المسير213
2009-02-10, 07:35
تَكَوّن البترول ـ الذي نستخدمه اليوم ـ منذ ملايين السنيين، ولكن لا أحد
يعلم تماماً كيف تكوّن هذا البترول، وما أصله. نحن نعلم أن البترول يوجد في
قيعان البحار القديمة، ويستقر الكثير منه الآن بعيدًا تحت سطح الأرض في
المناطق البرية، أو تحت قيعان البحار والمحيطات.
وتقول إحدى النظريات الخاصة بأصل البترول:
إن الزيت قد تكوّن من النباتات الميتة، ومن أجسام مخلوقات دقيقة لا حصر لها.
ومضمون هذه النظرية، أن مثل هذه البقايا ذات الأصل الحيواني أو النباتي،
ترسبت في قيعان البحار القديمة، وترسبت فوقها المزيد من الصخور المحتوية على
المواد العضوية نفسها، التي تحملها الأنهار لتصب في البحار. وقد شكلت هذه
المواد العضوية، المختلطة بالطين والرمال، طبقة فوق طبقة استقرت على قاع
البحار. ولأن الطبقات القديمة قد دفنت تحت أعماق أبعد وأبعد، فقد تحللت
المواد العضوية بفعل الوزن والضغط القائم فوقها. وهذا الضغط الهائل يولد أيضا
الحرارة. ومن ثمّ فإنه بفعل الضغط والحرارة، فضلا عن النشاط الإشعاعي
والتمثيل الكيميائي والبكتيري كذلك، تحولت المادة العضوية إلى مكونات
الهيدروجين والكربون، التي تتحول في النهاية إلى المادة التي نعرفها باسم
البترول، ونستخدمها للطاقة. ومن المعتقد أن الطبقات العديدة المتراكمة قد
كونت الصخور الرسوبية المعروفة، مثل الصخور الجيرية والصخور الرملية
والدولوميت، والصخور الأخرى التي تكونت من الجسيمات الرقيقة الهشة، التي
التصقت في كتل صلبة بفعل الضغط الهائل الذي يتولد نتيجة تراكم هذه الصخور
بعضها فوق بعض، وبعض هذه الصخور كثيف جدًا لدرجة لا تسمح بنفاذ الزيت والغاز.
أما باقي الصخور، فهي مسامية، بحيث تسمح للبترول والغازات الطبيعية المصاحبة
بأن ترشح من خلالها. ويوجد الزيت في باطن الأرض على شكل نقط دقيقه بين حبيبات
الرمال والحجر الرملي وفي شقوق الحجر الحيرى، وليس صحيحًا ذلك المفهوم
الخاطيء أن البترول يوجد على شكل بحيرات أو أنهار أو ينابيع.
وهناك عدة أنواع من التراكيب الجيولوجية، تصلح لتجميع زيت البترول الخام.
وهناك شرطان أساسيان لاحتجاز هذا الزيت في الخزان الجوفي وعدم تحركه وهما:
1. لابد من وجود "مصيدة" تحتجز الزيت، وتمنع تحركه خلال الطبقة الحاملة له،
وهذه المصيدة قد تكون واحدة من عدة أنواع سيرد ذكرها.
2. وجود حاجز من الصخور الصماء، يمنع هروب الزيت إلى طبقات أعلى، وتسبب
الطبقات الصخرية التي تعلو التكوينات الحاملة للزيت ضغوطًا كبيرة تصل إلى
آلاف الأرطال على البوصة المربعة، وتزيد من قوة هذا الضغط حركة انثناء
الطبقات التي تصاحب تكوين التركيب الجيولوجي، والتي تكونت نتيجة للتحركات في
القشرة الأرضية في الماضي السحيق، حيث حدثت انهيارات أو كسور في قيعان
المحيطات بين الطبقات المسامية وغير المسامية.
وتتسبب الضغوط الهائلة في تحرك الزيت والغاز إلى طبقات أكثر مسامية، مثل
الحجر الرملي والحجر الجيري. ويستمر تحرك الزيت خلال الطبقات المسامية في
التركيبات الجيولوجية، إلى أن يصادف طبقة من الصخور الصماء غير المسامية، ولا
يستطيع النفاذ منها فيبقى مكانه. وفي مثل هذه الأماكن يتجمع الزيت والغاز
والماء.
ونتيجة كل ذلك، تكونت "مصائد" مناسبة لاحتجاز الزيت والماء وتجميعهما. وهذه
المصائد هي المصدر الرئيس لاحتياطات العالم اليوم من البترول والغاز الطبيعي،
وهي عادة ما تكون على مسافات بعيدة الأعماق.
وأغلب الأنواع المعروفة من مصائد الزيت:
· التكوين القبوي: هي طية أو انثناء إلى أعلى، في أطوار نمو الأرض، تكون
على شكل قوس. (اُنظر شكل تكوين قبوي تقوس).
· الفالق أو الانكسار: وينتج عن كسر في طبقات الأرض أو في القشرة الأرضية،
يترتب عليه انزلاق طبقة على طبقة، فتواجه حافة إحدى الطبقات الصالحة لتجمع
الزيت، طبقة أخرى صماء، فتتكون نتيجة لذلك مصيدة مناسبة لاحتجاز الزيت
وتجمعه، والمصائد الناشئة عن حركات الانثناء والفالق تعد أمثلة للمصائد
التركيبية. (اُنظر شكل الفالق "الانكسار").
· المصائد الطبقية: لا تنتمي بصلة إلى الفالق ولا الانثناء، وإنما ترجع إلى
تحول في طبيعة طبقات الأرض، فتصبح أقل مسامية، وأقل قابلية للنفاذ، والمصائد
الطبقية هي تكوين تحبس فيه الطبقات المسامية بين الطبقات غير المسامية.
وفي مناطق كثيرة من العالم، هناك رواسب هائلة من الصخور الملحية التي تكون
على هيئة نصف سائل، أو عجينة، نتيجة لضغط طبقات الصخور الأخرى ودرجة الحرارة،
وتدفع خلال طبقات الصخور التي تكون بأعلاها فتحدث تقويسًا لها فتكون المصيدة.
والملح الموجود هذه الحالة لا يسمح بنفاذ البترول ويعمل كصخور مانعة لنفاذه.
(اُنظر شكل القبة الملحية).
وقد تكونت كل المصائد بسبب التحركات الجيولوجية، بمعنى أن البترول يتجمع في
هذه المصائد بكميات قد تكون مناسبة واقتصادية، مما يستدعي القيام بعمليات
البحث واستغلاله. ولاشك أن أسهل هذه المصائد من حيث إمكانية استكشافها
وأسخَاهَا عطاءً للبترول، هي المصائد من النوع القبوي.
1. الكشف وأساليبه
يبدأ البحث عن زيت البترول بمعرفة الجيولوجي، وهو لا يقوم بالحفر بحثًا عن
الزيت، ولكنه يقوم بعمل مسح تمهيدي ليقرر أين "يحتمل" وجود الزيت؟
2. المسح الجيولوجي
وعند البحث عن الزيت في منطقة ما، يعمل الجيولوجي أولاً على معرفة ما إذا
كانت الظروف في الحقبات الجيولوجية الماضية قد ساعدت على تكوّن البترول في
منطقة البحث؟ ويقوم برسم خرائط في المناطق التي يقوم بمسحها، معتمدًا على
مشاهداته للصخور الظاهرة على سطح الأرض، ثم يبحث عن أي نشع من الزيت، إذ ربما
يكون قد نضح على السطح. وقد يلجأ الجيولوجي إلى إحداث حفر في الأرض، ليحصل
على البيانات التي يحتاجها من جدران هذه الحفر إذا لم تكن هناك صخور ظاهرة
على السطح.
ولا تقتصر الخريطة الجيولوجية على بيان الميل والاتجاه، وإنما تحتوي، إلى
جانب ذلك، على معلومات مفيدة عن طوبوغرافية "تضاريس" المنطقة، كما تبين
الخريطة العصور الجيولوجية المختلفة التي تنتمي إليها الطبقات، كما تبين جميع
الآبار، وأنواع الرشح، وطرق الصرف.
ورغم كل ذلك، فإن هذه البيانات لا تؤكد وجود البترول، إلا أنها تساعد
الجيولوجي على معرفة الظروف الجيولوجية تحت سطح الأرض، بما يمكنه من تقرير
الطبقات والأعماق التي "يحتمل" وجود البترول فيها، فإذا وجدت الظروف
الجيولوجية ملائمة، يبدأ البحث عن تكوينات يحتمل أن يتجمع فيها الزيت.
ومن أهم الأساليب التي تعين الجيولوجي في هذا الأمر، التصوير الفوتوغرافي
الجوي، حيث تطير الطائرة في اتجاه معين ثابت فوق المنطقة المزمع مسحها،
وأثناء تحليقها يقوم جهاز التصوير الدقيق المثبت فيها، بالتقاط صور سريعة
تغطي كل منها ثلثي الصور السابقة لها. وبهذا يمكن الاطلاع على معالم المنطقة
جميعها بصورة مجسمة، وملاحظة انحدار الصخور، كما يسهل تمييز الانثناءات
والفوالق، وبنقل هذه الظواهر من كل مجموعة من الصور وتجميعها معًا، يمكن
الحصول على خريطة تفيد في مرحلة الكشف التالية.
3. المسح الجيوفيزيقي
وعادة ما تستخدم أساليب أخرى بخلاف الطرق الجيولوجية، وذلك إلى جانب رسم
خريطة التكوينات الصخرية الموجودة تحت سطح الأرض، من سطح الأرض أو من الجو،
وهي:
أ. أسلوب قياس جاذبية الأرض
تستخدم أجهزة دقيقة جدا لقياس الاختلافات الطفيفة في قوة الجاذبية الأرضية
على السطح، كالجرافيميتر "جهاز قياس الجاذبية Gravimeter ". وهناك أربعة
عوامل تؤثر في اختلاف شدة الجاذبية على سطح الأرض من مكان لآخر، وهي القوة
المركزية الطاردة الناتجة عن دوران الأرض، وارتفاع المكان عن سطح البحر،
وفرطحة الأرض عند القطبين، واختلاف كثافة الصخور بالقشرة الأرضية تحت نقطة
المشاهدة، وتتأثر الاختلافات بكيفية توزيع الصخور ذات الكثافة المختلفة تحت
سطح الأرض. وبهذه الطريقة يمكن الكشف عن أي شيء غير عادي بدقة. كوجود قمة
جرانيتية مدفونة، أو تركيب قبوي رفع جزءًا من صخور قديمة كثيفة عن وضعها
الطبيعي، أي يمكن بدقة التعرف على طبيعة التكوينات في الأعماق.
ويتركب الجرافيميتر من ميزان لولبي دقيق، ومرايا، وتلسكوب يساعد على القراءة
الدقيقة داخل صندوق معزول ذي حرارة ثابتة.
ب. أسلوب قياس الاهتزازات أو الزلازل
يقوم هذا الأسلوب على أساس إحداث هزات أرضية صناعية، بتفجير شحنات من المواد
المتفجرة، فيولد الانفجار موجات من الاهتزازات في القشرة الأرضية، فتتلقاها
وتسجلها أجهزة غاية في الحساسية تسمى "السيزموجراف" "Seismograph" أو
السيزوموميتر، أي مقياس الاهتزازات. وهذه الأجهزة تثبت بترتيب معين على أبعاد
مختلفة من مكان الانفجار، في المنطقة التي يجري فيها الكشف. (اُنظر شكل المسح
السيزمي "الاهتزازي").
ويعتمد هذا الأسلوب على القاعدة المعروفة. وهي أن سرعة سريان موجات
الاهتزازات تختلف باختلاف أنواع الصخور، فهذه الموجات تنتقل خلال التكوينات
الصلبة الكثيفة، بسرعة تفوق سرعة انتقالها خلال التكوينات الخفيفة والهشة
منها. وبقياس سرعة الموجات، يمكن معرفة نوع الصخور التي اجتازتها، وتقدير
عمقها.
وهناك أسلوب آخر يستخدم على نطاق واسع، وهو يعتمد على أن موجات الاهتزازات
تحدث انعكاسًا أو صدى عندما تصطدم برواسب صلدة كالحجر الجيري، فيقاس الوقت
الذي يستغرقه انتقال الموجات من السطح إلى الطبقة العاكسة تحت الأرض، ثم
الارتداد إلى السطح، فيمكن معرفة عمق الطبقة العاكسة. وتُعد طريقة قياس
الاهتزازات أنفع الأساليب الجيوفيزيقية التي توصل إليها العلم للحصول على
معلومات مباشرة عن التركيبات الجيولوجية المختفية في باطن الأرض، وتعرف هذه
الطريقة عادة بالطرقة السيزمية. وتفصيلاً لما سبق ذكره، يقوم الجيوفيزيقي
بتحديد أماكن أجهزة السيزموجراف في المنطقة التي رسم حدودها مهندس المساحة،
ثم يتم تجهيز حُفَر في المنطقة توضع فيها شحنات متفجرة، ويقوم المكلف
بالتفجير ـ لدى تلقيه الأمر من مهندس تشغيل السيزموجراف ـ بإشعال كبسولة
الانفجار. ويسجل السيزموجراف، وقت الانفجار، موجات الاهتزازات المتتالية.
ويظهر أولاً في الرسم البياني الذي يسجله السيزموجراف موجات الاهتزاز، التي
تسري على سطح الأرض من نقط الانفجار، يتلوها ظهور عدد من الانعكاسات
الزلزالية التي هي ارتداد موجات الاهتزاز إلى سطح الأرض، عند اصطدامها بتغيير
في نوع الطبقات الصخرية والحجر الرملي إلى الحجر الجيري وغيره. وكلما زاد عمق
الطبقة زاد الوقت الذي يستغرقه وصول موجات الاهتزاز إليها، ثم ارتدادها إلى
السطح، وتسجل أجهزة السيزموجراف هذه الانعكاسات بترتيب وقت وصولها. ومن معرفة
سرعة سريان موجات الاهتزاز في طبقات الأرض، ثم عودتها إلى السطح، وشدة
الذبذبات التي تحدثها، يمكن استنتاج الأعماق التي تقع عليها مختلف الطبقات
الصخرية في باطن الأرض وأنواعها. وبذلك يمكن للجيولوجي تعيين موقع كل طبقة
ونوعها.
يعلم تماماً كيف تكوّن هذا البترول، وما أصله. نحن نعلم أن البترول يوجد في
قيعان البحار القديمة، ويستقر الكثير منه الآن بعيدًا تحت سطح الأرض في
المناطق البرية، أو تحت قيعان البحار والمحيطات.
وتقول إحدى النظريات الخاصة بأصل البترول:
إن الزيت قد تكوّن من النباتات الميتة، ومن أجسام مخلوقات دقيقة لا حصر لها.
ومضمون هذه النظرية، أن مثل هذه البقايا ذات الأصل الحيواني أو النباتي،
ترسبت في قيعان البحار القديمة، وترسبت فوقها المزيد من الصخور المحتوية على
المواد العضوية نفسها، التي تحملها الأنهار لتصب في البحار. وقد شكلت هذه
المواد العضوية، المختلطة بالطين والرمال، طبقة فوق طبقة استقرت على قاع
البحار. ولأن الطبقات القديمة قد دفنت تحت أعماق أبعد وأبعد، فقد تحللت
المواد العضوية بفعل الوزن والضغط القائم فوقها. وهذا الضغط الهائل يولد أيضا
الحرارة. ومن ثمّ فإنه بفعل الضغط والحرارة، فضلا عن النشاط الإشعاعي
والتمثيل الكيميائي والبكتيري كذلك، تحولت المادة العضوية إلى مكونات
الهيدروجين والكربون، التي تتحول في النهاية إلى المادة التي نعرفها باسم
البترول، ونستخدمها للطاقة. ومن المعتقد أن الطبقات العديدة المتراكمة قد
كونت الصخور الرسوبية المعروفة، مثل الصخور الجيرية والصخور الرملية
والدولوميت، والصخور الأخرى التي تكونت من الجسيمات الرقيقة الهشة، التي
التصقت في كتل صلبة بفعل الضغط الهائل الذي يتولد نتيجة تراكم هذه الصخور
بعضها فوق بعض، وبعض هذه الصخور كثيف جدًا لدرجة لا تسمح بنفاذ الزيت والغاز.
أما باقي الصخور، فهي مسامية، بحيث تسمح للبترول والغازات الطبيعية المصاحبة
بأن ترشح من خلالها. ويوجد الزيت في باطن الأرض على شكل نقط دقيقه بين حبيبات
الرمال والحجر الرملي وفي شقوق الحجر الحيرى، وليس صحيحًا ذلك المفهوم
الخاطيء أن البترول يوجد على شكل بحيرات أو أنهار أو ينابيع.
وهناك عدة أنواع من التراكيب الجيولوجية، تصلح لتجميع زيت البترول الخام.
وهناك شرطان أساسيان لاحتجاز هذا الزيت في الخزان الجوفي وعدم تحركه وهما:
1. لابد من وجود "مصيدة" تحتجز الزيت، وتمنع تحركه خلال الطبقة الحاملة له،
وهذه المصيدة قد تكون واحدة من عدة أنواع سيرد ذكرها.
2. وجود حاجز من الصخور الصماء، يمنع هروب الزيت إلى طبقات أعلى، وتسبب
الطبقات الصخرية التي تعلو التكوينات الحاملة للزيت ضغوطًا كبيرة تصل إلى
آلاف الأرطال على البوصة المربعة، وتزيد من قوة هذا الضغط حركة انثناء
الطبقات التي تصاحب تكوين التركيب الجيولوجي، والتي تكونت نتيجة للتحركات في
القشرة الأرضية في الماضي السحيق، حيث حدثت انهيارات أو كسور في قيعان
المحيطات بين الطبقات المسامية وغير المسامية.
وتتسبب الضغوط الهائلة في تحرك الزيت والغاز إلى طبقات أكثر مسامية، مثل
الحجر الرملي والحجر الجيري. ويستمر تحرك الزيت خلال الطبقات المسامية في
التركيبات الجيولوجية، إلى أن يصادف طبقة من الصخور الصماء غير المسامية، ولا
يستطيع النفاذ منها فيبقى مكانه. وفي مثل هذه الأماكن يتجمع الزيت والغاز
والماء.
ونتيجة كل ذلك، تكونت "مصائد" مناسبة لاحتجاز الزيت والماء وتجميعهما. وهذه
المصائد هي المصدر الرئيس لاحتياطات العالم اليوم من البترول والغاز الطبيعي،
وهي عادة ما تكون على مسافات بعيدة الأعماق.
وأغلب الأنواع المعروفة من مصائد الزيت:
· التكوين القبوي: هي طية أو انثناء إلى أعلى، في أطوار نمو الأرض، تكون
على شكل قوس. (اُنظر شكل تكوين قبوي تقوس).
· الفالق أو الانكسار: وينتج عن كسر في طبقات الأرض أو في القشرة الأرضية،
يترتب عليه انزلاق طبقة على طبقة، فتواجه حافة إحدى الطبقات الصالحة لتجمع
الزيت، طبقة أخرى صماء، فتتكون نتيجة لذلك مصيدة مناسبة لاحتجاز الزيت
وتجمعه، والمصائد الناشئة عن حركات الانثناء والفالق تعد أمثلة للمصائد
التركيبية. (اُنظر شكل الفالق "الانكسار").
· المصائد الطبقية: لا تنتمي بصلة إلى الفالق ولا الانثناء، وإنما ترجع إلى
تحول في طبيعة طبقات الأرض، فتصبح أقل مسامية، وأقل قابلية للنفاذ، والمصائد
الطبقية هي تكوين تحبس فيه الطبقات المسامية بين الطبقات غير المسامية.
وفي مناطق كثيرة من العالم، هناك رواسب هائلة من الصخور الملحية التي تكون
على هيئة نصف سائل، أو عجينة، نتيجة لضغط طبقات الصخور الأخرى ودرجة الحرارة،
وتدفع خلال طبقات الصخور التي تكون بأعلاها فتحدث تقويسًا لها فتكون المصيدة.
والملح الموجود هذه الحالة لا يسمح بنفاذ البترول ويعمل كصخور مانعة لنفاذه.
(اُنظر شكل القبة الملحية).
وقد تكونت كل المصائد بسبب التحركات الجيولوجية، بمعنى أن البترول يتجمع في
هذه المصائد بكميات قد تكون مناسبة واقتصادية، مما يستدعي القيام بعمليات
البحث واستغلاله. ولاشك أن أسهل هذه المصائد من حيث إمكانية استكشافها
وأسخَاهَا عطاءً للبترول، هي المصائد من النوع القبوي.
1. الكشف وأساليبه
يبدأ البحث عن زيت البترول بمعرفة الجيولوجي، وهو لا يقوم بالحفر بحثًا عن
الزيت، ولكنه يقوم بعمل مسح تمهيدي ليقرر أين "يحتمل" وجود الزيت؟
2. المسح الجيولوجي
وعند البحث عن الزيت في منطقة ما، يعمل الجيولوجي أولاً على معرفة ما إذا
كانت الظروف في الحقبات الجيولوجية الماضية قد ساعدت على تكوّن البترول في
منطقة البحث؟ ويقوم برسم خرائط في المناطق التي يقوم بمسحها، معتمدًا على
مشاهداته للصخور الظاهرة على سطح الأرض، ثم يبحث عن أي نشع من الزيت، إذ ربما
يكون قد نضح على السطح. وقد يلجأ الجيولوجي إلى إحداث حفر في الأرض، ليحصل
على البيانات التي يحتاجها من جدران هذه الحفر إذا لم تكن هناك صخور ظاهرة
على السطح.
ولا تقتصر الخريطة الجيولوجية على بيان الميل والاتجاه، وإنما تحتوي، إلى
جانب ذلك، على معلومات مفيدة عن طوبوغرافية "تضاريس" المنطقة، كما تبين
الخريطة العصور الجيولوجية المختلفة التي تنتمي إليها الطبقات، كما تبين جميع
الآبار، وأنواع الرشح، وطرق الصرف.
ورغم كل ذلك، فإن هذه البيانات لا تؤكد وجود البترول، إلا أنها تساعد
الجيولوجي على معرفة الظروف الجيولوجية تحت سطح الأرض، بما يمكنه من تقرير
الطبقات والأعماق التي "يحتمل" وجود البترول فيها، فإذا وجدت الظروف
الجيولوجية ملائمة، يبدأ البحث عن تكوينات يحتمل أن يتجمع فيها الزيت.
ومن أهم الأساليب التي تعين الجيولوجي في هذا الأمر، التصوير الفوتوغرافي
الجوي، حيث تطير الطائرة في اتجاه معين ثابت فوق المنطقة المزمع مسحها،
وأثناء تحليقها يقوم جهاز التصوير الدقيق المثبت فيها، بالتقاط صور سريعة
تغطي كل منها ثلثي الصور السابقة لها. وبهذا يمكن الاطلاع على معالم المنطقة
جميعها بصورة مجسمة، وملاحظة انحدار الصخور، كما يسهل تمييز الانثناءات
والفوالق، وبنقل هذه الظواهر من كل مجموعة من الصور وتجميعها معًا، يمكن
الحصول على خريطة تفيد في مرحلة الكشف التالية.
3. المسح الجيوفيزيقي
وعادة ما تستخدم أساليب أخرى بخلاف الطرق الجيولوجية، وذلك إلى جانب رسم
خريطة التكوينات الصخرية الموجودة تحت سطح الأرض، من سطح الأرض أو من الجو،
وهي:
أ. أسلوب قياس جاذبية الأرض
تستخدم أجهزة دقيقة جدا لقياس الاختلافات الطفيفة في قوة الجاذبية الأرضية
على السطح، كالجرافيميتر "جهاز قياس الجاذبية Gravimeter ". وهناك أربعة
عوامل تؤثر في اختلاف شدة الجاذبية على سطح الأرض من مكان لآخر، وهي القوة
المركزية الطاردة الناتجة عن دوران الأرض، وارتفاع المكان عن سطح البحر،
وفرطحة الأرض عند القطبين، واختلاف كثافة الصخور بالقشرة الأرضية تحت نقطة
المشاهدة، وتتأثر الاختلافات بكيفية توزيع الصخور ذات الكثافة المختلفة تحت
سطح الأرض. وبهذه الطريقة يمكن الكشف عن أي شيء غير عادي بدقة. كوجود قمة
جرانيتية مدفونة، أو تركيب قبوي رفع جزءًا من صخور قديمة كثيفة عن وضعها
الطبيعي، أي يمكن بدقة التعرف على طبيعة التكوينات في الأعماق.
ويتركب الجرافيميتر من ميزان لولبي دقيق، ومرايا، وتلسكوب يساعد على القراءة
الدقيقة داخل صندوق معزول ذي حرارة ثابتة.
ب. أسلوب قياس الاهتزازات أو الزلازل
يقوم هذا الأسلوب على أساس إحداث هزات أرضية صناعية، بتفجير شحنات من المواد
المتفجرة، فيولد الانفجار موجات من الاهتزازات في القشرة الأرضية، فتتلقاها
وتسجلها أجهزة غاية في الحساسية تسمى "السيزموجراف" "Seismograph" أو
السيزوموميتر، أي مقياس الاهتزازات. وهذه الأجهزة تثبت بترتيب معين على أبعاد
مختلفة من مكان الانفجار، في المنطقة التي يجري فيها الكشف. (اُنظر شكل المسح
السيزمي "الاهتزازي").
ويعتمد هذا الأسلوب على القاعدة المعروفة. وهي أن سرعة سريان موجات
الاهتزازات تختلف باختلاف أنواع الصخور، فهذه الموجات تنتقل خلال التكوينات
الصلبة الكثيفة، بسرعة تفوق سرعة انتقالها خلال التكوينات الخفيفة والهشة
منها. وبقياس سرعة الموجات، يمكن معرفة نوع الصخور التي اجتازتها، وتقدير
عمقها.
وهناك أسلوب آخر يستخدم على نطاق واسع، وهو يعتمد على أن موجات الاهتزازات
تحدث انعكاسًا أو صدى عندما تصطدم برواسب صلدة كالحجر الجيري، فيقاس الوقت
الذي يستغرقه انتقال الموجات من السطح إلى الطبقة العاكسة تحت الأرض، ثم
الارتداد إلى السطح، فيمكن معرفة عمق الطبقة العاكسة. وتُعد طريقة قياس
الاهتزازات أنفع الأساليب الجيوفيزيقية التي توصل إليها العلم للحصول على
معلومات مباشرة عن التركيبات الجيولوجية المختفية في باطن الأرض، وتعرف هذه
الطريقة عادة بالطرقة السيزمية. وتفصيلاً لما سبق ذكره، يقوم الجيوفيزيقي
بتحديد أماكن أجهزة السيزموجراف في المنطقة التي رسم حدودها مهندس المساحة،
ثم يتم تجهيز حُفَر في المنطقة توضع فيها شحنات متفجرة، ويقوم المكلف
بالتفجير ـ لدى تلقيه الأمر من مهندس تشغيل السيزموجراف ـ بإشعال كبسولة
الانفجار. ويسجل السيزموجراف، وقت الانفجار، موجات الاهتزازات المتتالية.
ويظهر أولاً في الرسم البياني الذي يسجله السيزموجراف موجات الاهتزاز، التي
تسري على سطح الأرض من نقط الانفجار، يتلوها ظهور عدد من الانعكاسات
الزلزالية التي هي ارتداد موجات الاهتزاز إلى سطح الأرض، عند اصطدامها بتغيير
في نوع الطبقات الصخرية والحجر الرملي إلى الحجر الجيري وغيره. وكلما زاد عمق
الطبقة زاد الوقت الذي يستغرقه وصول موجات الاهتزاز إليها، ثم ارتدادها إلى
السطح، وتسجل أجهزة السيزموجراف هذه الانعكاسات بترتيب وقت وصولها. ومن معرفة
سرعة سريان موجات الاهتزاز في طبقات الأرض، ثم عودتها إلى السطح، وشدة
الذبذبات التي تحدثها، يمكن استنتاج الأعماق التي تقع عليها مختلف الطبقات
الصخرية في باطن الأرض وأنواعها. وبذلك يمكن للجيولوجي تعيين موقع كل طبقة
ونوعها.