتضمنتها الدساتير بعد الحرب ع 2.
2/ تقسيمات الحريات العامة: اختلف الفقه في تقسيمها سواء في الفقه التقليدي وفي الفقه الحديث.
1- في الفقه التقليدي:
أ‌- تقسيم دوجي: ـ حريات سلبية وهي التي تشكل قيود على السلطة.
ـ حريات إيجابية: أي تمنح الدولة خدمات إيجابية للأفراد.
ب- تقسيم هوريو:ـ حريات شخصية كالحرية العائليةو وحرية العمل.
ـ حريات روحية ومعنوية: حرية العقيدة وحرية الإجتماع.
ـ حرية المؤسسات الإجتماعية كالحرية الإجتماعية والحرية النقابية.
ج- تقسيم أسمان: ـ حريات ذات محتوى مادي كالأمن والنقل والسكن.
ـ حريات ذات محتوى معنوي كالعقيدة والصحافة والتعليم .
نقد: تجاهل الحقوق الإجتماعية، لايترتب عنه أية مزايا قانونية أوعملية.
2/ في الفقه الحديث:
أ- تقسيم جورج بيردو:ـ حريات شخصية كالحريات الخاصة والأمن.
ـ حريات إجتماعية كحرية العمل وحرية التعليم.
ـ حريات فكرية كالحرية الدينية وحرية التعليم.
ب- تقسيم كولمار: ـ حريات أساسية: كحق الأمن والسكن،..
ـ حريات فكرية: كحرية الرأي والسكن
ـ حريات اقتصادية واجتماعية: العمل والنقابة والملكية.
ج- تقسيم عثمان خليل عثمان: ـ حريات تقليدية كالمساواة المدنية.
ـ حريات اقتصادية كحرية العمل.
د- تقسيم أبو زيد فهمي: ـ حريات شخصية كالنقل والأمن.
ـ حريات اقتصادية كالنقل والأمن.
ـ حريات الفكركحرية الرأي والصحافة.
ه- تقسيم عبد الله بسيوني( التقسيم الراجح ):ـ حريات متعلقة بشخصية الإنسان كحق الامن والتنقل
ـ حريات متعلقة بفكر الإنسان كحرية العقيدة والتعليم
ـ حريات متعلقة بنشاط الإنسان كحرية التجارة والتملك
3/ مصادر الحريات العامة:
وهي ثلاث: شرع الحقوق، الأحكام الدستورية ، القوانين الوضعية.
1- شرع الحقوق: الوطنية والدولية.
أ/ الوطنية: أصدرتها و م أ – انجلترا-فرنسا.
-إنجلترا: ظهرت فيها قوانين إثر ثوراتها الشعبية:
ماكتا كارثا: ظهرت نتيجة ضغط النبلاء ومضمونها مثلا حق الكنيسة في التمتع بامتيازاتها، وحق الورثة في الحصول على الميراث.
كوريس آكت: كحماية الإنسان من الوقف الإحتياطي.
بيل أوف رايتس: لها ثلاث أقسام وهي وثيقة اعلان الحقوق وهذه الوثيقة ليست لها صفة قانونية وإنما جاءت لتأصيل الحقوق في النظام الغربي.
-و م أ: تضمنت 3 قوانين هي:
بيل أوف رايتس: تضمنت مبادئ فلسفية عامة كحرية الأشخاص والمساواة بين البشر.
شرعة(قانون) الإستقلال: تضمن مبادئ الحرية والمساواة بين البشر.
* التعديلات التي أدخلها كونغرس الإستقلال على الدستور: حفاظ على حقوق الأفراد من سلطات الدولة.
- فرنسا: تضمنت 3 حقوق هي:
* قانون حقوق الإنسان والمواطن1789: يتضمن حقوق ذاتية أساسية كالمعتقد والتفكير.
* قانون حقوق الإنسان والمواطن1793: تكيز بذكره الحقوق الإجتماعية والإقتصادية .
* قانون حقوق وواجبات المواطن والإنسان: تضم قسمين :
- قسم يضم حقوق الإنسان والمواطن.
- قسم يضم واجبات المواطن نحو المجتمع والعائلة والملكية الشخصية.
ب/ الدولية :
* ميثاق عصبة الأمم: أشارت الى: ضمان الأمن وخدمة حقوق الإنسان وإقامة التعاون مع الصليب الأحمر .
* منظمة م م: يضم قانونها المبادئ الجوهرية التي أقرتها الدول الأعضاء .
* الإتفاقيات: أهمها حول: حماية الإنسان والحريات السياسية الخاصة بالدول الأعضاء.
ولضمان تنفيذ ماجاء بها وجدت هيئتان : المحكمة الأوربية لحقوق إ واللجنة الأوربية لحقوق إ.
* الأحكام الدستورية: ذكرت الحريات العامة في مقدمة الدساتير.
* القوانين الوضعية: تحوي مجموعة من المبادئ والأحكام المتصلة بالحريات العامة مثلا في القانون الجزائري مبدأ عدم رجعية القوانين وحرية التعاقد.... الخ.
4/ الحريات العامة في التشريع الجزائري:
في الدساتير- في القوانين- في اللجان.
1-في الدساتير:
* دستور1963: نص على الحريات العامة في مقدمته وأكد على احترامها من المادة10 الى21.
* دستور1976: نص في الفصل الرابع من الباب1 على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن فتضمن 31 مادة.
* دستور1989: خصص للحريات العامة الفصل الرابع المكون من 28 مادة الملاحظ على هذا الدستور أنه وسع في نطاق الحقوق والحريات بما في ذلك حرية الملكية الخاصة.
* دستور1996: تضمن في الفصل الرابع الحقوق والحريات ويلاحظ عليه أنه وسع من نطاق الحريات العامة.
2/ في القوانين:
*قانون العقوبات: المادة107 ( معاقبة كل من يمس الحرية الشخصية للفرد أو الحقوق الوطنية للمواطن) ، المواد من 150 الى154 ( تعاقب على الإعتداء على المدافن وحرمة الموتى).
*ق إج: م46 نصت على معاقبة كل من أفشى مستند ناتج عن التفتيش أو اطلع عليه دون إذن.، م113 تضمنت اجراءات الحبس الإحتياطي.
* القانون المدني: نصت على عدم التعسف في استعمال الحق.
* ق إ م: نصت المادة 201 الى204 على معاقبة القاضي لكل متجاوز للقانون.
* قانون الأسرة: منح للزوجة الحرية في التصرف في مالها.
3/ على مستوى اللجان:
* اللجدنة الوطنية الإستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان: لها نشاط إعلامي وتقوم بملتقيات دولية لنشر ثقافة السلم ونبذ ثقافة الإعتداء على الحريات العامة ومهامها هي: حماية حقوق الإنسان ومراقبتها ، وضع تقارير سنوية حول احصائيات الجرائم المرتكية ضد الإنسان وتقديمها الى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي البلدي.
5/ الحريات والحقوق الشخصية:
1- حق الأمن: وهو الأساس الذي تستند اليه كافة الحريات التي تكون بانتفاء القيود والعبودية وأول وثيقة قانونية اهتمت بهذا الحق الهابياس كوريث بأنجلترا لتأخذ الشكل القانوني الحالي لحقوق الإنسان والمواطن، كما أهتمت الإتفاقبات الدولية لحقوق الإنسان بهذا الحق من حيث النص عليها مثلا:
- م2/1 من قانون العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نصت على عدم جواز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي.
- م07 منه أيضا عدم جواز تعذيب أي إنسان أو إهانة كرمته.
* وينجر عن هذا الحق عدت حقوق أهمها:
-1 الحق في الحياة: هو حق مقدس من لله تعالى وقد حافظت عليه كل القوانين الوضعية ونهاية الحياة قد تكون طبيعية أو بالإنتحار أو بالقتل مثل الإجهاض فالإجهاض يعد وسيلة من وسائل انهاء الحياة وقد اختلف الفقه بين مؤيد ومعارض حوله وأيضا أمام القضاء يطرح تساؤل في مدى قدسية الإنسان أمام الحكم بالإعدام.
-2 حق الإنسان في التصرف في جسده: ويكون ذلك كليا أو جزئيا في حياته أو يوصي بذلك بعد وفاته.
-3 الحق في الزواج وتكوين أسرة: يكون عند بلوغ كل من الطرفين وقد وضع القانون لذلك شروط بغرض ضمان تفادي النزاعات التي تؤثر على الأولاد ويترتب على الحق في الزواج حق آخر هو الحق في انجاب الأولاد فهم زينة الحياة الدنيا وتثور حولهع عدت مسائل منها: تحديد النسل هل يعد انتهاك لحرية هذا الحق ام لا، ومسألة التلقيح الصناعي في حالة العقم.
- ففي الدساتير الجزائرية لم يتم ذكر الحق في الحياة ولا في الزواج صراحة وإنما عنها ضمنيا لأننا في مجتمع مسلم يحرم القتل ويحث على الزواج والتكاثر.
2/ حرية التنقل: ويكون داخل الدولة أو خارجها وقد كان في القوانين القديمة مطلق أما في القوانين الحالية فهو مقيد نظرا لما تقتضيه المصلحة العامة من أجل أسباب أمنية وصحية وسياسية. والقانون الجزائري نص عليها في المواد 13/14/15.
• أشكال حرية التنقل: - حرية التنقل سواء على الأقدام أو بوسيلة نقل .
- حرية التنقل سواء على اليابسة أو الجو أو البحر.
* ونجد أن القانون الداخلي ينظم هذه الحرية كما ينظمها القانون الدولي، مثلا في دستور 96 المادة 41 نصت على حرية التنقل في الترب الوطني إلا أن هذا الحق قابل للتغيير في حالة: عقوبة تكميلية في بعض الجرائم، ونجد في المادة 9 نصت على تحديد الإقامة والمنع منها ، وأيضا في ما يخص وسائل النقل بالنسبة للوطنيين استعمال الرخصة، وبالنسبة للأجانب استعمال جواز السفر.
*على مستوى الشريعة الإسلامية: يقول الرسول(ص) " من خرج فهو آمن ومن قعد فهو آمن" ونجد أن المسلمين يلجؤون الى الترحال والهجرة لعدت أسباب منها: طلب العلم، البحث عن الحرية وحماية الدين، التأمل في الكون والتدبر، التجارة.
- وفي حالة التعدي على حرية التنقل هناك عقوبة الحرابة كما ان هناك طرق أخرى تأديبية .
- كما أن الحرية تخضع الى قيود وذلك من أجل حماية الأفراد، والدولة، والآداب العامة.
-1 حماية الأفراد: الرسول أوصى بعدم دخول أرض فيها الطاعون.
-2 حماية الدولة: كمنع عمر لكبار الصحابة من السفر إلا برخصة.
-3 حماية الآداب العامة: كسفر المرأة مع محرم لها.
3/ حرمة المسكن: أي عدم جواز اقتحامها أو تفتيشها رغما عن صاحبها إلا في الحدود التي يسمح بها القانون وفق الإجراءات التي يقررها رجال السلطة العامة. وقد نصت عليها المادة12 من اتفاقية حقوق الإنسان، وقد نصت على ذلك أيضا المادة 38 من الدتور الجزائري والتي جاءت باستثناء لهذه الحرمة فيجوز اقتحام هذه الحرمة في حالات ضرورية كالحريق مثلا.
- وأيضا هي حق مقدس في الشريعة الإسلامية لقوله تعالى" ياأيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستانسوا تسلموا على أهلها..".
وحرمة المسكن هنا ليست فقط باقتحامها بل حتى في النظر الى جوفها، كما منعت الشريعة التجسس وتتبع العورات واستراق السمع إلا أن هناك استثناء عملا بقاعدة " لاضرر ولا ضرار" .
4/ سرية المراسلات: أي عدم جواز مصادرة المراسلات بين الأفراد فذلك يشكل اعتدء على الحياة الخاصة للأفراد وسريتها وتلحق بالمراسلات كل وسيلة تقوم مقامها كالمكالمات الهاتفية فيمنع الصنت عيها كقاعدة عامة ويمكن استثناء ذلك في حالة المساس بأمن الدولة أو في حالة التحقيق القضائي..الخ.
* وقد نصت عليها المادة 12 من إعلان حقوق الإنسان ، ونصت عليها المادة 37/2 من الدستور الجزائري.
وكذلك في قوله (ص) " من نظر في كتاب أخيه بغيرإذن كمن ينظر في النار" ويلحق بهذا عدم افشاء الأسرار وعدم الكشف عن مايدور في المجالس ويمكن مخالفة هذا الإستثناء اما تستدعيه دواعي أمن الدولة وتحقيق العدالة.
6/ الحريات السياسية:
-1 تعريفها: هي حق المواطن في تولي الوظائف والمشاركة في الحكم عن طريق التصويت وهناك المشاركة المباشرة وغير المباشرة.
أ/ المشاركة المباشرة: أو الديمقراطية المباشرة :لم يعد يعمل بها حاليا لإتساع رقعة الدولة وكثرة السكان وقد كان معمولا بها في الدول الإغريقية.
ب/ المشاركة غير المباشرة: الديمقراطية النيابية: تقوم على أساس : اختيار الشعب لنواب يمثلونه من خلال المجالس البرلمانية وقد أخذت به الجزائر منذ الإستقلال ويقوم النظام النيابي على أربعة أركان: 1- وجود هيئة منتخبة -2 مدة النيابة تكون محدد مسبقا-3 تمثيل النائب للأمة يمارسها في البرلمان-4 استقلال الهيئة النيابية عن الناخبين.
ملاحظة: هناك من الفقه من يعطي للحريات السياسية مفهوم أوسع وبالإضافة الىحق الإنتخاب وحق تولي الوظائف العامة يمنح الحق أيضا في مراقبة نشاط السلطة الحاكمة، وحق النقد بكل الوسائل التعبير الفردية والجماعية.
حرية الإنتخاب: هل هو حق أم واجب؟
هو حق: لكل مواطن يتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وله الحرية في استعماله أو الإمتناع عنه.
هو واجب: على أساس وحدة سيادة الدولة والتي تجبرهم على ممارسته .
والرأي الفاصل : هو حق شخصي للفرد وله تسجيل نفسه في جدول الإنتخابات كما انه واجب يمارسه حتى يؤدي وظيفة اجتماعية.
أساليب الإنتخاب: الإقتراع المقيد والإقتراع العام .
الإقتراع المقيد: ساد قديما وله شروط معينة هي:
- توفر نصاب مالي معين – أو كفاءة معينة ، أو هما معا.
الإقتراع العام: ساد في معظم دول العالم إلا أن هذا لم يمنع من وجود شروط يجب توافرها في الشخص لممارسة حق الإنتخاب وهي:
-الجنسية للتمييز بين المواطن والأجنبي.
-الجنس: كان لعدم ممارسة المرأة للإنتخاب أمر مقبول حتى في الدول المتقدمة إلى ان أقرت نيوزيلاندا بحق المرأة في الإنتخابات.
- السن: يتراوح عالميا بين18 و25 سنة.
- التمتع بالحقوق السياسية والمدنية: حيث يمنع المحكوم عليهم بجرائم مخلة بالشرف.
خطوات الإنتخاب:
التسجيل في القوائم الإنتخابية( في البلدية، في القنصليات).
بطاقة الناخب تصدر بعد ثبوت بيانات الناخب لدى المصالح المختصة.
التصويت في مراكز الإنتخاب ليعبر المواطن عن رأيه.
طرق ممارسة حق الإنتخاب: الفردي، بالقائمة- العلني أوالسري.
الإنتخاب الفردي: تقسم فيه الدولة الى دوائر انتخابية كبيرة غير متساوية وتعطى لكل دائرة عدد من المناصب بقدر عدد سكان الدائرة.
الإنتخاب العلني: تم التخلي عنه نظرا لمساوئه.
الإنتخاب السري: له نتائج ايجابية في إبعاد المواطن عن كل الضغوط.
وللمواطن الحق في الطعن في الإنتخابات عن طريق الطعن القضائي أو السياسي.
-الطعن القضائي: القضاء في فرنسا – القضاء العادي في انجلترا.
-الطعن السياسي: تقوم به الجهة المنتخبة ذاتها.
وهناك طريقة أخرى تستعمل للضرورة وهي" الإستفتاء الشعبي" الذي هو الإحتكام الى الشعب في أمر معين وهو3 أنواع: تشريعي-دستوري-سياسي.
والهدف منه: مشاركة الشعب في تسيير شؤون الدولة،والمحافظة على الديمقراطية ودعمها.
// حرية الإجتماع والتجمع:
* الإجتماع: ويأخذ شكل خاص في المجتمع الديمقراطي القائم على أساس الشورى وقد عرفه القضاء بأنه وسيلة منظمة من أجل تحقيق غاية معينة( اقتصادية، اجتماعية، سياسية، مهنية ).
* وعقد الإجتماع قد يكون بإشرلف الإدارة وبرخصة مسبقة منها، أو يكون خاص يكون في أماكن مغلقة مع شروط كالدعوات مثلا.
* التجمع: وهو الذي يكون في الشوارع وفي الساحات العامة ويعد عائق لممارسة حرية التنقل وله عدت صور هي:
أ/ التجمهر: وهو تجمع في الشوارع والساحات العامة ويكون عفوي وطارئ وغير منظم ودون سابق اشعار مسبق ولغاية غير مشروعة ومن صالح الشرطة تفريقه.
ب/ المظاهرات: قديمة ومتصلة بالحياة الديمقراطية حيث يتم بها التعبير عن الشعور العام لها أغراض معبينة سياسيا أواجتماعيا أو اقتصاديا، وتكون بترخيص مسبق أو بإعلام مسبق ، وتختلف عنها المسيرة لأنها تكون متنقلة عبر الشوارع في موكب.
/// حرية تكوين الجمعيات والإشتراك فيها:
• في فرنسا تم تشكيل نقابات مهنية ودينية وبواسطة قانون شابليه تم الغاء مبدأ الجمعيات بكل أنواعها بما فيها الدينية والمهنية تأثرا بالفكر الفلسفي لروسو إلا أن هذا لم يستمر حيث أنه نظرا لمتطلبات الحياة الإجتماعية تألقت جمعيات سياسية أثناء الثورة الفرنسية ونطورت اتصبح حركة الإشتراك بها في القرن 19 لتأخذ الشكل النقابي وهذا دفاعا عن مصالح العمال أي " السانديكاية" والتي إنتهت بقوانين كبرى لصالح العمال.
• - وامتد هذا الإتجاه للتأثير على كل أنواع الجمعيات التي أخضعها المشرع الى تنظيم قوانين خاصة حفاظا على النظام العام مع اقراره لها بالشخصية المعنوية.
• وقد تفرع عن الجمعياتن السياسية نوع خاص وهو" الأحزاب" التي كان لها دور في الديمقراطية المعاصرة.
في التشريع الجزئري:
1/ تكوين الجمعيات السياسية" الأحزاب" :جاء في الأمر 97/09 من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية بعض الإلتزامات الخاصة بها وهي: - منع انخراط القضاة وأفراد الجيش في الأحزاب السياسية - أن يكون مؤسس الحزب ذو جنسية جزائرية. - السن 25 سنة وغير معادي للثورة الجزائرية. - التمتع بكل الحقوق. - توقيع طلب التنأسيس من 25 عضو مؤسس على الأقل. - التعهد بعقد مؤتمر تأسيسي خلال سنة. - إصدار3 نسخ لمشروع القانون الأساسي للحزب. - شهادة ميلاد وشهادة السوابق العدلية والجنسية. - اعتماد الحزب. - جميع أموال الحزب من اشتراكات أعضاءه والتبرعات..الخ.
2/ تكوين الجمعيات: يشترط قانون 90/31 لتأسيسها مايلي:
1- تحديد اسم خاص بها غير مخالف للنظام العام والآداب العامة.
2- تحديد أهدافها والإلتزام بها.
3- أن يكون لها قانون أساسي.
4- تحرير محضر لها ويصادق عليه.
5- أعداد بطاقة معلومات عن مؤسسها.
6- اعداد بطاقة معلومات عن أعضاء مكتب الجمعية.
7- اعداد الملف الإداري لرئيس الجمعية.
8- شهادة الميلاد.
• وبتوفر هذه الشروط يسلم تصريح تأسيس الجمعية ويودع لدى الوالي(اذا كانت الجمعية إقليمية) ولدى وزارة الداخلية ( اذا كانت الجمعية جهوية أو وطنية) .
• يسلم وصل التأسيس بعد 60 يوما من إيداع التصريح .
*أنواعها:
- الجمعيات الدينية: تابعة للجان المساجد وتخضع لمناشير خاصة فيما يخص جمع التبرعات وبناء المساجد و يوضع الملف في مديرية الشؤون الدينية.
- الجمعيات الثقافية: تابعة لمديرية الثقافة.
- جمعيات الأحياء : توضع الملفاتلدى البلدية.
-جمعيات رياضية: تابعة لمديرية الشباب.
/5/ حرية تقلد الوظائف العامة: للوظيفة معنيان:
• المعنى الدستوري: هي كل وظيفة يتولاها المواطن في الدولة سواء سياسية أو إدارية.
• المعنى الإداري: هي الوظيفة الإدارية فقط.
- في القديم كان تولي الوظيفة العامة مقيد بشروط متصلة بالولادة والطبيعة والدين..الخ وخاصة في الأنظمة الملكية القديمة وبعد الثورة الفرنسية وإعلان حقوق الإنسان أصبح كل المواطنين متساوين أمام القانون في تقلد أية وظيفة من الوظائف العامة سواء سياسية أو إدارية.وقد تضمن الدستور الجزائري مساواة جمنيع المواطنين في تقلد المهام والظائف في الدولة دون أ] شروط غير تلك المحددة قانونا.
/7/ الحرية الفكرية والدينية:
1/ الحرية الدينية: هي حرية الإنسان في اختيار الدين الذي يشاء وهي لاتقتصر على حرية الإيمان فقط بل تشتمل أيضا حرية إظهار هذا الإيمان فالحرية الدينية تقتصر على 3 عناصر:حرية الإيمان، حرية العبادة ، حياد الدولة.
- والدول الغربية خاصة لم تعرف هذه الحرية إلا بعد ثورات عديدة منها :
* أوربا: تعرضت للإضطهاد الديني وسيطرة الكنيسة الحشية وعرفت ثورات بين البروتستات والكاثوليك.
* في الدول الشيوعية: كانت الحرية الدينية بها شبه منعدمة على أساس " أن الدين أفيون الشعوب" ومادام أن الدين في نفس صاحبه فله الحرية في ذلك أما إذا كان يدعوا الغير به فعليه التقيد بالنظام العام.
- أما في الشريعة الإسلامية فقد أقرت بحرية مممارسة الشعائر الدينية.
ونصت المادة 10 منت إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام أن الإسلام دين الفطرة ولايجوز إكراه الإنسان على تغيير دينه مهذا ماأقره القرآن الكريم.
- ونصت المادة45 من دستور الجزائر على عدم المساس بحرية المعتقد وحرية الرأي.
2/ الحرية الفكرية:
* المعنى الواسع: هي حرية العقل الذي يحمل في طياته الحرية الدينية وقد تم تكريسها في معظم القوانين منها: قانون حقوق الإنسان العالمي نصت المادة18 على حرية الشخص في التفكير والضمير والدين ونصت المادة 19 على حرية الشخص في الرأي والتعبير.
* وتشمل الحرية الفكرية 3 حريات أساسية هي:
1- حرية الرأي: معترف بها قانونا إلا أنها تخضع لقيود تختلف باختلاف الدول من حيث القيم والظروف السائدة ونجد أن القيود تشتد بالنسبة لموظفي الدولة وتتسع لسائر المواطنين مع تقيدهم بحقوق الغير والنظام العام والآداب العامة.
2- حرية التعبير: تتبع حرية الرأي وهي قدرة الفرد على التعبير عن أي فكرة في أمر من الأمور بأي وسيلة سواء كانت مقروءة ، سمعية أو بصرية ، أو سمعية بصرية أو شخصية.
- واستعمال هذه الوسائل ليس في متناول جميع الأفراد لذلك جاء دستور96 في المادة41 منه لبضمن حرية التعبير عن طريق الجمعيات والتجمعات.
- وحرية التعبير التي نص عليها الدستور أدت الى حركة واسعة على مستوى الصحفيين للمطالبة بإلغاء الوزارة الوصية ، كما طالب رجال الإعلام بوضع قانون للإعلام.
3- حرية التعليم: وتشمكل الحق في التعليم والحق في اختيار المعلم.
* الحق في التعليم: أي حق الإنسان في تعلم مايشاء ويكون أيضا بتعليم الغير .
* الحق في اختيار المعلم: أي حق المرأ في اختيار نوع التربية لأولاده.
- وقد نص الدستور على ان حق التعليم مضمون وإلزامي على المستوى الأساسي وإجباري كما أنه مجاني حسب الشروط المحددة قانونا.( إعداد الدولة للمنظومة التربوية، والمساواة بين الجميع في الإلتحاق بالتعليم).
8/ الحريات الإقتصادية:
* موضوع خلاف بين الانظمة الرأسمالية( وفق مبدأ دعه يعمل دعه يمر) والأنظمة الإشتراكية ( التي تقر يتدخل الدولة في الشؤون الإقتصادية )
وتضم الحرية الإقتصادية مايلي: حرية التملك، حرية العمل، حرية التجارة والصناعة.
1/ حرية التملك: مقدسة في المذهب الفردي وهي حق ذاتي شخصي يمكن استعمال الشيء والتصرف فيه بشرط أن لايستعمل على نحو يحرمه القانون.
- المادة17 من حقوق الإنسان نصت على نزع الملكية من أجل المصلحة العامة مقابل تعويض ملائم وعادل.
- ومع ظهور الفكر الفلسفي والإشتراكية والمناداة بالأساس الإجتماعي أصبحت للملكية وظيفة اجتماعية حيث لايستطيع المالك التصرف في ملكه كما يشاء خاصة ملكية الأراضي .
- كما ان الأنظمة الشيوعية لاتعترف أساسا بالملكية الفردية وتنادي بالملكية العامة.
- بالرغم من أن معظم المجتمعات عرفت حرية الملكية إلا أن القوانين وضعت قيود لكسب الملكية حيث اعترفت بالطرق المشروعة أما الإكتساب الغير المشروع فهو غير معترف به حفاظا على النظام العام كالرشوة واستعمال بيوت الدعارة فبيعها أو إيجارها باطل أو للمقامرة.
* مجال الملكية الفردية:
- المال المباح: هي التي لامالك لها وقابلة للتملك.
- المال المتروك: هو المال الذي يتركه صاحبه باختياره.
* ويخرج عن إطار الملكية الأشياء الممنوعة بطبيعتها أو بحكم القانون .
- حقوق لصالح الغير: كالضرائب والرسوم.
2- حرية العمل: لم تظهر إلا مع بداية القرن 19 وقد كانت في شكل صوري لاوجود لها وأن مورست خضعت لرقابة قاسية بحجة ردع العمال عن لشغب واستمر ذلك نتيجة النظام الرأسمالي الى غاية بروز الإشتراكية أين عرفت الحرية بشكل جلي وهي حرية الفرد في اختيار أي عمل يسمح به القانون سواء في المجال العام أو الخاص وفق شروط تضعها الدولة دون أي تعسف مع ضمان حق العمال في استقرارهم مقابل أداء التزاماتهم وفي الأجرة وتحديد نوعية العمل وساعاته وتحديد أيام الراحة والعطل ، وتوفير وسائل وقائية لحماية العامل ، وحق العامل في تشكيل جمعيات ونقابات عمالية وحق العامل في الإضراب.
- وينجر عن حرية العمل: الحرية النقابية، وحرية الإضراب.
أ/ الحرية النقابية: لم تظهر إلا نتيجة نظالات طويلة في القرن19 واستمرت إلى أن أصبحت في شكل سياسي خاصة مثل النقابات العمالية لحزب العمال في بريطانيا ومهمة النقابات هي:
حماية العمال مناقشة شروط العمل مع أصحاب العمل- والظغط على الحكومات من أجل إصدار قوانين لصالح العمال.
ب/ حرية الإضراب: لم يصبح حق سياسي إلابعد صراع طويل مثل الحرية النقابية وهو غفير مسموح به في الأنظمة الإشتراكية ويلجأ إليه كوسيلة ضغط ضد الرأسمالية لعدم احترامها لحقوق العامل. وقد نص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أما في الدستور الجزائري فقد تم التأمين على هذا الحق من خلال:
الترخيص للعمال بالدفاع عن حقوقهم بواسطة نقابات عمالية وحقها في الإضراب والحماية والأمن أثناء العمل وأيضا حماية حقهم في الصحة ومن أجل ذلك أنشأت هيئتان:
-المجلس الوطني للوقاية الصحية والأمن وطلب العمل.،المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية.
* وعناصر الإضراب هي:
- التوقف عن العمل دون تحديد المدة.- التوقف الجماعي " التضامني".- يكون بقصد الإضراب عن العمل.- يتم الإعلان عنه مسبقا.- الضغط على صاحب العمل لتحقيق أهداف العمال كالأجرة وتحسين ظروف العمل،..الخ.
3/ حرية التجارة والصناعة:
• ظهرت كرد فعل ضد النظام النقابي الذي قيد من النشاط الإقتصادي .
- ومعناها هو فتح الباب أما المنافسة الحرة أي المنافسة الإقتصادية القائمة على قانون العرض والطلب والتي إنتشرت في فرنسا وأول من أعلن عليها هي الجمعية التأسيسية.
- ونجد في ظل النظام القانوني للدول المعاصرة : أنه لايمكن ممارسة أي مهنة أو حرفة أو تجارة إلا إذاتوفرت في من يريد ممارستها شروط لذلك مثل: الإجازة المسبقة.
- وينجر عن الحرية التجارية الصناعية " حرية المنافسة" والتي تظهر جليا في الدولذات النظام الإقتصادي الحر أما الدول ذات النظام الإقتصادي الموجه تقيد من هذه الحرية نتيجة تدخل الدولة في التجارة والصناعة .- وقد تم النص على حرية المنافسة في العديد من المنظمات منها المنظمة العالمية للتجارة والتي أصدرت لها قانون تجاري.
9/ وسائل حماية المواطن لحرياته:
-1 التظلم الإداري: هو طلب التماس يوجهه المواطن الى السلطة مصدرة القرار يطالب فيه مراجعة القرار موضحا جسامة أثره عليه.
-2 أنواع التظلمات :
أ- التظلم الولائي" الطعن الولائي": يقدم مباشرة الى السلطة مصدرة القرار يطالبها بمراجعته.
ب- التظلم الرئاسي: وهو الذي يقدم الى السلطة التي تعلو مباشرة السلطة مصدرة القرار.
ج- التظلم أمام اللجان: وهو الذي يقدم الى لجنة خاصة مثل : اللجنة متساوية الأعضاء .
3/ الهدف من هذه التظلمات:
• تخفيف الأعباء عن المواطن.
• تجنب مشقة المتابعة القضائية.
• إعطاء فرصة للإدارة من أجل مراجعة نفسها.
-2 الرقابة الإدارية:
* للسلطة صفة الرقابة عند حدوث أي تجاوز أو خروج عن نطاق المشروعية حيث تتولى مباشرة التصحيح.
* ومن وسائل الرقابة : الإشراف، التفتيش، كتابة التقارير.
* وقد يكون الدافع الى الرقابة: ذاتي أو خارجي.
3- القضاء:
* للقاضي دور مهم في حماية الحريات إلا أنه قد يعجز في كثير من الأحيان أمام الإختراقات الكبرى لها سواء من الأشخاص المعنوية أو الطبيعية.
- ومن الأمور التي يجد فيها فيها القاضي حرجا مثلا: قضية الملكية فهي حق معترف به إلا أنه يمكن نزعه من أجل المصلحة العامة
(مع التعويض) وهنا القاضي يتعامل مع الشكاوى باستعمال معيار"< المصلحة العامة"، فإن لم يجد نص قانوني يلجأ الى الفقه أو الإجتهاد من أجل تأسيس الحكم .
* ويظهر خرق الحريات العامة في حالة: غياب النص، الظروف الإستثنائية التي تؤدي الى خرق مبدأ الشرعية.
10/ حدود الحريات العامة:
اتفق الفقه على قيود تكمن في:
- إحترام الدستور والقانون: حيث لايجب خرقها بدعوى ممارسة الحريات العامة ومثالها حرية إنشاء الأحزاب السياسية م42 .
- كما لايجوز أن تتخذ شكل من الأشكال التبعية الأجنبية.
- حماية النظام العام: هو المبدأ الفاصل بين الحرية والفوضى ولابد من تحقق الموازنة بين حماية النظام العام وحماية الحريات العامة من التعسف والإستغلال م22 من الدستور" يعاقب القانون من التعسف في استعمال السلطة".
- إحترام كيان الدولة :
لايجوز ممارسة الحريات العامة الى حد تدمير كيان الدولة وإلا انتهى الأمر بالقضاء على الحريات العامة.
- حماية حريات الآخرين: انتهاء حرية الفرد عند ابتداء حرية الغير وهذا من أجل التعايش السلمي داخل مجتمع واحد.
- ضمان حماية الحريات العامة: لابد من تحديد الحريات حتى نتمكن من ممارستها وهذا من أجل إزالة التعارض بينها فمثلا نجد تعارض بين حرية استخدام الطريق للمسير واستخدامها للنقل.
ويمارس الفرد حرياته في إطار احترام الحقوق المعترف بها للغير وخاصة: الحق في الشرف والحق في ستر الحياة الخاصة، وحماية الأسرة والشبيبة والطفولة.

أم محمد وألاء
2012-08-07, 22:49
ملخص الحريات العامة
مدخل الى الحريات العامة:
1/ تعريفها:
• المعنى العام: هي ضد العبودية.
• تعريف حقوق الإنسان: هي حق الفرد في فعل مايشاء دون اضرار بالآخرين وهي مقيدة بالقانون.
• تعريف رجال القانون: هي حق للجميع( وطني أو أجنبي) دون تمييز باستثناء الحقوق السياسية وسميت بالعامة لأنها امتياز للأفراد في مواجهة السلطة العامة.
2/ علاقة الحريات العامة بالحقوق الفردية:الحريات الفردية في مدلولها مترادفة مع الحريات العامة اول ماظهرت في التاريخه كانت عبارة عن حق ذاتي شخصي لايستطيع الإنسان ممارسته إلا اذا كان حرا.
3/ لمحة تاريخية عن الحريات العامة:
أ- في العصور القديمة:
* عند الإغريق: كانت فكرة فلسفية.
* عند اليونان: تطورت عندهم وكانت متصلة بالحياة الديمقراطية.
* عند الرومان: لهم قانون خاص يتضمن في أحكامه الإيمان بالحقوق الذاتية للإنسان.
ب- في العصور الوسطى:
* في أوربا: ظهرت سيطرة الكنيسة على حرية الإنسان وذلك بالخضوع لها، وظهر في النظام الإقطاعي الذي سيطر فيه السيد سيطرة كاملة.
* في الحضارة الإسلامية: حددها الفقه في الحرية في العمل والحرية في الأمن والعقيدة والحياة واعتبرها كلها حقوق يمارسها الإنسان.
* المذهب الفردي اعتبر الفرد محور النظام الإجتماعي وغايته حماية الفرد.
- نقد المذهب الفردي: أهمل الصالح العام.
ج- العصر الحديث:
* " روسو وبولودابيت" يرون بمحاربة التعصب الديني وسيطرة الكنيسة والمطالبة بالحرية الدينية.
* بولتير: أعطى الإنسان الحرية الكاملة وقيدها بالواجب المترتب عليه في احترام حرية الآخرين.
* تم تشريع حقوق الإنسان والمواطن سنة1789 .
* فرنسا تضمن دستورها الحريات العامة وفي أواخر القرن19 ظهرت الإشتراكية لسلبيات الرأسمالية وظهر نوعان من الحرية منها الحرية النقابية التي نادى بها ماركس.
- وهكذا تطورت الحريات العامة نتيجة تطور الفكر البشري وتضمنتها الدساتير بعد الحرب ع 2.
2/ تقسيمات الحريات العامة: اختلف الفقه في تقسيمها سواء في الفقه التقليدي وفي الفقه الحديث.
1- في الفقه التقليدي:
أ‌- تقسيم دوجي: ـ حريات سلبية وهي التي تشكل قيود على السلطة.
ـ حريات إيجابية: أي تمنح الدولة خدمات إيجابية للأفراد.
ب- تقسيم هوريو:ـ حريات شخصية كالحرية العائليةو وحرية العمل.
ـ حريات روحية ومعنوية: حرية العقيدة وحرية الإجتماع.
ـ حرية المؤسسات الإجتماعية كالحرية الإجتماعية والحرية النقابية.
ج- تقسيم أسمان: ـ حريات ذات محتوى مادي كالأمن والنقل والسكن.
ـ حريات ذات محتوى معنوي كالعقيدة والصحافة والتعليم .
نقد: تجاهل الحقوق الإجتماعية، لايترتب عنه أية مزايا قانونية أوعملية.
2/ في الفقه الحديث:
أ- تقسيم جورج بيردو:ـ حريات شخصية كالحريات الخاصة والأمن.
ـ حريات إجتماعية كحرية العمل وحرية التعليم.
ـ حريات فكرية كالحرية الدينية وحرية التعليم.
ب- تقسيم كولمار: ـ حريات أساسية: كحق الأمن والسكن،..
ـ حريات فكرية: كحرية الرأي والسكن
ـ حريات اقتصادية واجتماعية: العمل والنقابة والملكية.
ج- تقسيم عثمان خليل عثمان: ـ حريات تقليدية كالمساواة المدنية.
ـ حريات اقتصادية كحرية العمل.
د- تقسيم أبو زيد فهمي: ـ حريات شخصية كالنقل والأمن.
ـ حريات اقتصادية كالنقل والأمن.
ـ حريات الفكركحرية الرأي والصحافة.
ه- تقسيم عبد الله بسيوني( التقسيم الراجح ):ـ حريات متعلقة بشخصية الإنسان كحق الامن والتنقل
ـ حريات متعلقة بفكر الإنسان كحرية العقيدة والتعليم
ـ حريات متعلقة بنشاط الإنسان كحرية التجارة والتملك
3/ مصادر الحريات العامة:
وهي ثلاث: شرع الحقوق، الأحكام الدستورية ، القوانين الوضعية.
1- شرع الحقوق: الوطنية والدولية.
أ/ الوطنية: أصدرتها و م أ – انجلترا-فرنسا.
-إنجلترا: ظهرت فيها قوانين إثر ثوراتها الشعبية:
ماكتا كارثا: ظهرت نتيجة ضغط النبلاء ومضمونها مثلا حق الكنيسة في التمتع بامتيازاتها، وحق الورثة في الحصول على الميراث.
كوريس آكت: كحماية الإنسان من الوقف الإحتياطي.
بيل أوف رايتس: لها ثلاث أقسام وهي وثيقة اعلان الحقوق وهذه الوثيقة ليست لها صفة قانونية وإنما جاءت لتأصيل الحقوق في النظام الغربي.
-و م أ: تضمنت 3 قوانين هي:
بيل أوف رايتس: تضمنت مبادئ فلسفية عامة كحرية الأشخاص والمساواة بين البشر.
شرعة(قانون) الإستقلال: تضمن مبادئ الحرية والمساواة بين البشر.
* التعديلات التي أدخلها كونغرس الإستقلال على الدستور: حفاظ على حقوق الأفراد من سلطات الدولة.
- فرنسا: تضمنت 3 حقوق هي:
* قانون حقوق الإنسان والمواطن1789: يتضمن حقوق ذاتية أساسية كالمعتقد والتفكير.
* قانون حقوق الإنسان والمواطن1793: تكيز بذكره الحقوق الإجتماعية والإقتصادية .
* قانون حقوق وواجبات المواطن والإنسان: تضم قسمين :
- قسم يضم حقوق الإنسان والمواطن.
- قسم يضم واجبات المواطن نحو المجتمع والعائلة والملكية الشخصية.
ب/ الدولية :
* ميثاق عصبة الأمم: أشارت الى: ضمان الأمن وخدمة حقوق الإنسان وإقامة التعاون مع الصليب الأحمر .
* منظمة م م: يضم قانونها المبادئ الجوهرية التي أقرتها الدول الأعضاء .
* الإتفاقيات: أهمها حول: حماية الإنسان والحريات السياسية الخاصة بالدول الأعضاء.
ولضمان تنفيذ ماجاء بها وجدت هيئتان : المحكمة الأوربية لحقوق إ واللجنة الأوربية لحقوق إ.
* الأحكام الدستورية: ذكرت الحريات العامة في مقدمة الدساتير.
* القوانين الوضعية: تحوي مجموعة من المبادئ والأحكام المتصلة بالحريات العامة مثلا في القانون الجزائري مبدأ عدم رجعية القوانين وحرية التعاقد.... الخ.
4/ الحريات العامة في التشريع الجزائري:
في الدساتير- في القوانين- في اللجان.
1-في الدساتير:
* دستور1963: نص على الحريات العامة في مقدمته وأكد على احترامها من المادة10 الى21.
* دستور1976: نص في الفصل الرابع من الباب1 على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن فتضمن 31 مادة.
* دستور1989: خصص للحريات العامة الفصل الرابع المكون من 28 مادة الملاحظ على هذا الدستور أنه وسع في نطاق الحقوق والحريات بما في ذلك حرية الملكية الخاصة.
* دستور1996: تضمن في الفصل الرابع الحقوق والحريات ويلاحظ عليه أنه وسع من نطاق الحريات العامة.
2/ في القوانين:
*قانون العقوبات: المادة107 ( معاقبة كل من يمس الحرية الشخصية للفرد أو الحقوق الوطنية للمواطن) ، المواد من 150 الى154 ( تعاقب على الإعتداء على المدافن وحرمة الموتى).
*ق إج: م46 نصت على معاقبة كل من أفشى مستند ناتج عن التفتيش أو اطلع عليه دون إذن.، م113 تضمنت اجراءات الحبس الإحتياطي.
* القانون المدني: نصت على عدم التعسف في استعمال الحق.
* ق إ م: نصت المادة 201 الى204 على معاقبة القاضي لكل متجاوز للقانون.
* قانون الأسرة: منح للزوجة الحرية في التصرف في مالها.
3/ على مستوى اللجان:
* اللجدنة الوطنية الإستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان: لها نشاط إعلامي وتقوم بملتقيات دولية لنشر ثقافة السلم ونبذ ثقافة الإعتداء على الحريات العامة ومهامها هي: حماية حقوق الإنسان ومراقبتها ، وضع تقارير سنوية حول احصائيات الجرائم المرتكية ضد الإنسان وتقديمها الى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي البلدي.
5/ الحريات والحقوق الشخصية:
1- حق الأمن: وهو الأساس الذي تستند اليه كافة الحريات التي تكون بانتفاء القيود والعبودية وأول وثيقة قانونية اهتمت بهذا الحق الهابياس كوريث بأنجلترا لتأخذ الشكل القانوني الحالي لحقوق الإنسان والمواطن، كما أهتمت الإتفاقبات الدولية لحقوق الإنسان بهذا الحق من حيث النص عليها مثلا:
- م2/1 من قانون العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نصت على عدم جواز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي.
- م07 منه أيضا عدم جواز تعذيب أي إنسان أو إهانة كرمته.
* وينجر عن هذا الحق عدت حقوق أهمها:
-1 الحق في الحياة: هو حق مقدس من لله تعالى وقد حافظت عليه كل القوانين الوضعية ونهاية الحياة قد تكون طبيعية أو بالإنتحار أو بالقتل مثل الإجهاض فالإجهاض يعد وسيلة من وسائل انهاء الحياة وقد اختلف الفقه بين مؤيد ومعارض حوله وأيضا أمام القضاء يطرح تساؤل في مدى قدسية الإنسان أمام الحكم بالإعدام.
-2 حق الإنسان في التصرف في جسده: ويكون ذلك كليا أو جزئيا في حياته أو يوصي بذلك بعد وفاته.
-3 الحق في الزواج وتكوين أسرة: يكون عند بلوغ كل من الطرفين وقد وضع القانون لذلك شروط بغرض ضمان تفادي النزاعات التي تؤثر على الأولاد ويترتب على الحق في الزواج حق آخر هو الحق في انجاب الأولاد فهم زينة الحياة الدنيا وتثور حولهع عدت مسائل منها: تحديد النسل هل يعد انتهاك لحرية هذا الحق ام لا، ومسألة التلقيح الصناعي في حالة العقم.
- ففي الدساتير الجزائرية لم يتم ذكر الحق في الحياة ولا في الزواج صراحة وإنما عنها ضمنيا لأننا في مجتمع مسلم يحرم القتل ويحث على الزواج والتكاثر.
2/ حرية التنقل: ويكون داخل الدولة أو خارجها وقد كان في القوانين القديمة مطلق أما في القوانين الحالية فهو مقيد نظرا لما تقتضيه المصلحة العامة من أجل أسباب أمنية وصحية وسياسية. والقانون الجزائري نص عليها في المواد 13/14/15.
• أشكال حرية التنقل: - حرية التنقل سواء على الأقدام أو بوسيلة نقل .
- حرية التنقل سواء على اليابسة أو الجو أو البحر.
* ونجد أن القانون الداخلي ينظم هذه الحرية كما ينظمها القانون الدولي، مثلا في دستور 96 المادة 41 نصت على حرية التنقل في الترب الوطني إلا أن هذا الحق قابل للتغيير في حالة: عقوبة تكميلية في بعض الجرائم، ونجد في المادة 9 نصت على تحديد الإقامة والمنع منها ، وأيضا في ما يخص وسائل النقل بالنسبة للوطنيين استعمال الرخصة، وبالنسبة للأجانب استعمال جواز السفر.
*على مستوى الشريعة الإسلامية: يقول الرسول(ص) " من خرج فهو آمن ومن قعد فهو آمن" ونجد أن المسلمين يلجؤون الى الترحال والهجرة لعدت أسباب منها: طلب العلم، البحث عن الحرية وحماية الدين، التأمل في الكون والتدبر، التجارة.
- وفي حالة التعدي على حرية التنقل هناك عقوبة الحرابة كما ان هناك طرق أخرى تأديبية .
- كما أن الحرية تخضع الى قيود وذلك من أجل حماية الأفراد، والدولة، والآداب العامة.
-1 حماية الأفراد: الرسول أوصى بعدم دخول أرض فيها الطاعون.
-2 حماية الدولة: كمنع عمر لكبار الصحابة من السفر إلا برخصة.
-3 حماية الآداب العامة: كسفر المرأة مع محرم لها.
3/ حرمة المسكن: أي عدم جواز اقتحامها أو تفتيشها رغما عن صاحبها إلا في الحدود التي يسمح بها القانون وفق الإجراءات التي يقررها رجال السلطة العامة. وقد نصت عليها المادة12 من اتفاقية حقوق الإنسان، وقد نصت على ذلك أيضا المادة 38 من الدتور الجزائري والتي جاءت باستثناء لهذه الحرمة فيجوز اقتحام هذه الحرمة في حالات ضرورية كالحريق مثلا.
- وأيضا هي حق مقدس في الشريعة الإسلامية لقوله تعالى" ياأيها الذين آمنوا لاتدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستانسوا تسلموا على أهلها..".
وحرمة المسكن هنا ليست فقط باقتحامها بل حتى في النظر الى جوفها، كما منعت الشريعة التجسس وتتبع العورات واستراق السمع إلا أن هناك استثناء عملا بقاعدة " لاضرر ولا ضرار" .
4/ سرية المراسلات: أي عدم جواز مصادرة المراسلات بين الأفراد فذلك يشكل اعتدء على الحياة الخاصة للأفراد وسريتها وتلحق بالمراسلات كل وسيلة تقوم مقامها كالمكالمات الهاتفية فيمنع الصنت عيها كقاعدة عامة ويمكن استثناء ذلك في حالة المساس بأمن الدولة أو في حالة التحقيق القضائي..الخ.
* وقد نصت عليها المادة 12 من إعلان حقوق الإنسان ، ونصت عليها المادة 37/2 من الدستور الجزائري.
وكذلك في قوله (ص) " من نظر في كتاب أخيه بغيرإذن كمن ينظر في النار" ويلحق بهذا عدم افشاء الأسرار وعدم الكشف عن مايدور في المجالس ويمكن مخالفة هذا الإستثناء اما تستدعيه دواعي أمن الدولة وتحقيق العدالة.
6/ الحريات السياسية:
-1 تعريفها: هي حق المواطن في تولي الوظائف والمشاركة في الحكم عن طريق التصويت وهناك المشاركة المباشرة وغير المباشرة.
أ/ المشاركة المباشرة: أو الديمقراطية المباشرة :لم يعد يعمل بها حاليا لإتساع رقعة الدولة وكثرة السكان وقد كان معمولا بها في الدول الإغريقية.
ب/ المشاركة غير المباشرة: الديمقراطية النيابية: تقوم على أساس : اختيار الشعب لنواب يمثلونه من خلال المجالس البرلمانية وقد أخذت به الجزائر منذ الإستقلال ويقوم النظام النيابي على أربعة أركان: 1- وجود هيئة منتخبة -2 مدة النيابة تكون محدد مسبقا-3 تمثيل النائب للأمة يمارسها في البرلمان-4 استقلال الهيئة النيابية عن الناخبين.
ملاحظة: هناك من الفقه من يعطي للحريات السياسية مفهوم أوسع وبالإضافة الىحق الإنتخاب وحق تولي الوظائف العامة يمنح الحق أيضا في مراقبة نشاط السلطة الحاكمة، وحق النقد بكل الوسائل التعبير الفردية والجماعية.
حرية الإنتخاب: هل هو حق أم واجب؟
هو حق: لكل مواطن يتمتع بالحقوق السياسية والمدنية وله الحرية في استعماله أو الإمتناع عنه.
هو واجب: على أساس وحدة سيادة الدولة والتي تجبرهم على ممارسته .
والرأي الفاصل : هو حق شخصي للفرد وله تسجيل نفسه في جدول الإنتخابات كما انه واجب يمارسه حتى يؤدي وظيفة اجتماعية.
أساليب الإنتخاب: الإقتراع المقيد والإقتراع العام .
الإقتراع المقيد: ساد قديما وله شروط معينة هي:
- توفر نصاب مالي معين – أو كفاءة معينة ، أو هما معا.
الإقتراع العام: ساد في معظم دول العالم إلا أن هذا لم يمنع من وجود شروط يجب توافرها في الشخص لممارسة حق الإنتخاب وهي:
-الجنسية للتمييز بين المواطن والأجنبي.
-الجنس: كان لعدم ممارسة المرأة للإنتخاب أمر مقبول حتى في الدول المتقدمة إلى ان أقرت نيوزيلاندا بحق المرأة في الإنتخابات.
- السن: يتراوح عالميا بين18 و25 سنة.
- التمتع بالحقوق السياسية والمدنية: حيث يمنع المحكوم عليهم بجرائم مخلة بالشرف.
خطوات الإنتخاب:
التسجيل في القوائم الإنتخابية( في البلدية، في القنصليات).
بطاقة الناخب تصدر بعد ثبوت بيانات الناخب لدى المصالح المختصة.
التصويت في مراكز الإنتخاب ليعبر المواطن عن رأيه.
طرق ممارسة حق الإنتخاب: الفردي، بالقائمة- العلني أوالسري.
الإنتخاب الفردي: تقسم فيه الدولة الى دوائر انتخابية كبيرة غير متساوية وتعطى لكل دائرة عدد من المناصب بقدر عدد سكان الدائرة.
الإنتخاب العلني: تم التخلي عنه نظرا لمساوئه.
الإنتخاب السري: له نتائج ايجابية في إبعاد المواطن عن كل الضغوط.
وللمواطن الحق في الطعن في الإنتخابات عن طريق الطعن القضائي أو السياسي.
-الطعن القضائي: القضاء في فرنسا – القضاء العادي في انجلترا.
-الطعن السياسي: تقوم به الجهة المنتخبة ذاتها.
وهناك طريقة أخرى تستعمل للضرورة وهي" الإستفتاء الشعبي" الذي هو الإحتكام الى الشعب في أمر معين وهو3 أنواع: تشريعي-دستوري-سياسي.
والهدف منه: مشاركة الشعب في تسيير شؤون الدولة،والمحافظة على الديمقراطية ودعمها.
// حرية الإجتماع والتجمع:
* الإجتماع: ويأخذ شكل خاص في المجتمع الديمقراطي القائم على أساس الشورى وقد عرفه القضاء بأنه وسيلة منظمة من أجل تحقيق غاية معينة( اقتصادية، اجتماعية، سياسية، مهنية ).
* وعقد الإجتماع قد يكون بإشرلف الإدارة وبرخصة مسبقة منها، أو يكون خاص يكون في أماكن مغلقة مع شروط كالدعوات مثلا.
* التجمع: وهو الذي يكون في الشوارع وفي الساحات العامة ويعد عائق لممارسة حرية التنقل وله عدت صور هي:
أ/ التجمهر: وهو تجمع في الشوارع والساحات العامة ويكون عفوي وطارئ وغير منظم ودون سابق اشعار مسبق ولغاية غير مشروعة ومن صالح الشرطة تفريقه.
ب/ المظاهرات: قديمة ومتصلة بالحياة الديمقراطية حيث يتم بها التعبير عن الشعور العام لها أغراض معبينة سياسيا أواجتماعيا أو اقتصاديا، وتكون بترخيص مسبق أو بإعلام مسبق ، وتختلف عنها المسيرة لأنها تكون متنقلة عبر الشوارع في موكب.
/// حرية تكوين الجمعيات والإشتراك فيها:
• في فرنسا تم تشكيل نقابات مهنية ودينية وبواسطة قانون شابليه تم الغاء مبدأ الجمعيات بكل أنواعها بما فيها الدينية والمهنية تأثرا بالفكر الفلسفي لروسو إلا أن هذا لم يستمر حيث أنه نظرا لمتطلبات الحياة الإجتماعية تألقت جمعيات سياسية أثناء الثورة الفرنسية ونطورت اتصبح حركة الإشتراك بها في القرن 19 لتأخذ الشكل النقابي وهذا دفاعا عن مصالح العمال أي " السانديكاية" والتي إنتهت بقوانين كبرى لصالح العمال.
• - وامتد هذا الإتجاه للتأثير على كل أنواع الجمعيات التي أخضعها المشرع الى تنظيم قوانين خاصة حفاظا على النظام العام مع اقراره لها بالشخصية المعنوية.
• وقد تفرع عن الجمعياتن السياسية نوع خاص وهو" الأحزاب" التي كان لها دور في الديمقراطية المعاصرة.
في التشريع الجزئري:
1/ تكوين الجمعيات السياسية" الأحزاب" :جاء في الأمر 97/09 من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية بعض الإلتزامات الخاصة بها وهي: - منع انخراط القضاة وأفراد الجيش في الأحزاب السياسية - أن يكون مؤسس الحزب ذو جنسية جزائرية. - السن 25 سنة وغير معادي للثورة الجزائرية. - التمتع بكل الحقوق. - توقيع طلب التنأسيس من 25 عضو مؤسس على الأقل. - التعهد بعقد مؤتمر تأسيسي خلال سنة. - إصدار3 نسخ لمشروع القانون الأساسي للحزب. - شهادة ميلاد وشهادة السوابق العدلية والجنسية. - اعتماد الحزب. - جميع أموال الحزب من اشتراكات أعضاءه والتبرعات..الخ.
2/ تكوين الجمعيات: يشترط قانون 90/31 لتأسيسها مايلي:
1- تحديد اسم خاص بها غير مخالف للنظام العام والآداب العامة.
2- تحديد أهدافها والإلتزام بها.
3- أن يكون لها قانون أساسي.
4- تحرير محضر لها ويصادق عليه.
5- أعداد بطاقة معلومات عن مؤسسها.
6- اعداد بطاقة معلومات عن أعضاء مكتب الجمعية.
7- اعداد الملف الإداري لرئيس الجمعية.
8- شهادة الميلاد.
• وبتوفر هذه الشروط يسلم تصريح تأسيس الجمعية ويودع لدى الوالي(اذا كانت الجمعية إقليمية) ولدى وزارة الداخلية ( اذا كانت الجمعية جهوية أو وطنية) .
• يسلم وصل التأسيس بعد 60 يوما من إيداع التصريح .
*أنواعها:
- الجمعيات الدينية: تابعة للجان المساجد وتخضع لمناشير خاصة فيما يخص جمع التبرعات وبناء المساجد و يوضع الملف في مديرية الشؤون الدينية.
- الجمعيات الثقافية: تابعة لمديرية الثقافة.
- جمعيات الأحياء : توضع الملفاتلدى البلدية.
-جمعيات رياضية: تابعة لمديرية الشباب.
/5/ حرية تقلد الوظائف العامة: للوظيفة معنيان:
• المعنى الدستوري: هي كل وظيفة يتولاها المواطن في الدولة سواء سياسية أو إدارية.
• المعنى الإداري: هي الوظيفة الإدارية فقط.
- في القديم كان تولي الوظيفة العامة مقيد بشروط متصلة بالولادة والطبيعة والدين..الخ وخاصة في الأنظمة الملكية القديمة وبعد الثورة الفرنسية وإعلان حقوق الإنسان أصبح كل المواطنين متساوين أمام القانون في تقلد أية وظيفة من الوظائف العامة سواء سياسية أو إدارية.وقد تضمن الدستور الجزائري مساواة جمنيع المواطنين في تقلد المهام والظائف في الدولة دون أ] شروط غير تلك المحددة قانونا.
/7/ الحرية الفكرية والدينية:
1/ الحرية الدينية: هي حرية الإنسان في اختيار الدين الذي يشاء وهي لاتقتصر على حرية الإيمان فقط بل تشتمل أيضا حرية إظهار هذا الإيمان فالحرية الدينية تقتصر على 3 عناصر:حرية الإيمان، حرية العبادة ، حياد الدولة.
- والدول الغربية خاصة لم تعرف هذه الحرية إلا بعد ثورات عديدة منها :
* أوربا: تعرضت للإضطهاد الديني وسيطرة الكنيسة الحشية وعرفت ثورات بين البروتستات والكاثوليك.
* في الدول الشيوعية: كانت الحرية الدينية بها شبه منعدمة على أساس " أن الدين أفيون الشعوب" ومادام أن الدين في نفس صاحبه فله الحرية في ذلك أما إذا كان يدعوا الغير به فعليه التقيد بالنظام العام.
- أما في الشريعة الإسلامية فقد أقرت بحرية مممارسة الشعائر الدينية.
ونصت المادة 10 منت إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام أن الإسلام دين الفطرة ولايجوز إكراه الإنسان على تغيير دينه مهذا ماأقره القرآن الكريم.
- ونصت المادة45 من دستور الجزائر على عدم المساس بحرية المعتقد وحرية الرأي.
2/ الحرية الفكرية:
* المعنى الواسع: هي حرية العقل الذي يحمل في طياته الحرية الدينية وقد تم تكريسها في معظم القوانين منها: قانون حقوق الإنسان العالمي نصت المادة18 على حرية الشخص في التفكير والضمير والدين ونصت المادة 19 على حرية الشخص في الرأي والتعبير.
* وتشمل الحرية الفكرية 3 حريات أساسية هي:
1- حرية الرأي: معترف بها قانونا إلا أنها تخضع لقيود تختلف باختلاف الدول من حيث القيم والظروف السائدة ونجد أن القيود تشتد بالنسبة لموظفي الدولة وتتسع لسائر المواطنين مع تقيدهم بحقوق الغير والنظام العام والآداب العامة.
2- حرية التعبير: تتبع حرية الرأي وهي قدرة الفرد على التعبير عن أي فكرة في أمر من الأمور بأي وسيلة سواء كانت مقروءة ، سمعية أو بصرية ، أو سمعية بصرية أو شخصية.
- واستعمال هذه الوسائل ليس في متناول جميع الأفراد لذلك جاء دستور96 في المادة41 منه لبضمن حرية التعبير عن طريق الجمعيات والتجمعات.
- وحرية التعبير التي نص عليها الدستور أدت الى حركة واسعة على مستوى الصحفيين للمطالبة بإلغاء الوزارة الوصية ، كما طالب رجال الإعلام بوضع قانون للإعلام.
3- حرية التعليم: وتشمكل الحق في التعليم والحق في اختيار المعلم.
* الحق في التعليم: أي حق الإنسان في تعلم مايشاء ويكون أيضا بتعليم الغير .
* الحق في اختيار المعلم: أي حق المرأ في اختيار نوع التربية لأولاده.
- وقد نص الدستور على ان حق التعليم مضمون وإلزامي على المستوى الأساسي وإجباري كما أنه مجاني حسب الشروط المحددة قانونا.( إعداد الدولة للمنظومة التربوية، والمساواة بين الجميع في الإلتحاق بالتعليم).
8/ الحريات الإقتصادية:
* موضوع خلاف بين الانظمة الرأسمالية( وفق مبدأ دعه يعمل دعه يمر) والأنظمة الإشتراكية ( التي تقر يتدخل الدولة في الشؤون الإقتصادية )
وتضم الحرية الإقتصادية مايلي: حرية التملك، حرية العمل، حرية التجارة والصناعة.
1/ حرية التملك: مقدسة في المذهب الفردي وهي حق ذاتي شخصي يمكن استعمال الشيء والتصرف فيه بشرط أن لايستعمل على نحو يحرمه القانون.
- المادة17 من حقوق الإنسان نصت على نزع الملكية من أجل المصلحة العامة مقابل تعويض ملائم وعادل.
- ومع ظهور الفكر الفلسفي والإشتراكية والمناداة بالأساس الإجتماعي أصبحت للملكية وظيفة اجتماعية حيث لايستطيع المالك التصرف في ملكه كما يشاء خاصة ملكية الأراضي .
- كما ان الأنظمة الشيوعية لاتعترف أساسا بالملكية الفردية وتنادي بالملكية العامة.
- بالرغم من أن معظم المجتمعات عرفت حرية الملكية إلا أن القوانين وضعت قيود لكسب الملكية حيث اعترفت بالطرق المشروعة أما الإكتساب الغير المشروع فهو غير معترف به حفاظا على النظام العام كالرشوة واستعمال بيوت الدعارة فبيعها أو إيجارها باطل أو للمقامرة.
* مجال الملكية الفردية:
- المال المباح: هي التي لامالك لها وقابلة للتملك.
- المال المتروك: هو المال الذي يتركه صاحبه باختياره.
* ويخرج عن إطار الملكية الأشياء الممنوعة بطبيعتها أو بحكم القانون .
- حقوق لصالح الغير: كالضرائب والرسوم.
2- حرية العمل: لم تظهر إلا مع بداية القرن 19 وقد كانت في شكل صوري لاوجود لها وأن مورست خضعت لرقابة قاسية بحجة ردع العمال عن لشغب واستمر ذلك نتيجة النظام الرأسمالي الى غاية بروز الإشتراكية أين عرفت الحرية بشكل جلي وهي حرية الفرد في اختيار أي عمل يسمح به القانون سواء في المجال العام أو الخاص وفق شروط تضعها الدولة دون أي تعسف مع ضمان حق العمال في استقرارهم مقابل أداء التزاماتهم وفي الأجرة وتحديد نوعية العمل وساعاته وتحديد أيام الراحة والعطل ، وتوفير وسائل وقائية لحماية العامل ، وحق العامل في تشكيل جمعيات ونقابات عمالية وحق العامل في الإضراب.
- وينجر عن حرية العمل: الحرية النقابية، وحرية الإضراب.
أ/ الحرية النقابية: لم تظهر إلا نتيجة نظالات طويلة في القرن19 واستمرت إلى أن أصبحت في شكل سياسي خاصة مثل النقابات العمالية لحزب العمال في بريطانيا ومهمة النقابات هي:
حماية العمال مناقشة شروط العمل مع أصحاب العمل- والظغط على الحكومات من أجل إصدار قوانين لصالح العمال.
ب/ حرية الإضراب: لم يصبح حق سياسي إلابعد صراع طويل مثل الحرية النقابية وهو غفير مسموح به في الأنظمة الإشتراكية ويلجأ إليه كوسيلة ضغط ضد الرأسمالية لعدم احترامها لحقوق العامل. وقد نص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أما في الدستور الجزائري فقد تم التأمين على هذا الحق من خلال:
الترخيص للعمال بالدفاع عن حقوقهم بواسطة نقابات عمالية وحقها في الإضراب والحماية والأمن أثناء العمل وأيضا حماية حقهم في الصحة ومن أجل ذلك أنشأت هيئتان:
-المجلس الوطني للوقاية الصحية والأمن وطلب العمل.،المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية.
* وعناصر الإضراب هي:
- التوقف عن العمل دون تحديد المدة.- التوقف الجماعي " التضامني".- يكون بقصد الإضراب عن العمل.- يتم الإعلان عنه مسبقا.- الضغط على صاحب العمل لتحقيق أهداف العمال كالأجرة وتحسين ظروف العمل،..الخ.
3/ حرية التجارة والصناعة:
• ظهرت كرد فعل ضد النظام النقابي الذي قيد من النشاط الإقتصادي .
- ومعناها هو فتح الباب أما المنافسة الحرة أي المنافسة الإقتصادية القائمة على قانون العرض والطلب والتي إنتشرت في فرنسا وأول من أعلن عليها هي الجمعية التأسيسية.
- ونجد في ظل النظام القانوني للدول المعاصرة : أنه لايمكن ممارسة أي مهنة أو حرفة أو تجارة إلا إذاتوفرت في من يريد ممارستها شروط لذلك مثل: الإجازة المسبقة.
- وينجر عن الحرية التجارية الصناعية " حرية المنافسة" والتي تظهر جليا في الدولذات النظام الإقتصادي الحر أما الدول ذات النظام الإقتصادي الموجه تقيد من هذه الحرية نتيجة تدخل الدولة في التجارة والصناعة .- وقد تم النص على حرية المنافسة في العديد من المنظمات منها المنظمة العالمية للتجارة والتي أصدرت لها قانون تجاري.
9/ وسائل حماية المواطن لحرياته:
-1 التظلم الإداري: هو طلب التماس يوجهه المواطن الى السلطة مصدرة القرار يطالب فيه مراجعة القرار موضحا جسامة أثره عليه.
-2 أنواع التظلمات :
أ- التظلم الولائي" الطعن الولائي": يقدم مباشرة الى السلطة مصدرة القرار يطالبها بمراجعته.
ب- التظلم الرئاسي: وهو الذي يقدم الى السلطة التي تعلو مباشرة السلطة مصدرة القرار.
ج- التظلم أمام اللجان: وهو الذي يقدم الى لجنة خاصة مثل : اللجنة متساوية الأعضاء .
3/ الهدف من هذه التظلمات:
• تخفيف الأعباء عن المواطن.
• تجنب مشقة المتابعة القضائية.
• إعطاء فرصة للإدارة من أجل مراجعة نفسها.
-2 الرقابة الإدارية:
* للسلطة صفة الرقابة عند حدوث أي تجاوز أو خروج عن نطاق المشروعية حيث تتولى مباشرة التصحيح.
* ومن وسائل الرقابة : الإشراف، التفتيش، كتابة التقارير.
* وقد يكون الدافع الى الرقابة: ذاتي أو خارجي.
3- القضاء:
* للقاضي دور مهم في حماية الحريات إلا أنه قد يعجز في كثير من الأحيان أمام الإختراقات الكبرى لها سواء من الأشخاص المعنوية أو الطبيعية.
- ومن الأمور التي يجد فيها فيها القاضي حرجا مثلا: قضية الملكية فهي حق معترف به إلا أنه يمكن نزعه من أجل المصلحة العامة
(مع التعويض) وهنا القاضي يتعامل مع الشكاوى باستعمال معيار"< المصلحة العامة"، فإن لم يجد نص قانوني يلجأ الى الفقه أو الإجتهاد من أجل تأسيس الحكم .
* ويظهر خرق الحريات العامة في حالة: غياب النص، الظروف الإستثنائية التي تؤدي الى خرق مبدأ الشرعية.
10/ حدود الحريات العامة:
اتفق الفقه على قيود تكمن في:
- إحترام الدستور والقانون: حيث لايجب خرقها بدعوى ممارسة الحريات العامة ومثالها حرية إنشاء الأحزاب السياسية م42 .
- كما لايجوز أن تتخذ شكل من الأشكال التبعية الأجنبية.
- حماية النظام العام: هو المبدأ الفاصل بين الحرية والفوضى ولابد من تحقق الموازنة بين حماية النظام العام وحماية الحريات العامة من التعسف والإستغلال م22 من الدستور" يعاقب القانون من التعسف في استعمال السلطة".
- إحترام كيان الدولة :
لايجوز ممارسة الحريات العامة الى حد تدمير كيان الدولة وإلا انتهى الأمر بالقضاء على الحريات العامة.
- حماية حريات الآخرين: انتهاء حرية الفرد عند ابتداء حرية الغير وهذا من أجل التعايش السلمي داخل مجتمع واحد.
- ضمان حماية الحريات العامة: لابد من تحديد الحريات حتى نتمكن من ممارستها وهذا من أجل إزالة التعارض بينها فمثلا نجد تعارض بين حرية استخدام الطريق للمسير واستخدامها للنقل.
ويمارس الفرد حرياته في إطار احترام الحقوق المعترف بها للغير وخاصة: الحق في الشرف والحق في ستر الحياة الخاصة، وحماية الأسرة والشبيبة والطفولة.

محمد تماسين
2012-08-08, 12:19
الحريات العامة وحقوق الانسان وضمانات ممارستها
________________________________________
مقدمة:
إن لموضوع الحقوق والحريات العامة أهمية بالغة تتمثل في أنها من بين الركائز التي يقوم عليها النظام الديموقراطي في العصر الحالي حيث أن هذه الأخيرة تطورت بتطور الأزمان والأذهان بسبب ثورة الشعوب على استبداد الحكام. فإعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والسلام في العالم الذي لا يكون إلا باعتراف وضمان شيء واحد هو "الحقوق والحريات" حيث كان للإسلام فضل سبق في إعلان وإظهار الحقوق والحريات بصفة عامة وإعلان مبدأ المساواة في الحقوق والتكاليف العامة في القرن السابع الميلادي أي منذ أكثر من 14 قرن من الزمن ثم نادت إعلانات ودساتير عدة في إنحاء العالم بالحقوق والحريات ودعت إلى ضمانها وإقرارها وخلال هذا يمكن أن نطرح عدة تساؤلات فما هي أهم الحقوق والحريات ؟ وما هي ضمانات حمايتها؟
]المبحث الأول
الحقوق والحريات العامة.أطلق على الحقوق والحريات في عصر ازدهار المذهب الفردي تسمية الحقوق والحريات الفردية على أساس أنها مقررة لتمتع الفرد بها وأطلق عليها كذلك الحقوق المدنية للدلالة على مضمونها وذلك لأن الفرد عضو في جماعة مدنية منظمة إلا أن التسمية أكثر تداولا في الدساتير الحديثة هي الحقوق والحريات العامة على أساس أنها تضمن إمتيازات الأفراد في مواجهة السلطات العامة و تضمن المساواة دون تمييز أو التفرقة بين المواطنين.
المطلب الأول: تعريف الحقوق والحريات.- تعريف الحقوق:
جمع حق. وقد حاولت المذاهب عدة ونظريات كثيرة تعريف الحق مثل المذهب الشخصي الذي عرف الحق بأنه قدرة أو سلطة إرادية تثبت للشخص ويستمدها من القانون وقد ُأنتقدت هذه النظرية بسبب أنها تربط الحق بالإرادة بينما قد يثبت الحق الشخصي دون أن تكون له بالإرادة. وعَرفه المذهب الموضوعي بأنه مصلحة يحميها القانون و ُأنتقدت أيضا هذه النظرية لأنها تعتبر المصلحة معيار لوجود الحق بينما الأمر ليس كذلك ونتيجة لإنتقادات الموجهة للنظريات السابقة ظهرت نظرية أخرى هي النظرية الحديثة في تعريف الحق ويُعرف أصحاب هذا المذهب الحق على أنه:" ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطريقة قانونية ويكون له بمقتضاها الحق في التصرف".
تعريف الحريات:جاء تعريف الحريات في الإعلان الفرنسي للحقوق والحريات صحيحا في معناه. فالحريات قوامها القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالأخريين ولا تحدد ممارسة الحقوق الطبيعية لكل إنسان إلا بالحقوق التي ُتؤَمن للأعضاء الأخريين في المجتمع ولايجوزأن تحدد هذه الحدود إلا بالقانون.(2)
المطلب الثاني: الحقوق والحريات في الإسلام.
كان للإسلام فضل السبق في إعلان مبدأ المساواة في الحقوق والتكاليف العامة وفي إظهار الحقوق والحريات بصفة عامة في القرن السابع ميلادي حيث حدد حقوق الإنسان والحرياته أساسية ووضع الضمانات الكفيلة بحمايتها وقد كان السباق في ذلك قبل غيره إذ وجدت أساسها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة ثم تولى الفقه الإسلامي بيانها وتوضيح مفهومها ومضمونها وتحديد نطاقها كما أنها وجدت الحماية الكاملة في التطبيق العملي خاصة في العهد النبوي الشريف و في عصر الخلفاء الراشدين.
و الذي يعنينا في بحتنا هذا هو حقوق إنسان أو حقوق العبادة كما يسميها فقهاء الشريعة الإسلامية و من أهم هذه الحقوق سواء ما كان منها ينصب على كيان الإنسان نفسه و حياته.
- كحق الحياة: الذي هو حق كل إنسان في الوجود واحترام روحه وجسده ولقد حذر الله سبحانه و تعالي من ارتكاب جريمة القتل باعتبارها خطر علي سلامة و أمن المجتمع و هكذا حياة الإنسان مضمونة لقوله جلا و علا: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه وأعد له عذابا أليما".
- حق الأمن: و المقصود به حق الفرد فأن يعيش في أمان دون خوف أن يُقبض عليه أو يحبس كنتيجة لإجراءات تعسفية إذ أن ذلك لن يحدث إلا بناء على قرار هيئات قضائية.لقول الرسول صلى الله عليه و سلم "كل مسلم على مسلم حرام دمه و عرضه و ماله"
-حق المشاركة في الحياة السياسية: و ذلك في الإشتراك في الانتخابات و الاستفتاءات المتنوعة و كذلك حق الترشح للهيئات و المجالس المنتخبة لقوله تعالى "و شاورهم في الأمر"
- حق العمل: و يعني حق العمل لكل فرد في المجتمع في ممارسة عمل مناسب و ملائم لقدراته ُيكفل له العيش الكريم
- حق الملكية: حيث أن الشريعة قيدته بالزكاة و نهت عن الكسب من طريق غير الحلال.
أما الحريات وإذ كانت تعتبر إحدى خصائص الديمقراطية المميزة لها‘ سواء كانت حريات شخصية أو فكرية أو غيرها فإن الإسلام قد كمل هذه الحريات جميعا منذ بداية قيام الدولة الإسلامية على أساس كتاب الله و سنة رسوله و في حقيقة الأمر لا توجد مبالغة في قول بأن الإسلام دين حرية جاء ليقضي على الشرك و الوثنية و لينهي عبودية الأصنام و كذا عبودية الإنسان لأخيه الإنسان و أعطاه كرامته و حريته بالمساواة التامة و من أهم الحريات حرية العقيدة وحرية الرأي وحرية المسكن وكذا حرية التنقل لقوله تعالى:" هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه وإليه النشور".
المطلب الثالث: الحقوق والحريات في العصر الحديث وتقسيماتها
أطلق على الحقوق والحريات في عصر إزدهار المذهب الفردي تسمية الحقوق والحريات الفردية على أساس أنها مقررة لتمتع الفرد بها وأطلق عليها كذلك الحقوق المدنية للدلالة على مظمونها وذلك لأن الفرد عضو في جماعة مدنية ومنظمة إلا أن التسمية أكثر تداولا في الدساتير الحديثة هي الحقوق والحريات العامة على أساس أنها تضمن إمتيازات الأفراد في مواجهة السلطات العامة من الناحية وتمتع الأفراد بالمساواة دون تمييز أو تفرقة بين المواطنين وبقدر ما تنوعت الحقوق والحريات وتفرعت إلى شخصية فكرية -اقتصادية و اجتماعية بقدرها تعددت تقسيمات الفقهاء كتقسيم العميد "هوريو" و الفقيه "اسمان "في الفقه الحديث الأستاذ" جورج بوردو" ومن تم يتعين علينا دراسة أنواع الحقوق والحريات تعتبر مسألة شكلية إلى حد كبير إذ أن اختلاف التقسيمات لا يؤثر في القيمة والمضمون وتنطلق هذه التقسيمات من منطلق تجميع الحقوق والحريات في مجموعات رئيسية لتسهيل التعرف على مضمونها وسوف نذكر النصوص المتعلقة بالحقوق والحريات العامة التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذا نصوص دستور الجزائري لعام 1996.مع أن الجزائر و وفاءا منها تبنت الحقوق و الحريات في جميع دساتيرها منذ الاستقلال أي من دستور 1964 إلى غاية أخر دستور لها دستور 1996.
الحقوق والحريات المتعلقة بشخصية الانسان وهي المتعلقة بكيان الانسان وحياته.
كحق الحياة: وحرم أي اعتداء على هذا الحق وقد نصت عليه المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان على أنه:" لكل فرد الحق في الحياة والحرية و في الأمان على شخصه"
- حق الأمن: يعتبر حق فرد في الحياة في أمان واطمئنان دون رهبة أو خوف وفي هذه الصدد نص في المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان أنه" لا يجوز إخضاع احد للتعذيب و لا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المحطة بالكرامة" وقد نصت المادة 47 من الدستور 1996:" لا يتابع أحد ولا يوقف أو يحتجز إلا في حالات محدودة بالقانون وطبقا لأشكال التي نص عليها".
- حرية الانتقال: يقصد بها الحق في الذهاب والإياب أي الحرية السفر إلى أي مكان داخل حدود الدولة أو خارجها وحرية العودة إلى الوطن دون قيود أو موانع إلا ضمن بعض القيود و في هذا المجال نصت المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان :"لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل الدولة" ونصت المادة 44 من الدستور الجزائري 1996 :"يحق لكل مواطن تمتع بحقوقه المدنية والسياسية وأن يختار بحرية موطن إقامته".
- حرمة المسكن: تعتبر من حق الانسان في أن يحيا حياته الشخصية داخل مسكنه دون مضايقة أو إزعاج من أحد ولهذا لا يجوز أن يقتحم أحد مسكن فرد من الأفراد أو يقوم بتفتيشه أو انتهاك حرمته إلا في حالات يحددها القانون وجاء قي هذا السياق في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان:"لا يجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ولا لحملات تمس شرفه و سمعته و لكل شخص الحق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل" كما نصت المادة 40 من الدستور الجزائري 1996:"تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن فلا تفتش إلا بمقتضى القانون وفي إطار احترامه".- سرية المراسلات: وتقضي عدم جواز انتهاك أو إفشاء سرية المراسلات المتبادلة بين الأشخاص سواء كانت اتصالات هاتفية أو طرود أو رسائل ونصت المادة 39 من الدستور الجزائري:" لا يجوز انتهاك حرمة حياة مواطن الخاصة وحرمة شرفه ويحميها القانون" .
الحقوق والحريات الخاصة بفكر الإنسان
و هي التي يغلب عليها الطابع الفكري و العقلي للإنسان.
- حرية العقيدة والحرية: حق الفرد في اعتناق دين معين أو عقيدة محددة وقد كرسه الإعلان العالمي للحقوق الانسان في المادة 18:" لكل شخص الحق في حرية الفكر و الوجدان والدين ويشمل هذا الحق حريتة في التغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده بتعبد و إقامة شعائر" والدستور الجزائري في المادة36:"لا مساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية الرأي".
- حرية الرأي: حق الشخص في التعبير عن أفكاره ووجهات نظره الخاصة ونشر هذه الآراء بوسائل النشر المختلفة
- حرية الإعلام: و هي حرية وسائل التعبير والنشر من الصحافة والمؤلفات وإذاعة المسموعة و المرئية.
- حرية التعليم: حق في تعلم العلوم المختلفة وما يتفرع عن ذلك من نشر العلم وقد نصت المادة 53 من الدستور الجزائري لعام 1996:" حق في التعليم مضمون. التعليم مجاني حسب شروط التي يتحدها القانون"
- حرية الاجتماع: تعني هذه الحرية تمتع الفرد بحق في الاجتماع مع من يريد من الأفراد الأخريين في مكان معين وفي وقت يراه مناسب لتعيير عن آراء وجهات نضره بالخطب وندوات المحاضرات و قد نصت عليه المادة 41 من الدستور الجزائري 1996:"حق إنشاء الجمعيات مضمون".
- حرية تكوين الجمعيات والأحزاب السياسية و الإنضمام إليها:لكل فرد الحق في تكوين وإنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية وذلك للاجتماع مع الأعضاء الآخرين للبحث في المسائل التي تهمهم ولكل شخص كامل الحرية في الانضمام في الجمعيات القائمة وقد عبرت عليه المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :"لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية" .ونصت المادة 41 من الدستور الجزائري 1996:"حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن.
الحقوق و الحريات المتصلة بنشاط الإنسان
و هي كل ما يتصل اتصالا وثيقا بنشاط الفرد و عمله و سعيه للحصول على ما يحقق له الحياة الكريمة.
- حق العمل: لكل فرد الحق في العمل الشريف الذي يناسبه و يختاره بكامل حريته و الذي يكفل له العيش و تأمين حياته و حياة أسرته ويجعله مطمئنا على حاضره و مستقبله و كذا تأمين حصوله على الأجر العادل و قد نصت عليه المادة 55من الدستور الجزائري 1996:"لكل مواطن الحق في العمل"
- حرية التجارة و الصناعة:هي مباشرة الفرد للأنشطة التجارية و الصناعية و ما يتفرع عنها من تبادل و مراسلات و إبرام عقود و عقد صفقات و نصت عليه المادة 34 من الدستور الجزائري 1996:"حرية التجارة و الصناعة مضمونة و تمارس في إطار القانون"
- حرية الملكية:تمثل الملكية ثمرة النشاط و العمل الفردي و يعتبر حق حرية اقتناء الأموال من العقارات و المنقولات و حرية التصرف فيها و قد نصت عليه المادة 52 من الدستور الجزائري 1996 "الملكية الخاصة مضمونة".
المبحث الثاني: مبدأ المساواة وضمان ممارسة الحقوق و الحريات العامة.
إن ضمان ممارسة الحقوق والحريات في ظل دولة قانونية لا يكون إلا بالمساواة في الحقوق أولا والمساواة أمام التكاليف العامة.
المطلب الأول: مبدأ المساواة.
المساواة في الحقوق: تنص المادة 55 من الدستور الجزائري على أن:" لكل المواطنين الحق في العدل" بحيث لا تتحقق العدالة إلا بالمساواة في الحقوق وتتنوع الحقوق التي يجب أن تتساوى جميع الأفراد فيها إذ تشمل المساواة أمام القانون التي تعد نقطة البداية في التطبيقات المختلفة لمبدأ المساواة ثم المساواة في ممارسة الحقوق السياسية بالنسبة للمواطنين والمساواة في تولي الوظائف العامة وفي الانتفاع بخدمات المرافق العامة وأخيرا المساواة أمام العدالة.
- المساواة أمام القانون: تنص المادة 29 من الدستور الجزائري:" كل المواطنين سواسية أمام القانون" ولا يمكن أن يتم بأي تمييز يعود سببه إلى المولد أو العرق أو الجنس أو الرأي أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي.
وقد عبرت نصوص كثيرة على هذا المبدأ ويتضح لنا منها أن المقصود بالمساواة أمام القانون ليست المساواة الفعلية في ظروف الحياة المادية بل المقصود أن ينال الجميع حماية القانون على قدم المساواة بدون تمييز في المعاملة أو في التطبيق القانون عليهم
بحيث يتمتع الجميع بنفس الحقوق والمنافع العامة ويخضعون للتكاليف والأعباء المشتركة وبالرغم من التكريس المبدأ المساواة أمام القانون على النحو السابق ورسوخه في الضمير الإنساني فإن الواقع العملي قد أظهر الكثير من المخالفات الصارخة التي ظهرت فيها التفرقة العنصرية
- المساواة في الممارسة الحقوق السياسية: تشمل الحقوق السياسية الحق في التصويت في الانتخابات والاستفتاء العامة في الدولة. حق لترشح لعضوية المجالس النيابية العامة و الإقليمية وحق الاشتراك في تكوين الأحزاب والجمعيات السياسية.أو الدخول في عضويتها ويقرر مبدأ المساواة حق المواطنين دون الأجانب في ممارسة هذه الحقوق على قدم المساواة طبقا للشروط التي يحددها القانون كتحديد من معينة لمباشرة هذه الحقوق وذلك دون تمييز وقد أعلنت الدساتير المختلفة مبدأ المساواة في الحقوق السياسية لجميع المواطنين دون تفرقة وخاصة الحق في التصويت.حيث نصت المادة 50 من الدستور الجزائري على ما يلي :"لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن ينتخب أو ينتخب" .
- المساواة في تقلد الوظائف العامة: تعني هذه المساواة التسليم لجميع المواطنين بالحق في تولي الوظائف العامة دون أن يتسبب اختلاف الأصل والجنس أو اللغة أو الرأي أو أي سبب آخر في استعباد أحد من تقلد وظيفة عامة مادامت الشروط التي حددها القانون قد توافرت فيه كما يعني مبدأ المساواة أيضا عدم جواز التفرقة بين المواطنين الذين يحتلون نفس المراكز القانونية ويخضعون لذات النظام القانوني الوظيفي فيما يحصلون من مزايا وما يقع على عاتقهم من الالتزامات وبذلك تتفرع المساواة أمام الوضائف العامة إلى 3 أنواع:*المساواة بين المترشحين لدخول الوظائف العامة من ناحية.
*المساواة بين الموظفين العموميين في المزايا والتزامات الوظيفة
*التساوي بين الرجل وامرأة في تولي الوظيفة العامة.
وقد نص دستور 1996 الجزائري على أن:" تساوي جميع المواطنين في تقلد مهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحدها القانون".
- المساواة في الانتفاع بالمرافق العامة:تقضي المساواة أمام المرافق العامة التسوية الكاملة في معاملة الأفراد بغير تمييز وتفرقة في الانتفاع بالخدمات المرافق العامة وينطبق المبدأ بهذا المعنى على جميع المرافق العامة في الدولة بكافة أنواع الإدارية. الصناعية. التجارية.
- المساواة أمام القضاء:تعني المساواة أمام القضاء ممارسة جميع الأفراد لحق التقاضي على المساواة بدون تفرقة بينهم وقد نصت المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:" لكل شخص على قدم المساواة مع الأخريين.الحق في أن تنظر قضيته في محكمة مستقلة و محايدة "
ويقتضي مضمون مبدأ المساواة أمام القضاء أي يتقاضى الجميع أمام المحكمة واحدة بحيث لا تختلف باختلاف الأشخاص أو الطبقات الاجتماعية وكذلك يجب أن يكون القانون المطبق واحدا وأن تكون إجراءات التقاضي موحدة وان توقع ذات العقوبة المقررة لنفس الجرائم على أشخاص مرتكبيها وأخيرا يجب اللجوء إلى القضاء مجانيا لكي تتحقق المساواة أمامه .
- المساواة أمام التكاليف العامة :
لا ينطبق مبدأ المساواة في الحقوق العامة فقط بل في نطاق التكاليف العامة كذلك لأنه بدون مساواة أمام الأعباء والتكاليف أي الواجبات تحول المساواة في الحقوق إلى مساواة نظرية بحتة...
- المساواة أمام الاعباء العسكرية: تتمثل الأعباء العسكرية التي يعد أدائها واجبا وطنيا على كل فرد لحماية الوطن والدفاع عنه ويقصد بالمساواة في هذا الميدان أن ينخرط كل مواطن في الخدمة العسكرية بدون استثناء أو إعفاء أحد بسبب مركزه الاجتماعي أو ثروته أو أي سبب آخر غير مشروع ويكون أداء الخدمة لمدة متساوية بالنسبة للجميع فيجب إذا أن تكون المساواة عامة وشخصية أن لا يجوز أن يحل شخص آخر محل الشخص المطلوب تجنيده ولا يتنافى مع المساواة في أداء الخدمة العسكرية تقرير الإعفاء منها لبعض الشباب لانعدام اللياقة البنية أو العجز الصحي كما قد يعفى بعضهم لأسباب اجتماعية متنوعة.
-المساواة أمام التكاليف الضريبية:تشمل الأعباء المالية الضرائب والرسوم وجميع الأعباء ذات الطبيعة المالية التي تفرض على الأفراد إلا أن هذه الضرائب تعد أكثر المصادر أهمية.
ولهذا فان مسالة فرض الضرائب تحظى بأهمية كبيرة في كل دولة لأنه من الضروري أن تحصل الدولة من المكلفين بطريقة عادلة وهو تحقيق العدالة الضريبية بين جميع المكلفين بها سواء بالنسبة للضرائب المباشرة أو غير المباشرة إذ يعني أنه وجوب قيام كل مكلف بدفع الضريبة طبقا لثروته وقدراته المالية وحالته الشخصية بحيث تتعادل الضريبة التي يدفعها الذين يحتلون مراكز متماثلة وألا يتنقل كامل فئة من الشعب بعبء أكبر من بقية الفئات لأي سبب من الأسباب. إذ تنص المادة 64 من دستور الجزائر 1996:"كل المواطنين متساوون في أداء الضريبة ".
المطلب الثاني: ضمانات ممارسة الحقوق و الحريات العامة.
إن ضمانات ممارسة الحقوق والحريات العامة كثيرة ومتعددة ومن بين أهم هذه الضمانات:
- وجود دستور للدولة: يعتبر وجود دستور في الدولة ضمانة الأولى في الحقوق والحرية ولتحقيق نظام الدولة القانونية فالدستور هو الذي يعين نظام الحكم في الدولة ويبين وضع سلطات عامة فيها وكيفية ممارسة هذه السلطات لوظائفها وحدود اختصاص كل منها كما أنه حدد ويضع على الحقوق والحريات الأفراد إذ أن هذا الأخير يعتبر بمثابة قيد على سلطان الدولة.
- الفصل بين السلطات: بمعنى المبدأ الوجوب الفصل بين السلطات الثلاث في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ويكون الفصل العضوي أو الشكلي فيكون هناك جهاز يستقبل بأمور التشريع وآخر يستقبل بـأمور التنفيذ وثالث يستقبل بأمور القضاء فإذا تحقق ذلك وصار لكل عضو اختصاصه المحدد والذي لا يستطيع تجاوزه امتنعت شهية اعتداء أي من هذه السلطات على الأخر لان السلطة توقف السلطة.
- مبدأ تدرج القواعد القانونية: من الثابت أن القواعد القانونية في النظام القانوني للدولة ليست في مرتبة واحدة من حيث قوتها و قيمتها القانونية فهذه القواعد تندرج بحيث يكون بعضها أسمى وأعلى من البعض الأخر وهذا ما يستوجب خضوع القاعدة أعلى منها شكلا ومضمونا فيكون بذلك دستور على رأس هذه القوانين.
- الرقابة على دستورية القوانين: حيث تتم بواسطة رقابة سياسية أو رقابة قضائية إذ تعمل كل منها على تأكد من مدى مطابقة عمل تشريعي وتنفيذي لأحكام ونصوص الدستور حيث أن عدم تطابق يعني إلغاء القانون الذي لم يطابق أحكام ونصوص الدستور.
- الرقابة القضائية على أعمال الإدارة: وتكون من خلال رقابة بواسطة هيئة قضائية أو ما يسمى القضاء الإداري الذي يقوم بمراقبة أعمال الإدارة ومدى مطابقتها للقانون.
خاتمة:
إن موضوع الحقوق والحريات موضوع هام وقد برزت أهمية أكثر بتطور الحياة في مختلف المجالات حيث نادت إعلانات كثيرة ودساتير بالحقوق والحريات عامة ودعت إلى كفالة حمايتها من خلال مبدأ المساواة.
وحاولنا من خلال دراستنا تغطية الموضوع من جميع جوانبه وذلك حتى لا نترك أي جانب يخص الحقوق والحريات.
وحاولنا من خلال دراستنا إلى عدة نتائج من أهمها:
أن الحقوق والحريات لا يمكن لها أن تقوم إلا في ظل دولة قانونية تكفل هذه الحقوق وتحميها.
إن الحقوق والحريات تعتزم بناء مؤسسات دستورية أساسها مشاركة كل الأفراد في تسيير الشؤون العمومية والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد.
و في الأخير أتمنى أن نكون قد وفقت في إعطاء فكرة و لو بسيطة و اتمنى من الدين يقرؤون موضوعي يدعون لي بالفرج القريب انشاء الله

محمد تماسين
2012-08-08, 12:22
النظام العام و علاقته بالحريات العامة
________________________________________
مقدمــــة

-إن قضية تحقيق الأمــن وتعزيزه والحفــــاظ على سلامــة وأمن الأشخاص والممتلكات والقضاء على مصادر تهديده بالغة الأهمية.
ووسائل تحقيق هذا الأمــن والحفــاظ على النظــام العـام ليست ظاهــرة جديدة تميز الحياة المعاصرة بل إنهــا رافقـت ظهور المجتمـع البشري في مختلـف مراحل تطوره إلا أنها في الوقت الراهن تكتسي أهمية قصوى واستثنائية نظرا لاحتدام المصالح وكذا توسيع نطـــاق ممارسة الحريات الفردية منها والجماعية.
- فلا شك في أن مسألة حفظ النظام كانـــت ولا تــزال إحدى الدوافع التي تتحكم في سلوك الفرد والجماعات منذ فجر التاريخ.
- حيث كان الناس يسعون إلى ما يجنبهم الخوف والضـــرر وما يوفـــر لهـــم الاستقــــرار والأمان ويتمثل مهمة الأمن في حماية الدولة من الداخل ودفع التهديد الخارجي عنها. بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له شروط التطور والتقدم والازدهار ….
- فالدولة بهذا تسلك مناهج وتتخذ إجراءات خاصة بتأمين المواطنين وممتلكاتهـــم داخل الدولة ضد الأخطار المحتملة التي قد تمسهم وكذا ضد كل ما من شأنه تهديد هياكلها أو زعزعة استقرارها، فهي تعمل دون هــوادة فـــي حـــدود طاقتـــها للحفـــاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل من أخطار قد تهددها، وتعمل على تأمين مصالحها، فكل هذا مرتبط بمجموعة من العناصر السياسية والعسكرية وحتى الجيوسياسية …
- ماسلف ذكره يشمله ويعبر عنه مصطلح قانوني ألا وهو * حفظ النظام *
- و لاريب في أن كل مجتمع من المجتمعات معرض لوقوع مشاكل اجتماعية به قد تؤدي إلى المساس بالنظــام العـام والحريات العامة معا، كــأعمال التخـــريب والحرق والنهب وأعمال العنف تشكل خطرا على أمن واستقرار البلاد، ويتطلب ذلك تدخل مصالح الأمن لإعادة الوضع إلى حالته الطبيعية واستتباب الأمن.
- فــــالظروف الاستثنائية تستلزم لم الشمل وجمع كل القــوى وتوحيــد الصفـــــوف والتضامن الوطني والاجتماعي لمواجهة هذه الظروف وقــد يستلــزم الأمر تقييد الحريات الجماعية والفردية.
- كما تستدعي ضرورة حفـظ النظام إصدار تشريعات تتـلاءم وتتناســب مع الظروف و المستجدات الحاصلة على الساحة الأمنية أو السياسيـــة حيث تضيق وتتقلص حقوق وحريات المواطنين .
- ومن أجل حماية حقوق المواطنين وحرياتهم ، وتجنبا لتعسف الإدارة يجب أن يكـون التدخل بالقدر الضروري واللازم للمحافظــة علــى النظــام العـــام وحفاظا على المصلحـة العامة ،وحتى لا تكون التدخلات باطلة وغير شرعية ولتفادي تلك الأعمال فقد يتم تحديــد الشروط والقيود التي يجب إتباعها في النصوص القانونية الآتية :
* الدستور.
* القوانين المختلفة وخاصة المراسيم .

المبحث الأول النظــام العام
مقدمة:
إن كل المجتمعات سواء القديم منها أو الحديث هي في حاجة ضرورية إلى من يحكمها و ينظم حياة أفرادها اليومية من حيث المعاملات و التصرفات، سواء تعلق الأمر بالجانب السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو الأخلاقي. ومن هذا المنطلق كان ولابد من نظام يستمد من الإرادة الجماعية لأفراد المجتمع يتميز بالعمومية و الشمولية، حيث ينطبق على جميع الأفراد وبالتالي يستوجب عليهم الخضوع و الامتثال له.
المطلب الأول: مفهوم النظام العام.
والقصد من النظام العام هو حماية المصلحة العامة و استمرارية المجتمع ومؤسساته وحمايتهما مما يهددهما أو يؤدي بهما إلى الانهيار و الزوال.
إن هذا النظام قد يتضمن حتى الجوانب العرقية و الدينية بحيث تحدد فيه الحقوق والواجبات للأفراد حتى يلتزم كل واحد حدودهم ويعيش الأفراد في مجتمع يسوده الاستقرار والطمأنينة وبالتالي يمكنه أن يتطلع إلى الرقي و التقدم و مواكبة المجتمعات الحضارية المتقدمة.
و القصد من النظام العام هو مجموعة من القواعد الجوهرية التي يبنى عليه كيان الجماعة سواء تعلق الأمر بالجانب السيـاسي أو الاقتصادي أو الاجتماعـي أو الثقافي أو الخلقي (الأدبي).
المطلب الثاني: عناصر و مميزات النظام العام.
- عناصر النظام العام:
تتضمن فكرة النظام العام أربعة عناصر:
أ)- الأمن العام: قصد بالأمن العام مجموعة القواعد القانونية التي من شأنها أن تحافظ على السلامة العامـة لأفراد كـمنع المخاطر التي تهددهم في أرواحـهم وأموالهم و ممتلكاتهـم، ومصـدر هذه المخاطر قـد يكون من صـنع الطبـيعة كالزلازل و الفيضانات و غيرها، وقد يكون من فعل الإنسان مثل الإجرام كالسرقات و القتل و الاعتداء، وقـد يكون مصدره الحيوان، كما قد تكون المظاهرات و التجمعات مصدرا للإخـلال بالنظام الـعام.
ب)- السكينة العامة: و يقصد بها مجموعة القواعد التي تحمي الإنسان في حياته اليومية بحيث توفر له الاستقرار وسبل الراحة و الهدوء. لذا فمن واجب السلـطات أن تقضي علـى الأسباب التي من شـأنها أن تزعج المواطن و تقلقـه كمكافحة الضوضاء في الطرقـات و الأماكن العامة.
ج)- الصحة العامة: هي مجموعة القواعد التي تقي الأفراد وتحميهم من المخاطر الصحية ووقايتهم من كل ما من شأنه أن يلحق بهم الأذى مثل الأمراض و الأوبئة الخطيرة التي قد تنتشر في المجتمع، لذا فمن واجب السلطات الإدارية المعنية أن تتخذ الإجراءات و الوسائل لمقاومة الأمراض و الحد منها وبالتالي القضاء عليها قبل استفحالها وذلك ببناء المستشفيات و توفـير الأدوية كالتلقيح و النظافـة و مراقـبة المـواد الغذائية و المـياه.

د)- الآداب العامة:هي وضع القواعد التي تحكم وتنظم مختلف التصرفات التي تدخل في إطار آداب و أخلاق مجتمع معين، وتتمثل في الأسس الخلقية و لسلوكيات المجتمـع والتـي يرى من خلالها قيمة الجوهرية و التي يجب أن يحافظ عليها ويتمسك بها، هـذا وتبرز فكرة الآداب العامة في الجانب الثقافي للشعب، فالمهمة تنحصر أساسا في مراقبة الوسائل ذات الطبع الثقافي كالأفلام والمجلات خاصة المستوردة منها لتجنب تسرب الأفكار و الذهنيان التي تتنافى و أخلاقيات الشعب.
مميزات النظام العام:
- إن فكرة النظام العام نسبية ومتغيرة في الزمان ونستخلصها في الآتي:
1- النظام العام مفهوم متطور: وتظهر طبيعته المرنة في صفته الحيوية التي لا تستجيب لاستقرار النصوص ذلك أن فكرة النظام العام تصور حالة سلبية وأن هذه المرونة تقوم على اعتبارات نسبية.
2- النظام العام ليس من وضع المشرع وحده: يلعب المشرع دورا كبيرا في تحديد النظام العام، غير أن النظام العام في التحليل النهائي ليس نتاج النصوص القانونية بصفة مطلقة إنما هو تعبير عن فكرة اجتماعية في لحظة معينة تكون مصدر للنظام العام، وقد تصطدم الأعراف والتقاليد أحيانا مع القانون .
3- النظام العام يعبر أحيانا عن الإرادة الآمرة: لاتكاد تختلف أحيانا وجهة نظر القانونين العام والخاص في أن النظام العام فكرة آمرة قادرة على وضع الحلول حينما تتنازع قواعد وإيرادات مختلفة وذلك عن طريق فرضها لقاعدة سامية تزيل التنازع، باعتبارها قاعدة أساسية لحماية الجماعة، ففكرة النظام العام قيمة تسمو على كل القيم والقواعد والإيرادات التي تهدف إلى غايات اجتماعية.
4- فكرة النظام العام تنتمي إلى التفسير القضائي: بما أنه لدى القاضي الإدراك بالخصائص السياسية لفكرة القانون أوبعبارة أخرى يعي الضمير الكامل للقانون في بلده وروح القانون *النظام العام *لذلك يمكن القول أنه لا يوجد معيار موضوعي للنظام العام، إنما يتعلق الأمر بفكرة اجتماعية يجب أن يحسبها القاضي.
5- النظام العام بطبيعته فكرة سياسية واجتماعية ذلك أنه يعبر عن الخطة السياسية التي ينتهجها نظام الحكم في تنظيمه للروابط الاجتماعية في وقت معين.
ويمكن القول أن النظام العام يستند إلى دعامتين هما :
*أولا: صفة العموم: والتي تعتبر ذات أهمية في تشكيل النظام العام ،وذلك أن تتقيد الحريات عن طريق الضبط الإداري لايمكن تحقيقه إلا قولا لأن هذا التقييد تفرضه ضرورة حفظ الجماعة من التهديد في أمنها وصحتها وسكينتها .
- وهكذا يكون تدخل الضبط الإداري حول مايدور في المحافل العامة ضرورة لتعلق ذلك بأمن الأفراد الآخرين الذين يشكلون الكتلة البشرية.
-ومن هذا يتبينأن صفة العمومية عنصر من عناصر النظام العام ويتمثل ركن هذا النظام الذي بانتفاءه لايصبح نظاما عاما .
*ثانيا: الطبيعة المادية للنظام العام :حينما يكون هناك توجه لحماية النظام العام إنما يكون بإنقاذ مظهره المادي وذلك بحماية الجمهور من الإضطراب عن طريق استئصال أسبابه وتخليص الأفراد منه صونا لصحتهم وتيسيرا لممارسة حرياتهم المكفولة قانونا .
المطلب الثالث: ميادين النظام العام و ظرورة حفظه
1)- ميادين النظام العام :
إن النظام العام الذي يبنى عليه كيان المجتمع هو عبارة عن نظام عام يتلاءم مع طبيعة وخصوصيات المجتمع، لأن قواعده مستوحاة من حياة الأفراد الجماعية من حيث المعاملات والتصرفات اليومية. وقد تؤثر في النظام العام بعض المؤثرات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ونذكر منها على سبيل المثال ما يلي :

أ. الميدان السياسي : تختلف المجتمعات باختلاف أنظمتها السياسية التي تحكمها وتنظم حياة أفرادها، فمنها من انتهجت النظام الديمقراطي الذي يقوم على انتخاب ممثلي الشعب، ومنها من أخذت بالنظام الملكي القائم على الوراثة، بينما انتهجت بعض المجتمـعات النظـام الديكتاتوري والذي يقوم أساسا على أنه من يملك القوة يملك السلطة.
ب. الميدان الإقتصادي: إن النظـام الاقتصادي يختـلف باختلاف المجتمـعات و أنظمتها السياسية، فمنها من انتهجت النظام الاقتصادي الموجه بحيث تهيمن الدولة على جميع أوجه الحياة الخاصة بالنشاطات الاقتصادية، من حيث توسيع فكرة النظام العام و القواعد الآمرة و الناهية، خلافا لما هو موجود في المجتمعات التي أخذت بالنظام الليبرالي الحر الذي يقوم أساسـا على الحريـة الفـردية في التجـارة و الملكية، وهذا النظام تقلص فيه القواعد الآمرة و تضيق فيـه فكرة النظـام العام.
جـ. الميدان الاجتماعي: يتمثل في جوانب أساسية لها الدور الهام و الأساسي في تقدم المجتمعات ورقيها والمتمثلة في الجانب الثقـافي و الأخلاقي و الدينـــي و العرقي، وهذه الجوانب هي المكونات الأساسية للمجتمع حيث تظهر فيه قيمة الجوهرية للمجتمع وبالتالي يجب عليه أن يحافظ عليها و يتماسك بها.
1- شرعية النظام العام:
يعتبر النظام العام نظام جماعي بحيث وضعته الجماعة والتزمت به، بالتالي يتم تحديده بقوانين وفقا للمبادئ الأساسية للوطن و التي تعبر عن الإدارة العامة لأفراد المجتـمع، فهـو ينظم جميع نواحـي الحـياة السيـاسيـة و الاقتصاديـة و الإجتماعية وغيرها، ويحدد الحريات الأساسية للمواطنين.
إن مدلول النظام العام يحتوي أولا وقبل كل شيء على المحافظة على النظام السياسي، و مادام يعبر عن الإدارة العامة فهو الذي يضمن السلم و العدالة الإجتماعية و يهيئ الظروف الدائمة و الملائمة المتعلقة بتنظيم السلطات العامة مـن جهة و العلاقة بين سلطة الدولة و المواطنين من جهة أخرى، ومن هذا المنطلق فإن النظام العام هو وليد الإرادة الجماعية بحيث يستمد قوته و حصانته من مدى تقبل الجماعة أو بذلك تثبت شرعيته.
النظام العام و النصوص الخاصة به:
حيث انه لا يمكن أن نتطرق ألي جميع النصوص الخاصة بالنظام العام نكتفي بذكر بعض الأمثلة من القانون المدني في الالتزامات حيث أن السبب غير المشروع محظور لكونه مخالف للنظام العام.
أما في القانون الجنائي فإن عدم مراعاة الأنظمة و الاعتداء على الأشخاص و الأموال تمس بالنظام العام.
أما فيها يخص القانون الإداري فهو أيضا يحدد المبادئ الأساسية التي تضبط النظام العام مثل مبدأ الشرعية بالنسبة للقرارات الإدارية (مبدأ المسؤولية للقوة العمومية الخطأ الشخصي الوظيفي و بمصلحي).
أما من حيث اللوائح التنظيمية فإن القوانين الأساسية الخاصة بموظفي الشرطة، فهنا كعدة نصوص تتعلق بالنظام العام وحفظه، وكذلك فإن قانوني الولاية و البلدية يحددان سلطات كل منهما في ميدان النظام العام.
2- ضرورة حفظ النظام
إن التنـظيمات الإجتماعية وجدت منذ العصور الأولى، و قد مرت بمراحل و تطورات تزامنا مع التطورات الإجتماعية الحاصلة في المجتمعات إلى أن ظهرت الأنظمة الإجتماعية الحديثة حيث سنت هذه الأخيرة بعض القواعد التي يجب احترامها و عـدم التعـدي علـيها و القائـمة أساسا على إحترام الحريات العامة و الفردية.
إن هذه القواعد تمثل النظام العام بحيث تفرض على جميع الموطنين الاحترام المستمد من الإدارة الشعبية ة يجب على كل فرد أن يحترمه ويمتثل له.
1)- الهدف من حفظ النظام العام:
إن حفظ النظام العام واقع فرضـته الضـرورة الاجتماعية بحيث لا يمكن لآي مجموعة اجتماعية أن تستغني عنه سواء تعلق الأمر يسير مصالحها أو ضمان حريات أفرادها، وإذا كانت بعض المجموعات قد استغنت عنه إما خطأ أو بإرادتها فإن ذلك يترتب عنه الإخلال بالنظام العام وتنتج عنه الفوضى في الحياة الإجتماعية.

وعليه ينبغي على كل الحكومات أن تبذل كل ما بوسعها من أجل أن تبسط سيادة النظام العام واحترامه من طرف الجماعة مهما كانت لأهداف و الدوافع التي أدت إلى الاضطراب والتي يجب مقاومتها، وأن تكون الأشغال الأول والثابت للحكومات و أعوانها حتى لا تنتشر الفوضى في المجتمع.

فالهدف من حفظ النظام هو توقع حدوث الاضطرابات قبل التفكير في وسائل قمعها.
Ii- شريعة النظام العام:
إن الدستور هو الذي يحدد مضمون النظام العام بحيث ينبثق من طبيعته القانونية و مشروعيته.
فالتنافر الظاهر مع الحريات العامة يجبر المكلفين بتطبيقه تجنبا لإخلال به و الحفاظ علبه وإعادته إلى طبيعته.
1)- الوقاية:
إن الوقاية تقوم أساسا على جمع المعلومات، والإجراءات الوقائية تظهر عن طريق اليقظة و الحـذر في مراقبة كـل النشاطات التي يهـدد السكينة و السلامة العامتين على جميع المستويات فالمثل الشعبي يقول‌ الحكم هو التنبؤ، فبدون المعلومات فالتوقع يصبح عبارة عن مجرد "تخمين"، فعلى الشرطي أن يستعلم باستمرار كي يعلم السلطات العليا و التي تقوم حيينها بدورها المتمثل في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية و المناسبة التي من شأنها أن تحول دون نشوء الاضطرابات أو الحد من مخاطرها عـلى الأقل، وهـذا لا يعـني اتـخاذ كل الإجراءات الردعية و القمعية، بل يجب الـتوصل إلى الحال الأمثل و السلمي عن طريق الحوار و التشاور كلما ظهرت بعض المشاكل الإجتماعية.
فالتشاور و التحاور يؤديان دائما إلى الاتفاق بين الطرفين المتنازعين، ويـمكن أن يجـري الحوار حـتى و إن كانـت المواجهة قد نشـبت في الشوارع و الطرقات و أماكن العامة تجنبا لمزيد من تصاعد العنف.
فإذا لم يؤدي الحوار يؤديان دائما إلى الاتفاق بين الطرفين فعلي القوة العمومية أن تلجأ إلى الإجراءات الوقائية أو الردعية والتي تتمثل في الآتي:
- جمع القوة الضرورية و طلب التعزيزات الأمنية.
- إقامة الحواجز أمام مسلك المظاهرة.
- الرقابة الوقائية.
2)- إعادة حفظ النظام :
عند قيام المظاهر نتيجة مشاكل اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية فيمكن للسلطة العمومية أن تفشل في تحاورها وتشاورها مع الطرف المتسبب في نشوب الفوضى رغم التدابير الأمنية المتخذة والتي لم تؤد من حيث إعادة الأمور إلى نصابها أو مجراها الطبيعي، حينئذ تلجأ القوة العمومية إلى استعمال القوة الردعية.
المطلب الرابع: قواة حفظ النظام
1)الأمن الوطني: تتميز قوات الأمن الوطني بشكل دائم ومستمر في المحافظة على النظام العام من حيث القيمة العملية والفعالة كما تم إنشاء القوة الاحتياطية نتيجة لظروف داخلية وخارجية, حيث ظهرت على المستوى الاجتماعي أشكالا جديدة للجريمة المنظمة وأعمال عنف ذات خطورة كبيرة والتي أصبحت تزعزع من وقت لآخر أمن واستقرار المجتمع وكذا الممتلكات العامة منها والخاصة وأعمال التخريب وتحويل الطائرات, واستعمال المتفجرات والقنابل, احتجاز الرهائن, تجمهرات المسلحة...إلخ.
ومن هذا المنطلق تم إنشاء وحدات الجمهورية للأمن يمكن استعمال هذه القوة في حالة وقوع كوارث وحرائق وانتشار أوبئة خطيرة, وفي حالة الإخلال بالنظام العام وهذا لما تميزها من خصائص تؤهلها لأن تقوم بهذه المهام وكذا تقديم المساعدة والنجدة للمواطنين وحمايتهم من الأخطار التي تهددهم في أرواحهم وممتلكاتهم.
* وحدات الجمهورية للأمن:
1- تعريف: هي قوة احتياطية متحركة تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني, وهي عبارة عن مصالح مكلفة في إطار القوانين المعمول بها بحماية النظام العام والتدخل من أجل إعادته إلى حالته الطبيعية, بحيث تسهر على ضمان الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة للمواطنين وممتلكاتهم, بالتنسيق مع أجهزة قوات الأمن الأخرى, وخاصة تلك التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني.
2- نوعية المهام المسندة لقوات وحدات الجمهورية للأمن:
أ)المحافظة على أمن الأشخاص والممتلكات والآداب العامة في:
• التجمعات.
• المظاهرات.
• الاحتفالات والأعياد الرسمية.
• الحفلات والعروض.
• التظاهرات الثقافية.
• التجمعات والتظاهرات الرياضية.
• الساحات العمومية.
ب)مهمات الحراسة والمراقبة الخاصة:
• حراسة المنشات العمومية والإدارات.
• حراسة المصانع والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي.
• حراسة القنصليات والسفارات الأجنبية.
• حراسة وسائل الاتصال.
ج)التدخل والوقاية في حالة وقوع الكوارث الطبيعية:
• التخريب والحرق.
• أخذ الرهائن.
• تحويل الطائرات.
• استعمال الأسلحة والمتفجرات.
د)القيام بإجراءات التدخل في الحالات التالية:
• عزل المناطق.
• منع وتنظيم المرور.
• وضع الحواجز في الطرقات لتقيد ومراقبة حركة المرور.
• تفريق التجمهر.
• القبض على المشتبه فيهم.
هـ) حراسة الشخصيات:
• حراسة الشخصيات الرسمية.
• تأمين وتوفير الأمن لشخصيات أثناء التنقل.
و) حراسة نقاط العبور:
• حراسة المطارات.
• حراسة الموانئ.
• حراسة نقاط العبور البرية.
ي)تقديم الدعم والمساعدة لقوات الأمن الأخرى:
• تقديم الدعم لشرطة الأمن العمومي.
• تقديم الدعم لشرطة قضائية.
• التعاون مع قوات الدرك الوطني.
• التعاون مع قوات الجيش الوطني الشعبي.
2-الدرك الوطني:
إن قوات الدرك الوطني مهمتها الرئيسية المحافظة على النظام العام وهي تابعة إداريا كما هو معلوم لوزارة الدفاع خلافا لقوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية.
أ) خصوصيات الدرك الوطني: الدرك الوطني جهاز مكلف بأعمال الشرطة القضائية وأعمال الشرطة الإدارية هذا من جهة, ومن جهة أخرى فإن رجال الدرك الوطني عسكريون وهم يلتزمون بالقانون العسكري من حيث مايلي:
• السلم التصاعدي.
• التأديب.
• الالتزامات.
رجال الدرك يخضعون لسلطة وزير الداخلية في كل ما يتعلق بمهام الشرطة الإدارية (مهام المحافظة على النظام العام) وكذا لسلطة النيابة العامة (وكيل الجمهورية, النائب العام) في كل ما يتعلق بأعمال الضبط القضائي.
ب)صلاحيات الدرك الوطني:
• السهر على حماية وتوفير الأمن العمومي.
• حماية الأشخاص والممتلكات.
• ضمان حفظ النظام العام وإعادته إلى حالته الطبيعية عند اختلاله, بالإضافة إلى ما سبق فإن مهمة الدرك الوطني تتمثل أساسا في صلاحيات الرقابة والحماية.
• نشاط وقائي: الشرطة الإدارية.
• نشاط قمعي: الشرطة القضائية.
2-1-صلاحيات ذات الطابع القضائي: في هذا المجال فإن صلاحيات جهاز الدرك الوطني تشبه تلك الصلاحيات الممنوحة لجهاز الشرطة والمتمثلة في البحث والتحري عن الجرائم ومرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة في حدود الاختصاص المكاني (الإقليمي) والنوعي, وفي الأماكن الواقعة خارج المدن الكبرى وكذا حوادث المرور, يخضع جاز الدرك الوطني ضمن الصلاحيات ذات الطابع القضائي لسلطة وكيل الجمهورية أو النائب العام.
2-2-صلاحيات ذات الطابع الإداري: إن هذه الصلاحيات تمارس تحت سلطة ورقابة وزير الداخلية وتتمثل أساسا في الشرطة الإدارية ذات الطابع الوقائي والاحترازي وهي:
• الحراسة المستمرة والدائمة لكل النقاط الحساسة والمهمة عبر التراب الوطني.
• الحماية والحفاظ على النظام العام في حالة الإخلال به.
• تتولى أيضا حراسة ومراقبة.
• متابعة العائدين في قضايا الإجرام.
• مراقبة المتشردين والمتسولين.
• مراقبة الأشخاص الممنوعين من الإقامة.
• متابعة ومراقبة الأجانب.
• متابعة الفوضويين والمتطرفين بالتنسيق مع الاستعلامات العامة, مراقبة ومتابعة التجمعات الكبرى.
• الاجتماعات ذات الطابع السياسي.
• المعارض ذات الطابع الاقتصادي.
• التجمعات الرياضية.
• التظاهرات.
• القيام بالدوريات المستمرة في الطرق خارج المدن.
• التقارير الخاصة بمهمات حفظ النظام فيما يخص التجمعات المختلفة كالاجتماعات والمظاهرات والتجمهرات فترسلها إلى السلطات الإدارية المختصة المتمثلة في الوالي المختص إقليميا.
ج- قوات الجيش الوطني الشعبي في مهمات حفظ النظام:
إن مهمة حفظ النظام تقوم أساسا على قوات الشرطة كرجال مدنيين عبر التراب الوطني تحت سلطة وزير الداخلية، إلا أن هذه المهمة قد لا يمكن لقوات الشرطة أن تتصرف فيها بإحكام، و قد تظهر غير قادرة على حماية النظام العام في بعض الحالات الاستثنائية أو الخاصة كحالة النكبات أو الكوارث الطبيعية أو حالات التمرد أو وجود مخاطر جسيمة تهدد أمن الأشخاص و الممتلكات، و كذا المساس بالحريات العامة و الفردية و كذا الحال بالنسبة لحالة الحرب.
في كل الحالات الغير العادية يمكن اللجوء إلى تجنيد قوات الجيش الوطني الشعبي، و ليس معنى هذا اللجوء الحتمي إلى استعمال الجيش للأسلحة كي يعيد النظام العام إلى حالته الطبيعية بل من أجل دعم و مساعدة الوحدات الخاصة المدنية الكلاسيكية المعروفة من شرطة و درك.
إن مشاركة قوات الجيش الشعبي الوطني في عمليات حفظ النظام يعود أساسا إلى أهمية الإمكانات الكبرى المتوفرة التي تتوفر عليها من قوة و عتاد لازمين و كذا طبيعة و تنوع المهام المختلفة التي يمكن لقوات الجيش في مهمات حفظ النظام تطرح مشاكل تتجاوز السلطة و قدرات السلطة المدنية من جهة، من جهة أخرى مشكلة عدم تعود المدنيين على رؤية قوات الجيش في الشوارع و الطرقات داخل المدن، كما تطرح قضية العلاقة التي يجب أن تكون بين السلطة و السلطات العسكرية.
إن مشاركة قوات الجيش الشعبي الوطني في مهمات حفظ الأمن معروفة لدى جميع دساتير دول العالم متى اقتضت الضرورة ذلك و الظروف التي تمر بها البلاد.
غير أن القوانين تتجه أكثر نحو توسيع حالات التدخل الجيش في مهام حفظ النظام حتى في الحالات العادية و في هذا المجال وافق المشرع الجزائري على القانون رقم 91-23 الصادر بتاريخ 06 ديسمبر 96 و المتعلق بمساهمة قوات الجيش الوطني الشعبي في مهام الأمن العمومي خارج الحالات الاستثنائية، فالمادة الثانية منه تنص على ما يلي: يمكن اللجوء إلى وحدات الجيش الوطني الشعبي و تشكيلاته بناءا على قرار رئيس الحكومة بعد الاستشارة المسبقة للسلطات المدنية و العسكرية المختصة للاستجابة إلى المتطلبات التالية:
• حماية السكان و نجدتهم.
• الأمن الإقليمي.
• حفظ النظام.
أما المادة الثالثة من نفس القانون فتنص على ما يلي ’ يمكن تجنيد وحدات الجيش الوطني الشعبي و تشكيلاته في الحالات التالية:
• عندما يكون حفظ الأمن العمومي و صيانته و إعادته خارجا عن نطاق السلطات و المصالح المختصة عادة.
• بسبب المخاطر الجسيمة أو توقعها التي قد يتعرض لها أمن الأشخاص و الممتلكات.
• في حالة المساس المستمر بالحريات الفردية و الجماعية.
أما المادة الرابعة منه فتنص على أنه يمكن أيضا تجنيد وحدات الجيش الوطني الشعبي داخل دائرة إدارية حدودية واحدة أو أكثر إذا كان المساس بالقوانين و التنظيمات يأخذ بكيفية مستمرة طابعا ينذر بالخطر و يهدد ما يلي:
• حرية تنقل الأشخاص و الممتلكات و أمنهم و كذلك أمن التجهيزات الأساسية.
• حفظ الموارد الوطنية ضد كل أشكال التهريب.
• شروط الدخول إلى التراب الوطني و الخروج منه و الإقامة به.
أما المادة الخامسة منه، فقد نصت على ما يلي: " عندما تنتشر وحدات الجيش الوطني الشعبي و تشكيلاته كما هو منصوص عليه في الأحكام أعلاه، تبقى تابعة لسلطاتها السلمية ( التصاعدية) فيما يخص كيفيات تنفيذ المهام التي أسندت لها و تظل خاضعة للقوانين و التنظيمات التي تسير الخدمة داخل الجيش".
أما المادة السابعة منه فتنص: " على أن تطبق أحكام المادة السادسة أعلاه في إطار القوانين و التنظيمات السارية المفعول".
غير أنه في البلدان ذات التوجه الديموقراطي القائم على احترام الحريات الأساسية ( الجماعية و الفردية) يطرح دائما مشكل الموازنة ما بين شروط منح و ممارسة الحريات العامة و بين ضرورة وحتمية قيام الدولة بمهمة الحفاظ على النظام العام داخل المجتمع, لذا لابد من إيجاد حلول, لأن الهدف أولا قبل كل شيء هو وقائي في تجنب كل الأخطار التي يمارسونها وعلى أساس هذا المبدأ (الوقائي المتمثل في حفظ النظام يقتضي مشاركة وتدخل قوات الأمن).
* تسخيرات قوات الجيش الشعبي الوطني من طرف المدينة:
إن السلطة المدنية المتمثلة في رئيس الحكومة أو وزير الداخلية أو الوالي بصفتها صاحبة الصلاحيات في ميدان حفظ النظام وهي المسؤولة عنه, عند لجوءها إلى طلب تدخل قوات الجيش الوطني الشعبي، فلا يمكن لها أن تقوم بذلك من تلقاء نفسها بل يجب على السلطات المدنية أن تقوم بتسخير قوات الجيش في مهمات حفظ النظام على أن تطبق نصوص هذا القانون تحت مسؤولية السلطة المدنية ورقابتها في إطار القوانين والتنظيمات السارية المفعول.

* صلاحيات السلطة العسكرية اختيار الوسائل:
إن مسؤولية تنفيذ التسخير في ميدان حفظ النظام من طرف قوات الجيش يفوض لها وحدها إختيار الوسائل المناسبة والملائمة لتنفيذ المهمة المسندة إليها بحيث لا يحق للسلطات المدنية أن تتدخل في ذلك، وقد نصت المادة 06 من القانون المتعلق بتدخل قوات الجيش في مهمات حفظ النظام على أنه " عندما تنتشر وحدات الجيش الوطني الشعبي وتشكيلاتها طبقا للنصوص السابقة الذكر، فإنها تبقى تابعة لسلطاتها التصاعدية فيما يخص كيفيات تنفيذ المهام التي تسير الخدمة داخل الجيش، ومن هنا فإنه كلما إستمر أثر التسخير فإن السلطة العسكرية تبقى صاحبة القرار فإختيار الوسائل العسكرية والإمكانيات الملائمة والمناسبة لنوع المهمة الموكلة إليها، ولا تنتظر التعليمات إلا من رؤسائها، كما هو الشأن بالنسبة لإستعمال الأسلحة النارية حيث تبقى متروكة للسلطات التقديرية للرؤساء العسكريين
* شروط مساهمة وحدات الجيش الوطني الشعبي في عمليات حفظ النظام:
إن وحدات الجيش الوطني الشعبي لا يجوز لها أن تقوم بالمشاركة في عمليات حفظ النظام التقليدية من تلقاء نفسها أو بإرادتها, بل يكون ذلك بناء على طلب موجه لها من السلطات الإدارية المدنية المتمثلة في رئيس الحكومة أو وزير الداخلية أو الوالي إلى السلطات العسكرية قصد طلب المساعدة منها وتدعيم المؤسسات التقليدية المعروفة (الشرطة والدرك) في عملية حفظ النظام, والتسخير عبارة عن طلب مكتوب يوجه من طرف السلطات السالفة الذكر وهو كذلك عبارة عن النشاط أو العمل الإداري الذي يقوم من خلاله السلطة الإدارية بطلب سلطة أخرى للقيام بعملية معينة من أجل المصلحة العامة وضمن الشروط التي تحددها القوانين والتنظيمات السارية المفعول.
وحتى يكون التسخير قانونيا ومنتجا لأثاره يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:
• يجب أن يكون التسخير صادرا عن الشخص الذي خوله القانون صلاحية المحافظة على النظام العام (رئيس الحكومة, أو وزير الداخلية أو الوالي).
• التسخير يجب أن يكون مكتوبا, متضمنا الشروط الشكلية والفنية والموضوعية الخاصة بالمراسلات الرسمية وهي:
• مكتوبا ومحررا.
• موقعا من المصدر صاحب السلطة.
• مؤرخا تاريخ التحرير والإصدار.
• مختوما.
• التسخير يصدر وينفذ بحدود الاختصاص المصدر له وإلا كان باطلا وغير قانوني.
• تحديد نوع المهمة والقوة اللازمة للتنفيذ.
• طبيعة القوة المادية والبشرية اللازمة للتنفيذ.
• المدة المقررة لتنفيذ المهمة.
• تاريخ وصول القوة العسكرية.
• الأماكن الخاصة بالعمل.
• طرق الدخول إلى الأماكن.
• التصرفات الواجب الإلتزام بها.
أما قضية استعمال الأسلحة أثناء القيام بمهمة حفظ النظام من طرف قوات وتشكيلات الجيش الوطني الشعبي فتبقى متروكة للسلطة العسكرية والرؤساء العسكريين.

محمد تماسين
2012-08-08, 12:26
المبحث الثاني
نظرية الحريات العامة:
- إن التحول الذي عرفته الجزائر كدولة ناشئة من نظام الحزب الواحد إلى النظام الديمقراطي تحول بالأحداث والمخاطر وهذا ما عرفته الجزائر خلال العشرية السوداء حيث تزاحمت المفاهيم على الساحة السياسية الاقتصادية والاجتماعية ……الخ.
- لذا فقد تبلورت فكرة الحريات العامة على الصعيد الوطني.
المطلب الأول: مفهوم الحريات العامة
: تعريف الحرية
إن تعبير الحرية يحتمل معاني كثيرة إختلفت وتنوعت في كل عصر وفي كل بيئة، ومشكلة الحرية في الوقت الحاضر تضاهي في أهميتها أكبر المشاكل الإجتماعية استعصاء.
لقد دل معنى الحرية في المجتمعات القديمة على صفة الإنسان الذي قد يكون إما حرا وإما عبدا رقيقا، إلا أن هذا المعنى قد تطور وأصبحت الحرية بشكل عام تحتمل ثلاثة معاني.
1/ المعنى الفلسفي: يدل هذا المعنى على ذات الفكرة وهو يشير هنا إلى مفهوم الحرية الطبيعية إذ يمكن القول أن الحرية هي تلك التي تدل على حالة الفرد الذي لا يكون خاضعا لأي عامل من عوامل القصر أو الجبر بل يتصرف حسب رغبته.
2/ المعنى النفسي الأخلاقي: إن معنى الحرية يستنتج مع ما قد يصيب القوى العقلية والعصبية من الضعف والإنحلال حيث أن كل تصرف يتنافى مع مفهوم الحرية وذلك فيما لو تم في حالة اللاشعور أو دون انضباط ولا مسؤولية.
ومن هذه الوجهة ننطلق من أن الإنسان في كل عمل يأتيه لديه القدرة للتمييز ما بين الخير والشر فلا يقوم به إلا بعد روية وتفكير حيث يقول الفيلسوف الفرنسي ألفريد قوييه:" إن الحرية هي في أقصى ما تحققه الإرادة من الإستقلال فتقر ر بتأثير الفكرة المسيطرة عليها بأنها إنما تتمتع بهذا الإستقلال بغية تحقيق هدف تتصور فكرته بإستقلال فكرته هذه الإرادة"
3/ المعنى السياسي والإجتماعي: أما عن الحرية سياسيا و اجتماعيا فيقصد بها تلك الحقوق المتصلة بذاتية الفرد بصفته إنسانا أو مواطنا و التي تعتبر وجودها القانوني بمثابة الوسائل التي تؤمن أو تحافظ على شخصية واستقلاله وذلك في وجه السلطة السياسية.
و أن تلك الحقوق تشتمل عادة على حريات مختلفة اتفق على تسميتها رجال القانون و السياسة ( لبرتي ببليك) الحريات العامة، ومثالها حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية التفكير وحرية الكتابة والطباعة والنشر وحرية تأليف الجمعيات ثم حرية العمل والتجارة وما إلى هنالك من الحريات المختلفة التي تطورت واختلفت تبعا للثورات السياسية المتعاقبة.
تعريف الحريات العامة:
يختلف مفهوم الحرية في الدول الغربية عن المفهوم الذي هو في الدول الإشتراكية حيث سيطر المفهوم الكلاسيكي هو النظرية الماركسية بناء على هذا فأن من الصعوبة إعطاء تعريف محدد للحريات العامة ولعل تعريف ريقر هو الشامل:" إن الحريات العامة أو حقوق الإنسان و المواطن هي الحقوق التي تعتبر بمجموعها في الدول المتحضرة بمثابة الحقوق الأساسية اللازمة لتطور الفرد والتي تتميز بنظام خاص من الحماية القانونية."
المطلب الثاني: أقسام الحريات العامة
- 1/ الحريات العامة والحقوق الفردية: تعبر عنها نظرية القانون الطبيعي وتربط مباشرة الحريات العامة بصميم الفرد وفي مجال هذا التأكيد توضع هذه النظرية بأن الحرية هي قبل كل شيء حق من حقوق الفرد وحيث أن الفرد لا يمكن أن يمارس حقه إلا إذا كان متمتعا بحريته مطمئنا على نفسه ويشعر بالأمان في مجتمعه ثم يعلم بأن لديه حقا يملكه يستطيع أن يستعمله أو يمارسه في اللحظة التي يشاء يكفلها له الدستور وتقوم بتنظيمها القوانين.
- 2/ الحقوق الفردية والحقوق الإجتماعية: هذا التعريف ظهر مع الأفكار الإشتراكية حيث تبنت الدول الإشتراكية الديمقراطية الإجتماعية تلك التي تعتبر بأن الحقوق الإجتماعية هي الأولى و الأجدر بالإهتمام. أما الدول الرأسمالية فدعت بالديمقراطية السياسية التي تجعل الحقوق الفردية هي الحقوق الأصلية.
- الحقوق الفردية هي تلك التي تتعلق مباشرة بأمن واستقلال الفرد بالنسبة للسلطة أو لغيرها والحقوق الفردية يعترف بها للفرد من أجل أن يختار ومن أجل أن يحقق هو بنفسه العوامل والشروط التي يمكن أن تؤدي إلى حريته مثل حرية التفكير ،حرية الإجتماع ، الحقوق السياسية على إختلاف أنواعها.
- أما الحقوق الأجتماعية فمبرراتها هي أن القوى الشخصية لوحدها غير قادرة على ما يصبو إليه الفرد من حرية بل يجب على السلطة أن تؤمن له الشروط اللازمة للوصول إليها حيث تصبح الحقوق الأجتماعية بهذا المعنى دينا يقع على عاتق المجتمع مثل حق التعليم والثقافة، حق العمل، التأمينات الأجتماعية…..الخ.
- 3/ الحريات الأساسية والحريات الكمالية: هناك عدد من الحريات لا يمكن الصول إليها إلا مرورا بحريات تأتي قبلها لهذا السبب فهناك عدد من الحريات تعتبر أساسية مثل مبدأ المساواة هذا المبدأ الذي يضع الجميع في ذات الدرجة من المساواة ويمنع أي تفريق أو ظلم. الحريات الشخصية وهي تلك التي تحافظ على ذاتية الفرد واستقلاليته والحقوق السياسية تتعلق بحق الإنتخاب حق الترشح وهي ترتبط مباشرة بمبدأ المساواة، حق الملكية الذي يعتبر من الحقوق الملازمة للفرد أما الحقوق الكمالية التي تأتي بعدها مثل حرية التفكير والتعبير حرية الطبع والنشر والتأليف حرية المعتقد …..الخ.
- حق العمل النقابي، حق الإضراب، حق التجارة، الصناعة، وهي الحريات الإقتصادية والإجتماعية ويجب الملاحظة أن وصفها بالكمالية لا يعني أبدا عدم أهميتها بل تعتبر في ذات الدرجة من الأهمية بالنسبة للحريات الأساسية ويجب أن تعنى بذات الحماية.
المطلب الثالث: الحماية القانونية للحريات العامة
الحماية القانونية للدساتير الجزائرية:
الحريات العامة المعلن عنها من طرف المشرع عادة ما تنتهك وتتعرض للخطر من طرف السلطة الإدارية لذا فقد نظم نظاما قانونيا يقدم ضمانات كافية لحماية الحريات العامة والدساتير هي التي تنظم الضمانات لهذه الحقوق.
فالضمانات التي يحصل عليها الأفراد لما تتعرض حرياتهم الفردية للتقييد وهي إجراءات أقرها القانون الإداري وفيه عدة أنواع للطعن بحسب الجهة التي يطعن فيها الأفراد وحسب الجهة التي يلجأ إليها فهناك تظلم أمام الجهة القضائية وتظلم أمام جهة إدارية حكومية.
فرقابة دستورية القوانين هي من بين الضمانات الكافية نسبيا لممارسة الحقوق والحريات العامة على اعتبار أن المجلس الدستوري هو الذي يقوم بها وهو الضامن لهذه الحريات.
في حالة الحصار: يمكن للسلطة العسكرية وفق بعض الصلاحيات الخاصة أن:
إجراءات التفتيش ليلا ونهارا.
• الأمر بتسليم الأسلحة والذخائر والقيام بإجراءات البحث عنهم وحجزهم.
• منع النشريات والإجتماعات التي تشجع على الإخلال بالنظام العم أو تهدده.
في حالة الطوارئ: فالقانون يشترط صدور هذه الحالة بقانون لا بمرسوم لكننا غالبا ما نلاحظ صدورها بمرسوم بفعل السرعة والحالة الأستثنائية.
رقابة الحريات العامة
- 1/ الرقابة القضائية ( كإجراء ضد التعسف السلطات): عادة ما يحكم نشاط الإدارة اعتباريين هما : فمن جهة على الإدارة أن تخضع للقانون وبالتالي التقيد بالمشروعية في جميع قراراتها ونشاطاتها حين يخرق هذا المبدأ كأثر له نتيجتين هما:نتيجة قانونية ومفادها إمكانية إلغاء القرارات غير المشروعة وإلزام الإدارة لتعويض الأضرار الناتجة عنها.
أما النتيجة الثانية هي سياسية وتعني غضب الرأي العام وتضمره من السلطة السياسية والشعبية للحكومة القائمة.
لقد تمت صياغة مبدأ المشروعية ليحكم نشاط الإدارة في الظروف العادية وطالما فيه ظروف استثنائية فالإدارة تتمتع بسلطات واسعة وعالية فتخرج بذلك عن المشروعية العادية لتدخل ظرفيا في المشروعية الإستثنائية لمجابهة الظروف الاستثنائية بغية الحفاظ على الأمن عن طريق اتخاذ الإدارة إجراءات وتدابير لإستتباب الأمور.
تتم الرقابة القضائية للحريات العامة في الظروف الإستثنائية من خلال مراحل و إجراءات تطبيقها:
1/ من حيث السلطات الأستثنائية لرئيس الجمهورية:
2/من حيث الموضوع: خطر حال يهدد بشل مؤسسات الدولة الدستورية و القضاء على غستقلالها الوطني أو وحدتها الترابية.
3/من حيث الإجراءات: فالرئيس هنا مقيد.
2/رقابة غير قضائية:
فبالإضافة إلى الرقابة القضائية التي يمارسها القاضي الذي يعتبر هو الحامي للحقوق والحريات العامة للمواطن في الظروف العادية والظروف الإستثنائية وهذا الإختصاص يعتبر ضمانة من جملة الضمانات لممارسة الحقوق والحريات العامة ابتدع الواقع العملي رقابة مزدوجة أوكلت إلى لجان كالمرصد الوطني لحقوق الإنسان أو لجان استشارية.
1/ وسيط الجمهورية :قد عرفت المنظومة القانونية هذا النوع من الرقابة نقلا عن بعض الأنظمة الغربية وعلى الخصوص فرنسا وبمقتضى هذه الجهة يمكن للجهة أو الطرف المتضرر أن يتظلم عن طريق وساطة الجمهورية متى لم تفي السلطات القضائية بهذا الغرض و أن هذا النوع من التظلم القصد منه وضع حد للتعسفات التي قد تصدر من أعوان الدولة في الظروف الإستثنائية في حق المواطنين وحريتهم ليس بهدف التعويض بقدر ما هي إبلاغ السلطات العليا وعلى الخصوص رئيس الجمهورية عن ما يحدث من تجاوزات والجدير بالملاحظة في هذا المقام أن هذا النوع من النظام لم يفي بالهدف الذي وضع من أجله :
2/ المرصد الوطني لحقوق الإنسان: لقد عرفت الجزائر هذا النوع من نظام الرقابة المستقلة بقانون رقم 92/77 الموقع في 22/02/92 ففي البداية كان وزارة منتدبة تتكفل بحقوق الإنسان وفي مرحلة لاحقة عوضت بمرصد وطني لحقوق الأنسان وأخيرا بلجنة وطنية استشارية لحقوق الإنسان وفي تقديرنا فيه تراجع كبير فيما يخص هذا النوع من الرقابة المستقلة والتي تلعب نفس الدور بإبلاغ السلطات العليا بجميع الخروقات والإنتهاكات لحقوق الإنسان ضمن تقارير سنوية موجهة إلى رئيس الجمهورية تطلعه فيها عما يحدث من اتخاذ اللازم في مجال حقوق الإنسان ضمن القانون الأساسي للبلاد و الإتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية التي صادقت عليها الدولة الجزائرية والتي تعتبر من بين التزاماتها الدولية.
أنشئت دائرة وزارية خاصة بهدف التكفل ببعض الإنشغالات في إحداث منصب وزير حقوق الإنسان ضمن التشكيلة الحكومية وبسبب بعض الصعوبات في التنسيق بين عمل الحكومة و الدفاع عن حقوق الإنسان أدى إلى إحداث منصب مرصد وطني لحقوق الإنسان وفي مرحلة لاحقة إلى تراجع فأصبحت لجنة وطنية استشارية مستقلة لدى رئيس الجمهورية وفي اعتقادنا هذا التراجع له ما يبرره على الأقل في المرحلة الإنتقالية يجب تداركه بعد دعم و إرساء المؤسسات الدستورية الصلبة.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 1948

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لما كان الإقرار لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصلية فيهم، و من حقوق متساوية و ثابثة يشكل أساس الحرية و العدل و السلام في العالم.
و لما كان تجاهل حقوق الإنسان و ازدراؤها قد أفضينا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، و كان البشر قد نادو ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول و العقيدة و بالتحرر من الخوف و الفاقة كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم.
و لما كان من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياد بالتمرد على الطغيان و الاضطهاد و لما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، و بكرامة الإنسان الأساسية، و بكرامة الإنسان و قدره و يتساوى الرجال و النساء في الحقوق، و حزمت أمرها على النهوض بالتقدم الإجتماعي و بتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية أفسح.
و لما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالعمل و بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان تعزيز الإحترام و المراعاة العالميين لحقوق الإنسان و حرياته الأساسية.
و لما كان التقاء الجميع على فهم مشترك لهذه الحقوق و الحريات أمرا بالغ الضرورة لتمام الوفاء بهذا العهد.فإن الجمعية العامة تنشر على الملأ هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب و كافة الأمم، كما يسعى جميع أفراد المجتمع و هيئاته واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم على الدوام، و من خلال التعليم و التربية إلى توطيد هذه الحقوق الأساسية و الحريات، و كما يكلفوا بالتدابير المطردة الوطنية و الدولية، و الإعتراف العالمي بها و مراعاتها الفعلية، فيما بين شعوب الدول الأعضاء ذاتها و فيما بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها على السواء.
المادة 01: يولد جميع الناس أحرارا و متساوين في الكرامة و الحقوق، و هم قد وهبوا العقل و الوجدان و عليهم أن يعاملوا بعضهم البعض بروح الإخاء.
المادة 02: لكل انسان حق التمتع بجميع الحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما تميز من أي نوع و لا سيما بسبب العنصر، أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، الرأي السياسي و غير السياسي، أو الأصل الوطني و الإجتماعي أو الثروة، أو المولد أو أي وضع آخر.
و فظلا عن ذلك لا يجوز التمييز على التمييز على أساس الوضع السياسي أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أم خاضعا لأي قيد آخر على سيادته.
المادة 03: لكل فرد حق في الحياة و في الأمان على شخصه.
المادة 04: لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، و يخطر الرق و الإنجاز بالرقيق بجميع صورهما.
المادة 05: لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب و لا للمعاملة أو العقوبة أو الإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 06: لكل انسان في كل مكان الحق في أن يعترف له بالشخصية القانونية.
المادة 07: الناس جميعا سواء أمام القانون، و هم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تميز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان و من أي تحريض على مثل هذا التميز.
المادة 08: لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
المادة 09: لا يجوز اعتقال أي شخص أو حجزه أو نفيه تعسفا.
المادة 10: لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة و محايدة، نظرا منصفا و علنيا للفصل في حقوقه و التزاماته و في أي تهمة جزائية توجه إليه.
المادة 11: 1- كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريء إلى أن تثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
2- لا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا يتوقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت متساوية في الوقت الذي ارتكب فيه الجرم.
المادة 12: لا يجوز تعويض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، و لا لحملات تمس شرفه و سمعته، و لكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات.
المادة 13: 1- لكل فرد الحق في حرية التنقل و في اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة.
2- لكل فرد حق في مغادرته أي بلد بما في ذلك بلده و في العودة إليه.
المادة 14: 1- لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى و التمتع به خلاصا من الإضطهاد.
2- لا يمكن التذرع بهذا الحق إذا كانت هناك ملاحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة و مبادئها.
المادة 15: 1- لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
2- لا يجوز تعسفا حرمان أي شخص من جنسيته و لا من حقه في تغيير جنسيته.
المادة 16: 1- للرجل و المرأة متى أدركا سن البلوغ حق التزوج و تأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين، و هما يتساويان في الحقوق لدى التزوج و خلال قيام الزواج و لدى التحاقه.
2- لا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا و لا إكراه فيه.
3- الأسرة هي الخلية الطبيعية و الأساسية في المجتمع، و لها حق التمتع بحماية المجتمع و الدولة.
المادة 17: 1- لكل فرد حق التملك بمفرده أو بالإشتراك مع غيره.
2- لا يجوز تجريد أحدا من ملكه تعسفا.
المادة 18: لكل شخص حق في حرية الفكر و الوجدان و الدين، و يشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده و إقامة الشعائر و الممارسة و التعليم بمفرده أو مع جماعة أمام الملأ أو على حدة.
المادة 19: لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي و التعبير، و يشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، و في التماس الأنباء و الأفكار و تلقيها و نقلها إلى الآخرين بأية وسيلة و دونما اعتبار للحدود.
المادة 20: 1- لكل شخص حق في حرية الإشتراك في الإجتماعات و الجمعيات السلمية.
2- لا يجوز إرغام أحد إلى الإنتماء إلى جمعية ما.
المادة 21: 1- لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة و إما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
2- لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف في بلده.
3- إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، و يجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالإقتراع العام و على قدم المساواة بين الناخبين بالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.
المادة 22: لكل شخص بوصفه عضوا في المجتمع حق في الضمان الإجتماعي و من حقه أن توفر له من خلال المجهود القومي و التعاون الدولي، و بما يتفق مع هيكل كل دولة و مواردها الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية التي لا غنى عنها لكرامته و لتنامي شخصيته في حرية.
المادة 23: 1- لكل شخص حق في العمل و في حرية اختيار عمله، و في شروط عمل عادلة و مرضية و في الحماية من البطالة.
2- لجميع الأفراد دون أي تمييز الحق في أجر متساوي على العمل المتساوي.
3- لكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة و مرضية تكفل له و لأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، و تستكمل عند الإقتضاء بوسائل أخرى للحماية الإجتماعية.
4- لكل شخص حق إنشاء النقابات مع الآخرين و الإنظمام إليها من أجل حماية مصالحه.
المادة 24: لكل شخص حق في الراحة و أوقات الفراغ، و خصوصا في تحديد معقول لساعات العمل و في إجازات دورية مأجورة.
المادة 25: 1- لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة و الرفاهية له و لأسرته، و خاصة على صعيد المأكل و الملبس و المسكن و العناية الطبية و صعيد الخدمات الإجتماعية الضرورية، و له الحق في ما يأمن به العوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته و التي تفقده أسباب عيشه.
2- للأمومة و الطفولة حق في رعاية و مساعد خاصيتين، و لجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الإجتماعية سواء ولدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الأخير.
المادة 26: 1- لكل شخص حق في التعلم و يجب أن يوفر التعليم مجانا على الأقل في مرحلتيه الإبتدائية و الأساسية، و يكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم.
2- يجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الإنسان و تعزيز احتلام حقوق الإنسان و الحريات الأساسية، كما يجب أن يعزز التفاهم و التسامح و الصداقة بين الجميع الأمم و جميع الفئات العنصرية أو الدينية، و أن يزيد الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة لحفظ السلام.
3- للآباء على سبيل الأولوية حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لأولادهم.
المادة 27: 1- لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية و في الإستمتاع بالفنون و الإسهام في التقدم العلمي و في الفوائد التي تنجم عنه.
2- لكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية و المادية المتلائمة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه.
المادة 28: لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي و دولي يمكن أن يتحقق في ظله الحقوق و الحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققا تاما.
المادة 29: 1- على كل فرد واجبات إزاء الجماعة التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.
2- لا يخضع أي فرد في ممارسة حقوقه و حرياته، إلا للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها –حصرا- ضمان الإعتراف الواجب بحقوق و حريات الآخرين و احترامها، و الوفاء بالعدل من مقتضيات الفضيلة و النظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديموقراطي.
3- لا يجوز في أي حال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق على النحو يناقض مقاصد الأمم المتحدة و مبادئها.
المادة 30: ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة، أو أي فرد أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم من الحقوق و الحريات المنصوص عليها فيه.

البيان اعتمدته الجمعية العامة
للأمم المتحدة في ديسمبر1948.

محمد تماسين
2012-08-08, 12:28
المبحث الثالث علاقة الحريات العامة بالنظام العام.
المطلب الأول :
حفظ النظام في الحالات العادية.
من ميزة المجتمعات بصفة عامة أنها تحدث فيها بعض المشاكل الاجتماعية لما فيها من تمايز كبير وتداخل من مصالح بين الأفراد والتي تشكل مصدرا لمشاكل يصعب حلها بطريقة سلمية تؤدي إلى الإخلال بالنظام العام وبالتالي مصدر قلق واهتمام من طرف السلطة، فمنها السلطة التشريعية التي تهتم بسن القوانين المستوحاة من الحياة الاجتماعية للأفراد وكذا السلطة القضائية المكلفة بقمع المخالفات.
-iالسلطات المخولة لها صلاحيات الحفاظ على النظام العام:
1. صلاحيات رئيس الجمهورية : إن الدستور الصادر في 08 ديسمبر 1996 في بابه الثاني المتضمن تنظيم السلطات، وفي فصله الأول حول السلطة التنفيذية حيث نصت المادة 70 منه على أنه [ يجسد رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، وحدة الأمة ].
وهو حامي الدستور، ويجسد الدولة داخل البلاد وخارجها.
ومادام رئيس الجمهورية حامي الدستور فقد خولت له صلاحيات دستورية في ميدان النظام العام. حيث نصت المواد من 91 – 95 من الدستور الصادر في 08 ديسمبر 1996 على ما يلي: فبخصوص المادة 91 من الدستور فقد نصت على أنه [ يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الأمن.
لا يمكن تجديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا. أما من حيث الطوارئ وحالة الحصار فقد نصت المادة 92 من الدستور على ما يلي: [ يحدد تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي ].
هذا من حيث حالة الطوارئ وحالة الحصار، أما فيما يخص الحالة الإستثنائية فقد نصت المادة 93 من نفس الدستور على ما يلي: [ يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها ]. ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء.

تخول الحالة الإستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الإستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة ومؤسساتها الدستورية في الجمهورية.
تنتهي الحالة الإستثنائية حسب الأشكال والإجراءات السالفة الذكر التي أوجبت إعلانها.
أما بخصوص التعبئة العامة فقد نصت عليها المادة 95 من الدستور حيث نصت على ما يلي: [ يقرر رئيس الجمهورية التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة ].
2. صلاحيات رئيس الحكومة:
من صلاحيات رئيس الحكومة ما يلي: السهر على تطبيق الصارم للقوانين و جعلها موضوعية و عامة بحيث يتم تطبيقها على مجموع التراب الوطني، و حتى يكتمل التطبيق الصارم للقوانين فلرئيس الحكومة كامل السلطة على الشرطة، كما تخول له صلاحيات إدارية واسعة بما فيها إستعمال القوة في حالة الإخلال بالنظام العام أو حدوث إضطرابات تمس بالأمن العام، كما تعتبر حكومته مسؤولة أمام البرلمان.
كما خولت المادة 85 من الدستور 08 ديسمبر 1996م صلاحيات حددت الفقرتين الثالثة والسادسة( 03 – 06) حيث نصت الأولى على ما يلي: - يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات.
أما الثانية فقد نصت على ما يلي: - يسهر على حسن سير الإدارة العمومية.
03- صلاحيات وزير الداخلية:
من صلاحيات وزير الداخلية هو السهر و الحفاظ على حماية النظام العام و إدارته للشرطة، كما يسهر على ضمان التطبيق الصارم للقوانين الخاصة و المتعلقة بالأمن الداخلي للبلاد و من هذا المنطق فإنه يعتبر مسئولا على النظام العام.
04. صلاحيات الوالي في ميدان الحفاظ على النظام العام:
من المهام الموكلة إلى الوالي في ميدان حفظ النظام العام داخل تراب الولاية ما نصت عليه المواد المنصوص عليها في قانون الولاية بالإضافة إلى مسؤوليته عن إيجاد الحلول اللازمة والمسموح بها قانونا.
الميادين التي يمكن للوالي أن يتدخل فيها: منها:
• الحفاظ على الأشخاص والممتلكات.
• الحفاظ على الإقتصاد الوطني.
• مراقبة وسائل المواصــلات.
• إحترام تطبيق القوانين الخاصة بالنظافة والأمن والسكينة العامة.
فمفهوم النظام العام هو إتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في أي حال من الأحوال لضمان الأمن العام والسكينة العامة ويتمثل دور الوالي في هذا الحال في التنسيق بين المؤسسات الموكلة لها مهمة حفظ النظام العام كمؤسسة جهاز الشرطة أو المؤسسة العسكرية والدرك الوطني إلى جانب الحماية المدنية.
طرق التدخل ووسائله:
لقد نصت المادة الخامسة (05) من المرسوم رقم 83 – 373 المؤرخ في 28 مايو 1983 يحدد سلطات الوالي، في ميدان الأمن العام والمحافظة على النظام العام على ما يلي:توضع لدى الوالي في إطار القوانين والتنظيمات المعمول بها لممارسة سلطاته في ميدان حفظ النظام والأمن في الولاية المصالح الآتية:
• مصالح الأمن الوطني.
• مصالح الدرك الوطني.
أما المادة السادسة من نفس المرسوم فتوضع تحت سلطة الوالي المباشرة في إطار مهمته الخاصة بالأمن العام في الولاية المصالح الآتية:
• مصالح الحماية المدنية.
• مصالح المواصلات السلكية واللاسلكية الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك لديه جميع أسلاك التفتيش والرقابة والحراسة الموجودة في الولاية حسب الإجراءات الخاصة بكل منها، كما يمكن للوالي أن يستدعي شرطة البلدية.
أما المادة السابعة (07) فإنها تنص على أنه يجب أن يندرج أداء المهمات الدائمة المرتبطة بحفظ النظام العام والأمن في إطار القانون، ويتم على أساس وثائق مكتوبة.
كما يجب على مصالح الأمن أن تخبر الوالي أولا وفورا بجميع القضايا المتعلقة بالأمن العام والنظام العام، ويأمر الوالي عند الإقتضاء باتخاذ التدابير التي تمليها الظروف، وفي الحالة الإستعجالية يمكنه إستثناء أن يعطي مصالح الأمن تعليمات شفوية يتعين عليه تأكيدها كتابيا.
هذا وتعمل مصالح الأمن في مجال حفظ النظام العام والأمن في الولاية في إطار مهمات كل منها تحت سلطة رؤسائها،و يجب إعلام الوالي بتنفيذ الإجراءات التي أمر بها.
كما ترسل مصالح الأمن إلى الوالي تقريرا دوريا وافيا عن الوضعية العامة في الولاية،وفي نفس السياق فعلى مصالح الأمن المعنية أن تعلم الوالي بجميع الإجراءات القضائية المباشرة ضد الأعوان العموميين والمنتخبين الذين يمارسون مهامهم في الولاية، وإذا كانت المخالفات ترتبط بالنشاط المهني أمكن للوالي أن يأمر بإجراء تحقيق إداري في الوقائع المشار إليها ويبلغ نتائج ذلك عند الحاجة إلى السلطات القضائية المعنية مصحوبة برأيه.
أما فيما يخص مهمة المواصلات السلكية واللاسلكية فعليها أن تعلم الوالي بانتظام بكل ما يعترض الشبكة من صعوبات تعرقل حسن سيرها، ويتأكد الوالي في كل الظروف من نجاعة الشبكة ويسهر على سرعة الاتصالات وسريتها.
وفي إطار مهامه الخاصة بالمحافظة على النظام العام عليه أن يقترح أي إجراء من شأنه أن يدعم النظام والأمن العامين عن طريق ما يأتي:
الزيادة في فعالية التدخلات من طرف مصالح الأمن.
إنشاء مواقع جديدة لمصالح الأمن.
كما يرسل الوالي إلى السلطة التي لها صلاحية التعيين تقريرا سنويا يضمنه ملاحظاته بشأن مصالح الأمن الموجودة في الولاية.
اللجوء إلى الوسائل الإستثنائية: من صلاحيات الوالي في حالة وقوع حدث خطير أن يسعى إلى تدخل وحدات الأمن الوطني المتخصصة بعد إعلام مكتب التنسيق الموسع إلى النائب العام ويتم تدخل هذه الوحدات بناء على تعليمات مكتوبة ويعلم وزير الداخلية بذلك فورا. كما يمكنه أن يسعى إلى تدخل تشكيلات الدرك الوطني الموجودة في تربا الولاية، ويقوم بذلك عن طريق التسخير المسبب ويعلم وزير الدفاع الوطني و وزير الداخلية. كما أن قانون الولاية الصادر في 07 أفريل 1990 قد نص في مادته – 99 – على ما يلي:

يجوز للوالي عندما تقتضي الظروف الإستثنائية ذلك يطلب تدخل تشكيلات الشرطة والدرك الوطني المتمركزة في إقليم الولاية عن طرق التسخير، كما أن المادة – 96 – من قانون الولاية تعتبر الوالي مسؤولا على المحافظة على النظام العام والأمن والسلامة والسكينة العامة. ما المادة – 17 – من المرسوم السابق الذكر فتعتبر أن اللجوء إلى تشكيلات الدرك الوطني إجراءا استثنائيا عندما يعتقد أن الوسائل العادية غير كافية.
وتعمل هذه التشكيلات ( الدرك الوطني ) بناء على تسخير من الوالي تحت سلطة قائدها، طوال الوقت اللازم حتى يعود الوضع إلى حالته الطبيعية.
يحدد قرار وزاري مشترك بين وزير الداخلية و وزير الدفاع الوطني شكل التسخير ومحتواه.
لجنــة الأمــن:
تنشأ لجنة الأمن في الولاية ويرأسها الوالي، ويحدد تكوينها وسيرها بتعليمة مشتركة بين وزير الداخلية و وزير الدفاع الوطني، وينسق الوالي في إطار اللجنة أعمال جميع مصالح الأمن الموجودة في الولاية، وبهذه الصفة يقوم بما يأتي:
• يتابع تطورات الوضعية العامة في الولاية.
• يوفر إنسجام التدخلات وتماسكها.
ويجمع الوالي لجنة الأمن في الولاية مرة في الشهر وكلما دعت الحاجة إلى لذلك.
ثم تختم اجتماعاتها بتحرير محضر ترسل نسخ منه إلى وزارة الداخلية.
و وزارة الدفاع الوطني، كما يعلم الوالي بانتظام أعضاء مكتب التنسيق في الولاية بأعمال لجنة الأمن الولائية.
كما يجمع الوالي المعلومات المتعلقة بنشاط مصالح الأمن و يستغلها و يعد تلخيصا شهريا يرسله في شكل تقرير إلى وزارة الداخلية و وزارة الدفاع الوطني.
كما يسهر رئيس الدائرة تحت سلطة الوالي على تطبيق القوانين و التنظيمات وعلى حسن سير المصالح الإدارية و التقنية في دائرته، كما يسهر بمساعدة مصالح الأمن على حفظ النظام العام و على أمن الأملاك و الأشخاص في الدائرة و لهذا الغرض يجب على مصالح الأمن في الدائرة أن تعلمه بأي حدث يقع في الدائرة يكون له علاقة بالنظام العام والأمن.

صلاحيات رئيس م.ش.ب في ميدان حفظ النظام العام:
من صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي على مستوى بلديته وحسب المادة-67- من قانون البلدية فهو ممثل الدولة على مستوى البلدية. و أنه يتمتع بصفة الضبطية المدنية والقضائية حسبما نصت على ذلك المادة –68- من نفس القانون.
وما دام كذلك فإنه يتولى ما يلي وتحت سلطة الوالي وطبقا لما نصت عليه المادة–69 - من نفس القانون.
- نشر وتنفيذ القوانين و التنظيمات عبر تراب البلدية و تنفيذها.
- السهر على حسن النظام العام و الأمن العمومي و على النظافة العمومية.
- السهر على إجراءات الاحتياط و الوقاية و التدخل فيما يخص الإسعافات إضافة إلى ذلك يتولى جميع المهام الخصوصية المنوطة به بموجب القوانين و التنظيمات المعمول بها.
هذا و قد نصت المادة 70 من نفس القانون على أن يتخذ رئيس م.ش.ب في إطار القوانين و التنظيمات المعمول بها بجميع الاحتياطات الضرورية و التدابير و الوقائية لضمان سلامة الأشخاص و الأموال في الأماكن العمومية التي يمكن أن يحصل فيها أي حادث أو نكبة أو حريق.
وفي حالة الخطر الجسيم و الداهم، يأمر رئيس م.ش.ب بتنفيذ تدابير الأمن التي تقتضيها الظروف ويعلم الوالي بها فورا، كما له الحق في أن يأمر بتهديم الجدران أو البنايات الآيلة للسقوط، و طبقا للمادة 70 من نفس القانون فأنها تخول لرئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار مخططات تنظيم و تقديم الإسعافات و طبقا للتشريع المعمول به أن يقوم بتسخير الأشخاص و الأملاك، كما يعتمد في ممارسة صلاحياته الخاصة بالأمن على هيئة شرطة البلدية التي تحدد صلاحياتها ممارسة صلاحياته وقواعد تنظيمها و تسيرها ز كذا قواعد عملها عن طريق التنظيم طبقا للمادة 74 من نفس القانون كما يمكنه أن يطلب تدخل قوات الشرطة أو الدرك الوطني المتخصصة إقليميا عند الحاجة و حسب الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.
* إضافة إلى ما سبق ذكره فقد خولت له المادة 97 من قانون العقوبات الجزائري إتخاذ الإجراءات و استعمال القوة العمومية من أجل تفريق التجمهر.

Ii- صور حفظ النظام:
إن أي مجتمع يرتبط ارتباطا وثيقا بدوافع أساسية وحاجيات حيوية ذات طابع شخصي وذاتي مل الحاجة إلى الطعام والملبس إضافة إلى رغبات ومتطلبات الحياة العصرية الحديثة كالحق في التعليم والسكن وتوفير المواصلات وغيرها من المستلزمات الحياتية لأي مواطن، فإذا ما توفرت مستلزمات الحياة لفئة اجتماعية على حساب فئة أخرى فإنها وبدون شك ستكون بوادر ومؤشرات لتوترات واضطرابات اجتماعية من فوضى وشغب ومظاهرات كذلك فإن للشائعات والاتجاهات السياسية المختلفة دورها في حصول الاضطرابات الاجتماعية.
الاجتماعات:
التعريف اللغوي:
هو عبارة عن اجتماع عدد من الأشخاص قصد التعبير عن مطلب ما بطرق مختلفة.
التعريف القانوني:
بناء على القانون رقم 91 – 19 المؤرخ في 25 جمادى الأولى عام 1411 ه الموافق 02 ديسمبر 1991 يعدل ويتمم القانون رقم 89 – 28 المؤرخ في 31 ديسمبر والمتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية حيث نصت المادة الثانية منه على ما يلي:
[الاجتماع العمومي تجمع مؤقت لأشخاص، متفق عليه، ينظم خارج الطريق العمومي وفي مكان مغلق يسهل لعموم الناس الالتحاق به قصد تبادل الأفكار أو الدفاع عن مصالح مشتركة]
أنواعــها: هناك نوعان من الاجتماعات.
أ.) عام - ب.) خاص.
أ)- الاجتماع العام:
هو عبارة عن اجتماع عام للأشخاص غير معنيين ودون تقديم طلب بالتصريح ويتمثل ذلك في الأعياد الدينية والأعراف والعادات والتقاليد.
ب)- الاجتماع الخاص:
فهو الاجتماع الذي يتضمن مشاعر وأفكار مشتركة مثل الاجتماعات العمالية– الطلابية– الحزبية، ولابد أن يعقد في مكان مغلق وخارج الطريق العام.
شروطــه:
التصريح المسبق: قبل انعقاد الاجتماع يجب أن تقدم شأنه تصريح وذلك ثلاثة (03) أيام كاملة على الأقل قبل تاريخ انعقاده لدى:
• الوالي بالنسبة للبلديات مقر الولاية.
• الوالي بالنسبة لبلديات ولاية العاصمة.
• الوالي أو من يفوضه بالنسبة لبلديات أخرى.
يسلم على الفور وصل يبدي فيه أسماء المنظمين وألقابهم وعناوينهم ورقم البطاقة الوطنية
• تاريخ الوصل.
• الهدف من الاجتماع.
• عدد الأشخاص المنتظر حضورهم.
• مكان الاجتماع، تاريخه، ساعته ومدته.
• يقدم هذا الوصل عند كل طلب يصدر من السلطات.
ما يتضمنه التصريح: يتضمن التصريح ما يلي:
• الهدف من الاجتماع .
• المكان واليوم والساعة والمدة.
• تحديد الأشخاص المقرر حضورهم
• الهيئة المعينة به عند الاقتضاء.
يوقع التصريح ثلاث (03) أشخاص يكون موطنهم الولاية يتمتعون بحقوقهم المدنية والوطنية.
ويمكن للوالي أو من يفوضه منع الاجتماع إذا تبين أنه يشكل خطرا حقيقيا على الأمن العمومي، أو إذا تبين أن القصد من الاجتماع يشكل خطرا على حفظ النظام العام مع إشعار المنظمين بذلك.
الأماكن الممنوع فيها عقد الاجتماعات:
1. أماكن العبادة
2. المباني العمومية غير المخصصة لذلك.
3. الطرق العمومية.
هذا ويمنع في أي اجتماع أو مظاهرة كل ما يمس برموز ثورة أول نوفمبر أو النظام العام أو الآداب العامة أو الثوابت الوطنية.
يؤلف الاجتماع العمومي مكتبا يتكون من:
رئيس ومساعدين (02) اثنين على الأقل ويتولى ما يلي:
• السهر على حسن سير الاجتماع في ظل احترام النظام والقانون.
• يحفظ للاجتماع طابعه وهدفه.
• يسهر على احترام حقوق المواطنين الدستورية.
• أن يمنع كل خطاب يناقض الأمن العمومي.
• ويمكن للوالي أو لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يطلب من المنظمين تعيين موظفا لحضور الاجتماع.
• وللمكتب الحق في توقيف الاجتماع إذا تبين أن شيئا ما يشك خطرا على الأمن العمومي.
• كما أنه تثبت مسؤولية المنظمين وأعضاء المكتب المذكورين في المادة – 10 – العاشرة بدءا من انطلاق الاجتماع إلى غاية اختتامه.
هذا ونجدر الإشارة إلى أنه يمكن للوالي أو رئيس م.ش.ب أن يطلب من المنظمين وذلك خلال – 24 – ساعة من إيداع التصريح لتغيير مكان الاجتماع مقترحا عليهم مكانا آخر تتوفر فيه الضمانات اللازمة، لحسن سيره من حيث النظافة والأمن السكينة العامة.
أحكـام جزائيـة:
تنص المادة – 21 – من هذا القانون على ما يلي:
كل مخالف لأحكام المواد 4، 5، 8، 10، 12، 15، يعاقب عليها القانون بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة – 03 – أشهر وبغرامة من 2000 دج إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وهذا دون المساس بالمتابعة في حالة ارتكاب جناية أو جنحة أثناء أي اجتماع عمومي كما هو منصوص عليه في قانون العقوبات الجزائري.

المـظـاهـرات
تعريف: المظاهرات العمومية هي المواكب والإستعراضات، أو تجمعات الأشخاص وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العام.
شروطها: قبل إجراء المظاهرة يجب أن يقدم بشأنها تصريح وذلك – 05 – خمسة أيام كاملة على الأقل قبل التاريخ المحدد لها.
ولا تجري المظاهرات السياسية أو المطلبية على الطريق العام إلا نهارا، ولا يجوز أن تمتد المظاهرات إلى غاية التاسعة ليلا.
التصريح ومضمونه:
يجب أن يبين التصريح ما يلي:
صفة المنظمين:
1. أسماء المنظمين الرئيسيين وألقابهم وعناوينهم.
• يوقع التصريح ثلاثة منهم يتمتعون بحقوقهم السياسية والمدنية.
• الهدف من المظاهرة.
• اسم الجمعية أو الجمعيات المعينة ومقرها.
• يوقع التصريح رئيس كل جمعية وأمينها أو كل ممثل يفوض قانونا.
2. المسلك الذي تسلكه المظاهرة أو الموكب أو الاستعراض.
3. اليوم والساعة اللذان تجري فيهما.
• يسلم الوالي وصلا بالتصريح يقدم عند كل طلب من السلطات وإبداء قراره بالرفض أو القبول كتابيا – 05 – أيام قبلها.
4. الوسائل المقررة لضمان سيرها من البداية إلى النهاية.
5. المدة التي تستغرقها.
• يجب على الوالي إبداء قراره بالرفض أو القبول كتابيا خلال 05 أيام قبل إجراء المظاهرة.
يمكن للوالي أن يطلب من المنظمين تغيير المسلك مع اقتراح مسلك آخر يسمح بالسير الحسن والعادي للمظاهرة.
الأحكام الجزائية:
لقد نصت المادة – 19 – من هذا القانون المتعلق بالمظاهرات والاجتماعات على ما يلي:
[ كل مظاهرة تجري بدون تصريح أو ترخيص أو بعد منعها تعتبر تجمهرا ]
كما نصت المادة – 23 – من نفس القانون على أنه يعد مسؤولا ويعاقب بالجبس من 03 ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 3000 دج إلى 15.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط:
1. كل من قدم تصريحا مزيفا بحيث يخارع في شروط المظاهرة المزمع تنظميها.
2. كل من شارك في تنظيم مظاهرة غير مرخص بها.
3. كل من خالف أحكام المادة – 09 – من هذا القانون.
وتنص المادة – 19 – مكرر على أنه يمنع اشتراك القصر واستغلالهم في المظاهرات العمومية ذات الصبغة السياسية.
- إن الخسائر والأضرار التي تلحق من جراء المظاهرة تقع على مسؤولية المنظمين.
- يعد المحرضون على مظاهرات تتحول إلى أعمال عنف والذين يدعون بخطبهم العمومية أو بكتابتهم إلى العنف مسؤولين ويتعرضون للعقوبات المنصوص عليها في المادة 100 من قانون العقوبات.
- كما يعاقب كل شخص يعثر عليه حاملا سلاح ظاهرا أو مخفيا أثناء مظاهرة أو أية أداة تشكل خطرا على الأمن العمومي بالحبس من 06 ستة أشهر إلى 03 ثلاث سنوات وبغرامة من 6000 دج إلى 30.000 دج دون المساس بعقوبات أشد من ذلك منصوص عليها في أحكام قانون العقوبات بشأن التجمهرات.

التجمــهـر
تعريفــه: التجمهر هو كل تجمع جاء نتيجة اتفاق مسبق وغالبا ما يكون عدوانيا لجماعة من الناس في الطريق العمومي قصد الإخلال بالنظام العام أو قصد المساس والحد من حرية الأفراد.
I أركان التجمهر:
1.) الركن المفترض: المساهمة في التجمهـر.
2.) الركن المـادي: حـمــل الســـلاح.
3.) الركن المـعنوي:توفر القصد الجنائي العام.
Iiأنواع التجمهر:
1. التجمهر المسلح: ويكون ذلك حالة ما إذا كان أحد الأفراد الذين يكونون التجمهر يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ أو أية أشياء ظاهرة أو مخبأة استحضرت لاستعمالها كأسلحة.
2. التجمهر غير المسلح:وهو الذي يكون المقصود منه الإخلال بالهدوء العمومي.
هذا وقد يأخذ التجمهر أشكالا متعددة ومختلفة الأهداف والأغراض، كما يختلف التجمهر في مدته الزمنية فقد يكون التجمهر في الأماكن التجورية وقد يكون حول حادث مرور إلا أن هذه التجمهرات تأخذ طابع التجمع لكونها عديمة التنظيم والقيادة.

Iiiالأحكام الجزائية:
لقد نصت المادة – 22 – من القانون المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات على ما يلي:
تفرق المظاهرات المذكورة في المادة – 19 – من هذا القانون طبقا لأحكام المادة 97 من قانون العقوبات الجزائري.
ولقد نصت المادة 97 من ق.ع.ج على أنه يحظر ارتكاب الأفعال التالية في الطريق العام أو في مكان عمومي: 1. التجمهر المسلح.
2. التجمهر غير المسلح الذي من شانه الإخلال بالهدوء العمومي.
ويعتبر التجمهر مسلحا إذا كان أحد أفراده الدين يكونونه يحمل سلاحا أو إذا كان عددا من منهم يحمل أسلحة مخبأة أو أية أشياء ظاهرة أو مخبأة استعملت واستحضرت لاستعمالها كأسلحة. ويجوز لممثلي القوة العمومية الذين يطلبون لتفريق التجمهر أو العمل على تنفيذ القانون أو حكم أو أمر قضائي استعمال القوة إذا وقعت عليهم أعمال عنف أو اعتداء مادي أو إذا لم يمكنهم الدفاع عن الأرض التي يحتلونها أو المراكز التي أوكلت إليهم بغير هذه الوسيلة.
وفي الحالات الأخرى يكون تفريق التجمهر بالقوة بعد أن يقوم الوالي أو رئيس الدائرة أو رئيس م.ش.ب أو أحد نوابه أو محافظ الشرطة أو أي ضابط آخر من الضبط القضائي من يحمل شارات وظيفته.
1.) إعلان وجود بإشارات صوتية أو ضوئية من شأنها إنذار الأفراد الذين يكونون التجمهر إنذارا فعالا.
2.) التنبيه على الأشخاص الذين يشتركون في التجمهر بالتفرق وذلك بواسطة مكبر الصوت أو باستعمال إشارات صوتية أو ضوئية من شأنها أيضا إنذار الأفراد المكونين للتجمهر إنذارا فعالا.
3.) توجيه تنبيه ثاني بنفس الطريقة إذا لم يؤدي إلى نتيجة بالنسبة للإنذار الأول.
ولقد نصت المادة – 98 – من ق.ع.ج على أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى إلى سنة كل شخص غير مسلح كان في تجمهر مسلح ولم يتركه بعد أول تنبيه، ويمون الحبس من – 06 – ستة أشهر إلى – 03 – ثلاث سنوات إذا استمر الشخص غير المسلح في تجمهر مسلح ولم يتفرق إلا باستعمال القوة. ويجوز أن يعاقب الأشخاص المحكوم عليهم بالحرمان من الحقوق المبينة في المادة 14 من قانون العقوبات الجزائري.
أما المادة – 99 – من ق.ع.ج فقد نصت على أنه يعاقب بالحبس من – 06 – ستة إلى – 03 – ثلاثة سنوات كل من وجد يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ أو أشياء ظاهرة أو مخبأة استعملت أو استحضرت لاستعمالها كأسلحة وذلك في تجمهر أو أثناء تظاهر أو أثناء اجتماع أو بمناسبة وذلك بغير إخلال بعقوبات أشد عند الاقتضاء. ويكون الحبس من سنة إلى خمس – 05 – سنوات إذا كان تفريق التجمهر قد تم بالقوة.
كما أنه يجوز أن يعاقب الأشخاص المحكوم عليهم بالحرمان من الحقوق المبينة في المادة – 14 – من ق.ع.ج وبالمنع من الإقامة.
ويجوز القضاء بمنع أي أجنبي قضي بإدانته في إحدى الجنح المنصوص عليها في هذه المادة من دخول أراضي الوطن.

المطلب الثاني:
حفظ النظام في الظروف الاستثنائية

1- المقدمة:
إن أي مجتمع من المجتمعات معرضة لمشاكل اجتماعية قد تؤدي إلى المساس بالنظام العام تصحبها أعمال التخريب والحرق وأعمال العنف ذات الخطر الكبير على أمن واستقرار البلاد ومن خلالها تتدخل مصالح الأمن مجتمعة ( شرطة، درك، جيش ) حتى تعيد الأحوال إلى حالتها الطبيعية إليها. فالظروف الإستثنائية هي ظروف خاصة وغير طبيعية تستلزم تجميع كل الطاقات لمواجهتها وعندها يمكن أن تقيد الحريات الجماعية و الفردية. كما تستدعي ضرورة حفظ النظام إصدار بعض التشريعات التي تتلاءم وتتناسب مع الظروف و المستجدات الحاصلة على الساحة الأمنية أو السياسية حيث تضيق وتتقلص حقوق وحريات المواطنين. ومن أجل حماية حقوق المواطنين وحرياتهم من جهة، وتجنب الوقوع في تعسف الإدارة يجب أن يكون التدخل بالقدر الضروري واللازم للمحافظة على النظام العام حفاظا على المصلحة العامة، وحتى لا تكون التدخلات باطلة وغير شرعية من جهة أخرى.
ولتفادي تلك الأعمال فقد تم تحديد الشروط الواجب إتباعها في النصوص القانونية التالية:
- الدستور.
-القوانين المختلفة و خاصة المراسيم.
الحالات الإستثنائية الواردة في الدستور: نص الدستور الجزائري الصادر في 08 ديسمبر 1996 على ثلاث حالات إستثنائية للمحافظة على النظام العام إرتبطت بحالات الضرورة الملحة التي تقتضي إتخاذ كل التدابير و الإجراءات اللازمة لأسباب الأمن. أو حالة ما إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو إستقلالها أو سلامة ترابها مما يستوجب إتخاذ كل الإجراءات الإستثنائية التي من شأنها أن تحافظ على إستقلال الأمة والمؤسسات الجمهورية.
1- حالة الطوارئ.
2- حالة الحصار.
3- الحالة الإستثنائية.

1-حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة رقم 91 من الدستور على أنه يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة إعلان حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معنية بعد إجتماع المجلس الأعلى للأمن وإستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لإستتباب الأمن، ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه والمجتمعتين معا.
تقرر حالة الطوارئ على اعتبار المساس الخطير والمستمر للنظام العام المسجل عبر التراب الوطني والذي يستهدف تهديد وزعزعة إستقرار المؤسسات والمساس الخطير بأمن المواطنين و حرياتهم.
يتم إعلان حالة الطوارئ إما في كامل التراب الوطني و إما في منطقة معنية كولاية واحدة أو أكتر، وتعلن حالة الطوارئ لمدة زمنية محددة ويمكن رفعها قبل ميعادها متى وجدت وتوفرت الظروف المناسبة.
صلاحيات وزير الداخلية في حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة الرابعة (04) من المرسوم الرئاسي رقم 92/44 المؤرخة في 09 فبراير 1992 المتضمن إعلان حالة الطوارئ على أنه يؤهل وزير الداخلية و الجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو جزء منه، و الوالي في دائرته الإقليمية لإتخاذ التدابير الكفيلة بحفظ النظام العام و استتبابه عن طريق قرارات وفقا الأحكام الآتية وفي إطار إحترام التوجيهات الحكومية.
فالمادة الخامسة (05) من نفس المرسوم تنص على أنه يمكن لوزير الداخلية والجماعات المحلية أن يأمر بوضع أي شخص راشد يتضح أن نشاطه يشكل خطورة على النظام والأمن العموميين أو على السير الحسن للمصالح العمومية، في مركز أمن وفي مكان محدد، هذا وتنشأ مراكز الأمن بقرار من وزير الداخلية و الجماعات المحلية.
أما المادة (06) فقد نصت على أنه يخول و ضع حالة الطوارئ حيز التنفيذ لوزير الداخلية و الجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو إمتداد تراب ولاية ما في إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يلي:
1- تحديد أو منع مرور الأشخاص و السيارات في أماكن وأوقات معنية.
2- تنظيم نقل المواد الغذائية و السلع ذات الضرورة الأولى، وتوزيعها.
3- إنشاء مناطق الإقامة المنظمة لغير المقيمين.
4- المنع من الإقامة أو الوضع تحت الإقامة الجبرية لكل شخص راشد يتضح نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير المصالح العمومية.
5- تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في الحالة الإضراب غير المرخص، أو غير الشرعي ويشمل هذا التسخير المؤسسات العمومية أو الخاصة للحصول على تقديم الخدمات ذات المنفعة العامة.
6- الأمر إستثنائيا، بالتفتيش نهارا أو ليلا.
7- يؤهل وزير الداخلية الجماعات المحلية، و الوالي المختص إقليما، للأمر عن طريق قرار بالإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية، وأماكن الإجتماعات مهما كانت طبعتها، وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها الإخلال بالنظام العام والطمأنينة العمومية.
8- عندما يعطل العمل الشرعي السلطات العمومية، أو يتم عرقلته بتصرفات عائقة مثبتة أو معارضة تعلنها مجالس محلية أو التنفيذية لبلدية ما في مثل هذا الحال، تتخذ الحكومة عند الاقتضاء التدابير التي من شأنها تعليق نشاط هذه المجالس وقد يصل الأمر إلى حلها نهائيا.
وفي هذه الحالة، تقوم السلطة الوصية بتعيين مندوبيات تنفيذية على مستوى الجماعات الإقليمية المعنية إلا أن تجدد هذه الأخيرة عن طريق الإنتخاب.
أما المادة التاسعة (09) فتنص على أنه يمكن لوزير الداخلية والجماعات المحلية أن يعهد عن طريق التفويض إلى السلطة العسكرية قيادة عمليات استتباب الأمن على المستوى المحلي أو على مستوى دوائر إقليمية محددة.
أما المادة العاشرة (10) فتنص على أنه يمكن تبليغ المحاكم العسكرية بالجرائم والجنح الجسيمة، المرتكبة ضد أمن الدولة مهما كانت صفة المحرضين على إرتكابها، أو فاعليها أو الشركاء فيها.
أما المادة الحادية عشر (11) منه فتنص على ما يلي: إن التدابير و التقييدات المنصوص عليها في هذا المرسوم، ترفع بمجرد إنهاء حالة الطوارئ باستثناء المتابعات القضائية دون المساس بأحكام المادة الثامنة (08).
كما يمكن إتخاذ تدابير لوقف نشاط كل شركة أو جهاز أو مؤسسة أو هيئة أو غلقها مهما كانت طبيعتها أو إختصاصها عندما تؤدي هذه النشاطات إلى المساس بالنظام العام، أو الأمن العمومي، أو السير العادي للمؤسسات أو المصالح العليا للبلاد.
و تتخذ هذه التدابير عن طريق قرار وزاري لمدة لا تتجاوز ستة أشهر (06) " تكملة للمادة الثالثة (03) من المرسوم ".
صلاحيات الوالي في مجال حفظ النظام العام أثناء حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة الرابعة (04) من المرسوم المذكور رقم 92/44 المتضمن إعلان حالة الطوارئ، يؤهل الوالي إتخاذ التدابير الكفيلة بحفظ النظام العام أو باستتبابه عن طريق قرارات إدارية و في إطار إحترام التوجيهات الحكومية.
كما نصت المادة السادسة (06) على أنه يخول للوالي على إمتداد تراب ولايته في إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يلي:
1- تحديد أو منع مرور الأشخاص و السيارات في أماكن و أوقات معينة.
2- تنظيم نقل المواد الغذائية و السلع ذات الضرورة الأولى، وتوزيعها.
3- إنشاء مناطق الإقامة المنظمة لغير المقيمين.
4- المنع من الإقامة أو الوضع تحت الإقامة الجبرية لكل شخص راشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو يعرقل سير المصالح العمومية.
5- تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في حالة إضراب غير مرخص به، أو غير شرعي و يشمل هذا التسخير المؤسسات العمومية أو الخاصة للحصول على تقديم الخدمات ذات المنفعة العامة.
أما المادة السابعة فتنص على ما يلي:
يؤهل الوالي المختص إقليميا، الأمر عن طريق قرار ما يلي:
- الإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية.
- أماكن الإجتماعات مهما كانت طبيعتها.
- منع كل مظاهرة يحتمل أنها تخل النظام العام و الطمأنينة العمومية.
هذا و تجدر الإشارة إلى أن حالة الطوارئ تترتب عنها أثار عامة منها:
- تمديد مدة الحجز تحت المراقبة القضائية المتعلقة بالحفاظ على النظام العام.
- مراقبة الصحف و حجزها أو منعها من الصدور.
- مراقبة العروض و الاحتفالات.
- مراقبة الحصص الإذاعية أو منعها.
ونتيجة للأخطار الجسيمة التي يتعرض لها النظام العام فإنه يمكن أن تنشأ محاكم خاصة لمحاكمة المجرمين في الجرائم الخاصة و المرتبطة بالنظام العام كما يمكن منع صدور المجلات و المنشورات والكتب إذا رأت السلطات الإدارية أن المصلحة العامة تقتضي ذلك.
الآثار المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ:
إن التدابير و الإجراءات المتخذة نتيجة إعلان حالة الطوارئ ضمانا للمحافظة على النظام العام تترتب عنها أثار و نتائج تقيد حريات المواطنين و تمس ببعض حقوقهم المشروعة دستوريا، مما يعرقل السير الحسن و العادي لمؤسسات الدولة، و إذا كان إعلان حالة الطوارئ يشمل ولاية واحدة فإنه تمنح للوالي المعني صلاحيات واسعة في مجال حفظ النظام، أما إذا شملت حالة الطوارئ عدة ولايات فإنه تمنح صلاحيات واسعة لوزير الداخلية بوصفه الوزير المنتدب والمكلف بحماية النظام العام و حماية حقوق و حريات الموطنين الفردية و الجماعية.
ومن أهم الآثار المترتبة عن حالة الطوارئ بقاء السلطة في يد السلطات المدنية إما في يد رئيس الحكومة أو وزير الداخلية أو الوالي فيما يخص المحافظة على النظام العام.
2- حالة الحصار:
نصت المادة 91/92 من الدستور الجزائري على أنه يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة حالة الطوارئ أو الحصار … الخ.
وذلك لاتخاذ جميع التدابير و الإجراءات اللازمة للمحافظة على النظام العام بعد الإخلال به.
أما من حيث تنظيم حالة لطوارئ أو الحصار فقد نصت المادة 92 من الدستور على ما يلي ‍‍‍‌‌‌‍‌"يحدد تنظيم حالة الطوارئ و حالة الحصار بموجب قانون عضوي " والهدف من حالة الحصار هو الحفاظ على إستقرار مؤسسات الدولة الديمقراطية الجمهورية، وإستعادة النظام العام والسير العادي للمرافق العمومي بكل الوسائل القانونية و التنظيمية لا سيما تلك التي ينص عليها المرسوم الرئاسي رقم 91/196 المؤرخ في 21 ذي القعدة عام 1411هـ الموافق لـ04 يونيو 1991م.
وتعلن حالة الحصار لمدة غير محددة قد تطول وقد تقصر تبعا للظروف التي تعيشها البـلاد غير أنه يمكن رفعـها بمجرد عـودة الأمور إلى حالتها الطبيـعية، ولا تقرر حالة الحصار إلا إذا دعت الضرورة الحتمية والملحة، ومتي توافرت الأسباب الحقيقة التي تستدعى تدخل قوات الجيش الوطني الشعبي للمحافظة على النظام العام و استتبابه وإعادته إلى حالته العادية نتيجة لعدم قدرة السلطات العمومية القيام بهذه المهمة حيث تعطي صلاحيات واسعة للسلطة العسكـرية لما تتوفـر عليه مـن إمكانيات بشرية و مادية تمكنها من القيام بالمهمة الموكلة إليها، إلى جانب قوات الأمن التقليدية من درك و شرطة على أن تتسلم السلطة العسكرية قيادة هذه العمليات، حيث نصت المادة الثالثة من المرسوم رقم 91/196 على أنه تفوض إلى السلطة العسكرية الصلاحيات المسندة إلى السلطة المدنية في مجال لفظ النظام العام.
وبهذه الصفة تلحق مصالح الشرطة بالقيادة العليا للسلطات العسكرية التي تخول لها قانونا صلاحيات الشرطة، و تمارس السلطة المدنية الصلاحيات التي لم تنتزع منها.
أما المادة (04) فقد نصت على أنه يمكن السلطات العسكرية المخول لها صلاحيات الشرطة، ضمن الحدود و الشروط التي تحددها الحكومة، أن تتخذ تدابير الإعتقال الإداري أو الإخضاع للإقامة الجبرية ضد كل شخص راشد يتبين أن نشاطه خطير على النظام العام و على الأمن العمومي أو السير العادي للمرافق العمومية.
وتتخذ هذه التدابير بعد إستشارة لجنة رعاية النظام العام كما هي مقررة في المادة الخامسة (05) حيث نصت على ما يلي:

لجنة رعاية النظام العام:
تنشأ لجنة لرعاية النظام العام على مستوى كل ولاية وهذه اللجنة ترأسها السلطة العسكرية المعنية قانونا من:
- الـوالـي.
- محافظ الشرطة الولائيـة.
- قائد مجموعة الدرك الوطني.
- رئيس القطاع العسكري، إن اقتضى الأمر.
- شخصيتان معروفتان بتمسكهما بالمصلحة العامة.
و تجدر الإشارة إلى أنه يمكن لأي شخص يكون موضوع اعتقال إداري أو إقامة جبرية أن يرفع طعنا حسب التسلسل السلمي، لدى السلطات المختصة.
عمل لجنة رعاية النظام العـام:
تنـص الـمادة السادسـة على ما يلـي:
تدرس لجنة رعاية النظام العام وتنصح بتطبيق التدابير الإستثنائية المنصوص عليها في هذا المرسوم، التي من شأنها أن تستعيد النظام العام، وتعيد سير المرافق العمومية وتحفظ أمن الأملاك والأشخاص كما تسهر على حسن تنفيذ هذه التدابير.
أما المادة السابعة من النفس المرسوم فتنص على أنه يمكن للسلطات العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة، ضمن الشروط المحددة أن تقوم بما يلـي:
- أن تجري أو تكلف من يجري تفتيشا ليلية أو نهارية في المحال العمومية أو الخاصة، وكذلك داخل المساكـن.
- أن تمنع إصدار المنشورات أو تنظيم الإجتماعات أو القيام بنداءات عمومية التي يعتقد أنها قادرة لإثارة الفوضى.
أما المادة الثامنة منه فقد نصت على أنه يمكن السلطات العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة أن تقوم عبر المقاطعة الإقليمية أو جزءا منها بما يلي:
- أن تضيق أو تمنع مرور الأشخاص أو تجمعهم في الطرق و الأماكن العمومية.
- أن تنشئ مناطق ذات إقامة مقننة لغير المقيمين.
- منع إقامة أي شخص راشد يتبين أن نشاطاته مضرة بالنظام العام و بالسير العادي للمرافق العمومية.
- أن تنظم بالطرق الإدارية مرور المواد الغذائية أو بعض المعدات وتوزيعها.
- أن تأمر بتسخير المستخدمين بغية القيام بنشاطاتهم المهنية.
- أن تأمر عن طريق التسخير، في حالة الإستعجال و الضرورة أي مرفق عام أو مؤسسة عمومية أو خاصة بأداء خدماتهما.
- أن تمنع الإضرابات التي يمكن أن تعرقل إستعادة النظام العادي للمرافق العمومية.
أما المادة التاسعة فتنص على ما يلي يتعرض للتوقيف عن كل النشاطات بواسطة مرسوم تنفيذي، الجمعيات مهما كان قانونها الأساسي أو وجهتها، التي يقوم قادتها أو أعضاؤها بأعمال مخالفة للقوانين.
أما المادة العاشرة فتنص على أنه إذا حصل في مجال النظام العام أو في سير المرافق العمومية، إفشال عمل السلطات العمومية القانوني، أو عرقلته بمواقف تجميدية مبينة، أو معارضة صريحة من مجالس محلية، أو تنفيذية بلدية منتخبة، تتخذ الحكومة بشأنها تدابير لتوقيفها أو حلها وفي هذه الحالة تقوم السلطة الوصية بتعين مندوبيات تنفيذية على مستوى الجماعات الإقليمية المعنية من بين الموظفين حتى إلغاء ذلك التوقيف عن طريق إجراء الإنتخابات.
أما المادة الحادية عشر فتنص ما يلي " يمكن المحاكم العسكرية طوال حالة الحصار أن تخطر بوقوع جنايات أو جرائم خطيرة ترتكب ضد أمن الدولة مهما كانت صفة مرتكبيها أو المتورطين معهم".
أما المادة الثانية عشر فتنص على " رفع التدابير التي يدخلها هذا المرسوم، بمجرد إنتهاء حالة الحصار، ماعدا التي يكون قد شرع فيها أمام الجهات القضائية.
و لا تقرر حالة الحصار إلى في الحالات الخطيرة و الجسيمة التي لا تكتفي بفرض حالة الطوارئ، و الحالات التي تستدعي فرض حالة الحصار نجملها فيها يأتي:
- حالة التمرد.
- حالة العصيان المدني.
- التجمهرات الكبيرة.
- الإضرابات .
- أعمال التخريب و الحرق والاعتداء على مؤسسات الدولة.
- الحروب الداخلية.
- تشكيل مجموعات مسلحة في جزء معين أو عبر التراب الوطني.
- الممارسة الواسعة لأعمال العنف ضد الأشخاص.
- محاولة إثارة الفوضى و الشغب بين فئات الشعب.
- محاولة تعطيل المؤسسات العمومية عن القيام بمهامها.
- تعطيل و عرقلة توزيع المؤن.
الآثار المترتبة عن إعلان حالة الحصار:
إن فرض حالة الحصار تأتي لظروف و ضرورات حتمية تستوجب المحافظة على النظام العام وإستقرار المجتمع و حمايته مما قد يعصف بمؤسسات الدولة ورموزها، لذا كان ولابد من إتخاذ جميع التدابير والإجراءات التي تقيد وتقلص من ممارسات الحريات العامة و الفردية أو منعها على الإطلاق.
فبمجرد إعلان حالة الحصار تتحول سلطة المحافظة على النظام العام من السلطة الإدارية المدنية إلى السلطة العسكرية، وفي مجال العمل التطبيقي يتم تنسيق العمل والتشاور بين السلطتين المدنية و العسكرية حيث تتسع صلاحيات الشرطة بالنسبة للسلطة العسكرية و يصبح لها الحق في القيام بما يلي:
- تفتيش المنازل و الممتلكات ليلا و نهارا.
- وضع أي شخص راشد في مراكز الأمن.
- تحديد مناطق الإقامة لغير المقيمين.
- المنع من الإقامة و تحديد الإقامة و الوضع تحت الإقامة الجبرية.
- غلق المحلات و قاعات العروض الترفيهية و الرياضية.
- تسخير الأشخاص و المؤسسات.
- توزيع الأسلحة و الذخيرة على الأشخاص.
- الأمر بإيداع الأسلحة لدى السلطات الإدارية.
- مراقبة وحجز ومنع إصدار الصحف والمنشورات والمطبوعات والمجلات والكتب.
- مراقبة الحصص الإذاعية و التلفزيونية أو توقيفها.
توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية: من أجل ضمان استقرار الدولة ورفع التعدي الحاصل عن الأمن العمومي يمكن توسيع صلاحيات المحاكم في حالة الحصار إلى البت في قضية الإجرام المتعلقة بالإخلال بالنظام العام مثل:
- حمل السلاح قصد ارتكاب الجنايات أو الجنح ضد الأشخاص والممتلكات.
- تكوين مجموعات إرهابية هدفها القتل و التخريب.
- أفعال تمرد ضد السلطة.
- التحريض على الإخلال بالنظام العام.
- نشر الفوضى في أوساط الشعب.
- تكوين جمعيات الأشرار المسلحة.
- الأعمال المناهضة و الجوسسة.
- إصدار المنشورات المناهضة الداعية إلى الفوضى.
- الجنايات والجنح الخطيرة التي ترتكب ضد الأشخاص والممتلكات.
- عرقلة المرور و السير الحسن لمؤسسات الدولة.
- التحريض على المظاهرات و التجمعات و التجمهرات.
- معارضة تنفيذ التسخير لفائدة المصلحة العامة.
في حالة وقوع هذه الأعمال الإجرامية المذكورة فإن الفصل فيها يكون أما المحاكم العسكرية.
حدود الوضع في مركز للأمن و شروطه: بناء على المرسوم التنفيذ رقم 91/201 المؤرخ في 13 ذي الحجة 1411ه الموافق ل 25 يونيو 1991 يضبط حدود الوضع في مركز للأمن و شروطه، تطبيقا للمادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم 91/196 المؤرخ في 04 يونيو 1991 المتضمن تقرير حالة الحصار و الذي يتضمن ما يلي:
ففي المادة الأولى منه و عملا بالمادة الرابعة من المرسوم رقم 91/196 حيث يضبط الشروط و الحدود التي يمكن السلطات العسكرية صلاحيات الشرطة أن تتخذ ضمنه تدابير الوضع في مركز للأمن ضد كل شخص راشد يتبين أن نشاطه خطير على النظام العام أو على الأمن العمومي أو على السير العادي للمرافق العمومية.
أما المادة الثانية فتنص على أنه يتمثل الوضع في مركز للأمن لأي شخص يكون سلوكه خطرا على النظام العام أو على الأشخاص أو على حسن سير المرافق العمومية، في حرمانه من حرية الذهاب و الإياب و وضعه في إحدى المراكز التي تحددها بمقر القيادة العليا للسلطات العسكرية المخولة قانونا صلاحيات الشرطة، ذلك تطبيقا للمرسوم 91/196 المذكور أعلاه.
أما المادة الثالثة فتنص على ما يلي: تتخذ تدابير الوضع في مركز للأمن السلطة العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة، المختصة إقليميا و يكون ذلك بناء على إقتراحات قانونية من مصالح الشرطة مصحوبة برأي لجنة رعاية النظام العام، كما نصت عليها المادة الخامسة و السادسة من المرسوم المذكر.
أما المادة الرابعة فتنص على أنه لا يمكن أن تتخذ تدابير الوضع في مركز للأمن إلا ضد الأشخاص الراشدين الذين يعرض نشاطهم للخطر، النظام العام، أو الأمن العمومي، أو السير العادي للمرافق العمومية بارتكاب ما يلي:
-التحريض على الفوضى و إلى ارتكاب جنائية أو جنح ضد الأشخاص و الأملاك.
- النداء بأي وسيلة للعصيان المدني و إلى الإضراب.
- حمل أي سلاح من أجل ارتكاب مخالفات.
- التحريض على التجمعات لغرض واضح يثير الاضطراب في النظام العام و في طمأنينة المواطنين.
- رفض الامتثال إلى التسخير الكتابي الذي تصدره السلطة المخول صلاحيات الشرطة و حفظ النظام العام: >لك الرفض الذي يعرقل سير الإقتصاد الوطني عرقلة خطيرة.
- معارضة تنفيذ التسخير الذي أعد بسبب الإستعجال و الضرورة بغية الحصول على خدمات يؤديها مرفق عام أو مؤسسة عمومية أو خاصة.
- و يمكن أن يكون زيادة على ذلك موضوع تدابير وضع مركز للأمن، الأشخاص الذين يخالفون التنظيم الإداري المتعلق بالمرور و بتوزيع المواد الغائية و ذلك بقصد إثارة إضطرابات في النظام العام.
أما المادة الخامسة فتنص على ما يلي : تحديد مدة الوضع في مركز للأمن خمسة وأربعين (45) يوما قابلة للتحديد مدة واحدة، و يمكن أن يكون الوضع في مركز للأمن


الموضوع طعن يرفع خلال العشرة أيام (10) من تقريره لدى المجلس الجمهوري لحفظ النظام المنصوص عليه في المادة السابعة (07) التي تنص على ما يلي:
- تنشأ ثلاث مجالس جهوية لحفظ النظام، الجزائر، وهران، قسنطينة التي يمتد إختصاصها الإقليمي إلى الولايات الأخرى.
تشكيل المجلس الجهوي لحفظ النظام:
يتشكل المجلس الجهوي لحفظ النظام المنصوص عليه في المادة السابعة من:
- الوالي رئيسا.
- رئيس القطاع العسكري، أو قائد مجموعة الدرك الوطني.
- محافظ الشرطة للولاية.
- ثلاث شخصيات تختار نظرا لتمسكها بالمصلحة العامة.
3- الحالة الإستثنائية " حالة الأزمة ":
نصت المادة ثلاثة و تسعون (93) عن الحالة الإستثنائية حيث تضمن ما يلي:
يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو إستقلالها أو سلامة ترابها. ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد إستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة، والمجلس الدستوري والإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء.
تخول الحالة الإستثنائية لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الإستثنائية التي تستوجبها المحافظة على إستقلال الدولة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية، تنهي هذه الحالة الإستثنائية حسب الأشكال و الإجراءات التي أوجبت إعلانها كان تكون البلاد مهددة بخطر داهم يشكل خطرا على النظام العام من شأنه أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو سلامة وحدة ترابها.
هذا وتتميز الحالة الإستثنائية على أن مهمة الشرطة و حفظ النظام العام تبقى في يد السلطة المدنية و لا تتحول إلى السلطة العسكرية، تتقرر الحالة الإستثنائية إما عبر كامل التراب الوطني أو في جزء من أجزائه (في ولاية واحدة أو أكثر)، وذلك لا يكون إلى إذا

توفرت الأسباب الداعية لإعلانها حيث يتدخل رئيس الجمهورية بصفته أعلى شخص في الهرم الإداري للسلطة التنفيذية . وتتخذ كل الإجراءات التي تستوجبها الظروف المستجدة على الساحة السياسية لإنقاذ البلاد والعباد في الميدان للمحافظة على إستقرار الوطن وإستقلاله وسلامة ترابه ومؤسساته.
شروط إعلان الحالة الإستثنائية:
نصت المدة 93 من دستور 96 على أنه يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية ..إلخ.
- إذا كانت البلاد مهددة بخطر جسيم وداهم يكاد يصيب مؤسساتها
- إذا كان إستقلال البلاد معرض لخطر جسيم.
- إذا أصبح الخطر يكاد يمس ويهدد سلامة و وحدة التراب الوطني.
هذا ولا يقر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إلا بعد الإجتماع و التشاور.

الخــــــــــاتمــــة
- إن النظام العام له مـن الأهميـة ما يجعل الاهتمــام بحفظه مسؤولية مرهقــــة للسلطـات في مختلف الدول، لكن لا خيار أمام هتـــــه الدول التي تصبو دوما إلى السهر على حماية ترابها الوطني وأمنها ومواطنيها .
-غير أن فـي ذلك تظافر لجهــود السلطات و المسؤولين عن هته المهمة النبيلــة التي بالحفاظ عليها نحفظ الحريات العامــــة والأساسية والحقوق المكفولة للفرد والجماعة وفقا لما جاءت به أحكام الدستور.
- ولا اختلاف بين اثنين فــــي أن العلاقة جد وطيدة بين النظام العام والحريـــات الأساسية، حيث تعد تكامل وتنسيق حياتي لابد من الاهتمام به من نفس الجهتين في نفس الوقت.





قائــــمــــة المـــراجــــــــع
i
* مادة حفظ النظام ( عمليات الشرطة) ،مطبوعة سورية .
الدستور الجزائري 1963.*
* الدستور الجزائري 1976.
* الدستور الجزائري 1989.
* الدستور الجزائري المصادق عليه في 28نوفمبر 1996.
*المرسوم الرئاسي رقم91/196.
*المرسوم التنفيذي رقم91/201.
* المرسوم التنفيذي رقم 91/204.
*المرسوم الرئاسي رقم 92/44.
* المرسوم الرئاسي رقم 92/320.

*الجماعات المحلية * الولاية *
*الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

*قانون البلدية .
*قانون العقوبات الجزائري .
*تسيير الأزمات ونظام الحريات – الإطار القانوني والتطبيقات في الجزائر – 2001/2002.

محمد تماسين
2012-08-09, 12:27
أين أنتم يا من ستشاركون في ماجستير الحريات و حقوق الأنسان ، نحن بحاجة الى النقاش الجاد و المستمر في المواضيع المدرجة ، حتى نتمكن من إستعاب المقياس جيدا .

sengra
2012-08-10, 14:06
السلام عليكم
ان أصعب شيء في مسابقة الماجستير و عليه يتعلق بناء اجابة صحيحة و سليمة هو فهم السؤال و اعادة صياغة الاشكالية و قد نستهزء بهذا الأمر لذلك من عنده منهجية معينة في فهم السؤال و اعادة صياغته بطريقة اخرى و منه بناء الخطة فليساعدنا بها حسب تجربته الشخصية
وشكرااااااااااااااااااااا

meriemkay
2012-08-12, 19:40
بارك الله فيكم ويعطيكم الصحة

rahma nour
2012-09-02, 14:46
ارجوا المساعدة في ماجستير ورقلة

sengra
2012-09-02, 22:34
السلام عليكم
يا جماعة الخير أظن أن مقياس حقوق الانسان و الحريات العامة مرتبط بالقانون الدستوري و القانون الاداري و ليس بالقانون الدولي و حقوق الانسان ما رأيكم ؟
شكرااااااااااااا

dj31
2012-09-03, 00:49
السلام عليكم اخواني ارجو مساعدتي فيما يخص ماجيستار تلمسان و بتحديد في القانون العام المعمق هل القانون الاداري و المسؤولية الدولية منفصلان ام هما مقياسان مرتبطان اي هل للمترشح ان يختار واحد او اجباري ان يمتحن في الاثنين وما هي اهم المواضيع التي نراجعها

aissa2008
2012-09-03, 08:50
السلام عليكم
يا جماعة الخير أظن أن مقياس حقوق الانسان و الحريات العامة مرتبط بالقانون الدستوري و القانون الاداري و ليس بالقانون الدولي و حقوق الانسان ما رأيكم ؟
شكرااااااااااااا

السلام عليكم

اخي الفاضل كلا القانونين فرع من فروع القانون العام بالطبيعة هناك تداخل بين المقياسين

فحقوق الانسان متعلقة بالقانون الدولي العام اي تبدا من تعريف وتصنيف حقوق الانسان الى الاليات والمواثيق الدولية

اما الحريات العامة يمكن الرجوع الى الدستور الجزائري للاطلاع عليها فما هي الا اسقاط لحقوق الانسان على مستوى التشريعات الداخلية من الدستور الى القوانين الاخري

بالتوفيق

أم محمد وألاء
2012-09-04, 22:36
المبحث الثالث علاقة الحريات العامة بالنظام العام.
المطلب الأول :
حفظ النظام في الحالات العادية.
من ميزة المجتمعات بصفة عامة أنها تحدث فيها بعض المشاكل الاجتماعية لما فيها من تمايز كبير وتداخل من مصالح بين الأفراد والتي تشكل مصدرا لمشاكل يصعب حلها بطريقة سلمية تؤدي إلى الإخلال بالنظام العام وبالتالي مصدر قلق واهتمام من طرف السلطة، فمنها السلطة التشريعية التي تهتم بسن القوانين المستوحاة من الحياة الاجتماعية للأفراد وكذا السلطة القضائية المكلفة بقمع المخالفات.
-iالسلطات المخولة لها صلاحيات الحفاظ على النظام العام:
1. صلاحيات رئيس الجمهورية : إن الدستور الصادر في 08 ديسمبر 1996 في بابه الثاني المتضمن تنظيم السلطات، وفي فصله الأول حول السلطة التنفيذية حيث نصت المادة 70 منه على أنه [ يجسد رئيس الجمهورية، رئيس الدولة، وحدة الأمة ].
وهو حامي الدستور، ويجسد الدولة داخل البلاد وخارجها.
ومادام رئيس الجمهورية حامي الدستور فقد خولت له صلاحيات دستورية في ميدان النظام العام. حيث نصت المواد من 91 – 95 من الدستور الصادر في 08 ديسمبر 1996 على ما يلي: فبخصوص المادة 91 من الدستور فقد نصت على أنه [ يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الأمن.
لا يمكن تجديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا. أما من حيث الطوارئ وحالة الحصار فقد نصت المادة 92 من الدستور على ما يلي: [ يحدد تنظيم حالة الطوارئ وحالة الحصار بموجب قانون عضوي ].
هذا من حيث حالة الطوارئ وحالة الحصار، أما فيما يخص الحالة الإستثنائية فقد نصت المادة 93 من نفس الدستور على ما يلي: [ يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها ]. ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء.

تخول الحالة الإستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الإستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة ومؤسساتها الدستورية في الجمهورية.
تنتهي الحالة الإستثنائية حسب الأشكال والإجراءات السالفة الذكر التي أوجبت إعلانها.
أما بخصوص التعبئة العامة فقد نصت عليها المادة 95 من الدستور حيث نصت على ما يلي: [ يقرر رئيس الجمهورية التعبئة العامة في مجلس الوزراء بعد الإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة ].
2. صلاحيات رئيس الحكومة:
من صلاحيات رئيس الحكومة ما يلي: السهر على تطبيق الصارم للقوانين و جعلها موضوعية و عامة بحيث يتم تطبيقها على مجموع التراب الوطني، و حتى يكتمل التطبيق الصارم للقوانين فلرئيس الحكومة كامل السلطة على الشرطة، كما تخول له صلاحيات إدارية واسعة بما فيها إستعمال القوة في حالة الإخلال بالنظام العام أو حدوث إضطرابات تمس بالأمن العام، كما تعتبر حكومته مسؤولة أمام البرلمان.
كما خولت المادة 85 من الدستور 08 ديسمبر 1996م صلاحيات حددت الفقرتين الثالثة والسادسة( 03 – 06) حيث نصت الأولى على ما يلي: - يسهر على تنفيذ القوانين والتنظيمات.
أما الثانية فقد نصت على ما يلي: - يسهر على حسن سير الإدارة العمومية.
03- صلاحيات وزير الداخلية:
من صلاحيات وزير الداخلية هو السهر و الحفاظ على حماية النظام العام و إدارته للشرطة، كما يسهر على ضمان التطبيق الصارم للقوانين الخاصة و المتعلقة بالأمن الداخلي للبلاد و من هذا المنطق فإنه يعتبر مسئولا على النظام العام.
04. صلاحيات الوالي في ميدان الحفاظ على النظام العام:
من المهام الموكلة إلى الوالي في ميدان حفظ النظام العام داخل تراب الولاية ما نصت عليه المواد المنصوص عليها في قانون الولاية بالإضافة إلى مسؤوليته عن إيجاد الحلول اللازمة والمسموح بها قانونا.
الميادين التي يمكن للوالي أن يتدخل فيها: منها:
• الحفاظ على الأشخاص والممتلكات.
• الحفاظ على الإقتصاد الوطني.
• مراقبة وسائل المواصــلات.
• إحترام تطبيق القوانين الخاصة بالنظافة والأمن والسكينة العامة.
فمفهوم النظام العام هو إتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في أي حال من الأحوال لضمان الأمن العام والسكينة العامة ويتمثل دور الوالي في هذا الحال في التنسيق بين المؤسسات الموكلة لها مهمة حفظ النظام العام كمؤسسة جهاز الشرطة أو المؤسسة العسكرية والدرك الوطني إلى جانب الحماية المدنية.
طرق التدخل ووسائله:
لقد نصت المادة الخامسة (05) من المرسوم رقم 83 – 373 المؤرخ في 28 مايو 1983 يحدد سلطات الوالي، في ميدان الأمن العام والمحافظة على النظام العام على ما يلي:توضع لدى الوالي في إطار القوانين والتنظيمات المعمول بها لممارسة سلطاته في ميدان حفظ النظام والأمن في الولاية المصالح الآتية:
• مصالح الأمن الوطني.
• مصالح الدرك الوطني.
أما المادة السادسة من نفس المرسوم فتوضع تحت سلطة الوالي المباشرة في إطار مهمته الخاصة بالأمن العام في الولاية المصالح الآتية:
• مصالح الحماية المدنية.
• مصالح المواصلات السلكية واللاسلكية الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك لديه جميع أسلاك التفتيش والرقابة والحراسة الموجودة في الولاية حسب الإجراءات الخاصة بكل منها، كما يمكن للوالي أن يستدعي شرطة البلدية.
أما المادة السابعة (07) فإنها تنص على أنه يجب أن يندرج أداء المهمات الدائمة المرتبطة بحفظ النظام العام والأمن في إطار القانون، ويتم على أساس وثائق مكتوبة.
كما يجب على مصالح الأمن أن تخبر الوالي أولا وفورا بجميع القضايا المتعلقة بالأمن العام والنظام العام، ويأمر الوالي عند الإقتضاء باتخاذ التدابير التي تمليها الظروف، وفي الحالة الإستعجالية يمكنه إستثناء أن يعطي مصالح الأمن تعليمات شفوية يتعين عليه تأكيدها كتابيا.
هذا وتعمل مصالح الأمن في مجال حفظ النظام العام والأمن في الولاية في إطار مهمات كل منها تحت سلطة رؤسائها،و يجب إعلام الوالي بتنفيذ الإجراءات التي أمر بها.
كما ترسل مصالح الأمن إلى الوالي تقريرا دوريا وافيا عن الوضعية العامة في الولاية،وفي نفس السياق فعلى مصالح الأمن المعنية أن تعلم الوالي بجميع الإجراءات القضائية المباشرة ضد الأعوان العموميين والمنتخبين الذين يمارسون مهامهم في الولاية، وإذا كانت المخالفات ترتبط بالنشاط المهني أمكن للوالي أن يأمر بإجراء تحقيق إداري في الوقائع المشار إليها ويبلغ نتائج ذلك عند الحاجة إلى السلطات القضائية المعنية مصحوبة برأيه.
أما فيما يخص مهمة المواصلات السلكية واللاسلكية فعليها أن تعلم الوالي بانتظام بكل ما يعترض الشبكة من صعوبات تعرقل حسن سيرها، ويتأكد الوالي في كل الظروف من نجاعة الشبكة ويسهر على سرعة الاتصالات وسريتها.
وفي إطار مهامه الخاصة بالمحافظة على النظام العام عليه أن يقترح أي إجراء من شأنه أن يدعم النظام والأمن العامين عن طريق ما يأتي:
الزيادة في فعالية التدخلات من طرف مصالح الأمن.
إنشاء مواقع جديدة لمصالح الأمن.
كما يرسل الوالي إلى السلطة التي لها صلاحية التعيين تقريرا سنويا يضمنه ملاحظاته بشأن مصالح الأمن الموجودة في الولاية.
اللجوء إلى الوسائل الإستثنائية: من صلاحيات الوالي في حالة وقوع حدث خطير أن يسعى إلى تدخل وحدات الأمن الوطني المتخصصة بعد إعلام مكتب التنسيق الموسع إلى النائب العام ويتم تدخل هذه الوحدات بناء على تعليمات مكتوبة ويعلم وزير الداخلية بذلك فورا. كما يمكنه أن يسعى إلى تدخل تشكيلات الدرك الوطني الموجودة في تربا الولاية، ويقوم بذلك عن طريق التسخير المسبب ويعلم وزير الدفاع الوطني و وزير الداخلية. كما أن قانون الولاية الصادر في 07 أفريل 1990 قد نص في مادته – 99 – على ما يلي:

يجوز للوالي عندما تقتضي الظروف الإستثنائية ذلك يطلب تدخل تشكيلات الشرطة والدرك الوطني المتمركزة في إقليم الولاية عن طرق التسخير، كما أن المادة – 96 – من قانون الولاية تعتبر الوالي مسؤولا على المحافظة على النظام العام والأمن والسلامة والسكينة العامة. ما المادة – 17 – من المرسوم السابق الذكر فتعتبر أن اللجوء إلى تشكيلات الدرك الوطني إجراءا استثنائيا عندما يعتقد أن الوسائل العادية غير كافية.
وتعمل هذه التشكيلات ( الدرك الوطني ) بناء على تسخير من الوالي تحت سلطة قائدها، طوال الوقت اللازم حتى يعود الوضع إلى حالته الطبيعية.
يحدد قرار وزاري مشترك بين وزير الداخلية و وزير الدفاع الوطني شكل التسخير ومحتواه.
لجنــة الأمــن:
تنشأ لجنة الأمن في الولاية ويرأسها الوالي، ويحدد تكوينها وسيرها بتعليمة مشتركة بين وزير الداخلية و وزير الدفاع الوطني، وينسق الوالي في إطار اللجنة أعمال جميع مصالح الأمن الموجودة في الولاية، وبهذه الصفة يقوم بما يأتي:
• يتابع تطورات الوضعية العامة في الولاية.
• يوفر إنسجام التدخلات وتماسكها.
ويجمع الوالي لجنة الأمن في الولاية مرة في الشهر وكلما دعت الحاجة إلى لذلك.
ثم تختم اجتماعاتها بتحرير محضر ترسل نسخ منه إلى وزارة الداخلية.
و وزارة الدفاع الوطني، كما يعلم الوالي بانتظام أعضاء مكتب التنسيق في الولاية بأعمال لجنة الأمن الولائية.
كما يجمع الوالي المعلومات المتعلقة بنشاط مصالح الأمن و يستغلها و يعد تلخيصا شهريا يرسله في شكل تقرير إلى وزارة الداخلية و وزارة الدفاع الوطني.
كما يسهر رئيس الدائرة تحت سلطة الوالي على تطبيق القوانين و التنظيمات وعلى حسن سير المصالح الإدارية و التقنية في دائرته، كما يسهر بمساعدة مصالح الأمن على حفظ النظام العام و على أمن الأملاك و الأشخاص في الدائرة و لهذا الغرض يجب على مصالح الأمن في الدائرة أن تعلمه بأي حدث يقع في الدائرة يكون له علاقة بالنظام العام والأمن.

صلاحيات رئيس م.ش.ب في ميدان حفظ النظام العام:
من صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي على مستوى بلديته وحسب المادة-67- من قانون البلدية فهو ممثل الدولة على مستوى البلدية. و أنه يتمتع بصفة الضبطية المدنية والقضائية حسبما نصت على ذلك المادة –68- من نفس القانون.
وما دام كذلك فإنه يتولى ما يلي وتحت سلطة الوالي وطبقا لما نصت عليه المادة–69 - من نفس القانون.
- نشر وتنفيذ القوانين و التنظيمات عبر تراب البلدية و تنفيذها.
- السهر على حسن النظام العام و الأمن العمومي و على النظافة العمومية.
- السهر على إجراءات الاحتياط و الوقاية و التدخل فيما يخص الإسعافات إضافة إلى ذلك يتولى جميع المهام الخصوصية المنوطة به بموجب القوانين و التنظيمات المعمول بها.
هذا و قد نصت المادة 70 من نفس القانون على أن يتخذ رئيس م.ش.ب في إطار القوانين و التنظيمات المعمول بها بجميع الاحتياطات الضرورية و التدابير و الوقائية لضمان سلامة الأشخاص و الأموال في الأماكن العمومية التي يمكن أن يحصل فيها أي حادث أو نكبة أو حريق.
وفي حالة الخطر الجسيم و الداهم، يأمر رئيس م.ش.ب بتنفيذ تدابير الأمن التي تقتضيها الظروف ويعلم الوالي بها فورا، كما له الحق في أن يأمر بتهديم الجدران أو البنايات الآيلة للسقوط، و طبقا للمادة 70 من نفس القانون فأنها تخول لرئيس المجلس الشعبي البلدي في إطار مخططات تنظيم و تقديم الإسعافات و طبقا للتشريع المعمول به أن يقوم بتسخير الأشخاص و الأملاك، كما يعتمد في ممارسة صلاحياته الخاصة بالأمن على هيئة شرطة البلدية التي تحدد صلاحياتها ممارسة صلاحياته وقواعد تنظيمها و تسيرها ز كذا قواعد عملها عن طريق التنظيم طبقا للمادة 74 من نفس القانون كما يمكنه أن يطلب تدخل قوات الشرطة أو الدرك الوطني المتخصصة إقليميا عند الحاجة و حسب الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم.
* إضافة إلى ما سبق ذكره فقد خولت له المادة 97 من قانون العقوبات الجزائري إتخاذ الإجراءات و استعمال القوة العمومية من أجل تفريق التجمهر.

Ii- صور حفظ النظام:
إن أي مجتمع يرتبط ارتباطا وثيقا بدوافع أساسية وحاجيات حيوية ذات طابع شخصي وذاتي مل الحاجة إلى الطعام والملبس إضافة إلى رغبات ومتطلبات الحياة العصرية الحديثة كالحق في التعليم والسكن وتوفير المواصلات وغيرها من المستلزمات الحياتية لأي مواطن، فإذا ما توفرت مستلزمات الحياة لفئة اجتماعية على حساب فئة أخرى فإنها وبدون شك ستكون بوادر ومؤشرات لتوترات واضطرابات اجتماعية من فوضى وشغب ومظاهرات كذلك فإن للشائعات والاتجاهات السياسية المختلفة دورها في حصول الاضطرابات الاجتماعية.
الاجتماعات:
التعريف اللغوي:
هو عبارة عن اجتماع عدد من الأشخاص قصد التعبير عن مطلب ما بطرق مختلفة.
التعريف القانوني:
بناء على القانون رقم 91 – 19 المؤرخ في 25 جمادى الأولى عام 1411 ه الموافق 02 ديسمبر 1991 يعدل ويتمم القانون رقم 89 – 28 المؤرخ في 31 ديسمبر والمتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية حيث نصت المادة الثانية منه على ما يلي:
[الاجتماع العمومي تجمع مؤقت لأشخاص، متفق عليه، ينظم خارج الطريق العمومي وفي مكان مغلق يسهل لعموم الناس الالتحاق به قصد تبادل الأفكار أو الدفاع عن مصالح مشتركة]
أنواعــها: هناك نوعان من الاجتماعات.
أ.) عام - ب.) خاص.
أ)- الاجتماع العام:
هو عبارة عن اجتماع عام للأشخاص غير معنيين ودون تقديم طلب بالتصريح ويتمثل ذلك في الأعياد الدينية والأعراف والعادات والتقاليد.
ب)- الاجتماع الخاص:
فهو الاجتماع الذي يتضمن مشاعر وأفكار مشتركة مثل الاجتماعات العمالية– الطلابية– الحزبية، ولابد أن يعقد في مكان مغلق وخارج الطريق العام.
شروطــه:
التصريح المسبق: قبل انعقاد الاجتماع يجب أن تقدم شأنه تصريح وذلك ثلاثة (03) أيام كاملة على الأقل قبل تاريخ انعقاده لدى:
• الوالي بالنسبة للبلديات مقر الولاية.
• الوالي بالنسبة لبلديات ولاية العاصمة.
• الوالي أو من يفوضه بالنسبة لبلديات أخرى.
يسلم على الفور وصل يبدي فيه أسماء المنظمين وألقابهم وعناوينهم ورقم البطاقة الوطنية
• تاريخ الوصل.
• الهدف من الاجتماع.
• عدد الأشخاص المنتظر حضورهم.
• مكان الاجتماع، تاريخه، ساعته ومدته.
• يقدم هذا الوصل عند كل طلب يصدر من السلطات.
ما يتضمنه التصريح: يتضمن التصريح ما يلي:
• الهدف من الاجتماع .
• المكان واليوم والساعة والمدة.
• تحديد الأشخاص المقرر حضورهم
• الهيئة المعينة به عند الاقتضاء.
يوقع التصريح ثلاث (03) أشخاص يكون موطنهم الولاية يتمتعون بحقوقهم المدنية والوطنية.
ويمكن للوالي أو من يفوضه منع الاجتماع إذا تبين أنه يشكل خطرا حقيقيا على الأمن العمومي، أو إذا تبين أن القصد من الاجتماع يشكل خطرا على حفظ النظام العام مع إشعار المنظمين بذلك.
الأماكن الممنوع فيها عقد الاجتماعات:
1. أماكن العبادة
2. المباني العمومية غير المخصصة لذلك.
3. الطرق العمومية.
هذا ويمنع في أي اجتماع أو مظاهرة كل ما يمس برموز ثورة أول نوفمبر أو النظام العام أو الآداب العامة أو الثوابت الوطنية.
يؤلف الاجتماع العمومي مكتبا يتكون من:
رئيس ومساعدين (02) اثنين على الأقل ويتولى ما يلي:
• السهر على حسن سير الاجتماع في ظل احترام النظام والقانون.
• يحفظ للاجتماع طابعه وهدفه.
• يسهر على احترام حقوق المواطنين الدستورية.
• أن يمنع كل خطاب يناقض الأمن العمومي.
• ويمكن للوالي أو لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يطلب من المنظمين تعيين موظفا لحضور الاجتماع.
• وللمكتب الحق في توقيف الاجتماع إذا تبين أن شيئا ما يشك خطرا على الأمن العمومي.
• كما أنه تثبت مسؤولية المنظمين وأعضاء المكتب المذكورين في المادة – 10 – العاشرة بدءا من انطلاق الاجتماع إلى غاية اختتامه.
هذا ونجدر الإشارة إلى أنه يمكن للوالي أو رئيس م.ش.ب أن يطلب من المنظمين وذلك خلال – 24 – ساعة من إيداع التصريح لتغيير مكان الاجتماع مقترحا عليهم مكانا آخر تتوفر فيه الضمانات اللازمة، لحسن سيره من حيث النظافة والأمن السكينة العامة.
أحكـام جزائيـة:
تنص المادة – 21 – من هذا القانون على ما يلي:
كل مخالف لأحكام المواد 4، 5، 8، 10، 12، 15، يعاقب عليها القانون بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة – 03 – أشهر وبغرامة من 2000 دج إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وهذا دون المساس بالمتابعة في حالة ارتكاب جناية أو جنحة أثناء أي اجتماع عمومي كما هو منصوص عليه في قانون العقوبات الجزائري.

المـظـاهـرات
تعريف: المظاهرات العمومية هي المواكب والإستعراضات، أو تجمعات الأشخاص وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العام.
شروطها: قبل إجراء المظاهرة يجب أن يقدم بشأنها تصريح وذلك – 05 – خمسة أيام كاملة على الأقل قبل التاريخ المحدد لها.
ولا تجري المظاهرات السياسية أو المطلبية على الطريق العام إلا نهارا، ولا يجوز أن تمتد المظاهرات إلى غاية التاسعة ليلا.
التصريح ومضمونه:
يجب أن يبين التصريح ما يلي:
صفة المنظمين:
1. أسماء المنظمين الرئيسيين وألقابهم وعناوينهم.
• يوقع التصريح ثلاثة منهم يتمتعون بحقوقهم السياسية والمدنية.
• الهدف من المظاهرة.
• اسم الجمعية أو الجمعيات المعينة ومقرها.
• يوقع التصريح رئيس كل جمعية وأمينها أو كل ممثل يفوض قانونا.
2. المسلك الذي تسلكه المظاهرة أو الموكب أو الاستعراض.
3. اليوم والساعة اللذان تجري فيهما.
• يسلم الوالي وصلا بالتصريح يقدم عند كل طلب من السلطات وإبداء قراره بالرفض أو القبول كتابيا – 05 – أيام قبلها.
4. الوسائل المقررة لضمان سيرها من البداية إلى النهاية.
5. المدة التي تستغرقها.
• يجب على الوالي إبداء قراره بالرفض أو القبول كتابيا خلال 05 أيام قبل إجراء المظاهرة.
يمكن للوالي أن يطلب من المنظمين تغيير المسلك مع اقتراح مسلك آخر يسمح بالسير الحسن والعادي للمظاهرة.
الأحكام الجزائية:
لقد نصت المادة – 19 – من هذا القانون المتعلق بالمظاهرات والاجتماعات على ما يلي:
[ كل مظاهرة تجري بدون تصريح أو ترخيص أو بعد منعها تعتبر تجمهرا ]
كما نصت المادة – 23 – من نفس القانون على أنه يعد مسؤولا ويعاقب بالجبس من 03 ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 3000 دج إلى 15.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط:
1. كل من قدم تصريحا مزيفا بحيث يخارع في شروط المظاهرة المزمع تنظميها.
2. كل من شارك في تنظيم مظاهرة غير مرخص بها.
3. كل من خالف أحكام المادة – 09 – من هذا القانون.
وتنص المادة – 19 – مكرر على أنه يمنع اشتراك القصر واستغلالهم في المظاهرات العمومية ذات الصبغة السياسية.
- إن الخسائر والأضرار التي تلحق من جراء المظاهرة تقع على مسؤولية المنظمين.
- يعد المحرضون على مظاهرات تتحول إلى أعمال عنف والذين يدعون بخطبهم العمومية أو بكتابتهم إلى العنف مسؤولين ويتعرضون للعقوبات المنصوص عليها في المادة 100 من قانون العقوبات.
- كما يعاقب كل شخص يعثر عليه حاملا سلاح ظاهرا أو مخفيا أثناء مظاهرة أو أية أداة تشكل خطرا على الأمن العمومي بالحبس من 06 ستة أشهر إلى 03 ثلاث سنوات وبغرامة من 6000 دج إلى 30.000 دج دون المساس بعقوبات أشد من ذلك منصوص عليها في أحكام قانون العقوبات بشأن التجمهرات.

التجمــهـر
تعريفــه: التجمهر هو كل تجمع جاء نتيجة اتفاق مسبق وغالبا ما يكون عدوانيا لجماعة من الناس في الطريق العمومي قصد الإخلال بالنظام العام أو قصد المساس والحد من حرية الأفراد.
I أركان التجمهر:
1.) الركن المفترض: المساهمة في التجمهـر.
2.) الركن المـادي: حـمــل الســـلاح.
3.) الركن المـعنوي:توفر القصد الجنائي العام.
Iiأنواع التجمهر:
1. التجمهر المسلح: ويكون ذلك حالة ما إذا كان أحد الأفراد الذين يكونون التجمهر يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ أو أية أشياء ظاهرة أو مخبأة استحضرت لاستعمالها كأسلحة.
2. التجمهر غير المسلح:وهو الذي يكون المقصود منه الإخلال بالهدوء العمومي.
هذا وقد يأخذ التجمهر أشكالا متعددة ومختلفة الأهداف والأغراض، كما يختلف التجمهر في مدته الزمنية فقد يكون التجمهر في الأماكن التجورية وقد يكون حول حادث مرور إلا أن هذه التجمهرات تأخذ طابع التجمع لكونها عديمة التنظيم والقيادة.

Iiiالأحكام الجزائية:
لقد نصت المادة – 22 – من القانون المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات على ما يلي:
تفرق المظاهرات المذكورة في المادة – 19 – من هذا القانون طبقا لأحكام المادة 97 من قانون العقوبات الجزائري.
ولقد نصت المادة 97 من ق.ع.ج على أنه يحظر ارتكاب الأفعال التالية في الطريق العام أو في مكان عمومي: 1. التجمهر المسلح.
2. التجمهر غير المسلح الذي من شانه الإخلال بالهدوء العمومي.
ويعتبر التجمهر مسلحا إذا كان أحد أفراده الدين يكونونه يحمل سلاحا أو إذا كان عددا من منهم يحمل أسلحة مخبأة أو أية أشياء ظاهرة أو مخبأة استعملت واستحضرت لاستعمالها كأسلحة. ويجوز لممثلي القوة العمومية الذين يطلبون لتفريق التجمهر أو العمل على تنفيذ القانون أو حكم أو أمر قضائي استعمال القوة إذا وقعت عليهم أعمال عنف أو اعتداء مادي أو إذا لم يمكنهم الدفاع عن الأرض التي يحتلونها أو المراكز التي أوكلت إليهم بغير هذه الوسيلة.
وفي الحالات الأخرى يكون تفريق التجمهر بالقوة بعد أن يقوم الوالي أو رئيس الدائرة أو رئيس م.ش.ب أو أحد نوابه أو محافظ الشرطة أو أي ضابط آخر من الضبط القضائي من يحمل شارات وظيفته.
1.) إعلان وجود بإشارات صوتية أو ضوئية من شأنها إنذار الأفراد الذين يكونون التجمهر إنذارا فعالا.
2.) التنبيه على الأشخاص الذين يشتركون في التجمهر بالتفرق وذلك بواسطة مكبر الصوت أو باستعمال إشارات صوتية أو ضوئية من شأنها أيضا إنذار الأفراد المكونين للتجمهر إنذارا فعالا.
3.) توجيه تنبيه ثاني بنفس الطريقة إذا لم يؤدي إلى نتيجة بالنسبة للإنذار الأول.
ولقد نصت المادة – 98 – من ق.ع.ج على أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى إلى سنة كل شخص غير مسلح كان في تجمهر مسلح ولم يتركه بعد أول تنبيه، ويمون الحبس من – 06 – ستة أشهر إلى – 03 – ثلاث سنوات إذا استمر الشخص غير المسلح في تجمهر مسلح ولم يتفرق إلا باستعمال القوة. ويجوز أن يعاقب الأشخاص المحكوم عليهم بالحرمان من الحقوق المبينة في المادة 14 من قانون العقوبات الجزائري.
أما المادة – 99 – من ق.ع.ج فقد نصت على أنه يعاقب بالحبس من – 06 – ستة إلى – 03 – ثلاثة سنوات كل من وجد يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ أو أشياء ظاهرة أو مخبأة استعملت أو استحضرت لاستعمالها كأسلحة وذلك في تجمهر أو أثناء تظاهر أو أثناء اجتماع أو بمناسبة وذلك بغير إخلال بعقوبات أشد عند الاقتضاء. ويكون الحبس من سنة إلى خمس – 05 – سنوات إذا كان تفريق التجمهر قد تم بالقوة.
كما أنه يجوز أن يعاقب الأشخاص المحكوم عليهم بالحرمان من الحقوق المبينة في المادة – 14 – من ق.ع.ج وبالمنع من الإقامة.
ويجوز القضاء بمنع أي أجنبي قضي بإدانته في إحدى الجنح المنصوص عليها في هذه المادة من دخول أراضي الوطن.

المطلب الثاني:
حفظ النظام في الظروف الاستثنائية

1- المقدمة:
إن أي مجتمع من المجتمعات معرضة لمشاكل اجتماعية قد تؤدي إلى المساس بالنظام العام تصحبها أعمال التخريب والحرق وأعمال العنف ذات الخطر الكبير على أمن واستقرار البلاد ومن خلالها تتدخل مصالح الأمن مجتمعة ( شرطة، درك، جيش ) حتى تعيد الأحوال إلى حالتها الطبيعية إليها. فالظروف الإستثنائية هي ظروف خاصة وغير طبيعية تستلزم تجميع كل الطاقات لمواجهتها وعندها يمكن أن تقيد الحريات الجماعية و الفردية. كما تستدعي ضرورة حفظ النظام إصدار بعض التشريعات التي تتلاءم وتتناسب مع الظروف و المستجدات الحاصلة على الساحة الأمنية أو السياسية حيث تضيق وتتقلص حقوق وحريات المواطنين. ومن أجل حماية حقوق المواطنين وحرياتهم من جهة، وتجنب الوقوع في تعسف الإدارة يجب أن يكون التدخل بالقدر الضروري واللازم للمحافظة على النظام العام حفاظا على المصلحة العامة، وحتى لا تكون التدخلات باطلة وغير شرعية من جهة أخرى.
ولتفادي تلك الأعمال فقد تم تحديد الشروط الواجب إتباعها في النصوص القانونية التالية:
- الدستور.
-القوانين المختلفة و خاصة المراسيم.
الحالات الإستثنائية الواردة في الدستور: نص الدستور الجزائري الصادر في 08 ديسمبر 1996 على ثلاث حالات إستثنائية للمحافظة على النظام العام إرتبطت بحالات الضرورة الملحة التي تقتضي إتخاذ كل التدابير و الإجراءات اللازمة لأسباب الأمن. أو حالة ما إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو إستقلالها أو سلامة ترابها مما يستوجب إتخاذ كل الإجراءات الإستثنائية التي من شأنها أن تحافظ على إستقلال الأمة والمؤسسات الجمهورية.
1- حالة الطوارئ.
2- حالة الحصار.
3- الحالة الإستثنائية.

1-حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة رقم 91 من الدستور على أنه يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة إعلان حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معنية بعد إجتماع المجلس الأعلى للأمن وإستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس مجلس الأمة، ورئيس الحكومة، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لإستتباب الأمن، ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه والمجتمعتين معا.
تقرر حالة الطوارئ على اعتبار المساس الخطير والمستمر للنظام العام المسجل عبر التراب الوطني والذي يستهدف تهديد وزعزعة إستقرار المؤسسات والمساس الخطير بأمن المواطنين و حرياتهم.
يتم إعلان حالة الطوارئ إما في كامل التراب الوطني و إما في منطقة معنية كولاية واحدة أو أكتر، وتعلن حالة الطوارئ لمدة زمنية محددة ويمكن رفعها قبل ميعادها متى وجدت وتوفرت الظروف المناسبة.
صلاحيات وزير الداخلية في حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة الرابعة (04) من المرسوم الرئاسي رقم 92/44 المؤرخة في 09 فبراير 1992 المتضمن إعلان حالة الطوارئ على أنه يؤهل وزير الداخلية و الجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو جزء منه، و الوالي في دائرته الإقليمية لإتخاذ التدابير الكفيلة بحفظ النظام العام و استتبابه عن طريق قرارات وفقا الأحكام الآتية وفي إطار إحترام التوجيهات الحكومية.
فالمادة الخامسة (05) من نفس المرسوم تنص على أنه يمكن لوزير الداخلية والجماعات المحلية أن يأمر بوضع أي شخص راشد يتضح أن نشاطه يشكل خطورة على النظام والأمن العموميين أو على السير الحسن للمصالح العمومية، في مركز أمن وفي مكان محدد، هذا وتنشأ مراكز الأمن بقرار من وزير الداخلية و الجماعات المحلية.
أما المادة (06) فقد نصت على أنه يخول و ضع حالة الطوارئ حيز التنفيذ لوزير الداخلية و الجماعات المحلية في كامل التراب الوطني أو إمتداد تراب ولاية ما في إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يلي:
1- تحديد أو منع مرور الأشخاص و السيارات في أماكن وأوقات معنية.
2- تنظيم نقل المواد الغذائية و السلع ذات الضرورة الأولى، وتوزيعها.
3- إنشاء مناطق الإقامة المنظمة لغير المقيمين.
4- المنع من الإقامة أو الوضع تحت الإقامة الجبرية لكل شخص راشد يتضح نشاطه مضر بالنظام العام أو بسير المصالح العمومية.
5- تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في الحالة الإضراب غير المرخص، أو غير الشرعي ويشمل هذا التسخير المؤسسات العمومية أو الخاصة للحصول على تقديم الخدمات ذات المنفعة العامة.
6- الأمر إستثنائيا، بالتفتيش نهارا أو ليلا.
7- يؤهل وزير الداخلية الجماعات المحلية، و الوالي المختص إقليما، للأمر عن طريق قرار بالإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية، وأماكن الإجتماعات مهما كانت طبعتها، وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها الإخلال بالنظام العام والطمأنينة العمومية.
8- عندما يعطل العمل الشرعي السلطات العمومية، أو يتم عرقلته بتصرفات عائقة مثبتة أو معارضة تعلنها مجالس محلية أو التنفيذية لبلدية ما في مثل هذا الحال، تتخذ الحكومة عند الاقتضاء التدابير التي من شأنها تعليق نشاط هذه المجالس وقد يصل الأمر إلى حلها نهائيا.
وفي هذه الحالة، تقوم السلطة الوصية بتعيين مندوبيات تنفيذية على مستوى الجماعات الإقليمية المعنية إلا أن تجدد هذه الأخيرة عن طريق الإنتخاب.
أما المادة التاسعة (09) فتنص على أنه يمكن لوزير الداخلية والجماعات المحلية أن يعهد عن طريق التفويض إلى السلطة العسكرية قيادة عمليات استتباب الأمن على المستوى المحلي أو على مستوى دوائر إقليمية محددة.
أما المادة العاشرة (10) فتنص على أنه يمكن تبليغ المحاكم العسكرية بالجرائم والجنح الجسيمة، المرتكبة ضد أمن الدولة مهما كانت صفة المحرضين على إرتكابها، أو فاعليها أو الشركاء فيها.
أما المادة الحادية عشر (11) منه فتنص على ما يلي: إن التدابير و التقييدات المنصوص عليها في هذا المرسوم، ترفع بمجرد إنهاء حالة الطوارئ باستثناء المتابعات القضائية دون المساس بأحكام المادة الثامنة (08).
كما يمكن إتخاذ تدابير لوقف نشاط كل شركة أو جهاز أو مؤسسة أو هيئة أو غلقها مهما كانت طبيعتها أو إختصاصها عندما تؤدي هذه النشاطات إلى المساس بالنظام العام، أو الأمن العمومي، أو السير العادي للمؤسسات أو المصالح العليا للبلاد.
و تتخذ هذه التدابير عن طريق قرار وزاري لمدة لا تتجاوز ستة أشهر (06) " تكملة للمادة الثالثة (03) من المرسوم ".
صلاحيات الوالي في مجال حفظ النظام العام أثناء حالة الطوارئ:
لقد نصت المادة الرابعة (04) من المرسوم المذكور رقم 92/44 المتضمن إعلان حالة الطوارئ، يؤهل الوالي إتخاذ التدابير الكفيلة بحفظ النظام العام أو باستتبابه عن طريق قرارات إدارية و في إطار إحترام التوجيهات الحكومية.
كما نصت المادة السادسة (06) على أنه يخول للوالي على إمتداد تراب ولايته في إطار التوجيهات الحكومية سلطة القيام بما يلي:
1- تحديد أو منع مرور الأشخاص و السيارات في أماكن و أوقات معينة.
2- تنظيم نقل المواد الغذائية و السلع ذات الضرورة الأولى، وتوزيعها.
3- إنشاء مناطق الإقامة المنظمة لغير المقيمين.
4- المنع من الإقامة أو الوضع تحت الإقامة الجبرية لكل شخص راشد يتضح أن نشاطه مضر بالنظام العام أو يعرقل سير المصالح العمومية.
5- تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في حالة إضراب غير مرخص به، أو غير شرعي و يشمل هذا التسخير المؤسسات العمومية أو الخاصة للحصول على تقديم الخدمات ذات المنفعة العامة.
أما المادة السابعة فتنص على ما يلي:
يؤهل الوالي المختص إقليميا، الأمر عن طريق قرار ما يلي:
- الإغلاق المؤقت لقاعات العروض الترفيهية.
- أماكن الإجتماعات مهما كانت طبيعتها.
- منع كل مظاهرة يحتمل أنها تخل النظام العام و الطمأنينة العمومية.
هذا و تجدر الإشارة إلى أن حالة الطوارئ تترتب عنها أثار عامة منها:
- تمديد مدة الحجز تحت المراقبة القضائية المتعلقة بالحفاظ على النظام العام.
- مراقبة الصحف و حجزها أو منعها من الصدور.
- مراقبة العروض و الاحتفالات.
- مراقبة الحصص الإذاعية أو منعها.
ونتيجة للأخطار الجسيمة التي يتعرض لها النظام العام فإنه يمكن أن تنشأ محاكم خاصة لمحاكمة المجرمين في الجرائم الخاصة و المرتبطة بالنظام العام كما يمكن منع صدور المجلات و المنشورات والكتب إذا رأت السلطات الإدارية أن المصلحة العامة تقتضي ذلك.
الآثار المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ:
إن التدابير و الإجراءات المتخذة نتيجة إعلان حالة الطوارئ ضمانا للمحافظة على النظام العام تترتب عنها أثار و نتائج تقيد حريات المواطنين و تمس ببعض حقوقهم المشروعة دستوريا، مما يعرقل السير الحسن و العادي لمؤسسات الدولة، و إذا كان إعلان حالة الطوارئ يشمل ولاية واحدة فإنه تمنح للوالي المعني صلاحيات واسعة في مجال حفظ النظام، أما إذا شملت حالة الطوارئ عدة ولايات فإنه تمنح صلاحيات واسعة لوزير الداخلية بوصفه الوزير المنتدب والمكلف بحماية النظام العام و حماية حقوق و حريات الموطنين الفردية و الجماعية.
ومن أهم الآثار المترتبة عن حالة الطوارئ بقاء السلطة في يد السلطات المدنية إما في يد رئيس الحكومة أو وزير الداخلية أو الوالي فيما يخص المحافظة على النظام العام.
2- حالة الحصار:
نصت المادة 91/92 من الدستور الجزائري على أنه يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة حالة الطوارئ أو الحصار … الخ.
وذلك لاتخاذ جميع التدابير و الإجراءات اللازمة للمحافظة على النظام العام بعد الإخلال به.
أما من حيث تنظيم حالة لطوارئ أو الحصار فقد نصت المادة 92 من الدستور على ما يلي ‍‍‍‌‌‌‍‌"يحدد تنظيم حالة الطوارئ و حالة الحصار بموجب قانون عضوي " والهدف من حالة الحصار هو الحفاظ على إستقرار مؤسسات الدولة الديمقراطية الجمهورية، وإستعادة النظام العام والسير العادي للمرافق العمومي بكل الوسائل القانونية و التنظيمية لا سيما تلك التي ينص عليها المرسوم الرئاسي رقم 91/196 المؤرخ في 21 ذي القعدة عام 1411هـ الموافق لـ04 يونيو 1991م.
وتعلن حالة الحصار لمدة غير محددة قد تطول وقد تقصر تبعا للظروف التي تعيشها البـلاد غير أنه يمكن رفعـها بمجرد عـودة الأمور إلى حالتها الطبيـعية، ولا تقرر حالة الحصار إلا إذا دعت الضرورة الحتمية والملحة، ومتي توافرت الأسباب الحقيقة التي تستدعى تدخل قوات الجيش الوطني الشعبي للمحافظة على النظام العام و استتبابه وإعادته إلى حالته العادية نتيجة لعدم قدرة السلطات العمومية القيام بهذه المهمة حيث تعطي صلاحيات واسعة للسلطة العسكـرية لما تتوفـر عليه مـن إمكانيات بشرية و مادية تمكنها من القيام بالمهمة الموكلة إليها، إلى جانب قوات الأمن التقليدية من درك و شرطة على أن تتسلم السلطة العسكرية قيادة هذه العمليات، حيث نصت المادة الثالثة من المرسوم رقم 91/196 على أنه تفوض إلى السلطة العسكرية الصلاحيات المسندة إلى السلطة المدنية في مجال لفظ النظام العام.
وبهذه الصفة تلحق مصالح الشرطة بالقيادة العليا للسلطات العسكرية التي تخول لها قانونا صلاحيات الشرطة، و تمارس السلطة المدنية الصلاحيات التي لم تنتزع منها.
أما المادة (04) فقد نصت على أنه يمكن السلطات العسكرية المخول لها صلاحيات الشرطة، ضمن الحدود و الشروط التي تحددها الحكومة، أن تتخذ تدابير الإعتقال الإداري أو الإخضاع للإقامة الجبرية ضد كل شخص راشد يتبين أن نشاطه خطير على النظام العام و على الأمن العمومي أو السير العادي للمرافق العمومية.
وتتخذ هذه التدابير بعد إستشارة لجنة رعاية النظام العام كما هي مقررة في المادة الخامسة (05) حيث نصت على ما يلي:

لجنة رعاية النظام العام:
تنشأ لجنة لرعاية النظام العام على مستوى كل ولاية وهذه اللجنة ترأسها السلطة العسكرية المعنية قانونا من:
- الـوالـي.
- محافظ الشرطة الولائيـة.
- قائد مجموعة الدرك الوطني.
- رئيس القطاع العسكري، إن اقتضى الأمر.
- شخصيتان معروفتان بتمسكهما بالمصلحة العامة.
و تجدر الإشارة إلى أنه يمكن لأي شخص يكون موضوع اعتقال إداري أو إقامة جبرية أن يرفع طعنا حسب التسلسل السلمي، لدى السلطات المختصة.
عمل لجنة رعاية النظام العـام:
تنـص الـمادة السادسـة على ما يلـي:
تدرس لجنة رعاية النظام العام وتنصح بتطبيق التدابير الإستثنائية المنصوص عليها في هذا المرسوم، التي من شأنها أن تستعيد النظام العام، وتعيد سير المرافق العمومية وتحفظ أمن الأملاك والأشخاص كما تسهر على حسن تنفيذ هذه التدابير.
أما المادة السابعة من النفس المرسوم فتنص على أنه يمكن للسلطات العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة، ضمن الشروط المحددة أن تقوم بما يلـي:
- أن تجري أو تكلف من يجري تفتيشا ليلية أو نهارية في المحال العمومية أو الخاصة، وكذلك داخل المساكـن.
- أن تمنع إصدار المنشورات أو تنظيم الإجتماعات أو القيام بنداءات عمومية التي يعتقد أنها قادرة لإثارة الفوضى.
أما المادة الثامنة منه فقد نصت على أنه يمكن السلطات العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة أن تقوم عبر المقاطعة الإقليمية أو جزءا منها بما يلي:
- أن تضيق أو تمنع مرور الأشخاص أو تجمعهم في الطرق و الأماكن العمومية.
- أن تنشئ مناطق ذات إقامة مقننة لغير المقيمين.
- منع إقامة أي شخص راشد يتبين أن نشاطاته مضرة بالنظام العام و بالسير العادي للمرافق العمومية.
- أن تنظم بالطرق الإدارية مرور المواد الغذائية أو بعض المعدات وتوزيعها.
- أن تأمر بتسخير المستخدمين بغية القيام بنشاطاتهم المهنية.
- أن تأمر عن طريق التسخير، في حالة الإستعجال و الضرورة أي مرفق عام أو مؤسسة عمومية أو خاصة بأداء خدماتهما.
- أن تمنع الإضرابات التي يمكن أن تعرقل إستعادة النظام العادي للمرافق العمومية.
أما المادة التاسعة فتنص على ما يلي يتعرض للتوقيف عن كل النشاطات بواسطة مرسوم تنفيذي، الجمعيات مهما كان قانونها الأساسي أو وجهتها، التي يقوم قادتها أو أعضاؤها بأعمال مخالفة للقوانين.
أما المادة العاشرة فتنص على أنه إذا حصل في مجال النظام العام أو في سير المرافق العمومية، إفشال عمل السلطات العمومية القانوني، أو عرقلته بمواقف تجميدية مبينة، أو معارضة صريحة من مجالس محلية، أو تنفيذية بلدية منتخبة، تتخذ الحكومة بشأنها تدابير لتوقيفها أو حلها وفي هذه الحالة تقوم السلطة الوصية بتعين مندوبيات تنفيذية على مستوى الجماعات الإقليمية المعنية من بين الموظفين حتى إلغاء ذلك التوقيف عن طريق إجراء الإنتخابات.
أما المادة الحادية عشر فتنص ما يلي " يمكن المحاكم العسكرية طوال حالة الحصار أن تخطر بوقوع جنايات أو جرائم خطيرة ترتكب ضد أمن الدولة مهما كانت صفة مرتكبيها أو المتورطين معهم".
أما المادة الثانية عشر فتنص على " رفع التدابير التي يدخلها هذا المرسوم، بمجرد إنتهاء حالة الحصار، ماعدا التي يكون قد شرع فيها أمام الجهات القضائية.
و لا تقرر حالة الحصار إلى في الحالات الخطيرة و الجسيمة التي لا تكتفي بفرض حالة الطوارئ، و الحالات التي تستدعي فرض حالة الحصار نجملها فيها يأتي:
- حالة التمرد.
- حالة العصيان المدني.
- التجمهرات الكبيرة.
- الإضرابات .
- أعمال التخريب و الحرق والاعتداء على مؤسسات الدولة.
- الحروب الداخلية.
- تشكيل مجموعات مسلحة في جزء معين أو عبر التراب الوطني.
- الممارسة الواسعة لأعمال العنف ضد الأشخاص.
- محاولة إثارة الفوضى و الشغب بين فئات الشعب.
- محاولة تعطيل المؤسسات العمومية عن القيام بمهامها.
- تعطيل و عرقلة توزيع المؤن.
الآثار المترتبة عن إعلان حالة الحصار:
إن فرض حالة الحصار تأتي لظروف و ضرورات حتمية تستوجب المحافظة على النظام العام وإستقرار المجتمع و حمايته مما قد يعصف بمؤسسات الدولة ورموزها، لذا كان ولابد من إتخاذ جميع التدابير والإجراءات التي تقيد وتقلص من ممارسات الحريات العامة و الفردية أو منعها على الإطلاق.
فبمجرد إعلان حالة الحصار تتحول سلطة المحافظة على النظام العام من السلطة الإدارية المدنية إلى السلطة العسكرية، وفي مجال العمل التطبيقي يتم تنسيق العمل والتشاور بين السلطتين المدنية و العسكرية حيث تتسع صلاحيات الشرطة بالنسبة للسلطة العسكرية و يصبح لها الحق في القيام بما يلي:
- تفتيش المنازل و الممتلكات ليلا و نهارا.
- وضع أي شخص راشد في مراكز الأمن.
- تحديد مناطق الإقامة لغير المقيمين.
- المنع من الإقامة و تحديد الإقامة و الوضع تحت الإقامة الجبرية.
- غلق المحلات و قاعات العروض الترفيهية و الرياضية.
- تسخير الأشخاص و المؤسسات.
- توزيع الأسلحة و الذخيرة على الأشخاص.
- الأمر بإيداع الأسلحة لدى السلطات الإدارية.
- مراقبة وحجز ومنع إصدار الصحف والمنشورات والمطبوعات والمجلات والكتب.
- مراقبة الحصص الإذاعية و التلفزيونية أو توقيفها.
توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية: من أجل ضمان استقرار الدولة ورفع التعدي الحاصل عن الأمن العمومي يمكن توسيع صلاحيات المحاكم في حالة الحصار إلى البت في قضية الإجرام المتعلقة بالإخلال بالنظام العام مثل:
- حمل السلاح قصد ارتكاب الجنايات أو الجنح ضد الأشخاص والممتلكات.
- تكوين مجموعات إرهابية هدفها القتل و التخريب.
- أفعال تمرد ضد السلطة.
- التحريض على الإخلال بالنظام العام.
- نشر الفوضى في أوساط الشعب.
- تكوين جمعيات الأشرار المسلحة.
- الأعمال المناهضة و الجوسسة.
- إصدار المنشورات المناهضة الداعية إلى الفوضى.
- الجنايات والجنح الخطيرة التي ترتكب ضد الأشخاص والممتلكات.
- عرقلة المرور و السير الحسن لمؤسسات الدولة.
- التحريض على المظاهرات و التجمعات و التجمهرات.
- معارضة تنفيذ التسخير لفائدة المصلحة العامة.
في حالة وقوع هذه الأعمال الإجرامية المذكورة فإن الفصل فيها يكون أما المحاكم العسكرية.
حدود الوضع في مركز للأمن و شروطه: بناء على المرسوم التنفيذ رقم 91/201 المؤرخ في 13 ذي الحجة 1411ه الموافق ل 25 يونيو 1991 يضبط حدود الوضع في مركز للأمن و شروطه، تطبيقا للمادة الرابعة من المرسوم الرئاسي رقم 91/196 المؤرخ في 04 يونيو 1991 المتضمن تقرير حالة الحصار و الذي يتضمن ما يلي:
ففي المادة الأولى منه و عملا بالمادة الرابعة من المرسوم رقم 91/196 حيث يضبط الشروط و الحدود التي يمكن السلطات العسكرية صلاحيات الشرطة أن تتخذ ضمنه تدابير الوضع في مركز للأمن ضد كل شخص راشد يتبين أن نشاطه خطير على النظام العام أو على الأمن العمومي أو على السير العادي للمرافق العمومية.
أما المادة الثانية فتنص على أنه يتمثل الوضع في مركز للأمن لأي شخص يكون سلوكه خطرا على النظام العام أو على الأشخاص أو على حسن سير المرافق العمومية، في حرمانه من حرية الذهاب و الإياب و وضعه في إحدى المراكز التي تحددها بمقر القيادة العليا للسلطات العسكرية المخولة قانونا صلاحيات الشرطة، ذلك تطبيقا للمرسوم 91/196 المذكور أعلاه.
أما المادة الثالثة فتنص على ما يلي: تتخذ تدابير الوضع في مركز للأمن السلطة العسكرية المخولة صلاحيات الشرطة، المختصة إقليميا و يكون ذلك بناء على إقتراحات قانونية من مصالح الشرطة مصحوبة برأي لجنة رعاية النظام العام، كما نصت عليها المادة الخامسة و السادسة من المرسوم المذكر.
أما المادة الرابعة فتنص على أنه لا يمكن أن تتخذ تدابير الوضع في مركز للأمن إلا ضد الأشخاص الراشدين الذين يعرض نشاطهم للخطر، النظام العام، أو الأمن العمومي، أو السير العادي للمرافق العمومية بارتكاب ما يلي:
-التحريض على الفوضى و إلى ارتكاب جنائية أو جنح ضد الأشخاص و الأملاك.
- النداء بأي وسيلة للعصيان المدني و إلى الإضراب.
- حمل أي سلاح من أجل ارتكاب مخالفات.
- التحريض على التجمعات لغرض واضح يثير الاضطراب في النظام العام و في طمأنينة المواطنين.
- رفض الامتثال إلى التسخير الكتابي الذي تصدره السلطة المخول صلاحيات الشرطة و حفظ النظام العام: >لك الرفض الذي يعرقل سير الإقتصاد الوطني عرقلة خطيرة.
- معارضة تنفيذ التسخير الذي أعد بسبب الإستعجال و الضرورة بغية الحصول على خدمات يؤديها مرفق عام أو مؤسسة عمومية أو خاصة.
- و يمكن أن يكون زيادة على ذلك موضوع تدابير وضع مركز للأمن، الأشخاص الذين يخالفون التنظيم الإداري المتعلق بالمرور و بتوزيع المواد الغائية و ذلك بقصد إثارة إضطرابات في النظام العام.
أما المادة الخامسة فتنص على ما يلي : تحديد مدة الوضع في مركز للأمن خمسة وأربعين (45) يوما قابلة للتحديد مدة واحدة، و يمكن أن يكون الوضع في مركز للأمن


الموضوع طعن يرفع خلال العشرة أيام (10) من تقريره لدى المجلس الجمهوري لحفظ النظام المنصوص عليه في المادة السابعة (07) التي تنص على ما يلي:
- تنشأ ثلاث مجالس جهوية لحفظ النظام، الجزائر، وهران، قسنطينة التي يمتد إختصاصها الإقليمي إلى الولايات الأخرى.
تشكيل المجلس الجهوي لحفظ النظام:
يتشكل المجلس الجهوي لحفظ النظام المنصوص عليه في المادة السابعة من:
- الوالي رئيسا.
- رئيس القطاع العسكري، أو قائد مجموعة الدرك الوطني.
- محافظ الشرطة للولاية.
- ثلاث شخصيات تختار نظرا لتمسكها بالمصلحة العامة.
3- الحالة الإستثنائية " حالة الأزمة ":
نصت المادة ثلاثة و تسعون (93) عن الحالة الإستثنائية حيث تضمن ما يلي:
يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو إستقلالها أو سلامة ترابها. ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد إستشارة رئيس المجلس الشعبي الوطني و رئيس مجلس الأمة، والمجلس الدستوري والإستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء.
تخول الحالة الإستثنائية لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الإستثنائية التي تستوجبها المحافظة على إستقلال الدولة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية، تنهي هذه الحالة الإستثنائية حسب الأشكال و الإجراءات التي أوجبت إعلانها كان تكون البلاد مهددة بخطر داهم يشكل خطرا على النظام العام من شأنه أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو سلامة وحدة ترابها.
هذا وتتميز الحالة الإستثنائية على أن مهمة الشرطة و حفظ النظام العام تبقى في يد السلطة المدنية و لا تتحول إلى السلطة العسكرية، تتقرر الحالة الإستثنائية إما عبر كامل التراب الوطني أو في جزء من أجزائه (في ولاية واحدة أو أكثر)، وذلك لا يكون إلى إذا

توفرت الأسباب الداعية لإعلانها حيث يتدخل رئيس الجمهورية بصفته أعلى شخص في الهرم الإداري للسلطة التنفيذية . وتتخذ كل الإجراءات التي تستوجبها الظروف المستجدة على الساحة السياسية لإنقاذ البلاد والعباد في الميدان للمحافظة على إستقرار الوطن وإستقلاله وسلامة ترابه ومؤسساته.
شروط إعلان الحالة الإستثنائية:
نصت المدة 93 من دستور 96 على أنه يقرر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية ..إلخ.
- إذا كانت البلاد مهددة بخطر جسيم وداهم يكاد يصيب مؤسساتها
- إذا كان إستقلال البلاد معرض لخطر جسيم.
- إذا أصبح الخطر يكاد يمس ويهدد سلامة و وحدة التراب الوطني.
هذا ولا يقر رئيس الجمهورية الحالة الإستثنائية إلا بعد الإجتماع و التشاور.

الخــــــــــاتمــــة
- إن النظام العام له مـن الأهميـة ما يجعل الاهتمــام بحفظه مسؤولية مرهقــــة للسلطـات في مختلف الدول، لكن لا خيار أمام هتـــــه الدول التي تصبو دوما إلى السهر على حماية ترابها الوطني وأمنها ومواطنيها .
-غير أن فـي ذلك تظافر لجهــود السلطات و المسؤولين عن هته المهمة النبيلــة التي بالحفاظ عليها نحفظ الحريات العامــــة والأساسية والحقوق المكفولة للفرد والجماعة وفقا لما جاءت به أحكام الدستور.
- ولا اختلاف بين اثنين فــــي أن العلاقة جد وطيدة بين النظام العام والحريـــات الأساسية، حيث تعد تكامل وتنسيق حياتي لابد من الاهتمام به من نفس الجهتين في نفس الوقت.





قائــــمــــة المـــراجــــــــع
i
* مادة حفظ النظام ( عمليات الشرطة) ،مطبوعة سورية .
الدستور الجزائري 1963.*
* الدستور الجزائري 1976.
* الدستور الجزائري 1989.
* الدستور الجزائري المصادق عليه في 28نوفمبر 1996.
*المرسوم الرئاسي رقم91/196.
*المرسوم التنفيذي رقم91/201.
* المرسوم التنفيذي رقم 91/204.
*المرسوم الرئاسي رقم 92/44.
* المرسوم الرئاسي رقم 92/320.

*الجماعات المحلية * الولاية *
*الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

*قانون البلدية .
*قانون العقوبات الجزائري .
*تسيير الأزمات ونظام الحريات – الإطار القانوني والتطبيقات في الجزائر – 2001/2002.

من فضلك اخي ...................
هل المحاظرات التي قمت بتنزيلها هي من المقرر الدراسي للسنة الرابعة ...أرجو التأكيد
لأني متخرجة منذ 2003 ..ولا أذكر المحاظرات بالضبط
وشكرا مسبقا

شهد حنان
2012-09-18, 13:41
اين انتم .......

نور الفجر02
2012-09-18, 14:25
السلام عليكم انا ليوم سجلت للقانون الدولي لحقوق الانسان لكن بالمدية مشي ورقلة
فيه حقوق انسان ودولي ومسؤولية حابة نعرف الاسئلة تكون بالقرعة ولا اختيارية يعني كل مقياس بسؤال واحنا نختارو

نور الفجر02
2012-09-18, 14:26
بخصوص حقوق الانسان اهم درس فيه هو اليات حماية حقوق الانسان لكن الدولي العام صعيب شوي نتاع حفظة مشي فهامة

نور الفجر02
2012-09-18, 14:36
سؤال ماجستار طرح سابقا في مادة حقوق الإنسان
س : عرفت حقوق الإنسان تطور من مجال النوعية والحث على إحترامها إلى مجال الإلتزام القانوني على المستوى الدولي .حلل وناقش .
الخطة المقترحة : -مقدمة
1- تطور حقوق الإنسان على المستوى التشريعي :الميثاق،الإعلان،العهدين.
2- تطور حقوق الإنسان على مستوى الآليات والأجهزة.
3- قواعد حقوق الإنسان قواعد آمرة .
4- قواعد حقوق الإنسان عالمية .
-الخاتمة
أو خطة أخرى:-مقدمة
1- تطور طبيعة قواعد حقوق الإنسان:
*قواعد غير ملزمة ، قواعد ذات قيمة توصية
*قواعد ملزمة ،هي قواعد آمرة مواد 54،63 من قانون المعاهدات
هي قواعد عالمية في مواجهة الغير ، رأي محكمة العدل الدلية
خاتمة
أو خطة أخرى:مقدمة
المبحث1:النوعية والحث على حقوق الإنسان
المطلب 1: من خلال ميثاق الأمم المتحدة
المطلب 2: من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
المبحث 2: الإلتزام القانوني بحقوق الإنسان
المطلب1:من خلال العهدين للحقوق
المطلب 2 :من خلال المواثيق والصكوك الدولية المختلفة
خاتمة

LABIBA 30
2012-09-21, 13:38
ممكن مساعدة عن كيفية الاسئلة في ولاية المدية في هذا المقياس